السبت، 9 سبتمبر 2023

حكم الدعاء للكافر بالمغفرة والرحمة ؟!

 مسألة الدعاء للكافر بالمغفرة والرحمة يحتاج  إلى مناقشة جدية ونقدية، نستعيد فيها النقاشات الفقهية الأصيلة التي سبقت نزعات التسلف والخطابات الدعوية التي تنزع إلى المفاصلة مع فقر في الزاد الفقهي، وهو ما سأحاوله في هذا المقال.

يتصل الدعاء للكافر بمسألة أخرى شديدة الأهمية، وهي الموقف من الأعمال الصالحة التي قام بها الكافر في حياته، وهل تعتبر أم تكون هباءً؛ لأجل كفره؟ وهل يثاب عليها في الآخرة أم أنها فقط تخفف عنه العذاب؟ وهي مسائل كلامية تستحق المناقشة لفهم تصورات متكلمي المسلمين، بعيدا عن التصورات الشعبية المهيمنة اليوم والتي تُشيع مزاجا عامّا غير متسامح، بل لا يراعي أحيانا أدنى درجات اللباقة في التعامل مع موتى غير المسلمين.

وترجع دعوى الإجماع المشار إليها في كلام الألباني إلى القاضي المالكي عياض اليحصبي (544 هـ) الذي نقل عنه النووي قوله: "وقد انعقد الإجماع على أن الكفار لا تنفعهم أعمالهم ولا يثابون عليها بنعيم ولا تخفيف عذاب، لكن بعضهم أشدُّ عذابا من بعض؛ بحسب جرائمهم"، أي إن الدعاء للكفار ليس يحرم فقط، بل لا يُجدي نفعا مع موتهم على الكفر.

وقد ناقش النووي الشافعي هذه المسألة في كتابين من كتبه، ففي كتابه الفقهي قال: "وأما الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع"، وقال في كتاب الأذكار: "ويحرمُ أن يُدعى بالمغفرة ونحوها لمن مات كافرا… وقد جاء الحديث بمعناه، والمسلمون مجمعون عليه". وقال أيضا: "اعلم أنه لا يجوز أن يُدعى له بالمغفرة وما أشبهها مما لا يُقال للكفار، لكن يجوزُ أن يُدعى بالهداية وصحةِ البدن والعافية وشبهِ ذلك".

والسؤال الذي على المدقِّق أن يبحثه هنا هو: من أين جاء هذا الإجماع؟ وهل المسألة إجماعية بالفعل كما ادعى القاضي عياض وتبعه النووي الذي ينقل عنه كثيرا في شرحه لصحيح مسلم؟ الواقع أن النووي نفسه ينقض هذا الإجماع بشكل غير صريح حين ينقل بعد كلام القاضي عياض مباشرة عن الإمام البيهقي الشافعي (458 هـ) أن القول بأن أعمال الكافر الصالحة لا تنفعه في الآخرة إنما هو قول "بعض أهل العلم والنظر"، أي إنه لا يعدو مجرد قول وليس إجماعا، بل إن النووي ينقل عن البيهقي أيضا أن الآيات والأحاديث الواردة في بطلان عمل الكافر الخيِّر إذا مات على الكفر، يمكن أن تُحمل على معنى إخراجه من النار وإدخاله الجنة، ومعنى ذلك أن هذه الأعمال الصالحة من الكافر يمكن أن تساعده في أن يُخفف عنه العذاب الذي استوجبه على جنايات ارتكبها غير الكفر.

وهذا الرأي ليس رأي البيهقي وحده، بل هو رأي كثيرٍ من العلماء من مختلف المذاهب الفقهية، وهو رأي قويّ ووجدته شائعا في المصادر المتعددة بعد البحث والتتبع، حتى إن الفقيه المالكي الكبير ابن الفرس الأندلسي (597 هـ) وهو معاصر للقاضي عياض، اكتفى بحكاية وجود قولين في المسألة ولم يرجح بينهما. ونجد حكاية هذين القولين أو الخلاف في كتب شروح الحديث والفقه والتفسير، وفي أزمنة مختلفة؛ فهو خلاف قويّ وإن كان القول بأن العمل الصالح من الكافر ينفعه هو القول الأقوى، حتى إن الفقيه الحنفي أحمد الكوراني (893 هـ) اكتفى بإيراده وحده وجزم به، وقد رجح هذا عدد من العلماء نقضوا دعوى الإجماع التي أطلقها القاضي عياض وقالوا إنها غير صحيحة، وللقاضي عياض مثل هذه الإطلاقات التي تحتاج إلى تروٍّ، وكثيرا ما ينقل عنه النووي. وممن رجحوا أن الكافر ينتفع بعمله الصالح في الآخرة الفقيه الحنفي والمحدث محمد أنور شاه الكشميري (1353 هـ) والعلامة شهاب الدين الخفاجي (1069 هـ) والعلامة شهاب الدين الآلوسي (1270 هـ) وغيرهم.

والكلام في انتفاع الكافر بعمله الصالح في الآخرة يطول، ولعلي أخصص له مقالا مستقلا؛ لأن غرضي في هذا المقال أن أوضح جواز الدعاء للكافر بالمغفرة والرحمة أو بأمر أخرويّ لا دنيوي فقط، سواءٌ في حياته أم بعد مماته؛ ولكن بشرط ألا يتناول ذلك ذنب الكفر أو الشرك الأكبر، وهذا مذهبٌ معتبرٌ بل هو مذهب الشافعية على خلاف ما أوهم كلام الإمام النووي السابق، وعلى خلاف إجماع عياض الذي لا أعرف أحدا سبقه إليه.

وإذا كنا سنتحدث عن الشافعية لبيان محل كلام النووي الشافعي، فإننا نجد أن كلامه أشكل على أئمة الشافعية اللاحقين، ويمكنني أن أميز هنا بين موقفين اثنين:

الموقف الأول: فهم من كلام النووي الإطلاق، وأنه يُحرّم مطلق الدعاء بالمغفرة والرحمة للكافر، سواءٌ كان ذنب الشرك أو غيره، ومن ثم انشغل بعض شيوخ المذهب ببيان أن المذهب أنه يجوّز الدعاء للكافر بالمغفرة؛ خلافا لكلام النووي. وقد نحا هذا المنحى شيوخ عدة في المذهب كما سيتضح لاحقا.

الموقف الثاني: حمل كلام النووي على أنه يريد حرمة الدعاء للكافر بمغفرة شركه أو كفره، أي وإدخاله الجنة، ويمثل هذا الموقف العلامة ابن عِلّان الشافعي؛ فقد فسر كلام النووي بأن المراد به "الرحمة أو دخول الجنة أو رضوان الله تعالى"، أي الاستغفار المُخرِج من النار والمُدخِل إلى الجنة.

وبعيدا عن دعوى الإجماع لدى عياض، إذا عدنا إلى كلام النووي في كتابيه نجد أن ظاهره يدل على أنه إنما أراد الشرك الأكبر فقط لا ما هو دونه، ويدل على ذلك 3 قرائن:

القرينة الأولى: أن النووي قرن بين الصلاة على الكافر والدعاء له، ثم إنه بعد أن قرر تحريم الدعاء له بالمغفرة، قرر أيضا أن المذهب جواز اتباع المسلم جنازةَ قريبه الكافر، وأن زيارة قبر الكافر جائزةٌ.

القرينة الثانية: أن النووي نفسه نقض إجماع القاضي عياض حين نقل عن الإمام البيهقي الشافعي أن عمل الكافر الصالح ينفعه في الآخرة وإن لم يُدخله الجنة.

القرينة الثالثة: استدلال النووي في هذا السياق بآية "ما كانَ لِلنَّبيّ والَّذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لهم أنهم أصْحابُ الجَحِيمِ" [التوبة: 113]، وهي تشير إلى الشرك، وأنه لا يُخرج أصحابه من الجحيم، ومن هنا أوضح ابن علان الشافعي أن في الآية دليلا على جواز الاستغفار للمشركين الأحياء؛ لأنه "طلبُ توفيقهم إلى الإيمان".

وبالإضافة إلى القرائن السابقة، لا بد من القول: إن المغفرة إذا أُطلقت تنصرف إلى الشرك الأكبر؛ فالدعاء بالمغفرة ينصرف إلى ألا تمس النارُ المدعوَّ له، وهو حقيقة الدعاء للموحِّدين، وخصوصا حين يقترن الدعاء للميت بالصلاة عليه؛ لأن المراد من الصلاة عليه الدعاء له بالمغفرة المُدخلة للجنة. فالإشكال في كلام النووي نابع من عدم تحرير محل النزاع؛ فكلامه يحتمل معنيين:

الاحتمال الأول: أن يريد الدعاء بمغفرة الشرك الأكبر، وتحريم هذا الدعاء محلّ إجماع بين الفقهاء؛ لأنه خلاف النص القرآني الصريح، وهو ظاهر كلام النووي حين قال: "بنص القرآن والإجماع"، فالذي ثبت بالنص الصريح هو "إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء"، وهو المعنى المُجْمَع عليه.

الاحتمال الثاني: أن النووي يريد تحريم مطلق الدعاء بالمغفرة؛ بما يشمل الشرك الأكبر وغيره من الذنوب، فإن أراد هذا المعنى فالراجح في مذهبه الشافعي هو خلاف هذا، وقد توارد على بيان هذا الراجح عدد من مشايخ المذهب.

وإذا عدنا إلى كتب المذهب، نجد بعض أئمة الشافعية ينصّون على أنه يجوز الدعاء للكافر بأمر أخرويّ وبالمغفرة والرحمة؛ خلافا لما أوهمه كلام النووي من إطلاق القول بالتحريم، كما نجد مثلا لدى الخطيب الشربيني (977 هـ)، وأحمد سلامة القليوبي (1069 هـ)، وإبراهيم البرماوي (1106 هـ)، وسليمان البجيرمي (1221 هـ).

وربما التبس هذا النص الصريح بنصوص أخرى في بعض كتب الشافعية يَرِد فيها إطلاق القول بحرمة الدعاء للكافر بالمغفرة، كما نجد عند الخطيب الشربيني وشهاب الدين الرملي مثلا؛ فقد عللا حرمة الصلاة على الكافر بأنه لا يجوز الدعاء له بالمغفرة، لقوله تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به" [النساء: 48]. ولكن إطلاق التحريم في هذه النصوص إنما يرد مقرونا بحرمة الصلاة على الكافر صلاة الجنازة؛ وفي بعض النصوص يرد التعبير بأن "قضية كلامهم في الجنائز حرمة الدعاء للكافر بالمغفرة"، إلى جانب النص على جواز الدعاء للكافر بالمغفرة، وهو يدل على أن مرادهم في تحريم الصلاة عليه مع الدعاء له هو مغفرة ذنب الشرك الأكبر الذي يُشعر به هذا الاقتران بين الصلاة عليه والدعاء له، خصوصا أن حواشي كتب المذهب الشافعي تحكي أن ثمة خلافا بين الفقهاء في "استحباب الدعاء للكافر"، وإن كان الراجح هو جواز الدعاء. نجد ذلك لدى نور الدين بن علي الشبراملسي (1087 هـ) وسليمان بن منصور الجمل (1204 هـ) وعبد الحميد الشرواني (1301 هـ) مثلا.

بل إن الشبراملسي تعقب الكلام المطلق السابق الوارد عن الشربيني والرملي بأن آية "إن الله لا يغفر أن يشرك به" هي أخص من دعوى تحريم مطلق الدعاء للكافر؛ لأن الآية إنما تدل على معنى محدد هو عدم مغفرة الشرك الأكبر، وربما تدل على مغفرة غير الشرك؛ لعموم قوله تعالى: "ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء: 48]. وهذا يدل على جواز الدعاء للكافر بمغفرةٍ غير الشرك؛ لأن ذنب الشرك لا يُغفر، فلا يجوز الدعاء له به، في حين يجوز الدعاء للكافر بمغفرة ما عدا الشرك وبالرحمة وبصحة البدن وكثرة المال والولد وبالهداية، بل "ويجوز التأمين على دعاء الكافر ويجوز طلب الدعاء منه أيضا" كما أوضح القليوبي وغيره.

وفي بعض كتب الشافعية يرد تقييد جواز الدعاء للكافر الحي بقيد "إن أسلم"، أو بنية أن يحصل للكافر سبب المغفرة وهو الإسلام، وهو ما دفعني سابقا في تعليق فيسبوكي إلى توهم التمييز في الدعاء للكافر بين حالتي الحياة والممات، ولكن اتضح لي بعد ذلك أن مدار الأمر كله إنما هو على التمييز بين الشرك الأكبر وغيره، وفي هذه الحالة فإن الدعاء محمول على طلب مغفرة الشرك في الدنيا إن أسلم؛ بناء على "إيمان الموافاة" الذي يقول به كثير من الأشاعرة، ومعناه أن العبرة في السعادة والشقاوة هي الحالة التي يموت عليها الشخص بغض النظر عن عمله السابق على هذه الحالة، فقد يرتد المسلم قبل موته وقد يؤمن الكافر عند موته، فالدعاء له بعموم المغفرة يترك مجالا لهذا الاعتبار بأن يوفقه الله للهداية قبل موته فيموت على الإسلام.

ولكن ماذا لو دعا المسلم للكافر بمغفرة ذنب الشرك في الآخرة، هل يكفر؟ انتقد بعض مشايخ الشافعية اعتبار ذلك كفرا، كما فعل الشبراملسي والجمل والشرواني، وأن صاحبه ارتكب محرما فقط.

 وخلاصة الكلام، أن الدعاء للكافر بالمغفرة يشتمل على معنيين:

الأول: أن يريد بدعائه له مغفرة الشرك الأكبر، وهذا يحرم بالإجماع؛ لأن الشرك الأكبر لا يُغفر بنص القرآن.

الثاني: أن يريد مغفرة ما دون الكفر، والأصل في الأعمال التي هي دون الشرك أنها متروكة للمشيئة الإلهية بنص القرآن (ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، فدعاء المسلم للكافر إنما هو دعاء من أجل تحقيق المشيئة الإلهية بالمغفرة للكافر ما دون الشرك، ولم يستبعد الآلوسي هذا المعنى، في حين أن غيره أثبته صراحة كما نجد لدى عدد من العلماء. وقد أوضح شهاب الدين الخفاجي والآلوسي وغيرهما أن العذاب الذي لا يُخَفَّف هو عذاب الكفر بحسب مراتبه، أما العذاب الذي دلت الأحاديث النبوية على تخفيفه فهو ما عدا الكفر. ومعنى إحباط أعمال الكفار التي ورد النص القرآني بها هو أنها لا تنجيهم من العذاب المخلِّد في النار، وهو معنى كونها سرابا وهباء، وسأزيد هذا الأمر تفصيلا في مقالي الذي سأخصصه لمنفعة العمل الصالح من الكافر في الآخرة بإذن الله.

ويرجع أصل هذا النقاش إلى مقدمات رئيسية، هي:

  1. ثبوت تفاوت الكفار في الآخرة، وأنهم ليسوا سواءً، وأن النار دركات كما أن الجنة درجات، بل إن أنور شاه الكشميري قد نقل الإجماع على أن الكافر العادل أحسن حالا من الكافر الظالم في الآخرة.
  2. أن الشرك الأكبر لا يُغفر بصريح القرآن، وهو مسألة إجماعية.
  3. بقي النقاش في هل يجوز أن ندعو للكافر بمغفرة ما عدا الشرك الأكبر؟ وهو ما حررناه هنا وأنه يجوز، ولكن الكافر الذي ندعو له هنا إما أن يكون قد عمل عملا صالحا وإما عملا سيئا. فالدعاء لمن عمل صالحا يكون بأن يقبله الله تعالى منه لا بالمغفرة؛ لأن المغفرة إنما تكون للعمل السيئ، كما أن عدل الله تعالى يقتضي أن يكافئ الكافر على عمله الصالح إما في الدنيا بإكرامه، وإما في الآخرة بتخفيف العذاب عنه، ومعنى ذلك أن دعائي للكافر بخصوص عمله الصالح غير مؤثر في الواقع، والذي يؤثر هو دعائي للكافر بالتجاوز عن عمله السيئ فيما دون الشرك، وفي أحاديث تخفيف العذاب عن أبي طالب وأبي لهب وغيرهما شواهد على هذا، وإن كان أبو طالب وأبو لهب ليسا سواءً أيضا في الآخرة.
  4. الكفر لا يقتضي أن كل عمل صدر من الكافر غير معتبر؛ لأجل كفره، فيمكن أن نميز بين الأعمال كما سنفصل في مقال لاحق بمشيئة الله.

توضح هذه الآراء رحابة النقاشات الفقهية الكلاسيكية، وأنها تجمع بين مسائل تأويلية نصية وأخرى أخلاقية وإنسانية، فحتى الذين أطلقوا القول بحرمة الدعاء للكافر تحدثوا عن جواز المشي في جنازته بل زيارة قبره إن كان قريبا، وتكفينه إن كان من أهل الذمة رعاية لذمته، ولكن النقاشات الشعبية الحالية تغيب عنها رعاية البعد الإنساني ويغلب عليها اتخاذ مواقف متوترة؛ فضلا عن أنها لا تعكس الموروث الفقهي نفسه، والله المستعان.


أسئلة مسابقة المولد النبوي !

 مسابقة المولد النبوي

السؤال ۱ : اذكر دليلا خاصا على تحريم الاحتفال بالمولد النبوي اظهارا للفرح والسرور ؟
السؤال ۲ : اذكر دليلا خاصا على تحريم احداث اي وسيلة تعين على طاعة حب رسول الله ؟
السؤال 3 : اذكر دليلا خاصا على تحريم توزيع الحلويات والطعام في المولد النبوي؟
السؤال ٤ : اذكر دليلا خاصا على تحريم الانشاد في مدح الرسول في المولد النبوي ؟
السؤال ٥ : اذكر دليلا خاصا على تحريم اجتماع المسلمين لاظهار الفرح والسرور في مولد الرسول؟

نتحدى اهل التبديع والتضليل والتفسيق والتكفير ان تعرفوا الاجابة.....
.. اذا لم تستطع احضار دليل ... في التحريم فلا تكن ممن يوقعون فتوى باسم الشرع والدين عن رب العالمين. واذا لم تجد الا قول لم يأمر بها رسول الله مع الاول العلم ولم يسبقنا اليها الصحابة فاعلم انك لا تفقه في اصول الفقه الذي اجمع عليه علماء أهل السنة والجماعة !!
فالترك ليس دليلا ؛ مع احداث لكثير من المسائل في عهد الصحابة لم تكن في عهد رسول الله ولم يأمر بها عمله الا الله (!!!)
أيُعقل ان الصحابة وقعوا في البدعة وكل بدعة ضلالة في النار !!  


مقالات علمية في رد بدعة الحشوية في تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.

 في رد بدعة الحشوية في تحريم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف


اقدم لكم ردود اهل السنة على شبهات الحشوية .....سلسلة منشورات الرد على شبهات حول المولد النبوي الشريف
[1]. رد على شبهة احداث في دين الله ما ليس منه
[2] الرد على شبهة هذا عبادة والعبادة تحتاج إلى توقيف من الشرع
[3]. الرد على شبهة انها عبادة :وهي من الوسائل التي تُعين على اصل شرعي
[4]. الرد على شبهة انه لم يفعلها الصحابة :اجتمع الصحابة لتكريم نبيهم ? وشكر الله عليه
[5]. الرد على لماذا لم يأمر بالاحتفال به رسول الله
[6] الرد على توزيع الحلويات
[7] الاحتفال وسيلة شرط كمال الايمان
[8] اول من احدثه من أهل السنة ملك اربل ابن بكتيكين
[9] جواز الذبائح عند مقامات الاولياء لله تعالى
[10] كتب ومؤلفات اهل السنة في المولد النبوي
[11] لماذا نحتفلون بمولده لا بيوم وفاته ؟
[12] لماذا لم يخصص الله عبادة في شهر ربيع الاول مثل رمضان او شهر ذي الحجة
[13] الرد على اختلاف تاريخ مولده
[14] . حقيقة المولد يفيد القدوم
[15] تكريمه من الاشجار والاحجار
[16] خطبة جمعة مقترحة بمناسبة يوم المولد النبوي الشريف
[17] الرد على قولهم لو كان خيرا لسبقونا اليه
[18] تخفيف العذاب لابي لهب لانه اعتق جاريته فرحا بمولد محمد
[19] الرد على انهم خالفوا الاجماع !!
[20] الرد على ان رسول الله بلغنا اياه وامرنا فيه
[21] الرد على ليس لنا عيد غير الفطر والاضحى
[22] لماذا لا نصوم فيه كما فعل الرسول
[***] اسئلة المسابقة للاحتفال بالمولد النبوي
كل التفاعلات:
١٢٩

بيان جهل من يزعم أن يوم الوفاة رسول الله ﷺ هو يوم المولده .

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد الفاتح أما بعد، مع إقتراب يوم مولد سيد الخلق سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم بدأ الوهابية الجفاة في حبه في نشر شبهاتهم المعتادة على أنه لا يجوز إظهار السرور بيوم مولده، ومن أشهر - وأسخف - الحجج التي يطرحونها أنه يوم مولد النبي ﷺ مختلف فيه بينما يوم وفاته مجمع عليه وعلى أنه عليه أفضل الصلاة والسلام قد توفي في ١٢ ربيع الأول ١١هـ فعلى هذا فالمحتفلين بمولد الرسول ﷺ إنما يحتفلون بوفاته لا مولده ! وهذا هو الكذب والتدليس بعينه !! ونقول ردًا على هذا الطرح وقد توكلنا على الله:



[أولاً: إثبات أنه الرسول ﷺ قد ولد في يوم ١٢ ربيع الأول]

بداية فلا شك على أنه الرسول ﷺ قد ولد يوم الإثنين، فعن أبي قتادة الحارث بن ربعي قال: "وَسُئِلَ عن صَوْمِ يَومِ الاثْنَيْنِ، قالَ: ذاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ" (صحيح مسلم ١١٦٢) فمتى وجدنا التاريخ لا يوافق يوم الإثنين جزمنا ببطلانه، ثانيًا فقولنا هذا هو قول جمهور أهل العلم، قال الإمام الجليل ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله: "قال غير واحد من أهل العلم، ومنه كثير مما حفظ عن مالك في هذا المعنى: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأول عام الفيل ونبيء يوم الاثنين." (الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ ص ١٢٦) ويقول الحافظ ابن كثير: "وَقِيلَ: لِثِنْتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَفَّانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مِينَا عَنْ جَابِرٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُمَا قَالَا: وُلِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْفِيلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ الثَّانِي عَشَرَ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَفِيهِ بُعِثُ، وَفِيهِ عُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَفِيهِ هَاجَرَ، وَفِيهِ مَاتَ. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ." (البداية والنهاية ت التركي ٣/ ٣٧٥) وأما باقي الأقوال فهي باطلة، ونحن نذكرها ونحكمها إلى القاعدة التي أصلناها في البداية:


1- أنه ولد في ٢ ربيع الأول وهذا باطل لأنه يوافق الجمعة لا الإثنين.

2- أنه ولد في ٨ ربيع الأول وهو كذلك باطل لأنه يوافق يوم الخميس لا الإثنين كذلك.

3- أنه ولد في ٩ ربيع الأول الموافق لـ ٢٠ إبريل ٥٧١م وهو قول ساقط من جميع الأوجه لأنه ٩ ربيع الأول يوافق بداية ٢ مايو ٥٧٠م والذي هو يعادل يوم الجمعة لا يوم الإثنين !

4- كذلك من قال بأنه الرسول قد ولد في ١٠ ربيع الأول قد أخطئ لأنه يوافق السبت لا الإثنين.

5- أما ما حكته الشيعة من أنه الرسول ﷺ قد ولد في يوم الجمعة الموافق ١٧ ربيع الأول فلا نعلق عليه سوى بأنه ١٧ ربيع الأول يوافق يوم السبت لا الجمعة !!!!!

6- وقد زعم الزبير بن بكار أنه الرسول قد ولد في يوم ١٢ رمضان !! وهو قول باطل لأنه ١٢ رمضان يعادل يوم الخميس، وقد روى الحافظ ابن عساكر في (تاريخ دمشق ٣/ ٩٩) هذا القول عن محمد بن عبد الله السهمي وأنه الرسول ﷺ قد حمل به في عاشوراء وولد في ١٢ رمضان بعد ٢٣ سنة من عام الفيل !!! وبداية ففي سند الرواية المسيب بن شريك وهو متروك الحديث، ثانيًا فبين شهر محرم ورمضان ثمانية شهور ولا يوجد حمل يدوم ثمانية شهور ! ثالثًا هذا مخالف لإجماع أهل العلم وقبلهم صحابة رسول الله على أنه النبي ﷺ قد توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة وأنه قد  ولد عليه السلام في عام الفيل، رابعًا فهذا التاريخ يعادل السبت لا الإثنين ! خامسًا فهذا مخالف لإجماع أهل العلم على أنه الرسول ﷺ قد ولد في شهر ربيع الأول كما سننقله عن الإمام النووي رحمه الله، سادسًا هذا القول مخالف لما ثبت في كتب السير من كون ولادته ﷺ كانت بعد دخول الفيل بخمسة وخمسين يوم، وقد كان دخولهم في منتصف شهر محرم فإذًا كان مولد الرسول ﷺ في الثلث الأول من شهر ربيع الأول.

وراجع هذا الموقع الإسلامي المخصص لمعرفة يوم الأسبوع عن طريق التاريخ الهجري والمخصص للتحويل بين التقويمين الميلادي والهجري للتحقق من ما نقوله:

http://www.muslimphilosophy.com/ip/hijri.htm

وقد تحققت من صحة تلك النتائج عن طريق عدة مواقع آخرى، فثبت أنه الرسول ﷺ قد ولد في ١٢ ربيع الأول سنة ٥٣ ق.هـ ولم يصح شيء خلاف ذلك.

[ثانيًا: بيان أنه الرسول ﷺ لم يتوفى كما زعموا في يوم ١٢ ربيع الأول]

1- أجمع أهل السنة على أنه الرسول ﷺ قد توفي في يوم الإثنين من شهر ربيع الأول، يقول الإمام الطبري رحمه الله: "أما اليوم الذي مات فيه رسول الله ص، فلا خلاف بين أهل العلم بالأخبار فيه أنه كان يوم الاثنين من شهر ربيع الأول، غير أنه اختلف في اى الاثانين كان موته ص؟" (تاريخ الطبري ٣/ ١٩٩ - ٢٠٠) ويقول الإمام النووي رحمه الله: "وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ وُلِدَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ ربيع الاول وتوفي يوم الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ" (شرح مسلم ١٥/ ١٠٠) ويقول بدر الدين العيني رحمه الله: "وَلَا خلاف أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم توفّي يَوْم الْإِثْنَيْنِ" (عمدة القاري ١٨/ ٦٠) وقد سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "في أيِّ يَومٍ تُوُفِّيَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ؟" فقالت: "يَومَ الِاثْنَيْنِ" (صحيح البخاري ١٣٨٧) (صحيح مسلم ٩٤١) وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: "وَمَاتَ لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ ، فَمَكَثَ لَيْلَتَيْنِ وَيَوْمَيْنِ ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ" (مسند أبي حنيفة رواية الحكصفي ١١٧) وقال ابن عباس رضي الله عنهما: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، فَتُرِكَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ، وَمِنَ الْغَدِ ، وَدُفِنَ لَيْلا" (أنساب الأشراف للبلاذري ١/ ٢٦٧) وقال عكرمة رضي الله عنه: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ فَجَلَسَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ وَمِنَ الْغَدِ حَتَّى دُفِنَ مِنَ اللَّيْلِ" (الطبقات الكبرى ط العلمية ٢/ ٢٠٣) وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ" (تاريخ أبي زرعة ص ١٥٣) وقال مكحول: "وَتُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ" (دلائل النبوة ٧/ ٢٥٥) وقال ابن شهاب الزهري رضي الله عنه: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ زَاغَتِ الشَّمْسُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ" (الطبقات الكبرى ٢/ ٢٣٢)  وقال الإمام الأوزاعي رضي الله عنه: "تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ ، قَبْلَ أَنْ يَنْتَصِفَ النَّهَارُ ، وَدُفِنَ يَوْمَ الثُّلاثَاءِ" (دلائل النبوة ٧/ ٢٥٦) وقال الإمام محمد الباقر عليه السلام: "تُوُفِّيَ يَوْمَ الاثْنَيْنِ ، فَلَبِثَ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَتِلْكَ اللَّيْلَةَ ، وَيَوْمَ الثُّلاثَاءِ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ" (المعرفة والتاريخ ٣/ ٢٦٤) وأعتقد أنه في هذا الكفاية للبرهنة على إجماع الأمة على أنه الرسول ﷺ قد توفي في يوم الإثنين من شهر ربيع الأول.

2- رغم إتفاق أهل العلم على وفاة الرسول ﷺ في يوم الإثنين إلا أنهم أختلفوا في يوم وفاة الرسول ﷺ فقال موسى بن عقبة والليث والخوارزمي أنه توفي ﷺ في الأول من ربيع الأول، وقال ابن الكلبي وأبو مخنف وسليمان التيمي أنه وفاته ﷺ كانت في اليوم الثاني من ربيع الأول، وقال جمهور أهل العلم أنه توفي في الثاني عشر من ربيع الأول وقد فسر القاضي بدر الدين بن جماعة قولهم بأن قال: "يُحْمَلُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ أَيْ بِأَيَّامِهَا فَيَكُونُ مَوْتُهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثَ عَشَرَ" (فتح الباري ٨/ ١٣٠) وهو القول الصحيح كما سنبين إن شاء الله، وأما ما رواه روى ابن سعد (الطبقات الكبرى ٢/ ٢٠٩) عن علي بن أبي طالب عليه السلام وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنه الرسول ﷺ توفي في ١٢ ربيع الأول فلم يصح، فراويها عنهما هو محمد بن عمر الواقدي وهو متروك متهم بالكذب، فما يزعمه الوهابي من إجماع وهمي على أنه الرسول ﷺ قد توفي في ١٢ ربيع الأول هو محض خرافة لا وجود لها، بل هي خرافة مضحكة باطلة بالأدلة والبراهين كما سنيين بعد قليل.

3- بعد أن نقلنا الإجماع على أنه الرسول ﷺ قد توفي يوم الإثنين في ربيع الأول وإختلاف في تحديد هذا اليوم فنحن نقول بإستحالة أن يكون الرسول ﷺ قد توفي في يوم ١٢ ربيع الأول لأنه هذا التاريخ لم يوافق يوم الإثنين، وإنما وافق يوم الأحد ! (راجع الموقع الذي سبق وأشرنا إليه) وأول من تفطن إلى تلك الإشكالية كان الإمام السهيلي رحمه الله فقال: "وَلَا يَصِحّ أَنْ يَكُونَ تُوُفّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلّا فِي ((الثّانِي مِنْ الشّهْرِ أَوْ الثّالِثَ عَشَرَ أَوْ الرّابِعَ عَشَرَ أَوْ الْخَامِسَ عَشَرَ)) لِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنّ وَقْفَةَ عَرَفَةَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ التّاسِعُ مِنْ ذِي الْحَجّةِ فَدَخَلَ ذُو الْحَجّةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَكَانَ الْمُحَرّمُ إمّا الْجُمُعَةُ وَإِمّا السّبْتُ فَإِنْ كَانَ الْجُمُعَةُ فَقَدْ كَانَ صَفَرٌ إمّا السّبْتُ وَإِمّا الْأَحَدُ فَإِنْ كَانَ السّبْتُ فَقَدْ كَانَ رَبِيعٌ الْأَحَدَ أَوْ الِاثْنَيْنِ وَكَيْفَا دَارَتْ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ فَلَمْ يَكُنْ الثّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ بِوَجْهِ وَلَا الْأَرْبِعَاءَ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْقُتَبِيّ ... إلخ" (الروض الأنف ت تدمري ٧/ ٥٧٧ - ٥٧٨)، وإنما توفي الرسول ﷺ في يوم ١٣ ربيع الأول ١١هـ الموافق ٨ يونيو ٦٣٢م والدليل على ذلك موافقته يوم الإثنين ودخوله ضمن مجموعة الأيام التي حددها الإمام السهيلي رحمه الله، ويُفسر قول الجمهور بما ذكره القاضي بدر الدين بن جماعة رحمه الله.


فتبين من ما سبق سقوط مزاعم الوهابية وأننا نحتفل بيوم وفاة الرسول ﷺ !

[ثالثًا: بيان أنه على فرض صحة زعمهم فلا حجة فيه]

ثم لنفترض جدلاً أنه الرسول ﷺ قد توفي في ١٢ ربيع الأول - وهو قول باطل - فنحن لا نسلم بأنه إتفاق يوم الوفاة مع يوم المولد ينفي فضل هذا اليوم، وينفي إظهار الفرحة فيه، ونجيب عن تلك الشبهة في نقاط فنقول:-

1- نحن لا نسلم من الأساس بأنه الرسول ﷺ ميت الآن، بل نقول بأنه وفاته كانت مجرد إنتقال مؤقت لحديث: "الأنْبياءُ أحياءٌ في قُبورِهِمْ يُصَلُّونَ" (صححه ألبانيهم في صحيح الجامع ٢٧٩٠ وغيره) ولقوله ﷺ: "حياتي خيرٌ لكم، ووفاتي لكم خيرٌ، تُحْدِثون فيحدثُ لكم، فإذا أنا متُّ عُرِضَتْ عليَّ أعمالُكم، فإن رأيتُ خيرًا حمدتُ اللهَ، وإن رأيتُ شرًّا استغفرتُ اللهَ لكم." (مجمع الزوائد للهيثمي ٩‏/٢٧) (فضل الصلاة للألباني ٢٦) فأفنحزن على من هو حي في قبره وفي مقام خير مقامنا هذا؟!

2- قد قال رسول الله ﷺ: "إنَّ مِن أفضلِ أيّامِكم يومَ الجُمعةِ فيه خلَق اللهُ آدَمَ وفيه قُبِض" (سنن أبي داود ١٠٤٧) (صحيح ابن حبان ٩١٠) وقال الصحابي  سهل الساعدي رضي الله عنه: "إنّا كُنّا نَفْرَحُ بيَومِ الْجُمُعَةِ" (صحيح البخاري ٢٣٤٩) فلم تنفي مسئلة موت سيدنا آدم عليه السلام في يوم الجمعة خيرية هذا اليوم المبارك ولا يجوز أن يُقال لمن يفرح بقدومه أنه إنما يفرح بوفاة سيدنا آدم عليه السلام، أو كيف يفرح به الصحابة رضوان الله عليهم وهو قد وافق كذلك يوم وفاته !!

3- قال الله جل جلاله على لسان سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَیَّ یَوۡمَ وُلِدتُّ وَیَوۡمَ أَمُوتُ وَیَوۡمَ أُبۡعَثُ حَیࣰّا﴾ [مريم ٣٣] فسلم على نفسه في يوم ميلاده وفاته، وقال الله عزوجل عن سيدنا زكريا عليه السلام: ﴿وَسَلَـٰمٌ عَلَیۡهِ یَوۡمَ وُلِدَ وَیَوۡمَ یَمُوتُ وَیَوۡمَ یُبۡعَثُ حَیࣰّا﴾ [مريم ١٥] فجعل الله يوم مولده يوم سلام ومحبة كما جعل يوم وفاته يوم سلام ومحبة، فثبت أنه وفاة الإنبياء لا حزن فيها ولا شر.

4- نحن نصوم كل يوم إثنين لما سبق من كونه يوم مولد النبي ﷺ، وقد قال رسول الله ﷺ: "لِلصّائِمِ فَرْحَتانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقاءِ رَبِّهِ." (صحيح البخاري ٧٤٩٢) (صحيح مسلم ١١٥١) فصيامنا بهذا اليوم هو فرحة به، ومع ذلك لا يقول قائل أنتم إنما تفرحون بيوم وفاة نبيكم لأنه قد توفي في نفس اليوم !

5- قال رسول الله ﷺ: "إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ إذا أرادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِن عِبادِهِ، قَبَضَ نَبِيَّها قَبْلَها، فَجَعَلَهُ لها فَرَطًا وسَلَفًا بيْنَ يَدَيْها، وإذا أرادَ هَلَكَةَ أُمَّةٍ، عَذَّبَها ونَبِيُّها حَيٌّ، فأهْلَكَها وهو يَنْظُرُ، فأقَرَّ عَيْنَهُ بهَلَكَتِها حِينَ كَذَّبُوهُ وعَصَوْا أمْرَهُ." (صحيح مسلم ٢٢٨٨) فوفاة الرسول ﷺ هي رحمة لنا، وهي خير كذلك كما سبق في حديث حياتي خير لكم، فلماذا نحزن على ما هو خير من الله ورحمة؟

6- قد أبدع الإمام السيوطي رضي الله عنه في الجواب عن هذه الشبهة إذ قال: "إِنَّ وِلَادَتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ النِّعَمِ عَلَيْنَا، وَوَفَاتَهُ أَعْظَمُ الْمَصَائِبِ لَنَا، وَالشَّرِيعَةُ حَثَّتْ عَلَى إِظْهَارِ شُكْرِ النِّعَمِ وَالصَّبْرِ وَالسُّكُونِ وَالْكَتْمِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ، وَقَدْ أَمَرَ الشَّرْعُ بِالْعَقِيقَةِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، وَهِيَ إِظْهَارُ شُكْرٍ وَفَرَحٍ بِالْمَوْلُودِ، وَلَمْ يَأْمُرْ عِنْدَ الْمَوْتِ بِذَبْحٍ وَلَا بِغَيْرِهِ بَلْ نَهَى عَنِ النِّيَاحَةِ وَإِظْهَارِ الْجَزَعِ، فَدَلَّتْ قَوَاعِدُ الشَّرِيعَةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْسُنُ فِي هَذَا الشَّهْرِ إِظْهَارُ الْفَرَحِ بِوِلَادَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ إِظْهَارِ الْحُزْنِ فِيهِ بِوَفَاتِهِ، وَقَدْ قَالَ ابن رجب فِي كِتَابِ اللَّطَائِفِ فِي ذَمِّ الرَّافِضَةِ حَيْثُ اتَّخَذُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ مَأْتَمًا لِأَجْلِ قَتْلِ الحسين: لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ وَلَا رَسُولُهُ بِاتِّخَاذِ أَيَّامِ مَصَائِبِ الْأَنْبِيَاءِ وَمَوْتِهِمْ مَأْتَمًا، فَكَيْفَ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُمْ؟!" (الحاوي للفتاوي ١/ ٢٢٦) فالإسلام إنما يدعو إلى تجديد الأفراح لا الأحزان !!

7- قال الله جل جلاله: ﴿قُلۡ بِفَضۡلِ ٱللَّهِ وَبِرَحۡمَتِهِۦ فَبِذَ ٰ⁠لِكَ فَلۡیَفۡرَحُوا۟ هُوَ خَیۡرࣱ مِّمَّا یَجۡمَعُونَ﴾ [يونس ٥٨] والرسول ﷺ من رحمة الله عزوجل لنا لقوله عز من قائل: ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَةࣰ لِّلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [الأنبياء ١٠٧] فأمر الله عزوجل صريح لنا بالفرح بالرسول ﷺ لا بالحزن به والتعزية فيه ! فالرسول ﷺ نعمة عظيمة ورحمة من الله للعالمين، فهو عتقنا من النار وشفيعنا يوم القيامة، وعليه فالمفترض أن نحمد الله ونشكره على تلك النعمة لا العكس !!

8- قد أمرت الشريعة الإسلامية بترك الحداد بعد ثلاثة أيام إلا للزوجة فلها أن تحد على زوجها أربعة أشهر وعشرًا، وقد كره جمهور الفقهاء التعزية بعد ثلاثة أيام، لذا فلا يجوز الحزن على وفاة الرسول ﷺ اليوم أو تخصيص يوم لهذا الغرض بحكم مرور السنين المتطاولة على وفاته عليه أفضل الصلاة والسلام.

ثم كذلك لنفترض صحة ما يزعمونه من عدم وجود أي أدلة على أنه الرسول ﷺ قد ولد في ١٢ ربيع الأول (وهذا باطل لأنه هذا القول بمولده ﷺ في ربيع الأول من عام الفيل محل إجماع، والقول بمولده ﷺ في يوم ١٢ هو قول الجمهور الذي لم يصح شيء خلافه) فما المشكلة؟ المهم هو نية المحتفلين وأسلوبهم البديع في تعبيرهم عن حب النبي ﷺ، وأني لأسئلك، هل إذا وهمت أنه اليوم يوم ميلاد صديقك فقدمت له هدية ما بمناسبة حلول يوم مولده، هل لن يفرح بها بحجة أنه هذا ليس بيوم مولده؟ أم سيفرح بها ويقبلها منك رغم ذلك وستكون تعبير عن مدى حبك له؟ أليس هناك من لا يدري تاريخ مولده ومع ذلك يخصص لنفسه تاريخ إعتباطي في السنة لهذا الغرض ويفرح إذا أحتفل معه أحد بهذا اليوم وكأنه يوم مولده الحقيقي؟ فمما سبق يتبين لك سقوط تلك الحجة على جميع المستويات، وكذب الوهابي على من الصوفية عندما زعم أنهم يحتفلون بوفاة النبي ﷺ !

وإلى ربك المنتهى.


السفير السعودي خالد بن بندر : الحكومة السعودية لاعلاقة لها بالإسلام !

السفير السعودي خالد بن بندر بن سلطان آل سعود يعترف بكفر الحكومة السعودية وأنه لاعلاقة لها بالإسلام !!
هل يستطيع سفير السعودية في لندن أن يقول مثل هذا الكلام دون توجيه من سيده محمد بن سلمان الذي يزعم كذباً بأن دستوره القرآن؟
كم أنت مستحمر أيها المواطن السعودي !!!