الذمه المالية
للمرأة في أوربا المسيحية
هذه المقالة منشورة في مجلة الأزهر عام 1938
أهديها لأخواتي المسلمات ومن حق المسلمة أن تفتخر بأن الإسلام أعطاكي الحرية
الكاملة والاستقلال التام في الذمه المالية فلا أحد يتحكم فيما تملكية
الحرية الديمقراطية للمرأة الأوربية
تحت هذا العنوان قرأت اليوم (21 فبراير سنة
1938م) في جريدة ألمانية Zeitung
am Mittag Hamburgerهذا الخبر:
" نشرت الجريدة الرسمية الفرنسية للقوانين
في يوم الأحد 20 فبراير سنة 1938 بإلغاء القانون الخاص بمنع المرأة المتزوجة :
(ا)من توقيع أذونات الصرف المالية (الشيكات)
(ب) من فتحها حسابا جاريا في أي بنك من البنوك
(ج) من توقيع أي عقد مالي
(د) من استيلائها على الإرث مباشرة بدون إذن
القاضي في ذلك كله
لم يدهشني هذا الخبر دهشتي لو بقيت بمصر ولم
تسنح لي الفرصة لتعرف أحوال البلاد الغربية ودراسة الحالة الاجتماعية للمرأة
الأوربية على الخصوص ، لأن الصورة التي في ذهن الشرق عن أوربا صورة مبالغ فيها نحو
ناحية الكمال والرقي الإنساني ، بفضل الدعاية الثقافية والأدبية التي تقوم بها
الأفلام السينمائية ، ومدارس الإرساليات الأجنبية ، والنشرات والكتب التي تحمل
طابع البحث العلمي .
عن هذا التصوير المبالغ فيه يود كل شرقي أن
يكون أوربيا ، أو على الأقل يحاول أن يظهر بمظهر أوربي كما ترغب المرأة الشرقية
وخصوصا المصرية في أن تحمل طابع المرأة الغربية مهما كلفها ذلك من مجافاة لعادات
وطنها ، وإسراف في تقليد " مثالها " Ideai
عن هذا التصور يتجلى الخضوع الأعمى في الشرق
لسيادة الأوربي ، وتبين بوضوح تكلف العناء والتضحية بالقومية في إتباع مشورة الوصي
الغربي
إن منية أوربا مرتكزة على المادة وثقافتها ،
للوصول إلى المادة . فمدنيتها تتمثل في المخترعات الهندسية والكمياوية ، وثقافتها
في تعلم بسطة السلطان وسياسة الاستعمار .
مدنيتها القوة الحربية ، وثقافتها التبشير
الروحي ، وأبحاثها العلمية تصوير الأمم الضعيفة بصورة مشوهة كي يكون هناك محل
للنداء " بوجوب تمدين الشعوب غير الناضجة في السياسة والإدارة ".
وهذه المدنية المادية من أكبر عوامل انتشار
المذهب الخلقي النفعي ، وتربية الشعور الأناني (Egoism)
ليس فقط تجاه الشعوب غير الأوربية ، وإنما فيما بين أمم الغرب أنفسها ، بل فيما
بين أفراد الأمة الواحدة منها وكلما تمكنت المادية من هذه المدنية وقوي هذا الشعور
الأناني ، ضعفت القضايا الخلقية الروحية ، وقلت قيمتها العلمية ، وأصبحت فقط أداة
للدعاية بين الشعوب الضعيفة أو الفطرية باسم " الإنسانية" وحملها على
الاستسلام باسم " الأخوة في الإنسانية" ولذلك كان أضعف الشعوب وأزهدها
في السلطان ، كالشعوب الهندية ، هو المعتنق لهذه المذاهب الروحية بأمانة وإخلاص .
عن هذا الشعور الأناني تأسست علاقة الرجل
بالمرأة في أوربا ، وهي أقرب إلى علاقة مادية منها إلى علاقة نفسية روحية . ففي
انكلترا إلى الآن ، وفي فرنسا لغاية تاريخ 20 فبراير سنة 1938 تمنع المرأة
المتزوجة من التصرف في شئونها المالية الخاصة بها ، ويمتد سلطان الرجل وقوامته
عليها إلى ناحيتها الاقتصادية المادية، بينما لا يحرم القانون ، بل قد تمنعه
العادة حسبما يكون منشأ المرأة في الحياة الاجتماعية ، أن تتخذ الزوجة صديقا لها ،
كما يتخذ الزوج صديقة له.
لا تمنع المرأة فقط من التصرف في أمورها
الاقتصادية ، بل عليها بحكم العرف ، والعرف قانون ، أن تؤسس لخطيبها بيت الأسرة
المقبلة التي ستتكون منها مبدئيا . ولهذا لا يفهم الأوربي المادي ما فرضه الإسلام على
الرجل من صداق لزوجته ، ويحاول أن يصور المرأة المسلمة بالسلعة القابلة للبيع
والشراء ، ولا يستحي حتى فيما يسميه أبحاثا علمية ، أو فيما تطلع به الجرائد
اليومية على الرأي العام ، من تسمية المهر في
الإسلام " ثمن شراء" (Kaufpreis)
لا يود أن يفهم الأوربي أن المهر هو نصيب الرجل
في بناء الحياة البيتية ، وأن هذا الالتزام من جانبه وحده ، لما فرض له من قوامته
على المرأة ، ولما فرض فيه بحكم الطبيعية من أنه المكافح في الحياة . فكون المرأة
في أوربا هي التي تتحمل تأسيس الأسرة وحدها، قلب للوضع الطبيعي ، وأشبه شيء بوسيلة
مغرية للرجل على زواجها ، كأن طبيعة الأنوثة فيها غير كافية للإغراء ، وكأن الرجل
لا يشعر في طبيعته بالحاجة الملحة إلى المرأة لسد هذا النقص فيه حتى تستمر سنة
الكون في البناء والتجديد في حياة البشر الاجتماعية ولكنه المذهب المادي الذي قارب
أن يحول ما بقى في نفوسهم من شعور إلى غرائز لا يكون للإرادة عليها سبيل .
الإسلام
حجر على المرأة ولكن في التصرف في عفتها وخلقها ، وأباح لها في جانب ذلك التصرف في
مالها .
هو لم يحجر عليها في الواقع وإنما ألزمها
برعاية حقوق قرينها فيما كان سبب الزواج ، وفيما المحافظة عليه سبب سعادة الحياة
الزوجية .
لم يبح لها وإنما اعتد باستقلالها ، وأكد لها
هذا الاستقلال فيما بعد اقترانها ، في الوقت الذي هو مظنة التبعية ، والذي هو في
الواقع مبدأ التبعية في حياة المرأة الزوجية في الأمم التي تدعي أنها منبع
الديمقراطية ، وأنها رسل الحرية في الشعوب التي تبيح الاتجار بالرقيق ، أو تبيح
الأسر والرق باعتبار أنه تدبير من تدبير الحرب المشروعة .
إذا كان إطلاق التصرف المالي للمرأة هو الحرية
الديمقراطية النسوية في القرن العشرين ، فللمرأة المسلمة أن تعتز بتمتعها بهذه
الديمقراطية منذ القرن السابع الميلادي وإذا كانت قوامة الرجل الأوربي على المرأة
، في شئونها المالية ، فليفخر الرجل المسلم بأن قوامته على زوجته فيما يصون عليها
شرفها وكرامتها . وإذا عدت أوربا مبدأ التبعية والحجر على المرأة في تصرفها المالي
ظاهرة من ظواهر المدنية ، فليعتز الشرق الإسلامي بجعل مبدأ الأسر في الحرب من أسباب
ضمان الظفر والنصر الذي لا يلبث أن يتبعه الترغيب في العتق ثانية ، وجعله غاية
أنواع للكفارة عن ارتكاب أشد أنواع الإجرام مقتا عند الله وعند الناس .
المادية والروحية مذهبان متقابلان، وكلما غلت
أوربا في المادية تراءى لها الحق في القوة وتمثل لها الظلم عدلا . كذلك كلما غلا
الشرق في الروحية تراءت له الحياة الحقة في الزهد والتواكل والاستسلام .
أما المذهب الخيار فهو مذهب الاعتداد بالنفس ،
والمحافظة على السلطان وأتباع العدل فيه ، هو المذهب القائل
(أ?) " وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة
....." والقائل أيضا
(ب?) " ولا يظلم ربك أحدا....."
محمد البهي
مجله الأزهر المجلد 9 ص135
=====================
هل تحريم زواج
المسلمة بغير المسلم يُعد نزعة عنصرية ؟
الرد على شبهة تحريم زواج المسلمة بغير المسلم
وهل يُعد نزعة عنصرية ؟
الرد على الشبهة:
1 ـ صحيح إن
الإسلام يجيز زواج المسلم من غير المسلمة (مسيحية أو يهودية) ولا يجيز زواج
المسلمة من غير المسلم. وللوهلة الأولى يُعد ذلك من قبيل عدم المساواة ، ولكن إذا
عرف السبب الحقيقى لذلك انتفى العجب ، وزال وَهْمُ انعدام المساواة. فهناك وجهة
نظر إسلامية فى هذا الصدد توضح الحكمة فى ذلك. وكل تشريعات الإسلام مبنية على حكمة
معينة ومصلحة حقيقية لكل الأطراف.
2 ـ الزواج فى الإسلام يقوم على " المودة
والرحمة " والسكن النفسى. ويحرص الإسلام على أن تبنى الأسرة على أسس سليمة
تضمن الاستمرار للعلاقة الزوجية. و الإسلام دين يحترم كل الأديان السماوية السابقة
ويجعل الإيمان بالأنبياء السابقين جميعًا جزءاً لا يتجزأ من العقيدة الإسلامية. وإذا تزوج مسلم من مسيحية أو يهودية
فإن المسلم مأمور باحترام عقيدتها ، ولا يجوز له ـ من وجهة النظر الإسلامية ـ أن يمنعها من ممارسة شعائر دينها
والذهاب من أجل ذلك إلى الكنيسة أو المعبد. وهكذا يحرص الإسلام على توفير عنصر
الاحترام من جانب الزوج لعقيدة زوجته وعبادتها. وفى ذلك ضمان وحماية للأسرة من
الانهيار.
3 ـ أما إذا تزوج غير مسلم من مسلمة فإن عنصر
الاحترام لعقيدة الزوجة يكون مفقودًا. فالمسلم يؤمن بالأديان السابقة ، وبأنبياء
الله السابقين ، ويحترمهم ويوقرهم ، ولكن غير المسلم لا يؤمن بنبى الإسلام ولا
يعترف به ، بل يعتبره نبيًّا زائفًا وَيُصَدِّق ـ فى العادة ـ كل ما يشاع ضد
الإسلام وضد نبى الإسلام من افتراءات وأكاذيب ، وما أكثر ما يشاع.
وحتى إذا لم يصرح الزوج غير المسلم بذلك أمام
زوجته فإنها ستظل تعيش تحت وطأة شعور عدم الاحترام من جانب زوجها لعقيدتها. وهذا
أمر لا تجدى فيه كلمات الترضية والمجاملة. فالقضية قضية مبدأ. وعنصر الاحترام
المتبادل بين الزوج والزوجة أساس لاستمرار العلاقة الزوجية.
4 ـ وقد كان الإسلام منطقيًّا مع نفسه حين حرّم
زواج المسلم من غير المسلمة التى تدين بدين غير المسيحية واليهودية ، وذلك لنفس
السبب الذى من أجله حرّم زواج المسلمة بغير المسلم.
فالمسلم لا يؤمن إلا بالأديان السماوية وما
عداها تُعد أديانًا بشرية. فعنصر التوقير والاحترام لعقيدة الزوجة فى هذه الحالة ـ
بعيدًا عن المجاملات ـ يكون مفقودًا. وهذا يؤثر سلبًا على العلاقة الزوجية ، ولا
يحقق " المودة والرحمة " المطلوبة فى العلاقة الزوجية
=====================
كانت المرأة في الجاهلية ، تابعاً للرجل في كل
شيء ، مسلوبة الحق والإرادة ، حتى قال عمر بن الخطاب: (والله أن كنا في الجاهلية
لا نعد للنساء أمراً ، حتى أنزل الله فيهن ما أنزل ، وقسم لهن ما قسم) ، ووصل الأمر
في بعض القبائل إلى حد جعلها كالمتاع ، تورث كما يورث ، وتنتقل إلى الورثة كما
ينتقل ، وكانوا يحرمونها من كثير من الحقوق ، ويرون أنها ليست أهلاً لتلك الحقوق.
ومما سلبته الجاهلية المرأة الميراث ، فقد
كانوا يرون أنها لا تستحق أن ترث من أقاربها شيئاً ، لأنها لا تحمل السيف ، ولا
تحمي البيضة ، ولا تحوز الغنيمة ، لذا كان الميراث وقفاً على ذوي البلاء في الحروب
، من الأولاد الذكور وحدهم ، يأخذه الأكبر فالأكبر ، ولأن المال الذي يعطى لها
يذهب إلى الغرماء الذين تزوجت إليهم ، وقد يكونون من الأعداء ، وهم حريصون على أن
يبقى مالهم في أسرهم ، فكانوا يحرمونها من الميراث ، ومن أي حق مالي آخر كالمهر
والوصية وغيرهما.
ومن أجل ذلك:
جاء الإسلام والمرأة تعامل هذه المعاملة
الجائرة ، فأزال عنها ذلك الحيف وأبعد الظلم ، وقرر لها نصيباً من الميراث ، حقاً
مفروضاً ، خالصاً لها ، لا منَّة فيه لأحد ولا فضل ، ونزل القرآن يقرر مبدأ حقها
في الميراث: (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك
الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر ، نصيباً مفروضاً) ، فكان هذا قلباً كاملاً
للأوضاع السائدة ، وتغييراً جذرياً لمألوفات الأحقاب والقرون ، وتحطيماً لشرع
البيئة ، وتقاليدها القائمة على الفروسية وحماية الذمار ، صار للمرأة نصيب في
الميراث ، بعد أن كانت هي نصيباً من الميراث ، وأصبحت تملك وتتصرف في ملكها بعد أن
كانت هي مملوكة.
وتوالت الآيات تفصل نصيب كل وارث ، وتبين
مقداره ، وقد كان لهذا التغيير الجذري للموروثات والتقاليد أثره في المجتمع المسلم
، حتى إن بعضاً من المسلين دهشوا لهذا التكريم البالغ ، والعطاء السخي للمرأة ،
ووقع الأمر من نفوس بعضهم موقع الاستغراب والتساؤل ، فقالوا: (تعطى المرأة الربع
أو الثمن ، وتعطى الابنة النصف ، ويعطى الغلام الصغير ، وليس أحد من هؤلاء يقاتل
القوم ، ولا يحوز الغنيمة؟) ، وبذلوا محاولات لعله يكون تغيير أو رجوع ، ولكن ما
أمضاه الله لن يرجع عنه ، وما حكم به لن يغير.
عن ابن عباس في قوله تعالى: (يوصيكم الله في
أولادكم ، للذكر مثل حظ الأنثيين) ، وذلك أنه لما نزلت الفرائض التي فرض الله فيها
للولد الذكر ، والأنثى ، والأبوين ، كرهها الناس أو بعضهم وقالوا: تعطى المرأة
الربع أو الثمن ، وتعطى الابنة النصف ، ويعطى الغلام الصغير ، وليس من هؤلاء أحد
يقاتل القوم ، ولا يحوز الغنيمة؟!! اسكتوا عن هذا الحديث ، لعل رسول الله صلى الله
عليه وسلم ينساه ، أو نقول له فيُغيّر ، فقالوا: يا رسول الله تعطى الجارية نصف ما
ترك أبوها ، وليست تركب الفرس ، ولا تقاتل القوم ، ويعطى الصبي الميراث ، وليس
يغني شيئاً ، وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية ، لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل
القوم ، ويعطونه الأكبر فالأكبر ..
وبهذا قضى الإسلام على ظُلامة من ظُلامات
الجاهلية للمرأة ، عاشت أسيرة لها قروناً طويلاً ، عانت بسببها كثيراً من تبعيتها
للرجل وتسلطه عليها وتحكمه بها.
وقد بنى الإسلام توزيع الأنصاب على الورثة على
قاعدة: (للذكر مثل حظ الأنثيين) ، وهو عادل في ذلك ومنصف كل الإنصاف ، وهذا متفق
مع عدالة الإسلام في توزيع الأعباء والواجبات ، فهو يلزم الرجل في مقابل ذلك
بأعباء ، وواجبات مالية ، لا تلزم بمثلها المرأة: (فالرجل يتزوج ويدفع المهر ،
ويؤثث البيت ويعد السكن ، والمرأة تتزوج ويدفع لها المهر ، ويؤثث لها البيت ويعد
السكن ، والرجل يتزوج فيعول امرأة (زوجته) وأولاداً.
والبنت تتزوج فيعولها الرجل ، ولا تعوله ولا تكلف بشيء من
ذلك: ولو كانت ثرية وهو فقير.
البنت في حال الصغر نفقتها على أبيها أو أخيها
أو قريبها الذكر ، وفي الكبر على زوجها ، والابن في حال الكبر ، يعول نفسه وأسرته ،
ومن لا عائل له من أهله وذويه.
نفقة أولادها بعد الزواج على أبيهم ، بخلاف
نفقة أولاد الابن فإنها عليه.
الرجل يتحمل نفقات الضيافة والعقل ، والجهاد
والمغارم ، والمرأة لا تتحمل شيئاً من ذلك.
فقد وضع الإسلام في اعتباره تلك الأعباء
والتكاليف والالتزامات التي كلف بها الرجل حين أعطاه ضعف نصيب الأنثى في الميراث ،
ولو دقق النظر في مقدار ما يخسره الرجل من المال ، للقيام بتلك الأعباء والتكاليف
، لعرفنا إن الإسلام كان كريماً متسامحاً
مع المرأة حين طرح عنها كل تلك الأعباء وألقاها على كاهل الرجل ، ثم أعطاها نصف ما
يأخذ.
والمرأة بهذا التشريع الكريم ربحت من جانبين:
الأول: قرر لها حقاً في الميراث ، ولم يكن لها
شيء من ذلك في الجاهلية.
الثاني: قدر لها هذا الحق بنصف نصيب الذكر ، مع
طرح كافة الأعباء والالتزامات المالية عنها.
ومن هنا يظهر مقدار تكريم الإسلام لها ،
وتقديره إياها وفضله عليها.
=====================
مفهوم الحرية
عند أدعياء تحرير المرأة
إن التصرف المتطرف الخاطئ للحرية ، الذي غذاه
الحقد الأسود والثورة الجامحة على النظام الاجتماعي الفاسد الذي كان يحكم المجتمع
الأوربي ، نبع منه مفهوم الحرية الشخصية ، عند المنادين بالحرية والتحرر في بلاد
الإسلام ، فيتصورونها – كما هي عند الغربيين –
بأنها الانطلاق بلا قيد ، والتحرر من كل ضابط ، والتخلص من كل رقابة ، حتى ولو
كانت تلك الرقابة نابعة من ذاته هو ، من ضميره ، فلتحطم وليحطم معها الضمير إن
احتاج الأمر ، حتى لا يقف شيء في وجه استمتاعه بالحياة ، وحتى لا تفسد عليه نشوة
اللذة ، ومعنى هذا ترك الإنسان وشأنه يفعل ما يشاء ويترك ما يشاء ، وهكذا بدون
قيود ولا ضوابط ، ولا رقابة ، وعلى المجتمع أن يسّلم بذلك الحق ، وعلى الحكومة أن
تحافظ على تلك الحرية وتحميها.
هذا هو مفهوم الحرية عندهم ، صورة طبق الأصل من
مفهوم الحرية في الغرب ، فلا دين يحكم النفوس ، ويكبح جماحها ، ولا أخلاق تهذب
طباعها ، وتوقظ مشاعرها ، وتثير فيها روح النخوة والغيرة والإباء ، ولا مثل ، ولا
فضائل ، تقاس على أساسها الأعمال خيرها وشرها ، ولا حياء يمنع ارتكاب الشطط ،
والمجاهرة بالمنكر لا ينبغي أن يكون شيء من ذلك ، لأنه من الماضي ، وكل ما هو من
الماضي فهو عقبة في طريق التصور والتقدم فلينبذ وليحطم.
وهكذا قال دعاة الحرية في الغرب ، وهكذا يقول
دعاتها في الشرق ، وهم إن لم يستطيعوا التصريح بذلك ، إلا أن مفهوم كلمة الحرية
كما يتصورونه ينبئ عن ذلك ، كما أن رائحته تفوح مما يطلقونه من شعارات باسم الحرية
، بل إن التطبيق الجاري الآن في البلاد الإسلامية لمفهوم الحرية سيوصل حتماً إلى ذلك
إذا استمر سائراً في ذلك الطريق.
ولما كانت المرأة عاملاً أساسياً وعنصراً هاماً
في تحقيق مفهوم الحرية هذا ، فقد وجهوا جل اهتمامهم إليها ، وعملوا على تكييفها
للدور الذي يريدون أن تقوم به.
فأخرجوها من البيت باسم الحرية والتحرر ..
وأقحموها في مجالات العمل المختلفة البعيدة عن اختصاصها والمتنافرة مع خصائصها ،
فقضوا بذلك على أنوثتها ، وعلى الأسرة والبيت باسم الحرية والتحرر.
خلعوا عنها حجابها ، وكشفوا عن موطن الزينة
والفتنة منها ، ليشبعوا بذلك نهمهم الجنسي باسم الحرية والتحرر.
انتزعوها من حمى حاميها وراعيها وحافظها
(الرجل) بتحريضهم لها على التمرد على قوامته ليسهل لهم غوايتها وتحقيق مآربهم
منها.
تركوها تختلط بل أرغموها على الاختلاط بالرجال
، والخلوة بهم ، فقضوا بذلك على عفتها وكرامتها وحيائها ، باسم الحرية والتحرر.
وقضوا على رسالتها الأساسية في الوجود ، وهي
الزوجية والأمومة فجنوا بذلك على الإنسانية ، والحضارة والمدنية ، فعلوا ذلك باسم
الحرية.
أخذوا منها كل شيء باسم الحرية ولم يعطوها إلا
أقل القليل.
فهل هذه حرية حقاً؟ ، هل الحرية الانطلاق بل
قيود ولا ضوابط؟ ، هل الحرية الخروج على الدين والمثل والفضائل؟
هل تكون الحياة بهذا المفهوم ، حياة إنسانية
راقية ، تتفق مع مركز الإنسان في هذا الوجود ، ومع رسالته التي أعده الله لها ،
وهي عمارة الكون ، والخلافة في الأرض.
إن الحرية بمفهومها الصحيح براء من ذلك ، وإن
الحياة الإنسانية الراقية لا تقبل ذلك المفهوم ، بل إن الحرية الحقة هي التحرر من
كل ما سموه حرية.
=====================
أن ميراث الأنثى
نصف ميراث الذكر
الرد على الشبهة:
صحيح وحق أن آيات الميراث فى القرآن الكريم قد
جاء فيها قول الله سبحانه وتعالى:(للذكر مثل حظ الأنثيين) (1) ؛ لكن كثيرين من
الذين يثيرون الشبهات حول أهلية المرأة فى الإسلام ، متخذين من التمايز فى الميراث
سبيلاً إلى ذلك لا يفقهون أن توريث المرأة على النصف من الرجل ليس موقفًا عامًا
ولا قاعدة مطّردة فى توريث الإسلام لكل الذكور وكل الإناث. فالقرآن الكريم لم يقل:
يوصيكم الله فى المواريث والوارثين للذكر مثل حظ الأنثيين.. إنما قال: (يوصيكم
الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).. أى أن هذا التمييز ليس قاعدة مطّردة فى
كل حالات الميراث ، وإنما هو فى حالات خاصة ، بل ومحدودة من بين حالات الميراث.
بل إن الفقه الحقيقى لفلسفة الإسلام فى الميراث
تكشف عن أن التمايز فى أنصبة الوارثين والوارثات لا يرجع إلى معيار الذكورة
والأنوثة.. وإنما لهذه الفلسفة الإسلامية
فى التوريث حِكَم إلهية ومقاصد ربانية قد خفيت عن الذين جعلوا التفاوت بين الذكور
والإناث فى بعض مسائل الميراث وحالاته شبهة على كمال أهلية المرأة فى الإسلام. وذلك أن التفاوت بين أنصبة الوارثين
والوارثات فى فلسفة الميراث الإسلامى ـ
إنما تحكمه ثلاثة معايير:
أولها: درجة القرابة بين الوارث ذكرًا كان أو
أنثى وبين المُوَرَّث المتوفَّى فكلما اقتربت الصلة.. زاد النصيب فى الميراث..
وكلما ابتعدت الصلة قل النصيب فى الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين..
وثانيها: موقع الجيل الوارث من التتابع الزمنى
للأجيال.. فالأجيال التى تستقبل الحياة ، وتستعد لتحمل أعبائها ، عادة يكون نصيبها
فى الميراث أكبر من نصيب الأجيال التى تستدبر الحياة. وتتخفف من أعبائها ، بل
وتصبح أعباؤها ـ عادة ـ مفروضة على غيرها ، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة
للوارثين والوارثات.. فبنت المتوفى ترث أكثر من أمه ـ وكلتاهما أنثى ـ.. وترث البنت
أكثر من الأب ! – حتى لو كانت رضيعة لم تدرك شكل أبيها..
وحتى لو كان الأب هو مصدر الثروة التى للابن ، والتى تنفرد البنت بنصفها ! ـ..
وكذلك يرث الابن أكثر من الأب ـ وكلاهما من الذكور..
وفى هذا المعيار من معايير فلسفة الميراث فى
الإسلام حِكَم إلهية بالغة ومقاصد ربانية سامية تخفى على الكثيرين !..
وهى معايير لا علاقة لها بالذكورة والأنوثة على
الإطلاق..
وثالثها: العبء المالى الذى يوجب الشرع الإسلامى
على الوارث تحمله والقيام به حيال الآخرين.. وهذا هو المعيار الوحيد الذى يثمر
تفاوتاً بين الذكر والأنثى.. لكنه تفاوت لا يفضى إلى أى ظلم للأنثى أو انتقاص من
إنصافها.. بل ربما كان العكس هو الصحيح !..
ففى حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون فى درجة
القرابة.. واتفقوا وتساووا فى موقع الجيل الوارث من تتابع الأجيال - مثل أولاد
المتوفَّى ، ذكوراً وإناثاً - يكون تفاوت العبء المالى هو السبب فى التفاوت فى
أنصبة الميراث.. ولذلك ، لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى فى
عموم الوارثين ، وإنما حصره فى هذه الحالة بالذات ، فقالت الآية القرآنية: (يوصيكم
الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).. ولم تقل: يوصيكم الله فى عموم الوارثين..
والحكمة فى هذا التفاوت ، فى هذه الحالة بالذات ، هى أن الذكر هنا مكلف بإعالة
أنثى ـ هى زوجه ـ مع أولادهما.. بينما الأنثى الوارثة أخت الذكرـ إعالتها ، مع
أولادها ، فريضة على الذكر المقترن بها.. فهى ـ مع هذا النقص فى ميراثها بالنسبة
لأخيها ، الذى ورث ضعف ميراثها ، أكثر حظًّا وامتيازاً منه فى الميراث.. فميراثها
ـ مع إعفائها من الإنفاق الواجب ـ هو ذمة مالية خالصة ومدخرة ، لجبر الاستضعاف
الأنثوى ، ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات.. وتلك حكمة إلهية قد تخفى على
الكثيرين..
وإذا كانت هذه الفلسفة الإسلامية فى تفاوت أنصبة الوارثين والوارثات
وهى التى يغفل عنها طرفا الغلو ، الدينى واللادينى ، الذين يحسبون هذا التفاوت
الجزئى شبهة تلحق بأهلية المرأة فى الإسلام فإن استقراء حالات ومسائل الميراث ـ
كما جاءت فى علم الفرائض (المواريث) ـ يكشف عن حقيقة قد تذهل الكثيرين عن أفكارهم
المسبقة والمغلوطة فى هذا الموضوع.. فهذا الاستقراء لحالات ومسائل الميراث ، يقول
لنا:
1 ـ إن هناك أربع حالات فقط ترث فيها المرأة
نصف الرجل.
2 ـ وهناك حالات أضعاف هذه الحالات الأربع ترث
فيها المرأة مثل الرجل تماماً.
3 ـ وهناك حالات عشر أو تزيد ترث فيها المرأة
أكثر من الرجل.
4 ـ وهناك حالات ترث فيها المرأة ولا يرث
نظيرها من الرجال.
أى أن هناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها
المرأة مثل الرجل ، أو أكثر منه ، أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال ، فى مقابلة
أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل.. (2) "!!.
تلك هى ثمرات استقراء حالات ومسائل الميراث فى
علم الفرائض (المواريث) ، التى حكمتها المعايير الإسلامية التى حددتها فلسفة الإسلام فى
التوريث.. والتى لم تقف عند معيار الذكورة والأنوثة ، كما يحسب الكثيرون من الذين
لا يعلمون !..
وبذلك نرى سقوط الشبهة الأولى من الشبهات الخمس
المثارة حول أهلية المرأة ، كما قررها الإسلام.
------------------------
(1) النساء: 11.
(2) د. صلاح الدين سلطان "ميراث المرأة
وقضية المساواة " ص10 ، 46 ، طبعة القاهرة ، دار نهضة مصر سنة 1999م ـ "
سلسلة فى التنوير الإسلامى ".
=====================
الرد على الشبهة:
السياق القرآنى لآية الخمار يبين أن العلة هى
العفاف وحفظ الفروج ، حيث يبدأ بالحديث عن تميز الطيبين والطيبات عن الخبيثين
والخبيثات.. وعن آداب دخول بيوت الآخرين ، المأهول منها وغير المأهول.. وعن غض
البصر.. وحفظ الفروج ، لمطلق المؤمنين والمؤمنات..وعن فريضة الاختمار ، حتى لا
تبدو زينة المرأة ـ مطلق المرأة ـ إلا لمحارم حددتهم الآية تفصيلاً. فالحديث عن
الاختمار حتى فى البيوت ، إذا حضر غير المحارم.. ثم يواصل السياق القرآنى الحديث
عن الإحصان بالنكاح (الزواج) وبالاستعفاف للذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله
من فضله:
(الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات
والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم *
يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها
ذلكم خير لكم لعلكم تَذكَّرون * فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم
وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم * ليس عليكم جناح
أن تدخلوا بيوتاً غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون * قل
للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون *
وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها
وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء
بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو
نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين
لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا
إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون * وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من
عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم * وليستعفف
الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله والذين يبتغون الكتاب مما ملكت
أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً وآتوهم من مال الله الذى آتاكم ولا تكرهوا
فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن يكرههن فإن الله
من بعد إكراههن غفور رحيم ) (1).
فنحن أمام نظام إسلامى ، وتشريع إلهى مفصل ، فى
العفة وعلاقتها بستر العورات عن غير المحارم. وهو تشريع عام ، فى كل مكان توجد فيه
المرأة مع غير محرم.
بل إن ذات السورة ـ (النور) تستأنف التشريع
لستر العورات داخل البيوت ـ نصاً وتحديداً ـ فتقول آياتها الكريمة: (يا أيها الذين
آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل
صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاثُ عورات لكم ليس
عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوّافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم
الآيات والله عليم حكيم * وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن
الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم * والقواعد من النساء
اللاتى لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن
يستعففن خير لهن والله سميع عليم ) (2).
فنحن أمام تشريع لستر العورات ، حتى داخل
البيوت ، عن غير المحارم ـ الذين حددتهم الآيات ـ ومنهم الصبيان إذا بلغوا الحلم..
فحيث أمر الله بالعفاف وحرم الزنا وأقر الزواج وأباح إمكانية التعدد فكان لابد
لكمال التشريع من الأمر بدرء ما يوصل إلى عكس ذلك كله فأمر بالحجاب وبغض البصر
وبعدم الخلوة وهو أَمْرٌ له سبحانه فى كل دين.
(1) النور: 26- 33.
(2) النور: 68: 70.
=================
الشبهة الأولى: الحجاب تزمّت والدين يسر:
يدّعي بعض دعاة التبرج والسفور بأنّ الحجاب
تزمّت في الدين، والدين يسر لا تزمّتَ فيه ولا تشدّد، وإباحة السفور مصلحةٌ
تقتضيها مشقّة التزام الحجاب في عصرنا[1].
الجواب:
1- إن تعاليم الدين الإسلامي وتكاليفَه الشرعية
جميعها يسر لا عسرَ فيها، قال تعالى: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ
يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ} [البقرة:185]، وقال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى
ٱلدّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، وقال: {لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا}
[البقرة:232]. فهذه الآيات صريحة في التزام مبدأ التخفيف والتيسير على الناس في
أحكام الشرع.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: ((إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسدّدوا
وقاربوا وأبشروا))[2]، وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى
الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال: ((بشروا ولا تنفروا،
ويسروا ولا تعسروا))[3].
فالشارع لا يقصد أبدًا إعنات المكلَّفين أو
تكليفهم بما لا تطيقه أنفسهم، فكلّ ما ثبت أنه تكليف من الله للعباد فهو داخلٌ في
مقدورهم وطاقتهم[4].
2- ثم لا بد من معرفة أن للمصلحة الشرعية ضوابط
يجب مراعاتها وهي:
أ- أن تكون هذه المصلحة مندرجة في مقاصد الشرع،
وهي حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، فكلّ ما يحفظ هذه الأصول الخمسة فهو
مصلحة، وكلّ ما يفوّت هذه الأصول أو بعضها فهو مفسدة، ولا شك أن الحجاب مما يحفظ
هذه الكليات وأن التبرج والسفور يؤدي بها إلى الفساد.
ب- أن لا تعارض هذه المصلحة النقل الصحيح، فلا
تعارض القرآن الكريم؛ لأن معرفة المقاصد الشرعية إنما تمّ استنادًا إلى الأحكام
الشرعية المنبثقة من أدلتها التفصيلية، والأدلة كلّها راجعة إلى الكتاب، فلو عارضت
المصلحة كتابَ الله لاستلزم ذلك أن يعارض المدلولُ دليله، وهو باطل. وكذلك بالنسبة
للسنة، فإن المصلحة المزعومة إذا عارضتها اعتُبرت رأيًا مذمومًا. ولا يخفى مناقضة
هذه المصلحة المزعومة لنصوص الكتاب والسنة.
ج- أن لا تعارض هذه المصلحة القياس الصحيح.
د- أن لا تفوِّت هذه المصلحة مصلحة أهمّ منها
أو مساوية لها.
3- قاعدة: "المشقّة تجلب التيسير"
معناها: أنّ المشقة التي قد يجدها المكلف في تنفيذ الحكم الشرعي سبب شرعي صحيح
للتخفيف فيه بوجه ما.
لكن ينبغي أن لا تفهم هذه القاعدة على وجهٍ
يتناقض مع الضوابط السابقة للمصلحة، فلا بد للتخفيف أن لا يكون مخالفًا لكتابٍ ولا
سنّة ولا قياس صحيح ولا مصلحة راجحة.
ومن المصالح ما نصّ على حُكمة الكتاب والسنة
كالعبادات والعقود والمعاملات، وهذا القسم لم يقتصر نصّ الشارع فيه على العزائم
فقط، بل ما من حكم من أحكام العبادات والمعاملات إلا وقد شرع إلى جانبه سبل
التيسير فيه. فالصلاة مثلا شرِعت أركانها وأحكامها الأساسية، وشرع إلى جانبها
أحكام ميسّرة لأدائها عند لحوق المشقة كالجمع والقصر والصلاة من جلوس. والصوم أيضا
شرع إلى جانب أحكامه الأساسية رخصةُ الفطر بالسفر والمرض. والطهارة من النجاسات في
الصلاة شرع معها رخصة العفو عما يشقّ الاحتراز منه. وأوجب الله سبحانه وتعالى
الحجابَ على المرأة، ثم نهى عن النظر إلى الأجنبية، ورخّص في كشف الوجه والنظر
إليه عند الخِطبة والعلاج، والتقاضي والإشهاد.
إذًا فليس في التيسير الذي شرعه الله سبحانه
وتعالى في مقابلة عزائم أحكامه ما يخلّ بالوفاق مع ضوابط المصلحة، ومعلومٌ أنه لا
يجوز الاستزادة في التخفيف على ما ورد به النص، كأن يقال: إنّ مشقة الحرب بالنسبة
للجنود تقتضي وضعَ الصلاة عنهم، أو يقال: إن مشقة التحرّز عن الربا في هذا العصر
تقتضي جوازَ التعامل به، أو يقال: إنّ مشقة التزام الحجاب في بعض المجتمعات تقتضي
أن يباحَ للمرأة التبرّج بدعوى عموم البلوى به[5].
الشبهة الثانية: الحجاب من عادات الجاهلية فهو
تخلف ورجعية:
قالوا: إن الحجاب كان من عادات العرب في
الجاهلية، لأنّ العرب طبِعوا على حماية الشّرف، ووأدوا البنات خوفًا من العار،
فألزموا النساء بالحجاب تعصبًا لعاداتهم القبلية التي جاء الإسلام بذمّها
وإبطالها، حتى إنّه أبطل الحجاب[6]، فالالتزام بالحجاب رجعية وتخلّف عن ركب
الحضارة والتقدم.
الجواب:
1- إن الحجاب الذي فرضه الإسلام على المرأة لم
يعرفه العرب قبل الإسلام، بل لقد ذمّ الله تعالى تبرّج نساء الجاهلية، فوجه نساء
المسلمين إلى عدم التبرج حتى لا يتشبهن بنساء الجاهلية، فقال جلّ شأنه: {وَقَرْنَ
فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ
ٱلأولَىٰ} [الأحزاب:33].
كما أن الأحاديث الحافلة بذمّ تغيير خلق الله
أوضحت أنّ وصلَ الشعر والتنمّص كان شائعًا في نساء اليهود قبل الإسلام، ومن
المعروف أنه مما تستخدمه المتبرّجات.
صحيح أن الإسلام أتى فأبطل عادات ذميمة للعرب،
ولكن بالإضافة إلى ذلك كانت لهم عادات جميلة أقرّها الإسلام فلم يبطلها، كإكرام
الضيف والجود والشجاعة وغير ذلك.
وكان من ضمن عاداتهم الذميمة خروج النساء متبرّجات
كاشفات الوجوه والأعناق، باديات الزينة، ففرض الله الحجاب على المرأة بعد الإسلام
ليرتقي بها ويصونَ كرامتها، ويمنع عنها أذى الفسّاق والمغرضين[7].
2- إذا كانت النساء المسلمات راضياتٍ بلباسهن
الذي لا يجعلهن في زمرة الرجيعات والمتخلفات فما الذي يضير التقدميين في ذلك؟!
وإذا كنّ يلبسن الحجاب ولا يتأفّفن منه فما الذي حشر التقدميين في قضية فردية
شخصية كهذه؟! ومن العجب أن تسمع منهم الدعوةَ إلى الحرية الشخصية وتقديسها، فلا
يجوز أن يمسّها أحد، ثم هم يتدخّلون في حرية غيرهم في ارتداء ما شاؤوا من
الثياب[8].
3- إنّ التخلف له أسبابه، والتقدم له أسبابه،
وإقحام شريعة الستر والأخلاق في هذا الأمر خدعة مكشوفة، لا تنطلي إلا على متخلّف
عن مستوى الفكر والنظر، ومنذ متى كان التقدّم والحضارة متعلّقَين بلباس الإنسان؟!
إنّ الحضارة والتقدم والتطور كان نتيجةَ أبحاث توصَّل إليها الإنسان بعقله وإعمال
فكره، ولم تكن بثوبه ومظهره[9].
الشبهة الثالثة: الحجاب وسيلة لإخفاء الشخصية:
يقول بعضهم: إنّ الحجابَ يسهّل عملية إخفاء
الشخصية، فقد يتستّر وراءه بعض النساء اللواتي يقترفن الفواحش[10].
الجواب:
1- يشرع للمرأة في الإسلام أن تستر وجهها لأن
ذلك أزكى وأطهر لقلوب المؤمنين والمؤمنات. وكل عاقل يفهم من سلوك المرأة التي
تبالغ في ستر نفسها حتى أنها لا تبدي وجهًا ولا كفا ـ فضلاً عن سائر بدنها ـ أن
هذا دليل الاستعفاف والصيانة، وكل عاقل يعلم أيضًا أن تبرج المرأة وإظهارها زينتها
يشعر بوقاحتها وقلة حيائها وهوانها على نفسها، ومن ثم فهي الأَولى أن يُساء بها
الظن بقرينة مسلكها الوخيم حيث تعرِض زينتها كالسلعة، فتجرّ على نفسها وصمة خُبث
النية وفساد الطوية وطمع الذئاب البشرية[11].
2- إنّ من المتواتر لدى الكافة أن المسلمة التي
تتحجب في هذا الزمان تذوق الويلات من الأجهزة الحكومية والإدارات الجامعية
والحملات الإعلامية والسفاهات من المنافقين في كل مكان، ثم هي تصبر على هذا كله
ابتغاء وجه الله تعالى، ولا يفعل هذا إلا مؤمنة صادقة رباها القرآن والسنة، فإذا
حاولت فاسقة مستهترة ساقطة أن تتجلبب بجلباب الحياء وتواري عن الأعين بارتداء شعار
العفاف ورمز الصيانة وتستر عن الناس آفاتها وفجورها بمظهر الحصان الرزان فما ذنب
الحجاب إذًا؟!
إن الاستثناء يؤيد القاعدة ولا ينقضها كما هو
معلوم لكلّ ذي عقل، مع أنّ نفس هذه المجتمعات التي يروَّج فيها هذه الأراجيف قد
بلغت من الانحدار والتردّي في مهاوي التبرّج والفسوق والعصيان ما يغني الفاسقات عن
التستّر، ولا يحوِجهنّ إلى التواري عن الأعين.
وإذا كان بعض المنافقين يتشدّقون بأنّ في هذا
خطرًا على ما يسمّونه الأمن فليبينوا كيف يهتزّ الأمن ويختلّ بسبب المتحجبات
المتسترات، مع أنه لم يتزلزل مرة واحدة بسبب السافرات والمتبرجات!![12].
3- لو أن رجلاً انتحل شخصية قائد عسكري كبير،
وارتدى بزته، وتحايل بذلك واستغل هذا الثوب فيما لا يباح له كيف تكون عقوبته؟! وهل
يصلح سلوكه مبررًا للمطالبة بإلغاء الزي المميّز للعسكريين مثلاً خشية أن يسيء أحد
استعماله؟!
وما يقال عن البزة العسكرية يقال عن لباس
الفتوّ، وزيّ الرياضة، فإذا وجد في المجتمع الجندي الذي يخون والفتى الذي يسيء
والرياضي الذي يذنب هل يقول عاقل: إنّ على الأمة أن تحارب شعارَ العسكر ولباس
الفتوّة وزيّ الرياضة لخيانات ظهرت وإساءات تكررت؟! فإذا كان الجواب: "لا"
فلماذا يقف أعداء الإسلام من الحجاب هذا الموقف المعادي؟! ولماذا يثيرون حوله
الشائعات الباطلة المغرضة؟![13].
4- إن الإسلام كما يأمر المرأة بالحجاب يأمرها
أن تكون ذات خلق ودين، إنه يربي من تحت الحجاب قبل أن يسدل عليها الجلباب، ويقول
لها: {وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ
خَيْرٌ} [الأعراف:26]، حتى تصل إلى قمة الطهر والكمال قبل أن تصل إلى قمة الستر
والاحتجاب، فإذا اقتصرت امرأة على أحدهما دون الآخر تكون كمن يمشي على رجل واحدة
أو يطير بجناح واحد.
إن التصدي لهؤلاء المستهترات ـ إذا وجدن ـ أن
تصدر قوانين صارمة بتشديد العقوبة على كل من تسوّل له نفسه استغلال الحجاب لتسهيل
الجرائم وإشباع الأهواء، فمثل هذا التشديد جائز شرعًا في شريعة الله الغراء التي
حرصت على صيانة النفس ووقاية العرض، وجعلتهما فوق كل اعتبار، وإذا كان التخوف من
سوء استغلال الحجاب مخطرة محتملة إلا أن المخطرة في التبرج والسفور بنشر الفاحشة
وفتح ذرائعها مقطوع بها لدى كل عاقل[14].
الشبهة الرابعة: عفة المرأة في ذاتها لا في
حجابها:
يقول البعض: إن عفة الفتاة حقيقة كامنة في
ذاتها، وليست غطاء يلقى ويسدل على جسمها، وكم من فتاة محتجبة عن الرجال في ظاهرها
وهي فاجرة في سلوكها، وكم من فتاة حاسرة الرأس كاشفة المفاتن لا يعرف السوء سبيلاً
إلى نفسها ولا إلى سلوكها[15].
الجواب:
إن هذا صحيح، فما كان للثياب أن تنسج لصاحبها
عفّة مفقودة، ولا أن تمنحه استقامة معدومة، وربَّ فاجرة سترت فجورها بمظهر سترها.
ولكن من هذا الذي زعم أن الله إنما شرع الحجاب
لجسم المرأة ليخلق الطهارة في نفسها أو العفة في أخلاقها؟! ومن هذا الذي زعم أن
الحجاب إنما شرعه الله ليكون إعلانًا بأن كل من لم تلتزمه فهي فاجرة تنحط في وادي
الغواية مع الرجال؟!
إن الله عز وجل فرض الحجاب على المرأة محافظة
على عفة الرجال الذين قد تقع أبصارهم عليها، وليس حفاظًا على عفتها من الأعين التي
تراها فقط، ولئن كانت تشترك معهم هي الأخرى في هذه الفائدة في كثير من الأحيان إلا
أن فائدتهم من ذلك أعظم وأخطر، وإلا فهل يقول عاقل تحت سلطان هذه الحجة المقلوبة:
إن للفتاة أن تبرز عارية أمام الرجال كلهم ما دامت ليست في شك من قوة أخلاقها وصدق
استقامتها؟!
إن بلاء الرجال بما تقع عليه أبصارهم من
مغرياتِ النساء وفتنتهن هو المشكلة التي أحوجت المجتمعَ إلى حلّ، فكان في شرع الله
ما تكفّل به على أفضل وجه، وبلاء الرجال إذا لم يجد في سبيله هذا الحلّ الإلهي ما
من ريب سيتجاوز بالسوء إلى النساء أيضًا، ولا يغني عن الأمر شيئًا أن تعتصم المرأة
المتبرجة عندئذ باستقامةٍ في سلوكها أو عفة في نفسها، فإن في ضرام ذلك البلاء
الهائج في نفوس الرجال ما قد يتغلّب على كل استقامة أو عفة تتمتّع بها المرأة إذ
تعرض من فنون إثارتها وفتنتها أمامهم[16].
الشبهة الخامسة: دعوى أن الحجاب من وضع
الإسلام:
زعم آخرون أن حجاب النساء نظام وضعه الإسلام
فلم يكن له وجود في الجزيرة العربية ولا في غيرها قبل الدعوة المحمدية[17].
الجواب:
1- إن من يقرأ كتب العهد القديم وكتب الأناجيل
يعلم بغير عناء كبير في البحث أن حجاب المرأة كان معروفًا بين العبرانيين من عهد
إبراهيم عليه السلام، وظل معروفًا بينهم في أيام أنبيائهم جميعًا، إلى ما بعد ظهور
المسيحية، وتكررت الإشارة إلى البرقع في غير كتاب من كتب العهد القديم وكتب العهد
الجديد.
ففي الإصحاح الرابع والعشرين من سفر التكوين عن
(رفقة) أنها رفعت عينيها فرأت إسحاق، فنزلت عن الجمل وقالت للعبد: من هذا الرجل
الماشي في الحقل للقائي، فقال العبد: هو سيدي، فأخذت البرقع وتغطت.
وفي النشيد الخامس من أناشيد سليمان تقول
المرأة: أخبرني يا من تحبه نفسي، أين ترعى عند الظهيرة؟ ولماذا أكون كمقنعة عند
قطعان أصحابك؟
وفي الإصحاح الثالث من سفر أشعيا: إن الله
سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن والمباهاة برنين خلاخيلهن بأن ينزع عنهن زينة
الخلاخيل والضفائر والأهلة والحلق والأساور والبراقع والعصائب.
وفي الإصحاح الثامن والثلاثين من سفر التكوين
أيضًا أن تامار مضت وقعدت في بيت أبيها، ولما طال الزمان خلعت عنها ثياب ترملها
وتغطت ببرقع وتلففت.
ويقول بولس الرسول في رسالته كورنثوس الأولى:
"إن النقاب شرف للمرأة، وكانت المرأة عندهم تضع البرقع على وجهها حين تلتقي
بالغرباء وتخلعه حين تنزوي في الدار بلباس الحداد[18].
فالكتب الدينية التي يقرؤها غير المسلمين قد
ذكرت عن البراقع والعصائب مالم يذكره القرآن الكريم.
2- وكان الرومان يسنون القوانين التي تحرم على
المرأة الظهور بالزينة في الطرقات قبل الميلاد بمائتي سنة، ومنها قانون عرف باسم
"قانون أوبيا" يحرم عليها المغالاة بالزينة حتى في البيوت[19].
3- وأما في الجاهلية فنجد أن الأخبار الواردة
في تستّر المرأة العربية موفورة كوفرة أخبار سفورها، وانتهاكُ سترها كان سببًا في
اليوم الثاني من أيام حروب الفجار الأول؛ إذ إن شبابًا من قريش وبني كنانة رأوا
امرأة جميلة وسيمة من بني عامر في سوق عكاظ، وسألوها أن تسفر عن وجهها فأبت،
فامتهنها أحدهم فاستغاثت بقومها.
وفي الشعر الجاهلي أشعار كثيرة تشير إلى حجاب
المرأة العربية، يقول الربيع بن زياد العبسي بعد مقتل مالك بن زهير:
من كان مسرورًا بمقتل مالك ***
فليـأت نسوتنا بوجه نهـار
يجد النسـاء حواسرًا يندبنه ***
يلطمن أوجههن بالأسحـار
قد كن يخبأن الوجـوه تسترًا ***
فاليوم حيـن برزن للنظـار
فالحالة العامّة لديهم أن النساء كن محجبات إلا
في مثل هذه الحالة حيث فقدن صوابهن فكشفن الوجوه يلطمنها، لأن الفجيعة قد تنحرف
بالمرأة عما اعتادت من تستر وقناع.
وقد ذكر الأصمعي أن المرأة كانت تلقي خمارها
لحسنها وهي على عفة[20].
وكانت أغطية رؤوس النساء في الجاهلية متنوعة
ولها أسماء شتى، منها:
الخمار: وهو ما تغطي به المرأة رأسها، يوضع على
الرأس، ويلفّ على جزء من الوجه.
وقد ورد في شعر صخر يتحدث عن أخته الخنساء:
والله لا أمنحها شرارها ***
ولو هلكت مزقت خمارها
وجعلت من شعر صدارها
ولم يكن الخمار مقصورًا على العرب، وإنما كان
شائعًا لدى الأمم القديمة في بابل وأشور وفارس والروم والهند[21].
النقاب: قال أبو عبيد: "النقاب عند العرب
هو الذي يبدو منه محجر العين، ومعناه أن إبداءهن المحاجر محدث، إنما كان النقاب
لاصقًا بالعين، وكانت تبدو إحدى العينين والأخرى مستوره"[22].
الوصواص: وهو النقاب على مارِن الأنف لا تظهر
منه إلا العينان، وهو البرقع الصغير، ويسمّى الخنق، قال الشاعر:
يا ليتها قد لبست وصواصًا
البرقع: فيه خرقان للعين، وهو لنساء العرب، قال
الشاعر:
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت فقد رابني منها
الغداة سفورها[23]
الشبهة السادسة: الاحتجاج بقاعدة: "تبدل
الأحكام بتبدّل الزمان":
فهم أعداء الحجاب من قاعدة: "تبدل الأحكام
بتبدل الزمان" وقاعدة: "العادة محكّمة" أنه ما دامت أعرافهم متطوّرة
بتطوّر الأزمان فلا بدّ أن تكون الأحكام الشرعية كذلك[24].
الجواب:
لا ريب أن هذا الكلام لو كان مقبولاً على ظاهره
لاقتضى أن يكون مصير شرعية الأحكام كلها رهنًا بيد عادات الناس وأعرافهم، وهذا لا
يمكن أن يقول به مسلم، لكن تحقيق المراد من هذه القاعدة أن ما تعارف عليه الناس
وأصبح عرفًا لهم لا يخلو من حالات:
1- إما أن يكون هو بعينه حكمًا شرعيًا أيضًا
بأن أوجده الشرع، أو كان موجودًا فيهم فدعا إليه وأكّده، مثال ذلك: الطهارة من
النجس والحدث عند القيام إلى الصلاة، وستر العورة فيها، وحجب المرأة زينتها عن
الأجانب، والقصاص والحدود وما شابه ذلك، فهذه كلها أمور تعدّ من أعراف المسلمين
وعاداتهم، وهي في نفس الوقت أحكام شرعية يستوجب فعلها الثواب وتركها العقاب، سواء
منها ما كان متعارفًا عليه قبل الإسلام ثم جاء الحكم الشرعي مؤيّدًا ومحسّنًا له
كحكم القسامة والديه والطواف بالبيت، وما كان غير معروف قبل ذلك، وإنما أوجده
الإسلام نفسه كأحكام الطهارة والصلاة والزكاة وغيرها.
فهذه الصورة من الأعراف لا يجوز أن يدخلها
التبديل والتغيير مهما تبدلت الأزمنة وتطورت العادات والأحوال؛ لأنها بحدّ ذاتها
أحكام شرعية ثبتت بأدلة باقية ما بقيت الدنيا، وليست هذه الصورة هي المعنية بقول
الفقهاء: "العادة محكَّمة".
2- وإما أن لا يكون حكمًا شرعيًا، ولكن تعلّق
به الحكم الشرعي بأن كان مناطًا له، مثال ذلك: ما يتعارفه الناس من وسائل التعبير
وأساليب الخطاب والكلام، وما يتواضعون عليه من الأعمال المخلّة بالمروءة والآداب،
وما تفرضه سنة الخلق والحياة في الإنسان مما لا دخل للإرادة والكليف فيه كاختلاف
عادات الأقطار في سن البلوغ وفترة الحيض والنفاس إلى غير ذلك.
فهذه الأمثلة أمور ليست بحد ذاتها أحكامًا
شرعية ولكنها متعلَّق ومناط لها، وهذه الصورة من العرف هي المقصودة من قول
الفقهاء: "العادة محكمة"، فالأحكام المبنيّة على العرف والعادة هي التي
تتغيّر بتغيّر العادة، وهنا فقط يصحّ أن يقال: "لا ينكر تبدّل الأحكام بتبدل الزمان"،
وهذا لا يعدّ نسخًا للشريعة، لأن الحكم باق، وإنما لم تتوافر له شروط التطبيق
فطبِّق غيره. يوضّحه أنّ العادة إذا تغيرت فمعنى ذلك أن حالة جديدة قد طرأت تستلزم
تطبيق حكم آخر، أو أن الحكم الأصلي باق، ولكن تغير العادة استلزم توافر شروط معينة
لطبيقه[25].
الشبهة السابعة: نساء خيِّرات كنّ سافرات:
احتجّ أعداء الحجاب بأن في شهيرات النساء
المسلمات على اختلاف طبقاتهن كثيرًا ممن لم يرتدين الحجاب ولم يتجنّبن الاختلاط
بالرجال.
وعمد المروجون لهذه الشبهة إلى التاريخ وكتب
التراجم، يفتشون في طولها وعرضها وينقبون فيها بحثًا عن مثل هؤلاء النساء حتى
ظفروا بضالتهم المنشودة ودرتهم المفقودة، فالتقطوا أسماء عدد من النساء لم يكن
يبالين ـ فيما نقلته الأخبار عنهن ـ أن يظهرن سافرات أمام الرجال، وأن يلتقين معهم
في ندوات أدبية وعلمية دونما تحرز أو تحرج[26].
الجواب:
1- من المعلوم والمتقرر شرعا أن الأدلة الشرعية
التي عليها تبنى الأحكام هي الكتاب والسنة والإجماع والقياس، فضمن أيّ مصدر من
مصادر التشريع تندرج مثل هذه الأخبار، خاصة وأنّ أغلبها وقع بعد من التشريع
وانقطاع الوحي؟![27].
2- وإذا علِم أن أحكام الإسلام إنما تؤخذ من نص
ثابت في كتاب الله تعالى أو حديث صحيح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو
قياس صحيح عليهما أو إجماع التقى عليه أئمة المسلمين وعلماؤهم لم يصحّ حينئذ
الاستدلال بالتصرّفات الفردية من آحاد الناس أو ما يسمّيه الأصوليون بـ"وقائع
الأحوال"، فإذا كانت هذه الوقائع الفردية من آحاد الناس لا تعتبر دليلاً
شرعيًا لأيّ حكم شرعيّ حتى لو كان أصحابها من الصحابة رضوان الله عليهم أو
التابعين من بعدهم فكيف بمن دونهم؟!
بل المقطوع به عند المسلمين جميعًا أن تصرفاتهم
هي التي توزن ـ صحة وبطلانًا ـ بميزان الحكم الإسلامي، وليس الحكم الإسلامي هو
الذي يوزن بتصرفاتهم ووقائع أحوالهم، وصدق القائل: لا تعرف الحقّ بالرجال، اعرف
الحقّ تعرف أهله[28].
3- ولو كان لتصرفات آحاد الصحابة أو التابعين
مثلاً قوة الدليل الشرعي دون حاجة إلى الاعتماد على دليل آخر لبطل أن يكونوا
معرّضين للخطأ والعصيان، ولوجب أن يكونوا معصومين مثل رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وليس هذا لأحد إلا للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أما من عداهم فحقَّ عليهم
قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كل بني آدم خطاء))، وإلاّ فما بالنا لا نقول
مثلاً: يحل شرب الخمر فقد وجِد فيمن سلف في القرون الخيِّرة من شربها؟![29].
4- وما بال هؤلاء الدعاة إلى السفور قد عمدوا
إلى كتب التاريخ والتراجم فجمعوا أسماء مثل هؤلاء النسوة من شتى الطبقات والعصور،
وقد علموا أنه كان إلى جانب كل واحدة منهن سواد عظيم وجمع غفير من النساء
المتحجّبات الساترات لزينتهن عن الأجانب من الرجال؟! فلماذا لم يعتبر بهذه الجمهرة
العظيمة ولم يجعلها حجة بدلاً من حال أولئك القلة الشاذة المستثناة؟!
يقول الغزالي: "لم تزل الرجال على مر
الأزمان تكشف الوجوه، والنساء يخرجن منتقبات أو يمنعن من الخروج"[30]، ويقول
ابن رسلان: "اتفق المسلمون على منع النساء من الخروج سافرات"[31].
ولماذا لم يحتج بمواقف نساء السلف من الصحابة
والتابعين ومن تبعهم بإحسان في تمسكهم بالحجاب الكامل واعتباره أصلاً راسخًا من
أصول البنية الاجتماعية؟![32].
الشبهة الثامنة: الحجاب كبت للطاقة الجنسية:
قالوا: إنّ الطاقة الجنسية في الإنسان طاقة
كبيرة وخطيرة، وخطورتها تكمن في كبتها، وزيادة الضغط يولّد الانفجار، وحجاب المرأة
يغطّي جمالها، وبالتالي فإنّ الشباب يظلون في كتب جنسيّ يكاد أن ينفجر أو ينفجر
أحيانًا على شكل حوادث الاغتصاب وغيرها، والعلاج لهذه المشكلة إنما يكمن في تحرير
المرأة من هذا الحجاب لكي ينفس الشباب الكبت الذي فيهم، وبالتالي يحدث التشبع لهذه
الحاجة، فيقلّ طبقًا لذلك خطورة الانفجار بسبب الكبت والاختناق[33].
الجواب:
1- لو كان هذا الكلام صحيحًا لكانت أمريكا
والدول الأوربية وما شاكلها هي أقلّ الدول في العالم في حوادث الاغتصاب والتحرّش
في النساء وما شاكلها من الجرائم الأخلاقية، ذلك لأن أمريكا والدول الأوربية قد
أعطت هذا الجانب عناية كبيرة جدًا بحجة الحرية الشخصية، فماذا كانت النتائج التي
ترتبت على الانفلات والإباحية؟ هل قلّت حوادث الاغتصاب؟ هل حدث التشبّع الذي
يتحدّثون عنه؟ وهل حُميت المرأة من هذه الخطورة؟
جاء في كتاب "الجريمة في أمريكا":
إنه تتم جريمة اغتصاب بالقوة كل ستة دقائق في أمريكا[34]. ويعني بالقوة: أي تحت
تأثير السلاح.
وقد بلغ عدد حالات الاغتصاب في أمريكا عام
1978م إلى مائة وسبعة وأربعين ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين حالة، لتصل في عام 1987م
إلى مائتين وواحد وعشرين ألف وسبعمائة وأربع وستين حالة. فهذه الإحصائيات تكذّب
هذه الدعوى[35].
2- إن الغريزة الجنسية موجودة في الرجال
والنساء، وهي سرّ أودعه الله تعالى في الرجل والمرأة لحِكَم كثيرة، منها استمرار
النسل. ولا يمكن لأحد أن ينكر وجود هذه الغريزة، ثم يطلب من الرجال أن يتصرفوا
طبيعيًا أمام مناظر التكشف والتعرّي دونما اعتبار لوجود تلك الغريزة[36].
3- إن الذي يدّعي أنه يمكن معالجة الكبت الجنسي
بإشاعة مناظر التبرّج والتعري ليحدث التشبع فإنه بذلك يصل إلى نتيجتين:
الأولى: أن هؤلاء الرجال الذين لا تثيرهم
الشهوات والعورات البادية من فئة المخصيّين، فانقطعت شهوتهم، فما عادوا يشعرون
بشيء من ذلك الأمر.
الثانية: أن هؤلاء الرجال الذين لا تثيرهم
العورات الظاهرة من الذين أصابهم مرض البرود الجنسي.
فهل الذين يدعون صدقَ تلك الشبهة يريدون من
رجال أمتنا أن يكونوا ضمن إحدى هاتين الطائفتين من الرجال؟![37].
الشبهة التاسعة: الحجاب يعطل نصف المجتمع:
قالوا: إن حجاب المرأة يعطل نصف المجتمع، إذ إن
الإسلام يأمرها أن تبقى في بيتها[38].
الجواب:
1- إن الأصل في المرأة أن تبقى في بيتها، قال
الله تعالى: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ
ٱلأولَىٰ} [الأحزاب:33]. ولا يعني هذا الأمر إهانة
المرأة وتعطيل طاقاتها، بل هو التوظيف الأمثل لطاقاتها[39].
2- وليس في حجاب المرأة ما يمنعها من القيام
بما يتعلق بها من الواجبات، وما يُسمح لها به من الأعمال، ولا يحول بينها وبين
اكتساب المعارف والعلوم، بل إنها تستطيع أن تقوم بكل ذلك مع المحافظة على حجابها
وتجنبها الاختلاط المشين.
وكثير من طالبات الجامعات اللاتي ارتدين الثوب
الساتر وابتعدن عن مخالطة الطلاب قد أحرزن قصب السبق في مضمار الامتحان، وكن في
موضع تقدير واحترام من جميع المدرسين والطلاب[40].
3- بل إن خروج المرأة ومزاحمتها الرجل في
أعماله وتركها الأعمال التي لا يمكن أن يقوم بها غيرها هو الذي يعطل نصف المجتمع،
بل هو السبب في انهيار المجتمعات وفشو الفساد وانتشار الجرائم وانفكاك الأسَر، لأن
مهمة رعاية النشء وتربيتهم والعناية بهم ـ وهي من أشرف المهام وأعظمها وأخطرها ـ
أضحت بلا عائل ولا رقيب.
الشبهة العاشرة: التبرج أمر عادي لا يلفت
النظر:
يدّعي أعداء الحجاب أن التبرج الذي تبدو به
المرأة كاسية عارية لا يثير انتباه الرجال، بينما ينتبه الرجال عندما يرون امرأة
متحجبة حجابًا كاملاً يستر جسدها كله، فيريدون التعرّف على شخصيتها ومتابعتها؛
لأنّ كلَّ ممنوع مرغوب[41].
الجواب:
1- ما دام التبرج أمر عادي لا يلفت الأنظار ولا
يستهوي القلوب فلماذا تبرّجت؟! ولمن تبرجت؟! ولماذا تحمّلت أدوات التجميل وأجرة
الكوافير ومتابعة الموضات؟![42].
2- وكيف يكون التبرج أمرًا عاديًا ونرى أن
الأزواج ـ مثلاً ـ تزداد رغبتهم في زوجاتهم كلما تزينّ وتجمّلن، كما تزداد الشهوة
إلى الطعام كلما كان منسقًا متنوعًا جميلاً في ترتيبه ولو لم يكن لذيذ
الطعم؟![43].
3- إن الجاذبية بين الرجل والمرأة هي الجاذبية
الفطرية، لا تتغير مدى الدهر، وهي شيء يجري في عروقهما، وينبه في كل من الجنسين
ميوله وغرائزه الطبيعية، فإن الدم يحمل الإفرازات الهرمونية من الغدد الصماء
المختلفة، فتؤثر على المخ والأعصاب وعلى غيرها، بل إن كل جزء من كل جسم يتميز عما
يشبهه في الجنس الآخر؛ ولذلك تظهر صفات الأنوثة في المرأة في تركيب جسمها كله وفي
شكلها وفي أخلاقها وأفكارها وميولها، كما تظهر مميزات الذكورة في الرجل في بدنه
وهيئته وصوته وأعماله وميوله. وهذه قاعدة فطرية طبيعية لم تتغير من يوم خلق الله
الإنسان، ولن تتغير حتى تقوم الساعة[44].
4- أودع الله الشبق الجنسي في النفس البشرية
سرًّا من أسراره، وحكمة من روائع حكمه جلّ شأنه، وجعل الممارسة الجنسية من أعظم ما
ينزع إليه العقل والنفس والروح، وهي مطلب روحي وحسي وبدني، ولو أن رجلاً مرت عليه
امرأة حاسرة سافرة على جمال باهر وحسن ظاهر واستهواء بالغ ولم يلتفت إليها وينزع
إلى جمالها يحكم عليه الطب بأنه غير سوي وتنقصه الرغبة الجنسية، ونقصان الرغبة
الجنسية ـ في عرف الطب ـ مرض يستوجب العلاج والتداوي[45].
5- إن أعلى نسبة من الفجور والإباحية والشذوذ
الجنسي وضياع الأعراض واختلاط الأنساب قد صاحبت خروج النساء مترجات كاسيات عاريات،
وتتناسب هذه النسبة تناسبًا طرديًا مع خروج النساء على تلك الصورة المتحللة من كل
شرف وفضيلة، بل إن أعلى نسبة من الأمراض الجنسية ـ كالأيدز وغيره ـ في الدول
الإباحية التي تزداد فيها حرية المرأة تفلّتًا، وتتجاوز ذلك إلى أن تصبح همجية
وفوضى، بالإضافة إلى الأمراض والعقد النفسية التي تلجئ الشباب والفتيات للانتحار
بأعلى النسب في أكثر بلاد العالم تحللاً من الأخلاق[46].
6- أما أن العيون تتابع المتحجبة الساترة
لوجهها ولا تتابع المتبرجة فإن المتحجبة تشبه كتابًا مغلقًا، لا تعلم محتوياته
وعدد صفحات وما يحمله من أفكار، فطالما كان الأمر كذلك، فإنه مهما نظرنا إلى غلاف
الكتاب ودققنا النظر فإننا لن نفهم محتوياته، ولن نعرفها، بل ولن نتأثر بها، وبما
تحمله من أفكار، وهكذا المتحجبة غلافها حجابها، ومحتوياتها مجهولة بداخله، وإن
الأنظار التي ترتفع إلى نورها لترتد حسيرة خاسئة، لم تظفر بِشَروَى[47] نقير ولا
بأقلّ القليل.
أما تلك المتبرجة فتشبه كتابًا مفتوحًا تتصفّحه
الأيدي، وتتداوله الأعين سطرًا سطرًا، وصفحة صفحة، وتتأثّر بمحتوياته العقول، فلا
يترك حتى يكون قد فقد رونق أوراقه، فتثنت بل تمزق بعضها، إنه يصبح كتابًا قديمًا
لا يستحق أن يوضع في واجهة مكتبة بيت متواضعة، فما بالنا بواجهة مكتبة
عظيمة؟![48].
الشبهة الحادية عشرة: السفور حقّ للمرأة والحجاب
ظلم:
زعموا أن السفور حقّ للمرأة، سلبها إياه
المجتمع، أو سلبها إياه الرجل الأناني المتحجر المتزمت، ويرون أن الحجاب ظلم لها
وسلب لحقها[49].
الجواب:
1- لم يكن الرجل هو الذي فرض الحجاب على المرأة
فترفع قضيتها ضدّه لتتخلّص من الظلم الذي أوقعه عليها، كما كان وَضعُ القضية في
أوربا بين المرأة والرجل، إنما الذي فرض الحجاب على المرأة هو ربها وخالقها الذي
لا تملك ـ إن كانت مؤمنة ـ أن تجادله سبحانه فيما أمر به أو يكون لها الخيرة في
الأمر، {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ
أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَـٰلاً مُّبِينًا}
[الأحزاب:36][50].
2- إن الحجابَ في ذاته لا يشكل قضية، فقد فرض
الحجاب في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونفذ في عهد، واستمر بعد ذلك ثلاثة
عشر قرنًا متوالية وما من مسلم يؤمن بالله ورسوله يقول: إن المرأة كانت في عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم مظلومة.
فإذا وقع عليها الظلم بعد ذلك حين تخلّف
المسلمون عن عقيدتهم الصحيحة ومقتضياتها فلم يكن الحجاب ـ بداهة ـ هو منبع الظلم
ولا سببه ولا قرينه، لأنه كان قائمًا في خير القرون على الإطلاق، وكان قرين
النظافة الخلقية والروحية، وقرين الرفعة الإنسانية التي لا مثيل لها في تاريخ
البشرية كله[51].
الشبهة الثانية عشرة: الحجاب رمز للغلو والتعصب
الطائفي والتطرف الديني:
زعم أعداء الحجاب أن حجاب المرأة رمز من رموز
التطرف والغلو، وعلامة من علامات التنطع والتشدد، مما يسبب تنافرا في المجتمع
وتصادما بين الفئتين، وهذا قد يؤول إلى الإخلال بالأمن والاستقرار.
الجواب:
1- هذه الدعوى مرفوضة من أساسها، فالحجاب ليس
رمزا لتلك الأمور، بل ولا رمزا من الرموز بحال، لأن الرمز ما ليس له وظيفة إلا
التعبير عن الانتماء الديني لصاحبه، مثل الصليب على صدر المسيحي أو المسيحية،
والقلنسوة الصغيرة على رأس اليهودي، فلا وظيفة لهما إلا الإعلان عن الهوية. أما
الحجاب فإن له وظيفة معروفة وحِكَما نبيلة، هي الستر والحشمة والطهر والعفاف، ولا
يخطر ببال من تلبسه من المسلمات أنها تعلن عن نفسها وعن دينها، لكنها تطيع أمر
ربها، فهو شعيرة دينية، وليس رمزا للتطرف والتنطع.
ثم إن هذه الفرية التي أطلقوها على حجاب المرأة
المسلمة لماذا لم يطلقوها على حجاب الراهبات؟! لماذا لم يقولوا: إن حجابَ
اليهوديات والنصرانيات رمز للتعصب الديني والتميز الطائفي؟! لماذا لم يقولوا: إن
تعليق الصليب رمز من رموز التطرف الديني وهو الذي جرّ ويلات الحروب الصليبية؟!
لماذا لم يقولوا: إن وضع اليهودي القلنسوة الصغيرة على رأسه رمز من رموز التطرف
الديني وبسببه يحصل ما يحصل من المجازر والإرهاب في فلسطين المحتلة؟!
2- إن هذه الفرية يكذّبها التاريخ والواقع،
فأين هذه المفاسد المزعومة والحجاب ترتديه المرأة المسلمة منذ أكثر من أربعة عشر
قرنا؟!
3- إن ارتداء المرأة للحجاب تم من منطلق عقدي
وقناعة روحية، فهي لم تلزَم بالحجاب بقوة الحديد والنار، ولم تدعُ غيرها إلى
الحجاب إلا بالحكمة والحجج الشرعية والعقلية، بل عكس القضية هو الصحيح، وبيان ذلك
أن إلزام المرأة بخلع حجابها وجعل ذلك قانونا وشريعة لازمة هو رمز التعصب والتطرف
اللاديني، وهذا هو الذي يسبب التصادم وردود الأفعال السيئة، لأنه اعتداء على
الحرية الدينية والحرية الشخصية.
-----------------
شبهات حول المرأة :
أولاً : الحجاب
[1] عودة الحجاب: محمد أحمد إسماعيل المقدم
(3/391).
[2] أخرجه البخاري في الإيمان، باب: الدين يسر
(39).
[3] أخرجه مسلم في الجهاد (1732).
[4] عودة الحجاب (3/393).
[5] انظر: عودة الحجاب (3/395-396).
[6] المتبرجات للزهراء فاطمة بنت عبد الله
(122).
[7] انظر: المتبرجات (122).
[8] المتبرجات (124) بتصرف.
[9] المترجات (124-125).
[10] عودة الحجاب (3/412).
[11] عودة الحجاب (3/412-413) باختصار.
[12] عودة الحجاب (3/412-413).
[13] إلى كل أب غيور يؤمن بالله لعبد الله ناصح
علوان (44)، انظر: عودة الحجاب (3/414).
[14] عودة الحجاب (3/415).
[15] إلى كل فتاة تؤمن بالله. د.محمد سعيد
البوطي (97).
[16] إلى كل فتاة تؤمن بالله (97-99).
[17] يا فتاة الإسلام اقرئي حتى لا تخدعي للشيخ
صالح البليهي (124).
[18] يا فتاة الإسلام (128-126) باختصار.
[19] يا فتاة الإسلام (126).
[20] المرأة بين الجاهلية والإسلام، محمد
الناصر وخولة درويش (169، 170).
[21] المرأة بين الجاهلية والإسلام (171).
[22] غريب الحديث (2/440-441)، عند شرح قول ابن
سيرين: "النقاب محدث".
[23] انظر: المرأة بين الجاهلية والإسلام
(171-172)..
[24] عودة الحجاب (3/403).
[25] عودة الحجاب (3/403-404). [26] عودة الحجاب (3/409).
[27] عودة الحجاب (3/409).
[28] عودة الحجاب (3/409-410).
[29] عودة الحجاب (3/410).
[30] إحياء علوم الدين (2/74).
[31] انظر: عون المعبود (4/106).
[32] عودة الحجاب (3/410-411).
[33] أختي غير المحجبة ما المانع من الحجاب؟
لعبد الحميد البلالي (7).
[34] هذا بالنسبة لعام (1988م) على ما في
الكتاب.
[35] أختي غير المحجبة (8، 10) بتصرف.
[36] أختي غير المحجبة (12).
[37] أختي غير المحجبة (12-13).
[38] أختي غير المحجبة (64).
[39] أختي غير المحجبة (64).
[40] يا فتاة الإسلام اقرئي (39-40).
[41] المتبرجات (117).
[42] المتبرجات (117).
[43] المتبرجات (117).
[44] التبرج لنعمت صافي (23-24).
[45] الفتاوى للشيخ محمد متولي الشعراوي
بمشاركة: د.السيد الجميلي. انظر: المتبرحات (119-120)
[46] المتبرجات (120) وللمزيد من ذلك انظر:
المرأة المتبرجة وأثرها السيئ في الأمة لعبد الله التليدي (12-25).
[47] الشَّروى كجدوى: المثل. (القاموس المحيط،
مادة: شرى).
[48] المتبرجات (118).
[49] قضية تحرير المرأة لمحمد قطب (21).
[50] قضية تحرير المرأة (19).
[51] قضية تحرير المرأة لمحمد قطب (19-20).
=====================
مواجهات بين
الإسلام وأعداء المرأة
بسم الله الرحمن الرحيم
درج اعداء الإسلام منذ قيامه على مهاجمته و
محاولة الصاق تهم به هو منها براء .... و لعل من اطرف وسائلهم فى ابتكار الاكاذيب
: نزع جلودهم القذرة و الصاقها ب الإسلام ثم مهاجمتها ...!!!
و فى هذا الموضوع نناقش احدى تلك القضايا التى
اثارها اعداء الإسلام بهذه الطريقة ذرا للرماد فى العيون عن حقيقة عقائدهم الوثنية
و عاداتهم التى اختلط فيها عهر النساء بدياثة الرجال .
ذلك هو : قضية المرأة و حقوقها
ادعى اعداؤنا إن الإسلام قد سلب من المراة كل ما لها من حقوق و
الغى ادميتها و جعل منها اداة للمتعة و غيرها من الاتهامات التى القيت جزافا .
لكن بداية و قبل ان ابدا موضوعى و مناقشتى فقد
حددت هدفه موجها اياه الى طرفين : المسلمون ثم الطرف الاخر هو ( اليهود و النصارى
) .
فالموضوع لم اكتبه لمناقشة العلمانيين او
الملحدين .
ذلك اننا لو قبلنا هجوما من هؤلاء الملحدين على
موقف الإسلام من المراة فمن المستحيل ان نتقبله من اليهود و النصارى .
ذلك ان العلمانى الذى لا دين له ليس له فكرة
محددة او تصور مسبق ثابت يمكننا مناقشته من خلاله فى وجهة نظره فى الحقوق المفترضة
للمراة .
اما اليهود و النصارى : فبين ايدينا كتبهم التى
يؤمنون بها و احتوت على ما يرون انه امر الله فى التعامل مع النساء .
و فى هذا الموضوع مناقشتنا ستكون حول :
المقارنة بين وضع المرأة فى الإسلام ووضعها فى اليهودية و النصرانية .
بماذا نبدأ ؟؟؟؟
فلنبدأ من اكثر النقاط شهرة ... المرأة ...
انسان ام اداة للهو و المتعة ؟؟؟ بين الإسلام و اليهودية و النصرانية .
و لنبدأ بموقف الإسلام من المراة ....
و كما يعلم الجميع : ان مصدر المسلمين و معينهم
هو القران و السنة ... و سيكونان مرجعنا فى المناقشة عن موقف الإسلام و قد نضيف
بعض الحوادث التاريخية .
فماذا يقول القران فى تلك المسألة ؟؟؟
نجد فى سورة النساء :
الآية: 124 {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو
أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا}.
و فى سورة النحل :
الآية: 97 {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو
مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون}.
و فى سورة غافر :
{ يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع وإن
الآخرة هي دار القرار، من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو
أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب }
فيا سبحان الله ...!!! هذا هو قول القران الفصل
.
مقياس التفاضل بين البشر جميعا رجالا او نساءا
على قدم المساواة هو : الايمان و العمل الصالح .
فاذا اتجهنا الى سنة رسول الله صلى الله عليه و
سلم وجدنا المزيد ...
يقول المعصوم صلى الله عليه و سلم : ( إنما
النساء شقائق الرجال) و فسر العلماء كلمة ( شقائق ) بالامثال ... فالنساء فى
التكاليف و فى الحساب و العقاب و الثواب سواء مع الرجال .
و انطلاقا من هذه المفاهيم الإسلامية الاصيلة شهد التاريخ اسماء بنت ابى
بكر رضى الله عنها تلك الفتاة المسلمة التى تربت على يد خير خلق الله - محمد صلى
الله عليه و سلم - تقف ثابتة الجنان امام الطاغية الكافر ابو جهل و هو يعنفها و
يسالها عن مكان رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يصفعها صفعة تنشق لها اذنها و
يسقط قرطها لشدة الصفعة فلا تهتز تلك الفتاة و لا تضطرب .... ثم يشهدها التاريخ و
هى تحمل الطعام فى غفلة من الكفار الى رسول الله صلى الله عليه و سلم و صاحبه فى
الغار .
و يشهد التاريخ تلك المسلمة : نسيبة بنت كعب
...
تلك المراة التى حملت السيف و قاتلت فى غزوة
احد و فاقت بطولتها شجاعة صناديد قريش من المشركين ... تلك المراة التى شهد لها
رسول الله صلى الله عليه و سلم و شهد لها الفاروق عمر رضى الله عنه...
و يذكر القران بالتعظيم و التوقير نماذجا لنساء
ارتقين بطاعتهن لله فيقول عز وجل فى سورة التحريم :
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا
اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي
الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ {11} وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا
فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ
وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ {12 )
ذلك هو مقياس الافضلية فى الإسلام ... التقوى و
الطاعة ... و ليس الجنس .
فاذا كان هذا هو موقف الإسلام و صور لنساء
تربين على الإسلام ... فما موقف اعدائه ؟؟؟ و ما هى صورة المراة التى افرزها و
يفرزها العهد القديم و العهد الجديد ؟؟؟
لنقرا عن تلك الصورة للمراة كما تراها كتب
اليهود و النصارى المقدسة .... لنقرا عن المرأة - البطلة - او بطولة المرأة كما
تصفها كتب اليهود و النصارى .
يبدأ موقف اليهودية و النصرانية من المرأة من
لدن امنا حواء .... فقد حملها العهد القديم وزر الخطيئة الاولى بالكامل .
و لنقرأ من العهد القديم سفر التكوين ذلك
الحوار بين اله الكتاب المقدس و بين ادم ( الرجل الاول ) و حواء ( المرأة الاولى )
و الحية ( الشيطان ) :
11 فقال من اعلمك انك عريان.هل اكلت من الشجرة
التي اوصيتك ان لا تأكل منها.
12 فقال آدم المرأة التي جعلتها معي هي اعطتني
من الشجرة فأكلت.
13 فقال الرب الاله للمرأة ما هذا الذي
فعلت.فقالت المرأة الحيّة غرّتني فاكلت.
14 فقال الرب الاله للحيّة لانك فعلت هذا
ملعونة انت من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية.على بطنك تسعين وترابا تأكلين كل
ايام حياتك.
15 واضع عداوة بينك وبين المرأة وبين نسلك
ونسلها.هو يسحق راسك وانت تسحقين عقبه.
16 وقال للمرأة تكثيرا اكثر اتعاب حبلك.بالوجع
تلدين اولادا.والى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك.
17 وقال لآدم لانك سمعت لقول امرأتك وأكلت من
الشجرة التي اوصيتك قائلا لا تأكل منها ملعونة الارض بسببك.بالتعب تأكل منها كل
ايام حياتك.
18 وشوكا وحسكا تنبت لك وتأكل عشب الحقل.
19 بعرق وجهك تأكل خبزا حتى تعود الى الارض
التي أخذت منها.لانك تراب والى تراب تعود
نقرا بوضوح من هذا النص من العهد القديم ان خطأ
ادم كان بسبب حواء ..!!! و ما عوقب ادم الا ل( سماعه لقول امرأته )...!!! فالشيطان
اغوى المراة و المراة اغوت ادم ...!!!
و هكذا صار حمل المرأة وولادتها عقابا لها على
اغوائها لادم ...!!! و هكذا يرينا النص نقطة مهمة من نظرة اليهود و النصارى الى
المراة .
انها فى نظرهم ( عميل الشيطان ) لاغواء الرجل
...!!! فهى السبب فى اخراج الرجل الاول ( ادم ) من الجنة .
و لنقارن ايها الاخوة بين هذا النص و بين ما
ورد فى القران الكريم الذى اكد المسئولية الفردية عن الخطأ و لم يجعل الذنب ذنب
حواء ...
لنقرا من سورة طه :
( وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ
وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا {115} وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا
لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى {116} فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا
عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى
{117} إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى {118} وَأَنَّكَ لَا
تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى {119} فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا
آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى {120}
فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ
عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى {121})
و السؤال ... ايهما اكرم المراة ؟؟؟
اليهود و النصارى الذين ( لبسوا الخطيئة )
بالكامل لحواء و بناتها ...!!! اما القران الذى نفى عنها هذه التهمة و جعل
المسئولية و الامانة و التكليف مشتركة ؟؟
ثمة ملاحظة اخرى فى نفس النص ...
ان الكتاب ( المقدس ؟؟!!!) يعلن بوضوح ان الحمل
و الولادة و الامهما عقاب للمرأة على اغوائها لادم ...!!! و على هذا فكلما حملت
امرأة او اشتاقت الى رجلها فعليها ان تتذكر ان هذا عقاب لها على ذنبها و جرمها فى
حق الرجل الذى اخرجته من الجنة ...!!!
فاين هذا من القران الذى جعل هذه الالام فضيلة
لها و سببا لاكرامها ؟؟
يقول القران الكريم فى سورة لقمان :
( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ
لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ {14} وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ
بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا
مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ
فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ {15})
و بهذا الوهن و الضعف و الام الحمل قدم رسول
الله صلى الله عليه و سلم حسن صحبتها على حسن صحبة الوالد .
فعن أبي هريرة –
رضي الله عنه –
قال : { جاء رجل فقال : يارسول الله من أحقُّ الناس بحسن صحابتي ؟؟ قال : أُمُّك
قال : ثم مَنْ قال : أمك قال : ثم مَنْ ؟؟ قال أُمُّك قال ثم مَنْ قال : أبوك }
و لا زال السؤال ساريا ... من انصف المرأة ؟؟؟
و العجيب ان اضطهاد المرأة و قهرها ليس فقط
باشعارها ان حملها وولادتها و الامها عقابا على خطيئتها بل يمتد هذا الاضطهاد الى
حالة ما اذا انجبت انثى ...!!!
و لنرى من الكتاب المقدس ما يحدث للمراة التى
تنجب انثى و نقارنه بتلك التى تنجب ذكرا ....!!!
يقول الكتاب ( المقدس ) فى سفر اللاويين :
2 كلم بني اسرائيل قائلا.اذا حبلت امرأة وولدت
ذكرا تكون نجسة سبعة ايام.كما في ايام طمث علتها تكون نجسة.
3 وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته
4 ثم تقيم ثلاثة وثلاثين يوما في دم تطهيرها.كل
شيء مقدس لا تمسّ والى المقدس لا تجيء حتى تكمل ايام تطهيرها.
5 وان ولدت انثى تكون نجسة اسبوعين كما في
طمثها.ثم تقيم ستة وستين يوما في دم تطهيرها.
6 ومتى كملت ايام تطهيرها لاجل ابن او ابنة تأتي
بخروف حولي محرقة وفرخ حمامة او يمامة ذبيحة خطية الى باب خيمة الاجتماع الى
الكاهن
هكذا ...!!! المرأة ( نجسة ) طوال ايام طمثها
ثم عندما تلد تصير ( نجسة ) ...!!!
فاين هذا من قول رسول الله صلى الله عليه و سلم
( لا ينجس المؤمن حيا و لا ميتا ) ...؟؟؟؟
و الاغرب : كون المراة التى تلد انثى ( نجسة )
ضعف الفترة التى تبقى فيها ( نجسة ) حال ولادتها ذكرا ...!!!
لا زال السؤال يلح بقوة ... ايهما انصف المرأة
؟؟؟
فاذا كنا قد ذكرنا امثلة حية من التاريخ الإسلامى لنساء تربين فى مدرسة القران و السنة
ففى المقابل دعونا نبحث عن امثلة لنساء افتخرت بهن كتب اليهود و النصارى و جعلت
منهن بطلات و امثلة تحتذى لجميع نسائهم .
فلنبدأ بامرأة خلدتها التوراة - العهد القديم -
فى سفر كامل افرد لها و باسمها ليحكى قصتها ...
يهوديت .... تلك المرأة اليهودية التى نجحت فى
سطر اسمها فى الكتاب المقدس ... تلك المراة التى يردد ملايين اليهود و النصارى
قصتها فى قراءتهم لكتبهم المقدسة ... بل و يتعبدون بتلك القراءة ...
ترى من هى تلك البطلة ؟؟؟ و ما هى جلائل
الاعمال التى قامت بها لتستحق كل هذا التقدير ؟؟؟
لنقرا قصتها من ذلك السفر المسجل باسمها ...
يصفها ذلك السفر قائلا :
4 و كانت يهوديت قد بقيت ارملة منذ ثلاث سنين و
ستة اشهر
5 و كانت قد هيات لها في اعلى بيتها غرفة سرية
و كانت تقيم فيها مع جواريها و تغلقها
6 و كان على حقويها مسح و كانت تصوم جميع ايام
حياتها ما خلا السبوت و رؤوس الشهور و اعياد ال اسرائيل
ثم يقول :
8 و كانت لها شهرة بين جميع الناس من اجل انها
كانت تتقي الرب جدا و لم يكن احد يقول عليها كلمة سوء
و لا ينسى ذلك السفر ان يصف جمالها الاخاذ
فيقول :
7 و كانت جميلة المنظر جدا و قد ترك لها بعلها
ثروة واسعة و حشما كثيرين و املاكا مملوءة باصورة البقر و قطعان الغنم
الى هنا نجد ان تلك المراة امرأة مثالية ...
فهى تتقى الله و لا يشوب سمعتها شائبة و ليس للناس اى مأخذ عليها .
فما هى حقيقة تلك التقوى و تلك الاوصاف الجليلة
؟؟؟ و ما هو العمل العظيم الذى جعل من تلك المرأة تحوذ سفرا كاملا من اسفار العهد
القديم ؟؟؟ الواقع ان تلك المرأة ظهرت فى ظروف قرر فيها اليهود تسليم مدينتها الى
الاشوريين ... فغضبت و قررت التدخل لمحاولة منع هذه الهزيمة من الحلول بشعب الله
المختار ... و يمضى ذلك السفر فيصف صلاتها و تضرعها لكى توفق فيما هى مقبلة عليه
من عمل بطولى ... فماذا كان ذلك العمل و تلك البطولة التى قامت بها يهوديت ؟؟؟
لنقرا من سفرها :
2 و دعت وصيفتها و نزلت الى بيتها و القت عنها
المسح و نزعت عنها ثياب ارمالها
3 و استحمت و ادهنت باطياب نفيسة و فرقت شعرها
و جعلت تاجا على راسها و لبست ثياب فرحها و احتذت بحذاء و لبست الدمالج و السواسن
و القرطة و الخواتم و تزينت بكل زينتها
4 و زادها الرب ايضا بهاء من اجل ان تزينها هذا
لم يكن عن شهوة بل عن فضيلة و لذلك زاد الرب في جمالها حتى ظهرت في عيون الجميع
ببهاء لا يمثل
5 و حملت وصيفتها زق خمر و اناء زيت و دقيقا و
تينا يابسا و خبزا و جبنا و انطلقت
6 فلما بلغتا باب المدينة وجدتا عزيا و شيوخ
المدينة منتظرين
7 فلما راوها اندهشوا و تعجبوا جدا من جمالها
فيؤيدها شيوخ اليهود فيما علموا انها مقبلة
عليه ...!!!
8 (غير انهم لم يسالوها عن شيء بل تركوها تجوز
قائلين اله ابائنا يمنحك نعمة و يؤيد كل مشورة قلبك بقوته حتى تفتخر بك اورشليم و
يكون اسمك محصى في عداد القديسين و الابرار...!!!!)
ثم يمضى ذلك السفر فى وصف العمل البطولى الذى
حملته تلك المراة على عاتقها ....!!! فهو يصف خداعها لقائد جيوش الاشوريين بجمالها
و بالخمر حتى تستدرجه بهاتين الوسيلتين الرخيصتين الى الفراش ...!!! و حين يصيبه
الضعف و ينام تقوم بالاجهاز عليه ...!!!
لنقرأ :
12 فدخل حينئذ بوغا على يهوديت و قال لا تحتشمي
ايتها الفتاة الصالحة ان تدخلي على سيدي و تكرمي امام وجهه و تاكلي معه و تشربي
خمرا بفرح
13 فاجابته يهوديت من انا حتى اخالف سيدي
14 كل ما حسن و جاد في عينيه فانا اصنعه و كل
ما يرضى به فهو عندي حسن جدا كل ايام حياتي
15 ثم قامت و تزينت بملابسها و دخلت فوقفت
امامه
16 فاضطرب قلب اليفانا لانه كان قد اشتدت شهوته
17 و قال لها اليفانا اشربي الان و اتكئي بفرح
فانك قد ظفرت امامي بحظوة
18 فقالت يهوديت اشرب يا سيدي من اجل انها قد
عظمت نفسي اليوم اكثر من جميع ايام حياتي
19 ثم اخذت و اكلت و شربت بحضرته مما كانت قد
هياته لها جاريتها
20 ففرح اليفانا بازائها و شرب من الخمر شيئا
كثيرا جدا اكثر مما شرب في جميع حياته
1 و لما امسوا اسرع عبيده الى منازلهم و اغلق
بوغا ابواب المخدع و مضى
2 و كانوا جميعهم قد ثقلوا من الخمر
3 و كانت يهوديت وحدها في المخدع
4 و اليفانا مضطجع على السرير نائما لشدة سكره
5 فامرت يهوديت جاريتها ان تقف خارجا امام
المخدع و تترصد
6 و وقفت يهوديت امام السرير و كانت تصلي
بالدموع و تحرك شفتيها و هي ساكتة
7 و تقول ايدني ايها الرب اله اسرائيل و انظر
في هذه الساعة الى عمل يدي حتى تنهض اورشليم مدينتك كما وعدت و انا اتم ما عزمت
عليه واثقة باني اقدر عليه بمعونتك
8 و بعد ان قالت هذا دنت من العمود الذي في راس
سريره فحلت خنجره المعلق به مربوطا
9 و استلته ثم اخذت بشعر راسه و قالت ايدني
ايها الرب الاله في هذه الساعة
10 ثم ضربت مرتين على عنقه فقطعت راسه و نزعت
خيمة سريره عن العمد و دحرجت جثته عن السرير
و هكذا صارت هذه العاهرة القديسة نموذجا يحتذى
لبطولة المرأة فى الكتاب المقدس ...!!! و هذا هو دور المرأة كما يراه اليهود و
النصارى ...!!!
اداة للجنس و المتعه لهم .... ووسيلة رخيصة
للحرب و التسلل الى فراش اعدائهم ...!!!
و لعل البعض يظن ان يهوديت كانت العاهرة
الوحيدة التى دخلت الكتاب المقدس من اوسع ابوابه ... باب الجنس و العهر .... الا
ان هذا غير حقيقى ... توجد اخرى نجحت فى انتزاع سفر اخر من اسفار الكتاب المقدس
باسمها ...!!! حتى لكأن الكتاب المقدس صار كتابا يتتبع اخبار الساقطات و قصص
الشذوذ و العهر ...!!!
و تلك الاخرى هى استير ... تلك المرأة ( البطلة
) التى نجحت فى انقاذ شعب الله المختار من اعدائه مستفيدة بمواهبها ( الجنسية ) الخارقة
...!!!! و منعا للتطويل فاننا نحيل القارئ مباشرة الى سفر استير ليقرأ قصة تلك
العاهرة البطلة ....
و لمن لا يملك ذلك الكتاب ( المقدس ) يمكنه
قراءة قصة العاهرة فى اى رواية من روايات ( الف ليلة و ليله ) مع ابدال اسم (
شهرزاد ) باسم ( استير ) ...!!! سفران من اسفار الكتاب المقدس تم تسميتهما باسماء
عاهرتين ...!!!
و مع هذا ظل اسمه ( الكتاب المقدس ) ....!!!
ثم بطلة اخرى من بطلات الكتاب المقدس تم
تكريمها فى العهد القديم و نجحت فى انتزاع الحظوة لدى بولس - كبير محرفى دين
المسيح -
راحاب الزانية الجاسوسة ...!!!
اعطاها العهد القديم التكريم و حق الحياة بعد
ابادة اهل مدينتها بالكامل :
يشوع 6:17 فتكون المدينة وكل ما فيها محرّما
للرب.راحاب الزانية فقط تحيا هي وكل من معها في البيت لانها قد خبأت المرسلين
اللذين ارسلناهما.
يشوع 6:23 فدخل الغلامان الجاسوسان واخرجا
راحاب واباها وامها واخوتها وكل ما لها واخرجا كل عشائرها وتركاهم خارج محلّة
اسرائيل.
يشوع 6:25 واستحيا يشوع راحاب الزانية وبيت
ابيها وكل ما لها.وسكنت في وسط اسرائيل الى هذا اليوم.لانها خبأت المرسلين اللذين
ارسلهما يشوع لكي يتجسّسا اريحا
ثم يجدد بولس - القديس ؟؟!!!- تكريمها فيقول :
عبرانيين 11:31 بالايمان راحاب الزانية لم تهلك
مع العصاة اذ قبلت الجاسوسين بسلام..!!!!!
هذا هو دور المرأة عند اليهود و النصارى ...!!!
عاهرة و اداة متعة و جاسوسة ...!!!
و لا عزاء لنساء اليهود و النصارى لانشغالهن
بالتدريب على فنون الدعارة المقدسة ....!!!
دعونا بعد هذا نستمر فى مقارنة وضع المرأة فى
الإسلام بوضعها فى كتب اليهود و النصارى المقدسة ....
و لنبدأ بالميراث ..
يقول المولى عز وجل فى سورة النساء :
الآية: 7 {للرجال نصيب مما ترك الوالدان
والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا
مفروضا}.
فجعل الله عز وجل للمرأة حقا معلوما فى الميراث
كما ان للرجل حقا ...
يقول الامام القرطبى فى مناسبة نزول هذه الاية
:
( لما ذكر الله تعالى أمر اليتامى وصله بذكر
المواريث. ونزلت الآية في أوس بن ثابت الأنصاري، توفي وترك امرأة يقال لها: أم كجة
وثلاث بنات له منها؛ فقام رجلان هما ابنا عم الميت ووصياه يقال لهما: سويد وعرفجة؛
فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته وبناته شيئا، وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء
ولا الصغير وإن كان ذكرا، ويقولون: لا يعطى إلا من قاتل على ظهور الحيل، وطاعن
بالرمح، وضارب بالسيف، وحاز الغنيمة. فذكرت أم كجة ذلك لرسول الله صلى الله عليه
وسلم فدعاهما، فقالا: يا رسول الله، ولدها لا يركب فرسا، ولا يحمل كلا ولا ينكأ
عدوا. فقال عليه السلام: (انصرفا حتى أنظر ما يحدث الله لي فيهن). فأنزل الله هذه
الآية ردا عليهم، وإبطالا لقولهم وتصرفهم بجهلهم؛ فإن الورثة الصغار كان ينبغي أن
يكونوا أحق بالمال من الكبار، لعدم تصرفهم والنظر في مصالحهم، فعكسوا الحكم،
وأبطلوا الحكمة فضلوا بأهوائهم، وأخطؤوا في آرائهم وتصرفاتهم. )
ارايتم دفاعا عن المرأة و حقوقها كهذا ؟؟؟ تلك
المراة لم تجد ناصرا و لا حاميا لها الا شرع الله عز وجل .
و يقول ايضا فى سورة النساء :
{يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا
النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة
وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا}.
و حدد الله عز وجل نصيب كل من الرجل و المرأة
فى الميراث :
يقول عز وجل فى سورة النساء :
{يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين
فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل
واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه
الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آباؤكم وأبناؤكم
لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما، ولكم نصف ما
ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية
يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن
الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة
وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من
بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار وصية من الله والله عليم حليم، تلك حدود الله
ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز
العظيم، ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين}
فجعل الله للمرأة حقا معلوما محددا فلا يعتدى
عليه فهو ظالم جعل الله عقابه نار جهنم و العذاب المهين .
و مع هذا النصيب المفروض للمرأة فى الميراث لم
يكلفها الله بنفقة بل جعل الانفاق وظيفة الرجل .
فالرجل مسئول عن نفقات ما تحته من النساء .
يقول عز وجل :
(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم
على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
( حق المرأة على الزوج: أن يطعمها إذا طعم،
ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح، ولا يهجر إلا في البيت)
و فى عطايا الاباء لابنائهم يقول صلى الله عليه
و سلم :
(ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا
أحدا لفضلت النساء)
و اعطى الإسلام للمرأة الحرية المالية الكاملة
و جعلها مستقلة بمالها عن زوجها فان شاءت اعطته و ان شاءت منعته
قال عز وجل : ( وَآتُواْالنَّسَاء
صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا
فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا {4})
و من المواقف التى تؤكد هذه الاستقلالية
المالية الكاملة هذا الموقف :
عن حَفْصُ بنُ عُمَرَ أخبرنا شُعْبَةُ وأخبرنا
ابنُ كَثِيرٍ أنْبأنَا شُعْبَةُ عن أيّوبَ عن عَطَاءِ قال: "أشْهَدُ عَلَى
ابنِ عَبّاسٍ وَشَهِدَ ابنُ عَبّاسٍ عَلَى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنّهُ
خَرَجَ يَوْمَ فِطْرٍ فَصَلّى ثُمّ خَطَبَ ثُمّ أتَى النّسَاءَ وَمَعَهُ بِلاَلٌ ـ
قال ابنُ كَثِيرٍ: أكْبَرُ عِلْمِ شُعْبَةَ ـ فأمَرَهُنّ بالصّدَقَةِ فَجَعَلْنَ
يُلْقِينَ"
فالمرأة فى نظر الإسلام عاقلة رشيدة لا تحتاج وصاية مالية عليها
... بل هى قادرة على التصرف فى اموالها بمعرفتها و لها مطلق الحرية و مطلق الاهلية
فى هذه المسالة .
هذا موقف الإسلام رايناه فى القران و السنة .
فما موقف كتب اليهود و النصارى فى المقابل ؟؟؟
هنا يمكننا ان نقول ان موقف النصارى ملخص فى
هذه الجملة من انجيل متى : ( متى 5:17 لا تظنوا اني جئت لانقض الناموس او
الانبياء.ما جئت لانقض بل لاكمّل.)
و عليه فوجهة النصارى تابعة لوجهة اليهود و
مستمدة من شرائع العهد القديم .
فلننظر الى كتاب اليهود و النصارى المقدس
لنتعرف على وجهة نظرهم فى تلك المسالة كجزأ من نظرتهم الى المرأة .
فالمراة فى كتبهم لا ميراث لها و لا حق ....
فلا يحق لها ان ترث الا فى حال واحد : الا يكون لها اخوة ذكور .
و لنقرأ هذا من سفر العدد :
8 وتكلم بني اسرائيل قائلا أيّما رجل مات وليس
له ابن تنقلون ملكه الى ابنته.
9 وان لم تكن له ابنة تعطوا ملكه لاخوته.
10 وان لم يكن له اخوة تعطوا ملكه لاخوة ابيه.
11 وان لم يكن لابيه اخوة تعطوا ملكه لنسيبه
الاقرب اليه من عشيرته فيرثه.فصارت لبني اسرائيل فريضة قضاء كما امر الرب موسى
هكذا نرى ان كتابهم المقدس جعل الميراث كاملا
للابن الذكر ... فان لم يكن للمتوفى ابن ذكر ففى هذه الحالة فقط : ترث الانثى .
بل الاسوا للانثى انها ليست فقط محرومة من
الميراث ... بل انها ايضا محرومة من المهر ذلك الحق الذى اعطاه لها الإسلام ... بل
و الاسوا و الانكى انها مطالبة بدفع بائنة ( دوطة ) لمن يتقدم لها للزواج ... فهى
تدفع حتى يرضى الرجل بالزواج منها و الا كانت العنوسة مصيرها .
و الواقع اننى حينما اتحدث عن قضية ميراث
المراة فى كتب اليهود و النصارى المقدسة انما اتحدث عنه من نافلة القول ... ذلك ان
المراة ذاتها جزء من الميراث عند اليهود و النصارى .
فالمرأة التى يموت عنها زوجها جزء من ميراث اخو
الزوج ..... يتزوجها و ان لم ترض به و ان كانت كارهة له .
و الواقع ان هذه العملية لا تعتبر زواجا
بالمعنى المفهوم بل هى ( ميراث ) او بالادق ( اغتصاب ) .
لنقرا هذا من كتابهم المقدس فى سفر التثنية :
5 اذا سكن اخوة معا ومات واحد منهم وليس له ابن
فلا تصر امرأة الميت الى خارج لرجل اجنبي.اخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة
ويقوم لها بواجب اخي الزوج.
6 والبكر الذي تلده يقوم باسم اخيه الميت لئلا
يمحى اسمه من اسرائيل
7 وان لم يرضى الرجل ان يأخذ امرأة اخيه تصعد
امرأة اخيه الى الباب الى الشيوخ وتقول قد ابى اخو زوجي ان يقيم لاخيه اسما في
اسرائيل.لم يشأ ان يقوم لي بواجب اخي الزوج.
ان هؤلاء جعلوا المراة مجرد حيوان يرثه اهل
المتوفى و لهم مطلق الحرية فى التصرف فيه .
هل راى احد القراء او سمع او تخيل امتهان
للمراة و انسانيتها و انوثتها بل و عفتها ابشع من ذلك ؟؟؟
فان كان النص السابق من سفر التثنية هو القانون
او القاعدة فدعونا نقرا من سفر التكوين تطبيق هذه النظرية :
6 واخذ يهوذا زوجة لعير بكره اسمها ثامار.
7 وكان عير بكر يهوذا شريرا في عيني
الرب.فأماته الرب.
8 فقال يهوذا لأونان ( ادخل على امرأة اخيك
وتزوج بها واقم نسلا لاخيك.)
9 فعلم أونان (ان النسل لا يكون له).فكان اذ
دخل على امرأة اخيه انه افسد على الارض لكيلا يعطي نسلا لاخيه.
10 فقبح في عيني الرب ما فعله.فاماته ايضا.
11 فقال يهوذا لثامار كنته اقعدي ارملة في بيت
ابيك حتى يكبر شيلة ابني.لانه قال لعله يموت هو ايضا كاخويه.فمضت ثامار وقعدت في
بيت ابيها
يحكى النص هنا عن تطبيق نظرية ميراث اخو
المتوفى لارملة اخيه ....
و المثال هنا هو : ان ( عير) ابن ( يهوذا )
توفى عن امراته ( ثامار ) فامر ( يهوذا ) ابنه ( اونان ) اخو ( عير) ان يدخل على
امراة اخيه حتى تلد ابنا يحمل اسم ( عير ) .
ارايتم انحلالا اشد من هذا ؟؟؟
لكن دعونا نستكمل فالبقية اشد و انكى ...
فلما علم اونان ان ابناءه من ثامار لن يكونوا
باسمه بل باسم اخيه المتوفى لم يقرب ثامار .... فغضب ( اله الكتاب المقدس ) على
اونان فاماته ...
فامر يهوذا امراة ابنه ثامار ان تعود لبيت
ابيها حتى يكبر ابنه الثالث فيرثها هو الاخر .
ثم نتابع بقية القصة من سفر التكوين :
12 ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امرأة
يهوذا.ثم تعزّى يهوذا فصعد الى جزاز غنمه الى تمنة هو وحيرة صاحبه العدلامي.
13 فاخبرت ثامار وقيل لها هوذا حموك صاعد الى
تمنة ليجزّ غنمه.
14 فخلعت عنها ثياب ترملها وتغطت ببرقع وتلفّفت
وجلست في مدخل عينايم التي على طريق تمنة.لانها رأت ان شيلة قد كبر وهي لم تعط له
زوجة.
15 فنظرها يهوذا وحسبها زانية.لانها كانت قد
غطت وجهها.
16 فمال اليها على الطريق وقال هاتي ادخل
عليك.لانه لم يعلم انها كنته.فقالت ماذا تعطيني لكي تدخل عليّ.
17 فقال اني ارسل جدي معزى من الغنم.فقالت هل
تعطيني رهنا حتى ترسله.
18 فقال ما الرهن الذي اعطيك.فقالت خاتمك
وعصابتك وعصاك التي في يدك.فاعطاها ودخل عليها.فحبلت منه.
19 ثم قامت ومضت وخلعت عنها برقعها ولبست ثياب
ترملها
20 فارسل يهوذا جدي المعزى بيد صاحبه العدلامي
ليأخذ الرهن من يد المرأة.فلم يجدها.
21 فسأل اهل مكانها قائلا اين الزانية التي
كانت في عينايم على الطريق.فقالوا لم تكن ههنا زانية.
22 فرجع الى يهوذا وقال لم اجدها.واهل المكان
ايضا قالوا لم تكن ههنا زانية.
23 فقال يهوذا لتاخذ لنفسها لئلا نصير
اهانة.اني قد ارسلت هذا الجدي وانت لم تجدها
24 ولما كان نحو ثلاثة اشهر أخبر يهوذا وقيل له
قد زنت ثامار كنتك.وها هي حبلى ايضا من الزنى.فقال يهوذا اخرجوها فتحرق.
25 اما هي فلما اخرجت ارسلت الى حميها قائلة من
الرجل الذي هذه له انا حبلى.وقالت حقّق لمن الخاتم والعصابة والعصا هذه.
26 فتحققها يهوذا وقال هي ابرّ مني لاني لم
أعطها لشيلة ابني.فلم يعد يعرفها ايضا
و العجيب انه من نسل هذا الزنا ( زنا المحارم )
ولد شخص له شأن على حسب الاناجيل ... انه اله النصارى يسوع المسيح .
مرة اخرى و ليست اخيرة ... من انصف المرأة ؟؟؟
و من ظلمها ؟؟؟
و مرة اخرى .... هنيئا للمسلمات اسلامهن .
و مرة اخرى ... لا عزاء لنساء اليهود و النصارى
.
ناقشنا حتى الان ثلاث حلقات من موقف الإسلام ثم
من موقف اليهود و النصارى من المرأة .
دعونا بعد ذلك نرى بعضا من اوصاف النساء لدى كل
من الطرفين .
يقول الله عز وجل فى وصف حال المؤمنين و
المؤمنات :
"والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض
يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" [التوبة: 71]
و يصفهن رسول الله صلى الله عليه و سلم وصفا
رقيقاو يحنو عليهن عندما يسرع حادى الجمال فى السير فى احدى الاسفار فيقول رسول
الله صلى الله عليه و سلم للحادى : (رويدك يا أنجشة، لا تكسر القوارير) قال قتادة:
يعني ضعفة النساء.
فهذا هو الإسلام ... يكرم المرأة و يرعاها و
يحنو عليها و يعاملها بما يليق بها ... فماذا عن كتب اليهود و النصارى المقدسة ؟؟؟
لنقرأ هذه المجموعة من الاوصاف فى سفر الجامعة
... يقول الحكيم فى وصف المرأة :
23 كل هذا امتحنته بالحكمة.قلت اكون حكيما.اما
هي فبعيدة عني.
24 بعيد ما كان بعيدا والعميق العميق من يجده.
25 درت انا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة
وعقلا ولاعرف الشر انه جهالة والحماقة انها جنون.
26 فوجدت امرّ من الموت المرأة التي هي شباك
وقلبها اشراك ويداها قيود.الصالح قدام الله ينجو منها.اما الخاطئ فيؤخذ بها.
انظروا ...!!! فى جملة واحدة من العهد القديم
وصفت المرأة بعدد من الصفات يشيب له الوليد ...!!!
فهى امر من الموت ....!!!! و هى شباك ...!!!! و
قلبها اشراك ....!!! و يداها قيود ....!!!
و على هذا فان علامة الصالح : النجاة من شرها
...!!!
و لعل هذه الفقرة تكون من الطرائف ... فهى عن
الرحم ... رحم المرأة .
فقد اكرم الإسلام هذا الرحم ... و جعل وصله
فريضة ... و جعل قطعه كبيرة .
يقول الله عز وجل :
{فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض
وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن
أم على قلوب أقفالها}
و يقول صلى الله عليه و سلم :
"إن الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني
وصله الله ومن قطعني قطعه الله".
و يقول عن الرحم :
قال الله تبارك وتعالى للرحم: ( خلقتك بيدي
وشققت لك من اسمي، وقرنت مكانك مني، وعزتي وجلالي لأصلن من وصلك، ولأقطعن من قطعك،
ولا أرضى حتى ترضى.)
فها هو الإسلام يجعل اسم الرحم مشتقا من اسم
الله ( الرحمن ) ... فيصل الله من وصل رحمه ... و يقطع من قطع هذا الرحم ...
و بهذا جعل الإسلام الصلة بين الاقارب موصولة
بالرحم ... رحم المرأة ...!!! فماذا كان نصيب هذا الرحم من الغرب النصرانى ؟؟؟!!!
لقد اطلقوا اسمه اللاتينى ( هستيريا ) على
الخلل النفسى ...!!! فصار الرحم عندهم مرتبطا بالمرض النفسى ....!!!!!!
و لعل هذا يجلى لنا مكانة المرأة لدى الغرب
النصرانى ...!!!
و لنقارن بين اية من القران و جملة من الاناجيل
.....
يقول الله عز وجل فى سورة الاسراء :
{وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين
إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل
لهما قولا كريما، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني
صغيرا}.
حرم الله عز وجل ان ينطق الابن امام ابيه او
امه باقل كلمة يبدو منها التضجر : أف ....
اهذا خير ام هذا الموقف الذى يحكيه يوحنا فى
انجيله بين المسيح و امه قائلا :
3 ولما فرغت الخمر قالت ام يسوع له ليس لهم
خمر.
4 قال لها يسوع ما لي ولك يا امرأة.لم تأت
ساعتي بعد.!!!!
فلو ان يوحنا كان يكتب انجيله بالعاميه لكان قد
قال على لسان المسيح : انت مالك ياوليه مالكيش دعوه ...!!!
فايهما خير ؟؟؟ و ايهما انصف المرأة ؟؟؟
قارنوا هذا الموقف الذى ادعاه يوحنا فى انجيله
بهذا الموقف لرسول الله صلى الله عليه و سلم :
عن ابنِ عُمَر: "أَنّ رَجُلاً أَتى النبيّ
صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله إنّي أَصَبْتُ ذَنْبَاً عَظِيماً فَهَلْ
لِي تَوْبَةٌ؟ قَالَ هَلْ لَكَ مِن أُمّ؟ قالَ: لا، قال: هَلْ لَكَ مِنْ خَالَةٍ؟
قَالَ: نعم قال: فَبِرّها".
ايهما خير للمرأة ؟؟؟
و لننطلق الى كيفية معاملة الرجل لزوجته ....
كيف تصور الإسلام هذه المعاملة ؟؟؟
بداية حافظ الإسلام على المرأة المسلمة ووقاها
من الفتنة فى دينها فمنع زواجها من كافر ...بل و فرق بين من تدخل الإسلام و بين
زوجها الكافر .
يقول الله عز وجل فى سورة البقرة :
{ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير
من مشركة ولو أعجبتكم ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو
أعجبكم أولئك يدعون إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين آياته
للناس لعلهم يتذكرون}.
فجعل زوج المسلمة لابد و ان يكون مسلما مثلها
.... ثم بعد ذلك حدد صفات هذا الزوج المقبول للمسلمة
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : (إذا
أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه. إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض).
هذه صفات الزوج الذى ارتضاه الإسلام للمرأة
.... فهو مسلم ... و هو ملتزم بدينه ... و هو متين الخلق .
فلكأن الإسلام اب حنون للمرأة يحنو عليها و هو
يختار لها زوجا يعينها فى دينها و دنياها .
فماذا عن اعداء الإسلام ؟؟
لقد جعل اعداء الإسلام كما اسلفنا من قبل
المرأة حيوانا يباع و يشترى ... فهم يتاجرون بعرضها ... و هم يدفعون بها الى فرش
اعدائهم لتحقيق مصالحهم و اهوائهم ... و على هذا فقد كان طبيعيا ان يتركوا تلك
المراة نهبا لكل طامع و فاسق و كافر .
اقرأوا موقف بولس من الزوج الكافر للمرأة
المؤمنة :
كورنثوس 7:13 والمرأة التي لها رجل غير مؤمن
وهو يرتضي ان يسكن معها فلا تتركه.
و هكذا يترك بولس القديس المرأة المؤمنة تحت
وصاية زوجها و لو كان كافرا ... فالامر يرجع لرغبة هذا الزوج ... ان اراد ان
يحبسها على نفسه فواجب المراة ان تطيعه ...!! و ان لم يكن له غرض منها فليلقيها فى
الطريق ...!!!
و هكذا تردت المرأة فى نظر كتاب ( الكتاب
المقدس ) الى هاوية لم تتردى اليها حتى الحيوانات ....!!!
راينا كيف حرص الإسلام على المراة عند زواجها
فحدد صفات الزوج المناسب لها : دينه و خلقه .
فلنرى الان : هل للمراة حق فى تقرير مصيرها فى
الارتباط بشخص معين ام لا ....
و السؤال : هل كفل الإسلام للمراة حق رفض او
قبول الزوج المتقدم لها ؟؟؟
يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(آمروا النساء في أنفسهن، فإن الثيب تعرب عن
نفسها. وإذن البكر صمتها)
و يقول : ( احملوا النساء على أهوائهن ) [أي
زوجوهن من يرتضينه، إن كان كفؤا] .
و يقول صلى الله عليه و سلم :
«لاَ تُنْكَحُ الأَيّمُ حَتّى تُسْتَأْمَرَ
وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتّى تُسْتَأْذَنَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللّهِ كَيْفَ
إذْنُهَا؟ قَالَ: «أَنْ تَسْكُتَ»
هذا هو قول الإسلام و موقفه ...
بل إن
الإسلام وصل لدرجة ابعد من هذا الى ابطال و رد عقد الزواج الذى تكره عليه
الفتاة و يتم بغير رضاها .
فعن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي ثيب
فكرهت ذلك فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد نكاحه .
بل إن
الإسلام اعطى لام الفتاة الحق فى ابداء رايها فى قبول او رفض زوج ابنتها
المستقبلى بحكم معرفتها بميول هذه الابنة و رغباتها .
يقول المعصوم صلى الله عليه و سلم : (آمروا
النساء في بناتهن)
بل و يصل الى ان يعطى المرأة الحق فى ان تطلب
الزواج لمن ترى فيه الصلاح ....
فأن امرأة عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه
وسلم، فقال له رجل: يا رسول الله زوجنيها، فقال: (ما عندك). قال: ما عندي شيء،
قال: (اذهب فالتمس ولوخاتم من حديد). فذهب ثم رجع، فقال: لا والله ما وجدت شيئا
ولا خاتما من حديد، ولكن هذا إزاري ولها نصفه، قال سهل: ما له رداء، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم: (وما تصنع بإزارك، إن لبسته لم يكن عليها منه شيء، وإن لبسته
لم يكن عليك منه شيء). فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام، فرآه النبي صلى الله
عليه وسلم فدعاه أودعي له، فقال له: (ماذا معك من القرآن). فقال: معي سورة كذا
وسورة كذا، لسور يعددها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (أمكناكها بما معك من
القرآن)....
فاذا كان الإسلام قد اعطى هذه الحرية للمرأة
فماذا اعطاها اعداؤه ؟؟؟
هل يجد اعداء الإسلام من اليهود و النصارى فى
كتبهم مثل تلك الحقوق التى مكن الإسلام المرأة منها ؟؟؟
هل اعطاها دينهم حق الموافقة على زوجها او حق
اختياره و جعل هذا شرطا لصحة الزواج ؟؟
لا نملك هنا سوى تكرار عرض هذا النص من سفر
العدد :
5 اذا سكن اخوة معا ومات واحد منهم وليس له ابن
فلا تصر امرأة الميت الى خارج لرجل اجنبي.اخو زوجها يدخل عليها ويتخذها لنفسه زوجة
ويقوم لها بواجب اخي الزوج.
6 والبكر الذي تلده يقوم باسم اخيه الميت لئلا
يمحى اسمه من اسرائيل
7 وان لم يرضى الرجل ان يأخذ امرأة اخيه تصعد
امرأة اخيه الى الباب الى الشيوخ وتقول قد ابى اخو زوجي ان يقيم لاخيه اسما في
اسرائيل.لم يشأ ان يقوم لي بواجب اخي الزوج.
والواقع ان اعداء الإسلام اعطوا المرأة حريات
زائفة مخادعة ....
اعطوها حرية الانحلال ... اعطوها حرية هدم
القيم .... اعطوها حرية العرى و العهر ... و منعوها حقوقها الفطرية التى اعطاها
لها الله .
انها الفوضى تلك التى يسعى اليها اليهود و
النصارى .... انها الشيوعية الجنسية .... لا الحرية
انها المتعة الاثمة .... لا الكرامة .
ان الحرية تعنى الالتزام بالواجبات لا التمرد
عليها مع الحصول على الحقوق لا الفوضى .
ثم لننظر بعد هذا الى كيفية معاملة الرجل و
المراة كل منهما للاخر بعد الزواج .
ما هى الضوابط التى وضعها الإسلام ثم اعداؤه
للتعامل بين طرفى هذا الرباط المقدس او الميثاق الغليظ ؟؟؟
بداية يحدد الإسلام حقوق كل طرف من طرفى هذه
العلاقة وواجباته .... فواجب الرجل و حق المرأة حدده رسول الله صلى الله عليه و
سلم فى هذا الحديث :
( حق المرأة على الزوج: أن يطعمها إذا طعم،
ويكسوها إذا اكتسى، ولا يضرب الوجه، ولا يقبح، ولا يهجر إلا في البيت )
و يقول صلى الله عليه و سلم :
( أى رجل لطم امرأته لطمة أمر الله عز وجل خازن
النيران فيلطمه على حر وجهه سبعين لطمة من نار جهنم )
بل و ان رسول الله صلى الله عليه و سلم اعطى
المراة خصوصية كبيرة : فنهى عن تتبع عثرات النساء .... فليس للرجل ان يصير رقيبا
على زوجته يتسقط لها الاخطاء و يعاتبها و يشتد فى عتابها و لومها .
هل رايتم خيرا من هذا ؟؟؟
وواجب المرأة و حق الرجل يقول فيه صلى الله
عليه و سلم :
(خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا
أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك)
فهل تجدون اكثر عدلا فى معاملة المراة من تحديد
واجباتها و حقوقها فلا يعتد على هذه الحقوق الا ظالم معاقب ؟؟؟
هل يجد اليهود او النصارى فى دينهم شيئا كهذا
او قريبا منه فى معاملة المرأة ؟؟
كتبه الاخ / ابو جهاد
عودة
لماذا شرع الإسلام الطلاق ؟؟
يأخذ الكثير من الغربيين على الإسلام أنه أباح
الطلاق ، ويعتبرون ذلك دليلاً على استهانة الإسلام بقدر المرأة ، وبقدسية الزواج ،
وقلدهم في ذلك بعض المسلمين الذين تثقفوا بالثقافات الغربية ، وجهلوا أحكام
شريعتهم ، مع إن الإسلام ، لم يكن أول من
شرع الطلاق ، فقد جاءت به الشريعة اليهودية من قبل ، وعرفه العالم قديماً.
وقد نظر هؤلاء العائبون إلى الأمر من زاوية
واحدة فقط ، هي تضرر المرأة به ، ولم ينظروا إلى الموضوع من جميع جوانبه ،
وحَكّموا في رأيهم فيه العاطفة غير الواعية ، وغير المدركة للحكمة منه ولأسبابه
ودواعيه.
إن الإسلام يفترض أولاً ، أن يكون عقد الزواج
دائماً ، وأن تستمر الزوجية قائمة بين الزوجين ، حتى يفرق الموت بينهما ، ولذلك لا
يجوز في
الإسلام تأقيت عقد الزواج بوقت معين.
غير إن
الإسلام وهو يحتم أن يكون عقد الزواج مؤبداً يعلم أنه إنما يشرع لأناس
يعيشون على الأرض ، لهم خصائصهم ، وطباعهم البشرية ، لذا شرع لهم كيفية الخلاص من
هذا العقد ، إذا تعثر العيش ، وضاقت السبل ، وفشلت الوسائل للإصلاح ، وهو في هذا
واقعي كل الواقعية ، ومنصف كل الإنصاف لكل من الرجل والمرأة.
فكثيراً ما يحدث بين الزوجين من الأسباب
والدواعي ، ما يجعل الطلاق ضرورة لازمة ، ووسيلة متعينة لتحقيق الخير ، والاستقرار
العائلي والاجتماعي لكل منهما ، فقد يتزوج الرجل والمرأة ، ثم يتبين أن بينهما
تبايناً في الأخلاق ، وتنافراً في الطباع ، فيرى كل من الزوجين نفسه غريباً عن
الآخر ، نافراً منه ، وقد يطّلع أحدهما من صاحبه بعد الزواج على ما لا يحب ، ولا
يرضى من سلوك شخصي ، أو عيب خفي ، وقد يظهر أن المرأة عقيم لا يتحقق معها أسمى
مقاصد الزواج ، وهو لا يرغب التعدد ، أولا يستطيعه ، إلى غير ذلك من الأسباب
والدواعي ، التي لا تتوفر معها المحبة بين الزوجين ولا يتحقق معها التعاون على
شؤون الحياة ، والقيام بحقوق الزوجية كما أمر الله ،
فيكون الطلاق لذلك أمراً لا بد منه للخلاص من
رابطة الزواج التي أصبحت لا تحقق المقصود منها ، والتي لو ألزم الزوجان بالبقاء
عليها ، لأكلت الضغينة قلبيهما ، ولكاد كل منهما لصاحبه ، وسعى للخلاص منه بما
يتهيأ له من وسائل ، وقد يكون ذلك سبباً في انحراف كل منهما ، ومنفذاً لكثير من
الشرور والآثام،
لهذا شُرع الطلاق وسيلة للقضاء على تلك المفاسد
، وللتخلص من تلك الشرور ، وليستبدل كل منهما بزوجه زوجاً آخر ، قد يجد معه ما
افتقده مع الأول ، فيتحقق قول الله تعالى: ( وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته ،
وكان الله واسعاً حكيماً ).
وهذا هو الحل لتلك المشكلات المستحكمة المتفق
مع منطق العقل والضرورة ، وطبائع البشر وظروف الحياة.
ولا بأس أن نورد ما قاله ( بيتام ) رجل القانون
الإنجليزي ، لندلل للاهثين خلف الحضارة الغربية ونظمها أن ما يستحسنونه من تلك
الحضارة ، يستقبحه أبناؤها العالمون بخفاياها ، والذين يعشون نتائجها.
يقول ( بيتام ):
( لو وضع مشروع قانوناً يحرم فض الشركات ،
ويمنع رفع ولاية الأوصياء ، وعزل الوكلاء ، ومفارقة الرفقاء ، لصاح الناس أجمعون:
أنه غاية الظلم ، واعتقدوا صدوره من معتوه أو مجنون ، فيا عجباً أن هذا الأمر الذي
يخالف الفطرة ، ويجافي الحكمة ، وتأباه المصلحة ، ولا يستقيم مع أصول التشريع ،
تقرره القوانين بمجرد التعاقد بين الزوجين في أكثر البلاد المتمدنة ، وكأنها تحاول
إبعاد الناس عن الزواج ، فإن النهي عن الخروج من الشيء نهي عن الدخول فيه ، وإذا
كان وقوع النفرة واستحكام الشقاق والعداء ، ليس بعيد الوقوع ، فأيهما خير؟ .. ربط
الزوجين بحبل متين ، لتأكل الضغينة قلوبهما ، ويكيد كل منهما للآخر؟ أم حل ما
بينهما من رباط ، وتمكين كل منهما من بناء بيت جديد على دعائم قوية؟ ، أو ليس
استبدال زوج بآخر ، خيراً من ضم خليلة إلى زوجة مهملة أو عشيق إلى زوج بغيض ).
و الإسلام عندما أباح الطلاق ، لم يغفل عما
يترتب على وقوعه من الأضرار التي تصيب الأسرة ، خصوصاً الأطفال ، إلا أنه لاحظ أن
هذا أقل خطراً ، إذا قورن بالضرر الأكبر ، الذي تصاب به الأسرة والمجتمع كله إذا
أبقى على الزوجية المضطربة ، والعلائق الواهية التي تربط بين الزوجين على كره
منهما ، فآثر أخف الضررين ، وأهون الشرين.
وفي الوقت نفسه ، شرع من التشريعات ما يكون
علاجاً لآثاره ونتائجه ، فأثبت للأم حضانة أولادها الصغار ، ولقريباتها من بعدها ،
حتى يكبروا ، وأوجب على الأب نفقة أولاده ، وأجور حضانتهم ورضاعتهم ، ولو كانت
الأم هي التي تقوم بذلك ، ومن جانب آخر ، نفّر من الطلاق وبغضه إلى النفوس فقال
صلى الله عليه وسلم: ( أيما امرأة سألت زوجها الطلاق في غير بأس ، فحرام عليها
رائحة الجنة ) ، وحذر من التهاون بشأنه فقال عليه الصلاة والسلام: ( ما بال أحدكم
يلعب بحدود الله ، يقول: قد طلقت ، قد راجعت) ، وقال عليه الصلاة والسلام: (
أيُلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم) ، قاله في رجل طلق زوجته بغير ما أحل الله.
واعتبر الطلاق آخر العلاج ، بحيث لا يصار إليه
إلا عند تفاقم الأمر ، واشتداد الداء ، وحين لا يجدي علاج سواه ، وأرشد إلى اتخاذ
الكثير من الوسائل قبل أن يصار إليه ، فرغب الزوج في الصبر والتحمل على الزوجات ،
وإن كانوا يكرهون منهن بعض الأمور ، إبقاء للحياة الزوجية ، ( وعاشروهن بالمعروف ،
فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ).
وأرشد الزوج إذا لاحظ من زوجته نشوزاً إلى ما
يعالجها به من التأديب المتدرج: الوعظ ثم الهجر ، ثم الضرب غير المبرح ، (واللاتي
تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن
سبيلاً).
وأرشد الزوجة إذا ما أحست فتوراً في العلاقة
الزوجية ، وميل زوجها إليها إلى ما تحفظ به هذه العلاقة ، ويكون له الأثر الحسن في
عودة النفوس إلى صفائها ، بأن تتنازل عن بعض حقوقها الزوجية ، أو المالية ،
ترغيباً له بها وإصلاحاً لما بينهما.
وشرع التحكيم بينهما ، إذا عجزا عن إصلاح ما
بينهما ، بوسائلهما الخاص.
كل هذه الإجراءات والوسائل تتخذ وتجرب قبل أن
يصار إلى الطلاق ، ومن هذا يتضح ما للعلائق والحياة الزوجية من شأن عظيم عند الله.
فلا ينبغي فصم ما وصل الله وأحكمه ، ما لم يكن
ثَمَّ من الدواعي الجادة الخطيرة الموجبة للافتراق ، ولا يصار إلى ذلك إلا بعد
استنفاد كل وسائل الإصلاح.
ومن هدي الإسلام في الطلاق ، ومن تتبع الدواعي
والأسباب الداعية إلى الطلاق يتضح أنه كما يكون الطلاق لصالح الزوج ، فإنه أيضاً
يكون لصالح الزوجة في كثير من الأمور ، فقد تكون هي الطالبة للطلاق ، الراغبة فيه
، فلا يقف الإسلام في وجه رغبتها وفي هذا رفع لشأنها ، وتقدير لها ، لا استهانة
بقدرها ، كما يدّعي المدّعون ، وإنما الاستهانة بقدرها ، بإغفال رغبتها ، وإجبارها
على الارتباط برباط تكرهه وتتأذى منه.
وليس هو استهانة بقدسية الزواج كما يزعمون ، بل
هو وسيلة لإيجاد الزواج الصحيح السليم ، الذي يحقق معنى الزوجية وأهدافها السامية
، لا الزواج الصوري الخالي من كل معاني الزوجية ومقاصدها.
إذ ليس مقصود الإسلام الإبقاء على رباط الزوجية
كيفما كان ، ولكن الإسلام جعل لهذا الرباط أهدافاً ومقاصد ، لا بد أن تتحقق منه ،
وإلا فليلغ ، ليحل محله ما يحقق تلك المقاصد والأهداف.
ويثار كذلك عن الحكمة في جعل الطلاق بيد الرجل
؟؟ واليس في ذلك ما ينقص من شأن المرأة ؟؟
وفي ذلك نقول : إن فصم رابطة الزوجية أمر خطير
، يترتب عليه آثار بعيدة المدى في حياة الأسرة والفرد والمجتمع ، فمن الحكمة
والعدل ألا تعطى صلاحية البت في ذلك ، وإنهاء الرابطة تلك ، إلا لمن يدرك خطورته ،
ويقدر العواقب التي تترب عليه حق قدرها ، ويزن الأمور بميزان العقل ، قبل أن يقدم
على الإنفاذ ، بعيداً عن النزوات الطائشة ، والعواطف المندفعة ، والرغبة الطارئة.
والثابت الذي لا شك فيه أن الرجل أكثر إدراكاً
وتقديراً لعواقب هذا الأمر ، وأقدر على ضبط أعصابه ، وكبح جماح عاطفته حال الغضب
والثورة ، وذلك لأن المرأة خلقت بطباع وغرائز تجعلها أشد تأثراً ، وأسرع انقياداً
لحكم العاطفة من الرجل ، لأن وظيفتها التي أعدت لها تتطلب ذلك ، فهي إذا أحبت أو
كرهت ، وإذا رغبت أو غضبت اندفعت وراء العاطفة ، لا تبالي بما ينجم عن هذا
الاندفاع من نتائج ولا تتدبر عاقبة ما تفعل ، فلو جعل الطلاق بيدها ، لأقدمت على
فصم عرى الزوجية لأتفه الأسباب ، وأقل المنازعات التي لا تخلو منها الحياة الزوجية
، وتصبح الأسرة مهددة بالانهيار بين لحظة وأخرى.
وهذا لا يعني أن كل النساء كذلك ، بل إن من
النساء من هن ذوات عقل وأناة ، وقدرة على ضبط النفس حين الغضب من بعض الرجال ، كما
أن من الرجال من هو أشد تأثراً وأسرع انفعالاً من بعض النساء ، ولكن الأعم الأغلب
والأصل أن المرأة كما ذكرنا ، والتشريع إنما يبني على الغالب وما هو الشأن في
الرجال والنساء ، ولا يعتبر النوادر والشواذ ، وهناك سبب آخر لتفرد الرجل بحق فصم عرى
الزوجية.
إن إيقاع الطلاق يترتب عليه تبعات مالية ،
يُلزم بها الأزواج: فيه يحل المؤجل من الصداق إن وجد ، وتجب النفقة للمطلقة مدة
العدة ، وتجب المتعة لمن تجب لها من المطلقات ، كما يضيع على الزوج ما دفعه من
المهر ، وما أنفقه من مال في سبيل إتمام الزواج ، وهو يحتاج إلى مال جديد لإنشاء
زوجية جديدة ، ولا شك أن هذه التكاليف المالية التي تترتب على الطلاق ، من شأنها
أن تحمل الأزواج على التروي ، وضبط النفس ، وتدبر الأمر قبل الإقدام على إيقاع
الطلاق ، فلا يقدم عليه إلا إذا رأى أنه أمر لا بد منه ولا مندوحة عنه.
أما الزوجة فإنه لا يصيبها من مغارم الطلاق
المالية شيء ، حتى يحملها على التروي والتدبر قبل إيقاعه –
إن استطاعت – بل هي تربح من ورائه
مهراً جديداً ، وبيتاً جديداً ، وعريساً جديداً.
فمن الخير للحياة الزوجية ، وللزوجة نفسها أن
يكون البت في مصير الحياة الزوجية في يد من هو أحرص عليها وأضن بها.
والشريعة لم تهمل جانب المرأة في إيقاع الطلاق
، فقد منحتها الحق في الطلاق ، إذا كانت قد اشترطت في عقد الزواج شرطاً صحيحاً ،
ولم يف الزوج به ، وأباحت لها الشريعة الطلاق بالاتفاق بينها وبين زوجها ، ويتم
ذلك في الغالب بأن تتنازل للزوج أو تعطيه شيئاً من المال ، يتراضيان عليه ، ويسمى
هذا بالخلع أو الطلاق على مال ، ويحدث هذا عندما ترى الزوجة تعذر الحياة معه ،
وتخشى إن بقيت معه أن تخل في حقوقه ، وهذا ما بينه الله تعالى في قوله: (ولا يحل
لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ، فإن خفتم
ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به).
ولها طلب التفريق بينها وبينه ، إذا أُعسر ولم
يقدر على الإنفاق عليها ، وكذا لو وجدت بالزوج عيباً ، يفوت معه أغراض الزوجية ،
ولا يمكن المقام معه مع وجوده ، إلا بضرر يلحق الزوجة ، ولا يمكن البرء منه ، أو
يمكن بعد زمن طويل ، وكذلك إذا أساء الزوج عشرتها ، وآذاها بما لا يليق بأمثالها ،
أو إذا غاب عنها غيبة طويلة.
كل تلك الأمور وغيرها ، تعطي الزوجة الحق في أن
تطلب التفريق بينها وبين زوجها ، صيانة لها أن تقع في المحظور ، وضناً بالحياة الزوجية
من أن تتعطل مقاصدها ، وحماية للمرأة من أن تكون عرضة للضيم والتعسف.
منقول من موقع islamunveiled
عودة
تعدد الزوجات قبل الإسلام
تعدد الزوجات من النظم التي تعرضت لهجمات
المستشرقين الشرسة في إطار حملات مسعورة لم تتوقف أبدا للطعن في
الإسلام العظيم و رسوله الأمين (صلى الله عليه وسلم) .
والحملة على التعدد بدأها اليهود مبكرا في عهد
الرسول عليه الصلاة و السلام .
عن عمر مولى غفرة : (( قالت اليهود لما رأت
الرسول (صلى الله عليه وسلم) يتزوج النساء : انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من
الطعام ، ولا والله ماله همة إلا النساء )) ، وحسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك ..
وقالوا – لعنهم الله –
(( لو كان نبيا ما رغب في النساء .. وكان أشدهم في ذلك حيى بن أخطب ، فكذبهم الله
تعالى وأخبرهم بفضله وسعته على نبيه ، ونزل قوله سبحانه : {أم
يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله } –
يعنى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) –
{ فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب و الحكمة وآتيناهم ملكا عظيما } (1) يعني سبحانه ما
آتى داود وسليمان عليهما السلام ، فقد تزوج كلاهما أكثر مما
تزوج نبينا محمد (صلى الله عليه وسلم) ، وكان لكل منهما من الجواري ما لم يمتلك
مثله رسولنا عليه السلام .
وعلى مر العصور ظل أعداء هذا الدين في الداخل و
الخارج يحاولون الانتقاص من مبدأ التعدد ، واتخاذه ذريعة للتشكيك في القرآن الكريم
والرسول العظيم والشريعة الغراء .
ووصل الأمر بإحدى الدول الإسلامية إلى حظر تعدد الزوجات واعتباره جريمة
يعاقب عليها ، على غرار الدول الغربية !! وفي مصر.. حاولت جيهان زوج الرئيس الراحل
أنور السادات استصدار قانون مشابه يمنع التعدد ، لكن رجال الأزهر الشريف والتيار الإسلامي الجارف نجحوا في إحباط المحاولة ، وإن
كانت جيهان قد نجحت في تمرير قانون يجعل اقتران الرجل بأخرى إضرارا بالزوجة الأولى
يعطيها الحق في طلب الطلاق !! وبعد مقتل السادات وانهيار سطوة جيهان تم إلغاء هذه
المادة المخالفة للشريعة الغراء .
ولكن وسائل الإعلام المختلفة لم تتوقف عن
مهاجمة التعدد الشرعي والسخرية منه ، والتندر على معددي الزوجات في الأفلام
والمسلسلات الساقطة التي تقوم في ذات الوقت بتزيين الفواحش ، وتعرض اتخاذ العشيقات
على أنه أمر كوميدي للتسلية والفكاهة والتبسيط !!! وخرجت امرأة علمانية على شاشة
محطة دولية تهاجم التعدد في الإسلام ..!!
ووصل البعض إلى غاية السفه والضلال عندما نشر
في صحيفة أسبوعية قاهرية سلسلة مقالات عنوانها (( تعدد الزوجات حرام )) !! هكذا
بكل بساطة يحاول جاهل مغمور إلغاء نصوص القرآن والسنة بجرة قلم أحمق مخبول !!!
ووصل تضليل الرأي العام في البلاد الإسلامية حدا جعل النساء في ريف مصر يتداولون
قولا شائعا عن الرجل : (( جنازته ولا جوازته )) ، أي موته أفضل من زواجه بأخرى !!
لكل هذه الأسباب وغيرها جاء هذا (الكتاب) ..
وهو محاولة متواضعة لتصحيح المفاهيم ورد الأمور إلى نصابها ، والله المستعان على
ما يصفون ..
تعدد الزوجات قبل الإسلام
لم يبتكر الإسلام نظام التعدد .. فالثابت
تاريخيا أن تعدد الزوجات ظاهرة عرفتها البشرية منذ أقدم العصور .. كانت الظاهرة
منتشرة بين الفراعنة .. وأشهر الفراعنة على الإطلاق وهو رمسيس الثاني ، كان له
ثماني زوجات وعشرات المحظيات و الجواري ، وأنجب أكثر من مائة وخمسين ولدا وبنتا ..
وأسماء زوجاته ومحظياته وأولاده منقوش على جدران المعابد حتى اليوم ..
وأشهر زوجات رمسيس الثاني هي الملكة الجميلة
نفرتارى .. وتليها في المكانة و الترتيب الملكة (( أيسه نفر )) أو (( إيزيس نفر ))
وهى والدة ابنه الملك (( مرنبتاح )) الذي تولى الحكم بعد وفاة أبيه وإخوته الأكبر
سنا .
ويروى أن فرعون موسى كانت له عدة زوجات منهن
السيدة (( آسيا )) عليها السلام ، وكانت ابنة عمه ، ولم تنجب أولادا منه ، ولهذا
احتضنت سيدنا موسى – على نبينا وعليه الصلاة والسلام –
وقالت لفرعون عن الرضيع موسى الذي التقطته الخادمات من
صندوق عائم في مياه نهر النيل : { قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو
نتخذه ولدا } .(2)
وكان تعدد الزوجات معروفا في عهد أبى الأنبياء
خليل الرحمن إبراهيم – صلى الله على نبينا وعليه وسلم –
وأنجبت له السيدة هاجر الذبيح (( إسماعيل )) جد العرب عليه
السلام ، بينما رزقه الله من (( سارة )) بسيدنا (( إسحاق )) عليه السلام .
وجمع نبي الله يعقوب بين أختين –
ابنتي خاله لابان – هما (( ليا )) و ((
راحيل )) (3) وجاريتين لهما ، فكانت له أربع حلائل في وقت واحد ..
وأنجب عليه السلام منهما الأسباط ( أحد عشر
ولدا ) بالإضافة إلى سيدنا يوسف – عليه السلام .. وأمه هي (( راحيل ))
التي كانت أحب حليلات النبي يعقوب إلى قلبه ، وأنجبت له (( بنيامين )) بعد يوسف –
عليه السلام .
***
وكانت لسيدنا داود –
عليه السلام – عدة زوجات والعديد من
الجواري .. وكذلك كانت لابنه سليمان زوجات وجواري
عديدات .
ومن الضروري أن ننتبه هنا إلى ما بثه اليهود –
قاتلهم الله – من شائعات قبيحة ،
وأكاذيب مفضوحة عن النبي الكريم داود –
عليه السلام – فقد زعم أعداء الله أن
داود – عليه السلام –
افتتن بزوجة أحد قواده فأرسله إلى جبهة القتال ليموت هناك
فيتزوج داود من أرملته التي يريدها !! وهى فرية دنيئة أكد المفسرون الكبار –
ومنهم الإمام ابن كثير رضي الله عنه –
أنها مكذوبة ، ومن الإسرائيليات التي يجب طرحها وعدم الالتفاف إليها . (4)
والإيماء بعصمة الأنبياء عليهم السلام من ثوابت
العقيدة ، والطعن عمدا في طهارة المرسلين ونبل أخلاقهم هو كفر صريح يخرج من الملة –
والعياذ بالله ..
لقد كان لداود وسليمان زوجات كثيرات وعشرات من
الجواري ( ملك اليمين ) ، ومن ثم لا يتصور أن تبقى لأي منهما حاجة إلى غيرهن ..
وليس نبي الله داود الذي كان يصوم يوما ويفطر يوما هو الذي يتحايل ليتخلص من قائده
حتى يتزوج بعد ذلك من أرملته !!..
***
وكان تعدد الزوجات منتشرا في جزيرة العرب قبل
الإسلام أيضا ..
روى الإمام البخاري –
رضي الله عنه – بإسناده أن غيلان
الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة ، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( اختر منهن
أربعا ) .
وروى أبو داود –
رضي الله عنه – بإسناده أن عميرة
الأسدى قال : أسلمت وعندي ثماني نسوة ، فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال
: ( اختر منهن أربعا ) .
وقال الإمام الشافعي –
رضي الله عنه – في مسنده : أخبرني من
سمع ابن أبى الزياد يقول أخبرني عبد المجيد عن
ابن سهل عن عبد الرحمن عن عوف بن الحارث عن نوفل ابن معاوية الديلمى قال : أسلمت
وعندي خمس نسوة ، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( اختر أربعا أيتهن
شئت ، وفارق الأخرى ) .
وروى البخاري في كتاب النكاح أن النبي (صلى
الله عليه وسلم) آخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن عوف الأنصاري ، وعند
الأنصاري امرأتان ، فعرض عليه أن يناصفه زوجتيه وماله ، فقال له عبد الرحمن بن عوف
: (( بارك الله لك في أهلك ومالك .. دلني على السوق .. )) .
***
وكان تعدد الزوجات شائعا في الشعوب ذات الأصل
(( السلافى )) ..
وهى التي تسمى الآن بالروس والصرب والتشيك
والسلوفاك .. وتضم أيضا معظم سكان ليتوانيا وأستونيا ومقدونيا ورومانيا وبلغاريا
..
وكان شائعا أيضا بين الشعوب الجرمانية
والسكسونية التي ينتمي إليها معظم سكان ألمانيا والنمسا وسويسرا وبلجيكا وهولندا
والدانمارك والسويد والنرويج وانجلترا ..
ويلاحظ أن التعدد كان ومازال منتشرا بين شعوب
وقبائل أخرى لا تدين ب الإسلام .. ومنها الشعوب الوثنية في أفريقيا والهند والصين
واليابان
ومناطق أخرى في جنوب شرق آسيا .
***
ويقول الدكتور محمد فؤاد الهاشمي : (( إن
الكنيسة ظلت حتى القرن السابع عشر تعترف بتعدد الزوجات )).(5)
ولا يوجد نص صريح في أي من الأناجيل الأربعة
يحظر تعدد الزوجات ، وكل ما حدث هو أن تقاليد بعض الشعوب الأوروبية الوثنية كانت
تمنع تعدد الزوجات ( ونقول بعض الشعوب ، لأن أغلبها- كما ذكرنا –
كان يعرف تعدد الزوجات على أوسع نطاق ) ، فلما اعتنقت هذه
الأقلية التي تمنع التعدد النصرانية فرضت تقاليدها السابقة على النصرانيين ،
وبمرور الزمن ظن الناس أن تحريم التعدد هو من صلب النصرانية ، بينما هو تقليد قديم
فرضه البعض على الآخرين على مر السنين ..
ونحن نتحدى معارضي التعدد أن يأتونا بنص على
تحريم التعدد في أي إنجيل من الأربعة التي تمثل العهد الجديد ..
أما العهد القديم أو التوراة ففيها نصوص صريحة
على إباحة التعدد في دين الخليل إبراهيم وإسحاق ويعقوب ، وشريعة داود وسليمان ،
وغيرهم من أنبياء بنى إسرائيل – على نبينا وعليهم الصلاة والسلام ..
بل إن علماء الاجتماع والمؤرخين ، ومنهم وستر
مارك و هوبهوس و هيلير و جنربرج وغيرهم ، يلاحظون أن التعدد لم ينتشر إلا بين
الشعوب التي بلغت قدرا معينا من الحضارة .. وهى الشعوب التي استقرت في وديان
الأنهار ومناطق الأمطار الغزيرة ، وتحولت إلى الزراعة المنظمة والرعي بدلا من
الصيد وجمع ثمار الغابات و الزراعة البدائية .. ففي المرحلة البدائية من عمر
المجتمعات كان السائد هو نظام وحدة الأسرة ، ووحدة الزوجة ..
ويرى هؤلاء المؤرخون وعلماء الاجتماع أن نظام
التعدد سوف يتسع نطاقه كلما تقدمت المدنية ، واتسع نطاق الحضارة في العالم .
وشهادة هؤلاء العلماء –
وهم جميعا من غير المسلمين –
هي أقوى رد على المغالطين من معارضي التعدد الذين يزعمون أنه قد انقضى زمانه
وانتهى عصره !!
***
لقد كان تعدد الزوجات –
إذن – معروفا ومنتشرا في سائر أنحاء العالم
قبل أن يبعث النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) رحمة للعالمين ..
وكان التعدد مطلقا بلا أية حدود أو ضوابط أو
قيود .. لم يكن هناك كما يتضح من الأمثلة السابقة حد أقصى لعدد الزوجات أو
المحظيات ..
ولم يكن هناك اشتراط على الزوج أن يعدل بين
زوجاته ، أو يقسم بينهن بالسوية – كما أمر بذلك الإسلام ..
أفإذا أمر الإسلام العظيم بالرحمة والعدل
والمساواة بين الزوجات ، وتحديد الحد الأقصى بأربع زوجات ، وحظر التعدد إذا خشي
الزوج ألا يعدل – يأتي نفر من الجهلة والمتنطعين ليعترضوا
؟! هل من المعقول أن تأتينا الرحمة من السماء فنردها على الرحمن الرحيم ؟!
لقد كانت المجتمعات الجاهلية –
قبل الإسلام – تموج بألوان شتى من الظلم والجرائم والفواحش
ما ظهر منها وما بطن ..
وكانت المرأة بالذات هي الضحية والمجني عليها
على الدوام ، وفى كل المجتمعات كان الزوج يقضى معظم أوقاته في أحضان صاحبات
الرايات الحمراء ، ولا يعود إلى بيته إلا مكدودا منهك القوى خالي الوفاض من المال
والعافية !!
وما كانت المرأة تجرؤ على الإنكار أو الاعتراض
عليه !! وكان آخر يمضى الشهر تلو الشهر عند الزوجة الجميلة ، ويؤثر أولاده منها
بالهدايا والأموال الطائلة ، ولا تجرؤ الأخرى أو الأخريات ولا أولادهن على النطق
بكلمة واحدة إزاء هذا الظلم الفادح ..
فهل إذا جاء الإسلام واشترط تحقيق العدالة
والرحمة و البر والإكرام لكل الزوجات والأولاد على قدم المساواة .. هل إذا جاءت
مثل هذه الضوابط نرفضها ، ونتطاول على التشريع الإلهي وعلى النبي وعلى الدين كله
؟!
إنها حقا لا تعمى الأبصار .. ولكن تعمى القلوب
التي في الصدور السوداء !!
............
(1)
سورة النساء الآية 54.
(2) سورة القصص الآية 9
(3) كان الجمع بين الأختين جائزا حتى ذلك الوقت
ثم منعه القرآن بعد ذلك بنص صريح .
(4) ابن كثير –
تفسير القرآن العظيم – تفسير سورة ص الآيات
21 – 25.
(5) ( كان نصرانيا وأسلم ) كتاب الأديان في كفة
الميزان ص 109 .
==============
أسباب تعدد
الزوجات قبل الإسلام
حديث الأرقام
يأبى الله جل وعلا إلا أن يظهر آيات قدرته
ودلائل رحمته حينا بعد حين ..
وإذا كان على المؤمن أن يخضع لحكم ربه ولو لم
يدرك علة الحكم ، فإن غير المؤمنين يكتشفون في كل حين من أسرار التشريع الإلهي
وحكمته ، ما يجعل المنصفين منهم ينحنون إجلالا للرب العظيم ..
والمثال الواضح هنا إباحة تعدد الزوجات ..
ففي آخر الإحصاءات الرسمية لتعداد السكان
بالولايات المتحدة الأمريكية تبين أن عدد الإناث يزيد على عدد الرجال بأكثر من
ثمانية ملايين امرأة .. وفى بريطانيا تبلغ الزيادة خمسة ملايين امرأة ، وفى
ألمانيا نسبة النساء إلى الرجال هي 3 : 1 .. وفى إحصائية نشرتها مؤخرا جريدة ((
الميدان )) الأسبوعية (1) أكدت الأرقام أنه من بين كل عشر فتيات مصريات في سن
الزواج ( الذي تأخر من 22 إلى 32 سنة ) تتزوج واحدة فقط !! والزوج دائما يكون قد
تخطى سن الخامسة والثلاثين وأشرف على الأربعين ، حيث ينتظر الخريج ما بين 10 إلى
12 سنة ليحصل على وظيفة ثم يدخر المهر ثم يبحث عن نصفه الآخر !!
وقالت الصحيفة : إن العلاقات المحرمة تزيد ،
وكذلك ظاهرة الزواج العرفي في ظل وجود ملايين من النساء بلا زواج .. وأكدت
الباحثتان غادة محمد إبراهيم و داليا كمال عزام في دراستهما (2) تراجع حالات
الزواج بين الشباب بنسبة 90 % بسبب الغلاء والبطالة وأزمة المساكن .
***
وتقول إحصائية رسمية أمريكية : إنه يولد سنويا
في مدينة نيويورك طفل غير شرعي من كل ستة أطفال يولدون هناك [ صحيفة الأخبار
المصرية عدد 2/ 7 / 1968 ] ، ولا شك أن العدد على مستوى الولايات المتحدة يبلغ
الملايين من مواليد السفاح سنويا .
وفى كل من العراق وإيران اختل التوازن العددي
بين الرجال والنساء بصورة مفزعة بسبب الحرب الضارية التي استمرت بين البلدين ثماني
سنوات .. فالنسبة تتراوح بين 1 إلى 5 في بعض المناطق ( رجل لكل خمسة نساء ) و 1
إلى 7 في مناطق أخرى .. والأمر شديد الغرابة والخطورة في جمهورية البوسنة والهرسك
التي فرضت عليها حرب عنصرية قذرة طحنت البلاد أربع سنوات كاملة ( من عام 1992 حتى
عام 1996 ) .. فالنسبة في معظم أنحاء البوسنة والهرسك هي رجل لكل 27 امرأة !! نعم
1 إلى 27 !!! ولنا أن نتخيل حجم المأساة الاجتماعية التي يعيشها حاليا هذا البلد
المسلم الذي فرضت عليه الشيوعية عشرات السنين ، ثم تحرر من الشيوعية المجرمة ليقع
بين أنياب صليبية أشد فتكا وإجراما .. فماذا تفعل الفتيات المسلمات اللائي لا يجدن
أزواجا من المسلمين ؟ وهل نتركهن ليتزوجن من شباب الصرب الأرثوذكس أو الكروات
الكاثوليك ، لأن بعض المتنطعين و المتنطعات يأبون تعدد الزوجات ؟!! أو أن هؤلاء
يفضلون ويفضلن أن تتخذ الفتيات المسلمات عشاقا ( زناة من خلف الستار ) على النمط
الغربي المنحل ؟!!
***
وفى تحقيق ساخن عن (( انفجار العوانس )) تذكر
السيدة تهاني البرتقالي مراسلة الأهرام في الكويت ما حدث منذ سنوات عندما انتشرت
ظاهرة إرسال مئات الخطابات من فتيات إلى زوجات كويتيات تطالب كل فتاة في رسالتها
المرأة المتزوجة بقبول مشاركة امرأة أخرى لها في زوجها لحل مشكلة العنوسة في
المجتمع الكويتي والخليجي بصفة عامة .. ويقول التحقيق الذي نشرته مجلة الأهرام
العربي في عددها الأول : إن عدد عوانس الكويت حوالي 40 ألف فتاة .
وهو عدد ليس بالقليل بالمقارنة بتعداد الشعب
الكويتي ككل ، وهو نصف مليون نسمة ( أي أن نسبة العوانس في الكويت تبلغ 16 % من
عدد النساء في الكويت ، الذي يزيد على الربع مليون نسمة ) .
***
حرمان المرأة من العواطف أشد خطورة من حرمانها
الجنسي .. فمتعة الإشباع الجنسي بدون عواطف ليس لها أي تأثير لدى المرأة .. بينما
الكلمة الرقيقة واللمسة الحانية تأثيرها أكثر بكثير ، وتجعلها تنعم بالإشباع
الجنسي .. هذا ما يؤكده الدكتور سعيد عبد العظيم –
أستاذ الأمراض النفسية و العصبية بطب القاهرة –
ويضيف أن الحرمان العاطفي عند المرأة هو الطريق السريع إلى الانحراف أو البرود
الجنسي ، بالإضافة إلى العديد من الأمراض الجسدية والنفسية وغيرها .. (3)
$ يقول الدكتور محمد هلال الرفاعى أخصائي أمراض
النساء والتوليد :
عدم الزواج أو تأخيره يعرض المرأة لأمراض الثدي
أكثر من المتزوجة ، وكذلك سرطان الرحم والأورام الليفية .. وقد سألت كثيرا من
المترددات على العيادة : هل تفضلين عدم الزواج أم الاشتراك مع أخرى في زوج واحد ؟
كانت إجابة الأغلبية الساحقة هي تفضيل الزواج
من رجل متزوج بأخرى على العنوسة الكئيبة ، بل إن بعضهن فضلت أن تكون حتى زوجة
ثالثة أو رابعة على البقاء في أسر العنوسة .
وإذا كان هذا هو رأى العلم ، فإن المرأة
الطبيبة تكون أقدر على وصف الحال بأصدق مقال .. تقول طبيبة في رسالة بعثت بها إلى
الكاتب الكبير أحمد بهجت (( إنها قرأت إحصائية تقول : إن هناك ما يقرب من عشرة
ملايين سيدة وآنسة بمصر يعشن بمفردهن .. وهن إما مطلقات أو أرامل لم ينجبن أو
أنجبن ، ثم كبر الأبناء وتزوجوا أو هاجروا ، أو فتيات لم يتزوجن مطلقا ..
وتقول الطبيبة : هل يستطيع أحد أن يتخيل حجم
المأساة التي يواجهها عالم (النساء الوحيدات) ؟ إن نساء هذا العالم لا يستطعن
إقامة علاقات متوازنة مع الآخرين ، بل يعشن في حالة من التوتر والقلق والرغبة في
الانزواء بعيدا عن مصادر العيون و الألسنة والاتهامات المسبقة بمحاولات خطف
الأزواج من الصديقات أو القريبات أو الجارات .. وهذا كله يقود إلى مرض الاكتئاب ،
ورفض الحياة ، وعدم القدرة على التكيف مع نسيج المجتمع .
وتدق الطبيبة ناقوس الخطر محذرة مما يواجه
هؤلاء النسوة من أمراض نفسية وعضوية مثل الصداع النصفي و ارتفاع ضغط الدم
والتهابات المفاصل وقرحة المعدة والإثنى عشر والقولون العصبي واضطرابات الدورة
الشهرية وسقوط الشعر والانحراف الخلقي .. ويضطر الكثير منهن للارتباط برجل متزوج
.(4)
و الطريف أن بعض الدول الغربية التي تعانى من
المشكلة المزعجة ، وهى زيادة عدد النساء فيها على عدد الرجال ، اضطرت إلى الإقرار
بمبدأ تعدد الزوجات ، لأنه الحل الوحيد أمامها لتفادى وقوع انفجار اجتماعي لا قبل
لها بمواجهته ، أو علاج آثاره المدمرة .. حدث هذا في ذات الوقت الذي يرفع فيه بعض
المسلمين – اسما فقط –
راية الحرب على تعدد الزوجات وشرعيته !!
يحكى الدكتور محمد يوسف موسى ما حدث في مؤتمر
الشباب العالمي الذي عقد عام 1948 ، بمدينة ميونخ الألمانية .. فقد وجهت الدعوة
إلى الدكتور محمد يوسف وزميل مصري له للمشاركة في حلقة نقاشية داخل المؤتمر كانت
مخصصة لبحث مشكلة زيادة عدد النساء أضعافا مضاعفة عن عدد الرجال بعد الحرب
العالمية الثانية .. وناقشت الحلقة كل الحلول المطروحة من المشاركين الغربيين ،
وانتهت إلى رفضها جميعا ، لأنها قاصرة عن معالجة واحتواء المشكلة العويصة . وهنا
تقدم الدكتور محمد موسى وزميله الآخر بالحل الطبيعي الوحيد ، وهو ضرورة إباحة تعدد
الزوجات ..
في البداية قوبل الرأي الإسلامي بالدهشة و النفور .. ولكن الدراسة
المتأنية المنصفة العاقلة انتهت بالباحثين في المؤتمر إلى إقرار الحل الإسلامي للمشكلة ، لأنه لا حل آخر سواه ..
وكانت النتيجة اعتباره توصية من توصيات المؤتمر الدولي ..
وبعد ذلك بعام واحد تناقلت الصحف ووكالات
الأنباء مطالبة سكان مدينة (( بون )) العاصمة الألمانية الغربية بإدراج نص في
الدستور الألماني يسمح بتعدد الزوجات (5) وهكذا يتبين الحق ولو كره العلمانيون !!
***
والأخذ بنظام تعدد الزوجات جنَّب المجتمعات الإسلامي شرورا ومصائب لا حصر لها .. وتكفى
مقارنة بسيطة بين المجتمع السعودي مثلا –
الذي تندر فيه الجرائم الخلقية مثل الاغتصاب والدعارة –
وبين المجتمع الأمريكي الذي تكاد نسبة العشيقات فيه تزيد على نسبة
الزوجات .. كما تبلغ نسبة الأطفال غير الشرعيين فيه أكثر من 45 % من نسبة المواليد
سنويا !! وتقول الإحصاءات الرسمية الأمريكية إن عدد الأطفال غير الشرعيين كان 88
ألف مولود سنة 1938 ، ثم ارتفع إلى 202 ألف عام 1957 ، ووصل إلى ربع مليون مولود
من الزنا عام 1958 .. ثم قفز الرقم إلى الملايين من ثمرات الزنا في التسعينيات !!
والأرقام الحقيقية تكون عادة أضعاف الأرقام الرسمية التي تذكرها الحكومات .. وما
خفي كان أعظم !!
ولكل هذا تساءل الكاتب الشهير الفرنسي أتيين
دينيه : (( هل حظر تعدد الزوجات له فائدة أخلاقية ؟! ويجيب بنفسه : إن هذا الأمر
مشكوك فيه .. لأن الدعارة النادرة في أكثر الأقطار الإسلامية سوف تتفشى بآثارها المخربة ، وكذلك
سوف تنتشر عزوبة النساء بآثارها المفسدة ، على غرار البلاد التي تحظر التعدد . (6)
ضوابط التعدد
قال الله تعالى : { وإن خفتم ألا تقسطوا في
اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا
فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا } . (7)
قال ابن كثير في تفسير هذه الآية التي نصت على
إباحة تعدد الزوجات: أي أنه إذا كان تحت حجر أحدكم يتيمة وخاف ألا يعطيها مهر
مثلها فليعدل إلى ما سواها من النساء فإنهن كثير ولم يضيق الله عليه . (8)
وروى البخاري –
بإسناده – أن عروة بن الزبير سأل
خالته السيدة عائشة – رضي الله عنها –
عن هذه الآية فقالت : ( يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في
ماله ويعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط [ يعدل ] في
صداقها [ مهرها ] فيعطيها مثل ما يعطيها غيره ، فنهى الأولياء عن نكاح من عنده من
اليتامى إلا أن يقسطوا إليهن ، ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق [ أي يعطوهن أعلى
مهر تحصل عليه نظائرهن ] ، وأمروا [ وفى حالة خشية عدم العدل ] أن ينكحوا ما طاب
لهم من النساء سواهن [ من غير اليتامى الموجودات في كفالة هؤلاء ] ).
وروى أبو جعفر محمد بن جرير في تفسيره عن ربيعة
في معنى الآية ، قال تعالى عن اليتامى : اتركوهن فقد أحللت لكم أربعا .. وقال أبو
جعفر أيضا نقلا عن آخرين : انكحوا غيرهن من الغرائب اللواتي أحلهن الله لكم وطيبهن
من واحدة إلى أربع ، فإن خفتم أن تظلموا إذا تزوجتم من الغرائب أكثر من واحدة ،
فتزوجوا منهن واحدة فقط ، أو ما ملكت أيمانكم .. وقال آخرون : بل معنى ذلك النهي
عن نكاح ما فوق الأربع حرصا على أموال اليتامى أن يتلفها الأولياء ، وذلك أن قريشا
– في الجاهلية –
كان الواحد منهم يتزوج العشرة من النساء أو أكثر أو أقل ، فإذا أنفق ماله كله على
زوجاته العشر و صار معدما تحول إلى مال اليتامى فأنفقه على نسائه أو تزوج به
أخريات فنهاهم الله تعالى عن ذلك . (9)
وقال الإمام النسفى في تفسيره : (( قيل : كانوا
– في الجاهلية –
لا يتحرجون من الزنا ، ويتحرجون من ولاية اليتامى ، فقيل لهم إن خفتم ظلم اليتامى
فخافوا كذلك من الزنا فتزوجوا ما حل لكم من النساء ، ولا تحوموا حول المحرمات ..
أو أنهم كانوا يتحرجون من الولاية في أموال اليتامى ،
ولا يتحرجون من الاستكثار من النساء مع أن الظلم يقع بينهن إذا كثرن عن أربع ،
فكأنما يقال لهم : إذا تحرجتم من ظلم اليتامى فتحرجوا أيضا من ظلم النساء الكثيرات
، فإن خفتم من عدم العدل بين الزوجات فالزموا واحدة أو الإماء [ الجواري ] بلا حصر
حتى لا تظلموا أحدا .. (10)
وأما معنى { خفتم } فهو : إذا غلب على الظن عدم
القسط [ عدم العدل ] في اليتيمة فاعدلوا عنها [ اتركوها إلى غيرها ] .. وليس القيد
هنا لازما ، بمعنى أنه حتى في حالة من لم يخف الظلم في اليتامى فله أن يتزوج أكثر
من واحدة [ اثنتين أو ثلاثا أو أربعا ] مثل من يخاف الظلم تماما (11) فإباحة
التعدد حكم عام لكل المسلمين بضوابطه .
أما معنى قوله تعالى : { ذلك أدنى ألا تعولوا }
أي أقرب إلى ألا تظلموا ، وليس كما ذهب إليه البعض : (أدنى ألا تكثر عيالكم ) فقد
نقل الطبري عن ابن عباس ومجاهد وابن عمير أن العول هو الجور [ الظلم ] ، والميل
كما أن المعنى ليس كما قال آخر ذلك أدنى ألا تفتقروا ، فالمعنى لا يستقيم بذلك ،
وإنما الصحيح هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن الهدف هو ألا تظلموا ولا تميلوا
عن الحق .
عدم الزيادة على أربع
يستفاد من نص الآية الكريمة وأقوال المفسرين –
رضي الله عنهم – أن الله تعالى أحل
للمسلم من زوجة إلى أربع .. فلا تجوز الزيادة على أربع في وقت واحد ، فإذا خاف
الزوج أن يظلم إذا تزوج أكثر من واحدة فإن عليه أن يكتفي بزوجة واحدة فقط .
وكذلك إذا خاف ألا يعدل إن تزوج ثلاثة فعليه
الاكتفاء باثنين .. وإذا خاف زوج الثلاث الظلم إن تزوج بالرابعة فعليه الاقتصار
على الثلاث فقط .
والشريعة الغراء تحظر حتى الزواج بواحدة فقط
إذا خاف الزوج أن يظلمها .. ف الإسلام العظيم حريص على العدل في كل الظروف و
الأحوال .
وهناك إجماع بين العلماء على عدم جواز الجمع
بين أكثر من أربع زوجات (12) وإذا كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) قد جمع بين تسع
زوجات ، فهذا حكم خاص به عليه السلام ، ولا يجوز القياس عليه أو تعميمه .
وسوف نورد فيما بعد أسباب اقترانه عليه السلام
بكل زوجة وظروف كل زيجة ، لإزالة اللبس وسوء الفهم والرد على أكاذيب المستشرقين
واليهود بهذا الصدد ..
قال الإمام الشافعي –
رضي الله عنه – في مسنده : (( وقد دلت
سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) المبينة عن الله تعالى أنه لا يجوز لأحد غير رسول
الله (صلى الله عليه وسلم) أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة )) .. وذهب بعض الشيعة
إلى جواز الجمع بين تسع نسوة لكل مسلم ( مثنى + ثلاث + رباع
فيكون المجموع تسعا ) !!
وفى رأى أخر شاذ ، بل يجوز الجمع بين 18 زوجة (
على أساس مثنى تفيد 2+2 وثلاث تفيد 3+3 ، ورباع تفيد 4+4 فيكون المجموع 18 زوجة )
!!!
ولكن نصوص السنة القاطعة وعمل الصحابة
والتابعين ، تفيد اقتصار المسلم على أربع فقط ، كما أجمع علماء أهل السنة من السلف
والخلف على أنه لا يجوز لغير النبي (صلى الله عليه وسلم) الزيادة على أربع زوجات .
ونشير هنا إلى الأحاديث التي سبق أن أوردناها في الفصل الأول من هذا الكتاب ،
ومنها حديث الإمام البخاري – رضي الله عنه –
[ كما رواه مالك والنسائي والدارقطنى ] ، أن غيلان
الثقفي قد أسلم وله عشر زوجات فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) : ( اختر منهن
أربعا وفارق سائرهن ) .
وكذلك حديث أبى داود أن حارث بن قيس الأسدى قال
: أسلمت وعندي ثمان نسوة ، فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : ( اختر
منهن أربعا) .(13)
وقال ابن كثير موضحا معنى { مثنى وثلاث ورباع }
: انكحوا من شئتم من النساء إن شاء أحدكم اثنين وإن شاء ثلاثا وإن شاء أربعا ، كما
قال تعالى : { جاعل الملائكة رسلا أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع } (14) أي منهم من
له جناحان ، ومنهم من له ثلاثة أجنحة ، ومنهم من له أربعة أجنحة .. والمقام هنا
كما يقول ابن عباس – رضي الله عنه –
وجمهور العلماء وهو مقام امتنان وإباحة ، فلو كان يجوز للرجال الجمع بين أكثر من
أربع زوجات لذكره تعالى . (15)
ورد الإمام القرطبى على من زعم إباحة أكثر من
أربع قائلا : (( قال هذا من بعد فهمه للكتاب والسنة ، وأعرض عما كان عليه سلف هذه
الأمة ، وزعم أن (( الواو )) في الآية جامعة ، والذي صار إلى هذه الجهالة وقال هذه
المقالة هم الرافضة وبعض أهل الظاهر . وذهب البعض إلى أقبح منها فقالوا بإباحة
الجمع بين ثماني عشر زوجة ، وهذا كله جهل باللسان [ اللغة ] والسنة ، ومخالفة
لإجماع الأمة ، إذ لم يُسمع عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه جمع في عصمته أكثر
من أربع )) .
وبعد أن أورد الأحاديث التي أمر الرسول (صلى
الله عليه وسلم) الصحابة المشار إليهم بإمساك أربع وتطليق ما زاد عليهن ، أكد
القرطبى (16) أن ما أبيح للرسول (صلى الله عليه وسلم) من الجمع بين تسع زوجات هو
من خصوصياته (صلى الله عليه وسلم) ثم قال القرطبى : الله تعالى خاطب العرب بأفصح
اللغات ، والعرب لا تدع أن تقول تسعة وتقول اثنين ثلاثة أربعا ، وكذلك تستقبح من
يقول : أعط فلانا أربعة ستة ثمانية ولا يقول ثمانية عشر . وإنما الواو في الآية
الكريمة { مثنى وثلاث ورباع } ، هي بدل انحكوا ثلاثا بدلا من مثنى ، ورباعا بدلا
من ثلاث )) .. فإذا تزوج بخامسة يبطل العقد ، ويقام عليه الحد على اختلاف بين
العلماء في ذلك .. وقيل ولماذا لم يستخدم الله تعالى لفظ ( أو ) في الآية ؟ ورد
عليه القرطبى بأن ( أو ) لو استخدمت لجاز أن يمنع زوج الاثنين من اتخاذ ثالثة وزوج
الثلاث من اتخاذ رابعة ، بينما هذا مباح له .
القدرة على التعديد
أشرنا من قبل إلى أن القدرة شرط لاستخدام رخصة
تعدد الزوجات .. وذلك لأن زواج الثانية أو الثالثة أو الرابعة هو مثل زواج الأولى
، فيشترط فيه الاستطاعة المالية والصحية والنفسية .. فإذا انتفى شرط القدرة أو
الاستطاعة فلا يجوز التعدد .
وذلك بديهي ، لأن من لا يستطيع الإنفاق على
بيتين يجب عليه الاقتصار على واحدة . وزوج الاثنين عليه الاكتفاء بهما إذا لم يكن
في استطاعته أن يعول زوجة ثالثة أو رابعة وهكذا ..
والإنفاق الذي نقصده إنما يمتد أيضا إلى أولاده
من الزوجة أو الزوجات والاستطاعة الصحية –
في رأينا – هي القدرة على ممارسة
الجماع مع الزوجات ، لأن واجب الزوج أن يلبى الرغبات الطبيعية للزوجة أو الزوجات
حتى يساعدهن على التزام العفة والطهارة .. فإذا كان الزوج
عاجزا جنسيا مثلا فإنه لا يتصور السماح له بإمساك حتى ولو زوجة واحدة ، لأن في ذلك
ظلما فادحا لها ..
ونرى كذلك أن الرجل الذي تؤهله قدرته الجنسية
للزواج بواحدة فقط يحظر عليه الاقتران بغيرها حتى لا يظلمها ، ويفوت مصلحتها من
الزواج ، والأمر في ذلك يتوقف على ظروف كل حالة على حدة ، ويعتمد أولا على ضمير
الزوج وصدقه مع النفس ، وورعه في دينه سوف يمنعه من ظلم زوجته أو زوجاته
فإذا أصر الرجل على إمساك زوجة أو زوجات لا
يقدر على إمتاعهن بالجماع بالقدر المعقول ، فإن لها أو لهن الحق في اللجوء إلى
القضاء لطلب التطليق للضرر وخشية الفتنة .. وللقاضي هنا سلطة واسعة في تقدير مدى
الضرر حسب كل حالة على حدة ..
أما القدرة النفسية فنعنى بها القدرة على تطبيق
معايير العدالة بين الزوجات في كل شئ ممكن بغير محاباة لإحداهن أو لأولاده منها ،
على حساب زوجته أو زوجاته الأخريات وأولادهن منه ..
فإذا تخلف أحد مقومات الاستطاعة أو المقدرة
الثلاثة المذكورة لا يجوز تعديد الزوجات مطلقا .
العدل بين الزوجات
يقول الله تبارك وتعالى : { فإن خفتم ألا
تعدلوا فواحدة .. } (17)
ويقول عز من قائل : { ولن تستطيعوا أن تعدلوا
بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن
الله كان غفورا رحيما ) (18) فكيف يمكن التوفيق بين النصين ؟ وما هي العدالة المطلوبة
؟
يقول الإمام القرطبى : (( أخبر الله تعالى بعدم
استطاعة تحقيق العدل بين النساء في ميل الطبع في المحبة والجماع والحظ من القلب ،
فوصف الله تعالى حالة البشر وأنهم بحكم الخلقة لا يملكون ميل قلوبهم إلى بعض دون
بعض .
ولهذا كان (صلى الله عليه وسلم) يقسم بين
زوجاته [ في النفقات ] ، فيعدل ثم يقول : ( اللهم إن هذه قسمتي فيما أملك فلا
تلمني فيما تملك ولا أملك ) .. ثم نهى الله تعالى عن المبالغة في الميل فقال : {
فلا تميلوا كل الميل } أي لا تتعمدوا الإساءة –
كما قال مجاهد – الزموا التسوية في
القسم والنفقة لأن هذا مما يستطاع )) .(19)
وروى قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن
أبى هريرة قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( من كانت له امرأتان فلم
يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه مائل ) (20) . والمقصود هنا الذي لا يعدل في
النفقة والمبيت وليس في الحب وهوى القلب ، فلا أحد يملك القلوب سوى رب القلوب ).
وقال ابن عباس وابن جرير والحسن البصري : { كالمُعَلقة } أي تتركونها لا هي مطلقة
[ فتبتغى زوجا آخر ] ولا هي ذات زوج [ يرعاها ويقوم على شئونها ويعطيها حقوقها ] ،
وقال قتادة { كالمعلقة } أي كالمسجونة .. وكان أبى بن كعب –
رضي الله عنه – يقرأ الآية هكذا : {
فتذروها كالمسجونة } ..
وقرأ ابن مسعود –
رضي الله عنه –
{ فتذروها كأنها معلقة } وهى قراءات لتوضيح المعنى فحسب ، وليست تغييرا في نصوص
المصحف الشريف أو ألفاظه –
حاشا لله ..
يقول الشيخ السيد سابق : (( فإن العدل المطلوب
هو العدل الظاهر المقدور عليه ، وليس هو العدل في المحبة و المودة و الجماع )) .
(21)
قال محمد بن سيرين –
رضي الله عنه – (( سألت عبيدة عن هذه
الآية فقال : العدل المنفى في الحب والجماع )) . وقال أبو بكر بن العربي [ عن الحب
] : ذلك لا يملكه أحد إذ قلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفه كيف يشاء ، وكذلك
الجماع فقد ينشط للواحدة ما لا ينشط للأخرى .. فإن
لم يكن ذلك بقصد منه فلا حرج عليه فيه ، فإنه لا يستطيعه فلا يتعلق به تكليف )) .
وقال الإمام الخطابي : (( يجب القسم بين
الحرائر الضرائر ، وإنما المكروه في الميل هو ميل العشرة الذي يترتب عليه بخس
الحقوق [ المادية ] دون ميل القلوب )) ،ويقول الشيخ سيد قطب رحمة الله عليه : ((
المطلوب هو العدل في المعاملة والنفقة والمعاشرة والمباشرة .. أما العدل في مشاعر
القلوب وأحاسيس النفوس فلا يطالب به أحد من بنى الإنسان ، لأنه خارج عن إرادة
الإنسان ، وهو العدل الذي قال الله عنه { ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء } هذه
الآية التي يحاول بعض الناس أن يتخذ منها دليلا على تحريم التعدد ، والأمر ليس
كذلك .. وشريعة الله ليست هازلة حتى تشرع الأمر في آية وتحرمه في آية أخرى .. ولأن
الشريعة لا تعطى باليمين وتسلب بالشمال !!
فالعدل المطلوب في الآية هو العدل في النفقة
والمعاملة و المعاشرة و المباشرة ، ويدونه يتعين عدم التعدد ، فهو يشمل سائر
الأوضاع الظاهرة بحيث لا ينقص زوجة شيئا منها ، وبحيث لا تؤثر إحدى الزوجات على
الأخريات بشيء من نفقة أو معاشرة أو مباشرة ، وذلك على النحو الذي كان الرسول (صلى
الله عليه وسلم) – وهو أرفع إنسان عرفته البشرية –
يفعله ويقوم به ، في الوقت الذي كان الجميع لا يجهلون أنه عليه السلام كان يحب
عائشة لكن هذا لم يجعله يفضلها على غيرها في القسم أو النفقة .(22)
***
والخلاصة أن الميل القلبي أو الحب لزوجة أكثر
من غيرها – فيما نرى –
يجب أن يظل في مكانه داخل الصدر ، ولا يترجم إلى
تصرفات أو من أفعال من شأنها أن تجرح أحاسيس باقي الزوجات أو تضر بمصالحهن ومصالح
أولادهن لحساب الزوجة المحظية وأولادها ..
ونحن أولا وأخيرا بشر ولسنا ملائكة ، ولهذا يجب
أن يقنع الجميع بالعدالة فيما يستطاع ، فالعدل المطلق لا مكان له إلا في الآخرة
عند الله تعالى الذي لا يظلم عنده أحد .. ولا سبيل إلى إجبار أحد من البشر على
العدل في المشاعر والأحاسيس ..
والله تعالى بعدله ورحمته سوف يعوض تلك التي لا
تحظى بقدر كبير من الحب أو الجاذبية أو محبة زوجها ، سوف يعوضها إن صبرت واتقت كل
الخير في الدنيا والآخرة .. ولعل هذا الوضع يكون اختبارا لها وابتلاء من الله تؤجر
عليه إن صبرت وامتثلت لأمر الله ، ونذكر هنا مثل هذه الزوجة بأن بقاءها مع زوجها
وتمتعها بقدر منقوص من حبه ، مع كل حقوقها الأخرى وحقوق أولادها ، خير لها ألف مرة
من الطلاق البغيض والحرمان التام من كل ذلك .. فالدنيا ليست دار بقاء ومتاعها ناقص
وزائل في النهاية ، والنعيم المقيم والسعادة التامة مكانها الجنة وليست الأرض ..
وأخيرا فإنه لو كان صحيحا أن الآية 129 من سورة
النساء تحظر التعدد [ لأنها كما زعموا : قطعت بأن العدل بين النساء مستحيل ] نقول
لو كان هذا صحيحا لكان واجبا أن يطلق الرسول عليه السلام وأصحابه زوجاتهم فور نزول
الآية ويكتفي كل منهم بواحدة ، لكنهم لم يفعلوا ، وحاشا لله أن يخالف النبي (صلى
الله عليه وسلم) وصحابته أمر الله في مثل هذه الحالة أو غيرها ..
ولهذا فالصحيح أن التعدد مسموح به ومباح إلى
قيام الساعة .. خاصة وأن من علامات الساعة أن ( تبقى النساء ويذهب الرجال حتى يكون
لخمسين امرأة قيم [ رجل ] واحد ) حديث شريف (23)
القسم بين الزوجات
القَسم –
بفتح القاف وسكون السين –
لغةً هو : توزيع الأنصاب على عدد من الناس .. أما القِسم –
بكسر القاف – فهو النصيب ذاته
والجمع أقسام .
وأما في اصطلاح الفقهاء فمعناه العدل بين
الزوجات في المبيت والنفقة وغيرها (24) والعدل أو القسم واجب على الزوج في الطعام
والسكن والكسوة والمبيت [ عند كل واحدة مثل الأخرى ] ، وسائر الأمور المادية بلا
تفرقة بين غنية وفقيرة أو عظيمة وحقيرة ، فإذا خاف عدم العدل وعدم الوفاء بحقوقهن
جميعا فإنه يحرم عليه الجمع بينهن . (25)
والعبرة في النفقة –
طبقا للراجح من مذهب الأحناف –
هي بحالة الزوج يسرا أو عسرا بغض النظر عن حال الزوجات . وعلى ذلك تجب التسوية
بينهن في النفقة وتشمل المأكل والمشرب والملبس والمسكن ..
لأن القول بغير ذلك من شأنه أن يتسبب في
الخلافات و الأحقاد والعداوات بين الزوجات وأولاد كل منهن ، وهم أولاد رجل واحد .
ولذلك نشدد على ضرورة العدل التام في النفقات
وسائر الأمور المادية . كما يجب – في رأينا –
أن يجتهد الأب لإخفاء مشاعره ومحبته لإحدى زوجاته عن الأخريات
، فالفطنة والكياسة والحكمة مطلوبة من الزوج حماية لكيان الأسرة ومنعا للخلافات ..
وضع الفقهاء شروطا للقسم ... أولها العقل : إذ
لا يجب القسم على المجنون ، أما الزوجة المجنونة فيجب القسم لها إذا كانت هادئة
قائمة بمنزل زوجها بحيث يمكنه مباشرتها ، وإلا فلا قسم لها .
والشرط الثاني للقسم أن يكون الزوج بالغا ، أما
الزوجة فلا يشترط لها البلوغ ، بل يكفى أن تكون مطيقة للوطء ، فإذا لم يكن الزوج
بالغا وظلم أحدى زوجاته ، فإن الإثم يقع على وليه ، لأنه هو الذي زوجه ، وهو الذي
احتمل مسئولية ذلك ، فعليه أن يدور به على نسائه ليعدل بينهن .(26)
والشرط الثالث للقسم : ألا تكون المرأة ناشزا
.. فإن كانت عاصية خارجة على طاعة زوجها فلا حق لها في القسم .. ولا يسقط القسم
وجود مانع يمنع الوطء ، سواء كان هذا المانع بالزوجة مثل الحيض أو النفاس أو المرض
، أو كان المانع بالزوج مثل المرض أو الضعف الجنسي ، لأن الوطء ليس لازما للقسم ،
فالمبيت الغرض منه الأنس وليس الجماع بالضرورة .. فإذا كان الزوج مريضا مرضا لا
يستطيع معه الانتقال فيجوز له أن يقيم عند من يستريح لخدمتها وتمريضها .. وذلك
مأخوذ من فعل الرسول (صلى الله عليه وسلم) عندما داهمه مرض الموت فأذنت له زوجاته –
رضي الله عنهن – بأن يقيم في منزل
السيدة عائشة – رضي الله عنها –
لما يعلمن من حبه لها وارتياحه لتمريضها له وخدمتها إياه ..
ولا يجوز مطلق ترك إحدى الزوجات بغير جماع عمدا
بحجة عدم الحب لها ، لأن هذا يؤدى إلى تعريضها للفتنة و الفساد .. فإذا لم يجامعها
بالقدر الكافي لعفتها وإحصانها فلا مفر من الطلاق ، ولعل الله يبدلها زوجا خيرا
منه ، ويبدله زوجا خيرا له منها .
وهناك رأى وجيه يحدد حق كل زوجة في المبيت عندها
بليلة كل أربع ليال على اعتبار أنه يحق له الزواج من أربع .. وهو ذات الحق بالنسبة
للمتزوج بواحدة الذي تشغله العبادة أو العمل فعليه أن يبيت عند زوجته ليلة واحدة
كل أربع ليال ، وله أن يتعبد الثلاث ليال الباقيات ..
وهناك الرأي الراجح الذي ذكرناه من قبل وذهب
إلى ضرورة أن يجامع الرجل كل زوجة بالقدر المعقول الذي يكفى لعفافها وصرفها عن
التعلق بغيره .. ويرى بعض الأحناف أنه يجب الحكم للزوجة قضاء بالوطء من وقت لأخر ،
بما يراه القاضي كافيا لإعفافها وإحصانها ..
ويرى المالكية أنه يحرم على الزوج الامتناع
عمدا عن جماع إحدى الزوجات في نوبتها ليوفر قوته وحيويته لجماع أخرى أجمل منها
يتلذذ بها أكثر .. فإذا كان عند صاحبة النوبة ووجد في نفسه الميل والقدرة على
الجماع ثم امتنع عامدا ليوفر قوته للأجمل فنه يأثم بذلك ، لأنه إضرار متعمد منه
بصاحبة النوبة ، حتى ولو لم تتضرر بالفعل ولم تبادر بالشكوى ..
وللزوج أن يقسم بين زوجاته حسب حالة .. فإن كان
يعمل بالنهار قسم بينهن بالليل ، ولو كان عمله الذي يكسب قوته منه ليلا [ مثل
الحارس وغيره ] ، قسم بينهن بالنهار .. أي لكل واحدة ليلة أو يوم مثلا ، أو لكل
واحدة يومان أو ليلتان .. ويجوز أن يقسم بينهن : لكل واحدة أسبوع أو أكثر بالتراضي
بينهن ، على تفصيل واختلاف في الآراء بين المذاهب .(27)
ويحرم على الزوج أن يجامع غير صاحبة النوبة ،
ولا أن يُقبّل ضرتها .. ويجوز له الدخول على زوجاته من غير صاحبة اليوم أو الليلة
للضرورة أو لقضاء حاجة أو إذا احتاجت منه شيئا من المصروفات أو لرعاية الأولاد
وغير ذلك من المصالح الضرورية .
ويرى الحنابلة أن القسم يجب أن يكون ليلة و
ليلة ، بحيث لا تزيد عن ذلك إلا بالتراضي عليه .. وله أن يخرج في ليلة كل واحدة
منهن لقضاء ما جرت عليه العادة من صلوات وأداء حقوق وواجبات وغيرها .. وليس له أن
يتعمد الخروج الكثير في ليلة إحداهن دون الأخرى ، لأن ذلك ظلم وإجحاف بها [ إلا
إذا رضيت بذلك ] .
ويضيف الحنابلة حكما طريفا آخر هو : أنه لا
يجوز للزوج الدخول على أي زوجة أخرى غير صاحبة النوبة ليلا إلا في النوازل الشديدة
، مثل مرض الموت إذا كانت تريد أن توصى إليه وغير ذلك من الأمور الخطيرة فحسب ..
أما في النهار فيجوز له الدخول على غير صاحبة النوبة لقضاء حاجة بشرط ألا يطيل
البقاء عندها ، فإن أطال البقاء عندها يقضى اليوم لضرتها ، وإذا جامع غير صاحبة
النوبة فإنه يلتزم بقضاء الجماع لصاحبة النوبة [ أي يجامعها مرة بدلا وعوضا عن
جماعه لغيرها ] خلافا لرأى الشافعية .
وبالنسبة للزوجة الجديدة نحن نرجح رأى الأحناف
الذي لا يعطى لأي زوجة قديمة أو جديدة استثناء في المبيت ، وكذلك لا فرق بين البكر
والثيب [ من سبق لها الزواج ] ولو تزوج بكرا جديدة أو ثيبا جديدة يبدأ المبيت
عندها : سبع ليال للبكر وثلاث ليال إذا كانت الجديدة ثيبا ، ثم يعوض نساءه
الباقيات عن هذه المدة ، فذلك هو ما يقتضيه مبدأ العدل بين الزوجات .. وسنة الرسول
(صلى الله عليه وسلم) تدل على التسوية في القسم ، ولكن يكون البدء بالدور للجديدة
فهذا جائز ، ثم يعطى الأخريات من الأيام والليالي مثل ما أمضى عند الجديدة ..
ويجوز للزوجة أن تتنازل لضرتها عن نصيبها
بمقابل أو بغير مقابل .. وإذا تنازلت لها ثم رجعت يجوز هذا الرجوع . (28)
وقد تنازلت أم المؤمنين سودة بنت زمعة –
رضي الله عنها – عندما كبرت في السن عن
ليلتها للسيدة عائشة – رضي الله عنها –
لما تعلمه من حب النبي (صلى الله عليه وسلم) لها .. وهكذا ضربت السيدة
سودة أروع الأمثلة ، واكتفت بأن تحشر يوم القيامة ضمن أزواج المصطفى (صلى الله
عليه وسلم) وكفى بها نعمة .
وفى حالة سفر الزوج هناك تفرقة بين سفر
الانتقال من بلد إلى بلد آخر للاستقرار فيه [ مثل من يسافر من الريف للاستقرار
بمدينة معينة ، أو يهاجر نهائيا من دولة إلى أخرى ] ، وبين السفر العارض المؤقت
الذي يرجع بعده إلى بلده الذي به زوجاته .
فإذا كان الزوج مسافرا إلى البلد الآخر ليستقر
به نهائيا فيجب عليه اصطحاب كل الزوجات معه إن تيسر ذلك ، أو إجراء قرعة بينهن
ليأخذ الفائزة في القرعة معه بعض الوقت ثم يعيدها وتسافر إليه أخرى ، وهكذا .. فإن
تعذر عليه هذا الحل أيضا لا مفر من تطليق من لا يريدها وإمساك من يريد اصطحابها
معه إلى حيث يستقر نهائيا ، فهذه الحالة ليست سفرا بالمعنى الدقيق وإنما هي هجرة
في حقيقة الأمر ، فلا يجوز هنا هجر بعض الزوجات واصطحاب البعض الآخر إلا برضا
الجميع ، وهو يكاد يكون مستحيلا في هذه الحالة ، لأن الزوجة المرغوب عنها سوف تفقد
زوجها نهائيا برحيله إلى البلد الآخر . (29)
أما إذا كان السفر مؤقتا لغرض التجارة أو الحج
أو الغزو أو العلاج أو السياحة وغيرها ، فالرأي الذي نرجحه هو أنه يجب على الزوج
إجراء قرعة بين الزوجات لتحديد من تسافر معه .. ومدة السفر المؤقت هنا تسقط من
الحساب ، بمعنى أنها تعتبر من نصيب الفائزة في القرعة وحدها ولا تعويض للأخريات
عنها عند العودة من السفر .. وإذا سافرت الزوجة وحدها فلا تعويض لها عما فاتها في
غيابها .. أما إذا سافرت كل الزوجات مع زوجهن فإن عليه القسم بينهن كما كان يفعل
في بلده الأول ..
وأخيرا : هل يجوز للزوج أن يجمع بين زوجاته في
مكان واحد ؟
يرى الفقهاء أنه إذا كان المنزل يحتوى على عدة
شقق أو أدوار لكل منها باب خاص بها ولها منافع تامة مستقلة عن بقية الشقق [ دورة
مياه و مطبخ ومنشر لتجفيف الملابس المغسولة ] فإنه يجوز للزوج أن يجمع بين زوجاته
في هذا المنزل ولو بدون رضا كل منهن ، طالما أن كل واحدة سوف تسكن في شقة منفصلة
ومستقلة عن الأخريات . (30)
أما إذا كان المسكن له باب واحد ودورة مياه
واحدة ومطبخ واحد ، وبه عدة حجرات أو حجرة واحدة فلا يجوز للرجل أن يجمع كل زوجاته
في مثل هذا المنزل إلا برضائهن جميعا .. وكذلك لو كانوا جميعا على سفر وأقاموا في
غرفة أو خيمة واحدة [ مثل السفر للحج مثلا ] فيجوز في هذه الحالة برضاهن أو بدون
رضاهن في حالة الضرورة [ مثل تكدس الخيام في منى وعرفات ] .
وأفتى المالكية بأن مجامعة الرجل زوجته أمام
الأخرى أو الأخريات حرام ، وليس مكروها ، والحرمة تشمل كل الحالات سواء كانت
الزوجة محل الجماع مكشوفة العورة للأخريات أم لا (31)... ونحن نؤيد هذا الرأي
المالكي السديد ، فالحقيقة أنه لا يجوز مثل هذا الجماع من الناحية الإنسانية ، لأن
فيه جرحا عميقا لمشاعر الأخريات ، وإثارة سخيفة للغريزة والأحقاد فيما بينهن ..
كما أن فيه خدشا لحياء من يجامعها زوجها أمام الأخريات ..
والإنسان الذي كرمه الله يختلف عن الحيوانات
العجماوات ، ولهذا ترفض الفطرة الإنسانية السليمة مثل هذا الجماع أمام أخريات ..
بل إن بعض الحيوانات مثل القطط يستحيل عليها ممارسة الجنس إذا كان هناك من يراقبها
أو يراها ، أو حتى يقف قريبا منها ، ولو لم يكن يراها !! وسبحان الله الذي أعطى كل
شيء خلقه ثم هدى ...
ونرى أنه يمكن للزوج زيادة نفقة إحدى الزوجات
عن الأخريات في حالات وظروف خاصة ، منها زيادة عدد أولادها عن الأخريات .
فإذا أعطى مثلا ستة أرغفة لزوجة عندها خمسة
أطفال بينما أعطى من لها ثلاثة أربعة أرغفة فإنه لا يكون ظالما بداهة .. بل هذا هو
صميم العدل ، إذ القسمة هنا على أساس أن لكل فرد رغيفا .. وكذلك إذا كانت أحدى
الزوجات مريضة مرضا شديدا يحتاج إلى علاج . وعلى الزوجات الأخريات أن يحمدن الله
على نعمة العافية ، ولا يطلبن مقابلا لما تكلفه علاج أختهن المريضة .
***
وإذا اشترطت المرأة في عقد الزواج ألا يتزوج
عليها ، فإن على الزوج احترام العقد وعدم الاقتران بأخرى إلا برضا الزوجة الأولى
وتنازلها عن الشرط .. ففي الحديث الشريف : ( إن أحق الشروط أن توفوا ما استحللتم
به الفروج ) [رواه البخاري ومسلم] .. ومعنى الحديث الواضح أن الشروط المدرجة في
عقد الزواج هي أولى الشروط بالاحترام والالتزام .
...
(1) عدد الثلاثاء 6 مايو 1997 .
(2) أعدت تحت أشراف أساتذة المركز القومي
للبحوث الاجتماعية والجنائية.
(3) مجلة طبيبك الخاص عدد مايو 1997 .
(4) صندوق الدنيا –
الأهرام – عدد 13 مايو 1997 م .
(5) السيد سابق –
فقه السنة – نظام الأسرة –
المجلد الثاني – ط مكتبة المسلم –
ص 104.
(6) كتاب محمد رسول الله ، ترجمة المرحوم
الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر الأسبق
(7) الآية 3 من سورة النساء .
(8) ابن كثير –
تفسير القرآن العظيم – تفسير الآية 3 من سورة
النساء .
(9) راجع جامع البيان في تفسير القرآن لابن
جرير الطبري تفسير سورة النساء .
(10) تفسير النسفى –
سورة النساء .
(11) السيد سابق - فقه السنة –
المجلد الثاني نظام الأسرة –
ط مكتبة المسلم ص 95 الهامش .
(12) السيد سابق –
المرجع السابق .
(13) راجع الفصل الأول "التعدد قبل الإسلام" من هذا الكتاب.
(14) الآية الأولى من سورة فاطر
(15) ابن كثير... المرجع المشار إليه من قبل
(16) الجامع لأحكام القرآن –
القرطبى – ط الريان –
ص 1578 .
(17) الآية 3 من سورة النساء .
(18) الآية 129 من سورة النساء .
(19) الجامع لأحكام القرآن للقرطبى –
الآية 129 من سورة النساء .
(20) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة
والترمذي .
(21) فقه السنة –
المجلد الثاني – نظام الأسرة ص 99 .
(22) سيد قطب –
في ظلال القرآن – الجزء الأول –
ط دار الشروق – ص 582 .
(23) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي
وابن ماجه .
(24) الفقه على المذاهب الأربعة –
الجزء الرابع – قسم الأحوال الشخصية –
ط الريان – ص 213 وما بعدها .
(25) السيد سابق –
فقه السنة – ط مكتبة المسلم –
المجلد الثاني ص 98 .
(26) الفقه على المذاهب الأربعة .
(27) الفقه على المذاهب الأربعة –
الجزء الرابع ص 216 وما بعدها ..
(28) المرجع السابق ص 219
(29) لمرجع السابق ص 220 .
(30) راجع التفاصيل في المرجع السابق ص 223 .
(31) المرجع السابق ص 224 .
====================
قضية تعدد
الزوجات بأعين الأمم المعاصرة
قضية تعدد الزوجات بأعين الأمم المعاصرة .. (
نصرانية ترى التعدد ضرورة ) !!!
[ موضوع طويل ولكن أرجو قراءته حتى نهايته ،
فقد تضمّن حقائق و.. و ... ]
أولاً :
هذه القضية أجلب عليهـا أعداء الإسلام بخيلهـم
ورَجِلِهم زاعمين أن هذا الفعل – أي التعدد – وحشية لا ترتضى وشهوانيـة غير
مقبولـة ، وانتقـاص لحـقِّ المـرأة لا يُستساغ ، و ظُلْمٌ لها ، و … إلخ تلك
الافتراءات .
ثانياً : التعدد من منظور عصري !
"كيف يجوز أن يجـرؤ الغربيون على الثورة
ضد تعدد الزوجات المحدود عند الشرقيين ما دام البغاء شائعاً في بلادهـم ؟ … فلا
يَصحّ أن يُقـال عن بيئة : أن أهلها ( موحِّدون للزوجـة ) ما دام فيها إلى جانب
الزوجة الشرعية خدينات من وراء ستار!
ومتى وَزَنَّـا الأمور بقسطاس مستقيم ظهـر لنا
أن تعـدد الزوجات الإسلامي الذي
يَحـفــظ
ويَحمــي
ويُغــذي
ويَكسو النساء
أرجح وَزْنـاً من البغـاء الغربي الذي يسمح بأن
يَتّخِـذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهواته ، ثم يقـذف بها إلى الشـارع متى قضى منها
أوطاره "
[ ليس هذا من قول أحـد دعـاة الإسـلام !!
إنما هو من قول ( أني بيزانت ) زعيمة
التيوصوفية العالمية ، وذلك في كتابهـا : الأديان المنتشرة في الهند فاعتبروا يا
أولي الأبصار ! ]
قـال ( اليوتنان كولـونيل كـادي ) :
إن تعـدد الزوجـات تُجيزه الشريعة الإسلامية
بشروط محدودة ، وبالفعل نرى العالم كله يستعمله .
وقال أيضا :
من الواضح أن الفرنسوي الثري الذي يُمكنه أن
يتزوّج باثنتين فأكثر ، هو أقل حـالاً من المسلم الذي لا يحتاج إلى الاختفاء إذا
أراد أن يعيش مع اثنتين فأكثر وينتج عن ذلك هذا الفرق : أن أولاد المسلم الذي
تعدّدت زوجاته متساوون ومُعْتَرَف بهـم ، ويعيشون مع آبائهم جهرة بخلاف أولاد
الفرنسوي الذين يُولدون في فـِراشٍ مُخْتَفٍ فهم خارجون عن القانون .
وهذا ما دعا ( الصِّـين ) أن تعتزم إدخال
تعديلات على قوانين الزواج الحالية في محاولة للحدّ من ظاهرتي
: ( تنـامي العـلاقـات غير الشرعيـة ، والعنـف
بين المتزوّجين ) .
ولذا يقول المسـؤول البرلماني الصيني (هو كانج
شينج ) : إن التشريع الحالي بحاجة إلى تحديث … وأن هناك حاجة إلى إجـراء تغييرات
لتسهيل إيجـاد علاقة زواج ونظام أسري أكثر تحضّراً في الأمـــة .
[ نظام أسري أكثر تحضّراً ] !!!!
ويُفيد الدّارِسُون لوضع المجتمع الصيني أن
نسبـة الطلاق المرتفعـة في الصين قد حَفَزَتْ السلطـات على اقتراح [ تجريـم ! ]
إقامة أي علاقة خارج الزواج ، وإرغام مرتكبي الزنا على دفع تعويضات لشركائهم في
الزواج ، وإلزامهم بقضـاء ثلاث سنـوات منفصلين قبل إيقـاع الطلاق .
نشرت صحيفة الحــياة في العدد (13099) أن
أستاذة " لاهوت " في جنوب أفريقيا دَعَتْ إلى السماح للبيض بتعدد
الزوجات ، لمواجهـة ارتفـاع معدل الطلاق في البلاد ، وهو من أعلى المعدلات في
العالم .
وتقول الأستاذة " لاندمان " :
ليس هناك سوى عـدد محدود للغاية من الرجال في
العالم ، فقد قُتِل بعضهم في الحروب ، والآن حـان الوقت كي تختار المرأة زوجـاً من
بين الرجال المتزوجين ، وأن تتفاوض مع زوجته على أن تُصبح فرداً من أفراد أسرته …
( بتصرّف عن الصحيفة ) .
ها نحن تراهم يعتبرون التعدد حَـلاًّ لارتفاع
معدل الطلاق ، وقلّة الرجال !!
فأحكام الجاهلية المعاصرة مبنيّة على الفساد !
وصدق الله الذي سمّى حُكـم غيره حكمـاً جاهلياً
فقال : ( أَفَحُكم الجاهليةيبغون ) ؟؟ ( ومن
أحسن من الله حُكماً لقوم يوقنون ) ؟ [المائدة:50]
فما خالف حُكم الله فهو حُكمٌ جاهلي أيّاً كان
.
ثالثاً : الإسلام والتعدد
كلمة حق في موضوع التّعدد سمعتها من أحد دعاة
الإسـلام
حيث قال :
الإسـلام لم يُنشئ التعـدد ، وإنما حَـدَّده .
ولم يأمر بالتعـدد على سبيل الوجـوب ، وإنما
رخّص فيه وقيَّـدَه . اهـ .
نعم . لقد جاء الإسلام والرجل يتزوج بما شـاء
مِنْ النساء ، حتى أسلـم بعض أهل الجاهليـة وعنده عشر نسوة !!
فحدد الإسلام العدد بأربع نسوة فقط .
ولما حدد الله التعدد بأربع لم يُوجبه على
عباده بل أباحـه لهم بشروطه من العدل والاستطاعة .
إذا لم يكتفِ الرجل بزوجة واحدة ، أو كانت
زوجته عقيم لا تُنجب ، إلى غير ذلك ، فإن الشريعـة الإسلامية توجد له مخرجاً وتفتح
لـه أفاقاً ، فَلَهُ أن يتزوّج أخرى تُناسبه دون أن يلجأ للوقوع في أعراض الآخرين
، وما يلي ذلك من غشّ للمجتمع ، واختلاط في الأنساب ، وما يعقب ذلك من حسرة الضمير
، وتأنيب النفس اللوامة .
أو يلجـأ للتخلّص من زوجته لتتاح لـه الفرصـة
بالزواج بأخرى
أيريدون أن تكون الحيـاة الزوجية جحيم لا
يُطـاق ؟؟
فيلجأ الأزواج حينئذٍ إلى قتل زوجاتهم غيلة ؟؟
وقد حدث هـذا في بلاد الحضارة المادية !!
[ في تقرير لمكتب البحث الفيدرالي الأمريكي عام
1979م قدّر أن (40% ) من النساء اللاتي يتعرضن للموت يقتلهن أزواجهن ! ]
[ وتقرير للوكالة الأمريكية المركزية للفحص
والتحقيق : هناك زوجة يضربها زوجها كل 18 ثانية في أمريكيا ]
أيريدون ضرب وقتل الزوجات أم يُريدون أن يبقى
عدد من النساء بلا أزواج ؟
فمن المعلوم أن النساء أكثر من الرجال
وأن الحـروب والحوادث تطحـن الرجـال فتترمّل
النسـاء
فمن للأرامل والمطلقات ؟
إن لم تكن قضية التعدد حـلاً من الحلـول ؟؟
ولذا لمـا توفِّيَ زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب
جاء عمر يعرضها على أبي بكر وعثمان حتى تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
رواه البخاري .
وهذا باب واسع للمواساة في الإسلام ، وحكمة
بالغة في مشروعية التعدد .
وإن غضبت النســـاء !
أو زمجر أعداء دين الله !
أليست المرأة يسوؤهـا أن تبقى مطلقـة ؟
ويَشُقّ عليها أن تظل أرملة ؟
ويعييها أن تطول أيمتها ؟
ولكنها عاطفة المرأة التي تسبق عقلها في كثير
من الأحيان ، والإنصاف عزيز !
فما دام الأمـركـذلك إذا تأيّمـت أو ترمّلت أو
طُلّقت
فلمـاذا لا ترضى بالتعدد كحلٍّ لمشكلة اجتماعية
قد تقع هي فيها يوماً من الأيام ؟
وقد تكون ضحيّتها هي فليس أحد من البشـر مخلـّد
.
وقد قيل لِخَيْرِهـم : ( وما جعلنا لبشر من
قبلك الخلد ) [الأنبياء:34] .
إذاً لتفترض المـرأة أن زوجها مات أو قُتل أو
أنها طُلّقت .. فكيف يكون مصيرهـا ؟
أترضى أن تكـون قعيدة بيتها ؟
أم يكون عرضها عرضة لكلّ لائك ؟
عندها تصيح - وقد لا تُسمع - المجتمع ظالم ظالم
ظَلَمَ المُطلّقة ، ما ذَنْبُها ؟
ألا ترحمون !
ونسبة النساء أعلى من نسبة الرجال ، وسوف يأتي
زمان يُصبح الرجل الواحد في مقابل خمسين امرأة .
وقـد ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أنه
قال : ألا أحدثكـم حـديثا سمعته مـن رسـول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم أحد
بعدي سمعه منه ؟ : إن من أشراط الساعـة أن يُرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويفشو
الزنا ويُشرب الخمـر ، ويذهب الرجال ، وتبقى النسـاء حتى يكون لخمسين امـرأة قيّم
واحـد . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أبي موسى : ويُرى الرجل الواحد يتبعه
أربعون امرأة يَلُذْنَ به من قِلّةِ الرجال وكثرة النساء . متفق عليه .
إذاً هـذه نتيجـة حتمية للحروب وكثرة القتل
التي أخبر عنهـا الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم ، والتي عبّر عنهـا بالهـَرْج
، حتى لا يدري القـاتل فيما قَتَل ، ولا المقتول فيما قُتِل !
جاء ذلك في صحيح مسلـم من حديث أبي هريرة رضي
الله عنه قال : قـال رسـول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لا تذهب
الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لا يدري القاتل فيم قَتَل ، ولا المقتول فيـم قُتِل
، فقيل : كيـف يكـون ذلك ؟ قـال : الهـرج . القـاتل والمقتول في النار .
وقد حدث ما يُشبه هذا قبل أكثر من ثلاثمـائة
سنة !
فقد نقص عـدد رجـال الألمـان بعد حرب الثلاثين
سنة كثيراً ، فقـرّر مجلس حكومـة ( فرانكونيـا ) إجـازةَ أن يتزوّج الرجل بامرأتين
!!
[ إنه لم يَقُـم الدليل حتى الآن بأي طريقـة
مُطْلَقَـة على أن تعـدد الزوجـات هو بالضـرورة شرّ اجتماعي وعقبـة في طريق
التّقـدّم … وفي استطاعتنا أيضا أن نُصـرّ على أنـه في بعض مراحـل التّطـور
الاجتماعي عندما تنشأ أحوال خاصة بعينها – كأن يُقتل عـدد من الذكور ضخم إلى حـدّ
استثنائي في الحـرب مثلاً – يُصبح تعـدد الزوجـات ضــرورة اجتماعيـة ، وعلى أيّـة
حـال فليس ينبغـي أن نَحْـكـم على هذه الظاهـرة بمفاهيم العصـور القديمـة المتأخرة
، لأنها كانت في أيام محمـد صلى الله عليه وسلم مقبولة قبولاً كامـلاً ، وكانت
مُعتَرفـاً بهـا من وجهـة النظـر الشرعيـة ، لا بَيْنَ العـرب فحسب ، بل بين كثير
مـن شعـوب المنطقـة أيضا ]
(هذا نص ترجمـة ما قالته الكاتبة الإيطالية
" لورافيشيا فاغليري " فَـلِـمَ لَـم تُشنّ عليها الغارات !! وتُوصم
بالتّخلّف والرجعية ؟! أَلأَنَّها إيطالية ؟! ذات دمٍ أزرق وعيون زرقاء !! )
[ وإذا طرأت على الأمـة حـال اجتاحت رجالهـا
بالحـروب ، ولم يكن لكل رجـل في الباقين إلا زوجـة واحـدة ، وبَقيَتْ نسـاء عديدات
بلا أزواج ، ينتج عن ذلك نقص في عدد المواليد لا محالة ، ولا يكون عددهم مسـاوياً
لعـدد الوفيات … وتكون النتيجـة أن الأمـة " الموحِّدة للزوجات " تفنى
أمام الأمة المعددة للزوجات ]
[هذا ما قاله الفيلسـوف الإنجليزي " سبنسر
" في كتابه : أصول الاجتماع ]
فإذا كان الأمر كذلك ، فَمَنْ لامرأةِ المقتول
، خاصة إن كانت حديثة عهـد بعـرس !
وقد حدث هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم
في قصة غسيل الملائكة ، وفي قصة الشاب الأنصاري
وإليك بيانهما :
أما قصـة غسيل الملائكة حنظلة ، فقد روى الحاكم
في المستدرك أن حنظلة بن أبي عامر تزوج فدخل بأهله الليلة التي كانت صبيحتها يوم
أحد ، فلما صلى الصبح لَزِمَتْهُ " جميلة " فَعَـادَ فكان معها ، فأجنب
منها ثم أنه لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقُتِل يوم أحد وغسّلته الملائكة
وأما قصة الشاب الأنصاري فقد رواها الإمام مسلم
في صحيحه من طريق أبي السائب مولى هشام بن زهرة أنه دخل على أبي سعيد الخدري في
بيته قال : فوجدته يصلي ، فجلست أنتظره حتى يقضي صلاته ، فسمعـت تحريكا في عراجين
في ناحية البيت فالتفت فإذا حيّة فوثبت لأقتلها فأشار إلـيّ أن اجلس ، فجلست ،
فلمـا انصرف أشـار إلى بيت في الـدار ، فقال : أترى هذا البيت ؟ فقلت : نعم ، قال
: كان فيه فتى منّا حديث عهد بعرس قال : فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى الخندق فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار
فيرجع إلى أهله ، فاستأذنه يوما ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ عليك
سلاحـك فإني أخشى عليك قريظـة .
فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع فإذا امرأته بين
البابين قائمـة ، فأهوى إليها الرمح ليطعنهـا به وأصابته غيرة ، فقالت لـه : اكفف
عليك رُمحـك ، وادخل البيت حتى تنظـر ما الذي أخرجني ، فدخل فإذا بِحَيّةٍ عظيمة
منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ثم خرج فركـزه فـي الدار
فاضطربت عليه ، فما يُدرى أيهما كان أسرع موتاً الحيّة أم الفتى ؟ قال : فجئنا إلى
رسـول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له ، وقلنا : ادع الله يحييه لنا ، فقال
: استغفروا لصاحبكم ثم قال : إن بالمدينة جِنـّاً قد أسلموا ، فإذا رأيتم منهم
شيئا فآذنوه ثلاثة أيام ، فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان .
فهذه من الشواهـد على أن هنـاك مـن ترمّلت في
أوج سعادتها ، وأول أيامها ، وعـزّ شبابها ، فَـلَـمْ تبقَ مـع زوجها سوى ليلة أو
ليالٍ
فمن لها بعد ذلك ؟؟
ماذا لو كانت ابنتك ؟
أو أختك ؟
أو قريبتك ؟
مـاذا كنت تتمنّى لها ؟
ألست تطلب لها الستر ، ولو في ظل رجل مُعدِّد ؟
بلى والله .
فلماذا الاعتراض على حُكم أحكم الحاكمين ؟؟؟
وأنتِ أيّتها المرأة ماذا لو كنت أنت المترمّلة
؟
أما كنت تبحثين عن ستر الله ، ولو مع مُسنٍّ
معـدِّد ؟
إن لسـان حـال كثيرات ممن فاتهن قطـار الزواج
ونعق الشيب بمفارق رؤوسهن يقول مرحباً بـزوج أيّـاً كان ذلك الزوج ، بل إننا نسمع
آهات الكثيرات منهن وقد فاتهن الزواج وهُـنَّ يتحسرن على ردِّ مـن تقـدّم إليهن ،
ويشتكين هجران الناس لأبواب آبائهن ، فلا أحد يطرق الباب ولا أحد يخطبهن .
فيا ضيعة الأعمار لا تتعوّض !
ويَنْقِمن بلسان الحال أو المقـال على من
تتشبّث بزوجها !! ولا ترضى أن يُشاركها فيه غيرهـا .
فَعَلامَ عدم الرضا عن حُكمٍ شُرع لمصلحتك ، بل
ولمصلحة بنات جنسك ؟؟
أمّا الغربيون فسُنّتهم التعـدد ، ولكن مع
العشيقـات والخليلات ، فيتّخذ أحـدهم عشرات الخليلات ، وربمـا لم يُعاشر زوجته
زمَناً طويلاً فتلجـأ هي الأخرى إلى تعديد الأخدان .
[ حدّثني طبيب مسلم يُقيم في فرنسـا أن دار
حوار بينه وبين طبيبة فرنسية حول الخيانات الزوجية ، فسألها : لو كنتِ مع زوجك
فأغمضتِ عينيك ، هل تأمنيه ألاّ يخونك ؟!! فقالت : لا ، ولا هو يأمنني !! ]
فمباح لهم اتّخاذ العشرات
وحـرام علينا تـزوّج ثانية أو ثالثة أو رابعة
!!
وهناك طائفـة مـن الأمريكـان يُسمّـون
"شيعة المورمون "
وهم نصـارى ، ويقولون بتعدد الزوجات
ومن منسوبي تلك الطائفة من يتزوّج عشر نساء !!
بل كان لقائدهـم " يونج " عشـ 20
ـرون زوجـة !!!
وللرجـل منهم أن يجمع بين الأخوات ، وبين الأم
وابنتها …
والسؤال : لِـمَ لَـمْ نسمع يوماً من الأيام
مَـنْ ينتقد تلك الطائفة ، أو يُشنّع عليها ؟؟؟
لِتُعلم حقيقة الهجـوم الصارخ على التعـدد ،
وأنه جـزء من الهجمة الشرسـة على دين الإسلام ، لا على التعـدد نفسه .
حـلال للنصـارى من كل جنس ، حـرام على بني
الإسلام !!
أو قُـل : هو الكيل بمكيالين ، والوزن بميزانين
.
ولا لـوم على من كان أعشى البصيرة أنْ سقط في
حُـفَـر الضلال ، أو تـردّى في هـوّة التّبعية ، أو خنق نفسه بِرِبقة التقليد
الأعمى !
وما على العنبر الفوّاح مِن حرجٍ **أنْ مات مِن
شَـمِّـه الزبّـال والجُـعَـل !
طُرفة :
حدثني أخي وقد ألقى محاضرة تعريفية عن الإسلام
في جامعة في فنزويلا فسألته فتاة عن الحجاب فأجابها
ثم سألته أخرى عن تعدد الزوجات ، ولماذا يكون
للرجال دون النساء ؟
فأجابها على الفور : لِـمَـن يكون الولـد ؟
فطأطأت رأسها ، وضحك عليها زملاؤها وزميلاتها !
(( فاتني التنبيه إلى أمر مهم
وفاتتني الإشارة إلى أمر بالغ الأهمية
ذلكم هو مناقشة قضية التعدد
لا يجوز مناقشة قضية التعدد هل تؤيد أو تُعارض
؟
بل ذلك كفر بالله العظيم إذ هو متضمن لردّ ما
شرعه الله العليم الحكيم
ولكن يجوز أن نُناقش هل يُناسب التعدد فلان من
الناس
أي قضية شخص بعينه
فقد لا يُناسب التعدد شخصاً بعينه ، إما لعدم
استطاعته القيام بحق الزوجات ، أو لعدم القدرة على العدل
وأذكر ان إحدى الأخوات سألتني سؤالاً حول هذه
القضية قالت فيه :
مع علمنا ان الله سبحانه وتعالى عادل واحكم
الحاكمين أود ان اقرا رأيك في التعدد بالزوجات بعد ان كنت اعلم انه لا يحق للزوج
ان يتزوج بامراة أخرى الا اذا كان له سبب الإباحة وهي أسباب مختلفة اذكر منها ما
التذكرة وأرجو ان تعدل علي وتخبرني الباقي
:
المرض
النشوز
حال النساء المؤمنات وان زاد تعدادهم عن الرجال
في زمن معين
عدم قدرة المراة على أداء واجباتها الزوجية
(يتبع المرض )
اما اذا كانت المراة من اختيار الزوج ولا تقصر
في واجباتها وليس بها ما بنفر فهل يحق للرجل التعدد في زمننا هذا وبالطريقة التي بات
الرجال يتبعونها فلا ترى المراة الا وان أصبحت الزوجة الأخرى ويقال ان الرجل اشتهى
أخرى فأين غض البصر وأين واجب الزوج في ان يقضي شهواته في بيته حتى ان غلبه الأمر
ان يعود إلى بيته ....
فأجبتها :
ولا شك أن هذا خطأ في التصور وفي معرفة أحكام
الشريعة
فكان أن أجبتها آنذاك
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك ورزقنا وإياك الفقه في الدِّين
قضية التعدد أختي الفاضلة ليست بالصورة التي
تصورتيها ، وهي تحتاج إلى تفصيل
أولاً :
ليُعلم أن هذه قضية محسومة بكتاب الله ، فلا
يجوز أن يُقال : ما رأيك بقضية التعدد . هل تصلح أولا ؟
وهناك فرق بين التعدد كقضية عامة وتشريع رباني
، وبين التعدد ومناسبته لشخص بعينه .
فالأول عرضه ومناقشته كفر بالله ؛ لأنه ردّ
للتشريع الرباني .
والثاني وارد ؛ إذ لا يصلح التعدد لكل إنسان
وفرق بين القضيتين .
ثانياً :
التعدد كان ولا يزال معروفاً عند أمم الأرض
وقد سمعت أحد دعاة الإسلام يقول : الإسـلام لم
يُنشئ التعـدد ، وإنما حَـدَّده ، ولم يأمر بالتعـدد على سبيل الوجـوب ، وإنما
رخّص فيه وقـيَّـدَه . انتهى كلامه .
نعم . لقد جاء الإسلام والرجل يتزوج بما شـاء
مِنْ النساء ، حتى أسلـم بعض أهل الجاهليـة وعنده عشر نسوة !! فحدد الإسلام العدد
، ولما حدد الله التعدد بأربع لم يُوجبه على عباده بل أباحـه لهم بشروطه من العدل
والاستطاعة .
إذا لم يكتفِ الرجل بزوجة واحدة لقضاء وطره ،
أو كانت زوجته عقيم لا تُنجب ، أو اراد تكثير سواد الأمة ، إلى غير ذلك .
فإذا احتاج الإنسان إلى هذا الزواج الثاني أو
الثالث أو الرابع فإن الشريعـة الإسلامية توجد له مخرجاً وتفتح لـه أفاقاً ،
فَلَهُ أن يتزوّج أخرى تُناسبه دون أن يلجأ للوقوع في أعراض الآخرين ، وما يلي ذلك
من غشّ للمجتمع ، واختلاط في الأنساب ، وما يعقب ذلك من حسرة الضمير ، وتأنيب
النفس اللوامة .
ودون أن يلجـأ للتخلّص من زوجته لتتاح لـه
الفرصـة بالزواج بأخرى ، كما هو الحال عند النصارى .
بالإضافة إلى أن عدد النساء أكثر من الرجال في
حالات الحروب – مثلاً – وفي آخر الزمان ، فإن النبي صلى الله عليه على آله وسلم
أخبر النبي صلى الله عليه على آله وسلم عن ذلك بقوله : إن من أشراط الساعـة أن
يُرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويفشو الزنا ويُشرب الخمـر ، ويذهب الرجال ، وتبقى
النسـاء حتى يكون لخمسين امـرأة قيّم واحـد . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث أبي موسى : ويُرى الرجل الواحد يتبعه
أربعون امرأة يَلُذْنَ به من قِلّةِ الرجال وكثرة النساء . متفق عليه .
فالله لم يشرع التعدد عبثاً بل شرعه لعباده
لحكمة ومصلحة
وليس رخصة يُلجأ إليها عند الضرورة أو الحاجة .
ولذا قال سبحانه : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى
وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا
مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ )
لتتصور المرأة أنها ترمّلت أو طُلّقت . فمن لها
؟
الشاب – غالباً – يُريد شابة مثله
والمتزوّج لا تُريده زوجته يتزوّج عليها !
فمن للمطلقة ؟
ومن للأرملة ؟
وماذا لو كانت هي المطلقة أو الأرملة ؟
أليست تعتبر تمسّك الزوجات بأزواجهن أنانية ؟؟؟
إذاً فلننظر إلى التعدد من عدة جوانب .
ولا يُعكّر على قضية التعدد أن أساء استخدامها
بعض أو كثير من الناس
فبعض الناس يتزوّج بأخرى ليُأدّب الأولى !
إذاً صارت الزوجة الثانية ( عصـا ) !!!
وما أن تنتهي مرحلة التأديب والتلويح بالزوجة
الثانية يُطلقها وتعود إلى بيت أهلها مطلقة !
أو يتزوّج ليتباهى بذلك
أو يتزوّج لمصلحة شخصية أو مقاصد مادية
أو غير ذلك من مقاصد الناس اليوم
إن مقاصد الشريعة أعظم من ذلك
إنه يجب على من أراد التعدد أن يُحسن النيّـة
في هذا الزواج سواء كانت الثانية أو الثالثة أو الرابعة
بأن يكون قصده :
إعفاف نفسه وأعفاف زوجاته
وتكثير سواد أمة محمد صلى الله عليه على آله
وسلم القائل : تزوجوا الودود الولود فإني مُكاثر بكم الأمم .
وستر عورة
وكفالة أيتام في حجر أرملة
ونحو ذلك
فقد تزوّج النبي صلى الله عليه على آله وسلم
لهذه المقاصد .
فلم يتزوّج بكراً سوى عائشة – رضي الله عنها –
ولم يتزوّجها لكونها بكر ، بل جاءه الملك بصورتها في قطعة حرير ، كما في صحيح
البخاري ومسلم .
فإذا تزوّج الرجل زوجة ثانية أو ثالثة فلا
ينبغي للمرأة أن تُقيم الدنيا وتُقعدها على زوجها ، وإنما عليها الصبر والاحتساب .
لأن الزوج لم يرتكب أمراً مُحرّما ، بل مارس حق
من حقوقه المشروعة .
وبعض النساء إن لم يكن كثير منهن تعلم بوقوع
زوجها في فاحشة الزنا وربما تحمّلت وسكتت ، لكن أن يتزوّج عليها زوجها فهذه قضية
لا تُغتفر !
إنه يجب أن تتحمّـل وتسكت في قضية التعدد
وتُقيم الدنيا ولا تقعدها في قضية الفاحشة
وواجب على الزوج إذا عدّد العدل بين الزوجات في
النفقة والمبيت .
وأما من تزوّج عليها زوجها فإنها تُنصح بالصبر
فقد تزوّج النبي صلى الله عليه على آله وسلم
على زوجاته وصبرن
حتى أن سودة – رضي الله عنها – وهبت ليلتها
لعائشة خشية أن تُطلّق هي – رضي الله عنها – وطمعاً أن تبقى أُمّـاً للمؤمنين
وزوجة للنبي صلى الله عليه على آله وسلم في الدنيا والآخرة .
وعلى هذه الزوجة التي تزوّج عليها زوجها أن تؤدي
الواجبات التي عليها ، وتسأل الحقوق التي لها
والغالب أن الزوج لا يتزوّج إلا إذا كان هناك
تقصير أو نقص
وقد تقول بعض النساء :
ماذا ينقصه ؟
ما قصّرت في شيء !
ونحو ذلك .
فهل كانت تتعاهد مواضع عينه أن لا تقع على قبيح
؟
وهل كانت تتعاهد مواضع أنفه فلا يشمنّ منها إلا
أطيب ريح ؟
وهل كانت تتعاهد جوعه ونومه ؟
فإن الجوع مَلهَبة … وتنغيص النوم مَغضبة !
كما قالت تلك المرأة الحكيمة لابنتها ليلة
زفافها .
والمُلاحظ أن الزوجة بعد الأطفال – خاصة مع
كثرتهم – تتغيرّ ، وربما انصرفت إلى أطفالها والاهتمام بهم عن الاهتمام بنفسها أو
بزوجها
والذي كان ينبغي أن توازن بين الأمور
فلا تُهمل نفسها
ولا تُهمل زوجها
ولا تُهمل أطفالها
فتُعطي كل ذي حق حقّـه .
وإنما أطلت للفائدة . ))
لمصدر
: http://saaid.net/Doat/assuhaim/index.htm
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
======================
مقدمة :
إن بناء الأسرة يستغرق جهوداً عظيمة ابتداء
بالبناء العقدي والأخلاقي ، ومن المعروف أن موقف الإسلام من المرأة يعد رائداً
متميزاً مقارنة بالأمم الأخرى قديماً وحديثاً ، ومن الواضح أن الأسرة المسلمة
يتربى أفرادها أولاً تربية عقدية أخلاقية ، ثم لا يكون تأسيسها لأسرة جديدة
عشوائياً بل يخض لاختبارات من قبل أهل الفتاة ، وكذلك عند أهل الزوج حتى إذا تكونت
الأسرة واكبها الإسلام بالتوجيهات والنصح وأحاطها بالأهداف السامية العظيمة .
لهذا كله لما جاء الإسلام ووجد أن التعدد موجد
ولكن لاينتظمه نظام ولا حدود ولا قيود ما كان منه إلا أن وضع له نظاماً تشريعياً .
ونود أن نشير هنا إلى أن الكتابة عن التعدد لم تكن تحتل مستحة كبيرة في تراثنا
الإسلامي أيام عظمة المسلمين وحضاراتهم ، فما كان الأمر يتعدى كتاب النكاح والعدل
بين الزوجات دون إطالة زائدة أو حديث حول الأصل في الزواج هل هو التعدد أو الزوج
الواحدة ، وما أجمل ما قاله سيد قطب رحمه الله : (أن الإسلام لم ينشئ التعدد بل
حدده ، ولم يامر بالتعدد بل رخص فيه وقيده وأنه رخص فيه لمواجهة واقعيات الحياة
البشرية ، وضرورات الفطر الإنسانية … فالحكمة والمصلحة مفترضتان وواقعتنا في ك
لتشريع إلهي سواء أدركها البشر أم لم يدركوها في فترة من فترات التاريخ الإنساني
القصير عن طريق الإدراك البشري المحدود) ( ).
وفي هذا الفصل نتناول الزواج بأكثر من زوجة
بالحديث أولاً عن التعدد عند اليهود وعند النصارى وفي الواقع الأليم ثم نتناول
حكمة الزواج بأكثر من زوجة في الإسلام ونحاول بعد ذلك التعرف على حكم هذا الزواج ،
هل هو للضرورة أو للحاجة أو هل هو مباح وغير ذلك من المصطلحات الفقهية ، ويكون
خاتمة البحث الحديث عن ضوابط الزواج بأكثر من زوجة .
1) : التعدد عند اليهود :
هل تعدد الزوجات نظام جديد على البشرية ؟!
الحقيقة أنه نظام قديم جداً لكنه لم يعرف التنظيم والضوابط إلا في التشريع
الإسلامي ؛ فاليهود عرفوا تعدد الزوجات وكان لهم أمراً طبيعياً فقد كثر ذكر زوجات
الأنبياء من بني إسرائيل كما وردت عبارات في كتابهم (المحرف) حول مسائل التعدد من
مثل "إذا كان لرجل امرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة فولدتا له بنين
المحبوبة والمكروهة الخ"( ).
ومن الدواعي للتعدد عند اليهود دعوة كتابهم
(المقدس) لهم أن يكثروا من التناسل ليملؤا الأرض "خلق الله الإنسان ذكراً
وأنثى وخلقهم وباركهم الله وقال لهم أثمروا وأكثروا واملؤا الأرض واخضعوها" (
)، وقد دعا هذا علماء اليهود أن يسنوا القوانين الداعية للزواج كما جاء في كتاب
الأحكام العبرية :
"النكاح بنية التناسل ودوام حفظ النوع
الإنساني فرض على كل يهودي ، ومن تأخر عن أداء هذا الفرض وعاش عزباً بدون زواج كان
سبباً في غضب الله على بني إسرائيل" ( ).
ولما كان دأب اليهود والنصارى أن يخضعوا
لأحبارهم ورهبانهم فيما يشرعون من دون الله فقد رأى هؤلاء الزعماء الدينيين أن
يحدثوا تغييرات في شرع تعدد الزوجات ، فقد ذكر عبدالناصر العطار بعد استقرائه
لتشريعات اليهود أن "أحبارهم كرهوا تعدد الزوجات فحاولوا التضييق منه وذلك
لتحديد عدد الزوجات بأربع واشتراط وجود مبرر شرعي عند الزواج بأخرى واشتراط قدرة
الرجل على الإنفاق على زوجاته واستطاعته العدل بينهن" ( ).
2) التعدد عند النصارى :
من المعلوم أن عيسى عليه السلام صرح لأتباعه
وفقاً لما جاء في الإنجيل أنه لم يأت بتشريع جديد "لا تظنوا أني جئت لأنقص
الناموس أو الأنبياء ، ما جئت لأنقص بل لأكمل" ( ).
ومن أبرز النصوص التي زعم النصارى أنها تمنع
تعدد الزوجات ما جاء على لسان المسيح عند سؤاله عن الطلاق قوله : "من بدأ
الخليقة ذكراً وأنثى خلقهما الله ، من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق
(ويلزم) بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً إذ ليسا بعد اثنين بل جسد واحد ،
فالذي جمعه الله لايفرقه الإنسان" ( ).
وقد وردت تفسيرات عديدة لهذه العبارة أبرزها
أنه لمنع الطلاق منعاً باتاً وليس لمنع التعدد ، ذلك أ، التعدد كان شائعاً عند
اليهود ولم يأت المسيح عليه السلام إلا مكملاً وليس ناقضاً ، وفي ذلك يقول أحمد
عبدالوهاب : (إن الحديث عن الرجل والمرأة كجسد واحد ليس إذن حديثاً عن نظام الزوجة
الوحدة لكنه حديث عن استمرارية العلاقة بينهما ومن ثم فهو حديث يتعلق بالطلاق وليس
بتعدد الزوجات) ( ).
لكن هذا الموقف لم يتبناه جميع النصارى فقد ظهر
منهم رجال دين يبيحون الزواج مرة ثانية وثالثة ورابعة ، بل ويبيحون الجمع بين أكثر
من زوجة ، ومن هؤلاء فرقة الان نابتست Ananabaptistes، والمورمون Mormons ،
وهؤلاء الأخيرون ظلوا يمارسون التعدد حتى أوائل القرن التاسع عشر ( )، بل ظهرت
دعوات من مفكرين وعلمائهم تدعو إلى إباحة التعدد الزوجات وبخاصة بعد أن عانت
أوروبا من نقص شديد في عدد الرجال نتيجة للحربين العالميتين التي قتل فيهما أكثر
من ثمانية وأربعين مليون رجل ( )، وكذلك لانتشار الفواحش والزنا وزيادة عدد
اللقطاء ومن هؤلاء بول بيرو Boul Bureou ، وفردينا ند دريفوس Ferdinand Dryfus ، و بن لندسي Ben Lindsey ، وغيرهم .
3) التعدد الأثيم في الواقع الأليم :
ظن اليهود والنصارى أنهم بإصرارهم على منع
التعدد وإجبار الرجل على الزواج بزوجة واحدة قد بلغوا قمة العقل والرشد في التشريع
. مع أن حقيقة دينهم وكتبهم ـ مهما دخلها من تحريف ـ لا تمنع التعدد مطلقاً وإلا
كيف ينظرون إلى أنبيائهم الذين تزوجوا العديد من النساء وكان لبعضهم السراري الكثر
؟ أليس النبي قدوة لمن آمن به ، لكنهم قوم يجهلون .
ظل الطلاق محرماً في ظل الكنيسة زمناً طويلاً
حتى حدث الانفصام بين الكنيسة والدولة فأباحت التشريعات الوضعية الطلاق ثم تبعتها
بعض الطوائف المسيحية ، أما تعدد النساء فإنه مازال محرماً وإن نظرت إليه طائفة أو
طائفتان على أنه مباح وما زالوا يمارسونه بشكل سري في بعض الولايات الإمريكية .
هل انتهى التعدد بمجرد وجود هذه التشريعات
الجاهلة ؟ الحق أنه موجود لكنه تعدد إباحي فاسق فاجر ، وإليك صورة موجزة عن أحوال
المرأة في المجتمعات الغربية وغيرها من المجتمعات التي أخذت بقانون منع الزواج
بأكثر من زوجة .
قد تبدو الأرقام التي سنوردها عن الخيانة
الزوجية مبالغاً فيها ، ولكن المصدر الذي أورد هذه الإحصائية وهي جريدة عربية
يومية تصدر في لندن وليس بقصد انتقاد الغرب أو إظهار محاسن الإسلام بل لكونها مجرد
خبر صحفي ، فقد جاء في هذه الإحصائية (29/5/1980) أن 75% من الأزواج يخونون
زوجاتهم في أوروبا ، وأن نسبة أقل من المتزوجات يفعلن الشئ ذاته ( ).
وينقل المودودي رحمه الله تعالى عن بول بيورد
عن انتشار الزنى بين المتزوجين والمتزوجات قوله: "وإن زنا المحصنين والمحصنات
لا يعد من العيب أو اللوم في فرنسا ، فإذا كان أحد من المحصنين متخذاً خليلة دون
زوجته فلا يرى لإخفاء الأمر لزوم ويعد المجتمع فعله ذلك شيئاً عادياً طبيعياً في
الرجال" ( ).
أما عن نتائج هذه الإباحية ومنع التعدد فمنها
ازدياد الأطفال غير الشرعيين زيادة كبيرة جداً ، ففي إحدى الإحصائيات أن عدد هؤلاء
الأطفال يفوق المليون سنوياً في أمريكا وحدها وقد كان هذا عام 1979م ، أما الآن
فقد يكون الرقم أكثر من هذا ( ).
ولن تكون هذه النتائج السيئة قاصرة على
المجتمعات الغربية ، فإن البلاد الإسلامية التي تأثرت بالغرب ابتداء من إخراج
المرأة وسفورها ، واختلاطها بالرجال بالإضافة إلى دفعها للعمل تحت شتى المبررات
ومن التشريعات المختلفة للحد من الزواج بأكثر من زوجة أو تحريمه مطلقاً ، فلا بد
أن تكون قد جنت الثمار الخبيثة لذلك كله .
4) الزواج مثنى وثلاث ورباع :
لا شك أن الذين كتبوا عن المرأة وأفردوا فصولاً
للحديث عن تعدد الزوجات قد تناولوا أسباب الزواج بأكثر من واحدة ، ولكن هل يحتاج
الأمر حقاً إلى إجهاد الفكر للبحث عن أسباب التعدد وحكمته؟ هل التعدد قضية ينبغي
أن تنفرد بالكتابة حولها ؟ يبدو أن احتكاك العالم الإسلامي بالغرب الأوروبي
النصراني واليهودي والملحد زمناً طويلاً وتحول المسلمون من وضع الأمة الغالبة إلى
وضع المغلوب (المولع دائماً بتقليد الغالب) قد فرض على الكتاب الإسلاميين والكتاب
المتغربين أن يتناولوا هذه المسألة كل من وجهة النظر التي يعتنقها .
فالإسلاميون يرون أن الإسلام وحده هو الذي أعطى
المرأة حريتها وكرامتها واعترف بها إنساناً كامل الإنسانية ونظر إلى طبيعتها
وطبيعة الرجل فحدد نظاماً اجتماعياً يكفل مشاركة الجميع مشاركة فعالة، بينما يرى
المتغربون ـ المغلوبون حقاً ـ أن الإسلام لم يعترف للمرأة بكيان مستقل وأنها في
وضع أدنى من الرجل وحرمها من المساواة التي يتطلع إليها هؤلاء .
ومن اللافت للانتباه أن الدراسات الغربية
(باللغات الأوروبية المختلفة) حول المرأة في العالم الإسلامي تفوق بوضوح حجم
الكتابات التي كتبها الإسلاميون ، كما تفوقها في الانتشار ، ولعل من أبرز الدلائل
على هذا العدد الكبير من المجلات الأسوعية النسائية وغير النسائية المنتشرة بلغات
المسلمين وهي تحمل الفكر المتغرب بصراحة ( ).
وما زالت الكتب الداعية إلى خروج المرأة
وسفورها تصدر تباعاً منذ كتاب قاسم أمين "تحرير المرأة" وكتاب الطاهر
الحداد "امرأتنا في المجتمع والشريعة" حيث دعا كلاهما إلى خروج المرأة
وسفورها وحارب الزواج بأكثر من زوجة . وبين يدي كتاب تولت اليونسكو نشره باللغة
الإنجليزية أولاً ثم مولت ترجمته ونشره إلى اللغة العربية بعنوان "الدراسات
الاجتماعية عن المرأة في العالم العربي" وفي هذا الكتاب تكرار لدعوة قاسم
أمين ولكن بأسلوب أكثر تطوراً باستخدام معطيات عن الاجتماع ومصطلحاته .
لهذا يبدوا أن لابد من الاستمرار في الكتابة في
هذا الموضوع وإجراء البحوث والدراسات الاجتماعية حول قضايا الأمة المختلفة وبخاصة
موضوع المرأة ، ولابد من أخذ زمام المبادرة من دعاة التغريب ، ولقد أصبح القارئ من
كثرة ما يجد من هذه الدراسات التي تزعم لنفسها العلمية والمنهجية أن يقع فريسة
لطروحاتها .
أما الحكمة من إباحة الإسلام لتعدد الزوجات فيمكن
أن نجدها في معرفة البناء العقدي والأخلاقي للإسلام ، فهل يرضى أحد من المسلمين
لأمه أو أخته أو ابنته أو عمته أو خالته أن تكون زانية ؟ هل يرضى مسلم أن تصبح
مهنة الخنا والفجورمهنة رسمية تصرح بها الحكومات وتفرض عليها الضرائب؟ هل يرضى
مسلم لابنه أن يكون من رواد مثل هذه الأماكن القذرة؟ هل ترضى مسلمة أن تعيش هانئة
سعيدة وترى حولها نساء لا يجدن فرصة لدخول أبواب الحياة الزوجية؟ ألا يخالف موقف
المرأة الرافضة لمشاركة أخرى لها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم
حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)( )
لا شك أن التربية العقدية والأخلاقية للمسلم
تجعله ينفر من الزنا والخنا والفجور لأنه يسأل ربه دائماً أن يرزقه العفاف والغنى،
كما أن التربية العقدية في الإسلام لا تركز على الجانب الفردي على حساب الجماعة بل
المسلم بطبيعته صاحب نظرة شاملة يهمه دائماً أمر الإسلام والمسلمين. بالرغم من هذا
الوضوح في تشريعات الإسلام العقدية والأخلاقية إلاّ أنه ظهر من المسلمين وغير
المسلمين من أثار الشبهات حول إباحة التعدد ، وفيما يأتي بعض هذه ان تلك الأحكام
التي أمر بعض البشر أن تكون كلمتهم هي النافذة فيها ، وهي مسألة إن لم تكن أخطر
المسائل فإنها من أخطرها. وليس الزواج بأكثر من واحدة مسألة جديدة فقد حاربته
أوروبا في عصر "النهضة الحديثة" حينما اتفق رجال الدين عندهم مع رجال
القانون المدني الوضعي على إلغاء حق الرجل في الزواج بأكثر من واحدة مهما كانت
الأسباب والدوافع خرجت أوروبا من نطاق حدودها الجغرافية لتهيمن رجاء العالم
الإسلامي مبتدئة بالسيطرة العسكرية والسياسية والاقتصادية ، حيث سلبت الشعوب
الإسلامية قدرتها على حكم نفسها واستغلال ثرواتها . وتحول الاستعمار فيما بعد إلى
سيطرة على شؤون الحياة حينما استسلم العالم الإسلامي لحالة التبعية المطلقة ورضي أن
يكون في وضع ((المغلوب المغرم دائماً بتقليد الغالب)) . وهذه هي المرحلة التي تكون
فيها الأمة مغزوة في عقيدتها وفكرها .وكان مما تأثرنا به أن أصبحنا نستهجن تعدد
الزوجات كم يستهجنونه ، وأن نأكل الربا كما يأكلونه ، وأن نستخف بالزنى والخنا كما
يفعلون إلا من رحم الله . اعلم أن موضوع تعدد الزوجات ليس جديداً في تناوله من
وجهة النظر الإسلامية ، فثمة عشرات الكتب التي تناولته ، لمنها اختلفت مس بالإنفاق
على العديد من أولاده وزوجاته في الوقت الذي ازدادت فيه مطالب كل فرد وقلت الموارد
المالية ( ).
الرد على هذه الشبهات :
إن معرفة الإسلام صحيحة كفيلة بالرد على هذه
الشبهات فالزعم بأن التعدد كان في بداية الإسلام منتشر في العالم حيث كان ينظر إلى
المرأة نظرة دونية . فإذا كان الإسلام قد جاء في القرن السادس الميلادي فلماذا
استمر نظام التعدد معمولاً به في جميع أنحاء العالم حتى القرن السادس عشر ؟ فأي
مغالطة هذه ؟ أما المغالطة الثانية فهي ربط التعدد باحتقار المرأة ، ألا يكفيه أن
يعرف حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم (النساء شقائق الرجال) ( )، وحديث (إن الله
يوصيكم بأمهاتكم ثلاثاً …) ( )، أو حديث (من كان عنده ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان
أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة) ( )، بالإضافة إلى التشريعات
الإسلامية كلها التي تساوي بين المرأة والرجل في التكاليف والأجر والثواب إلا ما
كان من اختلاف في الخلقة والتكوين بين المرأة والرجل لا شك أن إباحة الزواج بأكثر
من زوجة سيعطي الفرصة للكثير من النساء للنجاة من براثن العنوسة بل ولعله يعطيهن
الفرصة ليصبحن أمهات ويجدن من يبرهن حين نعلم توجيه رسولنا صلى الله عليه وسلم لمن
سأله : أي الناس أحق بحسن صحابتي ؟ فقال له : (أمك ثم أمك ثم أمك ثم أباك ..) ( ).
أما الإدعاء بالمحافظة على شعور المرأة من أن
تشاركها زوجة أخرى في زوجها فأمر نرد عليه بأن نسأل هؤلاء : هل الأولى أن تشاركها
امرأة أخرى شريفة عفيفة ذات خلق إسلامي أو ترضى لنفسها أن تستقبل زوجاً يعاشر
الساقطات ؟ إن المرأة تقبل راضية أو كارهة أن ينشغل عنها زوجها بأعماله الكثيرة
وسفره المتواصل والتقائه مع النساء سواء في محيط عمله أو خارجه ولا ترضى أن يكون
لها ضرة . ويبدو لي أن كثيراً من النساء يفضلن زوجة أخرى على مثل هذا العمل الذي
يساوي أكثر من عشرات النساء ! .
وحين يزعمون بوجود الخصومة والشقاق بين أبناء
الرجل من زوجات مختلفات ، فنذكر هؤلاء بأن الإسلام حريص جداً على تماسك المجتمع
الإسلامي الأباعد منهم والأقارب ، وفيما ياتي بعض التوجيهات القرآنية التي تؤكد
ذلك ]إنما المؤمنون اخوة[ ( ) ، وقوله تعالى ]واعتصموا بحبل الله جميعاً
ولاتفرقوا[ ( )، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم (لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما
يحب لنفسه[ ( )وقوله صلى الله عليه وسلم (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) (
)، هذا بين من تجمعهم كذلك أخوة النسب بانتمائهم إلى أب واحد . إن المغالاة في
تصوير النزاعات المتوهمة بين أبناء العلات قد سيقت للتشكيك في إباحة تعدد الزوجات
، بل جعلهم ذلك يركبون الصعب للعبث بالشريعة الإسلامية . فماذا عليهم لو حكموا
عقولهم ونظروا في أحوال البلاد التي قيدت الزواج وقيدت الطلاق كيف أصبح حال شبابها
ونسائها ، إن الدعاة قد أصبحت في هذه البلاد مؤسسة ضخمة تدر مئات الملايين من
الدولارات شهرياً أو سنوياً ، وأصبح عدد اللقطاء قريباً من عدد الأبناء الشرعيين ،
بل إن الأبناء الشرعيين توشك شرعيتهم أن تضيع لما أصاب النساء والرجال من الانحراف
والفساد .
ويمكن أن نضيف التساؤل حول الأرامل والمطلقات
ولا سيما ذوات الأبناء هل يحرمون من الزواج من رجل متزوج من أجل هذه النزاعات
والشقاقات المتوهمة أو المتوقعة ؟ أما التاريخ فيقول عن أبناء الرجال الذين تزوجوا
زوجتين وأكثر هؤلاء هم الذين فتحوا الدنيا وأناروها بالإسلام فلو كانوا حقاً في
شقاق ونزاع لما خرجوا من جزيرة العرب بل هم لم يخرجوا من الجزيرة حينما كانوا
يعددون الزوجات بلا حدود ولا قيود وكانوا لايقيمون للمرأة وزنا .
وللرد على مسألة الاحتياجات الاقتصادية فنقول
بأن الأرض لم تضق يوماً برزق من عليها والله عز وجل يقول : ]وفي السماء رزقكم وما
توعدون[ ( ) ويقول سبحانه ]وما من دابة إلا على الله رزقها[( ) وقد قسمت الكرة
الأرضية بعد سيطرة الغرب وهيمنته إلى قسمين ؛ مجتمعات الوفرة والفائض التي تحارب
التعدد ، ومجتمعات الجوع والفقر ، وليس سبب هذا التقسيم أن الفقراء لا يملكون بل
هم يملكون ولا يعرفون كيف يستغلون ما عندهم فيقعون ضحية لقوة الغرب الذي يأخذ ما
عندهم، ألا ترى الدول الصناعية تأخذ الخامات من الدول الفقيرة لتصنيعها فإذا ما
صنعتها أعدتها منتجات (أوهموا العالم بأنها ضرورية) وبيعت بأسعار تفوق قيمتها
الحقيقة عشرات المرات بل بلغ من جشع هذه الدول أنها تلقي بفائض إنتاجها في البحر
أو تحرقه أو تتلفه بأي وسيلة حتى لايتدنى سعره في الأسواق فأي حضارة هذه تموت فيها
الملايين من أجل ترف المترفين . ولابد أن نذكر أن المرأة حين تتزوج بصفتها ثانية
أو ثالثة فهي تأتي برزقها ذلك أن كل مولود يكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد قبل أن
يولد . فهي من مخلوقات الله التي تكفل برزقها كما أن هذه المرأة قد تكون صاحبة فكر
وتدبير أو صنعة أو مهن قد تعين الرجل في عمله فينتقل من حالة الفقر والعوز إلى
الغنى .
ويزعمون أيضاً أن التعدد برهان على تمكن
الغريزة البهيمية من الرجل ، فهل يقولون هذا من علم وبينة ؟ ]قل هاتوا برهانكم إن
كنتم صادقين[ ( )، هل الدين الذي يأمر بالعفة وغض البصر وحفظ الفرج ويعاقب على
الزنا ـ متى توفرت شروط العقوبة ـ بالجلد أو الرجم هل مثل هذا الدين يسمح
بالبهيمية ؟ أم أن البهيمية تتمثل في الاختلاط والتبرج والسفور ووسائل الفن
الداعية إلى الرذيلة بما تعرضه من مفاتن المرأة ؟ .
ولكن لنرد بأسلوب آخر فالمسلم يتحمل أضخم
مسؤولية عرفها الإنسان لأن أمته هي الأمة الوسط وهو المسؤول عن دعوة البشرية جمعا
إلى الدين الحق وإقامة شرع الله فيها فالرسل قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم
كانوا يبعثون إلى أقوامهم خاصة وهم يتحملون مسؤولية الدعوة جميعها ، أما أتباع
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد أمروا أن يبلغوا فيشاركوا الرسول في مهمته ]قل
هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني[ ( )، وجاء عن سيدنا محمد صلى
الله عليه وسلم قوله (نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما وعاها فرب
مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) ( )، فكيف لمن حمل هذه الدعوة
والمسؤولية أن يكون بهيمياً ؟ كيف لمن حثه الإسلام على قيام الليل والغزو في سبيل
الله ، ولمن دعاه الإسلام إلى التقلل من متع الدنيا (كن في الدنيا كأنك غريب أو
عابر سبيل)( ) أن يكون بهيميناً ؟ كيف لمن يؤمن بالإسلام الذي جاء من عند الله عز وجل
القائل في كتابه ]زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من
الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده
حسن المآب[ ( ) كيف لهذا أن يكون بهيميناً ؟ المسلم الحق لا تسيطر عليه الشهوانية
والبهيمية إن سيطرت على غيره ، فهذه الصفة لو لم تكن حقاً مسيطرة على المجتمعات
الغربية لما امتهنت المرأة هناك امتهاناً مزرياً بها وأصبحت تمتهن البغاء أو
تمارسه دون أن تمتهن غيره من عشرات المجالات . ثم متى كانت المرأة محترمة إذا
أوقفت في شباك زجاجي لتتلوى كالثعبان تعرض الأزياء ؟ أو تظهر في شتى الصور المثيرة
التي تعرض فيها منتجات هذه الحضارة من الأحذية إلى الإطارات إلى الخطوط الجوية إلى
أغلفة المجلات والكتب وغيرها .
وثمة جانب آخر فالإسلام حين أباح التعدد راعى
أن للمرأة غريزة مثل الرجل ، وفي ذلك يقول محمد قطب : "ولكن حاجتها الطبيعية
كيف تقضيها ؟ ومالم تكن معصومة فهل أمامها سبيل إلا الارتماء في أحضان الرجال
لحظات خاطفة في ليل أو نهار ؟ ثم حاجتها إلى الأولاد … كيف تشبعها ؟ والنسل رغبة
لا ينجو منها أحد" ( )، ولكنها لدى المرأة أعمق بكثير من الرجل ، إلى أن يقول
: "فهل من سبيل إلى قضاء تلك الحاجات بالنسبة للمرأة بصرف النظر عن حاجة
المجتمع إلى أخلاق نظيفة تحفظه من التحلل الذي أصاب دولاً كثيرة فأزالها من قائمة
الدول التي كان لها دور في التاريخ ـ هل من سبيل إلى ذلك غير اشتراك أكثر من امرأة
في رجل واحد علانية وبتصريح من الشرع) ( ).
إن شرع الله لا يسأل فيه البشر أيرضونه أ/ لا ؟
أيحبونه أم لا ؟ ولكن متى كان دعاة ما يسمى بتحرير المرأة والنساء القاصرات النظر
اللاتي تطغى عليهن غريزة حب التملك أو المتغربون الذين باعوا عقولهم للغرب يسألون
عن شرع الله ؟ إن الغرب نفسه كما ذكرنا يشكو من مشكلة اللقطاء والبغا وبيع الأطفال
وقتل الأطفال المتسكعين بلا مأوى ، هذا الغرب لا يمكن أن ينظر إلى رأيه ، ثم هل
درسنا التاريخ الإسلامي دراسة اجتماعية ؟ هل سألنا النساء اللاتي شاركن غيرهن في
رجل يلتزم بقيم الإسلام وأخلاق ؟ لا شك أننا لو استقرأنا التاريخ استقراء صادقا ولو
التزم المسلمون بالاسلام لما ظهرت مشكلة يطلق عليها تعدد الزوجات .
7) الأسباب الداعية إلى الزواج مثنى وثلاث
ورباع :
وإتماماً للحديث عن هذه القضية نورد فيما يأتي
الأسباب الداعية للزواج بأكثر من زوجة كما أوردها بعض من سبق إلى درساة هذا
الموضوع ، هناك أسباب عامة وأخرى خاصة ، ولنبدأ بالأسباب العامة .
أولاً : زيادة عدد العوانس والمطلقات ( ):
يزداد عدد العوانس في أي مجتمع يعزف الشباب فيه
عن الزواج لأسباب عديدة قد يكون منها توفر الفرص للالتقاء بالنساء خارج إطار
الزواج ومسؤولياته ، أو قد تكون مسؤوليات الزواج وتكاليفه مما تنوء به ظهور الشباب
عندما لايجد المسكن المناسب ، وإن وجده لاي جد ما يدفع مهراً ، إلى غير ذلك من
تكاليف تجعله يعزف عن الزواج . وقد يزداد عدد العوانس لأسباب اجتماعية كأن لا يقبل
الأب زوجاً لابنته إلا من طبقة اجتماعية أو انتماء قبلي معين .
أما زيادة الأرامل والمطلقات فيمكن أن تحدث
لأسباب منها : أن مؤسسة الزواج أو الأسرة لم تعد لها احترامها ومكانتها فيكثر
الطلاق ، أما الترمل فهو نتيجة الأحداث والحوادث من حروب وغيرها ، ويتعجب المرء
حين يقرأ في تاريخنا الإسلامي أن امرأة مات زوجها فتزوجها آخر بسرعة ، أ إن طلقها
أحدهم تزوجها الآخر . هل كانت النساء قلة أو أن المرأة كانت شخصيتها في ذلك الزمن
أكثر جاذبية وأوقى مما وصلنا إليه في هذا الزمن . لا شك أن في هذا الأمر بعض الصحة
. ومن أسباب الترمل أيضاً أن النساء يعشن في المتوسط أكثر من الرجل لما يتعرض له
الرجل من مخاطر في حياته .
ثانياً : نقص عدد الرجال نقصاً كبيراً نتيجة
الحروب :
من الأمثلة الحديثة على هذا الأمر ما وقع في
أوروبا من حربين عالميتين قضت على الملايين من الرجال مما دعا بعض المفكرين
الغربيين أن ينصحوا بإقرار تعدد الزوجات ، ولكن أوروبا أصمت سمعها عن النصيحة مضحية
بالقيم والأخلاق .
الأسباب الخاصة للتعدد( ) .. :
1) العقم :
من أبرز أهداف الزواج الذرية ، فلو ثبت أن
المرأة لا تجنب وعاش الرجل معها أعواماً أينكر العشرة والمودة بينهما فيطلقها
ويتزوج أخرى أم يبقيها معززة مكرمة ؟ إن الأطفال الذين قد تنجبهم المرأة الأخرى سيصبحون
كأنهم أطفالها لصلتها بوالدهم ، والواقع يصدق ذلك كثيراً ، كذلك سيكون بيت المرأة
التي ليس عندها أطفال مكانا لراحته وهدوئه فتكسبه مرتين . أما إذا كان الرجل
عقيماً فمن حق المرأة أن تطلب الطلاق .
2) العجز عن القيام بالواجبات الزوجية لمرض أو
سواه
وهذا إكرام آخر للمرأة فإن قعد بها المرض عن
أداء واجباتها الزوجية فمن الوفاء لها إبقاؤها على ذمة الزوج والزواج بامرأة أخرى
.
3)(رغبة الرجل في الاقتران بامرأة أحبها
ثمة مناسبات تجعل الرجل يتعرف إلى امرأة ما
وبخاصة المجتمعات التي فيها قدر من الاختلاط أو سمع بمزاياها وقد لا تكون لزوجته
مثل هذه المزايا فيرغب في الزواج منها . فحرصاً على عفافه والتزامه الطريق السليم
يتقدم للأخرى . فهل يكون من الإنصاف للأولى أن يطلقها أو أن يحاول الوصول إلى
المرأة الأخرى خارج نطاق الزواج .
4) كره الرجل لزوجته
(القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف
يشاء) ( )، فمن كان حبيب اليوم لقد تغير نحوه غداً وقد تشتد الكراهية وتكثر
الخصومات فبدلاً من التفريق بين الزوجين ، وبخاصة إذا كان عندهما أطفال فلا بأس أن
يتزوج بأخرى ، الأمر الذي قد يؤدي إلى هدوء العش الزوجي بل وربما عودة الحب من
جديد ، وكم من رجل كره زوجته وتزوج بأخرى فعاد إلى الأولى أشد حباً وتقديراً فتكون
قد كسبت مرتين ، انتهاء الكراهية بينهما وازدياد حبه لها من جهة أخرى .
5) كثرة أسفار الزوج وإقامته في بلد آخر
قد تطول فهل يتخذ زوجة يعيش معها بطريقة مشروعة
أو يترك الرجل ليقع في الخطأ ؟ إن بعض الرجال ينتقل عمله من بلد إلى آخر فتأبى
زوجته الانتقال معه وهو لا يريد مفارقتها فهل يتركها وأطفالها بالطلاق أو تبقى على
ذمته يزورها ويؤدي واجبه نحوها.
6) الدافع الجنسي
سبق أن أوردنا الآية ]زين للناس حب الشهوات[ (
) وبعض الرجال أصحاب طاقة تفوق المعدل بل إن طاقة الرجل حتى في الأحوال العادية
تستطيع أن توفي بحق أكثر من زوجة والدليل على ذلك أن المجتمعات الغربية (أو
الشرقية) المنفتحة جداً قليلاً ما تجد رجلاً يكتفي بزوجته الوحيدة ، ويمكن أن نضيف
أن العلاقة بين الرجل والمرأة ليست دائماً على نموذج قيس وليلى أو روميو وجوليت أي
رومانس (غرام) لامرأة واحدة .
7) نظرة المرأة إلى الرجل
قد يكون الرجل من أهل الصلاح والورع أو صاحب
شخصية جذابة وذا مكانة اجتماعية مرموقة فترى كثير من النساء أنه مما يشرفهن
الارتباط بمثل هذا الرجل والمثل الأعلى للمسلمين هو رسول الله صلى الله عليه وسلم
الذي وهبت بعض النساء أنفسهن له وقد كان معروفاً عن الحسن بن علي رضي الله عنهما
أنه خير من تزوج وخير من طلق .
8) زوجة واحدة أم تعدد ؟
يقول مصطفى السباعي ـ رحمه الله تعالى ـ : (فما
من شك أن وحدة الزوجة أولى وأقرب للفطرة وأحق للأسرة وأدعى لتماسكها وتحاب أفرادها
، ومن أجل ذلك كان هذا النظام الطبيعي الذي لا يفكر الإنسان المتزوج العاقل في
العدول عنه إلا عند الضرورات وهي التي تسبغ عليه وصف الحسن وتضفي عليه الحسنات) (
).
ويقول محمد قطب : "أما تعدد الزوجات
فتشريع للطوارئ وليس هو الأصل في الإسلام" ( ).
والحقيقة أ، تشريع التعدد يستجيب للفطرة ويحقق
العفة للرجل والمرأة على السواء ، لذا بدأ القرآن بالتعدد وجعل الإفراد هو
الاستثناء [ فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا
فواحدة[ ( )، والقول بأن الخوف من عدم العدل متحقق دائماً يتعارض مع شرع التعدد
مما لايتصور فيه أن الشارع الحكيم قصد إليه ومن ثم فالأولى هو القول بأن الخوف من
عدم العدل هو الاستثناء وهو ما نتبينه من صياغة الآية الكريمة ، أما الاحتجاج
بالآية الأخرى ]ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم[ ( )، فمردود بأن
العدل المقصود هنا هو العدل القلبي وهو غير مطلوب في القسمة بين النساء لأنه غير
مقدور عليه ، أما العدل المقصود فهو العدل الظاهر في القسمة بين النساء وهو عدل
ممكن إذا تمسك الرجال بمبادئ الإسلام وأخلاقه ( ).
الضوابط :
ونأتي هنا للضوابط التي وضعها الإسلام للزواج
مثنى وثلاث ورباع ولعل أبرز هذه الضوابط أن لايتجاوز عدد النساء أربعة والعدل
بينهن ، ويضيف بعض الكتاب مسألة القدرة على الإنفاق ، ولكن الحقيقة أنه لا يمكن
للإنسان أن يضمن ذلك ولو كان عنده زوجة واحدة فقط ، وفي الغالب أن الرجل لا يقدم
على الزواج إلا وهو يأنس من نفسه القدرة على الإنفاق ، أما اشتراط امتلاك الرجل
للمال الوفير للزوج فلم يجعله الإسلام شرطاً ، وإلا كيف تفسر تزويج الرسول صلى
الله عليه وسلم لرجل بأن قال له : (التمس ولو خاتماً من حديد) ( )، وزوج الرجل
نفسه بما معه من القرآن الكريم أن يحفظ تلك السور زوجته ( )، والزوجة الأولى أو
غيرها هي من عباد الله الذين تكفل الله لهم برزقهم كما جاء في الآية الكريمة ]وفي
السماء رزقكم وما توعدون[ ( ) وورد في الحديث الشريف أيضاً أن كل نفس يكتب رزقها
وأجلها قبل أن تولد .
أما ضابط العدد فقد وردت الأحاديث الشريفة أو
السنة الفعلية للرسول صلى الله عليه وسلم كما يأتي :
1)
روى البخاري أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم
وتحته عشرة نسوة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (اختر منهن أربعاً) ( ).
ومسألة العدل مسألة جوهرية في تربية المسلم وقد
جاءت الآيات القرآنية الكثيرة التي تأمر بالعدل ]إن الله يأمر بالعدل والإحسان
وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون[ ( )، ومن
أروع الآيات التي تأمر بالعدل وإن كان معناها جاء حول البيع ]ويل للمطففين الذين
إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون[ ( )، وجاءت
التوجيهات النبوية الكريمة تأمر بالعدل كما في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
(إذا كان عند الرجل امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط) ( )، ومن
صور العدل "المساواة بين الزوجات في المعاملة" وذلك في نفقتها الخاصة
بمأكلها وملبسها بحيث لا تزيد واحدة عن أخرى ، وكذلك العدل في المسكن حيث يكون لكل
زوجة مسكن مستقل ، ومنذ لك أيضاً المساواة في المبيت ، أما الجانب الذي يصعب العدل
فيه فيكفينا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي روته عائشة وهو قوله صلى الله
عليه وسلم : (اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) ( ).
وكان قدوتنا صلى الله عليه وسلم يضرب المثل في
العدل حتى لما كان في مرضه الذي مات فيه كان يسأل أين أنا غداً ؟ يريد يوم عائشة
فأذن له أزواجه أن يكون حيث يشاء فكان في بيت عائشة حتى مات عندها ( ).
ومن عدله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أراد
سفراً أقرع بين نسائه ( ) وكيف لا يكون المسلم عادلاً ؟ وإن لم يكون المسلم عادلاً
فمن يكون ؟ وفي هذا يقول مصطفى السباعي (رحمه الله تعالى): (وكان من إصلاح الإسلام
في هذا الأمر أن ربى ضمير الزوج على خوف الله ومراقبته ورغبته إن نفذ أوامره
وخشيته من عذابه إن خالفها)( )
وثمة قيد آخر هو تحريم الجمع بين الأختين أو
بين المرأة وعمتها أو ابنتها والعلة واضحة في ذلك وهي الحفاظ على المجتمع الإسلامي
من التمزق بسبب الغيرة التي يمكن أن تحدث بين الضرائر.
الخاتمة
الزواج بأكثر من زوجة واحدة حتى أربع رخصة أو
أمر أباحه الإسلام للرجل الذي تربى عقدياً وأخلاقياً على مائدة القرآن ، يعيش
بضمير حي يراقب الله عز وجل فيما يفعل أو يترك . هذا المسلم يعتقد أن "النساء
شقائق الرجال" وأنهن كيان مستقل يتحملن التكليف ويترقين في درجات التقوى حتى
كانت منهن مثلين للذين آمنوا كما جاء عن امرأة فرعون ومريم عليها السلام والمرأة
المسلمة تعتقد بقوامة الرجل عليها لأنه مكلف بالإنفاق عليها زوجاً أو أماً أو
أختاً ، ومن تكاليف الرجل أن أوصي بإكرام المرأة أماً و زوجة (أمك ثم أمك ثم أمك
تم أبوك)و(خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)وبنتاً وأختاً (من كان عنده أختان
أو ابنتان …..)
من هذه المنطلقات تبنى الأسرة المسلمة : اختيار
للمرأة ذات الدين، وللرجل المرضى في دينه وخلقه وبعد ذلك حدد الشرع الكريم حقوق كل
طرف.
وتناول البحث بإيجاز تعدد الزوجات تجنبنا فيه
الخوض في القضايا الفقهية التي لها أهلها ولكنت أوضحنا أن المجتمع المسلم حين لم
تكن قضية الزواج بأكثر من واحدة سوى مسألة فرعية كان مشتغلاً بالدعوة إلى الله
وكان همه إنقاذ البشرية مما وصلت إليه من انحراف وفساد وزيغ وضلال، كانت قضية
المسلمين الأولى أن يحكم شرع الله وهنا ساد أبناء الرجال الذين تزوجوا بأكثر من
واحدة ، وساروا على نهج آبائهم .
ويهدف هذا الكتاب إلى وضع مسألة التعدد في
وضعها الصحيح بأن نخرج من دائرة النفوذ التغريبي الذي يستهجن الزواج بأكثر من
واحدة ، وليؤكد على أ، القضية الأكبر هي طهارة المجتمع المسلم أولاً ثم المجتمع
الإنساني ثانياً من العقائد الفاسدة والأخلاق المنحرفة وأن مسؤولية المسلمين في
هذا الزمن أكبر وأشد إلحاحاً لتقدم وسائل المواصلات والاتصالات فلم يعد ما يحدث في
أي بلد بعيد عنا مهما كانت المسافات .
وقد أوضح هذا البحث كيف عانى الغرب ويعاني من
منع التعدد ومن غير ذلك من مثل التحلل من المثل والقيم ، وتجدر الإشارة إلى أ،
هؤلاء سرعان ما ينتقدون التعدد في الإسلام رغم ماتعج به مجتمعاتهم من مشكلات ونحن
في هذا نلتزم بالمنهج القرآني في دعوة الكفار حيث يوضح القرآن الكريم عيوب
مجتمعاتهم وعيوب نظمهم بدلاً من الوقوف موقف الدفاع .
والحقيقة أن تكون المرأة زوجة ثانية أو ثالثة
أو رابعة خير بألف مرة من أن تكون زوجة وحيدة عند أوروبي أو غيره بنى بها نتيجة
قصة غرام فما هو إلا عنصر لوقت وتنطفئ شعلة الحب ثم لا تجد منه المعروف والإحسان
وأنى له ذلك وهو لا يرجو الله ولا اليوم الآخر . نرجوا الله أن يبصرنا بطريق الحق
وأن يردنا إلى الإسلام رداً جميلاً ، ونسأله سبحانه أن يغفر زلاتنا إنه سميع مجيب
.
=====================
ما أفلح قوم
ولُّوا أمرهم امرأة
الرد على الشبهة:
إن " الولاية " بكسر الواو وفتحها هى
" النُّصْرَة ".. وكل من ولى أمر الآخر فهو وليه(1)(الله ولىُّ الذين
آمنوا ) (2) (إن وَلِيِّىَ الله ) (3) (والله ولىُّ المؤمنين) (4) (قل يا أيها
الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لِلَّهِ من دون الناس فتمنوا الموت ) (5) (ما
لكم من وَلايتهم من شىء ) (6).
وإذا كانت " النصرة " هى معنى "
الولاية " ، فلا مجال للخلاف على أن للمرأة نصرة وسلطاناً ، أى ولاية ، فى كثير
من ميادين الحياة..
فالمسلمون مجمعون على إن الإسلام قد سبق كل الشرائع الوضعية والحضارات
الإنسانية عندما أعطى للمرأة ذمة مالية خاصة ، وولاية وسلطانا على أموالها ، ملكا
وتنمية واستثمارا وإنفاقاً ، مثلها فى ذلك مثل الرجل سواء بسواء.. والولاية
المالية والاقتصادية من أفضل الولايات والسلطات فى المجتمعات الإنسانية ، على مر
تاريخ تلك المجتمعات.. وفى استثمار الأموال ولاية وسلطان يتجاوز الإطار الخاص إلى
النطاق العام.. والمسلمون مجمعون على أن للمرأة ولاية على نفسها ، تؤسس لها حرية
وسلطانا فى شئون زواجها ، عندما يتقدم إليها الراغبون فى الاقتران بها ، وسلطانها
فى هذا يعلو سلطان وليها الخاص والولى العام لأمر أمة الإسلام..
والمسلمون مجمعون على أن للمرأة ولاية ورعاية
وسلطاناً فى بيت زوجها ، وفى تربية أبنائها.. وهى ولاية نص على تميزها بها وفيها
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى فصّل أنواع وميادين الولايات:
[ كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، فالأمير
الذى على الناس راع عليهم وهو مسئول عنهم ، والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول
عنهم ، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهى مسئولة عنهم ، ألا فكلكم راع وكلكم
مسئول عن رعيته ] (7).
لكن قطاعا من الفقهاء قد وقف بالولايات المباحة
والمفتوحة ميادينها أمام المرأة عند " الولايات الخاصة " ، واختاروا حجب
المرأة عن " الولايات العامة "، التى تلى فيها أمر غيرها من الناس ،
خارج الأسرة وشئونها..
ونحن نعتقد أن ما سبق وقدمناه فى القسم الأول
من هذه الدراسة من وقائع تطبيقات وممارسات مجتمع النبوة والخلافة الراشدة لمشاركات
النساء فى العمل العام بدءاً من الشورى فى الأمور العامة.. والمشاركة فى تأسيس
الدولة الإسلامية الأولى. وحتى ولاية
الحسبة والأسواق والتجارات ، التى ولاّها عمر بن الخطاب رضى الله عنه "
للشِّفاء بنت عبد الله بن عبد شمس [ 20 هجرية /641م ].. وانتهاء بالقتال فى ميادين
الوغى.. وأيضًا ما أوردناه من الآيات القرآنية الدالة على أن الموالاة والتناصر
بين الرجال والنساء فى العمل العام سائر ميادين العمل العام وهى التى تناولها
القرآن الكريم تحت فريضة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر (والمؤمنون والمؤمنات
بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم ) (8).
نعتقد أن ما سبق وأوردناه حول هذه القضية -
قضية ولاية المرأة ومشاركتها مع الرجل فى ولايات العمل العام كاف وواف فى الردِّ
على الذين يمارون فى ولاية المرأة للعمل العام.
أما الإضافة التى نقدمها فى هذا القسم من هذه
الدراسة قسم إزالة الشبهات فهى خاصة بمناقشة الفهم المغلوط للحديث النبوى الشريف:
[ ما أفلح قوم يلى أمرهم امرأة ].. إذ هو الحديث الذى يستظل بظله كل الذين يحرّمون
مشاركة المرأة فى الولايات العامة والعمل العام..
ولقد وردت لهذا الحديث روايات متعددة ، منها: [
لن يفلح قوم تملكهم امرأة ].. [ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ].. [ ولن يفلح قوم
أسندوا أمرهم إلى امرأة ] رواها: البخارى والترمذى والنسائى والإمام أحمد..
وإذا كانت صحة الحديث من حيث " الرواية
" هى حقيقة لا شبهة فيها.. فإن إغفال مناسبة ورود هذا الحديث يجعل "
الدراية " بمعناه الحقيقى مخالفة للاستدلال به على تحريم ولاية المرأة للعمل
العام..
ذلك أن ملابسات قول الرسول صلى الله عليه وسلم
، لهذا الحديث تقول: إن نفراً قد قدموا من بلاد فارس إلى المدينة المنورة ، فسألهم
رسول الله صلى الله عليه وسلم:
- " من يلى أمر فارس " ؟ - "
قال [ أحدهم ]: امرأة.
- فقال صلى الله عليه وسلم " ما أفلح قوم
ولوا أمرهم امرأة ".
فملابسات ورود الحديث تجعله نبوءة سياسية بزوال
ملك فارس وهى نبوءة نبوية قد تحققت بعد ذلك بسنوات–
أكثر منه تشريعاً عاما يحرم ولاية المرأة للعمل السياسى العام..
ثم إن هذه الملابسات تجعل معنى هذا الحديث
خاصاً " بالولاية العامة " أى رئاسة الدولة وقيادة الأمة..
فالمقام كان مقام الحديث عن امرأة تولت عرش
الكسروية الفارسية ، التى كانت تمثل إحدى القوتين الأعظم فى النظام العالمى لذلك
التاريخ.. ولا خلاف بين جمهور الفقهاء باستثناء طائفة من الخوارج على اشتراط
" الذكورة " فيمن يلى " الإمامة العظمى " والخلافة العامة
لدار الإسلام وأمة الإسلام.. أما ماعدا
هذا المنصب بما فى ذلك ولايات الأقاليم والأقطار والدول القومية والقطرية والوطنية
فإنها لا تدخل فى ولاية الإمامة العظمى لدار الإسلام وأمته.. لأنها ولايات خاصة
وجزئية ، يفرض واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر المشاركة فى حمل أماناتها على
الرجال والنساء دون تفريق..
فالشبهة إنما جاءت من خلط مثل هذه الولايات
الجزئية والخاصة بالإمامة العظمى والولاية العامة لدار الإسلام وأمته وهى الولاية
التى اشترط جمهور الفقهاء " الذكورة " فيمن يليها.. ولا حديث للفقه
المعاصر عن ولاية المرأة لهذه الإمامة العظمى ، لأن هذه الولاية قد غابت عن متناول
الرجال ، فضلاً عن النساء ، منذ سقوط الخلافة العثمانية [ 1342 هجرية 1924م ] وحتى
الآن !..
وأمر آخر لابد من الإشارة إليه ، ونحن نزيل هذه
الشبهة عن ولاية المرأة للعمل العام ، وهو تغير مفهوم الولاية العامة فى عصرنا
الحديث ، وذلك بانتقاله من:" سلطان الفرد " إلى " سلطان المؤسسة
" ، والتى يشترك فيها جمع من ذوى السلطان والاختصاص..
لقد تحوّل " القضاء " من قضاء القاضى
الفرد إلى قضاء مؤسسى ، يشترك فى الحكم فيه عدد من القضاة..
فإذا شاركت المرأة فى " هيئة المحكمة
" فليس بوارد الحديث عن ولاية المرأة للقضاء ، بالمعنى الذى كان وارداً فى
فقه القدماء ، لأن الولاية هنا الآن لمؤسسة وجمع ، وليست لفرد من الأفراد ، رجلاً
كان أو امرأة.. بل لقد أصبحت مؤسسة التشريع والتقنين مشاركة فى ولاية القضاء ،
بتشريعها القوانين التى ينفذها القضاة.. فلم يعد قاضى اليوم ذلك الذى يجتهد فى
استنباط الحكم واستخلاص القانون ، وإنما أصبح " المنفذ " للقانون الذى
صاغته وقننته مؤسسة ، تمثل الاجتهاد الجماعى والمؤسسى لا الفردى فى صياغة
القانون..
وكذلك الحال مع تحول التشريع والتقنين من
اجتهاد الفرد إلى اجتهاد مؤسسات الصياغة والتشريع والتقنين..
فإذا شاركت المرأة فى هذه المؤسسات ، فليس
بوارد الحديث عن ولاية المرأة لسلطة التشريع بالمعنى التاريخى والقديم لولاية
التشريع..
وتحولت سلطات صنع " القرارات التنفيذية
" فى النظم الشورية والديمقراطية عن سلطة الفرد إلى سلطان المؤسسات المشاركة فى
الإعداد لصناعة القرار.. فإذا شاركت المرأة فى هذه المؤسسات ، فليس بوارد الحديث
عن ولاية المرأة لهذه السلطات والولايات ، بالمعنى الذى كان فى ذهن الفقهاء الذين
عرضوا لهذه القضية فى ظل " فردية " الولايات ، وقبل تعقد النظم الحديثة
والمعاصرة ، وتميزها بالمؤسسية والمؤسسات..
لقد تحدث القرآن الكريم عن ملكة سبأ - وهى
امرأة - فأثنى عليها وعلى ولايتها للولاية العامة ، لأنها كانت تحكم بالمؤسسة
الشورية لا بالولاية الفردية (قالت يا أيها الملأ أفتونى فى أمرى ما كنت قاطعة
أمراً حتى تشهدون) (9).. وذم القرآن الكريم فرعون مصر - وهو رجل لأنه قد انفرد
بسلطان الولاية العامة وسلطة صنع القرار(قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم
إلا سبيل الرشاد ) (10).. فلم تكن العبرة بالذكورة أو الأنوثة فى الولاية العامة
حتى الولاية العامة وإنما كانت العبرة بكون هذه الولاية " مؤسسة شورية "
؟ أم " سلطانا فردياً مطلقاً " ؟ أما ولاية المرأة للقضاء.. والتى
يثيرها البعض كشبهة على اكتمال أهلية المرأة فى الرؤية الإسلامية..
فإن إزالة هذه الشبهة يمكن أن تتحقق بالتنبيه
على عدد من النقاط:
أولها: أن ما لدينا فى تراثنا حول قضية ولاية
المرأة لمنصب القضاء هو " فكر إسلامى " و " اجتهادات فقهية "
أثمرت " أحكاماً فقهية ".. وليس "دينا " وضعه الله سبحانه
وتعالى وأوحى به إلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فالقرآن الكريم لم يعرض لهذه
القضية ، كما لم تعرض لها السنة النبوية ، لأن القضية لم تكن مطروحة على الحياة
الاجتماعية والواقع العملى لمجتمع صدر الإسلام ، فليس لدينا فيها نصوص دينية أصلاً
، ومن ثم فإنها من مواطن ومسائل الاجتهاد..
ثم إن هذه القضية هى من " مسائل المعاملات
" وليست من " شعائر العبادات ".. وإذا كانت " العبادات
توقيفية " تُلْتَمس من النص وتقف عند الوارد فيه ، فإن " المعاملات
" تحكمها المقاصد الشرعية وتحقيق المصالح الشرعية المعتبرة..والموازنة بين
المصالح والمفاسد فيها.. ويكفى فى " المعاملات " أن لا تخالف ما ورد فى
النص ، لا أن يكون قد ورد فيها نص..
ومعلوم أن " الأحكام الفقهية " التى
هى اجتهادات الفقهاء ، مثلها كمثل الفتاوى ، تتغير بتغير الزمان والمكان والمصالح
الشرعية المعتبرة..
فتولى المرأة للقضاء قضية فقهية ، لم ولن
يُغْلَق فيها باب الاجتهاد الفقهى الإسلامى..
وثانيها: أن اجتهادات الفقهاء القدماء حول تولى
المرأة لمنصب القضاء هى اجتهادات متعددة ومختلفة باختلاف وتعدد مذاهبهم
واجتهاداتهم فى هذه المسألة ، ولقد امتد زمن اختلافهم فيها جيلاً بعد جيل..
ومن ثم فليس هناك " إجماع فقهى " فى
هذه المسألة حتى يكون هناك إلزام للخلف بإجماع السلف ، وذلك فضلاً عن أن إلزام
الخلف بإجماع السلف هو أمر ليس محل إجماع.. ناهيكم عن أن قضية إمكانية تحقق
الإجماع أى اجتماع سائر فقهاء عصر ما على مسألة من مسائل فقه الفروع كهذه المسألة
هو مما لا يُتَصَوَّر حدوثه حتى لقد أنكر كثير من الفقهاء إمكانية حدوث الإجماع فى
مثل هذه الفروع أصلاً.
ومن هؤلاء الإمام أحمد بن حنبل [ 164 241 هجرية
780 855 م ] الذى قال: " من ادعى الإجماع فقد كذب ! ".
فباب الاجتهاد الجديد والمعاصر والمستقبلى فى
هذه المسألة وغيرها من فقه الفروع مفتوح.. لأنها ليست من المعلوم من الدين
بالضرورة أى المسائل التى لم ولن تختلف فيها مذاهب الأمة ولا الفِطر السليمة
لعلماء وعقلاء الإسلام..
وثالثها: أن جريان " العادة " فى
الأعصر الإسلامية السابقة ، على عدم ولاية
المرأة لمنصب القضاء لا يعنى " تحريم " الدين لولايتها هذا المنصب ،
فدعوة المرأة للقتال ، وانخراطها فى معاركه هو مما لم تجربه " العادة "
فى الأعصر الإسلامية السابقة ، ولم يعن
ذلك " تحريم " اشتراك المرأة فى الحرب والجهاد القتالى عند الحاجة
والاستطاعة وتعيُّن فريضة الجهاد القتالى على كل مسلم ومسلمة.. فهى قد مارست هذا
القتال وشاركت فى معاركه على عصر النبوة والخلافة الراشدة.. من غزوة أُحد [ 3
هجرية 625م ] إلى موقعة اليمامة [ 12 هجرية 633 م ] ضد ردة مسيلمة الكذاب [ 12
هجرية 633 م ].. وفى " العادة " مرتبطة " بالحاجات " المتغيرة
بتغير المصالح والظروف والملابسات ، وليست هى مصدر الحلال والحرام..
رابعها: أن علة اختلاف الفقهاء حول جواز تولى
المرأة لمنصب القضاء ، فى غيبة النصوص الدينية –
القرآنية والنبوية – التى تتناول هذه
القضية ، كانت اختلاف هؤلاء الفقهاء فى الحكم الذى "
قاسوا " عليه توليها للقضاء. فالذين "
قاسوا " القضاء على: "الإمامة
العظمى " التى هى الخلافة العامة على أمة الإسلام
ودار الإسلام مثل فقهاء المذهب الشافعى قد منعوا توليها
للقضاء ، لاتفاق جمهور الفقهاء باستثناء بعض الخوارج على جعل "
الذكورة "
شرطا من شروط الخليفة والإمام ، فاشترطوا هذا الشرط "
الذكورة "
– فى القاضى ، قياساً على الخلافة
والإمامة العظمى.
ويظل هذا " القياس " قياساً على
" حكم فقهى " –
ليس عليه إجماع وليس "
قياساً " على نص قطعى الدلالة والثبوت..
والذين أجازوا توليها القضاء ، فيما عدا قضاء
" القصاص والحدود " مثل أبى حنفية " [ 80 150 هجرية / 699 767 م ]
وفقهاء مذهبه قالوا بذلك " لقياسهم " القضاء على " الشهادة "
، فأجازوا قضاءها فيما أجازوا شهادتها فيه ، أى فيما عدا " القصاص والحدود
".
فالقياس هنا أيضاً على " حكم فقهى "
وليس على نص قطعى الدلالة والثبوت..وهذا الحكم الفقهى المقيس عليه وهو شهادة
المرأة فى القصاص والحدود.. أى فى الدماء ليس موضع إجماع.. فلقد سبق وذكرنا فى رد
شبهة أن شهادة المرأة هى على النصف من شهادة الرجل إجازة بعض الفقهاء لشهادتها فى
الدماء ، وخاصة إذا كانت شهادتها فيها هى مصدر البينة الحافظة لحدود الله وحقوق
الأولياء..
أما الفقهاء الذين أجازوا قضاء المرأة فى كل
القضايا مثل الإمام محمد بن جرير الطبرى [ 224310 هجرية / 839 923م ] فقد حكموا
بذلك " لقياسهم " القضاء على " الفتيا ".. فالمسلمون قد
أجمعوا على جواز تولى المرأة منصب الإفتاء الدينى أى التبليغ عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم وهو من أخطر المناصب الدينية وفى توليها للإفتاء سنة عملية مارستها
نساء كثيرات على عهد النبوة من أمهات المؤمنين وغيرهن فقاس هؤلاء الفقهاء قضاء المرأة
على فتياها ، وحكموا بجواز توليها كل أنواع القضاء ، لممارستها الإفتاء فى مختلف
الأحكام.
وهم قد عللوا ذلك بتقريرهم أن الجوهرى والثابت
فى شروط القاضى إنما يحكمه ويحدده الهدف والقصد من القضاء ، وهو: ضمان وقوع الحكم
بالعدل بين المتقاضين.. وبعبارة أبى الوليد بن رشد الحفيد [ 520595 هجرية / 1126
1198م ]: فإن " من رأى حكم المرأة نافذا فى كل شئ قال: إن الأصل هو أن كل من
يأتى منه الفصل بين الناس فحكمه جائز ، إلا ما خصصه الإجماع من الإمامة الكبرى
" (11).
وخامسها: أن " الذكورة " لم تكن
الشرط الوحيد الذى اختلف حوله الفقهاء من بين شروط من يتولى القضاء..
فهم مثلا اختلفوا فى شرط " الاجتهاد
" فأوجب الشافعى [ 150204 هجرية / 767820م ] وبعض المالكية أن يكون القاضى
مجتهداً.. على حين أسقط أبو حنيفة هذا الشرط ، بل وأجاز قضاء " العامى "
أى الأمى فى القراءة والكتابة وهو غير الجاهل ووافقه بعض الفقهاء المالكية قياسا
على أمية النبى صلى الله عليه وسلم (12).
واختلفوا كذلك فى شرط كون القاضى " عاملا
" وليس مجرد " عالم " بأصول الشرع الأربعة: الكتاب ، والسنة ،
والإجماع ، والقياس.. فاشترطه الشافعى ، وتجاوز عنه غيره من الفقهاء (13).
كما اشترط أبو حنيفة ، دون سواه أن يكون القاضى
عربيا من قريش (14).
فشرط " الذكورة " فى القاضى ، هو
واحد من الشروط التى اختلف فيها الفقهاء ، حيث اشترطه البعض فى بعض القضايا دون
البعض الآخر ، وليس فيه إجماع.. كما أنه ليس فيه نصوص دينية تمنع أو تقيد اجتهادات
المجتهدين..
وسادسها: أن منصب القضاء وولايته قد أصابها هى
الأخرى ما أصاب الولايات السياسية والتشريعية والتنفيذية من تطور انتقل بها من
" الولاية الفردية " إلى ولاية " المؤسسة " فلم تعد "
ولاية رجل " أو " ولاية امرأة " ، وإنما أصبح " الرجل "
جزءاً من المؤسسة والمجموع ، وأصبحت " المرأة " جزءاً من المؤسسة
والمجموع.. ومن ثم أصبحت القضية فى " كيف جديد " يحتاج إلى " تكييف
جديد " يقدمه الاجتهاد الجديد لهذا الطور المؤسسى الجديد الذى انتقلت إليه كل
هذه الولايات.. ومنها ولاية المرأة للقضاء..
(1) الراغب الأصفهانى ، أبو القاسم الحسين بن
محمد [ المفردات فى غريب القرآن ] طبعة دار التحرير ، القاهرة 1991م.
(2) البقرة: 257.
(3) الأعراف: 196.
(4) آل عمران: 68.
(5) الجمعة: 6.
(6) الأنفال: 72.
(7) رواه البخارى ومسلم والإمام أحمد..
(8) التوبة: 71.
(9) النمل: 32.
(10) غافر: 29.
(11) [ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ] ج2 ص
494. طبعة القاهرة سنة 1974م. والماوردى [ أدب القاضى ] ج1 ص 625-628 طبعة بغداد
سنة 1971م. والأحكام السلطانية ص65 طبعة القاهرة سنة 1973م.
(12) [ بداية المجتهد ونهاية المقتصد ] ج2 ص
493،494.
(13)[ أدب القاضى ] ج 1 ص 643.
(14) محمد محمد سعيد [ كتاب دليل السالك لمذهب
الإمام مالك ] ص 190 طبعة القاهرة سنة 1923 م.
الكاتب: أ.د محمود حمدى زقزوق، وزير الأوقاف
===================
شُبهات حول حديث
: " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وردّها
روى البخاري – بإسناده - عن أبي بكرة رضي الله
عنه قال : لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم - أيام
الجمل بعد ما كِدت أن ألْحَق بأصحاب الجمل فأقاتل معهم - قال : لما بلغ رسول الله
صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال : لن يفلح قوم ولوا
أمرهم امرأة
ويُورِد بعض أعداء الملّة – من المستشرقين ومن
نَحَا نَحْوَهم ولَفّ لفّهم – عِدّة شُبهات حول هذا الحديث ، وسأورِد بعض ما
وقَفْتُ عليه من تلك الشبهات ، وأُجيب عنها – بمشيئة الله – .
الشبهة الأولى :
لماذا لم يتذكر أبو بكرة راوية الحديث هذا
الحديث إلا بعد ربع قرن وفجأة وفى ظل ظروف مضطربة ؟
الجواب :
لم ينفرد أبو بكرة رضي الله عنه بهذا الأمر ،
فقد جاء مثل ذلك عن عدد من الصحابة ، أي أنهم تذكّروا أحاديث سمعوها من النبي صلى
الله عليه وسلم ، ولم يرووها إلا في مناسباتها ، أو حين تذكّرها .
فمن ذلك :
1 – ما قاله حذيفة رضي الله عنه قال : قام فينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام
الساعة إلاَّ حدَّث به ، حَفِظَه مَنْ حَفِظَه ، ونَسِيَه مَنْ نَسِيَه ، قد علمه
أصحابي هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكُره كما يذكُر الرجل
وجْـهَ الرَّجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عَرَفَـه . رواه مسلم .
2 – وروى مسلم عن عمرو بن أخطب قال صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى
ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت
الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا
3 – ما فعله عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما
حينما تولّى الخلافة سنة 64 هـ ، فإنه أعاد بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، فإن
النبي صلى الله عليه وسلم ما تَرَك ذلك إلا لحدثان الناس بالإسلام ، فلما زالت هذه
العِلّة أعاد ابن الزبير بناء الكعبة .
وشكّ عبد الملك بن مروان في ذلك فهدم الكعبة ،
وأعاد بناءها على البناء الأول .
روى الإمام مسلم أن عبد الملك بن مروان بينما
هو يطوف بالبيت إذ قال : قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين ، يقول
سمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة لولا حدثان قومك
بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحِجْر ، فإن قومك قصروا في البناء ، فقال
الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فأنا سمعت أم
المؤمنين تحدِّث هذا . قال : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن
الزبير .
فهذا عبد الملك يعود إلى قول ابن الزبير ، وذلك
أن ابن الزبير لم ينفرد بهذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها ، وإنما رواه غيره
عنها .
هذا من جهة
ومن جهة أخرى لم يقُل عبد الملك بن مروان لِمَ
لَمْ يتذكّر ابن الزبير هذا إلا بعد أن تولّى ، وبعد ما يزيد على خمسين سنة بعد
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم !
إلى غير ذلك مما لا يُذكر إلا في حينه ، ولا
يُذكر إلا في مناسبته .
ثم إن أبا بكرة رضي الله عنه لم ينفرِد برواية
الحديث ، شأنه كشأن حديث عائشة في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، إذ لم ينفرد به
ابن الزبير عن عائشة .
فحديث : لا يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة قد
رواه الطبراني من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .
فزالت العِلّة التي علّلوا بها ، وهي تفرّد أبو
بكرة بهذا الحديث ، ولو تفرّد فإن تفرّده لا يضر ، كما سيأتي – إن شاء الله – .
الشبهة الثانية :
زعم بعضهم أن الحديث مكذوب ، فقال : الكذب في
متن الحديث فهو القول بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قاله لما بلغه أن الفرس ولوا
عليهم ابنة كسرى . في حين أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا
أية امرأة أخرى .
الجواب : هذا أول قائل إن في البخاري حديثا موضوعا
مكذوبا ، ولولا أنه قيل به لما تعرّضت له ! لسقوط هذا القول ، ووهاء هذه الشبهة !
فإن كل إنسان يستطيع أن يُطلق القول على عواهنه
، غير أن الدعاوى لا تثبت إلا على قدم البيِّنة وعلى ساق الإثبات .
فإن قوله : ( في حين أنه ليس في تاريخ الفرس
أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى )
دعوى لا دليل عليها ولا مستند سوى النفي العام
!
في حين أن القاعدة : الْمُثبِت مُقدَّم على
النافي .
وكُتب التاريخ قبل كُتب الحديث تنص على ذلك .
قال ابن جرير الطبري في التاريخ :
ثم ملكت بوران بنت كسرى أبرويز بن هرمز بن كسرى
أنو شروان .
وقال ابن الجوزي في المنتَظَم :
ومن الحوادث ملك ( بوران ) بنت كسرى أبرويز .
اهـ .
وقد عَقَد ابن الأثير في كتابه ( الكامل في
التاريخ ) باباً قال فيه :
ذكر ملك ( بوران ) ابنة ابرويز بن هرمز بن أنو
شروان .
ثم قال : لما قُتِل شهريراز مَلَّكَتْ الفرس ( بوران
) لأنهم لم يجدوا من بيت المملكة رجلا يُمَلِّكونه ، فلما أحسنتْ السيرة في رعيتها
، وعدلتْ فيهم ، فأصلحت القناطر ، ووضعت ما بقي من الخراج ، وردّت خشبة الصليب على
ملك الروم ، وكانت مملكتها سنة وأربعة أشهر . اهـ .
وفي البدء والتاريخ للمقدسي ما نصّه :
وكان باذان بعث برجلين إلى المدينة كما أمره
ابرويز لياتياه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما هما عند النبي صلى الله عليه
وسلم إذ قال لهما : إن ربى أخبرني إنه قَتَل كسرى ابنه هذه الليلة لكذا ساعات مضين
منها ، فانصرف الرجلان ونظرا فإذا هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم وثب
شهرابراز الفارسي الذي كان بناحية الروم فَمَلَك عشرين يوما ثم اغتالته بوران دخت
بنت ابرويز فقتلته ، وملكت بوران دخت سنة ونصف سنة ، فأحسنت السيرة وعَدَلَتْ في
الرعية ولم تَجْبِ الخراج ، وفرّقت الأموال في الأساورة والقوّاد ، وفيها يقول الشاعر
:
دهقانة يسجد الملوك لها *** يجبى إليها الخراج
في الجرب اهـ .
بل ذَكَر ابن كثير رحمه الله أنه مَلَك فارس
أكثر من امرأة في أزمنة متقارِبة
قال ابن كثير في البداية والنهاية :
فملكوا عليهم ابنة كسرى بوران بنت ابرويز ،
فأقامت العدل وأحسنت السيرة ، فأقامت سنة وسبع شهور ، ثم ماتت ، فملّكوا عليهم
أختها ازرميدخت زنان ، فلم ينتظم لهم أمر ، فملّكوا عليهم سابور بن شهريار وجعلوا
أمره إلى الفرخزاذ بن البندوان فزوَّجه سابور بابنة كسرى ازرميدخت ، فكرِهَتْ ذلك
، وقالت : إنما هذا عبد من عبيدنا ! فلما كان ليلة عرسها عليه هَمُّوا إليه فقتلوه
، ثم ساروا إلى سابور فقتلوه أيضا ، وملّكوا عليهم هذه المرأة ، وهي ازرمدخيت ابنة
كسرى ، ولعبت فارس بملكها لعبا كثيرا ، وآخر ما استقر أمرهم عليه في هذه السنة أن
ملّكوا امرأة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
. اهـ .
وقال الذهبي في التاريخ : ومات قتلا ملك الفرس
شهر براز ابن شيرويه قتله أمراء الدولة وملكوا عليهم بوران بنت كسرى . اهـ .
ولا يخلو كتاب تاريخ من ذِكر تولِّي ( بوران )
الْحُـكُم .
فقد ذَكَرها خليفة بن خياط ، واليعقوبي ، وابن
خلدون ، واليافعي ، وكُتب تواريخ المدن ، كتاريخ بغداد ، وغيرها .
على أنه لو صحّ (أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم
ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى)
لكان فيه دليل على قائله وليس له !
كيف ذلك ؟
يكون قد أثبت أنه لا يُعرف لا في جاهلية ولا في
إسلام أن امرأة تولّت مَنْصِباً !!
الشبهة الثالثة :
قول القائل : هل من المعقول أن نعتمد في حديث
خطير هكذا على راوية قد تم جلده (أبو بكرة) في عهد عمر بن الخطاب تطبيقاً لحد
القذف ؟!
الجواب :
سبق أن علِمت أن أبا بكرة رضي الله عنه لم
ينفرد برواية الحديث .
ثم الجواب عن هذه الشبهة أن يُقال :
أولاً : لا بُـدّ أن يُعلم أن أبا بكرة رضي
الله عنه صحابي جليل .
ثانياً : الصحابة كلّهم عدول عند أهل السنة ،
عُدُول بتزكية الله لهم وبتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أغْنَتْ عن كل
تزكية .
ثالثاً : أبو بكرة رضي الله عنه لم يفسق
بارتكاب كبيرة ، وإنما شهِد في قضية ، فلما لم تتم الشهادة أقام عمر رضي الله عنه
الْحَدّ على من شهِدوا ، وكان مما قاله عمر رضي الله عنه : قبلت شهادته .
وقال لهم : من أكْذَبَ نفسه قَبِلْتُ شهادته
فيما يُستَقْبَل ، ومن لم يفعل لم أُجِـزْ شهادته .
فعمر رضي الله عنه لم يقُل : لم أقبل روايته .
وفرق بين قبول الشهادة وبين قبول الرواية .
والفروق ذكرها القرافي في كتابه : الفُروق .
رابعاً : مما يؤكِّد الفرق بين الرواية
والشهادة ما نقله ابن حجر عن المهلّب حينما قال :
واستنبط المهلب من هذا أن إكذاب القاذف نفسه
ليس شرطا في قبول توبته ، لأن أبا بكرة لم يُكذب نفسه ، ومع ذلك فقد قبل المسلمون
روايته وعمِلُوا بها .
على أن آية القذف في قبول الشهادة .
وعلى أن هناك فَرْقاً بين القاذِف لغيره ، وبين
الشاهد – كما سيأتي – .
خامساً : أبو بكرة رضي الله عنه لم يَـرَ أنه
ارتكب ما يُفسِّق ، ولذا لم يَرَ وجوب التوبة عليه ، وكان يقول : قد فسَّقوني !
وهذا يعني أنه لم يَرَ أنه ارتكب ما يُفسِّق .
قال البيهقي : إن صح هذا فلأنه امتنع من التوبة
من قَذْفِه ، وأقام على ذلك .
قال الذهبي : قلت : كأنه يقول لم أقذِف المغيرة
، وإنما أنا شاهد ، فجنح إلى الفرق بين القاذف والشاهد ، إذ نصاب الشهادة لو تمّ
بالرابع لتعيَّن الرجم ، ولما سُمُّوا قاذِفين .
سادساً : في الرواية تُقبل رواية المبتدع ، إذا
لم تكن بدعته مُكفِّرة ، وهذا ما يُطلق عليه عند العلماء ( الفاسق الْمِلِّي ) ،
الذي فِسقه متعلق بالعقيدة ، لا بالعمل .
وروى العلماء عن أُناس تكلّموا في القدر ،
ورووا عن الشيعة ، وليس عن الرافضة الذين غَلَوا في دين الله !
ورووا عن الخوارج لِصِدقِهم .
ورووا عمّن يشرب النبيذ .
وعن غيرهم من خالَف أو وقع في بدعة
فإذا كان هؤلاء في نظر أهل العلم قد فسقوا
بأفعالِهم هذه ، فإنه رووا عنهم لأن هؤلاء لا يرون أنهم فسقوا بذلك ، ولو رأوه
فسقاً لتركوه !
فتأمّل الفرق البيِّن الواضح .
وأبو بكرة رضي الله عنه مع كونه صحابياً جاوز
القنطرة ، إلا أنه يرى بنفسه أنه لم يأتِ بما يُفسِّق ، ولو رأى ذلك لَتَاب منه .
وهو – حقيقة – لم يأتِ بما يُفسِّق .
غاية ما هنالِك أنه أدى شهادة طُلِبت منه ، فلم
يقذِف ابتداء ، كما علِمت .
والصحابة قد جاوزوا القنطرة ، والطّعن في
الصحابة طَعن فيمن صحِبوا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
فإن القدح في خير القرون الذين صحِبُوا الرسول
صلى الله عليه وسلم قَدْحٌ في الرسول عليه السلام ، كما قال مالك وغيره من أئمة
العلم : هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما طعنوا في
أصحابه ليقول القائل : رجل سوء كان له أصحاب سوء ، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه
صالحين ، وأيضا فهؤلاء الذين نَقَلُوا القرآن والإسلام وشرائع النبي صلى الله عليه
وسلم . . اهـ .
فإن مرتبة الصُّحبة كافية في العَدَالَة .
ولذا قيل لهم ما لم يُقَل لغيرهم
ونالوا من شرف المراتب ما لم يَنَلْه غيرهم
فإنه لا يوجد أحد قيل له : اعمل ما شئت فقد
غُفِر لك ، سوى أصحاب بدر .
روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه قال :
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ فإن
بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ، فانطلقنا تعادي بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة
فقلنا : اخرجي الكتاب . فقالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتخرجنّ الكتاب أو لتلقين
الثياب ، فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من
حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حاطب ما هذا ؟ قال : لا
تعجل عليَّ يا رسول الله إني كنت أمرا مُلصقاً في قريش - قال سفيان كان حليفا لهم
- ولم يكن من أنفسها وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم ،
فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتّخِذ فيهم يَـداً يَحْمُون بها قرابتي ،
ولم أفعله كُفرا ، ولا ارتدادا عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : صَدَق ، فقال عمر : دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق
! فقال : إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما
شئتم فقد غفرت لكم .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : إن
الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . رواه الإمام
أحمد .
فأنت ترى أن هذا الصحابي فَعَل ما فَعَل ، ولو
فَعَله غيره ممن لم يَنَل شرف شهود غزوة بدر ، لربما كان له شأن آخر .
ويُقال مثل ذلك في حق أبي بكرة رضي الله عنه ،
فإنه نال شرف الصحبة ، وكفى بهذا الشَّرَف تعديلا وتوثيقاً .
ثم إن أبا بكرة الثقفي له أربعة عشر حديثا في
صحيح البخاري !
فلِمَ لم يُطعَن إلا في هذا الحديث ؟
أنا أُخبِرك !
لأنه عارَض أهواء أقوام يُريدون إخراج المرأة !
الشبهة الرابعة :
ذِكر بلقيس ملكة سبأ في القرآن الكريم .
حيث قال القائل : (ويكفينا إشادة القرآن ببلقيس
ملكة سبأ وهى امرأة)
والجواب عن هذه الشُّبهة من عدّة أوجه :
الوجه الأول : أن يُقال أين هي الإشادة ؟
أفي نسبتها للضلال والكُـفر ؟
كما في قوله تعالى : (وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ
تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ)
أم في ذِكر بعثها للرشوة باسم الهدية ؟!
كما في قوله تعالى : (وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ
إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (35) فَلَمَّا
جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ
مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)
وربما يُقصد بالإشادة ما ذُكِر عنها أنها كانت
عاقلة حكيمة
وهذا يُجاب عنه في :
الوجه الثاني : أن يُقال إنها كانت كافرة ، فهل
إذا أُثني على كافر بِعَدْلٍ أو بِعَقْلٍ يكون في هذا إشادة بِكُفره ؟!
بل وفي نفس القصة : (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ
الْجِنِّ) فهل يُمكن أن يُقال : هذا فيه ثناء على العفاريت ! فتُولَّـى المناصِب !
وتُحكّم في الناس ؟!!!
الوجه الثالث : أن هذا لو صحّ أن فيه إشادة –
مع ما فيه من ذمّ – فليس فيه مستند ولا دليل .
أما لماذا ؟
فلأن هذا من شرع من قبلنا ، وجاء شرعنا بخلافه
.
الوجه الرابع :
أن هذا الْمُلك كان لِبلقيس قبل إسلامها ،
فإنها لما أسلمت لله رب العالمين تَبِعَتْ سُليمان عليه الصلاة والسلام ، فقد حكى
الله عنها أنها قالت : (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ
سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
فلما أسلمت مع سليمان لم يعُد لها مُلك ، بل
صارت تحت حُكم سليمان عليه الصلاة والسلام .
أخيراً :
إلى كل من خاض في مسألة تولية المرأة للمناصِب
، ومن يُطالِب أن تكون المرأة ( قاضية ) !
بل ويستدل بعضهم بما كان من الكفّار قديما
وحديثا .
أما قديما فيستدلّون بقصة بِبلقيس !
وأما حديثاً فيستشهدون بحُكم ( اليزابيث ) !
وعجيب ممن ترك الكتاب والسنة وأصبح يستدلّ على
صحة أقواله بأحوال الكفار قديما وحديثاً !
ومتى كانت أفعال الكفار مصدراً للتشريع ؟؟!!
أما حُكم ملكة بريطانيا فإنه في الواقع تشريفي
وراثي فحسب .
ثم إن المتنفِّذِين في السياسة والحياة العامة
هم مِن الرجال سواء بسواء في بقية الدول الأوربية .
ولو لم يكن كذلك فإنه من أفعال النصارى التي لا
مستند فيها ولا دليل ولا شُبهة أصلاً !
ثم إنهم يزعمون أن المرأة الغربية أكثر حصولاً
على الحقوق من غيرها ، وهي لا تتولّى المناصب الكبرى ذات الخطورة والأهمية .
" وحتى الآن فجميع رؤساء الولايات المتحدة
هم من الرِّجال البِيض ذوي نفوذ مالي واجتماعي كبير "
كما قال د . المسلاتي في كتابه ( أمريكا كما
رأيتها ) .
وهذا يؤكِّـد أن الدعاوى في وادٍ والواقع في
وادٍ آخر !!
ويؤكِّد أيضا أن شُبهات القوم إنما تُثار في
بلاد الإسلام فحسب !
وإلا فما معنى أن تُطالَب المرأة أن تتولّى
القضاء والمناصِب القيادية ، وهي لا تأخذ نصيبها من قيادة وإدارة دفّـة الْحُـكْـم
؟؟؟!!!
والله نسأل أن يهدينا سواء السبيل .
كتبه / عبد الرحمن السحيم
الرياض – 15/8/1425 هـ .
عبد
الرحمن بن عبد الله السحيم
عضو مركز الدعوة والإرشاد بالرياض
=====================
حجاب المرأة ليس
في الإسلام فقط
1 كورنت 11: 1) قال بولس: وأمّا كلّ امرأة
تصلّي أو تتنبّأ ورأسها غير مغطّى فتشين رأسها لأنّها والمحلوقة شيء واحد بعينه.
إذ المرأة إن كانت لا تتغطّى: فليُقص شعرُها.
(1كورنث 11: 30) احكموا في أنفسكم: هل يليق
بالمرأة أن تصلّي إلى الله وهي غير مغطّاة؟!
(1تيمو 2: 9) النّساء يزيِن ذواتهن بلباس
الحشمة لا بضفائر أو ذهب أو لآلئ أو ملابس كثيرة الثّمن
=====================
لماذا تنكرون التعدد في الزوجات في
الإسلام وكتابكم المقدس
يقول :
زوجات إبراهيم هن :
1- سارة أخته لأبيه (تكوين 20: 12)
2- هاجر (تكوين 16: 15)
3- قطورة (تكوين 25: 1)
4- حجور (الطبرى ج1 ص 311)
5- يقول سفر التكوين : (( وَأَمَّا بَنُو
السَّرَارِيِّ اللَّوَاتِي كَانَتْ لإِبْرَاهِيمَ فَأَعْطَاهُمْ إِبْرَاهِيمُ
عَطَايَا وَصَرَفَهُمْ عَنْ إِسْحَاقَ ابْنِهِ شَرْقاً إِلَى أَرْضِ الْمَشْرِقِ
وَهُوَ بَعْدُ حَيٌّ.)) تكوين 25: 6
ومعنى ذلك أنه كان سيدنا إبراهيم يجمع على
الأقل ثلاث زوجات بالإضافة إلى السرارى التي ذكرها الكتاب بالجمع.
وإذا علمنا أن سليمان كلن عنده 300 من السرارى
، وداود ترك جزء من سراريه لحفظ البيت ، ويبلغ عددهن 10 سرارى (صموئيل الثاني 15:
16).
فإذا ما افترضنا بالقياس أن سيدنا إبراهيم كان
عنده 10 سرارى فقط بالإضافة إلى زوجاته، يكون قد جمع تحته 13 زوجة وسريرة.
وزوجات يعقوب هن :
1- ليئة
2- راحيل
3- زلفة
4- بلهة
وبذلك يكون سيدنا يعقوب قد جمع 4 زوجات في وقت
واحد.
وزوجات موسى هن:
1- صفورة (خروج 2: 11-22)
2- امرأة كوشية (وهو في سن التسعين) عدد 12:
1-15
وبذلك يكون نبي الله موسى قد تزوج من اثنتين
(يؤخذ في الإعتبار أن اسم حمى موسى جاء مختلفاً: فقد أتى رعوئيل (خروج 2: 28)
ويثرون (خروج 3: 1) وحوباب القينى قضاة 1: 16) وقد يشير هذا إلى وجود زوجة ثالثة
لموسى عليه السلام ؛ إلا إذا اعترفنا بخطأ الكتاب في تحديد اسم حمى موسى عليه
السلام.
وزوجات جدعون هن : (( كان لجدعون سبعون ولداً
خارجون من صلبه ، لأن كانت له نساء كثيرات )) قضاة 8: 30-31
وإذا ما حاولنا استقراء عدد زوجاته عن طريق عدد
أولاده ، نقول: أنجب إبراهيم 13 ولداً من 4 نساء. فيكون المتوسط التقريبى 3 أولاد
لكل امرأة.
وكذلك أنجب يعقوب 12 ولداً من 4 نساء ، فيكون
المتوسط التقريبى 3 أولاد لكل امرأة.
ولما كان جدعون قد أنجب 70 ولداً: فيكون عدد
نسائه إذن لا يقل عن 23 امرأة.
وزوجات داود هن:
1- ميكال ابنة شاول (صموئيل الأول 18: 20-27)
2- أبيجال أرملة نابال (صموئيل الأول 25: 42)
3- أخينوعيم اليزرعيلية (صموئيل الأول 25: 43)
4- معكة ابنت تلماى ملك جشور (صموئيل الثاني 3:
2-5)
5- حجيث (صموئيل الثاني 3: 2-5)
6- أبيطال (صموئيل الثاني 3: 2-5)
7- عجلة (صموئيل الثاني 3: 2-5)
8- بثشبع أرملة أوريا الحثى (صموئيل الثاني 11:
27)
9- أبيشج الشونمية (ملوك الأول 1: 1-4)
وجدير بالذكر أن زوجة نبي الله (أبيشج
الشونمية) كانت في عُمر يتراوح بين الخامسة عشر والثامنة عشر ، وكان داود قد شاخ ،
أى يتراوح عمره بين 65 و 70 سنة. أى أن العمر بينه وبين آخر زوجة له كان بين 45 و
50 سنة.
وكذلك كان عمر إبراهيم عندما تزوج هاجر 85
(أنجب إسماعيل وعمره 86 سنة [تكوين 16: 16]). وكان عمر هاجر عندما تزوجها إبراهيم
حوالى 25 إلى 30 سنة (فقد أُعطِيت لسارة من ضمن هدايا فرعون له ، وتزوجها بعد هذا
الموعد بعشر سنوات هى مدة إقامته في أرض كنعان. فمتوسط عمرها عندما أُهدِيت لسارة
بين 15 - 20 سنة).
وبذلك يكون الفرق في العمر بين إبراهيم وهاجر
بين 55 و 60 سنة.
(( وَعَلِمَ دَاوُدُ أَنَّ الرَّبَّ قَدْ
أَثْبَتَهُ مَلِكاً عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَّهُ قَدْ رَفَّعَ مُلْكَهُ مِنْ
أَجْلِ شَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ. 13وَأَخَذَ دَاوُدُ أَيْضاً سَرَارِيَ وَنِسَاءً
مِنْ أُورُشَلِيمَ بَعْدَ مَجِيئِهِ مِنْ حَبْرُونَ، فَوُلِدَ أَيْضاً لِدَاوُدَ
بَنُونَ وَبَنَاتٌ.)) صموئيل الثاني 5: 12-13
ويمكن استقراء عدد نساء داود في أورشليم
كالآتى:
ملك داود في حبرون على سبط يهوذا نحو 7 سنين ،
تزوج فيها ست زوجات ، أى بمعدل زوجة جديدة كل سنة.
ولما نتقل داود إلى أورشليم ملكاً على إسرائيل
، كان عمره 37 سنة ، وقد بدأت المملكة تستقر. فمن المتوقع أن يستمر معدل إضافة
الزوجات الجدد كما كان سلفاً، أى زوجة جديدة كل سنة.
وإذا أخذنا عامل السن في الاعتبار ، فإننا
يمكننا تقسيم مدة حياته في أورشليم ، التي بلغت 33 سنة إلى ثلاث فترات ، تبلغ كل
منها احدى عشر سنة ، ويكون المعدل المقبول في الفترة الأولى زوجة جديدة كل سنة ،
وفى الفترة الثانية زوجة جديدة كل سنتين ، وفى الفترة الثالثة زوجة جديدة كل ثلاث
سنوات.
وبذلك يكون عدد زوجات داود الجدد الائى أخذهن
في أورشليم 20 زوجة على الأقل.
أما بالنسبة للسرارى فيقدرها العلماء ب 40 امرأة
على الأقل. فقد هرب داود خوفاً من الثورة التي شنها عليه ابنه أبشالوم مع زوجاته
وسراريه وترك عشر نساء من سراريه لحفظ البيت (صموئيل الثاني 15: 12-16).
وبذلك يكون لداود 29 زوجة و 40 سرية ، أى 69
امرأة على الأقل. وهذا رقم متواضع إذا قورن بحجم نساء ابنه سليمان الذي وصل إلى
1000 امرأة.
نساء رحبعام هن:
(( وَأَحَبَّ رَحُبْعَامُ مَعْكَةَ بِنْتَ
أَبْشَالُومَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ نِسَائِهِ وَسَرَارِيهِ لأَنَّهُ اتَّخَذَ
ثَمَانِيَ عَشَرَةَ امْرَأَةً وَسِتِّينَ سُرِّيَّةً وَوَلَدَ ثَمَانِيَةً
وَعِشْرِينَ ابْناً وَسِتِّينَ ابْنَةً.)) أخبار الأيام الثاني 11: 21
نساء هوشع هن :
زوجتين (هوشع 1: 2-3 و هوشع 3: 1-2
=====================
إن الأصل في عمل المرأة في
الإسلام أن تكون في البيت راعية لمال زوجها ، مدبرة لأمره ، قائمة على شؤون
بيتها ، عاملة لتحقيق أهداف الزوجية ، والأمومة النبيلة بكل صدق وإخلاص ، فإذا كان
على زوجها كسب المال ، فإن عليها إنفاق ذلك لتدبير شؤون المنزل ، قال صلى الله
عليه وسلم: (المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها).
وقد ألزم الإسلام الزوج بالإنفاق عليها ، مهما
كان مستواه المادي ، هذا إذا كانت ذات زوج ، وإذا لم تكن ذات زوج فقد ألزم الإسلام
أقاربها: أباها ، أو أخاها ، أو غيرهما ممن تلزمها إعالتها ، ألزمهم بالإنفاق
عليها ، وإذا لم يكن هذا ولا ذاك ، وهي فقيرة ، فقد جعل الإسلام حق الإنفاق عليها
وكفالتها ، على ولي أمر المسلمين من بيت المال ، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة ، اقرؤوا إن شئتم:
(النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) ، فأيما مؤمن ترك مالاً فلورثته ، وإن ترك ديناً
أو ضياعاً ، فليأتني ، فأنا مولاه).
كل ذلك حرصاً من الإسلام على أن تبقى المرأة في
مكانها الطبيعي (البيت) لا تبرحه ، تكريماً لها ، وتقديراً لرسالتها في الحياة
وصوناً لها من الابتذال في زحمة الحياة ، ومتاهات البحث عن مصدر للرزق ، لكن قد لا
يتيسر للمرأة من يقوم بإعالتها ممن ذكرنا ، أو تضطرها بعض الظروف إلى العمل مع وجود
العائل مثل خصاصة قيّم الأسرة أو ضآلة معاشه أو مرضه أو عجزه أو سبب آخر من هذا
القبيل ، حينئذ يكون الخروج من البيت ضرورة لا بد منها.
وقد راعى الإسلام هذه الضرورات ، فأباح لذلك
خروجها من البيت ، والبحث عن مصدر للرزق ، تقضي به حاجتها وتسد عوزها ، على أن
يكون في مجال الأعمال المشروعة التي تحسن أداءها.
ولا تتنافر مع طبيعتها ، وأن تؤديه وهي في وقار
وحشمة ، وفي صورة بعيدة عن مظان الفتنة ، وأن لا يكون من شأن هذا العمل أن يؤدي
إلى ضرر اجتماعي ، أو خلقي ، أو يعوقها عن أداء واجباتها الأخرى ، نحو زوجها ،
وأولادها ، وبيتها ، ويكلفها ما لا تطيقه ، ولا تخرج في زيها وزينتها ، وستر أعضاء
جسمها ، واختلاطها بغيرها أثناء أدائها لعملها في الخارج عما سنته الشريعة الإسلامية في هذه الشؤون.
هذا هو هدي الإسلام في عمل المرأة ، أما إتاحة
الفرصة للمرأة للعمل ، وإباحته لها مطلقاً ، لضرورة ولغيرها ، فذلك مما يتنافى مع
الشريعة ، ومع الفطرة السليمة ، التي فطر الله عليها المرأة ، ويتنافى مع رسالتها
الأساسية في الحياة ، ومعطل لأسمى خصائص المرأة من ووظائفها الطبيعية ،
والاجتماعية ، ومعطل لقوامة الرجل على المرأة.
وقد برر دعاة عمل المرأة مطلقاً في أي حال
بمبررات أعتقد أنها لا تصمد أمام البحث والمناقشة ،
فمما قالوا: إن عمل المرأة يقيها السأم القاتل
الذي يورثها إياه بقاؤها الطويل الذي تقضيه بين جدران البيت!!
ونقول:
إن قيام المرأة في بيت زوجها ، راعية لماله ،
مدبرة لأمره ، مدركة لأهداف زوجيتها ، وأمومتها ، عاملة لها في وعي ، وصدق ،
وإخلاص ، كاف لملء فراغ قلبها وعقلها ووقتها ، الذي يدّعون أنها تشكو منه ، وكفيل
بأن يملأ عليها بيتها بهجة ، ويحوله إلى جنة وارفة ، فيها من أنواع المتع النفسية
، والعقلية ، ما يُذهب عنها السأم والملل الذي يدّعونه ، ويملأ نفسها بشعور
السعادة والارتياح ، إن حققت رسالتها كاملة وقامت بواجبها كما ينبغي.
وقد شهدت بذلك واحدة ممن نصّبوا أنفسهم للدفاع
عن المرأة: (فيليس ماكجنلي) كاتبة أمريكية ، قالت في مقال لها بعنوان: (البيت
مملكة المرأة بدون منازع):
(وهل نُعَدّ –
نحن النساء – بعد أن نلنا حريتنا
أخيراً ، خائنات لجنسنا إذا ارتددنا لدورنا القديم في البيوت).
وتجيب على هذا السؤال بقولها:
(إن لي آراء حاسمة في هذه النقطة ، فإنني أصر
على أن للنساء أكثر من حق في البقاء كربات بيوت ، وإنني أقدر مهنتنا ، وأهميتها في
الحقل البشري ، إلى حد أدنى أراها كافية لأن تملأ الحياة والقلب).
إنه تقرير امرأة مثقفة ، غربية ، بإملاء واقعها
وتجربتها ، وهي أدرى بمهام الأنثى وفطرتها من غيرها من غير جنسها.
وقالوا أيضاً:
إن مجد الأمة بكثرة الأيدي العاملة ، وأن
المرأة نصف المجتمع ، وليس مما يتحقق به هذا المجد أن يكون نصف المجتمع عاطلاً.
ونقول:
لا تعطيل لهذا النصف كما تدّعون ، بل إنه موكول
إليه من المهام ما هو أصعب ، وأشق ، وأهم من المهام الموكولة إلى الرجال ، فإذا
كان بناء مجد الأمة في حاجة إلى الأيدي العاملة ، والأدمغة المفكرة ، وينشئها
ويتعهدها بالرعاية والتوجيه حتى تخرج إلى معترك الحياة سوية قوية ، تخدم الأمة ،
وتبني المجد ، ثم يؤمن لها العش الدافئ ، والسكن النفسي ، عند أوبتها من معترك
الحياة متعبة ، مرهقة الأعصاب ، فيجد في عشه ما ينسّيه ومن ينسيه ذلك التعب ، بل
ويهبه العزم ، والتصميم على مواصلة السير.
لا شك أنه عمل شاق ، ومهمة صعبة ، ورسالة سامية
، ومن لهذا كله سوى المرأة.
فلا تعطيل لهذا النصف إذاً ، بل هو قائم
برسالته التي أوجد من أجلها ، وفي اليوم الذي حدث في هذه الرسالة تقصير وإهمال ،
ظهرت نتائج ذلك على الأبناء ، بُناة المجد: انحرافاً في الأخلاق ، وتشرداً في
الآفاق ، وتفككاً في الأسرة ، وانحلالاً وتدهوراً في المجتمعات ، وبالتالي تهدماً
وسقوطاً للمجد الذي بُني.
فما هو العمل في رأي هؤلاء إن لم يكن ذلك منه ،
بل أهمه وأشقه وإذا كان مقياس العمل والعطل هو الإنتاج للحياة ، فإن عمل المرأة –
من حيث ذلك – هو المقدم ، أما أن يكون
عمل الرجل هو كل شيء ، وعمل المرأة لا شيء ، فذلك الظلم بعينه لها ولرسالتها
الجليلة في الحياة.
وسياسة الدولة كلها ليست بأعظم شأناً ، ولا
بأخطر عاقبة من سياسة البيت ، لأنهما عدلان متقاربان ، عالم العراك والجهاد ،
يقابله عالم السكينة والاطمئنان ، وتدبير الجيل الحاضر ، يقابله تدبير الجيل
المقبل ، وكلاهما في اللزوم ، وجلالة الخطر سواء ، ولولا مركب النقص في المرأة
لكان لها فخر بمملكة البيت وتنشئة المستقبل فيه ، ولا يقل عن فخر الرجال بسياسة
الحاضر ، وحسن القيام على مشكلات المجتمع ، وإنما كانت الآفة كلها من حب المحاكاة
بغير نظر إلى معنى المحاكاة.
فلكلٍّ من الرجل والمرأة مسؤولية ، واختصاصه في
بناء هذا المجد ، كما قسمه الله بينهما ، وكل من هذين الاختصاصين مهم ، ولا يمكن
أن يحقِّر منه ، أو يهون من شأنه ، أو يستغني عنه ، فالرجل إلى الإنتاج ، وتنمية
الثروة ، وكسب الرزق ، وحماية العرين ، والمرأة إلى الأسرة ، إلى عمل أشق: تحمل
الجنين ، وتلد وترضع ، وتربي ، وترعى الزوج والولد ، وتُمرِّض ، وتدبر شؤون المنزل
، وتثمر السكن ، والمودة والرحمة ، وتبذل من ذات نفسها ، وجهدها الحسي ما تبذل ،
لتوفر للزوجية والأمومة ظروف عملها الملائمة.
وهذا الافتراق في العمل والمهام ، الذي هو
مقتضى ما أُهِّل به كل منهما ، هو عين التقائهما على الإسهام ، بأدنى ما يكون ، في
بناء الأمة ومجدها ، فإذا أدى كل منهما ما وجه إليه بحق ، استقامت مصلحة الأمة على
أكمل وجه.
ومما قالوا أي أيضاً:
قد تكون المرأة لا عائل لها ، وقد يتوفى عنها
زوجها ، ويترك لها أطفالاً صغاراً ، ولا شيء لها ولا لهم ، فتجد في العمل عصمة لها
ولأولادها من الضياع.
ونقول:
إن الإسلام قد أوجب على أقارب المرأة الفقيرة
إعالتها ، والنفقة عليها ، كما أوجب على أقارب أطفالها ذلك ، وإن لم يوجد لها ولأطفالها
أقارب ، فقد أوجب لهما حقاً في بيت مال المسلمين ، فيقوم الحاكم بإعالتها ،
والنفقة عليها ، وعلى أولادها الصغار الفقراء ، حتى يشبوا ويقدروا على العمل ، هذا
هو الأصل في الإسلام.
وإذا لم يحصل لها ذلك فقد أبيح لها القيام بعمل
تقيم به أودها ، وأود أطفالها ، في حدود ما شرعه الإسلام ، وضمن آدابه وتعاليمه.
على أن ثمة عوارض أخرى طبيعية ، تشترك في تقرير
عجز المرأة عن عمل التكسب في الخارج ، تلك هي ما يعتور المرأة من العادة الشهرية ،
والحمل تسعة أشهر ، والولادة وما تتركه من الآثار النفسية والعقلية والبدنية ، في
كيان المرأة العام كما يقرر ذلك علم الطب.
وتدل مشاهدات أساطين علمي الأحياء والتشريح ،
على أن المرأة تطرأ عليها في مدة حيضها التغيرات الآتية:
1- تقل في جسمها قوة إمساك الحرارة ، فتنخفض
حرارتها.
2- يبطئ النبض ، وينقص ضغط الدم ، ويقل عدد
خلاياه.
3- وتصاب الغدد الصماء واللوزتان ، والغدد
اللمفاوية بالتغير.
4- ويختل الهضم ، وتضعف قوة التنفس.
5- يتلبد الحس ، فتتكاسل الأعضاء ، وتتخلف
الفطنة ، وقوة تركيز الفكر.
وكل هذه التغيرات ، تدني المرأة الصحيحة إلى
حالة المرض إدناء يستحيل معه التمييز بين صحتها ومرضها.
وأشد على المرأة من مدة الحيض زمان الحمل ،
فيكتب الطبيب (ريبريت):
(لا تستطيع قوى المرأة أن تتحمل من مشقة الجهد
البدني والعقلي ما تتحمله في عامة الأحوال ، وأن عوارض الحامل لو عرضت لرجل ، أو
امرأة غير حامل لحكم عليه أو عليها بالمرض بدون شك ، ففي هذه المدة يبقى مجموعها العصبي
مختلاً على أشهر متعددة ، ويضطرب فيها الاتزان الذهني ، وتعود جميع عناصرها
الروحية في حالة فوضى دائمة).
أما عقب وضع الحمل ، فتكون المرأة عرضة لأمراض
متعددة إذ تكون جراح نفاسها مستعدة أبداً للتسمم ، وتصبح أعضاؤها الجنسية في حركة
لتقلصها إلى حالتها الطبيعية قبل الحمل ، مما يختل به نظام جسمها كله ، ويستغرق
بضعة أسابيع في عودته إلى نصابه.
وبذلك تبقى المرأة سكناً للرجل ، ولا يمكن أن
يجد ذلك السكن لدى امرأة ، يحضر فلا يجدها ، لأنها في عملها ، أو يجدها ، ولكنها –
مثله – مثقلة بتعب الفكر والنفس والجسم ، وقد
أفقدها العمل رهافة الحس ، ورقة الأنوثة ، بسبب قسوة العمل ومسؤولياته ، واعتبرت
نفسها أنها صنوه ، ومساوية له في الكسب ، وفي تبعات البيت ولوازمه ، وفقد الرجل
لذلك قوة البأس ، الذي كان يمارسه ، ولذة الرضا
منها بذلك البأس ، والاستسلام لرجولته والشعور بحمايته ، وفقد تبعاً لذلك القوامة
عليها ، والله يقول: (الرجال قوامون على النساء) ، وإذا فقد الرجل هذا الحق اختل
نظام الأسرة ، والمجتمع ، لأنه من القوانين التي لا تنعقد روابط الأسرة إلا بها
ثم إن عمل المرأة خارج البيت مدعاة لإثارة
المشاكل في البيت ، مما ينتج عنه تفكك الأسرة ، فكثيراً ما تثور المشكلات بين
الزوجين بسبب العمل ، فمثلاً قد ترغب الزوجة في العمل والزوج لا يرغب ، أو العكس ،
وقد تقصِّر المرأة بحق الزوجية ، والبيت بسبب عملها بدون رضى زوجها ، وقد ينشأ
الخلاف على مدى مساهمة الزوجة المادية ، بمتطلبات البيت ، ومدى التزامات الرجل
المادية نحو زوجته وبيته ، إلى غير ذلك ، هذا بالإضافة إلى المشاكل التي تنشأ بين
الزوجين بسبب احتكاكها واختلاطها بالرجال الآخرين في العمل.
=====================
قوامة الرجل على
المرأة لا يسلبها حريتها
يقول المتقولون على الإسلام: إن
الإسلام يجعل الرجل قواماً على المرأة (الرجال قوامون على النساء) ، قد فرض
وصايته عليها ، وسلبها بذلك حريتها وأه]ليتها ، وثقتها بنفسها.
ونقول: ليس الأمر كما يرون ويفهمون من القوامة
، فليس قوامة الرجل في الإسلام قوامة السطوة والاستبداد والقوة
والاستعباد ، ولكنها قوامة التبعات ، والالتزامات والمسؤوليات ، قوامة مبينة على
الشورى والتفاهم على أمور البيت والأسرة ، قوامة ليس منشؤها تفضيل عنصر الرجل على
عنصر المرأة ، وإنما منشؤها ما ركب الله في الرجل من ميزات فطرية ، تؤهله لدور
القوامة لا توجد في المرأة ، بينما ركب في المرأة ميزات فطرية أخرى ، تؤهلها
للقيام بما خلقت من أجله ، وهو الأمومة ورعاية البيت وشؤونه الداخلية.
فهو أقوم منها في الجسم ، وأقدر على الكسب
والدفاع عن بيته وعرضه ، لا شك في ذلك ، وهو أقدر منها على معالجة الأمور ، وحل
معضلات الحياة بالمنطق والحكمة وتحكيم العقل ، والتحكم بعواطفه لا شك في ذلك أيضاً
، والأمومة والبيت في حاجة إلى نوع آخر من الميزات الفطرية ، في حاجة إلى العاطفة
الدافقة والحنان الدافئ ، والإحساس المرهف ، لتضفي على البيت روح الحنان والحب ،
وتغمر أولادها بالعطف والشفقة.
وإذا سألنا هؤلاء المدعين: أيهما أجدر أن تكون
له القوامة بما فيها من تبعات: الفكر والعقل ، أم العاطفة والانفعال؟ لا شك أنهم
يوافقوننا أن الفكر هو الأجدر ، لأنه هو الذي يستطيع تدبير الأمور ، بعيداً عن
الانفعال الحاد الذي كثيراً ما يلتوي بالتفكير ، فيحيد به عن الصراط المستقيم ،
فالرجل بطبيعته المفكرة لا المنفعلة ، وبما هيأه الله له من قدرة على الصراع
واحتمال أعصابه لنتائجه وتبعاته ، أصلح من المرأة في أمر القوامة على البيت ، بل
إن المرأة نفسها ، لا تحترم الرجل الذي تسيّره ، فيخضع لرغباتها بل تحتقره بفطرتها
، ولا تقيم له أي اعتبار.
والرجل أيضاً أب الأولاد ، وإليه ينتسبون ، وهو
المسؤول عن نفقتهم ورعاية سائر شئونهم ، وهو صاحب المسكن ، عليه إيجاده وحمايته
ونفقته.
ونسأل هؤلاء أيضاً ، أليس من الإنصاف والعدل أن
يكون من حُمّل هذه التبعات وكُلف هذه التكاليف من أمور البيت وشئونه ، أحق
بالقوامة والرياسة ، ممن كُفلت لها جميع أمورها ، وجعلت في حل من جميع الالتزامات؟
لا شك أن المنطق وبداهة الأمور ، يؤيدان ذلك.
فرياسة الرجل إذاً ، إنما نشأت له في مقابل
التبعات التي كلف بها ، وما وهبه الله من ميزات فطرية ، تجعله مستعداً للقوامة.
ثم إن القوامة التي جعلها الإسلام للرجل ، لا استبداد فيها ، ولا استعباد
للمرأة ، بل هي مبينة على الشورى والتفاهم بين الشريكين.
وقد نبه الإسلام الرجال لذلك ، ووجههم إلى
تحقيق معنى القوامة التي يعنيها قال الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف) ، وقال صلى
الله عليه وسلم: (خيرك خيركم لأهله) ، ويُشعر الرجال أن النساء بحاجة إلى الرعاية
، لا إلى التسلط والتشدد: (استوصوا بالنساء خيراً ، فإنهن عوان عندكم) ، قال هذا
في حجة الوداع ، وهو من آخر ما قال صلى الله عليه وسلم عن النساء ، ويقول صلى الله
عليه وسلم: (خياركم ، خياركم لنسائهم) ، ويوصيهم بالصبر والاحتمال ، والصبر
والاحتمال من مقومات القوامة (لا يفرك مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خُلقاً ، رضي منها
آخر).
وجماع القول: أن نظرية الإسلام في المرأة أنها
إنسان قبل كل شيء ، والإنسان له حقوقه الإنسانية ، وأنها شقيقة الرجل ، خلقت من
نفس عنصره الذي خلق منه ، فهو وهي سيان في الإنسانية ، (إنما النساء شقائق الرجال)
، هكذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول الله تعالى: (ومن آياته أن خلق
لكم من أنفسكم أزواجاً).
وإذا استشعر الزوج ذلك ، وامتثل ما أمره الله ،
وأمره رسوله به ، لا شك أنه سينصف المرأة ، ومن شذ عن ذلك ، واستبد ، وتعالى ،
وجار على المرأة ، فإن الإسلام لا يرضى منه ذلك ، ولا يؤخذ الإسلام بجريرة الشواذ
، العاصين لأوامره ولا يمكن أن يحكم على الإسلام وصلاحه بأفعالهم.
===================
القوامة..
دكتاتورية وتسلط أم تهذيب وتبسط؟
ما هي القوامة؟
سبب قوامة الرجل على المرأة
هل تعني القوامة إلغاء شخصية المرأة؟
القوامة: دكتاتورية وتسلط أم تهذيب وتبسط؟
استجابة المرأة الزوجة سرّ نجاح زواجها!
هل قوامة الرجل على المرأة مقصورة على الحياة
العائلية؟
الحمد لله رب العالمين على نعمه وآلائه
المتوالية، وأصلي وأسلم على نبيه الأمين الذي هدى البشرية والإنسانية لدين رب
العالمين، وبعد:
فقد خلق الله ـ عز وجل ـ الإنسان، وجعل منه
الزوجين الذكر والأنثى، وحثنا على التعارف، فقال سبحانه:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ
إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ
لِتَعَارَفُوا}،وبيَّن تعالى أنَّ ميزان كرامة الإنسان لديه، ذكراً وأنثى، هو
التقوى، فقال سبحانه: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ...}
[الحجرات/13].
وكتاب الله تعالى جاء بتحقيق مصالح الناس، ودرء
المفاسد عنهم، في الدنيا والآخرة، فقال تعالى: { وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}41{
لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ
حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [فصلت:43،42].
وقال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ
تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ..} [النحل:90].
وقال جلَّ في علاه: { مَّا فَرَّطْنَا فِي
الكِتَابِ مِن شَيْءٍ...} [الأنعام:38].
ومن هذه الأمور التي جاء الشرع المطهر ببيانها
بياناً وافياً (في القرآن والسنة)، ثم أفاض علماء الأمة في شرحها وتفسير مجملها
للناس: أمر" القوامة"، فقال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ
اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي
الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا}34{ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ
بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن
يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيمًا
خَبِيرًا} [النساء/ 35،34].
ماهي القوامة؟
إذاً كان الله ـ عز وجل ـ ذكر أنَّ الرجل
قوَّام على المرأة ـ وهذا لا يجادل فيه عاقل ـ ولكن الجدال والنقاش مع الذين
يدورون في رحى الخلاف: التحديد لماهية القوامة، وكيف يقوم الرجل على امرأته؟ وما
معنى القوامة هذه؟
إنَّ أهل العلم السابقين تكلموا عن ذلك ،
وشرحوا النصوص الربانية القرآنية بكل تحقيق وتدقيق، فأحسنوا وأبدعوا في إيصال
معانيها وفوائدها النفيسة.
وهم أعلم بمقصود الآية منَّا؛ لأنهم قريبون من
عهد النبوة، ولأنَّ كثيراً منهم تلقى العلم عن الصحابة والتابعين، فسألوهم عن مراد
الله ورسوله في كل آية، ثم إنَّ الرسول تكلم عن القرون التي عاشوا فيها فمدحها
وأثنى عليها، فقال: "خير أمتي القرن الذي بُعثتُ فيه، ثم الذين يلونهم، ثم
الذين يلونهم، ثم يخلف قوم يحبون السَّما، يشهدون قبل أن يُستشهدوا" (1)
وقد تكلم المفسرون في شرح آية القوامة السابقة
كلاماً بديعاً، وها أنذا ألتقط شيئاً من درر كلامهم في شرحهم لماهية القوامة
وكيفيتها:
قال ابن كثير في تفسيره عن هذه الآية:
{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} أي:
الرجل قيم على المرأة، أي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت.
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: {الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}: يعني: أمراء: عليها أن تطيعه فيما أمرها به من
طاعته، وطاعته أن تكون محسنة لأهله، حافظة لماله، وكذا قال مقاتل والسدي والضحاك..
وقال الشعبي في هذه الآية: ) الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء( قال:
"الصداق الذي أعطاها... (2)
وقال الشوكاني في تفسيره عن هذه الآية الكريمة:
"والمراد: أنَّهم يقومون بالذب عنهن، كما
تقوم الحكام والأمراء بالذب عن الرعية، وهم أيضاً يقومون بما يحتجن إليه من
النفقة، والكسوة، والمسكن، وجاء بصيغة المبالغة قوله: {قَوَّامُونَ} ليدل على
أصالتهم في هذا الأمر" اهـ.
وقال أبوبكر العربي في كتابه "أحكام
القرآن":
"قوله: {قَوَّامُونَ} يقال: قوَّام
وقيِّم، وهو فعال وفيعل من قام، المعنى هو أمين عليها، يتولى أمرها، ويصلحها في
حالها، قاله ابن عباس، وعليها له الطاعة.. ثم قال عندما ذكر القوامة: "فعليه
أن يبذل المهر والنفقة، ويحسن العشرة، ويحجبها، ويأمرها بطاعة الله، ويرغب إليها
شعائر الإسلام من صلاة وصيام إذا وجبا على المسلمين، وعليها الحفظ لماله، والإحسان
إلى أهله، والالتزام لأمره في الحجة وغيرها إلا بإذنه، وقبول قوله في الطاعات"
اهـ.
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره:
"يخبر الله تعالى أنَّ {الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} أي: قوَّامون عليهن بإلزامهن بحقوق الله تعالى، من
المحافظة على فرائضه، وكفهن عن المفاسد، والرجال عليهم أن يلزموهم بذلك، وقوَّامون
عليهن أيضاً، بالإنفاق عليهن،والكسوة، والمسكن" اهـ.
وبمجموع كلام هؤلاء المفسرين نستنتج أنَّ معنى
القوامة يدور على خمسة أشياء:
• أنَّ الرجل كالرئيس على المرأة والحاكم عليها
والأمير.
• مؤدبها إذا اعوجت وأخطأت وضلَّت طريق الهدى.
• أنَّ الرجل يبذل لها المهر والصداق.
• أنَّ الرجل يتولى أمرها ويصلح حالها، ويحسن
عشرتها، ويأمرها بالاحتجاب عن الأجانب وأهل الشر والفتنة.
• إلزامهن بحقوق الله تعالى، بالمحافظة على
فرائضه، والكف عما نهى عنه.
وهذا يجرنا إلى الحديث عن:
سبب قوامة الرجل على المرأة
ذكر أبوبكر ابن العربي ـ رحمه الله ـ فيتفسيره
أحكام القرآن(3) أنَّ سبب تفضيل الرجل على المرأة في القوامة ثلاثة أشياء ، فقال:
"وذلك لثلاثة أشياء:
الأول: كمال العقل والتمييز.
الثاني: كمال الدين والطاعة في الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر على العموم، وغير ذلك، وهذا الذي بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم
في الحديث الصحيح: "ما رأيت من ناقصات عقل ودين أسلب للبّ الرجل الحازم منكن.
قلن: وما ذلك يا رسول الله؟ قال: أليس إحداكن تمكث الليالي لا تصلي ولا تصوم، فذلك
من نقصان عقلها". وقد نصَّ الله سبحانه على ذلك بالنقص، فقال: { أَن تَضِلَّ
إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى }.
الثالث: بذلهُ لها المال من الصداق والنفقة،
وقد نصَّ الله عليها ها هنا" اهـ.
قال الشوكاني (4) في قوله تعالى: { بِمَا
فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ }
قال: { بِمَا فَضَّلَ اللّهُ } للسببية، والضمير في قوله: { بَعْضَهُمْ عَلَى
بَعْضٍ } للرجال والنساء، أي: إنما استحقوا هذه المزية لتفضيل الله للرجال على
النساء بما فضَّلهمبه من كون فيهم الخلفاء، والسلاطين، والحكام، والأمراء،
والغزاة، وغير ذلك من الأمور.
قوله: ){ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ
أَمْوَالِهِمْ } أي: وبسبب ما أنفقوا من أموالهم، وما مصدرية، أو موصولة، وكذلك هي
في قوله: { بِمَا فَضَّلَ اللّهُ } ومن تبعيضية، والمراد: ما أنفقوه في الإنفاق
على النساء، وبما دفعوه في مهورهن من أموالهم، وكذلك ما ينفقونه في الجهاد، وما
يلزمهم في العقل".
وقال الشيخ محمد رشيد رضا (5) : "وسبب ذلك
أنَّ الله تعالى فضَّل الرجال على النساء في أصل الخلقة، وأعطاهم ما لم يعطهن من
الحول والقوة، فكان التفاوت في التكاليف والأحكام أثر التفاوت في الفطرة
والاستعداد، ومن ثم سبب آخر كسبي، يدعم السبب الفطري، وهو ما أنفق الرجال على النساء
من أموالهم، فإنَّ في المهور تعويضاً للنساء ومكافأة على دخولهن بعقد الزوجية تحت
رياسة الرجال، فالشريعة كرَّمت المرأة إذ فرضت لها مكافأة عن أمر تقتضيه الفطرة
ونظام المعيشة، وهو أن يكون زوجها قيِّماً عليها، فجعل هذا الأمر من قبيل الأمور
العرفية التي يتواضع النَّاس عليها بالعقود لأجل المصلحة، كأنَّ المرأة تنازلت
باختيارها عن المساواة التامة وسمحت له بأن يكون للرجل عليها درجة واحدة هي درجة
القوامة والرياسة، ورضت بعوض مالي عنها... ".
وقال الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره عن آية
{ بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ }: "أي: بسبب فضل الرجال على
النساء، وإفضالهم عليهم.. فتفضيل الرجال على النساء من وجوه متعددة؛ من كون
الولايات مختصة بالرجال، والنبوة والرسالة، واختصاصهم بكثير من العبادات،
كالجهاد،والأعياد، والجمع، وبما خصَّهم الله به من العقل، والرزانة، والصبر، والجَلَد،
الذي ليس للنساء مثله، وكذلك خصَّهم بالنفقات على الزوجات، بل وكثير من النفقات
يختص بها الرجال، ويتميزون عن النساء. (6)
ولعلّ هذا سر قوله: { وَبِمَا أَنفَقُواْ }
وحذف المفعول، ليدلّ على عموم النفقة، فعلم من هذا كله أنَّ الرجل كالوالي والسيد
لامرأته، وهي عنده عانية أسيرة، فوظيفته أن يقوم بما استرعاه الله به..."
اهـ.
وبعد هذا التتبع والاستقراء، نستنبط من كلام
هؤلاء العلماء سبب قوامة الرجل على المرأة:
• كمال عقل الرجل وتمييزه.
• كمال دينه كله ؛فطبيعة التي خلق عليها جعلت
تكليفه أكثر من المرأة .
• إعطاء المرأة صداقها ومهرها، والنفقة عليها.
• أن الرجال عادة يكون منهم الأنبياء والرسل
والخلفاء والغزاة والأمراء.
• أنَّ الرجل بطبيعته أقوى من المرأة قوة
بدنية، ونفسية، فهو يتحمَّل المشاق والمتاعب والأعباء.
هل تعني القوامة إلغاء شخصية المرأة؟
قال سيد قطب ـ رحمه الله ـ: "ينبغي أن
نقول: إنَّ هذه القوامة ليس من شأنها إلغاء شخصية المرأة في البيت ولا في المجتمع
الإنساني، ولا إلغاء وضعها المدني.. وإنَّما هي وظيفة داخل كيان الأسرة لإدارة هذه
المؤسسة الخطيرة، وصيانتها وحمايتها، ووجود القيم في مؤسسة ما لا يلغي وجود ولا شخصية
ولا حقوق الشركاء فيها، والعاملين في وظائفها، فقد حدَّد الإسلام في مواضع أخرى
صفة قوامة الرجل وما يصاحبها من عطف ورعاية وصيانة وحماية، وتكاليف في نفسه وماله،
وآداب في سلوكه مع زوجه وعياله"(7)
القوامة: دكتاتورية وتسلط أم تهذيب وتبسط؟
يسيء بعض الناس فهم آية { الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} فهذا الرجل تجده يشتم ويلطم ويضرب زوجته المسكينة،
ثم إذا اعترضت عليه يقول:قال تعالى:{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء}،
وقد يكون لا يحفظ من القرآن إلا القليل، وهذه الآية؛ لأنَّها ـ على زعمه ـ آية
واضحة في أنَّ الرجل قوَّام على زوجته فليفعل بها ما شاء.
وهذا فهم سقيم، وتأويل فاسد؛ فإنَّ معنى الآية
ليس هكذا، بل المعنى هو ما سبق بيانه في تفاسير العلماء.
لذلك بعض النساء قد تحصل لهن ردة فعل أمام هذه
التأويلات الخاطئة، فلا يثبتن للرجل القوامة، بل قد نجد نساء بدورهن يؤولن هذه
الآية تأويلاً مضحكاً وغريباً، كأن يرين أنَّ هذه الآية مناسبة للعصر الذي كان
يعيشه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده، أمَّا الآن (في عصر العولمة)
فإنَّ النساء يستطعن أن يستظللن ببيوتهن وآرائهن.
وقد حدَّثني أحد الإخوة الذين ذهبوا للدراسة في
"باكستان" وقال لي: توجد بعض المناطق هناك.. المرأة فيها هي التي تدفع
المهر للرجل، وهي التي تقود به في السيـارة، وهي التي تحاسب عند محل
"البنزين" وعند السـوق ونحوها.. فالله المستعان!
وعود على بدء: إنَّ قوامة الرجل على المرأة
تعني تهذيبها وأمرها بما تطيق وتستطيع ، وليس من القوامة: الظلم والتسلط.
وقد قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ
وَالْحِجَارَةُ...} [التحريم:6] فالقوامة هنا تعليم الرجل امرأته وأولاده دين
الله؛ حتى يقيهم نار يوم القيامة.
وقال صلى الله عليه وسلم: "خياركم خياركم
لنسائهم" وقال صلى الله عليه وسلم: "خيركم لأهله، وأنا خيركم
لأهله".(8)
وقال صلى الله عليه وسلم كما رواه عنه ابن عمر:
"كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل
راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسؤولة عن
رعيتها، والخادم راع في مال سيده وهو مسؤول عن رعيِّته، والرجل راع في مال أبيه
وهو مسؤول عن رعيته، فكلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته".(9)
ففي هذا الحديث أنَّ الرجل راع، وكذلك أنَّ
المرأة راعية فهي ترعى الأبناء وترعى زوجها وتحفظ بيتها من كل سوء ومنكر.
وقالصلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء
خيراً، فإنَّ المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه
كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً"(10). ففي هذا الحديث
ما يدل على أنَّ القوامة تعني الأمر بالمعروف بمحبة وألفة، والنهي عن المنكر برفق
وتلطف، لا بغلظة وتعسف.
إن المرأة بطبيعة الحال والخلقة التي ركبها
الله فيها ضعيفة، ولذا فإنَّ الله أسقط عنها الجهاد والقضاء وسائر الولايات،
كالولاية في النكاح، وقد خصَّ الدين الإسلامي الرجال بفروض وأسقطها عن النساء، مثل
الجمع والجماعات والأذان والإقامة، وجعل الطلاق بيد الرجل لا بيدها.
بل إنَّ الميراث جعل الله الرجل له حظ
الأنثيين، وليس ذلك ظلم في الإسلام للمرأة ومصادرة حقوقها، بل هو العدل والإنصاف؛
لأنَّه تدبير من عزيز عدل رحيم رؤوف حكيم ـ سبحانه وبحمده ـ، ومن الحكم التي
نلتمسها في أن الله جعل الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين أنَّ الرجل صاحبنفقات، فهو
الذي ينفق على أهله، والمرأة لا تنفق في بيت زوجها ـ إلا برضا الطرفين ـ والرجل
مشاغله كثيرة، والمرأة ليست كذلك، بل إنَّ الله أمرها بالقرار في البيت، فقال:{
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
} إلى غير ذلك من الحكم. وقد تكون الحكمة في ذلك تعبدية، ولذا فإنَّ سبب نزول قول
الله تعالى: { وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى
بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا
اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمًا } [النساء/32].
وسبب نزولها ما رواه مجاهد(11) قال: قالت أم
سلمة: أي رسول الله: أيغزو الرجال ولا نغزو، وإنما لنا نصف الميراث؟ فنزلت: { ولا
تتمنوا ما فضَّل الله }
كما أن المرأة - بحكم ضعفها التكويني الطبيعي-
تحتاج لمن يقوم عليها ويكرمها بهذا القيام،حتى بلغ ببعض النساء في الغرب إلى أن
تعطي الرجل المهر حتى تكن-هي- تحت رئاسته!، فهل هذا إلا بدافع الفطرة التي جُبل
عليها الإنسان؟!
استسلام الزوجة سرّ نجاح زواجها!
هذا عنوان كتاب ألَّفته امرأة أمريكية تبلغ من
العمر (32) سنة، اسمها "لوردا دويل"،يقول الأستاذ "جاسم
المطوع" (في مجلة المجتمع (12) بمقالٍ لهُ بعنوان: "القوامة على الطريقة
الأمريكية" :
".. وفكرة هذا الكتاب أنَّها عرضت فيه
تجربتها الشخصية مع زوجها، وكيف كانت متسلطة تريد أن تتحكَّم في كل شيء وباستمرار،
إلى أن بدت تشعر بأنَّ زوجها في طريقه إلى الفشل، واكتشفت ذلك عندما شعرت بأنَّ
زوجها بدأ يتهرَّب منها، ثم غيَّرت منهجها في الحياة إلى الحوار الهادئ معه وعدم
التدخل في كل شؤونه وعدم مضايقته، والمسارعة إلى السمع والطاعة في كل ما يطلبه،
وتقول للزوجات: كفوا عن التحكم في حياة أزواجكن..!"
إنَّ هذا الكلام قد ذكره الله من قبل (1400)
سنة، ولكن الكفار لا يعلمون { يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم
غافلون } [الروم/7]. وقد قيل قديماً: "والحق ما شهدت به الأعداء".
ويقول الدكتور "عبدالله وكيل الشيخ"
في كتابه "المرأة وكيد الأعداء":
"أمَّا قوامة الرجل، فالمرأة أحوج إليها
من الرجل؛ لأنَّ المرأة لا تشعر بالسعادة وهي في كنف رجل تساويه أو تستعلي عليه،
حتى لقد ذهبت إحداهن إلى القاضي تطلب طلاقها من زوجها، وحجتها في ذلك أنَّها سئمت
من نمط الحياة مع هذا الرجل الذي لم تسمع له رأياً مستقلاً، ولم يقل لها يوماً من
الأيام كلمة: "لا"، أو "هكذا يجب أن تفعلي"، فقال لها القاضي
مستغرباً: أليس في هذا الموقف من زوجك ما يعزز دعوة المرأة إلى الحرية والمساواة؟
فصرخت قائلة: كلا.. كلا.. أنا لا أريد منافساً، بل أريد زوجاً يحكمني
ويقودني"(13)اهـ.
فيا سبحان الله! من هذه المرأة التي تعرف حق
قوامة الزوج على زوجته وإن لم يفعل معها زوجها تلك القوامة؟
وهكذا المرأة الصالحة التي تستسلم لأوامر زوجها
إن كانت بطاعة الله عز وجل ولا تحاول أن تعصيه، وقد ورد عن الترمذي من حديث أبي
هريرة مرفوعاً للنبي صلى الله عليه وسلم: "لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد،
لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"(14)
ومن اللطيف الظريف ما ذكره الشيخ "مازن
الفريح" في كتابه أسرة بلا مشاكل: (قال الزوج لصاحبه: من عشرين لم أرَ ما
يغضبني من أهلي.. فقال صاحبه متعجباً: وكيف ذلك؟ قال الزوج: من أول ليلة دخلت على
امرأتي، قمت إليها فمددت يدي نحوها، فقالت: على رسلك يا أبا أمية.. كما أنت، ثم
قالت: الحمد لله وصلاة على رسول الله.. إني لامرأة غريبة لا علم لي بأخلاقك،
فبيِّن لي ما تحبه فآتيه، وما تكره فأتركه، ثم قالت: أقول قولي هذا وأستغفر الله
لي ولك.
قال الزوج لصاحبه: فأحوجتني والله إلى الخطبة
في ذلك الموضع، فقلت: الحمد لله وأصلي على النبي وآله وأسلم، وبعد:
فإنك قلتِ كلاماً إن ثَبَتِّ عليه يكن ذلك حظك،
وإن تدعيه يكن حجةً عليك.. أحب كذا وكذا، وأكره كذا وكذا.. وما رأيت من حسنة
فانشريها، وما رأيت من سيئة فاستريها، فقالت: كيف محبتك لزيارة أهلي؟ قال: ما أحب
أن يملني أصهاري.. (يعني لا يريدها أن تكثر من الزيارة) فقالت: فمن تحب من جيرانك
أن يدخل دارك فآذن له؟ ومن تكره فأكره؟ قلت: بنو فلان قومٌ صالحون، وبنو فلان قوم
سوء.. قال الزوج لصاحبه: فبت معها بأنعم ليلة، وعشت معها حولاً لا أرى إلا ما
أحب.. فلما كان رأس الحول.. جئت من عملي.. وإذا بأمَّ الزوجة في بيتي فقالت أم
الزوجة لي: كيف رأيت زوجتك؟ قلت: خير زوجة.. قالت: يا أبا أمية.. والله ما حاز
الرجال في بيوتهم شراً من المرأة المدللة.. فأدب ما شئت أن تؤدب، وهذب ما شئت أن
تهذب.. قال الزوج: فمكثت معي عشرين عاماً لم أعتب عليها في شيء إلا مرة وكنت لها
ظالماً).
قال الشيخ مازن الفريح: "ما أسعدها من
حياة.. والله لا أدري أأعجب من الزوجة وكياستها، أم من الأم وتربيتها، أم من الزوج
وحكمته؟! ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء".
هل قوامة الرجل على المرأة مقصورة على الحياة
العائلية؟
أي: هل قوامة الرجل على المرأة مقتصرة على
الحياة العائلية فقط أم على غيرها من أمور الخلافة والقضاء والسلطة وغيرها.
والجواب على ذلك أن يُقال: إنَّ قوامة الرجل
على المرأة ليست مقتصرة على الحياة العائلية، بل على كل شيء، فمثلاً الخلافة لا
يجوز للمرأة أن تتولاها، وقد قال الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ في كتابه
"الفصل في الملل والأهواء والنحل" ما نصَّه: "ولا خلاف بين أحد
أنَّهالا تجوز للمرأة".(15)
يقول الأستاذ أبو الأعلى المودودي -رحمه
الله-في قوله تعالى: { وللرجال عليهن درجة }: "فالدرجة هي القوامة، وهي ليست
مقصورة على الحياة العائلية، لأنَّ قوامة الدولة أخطر شأناً من قوامة البيت،
ولأنَّ النص القرآني لم يقيد هذه القوامة بالبيوت".
ثم قال: "إنَّ قوامة الرجال على النساء لا
تقتصر على البيوت بدليل أنَّه لم يذكر البيوت في الآية، فهي إذاً قوامة عامة لسائر
البيوت كذلك، ثمَّ إذا جعل الله قوامة على المرأة المفردة في بيتها فهل يظن بالله
أن يجعل قوامة على ملايين في حين أنه لم يجعلها لها على بيت هو بيتها" (16)
وإن أقوى الأدلة في ذلك ما رواه البخاري في
صحيحه عن النبيصلى الله عليه وسلمحين علم أنَ أهل فارس قد ملِّكوا عليهم بنت كسرى
قال:"لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"(17)
والعجب من أناس يقولون عن هذا الحديث: هذا
مقيَّد بزمان النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان الحكم فيه لأبي جهل استبدادياً
أمَّا الآن فلا. والله المستعان.
بل إن الهدهد (الغيور على التوحيد) عندما رأى
الملكة بلقيس تحكم قوماً جاء عند سليمان عليه السلام وقال له: { إني وجدت امرأة
تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم..} فبعد ذلك جاء سليمان وأبطل حكمها ودخلت
تحت ولايته وقالت:{أسلمت مع سليمان لله رب العالمين} بعد أن قال سليمان: { أيكم
يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين}.
ولذا فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
يُوَلِّ المرأة في حياته ولا أوصى بعد مماته بأن تتولى المرأة أي منصب رفيع.
ولذا يتبين لنا،أنَّ من ينادي بتحرير المرأة
وأنَّ لها أن تتولى مناصب في الدولة ويكون تحتها أناس من الرجال تدير شؤونهم قد
أخطؤوا خطأً بيناً، وخالفوا هذه النصوص الواردة في ذلك
ولقد ألف أحد المفكرين العالميين
وهو"بليرداجو" ـ رئيس مدرسة التحليل النفسي العلمي، ومقرها سويسرا ـ
كتاباً اسمه "المرأة: بحث في سيكولوجيا الأعماق" وذكر في هذا الكتاب
أنَّ أهم خدعة خدعت بها المرأة في هذا العصر هي التحرر والحرية، وفي الواقع أنَّ
المرأة، ولو علت وادعي أنَّها متحررة وتمارس شؤونها بنفسها إنَّما هي قد سقطت أكثر
في عبودية الرجل.
فتأملي ـ أختاه ـ رعاك الله، واعلمي أنَّ الخير
كل الخير في إخلاص الوجه والعبادة لله وحده، واتباع نبيه محمَّد صلى الله عليه
وسلم، والرضا بأحكام الله تعالى وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قال تعالى:{
إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ
لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ
الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ
فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور:52،51]
ولنحذر جميعاً من دعاة السوء والفتنة والشر
والرذيلة { ولتعرفنهم في لحن القول }.
لا يخدعنك عن دين الهدى نفر *** لم يرزقوا في التماس الحق تأييدا
عمي القول عروا عن كل قائدة *** لأنهم قــــــــد كفـــــروا بالله تقليدا
وابتعدي عن كل ما يمسُّ عرضك من الدعوة إلى
التبرج،أو الاختلاط، أو تنكر لفطرتكِ التي فُطرتي عليها، وذودي حن حريتك وحقك
بقلمك ولسانك، ورُدِّي عليهم في الجرائد والمجلات ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإنَّ
دين الإسلام يعلو ولا يُعلى عليه.
من الدين كشف الستر عن كل كاذب *** وعن كل بدعي أتى بالعجائب
ولولا رجــــــال مؤمــــــنون لهدمت *** صوامع دين الله من كل جانب
وأقول لكل من قرأ ماكتبت ـ رجلاً كان أو امرأة
ـ: ليؤدِّ كل منكم حقوق الله عزّ وجل التي فرضها ؛ فمن الرجل القوامة والأمر
بالمعروف بمعروف والنهي عن المنكر بلا غضب ومنكر، ومن المرأة أداء حقوق زوجها
عليها.
وأختم بكلام للإمام ابن باز رحمه الله،هذا نصه:
"ومعلوم أنَّ الذي جعل الرجال قوامين على
النساء هو الله عزّ وجل في قوله تعالى في سورة النساء: )الرِّجَالُ قَوَّامُونَ
عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ
مِنْ أَمْوَالِهِمْ(. فالطعن في قوامة الرجال على النساء اعتراض على الله عزّ وجل،
وطعن في كتابه الكريم وفي شريعته الحكيمة، وذلك كفر أكبر بإجماع علماء الإسلام،
كما نصَّ على ذلك غير واحد من أهل العلم..) اهـ(18)
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
------------------------
(1) (رواه مسلم). (انظر صحيح الجامع
الصغير:1/622 ـ 624 فقد ذكر روايات عدة في هذا الموضوع).
(2) من تفسير ابن كثير
(3) (ذكرها في مجلد 1/416)
(4) "فتح القدير" (1/414)
(5) "تفسير المنار" 5/67
(6) ص142
(7) في ظلال القرآن2/652.
(8) رواه الترمذي وصححه الألباني
(9) رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني
(10) متفق عليه
(11) رواه الطبري، والإمام أحمد، والحاكم،
وغيرهم
(12) العدد: 14/10/1422
(13) ص25
(14) حديثٌ صحيح صححه الإمام الألباني وغيره ،
ينظر سلسلة الأحاديث الصحيحة حديث رقم:3366
(15)4/129 ، وذكر الإمام الماوردي نحو هذا
الكلام في كتابه (الأحكام السلطانية ص46).
(16) ذكره في كتابه (نظرية الإسلام وهديه ص319)
(17) (فتح الباري 8/159 حديث 4425).
(18)[مجلة البحوث العلميــة، العــدد 32 سنة
1412هـ]
خباب بن مروان الحمد
=====================
إن الحمد لله نحمده ، و نستعينه ، و نستهديه و
نستغفره ، ونسترشده ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و سيئات أعمالنا ، من يهده
الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا
شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده ورسوله .
قال
تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا
تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) .
و قال
أيضاً : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ
نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً
وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1) .
وقال
جل جلاله :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً )
(يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ
يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب: 70-71) .
أما بعد :
فإن
أحسن الكلام كلام الله ، عز و جل ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ،
وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة ، و كل ضلالة في النار
.[1]
و بعد :
حاول الكثير من أعداء الإسلام التشنيع على
الدين الإسلامي من خلال آية القوامة كدليل على التمييز ضد المرأة , و لعل أطرف ما
قيل [2]:
1- أن الإسلام قد سلب المرأة حريتها ، و
أهليتها و ثقتها بنفسها إذ جعل الرجل قواما على المرأة .
2- أن القوامة تمثل بقايا من عهد استعباد المرأة
و إذلالها , يوم أن كانت المرأة كما مهملا في البيت , و فكرة مجهولة في المجتمع و
أماً ذليلة مهينة للزوج .
3- ليس من المستساغ ، و لا من العدل أن ينفرد
الرجل بالقوامة ، و رياسة الأسرة من دون المرأة ، و هي قد حطمت أغلال الرق ، و
الاستعباد ، وتساوت مع الرجل في كل الحقوق ، و الالتزامات .
و للرد على هذه الشبهات والمغالطات , نرى أن
نبسط القول في قوامة الرجل على المرأة في الشريعة الإسلامية :
قال تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا
مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا
حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ
فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
إن
القوامة في الشريعة الإسلامية ما هي إلا آلية تنظيمية تفرضها ضرورة السير الآمن
للأسرة المسلمة القائمة بين الرجل ، و المرأة و ما ينتج عنهما من نسل طيب ، و ما
تستتبعه من تبعات .
و في شأن القوامة ما بين الرجل و المرأة هناك فروض
ثلاثة : فإما أن يكون الرجل هو القيم ، أو تكون المرأة هي القيم ، أو يكونا معا
قيمين .
و حيث إن وجود رئيسين للعمل الواحد يؤدي إلى
التنازع والإفساد , لذلك سنستبعد هذا الفرض منذ البدء .
قال تعالى : ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ
إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا
يَصِفُونَ) (الأنبياء:22) .
و الفرض الثاني - أن تعطى المرأة القوامة ، و رئاسة الأسرة :
و الأم –كقاعدة عامة- عاطفية انفعالية تتغلب
عاطفتها على عقلها في أي أزمة تمر بها هي ، أو أحد أفراد أسرتها , و الذي يدبر
أموره ، و أمور غيره بالانفعال كثيرا ما
يحيد عن الطريق المستقيم ، و يعرض نفسه ، وغيره لأزمات كان بالإمكان تخطيها ، و
عدم الوقوع بها .
و العاقل الذي لا يحكمه هواه يستبعد هذا الفرض
الذي لا يصلح لقوامة ، و رياسة الأسرة .
قال الشيخ محمد قطب ، حفظه الله : ( أن المرأة ذاتها لا تحترم الرجل الذي تسيره
فيخضع لرغبتها بل تحتقره لفطرتها ، و لا تقيم له أي اعتبار ، فهذه هي المرأة
الأمريكية بعد أن ساوت الرجل مساواة كاملة ، و صار لها كيان ذاتي مستقل عادت
فاستعبدت نفسها للرجل فأصبحت هي التي تغازله ، وتتلطف له ليرضى ! و تتحسس عضلاته
المفتولة ، و صدره العريض ، ثم تلقي بنفسها بين أحضانه حيث تطمئن إلى قوته بالقياس
إلى ضعفها [3].
و حيث إننا استبعدنا الفرض الأول والثاني لم
يبق إلا الفرض الذي حكم به الإسلام لسببين :
1- أن الرجل بناء على طبيعته التي خلقها الله
تعالى عليها يتمتع بقدرات جسمية ، و عقلية أكبر بكثير على - وجه العموم - من المرأة التي تكون عادة أقل حجما وقوة ، و
يتحكم بانفعالاتها و أفعالها ، العواطف الإيجابية و السلبية أكثر من حكمة العقل
ورجحانه .
( و قد أثبتت الأبحاث الطبية أن دماغ الرجل
أكبر من دماغ المرأة ، و أن التلافيف الموجودة في مخ الرجل هي أكثر بكثير من تلك
الموجودة في مخ المرأة ، و تقول الأبحاث أن المقدرة العقلية و الذكاء تعتمدان إلى
حد كبير على حجم ، و وزن المخ و عدد التلافيف الموجودة فيه ) [4] .
2- الإسلام فرض على الزوج الإنفاق على أسرته
بالمعروف , كما كلفه بدفع المهر ، و غيره من الالتزامات ، و الواجبات , و ليس من
العدالة و الإنصاف في شيء أن يكلف الإنسان بالإنفاق على أسرته دون أن يكون له حق
القوامة ، و الإشراف و التربية .
و قد ذكر الله سبحانه و تعالى إلى هذين السببين
الرئيسيين لاختيار الإسلام الرجل للقوامة .
بقوله تعالى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا
مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا
حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ
فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً) (النساء:34)
قال الإمام ابن كثير عليه رحمة الله : ( أي هو
رئيسها ، وكبيرها و الحاكم عليها و مؤدبها إذ اعوجت , بما فضل الله بعضهم على بعض
أي لأن الرجال أفضل من النساء و الرجل خير
من المرأة ، و لهذا كانت النبوة مختصة بالرجال ، و كذلك الملك الأعظم لقوله صلى
الله عليه وسلم : (لم يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة ...)[5]. و كذا منصب القضاء ،
وغير ذلك ، ( و بما أنفقوا من أموالهم ) أي من المهور ، و النفقات و الكلف التي
أوجبها الله عليهن في كتابه ، وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم ، فالرجل أفضل من
المرأة في نفسه ، و له الفضل عليها ، والإفضال , فناسب أن يكون قيما عليها كما قال
الله تعالى : ( و للرجال عليهن درجة ).
و قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهم : ( الرجال قوامون على النساء )
(( يعني أمراء عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، و طاعته أن تكون محسنة
لأهلها حافظة لماله ))[6]
و قال الإمام البغوي عليه رحمة الله : ( بما
فضل الله بعضهم على بعض ) , يعني الرجال على النساء بزيادة العقل ، و الدين و
الولاية , و قيل : بالشهادة ، لقوله تعالى : (فإن لم يكونا رجلين فرجل و امرأتان ,
و قيل بالجهاد و قيل بالعبادات من الجمعة و الجماعة ، و قيل هو الرجل ينكح أربعا .
و لا يحل للمرأة إلا زوج واحد , و قيل : بأن الطلاق بيده , و قيل : بالميراث , و
قيل : بالدية ، و قيل , بالنبوة ) [7].
و قال
البيضاوي عليه رحمة الله : ( الرجال قوامون على النساء : ( يقومون عليهن قيام
الولاية على الرعية وعلل ذلك بأمرين , و هبي ، وكسبي , فقال : (بما فضل الله بعضهم
على بعض ) , بسبب تفضيله تعالى الرجال على النساء بكمال العقل , و حسن التدبير , و
مزيد القوة في الأعمال و الطاعات , و لذلك خصوا بالنبوة و الإمامة و الولاية , و
إقامة الشعائر و الشهادة في المجامع القضايا ، و وجوب الجهاد و الجمعة و نحوها ، و
زيادة السهم في الميراث ، و بأن الطلاق بيده ( و بما أنفقوا من أموالهم في نكاحهن
كالمهر ، و النفقة ) [8].
فالإسلام إذا جعل القوامة للرجل على المرأة , لم
يشرع استبداد الرجل بالمرأة , و لا بإرادة الأسرة , ولم يرد أن تكون تلك القوامة
سيف مسلط على المرأة , و إنما شرع القوامة القائمة على الشورى ، و التعاون و
التفاهم ، و التعاطف المستمر بين الزوج و
زوجته .
قال تعالى (( و عاشروهن بالمعروف ))[9] سورة
النساء من الآية 19.
و لقوله صلى الله عليه وسلم (خيركم خير للنساء
ولبناته))[10]
و لقوله صلى الله عليه و سلم (( أكمل المؤمنين
إيمانا أحسنهم خلقا و ألطفه بأهله ))[11].
و لقوله صلى الله عليه وسلم ( الصلاة الصلاة ,
و ما ملكت إيمانكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون الله الله في النساء , فإنهن عوان بين أيديكم أخذتموهن بأمانة الله ,
و استحللتم فروجهم بكلمة الله ) [12] .
و لا يمكننا أن ننسى قول رسولنا الكريم محمد
صلى الله عليه و سلم (رفقا بالقوارير ) [13] .
ضوابط القوامة :
إن القوامة في الشريعة الإسلامية لها مدى تقف
عنده ، و تنتهي إليه ، فهي لا تمتد إلى حرية الدين ، و المعتقد ، فليس للزوج أن
يكره زوجته على تغير دينها إذا كانت كتابية و لا أن يجبرها على اتباع مذهب معين ،
أو اجتهاد محدد من الاجتهادات الفقهية إذا كانت من أهل القبلة مادام هذا الرأي لا
يعتبر بدعة مضلة ، و لا يخالف الحق و أهله .
كما لا
تمتد القوامة إلى حرية المرأة في أموالها الخاصة ، و لا في المساواة بينها و الرجل
في الحقوق التي أراد الله فيها المساواة ، و ليس لها طاعته إذا ارتكب معصية ،
لقوله صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لأحد في معصية الله تبارك و تعالى ) .[14]
فإذا كانت قوامة الرجل لا تمتد إلى الحقوق
الأساسية للإنسان فما الذي يخيف دعاة ما
يسمى بتحرير المرأة في قوامة الرجل ؟
فماذا يريدون للمرأة افضل ، و أكرم من تلك
المكانة المرموقة التي بوأها الإسلام إياها إن كانوا حقا ينشدون خيرا للمرأة – كما
يزعمون ؟ .
الحقيقة أنهم لا يريدون ذلك بل يريدون تحطيم
ذلك الحصن المنيع للمرأة المسلمة المتمثل ( في قوامة الرجل ) الذي جعله الإسلام
قلعة لحماية المرأة من عاديات الزمان وتقلباته ، و رجاله .
ذلك أن موضوع تشريع الحقوق ، و الواجبات لو
أوكل إلى الإنسان لشرع من الحقوق ما لا يناسبه ، و قد يأتي تشريعه تسلطا على
الآخرين هذا من جانب ، و من جانب آخر لا توجد الضمانات التي تحمل الآخرين على قبول
رأيه , و تشريعه للحقوق , و هو إنسان مثلهم ، و خاصة مثل هذه التشريعات قد تأتي
وسيلة للتحكم ، و استغلال الآخرين .
أما
عندما تكون من عند الله تعالى , يتساوى أمامها الجميع وتبرأ من الشهوة و الهوى ، و
تحقق الاستقرار ، و تنسخ فكرة أن يتخذ الناس بعضهم أربابا من دون الله إلى جانب ما
يمتاز به الحق الذي شرعه الله ، و منحه من القدسية الثواب والعقاب في الدنيا و الآخرة .
( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا
وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا
تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا
إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا
تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا
وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)
(البقرة:286) .
الفصل الثالث -كيف تقاوم هذه البدع
(( بدعة ما يسمى بالقضاء على التمييز ضد المرأة
))
كيف تقاوم هذه البدع التي تريد هلاك النسل ، و
الحرث ، وخصوصاً أن دعاتها كثيراً ما ينفذون ما يريدون ، وفقاً لخطة مدروسة
ومرسومة ، فنراهم يحددون أهدافهم و يجيدون
صناعة ، و صياغة المبررات للإقناع البسطاء ، و من في قلبه هوى .
قال الإمام الشاطبي عليه رحمة الله : ( و لا
تجد مبتدعاً ممن ينتسب إلى الملة إلا و هو يستشهد على بدعته بدليل شرعي ، فينزله
على ما وافق عقله ، و شهوته )) [15]
كما نراهم يثيرون هذه البدع في فترات محددة
بتكاتف ، و تجمع مع كل أهل البدع و الأهواء ، و ضعاف الدين و العقل .
فحقيق على أهل العلم ، و الفضل ، أن يقابلوا
هؤلاء بخطط مضادة ، مدروسة وفق منهج علمي سليم يجمع ما بين الاستدلال الشرعي
الصحيح ، و العقلي السليم مستفيدين من التجارب السابقة لمقاومة ، و مقارعة أمثال
هؤلاء ، لأن أكبر أسباب انتشار و قبول بعض القوم لهذه البدع هو تعدد أساليبهم الإقناعية
الخبيثة ، و ضعف طرقنا و أساليبنا ، و
تشتتها مقارنة مع ، وسائل هؤلاء و
طرقهم .
و كي لا تتكرر الأخطاء ، و الإخفاقات بحقنا و
نجاحات أهل البدع و الأهواء نضع هذا المنهج البسيط وفقاً لما يلي :
1-
تحديد أهداف أهل البدع ( دعاة التغريب و تحرير المرأة و مساواتها بالرجل )
بدقة متناهية ، و معرفة جميع الوسائل التي تساعدهم على تحقيق أهدافهم .
2-
معرفة حقيقة موقفهم الحالي وفق ما
تحقق ، و ما لم يتحقق .
3- وضع
الحلول المناسبة لصد تلك الهجمات .
4 –
التحصين داخليا وذلك بنشر العلم الشرعي وخاصة بين نسائنا فلإنسان عدو ما
يجهل
أولاً : تحديد أهداف أهل البدع ، والأهواء :
لعل أوضح أهداف دعاة تحرير المرأة ودعاة القضاء
على كافة أشكال التمييز بحسب زعمهم بما يلي :
1- نزع
حجاب الوجه كهدف قريب ، ثم القضاء عليه كله كهدف بعيد ، وتشريع قوانين موجبة لهذا
الإجراء ، بحيث تصبح أي معارضة لنزع حجاب المرأة مخالفة للقوانين والنظم المرعية
. كما حدث في الكثير من البلدان مثل تركيا
وفرنسا وتونس وكان تقرير الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان السنوي عن عام
2002 قد تحدث عن الحملات الأمنية والإدارية ضد المحجبات التونسيات، وجاء فيه أن
العديد من المحجبات تعرضن إلى المضايقات في الشوارع أو أماكن العمل، وتم تجريد
العديد منهن من الحجاب عنوة في بعض مراكز الأمن بالعاصمة، وإجبارهن على التوقيع
على تعهد بعدم العودة إلى ارتداء الحجاب .
كما أن الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق
الإنسان كانت قد ذكرت في 28-5-2003 أن عددًا من طالبات التعليم الثانوي مُنعن من
اجتياز امتحانات نهاية العام بسبب ارتدائهن للحجاب. يذكر أنه في عام 1981 أصدرت
السلطات التونسية قانونا يعتبر الحجاب زيا طائفيا. ومنذ ذلك الحين والحكومة تلتزم
بهذا القانون ، إلا أنه تم التشديد على منع المحجبات من دخول الجامعات والإدارات
الحكومية منذ مطلع العقد الماضي، وهو ما أثار انتقادات واسعة في الداخل والخارج،
خصوصا من جانب المنظمات الحقوقية التي ترى في منع الحجاب والتضييق على المحجبات
تدخلا في الحرية الشخصية للمواطنين.
2-
تشجيع الاختلاط في كل مراحل التعليم ، وخصوصاً المرحلة الابتدائية كهدف
قريب ، ثم فرض الاختلاط في كل مراحل التعليم وغير التعليم كهدف بعيد .
3-
تشجيع المرأة على العمل بالنشاطات المختلفة كالإعلام ، و المهرجانات ، و
غرف التجارة و الصناعة ، و جعل هذه المشاركة مقبولة ، و مرغوبة من كل طبقات المجتمع كهدف قريب ، ثم
ترسيخ هذا العمل رسمياً كهدف بعيد .
4-
تشجيع المرأة على الخوض في غمار العمل السياسي ، و إقرار حق الانتخاب كخطوة
أولى ، ثم إقرار حق الترشيح لمجالس النواب و الشعب ... الخ كهدف قريب ، ثم السماح لها للعمل بالقضاء ، و المحاماة ، و تولي الوزارات ، و
غيرها من المناصب و الولايات السياسية و الاقتصادية ، و الاجتماعية كهدف بعيد .
5-
الترويج لفكرة المساواة ما بين المرأة ، و الرجل في كل شؤون الحياة كهدف
قريب ، ثم رفع القوامة ، قوامة الرجل عن المرأة ، و منحها حقوقاً و التزامات تساوي
حقوق و التزاماته بعيداً عن أية ضوابط شرعية صحيحة كهدف بعيد .
ومن أجل تنفيذ خططهم الخبيثة نراهم كثيراً ما
ينسبون تغطية الوجه و الرأس و منع الاختلاط
و القوامة ، إلى العادات و التقاليد
و الثقافة السائدة بحسب زعمهم ، و اتهام كل من يعارضهم ، أو يقف بوجههم
بالجهل ، و التخلق ،و عدم الفهم الصحيح للإسلام ،و أنه لا يريد مصلحة البلاد ، و
لا العباد ولا يريد التقدم الاقتصادي والرفاهية للمجتمع .
فهؤلاء يعزفون على وتر الاقتصاد و الفقر و
الحاجة ، مستغلين حاجة الناس إلى المال ، و العمل ، وحرص بعض المسؤولين على تحسين
الأداء الاقتصادي ، وكل هذا لا يمكن أن يكون بحسب زعمهم إلا بنزع الحجاب ، و مشاركة المرأة للرجل في كل
أصناف العمل و ألوانه و تدرجاته .
ثانياً - وضع الحلول المناسبة ، لصد ووقف تلك
الدعوات ، ثم القضاء على هذه الأفكار ، و الهجمات التي يشنها الغرب ، و من يسير
بركبهم من دعاة تحرير المرأة و تغريبها و مساواتها بالرجل :
أهم الأسلحة التي يجب استعمالها لمحاربة بدع
هؤلاء ، و أفكارهم :
1- نشر الدعوة السلفية القائمة على الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح :
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب الله
وسنتي ، و لن يفترقا حتى يردا على الحوض )) [16] .
و قوله صلى الله عليه وسلم : (( من يعش منكم
فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها
، و عضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و
محدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، و كل بدعة ضلالة )) [17] .
2- تفعيل الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ،
ومقاومة الظلم الاجتماعي والسياسي و الاقتصادي ، لأن كل شر يقع على هذه الأمة لا
بد أن يكون بسبب ذنب جنته فعاقبها الله تعالى بذنبها .
قال الله تعالى : (( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ
وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ
مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران:110)
وقال تعالى : (( وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِير ٍ) (الشورى:30) .
مقاطعة بضائع الدول التي تروج لهذه البدع ،
وتدعم أهل الأهواء :
فاللمقاطعة
الأثر الحسن إذا ما استمرت و عممت
في ردع هؤلاء و مناصريهم .
3- نشر و دعم التعليم الشرعي بكل مراحله لتخريج
دعاة يحبون الله و رسوله ومتسلحين بالعلوم القرآنية و النبوية ، وغيرها من المعارف
العصرية التي تساعدهم على نشر الدعوة السلفية ، و مقارعة أهل البدع و الأهواء و
مناصريهم .
وأخيراً أختم هذا المبحث بقوله تبارك تعالى :
( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ
وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ
الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ
آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)
(البقرة:214)
وقوله تعالى : (( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا
وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ)
(غافر:51)
العبد الفقير إلى الله تعالى
مسلم بن محمد جودت اليوسف
abokotaiba@hotmail.com
moslem@scs-net.org
00963212262346
00963212268436
--------------------
[1] -هذه خطبة الحاجة التي كان الرسول صلى الله
عليه وسلم يفتتح بها خطبته ، و يعلمها أصحابه ، و روى هذه الخطبة ستة من الصحابة –
رضوان الله عليهم – و قد أخرجها جمع من الأئمة في مصنفاتهم مثل : شرح صحيح مسلم
للنووي ، ج 6/153-156-157 ، وأبو داود في السنن ج 1/287.برقم 1097.و
النسائي في المجتبى ،ج3/104-105-والحاكم في المستدرك ج2/182-183 والطيالسي في
المسند برقم 338. والبيهقي في السنن الكبرى ،ج7/146و ج3/214. وابن ماجه في السنن
ج1/585.
2-
شبهات حول الاسلام , محمد قطب , دار الشروق , بيروت , ص 121- وانظر قوامة
الرجل على المراة موقع is lamunveileol .
3- شبهات حول الاسلام , محمد قطب ,ص 122.
4- عمل المراة في الميزان , د. على البار ,
موقع صيد الفوائد.
5- وأصل هذا الحديث في صحيح البخاري ج6/2600
برقم 6686 (عن أبي بكرة , قال : لقد نفعني الله بكلمة أيام الحمل لما بلغ النبي
صلى الله عليه وسلم أن فارسا ملكوا ابنة كسرى , قال : لم يفلح قوم ولوا أمرهم .
6- تفسير ابن كثير , ج1 /492.
7- تفسير البغوي , ج2/206.
8- تفسير البيضاوي , ج2 / 184 .
9- شعب الايمان , ج6 / 415, برقم 8720 .
10- شعب الإيمان ، ج 6/415، برقم 8720.
11- صحيح ابن حيان , ج2/ 76 , برقم 361
المستدرك على الصحيحين , ج1/43 , برقم 1 مجمع الحوادث , ج1/ 58 , باب في كمال
الايمان.
12- صحيح مسلم , ج2 / 889 , برقم 1216 .
المنتقى لابن الجارود , ج1 / 125 صحيح ابن حزيمة. ج4 / 251 . صحيح ابن حيان , ج4 /
251 .
13- فتح الباري , ج10 / 594 بالاستيعاب لابن
عبد البر, ج1 / 140 تهذيب الاسماء , ج136 .
14- مجمع الوائد , ج5/225, باب لا طاعة في
معصية .
15- الاعتصام ، للشاطبي ج1 / 134 .
16- سنن الدارمي ، ج4 / 245 ، برقم 149 ، سنن الدارقطني ، ج10 /
114 المستدرك على الصحيحين / ج1 / 172 ، برقم 319 .
17- صحيح ابن حبان ج 1 / 179 ، برقم 5 .
الدكتور مسلم اليوسف
=====================
أن شهادة المرأة
نصف شهادة الرجل
الرد على الشبهة:
أما الشبهة الثانية والزائفة التى تثار حول
موقف الإسلام من شهادة المرأة.. التى يقول
مثيروها: إن الإسلام قد جعل المرأة نصف
إنسان ، وذلك عندما جعل شهادتها نصف شهادة الرجل ، مستدلين على ذلك بآية سورة
البقرة:(يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم
كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذى عليه الحق
وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً فإن كان الذى عليه الحق سفيهاً أو ضعيفاً أو لا
يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا
رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى
ولا يأب الشهداء إذا ما دُعُوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو كبيرًا إلى أجله
ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة
تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا يضار كاتب
ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شىء عليم)
(1).
ومصدر الشبهة التى حسب مثيروها إن الإسلام قد انتقص من أهلية المرأة ، بجعل
شهادتها على النصف من شهادة الرجل: [ فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ] هو الخلط
بين " الشهادة " وبين " الإشهاد " الذى تتحدث عنه هذه الآية
الكريمة.. فالشهادة التى يعتمد عليها القضاء فى اكتشاف العدل المؤسس على البينة ،
واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم ، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارًا لصدقها
أو كذبها ، ومن ثم قبولها أو رفضها.. وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضى لصدق
الشهادة بصرف النظرعن جنس الشاهد ، ذكرًا كان أو أنثى ، وبصرف النظر عن عدد الشهود..
فالقاضى إذا اطمأن ضميره إلى ظهور البينة أن يعتمد شهادة رجلين ، أو امرأتين ، أو
رجل وامرأة ، أو رجل وامرأتين ، أو امرأة ورجلين ، أو رجل واحد أو امرأة واحدة..
ولا أثر للذكورة أو الأنوثة فى الشهادة التى يحكم القضاء بناءً على ما تقدمه له من
البينات..
أما آية سورة البقرة ، والتى قالت: [ واستشهدوا
شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل
إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى] فإنها تتحدث عن أمر آخر غير" الشهادة "
أمام القضاء.. تتحدث عن " الإشهاد " الذى يقوم به صاحب الدين للاستيثاق
من الحفاظ على دَيْنه ، وليس عن " الشهادة " التى يعتمد عليها القاضى فى
حكمه بين المتنازعين.. فهى - الآية - موجهة لصاحب الحق الدَّيْن وليس إلى القاضى
الحاكم فى النزاع.. بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حق دَيْن ولا تشترط ما
اشترطت من مستويات الإشهاد وعدد الشهود فى كل حالات الدَّيْن.. وإنما توجهت بالنصح
والإرشاد فقط النصح والإرشاد إلى دائن خاص ، وفى حالات خاصة من الديون ، لها
ملابسات خاصة نصت عليها الآية.. فهو دين إلى أجل مسمى.. ولابد من كتابته.. ولابد
من عدالة الكاتب. ويحرم امتناع الكاتب عن الكتابة..ولابد من إملاء الذى عليه
الحق.. وإن لم يستطع فليملل وليه بالعدل.. والإشهاد لا بد أن يكون من رجلين من
المؤمنين.. أو رجل وامرأتين من المؤمنين.. وأن يكون الشهود ممن ترضى عنهم
الجماعة.. ولا يصح امتناع الشهود عن الشهادة.. وليست هذه الشروط بمطلوبة فى
التجارة الحاضرة.. ولا فى المبايعات..
ثم إن الآية ترى فى هذا المستوى من الإشهاد
الوضع الأقسط والأقوم.. وذلك لا ينفى المستوى الأدنى من القسط..
ولقد فقه هذه الحقيقة حقيقة أن هذه الآية إنما
تتحدث عن " الإشهاد" فى دَيْن خاص ، وليس عن الشهادة.. وإنها نصيحة
وإرشاد لصاحب الدَّيْن ذى المواصفات والملابسات الخاصة وليست تشريعاً موجهاً إلى
القاضى الحاكم فى المنازعات.. فقه ذلك العلماء المجتهدون..
ومن هؤلاء العلماء الفقهاء الذين فقهوا هذه
الحقيقة ، وفصّلوا القول فيها شيخ الإسلام ابن تيمية [661728 هجرية /1263 1328]
وتلميذه العلامة ابن القيم [691751 هجرية / 1292 1350م ] من القدماء والأستاذ
الإمام الشيخ محمد عبده [ 12651323 هجرية ] والإمام الشيخ محمود شلتوت [13101383
هجرية /18931963م] من المحدثين والمعاصرين فقال ابن تيمية فيما يرويه عنه ويؤكد
عليه ابن القيم:
قال عن " البينة " التى يحكم القاضى
بناء عليها.. والتى وضع قاعدتها الشرعية والفقهية حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " البينة على المدعى ، واليمين على المدعى عليه " رواه البخارى
والترمذى وابن ماجه:
" إن البينة فى الشرع ، اسم لما يبيّن
الحق ويظهره ، وهى تارة تكون أربعة شهود ، وتارة ثلاثة ، بالنص فى بينة المفلس ،
وتارة شاهدين ، وشاهد واحد ، وامرأة واحدة ، وتكون نُكولاً (2) ، ويمينًا، أو
خمسين يميناً أو أربعة أيمان ، وتكون شاهد الحال.
فقوله صلى الله عليه وسلم: " البينة على
المدعى " ، أى عليه أن يظهر ما يبيّن صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من
الطرق حُكِم له.. " (3) فكما تقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر ، تقوم
بشهادة المرأة الواحدة ، أو أكثر، وفق معيار البينة التى يطمئن إليها ضمير الحاكم
- القاضى -..
ولقد فصّل ابن تيمية القول فى التمييز بين طرق
حفظ الحقوق ، التى أرشدت إليها ونصحت بها آية الإشهاد - الآية 282 من سورة البقرة
وهى الموجهة إلى صاحب " الحق الدَّين " وبين طرق البينة ، التى يحكم
الحاكم القاضى بناء عليها.. وأورد ابن القيم تفصيل ابن تيمية هذا تحت عنوان [
الطرق التى يحفظ بها الإنسان حقه ].. فقال:
" إن القرآن لم يذكر الشاهدين ، والرجل
والمرأتين فى طرق الحكم التى يحكم بها الحاكم ، وإنما ذكر النوعين من البينات فى
الطرق التى يحفظ بها الإنسان حقه ، فقال تعالى: ??(يا أيها الذين آمنوا إذا
تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب
كما علمه الله فليكتب وليملل الذى عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئاً
فإن كان الذى عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل
واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من
الشهداء ) (4).. فأمرهم ، سبحانه ، بحفظ حقوقهم بالكتاب (5) ، وأمر من عليه الحق
أن يملى الكاتب ، فإن لم يكن ممن يصح إملاؤه أملى عنه وليه ، ثم أمر من له الحق أن
يستشهد على حقه رجلين ، فإن لم يجد فرجل وامرأتان ، ثم نهى الشهداء المتحملين
للشهادة عن التخلف عن إقامتها إذا طُلبوا لذلك ، ثم رخّص لهم فى التجارة الحاضرة
ألا يكتبوها ، ثم أمرهم بالإشهاد عند التبايع ، ثم أمرهم إذا كانوا على سفر ولم
يجدوا كاتباً ، أن يستوثقوا بالرهان المقبوضة.
كل هذا نصيحة لهم ، وتعليم وإرشاد لما يحفظون
به حقوقهم ، وما تحفظ به الحقوق شئ وما يحكم به الحاكم [ القاضى ] شئ ، فإن طرق
الحكم أوسع من الشاهد والمرأتين ، فإن الحاكم يحكم بالنكول ، واليمين المردودة ولا
ذكر لهما فى القرآن وأيضاً: فإن الحاكم يحكم بالقرعة بكتاب الله وسنة رسوله
الصريحة الصحيحة.. ويحكم بالقافة (6) بالسنة الصريحة الصحيحة التى لا معارض لها
ويحكم بالقامة (7) بالسنة الصحيحة الصريحة ، ويحكم بشاهد الحال إذا تداعى الزوجان
أو الصانعان متاع البيت والدكان ، ويحكم ، عند من أنكر الحكم بالشاهد واليمين
بوجود الآجر فى الحائط ، فيجعله للمدعى إذا كان جهته وهذا كله ليس فى القرآن ، ولا
حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أحد من أصحابه..
فإن قيل: فظاهر القرآن يدل على أن الشاهد
والمرأتين بدلٌ عن الشاهدين ، وأنه لا يُقْضَى بهما إلا عند عدم الشاهدين.
قيل: القرآن لا يدل على ذلك ، فإن هذا أمر
لأصحاب الحقوق بما يحفظون به حقوقهم ، فهو سبحانه أرشدهم إلى أقوى الطرق ، فإن لم
يقدروا على أقواها انتقلوا إلى ما دونها.. وهو سبحانه لم يذكر ما يحكم به الحاكم ،
وإنما أرشدنا إلى ما يحفظ به الحق ، وطرق الحكم أوسع من الطرق التى تُحفظ بها
الحقوق " (8)..
وبعد إيراد ابن القيم لهذه النصوص نقلاً عن
شيخه وشيخ الإسلام ابن تيمية علق عليها ، مؤكداً إياها ، فقال: " قلت [ أى
ابن القيم ]: وليس فى القرآن ما يقتضى أنه لا يُحْكَم إلا بشاهدين ،أو شاهد
وامرأتين ، فإن الله سبحانه إنما أمر بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا
النِّصاب ، ولم يأمر بذلك الحكام أن يحكموا به ، فضلاً عن أن يكون قد أمرهم ألا
يقضوا إلا بذلك. ولهذا يحكم الحاكم بالنكول ، واليمين المردودة ، والمرأة الواحدة
، والنساء المنفردات لا رجل معهن ، وبمعاقد القُمُط (9) ، ووجوه الآجرّ ، وغير ذلك
من طرق الحكم التى تُذكر فى القرآن..فطرق الحكم شئ ، وطرق حفظ الحقوق شئ آخر ،
وليس بينهما تلازم ، فتُحفظ الحقوق بما لا يحكم به الحاكم مما يعلم صاحب الحق أنه
يحفظ به حقه ، ويحكم الحاكم بما لا يحفظ به صاحب الحق حقه ، ولا خطر على باله..
" (10).
فطرق الإشهاد ، فى آية سورة البقرة التى تجعل
شهادة المرأتين تعدل شهادة رجل واحد هى نصيحة وإرشاد لصاحب الدَّين ذى الطبيعة
الخاصة -.. وليست التشريع الموجه إلى الحاكم القاضى والجامع لطرق الشهادات
والبينات.. وهى أيضاً خاصة بدَيْن له مواصفاته وملابساته ، وليست التشريع العام فى
البينات التى تُظهر العدل فيحكم به القضاة..
* وبعد هذا الضبط والتمييز والتحديد.. أخذ ابن
تيمية يعدد حالات البينات والشهادات التى يجوز للقاضى الحاكم الحكم بناء عليها..
فقال: " إنه يجوز للحاكم ? [ القاضى ] ? الحكم بشهادة الرجل الواحد إذا عرف
صدقه فى غير الحدود ، ولم يوجب الله على الحاكم ألا يحكم إلا بشاهدين أصلاً ،
وإنما أمر صاحب الحق أن يحفظ حقه بشاهدين ، أو بشاهد وامرأتين ، وهذا لا يدل علىأن
الحاكم لا يحكم بأقل من ذلك ، بل قد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بالشاهد
واليمين ، وبالشاهد فقط ، وليس ذلك مخالفاً لكتاب الله عند من فهمه ، ولا بين حكم
الله وحكم رسوله خلاف.. وقد قبل النبى صلى الله عليه وسلم شهادة الأعرابى وحده على
رؤية هلال رمضان ، وتسمية بعض الفقهاء ذلك إخباراً ، لا شهادة ، أمر لفظى لا يقدح
فى الاستدلال ، ولفظ الحديث يردّ قوله ، وأجاز صلى الله عليه وسلم شهادة الشاهد
الواحد فى قضية السَّلَب (11) ، ولم يطالب القاتل بشاهد آخر ، واستحلفه ، وهذه
القصة [وروايتها فى الصحيحين] صريحة فى ذلك.. وقد صرح الأصحاب: أنه تُقبل شهادة
الرجل الواحد من غير يمين عند الحاجة ، وهو الذى نقله الخِرَقى [334 هجرية 945م ]
فى مختصره ،فقال: وتِقبل شهادة الطبيب العدل فى الموضحة (12) إذا لم يقدر على
طبيبين ، وكذلك البيطار فى داء الدابة.." (13).
* وكما تجوز شهادة الرجل الواحد فى غير
الحدود.. وكما تجوز شهادة الرجال وحدهم في الحدود ، تجوز عند البعض شهادة النساء
وحدهن فى الحدود.. وعن ذلك يقول ابن تيمية ، فيما نقله ابن القيم: " وقد قبل
النبى صلى الله عليه وسلم شهادة المرأة الواحدة فى الرضاع ، وقد شهدت على فعل
نفسها ، ففى الصحيحين عن عقبة ابن الحارث: " أنه تزوج أم يحيى بنت أبى إهاب ،
فجاءت أَمَةٌ سوداء ، فقالت: قد أرضعتكما. فذكرتُ ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم ،
فأعرض عنى ، قال: فتنحيتُ فذكرتُ ذلك له ، قال: فكيف ؟ وقد زعمتْ أنْ قد أرضعتكما
! ".
وقد نص أحمد على ذلك فى رواية بكر بن محمد عن
أبيه ، قال: فى المرأة تشهد على مالا يحضره الرجال من إثبات استهلال الصبى (14)،
وفى الحمّام يدخله النساء ، فتكون بينهن جراحات.
وقال إسحاق بن منصور: قلتُ لأحمد فى شهادة
الاستدلال: " تجوز شهادة امرأة واحدة فى الحيض والعدة والسقط والحمّام ، وكل
مالا يطلع عليه إلا النساء ".
فقال: "تجوز شهادة امرأة إذا كانت ثقة ،
ويجوز القضاء بشهادة النساء منفردات فى غير الحدود والقصاص عند جماعة من الخَلَف
والسلف ". وعن عطاء [27-114 هجرية /647 732م ] أنه أجاز شهادة النساء فى
النكاح. وعن شريح [78 هجرية / 697م ] أنه أجاز شهادة النساء فى الطلاق. وقال بعض
الناس: تجوز شهادة النساء فى الحدود. وقال مهنا: قال لى أحمد بن حنبل: قال أبو
حنيفة: تجوز شهادة القابلة وحدها ، وإن كانت يهودية أو نصرانية.." (15).
ذلك أن العبرة هنا فى الشهادة إنما هى الخبرة
والعدالة ، وليست العبرة بجنس الشاهد ذكراً كان أو أنثى ففى مهن مثل الطب..
والبيطرة.. والترجمة أمام القاضى.. تكون العبرة "بمعرفة أهل الخبرة "
(16).
* بل لقد ذكر ابن تيمية فى حديثه عن الإشهاد
الذى تحدثت عنه آية سورة البقرة أن نسيان المرأة ، ومن ثم حاجتها إلى أخرى تذكرها
(أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى(ليس طبعًا ولا جبلة فى كل النساء ، وليس
حتمًا فى كل أنواع الشهادات.. وإنما هو أمر له علاقة بالخبرة والمران ، أى أنه مما
يلحقه التطور والتغيير.. وحكى ذلك عنه ابن القيم فقال:
" قال شيخنا ابن تيمية ، رحمه الله تعالى:
قوله تعالى::(فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل
إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى(فيه دليل على أن استشهاد امرأتين مكان رجل واحد إنما
هو لإذكار إحداهما للأخرى ، إذا ضلت ، وهذا إنما يكون فيما فيه الضلال فى العادة ،
وهو النسيان وعدم الضبط.. فما كان من الشهادات لا يُخافُ فيه الضلال فى العادة لم
تكن فيه على نصف الرجل.." (17).
فحتى فى الإشهاد ، يجوز لصاحب الدَّيْن أن يحفظ
دَينه وفق نصيحة وإرشاد آية سورة البقرة بإشهاد رجل وامرأة ، أو امرأتين ، وذلك
عند توافر الخبرة للمرأة فى موضوع الإشهاد.. فهى فى هذا الإشهاد ليست شهادتها
دائماً على النصف من شهادة الرجل..
ولقد كرر ابن القيم وأكد هذا الذى أشرنا إلى
طرف منه ، فى غير كتابه [ الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ] فقال فى كتابه
" إعلام الموقعين عند رب العالمين" أثناء حديثه عن " البينة "
وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: " البينة على المدعى واليمين على من
أنكر " خلال شرحه لخطاب عمر بن الخطاب إلى أبى موسى الأشعرى [ 21ق هجرية 44
هجرية 602- 665م ] فى قواعد القضاء وآدابه - قال: " إن البينة فى كلام الله
ورسوله ، وكلام الصحابة اسم لكل ما يبين الحق.. ولم يختص لفظ البينة بالشاهدين..
وقال الله فى آية الدَّيْن: (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل
وامرأتان (فهذا فى التَّحمل والوثيقة التى يحفظ بها صاحب المال حقه ، لا فى طرق
الحكم وما يحكم به الحاكم ، فإن هذا شئ وهذا شئ ، فذكر سبحانه ما يحفظ به الحقوق من
الشهود ، ولم يذكر أن الحكام لا يحكمون إلا بذلك.. فإن طرق الحكم أعم من طرق حفظ
الحقوق.. وقال سبحانه:(ممن ترضون من الشهداء (لأن صاحب الحق هو الذى يحفظ ماله بمن
يرضاه.. ".
وعلل ابن تيمية حكمة كون شهادة المرأتين فى هذه
الحالة تعدلان شهادة الرجل الواحد ، بأن المرأة ليست مما يتحمل عادة مجالس وأنواع
هذه المعاملات.. لكن إذا تطورت خبراتها وممارساتها وعاداتها ، كانت شهادتها حتى فى
الإشهاد على حفظ الحقوق والديون مساوية لشهادة الرجل.. فقال:
" ولا ريب أن هذه الحكمة فى التعدد هى فى
التحمل ، فأما إذا عقلت المرأة ، وحفظت وكانت ممن يوثق بدينها فإن المقصود حاصل
بخبرها كما يحصل بأخبار الديانات ، ولهذا تُقبل شهادتها وحدها فى مواضع ، ويُحكم
بشهادة امرأتين ويمين الطالب فى أصح القولين ، وهو قول مالك [ 93-179 هجرية
712-795م ] وأحد الوجهين فى مذهب أحمد.. "
والمقصود أن الشارع لم يَقِف الحكم فى حفظ
الحقوق البتة على شهادة ذكرين ، لا فى الدماء ولا فى الأموال ولا فى الفروج ولا فى
الحدود.. وسر المسألة ألا يلزم من الأمر بالتعدد فى جانب التحمل وحفظ الحقوق الأمر
بالتعدد فى جانب الحكم والثبوت ، فالخبر الصادق لا تأتى الشريعة برده أبداً.
وهذا الذى قاله ابن تيمية وابن القيم فى
حديثهما عن آية سورة البقرة هو الذى ذكره الإمام محمد عبده ، عندما أرجع تميز
شهادة الرجال على هذا الحق الذى تحدثت عنه الآية على شهادة النساء ، إلى كون
النساء فى ذلك التاريخ كن بعيدات عن حضور مجالس التجارات ، ومن ثم بعيدات عن تحصيل
التحمل والخبرات فى هذه الميادين.. وهو واقع تاريخى خاضع للتطور والتغير ، وليس
طبيعة ولا جبلة فى جنس النساء على مر العصور.. ولو عاش الإمام محمد عبده إلى زمننا
هذا ، الذى زخر ويزخر بالمتخصصات فى المحاسبة والاقتصاد وإدارة الأعمال ، وب
" سيدات الأعمال " اللائى ينافسن " رجال الأعمال " لأفاض
وتوسع فيما قال ، ومع ذلك ، فحسبه أنه قد تحدث قبل قرن من الزمان فى تفسيره لآية
سورة البقرة هذه رافضاً أن يكون نسيان المرأة جبلة فيها وعامًّا فى كل موضوعات
الشهادات ، فقال:
" تكلم المفسرون فى هذا ، وجعلوا سببه
المزاج ، فقالوا: إن مزاج المرأة يعتريه البرد فيتبعه النسيان ، وهذا غير متحقق ،
والسبب الصحيح أن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من
المعاوضات ، فلذلك تكون ذاكرتها ضعيفة ،ولا تكون كذلك فى الأمور المنزلية التى هى
شغلها ، فإنها أقوى ذاكرة من الرجل ، يعنى أن من طبع البشر ذكراناً وإناثاً أن
يقوى تذكرهم للأمور التى تهمهم ويكثر اشتغالهم بها " (18).
ولقد سار الشيخ محمود شلتوت الذى استوعب
اجتهادات ابن تيمية وابن القيم ومحمد عبده مع هذا الطريق ، مضيفاً إلى هذه
الاجتهادات علماً آخر عندما لفت النظر إلى تساوى شهادة الرجل فى " اللعان
".. فكتب يقول عن شهادة المرأة وكيف أنها دليل على كمال أهليتها ، وذلك على
العكس من الفكر المغلوط الذى يحسب موقف الإسلام من هذه القضية انتقاصًا من
إنسانيتها.. كتب يقول:
إن قول الله سبحانه وتعالى: (فإن لم يكونا
رجلين فرجل وامرأتان (ليس وارداً فى مقام الشهادة التى يقضى بها القاضى ويحكم ،
وإنما هو فى مقام الإرشاد إلى طرق الاستيثاق والاطمئنان على الحقوق بين المتعاملين
وقت التعامل(يأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب
بينكم كاتب بالعدل ولايأب كاتب أن يكتب كما علمه الله (إلى أن قال: (واستشهدوا
شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل
إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى ) (19).
فالمقام مقام استيثاق على الحقوق ، لا مقام
قضاء بها. والآية ترشد إلى أفضل أنواع الاستيثاق الذى تطمئن به نفوس المتعاملين
على حقوقهم.
وليس معنى هذا أن شهادة المرأة الواحدة أو
شهادة النساء اللاتى ليس معهن رجل ، لايثبت بها الحق ، ولا يحكم بها القاضى ، فإن
أقصى ما يطلبه القضاء هو " البينة ".
وقد حقق العلامة ابن القيم أن البينة فى الشرع
أعم من الشهادة ، وأن كل ما يتبين به الحق ويظهره ، هو بينة يقضى بها القاضى
ويحكم. ومن ذلك: يحكم القاضى بالقرائن القطعية ، ويحكم بشهادة غير المسلم متى وثق
بها واطمأن إليها.
واعتبار المرأتين فى الاستيثاق كالرجل الواحد
ليس لضعف عقلها ، الذى يتبع نقص إنسانيتها ويكون أثراً له ، وإنما هو لأن المرأة كما
قال الشيخ محمد عبده " ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من
المعاوضات ، ومن هنا تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ، ولا تكون كذلك فى الأمور المنزلية
التى هى شغلها ، فإنها فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، ومن طبع البشر عامة أن يقوى
تذكرهم للأمور التى تهمهم ويمارسونها ، ويكثر اشتغالهم بها.
والآية جاءت على ما كان مألوفاً فى شأن المرأة
، ولا يزال أكثر النساء كذلك ، لا يشهدن مجالس المداينات ولا يشتغلن بأسواق
المبايعات ، واشتغال بعضهن بذلك لا ينافى هذا الأصل الذى تقضى به طبيعتها فى
الحياة.
وإذا كانت الآية ترشد إلى أكمل وجوه الاستيثاق
، وكان المتعاملون فى بيئة يغلب فيها اشتغال النساء بالمبايعات وحضور مجالس
المداينات ، كان لهم الحق فى الاستيثاق بالمرأة على نحو الاستيثاق بالرجل متى
اطمأنوا إلى تذكرها وعدم نسيانها على نحو تذكر الرجل وعدم نسيانه.
هذا وقد نص الفقهاء على أن من القضايا ما تقبل
فيه شهادة المرأة وحدها ، وهى القضايا التى لم تجر العادة بإطلاع الرجال على
موضوعاتها ، كالولادة والبكارة ، وعيوب النساء والقضايا الباطنية.
وعلى أن منها ما تقبل فيه شهادة الرجل وحده ،
وهى القضايا التى تثير موضوعاتها عاطفة المرأة ولا تقوى على تحملها ، على أنهم
قدروا قبول شهادتها فى الدماء إذا تعينت طريقاً لثبوت الحق واطمئنان القاضى إليها.
وعلى أن منها ما تقبل شهادتهما معاً.
ومالنا نذهب بعيداً ، وقد نص القرآن على أن
المرأة كالرجل سواء بسواء فى شهادات اللعان ، وهو ما شرعه القرآن بين الزوجين
حينما يقذف الرجل زوجه وليس له على ما يقول شهود (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن
لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة
أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين * ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات
بالله إنه لمن الكاذبين * والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) (20).
أربع شهادات من الرجل ، يعقبها استمطار لعنة
الله عليه إن كان من الكاذبين ، ويقابلها ويبطل عملها ، أربع شهادات من المرأة
يعقبها استمطار غضب الله عليها إن كان من الصادقين.. فهذه عدالة الإسلام فى توزيع
الحقوق العامة بين الرجل والمرأة ، وهى عدالة تحقق أنهما فى الإنسانية سواء..
(21).
هكذا وضحت صفحة الإسلام.. وصفحات الاجتهاد الإسلامى فى قضية مساواة شهادة المرأة وشهادة
الرجل ، طالما امتلك الشاهد أو الشاهدة مقومات ومؤهلات وخبرة هذه الشهادة.. لأن
الأهلية الإنسانية بالنسبة لكل منهما واحدة ، ونابعة من وحدة الخلق ، والمساواة فى
التكاليف ، والتناصر فى المشاركة بحمل الأمانة التى حملها الإنسان ، أمانة استعمار
وعمران هذه الحياة.
*وأخيراً وليس آخراً فإن ابن القيم يستدل
بالآية القرآنية: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول
عليكم شهيداً ) (22). على أن المرأة كالرجل فى هذه الشهادة على بلاغ الشريعة
ورواية السنة النبوية.. فالمرأة كالرجل فى " رواية الحديث " ، التى هى
شهادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم..
وإذا كان ذلك مما أجمعت عليه الأمة ، ومارسته
راويات الحديث النبوى جيلاً بعد جيل " والرواية شهادة " فكيف تقبل
الشهادة من المرأة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تقبل على واحد من الناس
؟.. إن المرأة العدل [ بنص عبارة ابن القيم ] كالرجل فى الصدق والأمانة والديانة
(23).
ذلكم هو منطق شريعة الإسلام وكلها منطق وهذا
هوعدلها بين النساء والرجال وكلها عدل وكما يقول ابن القيم:" وما أثبت الله
ورسوله قط حكماً من الأحكام يُقطع ببطلان سببه حسًّا أو عقلاً ، فحاشا أحكامه
سبحانه من ذلك ، فإنه لا أحسن حكمًا منه سبحانه وتعالى ولا أعدل. ولا يحكم حكماً
يقول العقل: ليته حكم بخلافه ، بل أحكامه كلها مما يشهد العقل والفِطَر بحسنها ،
ووقوعها على أتم الوجوه وأحسنها ، وأنه لا يصلح فى موضعها سواها " (24).
هذا.. ولقد تعمدنا فى إزالة هذه الشبهة أمران:
أولهما: أن ندع نصوص أئمة الاجتهاد الإسلامى هى التى تبدد غيوم هذه الشبهة ، لا
نصوصنا نحن.. وذلك حتى لا ندع سبيلاً لشبهات جديدة فى هذا الموضوع !
وثانيهما: أن تكون هذه النصوص للأئمة المبرزين
فى إطار السلف والسلفيين.. وذلك حتى نقطع الطريق على أدعياء السلفية الذين حملوا
العادات الراكدة لمجتمعاتهم على دين الإسلام ، فاستبدلوا هذه العادات بشريعة
الإسلام !.. وحتى نقطع الطريق كذلك على غلاة العلمانيين والعلمانيات ، الذين
استبدلوا البدع الفكرية الوافدة بحقائق وحقيقة الإسلام ، والذين يتحسسون مسدساتهم
إذا ذكرت مصطلحات السلفية والسلفيين !..
فإنصاف المرأة ، وكمال واكتمال أهليتها هو موقف
الإسلام ، الذى نزل به الروح الأمين على قلب الصادق الأمين.. وهو موقف كل تيارات
الاجتهاد الإسلامى ، على امتداد تاريخ الإسلام.
(1) البقرة: 282.
(2) النكول: هو الامتناع عن اليمين.
(3) ابن القيم [ الطرق الحكمية فى السياسة
الشرعية ] ص34. تحقيق محمد جميل غازى. طبعة القاهرة سنة 1977م.
(4) سورة البقرة: 282.
(5) أى الكتابة.
(6) القافة: مفردها قائف هو الذى يعرف الآثار
آثار الأقدام ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه..
(7) القامة: الأيمان ، تقسم على أهل المحلة
الذين وجد المقتول فيهم.
(8) [ الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ]ص
103-105 ، 219،236.
(9) مفردها قمط بكسر القاف وسكون الميم: ما تشد
به الإخصاص ومكونات البناء ولبناته.
(10) [ الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ] ص
198.
(11) السَّلب بفتح السين مشددة ، وفتح اللام -:
هو متاع القتيل وعدته ، يأخذه قاتله.. وفى الحديث: " من قتل قتيلاً فله سَلَبُهُ
".
(12) الموضحة: هى الجراحات التى هى دون قتل
النفس.
(13) [ الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ] ص
98 ، 113 ، 123.
(14) استهلال الصبى: هو أن يحدث منه ما يدل على
حياته ساعة الولادة من رفع صوت أو حركة عضو أو عين ، وهو شرط لتمتعه بحقوق
الأحياء.
(15) [الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ] ص
115-117.
(16) المصدر السابق. ص 188 ، 193.
(17) [ إعلام الموقعين عن رب العالمين ] ج1 ص
90-92، 94-95 ،103،104. طبعة بيروت سنة 1973م.
(18) [ الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ] ج4
ص732. دراسة وتحقيق: د. محمد عمارة. طبعة القاهرة سنة 1993م.
(19) البقرة: 282.
(20) النور:69.
(21) [ الإسلام عقيدة وشريعة ] ص 239- 241.
طبعة القاهرة سنة 1400 هجرية سنة 1980م.
(22) البقرة: 143.
(23) [ الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ]
ص236، 244.
(24) المصدر السابق ، ص329.
=====================
بقلم الأستاذ علاء أبوبكر
حقوق المرأة قبل الإسلام:
المرأة عند الشعوب البدائية:
كانت الفتاة فى الشعوب البدائية حين تبلغ طور
المراهقة، تُعزَل فلا تكلم أحداً غير أمها، ولا تكلمها إلا بصوت خفيض ، كما أن
الولد إذا وصل إلى مرحلة البلوغ يأخذونه ليغتسل فى بعض العيون المقدسة ، وذلك لكى
يخلص من روائح الأنوثة التى علقت به من مصاحبته لأمه.
المرأة عند الهنود القدماء:
كانت المرأة عند الهنود القدماء تعتبر مخلوقاً
نجساً ، ولم يكن للمرأة فى شريعة مانو حق فى الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها
، فإذا مات هؤلاء جميعاً وجب أن تنتمى إلى رجل من أقارب زوجها ، وهى بذلك قاصرة
طيلة حياتها ، ولم يكن لها حق فى الحياة بعد وفاة زوجها ، وكانت إذا مات عنها
زوجها تُحرَق مع جثته بالنار المقدسة ، بل إن بعض القبائل الهندية القديمة كانت لا
تراها أهلاً لتُحرَق مع جثة زوجها باعتبارها المخلوق النجس، ولذلك كانوا يرون
دفنها حية أو حرقها بعد موت زوجها. فإذا كان للرجل أكثر من زوجة دُفِنَّ جميعاً أو
حُرِقْنَ جميعاً.
وفى حياة الزوج كان له أن يُطلِّق الزوجة متى
شاء وكيف شاء ، أما هى فليس لها الحق فى أن تطلب الطلاق من زوجها مهما يكن من أمر
الزوج ، حتى لو أصيب بأمراض تمنع من أهليته للحياة الزوجية.
وقد لقيت الحكومات الهندية أشد الفتن من
مجتمعاتها ، خاصة من رجال الدين الهنود، حين حاولت القضاء على مثل هذه العادات
المسترذلة والتى استمرت تهضم حقوق المرأة وكيانها حتى القرن السابع عشر.
وفى شرائع الهندوس أنه: (ليس الصبر المقدر ،
والريح ، والموت ، والجحيم ، والسم ، والأفاعى ، والنار، أسوأ من المرأة)
(ويذكر جوستاف لوبون أن المرأة فى الهند
(تُعِّد بعلها ممثلاً للآلهة فى الأرض ، وتُعَدُّ المرأة العزب، والمرأة الأيم،
على الخصوص من المنبوذين من المجتمع الهندوسى، والمنبوذ عندهم فى رتبة الحيوان،
والمرأة الهندوسية إذا فقدت زوجها ظلت فى الحداد بقية حياتها، وعادت لا تُعامَل
كإنسان، وعُدَّ نظرها مصدراً لكل شؤم على ما تنظر إليه، وعدت مدنسة لكل شىء تلمسه،
وأفضل شىء لها أن تقذف نفسها
فى النار التى يحرق بها جثمان زوجها ، وإلا
لقيت الهوان الذى يفوق عذاب النار.)
المرأة فى الصين:
كانت المرأة فى الصين لا تقل مهانة أو مأساة عن
بقية المجتمعات ، فكانت النظرة إليها واحدة ، ويظهر مدى امتهان المرأة فى المثل
الصينى الذى يقول: إن المرأة كالكرة ، كلما ركلتها برجلك ارتفعت إلى أعلى.
وشبهت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة التى تغسل
السعادة والمال ، وللصينى الحق فى أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترملت المرأة
الصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها كإرث، وللصينى الحق فى أن يدفن زوجته حية.
المرأة عند المصريين القدماء:
إن البلاد الوحيدة التى نالت فيها المرأة بعض
الحقوق قديماً هى مصر الفرعونية ، إذ كان لها أن تملك ، وأن ترث ، وأن تقوم على
شئون الأسرة فى غيبة الزوج ، ولكن مع ذلك فقد كان الرجل سيداً على المرأة خاصة
زوجته ، ولكن ليس بالفهوم الذى رأيناه أنه يملكها وله الحق فى بيعها أو قتلها ،
ولكن بمعنى أنه قيِّمٌ عليها وعلى بيته.
المرأة الكلدانية:
كانت المرأة الكلدانية خاضعة خضوعاً تاماً لرب
الأسرة ، وكان للوالد الحق فى أن يبذل زوجته أو ابنته لسداد دينه ، وكانت المرأة
تحتمل وحدها الأعباء المنزلية ، فتذهب كل يوم لجلب الماء من النهر أو البئر ،
وتقوم وحدها بطحن الحبوب بالرحى وإعداد الخبز ، كما تقوم بغزل ونسج وحياكة
الملابس. وهذا كان حالها فى الطبقات الفقيرة.
أما فى الطبقات الموسرة فكانت المرأة لا تخرج
من منزلها ، بل يقوم على خدمتها فى المنزل خدم وحشم. وأما نساء الملوك الكلدانيين
فكان لا يُسمَح لأحد برؤيتهن ولا التحدث إليهن أو حتى التحدث عنهن.
وكان من حق الرجل طلاق زوجته متى أراد أما
المرأة فإذا أبدت رغبة فى الطلاق
من زوجها طُرِحَت فى النهر لتغرق ، أو طردَت فى
الشوارع نصف عارية لتتعرض للمهانة والفجور.
وقد روى هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أن كل
امرأة كلدانية كان عليها فى مدينة بابل أن تذهب إلى الزهرة الإلهة (مليتا)
ليواقعها أجنبى حتى ترضى عنها الإلهة. ولم يكن من حقها أن ترد من يطلبها كائناً من
كان ، ما دام أول رجل يرمى إليها بالجعالة [المال المبذول والذى كان يُعتبر حينئذ
مالاً مقدساً] ثم ترجع بعد ذلك إلى منزلها لتنتظر الزوج.
وكانت إذا تزوجت ولم تحمل لفترة طويلة اعتبرت
أنها أصابتها لعنة الآلهة أو أصابها مس من الشيطان فتصبح فى حاجة إلى الرقى
والطلاسم ، فإذا ضلت عاقراً بعد ذلك فلابد من موتها للتخلص منها.
وهذا أقرب ما يكون للقانون اليهودى عند إصابة
أحد بالمس فإنه يُقتَل رجلاً كان أم امرأة: (27«وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ
امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ
يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».) لاويين 20: 27
وكان معبد الإلهة (عشتروت) فى بابل القديمة
يمتلىء من العاهرات اللائى يتقدمن إلى زائرى المعبد. كما كان على كل امرأة أن
تتقدم مرة على الأقل إلى معبد فينوس ليواقعها أى زائر فى المعبد. وكانت الفتيات من
الصين واليابان وغيرهما من بلاد العالم يتقدمن إلى الكهنة فى المعابد ، وكان من
الشرف الكبير أن يواقعها الكاهن الذى هو ممثل الإلهة على الأرض. وكان هذا النوع من
البغاء يُعرَف بالبغاء الدينى.
وهو قريب من قول نيكولاوس فون كليمانجيس Nikolaus von Clemanges (أحد علماء اللاهوت وعميد جامعة باريس سابقا: (أن تترهبن المرأة
اليوم فمعنى هذا أنها أسلمت نفسها للعهارة).
وقد سبقه فى مثل هذا القول دومبريديجر جايلر فون
قيصربرج Domprediger
Geiler von Kayserberg (إن المرأة فى الدير ليست إلا عاهرة)
وقد شاع المثل الشعبى فى العصور الوسطى القائل:
(من لفت رأسها ، عرت بطنها ، وهذه عادة كل الراهبات)
وقد اقترح أوجستين عام 388 قانون يمنع أن يدخل
شاب على الراهبات أما العجائز
المُسنَّات فيسمح لهم بالدخول حتى البهو
الأمامى فقط من الدير، ولأن الراهبات كُنَّ فى حاجة إلى قسيس للصلاة بهن ، فقد سمح
القيصر جوستنيان فقط للرجال الطاعنين فى السن أو المخصيين بالدخول إليهن والصلاة
بهن. حتى الطبيب لم يُسمَح له بالدخول إلى الراهبات وعلاجهن إلا إذا كان طاعناً فى
السن أو من المخصيين. وحتى المخصصين فقدوا الثقة فيهم، لذلك قالت القديسة باولا:
على الراهبات الهرب ليس فقط من الرجال، ولكن من المخصيين أيضاً. (ص 136 لديشنر)
وكان من يقتل بنتاً يُفرَض عليه أن يقدم ابنته
لأهل القتيلة يقتلونها أو يملكونها. وإذا لم يُثمر الزواج مولوداً خلال عشر سنين
يُعتبر العقد فيه مفسوخاً. وكان للرجل حق قتل أولاده وبيعهم. ولم يحرَّم ذلك إلا
فى القرن الخامس قبل الميلاد. ولم تكن المرأة لترث، فإذا لم يكن هناك ذكور من أسرة
الموروث ورثوا الذكور من أسرة زوجته ولكن زوجته لا ترث.
المرأة عند اليونان:
كانت اليونان فى قديم الزمان أكثر الأمم حضارة
ومدنية. وكانت أثينا مدينة الحكمة والفلسفة والطب والعلم ، ومع هذا كانت المرأة
عندهم مُحتقرة مهينة ، مثل أى سلعة تباع وتُشترى ، مسلوبة الحقوق ، محرومة من حق
الميراث وحق التصرف فى المال ، بل أكثر فقد سموها رجساً من عمل الشيطان ، ولم
يسمحوا لها إلا بتدبير شئون البيت وتربية الأطفال. وكان الرجل فى أثينا يُسمَح له
أن يتزوج أى عدد يريده من النساء ، بلا قيد ولا شرط.
ومما يُذكر عن فيلسوفهم سقراط قوله: (إن وجود
المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار فى العالم ، إن المرأة تشبه شجرة
مسمومة ، حيث يكون ظاهرها جميلاً ، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت من فورها.)
كما كان لزوجها الحق فى بيعها وأن تظل عند
المشترى فترة تحت التجربة ، كما كان لزوجها الحق فى قتلها إذا اتهمت ولو بمجرد
النظر إلى شخص غريب ولا مسئولية عليه فى ذلك. ومع هذا فإن له الحق فى أن يزنى فى
منزل الزوجية ، وليس لزوجته حق الاعتراض ، كما أن حق الطلاق مكفول له متى شاء وكيف
شاء. ومع ذلك فإنها تظل بعد طلاقها منه مقيدة برأيه فى زواجها لمن يريده. ويوصى
عند موته بزواجها ممن يرتضيه هو وليس لها أو لأحد من أهلها حق الاعتراض.
وتذكر الأساطير اليونانية أن المرأة هى سبب
الأوجاع والآلام للعالم كله ، وذلك لأن الناس فى اعتقادهم كانوا يعيشون فى أفراح
ولا يعرفون معنى الألم ولا الحزن ، ولكن حدث أن الآلهة أودعت أحد الناس صندوقاً
وأمرته ألا يفتحه ، وكان له زوجة تُسمَّى (باندورا) مازالت تغريه بفتحه حتى فتحه
فانطلقت منه الحشرات. ومنذ تلك اللحظة أُصيب الناس بالآلام والأحزان. فلهذا كانت
المرأة سبباً فى الكوارث التى حلت بالبشرية كلها نتيجة لفضول المرأة وإغراء زوجها
بالعصيان.
ولعلنا نلحظ شبهاً فى هذه الرواية بما تحدث عنه
سفر التكوين من إغواء حواء لآدم بالأكل من الشجرة المحرمة بعد أن أغوتها الحية:
(6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا
بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ
ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ. .. .. ..
12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ
الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ».) تكوين 3: 6-12
وكان أرسطو يعيب على أهل إسبرطة التهاون مع
النساء ومنحهن بعض الحقوق ، بل إن سقراط كان يعزو سقوط إسبرطة إلى منحها الحرية
للنساء. على الرغم من أن هذه الحرية لم تنالها النساء إلا لإنشغال الرجال الدائم
فى الحروب.
أما المرأة فى إسبرطة فكانت تستمتع بحرية لا
يُسمَح بها للرجل ، ولكن حرية هى إلى الدعارة أقرب ، فكان لها أن تتزوج أكثر من
رجل واحد فى القوت الذى كان يُحرَّم فيه على الرجل أن يتزوج من امرأة واحدة إلا فى
الحالات الضرورية جداً.
ومن الغريب أن يرى الفيلسوف اليونانى أفلاطون
شيوعية النساء ، وإلغاء نظام الأسرة على أن تتكفل الدولة بتربية الأبناء.
(ويحدثنا التاريخ عن اليونان فى إدبار دولتهم
كيف فشت فيهم الفواحش والفجور ، وعُدَّ من الحرية أن تكون المرأة عاهراً ، وأن
يكون لها عُشَّاق ، ونصبوا التماثيل للغوانى والفاجرات ، وقد أفرغوا على الفاحشة
ألوان القداسة بإدخالها المعابد ، حيث اتخذ البغاء صفة التقرب إلى آلهتهم ، ومن
ذلك أنهم اتخذوا إلهاً أسموه (كيوبيد) أى (ابن الحب) ، واعتقدوا أن هذا الإله
المزعوم ثمرة خيانة إحدى آلهتهم (أفروديت) لزوجها مع رجل من البشر)
ولم يكن يُسمَح بتعليم المرأة اليونانية الحرة
، إنما كان التعليم قاصراً على البغايا. حتى كان الرجل الذى يكره الجهل فى المرأة
يلجأ إلى البغى.
المرأة عند البابليين:
كانت المرأة تُحسَب فى قانون حمورابى من عِداد
الماشية المملوكة ، وكان تشريع بابل يعطى رب الأسرة حق بيع أسرته أو هبتهم إلى
غيره مدة من الزمن ، وإذا طلق الزوج زوجته تُلقى فى النهر ، فإذا أراد عدم قتلها
نزع عنها ثيابها وطردها من منزله عارية ، إعلاناً منه بأنها أصبحت شيئاً مُباحاً
لكل إنسان. وقضت المادة 143 من قانون حامورابى أنها إذا أهملت زوجها أو تسببت فى
خراب بيتها تُلقَى فى الماء. ومن قتل بنتاً لرجل كان عليه أن يُسلِم ابنته ليقتلها
أو يمتلكها أو يبيعها إن شاء.
وقد أعطى تشريع حمورابى للمرأة بعض الحقوق ، وإن
كان هذا التشريع لم يمنع اتخاذ الخليلات إلى جانب الزوجات فى الوقت الذى يقرر قيه
إفرادية الزوجة. وقد ظل هذا القانون يمنح الرجل السيادة المطلقة على المرأة ، وإن
كان قد منح الزوجة حق الطلاق إذا ثبت إلحاق الضرر بها. أما إذا طلبت الطلاق ، ولم
يثبت الضرر فتُطرَح فى النهر ، أو يُقضى عليها بالحرق. كما أنها إذا نشزت عن زوجها
بدون إشارة منه تُغرَق ، والمرأة المسرفة تُطلَّق أو يستعبدها زوجها.
المرأة عند الفرس:
وكانت المرأة عند الفرس قبل الإسلام يُنظر
إليها نظرة كلها احتقار. وقد استمرت مهضومة الحق ، مجهولة القدر ، مظلومة فى
المعاملة ، حتى أنقذها الإسلام.
وقد ذكر هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أنه
كان من آلهة الفرس القديمة إلهة تُسمى (عشتار) ، وهى عندهم بمثابة إلهة الحب
والجمال والشهوة والأنسال ، وكانت تُسمِّى نفسها إلهة العهر أو العاهر الرحيمة.
وكان القربان الذى يُقدَّم لها هو الفتيات الأبكار ، فكنَّ يذهبن إلى معبد الإلهة
، وكان كل رجل تعجبه فتاة يلقى فى حجرها قطعة من فضة ، ثم يقوم بفض بكارتها.
وقد أُبيح للرجل الفارسى (الزواج بالأمهات
والأخوات والعمَّات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وكانت تُنفى الأنثى فى فترة
الطمث إلى مكان بعيد خارج المدينة، ولا يجوز لأحد مخالطتها إلا الخدام الذين
يقدمون لها الطعام ، وفضلاً عن هذا كله فقد كانت المرأة الفارسية تحت سيطرة الرجل
المطلقة ، يحق له أن يحكم عليها بالموت ، أو يُنعم عليها بالحياة.)
فقد تزوج يزدجرد الثانى ، الذى حكم أواسط القرن
الخامس الميلادى ، ابنته ثم قتلها.
وقد تزوج بهرام جوبين ، الذى تملك فى القرن
السادس ، بأخته. وقد برر هؤلاء تلك
الأعمال المشينة بأنها قربى إلى الله تعالى ،
وأن الآلهة أباحت لهم الزواج بغير استثناء.
المرأة عند الرومان:
أما المرأة الرومانية فقد كانت تقاسى انتشار
تعدد الزوجات عند الرومان فى العرف لا فى القانون ، ولكن (فالنتْيَان الثانى)
العاهل الرومانى قد أصدر أمرأ رسمياً أجازَ فيه لكل رومانى أن يتزوج أكثر من امرأة
إذا شاء. الأمر الذى لم يستنكره رؤساء الدين من الأساقفة ، وقد حذا حذو
(فالنتْيَان الثانى) كل من أتى بعده.
واستمر تعدد الزوجات منتشراً بين الرومانيين
حتى أتى (جوستنيان) ، فسنَّ قوانين تمنع تعدد الزوجات. إلا أن الرجال من
الرومانيين استمروا على عاداتهم فى التزوج بأكثر من امرأة ، واستمر الرؤساء
والحكام يرضون شهواتهم بالإكثار من الزوجات.
وتساهل رجال الدين ، وسمحوا للراغبين فى التزوج
بأكثر من واحدة بتحقيق رغباتهم ومطالبهم. فكان الرئيس الدينى يعطى ترخيصاً بذلك
لمن يريد. واستمر تعدد الزوجات عندهم أسوة بأنبيائهم وكتابهم المقدس (العهد
القديم) ، واستمر رجال الكنيسة يُجيزون تعدد الزوجات حتى منتصف القرن الثامن عشر ،
ولم يمنعوا التعدد إلا بعد هذا القرن .
وكانت المرأة عندهم تُبَاع وتُشتَرى كأى سلعة
من السلع ، كما أن زواجها كان يتم أيضاً عن طريق بيعها لزوجها. وكان لهذا الزوج
بعد ذلك السيادة المطلقة عليها. ولم يكن يُنظَر إلى المرأة كأنها ذو روح بل كانت
تُعتَبر مخلوقاً بغير روح ، ولهذا كان يُحرم عليها الضحك والكلام إلا بإذن. كما
كان بعضهم يُغالى أحياناً فيضع فى فمها قفلاً من حديد ، كانوا يسمونه الموسيلير Moselier ، وكانوا يحرمون عليها أحيانا أكل اللحوم كما كانت تتعرض لأشد
العقوبات البدنية باعتبارها أداة للغواية وأحبولة من حبائل الشيطان. وكان للرجل أن
يتزوج من النساء ما يشاء ويتخذ من الخليلات ما يريد.
وكانت الزوجة تكلف بأعمال قاسية وكان من حق
الزوج بيعها أو التنازل عنها للغير أو تأجيرها ، ولما اعتنق الرومان المسيحية أصبح
للزوجة الأولى بعض الميراث ـ أما بقية الزوجات فكنَّ يُعتَبرن رفيقات. والأبناء
منهن يُعاملن معاملة أبناء الزنا اللقطاء ، ولذلك لا يرثون ويُعتبرون منبوذين فى
المجتمع.
ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر أن ما لاقته
المرأة فى العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف "ليس للمرأة روح"
تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها ، وربطها بالأعمدة ، بل كانوا يربطون البريئات
بذيول الخيول ، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت.
المرأة العربية فى الجاهلية قبل الإسلام:
كانت المرأة عند بعض العرب فى الجاهلية تعدُّ
جزءاً من ثروة أبيها أو زوجها. وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير
وإن كان ذكرا ، وكان ابن الرجل يرث أرملة أبيه بعد وفاتها. وكان العرب قبل الإسلام
يرثون النساء كرهاً ، بأن يأتى الوارث ويلقى ثوبه على زوجة أبيه ، ثم يقول: ورثتها
كما ورثت مال أبى ، إلا إذا سبقت ابنها أو ابن زوجها بالهرب إلى بيت أبيها ، فليس
له أن يرثها. فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها بدون مهر ، أو زوجها لأحد عنده وتسلَّمَ
مهرها ممن تزوجها ، أو حرَّمَ عليها أن تتزوج كى يرثها بعد موتها.
فمنعت الشريعة الإسلامية هذا الظلم / وهذا الإرث ، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ
لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا) النساء 19
فهذه الآية نهت عن عادة الجاهلية من إرث الرجل
نساء أقربائه.
وكان العرب فى الجاهلية يمنعون النساء من
الزواج ، فالابن الوارث كان يمنع زوجة أبيه من التزوج ، كى تعطيه ما أخذته من
ميراث أبيه ، والأب يمنع ابنته من التزوج حتى تترك له ما تملكه ، والرجل الذى
يُطلِّق زوجته يمنع مطلقته من الزواج حتى يأخذ منها ما يشاء ، والزوج المبغض
لزوجته يسىء عشرتها ولا يطلقها حتى ترد إليه مهرها. فحرم الإسلام هذه الأمور كلها
بقوله جل شأنه:
(وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ
مَا آتَيْتُمُوهُنّ) النساء 19
وكانوا لا يعدلون بين النساء فى النفقة ولا
المعاشرة ، فأوجب الإسلام العدالة بينهن:
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا
كَثِيرًا) النساء 19
ومنع تعدد الزوجات إذا لم يتأكد الرجل من إقامة
العدل بينهن، فقال تعالى:
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا
فَوَاحِدَةً) النساء 3
وكان الرجل قبل الإسلام إذا تزوج بأخرى ، رمى
زوجته الأولى فى عرضها ، وأنفق ما أخذه منها على زوجته الثانية ، أو المرأة الأخرى
التى يريد أن يتزوجها ، فحرم الإسلام على الرجل الظلم والبغى فى قوله عز وجل:
(وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ
مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ
شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) النساء 20
وكانت المرأة قبل الإسلام تُعَد متاعاً من
الأمتعة ، يتصرف فيها الزوج كما يشاء ، فيتنازل الزوج عن زوجته لغيره إذا أراد ،
بمقابل أو بغير مقابل ، سواء أقبلت أم لم تقبل. كما كانوا يتشاءمون من ولادة
الأنثى ، وكانوا يدفنونهن عند ولادتهن أحياء، خوفاً من العار أو الفقر ، فقال
الرحمن الرحيم:
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ
وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا
بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ ساءَ
مَا يَحْكُمُونَ)النحل58-59
وكان أحدهم إذا أراد نجابة الولد حمل امرأته ـ
بعد طهرها من الحيض ـ إلى الرجل النجيب كالشاعر والفارس ، وتركها عنده حتى يستبين
حملها منه ، ثم عاد بها إلى بيته، وقد حملت بنجيب!
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: (كما كانوا
يُكرهون إماءهم على الزنا ، ويأخذون أُجورهم.)
وكان من المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرَّم
على الإناث.
عيسى عليه السلام والناموس (الشريعة):
كان عيسى يعمل بناموس موسى عليهما السلام ،
وكان اليهود يستفتونه ويختبرونه فى الناموس ، بل كان يُعلِّم أتباع موسى عليه
السلام الناموس داخل معبدهم ، فقد كان هو الذى يقوم بتدريس التوراة لليهود كافة من
رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين إلى عامة الشعب. فمن المستحيل أن يأتى بدين جديد
، ثم يذهب إلى أماكن العبادة الخاصة بأتباع دين آخر لينشر دعوته هناك.
ألم يأمر من سأله عما يفعل ليرث الخلود فى
الجنَّةU بالإلتزام بالناموس قائلاً:
(34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا
أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ
مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ
هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ
إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ.
38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا:
تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ
النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40
وها هو هنا يشتمU
الكتبة والفريسيين ويتهمهم بالنفاق والرياء دفاعاً عن الناموس:
(23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ
وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ
وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ
تَتْرُكُوا تِلْكَ.) متى 23: 23
وكان يُعلِّم جميع الشعب اليهودىU
الشريعة والناموس ، إذ لا يُعقل أن يأتى صاحب ديانة أخرى ويدرسها فى مكان العبادة
الخاصة بطائفة أخرى غير طائفته:
(2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي
الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ
إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً.
وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ
الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي
النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟»
6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ
عَلَيْهِ.) يوحنا 8: 2-6
ولم يجدوا ما يتهمونه به ، إذاً فقد كان حافظاً
للناموس متبعاً له.
وكذلك التزمت أمه مريم البتول بالناموس:U
(22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا
حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ
لِلرَّبِّ 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ
فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. 24وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً
كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.) لوقا
2: 22-24
وأمر من أتى ليجربه أنU
يتبع ما هو مكتوب فى الناموس:
(25وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ
قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»
26فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟»
27فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ
نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ
نَفْسِكَ». 28فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا».)
لوقا 10: 25-28
وأمر الرجل الأبرص أن يتطهَّر على شريعةU
موسى:
(12وَكَانَ فِي إِحْدَى الْمُدُنِ. فَإِذَا
رَجُلٌ مَمْلُوءٌ بَرَصاً. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَطَلَبَ
إِلَيْهِ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي».
13فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ ذَهَبَ
عَنْهُ الْبَرَصُ. 14فَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ «امْضِ وَأَرِ
نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ مُوسَى شَهَادَةً
لَهُمْ») لوقا 5: 12-14
وأكد صراحة أنه لم يأت إلا متبعاً للناموس:U
(17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ
النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.
18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ
لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى
يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى
وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.
وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
يقول كتاب التفسير الحديث للكتاب المقدس (إنجيل
متى) بقلم ر. ت. فرانس (صفحة 117): إن معنى كلمة plerosia
(يكمل) الناموس أى (أنجز أو حقق أو أطاع أو أظهر المعنى الكامل للناموس. ومعنى ذلك
أن عيسى عليه السلام لم يأت بتشريع جديد ، وأنه جاء مفسراً للناموس ، شارحاً له ،
متبعاً تعاليمه ، مطيعاً لها.
وقال يعقوب رئيس الحواريين من بعده:U
(10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ،
وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ
الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ
وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
كذلك لفظ معلم الذى كان ينادى به ، وطالبU
أتباعه أن يُنادوه به فهو نفس اللفظ الذى اتخذه أبناء هارون بنى لاوى ، الذين
كانوا مخصصين لتدريس الدين ولشرح العقيدة فى المعبد. فهو إذن كان ملتزم بالناموس
والشريعة لأنه كان شارحاً لها: (8وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي
لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ. 9وَلاَ
تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ. 10وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ
الْمَسِيحُ.) متى 23: 8-10
كذلك قميصه غير المخاط المذكور عند يوحنا لم
يكن يلبسه إلا الكهنةU اللاويّون الذين كانوا يدرسون الشريعة والناموس فى المعبد:
(23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا
قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ
لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ
بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ.) يوحنا 19: 23
وكذلك مناداة مريم له بكلمة (ربونى) ، فلم يأخذ
هذا الإسم إلاU اللاويون:
(16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!»
فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا
مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 16
بل لعن من لا يفهم الناموس:U
(49وَلَكِنَّ هَذَا الشَّعْبَ الَّذِي لاَ
يَفْهَمُ النَّامُوسَ هُوَ مَلْعُونٌ».) يوحنا 7: 49
ألم يسأله أحدU
الناس أن يُقسِّم الميراث بينه وبين أخيه (تبعاً للشريعة الموسوية)؟
ألمU يطالبه اليهود برجم المرأة (تبعاً للشريعة
الموسوية) التى ادعوا عليها الزنى؟
ألم يحتفل عيسى عليه السلام بعيد الفصح (تبعاً
للشريعةU الموسوية)؟
ملاك الرب يسب امرأةويسميها (الشرّ):
(وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ
الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ
وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
من البديهى أن ملاك الرب لا يتحرك بدافع من
نفسه ، بل هو رسول من عند الله ، ينفذ رغبة الله ، ويبلغ رسالته. فتُرى مَن الذى
أرسل ملاك الرب ليصف المرأة بالشر نفسه؟ وهل بعد ذلك تبقى للمرأة كرامة إذا كان رب
العزِّة سبها ووصفها بالشر نفسه؟ وماذا تنتظر من عباد الله المؤمنين أن يكون
موقفهم حيال المرأة التى وصفها الرب وملاكه بالشر ، كما وصفها الكتاب من بعد أنه
سبب الخطية ، وسبب خروج البشر من الجنة ، وسبب شقاء البشرية جمعاء ، وحليف الشيطان
الأول ضد البشرية ، وسبب قتل الإله؟
(كما خدعت الحيَّةُ حواءَ بمكرها) كورنثوس
الثانية 11: 3
(وآدم لم يُغْوَ لكنَّ المرأة أُغوِيَت فحصلت
فى التعدى) تيموثاوس الأولى 2: 14
(بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ
إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى
جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
(18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ
الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ) رومية 5: 18
(وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا)
هكذا يعذِّب الرب المرأة ، فقط لأنها أنثى! يا لها من دعوة لاحترام المرأة ،
ودورها فى الحياة!
الكتاب المقدس يفرض على المرأة أن تتزوج أخى
زوجها إذا مات زوجها وتُكتب الأولاد باسم أخى زوجها:
(5«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعاً وَمَاتَ
وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلا تَصِرِ امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى خَارِجٍ
لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا
لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 6وَالبِكْرُ الذِي
تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ المَيِّتِ لِئَلا يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ
إِسْرَائِيل. 7«وَإِنْ لمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَ امْرَأَةَ أَخِيهِ
تَصْعَدُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلى البَابِ إِلى الشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى
أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ اسْماً فِي إِسْرَائِيل. لمْ يَشَأْ أَنْ
يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 8فَيَدْعُوهُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ
وَيَتَكَلمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَال: لا أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا
9تَتَقَدَّمُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِليْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّيُوخِ وَتَخْلعُ
نَعْلهُ مِنْ رِجْلِهِ وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ وَتَقُولُ: هَكَذَا يُفْعَلُ
بِالرَّجُلِ الذِي لا يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ. 10فَيُدْعَى اسْمُهُ فِي
إِسْرَائِيل «بَيْتَ مَخْلُوعِ النَّعْلِ».) (تثنية 25: 5-10)
وبسبب كل هذه النصوص ، وهذا الفهم الخاطىء،
اعتبروا المرأة مسئولة عن هذا كله، فلولا المرأة ماخرج آدم من الجنة ، فقرروا:
أن الزواج دنس يجبç
الابتعاد عنه
وأن الأعزب أكرم عند الله من المتزوجç
وأن السمو فى علاقةç
الإنسان بربه لا يتحقق إلا بالبعد عن الزواج.
وأن الحمل والولادة ، والشهوة ،ç
واشتياق الرجل لإمرأته ، واشتياق المرأة لزوجها من الآثام، التى جلبت على المرأة
الويل والعار على مدى التاريخ كله ، وهى عقوبة الرب لحواء على خطيئتها الأزلية.
وأعلنوا أنها باب الشيطان.ç
لذلك سأهتم هنا بذكر ما يتعلق بالجنس والمرأة
والزواج بين آباء الكنيسة ومفكرى الغرب المتأثرين بتعاليم الكتاب المقدس والكنيسة:
فبالنسبة للجسد:
كان الجسد شراً ، فقد كان القديس امبروز (أسقف
ميلانو فى القرن الرابع) يعظ فى أمر الروح كنقيض للجسد الذى هو شر. ولقد كانت تلك
الفكرة مصدر إلهام لتلميذه الكبير القديس أوغسطين ، الذى أصبح فيما بعد أسقفاً
لمدينة هبو فى شمال أفريقيا. فلقد كتب امبروز يقول: (فكر فى الروح بعد أن تكون قد
تحررت من الجسد ، ونبذت الانغماس فى الشهوات ومتع اللذات الجسدية ، وتخلصت من
اهتمامها بهذه الحياة الدنيوية).
فالنسبة لأمبروز كان الجسد مجرد خرقة بالية
ملطخة بالأقذار ، تُطرَح جانباً عندما يتحد الانسان بالله الروحانى بالكلية. لقد
كان أوغسطين يردد هذه الفكرة باستمرار ، فكم صلى قائلاً: (آه! خذ منى هذا الجسد ،
وعندئذ أبارك الرب).
وفى سير حياة القديسين المسيحيين الكبار نجد
مثل هذا الارتياب فى الجسد. لقد اعتاد فرانسيس الأسيزى أن ينادى جسده قائلاً: (أخى
الحمار)! كما لو كان الجسد مجرد بهيمة غبية شهوانية ، تستخدم لحمل الأثقال ،
وكثيرا ما كان القديسون يتعهدون أجسادهم باعتداء يومى من أجل إماتتها بالتعذيب
الذاتى بطرق تقشعر من هولها
الأبدان. (تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة ص
225)
ومن الرهبان من قضى حياته عارياً ، ومنهم من
كان يمشى على يديه ورجليه كالأنعام ، ومنهم من كان يعتبر طهارة الجسم منافية
لطهارة الروح. وكان أتقى الرهبان عندهم أكثرهم نجاسة وقذارة. حتى أن أحدهم يتباهى
بأنه لم يقترف إثم غسل الرجلين طول عمره. وآخر يقسم أن الماء لم يمس وجهه ولا يديه
ولا رجليه مدى خمسين عاماً ، وكان الكثير منهم لا يسكنون إلا فى المقابر والآبار
المنزوحة والمغارات والكهوف.
وقد روى بعض المؤرخين من ذلك العجائب:
فذكروا أن الراهب (مكاريوس) نام فى مستنقع آسن
ستة أشهر ، ليعرض جسمه للدغ البعوض والذباب والحشرات ، وكان يحمل دائماً قنطاراً
من الحديد.
وكان آخر يحمل قنطارين من الحديد ، وهو مقيم فى
بئر مهجورة مدة ثلاثة أعوام قائماً على رجل واحدة ، فإذا أنهكه التعب أسند ظهره
إلى صخرة. (نقلاً عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية والتبشير صفحة 71-72)
لا بد أن تتخلص المرأة فى المسيحية من أنوثتها
ليتم خلاصها فى الآخرة:
يقول اللواء أحمد عبد الوهاب: (على الرغم من أن
الكنيسة فى الغرب قد لا تسمح لعذاراها بالقيام بأعمال الرجال ، فقد كان اللاهوتيون
واضحين فى أن العذراء البتول قد أصبحت رجلاً شرفياً. لقد كتب جيروم يقول:
"بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال ، فهى تختلف عن الرجل ، كما يختلف
الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم ، فعندئذ
سوف تكف عن أن تكون امرأة ، وستسمى رجلاً" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى
أهل أفسس)
وقد قرأنا أيضاً ما قاله القديس امبروز (أسقف
ميلانو فى القرن الرابع) فهو يعتبر أن (الروح نقيض للجسد) وأن (الجسد شر).
ويطالب امبروز بالتخلص من الجسد لسمو الروح:
(فكر فى الروح بعد أن تكون قد تحررت من الجسد).
الأمر الذى جعلهم يتخلصون من المرأة ، لأنها
الجسد الشرير ، ومصدر متاعب الحياة وغضب الرب: لذلك "تشكل مجلس اجتماعى فى
بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء ، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن ، وقد أحرق
الألاف منهن أحياء ، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية "
ولذلك: (ظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى
العام ـ حتى منتصف القرن التاسع عشر تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص"
أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم
يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى
الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
ولذلك: (نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة
الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ،
ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى
ص 46)
ولذلك: كان شائعاً فى بريطانيا حتى نهاية القرن
العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض
عضال"
ولذلك: (إن القانون الإنجليزى عام 1801 م وحتى
عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة)
لذلك: أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى
براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
لذلك: قال شوبنهاور (المرأة حيوان ، يجب أن
يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه)
لذلك قال لوثر: (المرأة كمسمار يُدَّق فى
الحائط)
لذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار
، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
لذلك قال الفيلسوف نتشه: (إنها ليست أهلاً
للصداقة ، فما هى إلا هرَّة ، وقد تكون عصفوراً ، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب
المرأة عنده مكمن الشر ، وهى لغز يصعب حله ، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا
ذهب إلى النساء).
لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء ، أو حتى ماتت
، فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن
فى عملية الولادة ، فلقد خلقن من أجل ذلك)
(تعدد نساء الأنبياء ص 235)
لذلك قال جيروم ممتهنا المرأة وحقوقها: (إذا
امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا ، أما إذا لم نمتنع: حسناً فما هو
نقيض التكريم سوى الإهانة)
ومن عجب العجاب أن تسمع لليوم عن رجال فى
أمريكا وفرنسا يقومون بتبادل الزوجات ، كما لو كانت المرأة عندهم من الدواب!
وبالنسبة للجنس:
تقول الكاتبة كارين أرمسترونج: (فى القرن
الثالث عشر الميلادى قال الفيلسوف اللاهوتى القديس توما الاكوينى ، الذى ساد الفكر
الكاثوليكى حتى عهد قريب ، أن الجنس كان دائماً شراً .. .. وعلى أى حال ، فإن هذا
الموقف السلبى لم يكن محصوراً فى الكاثوليك ، فلقد كان لوثر وكالفين متأثرين إلى
أقصى حد بآراء أوغسطين ، وحملا مواقفه السلبية تجاه الجنس والزواج إلى قلب حركة
الإصلاح الدينى مباشرة. لقد كره لوثر الجنس بشكل خاص ، على الرغم من أنه قد تزوج
ومحا البتولية فى حركته المسيحية. لقد كان يرى أن كل ما يستطيع الزواج عمله هو أن
يقدم علاجاً متواضعاً لشهوة الانسان التى لا يمكن السيطرة عليها. فكم صرخ قائلاً:
(كم هو شىء مرعب وأحمق تلك الخطيئة! إن الشهوة هى الشىء الوحيد الذى لا يمكن شفاؤه
بأى دواء ، ولو كان حتى الزواج الذى رُسِمِ لنا خصيصاً من أجل هذه النقيصة التى
تكمن فى طبيعتنا.) (تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة ص 226)
(لقد سلم أوغسطين [القرن الرابع الميلادى] إلى
الغرب تراث الخوف من الخطيئة ، كقوة لا يمكن السيطرة عليها ، فهناك فى لب كل تشكيل
للعقيدة ، توجد المرأة حواء ، سبب كل هذه التعاسة ، وكل هذا الثقل من الذنب والشر
، وكل الانغماس البشرى فى الخطيئة. لقد ارتبطت الخطيئة والجنس والمرأة معاً فى
ثالوث غير مقدس. فبالنسبة لذكر متبتل مثل أوغسطين ، لا يمكن فصل هذه العناصر
الثلاثة. وفى الغرب بقيت المرأة هى حواء إلى الأبد ، هى إغراء الرجل إلى قدره
المشئوم. بل إن إنجاب الأولاد الذى تعتبره ثقافات أخرى فخر المرأة الرئيسى وينبوع
القدرات التى تمتلكها ، نجده فى المسيحية قد غلفه الشر باعتباره الوسيلة التى
تنتقل بها الخطيئة)
(ويقول القديس جيروم: (إذا امتنعنا عن الاتصال
الجنسى ، فإننا نكرم زوجاتنا. أما إذا لم نمتنع: حسناً! فما هو نقيض التكريم سوى
الإهانة)
وتواصل الراهبة كارين أرمسترونج: (إن المسيحية
خلقت أتعس جو جنسى فى أوروبا وأمريكا بدرجة قد تصيب بالدهشة كلا من يسوع والقديس
بولس. ومن الواضح كيف كان لهذا تأثيره على النساء. فبالنسبة لأوغسطين الذى كان
يناضل من أجل البتولية ، كانت النساء تعنى مجرد اغراء يريد أن يوقعه فى شرك ،
بعيداً عن الأمان والإماتة المقدسة لشهوته الجنسية. أما كون العصاب الجنسى
للمسيحية قد أثر بعمق فى وضع النساء ، فهذا ما يُرى بوضوح من حقيقة أن النساء
اللاتى التحقن بالجماعات الهرطيقية المعادية للجنس ، وصرن بتولات ، قد تمتعن
بمكانة واحترام كان من المستحيل أن يحظين بهما فى ظل المسيحية التقليدية)
(لقد كانت المسيحية مشغولة طيلة مئات السنين
بجعل النساء يخجلن من أمورهن الجنسية ، ولقد عرفت النساء جيداً كما قال أوغسطين
ولوثر قبل عدة قرون ، أن تشريع الزواج كان مجرد دواء ضعيف المفعول لمعالجة شرور
الجنس)
(لقد كان يُنظر إلى جسد المرأة باشمئزاز على
نحو خاص ، كما كان مصدر إرباك لآباء الكنيسة أن يسوع ولد من امرأة. فكم ضغطوا بشدة
فى موعظة تلو موعظة ، وفى رسالة تلو رسالة على أن مريم بقيت عذراء ، ليس فقط قبل
ميلاد المسيح بل وبعده أيضاً ....)
لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن
معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
لقد كانت الأحشاء الخفية للمرأة ، والتى تتسم
بالقذارة ، مع رحمها الذى لا يشبع ، موضع استقذار وفحش بشكل خاص. وكان الآباء راغبين
فى التأكيد على أن يسوع لم يكن له إلا أقل القليل من الاتصال بذلك الجسد البغيض)
(ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر:
أن كل النساء بلا استثناء مومسات ، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
وقال الراهب البنديكتى برنار دى موريكس دون
مواربة فى أشعاره: إنه لا توجد امرأة طيبة على وجه الأرض)
وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (أنه
نظراً لأن المرأة لا تشبع جنسيا ، فإنها غالبا ما تصطاد بائساً حقيراً لينام معها
فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان
على الأزواج أن يربوا أطفالاً ليسوا أولادهم)
وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان
إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل)
اغتيال شخصية المرأة:
فقد عانت المرأة الويلات من جراء أقوال بولس
هذه وغيرها لمدة قرون من الزمان، فقد اعتبر رجال هذا الدين المنسوب للمسيح
"أن المرأة دنس يجب الإبتعاد عنه، وأن جمالها سلاح إبليس.
وحرص آباء الكنيسة على التوكيد على أن المرأة
مصدر الخطيئة والشر فى هذا العالم، ومن ثم يجب قهرها إلى أقصى حد واستهلاكها نفسيا
تحت وطأة الشعور بالخزى والعار من طبيعتها وكيانها البشرى.
وهذا الإعتقاد تسرب إلى النصرانية من بين
معتقدات وعادات كثيرة انتقلت إليها من الديانات الوثنية القديمة، التى كانت تعتبر
المرأة تجسيداً للأرواح الخبيثة، والتى كانت متفقة على تحقير النساء وإذلالهن، بل
وإبادتهن بأفظع الطرق والوسائل الوحشية، ومن بينها إلزام المرأة التى يموت زوجها
أن تحرق نفسها بعد موته وإحراق جثته مباشرة "
يقول كارل هاينتس ديشنر فى كتابه (الصليب ذو
الكنيسة ـ قصة الحياة الجنسية للمسيحية) فى الفصل التاسع عشر ص 230:
(قال سيمون دى بوفوارSimone de Beauvoir : لقد أسهمت العقيدة النصرانية فى اضطهاد المرأة ولم تقم بدور
بسيط فى هذا)
كما قال ماركوس Marcuse :
(إن فكرة أن تكون المرأة حاملة للخطيئة الأزلية ، والتى تتعلق بها عقائد الديانة
النصرانية تعلقاً لا تكاد تنفك منه أبداً ، هى التى أثرت أسوأ تأثيراً على الناحية
الإجتماعية والقانونية للمرأة)
وقال دينس ديديروت Denis Diderot:
(إن فى كل عادات وتقاليد الحياة اتحد بطش القانون الشعبى مع بطش الطبيعة ضد المرأة
، فقد عوملت المرأة فى ظل هذه القوانين ككائن فقد عقله)
لقد صنع تاريخ المرأة رجال كانوا يتخذون المرأة
عدوا لهم منذ العصور الأولى للبابوية. وكان الرجل يعتبرها فى العصور المنصرمة
للإمبراطورية الرومانية كأحد مواشيه ، وله أن يتصرف فيها بالبيع أو القتل إن شاء.
ولو قتل ابنة رجل آخر أسلم لهم ابنته فيقتلونها أو يبيعونها أو يتملكونها فلهم
الحرية فى ذلك.
وقد ساد الرجل المرأة فى عصر الجيرمان ،
وسُمِحَ له أن يؤدب زوجته بالضرب كما سُمِحَ له بقتل زوجته إذا خانته دون وقوع
أدنى عقوبة عليه.
كما كانت مخلوق ثانوى وشريكة للشيطان فى
الخطيئة الأزلية، وهذا يجعلها تأتى دائما فى المرتبة الثانية بعد الرجل حتى على
المستوى الكنسى.
فأهل الكتاب يرون أن المرأة هى ينبوع المعاصى ،
وأصل السيئة والفجور ، ويرى أن المرأة للرجل باب من أبواب جهنم من حيث هى مصدر
تحركه وحمله على الآثام ، ومنها انبجست عيون المصائب على الإنسانية جمعاء.
لذلك اغتنموا كل فرصة تتعلق بالمرأة لبث روح
الاحباط فيها ، ولو كانت تتعلق بزى ترتديه. فقد متب ترتليان فى القرن الثالث رسالة
تعالج زى المرأة ، قال فيها: (لقد كان حريا بها [بالمرأة] أن تخرج فى زى حقير ،
وتسير مثل حواء ، ترثى لحالها ، نادمة على ما كان ، حتى يكون زيها الذى يتسم
بالحزن ، مكفراً عما ورثته من حواء: العار ، وأقصد بذلك الخطيئة الأولى ، ثم الخزى
من الهلاك الأبدى للانسانية. فلقد قال الرب للمرأة: («تَكْثِيراً أُكَثِّرُ
أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ
اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16 ألستن تعلمن أن كل واحدة
منكن هى حواء؟)
لذلك قال القديس برنارد الذى فعل كل ما استطاع
لنشر عبادة العذراء فى الكنيسة عن أخته بعد زيارتها إياه فى الدير الذى يقيم فيه
مرتدية زياً جديداً: (مومس قذرة ، وكتلة من الروث)
مجمع باكون
وفى القرن الخامس الميلادى اجتمع مجمع باكون
وكانوا يتباحثون: (هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص
والهلاك؟) وقرر أن المرأة خالية من الروح الناجية ، التى تنجيها من جهنم ، وليس
هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام:
كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس ، يجب
الأبتعاد عنه ، وأنه لاروح لها ولا خلود ، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل عبادتها
، ولاتدخل الجنة ، والملكوت ، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم فمها
كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان
".
رائحة مركز البابا تزكم الأنوف:
يقول الدكتور لويس عوض فى كتابه "ثورة
الفكر": (كانت الفضائح فى روما ، مركز البابوية ، تزكم الأنوف. فالأصل فى
العقيدة الكاثوليكية أن رجال الدين لا يتزوجون ، وأن الرهبان ومنهم الكرادلة
والباباوات ، ينذرون لله ثلاثة نذور يوم يدخلون باب الدير: نذر العفة ، ونذر الفقر
، ونذر الطاعة. وها نحن نرى البابا اسكندر السادس (1431 - 1503) جهاراً نهاراً، له
ثلاثة أولاد غير شرعيين هم: سيزار بورجيا دوق أوربينو (1475 - 1507)، ولوكريس
بورجيا (1480 - 1519)، ودون كانديا.
وكانت خلافة البابا اينوتشنتو الثامن (الذى
اعتلى الكرسى البابوى من 1484 إلى 1492) فاقعة الفساد ، كولاية خلفه زير النساء
البابا اسكندر السادس. فقد اشتهر اينوتشنتو الثامن بأنه كان رجل المحسوبية وخراب
الذمة ، كما أنه كان أول بابا يعترف علناً بأبنائه غير الشرعيين ، وكان دأبه توسيع
أملاك أسرته.)
ناهيك عن بيع صكوك الغفران ، وإرهاب مخالفيهم
بقرارات الحرمان ، وكذلك كان رجال الدين من رأس الكنيسة إلى أصغر كاهن يكنزون
المال ويقتنون الضياع. فلقد كانت ممارسات رجال الإكليروس للتسرى مشاهدة فى كل مكان
، باعتباره شرعاً مقبولاً ، كما كان يُتغاضى عن الشذوذ الجنسى ، دون أدنى مبالاة.)
لماذا خلق الله المرأة؟
يقول أوغسطين: (إذا كان ما احتاجه آدم هو العشرة
الطيبة ، فلقد كان من الأفضل كثيراً أن يتم تدبير ذلك برجلين يعيشان معاً كصديقين
، بدلاً من رجل وامرأة)
وقد كان توما الأكوينى متحيراً تماماً مثل سلفه
أوغسطين فى سبب خلق الله للمرأة، فكتب يقول: فبما يختص بطبيعة الفرد ، فإن المرأة
مخلوق معيب وجدير بالإزدراء ، ذلك أن القوة الفعَّالة فى منى الذكر تنزع إلى انتاج
مماثلة كاملة فى الجنس الذكرى ، بينما تتولد المرأة عن معيب تلك القوة الفعَّالة ،
أو حدوث توعك جسدى ، أو حتى نتيجة لمؤثر خارجى.)
(إن القول بأن طبيعة الفرد فى النساء معيبة ،
إنما هى فكرة التقطها من آراء أرسطو فى علم الأحياء. فالذكر هو الأنموذج أو
المعيار ، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
وهانت عليهم المرأة فكتب لوثر يقول: (إذا تعبت
النساء ، أو حتى ماتت ، فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن فى عملية الولادة ، فلقد خلقن
من أجل ذلك)
هل المرأة إنسان ولها روح مثل الرجل؟
(وفى فرنسا عقد الفرنسيون فى عام 586 م ـ أى فى
زمن شباب النبى محمد صلى الله عليه وسلم ـ مؤتمراً (مجمع باسون) لبحث: هل تُعد
المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل
هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانياً ، فهل هى على مستوى روح
الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً: قرروا أنها إنسان ، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل
فحسب.)
المرأة فاقدة الأهلية:
(ونص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة
الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ،
ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.)
وبالتالى لم يكن لها الحق فى امتلاك العقارات
أو المنقولات ، ولم يكن لها الحق فى أن تفتح حساباً فى البنك باسمها ، وبعد أن
سمحوا أن يكون لها حساب ، لم يكن لها الحق أن تسحب منه ، فعلى زوجها أن يأتى ليسحب
لها نقودا من حسابها ، الأمر الذى لا يتم إلا مع الأولاد القُصَّر والمجانين.
بيع الزوجة أو إعارتها عملاً مشروعاً:
وفى بريطانيا كان شائعاً حتى نهاية القرن
العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض
عضال"
هل تعرفون أن الفلاح يأبى أن يُعير بقرته للفلاح
زميله؟ فما بالكم بمن يُعير زوجته لآخر؟ فهل هانت المرأة عندهم لدرجة أنهم أنزلوها
منزلة أقل من الحيوان؟ وهل كان يقصد القانون أن يُحوِّل الرجل إلى ديُّوث والمرأة
إلى عاهرة؟ وهل هذا قانون احترم المرأة؟ هل هذا قانون ميَّزَ المرأة على الحيوان
أو الجماد؟ فأى حياة هذه التى يطالب بها القانون مجتمعه؟ وأية محبة وجدتها الكنيسة
فى هذا القانون؟
صب الزيت المغلى على النساء عملاً مشروعاً
للتسلية:
"وفى عام 1500 تشكل مجلس اجتماعى فى
بريطانيا لتعذيب النساء ، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن ، وقد أحرق الألاف منهن
أحياء ، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية "
لا تعليق غير سؤال أطرحه للتفكير: تُرى كيف كان
وضع هذه المرأة التى يتسلى الرجال بسكب الزيت المغلى على أجسادهن؟
يُحرَّم على المرأة قراءة الكتاب المقدس:
(وأصدر البرلمان الإنجليزى قراراً فى عصر هنرى
الثامن ملك إنجلترا يُحظِّر على المرأة أن تقرأ كتاب "العهد الجديد" أى
الإنجيل ، لأنها تعتبر نجسة.)
فإذا كانت المرأة نجسة نصف عمرها بسبب فترات
الحيض ، وبعد الطمث لمدة سبعة أيام أخرى ، وحرَّموا عليها مسك الكتاب المقدس
والقراءة فيه ، فما بال الرب (يسوع) كان يدخل الخلاء ، ويتبول ويتبرز ، كما كان من
قبل يتبول ويتبرز فى ملابسه ، أيام طفولته المبكرة؟ فهل كانت المرأة أكثر نجاسة من
البول والبراز؟
ليس للمرأة حق المواطنة:
(وظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى العام ـ
حتى منتصف القرن الماضى تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو
"المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم
يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى
الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
وفى عام 1567 م صدر قرار من البرلمان
الاسكوتلاندى بأن المرأة لا يجوز أن تُمنَح أى سلطة على أى شىء من الأشياء.
ثمن الزوجة نصف شلن:
بل إن القانون الإنجليزى حتى عام 1805 م كان
يبيح للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات (نصف شلن). وقد حدث أن
باع إنجليزى زوجته عام 1931 م بخمسمائة جنيه ، وقال محاميه فى الدفاع عنه: (إن
القانون الإنجليزى عام 1801 م يحدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع
بموافقة الزوجة) ، فأجابت المحكمة بأن هذا القانون قد أُلغِىَ عام 1805 م بقانون
يمنع بيع الزوجات أو التنازل عنهن ، وبعد المداولة حكمت المحكمة على بائع زوجته
بالسجن عشرة سنوات.)
(وجاء فى مجلة "حضارة الإسلام" السنة الثانية صفحة 1078: حدث
العام الماضى أن باع إيطالى زوجته لآخر على أقساط ، فلما امتنع المشترى عن سداد
الأقساط الأخيرة قتله الزوج البائع.)
طائفة من أقوال آباء الكنيسة وأدبائهم:
أفضِّلE الإجتماع بالشيطان على الإجتماع بالمرأة
المرأة باب جهنم ، وطريق الفسادE
وإبرة العقرب ، وحليفة الشيطان
وأعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فىE
براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
ومن أقوالE
فلاسفة أوربا ومشاهيرها فى عصر ما بعد النهضة
(إذا رأيتم امرأة ، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا
بشرياً ، بل ولاكائناً وحشياً وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه
هو صفير الثعبان) (من
وصايات سان بول فانتير - لتلاميذه)
(المرأة خلقت لكى تخضع للرجل ، بل لكى تتحمل
ظلمه) (أعترافاتE جان جاك روسو)
(المرأة حيوان ، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه
ويسجنه)E (شوبنهاور)
(لايوجد رجل فكر فى المرأة ثم احترمها ، فهو
إما أن يحتقرهاE وإما أنه لم يفكر فيها بصورة جدية) (أوتو فيننجر)
(الرجل يمكن أن يتصورE
نفسه بدون المرأة - أما المرأة فإنها لاتتصور نفسها بدون رجل) جوليان بندا
E (المرأة آلة للإبتسام . تمثال حى للغباء) (الأديب الفرنسى -
لامنيه)
E (المرأة كائن نسبى) (المؤرخ ميشليه)
(وكانوا يُعدُّون اختطاف الأطفالE
لتربيتهم على الرهبنة من القربات. وكانوا يفرون من النساء ولو كانوا أقاربهم
لاعتقادهم أن مجرد النظر إلى المرأة مُحبِط للأعمال.)- نقلاً عن معاول الهدم
والتدمير فى النصرانية وفى التبشير إبراهيم سليمان الجبهان ص 72-75]
(يجبE على المرأة أن تغطى شعرها لأنها ليست صورة
الله) أمبروزيوس القرن الرابع الميلادى (ديشنر صفحة 379)
مشوهة لصورة الرجل
وقد قال تروتوليان –
أحد أقطاب المسيحية الأولى وأئمتها يبين للبشرية نظرة المسيحية فى المرأة: (إنها مدخل
الشيطان الى نفس الإنسان، وإنها دافعة الى الشجرة الممنوعة ناقضة لقانون الله
ومشوهة لصورة الله – أي الرجل -) مستندا
إلى قول الكتاب المقدس (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ
لَكِنَّ الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا
سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ
وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
ويقول الكتاب المقدس على لسان موسى أنه بسبب
خيانتهن للرب حلَّ الوباء على الجماعة: (وَقَال لهُمْ مُوسَى: «هَل أَبْقَيْتُمْ
كُل أُنْثَى حَيَّةً؟ إِنَّ هَؤُلاءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كَلامِ
بَلعَامَ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ فَكَانَ الوَبَأُ فِي
جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) سفر العدد 31 :15-18
وقال سوستام الذي يعد من كبار أولياء الديانة
المسيحية في شأن المرأة: (هي شر لا بد منه ، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر
على الأسرة والبيت ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) مستندا إلى قول الرب الذى
أرسل ملاكه ليقول عنها إنها الشر بعينه: (7وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ.
وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ
الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى
فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
انظروا لقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه
المكنون ، الذى لا يأتيه الباطل ، يعلن للعالم أجمع حرية المرأة وإنسانيتها ويرد
لها كرامتها ، وأنها للرجل سكناً ومودةً ورحمة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ
لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم:21
فإذا كان الكتاب المقدس بجزئيه جعل المرأة
سبباً فى خطيئة آدم، وسبب فى خروجها من الجنة للعمل والشقاء، حتى إنجابها للأولاد
جعله تكفيراً عن هذه الخطيئة، فماذا تنتظر من أتباع هذا الدين أن يُحسنوا به
إليها؟
حفظ الإسلام حقوق المرأة:
رأى الإسلام فى الأنثى وولادتها:
لم يكرم دين أو كتاب سماوى أو قانون وضعى
المرأة كما كرمها الإسلام. فمن وقت أن
أعلن الرب لملائكته أنه سيخلق فى الأرض بشراً ، جعلها خليفة لله ممثلة له على
الأرض وشريكة للرجل فى استخلافها. لذلك رفع عنها الأغلال التى وضعتها الكتب الأخرى
فى عنقها ، وكرمها إذ سفهها الناس وأصحاب الأديان الأخرى ، ورفعها إذ وضعها الناس
والفلاسفة النصارى واليهود ، فكرمها بنتاً وأماً وزوجة وأختاً. ولك أن تتخيل أن
الله جعل هدف كل العبَّاد والنسَّاك والزهَّاد تحت أقدام امرأة: فقد ربط الجنة
بأسفل أقدام الأم ، امرأة.
وزاد فى تكريمها فجعل الدنيا مؤنثة ، والرجال
يخدمونها ، والذكور يعبِّدونها ، ويعملون من أجلها ، والأرض مؤنثة ، ومنها خلق آدم
، وخلقت البرية ، وفيها كثرت الذرية ، وأُمِروا بتعميرها ، والحفاظ عليها ،
والقتال من أجل خلود شريعة الله عليها، كما أُمِرُوا بالسجود لله عليها ، والسماء
مؤنثة ، وقد زينت بالكواكب، وحُلِّيَت بالنجوم، التى تهدى الرجال فى طريقهم إلى بر
الأمان، والنفس مؤنثة، وهى قوام الأبدان ، وملاك الحيوان ، والحياة مؤنثة ،
ولولاها لم تتصرف الأجسام ، ولا عرف الأنام ، والجنة مؤنثة ، وبها وعد المتقون ،
وفيها ينعم المرسلون والشهداء والصالحون.
انظروا إلى تكريم الله للأب الذى أنجب بنتاً:
وعن عبد الله يعني ابن مسعود قال سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول: (من كانت له ابنة فأدبها وأحسن أدبها وعلمها وأحسن
تعليمها وأوسع عليها من نعم الله التي أوسع عليه كانت له منعة وسترا من النار)
رواه الطبراني
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (من كن له ثلاث بنات فعالهن وآواهن وكفهن وجبت له الجنة قلنا وبنتين قال
وبنتين قلنا وواحدة قال وواحدة) رواه الطبراني في الأوسط (مجمع الزوائد ج: 8 ص:
158)
ولم تشمل هذه الرعاية والعناية بنات الرجل فقط
، بل أكثر من ذلك فقد قرر الله أن الجنة مضير من أدب جاريته وأحسن إليها: (عن أبي
بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له
جارية فعالها فأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران) صحيح البخاري ج: 2 ص:
899
فهذا شرف لم يعطيه الله للأب الذى أنجب ولداً!!
لقد أدخله الله مسابقة الفوز بالجنة! فقط لأنه أب لإبنة! فليفرح وليتفاخر الأب ذو
البنات على الأب ذو البنين!
تقول زيجريد هونكه: (إن الحلى التى يقدمها
الأوروبى لحبيبته أو لزوجة صديقه أو رئيسه ، سواء أكانت ماساً أصلياً أو زجاجاً
مصقولاً ، هى عادة استوردت من الشرق ، ويمارسها الناس كل يوم ، ولا يعرفون لها
مصدراً.)
فى الحقيقة لا يعرف الإسلام التفرقة بين الرجل
والمرأة على أساس أفضلية أحدهم على الآخر، ولكن تبعاً لطبيعة كل منهما أو الواجبات
المُناطة بهما. فقد ساوى الإسلام بينهما فى الإنسانية ، وفى الواجبات ، وفى الحقوق
، بل أولى المرأة اهتماماً ورعاية لم يشملها الكتاب المقدس ولا تاريخ الشعوب
اليهودية أو النصرانية أو حتى الوثنية. ولا أى قانون وضعى أنصف المرأة ورفعها ، بل
جعلها تاجاً على رؤوس الرجال والمجتمع ، كما فعل الإسلام.
فقد جاءت رحمة الله المهداة إلى البشرية جمعاء
، بصفات غيرت وجه التاريخ القبيح ، لتخلق حياة لم تعهدها البشرية في حضاراتها
أبداً .. وبذلك حرر الإسلام المرأة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى: فقد حررها فى كل
الجوانب النفسية والجسدية والعقلية والأمنية والعلمية.
فجاء الإسلام ليقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي
عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف)
وجاء ليقول: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
وجاء ليقول: (فَلا تَعْضُلوهُنَّ)
وجاء ليقول: (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ
قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ)
وجاء ليقول: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)
وجاء ليقول: (وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضيِّقُوا
عَلَيْهِنَّ)
وجاء ليقول: (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
فَرِيضَة)
وجاء ليقول: (وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا
تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ)
وجاء ليقول: (وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا
اكْتَسَبْنَ)
وجاء ليقول: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ
الَّذِي آتَاكُم)
وجاء ليقول: (وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ)
وجاء ليقول: (هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ
لَكُمْ)
وجاء ليقول: (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً)
وجاء ليقول: (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا
النِّسَاءَ كَرْهاً)
وجاء ليقول: (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا
بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُن)
وجاء ليقول: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ
تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)
وجاء الرسول الكريم ليبين لنا مكانة المرأة
فسئل صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك ؟ قال : "عائشة" .. وكان
يؤتى صلى الله عليه وسلم بالهدية ، فيقول: " اذهبوا بها على فلانة ، فإنها
كانت صديقة لخديجة" .
وهو القائل : (استوصوابالنساء خيراً)
وهو القائل : (لا يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها
خلقا رضى منها آخر)
وهو القائل : (إنما النساء شقائق الرجال)
وهو القائل : (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم
لأهلي)
وهو القائل : (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن
بالمعروف)
وهو القائل : (أعظمها أجرا الدينار الذي تنفقه
على أهلك)
وهو القائل : (من سعادة بن آدم المرأة الصالحة)
ومن هديه: (عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول
الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد)
وهو القائل: (وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها
صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك)
ومن مشكاته : (أن امرأة قالت يا رسول الله صل
علي وعلى زوجي فقال صلى الله عليه وسلم صلى الله عليك وعلى زوجك)
وهناك الكثير والكثير من الأدلة والبراهين ،
على إن الإسلام هو المحرر الحقيقي لعبودية
المرأة ، وحتى يُعلم هذا الأمر بصورة أو ضح ، سأبين حفظ حقوق المرأة في
الإسلام وهي جنين في بطن أمها إلى أن تقابل ربها
1- حفظ الإسلام حق المرأة قبل أن تولد ،فجعلها
الله خليفة فى الأرض ، وأشركها فى التكليف مع آدم، فقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ
رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) البقرة 30
- حفظ الإسلام إنسانيتها وساواها بالرجل: فقال
تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات
13
وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق
الرجال)
3- حفظها الإسلام بأن جعلها آية من آياته، التى
تتطلب شكر الله عليها ، فقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ
أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً
وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21
4- حفظها الإسلام بأن جعلها هبة الله للبشرية ،
فقال تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ)
الشورى 49
5- حفظ الإسلام كيانها فى المجتمع بأن اعتبرها
مسئولة عن قيام الفضيلة والقضاء على الرذيلة فى الأرض ، عن طريق الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر ، مثلها مثل الرجل. وبذلك حمَّلها مسئولية الدين والدعوة إليه ،
وجعله أمانة فى عنقها وعنق الرجل:
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ
أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة 71
6- حفظ الإسلام الأنثى وجعل الإعتداء عليها من
السفه بل اعتبره من الآثام وجعل البيت المسلم يبتهج لمقدمها:
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ
وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ
أَيُمْسِكُهُ%كَظِيمٌ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ) النحل 58-59
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ
أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ
افْتِرَاءً عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) الأنعام 140
- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل قتلها قتل للبشر
جميعاً ، وهى تتساوى فى هذا مع الرجل ، فقد قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ
كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ
أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ
أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة 32
8- حفظ الإسلام حق المرأة وهي في بطن أمها ،
فإن طُلقت أمها وهي حامل بها ، أوجب الإسلام على الأب أن ينفق على الأم فترة الحمل
بها (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ
حَمْلَهُن)
9- حفظ الإسلام حق المرأة بحيث لا يُقام على
أمها الحد ، حتى لا تتأثر وهي في بطن أمها (ولما جاءت الغامدية وقالت يا رسول الله
طهرني فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك)
10- حفظ الإسلام حق المرأة راضعة ؛ فلما وضعت
الغامدية ولدها ، وطلبت إقامة الحد قال صلى الله عليه وسلم (اذهبي فأرضعيه حتى
تفطميه)
11- حفظ الإسلام حق المرأة مولودة من حيث
النفقة والكسوة (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ
بِالْمَعْرُوف)
12- حفظ الإسلام حق المرأة في فترة الحضانة
التي تمتد إلى بضع سنين ، وأوجب على الزوج النفقة عليها في هذه الفترة لعموم أدلة
النفقة على الأبناء
13- حفظ الإسلام حق المرأة في الميراث عموماً ،
صغيرة كانت أو كبيرة قال الله تعالي (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ)
14- حفظها الإسلام نفسياً ومعنوياً وإجتماعياً
بأن ساوى بينها وبين الرجل فى أغلب التكاليف:
(وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ
شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ
بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ ا للّهَ لاَ
يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) النساء 36
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي
كَانُوا يَعْمَلُونَ وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن
جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي% مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا
إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا%فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ
تَعْمَلُونَ ) العنكبوت 7-9%الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى %عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ
اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا
وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا
تَفْعَلُونَ)النحل 90-91
(لاَّ تَجْعَل مَعَ اللّهِ إِلَهًا وَقَضَى
رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ%آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً إِلاَّ
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ وَاخْفِضْ لَهُمَا
جَنَاحَ%تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا %الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا رَّبُّكُمْ
أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَ فَإِنَّهُ وَآتِ ذَا
الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ%كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا إِنَّ
الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ%وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا
وَإِمَّا%إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا
تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَ تَرْجُوهَا فَقُل لَّهُمْ
وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ%قَوْلاً مَّيْسُورًا
إِنَّ رَبَّكَ%تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا
يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا
وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ%بَصِيرًا
وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى%وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا
وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي%إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً
حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا
%لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى
%يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ
ذَلِكَ وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ%خَيْرٌ وَأَحْسَنُ
تَأْوِيلاً وَلاَ%السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ
مَسْؤُولاً تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الأَرْضَ وَلَن
تَبْلُغَ % كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا%الْجِبَالَ
طُولاً ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلاَ تَجْعَلْ
مَعَ ) الإسراء%اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا
مَّدْحُورًا 22-40
15- حفظ لإسلام المرأة بأن دافع عنها الله
بنفسه وتوعد الذين يؤذونهن ، وهى تشترك فى ذلك مع الرجل:
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا
وَإِثْمًا مُّبِينًا) الأحزاب 58
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ
عَذَابُ الْحَرِيقِ) البروج 10
16- حفظ الإسلام المرأة بأن أمر رسوله أن
يستغفر الله لها:
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) محمَّد 19
17- حفظ الإسلام أيضاً المشركات بأن منع قتلهن
فى الحروب:
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: (وُجِدَت امرأة
مقتولة فى بعض مغازى النبى صلي الله عليه وسلم فنهى عن قتل النساء والصبيان)
[الشيخان وغيرهما]
18- حفظ الإسلام المرأة وحرَّمَ وأدها صغيرة،
وفرض حسن تربيتها وتعليمها:
قال الله تعالى: (وإذا الموءودة سُئلت بأى ذنب
قتلت)
وقال صلي الله عليه وسلم: (من كانت له أنثى ،
فلم يئدها ، ولم يهنها ، ولم يؤثر ولده عليها ، أدخله الله الجنة)
19- حفظ الإسلام المرأة بأن اعتبرها من
المكونات الأساسية لخيرات الدنيا والآخرة:
قال صلي الله عليه وسلم: (أربع من أعطيهنَّ فقد
أعطى خير الدنيا والآخرة: (قلباً شاكراً ، ولساناً ذاكراً ، وبدناً على البلاء
صابراً ، وزوجة لا تبغيه خوفاً فى نفسها ولا ماله)
20- حفظ الإسلام المرأة بأن جعلها خير ما فى
الدنيا كلها:
قال صلي الله عليه وسلم: (الدنيا متاع ، وخير
متاعها المرأة الصالحة).
21- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل الجنة غاية
حياة كل مؤمن تحت أقدامها ، فأى شرف هذا الذى نالته المرأة فى الإسلام؟ وقال صلي الله عليه وسلم: (الجنة تحت
أقدام الأمهات)
فقد روى أن رجلاً جاء إلى النبى صلي الله عليه
وسلم فسأله النبى: (هل لك من أم)؟ قال: نعم. فقال صلي الله عليه وسلم: (الزمها ،
فإن الجنة تحت رجلها).
22- حفظ الإسلام المرأة بأن نزع عنها لعنة
الخطيئة الأبدية التى وصمتها بها الأديان السابقة ، واعتبرها وزوجها قد أذنبا ثم
منحهما التوبة والغفران ، فقال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا
فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) البقرة 36 ، وقال: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا
الشَّيْطَانُ) الأعراف 20
وعندما أدان شخصاً بمفرده ، أدان آدم فقط ،
فقال تعالىفَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى
شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) طه 120
23- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل لها نصيباً فى
الميراث ، بعد أن كات جزءاً منه فقال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) النساء 7
(يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَا نَ
لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ
الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ
يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما
حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ
وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن
لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا
تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ
يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ
مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي
الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ
وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) النساء 11-12
24- حفظ الإسلام المرأة بأن وهبها جميع حقوقها
المدنية: فلها الحق فى عقد العقود من بيع وشراء وإجازة وشركة وقرض ورهن وهبة.
25- حفظ الإسلام المرأة بأن أزال عنها القصر
الدائم ، فأقر أهليتها الكاملة ، مانحاً إياها حق الولاية على مالها وشئونها.
26- حفظ الإسلام المرأة بأن ذكرها الله تعالى
فقط عندما تكلم عن العمل الصالح فقال تعالى بالعموم: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا
يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا) ، أما فى الخير فقد جاء بالذكر والأنثى(وَمَنْ عَمِلَ
صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر 40
27- حفظ الإسلام حق المرأة في اختيار الزوج
المناسب ، ولها أحقية القبول أو الرد إذا كانت ثيباً لقوله عليه الصلاة والسلام
(لا تنكح الأيم حتى تستأمر)
28- حفظ الإسلام حق المرأة إذا كانت بكراً فلا
تزوج إلا بإذنها لقوله عليه الصلاة والسلام (ولا تنكح البكر حتى تستأذن)
29- حفظ الإسلام حق المرأة في صداقها ، وأوجب
لها المهر (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
فَرِيضَةً)
0- حفظ الإسلام حق المرأة مختلعة ، إذا بدَّ
لها عدم الرغبة في زوجها أن تخالع مقابل الفداء لقوله عليه الصلاة والسلام (أقبل
الحديقة وطلقها)
31- حفظ الإسلام حق المرأة مطلقة:
(وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ)
32- حفظ الإسلام حق المرأة أرملة ، وجعل لها
حقاً في تركة زوجها: قال الله تعالي (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ
لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا
تَرَكْتُمْ)
33- حفظ الإسلام حق المرأة في الطلاق قبل الدخول
، وذلك في عدم العدة ، قال الله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا
نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا)
34- حفظ الإسلام حق المرأة يتيمة ، وجعل لها من
المغانم نصيباً ، قال الله تعالي (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ
فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) وجعل
لها من بيت المال نصيباً قال الله تعالي (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ
مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى)
وجعل لها في القسمة نصيباً (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى) وجعل لها في النفقة نصيباً (قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ
فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى)
35- حفظ الإسلام حق المرأة في حياتها
الاجتماعية ، وحافظ على سلامة صدرها ، ووحدة صفها مع أقاربها ، فحرم الجمع بينها
وبين أختها ، وعمتها ، وخالتها ، كما في الآية ، والحديث المتواتر
36- حفظ الإسلام حق المرأة في صيانة عرضها ،
فحرم النظر إليها (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)
37- حفظ الإسلام حق المرأة في معاقبة من رماها
بالفاحشة ، من غير بينة بالجلد (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ
يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً)
38- حفظ الإسلام حق المرأة إذا كانت أماً ،
أوجب لها الإحسان ، والبر ، وحذر من كلمة أف في حقها ، بل جعل دخول الجنة متوقفاً
على رضاها.
39- حفظ الإسلام حق المرأة مُرضِعة ، فجعل لها
أجراً ، وهو حق مشترك بين الراضعة والمرضعة (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ)
40- حفظ الإسلام حق المرأة حاملاً ، وهو حق
مشترك بينها وبين المحمول (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ
حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)
41- حفظ الإسلام حق المرأة في السكنى
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)
42- حفظ الإسلام حق المرأة في صحتها فأسقط عنها
الصيام إذا كانت مرضع أو حبلى
43- حفظ الإسلام حق المرأة في الوصية ، فلها أن
توصي لِما بعد موتها قال الله تعالي (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ
دَيْنٍ)
44- حفظ الإسلام حق المرأة في جسدها بعد موتها
، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم (كسر عظم الميت ككسره
حيا)
45- حفظ الإسلام حق المرأة وهي في قبرها ، وهذا
يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم (لأن يجلس أحدكم على جمرة
فتحرق ثيابه فتخلص إلي جلده خير له من أن يجلس على قبر)
46- حفظ الإسلام حق المرأة فى الحساب أمام رب
العالمين ، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة: وبذلك ساوى بينهما فى الثواب والعقاب
فى الآخرة:
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ
وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ
وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ
اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا
عَظِيمًا) الأحزاب 35
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل 97
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا
مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر
40
(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ
أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ
يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء 124
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ
أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)
آل عمران 195
(وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ
ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 72
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ
عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا) الفتح 5
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ
جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)الحديد 12
فلم ينتقص الإسلام حق المرأة، أو يُهنْهَا، بل
على النقيض من ذلك ، فقد رفع شأنها، وحسبنا أن نعرف أن الله خَلَّدَهُا فى كتابه
الكريم، وجعل لها ثلاث سور من القرآن الكريم، وهما سورة النساء وسورة مريم، وسورة
الطلاق، وليس هناك سورة باسم الرجال.
بل من جميل صنع الله بالمرأة أن جعل الرجل
يتعامل مع الأجناس الدنيا من الوجود ، فإنه إما زارع يتعامل مع التربة والمواشى
والحيوانات ، وإما صانع يتعامل مع المادة الصماء .. ولكن المرأة تتعامل مع أشرف
شىء فى الوجود وهو الإنسان ، والمرأة التى لا تريد الإقتناع بهذه المهمة تكون
امرأة فاشلة.
بل خلَّدَ القرآن امرأة فى سورة المجادلة ،
واحترم الإسلام رأيها، وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول، وجمعها وإياه فى خطاب واحد
(والله يسمع تحاوركما) المجادلة: 1. وقرر رأيها ، وجعله تشريعاً عامًّا خالداً..
فكانت سورة المجادلة أثراً من آثار الفكر النسائى ، وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها
على مر الدهور صورة احترام الإسلام لرأى المرأة ، ف الإسلام لا يرى المرأة مجرد
زهرة ، ينعم الرجل بشم رائحتها ، وإنما هى مخلوق عاقل مفكر ، له رأى ، وللرأى
قيمته ووزنه.
وكان النبى صلي الله عليه وسلم يقول عن نفسه:
(أنا ابن العواتك من قريش). والعواتك هنَّ نساء من قريش ، كانت كل منهن تُسمَّى
عاتكة.
وقال صلي الله عليه وسلم: (النساء شقائق
الرجال) ، أى جزء أو شق منهم.
وقال صلي الله عليه وسلم: (من سعى على ثلاث
بنات فهو فى الجنة ، وكان له أجر المجاهدين صائماً قائماً.)
وقال صلي الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لنسائه
، وأنا خيركم لنسائى).
وحتى لا يشقُّ الرجال على نسائهم ، فقد قال صلي
الله عليه وسلم عنهن: (أنهن خُلِقنَ من ضلع أعوج ، إذا حاولت أن تقيمه كسرته ،
فسايسوهن تستمتعوا بهن).
وعن أسماء بنت أبى بكر قالت: (قدمت على أمى وهى
مشركة في عهد قريش ، إذ عاهدوا رسول الله صلي الله عليه وسلم، ومدتهم مع أبيها،
فاستفتت النبي صلي الله عليه وسلم فقالت له: (يا رسول الله ، إن أمي قدمت علىّ وهي
راغبة؟ أفأصلها؟ قال: (نعم، صليها).
جاء رجل إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم
فقال: يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم
أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك).
وقال صلي الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة
خَمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها ، قيل لها: ادخلى الجنة من أىِّ
الأبواب شئت.)
ويكفى النساء المسلمات شرفاً على الرجال أن أول
من آمن بالرسول صلي الله عليه وسلم هى زوجته السيدة خديجة، وأول شهيدة فى الإسلام هى
سُميَّة أم عمَّار بن ياسر، وأول من أؤتُمِنَ على حفظ كتاب الله بعد جمعه هى أم
المؤمنين حفصة بنت عمر.
وقال صلي الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين
إيماناً أحسنهم خُلُقاً ، وخياركم لنسائهم خلقاً)
وقال صلي الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله ،
وأنا خيركم لأهلى ، ما أكرم النساء إلا كريم ، وما أهانهنَّ إلا لئيم)
قارن هذا التكريم للمرأة بقول الكتاب المقدس
وآراء آباء وفلاسفة المسيحية:
الرب يرسل ملاكه ليسب المرأة ويُكمِّم فمها
بثقل من الرصاص: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ:
[هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ
الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
(25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ
مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ
يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ
وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي تِلْمِيذاً.)
لوقا 14: 25-26
(14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ
أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ
الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ
التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
ويقول توماس الإكوينى: (المرأة أرذل من العبد
بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطرياً من قبل الأب والابن
والزوج)
أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة
(1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
وقال الفيلسوف نتشه: (إن المرأة إذا ارتقت
أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا
ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن
معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان
إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل).
وهى منبوذة مثل الشيطان ، لأنها المتسببة فى
غواية آدم وسبب إخراجه وذريته من الجنة ، وقد كانت أشد من الشيطان على البشرية ،
فلم يقدر الشيطان على آدم ، ولكن تمكنت حواء حليفة الشيطان من غواية آدم: (11فَقَالَ:
«مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي
أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي
جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ
الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ
الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».) تكوين 3: 11-13
وما هى هذه الشجرة التى أكل منها آدم وحواء؟
إنها شجرة معرفة الخير من الشر: (16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً:
«مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ
الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا
مَوْتاً تَمُوتُ».) تكوين 2: 16-17
وهل صدق الرب؟ لا. بل كان الشيطان أصدق منه:
(1وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي
عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلَهُ فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقّاً قَالَ اللهُ لاَ
تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» 2فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ:
«مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ 3وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي
فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ
لِئَلَّا تَمُوتَا». 4فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! 5بَلِ
اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا
وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ».) تكوين 3: 1-5
وهذا ما اعترف به الرب فيما بعد ، مما اضطره
لفرض حراسة على شرقى جنة عدن لحراسة طريق شجرة الحياة ، فقال: (22وَقَالَ الرَّبُّ
الإِلَهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفاً الْخَيْرَ
وَالشَّرَّ. وَالْآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ
الْحَيَاةِ أَيْضاً وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 23فَأَخْرَجَهُ
الرَّبُّ الإِلَهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ
مِنْهَا. 24فَطَرَدَ الإِنْسَانَ وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ
الْكَرُوبِيمَ وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ
الْحَيَاةِ.) تكوين 3: 22-24
وفى الحقيقة يتساءل المرء ذو العقل الطبيعى
هنا: ما حكمة الرب فى الإبقاء على آدم وحواء فى سواد الجهل ، لا يعلمان الخير من
الشر؟ ولو لم يكون آدم قد عرف قبل الأكل من الشجرة الخير من الشر فكيف يحاسبه على
خطئه وأكله من الشجرة؟ وهل بعد أن أصبح عارفا للخير من الشر ينتقم منه الرب ويطيح
به خارج الجنة؟ وهل كان ينتظر هذا الإله تعمير الأرض بأناس لا تعرف الخير من الشر؟
وما هى المبادىء التى كان يتوقع الرب أن يعلمها آدم زريته لو لم يعلم الخير من
الشر؟
ويقول فولتير تعليقاً على الفقرة التوراتية
السابقة: (إننا نعتقد أنه كان ينبغى على السيد الرب أن يأمر الإنسان ، مخلوقه ،
بأن يأكل من شجرة معفة الخير من الشر ، قدر ما يستطيع ؛ لأنه بما أن الله منحه
رأساً تفكر ، فقد كان من الضرورى تعليمه ، وكان أكثر ضرورة إرغامه على إدراك الخير
والشر ، كى يستطيع القيام بالتزاماته على أكمل وجه. لذلك كان ذاك التحريم غبياً
وقاسياً! لقد كان أسوأ بألف مرة من منح الإنسان معدة لا تهضم الطعام) نقلا عن
(محمد صلى الله عليه وسلم فى الترجوم والتلمود والتوراة ص 169 ، المأخوذة بدورها
من (ليوتاكسل) التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير ص 21)
ووقف الرب إلى جانب الرجل ، ولم يحقق فى الأمر
، فصدق كلام آدم ، وكان عنده من الأبرياء: (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ
الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 14
(كما خدعت الحيَّةُ حواءَ بمكرها) كورنثوس
الثانية 11: 3
وإذا كان آدم لم يغو ، فيكون حكم الرب على آدم
بالطرد من الجنة ظلماً ، ولم يكن هذا إلا بسبب حواء، ويكون انتقامه من المرأة
بطردها من الجنة وموقفه هذا منها تشجيعاً للمؤمنين ، المحبين لله ، على اضطهادها ،
وضربها ، وحرقها ، وقتلها.
كما أنها نجسة فى أيام حيضها ، وفى أيام طمسها،
أو إذا جاءها نزيف مهما كان سببه، لا يقربها إنسان أو حيوان وإلا لكان نجساً هو
الآخر إلى المساء وعليه أن يستحم ليطهر: (19«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ لَهَا
سَيْلٌ وَكَانَ سَيْلُهَا دَماً فِي لَحْمِهَا فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي
طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 20وَكُلُّ
مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِساً وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ
عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً. 21وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ
وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ
مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ
نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ
الَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ يَكُونُ نَجِساً إِلَى
الْمَسَاءِ.) لا ويين 15: 19-23
فقد كانوا يعتبرون المرأة لعنة ، لأنها أغوت
آدم ، وعندما يصيبها الحيض لا يُجالسونها ولا يؤاكلونها ولا تلمس وعاء حتى لا يتنجس.
وكان بعضهم ينصب للحائض خيمة ، ويضع أمامها خبزاً وماءً ، ويجعلها فى هذه الخيمة
حتى تطهر. أى كانت كالمنبوذة ، أو كالمصابة بالجرب أو الجزام. وهى فى هذا الوضع لا
تصلح أن تعيش فى المجتمع، ولا يجوز لها أن تعمل، لأنها بهذا التفكير إما ستتقاعد
عن العمل وقت حيضها، وبذلك تعلن على العالم أجمع أنها حائض ، وإما ستخالط المجتمع
وتسبب نجاسة كل من تتعامل معه سواء فى مجال العمل أو المواصلات.
(وكانت بعض الطوائف اليهودية تعتبر البنت فى
مرتبة الأَمَة، وكان لأبيها الحق فى أن يبيعها قاصرة، وما كانت ترث مع وجود أخ
لها، أو ما كان يتبرع لها به أبوها فى حياته، فقد كان الميراث للذكر فقط، وحين
تُحرَم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر ، يُثبَت لها على أخيها النفقة والمهر
عند الزواج ، وإذا كان الأب قد ترك عقاراً فيعطيها من العقار ، أما إذا ترك مالاً
منقولاً فلا شىء لها من النفقة والمهر ، ولو ترك القناطير المقنطرة.)
وإذا آل الميراث إلى البنت لعدم وجود أخ لها ،
لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر ، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها. أى
تكون راعية له فقط (هذا إن جاز لنا استخدام هذا اللفظ) ، وليست مالكة له.
وإذا اتُهِمَت بالزنا تتحقق براءتها بطريقة
غريبة فيها من المهانة والذل ما لم تبحه شريعة ما ، فعليها أن تشرب ماءً ممزوجاً
بالتراب ، وتثبت عليها التهمة إذا تورمت بطنها وتسقط فخذها: (17وَيَأْخُذُ
الكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّساً فِي إِنَاءِ خَزَفٍ وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنَ
الغُبَارِ الذِي فِي أَرْضِ المَسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي المَاءِ 18وَيُوقِفُ
الكَاهِنُ المَرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيَكْشِفُ رَأْسَ المَرْأَةِ وَيَجْعَلُ
فِي يَدَيْهَا تَقْدِمَةَ التِّذْكَارِ التِي هِيَ تَقْدِمَةُ الغَيْرَةِ وَفِي
يَدِ الكَاهِنِ يَكُونُ مَاءُ اللعْنَةِ المُرُّ. .. .. .. 24وَيَسْقِي المَرْأَةَ
مَاءَ اللعْنَةِ المُرَّ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ لِلمَرَارَةِ.
25وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنْ يَدِ المَرْأَةِ تَقْدِمَةَ الغَيْرَةِ وَيُرَدِّدُ
التَّقْدِمَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيُقَدِّمُهَا إِلى المَذْبَحِ. 26وَيَقْبِضُ
الكَاهِنُ مِنَ التَّقْدِمَةِ تِذْكَارَهَا وَيُوقِدُهُ عَلى المَذْبَحِ وَبَعْدَ
ذَلِكَ يَسْقِي المَرْأَةَ المَاءَ. 27وَمَتَى سَقَاهَا المَاءَ فَإِنْ كَانَتْ
قَدْ تَنَجَّسَتْ وَخَانَتْ رَجُلهَا يَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ
لِلمَرَارَةِ فَيَرِمُ بَطْنُهَا وَتَسْقُطُ فَخْذُهَا فَتَصِيرُ المَرْأَةُ
لعْنَةً فِي وَسَطِ شَعْبِهَا.) عدد 5: 17-27
ففى كلا الحالتين ستتورم بطنها ، إن لم يصبها
مرض يقضى عليها. وبذلك تكون فى كلا الحالتين زانية وتثبت عليها تهمة الزنا!! وفى
كلا الحالتين لن يسقط فخذها ، فلن تجنى إذن من جرَّاء هذا العمل إلا المرض أو
الموت وإثبات تهمة الزنا عليها ظلما وزورا. وقد يكون هذا التحليل هو الذى أوصل بعض
علمائهم لاعتبار المرأة عاهرة بغض النظر عن أخلاقها أو دينها أو حسبها أو نسبها:
لقد كتب جيروم يقول:
(ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر:
أن كل النساء بلا استثناء مومسات ، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (أنه
نظراً لأن المرأة لا تشبع جنسيا ، فإنها غالبا ما تصطاد بائساً حقيراً لينام معها
فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان
على الأزواج أن يربوا أطفالاً ليسوا أولادهم)
وقانون اختبار عفة المرأة هذا قريب مما جاء فى
قانون (حامورابى) مادة 129 ، إذ كانت المرأة تُختَبَر فى سلوكها بأن تُلقَى فى
النهر ، فإن عامت على وجه الماء تكون بريئة ، وإن غطست تكون آثمة!!
قارن هذا بالملاعنة المذكورة فى القرآن فى سورة
النور: إذ تحلف المرأة وكذلك الرجل خمس مرات على صدقهما من تهمة الخيانة الزوجية.
وإن أصرت المرأة على براءتها لم يمسسها سوء ، يتم فقط التفريق بينهما.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فنجاسة المرأة التى
ضربت عليها جعلت البرلمان الإنجليزى يصدر قراراً فى عصر الملك هنرى الثامن يحظر
على المرأة أن تقرأ العهد الجديد. قارن هذا بإئتمان المسلمين السيدة حفصة على كتاب
الله القرآن الكريم!!!
بل إنه لما استخدم التخدير فى حالات الوضع عام
1847م عارضته الكنيسة ؛ لأن الله فى الكتاب المقدس ـ حسب زعمهم ـ قال لحواء بعد
سقوطهما فى الخطيئة وأكلهما من الشجرة المحرمة عليهما: (تَكْثِيراً أُكَثِّرُ
أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً) تكوين 3: 13 ، فكأن لسان
حالهم يقول: كيف نرحم النساء من الألم ، طالما أن الرب قد قرر تألمها أثناء
الولادة؟ فعلينا إذن أن نساعد الرب فى انتقامه من النساء!!
=====================
اشتراط الولي في
النكاح لا يقيد حرية المرأة
من الشبه التي يثيرها أعداء الإسلام ، ويقولون
بأنها تنافي حرية المرأة في اختيار من ترضاه زوجاً لها ، اشتراط الولي في النكاح ،
فيقولون: إن وجود الولي واشتراطه ، يمنع الفتاة من أن تختار من تريده زوجاً لها
بحرية تامة ، بل كثيراً ما يفرض عليها الولي من يرضاه هو ، ويختاره لها زوجاً ،
وهذا ينافي أبسط الحقوق.
هذا ملخص الشبهة التي يثيرها أعداء الإسلام ،
ويظنون أنهم وجهوا طعنة لا ترد ، ووجدوا ثغرة وثلماً في الإسلام
– زعموا –
يستطيعون من خلالهما الطعن في عدالته في حق المرأة ، والنيل منه.
ونقول: إن ما زعموه من تحكم الولي بموليته في
النكاح ، ليس من الإسلام في شيء ، بل هو تقاليد لبعض المجتمعات الإسلامية ، توارثوها عن آبائهم ، وأعراف
تعارفوا عليها ، وبمرور الزمن ، وتعاقب الأجيال وبسبب الجهل بالدين ، أخذت تلك
الأعراف والتقاليد طابع الاحترام والتقديس ، وأخيراً أُلصقت بالدين ، والدين منها
براء ، وقد أسلفنا الكلام على (رأي المرأة في اختيار زوجها) وأوضحنا هدي الإسلام في
هذا الموضوع ، ودور الولي في هذا الشأن ، وذكرنا ما جاء عن رسوله صلى الله عليه
وسلم في ذلك ، وما فهمه السلف منه وطبقوه.
إن الإسلام أعطى للمرأة البالغة العاقلة: بكراً
، أو ثيباً ، كامل الحرية في قبول أو رفض من تقدم لخطبتها ، ولم يجعل لأبيها ، وهو
أقرب الناس إليها ، ولا لولي غيره أن يجبرها على من لا ترضاه قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيِّم حتى تُستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تُستأذن).
بل وصل الأمر إلى رد الزواج ، وإبطال العقد ،
إذا جرى بدون رضاها ، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في نكاح خنساء بنت
خدام ، حين زوَّجها أبوها وهي ثيب من شخص لا تريده ، حيث رد نكاحه.
وخيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتاة
بكراً ، زوَّجها أبوها من ابن أخيه ، وهي غير راضية ، خيرها بالإمضاء أو الرد.
ولم يجعل الإسلام للولي حقاً في تزويج موليته ،
بغير إذنها ، إلا الأب بالنسبة لابنته الصغيرة غير البالغة ، فقد أجمع أهل العلم
من المسلمين على أن للأب – فقط –
تزويجها بغير إذنها ، لما روت عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم
تزوجها وهي بنت ست سنين ، وأدخلت عليه وهي بنت تسع سنين)
، على أن يكون الزوج كفئاً ، لأن الله تعالى أقامه مقامها ناظراً لها فيما فيه
الحظ لنفسها ، فلا يجوز له أن يفعل ما لا حظ لها فيه ، ولأنه إذا حرم عليه التصرف
في مالها بما لا حظ لها فيه ، ففي نفسها أولى.
وقد جاز للأب فقط تزويج الصغيرة غير البالغة ،
لأن عطف الأب وحبه لابنته يدعوانه إلى اختيار الأصلح لها.
لما كانت المرأة عاطفية بطبعها ، مندفعة في تصرفاتها
، يغرّها المظهر ، ولا تسعى إلى معرفة المخبر من الرجل غالباً ، فقد جعل الإسلام للولي
حق منع الزواج إذا اختارت لنفسها زوجاً غير كفء لها ولأسرتها ، وذلك لأن المرأة
وأسرتها يعيران بالزوج غير الكفء ، ويلحقهما بسببه مذلة وعار ، وليس في هذا ما
ينافي حرية المرأة في اختيار من ترضاه ، لكن لكل حرية حدود تنتهي إليها ، فليس
لأحد كائناً من كان مطلق الحرية في كل ما يفعل ، بل هناك اعتبارات تجب مراعاتها ،
وحدود يُنتهى إليها.
وأيضاً: صيانة المرأة ، وتكريماً لها ، ولما
طبعها الله عليه من الحياء ، فقد جعل الإسلام حق تولي العقد ومباشرته للولي ، فلا
يصح أن تتولى المرأة مباشرة عقد نكاحها ، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا
نكاح إلا بولي) ، وقوله: (لا تزوج المرأة المرأة ، ولا تزوج المرأة نفسها).
وروى عكرمة بن خالد قال: جمعت الطريق ركباً ،
فجعلت امرأة منهم ثيب أمرها بيد رجل غير ولي ، فأنكحها ، فبلغ ذلك عمر ، فجلد
الناكح والمنكح ، ورد نكاحها.
وقد أجيب على من اعترض بالأحاديث الأخرى ، التي
يفهم منها أن للمرأة تولي عقد نكاحها بنفسها ، مثل: (الثيب أحق بنفسها من وليها) ،
وغيره ، بأن المراد اعتبار الرضى منها ، أما مباشرة العقد ، فهي للولي ، جمعاً بين
الأحاديث.
وليس في هذا أيضاً ما يؤثر على حريتها في
اختيار زوجها ، ولا ما يمس كرامتها بل العكس هو الصحيح ، ف الإسلام ينظر إلى
المرأة على أن لها من الكرامة والمنزلة وشفافية الشعور ، ورهافة الحس ، ما جعله
ينأى بها عن كل ما يخدش حياءها ، أو يجرح مشاعرها وإحساسها ، لذلك جعل مباشرة عقد
النكاح للولي.
فمن مقاصد هذا التشريع الحكيم صيانة المرأة عن
أن تباشر بنفسها ما يشعر بوقاحتها ، ورعونتها ، وميلها إلى الرجال ، مما ينافي حال
أرباب الصيانة والمروءة.
كما أن المرأة لقلة تجربتها في المجتمع ، وعدم
معرفتها شئون الرجال وخفايا أمورهم ، غير مأمونة حين تستبد بالأمر لسرعة انخداعها
، وسهولة اغترارها بالمظاهر البراقة دون ترَوٍّ وتفكير في العواقب ، وقد اشترط إذن
الولي مراعاة لمصالحها لأنه أبعد نظراً ، وأوسع خبرة ، وأسلم تقديراً ، وحكمه
موضوعي لا دخل فيه للعاطفة أو الهوى ، بل يبنيه على اختيار من يكون أدوم نكاحاً ،
وأحسن عشرة.
وكيف لا يكون لوليها سلطان في زواجها وهو الذي
سيكون – شاءت أم أبت ، بل شاء هو أو أبى –
المرجع في حالة الاختلاف ، وفي حالة فشل الزواج يبوء هو بآثار هذا الفشل ، ويجني
ثمرات خطأ فتاته التي تمردت عليه ، وانفردت بتزويج نفسها؟!
إن الهدف من رقابة الولي على اختيار الزوج ليس
فقط تسهيل الزواج ، وإنما أيضاً تأمينه وتوفير عوامل الاستقرار له ، ورعاية مصالح
الفتاة التي ائتمنه الله عليها ، وإن قصر نظرها عن إدراكها ، ومن هنا كان مبنى
الولاية على حسن النظر ، والشفقة ، وذلك معتبر بمظنته ، وهي القرابة ، فأقربهم
منها أشفقهم عليها ، وهذا أغلب ما يكون في العَصَبة.
وأيضاً يجب على ولي المرأة أن يتقي الله فيمن
يزوجها منه ، وأن يراعي خصال الزوج ، فلا يزوجها ممن ساء خَلقُه أو خُلُقه ، أو
ضعف دينه ، أو قصَّر عن القيام بحقها ، فإن النكاح يشبه الرق ، والاحتياط في حقها
أهم ، لأنها رقيقة بالنكاح لا مخلص لها ، والزوج قادر على الطلاق بكل حال.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وإذا رضيت رجلاً ، وكان كفؤاً لها ، وجب على
وليها – كالأخ ثم العم –
أن يزوجها به ، فإن عضلها أو امتنع عن تزويجها زوَّجها الولي الأبعد منه أو الحاكم
بغير إذنه باتفاق العلماء ، فليس للولي أن يجبرها على نكاح من لا ترضاه ، ولا
يعضلها عن نكاح من ترضاه إذا كان كفؤاً باتفاق الأئمة ، وإنما يجبرها ويعضلها أهل
الجاهلية والظلمة الذين يزوجون نساءهم لمن يختارونه لغرض ، لا لمصلحة المرأة ،
ويكرهونها على ذلك ، أو يُخجلونها حتى تفعل ، ويعضلونها عن نكاح من يكون كفؤاً لها
لعداوة أو غرض ، وهذا كله من عمل الجاهلية ، والظلم والعدوان ، وهو مما حرمه الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم ، واتفق المسلمون على تحريمه ، وأوجب الله على أولياء
النساء أن ينظروا في مصلحة المرأة ، لا في أهوائهم كسائر الأولياء والوكلاء ممن
تصرف لغيره ، فإنه يقصد مصلحة من تصرف له ، لا يقصد هواه ، فإن هذا من الأمانة
التي أمر الله أن تؤدى إلى أهلها فقال: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى
أهلها ، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).
ومما سبق يتضح أن الولي في النكاح في الشريعة الإسلامية ، ليس له منع المرأة من أن تختار
لنفسها من ترضاه زوجاً لها ، إذا كان كفئاً ، وليس للولي إجبارها على من يرضاه هو
، ولا ترضاه هي.
و الإسلام في هذا الباب ، قد أعطى المرأة من
الحقوق والتكريم ما لم تعطه امرأة من قبل في الديانات السماوية ، والنظم
الاجتماعية ، ولن تعطى مثله أيضاً مستقبلاً
=====================
هل المرأة أقل
شأنا ومكانا من الرجل؟
إليكم أسئلة عده حول هذه الشبهات
قال تعالى ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم
أزواجا لتسكنوا إليها) فهل المقصود أن الله خلق الرجل ليعبده ويكون خليفته في
الأرض وخلقت المرأة ليسكن إليها الرجل أم أن خلافة الأرض للنساء والرجال ليكملا
بعضهما حيث تحتاج المرأة للرجل ليحميها ويحتاج الرجل للمرأة ليسكن إليها وتقوم هي
بتربيه الأولاد ويقوم هو بالأعمال الشاقه فتكتمل خلافتهما أم أن خلافه الأرض
للرجال فقط؟
هل المرأة أقل شأنا ومكانا من الرجل؟
فتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه، أما بعد:
فإن الإسلام وضع المرأة في موضعها اللائق بها،
كما هو شأنه في كل ما جاء به من هداية، لأنه تنزيل من حكيم حميد، فصحح كثيرا من
الأفكار الخاطئة التي كانت مأخوذة عنها في الفلسفات القديمة، وفي كلام من ينتمون
إلى الأديان وردَّ لها اعتبارها، وكرمها غاية التكريم، واعتبرها كاملة المسؤولية
والأهلية كالرجل، وإن أول تكليف إلهي صدر للإنسان كان للرجل والمرأة جميعا، حيث
قال الله للإنسان الأول آدم وزوجه: وَقُلْنَا يَا آَدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ
وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا
هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ البقرة: 35}.
وهي قسيمة الرجل، لها ما له من الحقوق، وعليها
أيضا من الواجبات ما يلائم فطرتها وتكوينها، وعلى الرجل بما اختص به من شرف
الرجولة وقوة الجلد أن يلي رئاستها، فهو بذلك وليها يحوطها بقوته ويذود عنها بدمه،
وينفق عليها من كسب يده. قال الله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ {البقرة: 228}.
وجعلها الله سكنا للرجل تكريما لهما بما ينشأ
عن ذلك من المودة والرحمة. قال تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً
وَرَحْمَةً {الروم: 21} وقوله تعالى: لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا: معناه لتميلوا إليها
وتألفوا بها، فإن الجنسية علة للضم والاختلاف سبب للتنافر. راجع كتب التفسير عند
تفسير الآية المذكورة.
والحاصل أن خلافة الأرض قد جعلها الله للرجال
والنساء جميعا، فساوى بينهما في أصل التكليف، وخص كلا منهما بما يليق به، وجعل
للرجل درجة على المرأة بما له من القوامة.
والله أعلم.
مسائل تتعلق بالمرأة في الإسلام
السؤال
لماذا خلق الله النساء، وما هو دور المرأة
المسلمة في الحياة، وهل عمل المرأة بخلاف الشروط التي حددها رسول الله صلى الله
عليه وسلم حرام؟
فتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه، أما بعد:
فقد منح الإسلام المرأة مكانة سامية، وكرمها
أنثى وبنتا وأختا وزوجة وأماً، ووضعها في موضعها اللائق بها، وقد سبق تفصيل القول
في ذلك في الفتوى رقم: 16441.
وأما حكم عمل المرأة، فإن الأصل فيه الإباحة بشرط
خلو العمل من المحاذير الشرعية، وقد سبق الإجابة على ذلك في عدة مواضع، فانظر
الفتاوى ذات الأرقام التالية: 31817، 44756، 46908.
وأما لماذا خلق الله عز وجل النساء؟ فإن الله
تعالى لم يخلق شيئاً إلا لحكمة، لكننا قد نعلم هذه الحكم وقد نجهلها، وقد نعلم
بعضها دون البعض الآخر، وقد يعلمها بعض الناس دون بعض، حسب ما يعطيهم الله تعالى
من العلم والفهم.
وأما بخصوص المرأة، فإنها شقيقة الرجل، وهي
إنسان كامل الإنسانية، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ
{الحجرات:13}، وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً
كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ
إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا {النساء:1}، وقال النبي صلى الله عليه
وسلم: إنما النساء شقائق الرجال. صحيح رواه أبو داود والترمذي عن عائشة رضي الله
عنها.
فالرجال والنساء من جنس واحد، لا قوام
للإنسانية ولا استمرار للبشرية إلا بهما.
والله أعلم.
حكم من ادعى بأن الإسلام قد حطَّ من منزلة
المرأة
السؤال
ما حكم من قال : .. لماذا لا يقف القانون في
السماء والأرض مع المرأة ..؟ هل تجب عليها التوبة .؟
فتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه، أما بعد:
فواجب المسلم أن يسلم لما قضى الله به وحكم،
وينقاد له ظاهرا وباطنا، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ
إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ
أَمْرِهِمْ{الأحزاب: 36}. وقال تعالى: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى
يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ
حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً {النساء:65}. وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به. رواه أبن أبي
عاصم في السنة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول. وقد ضعفه بعض أهل الحديث ولكن له
شواهد تقوية.
ثم إن المرأة لم تحظ بشيء من التكريم والتقدير
مثلما حظيت به في ظل الإسلام، فقد كرمها
الله تعالى أماً وبنتا وأختا وزوجة، ورغب الشرع الحكيم في تربية البنات والإحسان
إليهن.
وعليه؛ فقائل هذا الكلام الذي سألت عنه لا علم
له بما كانت عليه المرأة قبل الإسلام، ولا
بما هي عليه الآن في المجتمعات غير المسلمة، ثم إنه أعظم القول فيما قاله. وليبادر
إلى التوبة، فإن الله هو العدل الحكم اللطيف الخبير. و{لا يُسْأَلُ عَمَّا
يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}.
والله أعلم.
الموارد المالية للمرأة في الإسلام
وهذا العنوان يلزمني أن أكتب تفصيلاً لتلك
الموارد بلا إجمال لأمرها ، مع بيان لسندها الشرعي الذي لا يأتيه الباطل من بين
يديه ولا من خلفه ، لأنه تشريع الحكيم الحميد - سبحانه وتعالى - وحتى نحسم شبهات
الطاعنين الذين يحلو لهم اتخاذ شؤون المرأة هدفًا لسهامهم الكليلة التي لن تنال من
شرعة الله - تعالى - بحال .
وهذا جانب - من جوانب حقوق المرأة في
الإسلام - له تحديه الصارم أمام قوانين الأرض جميعًا ليعلم ذو نَصَفَةٍ من
الناس أن شرعة الله غالية ، وأنها منصفة ذات عدل ورحمة ، وتلك صورة لما حضرني من
موارد المرأة المالية في الإسلام .
1. حقها في النفقة عليها : سكنًا وكسوةً
ومطعمًا ومشربًا وعلاجًا ، أي ما يغطي حاجاتها جميعًا بالمعروف .
هذا الحق كفله لها الشرع ، الشريف فألزم به أبويها
، أو عصبتها ، (نشأةً إلى الدخول بها ) ، فلم يُضيعْها 0 كما تفعل القوانين
الغربية إذا بلغت الفتاة بينهم سن السادسة عشرة ؛ فإنها لا تُلزم والديها بإيوائها
ولا بكفالتها ، وهذا أمر معروف لا يَعْضَى له الكاتبون ضد الإسلام .
إن الأبوين ، فالعصبة ملزمون بأداء هذا الحق من
حقوقها حتى تنتقل بالدخول بها إلى بيت زوجها ؛ فيكون ملزمًا بأداء هذا الحق لها ؛
فإذا فقدت الزوج - لوفاة أو طلاق - كان لهذه الحقوق عودة إلزام إلى الأبوين أو
العصبة في حال افتقارها .
وهذا الجانب مَنْ الحق المالي بجواره إلزام من
يتعلق به هذا الحق بالمحافظة عليها ، وصيانتها ، وتوفير كرامتها . وقد تكفلت مصادر
الفقه الإسلامي بتفصيل هذا الحق .
2. وللمرأة نصيب مالي محدد - من
"الميراث" حدده الكتاب العزيز على أي حال كان وضعها : زوجة ، أو جدةً ،
أو أمًا ، أو بنتًا ، أو أختًا ، وفي سورة النساء الآيات الحادية عشرة والثانية
عشرة والثالثة عشرة ، ثم آخر آياتها تفصيل لنصيبها في أي أحوالها قال تعالى : (
يوصيكم الله في أولادكم للذكر مِثلُ حظ الأنثيين ، فإن كنَّ نساءً فوق اثنتين
فلهنَّ ثلثا ما ترك ، وإن كانت واحدة فلها النصف ، ولأبويه لكل واحدٍ منهما السدسُ
مما ترك إن كان له ولد ، فإن لم يكن له ولدٌ وَوَرِثَهُ أبواه فلأمهِ الثلث ، فإن
كان له إخوةٌ فلأمِه السدسُ من بعد وصية يوصِى بها أو دين ، أباؤكم وأبناؤكم لا
تدرون أيهم أقرب لكم نفعًا فريضة من الله ، إن الله كان عليمًا حكيمًا ، ولكم نصف
ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولدٌ ، فإن كان لهن ولدٌ فلكم الربع مما تركن من بعد
وصيةٍ يوصين بها أو دين ، ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولدٌ ، فإن كان لكم
ولدٌ فلهن الثمنُ مما تركتم ، من بعد وصيةٍ توصون بها أو دين ، وإن كان رجلٌ
يُورَثُ كلالةً أو امرأةٌ وله أخ أو أختُ فلكل واحدٍ منهما السدس ، فإن كانوا أكثر
من ذلك بهم شركاء في الثلث ، من بعد وصيةٍ يُوصَى بها أو دينٍ غير مُضار ، وصيةً
من الله والله عليم حليم ، تلك حدود الله ، ومن يطع الله ورسوله يُدخله جناتٍ تجري
من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم. (النساء ، آية : 11 - 12).
ولا يفوتني - عقب الحديث عن حقها في الميراث -
أن أبين هنا أمرين :
أولها : أن المرأة ليست ملزمة بنفقة شرعية
قِبلَ نفسها ، أو قِبَلَ أحد .
ثانيهما : أنها - باعتبار ما كفل لها الشرع
الشريف من (ذمة مالية مستقلة) لها أن تستغل مالها بطرق مشروعة ، مما يجعل نصيبها
المالي يتضاعف دون أن تنتقصه واجبة عكس الحال في الرجال .
3. "المهر " وهو حق مالي ثابت لها
قلَّ أو كثُر ، ليس لوليها أن يغفله أو يتنازل عنه ، وليس له نهاية مالية محددة ،
قال تعال : (وأتوا النساء صدقاتهن نِحلةً) سورة النساء ، : الآية: 4) ، أي : آتو
النساء مهورهن وجوبًا ، فالمهر ملك خالص لها ، مال تقدم منه وما تأخر . قال تعالى
: (وءاتيتم إحداهن قنطارًا فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتانًا وإثمًا مبينًا )
(سورة النساء : آية: 20)..
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد نهى عن
كثرة الإصداق ثم رجع عن ذلك .. قال الحافظ أبو يعلى عن الشعبي عن مسروق قال : ركب
عمر بن الخطاب منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم . ثم قال : ما إكثاركم في صداق
النساء !! وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والصدقات فيما بينهم
أربعمائة درهم ، فما دون ذلك . ولو كان الإكثار في ذلك تقوى عند الله أو كرامة لم
تسبقوهم إليها . فلأعرفن ما زاد رجل في صداق امرأة على أربعمائة درهم .
قال : ثم نزل فاعترضته امرأة من قريش فقالت :
يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا في مهر النساء على أربعمائة درهم ؟ قال :
نعم . فقالت : أما سمعت ما أنزل الله في القرآن ؟ قال : وأي ذلك ؟ فقالت : أما
سمعت الله يقول : (وءاتيتم إحداهن قنطارًا) الآية ، قال : اللهم غفرًا كل الناس
أفقه من عمر . ثم رجع فركب المنبر فقال : أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا
النساء في صدقاتهن على أربعمائة درهم ، فمن شاء أن يعطى من ماله ما أحب .
قال أبو يعلى : وأظنه قال : فمن طابت نفسه
فليفعل.
إسناده جيد قوي.
وينبغي ألا يفوتنا في هذا المقام أن هذا الحق
المالي في المهر ليس خاصًا بالزوجة إذا كانت مسلمة فقط ، فهو حقها مسلمةً كانت أو
كتابيةً .
والمهر واجب - أيضًا - للإماء المؤمنات قال
تعالى : ( ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم
من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بأيمانكم بعضكم من بعض فأنكحوهن بإذن أهلهن
وءاتوهن أجورهن بالمعروف ) (سورة النساء ، آية : 25). (أُجورهن: مهورهن) .
4. وتعمل المرأة ، ولا خلاف في عملها عند حاجتها
هي ، أو حاجة المجتمع نفسه إليها ؛ كطبيبة أو مدرسة لبنات جنسها ، وقد تعمل في
مهنة تخص النساء داخل بيتها ، أو لا تخص النساء كأن تكون أديبة تعكف على التأليف
أو كتابة المقالات المفيدة .
ذلك كله وما شابهه ، للمرأة أن تمارس العمل بها
موفورة الكرامة حريصة عليها لا ابتذال لشخصها في هذا العمل ، ولا تفريط في واجبها
الأُسري ، ولقد دلت الشريعة الغراء على ما للشخص الذي نيط به أكثر من واجب -
فاستوفاه بإحسان وأمانة - من أجر عظيم عند الله تعالى .
فأما ما كان لها من مال من هذا العمل ، فهو
ملكها الخالص ، كما نص عليه أكثر الفقهاء ، وقد استشهد بعض العلماء - في هذا
المقام - بقوله تعالى : ( وللنساء نصيبٌ مما اكتسبن) . (سورة النساء ، آية : 32).
على أن ما تقدم بشأن عملها أمر لا خلاف فيه.
5. وبما للمرأة من ذمة مالية مستقلة ، فإنها
تستطيع أن (تضارب) بمالها مع أمين يحسن التجارة ، ويقوم عنها بالعمل ، وقد اشترط
بعض الفقهاء إِذْنَ وليها : أبًا ، أو زوجًا في هذا المقام ليس للحكر عليها ، بل
صونًا لها من القيل والقال ، ومالها وربحه حق لها .
وبعد .. فذلك شيء مما كفله الإسلام للمسلمة من
موارد مالية ، وحسبي أن ألفت النظر - هنا - إلى مقال الأستاذ الذكتورة إسمت غنيم -
بنفس هذا العدد لنتبين ما فعله الإسلام للمرأة .. وما فعله الغرب بها .. ولا تزال
- إلى يومنا هذا - عرضة للتشرد والضياع بالرغم مما نسمعه من حديث الغوغاء .
ذلك - إذن - ما قدمه الإسلام ، أي ما فعله
تشريعًا لا يمكن النيل منه منذ كان الإسلام من خمسة عشر قرنًا إلى يومنا هذا ..
إلى يوم يبعثون .
تشريع سماوي .. وليس تشريعًا وضعيًا كهذا الذي
اكتسبت به المرأة شيئًا من حقها في الغرب ، يمكن - فيما بعد - أن ينصل فيحول ، بل
لقد نَصَلَ في الحرب العالمية الثانية حيث أعدت المرأة للترفيه عن الجنود .
فأما لدى أهل الكتاب فتلك هي المرأة فيما يرون
: " إنها أدنى من الرجل لأنها هي التي أغوت آدم بالأكل من الشجرة المحرمة ،
ولذلك فالمرأة بطبعها خاطئة" ومن هنا نشأ مفهوم الخطيئة الأصلية وجُعلت حواء
متسببة فيها . ولذا يشكر اليهودي ربه صباح كل يوم على أنه لم يخلقه امرأة . كذلك
فإننا نجد بعض آبائهم الأوائل أدانوا المرأة باعتبارها أقوى مصادر الخطيئة
والغواية ، ويوضح "ترتوليات الأول " نظرته قائلا : ":إنها مدخل
الشيطان إلى نفس الإنسان ، وإنها دافعة بالمرء إلى الشجرة الممنوعة ، ناقضة لقانون
الله " .
ولقد حدث أن قرر أحد المجامع في رومية أن
المرأة حيوان نجس لا روح له ولا خلود ، ولكن يجب عليها العبادة والخدمة ، وأن يكمم
فمها كالبعير لمنعها من الضحك والكلام ، لأنها أحبولة الشيطان ، وما زالت تلك
النظرة ضاربة بجذورها حتى اليوم وليس أدل على ذلك من أن بعض الأديرة في اليونان - على
سبيل المثال - ما زالت حتى الآن تحرم دخول النساء إليها .
وحينما نصل إلى طلائع العصر الحديث فإننا نجد
المرأة الغربية في مكانة متدهورة للغاية . ففي سنة 1790م ، بيعت امرأة في أسواق
انجلترا "بشلنين" لأنها ثقلت بتكاليف معيشتها على الكنيسة التي كانت
تؤويها . وظلت المرأة إلى سنة 1882م ، محرومة من حقها الكامل في ملك العقار وحرية
المقاضاة .. وكان تعليم المرأة يجلب لها العار ! حدث - حينما كانت (اليصابات
بلاكويل) تتعلم في جامعة جنيف سنة 1849م - أن النسوة المقيمات معها قاطعنها وزوين
ذيولهن من طريقها احتقارًا لها كأنها دنس . فأين حقوقها المالية فضلاً
كمال الإسلام وسبقه في تكريم المرأة
السؤال
هناك العديد من النساء الغربيات يستغربن عدم
مصافحة بعض المسلمين لهن وبعضهن لا يتقبلنه ويرين أن هذا انتقاص لهن، أو الذي رفض
مصافحتهن متشدد أو ما إلى ذلك، خصوصاً أنه يحدث أمامهن أن بعض المسلمين يصافحهن
والبعض الآخر يرفض في نفس المجلس، فأرجو من حضرتكم بيان عظمة الإسلام في الحفاظ
على المرأة بعدم السماح للرجال الأجانب بمصافحتها، وبيان أن هذا ليس انتقاصاً لها
أو أنها أدنى من الرجل.... الرجاء توضيح ذلك وما يتعلق به بطريقة منطقية يسهل معها
إقناعهن أو على الأقل بيان ذلك لهن، آخذين بعين الاعتبار أن هؤلاء النساء غربيات
يعشن في بلاد - في نظرهم- تدعي الحرية أو بعضهن يتمتعن بحقوق أمام القانون أفضل من
الرجال كما في البلد الأوروبي الذي أنا فيه حالياً؟ وجزاكم الله خيراً.
فتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه، أما بعد:
فإن ما يثار على ألسنة بعض الغربيين وأتباعهم
من شتى البلاد عن الإسلام إنما هو طنطنة وجعجعة يُقصد بها التشويش على صورة
الإسلام الزاهية، وإدخال الشبهات على أهله، وتخويف غير المسلمين منه، وقد تصدى
العلماء قديماً وحديثاً للرد على إفكهم، والذب عن دينهم، وبيان عوار أفكارهم
وسفاهة أحلامهم، ومن أهم الكتب في ذلك كتاب المرأة بين الفقه والقانون للدكتور/
مصطفى السباعي رحمه الله، فليراجع هذا الكتاب فإنه مفيد في موضوعه، وقد بينا حكم
المصافحة في الفتوى رقم: 29380، والفتوى رقم: 32160.
كما بينا الرد على بعض الشبهات المثارة حول
مكانة المرأة في الإسلام وذلك في الفتاوى ذات الأرقام التالية:
5729، 3661، 16441.
علماً بأن المسلم يجب عليه اليقين بصحة دين
الإسلام وكمال عدله مع المرأة وغيرها، فقد راعى الإسلام حقوق الأحياء والأموات،
والكبار والصغار، حتى أثبت حقوقاً للأجنة في بطون أمهاتهم، بل وأثبت حقوقاً
للإنسانية كلها كافرهم ومسلمهم، فأمر بالقسط مع جميع الناس ولو كانوا كفاراً، قال
الله تعالى: وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [الحجرات:9]، وقال
تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى
يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ
لاَّ يَعْلَمُونَ [التوبة:6].
والله أعلم.
الحكمة من جعل شهادة المرأة على النصف من شهادة
الرجل
السؤال
لي قريبة ألمانية غير مسلمة تريد أن تستفسر
لماذا شهادة الرجل تعادل شهادة امرأتين.... أرجو أن تكون إجابة مقنعة لغير
المسلمين؟
فتوى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى
آله وصحبه أما بعد: فإنا ننصحك بتجنب مخالطة هذه المرأة إلا بقدر ما تتطلبه دعوتها
إلى الإسلام، إذ لا تجوز الخلوة بها ولا
الدخول عليها إلا مع محرم، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ~لا
يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم.~~ ذلك لأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى
الدم، وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، ثم عن سؤالك، فاعلم أن المسلم
يكفيه من تبرير الحكم أي حكم أنه ورد في كتاب الله وأن عليه إجماع الأمة الإسلامية، وقد ورد في القرآن الكريم أن شهادة
المرأة نصف شهادة الرجل، قال الله تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ
رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ
[البقرة:282]. هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن ما تتميز به المرأة من عواطف
وانفعالات ووجدان وميوعة في المواقف وميل إلى السكينة والراحة والخلود، كلها أمور
تجعلها في رتبة دون رتبة الرجل، وخاصة في مجال الشهادة والأحكام التي تترتب عليها
نقل الأملاك وسائر أنواع الحقوق. وقد ثبت عملياً عن طريق تشريح الدماغ أن مخ الرجل
يحتوي على خلايا عصبية تزيد بنسبة 16 في المائة عن مخ المرأة، وهناك دراسات كثيرة
أثبتت فروقاً حقيقية بين الرجل والمرأة في المجال الذهني، نحيلك فيها على الفتوى
رقم: 21357. والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
=====================
وجوه الإعجاز في
حديث ناقصات عقل
عزيز محمد أبو خلف
باحث إسلامي
amkhalaf@ksu.edu.sa
كثيرا ما يُتهم الإسلام بأنه ينتقص من حق
المرأة في الحياة والوجود والحقوق . وتُعقد لأجل هذا البرامج والندوات والمناظرات
في أماكن مختلفة . واكثر ما يجري عليه التركيز هو عقل المرأة وان الإسلام يعتبرها
ناقصة عقل ، ويستشهدون بالحديث الوارد في الصحيحين من أن النساء ناقصات عقل . فهل
ما يقولونه حق وصحيح ، وهل المرأة فعلا ناقصة عقل ، وهل الرسول وصفها بذلك حقا
وقصد ما فهموه هم من الحديث ، أم يا ترى أن الأمر هو خلاف ذلك؟
حديث ناقصات عقل
روى الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه في باب
الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : { يا مَعْشرَ النساء
تَصَدَّقْنَ وأكْثِرْن الاستغفار ، فإني رأيُتكُنَّ أكثر أهل النار . فقالت امرأة
منهن جَزْلة : وما لنا يا رسول الله أكثرُ أهل النار؟ قال : تُكْثِرْنَ اللَّعن ،
وتَكْفُرْنَ العشير ، وما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ ودين أغلبَ لذي لبٍّ مِنْكُن .
قالت يا رسول الله وما نقصانُ العقل والدين؟ قال : أما نُقصانُ العقل فشهادة
امرأتين تعْدِلُ شهادةَ رَجُل ، فهذا نقصان العقل ، وتَمكثُ الليالي ما تُصلي ،
وتُفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين } . ومعنى الجَزْلة أي ذات العقل والرأي
والوقار ، وتَكْفُرْنَ العشير أي تُنكرن حق الزوج .
وهذا الحديث لا يمكن فهمه بمعزل عن آية
الدَّيْن التي تتضمن نصاب الشهادة ، وذلك في قوله تعالى : { واستَشْهدوا شهيدين من
رِجالِكم ، فإن لم يكونا رَجُلَيْن فرَجُلٌ وامرأتان مِمَّن تَرضَوْن من الشُّهداء
، أنْ تَضِلَّ إحداهما فَتُذَكِّرَ إحداهما الأخرى } البقرة 282 .
الفهم الخاطئ والمتناقض للحديث
يبدو أن ما يتبادر إلى أذهان هؤلاء الذين
يتيهون فرحاً وطرباً باتهام الإسلام انه يعتبر المرأة ناقصة عقل قوله صلى الله
عليه وسلم : "وما رأيت من ناقصات عقل" . فاستنتج هؤلاء أن النساء ناقصات
عقل ، وان نقص العقل هو نقص في القدرات العقلية ، أي أن قدرات النساء على التفكير
هي اقل من قدرات الرجال . بمعنى أن المرأة تختلف عن الرجل في تركيبة العقل فهي اقل
منه وانقص ، أي أن تركيبة الدماغ عند المرأة هي غيرها عند الرجل . ولو انهم
تدبّروا الحديث لوجدوا أن هذا الفهم لا يمكن أن يستوي ، وانه يتناقض مع واقع
الحديث نفسه ، وذلك للملاحظات التالية :
• ذكر الحديث أن امرأة
منهن جَزْلة ناقشت الرسول . والجزلة ، كما قال العلماء ، هي ذات العقل والرأي
والوقار ، فكيف تكون هذه ناقصة عقل وذات عقل ووقار في نفس الوقت ؟ أليس هذا مدعاة
إلى التناقض؟
• تعجب الرسول صلى الله
عليه وسلم من قدرة النساء وان الواحدة منهن تغلب ذا
اللب أي الرجل الذكي جدا . فكيف تغلب ناقصة العقل رجلا ذكيا جدا؟
• أن هذا الخطاب موجه
لنساء مسلمات ، وهو يتعلق بأحكام إسلامية هي نصاب الشهادة والصلاة والصوم . فهل يا
ترى لو أن امرأة كافرة ذكية وأسلمت ، فهل تصير ناقصة عقل بدخولها في الإسلام؟!
فهذا الفهم حصر العقل في القدرات العقلية ولم
يأخذ الحديث بالكامل ، أي لم يربط أجزاءه ببعض ، كما لم يربطه مع الآية الكريمة .
فالحديث يعلل نقصان العقل عند النساء بكون شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد ،
والآية تعلل ذلك بالضلال والتذكير . ولم تصرح الآية بان النساء ناقصات عقل ، ولا
أن الحاجة إلى نصاب الشهادة هذا لأجل أن تفكير المرأة اقل من تفكير الرجل .
فما هو التفكير وما هو العقل؟
أنا اعرف التفكير كالتالي :
التفكير عملية ذهنية يتفاعل فيها الإدراك
الحِسّي مع الخبرة والذكاء لتحقيق هدف ، ويحصل بدوافع وفي غياب الموانع .
حيث يتكون الإدراك الحسي من الإحساس بالواقع
والانتباه إليه ؛ أما الخبرة فهي ما اكتسبه الإنسان من معلومات عن الواقع ،
ومعايشته له، وما اكتسبه من أدوات التفكير وأساليبه ؛ وأما الذكاء فهو عبارة عن
القدرات الذهنية الأساسية التي يتمتع بها الناس بدرجات متفاوتة . ويحتاج التفكير
إلى دافع يدفعه ، ولا بد من إزالة العقبات التي تصده وتجنب الوقوع في أخطائه
بنفسية مؤهلة ومهيأة للقيام به .
إن هذا التصور للتفكير يتعلق بالإنسان بغض
النظر عن كونه رجلا أو امرأة ، فهو ينطبق على كل منهما على حد سواء . ولا تَدُل
معطيات العلم المتعلقة بأبحاث الدماغ والتفكير والتعلم على أي اختلاف جوهري بين
المرأة والرجل من حيث التفكير والتعلم . كما لا تدل على اختلافٍ في قدرات الحواس
والذكاء ، ولا في تركيب الخلايا العصبية المكونة للدماغ ، ولا في طرق اكتساب
المعرفة . معنى هذا أن المرأة والرجل سواء بالفطرة من حيث عملية التفكير ، ولا
يتميز أحدهما عن الآخر إلا في الفروق الفردية .
وعليه فان التفكير ليس مجرد قدرات عقلية أو
ذكاء ، بل هو أوسع من ذلك وتدخل فيه عوامل كثيرة ويمر في مراحل متعددة ، فهو عملية
معقدة وليست بالبسيطة . كما أن العقل في مفهوم القرآن والسنة هو أوسع من مجرد
التفكير ، إذ هو لفت انتباه للتفكير من اجل العمل . ولهذا فسوف نلاحظ دقة التعبير
في الحديث ، فهو عبر بناقصات عقل مما يعني أن النقص هو في عوامل أخرى تؤثر في
التفكير وليس في نفس القدرات الفطرية إلى ليس في قدرات الدماغ ، كما يتوهم كثيرون
.
أين الإعجاز في هذا؟
يكمن الإعجاز في الحديث عن نقصان عقل المرأة
بهذه الطريقة ، فهذا لا يمكن أن يحيط به بشر . فنصوص القرآن والسنة لا تفرق بين
قدرات المرأة العقلية وقدرات الرجل ، ويتجلى ذلك في الخطاب الإيماني العام لكل من
الرجل والمرأة . هذا بالإضافة إلى كثير من النصوص التي تتحدث عن ذكاء النساء
وقدراتهن وآرائهن السديدة في مواضع متعددة من الكتاب والسنة . فإذا كان لم يثبت
علميا أي اختلاف في قدرات النساء العقلية عن قدرات الرجال ، ونصوص القرآن والسنة
لا تعارضان هذا ، فمعنى هذا أن نقصان العقل المشار إليه ليس في القدرات العقلية .
فالتفكير عملية معقدة تدخل فيها القدرات العقلية ، ويدخل فيها عوامل أخرى منها
الإدراك الحسي والدوافع والموانع والخبرة .
وإذا نظرنا إلى الآية نجد أنها عللت الحاجة إلى
نصاب الشهادة المذكور بالضلال والتذكير ، وهذا أمر متعلق بالإدراك الحسي وبالدوافع
والموانع . وهذا ينطبق على كل من الرجل والمرأة لكن المرأة لها خصوصيتها من حيث
أنها تمر في حالات وتتعرض لتغيرات جسدية ونفسية تؤثر على طريقة تفكيرها . هذا
بالإضافة إلى أن الحديث يجري عن أحكام إسلامية في مجتمع مسلم ، والمرأة بحكم
طبيعتها وعيشها في المجتمع الإسلامي خاصة
تكون خبرتها اقل من الرجال إجمالا لا سيما في المجالات التي يقل تواجدها فيه . إذن
فنقصان العقل هو إشارة إلى عوامل أخرى غير القدرات العقلية التي قد تتبادر إلى
أذهان من يتسرعون في إطلاق الأحكام وكيل الاتهامات دونما تحقيق أو فهم صحيح . وقد
آن الأوان لهؤلاء أن يتراجعوا وان ينصفوا الإسلام حق الإنصاف ، وعلى المرأة إلا
تنجرف وراءهم وان تثق بربها ودينها وتفاخر بذلك .
ملاحظة
هذه المقالة جزء من بحث أوسع و أكمل حول هذا
الموضوع تقدمنا به إلى مؤتمر الإعجاز العلمي في القرآن . ومن اجل التمكن من متابعة
الموضوع يرجى مطالعة المقالات التالية :
تنمية مهارات التفكير
http://www.islamway.com/bindex.php?section=articles&article_id=269
مواجهة المشاكل والتغلب عليها
http://www.islamway.com/bindex?section=articles&article_id=340
كيف واجهت أم المؤمنين عائشة حادثة الإفك؟
http://www.lahaonline.com/Daawa/DaawaObsta/a2-30-02-1424.doc_cvt.htm
=================
معنى نقص العقل
والدين عند النساء
س5: دائمـاً نسمـع الحـديث الشريف (( النساء
ناقصات عقل ودين )) ويـأتي به بعض الرجال للإساءة للمرأة. نرجو من فضيلتكم توضيح
معنى هذا الحديث؟
جـ : توضيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
، من إكمال بقيته حيث قال : ((ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب الرجل الحازم
من إحداكن، فقيل يا رسول الله ما نقصان عقلها؟ قال: أليست شهادة المرأتين بشهادة
رجل ؟ قيل يا رسول الله ما
نقصان دينها ؟ قال : أليست إذا حاضت لم تصل ولم
تصم ؟!)) فقد بين ـ عليه الصلاة والسلام ـ أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها وأن
شهادتها تجبر بشهادة امرأة أخرى . وذلك لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى أو قد تزيد
في الشهادة ، وأما نقصان دينها فلأنها في حال الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم
ولا تقضي الصلاة ، فهذا من نقصان الدين . ولكن هذا النقص ليست مؤاخذة عليه، وإنما
هو نقص حاصل بشرع الله ـ عز وجل ـ هو الذي شرعه ـ سبحانه وتعالى ـ رفقاً بها
وتيسيراً عليها لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك . فمن رحمة الله
أن شرع لها ترك الصيام ثم تقضيه، وأما الصلاة ، فلأنها حال الحيض قد وجد منها ما
يمنع الطهارة . فمن رحمة الله ـ عز وعلا ـ أن شرع لها ترك الصلاة ، وهكذا في
النفاس ثم شرع لها ألا تقضي الصلاة ، لأن في القضاء مشقة كبيرة ، لأن الصلاة تتكرر
في اليوم والليلة خمس مرات . والحيض قد تكثر أيامه . تبلغ سبعة أيام أو ثمانية
أيام ، وأكثر النفاس قد يبلغ أربعين يوماً . فكان من رحمة الله عليها وإحسانه
إليها أن أسقط عنها الصلاة أداءً وقضاءً ، ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في
كل شيء ونقص دينها في كل شيء ، وإنما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقصان
عقلها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس .
ولا يلزم من هذا أن تكون أيضاً دون الرجال في
كل شيء ، وأن الرجل أفضل منها في كل شيء ، نعم جنس الرجال أفضل من جنس النساء في
الجملة ، لأسباب كثيرة كما قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ : {الرجال قوامون على
النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}سورة النساء . لكن قد
تفوقه في بعض الأحيان في أشياء كثيرة، فكم من امرأة فاقت كثيراً من الرجال في
عقلها ودينها وضبطها.
وقد تكثر منها الأعمال الصالحات فتربو على كثير
من الرجال في عملها الصالح وفي تقواها لله ـ عز وجل ـ وفي منزلتها في الآخرة ، وقد
تكون لها عناية في بعض الأمور ، فتضبط ضبطاً كثيراً أكثر من ضبط بعض الرجال في
كثير من المسائل التي تعنى بها وتجتهد في حفظها وضبطها ، فتكون مرجعاً في التاريخ
الإسلامي وفي أمور كثيرة ، وهذا وأضح لمن تأمل أحوال النساء في عهد النبي صلى الله
عليه وسلم وبعد ذلك، وبهذا يعلم أن هذا النقص لا يمنع من الاعتماد عليها في
الرواية ، وهكذا في الشهادة إذا انجبرت بامرأة أخرى، ولا يمنع أيضاً تقواها لله
وكونها من خيرة إماء الله ، إذا استقامت في دينها ، فلا ينبغي للمؤمن أن يرميها
بالنقص في كل شيء ، وضعف الدين في كل شيء ، وإنما هو ضعف خاص في دينها ، وضعف في
عقلها فيما يتعلق بضبط الشهادة ونحو ذلك . فينبغي إنصافها وحمل كلام النبي صلى
الله عليه وسلم على خير المحامل وأحسنه . والله تعالى أعلم .
سماحة
الشيخ ابن باز رحمه الله
===================
تعرَّض الإسلام ، ولا يزال ، لحملات عدائية شتى
، منها موقفه من المرأة ، ولا سيما من ناحية عقلها ، حيث يُتَّهم الإسلام بأنه
ينتقص من عقل المرأة وقدراتها ، وانه يحط منها بالمقارنة مع الرجال . هذا في الوقت
الذي اثبت فيه العلم عدم وجود أي اختلاف في قدرات التفكير عند المرأة والرجل . كما
أن الواقع يشهد بغير ذلك ، حيث وصلت المرأة إلى أعلى المراتب والمناصب ، وحققت
إنجازات وإبداعات فكرية عديدة لا سيما في العالم الغربي . مما يعني ببساطة ، كما
يزعمون ، أن الإسلام يخالف العلم والواقع المحسوس ، وان أفكاره تتعارض وتتناقض مع
هذه المعطيات المحسوسة المشهودة على ارض الواقع .
غير أن هناك من يقول بان المرأة قد أتيحت لها
فرصة عظيمة من حيث حرية العمل وإبراز إمكاناتها ، ولكنها لم تُثبت أنها على قدم
وساق مع الرجل . فالرجل هو الذي فسح لها هذا المجال من الحرية ، ومع ذلك لم تصل
إلى كثير من المناصب العالية التي لا يزال يتربع عليها الرجل . كما انه هو الذي
أتى بالأفكار العظيمة والمبادئ والنظريات والاختراعات وغير ذلك مما له شان يذكر .
أساس هذه الاتهامات هو حديث صحيح يُعرف بحديث
ناقصات عقل . وسوف نستعرض في هذه المقالة نص الحديث والقراءات السريعة الخاطئة له
، ونبين أن وصف النساء بأنهن ناقصات عقل لا يحط من قدر عقولهن ولا من مكانتهن ، لا
سيما إذا تبين لنا أن هذا الوصف ينطبق أيضا على الرجال . كما أن أية امرأة مسلمة
سوف تفخر بكونها كذلك إذا ما جرت المقارنة بينها وبين كثير من العظماء والزعماء
والعلماء من الكفار الذين نفى الله عنهم العقل بالكلية ، وان عقلوهم ومكانتهم لا
تغني عنهم من الله شيئا إذ لم يتوصلوا بها إلى أن ينالوا رضوان الله وجنته . بل
يمكن القول أن أية امرأة مسلمة هي اعقل من اينشتاين الذي يضرب بذكائه المثل ،
ولكنه لم يوصله إلى الدخول في الإسلام ولا نيل الجنة .
حديث ناقصات عقل
هذا الحديث رواه الشيخان (البخاري ومسلم)
وأصحاب السنن ، وهو صحيح الإسناد والمتن . وسوف نكتفي برواية مسلم ، فقد روى رحمه
الله في صحيحه في باب الإيمان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : { يا
مَعْشرَ النساء تَصَدَّقْنَ وأكْثِرْن الاستغفار ، فإني رأيُتكُنَّ أكثر أهل
النار . فقالت امرأة منهن جَزْلة : وما لنا يا رسول الله أكثرُ أهل النار؟
قال : تُكْثِرْنَ اللَّعن ، وتَكْفُرْنَ العشير ، وما رأيت من ناقصاتِ عقلٍ
ودين أغلبَ لذي لبٍّ مِنْكُن . قالت يا رسول الله وما نقصانُ العقل والدين؟
قال : أما نُقصانُ العقل فشهادة امرأتين تعْدِلُ شهادةَ رَجُل ، فهذا نقصان العقل
، وتَمكثُ الليالي ما تُصلي ، وتُفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين } . ومعنى
الجَزْلة أي ذات العقل والرأي والوقار ، وتَكْفُرْنَ العشير أي تُنكرن حق الزوج .
ولا يمكن فهم هذا الحديث بمعزل عن آية الدَّيْن
التي تتضمن نصاب الشهادة ، وذلك في قوله تعالى : { واستَشْهدوا شهيدين من رِجالِكم
، فإن لم يكونا رَجُلَيْن فرَجُلٌ وامرأتان مِمَّن تَرضَوْن من الشُّهداء ، أنْ
تَضِلَّ إحداهما فَتُذَكِّرَ إحداهما الأخرى } البقرة 282 . فالعلاقة بين هذه
الآية والحديث وثيقة الصلة ، بل يكاد الحديث يُحيلنا إلى الآية صراحة .
الفهم الخاطئ للحديث والمناقض للواقع
من الواضح أن الذين يتهمون الإسلام بأنه ينتقص
من عقل المرأة قد بنوا أفكارهم على الحديث السابق . فقد فهموا منه أن النساء
ناقصات عقل ، أي أن قدرات النساء على التفكير هي اقل من قدرات الرجال . وهذا جرياً
على المعنى الدارج للعقل من انه عضو التفكير ، ولسان حالهم يقول بان جهاز التفكير
عند المرأة اضعف من جهاز التفكير عند الرجل ، وان هذا ينطبق على أية امرأة وعلى أي
رجل في الدنيا .
ولكن الحديث نفسه ، وجرياً على هذا المفهوم ،
يبين أن المرأة لا تقل في عقلها عن الرجل من حيث أنها ناقشت الرسول ، وأنها جزلة
أي ذات عقل وافر ، ومن حيث أن الواحدة منهن تَذهب بعقل اللبيب أي الوافر العقل .
فكيف تَذهب بعقله إذا لم تكن أذكى منه أو انه ناقص عقل على اقل الاحتمالات؟ .
بالإضافة إلى ذلك فان الإسلام يعتبر أن المرأة
والرجل سواء أمام التكاليف الشرعية من حيث الأداء والعقوبة ، فلو كانت المرأة
ناقصة عقل ، فكيف يكون أداؤها وعقوبتها بنفس المستوى الذي للرجل ، فهذا ينافي
العدل الذي يتصف به الله وينادي به الإسلام . فناقص العقل لا يُكلَّف بمثل ما يكلف
به من هو اكمل منه عقلاً ، ولا يُحاسب بنفس القدر الذي يُحاسب به ، على فرض أن
الرجل اكمل عقلاً من المرأة .
ما هو التفكير؟
التفكير أمر مألوف لدى الناس يمارسه كثير منهم
، ومع ذلك فهو من اكثر المفاهيم غموضاً وأشدِّها استعصاءً على التعريف . ولعلَّ
مردَّ ذلك إلى أن التفكير لا يقتصر أمرُه على مجرد فهم الآلية التي يحصل بها ، بل
هو عملية معقدة متعددة الخطوات ، تتداخل فيها عوامل كثيرة تتأثر بها وتؤثر فيها .
فهو نشاط يحصل في الدماغ بعد الإحساس بواقع معيَّن ، مما يؤدي إلى تفاعلٍ ذهنيٍّ
ما بين قُدُرات الدماغ وهذا الإحساس والخبرات الموجودة لدى الشخص المفكر ، ويحصل
ذلك بناءً على دافعٍ لتحقيق هدف معين بعيداً عن تأثير المعوقات أو الموانع .
وعلى الرغم من تعدد الجوانب وكثرة العوامل
المتداخلة والمؤثرة في التفكير والمتأثرة به ، فان الأبحاث المستفيضة والكتابات
الكثيرة حول الموضوع تؤكد أن عناصر التفكير الأساسية هي الإدراك الحسي والمعالجة
والإنتاج . حيث يقوم الدماغ باستكشاف الخبرة وربطها مع الإدراك الحسي للخروج
بالفكرة . وهذا ما تؤكد عليه أبحاث علم النفس والأعصاب والفلسفة والفكر الإسلامي ،
بالإضافة إلى البرامج العملية حول تنمية مهارات التفكير وتعليمه . وليس أدل على
صدق هذا التصور من التطبيقات العملية التي نقوم بها في مجال تنمية وتطوير وتحسين
مهارات التفكير بطريقة عملية تطبيقية .
علاقة العقل بالتفكير
ما يتبادر إلى الذهن ، أو ما هو دارج على السنة
الناس ، هو أن العقل اسم لعضو التفكير ، وليس الأمر كذلك ، فليس في جسم الإنسان
عضو اسمه العقل يمكن أن يُشار إليه بالبَنان . فالتفكير كما بيّنا سابقاً عملية
متعددة الخطوات والمراحل ، وليس يختص بها عضو معين واحد يصفها وصفاً شاملاً .
وإنما هناك اكثر من عضو يمكن أن يشترك في عملية التفكير أو يخدمها ، مثل العين
والأذن وباقي الحواس والدماغ وما يرتبط به من الذاكرة والتخيل وغير ذلك .
ولم تُستخدم كلمة العقل في القرآن الكريم ولا
في السنة المطهرة لتشير إلى عضو التفكير مطلقاً ، كما لم ترد كلمة العقل على
المصدرية في القرآن الكريم . وإنما استُخدمت هذه الكلمة بصيغة الجمع على : يعقلون
وتعقلون ونعقل وعقلوه ويعقلها ، وذلك في تسع وأربعين موضعا . ولم ترد بصيغة الماضي
إلا مرة واحدة ، ووردت في باقي المواضع بصيغة الحاضر أو المستقبل . والمعنى
المستفاد من هذه الصيغ غالبا هو لفت الانتباه للتفكير من اجل إدراك العاقبة واتخاذ
خطوة نحو العمل . وهو بذلك يكون في معناه أوسع من مجرد التفكير ؛ فنحن إذا فكرنا
ننتج الفكرة ، أما إذا عقلنا فندرك ما وراء هذه الفكرة من أبعاد متعلقة بالتصديق
والعمل . فالسمة الأساسية للعقل وفق اصطلاح الكتاب والسنة هي إدراك العاقبة
المنشودة والعمل لها والثبات على ذلك .
وقد لخص ابن تيمية رحمه الله المعنى اللغوي
والشرعي للعقل احسن تلخيص فقال في الفتاوى : "العقل في لغة المسلمين مصدر عقل
يعقل عقلاً ، يراد به القوة التي يعقل بها ، وعلوم وأعمال تحصل بذلك . وهو علم
يعمل بموجبه ، فلا يسمى عاقلا من عرف الشر فطلبه والخير فتركه" . أما
الأحاديث المتعلقة بالعقل فلم يصح منها شيء ، فقد قال ابن حبان البستي : "
لست احفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم خيرا صحيحا في العقل " . وقال ابن
تيمية :" أما حديث العقل فهو كذب موضوع عند أهل العلم بالحديث ليس هو في شيء
من كتب الإسلام المعتمدة"
التفكير عند المرأة والرجل
إن هذا التصور للتفكير يتعلق بالإنسان بغض
النظر عن كونه رجلا أو امرأة ، فهو ينطبق على كل منهما على حد سواء . ولذلك فان
برامج تنمية وتعليم التفكير لا تميز بين الجنسين في هذه الناحية . ولا تَدُل
معطيات العلم المتعلقة بأبحاث الدماغ والتفكير والتعلم على أي اختلاف جوهري بين
المرأة والرجل من حيث التفكير والتعلم . كما لا تدل على اختلافٍ في قدرات الحواس
والذكاء ، ولا في تركيب الخلايا العصبية المكونة للدماغ ، ولا في طرق اكتساب
المعرفة . فلم تظهر الأبحاث المتعلقة بالدماغ فروقا جوهرية ، إلا في حدود ضيقة لا
تتجاوز ربع انحراف معياري واحد . فقد أكدت كثير من الأبحاث تماثل نصفي الدماغ عند
النساء بشكل اكبر منه عند الرجال ، لكن لم يتأكد أي شيء يدل على اختلاف في التفكير
بناء على ذلك . معنى هذا أن المرأة والرجل سواء بالفطرة من حيث عملية التفكير ،
ولا يتميز أحدهما عن الآخر إلا في الفروق الفردية ، أي في مستوى الذكاء ودرجته
وليس في نوعيته .
التغيرات الجسدية والنفسية التي تتعرض لها
المرأة
تتعرض المرأة لتغيرات جسدية كثيرة ومتكررة ،
وهذا لا يخفى على المرأة ولا على غيرها ، ويمكن ملاحظته دون عناء . كما أن الأبحاث
العلمية المستفيضة قد أظهرت التأثيرات النفسية التي تتعرض لها المرأة نتيجة مرورها
بهذه الأحوال الجسدية . فالمرأة تأتيها الدورة الشهرية ، وإذا حملت فإنها تمر في
فترات ما قبل الحمل وما بعده وما بعد الولادة ، وإذا أسقطت جنينها أو أجهضته تعرض
جسدها لكثير من التغيرات . كما يمكن أن تعاني من عدم الخصوبة ، أو العقم ، والمرور
بفترة اليأس وما يترتب على ذلك من تغيرات قبلها وبعدها . وهكذا فالمرأة تمر بفترات
وتغيرات جسدية قد تعاني منها كثيرا ، وقد يكون لذلك أثره البالغ على نفسيتها ،
وطريقة تعاملها مع الناس ، وكذلك على طريقة تفكيرها .
فقد أكدت كثير من الأبحاث الطبية أن التغيرات
الجسدية التي تمر بها المرأة تؤثر على نفسيتها فتعرضها للإصابة بالإحباط وقلة
التركيز والكسل وتأثر الذاكرة قصيرة المدى عندها . كما قد تؤثر على سرعة الانفعال
عندها ، وتصيبها بالقلق والوهن وتغير المزاج والتوتر والشعور بالوحدة والبلادة
وثقل الجسم . هذا بالإضافة إلى التغيرات التي تحصل في العوامل المؤثرة في الحركة
والعمل والنشاط الذهني كدرجة الحرارة والضغط وزيادة الإفرازات الهرمونية المختلفة
.
ماذا نستنتج من كل ذلك؟
• ليس في الآية ولا في الحديث ما يدل على أن
قدرات التفكير عند المرأة اقل من قدرات الرجل ، ولا أن الرجل يفكر بالنيابة عن
المرأة . وهذا عام في باقي نصوص الكتاب والسنة بدليل الخطاب الإيماني العام لكل من
الرجل والمرأة ، مما يؤكد على الوحدة الإنسانية في العقل والغرائز والحاجات
العضوية عند كل منهما . هذا بالإضافة إلى العديد من النصوص التي تدلل على قدرة
المرأة على التفكير والتصرف في احلك المواقف ، وهذا كثير في كل من الكتاب والسنة .
وأما النصوص التي تجعل للرجل قوامة وميزات أخرى ، فهي أحكام شرعية تتناسب مع طبيعة
المجتمع الإسلامي ، وليس لها علاقة بالقدرات العقلية .
• يشير الحديث إلى أن النساء ناقصات عقل ، لكنه
يعلل ذلك بكون شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل واحد . وفي هذا إحالة إلى آية الدّيْن
، والتي تعلل الحاجة إلى امرأتين بالضلال والتذكير . والضلال هو العدول عن الطريق
المستقيم ، ومنه النسيان ، وقد يؤدي إليه . والتذكير فيه لفت الانتباه ، ويتأثر
بالحالة النفسية وقد تحجبه كليا عن رؤية الحق والواقع . فالذي لا يرى إلا جانباً
معيناً من الواقع ولا يرى غيره يكون تفكيره ناقصا سواء كان رجلاً أو امرأة .
• الكلام في كل من الآية والحديث هو عن أحكام
إسلامية في مجتمع مسلم ، والمرأة بحكم طبيعتها وعيشها في المجتمع الإسلامي خاصة
تكون خبرتها اقل من الرجال إجمالاً أي من حيث المعلومات وتعلقها بالواقع المعين ،
لا سيما في المجالات التي يقل تواجدها فيه . لذلك كان لا بد من الاستيثاق في
الشهادة ليرتاح صاحب المعاملة المالية من حيث ضمان حقه .
• إذا ما أخذنا في الحسبان كل هذه الحقائق
والوقائع ثم قابلنا بينها وبين واقع العقل والتفكير وواقع الآية والحديث ، فإننا
نخلص إلى أن نقص العقل ليس هو في قدرات التفكير ولا في تركيبة الدماغ ، وانما في
العوامل المؤثرة في التفكير والعقل . وهو ينحصر على وجه التحديد في الخبرة ومنها
المعلومات وفي موانع التفكير ؛ فان كون المرأة المسلمة بعيدة عن واقع المجتمع
والمعاملات المالية بالذات ، فلا بد أن خبرتها اقل من الرجال المنخرطين في هذه
المعاملات . كما أن المرأة تمر في تغيرات جسمانية تؤثر على حالتها النفسية ، هذا
بالإضافة إلى عاطفتها الزائدة والتي يمكن أن تجعلها تنحاز في تفكيرها وفي قراراتها
، كما لو كان المعني بالأمر ابنها مثلا فلا بد أنها ستميل إليه .
• إذن فالحديث عن أن المرأة ناقصة عقل جاء
بالإشارة إلى آية الدين ، ولا يعني أن الرجل لا يمكن أن يوصف بمثل هذا الوصف . بل
هناك آيات قرآنية تنفي العقل عن كبراء القوم وعظمائهم من الكفار والمنافقين وأهل
الكتاب . وهذا يعني أن الأمر طبيعي وليس فيه أن قدرات المرأة على التفكير اقل من
قدرات الرجل ولا أنها ناقصة عقل بالمفهوم الشائع . فليس في نصوص الكتاب والسنة ما
يشين المرأة من هذه الناحية ولا ما يحط من قدرها أبدا .
مواضيع ذات صلة بالموضوع
• دلائل الإعجاز في حديث ناقصات عقل
http://islamonline.net/arabic/adam/2003/07/article11.shtml
• الإعجاز الفكري في القرآن والسنة
http://www.lahaonline.com/Studies/DesertedSu/a1-11-07- 2003.doc_cvt.htm
• التفكير ومهارات التفكير
http://www.islamway.com/bindex.php?section=articles&article_id=269
• حاجة الأمة إلى التفكير
http://www.saaid.net/arabic/ar108.htm
عزيز محمد أبوخلف
باحث إسلامي
====================
هل المرأة ناقصة
عقل ودين أو الرجل ؟؟!!
ينعق بعض بني قومي ممن طمس الله بصائرهم
ينعقون بما لا يفقهون
ويهرِفون بما لا يعرفون
ويُردّدون كترديد الببغاوات
فيتبجّحون بملء أفواههم – فض الله أفواههم –
بما ردّده أسيادهم من الغرب أو الشرق
بأن الإسلام ظلم المرأة وأهانها وانتقصها
قلنا : ومتى ؟؟
قالوا : عندما قال عنها : ناقصة عقل ودين !
قلنا : كيف ؟؟
قالوا : بقوله : خُلِقت من ضِلَع !
قلنا : فض الله أفواهاً تنطق بما لا تفقه
قالوا : كعادتكم أيها المتزمّتون ... لا تجيدون
سوى الدعاء على خصومكم !
قلنا : إذاً اسمعوا وعُـوا .
اسمعوا شهادة أسيادكم ، ومأوى أفئدتكم !
أيها المتعالمون :
لقد عَلِمَ الغربيون أنفسهم أن الإسـلام كـرّم
المـرأة .
حتى قال أحد علماء الإنجليز ، وهو ( هلمتن ) قال
: إن أحكام الإسلام في شأن المرأة صريحة في وفرة العناية بوقايتها من كل ما يؤذيها
ويُشين سمعتها .
وقالت جريدة ( المونيتور ) الفرنسية :
قد أوجد الإسلام إصلاحاً عظيماً في حالة المرأة
في الهيئة الاجتماعية ، ومما يجب التنويه به أن الحقوق الشرعية التي منحها الإسلام
للمرأة تفوق كثيراً الحقوق الممنوحة للمرأة الفرنسية . انتهى .
----------
غير أن الطاعنين في دين الإسلام يعتمدون في
دعاواهم والحطّ من قيمة المـرأة ومكانتها في الإسلام يعتمدون على فهم قاصر لبعض
الآيات أو الأحاديث التي يظنون – ظنّاً كاذباً – أن فيها انتقاصاً للمرأة ، وليس
الأمر كما ظنُّوا أو توهّموا
والطعن يكون إما نتيجة جهل أو تجاهل ، وكلاهما
مُـرّ .
ومن الأمور التي يَعُـدّها بعضهم انتقاصاً
للمرأة ، وآخرون يَظُنُّون أن فيه احتقاراً وازدراء لها ، وليس الأمر كما يظنون ،
ولا هو كما يزعمون .
هو قوله عليه الصلاة والسلام عن النساء - :
ناقصـات عقل ودين . كما في صحيح البخاري ومسلم .
هكذا يبترون النصوص ليستدلوا استدلالاً سقيماً
!
أو استدلال بعضهم بقول النبي صلى الله عليه
وسلم عن المرأة : خُلِقت من ضِلَع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه . متفق عليه .
فهذه طبيعة خِلْقَتِها ، وأصل تركيبتها ،
خُلِقت لطيفـة لتتودد إلى زوجهـا ، وتحنو على أولادها ، وهي خُلِقت من ضلع ،
وطبيعـة الضلع التقوّس لحماية التجويف الصدري بل لحماية ملك الأعضاء ، أعني القلب
، ثم هي ضعيفـة لا تحتمل الشدائد :
( أَوَمَن يُنَشَّؤا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي
الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ )
وتلك حكمة بالغة أن جَعَلَ الله الشدّة في
الرجال والرقـّة في النساء ، رقّة تُزين المرأة لا تعيبها ، فقد شبهها المعصوم صلى
الله عليه وسلم بشفافية الزجاج الذي يؤثـّر فيه أدنى خدش ، ويكسره السقوط ولو كان
يسيراً .
أَلَمْ يقل النبي صلى الله عليه وسلم
لِحَادِيهِ – الذي يحدو ويُنشد بصوت حسَن- : ويحك يا أنجشة ! رويدك سوقك بالقوارير
. قال أبو قلابة : فتكلّم النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلّم بها بعضكم
لَعِبْتُمُوها عليه ، قوله : سوقك بالقوارير . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم قال أنس : كان لرسول الله صلى
الله عليه وسلم حَادٍ حسن الصوت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : رويداً يا
أنجشة لا تكسر القوارير . يعني ضعفة النساء
فهذا من باب الوصية بالنساء لا من باب عيبهن أو
تنقّصهن
قال النووي : قال العلماء : سمّى النساء قوارير
لضعف عزائمهن ، تشبيهاً بقارورة الزجاج لضعفها وإسراع الانكسار إليها .
وقال الرامهرمزي : كنّىعن النساء بالقوارير
لِرِقّتهن وضعفهن عن الحركـة ، والنساء يُشَبَّهْنَ بالقوارير في الرِّقّة
واللطافة وضعف البنية .( نقله عنه ابن حجر في فتح الباري )
يا بني قومي ألا تفقهون ؟؟
ما بالكم تبترون النصوص وتستدلّون ببعضها دون
بعض ؟؟
إن نص الحديث – كما في الصحيحين – : استوصوا
بالنساء ، فإن المرأة خُلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت
تقيمه كسرته ، وإن تركته لم يزل أعوج ، فاستوصوا بالنساء .
أين أنتم من هذه الوصية بالنساء ؟؟
افتتح الحديث بقوله : استوصوا بالنساء
واختتم الحديث بقوله : فاستوصوا بالنساء
فأين أنتم من هـذا ؟؟
--------------
ومن الكُتّاب من يَصِم النساء – إما نتيجة جهل
أو تجاهل – بأنهن ناقصات عقل ودين على سبيل الإزراء والاحتقار ، وسمعت أحدهم يقول
ذلك في مجمع فيه رجال ونساء ثم وصف النساء بضعف العقل ، وزاد الأمر سوءاً أن اعتذر
عن قولـه بأن هذا هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم ! ثم أورد الحديث : ما رأيت من
ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن . رواه البخاري ومسلم .
وقد بوّب عليه الإمام النووي : باب نقصان
الإيمان بنقص الطاعات .
وهذا القول له جوابان أجاب بهما من لا ينطـق عن
الهوى صلى الله عليه وسلم :
أما الأول :
فهـو إجابته صلى الله عليه وسلم على سؤال
النساء حين سألنه : وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله ؟
فقال : أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟
قلن : بلى ، قال : فذلك نقصان مِنْ عقلها .
أليس إذا حاضت لم تُصل ولم تَصُـم ؟
قلـن : بلى .
قال : فذلك من نقصان دينها .والحديث في
الصحيحين .
فهذه العلّة التي عللّ بها رسول الله صلى الله
عليه وسلم نقصان الدين والعقل ، فلا يجوز العُدول عنهـا إلى غيرها ، كما لا يجوز
تحميل كلامه صلى الله عليه وسلم ما لا يحتمل أو تقويله ما لم يَقُـل .
قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية :
فيجب أن يفهم عن الرسول مراده من غير غلو ولا
تقصير فلا يحمّل كلامه ما لا يحتمله ، ولا يُقصر به عن مراده وما قصده من الهدى
والبيان ، فكم حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب ما لا
يعلمه إلا الله ، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام
، وهو أصل كل خطأ في الفروع والأصول ، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد ، والله
المستعان .
[ وأصل الكلام لابن القيم في كتاب الروح ]
أما نقصان الدِّين ؛ فلأنها تمكث أياماً لا
تصوم فيها ولا تصلّي ، وهذا بالنسبة للمرأة يُعـدّ كمالاً !
كيف ذلك ؟
من المعلوم أن التي لا تحيض تكون – غالباً –
عقيماً لا تحمل ولا تلد ؛ وقد جعل الله الدم غذاءً للجنين .
قال ابن القيم : خروج دم الحيض من المرأة هو
عين مصلحتها وكمالها ، ولهذا يكون احتباسه لفساد في الطبيعة ونقص فيها . اهـ .
ثم إن نقص الدين ليس مختصا بالمرأة وحدها .
فالإيمان ينقص بالمعصية وبترك الطاعة – كما
بوّب عليه الإمام النووي في ترجمة هذا الحديث –
ثم إننا لا نرى الناس يعيبون أصحاب المعاصي
الذين يَعملـون على إنقاص إيمانهم – بِطَوْعِهم وإرادتهم – عن طريق زيادة معاصيهم
وعن طريق التفريط في الطاعات ، ولسنا نراهم يعيبون من تعمّـد إذهاب عقله بما
يُخامره من خمرةٍ وعشق ونحو ذلك فشارب الخمر – مثلا – إيمانه ناقص ، والمُسبل
إزاره في إيمانه نقص ، وكذا المُدخّن ، وغيرهم من أصحاب المعاصي ؛ ومع ذلك لم
نسمعهم يوماً من الأيام يقولون عن شارب الخمر : إنه ناقص دين !
بل ربما وُصِف الزاني – الذي يُسافـر إلى دول
الكفـر والعهـر لأجل الزنا – بأنه بطل صاحب مغامـرات ومقامرات !!
وهذا شيءٌ يُلامون عليه ، بينما لا تُلام
المـرأة على شيءٍ كَتَبَهُ الله عليها ، ولا يَـدَ لها فيه .
قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء :
فتأمل هذه الكلمة الجامعة وهي قوله صلى الله
عليه وسلم : " الدين النصيحة " فمن لم ينصح لله وللأئمة وللعامّة كان
ناقص الدين ، وأنت لو دُعِيْتَ : يا ناقص الدين ؛ لَغَضِبْتَ . اهـ .
وأما نقصان عقل المرأة ؛ فلأن المرأة تغلب
عليها العاطفة ورقّة الطبع - الذي هو زينة لها - فشهادة المرأة على النصف من شهادة
الرجل ، وذلك حُكم الله وعذرٌ لها .
ثم إن في هذا الحديث بيان أن المرأة ربما
سَبَتْ وسَلَبَتْ عقل الرجل ، وليس أي رجل ، بل الرجل الحازم الذي يستشيره قومه في
الملمات ، ويستأنسون برأيه إذا ادلهمّت الخطوب .
وكما قيل :
يَصْرَعْنَ ذا اللبّ حتى لا حراك به *** وهنّ
أضعف خلق الله إنسانا
وكما أن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل
فإن الرجل أحياناً يكون على أقل من النصف من
شهادة
المرأة ، فقد تُردّ شهادته إذا كان فاسقاً أو
كان مُتّهماً في دينه .
وأما الثاني
من أجوبته عليه الصلاة والسلام
فهو قوله لعائشة - لما حاضت في طريقها للحجّ
فعزّاها قائلاً - : هذا شيء كَتَبَه الله على بنات آدم .
وفي رواية : هذا أمـرٌ كَتَبَه الله على بنات
آدم . رواه البخاري ومسلم .
فما حيلة المرأة في أمرٍ مكتوب عليها لا حول
لها فيه ولا طول ، فلا يُعاب الرجل بأنه يأكل ويشرب ويحتاج إلى قضاء الحاجة ، وقد
عاب المشركون رسل الله بأنهم بَشَرٌ يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق . تأمّل ما
حكاه الله عنهم بقوله :
( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ
الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ )
فَردّ عليهم رب العـزة بقوله : ( وَماأَرْسَلْنَاقَبْلَكَمِنَالْمُرْسَلِينَ
إِلاَّإِنَّهُمْلَيَأْكُلُونَ
الطَّعَامَ وَيَمْشُونَفِيالأَسْوَاقِ ) [الفرقان:20] .
وقال سبحانه وتعالى عن رسله:
( وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لا يَأْكُلُونَ
الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ )
وكان أبلغ ردّ على من زعموا ألوهية عيسى أن
أثبت الله أنـه يأكل الطعام ، وبالتالي يحتاج إلى ما يحتاجـه سائر البشـر ، قال
تبارك وتعـالى : ( مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ
قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ)
[المائدة:75] .
أخلُص من هذا كلِّه إلى أن المرأة لا تُعـاب
بشيء لا يَـدَ لها فيه ، بل هو أمـرٌ مكتوب عليها وعلى بنات جنسها ، أمـرٌ قد
فُـرِغ منه ، وكما لا يُعاب الطويل بطوله ، ولا القصير بِقِصَرِه ، إذ أن الكل من
خلق الله ومسبّة الخِلقة من مَسَبَّة الخالق ، فلا يستطيع أحد أن يكون كما يريد
إلا في الأشياء المكتسبة ، وذلك بتوفيق الله وحده .
إذا تأملت هذا ، وتأملت ما سبق من أقوال أهل
العلم حول هذه المسألة ، فإني أدعوك لتقف مرة أخرى على شيء من أقوال أهل هذا العصر
من الغربيين وغيرهم .
وأذكّرك – أخيراً – بأن رقّة المرأة وأنوثتها
ولُطفها وشفافية معدنها يُكسبها جمالاً وأنوثة تزينها ولا تعيبها
قال جول سيمون : يجب أن تبقى المرأة امرأة
فإنها بهذه الصفة تستطيع أن تجد سعادتها ، وأن تهبها لسواها .اهـ .
ومعنى أن تبقى المـرأة امرأة ، أن تبقى كما
خلقها الله ، ولأجل المهمة التي وُجِدت من أجلها .
ويعني أيضا أن لا تتدرج المرأة في أعمال الرجل
، فإنها بذلك تفقد أنوثتها ورقّتها التي هي زينة لها .
ولذا لما أُجريَ استفتاء في إنجلترا عن المرأة
العاملة كان من نتائجه :
أن الفتاة الهادئة هي الأكثر أنوثة ، لأنها
تُوحي بالضعف ، والضعف هو الأنوثة !
أن الأنوثة لا يتمتّع بها إلا المرأة التي تقعد
في بيتها .
فقولهم : الضعف هو الأنوثة .
هذا لا يُعدّ انتقاصاً لأنه ... made in England !!!
لأنه نتاج بريطاني !!
أمَا لو قال هذا الكلمة رجل مسلم أو داعيـة
مصلح ، لعُـدّ هذا تجنّياً على المرأة وانتقاصاً لها ، فإلى الله المشتكى .
وختاماً :
لا بد أن يُعلم أنه لا يجوز أن يُطلق هذا اللفظ
على إطلاقه
أعني قول بعضهم : المرأة ناقصة عقل ودين .
هكذا على إطلاقه .
إذ أن هذا القول مرتبط بخلفية المتكلّم الذي
ينتقص المرأة بهذا القول ، ويتعالى عليها بمقالته تلك .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : إنما
النساء شقائق الرجال . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث حسن .
كما أنه لا يجوز لإنسان أن يقرأ ( ولا تقربوا
الصلاة ) ويسكت
أو يقرأ ( ويل للمصلين ) ويسكت !
فلا يجوز أن يُطلق هذا القول على عواهنه
إذ قد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم سبب قوله
، فلا يُعدل عن بيانه صلى الله عليه وسلم إلى فهم غيره .
وأعتذر أخيراً عن الإطــــــــــالــــــــة
لمصدر
: http://saaid.net/Doat/assuhaim/index.htm
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
=====================
خباب بن مروان الحمد
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله أفضل الصلاة ، وأزكى التسليم أمَّا
بعد:
فهذا عرض يسير لبعض القضايا التي يحصل اللبس في
فهمها من الرجل أو المرأة على السواء ، والتي تحتاج لتوضيح ، ودفع الفهم الخاطئ
لها، حاولت الاختصار في عرضها ونقاشها ، لتكون سهلة المنال ، ميسرة للفهم ، واضحة
المعنى ، سائلاً ربي التوفيق والسداد ، وإليه الاستناد ، وعليه الاعتماد.
* هل المرأة مساوية للرجل في كل شيء؟
والجواب عن ذلك : أنَّ المرأة مساوية للرجل في
الإنسانية وفي أغلب تكاليف الإسلام وفي جزاء الآخرة كما قال تعالى:{فاستجاب لهم
ربهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض}وكذا في الموالاة
والتناصر؛ ولذا قال النبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ :(النساء شقائق الرجال)أخرجه
أحمد(6/256)وأبوداود في الطهارة(236) من حديث عائشة، وصحَّحه الألباني في
الصحيحة(2863). ولكن الإسلام مع ذلك نظر في طبيعة المرأة ومدى تحملها لبعض
العبادات وصعوبتها كالجهاد في سبيل الله، أو لعدم ملاءمتها للمرأة كملابس الإحرام،
فأسقطها عنها. ومن ذلك عدم جواز تولية المرأة للمناصب العامة كالخلافة والقضاء ؛
لذا يقول رسول الهدى ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ (لا يفلح قوم ولَّوا أمرهم
امرأة)، وأمَّا ما يورده بعضهم إن الإسلام
ظلم المرأة في إعطاء الذكر من الميراث ضعفيها ، فإنَّه يقال لهؤلاء: مادام أنَّه
تعالى قد شرع ذلك فينبغي على العبد المسلم أن يستسلم لشرعه ولا يعترض عليه كما قال
تعالى:(ويسلِّموا تسليما) ثمَّ إنَّ الله مادام قد خلقنا فلا اعتراض عليه لقوله
تعالى (لا يُسئل عمَّا يفعل وهم يسألون)وقد قال تعالى:(ألا له الخلق والأمر)فما
دام الشرع من عنده تعالى فينبغي على عبيده الاستسلام والخضوع لأمره، ويقال كذلك :
إنَّ الشريعة الإسلامية لم تعط المرأة أقل
من الرجل في جميع المورايث ، فإنَّه في العصبات قد تستحقُّ المرأة نصف الميراث أو
أكثر ، فليست المواريث مطَّردة في إعطاء المرأة أقلَّ من الرجل ، ومما يجاب على
ذلك بأنَّ الشريعة فرضت للذكر مثل حظِّ الأنثيين ؛ لأن الرجل هو القوَّام على
المرأة ، والمتولي شؤونها فيما تحتاجه، فالقضية ليست للتفضيل الذي لا يستند إلى
حكمة من ورائه بقدر ما هي للفرق بين المسؤوليات.
ولقد بان حقاً أن المرأة لو بلغت ما بلغت من
العلم والثروة الفكرية ، أو المخزون المعلوماتي ، فللفطرة التي ركَّبها الله فيها
جعلتها تطلب الفوارق عن الرجال في معاملة الإدارات لها ؛ فالمرأة في الغرب تجد روح
المساواة في العمل ، ولكنَّهنَّ يطالبن بإجازات وضع الحمل ، ورعاية أطفالهنَّ ،
فأين إذاً دعاوى المساواة بين الرجل والمرأة حتى في مجال العمل؟!
إنَّ المرأة خُلقت من نفس واحدة ، إذ كان
وجودها الأول مستنداً لوجود آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد بيَّن الله سبحانه
وتعالى ذلك فقال: { خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا
زَوْجَهَا}(الزمر:6).
وهذا أمر كوني قدري من الله، أنشأ المرأة في
إيجادها الأول عليه، وجاء الشرع الكريم المنزل من عند الله ليعمل به في أرضه،
بمراعاة هذا الأمر الكوني القدري في حياة المرأة في جميع النواحي، فجعل الرجل
قوَّاماً عليها ، وجعلها مستندة إليه في جميع شؤونها، كما قال تعالى:{ الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} (النساء:34).
فمحاولة مساواة المرأة مع الرجل في جميع نواحي
الحياة غير متحققة؛ لأنَّ الفوارق بين النوعين كوناً وقدراً أولاً، وشرعاً منزلاً
ثانياً، تمنع من ذلك منعاً باتاً ، ولهذا يقول تعالى في محكم التنزيل :{وللرجال
عليهنَّ درجة} يعني في الحقوق الزوجية ولوضوح الفوارق الكونية والقدرية والشرعية
بين الذكر والأنثى، وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه لعن المتشبه من
النوعين بالآخر. ولا شك أنَّ سبب هذا اللعن هو محاولة من أراد التشبه منهم بالآخر
لتحطيم هذه الفوارق الفطرية والشرعية التي لا يمكن أن تتحطَّم.
كما نص القرآن على أن شهادة امرأتين بمنزلة
شهادة رجل واحد، في قوله تعالى: { فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ
وَامْرَأَتَانِ...} (البقرة:82)، فالله الذي خلقهما لا شك أنَّه أعلم بحقيقتهما،
وقد صرح في كتابه بقيام الرجل مقام امرأتين في الشهادة.
قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ
اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ
وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ..}
(النساء:32)(وانظر بتوسع:أضواء البيان للشنقيطي5/169)
ومن جميل ما أختم به هذه القضيَّة ما قاله
الأديب مصطفى صادق الرافعي ـ رحمه الله ـ للمرأة المسلمة:(احذري تهوُّس الأوربية
في طلب المساواة بالرجل ، لقد ساوته في الذهاب إلى الحلاَّق ، ولكنَّ الحلاَّق لم
يجد اللحية!) وحي القلم(1/264)
* هل النساء ناقصات عقل ودين ؟
قبل البدء بمناقشة هذه القضيَّة يحسن عرض حديث
من أحاديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ في الموضوع ذاته ، فقد روى الإمام
مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان ، أنَّ رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ
قال:(يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار؛ فإنِّي رأيتكنَّ أكثر أهل النار ،
فقالت امرأة جزلة منهنَّ: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ فقال: تكثرن اللعن
، وتكفرن العشير ، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبٍّ منكنَّ . قالت: يا
رسول الله ! وما نقصان العقل والدين؟قال: أمَّا نقصان العقل ؛ فشهادة امرأتين تعدل
شهادة رجل ، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي ، وتفطر في رمضان ، فهذا
نقصان الدين).
[معنى الجزلة:أي ذات العقل والرأي والوقار ،
وتكفرن العشير: أي تنكرنَ فضله]
وقد اختلف كثير من المعاصرين خصوصاً حيال توضيح
نقص العقل والدين ، وكان منهم من خضع للروح الغربية ، فسرت في نفسه مظاهر الهزيمة
الداخلية ، وبدأ يفسِّر الحديث على حسب ما يفهم ، من خلال الروح الانهزامية
الدخيلة ، وبعضهم ادَّعى زوراً على رسول الله بأنَّ مقصده من ذلك الممازحة للنساء
اللواتي كان يمازحهن في حديثه هذا ، فكان ذلك من قبيل المباسطة والمداعبة لهنَّ
ليس إلاَّ ! وهذا زعمٌ غير لائقٍ في حقِّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهو في مقام
التبليغ والنصح للأمَّة.
أمَّا الذين هداهم الله ووفقهم لذكر الصواب في
هذه القضية فهم السواد الأعظم ـ ولله الحمد ـ من أهل العلم، وقد كانت تفسيراتهم
موافقة لمراد رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في إيراده لهذا الحديث، أمَّا
من حاول المناكفة والجدل في ذلك على غير الفهم الصحيح ، وبخاصَّة من النساء
المتحررات من ربقة العبودية لله ، فيحلو لي أن أذكر قصَّة حدثت قبل فترة في مجلس
حاشد جمع أكابر أهل العلم والثقافة ؛ حيث إنَّ الشيخ مصطفى السباعي ـ رحمه الله ـ
كان في أحد المؤتمرات يحاضر حول بعض قضايا الإسلام ، وبعد أن انتهى من ذلك ، قامت
امرأة معترضة عليه وقد كانت تحمل شهادة عالية في أحد التخصصات النادرة ، حيث قالت:
أوضح لي يا سيدي كيف قال الرسول:(ما رأيت من ناقصات عقل ودين..) وأنت ترى بأمِّ
عينيك إلى المستويات التي وصلنا لها من التخصصات الصعبة والنادرة ، وسنصل فيما بعد
إلى أعلى من ذلك ، فأجابها الشيخ مصطفى السباعي ـ رحمه الله ـ :صدقت ! لكن حين قال
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :(ما رأيت من ناقصات عقل ودين) كان بخطابه ذاك
يقصد نساء الصحابة أما أنت وأمثالك ؛ فلا عقل ولا دين!!
أمَّا عن تفسيرات العلماء لهذا النص النبوي فقد
جاءت على عدة معانٍ مختلفة ، واختلافها من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد،
ومن ذلك:
1ـ أنَّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ بيَّن في الحديث
أنَّ نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها ، وأنَّ شهادتها تُجْبَر بشهادة امرأة أخرى؛
وذلك لضبط الشهادة بسبب أنَّها قد تنسى أو تزيد في الشهادة ، ولهذا قال تعالى ( أن
تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) والضلال هنا فسَّره أهل العلم بأنَّه النسيان ،
والمرأة معروفة بطبيعة الحال بأنَّها في التفكير والإبداع قد تكون أقوى من الرجل
لأنَّها تستغل التفكير بالعقل الأيمن المتجه للإبداع والمهارات الابتكارية ،
ولكنَّها في الحفظ واستذكار المعلومات فهي قليلة الضبط لها ، وأكثر نسياناً من
الرجل ؛ وذلك لطبيعة الفطرة التي ركَّبها الله فيها، ولذا قال تعالى :( أن تضل
إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى).وأمَّا سبب نقصان دينها فلأنَّها في حال الحيض
والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم، ولا تقضي الصلاة (فهذا من نقصان الدين). ومما
ينبغي التنبيه إليه أنَّ المرأة غير مؤاخذة على هذا النقصان ؛ لأنَّ ذلك أمر كتبه
الله على بنات آدم ، وفطرهنَّ عليه ، رفقاً بهن وتيسيراً لأمرهن
2ـ وقال بعضهم إنَّ ممَّا يُفهم من هذا الحديث
أنْ تكون المرأة ، بطبيعتها الأنثوية أنقص عقلاً من زوجها ، لتستطيع أن تخلب لبَّه
، وقد جاء في حديث آخر:(ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبِّ الرجل الحازم من
إحداكنَّ) ولذا فقد تفعل المرأة بعض الأشياء ، لتحبِّب زوجها فيها من حسن تبعلها
له ، وحسن تدللها، لينجذب لها ، ويميل لحبها ، وقد وصف العرب النساء بهذه
الخاصِّيَّة فقال شاعرهم:
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهنَّ أضعف خلق
الله إنسانا
لهذا فالمرأة طَبَعَهَا الله على ذلك لتؤدي
دورها في الحياة الزوجية ، كما أنَّ الرجل جبله الله على الخشونة والقيام بأمور
زوجه ، لتتعادل الحياة الزوجية ما بين الخشونة والنعومة ، ويؤدي كلٌّ من الزوجين
دوره تجاه الآخر، لهذا كانت المرأة تحبُّ الزينة والتجمل والحلي ، ومن كانت هذه
غالب اهتماماته الدنيوية ، فإنَّه سيكون عقله منشغلاً بها عن غيرها من الاهتمامات
الأخرى، للتصدر للناس في الدعوة والتربية والتعليم ؛ ومما يدلُّ على ذلك قوله
تعالى :(أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) فطبيعة من نشأ في الجو
المخملي والمترف ، ومن يبحث عن الأزياء و(الموضة)وأدوات التجميل ،أن يكون أكثر
تفكيره وطلبه متَّجهاً لذاك الشيء ، ولا يعير اهتماماً لهموم أخرى إلاَّ ما رحم
الله ، وإن كان قد ذكر التأريخ الإسلامي
قديماً وحديثاً من النساء اللواتي سطَّرن بأقلامهنَّ ، أو بدعوتهن وتوجيههن ، أو
بدمائهن ، ما يفتخر المسلمون به ، ويفاخرون به الأمم ،ولا ريب أنَّ المرأة المسلمة
لعبت دوراً كبيراً في الدعوة إلى الإسلام والتعلم ، والجهاد من أجله.
3ـ أنَّ المرأة تمرُّ بفترات وتغيُّرات جسدية
قد تعاني منها كثيراً،وقد يكون لذلك أثره البالغ على نفسيتها، وطريقة تعاملها مع
الناس، وكذلك على طريقة تفكيرها ، وقد أكدت كثير من الأبحاث الطبية هذا ، وأنَّ له
تأثيراً شديداً على نفسية المرأة ، ممَّا يعرِّضها للإصابة بالإحباط ، وقلَّة
التركيز والكسل ، واضطراب الذاكرة ، كما قد تؤثر على سرعة الانفعال عندها ،
وتصيبها بالقلق ، والوهن ، وتغير المزاج ، والتوتر ، والشعور بالوحدة ، وثقل
الجسم.
4 ـ العقل جاء لعرض الآراء ، واختيار الرأي
الأفضل ، وآفة الاختيار الهوى والعاطفة ، والمرأة بطبعها تتحيز إلى العاطفة وتتميز
بها ، فهي معرضة للحمل ، واحتضان الوليد ، فالصفة الغالبة عليها العاطفة وهذا مفسد
للرأي ؛ ولهذا فهي تحكم على الأشياء متأثرة بعواطفها التي جُبلت عليها،فكانت
النساء ناقصات عقل ؛لأنَّ عاطفتهنَّ أزيد . وأكبر دليل على عاطفة المرأة تحمُّلها
لمتاعب الحمل والولادة ، وصبرها على رعاية طفلها، ويصعب على الرجل أن يتحمل ما
تتحمله المرأة في ذلك.
ولهذا كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ
يأمر بمراعاة مشاعر المرأة ؛ لأنَّها رقيقة ، وعاطفتها تجيش بسرعة وتندفع بقوة ،
وحين كان حادي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ يحدو في سفره وهو يسوق ليروِّح
عن الناس تعبهم وعن الإبل جهدها ، ناداه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قائلاً له: (يا
أنجشة رفقاً بالقوارير) فشبَّه رسول الله ـ صلّىَ الله عليه وسلَّم ـ النساء
بأنَّهن قوارير، مراعاة لعواطفهنَّ ومشاعرهنَّ.
أمَّا عن نقصان دينها ؛ فلأنَّ المرأة تُعفى من
فروض وواجبات لا يعفى منها الرجل ، فهي تعفى من الصلاة في دورتها الشهرية ، وتعفى
كذلك من الصيام وقت حيضها ، أو حملها ورضاعها ، وتعفى من الجهاد ، وصلاة الجمعة ،
والجماعة في المسجد، فصارت تكاليف المرأة الدينية أقلَّ من تكاليف الرجل الدينية ،
وذلك تقدير من الله لجِبِلَّتِها التي فُطِرَت عليها، وصدق الله حين قال:(للرجال نصيب
ممَّا اكتسبوا وللنساء نصيب ممَّا اكتسبن)النساء(32)
وممَّا تجدر الإشارة إليه أنَّ وصف المرأة بهذا
الوصف لا يعني ذلك نفيه عن بعض الرجال ، وأنَّهم لا يمكن أن يوصفوا به ، فهناك
الكثير من الآيات القرآنية التي نفت العقل عن كبراء القوم ، وعظمائهم من المنافقين
والكفار، لتنكبهم صراط الله المستقيم ، وإيثارهم الزائلة الفانية ، على الدائمة
الباقية، فهم ناقصو عقول ، ومنعدمو دين ـ عياذا بالله من ذلك ـ
* هل الإسلام يدعو إلى ضرب المرأة وانتهاك
كرامتها؟!
والجواب عن ذلك إن الإسلام لمَّا بيَّن حقوق الزوجين ، وما يراعيه
كلٌّ منهما في حقِّ الآخر، بيَّن أنَّ المرأة إذا بدأت منها علامات النشوز ، فليكن
موقف الزوج تجاهها عادلاً ، فلا تأخذه الأهواء أو النزعات الانفعالية ، فإنَّ هذا
موكل لترتيبات الشارع الحكيم ، في علاج تلك المشكلة ، فلا يكون الضرب أو الطلاق
أولها ، ولذا كانت مراتب التأديب كما يلي:
1ـ الوعظ بلا هجر ولا ضرب : قال تعالى :
(واللاَّتي تخافون نشوزهنَّ فعظوهنَّ...) أي فَيُذَكَّرن بكتاب الله ، وحقوقهنَّ
على أزواجهنَّ ، فإن أبت الزوجة ، ولم ينفع معها الوعظ والتذكير ، فينتقل إلى
المرتبة الثانية.
2ـ الهجر في المضاجع : قال تعالى:(واهجروهنَّ
في المضاجع...) وذلك بأن يولِّيها ظهره في المضجع ، أو ينفرد عنها في فراش يخصه ،
كما يجوز له أن يهجرها فترة طويلة ؛ فقد صحَّ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه
هجر نساءه شهراً ، ولهذا جوَّز أهل العلم هجر الزوج لزوجه أكثر من ثلاثة أيام بسبب
عذره الشرعي لنشوز المرأة ، وترفعها عنه كما ذكره الإمام الخطابي في معالم السنن ،
وغيره من أهل العلم.
وهذا يخص من أحاديث النهي العامة التي تنهى عن
هجر المسلم لأخيه المسلم أكثر من ثلاث ، كما في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم (لا
يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) أخرجه البخاري.
3ـ الضرب: كما قال الله تعالى:(واضربوهنَّ) ولا
يكنْ ذلك بداية علاج الداء ، وليكن هو آخره ؛ فإنَّ آخر العلاج الكي، ولذا كان
القول الحقُّ من أقوال العلماء أن لا يبدأ الرجل بضرب زوجه بداية نشوزها ، كما هو
مذهب الإمام أحمد ، وقول ابن عبَّاس ، وغيرهم كثير من أهل العلم .
ثمَّ إنَّ الضرب للزوجة ، ليس على إطلاقه بل له
عدَّة شروط:
أ ـ أن تصرَّ المرأة على النشوز والعصيان.
ب ـ أن يتناسب نوع العقاب مع نوع التقصير.
ج ـ أن يراعي الرجل ، مقصوده من الضرب ، وأنَّه
للعلاج والتأديب لا غير ، فينبغي التخفيف منه بقدر الإمكان ، ويتحقق ذلك كما ذكره
أهل العلم (باللكزة ونحوها أو بالسواك) ولهذا وصَّى رسول الرحمة محمد ـ صلَّى الله
عليه وسلَّم ـ أمَّته في حجة الوداع قائلاً:(...اتَّقوا الله في النساء ، فإنَّكم
أخذتموهنَّ بأمانة الله ، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله ، وإنَّ لكم عليهنَّ أن
لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهنَّ ضرباً غير مبرح) وقد عدَّ
الألوسي الضرب غير المبرح بأنَّه(الذي لا يقطع لحماً ، ولا يكسر عظماً) روح
المعاني(5/562)
ويجب كذلك على من ابتلي بترفع زوجته عنه ، ولم
يكن لها علاج إلا الضرب ، بأن يتقي الله في ضربه . قال عطاء : قلت لابن عبَّاس :
ما الضرب غير المبرح ؟ قال: السواك ونحوه.ويتجنَّب المواضع المخوفة كالرأس والبطن
، وكذا الوجه ؛ فإنَّ الرسول ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ نهى عن ضرب الوجه نهياً
عاماً، ولذا ذكر المحققون من أهل العلم ، كالنووي بأنَّ الرجل لو ابتلي بضرب زوجه
، وأفضى ذلك إلى تلف بعض أعضائها ، بأنَّ زوجها يجب عليه الغرم ؛ لأنَّه كما قال
النووي تبيَّن بأنَّ ذلك منه للإتلاف لا للإصلاح.
وقد أخرج أبو داود من حديث معاوية بن حيدة
القشيري ـ رضي الله عنه ـ قال : قلت : يا رسول الله ! ما حقُّ زوجة أحدنا عليه ؟
قال:(أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، أو اكتسبت ، ولا تضرب الوجه ، ولا
تقبِّح ، ولا تهجر إلاَّ في البيت)أخرجه أبو داود وصحَّحه ابن الملقن في البدر
المنير(8/289) وكذا قال الألباني:(حسن صحيح) في صحيح سنن أبي داود/صـ402.
فهذا هو موقف الإسلام من قضية ضرب المرأة ،
وليس كما يمثِّله العلمانيين ، والذين يقولون إن
الإسلام يأمر بضرب المرأة وإهانتها ، أو المنهزمون الذين ينفون ذلك عن
الإسلام بروح الهزيمة لقلَّة تضلعهم بعلم الشريعة ، واطَّلاعهم على النصوص التي
تعرضت لذلك ، آخذين نصَّا مبتسراً من عدة نصوص من الكتاب والسنة ، مع عدم ذكر سباق
النص ولحاقه ، ليتضح المعنى ، وتبين الصورة .
ولا يعني ذلك أنَّ الرجل إذا استخدم هذا العلاج
الأخير مع زوجه أنَّه يكرهها ، أو يكنُّ لها حقداً ؛ كلاَّ...فالرجل قد يضرب ابنه
على معصية ارتكبها ، وابنه من أحبِّ الناس إليه ، لكنه فعل ذلك لأجل حبِّه لابنه ،
فيكون رجلاً مستقيماً على دينه ، ومرضياً عند ربه.
* هل من المعقول أنَّ كيد المرأة أعظم من كيد
الشيطان،لأنَّ الله يقول عن النساء(إنَّ كيدكنَّ عظيم) ويقول عن الشيطان (إنَّ كيد
الشيطان كان ضعيفاً)؟!
والحقُّ أنَّ هذه المسألة قد اختلف فيها أهل
العلم على قولين:
1ـ أنَّ كيد المرأة أعظم من كيد الشيطان لظاهر
نصِّ الآية؛ وممن اختار هذا القول من العلماء المعاصرين الشيخ محمد الأمين
الشنقيطي صاحب أضواء البيان ؛ حيث يقول في كتابه المذكور(2/217):(كيد النساء أعظم
من كيد الشيطان ، والآية المذكورة هي قوله:(إنَّ كيد الشيطان كان ضعيفاً)فقوله في
النساء(إنَّ كيدكنَّ عظيم)وقوله في الشيطان(إنَّ كيد الشيطان كان ضعيفاً)يدلَّ على
أنَّ كيدهن أعظم من كيده.
ويضيف الشيخ ـ رحمه الله ـ : قال مقاتل عن يحيى
بن أبي كثير ، عن أبي هريرة قال : قال ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ :(إنَّ كيد
النساء أعظم من كيد الشيطان ؛ لأنَّ الله تعالى يقول:(إنَّ كيد الشيطان كان ضعيفاً
) وقال تعالى:(إن كيدكن عظيم) ا.هـ وقال الأديب الحسن بن آية الحسني الشنقيطي:
ما استعظم الإله كيدهنه إلاَّ لأنهن هنَّ
هنه)ا.هـ
2ـ الرأي الآخر يرى أنَّ المسألة تحتاج لتوضيح،
وتبيين ما في الآيتين من فروق ومن ذلك:
أ ـ أنَّ الظاهر لا مقابلة بين العظيم والضعيف.
ب ـ الكيد بالنسبة للنساء هو لجنسهنَّ ،
وبالنسبة للشيطان للعموم.
ج ـ كيد الشيطان كان ضعيفاً ؛ لأنَّه يمكن دحره
والتخلص منه بالاستعاذة ، أو الأذان ، أو ذكر الله عموماً، وكيد النساء عظيم ؛
لأنه من الصعب طردها!
دـ أنَّ قوله تعالى:(الذين آمنوا يقاتلون في
سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إنَّ كيد
الشيطان كان ضعيفا) فالآية تقابل بين من يقاتل في سبيل الله ومن يقاتل في سبيل
الطاغوت الذي هو الشيطان ، فمن الذي سيكون كيده ضعيفاً؟لا شكَّ أنَّه الشيطان ،
فكيد الشيطان بالنسبة لأولياء الله الصادقين ضعيف لا يقدر عليهم، كما أخبر الله
تعالى (إنَّه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) فمن كان يسنده
القوي فأنَّى يضعف؟!
أمَّا ما ورد في سورة يوسف ، فالمقابلة بين كيد
المرأة وكيد الرجل، ولا شكَّ أنَّ كيدهنَّ أعظم من كيد الرجل ـ والقصص في ذلك
كثيرة جداً ـ وجاء وصف كيدهنَّ على العظمة المطلقة مبالغة في تحقيق ذلك الوصف
فيهنَّ، وقد نبَّه على هذه النقطة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ في
بعض دروسه وشروحاته والله أعلم .
فيتبين أن الراجح ـ والله أعلم ـ أنَّ كيد
المرأة ليس أقوى من كيد الشيطان ، فقد وصف الله كيد المرأة في سياق معين ، ووصف
كيد الشيطان في سياق معين ، وكيد الشيطان أعظم من كيد المرأة ، لأنَّ كيد المرأة
جزء من كيد الشيطان ، ولكن ذكر بعض أهل العلم أنّ كيد الشيطان عن طريق الوسوسة ،
بينما كيد المرأة عن طريق المباشرة ، والمواجهة وهذا يكون له أعظم الدور في
التأثير على المقابل.
وليس يعني ذلك أنَّ هذا الكيد يعدُّ مظهراً من
مظاهر القوَّة ، بل هو من مظاهر الضعف كما بيَّنه الأستاذ الدكتور محمد السيد
الدسوقي ؛ فكيد المرأة لا علاقة له بكيد الشيطان بحال من الأحوال ، لأنَّه أسلوب
الضعيف الذي يحاول أن ينال حقَّاً ، لا يستطيع الوصول إليه صراحة .
وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه
وسلم أجمعين
=====================
عزيز محمد أبو خلف
باحث إسلامي
amakhalaf@gawab.com
تزداد الحملات العدائية الموجهة ضد الإسلام يوماً
بعد يوم ، وذلك من اجل التأثير على أفكار معتنقيه وتنفير الآخرين منه . ولا يعدو
الأمر أن يكون محاولة لإبعاد الإسلام والمسلمين عن الحياة العملية ، لان الإسلام دين
مؤثر عملياً ، وسبق أن حكم به المسلمون الدنيا فترة طويلة ، ومن غير المستبعد أن
تتكرر هذه التجربة مرة أخرى .
تتركز المحاولات بشراسة من اجل محاولة النفاذ
إلى الإسلام من خلال المرأة ؛ فالمرأة مقتل لأية أمة يمكن الوصول إليها من خلالها
، وذلك لِما للمرأة من أدوار فعالة لا تقوم الحياة بدونها . كما أن أعداد النساء
الداخلات في الإسلام في ازدياد لا سيما في بلاد الغرب ، مما
يشجع على تصويب السهام تجاه الأفكار الخاصة بالمرأة . لذلك تجد الهجوم يتركز على
عقل المرأة وأن الإسلام ينتقص منه ، وعلى الحجاب ، وعلى التعدد ، وغير ذلك من
الأفكار الإسلامية .
فلسفة الإسلام في النظرة إلى الرجل والمرأة
يسلط الإسلام النظر في العلاقة ما بين المرأة
والرجل على التكاثر وبناء الأسرة السعيدة ، في علاقة متكاملة ما بين الفرد
والجماعة ؛ فتراه يُسهل كل ما يؤدي إلى ذلك ، ويحد من كل ما يعيق تحقيق هذه المهمة
. وهو بهذا يخالف الحضارة الغربية التي تجعل من الجنس هدفاً ، فتسهل كل ما يحقق
هذا الهدف ، في حين إن الإسلام يعتبره
وسيلة لتحقيق الهدف المنشود ، وانه يأتي بشكل تلقائي في سعينا لتحقيق ذلك الهدف .
الإسلام يحصر العلاقة ما بين الرجل والمرأة في الزواج
ويحث عليه ويسهل كل ما يؤدي إليه ، ويحث على تكثير النسل . كما انه يمنع الاختلاط
لغير سبب ، ويمنع التبرج والخلوة ، ويدعو إلى ستر العورات ، كما انه يمنع شيوع
الأفكار الجنسية والمثيرة من قصص وكتابات وأفلام ومسلسلات يمكن أن تؤدي إلى تسهيل
شيوع الفاحشة والدعوة إليها .
كما إن
الإسلام يراعي الفطرة والتكوين الجسدي لكل من المرأة والرجل من الناحية
الإنسانية ، ويراعى الفروق بينهما . فهو لا يُغفل أمر الغرائز في الإنسان ، ولا
يطلق لها العنان ولا يكبتها كل الكبت ، بل يراعي العوامل المؤثرة فيها ، ويضبطها
بضوابط تكفل لها السير الحسن ، ويهذبها ويسيرها في اتجاه السعادة . ويجعل التعاون
أساسا للعلاقة ما بين الرجل والمرأة من اجل أن يتحقق الهدف المنشود ، ويدعو إلى
عدم النظر إلى الآخر بنظرة الحسد وتمنى ما لم يحصل عليه . كما انه يجعل للعقل
سلطاناً ليدرك به صاحبه عاقبة الأمور ولينظر فيما يضمن تحقيق الهدف . وبغير ذلك
تستوي الأمور بين الإنسان والبهائم ، لأن هذه تسير وفق الغرائز المبرمجة فيها ،
والإنسان له عقل يميز به الأشياء ويدرك به عاقبة الأمور .
وهذا يعني أن المسلم إذا نظر إلى المرأة فإن
نظرته تكون لأجل الزوجية أي التكاثر ، والمرأة المسلمة إذا نظرت إلى الرجل تكون
نظرتها لأجل ذلك أيضا . ولا بد من غض البصر على مبدأ أن النظرة الأولى لك والثانية
عليك ، فلا ينظر أي منهما للآخر نظرة شهوة إلا على أساس من الحلال الذي هدفه
التكاثر . وبناء عليه فان للرجل أن يطلب اكثر من امرأة للزواج إلى الحد الأقصى وهو
أربع نسوة ، في حين أن المرأة لا يمكنها أن تعدد لان ذلك يتنافى مع مبدأ التكاثر
الذي أشرنا إليه . فالرجل يمكنه أن ينجب من اكثر من واحدة ، أما المرأة فلا يمكنها
أن تنجب إلا من واحد مهما كثر عدد المجتمعين عليها .
لماذا لا يتحجب الرجل؟
الحجاب شعار متحرك في الطرقات والمحال
والمؤسسات وأماكن العمل ، فهو وسيلة دعوية متحركة وفاعلة حتى لو لم تدْعُ صاحبته
إلى ذلك ، أو لم تكن هي نفسها قدوة تحترم هذا الزي الذي ترتديه . فمجرد وجود هذا
الحجاب أو اللباس الشرعي كاف لإثارة أعداء الإسلام والعمل على محاربته . وقد تنوعت
أساليب العمل على خلع الحجاب والتخلص منه ، ومنها المناداة بحجاب للرجل مثل حجاب
المرأة . وبما انهم يعلمون تماما انه لا حجاب على الرجل في
الإسلام ، فانهم اتخذوا ذلك منفذا للتخفيف من حجاب المرأة . والحجة في ذلك
أن ما يثير الرجل من المرأة هو نفسه ما يثير المرأة من الرجل ، فلا بد أن يتساوى
الاثنان في اللباس . فإذا لم يحصل وكان الرجل له الحق في التخفيف من اللبس كالقميص
والبنطلون وغير ذلك ، فلا اقل أن يُسمح للمرأة بذلك .
لكن الإسلام يوجب ستر العورة لكل من الرجل
والمرأة ، على اختلاف في المذاهب على مستوى الستر ؛ فيتراوح عند المرأة ما بين
جميع الجسد أو الوجه والكفين ، وما بين السرة والركبة عند الرجل . كما يُشترط في
اللباس ألا يصف ، ولا يشف ما تحته ، ولا يكون مثيراً أو ملفتاً للنظر ، مع مطالبة
الطرفين بغض البصر . فهل يعني الاختلاف في اللباس ما بين المرأة والرجل وجود
اختلاف أيضا في طبيعة الإثارة وطبيعة الجسد عند كل منهما؟ هذا مع العلم أن كلا من
المرأة والرجل إنسان بالدرجة الأولى ، وما عند هذا من الغرائز هو ما عند تلك ،
فأين الفرق؟
المرأة بحكم طبيعة تكوينها الجسدي مثيرة ، لذلك
جاء التركيز على لباسها لمنع الإثارة والأذى . فالمرأة مطلوبة ، وذلك على الرغم من
أن لها نفس غرائز الرجل وما يثيرها يثيره ، لكن الاختلاف يكمن في المستوى ونقطة
البدء . فإذا كان الرجل مُثاراً ومهيئاً أي تغلب عليه الشهوة لأي سبب فانه يطلب
المرأة ، وقد يلجا إلى العنف ، وإذا لم يكن هناك ما يردعه فسيقضي شهوته منها رغماً
عنها . لكن لننظر إلى العكس ، لو أن المرأة هي التي تشتهي الرجل وطلبته ، فانه
يلزمها في هذه الحالة أن تثيره أولاً ، ثم بعد ذلك تقضي منه شهوتها . أما إذا لم
يتهيج فمن العسير عليها أن تأخذ منه شيئا ، ومن هنا كانت الإثارة من قبل المرأة سواء
كانت طالبة أم مطلوبة .
ومما يؤكد أن المرأة هي المطلوبة وأنها عرضة
للأذى ، ما يحصل في الحروب وفي حالات الاغتصاب ؛ فنرى كيف ينقض الجنود المحتلون
على النساء مثل الكلاب المسعورة . أما ما يقال من أن الاغتصاب انعكاس لمرض نفسي
فغير صحيح ، بل هو دليل على شدة طلب الرجل للمرأة ، وانه يحصل على ما يريد منها
بالقوة لأنها تقاوم بطبيعتها فيبادل المقاومة بأخرى .
شبهات أخرى
• الحجاب لا يمنع الرجل
من أن يهاجم المرأة لا في الحرب ولا في السلم ، والدليل ما حصل في البوسنة والهرسك
وحالات الاغتصاب للمحجبات وغيرهن . نقول أن هذا لا يمنعه
البتة ولكنه يخففه ، كما انه يؤكد أن المرأة مطلوبة سواء كانت محجبة أم لا ، لكن
الحجاب يضع في طريقه عقبات كثيرة .
• المرأة تتحجب خوفا من
الرجال . الحجاب فرض من الله ويجب أن يكون طاعة لله وخوفا من عقوبته . لأنه إذا
كان اللباس بسبب معين فانه يمكن أن يزول بزوال هذا
السبب ، وهذا غير صحيح ، بل لان الله فرضه وهذا دائم . ولباس المرأة فرض سواء حدثت
إثارة أم لم تحدث ، وسواء تعرضت لاعتداء الرجال أم لا ، وسواء فتنت الرجال أم لا ،
وسواء افتتن بها الرجال أم لا .
• التركيز على الحجاب
يعني أن المرأة سلعة جنسية ، وان المقصود هو
حماية الرجل . وهل هناك من ينكر أن المرأة فيها غريزة الجنس وان الرجل فيه نفس
الغريزة؟ ثم إنها حماية لكل منهما وليس لواحد على حساب الآخر ، لكننا بيّنا أن
المرأة لها وضعية تختلف عن الرجل من حيث إثارته ، فهي المطلوبة وهي العرضة للأذى
في النهاية . والوضع إجمالا هو حماية لكل منهما على حد سواء ، لان الحياة لا
تستقيم والشهوات مثارة ، فمصير ذلك القلق الدائم .
هل لنا أن نتساءل؟
هناك من يتساءل : إذا كان الإسلام دين الله
فكيف يستطيع هؤلاء أن يشككوا فيه ويعملوا على تفكيك عراه الواحدة تلو الأخرى؟
وبدلاً من الحديث عن تقاعس أهله عن القيام به ، أو عزو الأمر إلى شدة بأس أعدائه
وما إلى ذلك ، لا بد من إظهار الجانب الفكري في الموضوع . فنقول إن الذي يسهل
مهاجمة أفكار الإسلام هو النظر إليه مجزءاً وغير مُطبَّق ؛ ف الإسلام بطبيعته
متكامل وينبع من أصول لا بد من مراعاتها في النظر إلى أحكامه . وهذه الأحكام يرتبط
بعضها ببعض من حيث التطبيق الشامل لها والتعاون ما بين الفرد والجماعة ، لذلك من
الصعب أن نلمس أثرها وهي غير مطبقة بهذا الشكل . أضف إلى ذلك أن كثيراً من
الاجتهادات ليست عملية ، ولم تجرِ مراجعتها على مر الزمن ، كما أن هناك الكثير من
الأحكام التي يجهل المسلمون واقعها والحِكَم المستفادة منها ، لا سيما ما يمكن أن
نخاطب به الناس بلغة العصر الحاضر
=====================
السؤال: ما هي
حقوق المرأة في الإسلام ؟ وكيف تغيرت منذ العصر الذهبي للإسلام
( من القرن
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لقد كرم الإسلام المرأة تكريما عظيما ، كرمها
باعتبارها ( أُمّاً ) يجب برها وطاعتها والإحسان إليها ، وجعل رضاها من رضا الله
تعالى ، وأخبر أن الجنة عند قدميها ، أي أن أقرب طريق إلى الجنة يكون عن طريقها ،
وحرم عقوقها وإغضابها ولو بمجرد التأفف ، وجعل حقها أعظم من حق الوالد ، وأكد
العناية بها في حال كبرها وضعفها ، وكل ذلك في نصوص عديدة من القرآن والسنة .
ومن ذلك : قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا
الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ) الأحقاف/15 ، وقوله : ( وَقَضَى رَبُّكَ
أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ
عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا
تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ
مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )
الإسراء/23، 24 .
وروى ابن ماجه (2781) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ
جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَال َ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ
أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ
الآخِرَةَ : قَالَ : وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ :
ارْجِعْ فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ
وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟
قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا .
ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ
أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ
الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ
اللَّهِ . قَالَ : وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ ) صححه الألباني
في صحيح سنن ابن ماجة . وهو عند النسائي (3104) بلفظ : ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ
الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا ) .
وروى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ
النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ :
ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .قَالَ : ثُمَّ مَنْ
؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ ) .
إلى غير ذلك من النصوص التي لا يتسع المقام
لذكرها .
وقد جعل الإسلام من حق الأم على ولدها أن ينفق
عليها إذا احتاجت إلى النفقة ، ما دام قادرا مستطيعا ، ولهذا لم يعرف عن أهل
الإسلام طيلة قرون عديدة أن المرأة تُترك في دور العجزة ، أو يخرجها ابنها من
البيت ، أو يمتنع أبناؤها من النفقة عليها ، أو تحتاج مع وجودهم إلى العمل لتأكل
وتشرب .
وكرم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج
خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد
عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، وبين أن خير
المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته ، وحرم أخذ مالها بغير رضاها ، ومن ذلك قوله
تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقوله : ( وَلَهُنَّ
مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَوْصُوا
بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468)
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ
خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وابن
ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وكرمها بنتا ، فحث على تربيتها وتعليمها ، وجعل
لتربية البنات أجرا عظيماً ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَالَ
جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ
أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم (2631) .
وروى ابن ماجه (3669) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ
رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ ،
وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا
مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وقوله : (من جِدَته) أي من غناه .
وكرم الإسلام المرأة أختا وعمة وخالة ، فأمر
بصلة الرحم ، وحث على ذلك ، وحرم قطيعتها في نصوص كثيرة ، منها : قوله صلى الله
عليه وسلم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا
الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ،
تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ) رواه ابن ماجه (3251) وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه .
وروى البخاري (5988) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : قال اللَّهُ تعالى –
عن الرحم- : ( مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ) .
وقد تجتمع هذه الأوجه في المرأة الواحدة ،
فتكون زوجة وبنتا وأما وأختا وعمة وخالة ، فينالها التكريم من هذه الأوجه مجتمعة .
وبالجملة ؛ ف الإسلام رفع من شأن المرأة ، وسوى
بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام ، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة ، ومساوية
له في جزاء الآخرة ، ولها حق التعبير ، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو
إلى الله ، ولها حق التملك ، تبيع وتشتري ، وترث ، وتتصدق وتهب ، ولا يجوز لأحد أن
يأخذ مالها بغير رضاها ، ولها حق الحياة الكريمة ، لا يُعتدى عليها ، ولا تُظلم .
ولها حق التعليم ، بل يجب أن تتعلم ما تحتاجه في دينها .
ومن قارن بين حقوق المرأة في
الإسلام وما كانت عليه في الجاهلية أو في الحضارات الأخرى علم حقيقة ما
قلناه ، بل نجزم بأن المرأة لم تكرم تكريما أعظم مما كرمت به في
الإسلام .
ولا داعي لأن نذكر حال المرأة في مجمتع الإغريق
أو الفرس أو اليهود ، لكن حتى المجتمعات النصرانية كان لها موقف سيء مع المرأة ،
فقد اجتمع اللاهوتيون في "مجمع ماكون" ليبحثوا : هل المرأة جسد بحت أم
جسد ذو روح ؟! وغلب على آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجية ، ولا يستثنى من ذلك
إلا مريم عليها السلام .
وعقد الفرنسيون مؤتمرا سنة 586م للبحث في شأن
المرأة : هل لها روح أم لا ؟ وإذا كانت لها روح هي روح حيوانية أم روح إنسانية ؟
وأخيرا قرروا أنها إنسان ! ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب .
وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارا في عصر هنري
الثامن يحظر على المرأة أن تقرأ "العهد الجديد" لأنها تعتبر نجسة .
والقانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح
للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات .
وفي العصر الحديث أصبحت المرأة تطرد من المنزل
بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش ، وإذا ما رغبت في البقاء
في المنزل فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسيل ملابسها !
ينظر : "عودة الحجاب" (2/47- 56) .
فكيف يقارن هذا ب الإسلام الذي أمر ببرها
والإحسان إليها وإكرامها ، والإنفاق عليها ؟!
ثانياً : وأما تغير هذه الحقوق عبر العصور ،
فلا تغير فيها من حيث المبدأ والتأصيل النظري ، وأما من حيث التطبيق فالذي لا شك
فيه أن العصر الذهبي للإسلام كان المسلمون فيه أكثر تطبيقا لشريعة ربهم ، ومن
أحكام هذه الشريعة : بر الأم والإحسان إلى الزوجة والبنت والأخت والنساء بصفة عامة
. وكلما ضعف التدين كلما حدث الخلل في أداء هذه الحقوق ، لكن لا تزال طائفة إلى
يوم القيامة تتمسك يدينها ، وتطبق شريعة ربها ، وهؤلاء هم أولى الناس بتكريم
المرأة وإيصال حقوقها إليها .
ورغم ضعف التدين عند كثير من المسلمين اليوم
إلا أن المرأة تبقى لها مكانتها ومنزلتها ، أمّاً وبنتا وزوجة وأختا ، مع التسليم
بوجود التقصير أو الظلم أو التهاون في حقوق المرأة عند بعض الناس ، وكل مسئول عن
نفسه .
الإسلام
سؤال وجواب
====================
إن الزواج مبني على التفاهم والمحبة والتراحم
والمعاشرة الحسنة بالمعروف وإعطاء كل من الزوجين للآخر حقه.... قال الله تعالى:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ
الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
وينبغي لكلا الزوجين أن يكون ستراً ولباساً
لصاحبه يعفه عن التطلع إلى ما حرم الله تعالى، وأن يقيما حياتهما على طاعة الله
ومن ذلك تشاورهما في برامجهما، ولكن شرع الله حاكم عليهما ويجب التسليم له دائماً،
ولا شك أن امتناع الزوجة عن موافقة زوجها في طلب الفراش معصية خطيرة يجب الحذر
منها، لما توجبه من سخط الله ولعن الملائكة، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم
تأته، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه
فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها.
ومحل هذا إذا لم يكن لديها عذر شرعي كالصيام
الواجب والمرض أو نحو ذلك، فإذا كانت المرأة معذورة شرعاً، كأن كانت مريضة لا تطيق
الجماع مثلاً، فلا حرج عليها إن لم تجبه إلى ذلك، بل قد يحرم عليها إجابته إلى
الجماع أحياناً، كأن دعاها إليه وهي حائض، أو صائمة في صيام واجب أو محرمة بنسك.
ولكن مما ينبغي التنبه له أن الدعوة إلى الفراش
أعم من الجماع، فيجب عليها أن تجيبه للاستمتاع بها بما فوق الإزار إن كانت حائضاً،
وبما تطيقه إن كانت مريضة، قال النووي في شرحه لهذا الحديث: فيه دليل على تحريم
امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي، وليس الحيض بعذر في الامتناع لأن له حقا من
الاستمتاع بما فوق الإزار. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قوله:
"فبات غضبان عليها" المعصية منها تتحقق بسبب الغضب منه، بخلاف ما إذا لم
يغضب من ذلك فلا تكون المعصية متحققة، إما لأنه عذرها، وإما لأنه ترك حقه من ذلك.
انتهى.
كما يجب على المسلم الاستسلام لما حكم الله به
ورسوله صلى الله عليه وسلم، والبعد عن الاعتراض وتحكيم العقول فيما ثبتت فيه نصوص
الوحي، فقد قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36}،
وقال تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {القصص:68}، وقال
الله تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ
تَسْلِيمًا {النساء:65}.
وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه: أقسم
سبحانه بنفسه المقدسة قسما مؤكداً بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا
رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع، وأحكام الشرع المعاد، ولم يثبت لهم
الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج، وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم
لحكمه كل الانشراح، وتقبله كل القبول، ولم يثبت لهم الإيمان بذلك حتى ينضاف إليه
مقابلة حكمه بالرضى والتسليم وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض.
وقال عز وجل في كتابه مبينا أن السخط من أحكامه
وعدم الرضا بها كفر: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ
وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ {محمد:28}، وذكر العلماء سبعة
شروط لـ (لا إله إلا الله) حتى ينتفع بها قائلها، ومنها: الانقياد والقبول لما دلت
عليه لا إله إلا الله من: إفراده تعالى بالعبادة والطاعة، ثم إن الله تعالى جعل
للمرأة حقوقا على الرجل يجب عليه أن يسلمها لها، وأوجب عليها مقابل ذلك طاعته
وتسليم نفسها له إن أرادها للفراش وكانت مستطيعة، لأن الزوج يستحق بالعقد تسليم
العوض عن ما أصدقها وهو الاستمتاع بها، كما تستحق المرأة العوض وهو الصداق، فمتى
ما طلب الرجل زوجته وجب عليها طاعته في ذلك ما لم يمنعها منه مانع شرعي، أو مانع
في نفسها كمرض ونحوه، ولا يخفى أن على الرجل أن يراعي حقوق زوجته ويتقي الله تعالى
فيها، فالله سبحانه وتعالى يقول: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
الريحانه
================
أولا مشروعية الختان
أخرج الإمام احمد و ابن ماجة و الترمذى و اللفظ
لأحمد قال
حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ
بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ البُنَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ
عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا الْتَقَى الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ
و فى صحيح مسلم و حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن عبد الله
الأنصاري حدثنا هشام بن حسان حدثنا حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري
ح و حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى وهذا حديثه حدثنا هشام عن حميد بن هلال
قال ولا أعلمه إلا عن أبي بردة عن أبي موسى قال اختلف في ذلك رهط من المهاجرين
والأنصار فقال الأنصاريون لا يجب الغسل إلا من الدفق أو من الماء وقال المهاجرون
بل إذا خالط فقد وجب الغسل قال قال أبو موسى فأنا أشفيكم من ذلك فقمت فاستأذنت على
عائشة فأذن لي فقلت لها يا أماه أو يا أم المؤمنين إني أريد أن أسألك عن شيء وإني
أستحييك فقالت لا تستحيي أن تسألني عما كنت سائلا عنه أمك التي ولدتك فإنما أنا
أمك قلت فما يوجب الغسل قالت على الخبير سقطت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا جلس بين شعبها الأربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل
قال العسقلانى: الختان اى الموضع الذى يختن
قلت فهذا يدل على ان النساء فى عهد النبى كن
يختتن
فقد اشار الى فرج الانثى بلفظ الختان
و اخرج ابو داوود فى سننه قال
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ
الْأَشْجَعِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْكُوفِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ
أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ
أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ
بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا
تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ
قال العلامة الالبانى " حديث صحيح"
http://arabic.islamicweb.com/Books/albani.asp?id=16216
قلت : و لعل قول النبى لا تنهى اى لا تبالغى فى
ازاله الغلفة
و ما عليه العلماء المعتبرون هو ازالة الجلدة
التى كعرف الديك( الغلفة) او بعضها
وَفِي النِّهَايَة فِي مَادَّة شَمَمَ . وَفِي
حَدِيث أُمّ عَطِيَّة : " أَشِمِّي وَلَا تُنْهِكِي " شَبَّهَ الْقَطْع
الْيَسِير بِإِشْمَامِ الرَّائِحَة وَالنَّهْك الْمُبَالَغَة فِيهِ/ عون المعبود
شرح سنن أبى داوود
و قال الامام ابن تيمية: نَعَمْ
تَخْتَتِنُ" اى المرأة" وَخِتَانُهَا أَنْ تَقْطَعَ أَعْلَى الْجِلْدَةِ
الَّتِي كَعُرْفِ الدِّيكِ
و قال ابن القيم: قال الماوردي والسنة أن
يستوعب القلفة التي تغشى الحشفة بالقطع من أصلها وأقل ما يجزئ فيه أن لا يتغشى بها
شيء من الحشفة وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول
على أصل كالنواة" و النواة هى نفس العضو clitoris
الذى تغشاه الغلفةprepuce "ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها
http://arabic.islamicweb.com/Books/t...book=95&id=191
و قال الامام تقى الدين ابن تيمية
عندما سئل هل تختتن المراة؟
نَعَمْ تَخْتَتِنُ وَخِتَانُهَا أَنْ تَقْطَعَ
أَعْلَى الْجِلْدَةِ الَّتِي كَعُرْفِ الدِّيكِ {و تلك الجلدة هى القلفة prepuce او
clitoralhood
http://en.wikipedia.org/wiki/Image:C...er_anatomy.gif }
}قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْخَافِضَةِ - وَهِيَ الْخَاتِنَةُ - : { أَشِمِّي وَلَا
تُنْهِكِي فَإِنَّهُ أَبْهَى لِلْوَجْهِ وَأَحْظَى لَهَا عِنْدَ الزَّوْجِ }
يَعْنِي : لَا تُبَالِغِي فِي الْقَطْعِ وَذَلِكَ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِخِتَانِ
الرَّجُلِ تَطْهِيرُهُ مِنْ النَّجَاسَةِ الْمُحْتَقِنَةِ فِي الْقُلْفَةِ
وَالْمَقْصُودُ مِنْ خِتَانِ الْمَرْأَةِ تَعْدِيلُ شَهْوَتِهَا فَإِنَّهَا إذَا
كَانَتْ قلفاء كَانَتْ مُغْتَلِمَةً شَدِيدَةَ الشَّهْوَةِ . وَلِهَذَا يُقَالُ
فِي الْمُشَاتَمَةِ : يَا ابْنَ القلفاء!!! فَإِنَّ القلفاء تَتَطَلَّعُ إلَى
الرِّجَالِ أَكْثَرَ وَلِهَذَا يُوجَدُ مِنْ الْفَوَاحِشِ فِي نِسَاءِ التتر
وَنِسَاءِ الْإِفْرِنْجِ مَا لَا يُوجَدُ فِي نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا
حَصَلَتْ الْمُبَالَغَةُ فِي الْخِتَانِ ضَعُفَتْ الشَّهْوَةُ فَلَا يَكْمُلُ
مَقْصُودُ الرَّجُلِ فَإِذَا قُطِعَ مِنْ غَيْرِ مُبَالِغَةٍ حَصَلَ الْمَقْصُودُ
بِاعْتِدَالِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
قلت: فالختان المشروع هو ازالة القلفة التى
تحيط ببظر الفتاة removal
or splitting of the clitoral hood.
و هذا يوازى فى ختان الذكور ازالة القلفة التى
فى مقدمة ذكر الصبى
و ليس ازلة البظر clitoris او
حتى جزء منه فهذا مما نهى عنه النبى صلى الله عليه و سلم بقوله للخافضة
أَشِمِّي وَلَا تُنْهِكِي
ووضح العلة من ذلك بقوله
فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ
إِلَى الْبَعْلِ
اراء المذاهب
حُكْمُ الْخِتَانِ : اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ
فِي حُكْمِ الْخِتَانِ عَلَى أَقْوَالٍ : الْقَوْلُ الْأَوَّلُ : 2 - ذَهَبَ
الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ وَجْهٌ شَاذٌّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ ،
وَرِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ : إلَى أَنَّ الْخِتَانَ سُنَّةٌ فِي حَقِّ الرِّجَالِ
وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ . وَهُوَ مِنْ الْفِطْرَةِ وَمِنْ شَعَائِرِ الإسلام ، فَلَوْ
اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ حَارَبَهُمْ الْإِمَامُ ، كَمَا لَوْ
تَرَكُوا الْأَذَانَ . وَهُوَ مَنْدُوبٌ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ عِنْدَ
الْمَالِكِيَّةِ ، وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي رِوَايَةٍ
يُعْتَبَرُ خِتَانُهَا مَكْرُمَةً وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ
الْحَنَفِيَّةِ : إنَّهُ سُنَّةٌ فِي حَقِّهِنَّ كَذَلِكَ ، وَفِي ثَالِثٍ :
إنَّهُ مُسْتَحَبٌّ . وَاسْتَدَلُّوا لِلسُّنِّيَّةِ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَرْفُوعًا : { الْخِتَانُ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ
مَكْرُمَةٌ لِلنِّسَاءِ } وَبِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا { خَمْسٌ مِنْ
الْفِطْرَةِ الْخِتَانُ ، وَالِاسْتِحْدَادُ ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ ، وَتَقْلِيمُ
الْأَظْفَارِ ، وَقَصُّ الشَّارِبِ } . وَقَدْ قُرِنَ الْخِتَانُ فِي الْحَدِيثِ
بِقَصِّ الشَّارِبِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ وَاجِبًا . وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى
عَدَمِ الْوُجُوبِ كَذَلِكَ أَنَّ الْخِتَانَ قَطْعُ جُزْءٍ مِنْ الْجَسَدِ
ابْتِدَاءً فَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِالشَّرْعِ قِيَاسًا عَلَى قَصِّ الْأَظْفَارِ
. الْقَوْلُ الثَّانِي : 3 - ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ ، وَهُوَ
مُقْتَضَى قَوْلِ سَحْنُونٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ : إلَى أَنَّ الْخِتَانَ وَاجِبٌ
عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ . وَاسْتَدَلُّوا لِلْوُجُوبِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
: { ثُمَّ أَوْحَيْنَا إلَيْك أَنْ اتَّبِعْ مِلَّةَ إبْرَاهِيمَ حَنِيفًا } قَدْ
جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { اخْتَتَنَ إبْرَاهِيمُ
النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِينَ سَنَةً بِالْقَدُومِ
} وَأُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ إبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرٌ
لَنَا بِفِعْلِ تِلْكَ الْأُمُورِ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا فَكَانَتْ مِنْ
شَرْعِنَا . وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ كَذَلِكَ : { أَلْقِ عَنْك شَعْرَ الْكُفْرِ
وَاخْتَتِنْ } قَالُوا : وَلِأَنَّ الْخِتَانَ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَمَا
جَازَ كَشْفُ الْعَوْرَةِ مِنْ أَجْلِهِ ، وَلَمَّا جَازَ نَظَرُ الْخَاتِنِ
إلَيْهَا وَكِلَاهُمَا حَرَامٌ ، وَمِنْ أَدِلَّةِ الْوُجُوبِ كَذَلِكَ أَنَّ
الْخِتَانَ مِنْ شِعَارِ الْمُسْلِمِينَ فَكَانَ وَاجِبًا كَسَائِرِ شِعَارِهِمْ .
وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إذَا الْتَقَى
الْخِتَانَانِ وَجَبَ الْغُسْلُ } دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ النِّسَاءَ كُنَّ
يَخْتَتِنَّ ؛ وَلِأَنَّ هُنَاكَ فَضْلَةً فَوَجَبَ إزَالَتُهَا كَالرَّجُلِ .
وَمِنْ الْأَدِلَّةِ عَلَى الْوُجُوبِ أَنَّ بَقَاءَ الْقُلْفَةِ يَحْبِسُ
النَّجَاسَةَ وَيَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّلَاةِ فَتَجِبُ إزَالَتُهَا . الْقَوْلُ
الثَّالِثُ : 4 - هَذَا الْقَوْلُ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي
، وَهُوَ أَنَّ الْخِتَانَ وَاجِبٌ عَلَى الرِّجَالِ ، وَمَكْرُمَةٌ فِي حَقِّ
النِّسَاءِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِنَّ .
http://feqh.al-islam.com/Display.asp...23%23%23%23%23
قلت و خلاصة القول
وَهُوَ أَنَّ الْخِتَانَ وَاجِبٌ عَلَى
الرِّجَالِ ، وَمَكْرُمَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِنَّ
الأسباب الطبية لجراحة الختان الشرعى:
أسباب عضوية:
ـ حجم القلفة وزيادة طولها.
ـ وجود التهابات بينها وبين البظر مما يؤدي إلى
شدة حساسية البظر والألم عند لمسه.
ـ تراكم اللخن مما يزيد من تكاثر البكتريا
والتهابات الجهاز البولي الصاعد.
ـ الالتصاقات التي تحدث نتيجة لهذه الالتهابات،
والتي تؤدي إلى قفل المجرى البولي والتناسلي خاصة في الأطفال قبل سن البلوغ وفي
مرحلة الكبر في سن اليأس (نسبة لقلة هرمون الإستروجين).
أسباب جنسية:
ـ قلة الإرتواء الجنسي نسبة لضيق القلفة
للالتصاقات أو كبر حجمها، وبعد البظر إلى داخل الجسم.
ـ شدة الشبق الجنسي نتيجة للالتصاقات والحكة
وكثرة الانشغال بالمنطقة وملامستها.
أسباب نفسية:
البرود الجنسي، الهستريا، التبول اللاإرادي،
بعض حالات الاكتئاب النفسي، حالة النيمفومينيا " الهوس الجنسى"
و يؤيد ذلك ما ورد فى دائرة المعارف المجانية
http://en.wikipedia.org/wiki/Female_circumcision
Clitoridotomy
"Clitoridotomy" (also called "hoodectomy" as a
slang term) involves the removal or splitting of the clitoral hood. The United
Nations Population Fund states that this is comparable to male circumcision.[1]
In the
و فى نفس المصدر السابق
Through
the 1950s, some doctors continued to advocate clitoridotomy for hygienic
reasons or to reduce masturbation. For example, C.F. McDonald wrote in a 1958 paper
titled Circumcision of the Female [4],[5], "If the male needs circumcision for cleanliness and
hygiene, why not the female? I have operated on perhaps 40 patients who needed this
attention." The author describes symptoms as "irritation, scratching,
irritability, masturbation, frequency and urgency," and in adults,
smegmaliths causing "dyspareunia and frigidity." The author then
reported that a two-year old was no longer masturbating so frequently after the
procedure. Of adult women, the author stated that "for the first time in
their lives, sex ambition became normally satisfied." In the
medical
discussion of the topic of female sunna circumcision
this
message deals with the topic of female circumcision it's mostly written in
English so it will be difficult for those who dont have medical background to
cope with
I
apologize for any scientific mistakes that may be encountered. in fact the data
on the web are some what controversial ,contradicting and some times misleading
medical
indications of female circumcision" hoodectomy"
Two
Common Abnormalities
The
two common problems that make the highly sensitive area of the clitoris unable
to be stimulated are phimosis and redundancy. Sebaceous glands about the
clitoris attempt to prevent adhesions of the prepuce to it. This sometimes
fails and the clitoris is tightly adherent to the prepuce. This defect is
recorded as 1 plus or 25 per cent of the normal surface adherent, to 4 plus
or complete coverage. A prepuce for the protection of the clitoris is normal
and useful, but if it is excessive and extends past the eminence of clitoris it
can prevent contact and is harmful : said doctor W.G. Rathmann, M.D and He
added :
Additional
Indications
The
following situations would indicate the need for circumcision although less
phimosis or redundancy is present.
1. If the patient is quite adipose, a circumcision could be
indicated although she has less anatomic defect. Obstruction by the adjacent
tissues adds to her problem. This operation may help cure her adiposity by
relieving psychosomatic factors.
2. If the husband is unusually awkward or difficult to educate, one
should at times make the clitoris easier to find.
3. If the clitoris is quite small and is difficult to contact, a
circumcision might help by making it more accessible
dr.
Rathmann made a Questionnaire on a groupe of women on which he perfomed the
surgical procedure " hoodectomy" and received 112
Questionnaires
the
results:
in
73"women" had never experienced an
orgasm:
9 Not Successful (12.4%)
64 Successful (87.6%)
in
39"women" had experienced an
orgasm with difficulty:
5 Not Improved (12.5%)
34 improved (87.5%)
http://www.noharmm.org/femcirctech.htm
in an
article published on scientific American .com :
Why
do so many women have difficulty reaching orgasm? A new study suggests that,
for some, an anatomical disorder may be to blame. Researchers at Boston
University School of Medicine report that roughly one quarter of the women they
have treated for sexual dysfunction have clitoral phimosis, which means the
hood of skin surrounding their clitoris is too tight or there is no opening in
the skin for the glans of the clitoris to protrude for stimulation. The
scientists, who were led by Irwin Goldstein, presented their findings at the
Female Sexual Function Forum, a four-day meeting in
The
analysis was based on photographs taken of the vulvas of roughly 200 women
who have been evaluated at
It
adds:
Goldstein
and his co-workers found that women with the highest degrees of phimosis were
the most likely to report problems experiencing orgasm. Clitoral phimosis is
roughly equivalent to an uncircumcised man with an extremely tight foreskin.
http://www.sciam.com/article.cfm?art...D9F&sc=I100322
on
wikipedia .org :
Through
the 1950s, some doctors continued to advocate clitoridotomy for hygienic
reasons or to reduce masturbation. For example, C.F. McDonald wrote in a 1958 paper
titled Circumcision of the Female [4],[5], "If the male needs circumcision for cleanliness and
hygiene, why not the female? I have operated on perhaps 40 patients who needed this
attention." The author describes symptoms as "irritation, scratching,
irritability, masturbation, frequency and urgency," and in adults,
smegmaliths causing "dyspareunia and frigidity." The author then
reported that a two-year old was no longer masturbating so frequently after the
procedure. Of adult women, the author stated that "for the first time in
their lives, sex ambition became normally satisfied." In the
http://en.wikipedia.org/wiki/Clitoridotomy
i say:
so
justification of the procedure on hygienic grounds or to reduce masturbation
has declined as the view that masturbation causes mental or physical illness
has dissipated!!!! Ofcourse they" infidels"don’t care if the girl is
a chronic maturbator
, sexually hyperactive or not.
The
part to be taken during hoodectomy:
I say
just what makes the clitoris easier to find.!!
Just
to expose part of the clitoris like the glans or more to make the clitoris
accessible
This
procedure is to be performed only if the clitoris is redundant or tight
مقدار ما يؤخذ فى الختان
قال صلى الله عليه و سلم فى الحديث الذى رواه
ابو داوود قال:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ الدِّمَشْقِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ
الْأَشْجَعِيُّ قَالَا حَدَّثَنَا مَرْوَانُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَسَّانَ
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ الْكُوفِيُّ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ
أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ
أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تَخْتِنُ
بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا
تُنْهِكِي فَإِنَّ ذَلِكَ أَحْظَى لِلْمَرْأَةِ وَأَحَبُّ إِلَى الْبَعْلِ
قال العلامة الالبانى " حديث صحيح"
http://arabic.islamicweb.com/Books/albani.asp?id=16216
قلت : و لعل قول النبى لا تنهى اى لا تبالغى فى
ازاله الغلفة
و ما عليه العلماء المعتبرون هو ازالة الجلدة
التى كعرف الديك( الغلفة) او بعضها
وَفِي النِّهَايَة فِي مَادَّة شَمَمَ . وَفِي
حَدِيث أُمّ عَطِيَّة : " أَشِمِّي وَلَا تُنْهِكِي " شَبَّهَ الْقَطْع
الْيَسِير بِإِشْمَامِ الرَّائِحَة وَالنَّهْك الْمُبَالَغَة فِيهِ/ عون المعبود
شرح سنن أبى داوود
و قال الامام ابن تيمية: نَعَمْ
تَخْتَتِنُ" اى المرأة" وَخِتَانُهَا أَنْ تَقْطَعَ أَعْلَى الْجِلْدَةِ
الَّتِي كَعُرْفِ الدِّيكِ
و قال ابن القيم: قال الماوردي والسنة أن
يستوعب القلفة التي تغشى الحشفة بالقطع من أصلها وأقل ما يجزئ فيه أن لا يتغشى بها
شيء من الحشفة وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول
على أصل كالنواة" و النواة هى نفس العضو clitoris
الذى تغشاه الغلفةprepuce "ويؤخذ منه الجلدة المستعلية دون أصلها
http://arabic.islamicweb.com/Books/t...book=95&id=191
But
some argue that the prepuce covers the clitoris and prevents any painful
tactile stimulation of it
i
say: this occur in some not all women whose clitorises are too sensitive after
orgasm, making additional stimulation painful; they are probably not able to
experience multiple orgasms. " as said by the article published on
psychcentral.com"
http://psychcentral.com/psypsych/Org..._female_orgasm
But
during the preceding phases of orgasm " namely excitation, plateau and
orgasmic phases" stimulation of clitoris is beneficial for optimum sexual
pleasure and the woman " whose clitoris is too sensitive and had
hoodectomy"can already have a successful orgasm but those who argue talk
about the miracle called multiple orgasms!! Namely successive orgasms
They
want to say, seemingly, ahusband should leave the clitoris untouched during
intercourse definitely after the woman first orgasm so lets the woman to have
multiple orgasms and that comes when the prepuce covers the clitoris so if she
loses her prepuce the clitoris will be exposed" i say: this can be avoided
by chosing a sexual position with which its impossible to the clitoris to be
touched by the husband "
So
the uncircumcised woman can experience what is called multiple orgasms and she
knows when to stimulate manually her clitoris and when not to ;of course if her
clitoris is too sensitive she avoid s touching it after orgasm in order to
attain additional ones! Adding the view that women can attain orgasms even
without direct stimulation of their clitorises what is called vaginal orgasm
" but this is controversial"
Vaginal
Orgasms
A
vaginal orgasm is achieved via stimulation of the interior of the vagina, which
includes the G-Spot, the interior walls and the cervix. Vaginal orgasms are
usually described as "deep" and "relaxing", and can be
followed by a profound sense of calm. There is a difference in physiological
response between the two types of orgasms as well. Masters & Johnson, who
began their human sexuality studies in the 1950's and who are
considered to be pioneers in the filed of human physiology, reported that
"during a vaginal orgasm the internal organs are pushed downward,
contracting the upper half of the vagina".
Clitoral
Orgasms
The
clitoral orgasm is achieved by direct stimulation of the clitoris. This can be
achieved either manually, orally, during intercourse or with the aid of sex
toys. The clitoral orgasm is probably the most common form of orgasm among
women. In fact, the clitoris is actually very similar in structure to the
penis. It is made up of the same type of tissue, and is lined with the same
sensitive nerve endings. Clitoral orgasms are typically described as
"higher" and "intense" and can be accompanied by a sense of
over stimulation. Many women report that their clitoris is too sensitive to be
touched directly following an orgasm. Masters & Johnson also discovered
that there are physiological changes during clitoral orgasms that do not exist
during a vaginal orgasm. They described the response to clitoral stimulation as
"tenting", which means that the internal organs, for example the
bladder and the uterus, are "pulled up towards the breast, expanding the
top of the vagina".
So if
the woman is to or should!! have multiple orgasms and her clitoris is too
sensitive and even painful to touch after orgasm she must depend on or shift to
what is called vaginal orgasm!! so just she lets her husband's copulatory organ
in and out without touching the clitoris
بن مريم
=====================
1- في الحضارات السابقة للإسلام :
كانت المرأة, في الحضارات القديمة تحرم من حقها
في الإرث حتى لا ينتقل المال بزواج البنت من بيت الأب الى بيت الزوج, وكان ينحصر
الإرث في الابن الأكبر البالغ القوي القادر على حمل السلاح والدفاع عن القبيلة0
2- في الشريعة الإسلامية :
لقد تناولت الشريعة الإسلامية مسائل التوريث بإفاضة وتفصيل وتحديد
شمل جميع حالات التوارث وسببه وموانعه وترتيبه0
أ - (حق المرأة في الأرث) :
أعطى الإسلام المرأة الحق في إرث والديها
وأقاربها وجعله نصيباً مفروضاً لها لقوله تعالى :( لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا
تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا
مَّفْرُوضًا (7)النساء)0
ويرى فقهاء المسلمين أن هذه الآية تقرر قاعدة
عامة في تثبيت شرعية الإرث الذي يحق للجنسين -الرجال والنساء- كما يرون فيه
تشريعاً حقوقياً لسنة جديدة لم تكن مألوفة من قبل وهي توريث المرأة0
وتنحصر أسباب الإرث في الشريعة الإسلامية في ثلاثة : الزوجية والقرابة
والتعصيب0 وأنواعه بثلاثة أيضاً : { الإرث بالفرض و الإرث بالتعصيب و الإرث بالرحم
}
1- {الإرث بالفرض} :
والفرض "لغة " معناه التقدير, وقد
أطلق الفقهاء على بحث المواريث " علم الفرائض " لأن أنصباء الورثة
محدودة
مقطوعة0 فالتوريث بالفرض يعتبر, بمثابة ميراث
بالتخصيص أي أن أصحاب الفروض يأخذون فرضهم أو حصتهم المحفوظة من التركة قبل أي
وارث آخر نزولاً عند حديث الرسول الشريف : " الحقوا الفرائض بأهلها , فما بقي
فهي لأولى رجل ذكر "0
ترث المرأة بالفرض في ثمانية حالات في حين لا
يرث الرجل بالفرض إلا في أربعة حالات فقط0
وهذه الحالات التي ترث فيها المرأة بالفرض هي :
*الزوجة : ونصيبها محدد بالآية :
(وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن
لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا
تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ (12)النساء)
*الأم : ونصيبها محدد بالآية :
(وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا
السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ
وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ
السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ
وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ
اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا (11)النساء)
*البنت : فرض لها النصف إذا لم يكن معها أخ أو
أخت : (وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (11) النساء )
*بنت الابن : ترث بالفرض إذا لم يكن يحجبها فرع
وارث أعلى منها لا من الذكور ولا من الإناث0
*الأخت الشقيقة : ترث أخاها المتوفي النصف
فرضاً إن كانت واحدة أي ليس لها أخ أو أخت شقيقة وألا ترث وفق (وَإِن كَانَ رَجُلٌ
يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ
مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي
الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ
وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) النساء)0
*الأخت لأب : إذا لم يكن معها أخت شقيقة
للمتوفي تخضع لنفس أحكام الأخت الشقيقة0
*الجدة الصحيحة : وهي أم لأب أو أم أب الأب ,
أو أم الأب وكذلك أم الأم, وهي ترث بواقع السدس إن كانت واحدة0
2- {الإرث بالتعصيب}:
ترث المرأة بالتعصيب إذا كانت تشترك في جهة
القرابة بدرجة واحدة كالأخ مع أخته الشقيقة أو أخوته, وكبنت الابن مع ابن مساو لها
في الدرجة ولم يحجبهم من هو أقرب منهم درجة0 ففي هذه الحالات ترث الأنثى نصف ما
يرثه الذكر طبقاً للقاعدة الإسلامية واستناداً إلى الآية :
( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11)النساء)0
والحالات التي ترث فيها الأنثى بالتعصيب هي :
البنت, بنت الابن, الأخت لأبوين, والأخت لأب0
3- {الإرث بالرحم} :
يعرف الفقهاء ذوي الأرحام, بالأقارب من غير
أصحاب الفروض أو الأعصاب مثل : أولاد البنت, والجد غير الصحيح (وهو أبو الأم وأبو
أم الأب) والجدة غير الصحيحة وأبناء الإخوة لأم وأولاد الأخوات وبنات الأخوة0
والشريعة الإسلامية لم تورد نصاً صريحاً في تأريث ذوي
الأرحام ولكن جمهور الفقهاء يرى تأريثهم بترتيبهم في الإرث, وفي حال لم يترك
المتوفي أحداً من أصحاب الفروض ولا من العصبة من أقاربه
ب - (الانتقادات)
على الرغم من كل هذه الحقوق المتعددة التي
منحتها الشريعة الإسلامية للمرأة في
الميادين المختلفة جميعها وعلى الرغم من أن معظم هذه الحقوق لم تنلها "
المرأة العالمية " اليوم في مختلف دول العالم إلا بعد جهود كبيرة ومتتابعة
وظلت في أكثرها بشكل مطالب تسعى إلى تنفيذها الأمم المتحدة, فإن بعض المتحاملين
على الإسلام , تذرعوا " بقاعدة الإرث " عند المسلمين التي تقول : "
للذكر مثل حظ الأنثيين " ليوجهوا انتقاداتهم اللاذعة فيقولون :
" إن هذه القاعدة تكرس مبدأ التمييز ضد
المرأة وهي تلحق بها الجور والضرر على أعتبار أن الولد يرث ضعفي ما ترثه البنت من
الأبوين0 ومن هذه الانتقادات ما جاء على لسان " جبريال بير " من قوله
:" إن قضية الإرث ونصيب المرأة منه نصف نصيب الرجل لهو بدون شك سبب مهم
بالنسبة لدونية المرأة العربية المسلمة"0
وقد لقى هؤلاء المتحاملين على الإسلام , صدى
ليس فقط عند غير المسلمين بل عند بعض الفئات المسلمة الجاهلة جهلاً مطبقاً لأحكام
الشريعة والغاية النبيلة التي وضعت من أجلها, فطالبت هي الأخرى بتعديل هذه القاعدة
حتى يتساوى نصيب الذكر و الأنثى في الميراث0
فلهؤلاء نقول :
إن قاعدة " التنصيف " هذه ليست قاعدة
مطردة وثابتة في جميع أنصبة الإرث التي تتعلق بالنساء فهناك حالات :
1- يتساوى فيها الذكر مع الأنثى في نصيبهما من
الإرث0 فقد تساوى نصيب الأب وهو مذكر , مع نصيب الأم وهي أنثى في ميراث أبنهما0
وكذلك يتعادل نصيب الأخ والأخت في الميراث إذا كان رجل يورث كلالة (أي ليس له والد
ولا ولد)0 فلكل واحد منهما السدس0
2- إن قاعدة التنصيف مفروضة فقط في أنصبة الإرث
وليس على مال التركة كله0 إذ قد تزيد حصة الإناث على حصة الذكور في مجموع مال
التركة0 مثلاً : إذا توفي رجل وله زوجة وأم وثلاث بنات ومولود ذكر , فإن مجموع ما
ترثه الإناث يفوق ما يرثه الذكر0
3- إن هذه القاعدة لا تطبق في المال الموهوب,
إذ للبنت أن تتساوى مع أخيها في الهبة أي في العطاء الأبوي الممنوح وهو على قيد
الحياة بل يحظر تفضيل الابن على البنت لقوله( ) : " سووٌا بين أولادكم في
العطية , فلو كنت مفضلاً أحداً لفضلت النساء "0
4- كذلك الأمر في الوصية0 وهي بتعريف الفقهاء :
تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق الشرع0 فإنه يجوز للموصي أن يطبق قاعدة
المساواة في الوصية بين الذكور والإناث, أو أن يراعي قاعدة التنصيف إن أراد ذلك0
5- وأخيراً إن قاعدة التنصيف مستثناة في
الأراضي الاميرية التي يراعى فيها مبدأ التساوي بين الذكور والإناث في إنتقال
الأراضي الاميرية من شخص إلى آخر0
* * * * *
الحكمة الشرعية من هذه القاعدة :
إن التمييز الحاصل في الميراث بين الذكور
والإناث من الأولاد , لا يقصد منه أبداً " التهوين " أو التقليل من
اعتبارهن كونهن " إناث " كما يدعي البعض0 لأن هذا النصاب قد حدد من وجهة
الشرع الإسلامي على أساس المهام بين أعباء
الرجل الاقتصادية في الحياة العائلية , وبين أعباء المرأة0
لذا يرى رجال الدين الإسلامي أن جعل نصيب المرأة في الميراث نصف
نصيب الرجل " ينبغي ألا ينفك عن تحديد مسؤوليات الرجل الشرعية, مادية ومعنوية
ومنها إلتزام الإنفاق على المرأة التي هي في ولايته زوجة وبنتاً, أماً أو أختاً,
أو قريبة تلزمه النفقة عليها0
فالتفاوت في التبعات المالية هو الذي أدى إلى
تفاوت في أنصبة الميراث0
والتزام الرجل بها شرعاً بلا منة ولا تمنين, هو
الذي حدا بالشرع الإسلامي إلى أن يحكم
للمرأة نصف نصيب الرجل في الإرث0 وأننا لو ألقينا نظرة سريعة على وجوه وجوب
الإنفاق المكلف بها الرجل شرعاً لآدركنا في نهاية المطاف أن المرأة هي الرابحة
مادياً, لأن الرجل مطلوب منه شرعاً وباختصار :
1- أن يتكفل أمه وأباه , واخنه وأخاه, وأقاربه
الأدنى فالأدنى إن كانوا معسرين0 والمرأة معفاة من هذا الواجب لقوله تعالى :
(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلْ مَا
أَنفَقْتُم مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (215) البقرة)0
كذلك لابد من التنويه بأن الشرع الإسلامي هو أول شرع قرر للمرأة حقها في الإرث
منذ 1400سنة ونيف0 وقد خطا خطوة كبيرة في مجال القضاء على أشكال التمييز ضد
المرأة, إذ منحها من الحقوق المالية أكثر بكثير مما تطمح إليه " المرأة
العالمية " اليوم في تحقيق ما تصبو اليه في مجال المساواة في الحقوق المالية
والاقتصادية والأسرية كماورد في المادة الثالثة عشر, وفي البند " ح " من
المادة السادسة عشرة من أتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة0
وأن ما ترثه المرأة المسلمة تدخره لتتمكن من
الإنفاق على نفسها في حال عدم زواجها , أو في حال وفاة الزوج إذا لم يترك لهاما
يقوم بأودها0 فيكون المال الذي ورثته بمثابة مال أحتياطي تنفقه عند الضرورة على
نفسها أو على أسرتها0
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه إن قدر للمرأة أن
تساعد في عملية الإنفاق بسبب ضيق حال الزوج, أو بسبب إعساره, أو بسبب أرتفاع مستوى
المعيشة, أو لآي سبب أخر فإنها تقوم بعملها هذا متطوعة ومحتسبة في عملها هذا أجراً
وثواباً من الله تعالى0
جاء في حديث للرسول ( ) عن أم سلمة أنها قالت :
" يا رسول الله, هل لي في بني أبي سلمة أجر أن أنفق عليهم, ولست بتاركتهم
هكذا, ولا هكذا (أي يتفرقون في طلب القوت يميناً وشمالاً) إنا هم بني0
فقال النبي ( ) : " لك أجر ما أنفقت عليهم
"0
2- أن يعول زوجه وأولاده , ويؤمن لهم المسكن
والمأكل والمشرب والملبس وسائر مصاريف تكاليف الحياة المعيشية من تطبيب وتعليم
وترفيه, والمرأة معفاة من ذلك0
3- أن يؤمن نفقة الزوجة إذاما طلقت حتى تنتهي
مدة عدتها, وقد تمتد فترة النفقة إذا ما كانت حاملاً إلى أن تضع حملها0 كما يطلب
من الرجل أن يؤمن أجرة الرضاعة إذا أمتنعت الأم عن إرضاع رضيعها0 والمرأة معفاة من
ذلك0
يقول تعالى : ( وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ
رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ
وُسْعَهَا (233) البقرة)0
( وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا
عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (6)الطلاق)
( وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ
أُخْرَى (6)الطلاق )0
4- أن يقدم المهر لعروسه قل أو كثر و لا تتكلف
المرأة شيئاً لقوله تعالى : (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً
(4)النساء)0
إذن هذه الأعباء المالية الملقاة على عاتق
الرجل شرعاً, هي التي أدت الى هذا التفاوت في أنصبة الإرث بينه وبين المرأة0
وعليه يمكن القول بأن الرجل والمرأة متعاكسان
في الملك والمصروف, فليس هناك من غبن أو ظلم- كما يتوهم المغرضون - في قضية
الميراث عند المسلمين بتطبيق قاعدة التنصيف0 ومقارنة سريعة وبسيطة بين ما يمكن أن
تملكه النساء المسلمات عن طريق الإرث وما يمكن أن تحصل عليه النساء غير المسلمات
في العالم من أموال معتمدين على ماجاء في تقرير برنامج :
" خطة العمل العالمية للنصف الثاني من عقد
الأمم المتحدة للمرأة العالمية عام 1980 "
لأدركنا بطلان التعرض لهذه القاعدة موضوع
الانتقادات0
يقول التقرير : " فبينما تمثل المرأة 50%
من سكان العالم الراشدين وثلث قوة العمل الرسمية , فإنها تعمل تقريباً ثلثي ساعات
العمل ولا تتلقى إلا عشر الدخل العالمي, وتمتلك أقل من واحد بالمائة من الممتلكات
في العالم "0
بينما مقدار أو نسبة ما تملكه المرأة المسلمة
عن طريق الإرث يمثل 33.33 بالمائة رغم قاعدة التنصيف0 فالدعوة إلى تغير "
قاعدة التنصيف " في قضية الإرث دعوة لا يمكن أن تعطي ثماراً مقنعة للداعين
لها, هذا فضلاً عن أنها حكم شرعي إلهي لا يقبل التعديل ولا التبديل ومن أعلم
بمصلحة الخلق إلا هو سبحانه وتعالى ؟0
5- رأي المنصفين بنظام التوريث عند الإسلام :
جاء على لسان " أنا بيزنت " في
كتابها : " الأديان المنتشرة في الهند " ما يلي :
" إن قاعدة الإرث في
الإسلام للمرأة, أكثر عدلاً وأوسع حرية من ناحية الاستقلال الذي يمنحه إياه
القانون المسيحي الإنكليزي0 وما سنه الإسلام للمرأة يعتبر قانوناً نموذجاً إذ تكفل
بحمايتها في كل ما تملكه عن أقاربها أو زوجها أو أبيها "0
كما جاء على لسان " غوستاف لوبون "
في هذا الموضوع ما يلي :
" منح القرآن المرأة حقوقاً إرثية بأحسن
مما في قوانيننا الأوروبية0 وإن قوانين الميراث التي نص عليهاالقرآن على جانب كبير
من العدل والأنصاف0 وأن الشريعة الإسلامية
منحت الزوجان حقوقاً في المواريث لا نجد مثلها في قوانيننا "0
-----------------------------
منقول عن: ( حقوق المرأة بين الشرع الإسلامي والشرعة العالمية لحقوق الانسان )
================
الشبهة(2) :
قولهم بالمساواة ( التامة )بين الرجل والمرأة
والجواب أن يقال : ما هي الأمورُ التي سَوَّى
فيها الإسلام بين الرجل والمرأةِ؟ وما هي الأمورُ التي فَرَّق فيها بينهما؟ لا شك
أن الجوابِ عن هذَينِ السؤالين ضرورِيٌّ حتى لا يُؤدِي عدمُ الفصلِ في هذهِ
المسألةِ إلى ظلمِ المرأةِ. وفيما يأتي عرْضٌ لِنَوعَينِ من الأحكامِ دونَ الدخولِ
في تِبْيان الِحكمةِ والمْغْزَى وراء التفريقاتِ انْسجامًا مع منهجِ البحث ِفي
اجتنابِ أسلوبِ التبريرِ والدفاعِ عن أحكامِ شرعِ اللهِ:
أ- الأحكام التي تَحقَّقت فيها المساواةُ بين
الرجل والمرأة وهي كثيرةٌ منها:
1- العباداتُ من طَهارةٍ وصلاةٍ وصومٍ وحجٍ
وزكاةٍ مع اختلافاتٍ يسيرة. فَفَي الصَّومِ تُفطر المرأةُ وُجوبا إذا حاضَتْ أو
نفَسَت. أما في الصلاةِ فلا اختلاف بينها وبين الرجل إطلاقًا إلا في اللباسِ، وفي
كونِ صلاتِها في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في المسجدِ، وكونِ خيرِ صفوفِ النساء في
الجماعةِ آخرَها بِخِلافِ صُفوفِ الرجالِ، وفي تَنْبيهِهَا الإمامَ إذا سَهَا
بالتَّصْفِيقِ لا بالتسبيحِ كالرجالِ، وفي عدم جوازِ إمامتِها للرجال، وفي
جَهْرِها بالقراءةِ في الصلاةِ الجهرية أمامَ الرجالِ الأجانبِ فَتَرْفعُ صوتَها
بِقَدْرٍ يؤمن معه الفتنةُ.
أما ما ذهب إليه بعضُ الفقهاء من أنها لا
تَرْفَعُ يدَيْها حِذاء أُذُنيهَا بل حذاءَ مِنْكَبَيْها فهذِه هي السُّنة للرجلِ
والمرأةِ. وذهب آخرون إلى أنها تَضُمُّ فَخْدَيْهَا في رُكوعِها وسجودِها؛ ولا
يَصِح في هذا دليلٌ، وكذلك القولُ بأنها لا تفرج أصابِعَها في الركوعِ، وبأنها تضع
يمينَها على شِمالِها تحت قدَمَيْها أو أنها تضع يدَيْهَا في التشهدِ على فخديها
حتى تبْلُغَ رُؤوسُ أَصَابعها رُكْبتيها. أما القولُ بأنها تتورك في حالِ
جُلُوسِها للتشهدِ فإنْ قَصَدَ التشهدَ الأخيرَ فالسُّنةُ فيهِ الجلوسُ مُتوركا
بالنسبةِ للرجل والمرأة على السواء، وكذلك لا يصح القول إنه يُكْرَهُ حضورُها جماعةَ
الصلاة في المسجدِ.
قال الشيخُ الألباني في نهايةِ كتابه «صفةُ
صلاةِ النبيِّ كأنك تراها من التكبيرِ إلى التسليمِ» ما نصه: كلُ ما تقدم من صفةِ
صلاتهِ صلى الله عليه وسلم يستوي فيه الرجالُ والنساءُ، ولم يَرِدْ في السُّنةِ ما
يَقْتَضِي استثناءً مِن بعضِ ذلك، بل إن عمومَ قولِه صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا
كَمَا رَأَيْتُمُوِني أُصَلِّي» يشملهن، وهو قول إبراهيم النَّخَعِيِّ قال:«
تفعَلُ المرأةُ في اَلصلاةِ كما يفعل الرجلُ»(583)، وروى البخاري بسنَدٍ صحيحٍ عن
أمِّ الدَّرْدَاءَ «أنها كانت تجلِسُ في صلاتِها جِلْسةَ الرجلِ وكانت فقِيهَةً
(584) أما حديثُ انضمامِ المرأة في السجود وأنها ليست في ذلك كالرجل، فهو مُرْسَلٌ
ولا يَصِحُّ. رواه أبو داود في «المراسيل» عن يزيدِ بن أبي حبيبٍ. وأما ما رواه
الإمام أحمد عن ابنِ عمرَ أنه كان يأمرُ نِساءَهُ يَتَرَبَّعْن في الصلاة فلا يصحُّ
إسنادُهُ لأن فيه عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف» (585) .
وفي الحَجِ فإن المرأةَ لا تختلفُ عن الرجلِ
إلا في أمورٍ معدودةٍ قليلةٍ هي: أنَّها لا تَنْزِعُ شيئاً مِن لباسِها المشروعِ،
وأنها تُقَصِّر ولا تَحْلِق لقولِه صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ على النساءِ حَلْقٌ،
إنَّما على النساء التقصيرُ» (586) ، فَتَجْمَعُ شَعْرَها فَتقص منه قَدْر
الأُنْمُلَة، وأنها إن حاضت فلا تنتظر لِتَطُوفَ طوافَ الوَداع إذا كانت قد طافتْ
طَوافَ الإفَاضةِ. وطوافُ النساءِ حولَ البيتِ وسَعْيُهُنَّ بين الصفا والمروةِ
كُلُّهُ مَشْيٌ، فلا رَمَلَ عليهِنَّ حَولَ البيتِ ولا بين الصفا والمروة وليس
عليهن اضْطِّباعٌ (587) .
أما القولُ بأنها لا تُلَبِّي جَهْرًا فَيُجاب
عنه أن عائشة رضي الله عنها كانت ترفع صوتَها حتى يسمَعَها الرجالُ، قال أبو
عطيةَ: سمِعْتُ عائشة تقول: إني لأَعْلَمُ كيف كانت تَلْبِيةُ رسولِ اللهِ صلى
الله عليه وسلم، ثُم سمعها تُلبِّي بَعْدَ ذلك (588). وعلى هذا فإن المرأة تُلَبي
وترفعُ صوتَها ما لم تَخْشَ الفِتْنَة.
وأما القولُ بأنها تقِفُ في حاشيةِ المَوقِفِ
في عَرَفَةَ لا عند َالصَّخَراتِ وتقْعُدُ في حين أن الرجلَ يكون راكباً، فهذا مما
لا أعرِفُ له دليلاً.
والحائِضُ في الحَج تفعل كلَّ ما يفْعلُه
الرجلَ عدا الطوافَ لأنه صلاةٌ قال صلى الله عليه وسلم لعائشةَ لما
حاضَتْ:«افْعَلِي ما يفعَلُ الحاجُ، غَيْرَ ألا تَطُوفي بالبيتِ حتى تَطْهُرِي»
(589) .
2- المعاملات: لا تشترط الذكورة في عقود البيع
والتجارة والقرض والهبة والوقف والحوالة والضمان والقراض والشركة والإجارة
والجعالة والمساقاة والمزارعة والرهن والشفعة وغيرها من العقود، ولذا فإن الرجل
والمرأة في الأنشطة المالية والاقتصادية المختلفة سواء.
3- الحدود والقصاص: تستوي المرأة والرجل في كل
ما يتعلق بالحدود والقصاص إلا فيما يخص رجْم الزانية فإنها تُرْجَم بلباسها
الشرعي، وتُجلد جالسةً والرجل قائمًا وهذا اجتهادٌ فقهي وليس حكمًا يَعتمد على نص،
فما رُوِي من أنه «تُضرَب المرأة جالسةً والرجل قائمًا» لا يصح عن النبي صلى الله
عليه وسلم (590). ولا تُنْفَى الزانية غير المُحْصَنة ويُنْفَى الزاني غير
المُحْصَن، ولا تدخل مع العاقلة فلا شئ عليها من الدية. ولا يصح القول: إن المرأة
إذا ارتَّدَّت لا تقتل اعتمادًا على حديث «لا تُقْتَلُ المرأةُ إذا ارتدت» قال
الدارَقطني: لا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (591) .
ولا تستوى المرأة مع الرجل في الدِّية، وقد
حَكى بعض أهل الإجماع على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل منهم ابن المنذر
وابن عبد البر وابن حزم وغيرهم وهو مَرْوِي عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت
وغيرهم رضي الله عنهم ولم يُنْقَل عن أحد خلافُه ممن يُعْتَد به سوى الأصم وابن
عُلَيَّة من المعتزلة حكاه عنهما الشوكاني في النَّيل نقلاً عن البحر من كُتب
الزيدية ومثل هذين لا يُعْتَد بخلافهما» (592).
4- الصيد والذبائح والأيمان والنذور فالرجل
والمرأة فيها سواء.
5- الإفتاء: فللمرأة العالمة بالأحكام الشرعية المتمكنة
من الإفتاء الشرعي أن تُفْتِي النساء والرجال على حد سواء ضمن حدود الشريعة.
ب- الأحكام والمسائل التي ثبت فيها التفريق بين
الرجل والمرأة:
1- الميراث: قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي
أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}(593)، وقال تعالى {وَلَكُمْ
نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ
لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ
بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ
وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم} (594).
2- الشهادة وفيها تفصيل كما يأتي:
أ- لا تُقْبَل شهادة النساء في القصاص والحدود
كافةً كحد الشُّرْب وقطع الطريق والقتل بالرِّدة وكذلك التعزير فلا بد في كل هذه
من شهادة رجلين إلا الزنا واللواط وإتيان البهائم فلا يُقْبَل فيها أقلُّ من أربعة
رجالٍ لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا
بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ }(595).
ب- ما يَطَّلِع عليه الرجال عادة كالنَّسب
والطلاق والرَّجْعة والخُلْع والولادة والنكاح والوصية والتوكيل في المال فلابد
فيها من شهادة رجلين، وقال أبو حنيفة تُقْبل فيه شهادة النساء ورجَّحَه ابن قيم
الجوزية. قال تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ }(596).
ج- المعاملات المالية كالبيع والقَرْض والإجارة
والرهن والوديعة والإقرار والغَصْب والوقْف، وكذلك قتل الخطأ لأن حقًا ماليًا
يترتب عليه، فيكفي في هذا كله رجلان أو رجل وامرأتان لقوله تعالى: {
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ
فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (597) .
د- ما لا يطَّلِعُ عليه الرجال عادةً وتَغْلِب
على النساء معرفته والاطلاع عليه فتُقْبل فيه شهادة امرأتين كعُيُوب النساء تحت
ثيابهن والولادة والبَكارة والثيوبة والقرْن (انسداد مَحَل الجماع بِعَظْم) والرتق
(انسداد محل الجماع بلحم) والبَرَص. ولا يصح ما رُوِي عن حُذَيفة أن النبي صلى
الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة وحدها» (598) .
هـ- الرضاعة: وتقبل فيها شهادة امرأة واحدة عدل
لقوله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري من حديث عقبة بن الحارث رضي الله عنه
«كَيْفَ وَقَد زَعَمَتْ أنها قد أرْضَعَتْكُما» وتَرجم له البخاري بقوله: «باب
شهادة المُرْضِعة» (599) .
و- رؤية هلال رمضان وتُقبل فيه شهادة رجل مسلم
واحدٍ عدلٍ أو شهادة مسلمةٍ واحدةٍ على السواء.
3- العقيقة: وهي ما يُذْبح من الأنعام عند
الولادة إذ يُعَق عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة. قال صلى الله عليه وسلم «عَنِ
الغُلامِ شاتان مُكَافِئتانِ وعن الجارية شاة» (600).
4- الجهاد بالنفس فلا يجب على المرأة، وإنما
تُجاهد بِمالها وكذلك بالحج «فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله هل
على النساء جهادٌ؟ قال: نعم عليهن جهادٌ لا قتال فيه: الحَج والعُمرة» (601) .
5- زيارة القُبور ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم
في الحديث الصحيح : " لعن الله زائرات القبور " . ولكن لو مرت بقبر أو
بسور المقبرة فلا حرج أن تقف وتُسلم على الموتى .
6- العورة: ففي حين أن عورة الرجل من السرة إلى
الركبة فإن المرأة كلها عورة في النظر. وينشأ عن هذا الفرق تَفْرِقةٌ في اللباس.
ذلك أن المرأة مأمورةٌ بسَتر جسدها كله. وفي حين أن الرجل مأمورٌ بألا يتجاوز ثوبه
كعبيه والأفضل أن يكون لمنتصف ساقيه فإن للمرأة رخصةً في جر الإزار لأنه يكون أستر
لهن قال صلى الله عليه وسلم:«مَنْ جَرَّ ثَوْبَهَ خُيَلاء، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ
إليه يومَ القِيامةِ فَقَالتْ أُمُّ سَلمةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ النساءُ
بِذِيُولِهِنَّ؟ قال: يُرْخِينَ شِبْرًا، فقالت: إِذَنْ تَنْكَشِفُ أقْدامُهنَّ،
قال: فَيُرْخِيْنَهُ ذِراعًا لا يَزِدْنَ عَلَيه» (602) .
7- بَول الصبي والصبية: ذلك أن بول الصبي الذي
لم يُجاوِز سنَتَين يكفيه النَّضْح. أما بول الصبية فلابد فيه من الغَسل، قال صلى
الله عليه وسلم «بول الغُلام يُنْضَح، وبول الجارية يُغْسَل» (603).
8- السفر : فلا يجوز للمرأة أن تسافر سفرًا
مُعتَبَرًا عُرْفًا إلا بِصُحبَة زَوج أو مَحْرَم حتى لو كان السفر للحج. وما ذهبت
إليه بعض المذاهب من جواز سفرها في رِفْقَة النساء فلا يصح، وذلك لمعارضَتِهِ
للأحاديث الصحيحة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تُسافر امرأةٌ إلا مع ذِي
مَحْرَم ٍولا يَدْخُلُ عليها رَجَلٌ إلا ومَعَها مَحْرَم» (604) .
9- ومما تفترق به المرأة عن الرجل اختصاص الأم
بقدْرٍ زائدٍ من البِرِّ عن الأبِ. فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال:«جاء رَجَلٌ
إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: مَنْ أَحَقُّ الناسِ بِحُسْنِ
صَحابَتي؟ قال أُمُّكْ. قال: ثُم مَن؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟
قال: أبوك» (605) . وعن المُغِيرة بن شُعْبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ عليكُم عُقوقَ الأمهات ووأْدَ البنات» (606)
فَخَص الحديثُ بالذكر عقوق الأمهات عِلمًا بأن عقوق الوالدين كليهما مُحَرَّمٌ.
10- ومما تفترق فيه النساء عن الرجال أنه ليس
لهن وسَط الطريق، وأنه ينبغي عليهن اجتناب الرجال في الطُّرُقات قال صلى الله عليه
وسلم: «لَيْسَ للنساءِ وَسَطُ الطريق» (607) .
11- اختصاص البنات بقدْرٍ زائدٍ في التربية عن
الأنباء. قال صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاثُ بناتٍ، فَصَبَر علَيهنَّ،
وأَطْعَمََُنَّ وسقاهُنَّ وكساهُنَّ من جِدَتِه، كُنَّ له حِجابًا مِنَ النارِ
يَومَ القِيامةِ» (608) ، وقال صلى الله عليه وسلم «مَنْ ابْتُلِيَ مِن هذِهِ
البناتِ بشئٍ، فأَحْسَنَ إليهِنَّ، كن له سِتْرًا مِن النار» (609) .
12- تقديم النساء على الرجال في الحضانة، ذلك
أنه في حالة افتراق الزوجين عن بعضٍ فإن الأم أحق بحضانة الأولاد من الأب ما لم
تتزوج، فعن عمرو بن العاص أن امرأةً قالت: «يا رسولَ اللهِ إنَّ ابْنِي هذا كان
بطْنِي له وِعاءً وحِجْري له حِواءً، وثَدْيِي له سِقاءً، وزَعَم أبوه أن ينْزِعَه
مِنِّي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أنتِ أحقُّ بِهِ ما لم تُنْكَحي»
(610) .
13- الاغتسال في الحمامات العامة : فقد
حَرَّمهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء. ومن أباحَهُ من الفقهاء
للنُّفَساء والمريضة فقد استدل على ذلك بحديثٍ غير صحيح. والصواب أن دخول المسلمة
الحمام العمومي لا يصح. ولو بمئزرٍ لما ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم:
«مَن كان يُؤْمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ فلا يدْخُلِ الحَمَّامَ بغيرِ إزارٍ،
ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِرِ فلا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحمام، ومن كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يَجْلسْ على مائدةٍ يُدارُ عليها الخَمْرُ»(611).
14- الملاعنة : فهي خاصة بالرجل دون المرأة.
فللرجل أن يَشْهَد أربع شهاداتٍ على زوجته بالزنا. قال تعالي:{ وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ
فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ
الصَّادِقِينَ} (612) .
وبما أنه لم يَرِدْ نَصٌّ بخصوص قذف المرأة
لزوجها بالزنا فيظل الحكم كما هو أي أنه يُطْلَب منها إحضار ما يَكْمُل به نِصاب
الشهادة وإلا جُلِدت حد القذف.
15- الوِلاية في الزواج : فليس للمرأة أن
تُزوِّج امرأةً أُخْرى، ولا أن تُزَوِّج نَفْسَها قال صلى الله عليه وسلم:«لا
تُزِوِّج المرأةُ المرأةَ، ولا تُزَوِّج المرأةُ نَفْسها» (613) .
16- وجوب استئذان الزوجة زوجها إن أرادت أن
تصوم تَطَوُّعًا في حين لا يجب عليه أن يستأذنها إن أراد أن يفعل ذلك.
17- التعدد في الزواج : فقد أباح الشرع الإسلامي للرجل أن يتزوج أربعاً دون أن يبيح
للمرأة أن تتزوج بأكثر من رجل. ولا يصح أبدًا التساؤل عن الحكمة في ذلك؛ لأنه أمرٌ
واضحٌ لا يحتاج لجواب، فاختلاط ُالأنساب أمرٌ واردٌ في تَعَدُّدِ الأزواج دون تعدد
الزوجات.كما أن الفِطرة والذَّوق البشرِيَّين يَسْتهجِنانِ أشد الاستهجان تعدد
الأزواج بينما يَقْبلان تعدد الزوجات.
18- ولاية أمور المسلمين ويشمل المنع من
السياسة والقضاء قال صلى الله عليه وسلم «لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوا أمْرَهُمُ
امْرأةً» (614) .
19- التعطُّر خارج المنزل فَيَحْرُم عليها ذلك بخلاف
الرجل، قال صلى الله عليه وسلم: «أيُّا امرأةٍ استَعْطَرَت ثم خرجت، فَمَرَّت على
قَومٍ لِيجِدوا رِيْحَها فهي زانيةٌ، وكلُّ عَينٍ زانية» (615) .
20- إباحة الذهب والحرير، فهو أمرٌ خاص بالنساء
دون الرجال. قال صلى الله عليه وسلم: «حُرِّمَ لِباسُ الحريرِ والذَّهَبِ على
ذُكُورِ أُمَّتِي وأُحِلَّ لإِناثِهِم» (616) .
21- الحداد ، فلم يُشْرَع للرجل على زوجته
المتوفاة، وشُرِع للمرأة على زوجها المتوفَّى. قال صلى الله عليه وسلم:«لا يَحِلُّ
لامرأةٍ تُؤْمِنُ بالله واليوم الآخِرِ أن تَحِدَّ على مَيتٍ فَوقَ ثلاثِ لَيالٍ،
إلا الزوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا» (617) .
22- العدة للمُتوفَّى عنها زوجها والمطلقة قال
تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (618) ، وقال تعالى: { وَالْمُطَلَّقَاتُ
يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} (619) . وليس على الرجل عِدةٌ
لكنه يمُنَع من الزواج حتى تنتهي عدة زوجته الرابعة (620) .
23- اتباع الجنائز، لنهي النبي صلى الله عليه
وسلم النساء عن اتباع الجنائز وهو نهيُ تنزيهٍ. فقد صح عن أم عطية رضي الله عنها
قولها: «نهانا رسول الله عن اتباعِ الجنائز، ولم يَعْزِمْ علينا»(621) . أما
الرجال فإن اتباع الجنائز في حقهم مُستَحَبٌ.
24- إنزال الميت في القبر: فهو خاص بالرجال
يَتَوَلَّوْنَه، ولو كان الميت أنثى وذلك لما يأتي:
أ – أنه المعهود في عهد
النبي صلى الله عليه وسلم وجرى عليه عمل المسلمين حتى اليوم.
ب– أن الرجال أقوى على
ذلك.
ج- لو تَوَلَّتْه النساء لأفْضَى ذلك إلى
انْكشافِ شئ من أبدانِهِنَّ أمام الرجال (622) .
25- اقتسام غنائم الحرب: فالمرأة ليست مُكَلفةٌ
بالقتال، لكن إذا أَذِن لها الإمام واشتركت في المعركة يُرضَخ لها إن قاتلت؛ بمعني
أن الإمام يعطيها عطاءً غير محدد، لكن دون أن تُعْطَي حِصةً كحِصَص المُقاتلين.
وما رواه حشرج بن زياد عن جدته: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أسْهَمَ لهُنَّ يوم
خَيْبَر» فهو حديث ضعيف (623) .
26- الختان : ففي حين أن الختان فَرْضٌ على كل
مسلمٍ ذكر، فإنه ليس كذلك بالنسبة للنساء فلا يُخْتَن إلا إن ظهرت لختان بعضهن
حاجة. أما إن لم تكن حاجة فلا ختان، وذلك يختلف من امرأةٍ لامرأة.
27- وثَقْب الأُذُنِ جائزٌ بحق النساء حرامٌ
على الذكور؛ لأنهم ممنوعون من جَعْل الأقراط في آذانهم.
28- وفي حين أن للمرأة خَضْب يَديْها ورِجْليها
بالحناء فإنه ليس للرجل أن يفعل ذلك قال صلى الله عليه وسلم «طِيْبُ الرَّجلِ ما
ظَهَرَ رِيْحُه وخَفِيَ لَوْنُه، وطِيب النساء ما ظهر لونه وخَفِيَ ريحه» (624).
29- ولا يجوز للمرأة أن تحْلِق رأسها بخلاف
الرجل؛ لما في ذلك من المُثْلَة، ولما فيه من التشبُّه بالرجال وكل ذلك مُحرَّم.
30- استحقاقها المهر عند الزواج وليس ذلك
للرجل.
وبعد فإن الدارس للفروق آنفةَ الذِكْرِ بين
الرجل والمرأة يجد أن تلك الفروق راجعةٌ لأسبابٍ معينةٍ اقتضاها العدل بين
الجنسين، وأن المساواة بينهما في مثل هذه الحالات من التفريق تؤدي إلى الظلم. وكما
هو معلومٌ أن المساواة في كثيرٍ من الأحيان تؤدي إلى الظلم، وأن العدل كثيرًا ما
يقتضي التفرقة والتفريق بإعطاء كلَّ ذِي حقٍ حقَّه، وتكليف كل مُكَلَّفٍ بما يناسب
قدراته ويتناسب مع طبيعته. ولذا فإن كل مساواةٍ يقتضيها العدل وتقتضيها الفطرة
حققها الإسلام فعلاً بين الجنسين كالمساواة في الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف
وفي الثواب والعقاب. أما التكاليف الشرعية فقد سَوَّى الإسلام بين الرجل والمرأة
في كل ما من شأنه أن لا يُلْحِق ظلمًا بأحدهما بتحميله فوق طاقته. أو بتكليفه بما
لا يتناسب مع طبيعته الذَّكَرِية أو الأُنثوية كإعفاء المرأة من الجهاد، والاختلاف
في اللباس نظرًا لاختلاف أجساد الجنسين. وأن الفاحص لكثيرٍ من الفروق بين الجنسين
في التكاليف يجد أنها من باب التنوع والاختصاص في المهام والوظائف، وليس هناك من
يقبل القول: إن التنوع في التخصص والوظيفة بين المهندس والطبيب يعني أن أحدهما
أفضل من الآخَر، بل إن ما يقوم به أحدهما لا يقوم به الآخَر. فهما يكملان بعضهما
بعضاً والمجتمع بحاجةٍ لكِليهما، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ
قال:«النساء شقائقُ الرجال» (625) .
مالا يُعَدُّ تفريقاً بين الرجل والمرأة:
ما سبق كان عرضًا للمسائل التي تستوي فيها
المرأة مع الرجل، والمسائل التي يفرق فيها بينهما. والأصل أن الرجل والمرأة سواء
في كل شئ إلا ما ثبت فيه التفرقة.
( المرجع : المرأة المسلمة بين اجتهادات
الفقهاء وممارسات المسلمين ، ص 123-138بتصرف يسير) . وانظر للزيادة : رسالة "
الأحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل ، للأستاذ سعد الحربي " .
الشبهة (3) : دعوتهم لتولية المرأة للمناصب
السياسية
روى البخاري –
بإسناده - عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : لقد نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول
الله صلى الله عليه وسلم - أيام الجمل بعد ما كِدت أن ألْحَق
بأصحاب الجمل فأقاتل معهم - قال : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل
فارس قد ملّكوا عليهم بنت كسرى قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
ويُورِد بعض أعداء الملّة –
من المستشرقين ومن نَحَا نَحْوَهم ولَفّ لفّهم –
عِدّة شُبهات حول هذا الحديث ، وسأورِد بعض ما وقَفْتُ عليه من تلك الشبهات ،
وأُجيب عنها – بمشيئة الله –
.
الشبهة الأولى :
لماذا لم يتذكر أبو بكرة راوية الحديث هذا
الحديث إلا بعد ربع قرن وفجأة وفى ظل ظروف مضطربة ؟
الجواب :
لم ينفرد أبو بكرة رضي الله عنه بهذا الأمر ،
فقد جاء مثل ذلك عن عدد من الصحابة ، أي أنهم تذكّروا أحاديث سمعوها من النبي صلى
الله عليه وسلم ، ولم يرووها إلا في مناسباتها ، أو حين تذكّرها .
فمن ذلك :
1 – ما قاله حذيفة رضي
الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً ما
ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلاَّ حدَّث به ، حَفِظَه مَنْ
حَفِظَه ، ونَسِيَه مَنْ نَسِيَه ، قد علمه أصحابي هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشيء
قد نسيته فأراه فأذكُره كما يذكُر الرجل وجْهَ الرَّجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه
عَرَفَه . رواه مسلم .
2 – وروى
مسلم عن عمرو بن أخطب قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر
فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى
ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا
3 – ما فعله
عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما حينما تولّى الخلافة سنة 64 هـ ، فإنه أعاد
بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما تَرَك ذلك إلا
لحدثان الناس ب الإسلام ، فلما زالت هذه العِلّة أعاد ابن الزبير بناء الكعبة .
وشكّ عبد الملك بن مروان في ذلك فهدم الكعبة ،
وأعاد بناءها على البناء الأول .
روى الإمام مسلم أن عبد الملك بن مروان بينما
هو يطوف بالبيت إذ قال : قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين ، يقول
سمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة لولا حدثان قومك
بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحِجْر ، فإن قومك قصروا في البناء ، فقال
الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فأنا سمعت أم
المؤمنين تحدِّث هذا . قال : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن
الزبير .
فهذا عبد الملك يعود إلى قول ابن الزبير ، وذلك
أن ابن الزبير لم ينفرد بهذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها ، وإنما رواه غيره
عنها .
هذا من جهة
ومن جهة أخرى لم يقُل عبد الملك بن مروان لِمَ
لَمْ يتذكّر ابن الزبير هذا إلا بعد أن تولّى ، وبعد ما يزيد على خمسين سنة بعد
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم !
إلى غير ذلك مما لا يُذكر إلا في حينه ، ولا
يُذكر إلا في مناسبته .
ثم إن أبا بكرة رضي الله عنه لم ينفرِد برواية
الحديث ، شأنه كشأن حديث عائشة في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، إذ لم ينفرد به
ابن الزبير عن عائشة .
فحديث: لا يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة قد رواه
الطبراني من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .
فزالت العِلّة التي علّلوا بها ، وهي تفرّد أبو
بكرة بهذا الحديث ، ولو تفرّد فإن تفرّده لا يضر ، كما سيأتي –
إن شاء الله – .
الشبهة الثانية :
زعم بعضهم أن الحديث مكذوب ، فقال : الكذب في
متن الحديث فهو القول بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قاله لما بلغه أن الفرس ولوا
عليهم ابنة كسرى . في حين أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا
أية امرأة أخرى .
الجواب : هذا أول قائل إن في البخاري حديثا
موضوعا مكذوبا ، ولولا أنه قيل به لما تعرّضت له ! لسقوط هذا القول ، ووهاء هذه
الشبهة !
فإن كل إنسان يستطيع أن يُطلق القول على عواهنه
، غير أن الدعاوى لا تثبت إلا على قدم البيِّنة وعلى ساق الإثبات .
فإن قوله : ( في حين أنه ليس في تاريخ الفرس
أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى )
دعوى لا دليل عليها ولا مستند سوى النفي العام
!
في حين أن القاعدة : الْمُثبِت مُقدَّم على
النافي .
وكُتب التاريخ قبل كُتب الحديث تنص على ذلك .
قال ابن جرير الطبري في التاريخ :
ثم ملكت بوران بنت كسرى أبرويز بن هرمز بن كسرى
أنو شروان
وقال ابن الجوزي في المنتَظَم :
ومن الحوادث ملك ( بوران ) بنت كسرى أبرويز .
اهـ .
وقد عَقَد ابن الأثير في كتابه ( الكامل في
التاريخ ) باباً قال فيه :
ذكر ملك ( بوران ) ابنة ابرويز بن هرمز بن أنو
شروان .
ثم قال : لما قُتِل شهريراز مَلَّكَتْ الفرس (
بوران ) لأنهم لم يجدوا من بيت المملكة رجلا يُمَلِّكونه ، فلما أحسنتْ السيرة في
رعيتها ، وعدلتْ فيهم ، فأصلحت القناطر ، ووضعت ما بقي من الخراج ، وردّت خشبة
الصليب على ملك الروم ، وكانت مملكتها سنة وأربعة أشهر . اهـ .
وفي البدء والتاريخ للمقدسي ما نصّه :
وكان باذان بعث برجلين إلى المدينة كما أمره
أبرويز ليأتياه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما هما عند النبي صلى الله عليه
وسلم إذ قال لهما : إن ربى أخبرني إنه قَتَل كسرى ابنه هذه الليلة لكذا ساعات مضين
منها ، فانصرف الرجلان ونظرا فإذا هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم وثب
شهرابراز الفارسي الذي كان بناحية الروم فَمَلَك عشرين يوما ثم اغتالته بوران دخت
بنت ابرويز فقتلته ، وملكت بوران دخت سنة ونصف سنة ، فأحسنت السيرة وعَدَلَتْ في
الرعية ولم تَجْبِ الخراج ، وفرّقت الأموال في الأساورة والقوّاد ، وفيها يقول
الشاعر :
دهقانة يسجد الملوك لها *** يجبى إليها الخراج
في الجرب اهـ .
بل ذَكَر ابن كثير رحمه الله أنه مَلَك فارس
أكثر من امرأة في أزمنة متقارِبة
قال ابن كثير في البداية والنهاية :
فملكوا عليهم ابنة كسرى بوران بنت ابرويز ،
فأقامت العدل وأحسنت السيرة ، فأقامت سنة وسبع شهور ، ثم ماتت ، فملّكوا عليهم
أختها ازرميدخت زنان ، فلم ينتظم لهم أمر ، فملّكوا عليهم سابور بن شهريار وجعلوا
أمره إلى الفرخزاذ بن البندوان فزوَّجه سابور بابنة كسرى ازرميدخت ، فكرِهَتْ ذلك
، وقالت : إنما هذا عبد من عبيدنا ! فلما كان ليلة عرسها عليه هَمُّوا إليه فقتلوه
، ثم ساروا إلى سابور فقتلوه أيضا ، وملّكوا عليهم هذه المرأة ، وهي ازرمدخيت ابنة
كسرى ، ولعبت فارس بملكها لعبا كثيرا ، وآخر ما استقر أمرهم عليه في هذه السنة أن
ملّكوا امرأة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يفلح قوم ولوا أمرهم
امرأة . اهـ .
وقال الذهبي في التاريخ : ومات قتلا ملك الفرس
شهر براز ابن شيرويه قتله أمراء الدولة وملكوا عليهم بوران بنت كسرى . اهـ .
ولا يخلو كتاب تاريخ من ذِكر تولِّي ( بوران )
الْحُكُم .
فقد ذَكَرها خليفة بن خياط ، واليعقوبي ، وابن
خلدون ، واليافعي ، وكُتب تواريخ المدن ، كتاريخ بغداد ، وغيرها .
على أنه لو صحّ (أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم
ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى)
لكان فيه دليل على قائله وليس له !
كيف ذلك ؟
يكون قد أثبت أنه لا يُعرف لا في جاهلية ولا في
إسلام أن امرأة تولّت مَنْصِباً !!
الشبهة الثالثة :
قول القائل : هل من المعقول أن نعتمد في حديث
خطير هكذا على راوية قد تم جلده (أبو بكرة) في عهد عمر بن الخطاب تطبيقاً لحد
القذف ؟!
الجواب :
سبق أن علِمت أن أبا بكرة رضي الله عنه لم
ينفرد برواية الحديث .
ثم الجواب عن هذه الشبهة أن يُقال :
أولاً : لا بُدّ أن يُعلم أن أبا بكرة رضي الله
عنه صحابي جليل .
ثانياً : الصحابة كلّهم عدول عند أهل السنة ،
عُدُول بتزكية الله لهم وبتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أغْنَتْ عن كل
تزكية .
ثالثاً : أبو بكرة رضي الله عنه لم يفسق
بارتكاب كبيرة ، وإنما شهِد في قضية ، فلما لم تتم الشهادة أقام عمر رضي الله عنه
الْحَدّ على من شهِدوا ، وكان مما قاله عمر رضي الله عنه: قبلت شهادته .
وقال لهم : من أكْذَبَ نفسه قَبِلْتُ شهادته
فيما يُستَقْبَل ، ومن لم يفعل لم أُجِزْ شهادته .
فعمر رضي الله عنه لم يقُل : لم أقبل روايته .
وفرق بين قبول الشهادة وبين قبول الرواية .
والفروق ذكرها القرافي في كتابه : الفُروق .
رابعاً : مما يؤكِّد الفرق بين الرواية
والشهادة ما نقله ابن حجر عن المهلّب حينما قال :
واستنبط المهلب من هذا أن إكذاب القاذف نفسه
ليس شرطا في قبول توبته ، لأن أبا بكرة لم يُكذب نفسه ، ومع ذلك فقد قبل المسلمون
روايته وعمِلُوا بها .
على أن آية القذف في قبول الشهادة .
وعلى أن هناك فَرْقاً بين القاذِف لغيره ، وبين
الشاهد – كما سيأتي –
خامساً : أبو بكرة رضي الله عنه لم يَرَ أنه
ارتكب ما يُفسِّق ، ولذا لم يَرَ وجوب التوبة عليه ، وكان يقول : قد فسَّقوني !
وهذا يعني أنه لم يَرَ أنه ارتكب ما يُفسِّق .
قال البيهقي : إن صح هذا فلأنه امتنع من التوبة
من قَذْفِه ، وأقام على ذلك .
قال الذهبي : قلت : كأنه يقول لم أقذِف المغيرة
، وإنما أنا شاهد ، فجنح إلى الفرق بين القاذف والشاهد ، إذ نصاب الشهادة لو تمّ
بالرابع لتعيَّن الرجم ، ولما سُمُّوا قاذِفين .
سادساً : في الرواية تُقبل رواية المبتدع ، إذا
لم تكن بدعته مُكفِّرة ، وهذا ما يُطلق عليه عند العلماء ( الفاسق الْمِلِّي ) ،
الذي فِسقه متعلق بالعقيدة ، لا بالعمل .
وروى العلماء عن أُناس تكلّموا في القدر ،
ورووا عن الشيعة ، وليس عن الرافضة الذين غَلَوا في دين الله !
ورووا عن الخوارج لِصِدقِهم .
ورووا عمّن يشرب النبيذ .
وعن غيرهم من خالَف أو وقع في بدعة
فإذا كان هؤلاء في نظر أهل العلم قد فسقوا
بأفعالِهم هذه ، فإنه رووا عنهم لأن هؤلاء لا يرون أنهم فسقوا بذلك ، ولو رأوه
فسقاً لتركوه !
فتأمّل الفرق البيِّن الواضح .
وأبو بكرة رضي الله عنه مع كونه صحابياً جاوز
القنطرة ، إلا أنه يرى بنفسه أنه لم يأتِ بما يُفسِّق ، ولو رأى ذلك لَتَاب منه .
وهو –
حقيقة – لم يأتِ بما يُفسِّق .
غاية ما هنالِك أنه أدى شهادة طُلِبت منه ، فلم
يقذِف ابتداء ، كما علِمت .
والصحابة قد جاوزوا القنطرة ، والطّعن في
الصحابة طَعن فيمن صحِبوا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
فإن القدح في خير القرون الذين صحِبُوا الرسول
صلى الله عليه وسلم قَدْحٌ في الرسول عليه السلام ، كما قال مالك وغيره من أئمة
العلم : هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما طعنوا في
أصحابه ليقول القائل : رجل سوء كان له أصحاب سوء ، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه
صالحين ، وأيضا فهؤلاء الذين نَقَلُوا القرآن و الإسلام وشرائع النبي صلى الله
عليه وسلم . . اهـ .
فإن مرتبة الصُّحبة كافية في العَدَالَة .
ولذا قيل لهم ما لم يُقَل لغيرهم
ونالوا من شرف المراتب ما لم يَنَلْه غيرهم
فإنه لا يوجد أحد قيل له : اعمل ما شئت فقد
غُفِر لك ، سوى أصحاب بدر .
روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه قال :
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ فإن
بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ، فانطلقنا تعادي بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة
فقلنا : اخرجي الكتاب . فقالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتخرجنّ الكتاب أو لتلقين
الثياب ، فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من
حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حاطب ما هذا ؟ قال : لا
تعجل عليَّ يا رسول الله إني كنت أمرا مُلصقاً في قريش - قال سفيان كان حليفا لهم
- ولم يكن من أنفسها وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم ،
فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتّخِذ فيهم يَداً يَحْمُون بها قرابتي ،
ولم أفعله كُفرا ، ولا ارتدادا عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : صَدَق ، فقال عمر : دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق
! فقال : إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما
شئتم فقد غفرت لكم .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : إن
الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . رواه الإمام
أحمد .
فأنت ترى أن هذا الصحابي فَعَل ما فَعَل ، ولو
فَعَله غيره ممن لم يَنَل شرف شهود غزوة بدر ، لربما كان له شأن آخر .
ويُقال مثل ذلك في حق أبي بكرة رضي الله عنه ،
فإنه نال شرف الصحبة ، وكفى بهذا الشَّرَف تعديلا وتوثيقاً .
ثم إن أبا بكرة الثقفي له أربعة عشر حديثا في
صحيح البخاري !
فلِمَ لم يُطعَن إلا في هذا الحديث ؟
أنا أُخبِرك !
لأنه عارَض أهواء أقوام يُريدون إخراج المرأة !
الشبهة الرابعة :
ذِكر بلقيس ملكة سبأ في القرآن الكريم .
حيث قال القائل : (ويكفينا إشادة القرآن ببلقيس
ملكة سبأ وهى امرأة)
والجواب عن هذه الشُّبهة من عدّة أوجه :
الوجه الأول : أن يُقال أين هي الإشادة ؟
أفي نسبتها للضلال والكُفر ؟
كما في قوله تعالى : {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ
تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ}
أم في ذِكر بعثها للرشوة باسم الهدية ؟!
كما في قوله تعالى : { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ
إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا
جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ
مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ}
وربما يُقصد بالإشادة ما ذُكِر عنها أنها كانت
عاقلة حكيمة
وهذا يُجاب عنه في :
الوجه الثاني : أن يُقال إنها كانت كافرة ، فهل
إذا أُثني على كافر بِعَدْلٍ أو بِعَقْلٍ يكون في هذا إشادة بِكُفره ؟!
بل وفي نفس القصة : (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ
الْجِنِّ) فهل يُمكن أن يُقال : هذا فيه ثناء على العفاريت ! فتُولَّى المناصِب !
وتُحكّم في الناس ؟!!!
الوجه الثالث : أن هذا لو صحّ أن فيه إشادة –
مع ما فيه من ذمّ – فليس فيه مستند ولا
دليل .
أما لماذا ؟
فلأن هذا من شرع من قبلنا ، وجاء شرعنا بخلافه
.
الوجه الرابع :
أن هذا الْمُلك كان لِبلقيس قبل إسلامها ،
فإنها لما أسلمت لله رب العالمين تَبِعَتْ سُليمان عليه الصلاة والسلام ، فقد حكى
الله عنها أنها قالت : (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ
سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
فلما أسلمت مع سليمان لم يعُد لها مُلك ، بل
صارت تحت حُكم سليمان عليه الصلاة والسلام .
أخيراً :
إلى كل من خاض في مسألة تولية المرأة للمناصِب
، ومن يُطالِب أن تكون المرأة ( قاضية ) !
بل ويستدل بعضهم بما كان من الكفّار قديما
وحديثا .
أما قديما فيستدلّون بقصة بِبلقيس !
وأما حديثاً فيستشهدون بحُكم ( اليزابيث ) !
وعجيب ممن ترك الكتاب والسنة وأصبح يستدلّ على
صحة أقواله بأحوال الكفار قديما وحديثاً !
ومتى كانت أفعال الكفار مصدراً للتشريع ؟؟!!
أما حُكم ملكة بريطانيا فإنه في الواقع تشريفي
وراثي فحسب .
ثم إن المتنفِّذِين في السياسة والحياة العامة
هم مِن الرجال سواء بسواء في بقية الدول الأوربية .
ولو لم يكن كذلك فإنه من أفعال النصارى التي لا
مستند فيها ولا دليل ولا شُبهة أصلاً !
ثم إنهم يزعمون أن المرأة الغربية أكثر حصولاً
على الحقوق من غيرها ، وهي لا تتولّى المناصب الكبرى ذات الخطورة والأهمية .
" وحتى الآن فجميع رؤساء الولايات المتحدة
هم من الرِّجال البِيض ذوي نفوذ مالي واجتماعي كبير
كما قال د . المسلاتي في كتابه ( أمريكا كما
رأيتها ) .
وهذا يؤكِّد أن الدعاوى في وادٍ والواقع في
وادٍ آخر !!
ويؤكِّد أيضا أن شُبهات القوم إنما تُثار في
بلاد الإسلام فحسب !
وإلا فما معنى أن تُطالَب المرأة أن تتولّى
القضاء والمناصِب القيادية ، وهي لا تأخذ نصيبها من قيادة وإدارة دفّة الْحُكْم
؟؟؟!!!
والله نسأل أن يهدينا سواء السبيل .
كتبه / عبد الرحمن السحيم
الرياض
---
(583) أخرجه ابن أبي شيبة (1/75/2) بسند صحيح.
(584) رواه البخاري في «التاريخ الصغير» ص95.
(585) صفة صلاة النبي 170.
(586) صحيح أخرجه أبو زرعة في «تاريخ دمشق» ت
(88/1) عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً به وأخرجه أبو داود (1985) والدارمي
(2/64) والدارقطني ص 277 وانظر «السلسلة الصحيحة» (2/605).
(587) انظر: المغني لابن قدامة (3/394).
(588) أخرجه البخاري (769-مختصرة) والطيالسي
(1513) وأحمد (6/32-100-180).
(589) صحيح انظر إرواء الغليل (4/1121).
(590) إرواء الغليل (7/2332).
(591) ابن قيم، المنار.
(592) انظر: «موسوعة الإجماع للسعدي» و«فقه عمر
بن الخطاب» للدكتور رويعي الرحيلي
(3/470).
(593) سورة النساء:11.
(594) سورة النساء: 12.
(595) سورة النور: 4.
(596) سورة الطلاق: 2.
(597) سورة البقرة:282.
(598) ضعيف أخرجه الدارقطني (524) والبيهقي
(10/151) وانظر «إرواء الغليل، (8/2684).
(599) وانظر لذلك أيضًا صحيح سنن الترمذي
(1/337).
(600) رواه الترمذي (1/286) وأحمد (6/31-158)
وابن ماجه (3263) وابن حبان (1058). والبيهقي (9/301) وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(601) رواه أحمد (6/165) وابن ماجه (2901)
بإسناد صحيح.
(602) صحيح.أخرجه الترمذي: 22 باب 8 وأحمد
(2/9) والبخاري (3665ح 5783) في اللباس ومسلم ك 37ح42-50 عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(603) صحيح. رواه أحمد (1/76-97) وأبو داود
(378) والترمذي (1/119) وابن ماجه (525) والطحاوي (1/55) والدارقطني ص47 وانظر
إرواء الغليل (166).
(604) رواه أحمد بإسناد صحيح (1/222).
(605) طرف من حديث صحيح رواه البخاري ح5971
ومسلم ك45ح1-4 عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه.
(606) رواه المخلص في «الفوائد المنتقاة
(9/5/2) وابن حبان في «صحيحه» (1969) وابن عدي (192/1) عن أبي هريرة رضي الله عنه،
وسنده حسن.وانظر (السلسلة الصحيحة» (1/856).
(607) رواه ابن حبان كما في الموارد 1969،
والكامل لابن عدي 192/1) والبيهقي في الشعَب 2/475/2 عن أبي هريرة وصححه الألباني
في الصحيحة ح856.
(608) صحيح ابن ماجه (3669) والبخاري في «الأدب
المفرد (76) وأحمد (4/154) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه وانظر السلسلة الصحيحة
(293-1027).
(609) رواه البخاري ومسلم وأحمد 6/27،29، 33،87
عن عائشة رضي الله عنها.
(610) صحيح، وتقدم ص114.
(611) حديث حسن. أخرجه الترمذي والحاكم عن جابر
بن عبد الله رضي الله عنهما؛ وتقدم تخريجه ص117.
(612) سورة النور: 6.
(613) صحيح. أخرجه ابن ماجه (1882) والدارقطني
(384) والبيهقي (7/110) عن أبي هريرة رضي الله عنه وانظر «إرواء الغليل» (6/1841).
(614) حديث صحيح. أخرجه البخاري 4425 ح 7099 في
الفتن والترمذي ك 31 باب 75 وأحمد 5/38، 43 عن أبي بكرة رضي الله عنه وانظر
الضعيفة (1/436) و «إرواء الغليل» (2613).
(615) حديث حسن. رواه النسائي 8/153ح 5126
والحاكم في المستدرك 2/396 وأحمد في المسند 4/400 عن أبي موسى رضي الله عنه وانظر
صحيح الجامع (2701).
(616) صحيح. أخرجه الترمذي(1/321)
والنسائي(2/285) والطيالسي(506) وأحمد(4/394) والبيهقي(3/275). وانظر السلسلة
الصحيحة 1/662-663
(617) أخرجه البخاري (3/114-9/400-401) عن أم
حبيبة رضي الله عنها.
(618) سورة البقرة: 234.
(619) سورة البقرة: 228.
(620) قلت: وكذالك يُمْنَع من الزواج من أخت
مطلقته طلاقًا رجعيًا أو عمتها أو خالتها.
(621) أخرجه البخاري (1/328) ومسلم (3/47)
والسياق له وأبو داود (2/63) وابن ماجه (1/487) وأحمد (6/408) والبيهقي (4/77).
(622) الألباني، أحكام الجنائز ص147.
(623) إرواء الغليل (5/1238).
(624) صحيح أخرجه الترمذي ك 41 باب 35ح2938،
2939 وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(625) سبق في التعليق ص129 بيان صحة الحديث
ومخرجيه.
=====================
الشبهة(1):تركيب
المرأة الجسدي يعارض دعوتهم للمساواة التامة
أثبتت الدراسات الطبِّية المتعددة أن كِيان
المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله تعالى على هيئةٍ تخالف تكوين الرجل، وقد بُنِي
جسم المرأة ليلائم وظيفة الأمومة ملاءمةً كاملةً، كما أن نفسيتها قد هُيِّئَت
لتكون ربة أسرةٍ وسيدة البيت وقد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها وأسرتها
نتائج فادحةً في كل مجال. ويقول تقرير هيئة الصحة العالمية الذي نُشِر في العام
الماضي أنَّ كل طفلٍ مولودٍ يحتاج إلى رعاية أُمِّه المتواصلة لمد ة ثلاثِ سنواتٍ
على الأقل. وأن فُقْدانَ هذه الرعاية يؤدي إلى اختلال الشخصية لَدَى الطفل كما
يؤدي إلى انتشار جرائم العُنف الذي انتشر بصورةٍ مُرِيعةٍ في المجتمعات الغربية
وطالبت هذه الهيئة المُوَقَّرة بتفريغ المرأة للمنزل وطلبت من جميع حكومات العالم
أن تُفَرِّغ المرأة وتًدْفع لها راتباً شهرياً إذا لم يكن لها من يَعُولُها حتى
تستطيع أن تقوم بالرعاية الكاملة لأطفالها.
وقد أثبتت الدراسات الطبية والنفسية أن
المَحاضِن ورَوْضات الأطفال لا تستطيع القيام بدَوْر الأم في التربية ولا في إعطاء
الطفل الحنانَ الدافِق الذي تُغذيه به.
الاختلاف على مستوى الخلايا:
إن هيكل المرأة الجسدي يختلف عن هيكل الرجل، بل
إن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصها وتركيبها عن خلايا الرجل. وإذا
دقَّقْنا النظر في المِجْهَر لَهَالَنا أن نجد الفروق واضحةً بين خلية الرجل وخلية
المرأة.. ستون مليون خلية في جسم الإنسان ومع هذا فإن نظرةً فاحصةً في المجهر
تُنْبِئُك الخَبَر اليقين: هذه خلية رجل وهذه خلية امرأة، كل خليةٍ فيها
مَوْسُومَةٌ بِمَيْسِم الذُّكورة أو مَطْبوعةٌ بطابع الأنوثة.
وفي الصورة التالية نرى الفروق واضحةً بين خلية
دمٍ بيضاءَ لرجلٍ وأخرى لامرأةٍ كما نرى الفرق جَلِياً بين خلية من فمِ امرأةٍ
وخليةٍ من فَم رجلٍ، ثم ننظر في الصورة على مستوى أعمق من مستوى الخلايا إلى مستوى
الجُسيمات الملونة (الصِّبغيات أو الكروموسومات). هذه الجسميات الملونة موجودةٌ في
كل خليةٍ وتُقاسُ بالانجستروم (واحد على بليون من الميليمتر) في ثَخانتها وهي
موجودةٌ على هيئة أزواجٍ؛منها واحدٌ مسؤول عن الذكورة والأنوثة.
ففي خلية الذكر نجد هذا الزوج كما هو مُوَضَّح
في الصورة على هيئة x
y بينما هو في خلية المرأة على هيئة xx
والصورة التالية تُوضح هذه الفروق الثلاثة.
إنَّ الجُسَيم المُلَوِّن (صبغ) للذكورة يختلف
في شكله المُمَيَّز عن صِبغ الأنوثة، بل ولا يقتصر الاختلاف على الشكل والمظهر
إنما يتعداه إلى الحقيقة والمَخْبَر فصبغ الذكورة قصيرٌ سَميكٌ بالنسبة لِصِبغ
الأنوثة ومع ذلك فهو يجعل الخلية الذكرية أكثر نشاطاً وأقوى شكِيمةً وأكثر إقداماً
مِن شقيقتها الأنثوية.
الاختلاف على مستوى النطفة:
وإذا سِرنا في سُلَّم الفروق وارتفعنا إلى
مستوى الخلايا التناسُلية سنجد الفرق شاسِعاً والبَوْنَ هائلاً بين الحيونات
المنوية (نُطْفَةُ الرجل) وبين البُوَيضة (نُطفة المرأة).
تُفْرِز الخِصْية مئات الملايين من الحيونات
المنوية في كل قَذْفَةِ مَنِيِّ بينما يُفْرِز المِبْيَض بُوَيضة واحدةً في الشهر.
ونظرةٌ فاحصةٌ لخصائص الحيوان المَنَويِّ الذي يُقاس بالميكرون (واحد على مليون من
المليمتر) تجعلنا. نُوْقِن بأنه يُجَسِّد خصائص الرجولة. بينما نرى البويضة تُجَسد
خصائص الأنوثة. فالحيوان المنوي له رأسٌ مُدَبَّبٌ وعليه قُلُنْسُوةٌ مُصَفَّحةٌ
وله ذَيْلٌ طويلٌ وهو سريع الحركة قوِيُّ الشَّكيمة لا يَقِرُّ له قَرارٌ حتى يصل
إلى هدفه أو يموت. بينما البويضة كبيرة الحجم (1/5، ميليمتر) وتُعْتَبر أكبر خليةٍ
في جسم الإنسان الذي يحتوي على ستين مليون خلية. وهي هادئةٌ ساكنةٌ تَسير بِدَلالٍ
وتَتَهادَى باختيالٍ وعليها تاجٌ مُشِعٌّ يدعو الراغبين إليها وهي في مكانها لا
تَبْرَحُه ولا تُفارقه، فإن أتاها زوجها و إلا ماتت في مكانها ثم قذفها الرحم مع
دم الطَّمْثْ.
وإذا دقَّقْنا النظر في قطرةٍ صغيرةٍ من
مَنِيِّ الرجل تحت المجهر لهالنا ما نرى.. مئات الملايين من الحيوانات المنوية
تَمْخُرُ عُبابَ بَحْرِ الَمِنِّي المُتلاطِم وهي تَضرِب بأذْيالها لِتَجْري في
طريقها الشاق الطويل الوَعِر المَحْفُوف بِالمَفَاوِز والمَخاطر حتى تصل إلى
البويضة، وفي أثناء هذه الرحلة الشاقة الهادِرَة تموت ملايين الحيوانات المنوية
ولا يصل إلى البويضة إلا بضع مئات.
وهناك على ذلك الجدار تقف هذه الحيوانات تنتظر
أن يُؤْذَن لها بالدخول وتتحرك يَدُ القُدْرة الإلهية المُبْدِعة فَتُبْرِز
كُوَّةً في جِدار البويضة أما حيوانٍ مَنَوِيٍّ قداختارته العناية الإلهية
لِيُلَقِّحَ تلك الدُّرة المَكْنُونة ويَلِج الحيوان المنوىُّ سريعاً إلى هذه
الكُوَّة والفُرْجة لِيَقِف وجهاً لِوجهٍ أما م البويضة.. وهناك يُفْضِي لها
بِمَكْنون سِرِّه ويُعْطِيها أسرار الوراثة وتُعْطِيه. ويتَّحِدان لِيُكَوِّنا
النُّطفةَ المِشاج التي يَخْلُق الله سبحانه وتعالى منها الإنسان كاملاً.
الاختلاف على مستوى الأنسجة والأعضاء:
وإذا ارتفعنا من مستوى الصبغيات (الكروموسومات)
والخلايا إلى مستوى الأنسجة والأعضاء وجدنا الفروق الهائلة الواضحة لكل ذي
عَيْنَين بين الذكورة والأنوثة.. فَعَضَلات الفَتَى مَشْدودةٌ قويةٌ وهو عَريض
المِنْكَبَين واسعُ الصدر ضيِّق البطن صغير الحَوْض نِسْبِياً, لا أرْدافَ له ولا
عَجُز كبير.. يَتَوَّزع الدُّهن جِسْمه توزيعاً عادلاً وطَبَقة الدُّهن في الغالب
الأعَمِّ محدودةٌ بسيطةٌ.. وينمو شَعْرُ العَانَة مُتَّجِهاً نَحْوَ السُّرَّة كما
ينمو شَعْر عُذارِيه وينمو شَعْر ذَقْنِه وشارِبِه ويَغْلُظُ صوتُه ويُصْبُح
أَجَشَّ.. بينما نجد عضلات الفتاة «رقيقةً ومَكسوةً بطبقةٍ دُهْنيةٍ تُكْسِبُ
الجسم اسْتِدارةً وامتلاءً مَرْغوبًا فيه خالياً من الحُفَر والنُّتُوءات الواضحة
المُتعاقِبة التي لا ترتاح العَين لرُؤيتِها» كما يقول أستاذ علم التشريح الدكتور
شفيق عبد الملك في كتابه مبادئ علم التشريح ووظائف الأعضاء ويواصل الدكتور شفيق
كلامه فيقول:
«و لا تقتصر هذه الطبقة الدهنية على استدارة
الجسم وستر ما يَعْتَوِرُه من حُفَرٍ أو نُتُوءاتٍ بل إن بعض المناطق الخاصة
تَحْظَى بِنَصيبٍ وافرٍ منها مِثْل: الثدْيَين اللَّذَين يَكْبُران ويستدِيرانِ
ويتخذُ كل منهما شكل نِصف كُرة، وكذلك منطقة الزَّهْرة والإِلْيتان وكما يستدير
الفَخِدان و غيرهما من مواضعَ خاصة. ويَتَّسع الحَوض مُتَّحِذاً شكلاً مناسباً
يتَّفق مع العمل الذي خصِّص له ويكتمل نُمُو أعضاء التناسل الباطنة كالرحم
والمِبْيض الذي يقوم بعملية الابياض السابقة للطمث وكذلك الأعضاء التناسلية
الظاهرة كالشَّفَرَين الكبيرين ويتخذ كل منهما شكله وحجمه وقُوامه وبُنْيانه
ومَوْضِعه في البالغ ,ويظهر الشَّعر في منطقَة الزهرة والإبطين ويَنْعَم الصوت بعد
أن كان مصْبوغاً بصِبغةِ الطفولة.
وغرض كل هذه التغييرات في الفتاة اكتساب جمال
المنظر ورشاقة القَوام ونَضَارة الطَّلْعة مما يتفق مع حُسْن ونُعُومَة ونَضَارة
الأنوثة؛وكلها عوامل قويةٌ للإغراء».
وتختلف الأعضاء التناسلية للرجل والمرأة
اختلافاً يعرفه كل إنسان فللمرأة رحِمٌ مَنوطٌ به الحمل فإن لم يكن حملٌ
فَدَوْرَةٌ شهريةٌ وطَمْثٌ (حَيْضٌ) حتى تَحْمَل أو تتوقف الحياة الجنسية للمرأة.
وللمرأة أثداء لها وظيفة جمالية كما لها وظيفة تَغْذِية الطفل منذ وِلادته إلى
فِطامِه بأحسن وأنظف وألْيَق غذاء.. ليس هذا فحسْب ولكن تركيب العظام يختلف في
الرجل عن المرأة في القوة والمتانة وفي الضِّيق والسَّعَة وفي الشكل والزاوية.
وإذا نظرنا لحوض المرأة مثلاً وجدناه يختلف عن
حوض الرجل اختلافا كبيراً يقول الدكتور شفيق عبد الملك أستاذ التشريح ما يلي:
«يمتاز حوض السيدة عن حوض الرجل بالنسبة
لِقِيامه بوظيفة ٍهامَّةٍ إِضافيةٍ تتَطَلَّب منه بعض الضَّروريات اللازمة التي لا
يحتاج إليها حوض الرجل.. فَنُمُو الجنين في الحوض وطُرُق تَغْذِيتِه وحِفْظه ثم
مُرورِه بتجويفِ الحوض ومِن مَخْرَجِه وقْتَ الولادة مما يستلْزِم بعض التغييرات
والتعديلات التي يَسْهُل معها اتمام الولادة بالنسبة للاُم والطفل, وتنْحَصر كل
هذه التغييرات في أن يكون تجويف حوض السيدة أوسع وأقْصَر، وأنْ تكون عِظامه أرَقَّ
وأَقَلَّ خُشونةً وأبْسَطَ تَضاريساً ,ثم يَذكر الدكتور 19 فرقاً بين حوض الرجل
والمرأة ينبغي على طالب الطب أن يحفظها ويَعِيَها، ويَخْتِم ذلك بقوله:
«وإن تكن رِقَّة العِظام ونُعومتها وبساطة
تضاريسها وصِغَر شَوْكاتها وقلة غَوْر حُفَرِها ظاهرةً جَلِيةً في أكثر عظام
الهيكل في المرأة غير أنها تَتَجَلَّى بأوضح شكلٍ في عظام الحوض للأنثى التي بلا
نزاع تُشارك صفات عظام الهيكل الأخرى بقِسْطٍ وافرٍ في صفاتها المُمَيِّزة للأنوثة
زيادةً على تَكَيُّفِها @ النَّوْعِيِّ الخاص بما يُناسب ما يتطلب منها القيام
بعمل تنفرد به دون غيرها من عظام الهيكل».
وخلاصة القول:أن أعضاء المرأة الظاهرة والخفية
وعضلاتها وعظامها تختلف إلى حدٍ كبيرٍ عن تركيب أعضاء الرجل الظاهرة والخفية كما
تختلف عضلاته وعظامه في شدتها وقوةِ تَحَمُّلها.
وليس هذا البناء الهَيْكلي والعُضوي المُخْتَلف
عَبَثَاً إذ ْليس في جسم الإنسان ولا في الكون شئٌ إلاَّ وله حِكْمَةٌ سَواء
علِمناها أم جهِلناها، وما أكثرَ ما نجهل وأقل ما نعلم.
والحكمة في الاختلاف البَيِّن في التركيب
التشريحي والوظيفي (الفسيولوجي) بين الرجل والمرأة هو أن هيكل الرجل قد بُنِيَ
لِيَخْرُج إلى مَيْدان العمل لِيَكْدَح ويكافح وتَبْقَى المرأة في المنزل تؤدي
وظيفتها العظيمة التي أناطَها الله بها؛وهي الحمل والولادة, وتربية الأطفال
,وتهيئة عِشِّ الزَّوْجية؛ حتى يَسْكُن إليها الرجل عند عودته من خارج المنزل.
+وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً".
والفرق تراه في الرجل البالغ والمرأة البالغة
كما تراه في الحيوان المنوي والبويضة. البويضة ساكنةٌ هادئةٌ لا تتحرك إلا بمقدار
ٍوعليها التَّاج المُشِع، والحيوان المنوي صاروخٌ مُصَفَّح وقَذِيفةٌ تَنْطَلِق
عَبْر المخاطر والمَفاوِز لِتفوز بِغَرضها وغايتها أو تموت.. ليس ذلك فحسب بل ترى
الفرق في كل خليةٍ من خلايا المرأة وفي كل خليةٍ من خلايا الرجل. تراه في الدَّمِ
والعظام، تراه في الجهاز التناسلي، تراه في الجهاز العَضَلِي وتراه في اختلاف
الهُرمونات هرمونات الذكورة وهرمونات الأنوثة وتراه بعد هذا وذاك في الاختلاف
النفسي بين إقدام الرجل وصلابته وخَفَر المرأة ودلالها.
وإذا أردنا أن نَقْلِب الموازين، وكَمْ مِن موازين
قد قلبناها، فإننا نُصادِم بذلك الفِطرة التي فَطَرنا الله عليها ,ونُصادِم
التكوينَ البَيُولوجي والنفسي الذي خلَقنا الله عليه..
وتكون نتيجة مُصادَمة الفِطرة وتَجَاهُل
التكوين النفسي والجسدي للمرأة وبالاً على المرأة وعلى المجتمع, وسُنَّةُ اللهِ
ماضيةٌ +وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً".
فروق أخرى جسدية ونفسية بين الذكر والأنثى :
إنَّ الفُروق الفسيولوجية (الوظيفية)
والتشريحية بين الذكر والأنثى أكثر من أن تُحْصَى وتُعَدُّ.. فَهيَ تَبتدئ بالفروق
على مستوي الصِّبْغِيات (الجُسَيمات المُلونة أو الكروموسومات) التي تتحكم في
الوراثة.. والتي تَدِقُّ وتَدِقُّ حتى أنَّ ثَخَانَتها تُقاس بالأنجستروم (واحد
على بليون من الملميتر)... وترتفع إلى مستوى الخلايا وكل خلية في جسم الإنسان
تُوضِح لك تلك الحقيقة الفاصلة بين الذكورة والأنوثة.. تتجلى الفروق بأوضح ما يكون
في نُطْفة الذكر (الحيونات المنوية) ونطفة المرأة (البويضة)... ثم ترتفع الفروق
بعد ذلك في أجهزة الجسم المختلفة من العظام إلى العَضَلات... وتتجلَّى بِوُضوحٍ في
اختلاف الأجهزة التناسلية بين الذكر والأنثى... ولا تقتصر الفروق على الجهاز
التناسلي وإنما تشمل جميع أجهزة الجسم.. ولكنها تَدِقُّ وتَدِقُّ في بعض الأجهزة
وتتضح في أخرى.. وجهاز الغُدَد الصَّمَّاء هو أحد الأجهزة التي تتجلى فيها الفروق
كأوضح ما يكون... فهُرْمونات الذُّكورة تختلف عن هُرمونات الأنوثة في تأثيرها
اختلافاً كبيراً رغم أن الفرق الكيماوِيَّ بسيطٌ ويتَمثَّل في زِيادةِ ذَرَّةٍ من
الكربون وثلاثة ذراتٍ من الهيدروجين cH3 إلى التركيب الجزئي molecular structure في هرمون الأنوثة..
وهذه ملاحظة أخرى هامة أشار إليها القرآن
الكريم " وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ".
فهُرمون الذُّكورة يُساوي هُرمون الأنوثة (مجموعة
مثيلية) وكذلك الجهاز التناسلي للرجل يساوي الجهاز التناسلي للمرأة @ أعضاء
إضافية.
وفي أثناء تكوين الجنين في مراحله الأولي يكون
جنين الذكر مشابهاً في أوَّل الأمر لجنين الأنثى ويَصْعُب التفريق بينهما إلا على
مستوى الصِّبغيات (الكروموسومات)... ولكن سُرْعان ما تتميز منطقة في المخ تُدْعَى
تحت المِهاد Hypothalamus لَدَى الجنين الذَّكر عن مثيله الجنين الأنثى.. وهذه الإضافة
والزيادة فى مُخ جنين الذكر تؤدي إلى الفروق الهائلة فيما بَعْد بين الجهاز
التناسلي للذكر والجهاز التناسلى للانثى.. كما يؤدى إلى الفروق الهائلة بين غُدد
الذكر الصَّماء وغدد الأنثى..... وتؤثر هذه الغدد على مختلف أنشطة الجسم وعلى
هيكله أيضاً.. ومن ثَمَّ يختلف بِناءُ هيكل الذكر عن بناء هيكل الأنثى كما تختلف
الوظائف تبعاً لذلك.. والسبب في تَمَايُز منطقةِ تحت المِهاد من المُخ بين جنين
الذكر وجنين الأنثى هو هُرمون التستسرون الذي تُفْرِزُه مَشِيمَةُ الجنين الذكر...
ثم تنمو الغُدة التناسلية وتؤثر بالتالي على المنطقة المُخِّية تحت المهاد» (578).
ومن الغريب حقاً أن هيكل البناء يُصَمَّمُ
أساساً على هيكل الأنثى فإذا وجد صبغ الذكورة (كروموسوم الذكورة) فإنه يُضيف إلى
ذلك الكِيان إضافاتٍ تجعل النهاية ذكراً. أما إذا اختفى هذا الكروموسوم الهامُّ من
تركيب البويضة المُلَقَّحة كما يَحْصُل في بعض الحالات النادرة التي تُرِينا قُدرة
المولى عزَّ وجَلّ فإنّ النتيجة النهائية هي جسم امرأةٍ وإنْ كانت ناقصة التكوين
ففي حالة ترنر Turner
Syndrome فإن البويضة المُلَقَّحة تحتوي فقط على
كُرومُوسوم x فلا هي أنثى مُحْتوية على xx ولا ذكرٌ محتويةٌ على xy..
فماذا تكون النتيجة؟
تكون النتيجة أنثى غير أنها لا تَحِيض ولا
تَحْمَل ولا تَلِد... أما إذا كانت نتيجة التلقيح مثلاً xxy
كما يحْصُل في حالة كلينفلتر Kleinfelter Syndrome فإن الطفل المولود يكون ذكراً رغم وجود
صِبغيات الأنوثة بصورةٍ كاملةٍ.. وإنْ كان ذكراً ضعيفَ الهِمَّة بارِد الشَّهْوة
خائرَ العزيمة... وذلك لِتَراكُم صِبغ الأنوثة فيه..
أما إذا زاد صِبْغُ الذُّكورة في البويضة
المُلَقَّحَة وصار حاصلها الكروموسومي xyy أي أن بها صِبغين (كروموسومين) كاملين من
أصباغ الذكورة فإن النتيجة تكون ذكراً قويَّ الشكِيمة شديدَ البأْس كثيرَ
العُدْوان.. حتى أن الفُحوصات التي أُجْرِيَت لأعْتَى المُجْرِمين في السجون
وأشدِّهم بأساً وإِقداماً أظْهَرَتْ أنَّ كثيراً منهم كانوا ممن لديهم زيادةٌ في
صِبغ (كروموسوم) الذكورة!!.
ولعَله لو فُحِص الرجال المشهورون في التاريخ
بزيادة الشجاعة والإقدام والرجولة والخشونة لَرُبما وجدنا أن ذلك مَرْجِعُه في
كثيرٍ من الحالات إلى زيادة صبغ الذكورة y لدى هؤلاء المَوْصُوفين بزيادة جُرْأتهم
وإقدامهم سَواءَ كان ذلك في مجال الخير أو في مجال الشر.
والفرق بين رجلٍ وآخر من حيث الإقدام وصفات
الرجولة يرجع في بعض الأحيان إلى زيادة هرمون الرجولة لَدى هذا وقِلَّته
النِّسْبية لَدى ذاك.
ونظرةٌ إلى المَخْصِيِّين الذين تَمَّ
خَصْيُهُم قَبْل البُلوغ تُرِينا كيف تَتَحَول رجولتهم إلى الأنوثة... ولا ينبت
شَعْرٌ عِذارِى المَخْصِيِّ وذَقْنِه وشارِبه.. ويَتَوَزع الدُّهن بنفس الطريقة
التي يتوزع فيها في الأنثى... أي في الأرْدافِ والعَجُز... وتَلين عِظامه
وتَرِقُّ... ويَبْقَى صوتَه رخيماً على نَبْرة الطفولة دون أن تُصيبَه غِلظة
الرجولة وخُشونتها.
أمَّا أولئك الذين أُخْصُوا بَعْد البلوغ فإنَّ
علامات الرُّجولة سُرعان ما تَنْدثِر ويسقُط شَعر الذَّقن والشارِب ولا يعود إلى
النُّمُوِّ ثانيةً. وتبدأ العضلات في التَّرَهُّل... كما تبدأ الصفات الأنثوية
والنفسية في الظهور لأول مرة..
الأبحاث العلمية الحديثة تفضَح دَعْوَى
التَّماثُل الفكري بين الجنسين:
وفي مقالٍ نَشَرَتْه مجلة الريدرز دايجست
الواسعة الانتشار في عدد ديسمبر 1979 تحت عنوان «لماذا يفكر الأولاد تفكيراً
مختلفاً عن البنات» وهو مُلَخَّص لكتاب «الدماغ: آخر الحدود» للدكتور ريتشارد
ديستاك «The
Brain: The Last Frontier» جاء ما يلي:
«إن الصِّبْيان يفكرون بطريقةٍ مُغَايرةٍ
لتفكير البنات رغْم أن هذه الحقيقة الناصِعَة ستصْدُم أنصار المرأة والدَّاعِين
إلى المساواة التامَّة بين الجنسين.. ولكن المساواة الاجتماعية في رَأْيِنا تعتمد
على مَعْرِفة الفروق في كيفية السلوك ومعرفة الفروق بين مخ الفتى ومخ الفتاة.
وفي الوقت الحاضر فإن الفروق بين الأولاد
والبنات التي لاحظها الآباء والمعلمون والباحثون على مدار السنين تتجاهَل تجاهُلاً
تامَّاً ويُقَدَم للطلبة والطالبات منهجٌ دِراسيٌّ مُتَمَاثل.
إنَّ طُرَقَ التدريس في المدارس الابتدائية
تُلائم البنات ِأكثر مما تلائم الأولاد ولِذا فهُم يُعانون في هذه المرحلة.. أمَّا
في المراحل التي تَلِيها حتى الجامعة فَهِي تُلائم الفتيان أكثر مما تلائم
الفتيات..
ويعتقد الباحثون الاجتماعيون أن الاختلاف في
سلوك الأولاد عن البنات راجعٌ إلى التوجيه والتربية في البيت والمدرسة والمجتمع و
التي ترى أن الولد يجب أن يكون مِقداماً كثيرَ الحركة بل وتَقْبَل مِنْه أيَّ
سُلوكٍ عُدْوانيٍّ بِهَزِّ الكَتِفَين ,بينما ترى في الفتاة أن تكون رقيقةً هادئةً
لطيفةً.
ولكن الأبحاث العلمية تُبَيِّن أن الاختلاف بين
الجنسين ليس عائداً فحسْب إلى النَّشْأة والتربية وإنما يَعود أيضاً إلى اختلاف
التركيب البيوليجي وإلى اختلاف تكوين المخ لدى الفتى عن الفتاة.
وحتى لو حاول الداعون إلى المساواة المُطْلَقة
بين الفتى والفتاة أنْ يُنْشِّئوهما على نفس المنهج حتى لَتُعْطِى لِعَب
المُسَدْسات وآلات الحرب للفتيات وتُعطِى العَرائس للأولاد فإن الفروق البيولوجية
العميقة الجذور ستفرِضُ نفسها وتؤدي إلى السلوك المُغَايِر بين الفتى والفتاة.
ولقد أدرك العلماء والباحثون عُمْق هذه الفروق
فوجدوا أنَّ الطفل الرضيع يختلف في سلوكه على حسْب جِنْسه.. فالبِنت بعد ولادتها
بأيام تنتبه إلى الأصوات وخاصة صوت الأم بينما الولد لا يكْتَرِث لذلك.. ولهذا فإن
َّالرضيعة يمكن إخافَتُها بِإِحْداثِ صوتٍ مُفاجئٍ بأكثر مما يمكن إخافة أخيها..
وتقول الدراسة أن الطفلة تستطيع في الشهر
الخامس أن تُمَيِّز بِسَهُولةٍ بين الصُّور المَعْهودة لَدَيْها.. وتبدأ الطفلة
مُحاوَلَة الكلام والمُنُاغاة من الشهر الخامس إلى الثامن بينما يفشل أخوها في
التفريق بين وجه إنسانٍ ووجه لُعْبَةٍ.. وتبدأ الطفلة في الحديث عادةً قَبْل
أخيها.. وتتمكَّن من تَعَلُّم اللغات في الغالب أكثر من أخيها.
ويُظْهِر الأولاد تفوقاً كبيراً على البنات في
الأمور البَصَرِية وفي الأشياء التي تتَطَلَّب تَوازُنًا كاملاً في الجسم.. ويقوم
الطفل الذَّكر بالاستجابة السريعة لأيِّ جسم متحركٍ أوْ لأيِّ ضَوْءٍ غَمَّاز كما
أَنه يَنْتَبِه إلى الأشكال الهندسية بِسُرعة أكبر من أخته وله قدرةٌ فائقةٌ على
محاولة التَّعَرُّف عليها وتفكيكها..
وفي سِنِّ الصِّبا فإنَّ الأولاد يتُوقُون إلى
التَّعَرُّف على بيئاتهم ويَنْتَقلون بكَثْرةٍ من مكانٍ إلى آخر لاكتشافها بينما
تَمِيل البنات إلى البقاء في أماكنهم..
ويستطيع الأولاد التصرف بِمَهارةٍ أكبرَ في كل
ما يتعلق بالأشكال الهندسية وفي كل ما له اتجاهاتٌ ثُلاثية «Three Dimensional objects» وعندما يُطْلَب مِن الولد أن يُكَوِّن شكلاً مُعَيَّناً من
وَرَقٍ مُقَوّى مَثَلاً فإنه يتفَوَّق على أخته في ذلك تفَوُّقاً كبيراً.
وما يُعْتَبَر اكتشافاً مُذهِلاً هو؛أن تخزين
القدُرات والمعلومات في الدِّماغ يختلف في الولد عنه في البنت.. ففي الفتى تتجمَّع
القُدُرات الكلامية في مكانٍ مختلفٍ عن القدرات الهندسية والفراغية بينما هي
موجودةٌ في كِلا فَصَّي المُخ لَدَى الفتاة ومعنى ذلك أن دماغ الفتى أكثر تَخَصُّصاً
مِن مُخ أخته.
ولعل هذه الحقائق المُكْتَشَفَة حديثًا
تُفَسِّر ولَو جُزْئِياً؛لماذا نرى أغلب المهندسين المِعْمارِيِّين من الذكور دون
الإناث.. وقد كان أول من اكتشف هذه الحقيقة الباحث النفسي لانسدل من المعهد القومي
للصحة في الولايات المتحدة عام 1962 ثم أَكَّد هذه الأبحاث كثيرون؛منهم أُستاذة
علم النفس في جامعة مكماستر بكندا ,الدكتورة, ساندرا ويلسون.
ولهذا نجد أن اختبارات الذكاء تُرِينا تساوياً
بين الفتى والفتاة ما عدا فَحْصَين منهما... وهما فَحْص ترتيب الصور والفراغات بين
الأصابع Picture
arrangment and digial span فإنهما يُرِيانا تفوُّقاً كبيراً في صالح
الأولاد على البنات.
ولهذا فإن فحْص الذكاء في مجموعةٍ يؤدي دائمًا
إلى تَفَوُّق الأولاد على البنات.
ويقول أستاذ علم النفس في جامعة جورجيا
البروفسور توراناس «إن المساواة بين الجنسين تُشَكِّل عَقَبَةً كَأْداءَ في
القدرات الخَلاَّقة. فالقُدرات الخلاَّقة لَدَى الفتاة تحتاج إلى الحساسية والصفات
الأنثوية بينما تحتاج في الفتى إلى الاستقلالية وصفات الرجولة».
وتقول الدراسة إنَّ أغلب الأولاد يَمِيلون إلى
كثرة الحركة وشئٍ من العُنْف بينما أكثر الفتيات إلى السَّكِينة والهدوء وقِلَّة
الحركة.
إن هذه الدراسات احصائية وتتحدث عن الجنسين على
صورة العُموم ولكنها ليست شخصيةً: أيْ أنها لا تتحدث عن هذا الشخص أو ذاك وإنما
تتحدث عن المجموع والصبغة الغالبة..
وإمْكانِية أنْ يَشُدَّ فردٌ من هذا الجنس أو
ذاك عن القاعدة أمرٌ لا يُلْغِي القاعدة في ذاتها.
وعلينا أن لا نتجاهل الحقائق العلمية البيولجية
فنحاول أن نجعل تربية الفتى مماثلةً لتربية الفتاة, ودورَ الفتى في الحياة مماثلاً
لِدَورِ الفتاة لأننا فقط نرغب في ذلك... فهذا التفكير المَيْنِيُّ على الرغبات Wishful Thinking يُصادِم الحقائق العلمية».
ا ه- مقال الريدرز دايجست
وقد أثبتت الأبحاث الطبية أن دماغ الرجل أكبر
من دماغ المرأة وأن التلافيف الموجودة في مخ الرجل هي أكثر بكثيرٍ من تلك الموجودة
في مخ المرأة.
وتقول الأبحاث أن المقدرة العقلية والذكاء
تعتمدان إلى حد كبير على حجم ووَزْن المخ وعدد التلافيف الموجودة فيه.
فالإنسان يُعْتَبَر صاحب أكبر دماغ بين جميع
الحيوانات بالمُقارَنة مع حجم ووزن جسمه.. وتلافيف مُخِّه أكثر بكثير مما هي عليه
في أي من الحيوانات الدنيا أو العليا.
وقد يقال إنَّ وزن وحجم المخ يعتمد على وزن
وحجم الشخص.وهذا صحيح فإن مخ الفيل أكبر من مخ الإنسان ولكن مخ الفيل بالنسبة
لوزنه وحجمه ضئيلٌ جداً.. وأما مخ الإنسان فإنه كبير بالقياس إلى جسمه ومقارنته
ببقية الحيوانات.
وحتى لو أخذنا هذه الحقيقة في الحُسْبان فإن
دماغ الرجل سيَظَل أكبر وأثْقَل وأكثر تلافيفاً من دماغ المرأة.
ويزيد مخ الرجل في المتوسط عن مخ المرأة بمقدار
مائة جرام... كما يزيد حجمه بمعدل مائتي سنتيمتر مكعب. ونسبة وزن مخ الرجل إلى
جسمه هي 1/40 بينما نسبة مخ المرأة إلى جسمها تبلغ 1/44 فحسْب.
ولعل في هذا دليلاً على ما ورد في الحديث
النَبَوِيِّ الشَّريف مِن نُقْصان عَقْل المرأة بالنسبة للرجل.
وجعل الله سبحانه شهادة المرأتين مساويةً
لشهادة رجلٍ واحدٍ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ
يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ
أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى}[البقرة 281].
هذه الفروق كلها تؤكد إعجاز الآية{
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } وليست الدرجة مُقْتَصِرةً فقط على التركيب
البيولوجي ولكنها أيضًا تشمل التركيب النفسي... والقدرات العقلية والكلامية..
والفَنِّية ( أَوَ مَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ
مُبِينٍ).
فإذا نَظَرْتَ في التاريخ وجدت النابغين في كل
فَرْعٍ من فروع المعرفة والاختراع والحياة من الرجال لا يَكاد يُحْصِيهم مُحْصٍ...
بينما النابغات من النساء في أي مجال من مجالات المعرفة أو الاختراع محدودات
معدودات وتستطيع أن تَذْكُر المئات من الرجال في كل فنٍّ من فنون المعرفة.. وفي
قِيادة الجيوش وفي الاختراعات وفي الصناعة وفي المال والاقتصاد.. ولكنه سيَعْسُر
عليك أنْ تَعُدَّ العشرات من النساء في أي من هذه الفنون المختلفة من المعارف
الإنسانية والصناعات والاختراعات... وتستطيع أن تعد عشرات الأنبياء والمرسلين وهم
صفوة البشر.. ولكنك لا تستطيع أن تَجِدَ واحدةً تَتَّصفُ بصفات النُّبُوة
والرسالة... رغم عِظَم بعض هؤلاء النساء من أُمَّهات الأنبياء وزوجاتهم وبناتهم...
فمَرْيَمُ العَذْراءُ سَيِّدَة النساء في زمانها... وفاطمة الزَّهْراء سيدة نساء
العالمين... لا يُضَارِعُهُنَّ أحدٌ من النساء.. ونِعالُ الواحدةِ منهن خيرٌ مِن
آلافِ الرجال.. لكنَّ الحقيقة تَبْقَى بعد ذلك أنَّه لم تَرْقَ واحدةٌ منهن إلى
مَصافِّ النُّبُوة...
وليس هذا قَدْحاً في المرأة... فإن أعظم
العباقرة يتَصاغَرُ أمام أبسَطِ الأمهات... ولا يستطيع أعظَمُ قادةِ الدنيا من
الرجال أن يفْعَل ما تفعلُه أبسط النساء وأجْهُلُهُنَّ... إنه لا يستطيع أن يُنْجب
طفلاً ويَحْمِلَه في بطنه تِسعة أشْهرٍ كما أَنَّه لا يُمْكِنُه إِرْضاعُه وتربيته
مهما كان له من العبقرية والنُّبوغ!!
فوظيفة الأُمُومة لا يستطيع أن يقوم بها أيُّ
رجلٍ مهما كان حظُّه عظيما من النُّبوغ.. ووظيفة الأمومة تتصاغر أمامها كل الوظائف
الأخرى.. حتى يَجْعل الرسول الكريم الجَنَّة تحت أقدامها «الجَنَّةُ تحَتْ
أَقْدَامِ الأمَّهاتِ» ويُوْصِي أصحابه وأُمَّتَه بِرِعاية الأُم بأَضْعاف ما
يُوْجِبُه لِلأبِ. فعندما سُئِلَ المُصْطفى صَلوَاتُ اللهِ وسلامه عليه مِن أحَدِ
أصحابه: مَنْ أحَقُّ الناسِ بِحُسْن صُحْبَتِي وبِرِّي, قال المصطفى: «أُمُّك
ثُمَّ أُمُّك ثُمَّ أُمُّك ثُمَّ أَبوك ثُمَّ أدْناكَ فأدْناكَ».
وركَّز القُرآنُ الكريم على بِرِّ الوالدين
وحثَّ عَلَيْهِما أَيَّمَا حَثٍّ وخَصّ الأُمَّ بِزِيادة ذكرٍ لِيُبَيِّن مَزيدَ
فَضْلِها.
قال تعالى:{ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } [ لقمان] .
وقال عزَ َّمن قائل { وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا } [الأحقاف] .
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا
وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [ الإسراء].
ويقول الأستاذ العقاد رحمه الله في المرأة في
القرآن في فصل ِ«وللرجال عليهن درجة» «فَلَيْسَت شواهِدُ التاريخ الحاضر
المُسْتَفيضة بالظاهرة الوحيدة التي تُقِيم الفارق بين الجنسين. إذ لا شك أن طبيعة
الجنس أدَلُّ من الشواهد التاريخية والشواهد الحاضرة على القوامة الطبيعية التي
اخْتُصَّ بها الذكورُ من نوع الإنسان إنْ لم نَقُل من جميع الأنواع التي تحتاج إلى
هذه القَوامة.. فَكُلُّ ما في طبيعة الجنس الفسيولوجية في أصل التركيب يَدُلُّ على
أنه علاقةٌ بين جنسٍ يُريد وجِنْسٍ يَتَقَبَّل وبين رَغْبةٍ داعيةٍ ورغبة
مُسْتَجِيبَةٍ تتمثلان على هذا النحو في جميع أنواع الحيوانات التي تَمْلِك
الإرادة وترتبط بالعلاقة الجنسية وقتاً من الأوقات.
وعلى وجود الرغبة الجنسية عند الذكور والإناث
لا تبدأ الأنثى بالإرادة والدعوة ولا بالعِراك لِلْغلَبة على الجنس الآخر..
وليس هذا مما يَرْجع في أُصوله إلى الحياء الذي
تَفْرِضه المجتمعات الدينية ويُزَكِّيه واجبُ الدين والأخلاق؛بل يُشاهَد ذلك بين
ذكور الحيوان وإناثه حيث لا يُعْرَفُ حياءُ الأدب والدين. فلا تُقْدِمُ الإناث على
طَلَبِ الذُّكور بل تتَعَرَّض لها لتراها وتَتَّبِعَها وتُسَيِْطِر عليها
باختيارها ولا تزال الأنثى بِمَوْقِف المُنْتَظِر لِنَتِيجَةِ العِراك عليها بين
الذكور لِيَظْفَر بها أقْدَرُها على انْتِزاعِها.
وأدَلُّ مِن ذلك على طبيعة السيطرة الجنسية
أنَّ الاغْتِصابَ إذا حَصَل إِنَّما يَحْصُل من الذكر للأنثى ولا يَتَأَتَّى أنْ
يكُونَ هناك اغْتِصابٌ جَسَدِيٌّ من أنثى لِذَكر.. وإن غَلَبَةَ الشَّهوة الجنسية
تَنْتَهِي بالرجل إلى الضَّراوة والسيطرة وتنتهي بالمرأة إلى الاستسلام
والغَشْية... وأعْمَقُ من ذلك في الإبانَةِ عَن طبيعة الجنس؛أنَّ عَوَارِضَ
الأنوثة تكاد تكون سَلْبِيةَّ مُتَلَقِّية في العلامات التي يُسَمُّونها بالعلامات
الثانوية فإذا ضعُفَت هُرمونات الذكورة وقَلَّت إفْرازاتُها بَقِيَت بَعْدَها صفات
الأنوثة غالبةً على الكائن الحي كائناً ما كان جنسه (وذلك ما هو مُشاهَدٌ عند
إخصاء الذكور فتظهر الصفات الأنثوية وتضْمَحِلُّ صفات الذكورة).. ولكنَ صفات
الذكورة لا تأتي وحدها إذا ضعُفَت هرمونات الأنوثة... إنما يَظْهر منها ما كان
يَعُوقُه عائق عن الظهور.
ومن الطبيعي أن يكون للمرأة تكوينٌ عاطفيٌّ
خاصٌّ لا يُشْبِه تكوين الرجل لأن ملازمة الطفل الوليد لا تَنْتهي بمناولَتِه
الثَدْي وإرْضاعِه.. ولابُد مَعَها من تَعَهُّدٍ دائم ومُجاوَبَةٌ شُعورية
تَستدعِي شيئاً كثيراً من التناسب بين مزاجها ومزاجه.. وبين فهمها وفهمه ومدارج
حسه وعطفه.. وهذه حالة من حالات الأنوثة شوهدت كثيراً في أطوار حياتها من صِباها
الباكِر إلى شيخوختها العالية فلا تخلو من مُشابَهة للطفل من الرضى والغضب وفي
التدليل والمُجافاةِ ,وفي حُب الوِلاية والحَدْبِ مِمَّن يُعامِلها ولو كان في
مِثْل سِنِّها أو سِن أبنائها..
وليس هذا الخُلُق مما تَصْطَنِعُه المرأة أو
تتركه باختيارها إذ كانت حضانة الأطفال تَتِمَّةً للرضاع تَقْتَرِن فيها أدواته
الجسدية ولا تنفصل إحداهما عن الأخرى. ولا شك أن الخلائق الضرورية للحضانة
وتَعَهُّد الأطفال الصِّغار أصْلٌ من أصول اللِّينِ الأُنثوي الذي جعل المرأة
سريعة الانقياد للحِسِّ والاستجابة للعاطفة. ويصْعُب عليها ما يسْهُل على الرجل من
تحكيمِ العقل وتَقْليب الرأْيِ وصلابة العزيمة... فهما ولا شك مختلفان في هذا
المِزاج اختلافاً لا سبيل إلى المُمَاراة فيه».
تتعرَّض المرأة وتنتظرُ والرجل يطلب ويسعى
والتَّعَرُّضُ هو الخُطْوَة الأُولى في طَرِيق الإغراء ,فإن لم يَكْفِ فَوَراءَه
الإغْواءُ بالتَّنْبِيهِ والحِيْلَة والتَّوَسُّل بالزِّينَةِ والإيْماء. وكل ذلك
مَعْناه تَحْرِيكُ إرادة الآخَرِين والانتظار».
« فإرادة المرأة تتحقق بأمرين: النجاح في أن
تُرَاد والقدرة على الانتظار. ولهذا كانت إرادة المرأة سلبية في الشؤون الجنسية
على الأقلِّ إنْ لم نَقُل في جميع الشؤون».
«فالإغواء كافٍ للأنثى ولا حاجة َبها إلى
الإرادة القاسِرة بل مِن العَبَثِ تَزْوِيدُها بالإرادة التي تَغْلِب بها الذكر
عُنْوة لأنها متى حمَلَت كانت هذه الإرادة مَضْيَعَةٌ طُوال فترة الحمْل بِغير
جَدْوَى على حين أن الذكور قادرون إذا أدَّوا مَطْلَب النَّوع مرة أنْ يُؤَدُّوه
مراتٍ بلا عائق من التركيب والتكوين... وليس هذا في حالة الأنثى بميسورٍ على وجهٍ
من الوجوه».
وعلى هذا يعتز الرجل بأن يريد المرأة ولا
تَعْتَزُّ المرأة بأن تُريدَه؛لأن الإغواء هو مِحْوَرُ المَحاسِن في النساء
,والإرادة الغالبة هي محور المحاسن في الرجال. ولذا زَوَِّدَت الطبيعة المرأة
بِعِدَّة الإغواء ,وعَوَّضَتْها عَن عِدَّة الغَلَبة والعزيمة. بل جعلتها حين
تُغْلَب هي الغالبة في تحقيق مَشيئة الجنسين على السَّواء».
ا.ه - كلام الأستاذ العقاد
والفروق بين الذكر والأنثى في الجَنين من الشهر
الرابع حيث تَتَميز أعضاء الذُّكورة وأعضاء الأنوثة.. وحيث يكون المخ ومنطقة «تحت
المهاد» قد تَمَيَّزت كاملاً بين الجنين الذكر والجنين الأنثى.
وقد لاحظ العلماء والأطباء والمرَبُّون
الاختلاف الشاسع في سلوك الطفل الذكر عن سلوك شقيقته الأنثى ولو كانا تَوْأمين..
فالصَّبي عادةً أكثر عُنفاً ونشاطاً وإدْراكاً من أخته.
وتشكو الأمهات في العادة من نَشاط أولادهِنَّ
الزائد وما يُسَبِّبونه لهَنُ من متاعب وتحطيمٍ في أثاث المنزل بينما البنات في
العادة هادئاتٌ..
وتَمِيل الصَّغيرات إلى اللعب بالعرائس وإلى
تَسْرِيحِهِن والعناية بهن ويَقُمْن تِلْقائيًا بِدَوْر الأُم بينما يَصْعُب على
الصَّبِي فِعْل ذلك وسرعان ما يَلْوِي رَقَبة العروسة إنْ أُعْطِيَت له ويُمَّزقها
لِيَنْظر ما في أحشائها؟
ويعرف الآباء والأمهات الذين رزقهم الله
ذُرِّيةً من الأولاد والبنات الفروق الشاسعة بين أطفالهم.. وتَقِف البنت الصغيرة
أمام المرآة وتَتَدَلَّل تِلقائياً.. وكثيراً ما كنت أسمع من بناتي وهُن لم
يُجَاوِزْن بعد سن الثالثة عند لِبْسها ثوباً جديداً واستعدادها للخروج مع أمها:
يا بابا شُوف الجمال!!.. أو يا بابا إيه رأيك في الفستان الجميل دَه «أو يا بابا
شوف التَّسريحة الحُلوة دي».
ولم يخْطُر بِبال الصبي أن يفْعَل مثل ذلك بل
هو مشغولٌ منذ طفولته الباكرة باللعب بالكرة أو بِتَفكيك الألعاب التي تُهْدى له
لِيَعْرف ما بداخلها.
وتستمر الفروق تنمو يوماً بعد يوم حتى تَبْلُغ
أَوَْجَ اختلافها عند البلوغ عندما تستيقظ الغُدد التناسلية من هَجْعَتِها الطويلة
وتَنْشَط فَتُرْسل هرمونات الذكورة إلى الصبي ليُصبح رجلاً فينمو شعر عُذارِيه
وذَقْنه وشاربه ويصبح صوته أجَشّ غليظاً... وتنمو عضلاته وعظامه وتَقْوَى.. ويتوزع
الدهن في جسمه توزيعاً عادلاً.. ويكون عريض المِنْكَبين قَوِي الساعدَين مفتول
الذِّراعين.. أما الفتاة فتنهَمِر عليها هرمونات الأنوثة فتنمو أثْداؤُها وأجهزتها
التناسلية وتبدأ الحيض.. ويتوزع الدهن في جسمها بحيث يُخْفِي أيَّ نُتُوءٍ أو
حُفْرَةٍ لا ترتاح لها العين.. ويزداد الدهن في أرْدافها وعَجُزِها.. ويَنْعُم
صوتها ويَصِير رخيماً.. ليس هذا فحسب ,ولكنَّ الهرمونات تُؤَثر في السلوك كما تؤثر
في القَوام والمِشْيَة فتَجعلَ الفتى مِقْداماً مُحِباً لِلْمُغامرة وتجعل الفتاة
شديدة الخَفْر والحياء مَيَّالةً إلى الدَّلال والتَّغَنُّج.
وهي فروقٌ تظهر في الحيوان المنويّ والبويضة
كما تَظْهر في الفتاة اليافِعَة والشاب الذي طرَّ شارِبُه.
وظائف المرأة الفسيولوجية تَعُوقُها عن العمل
خارج المنزل:
وإذا نظرنا فقط إلى ما يَعْتَرِي المرأة في
الحَيْض والحمل والولادة لَعَرفْنا أن خروجها إلى مجال العمل إنما هو تعطيل العمل
ذاته.. كما أنه مُصادِمٌ لفِطرتها وتكوينها البيولوجي الذي لا مَنْدُوحَةَ عنه ..
(أ ) المحيض:
إِنَّ أنثي الإنسان.. والثدْيِيات العُليا مثل:
القِرَدة والأورانج والشمبانزي هي التي تَحِيض ولها دَوْرَة رَحِمِيَّة كاملة..
أما بقيَّة الحيوانات فلا تحيض إناثها رغم ما يُشاع عن حَيْض الأرنب والضَّبع
والخُّفاش.. فهذه جميعاً لا تحيض وإن كانت تُنْزِل دماً من أرحامها عند
اهْتِياجِها الجنسيِّ الشديد.
وللحيوانات جميعِها فترةٌ محدودة ٌللنشاط
الجنسيِّ وعادةً ما يكون في فصْل الربيع بينما النشاط الجنسي للإنسان مُتَّصِلٌ
على مَدار العام.. ولا تُفْرِز الإناث من هذه الحيوانات بويضاتها إلا في فترةٍ
محدودةٍ من العام بينما تُفرز المرأة بُويضة مرةً في كل شهرٍ منذ البلوغ إلى سِنِّ
اليأْس.. أَيْ خلال ما يَزيد على ثلاثين عاماً كاملةً.. وهي طوال هذه المُدة
مُعَرَّضَةٌ لِلْحَيض في كل شهر إلا إذا وقع الحَمْل وتَتَعَرض المرأة في أثناء
الحيض لآلام ومُعاناةٍ نُلَخِّصُها فيما يلي:
1) تُصاب أكثر النساء بآلام وأوْجاعٍ في أسفل
الظَّهر وأسفل البطن.. وتكون آلام بعض النساء فوق الاحتمال مما يَسْتَدْعِي
استدعاء الطبيب واستعمال الأدوية المُسَكِّنة للألم.
2) تُصاب كثيرٌ من النساء بحالةٍ من الكآبة
والضِّيق أثناء الحيض وخاصةً عند بدايته.. وتكون المرأة عادةً مُتَقَلِّبة المِزاج
سريعة الاهْتِياج قليلةَ الاحتمال.. كما أنَّ حالتها العقلية والفكرية تكون في
أدْنى مُستوىً لها.
3) تُصاب بعض النساء بالصُّداع النِّصْفيِّ
(الشَّقِيقَة) قُرْبَ بداية الحيض.. وتكون الآلام مُبْرِحَة وتَصْحبها زَغْلَلة في
الرؤية وَقَئٌّ.
4) تُقِل الرغبة الجنسية لَدى المرأة وخاصة عند
بداية الحيض.. وتمَيل كثيرٌ من النساء في فَترة الحيض إلى العُزْلة والسَّكِينة.
وهذا أمرٌ طبيعيٌ وفسيولوجي؛إذْ أنَّ فترة الحيض هي فترة نَزيف دمَوِيٍّ من قُعْر
الرحم.. وتكون الأجهزة التناسلية بأكملها في حالةٍ شِبْهِ مَرَضية.
5) فَقْر الدم (الأنيميا) الذي ينْتُج عن
النزيف الشهريِّ إذْ تَفْقِد المرأة كِمِّية ًمن الدم في أثناء حيضها.. وتختلف
الكِمِّية من امرأةٍ إلى أُخْرَي وقد قِيْسَت كِمِّيةُ الدم أثناء الحيض وزناً
وحجماً فَوُجِد ما بين أُوقيَِّتَين (60 ميليليتر) وثمان أوقيات (مائتين وأربعين
ميليلتر).
6) تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض بدرجةٍ
مِئَوِيةٍ كاملةٍ.. وذلك لأن العمليات الحيوية التي لا تَكُفُّ في جسم الكائن
الحيِّ تكون في أدْنَى مستوياتها أثناء الحيض. وتُسَمَّي هذه العمليات بالأَيْض أو
الاستقلاب Metabolism ويَقِل إنتاج الطاقة كما تَقِل عمليات التمثيل الغذائي.. وتقل
كمية استقلاب المواد النَّشوية والدهون والبروتين..
7) تُصاب الغُدَد الصَّماء بالتَّغَيُّر أثناء
الحيض فتَقِل إفرازاتها الحيوية الهامة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناء الحيض.
نتيجةً للعوامل السابقة تنخفض درجة حرارة الجسم
ويُبْطِئ النَّبْض وينخفض ضغط الدم وتُصاب كثير من النساء بالشعور بالدُّوخة
والكَسَل والفُتُور أثناء فترة الحيض..
ومِن المعلوم أنَّ الأعمال المُجْهِدَة والخروج
خارج المنزل ومُواجهة صِعاب الحياة تحتاج إلى أعْلى قدْرٍ من القوة والنشاط
والطاقة.. فكيف يَتَأَتَّى للمرأة ذلك وهي تُواجِه كل شهرٍ هذه التغييرات
الفيسيولوجية الطبيعية التي تجعلها شِبْه مريضة.. وفي أدنى حالاتها الجسَدية
والفكرية..
ولَو أُصِيب رجلٌ بنَزْفٍ يَفْقِد فيه رُبْع
لِتْرٍ من دَمِه لَوَلْوَل ودعا بِالوَيْل والثُّبُور وعَظائِم الأُمور وطلب
أجازةً من عمله.. فكيف بالمِسْكينة التي تَنْزِف كل شهرٍ ولا يَلْتَفِتُ إليها
أحد..
وانْظُر إلى آثارِ رحْمةِ الله بالمرأة.. كيف
خَفَّفَ عنها واجباتها اثناء الحيض فأعْفَاها من الصلاة ولم يُطالبها بقَضَائها..
وأعْفاها من الصوم وطالبها القضاء في أيام أُخَر وأعْفاها من الاتِّصال جِنْسيًا
بِزَوْجها وأخْبَرها وأخْبَر زوجها بأنَّ الحيض أذَى وطَلب منهما أن يَعْتَزل كلٌّ
منهما الآخر في الحيض قال تعالى: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ
أَذًىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ
اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (579).
(ب) الحمل:
لا تَكاد الفتاة تتزوج حتى تنتَظِر اليوم الذي
تَحْمِل فيه بفارِغ الصَّبْر وتكاد تَطِير فَرَحًا عندما تَعْلَم بأنها حاملٌ
لأوَّل مرَّة. ومع هذه السعادة الغامرة تبدأ الآلام والأوْجاع والوَهْن..
{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ
لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [ لقمان].
{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ
إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ
وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف]
يَنْقَلِب كِيان المرأة أثناء الحمل ويبدأ
الحمل بالغَثَيان والقَئ.. وكثيرًا ما يكون ذلك شديدٍا وخاصة في الأشْهُر الأُوْلى
من الحمل.,. وتُعْطِي الأم جَنِينَها كل ما يحتاج إليه من مواد غذائية مهْضُومةٍ
جاهزةٍ حتى ولو كانت هي في أشد الحاجة إليها.. بل إن الأمر أبْعَد من ذلك.. فإنَّ
الجنين يحصُل على حاجاته من دَمِ الأم ولو اضْطُّرَت الأم المسكينة أن تُعْطِيه ما
يحتاج إليه من عِظامها.. حتى لَتُصاب بِلِينِ العظام وتَسَوُّس الأسنان من جَرَّاء
سحْبِ الجنين للكالسيوم وفيتامين «د» من دم الأم وعظامها.
كما أنَّ مُعْظم الأمهات يُصَبْن بفقر الدم
أثناء الحمل وخاصة في النِّصْف الثاني من مدة الحمل.. وذلك لانْتِقال المُواد
الهامَّة لِصُنْع الدم من الأم إلى الجنين وسحبها من أماكِنِ خَزْنِها في جسم
الأم.
وفقر الدم (الأنيميا) يُنْهِك الأم وإذا زادت
درجَتُه فإنه يُؤَدِّي إلى هُبوطِ القلب.
ليس هذا فحسْب ولكنَّ الجنين يَسْحَب كل ما
يحتاج إليه من مواد لِبِناءِ جِسْمِه ونُمُوِّه حتى ولو تَرك الأم شَبَحًا
هَزيلاً.. يُعاني من لِين العظام ونَقْص الفيتامينات وفقر الدم.. وهي تفعل ذلك
راضِيةً مُخْتارة.. كما تقوم الأم بأخْذِ جميع المواد السامَّة التي يُفرزها جسم
الجنين وتَطْرُدها بَدَلاً عنه.
ولا تكْتَفِي الأم بكلِّ هذا بل تُعْطِي جنينها
مواد المَناعَة ضِدَّ الأمراض وتَمْنع عنه المَشِيمَة كلَّ ما يَضُرُّه من موادٍ
موجودةٍ في دم الأم ولا تسمح لها بالمرور إلى الجنين كما أنها تَصُد عنه دخول
الميكروبات إلا فيما نَدُر.
وفي الحمل يتَحَمل القلب أضْعاف أضْعاف ما
يتحمَّلُه قُبَيْل الحمل.. فإنَّ عَلَيه أنْ يقوم بِدَوْرَتَيْن دَمَوِيتين
كاملتين؛ دورةٌ للأم ودَورةٌ للجنين ويتحَمَّل تَبِعَات هاتين الدَّوْرتَين..
وتزداد كمية الدم التي يضُخُّها قلب الأم إلى ما يَزيد عن ضِعْفَي ما يَضُخه
يوميًا (يضخ القلب قبل الحمل حوالي 6500 لتر يوميًا. أمَّا في أثناء الحمل وخاصةً
قُرْبَ نهايته فَتَصِل الكِمية التي يَضُخها القلب إلى 15,000 لتر يوميًا).
وتزداد سرعة القلب ونبضاته.. ويكْبُر حجْمُه
قليلاً.. وبامْتلاءِ البطْن ونُمُوِّ الجنين يَضغَط الحِجابُ الحاجز على القلب
والرئتين فيُصبِح التَّنَفُّس أكثر صُعوبةً وتَشْكو الحامل من ضِيقِ التنفس
والنَهَجان (580) وخاصة عندما تَسْتَلْقِي على ظَهرها..
ويَضغَط الرحِمُ على الأوْرِدة العائدة من
الساقَين فتمْتلِئُ هذه الأخيرة بالدماء وتنْتَفِخُ مُسَبِّبةً دَوَاليَ
الساقَين.. كما تَتَوَّرم القَدَمان قليلاً في أَوَاخِر الحمل..
ويُصاب الجهاز الهضميُّ من أَوَّل الحمل
فَيَكْثُر القَئ والغَثَيان.وتَقِل.الشهية, ثُم بعد ذلك تَزداد الحُرْقة واللَّذْع
والتهابات المعدة.. كما تُصاب الحامل في العادة بالإمْساك وتَضْطَرب الغُدد الصماء
في وظائفها.. وتُصاب بعض النساء بِتَوَرُّم الغدد الدَّرَقِية أثناء الحمل نتيجة
نقص اليُود.
كل هذه التغيرات وأكثر منها تحدث في الحمل
الطبيعي..
وفي كثيرٍ من الأحيانِ يُضاف إلى هذه المتاعب
التهابات المَجَارِي البَوْلِية.. التي تزداد زيادةً كبيرةً أثناء الحمل.. مما
يؤدي إلى فُقْدان البروتين (الزُّلال) من البَوْل وتَوَرِّم الأرْجُل والأقدام
والوَجْه وارتفاع ضغط الدم..
وهذا الأخير يُعْتَبر أهم عاملٍ في حدوث حالاتِ
تسَمُّم ِالحمل الخطيرة. لِذا فإنَّ على الحامل أنْ تَعْرِض نفسها على الطبيب مرةً
كل شهر لمِتُابعة حالتها وفي أشْهر الحمل الأخيرة ينبغي أنْ يراها الطبيب مرة كل
أُسبوعَين..
ولن نتحدَّث عن حَمْل التَّوائِمِ ومُضاعفاتِه
,ولا عن الحمل خارج الرحِم وخطورته على حياة الأم.. ولا عن أمراض القلب وأمراض
الكُلَى وتَسَمُّم الحمل. فَكُل هذه لها مجالٌ آخَر.. ولكننا نُشير فقط إلى ما
تُكابِدُه الأم من مَشاقٍّ أثناء الحمل الطبيعي.
وفي أثناء الحمل يزداد وَزْن الأم بِمُعَدَّل
كيلو جرام ورُبع, كل شهر حتى إذا بلغ الحمل نِهايته كانت الزيادة عشرة كيلو
جرامات؛ سبْعةٌ منها للجنين وأغْشِيته والمَشِيمة.. وثلاثةٌ منها زيادةٌ فِعْلِيةٌ
في وَزْن الحامل..
ويقول مجْمُوعةٌ مِن أساتذةِ طِبِّ النساء
والولادة في كتاب «الحمل والولادة. والعقم عند الجنسين»:«والطفل يُعْتَبر كالنبات
الطُّفَيْلِي الذي يَسْتمد كل ما يحتاج إليه من الشجرة التي يتعلق بها فهو يعيش
ويأخذ غذاءه من الأم كاملاً مهما كانت حالتها أو ظروفها حتي لو تركها شَبَحَاً».
وفي موْضِعٍ آخَر يقول «يعْتَبِر مُعظم
الأطِباء – وهذا صحيح ٌ–
أنَّ الجنين داخل الرحم مُتَطَفِّلٌ على أُمِّه لأنَّ المواد الغذائية كالأحماض
الأمِينِة والجلوكوز وكذا الفيتامينات والأملاح ,كالحديد والكالسيوم والفسفور
وغيرها تنتقل من الأم إلى الجنين خلال المشيمة.. والمعروف
أنَّ طَلَبات الجنين تُلَبَّي بصِفةٍ إلْزامِية حتى وإنْ كان هناك نقْصٌ في كل أو
بعض هذه المواد الحيوية عند الأم».
ولا تُعاني الأم من كل هذه المتاعب الجسدية
فحسْب ولكنَّ حالتَها النفْسية كذلك تضْطَرِب أيَّما اضْطِرابٍ فهي بين الخوف
والرجاء.. الخوف من الحمل ومَتاعبه والولادة ومتاعبها والرجاء والفرح بالمولود
الجديد.. وتضطرب نفسيتُها وتُصاب في كثيرٍ من الأحيان بالقلق والكآبَة.. وتَقَلُّب
المِزاج.. ويقول كِتاب «الحمْل والولادة» المُشار إليه آنِفاً: «تحتاج (الحامل)
إلى عنايةٍ شديدةٍ من المُحِيطِين بها في هذه الفترة بالذات. إذْ تكون أكثر
حساسيةً مِن أيِّ فترةٍ مَضَتْ سريعة التأثير والانفعال والمَيْل إلى الهموم
والحثزْن لأتْفَهِ الأسباب.. وذلك بسبب التغير الفيسيولوجي في كل أجْزاء الجسم..
لِذا يجب أنْ تُحَاط بِجَوٍّ من الحنان والبُعْد عن الأسباب التي تُؤَدِّي إلى
تأثرها وانفعالها وخاصة من ناحية الزوج أو الذين يعيشون ويتعاملون معها»..
وقُلْ لِي باللهِ عليك هل يُمْكِن أنْ تُحاط
بِجَوٍِّ من الحنان في المَصْنَع أو المَتْجَر أو في المَكْتَب.. وصاحب العَمَل لا
تُهِمُّه حالتُها الفيسيولوجية ولا يَعرف حاجتها البيولوجية إلى الحنان.. إنه يعرف
فقط أنَّ عليها أنْ تؤدي عملاً تأْخُذُ مُقابِلَه راتباً مهما كانت ظروفها..
وليس هو مسؤولاً عن حَمْلِها.. (وحتى لو كان
المسؤول عن حملها فإنه لا يَهْتم لذلك في الغالب)، كما أنه لم يكن مسؤولاً عن
حالتها أثناء الحيض..
لا شك أن حالة الحيض المُتَكَرِّرة وحالات
الحمل والولادة تتناقَض ومصلحةَ العمل. وخروجها إلى العمل لِتُنافِس الرجال
يُصادِم الفِطرة.. ويُسَبِّب زيادةً مَلحوظةً في أمراض الحيض.. كما يسبب زيادة
ملحوظة في مضاعفات الحمل والولادة.. ودائمًا ما يَنْصَح الأطباء الحوامل بالراحة
واجتناب الإرْهاق الجسديِّ والنفْسيِّ.. كما ينصحون زوج الحامل وأفراد أُسرتها بأن
يُخَفِّفُوا عنها ما استطاعوا وأنْ يُعاملوها بالرِّفْق والحنان وأنْ يَحْتَمِلوا
ما قَدْ يَبْدُرُ منها مِن جَفَاءٍ أوْ سُوءِ مُعاملةٍ أو غِلْظَةٍ.. أو سوء خُلُق
على غَير عادتها وطبيعتها..
وفي الحديث:(إنَّ المرأة قد خُلِقَتْ مْنْ
ضِلَعٍ أَعْوَجَ فإذا أرَدْتَ أنْ تُقيْمَها كسَرْتَها.. ولكن عليك أن تستمتع بها
على ما فيها من عِوَج..) «وخيرُكُم خيرُكُم لأَهْلِهْ وأنا خيرُكُم لأهْلِي».
وصدق الله العظيم حيث يقول: (حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ).
وحيث يقول {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا
وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}.
فهي في وَهْنٍ مِن أوَّل الحمل إلى آخِرِه..
وهي في آلامٍ وأوْجاعٍ ومصاعبَ وأوْصابٍ مِن أوَّل حمْلِه إلى أنْ تَضَعَه.. ثُم
تُواجِه بَعْدَ ذلك مَشَقَّةَ الرَّضاعة ومَشقة التربية.أَفَلا تكون بعد هذا كله
جَديرَةً بالتكريم والتَّوْقير والاحترام.. وتَوْفير التَّفَرُّغ الكامل لها
لِتُؤَديَ هذه الوظيفة العظيمة المَنُوطَة بها.
ألا إنه الجهل المَحْض والكُفْر المَقِيت
لِدَوْر الأم العظيم حينما يُطْلَب منها أنْ تَخْرُج من بيتها لِتُنافِس الرِّجال
بالمَناكِب والأقْدَام.
(ج) آلام الولادة:
إنَّ آلامَ الطَّلْق تَفُوقُ أيَّ أَلَمٍ
آخَرَ.. ومع هذا فلا تَكاد المرأة تَنْتَهي مِن ولادةٍ حتى تَسْتَعِدَّ لِوِلادةٍ
أُخْرَى.. ولا يَكاد الطِّفل يَخْرج إلى الدنيا ويُلامِس جسمه جسمها حتى يَفْتَرَّ
ثَغْرُها عن ابْتِسامةٍ مُتْعَبَةٍ وهي تُعْطِيه أوَّل رَضْعةٍ له مِن ثَدْيِها.
وفي الماضي كانت الولادة عمَلية شديدة الخطورة
وتَنْتَهي كثيرٌ من حالاتها بِوَفاة الأم أَ وَفاة الجنين أو وفاتهما معًا..
كما كانت حُمَّى النِّفاس مُنْتَشِرة بين
الوالدات.. والحمد لله فقَدْ أمْكَنَ في العصور الحديثة خَفْضُ مُضاعَفَات الولادة
على الأم والجنين ,ولكنَّ الطِّب لمْ يَتَمَكَّن من إِزالةِ جميع مَخَاطِر
الولادة.. ولا تَزالُ مَجْموعةٌ من النساء يَلِدْنَ بالعملية القَيْصَرِية..
ومَجُموعة أُخْرى يَلِدْن بالجِفْتِ.. كما أنَّ مجموعةً قليلةً تَفْقِد حياتها
أثناء الولادة أو بسبب حُمَّى النِّفاس أو تَمَزُّق الرَّحِم..
أما الأمراض المُزْمِنة الناتجة عن الحمل
والولادة فلا تزال ,رغم التَّقَدُّم الطِّبِّي الهائل ,ليست بالقليلة. وأهَمُّها
أمْراض الكُلَى وضغط الدم وأمراض القلب وأمراض الجهاز التناسلي وأمراض الكبد.. كما
أن َّالأمراض النفْسية وحالات الكآبة تَكْثُر أثناء الحمل وفي فتْرة النِّفاس..
(د) فترة النفاس:
تَبْقَي الأم في فترة النفاس أشْبَهَ
بالمريضة.. وتُعَانِي من الإرْهاق بَعْد المَجْهُود الشاقّ الذي بذَلَتْهُ أثناء
الحمل والولادة.
ومِن رحْمَةِ اللهِ أنَّ الرحِم الذي كان يمَلأ
تَجْوِيف البطن من عَظم العانة إلى القص يَنزل مُباشرةً بعد الولادة إلى مُستوى
السُّرَّة ويَنْخَفِض مُستواه تدريجيًا بِمُعَدَّل سنتيمترين يوميًا.. وفي خلال
سِتَّةِ أسابيعَ يَعُودُ أدْرَاجُه إلى ما كان عليه قَبل الحمْل...
ولَكَ أنْ تَتَخَيَّل حالة الرحم في نهاية
الحمل وهو يتَّسع لأكثرَ من سبْعةِ آلاف ميليلتر لِيَعود بعد نهاية النفاس إلى
عُضْوٍ لا يتَّسِع لأكثرَ مِن ميليلترين فقط.. كما أن وزنه عند نهاية الحمل
بمحتوياته تبلغ ستة آلاف جرام منها:
1000جرام وزن الرحم ذاته.
3500جرام وزن الجنين.
1000جرام وزن السائل الأمينوس المحيط بالجنين.
500 جرام وزن المشيمة.
أما في نهاية فترة النفاس فيعود الرحم إلى وزنه
الطبيعي وهو خمسون جرامًا وتُعاني النُّفَساء من صُعوبةٍ أثناء التَّبَوُّل وخاصة
في الأيام الأُولَى عَقِب الولادة نتيجةً لِتَسَلُّخات جدار المِهْبَل وفَتْحَة
الفَرْج ومَجْرَى البَول أثناء الولادة.. ولكن سرعان ما تزول هذه الآلام..
وتُنْصَح النُّفَساء بِعَدم الإجهاد لأنَّ
عَضَلَةَ القلب لا تَتَحَمَّل أيَّ مجهودٍ شديدٍ.. ولكن ليس معنى ذلك ألاَّ
تتحرَّك النُّفساء؛ بل إنَّ حركَتَها الخفيفة مَطْلوبة لِتَنْشيط الدورة الدموية
وخاصة في الساقين.. ولكن الإجهاد ضارٌّ بالأم, وقد تَحْصُل حالات هبوطٍ مُفاجِئٍ
نتيجة استعجال الأم في الحركة الشديدة.
والغريب حقًّا أن َّالجِيلَ السابق من الأمهات
كُنَّ يَحْرِصْن على الراحة التامَّة أثناء فترة النِّفاس بدرجةٍ مُبَالَغٍ فيها..
أمَّا الجِيْلِ الحاليّ فَعَلَى نَقِيْض ذلك يَحْرِص على الحركة والإجهاد بصورةٍ
مُزعجةٍ.. ولا شك أنَّ المُغالاة في أحَدِ الجانبين ليس في مَصْلحة النُّفَساء..
وأنَّ خير الأمور أوسطها.
وأخشى ما تَخْشاه النفساء هو حُمَّى النِّفاس..
والحمد لله بفضل الله, ثُم بفضل التَّعْقيم والمحافظة التامة على النظافة أثناء
الولادة وقبلها وبعدها فإن حدوث هذه الحالات أصبح نادرا.. وكم من حياةٍ يانِعةٍ
أوْدَت بها حُمَّى النفاس في الماضي فقد كانت غُوْلاً بَشِعًا يَغْتال الوالدات..
ويُيَتِّم الأطفال الرُّضَّع الذين هم أكثر ما يكونون حاجة لأمهاتهم.
(هـ) الرضاعة:
قرَّر الإسلام حقَّ الطفل المولود في الرَّضاعة
فقال تعالى:
{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ
حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.
كما قرَّر حق أُمه في النَّفَقَة حتى ولو
طُلِّقَت في أثناء الحمل فجعل نهاية عِدَّتها أنْ تَضَع حملها{وَأُوْلاَتُ
الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وقال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ
مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُم مِّن وُّجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا
عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى
يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ
أُخْرَى. لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ
فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا
سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}.
في هذه الآيات الكريمة يُقَرِّر المَوْلَى ,عز
وجل, حقَّ الطفل في الرضاعة كما يُقرر حق أمِّه في النفقة إذا أرْضَعَتْه..
ويُوَجِّه الوالدين كليهما إلى انْ يأْتَمِرا ويتشاوَرا في أمر وَلِيدِهما.. رغم
الجَفْوَة والطلاق.. ويَرْبط ذلك كله بتقوى الله ويُرَقِّق مشاعرهما.. ويَطلب من
الأبِ أنْ يُنْفِق مِن سَعَتِه دون عَنَتٍ ولا إرْهاق, ودون تقْتِيرٍ ولا بُخْل..
وإنما هي السَّماحة واليُسْر النَّدِيُّ في أمر هذا الدين كله..
وبعد مُضِيِّ أرْبعةَ عشَرَ قرْنًا من نزول هذه
الآيات الكريمة فإنَّ الإنسانية لا تزال تَخْبِطُ في الدَّياجِير حتى اليوم.. ولا
يَزال الوليد والأم يعانون أشدَّ المُعاناة حتى في عامنا هذا الذي أسْمَوْهُ عام
الطفل (1979).. ولا تزال المنَظَّماتُ الدُّوَلِية وهيئة الصِّحة العالمية تُصْدِر
البيان تِلْوَ البيان تُنادِي الأمهات أنْ يُرْضِعْن أولادهن.. ولا تزال الهيئات
الطبية تصدر النشرات والمقالات حول جَدْوَى الرَّضاعة من الأم وفوائدها التي لا
تَكاد تُحْصَر(581).. أما أنْ يَفْرِض القانون الدولي للأم المُرْضِع نَفَقًَةً
كاملةً فأَمْرٌ لم تَصِل إليه حضارة القرن العشرين التعِيسة.. بينما قد أَمَرَ
الإسلام بذلك منذ أربعةَ عشَرَ قرنًا من الزمان. وفوائد الرضاعة للطفل والأم أكثرُ
مِن أنْ تُحْصَي ولكنا نُوْجِزُها هنا فيما يلي:
فوائد الرضاعة للوليد:
1) لبن الأم مُعَقَّّم جاهزٌ.. وتَقِل بذلك
النَزَلاتُ المَعَوِية المُتكرِّرة والالتهابات التي تُصيب الأطفال الذين يَرضَعون
من القارورَة. وكذلك تقل الالتهابات التي تُصيب الجهاز التنفسيَّ وذلك بسبب وُجود
موادٍ مُضادةٍ للميكروبات في لبن الأم.
2) لبن الأم لا يُمَاثِله أيُّ لبنٍ آخَر
مُحَضَّر من الجاموس أو الأبقار أو الأغنام فهو قد صُمِّم ورُكِّب لِيَفِي
بِحَاجات الطفل يومًا بِيَوم منذ ولادته وحتى يكْبُر إلى سِنِّ الفِطام.. فترْكيب
اللبا وهو السائل الأصفر الذي يُفْرِزه الثدْيِ بعد الولادة مُباشرةً ولمدة ثلاثة
أو أربعة أيامٍ يحتوي على كِمِّياتٍ مُرَكَّزةٍ من البروتينات المَهْضُومة والمواد
المُحْتوية على المُضادات للميكروبات والجراثيم (582).. كما أنها تَنْقُل جهاز
المناعة ضِد الأمراض من الأم إلى الطفل..
3) يحتوي لبن الأم على كمية كافيةٍ من البروتين
والسُّكَّر وبِنِسَبٍ تُناسِب الطفل تماماً.. بينما المواد البروتينية الموجودة في
لبن الأبقار والأغنام وغيرها من الحيوانات تناسب أطفال تلك الحيوانات أكثر من
مناسبتها للطفل الإنسانيِّ كما أنَّ نَوعية البروتينات والسُّكريات الموجودة في
لبن الأم أسهل هضْمًا من تلك الموجودة في الألبان الأخرى.
4) تكْثُر لَدَى الأطفال الذين يَرضَعون من
القارورة الوفيات المُفاجِئة التي تُدْعَى «Cot Death
مَوْتُ المِهاد» وهذا النوع من الوفيات لا يُعْرَف لدَى الأطفال الذين يَلْتَقِمون
أثْداء أمهاتهم.
5) نُمُو الأطفال الذين يَرضعون من أمهاتهم
أسْرع وأكمل من أولئك الذين يرضعون من القارورة.
6) ينمو الطفل الذي يَرضع من أمه نفسيًا
نُمُوًّا سليمًا بينما تكثُر الأمراض والعلل النفسية لدَى أولئك الذين يرضعون من
القارورة.
7) يتَعرَّض الأطفال الذين يُرضَعون الألبان
المُجَفَّفة بواسطة القارورة إلى أمراض الحساسية الجِلدية بأنواعها والرَّبْو
وحساسية الجهاز الهضْمِيِّ بالأضافة إلى النزلات المعوية المتكررة بينما نجد
الأطفال الذين يُرْضَعون من الثدْيِ لا يُعانون من هذه الأمراض إلاَّ نادِراً.
الفوائد للأم:
1) الارتباط النفسىُّ بين الأم وطفلها أثناء
الرَّضاعة عاملٌ مُهِمٌّ لِنَفْسِيَّة الأم والطفل.
2) يَعود جِسم الأم إلى رشاقته وحجمه الطبيعي
بسرعةٍ إذا قامت الأم بإرضاع وليدها.
3) يعود الرَحِم بسرعةٍ إلى حجمه وَوَضْعه
الطبيعي أثناء الرَّضاعة.. وذلك لأنَّ امتصاص الثديِ يُؤدي إلىإفراز هُرمون
الاكسوتوسن Oxytocine الذي يُسْرِع بِعَوْدة الرحم إلى حالته الطبيعية..
ولولا ذلك لأُصِيب الرحم بالإنْتان Sepsis
والالتهابات المتكررة. كما أنَّ ذلك يساعد على حصول حُمَّى النِّفاس..
مدة الرضاعة:
قرَّر الإسلام حق الوليد في الرَّضاعة ,
وذَكَرَ أنَّ كَمَال الرَّضاعة حَوْلَيْن كاملين قال تعالى { وَالْوَالِدَاتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ
الرَّضَاعَةَ} وقال تعالى:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}
وقال في موضع آخر {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ
ثَلاَثُونَ شَهْرًا} ومنها استدَّلَّ علِيٌّ رَضي الله عنه, على أنَّ أقَلَّ
الحَمْل سِتَّةَ أشْهر. وهذا أيضًا ما يُقَرِّرُه الطب اليوم.وتُطالبُ هيئة الصِّحة
العالمية أن تَتَفَرَّغ الأم لكل مولودٍ ثلاثة أعوامٍ كاملةٍ لأهمية الأم في
نُمُوِّه النفسيِّ والجسديِّ السليم.
وقد وَجَدت هيئة الصحة العالمية واليُونِيسف أنَّ
العالم الثالث يُواجِه أزْمةً حقيقية حيث أنَّ الأمهات اتَجَهْنَ نَحْوَ إِلْقامِ
أطفالهن القارورة بدلاً من الثدي. ففي البرازيل كانت نسبة الأطفال الذين يرضعون من
أمهاتهم 96 بالمائة سَنَة 1940. وقد انْخَفضت إلى 40 بالمائة عام 1974 وفي تشيلي
كانت النسبة 95 بالمائة سنة 1955 وقد انخفضت إلى 20 بالمائة فقط عام 82. ونفس
الظاهرة موجودةٌ في بَقِيةِ دُوَل أمريكا اللاتينية وبقية دول العالم الثالث..
والغريب حقاً أن كُلْفَة اللَّبن الصِّناعِيِّ لمدة أسبوع تَسْتَهْلِك أكثر من
نِصف دخل العامل في أوْغَنْدا ونَيْجيريا وجامايكا أو نِصف أجْر مُوَظَّفٍ صغيرٍ
في إندونسيا أو سيريلانكا، والكاسب الوحيد هو الشركات الاحتكارية الغربية التي
تكسب في عامٍ الفَيْ مليون دولار من بَيْع الأغْذِية المُصَنَّعة للأطفال في دول
العالم الثالث..
وحقًا يَبْدو أنَّ اسْم «قاتل الأطفال» الذي
أطْلَقَتْه الصحة العالمية على هذه الشركات هو الاسم المناسب لها.
ويَحُثُّ الأطباء في كافَّة أصْقاعِ الأرْض
الأمهات على أنْ يُرْضِعْن أولادهن لأَطْوَل مُدَّةٍ مُمْكِنة.. وفي أغلب الأحوال
لا تَزيد هذه المدة عن سِتَّة أشْهُرٍ نتيجة للحياة النَّكِدَة التي يعيشها
الإنسان في القرن العشرين.. بل لا تزال كثيرٌ من الأمهات يُلْقِمْنَ أوْلادهن
القارورة بَدَلاً من إِلْقامِهِم أثْدائهنَّ..
والآن بعد أنْ رأيت الفروق الفيسيولوجية
والتشريحية بين الرجل والمرأة وكيف أنَّ المرأة مُضْطَّرةٌ لِلْبقاء في البَيْت
وخاصةً في فترة الحمل والولادة والرَّضاعة سَيَتَأكَّد لك بما لا يَدَع مَجالاً
للشَّك بأنَّ الدَّعوة إلى خروج المرأة إلى مُعْتَرَك الحياة وترْك بيتها وأولادها
وزوجها هي دعوةٌ جاهلِيةٌ وبعيدةٌ كل َّالبُعْد عمَّا تُقَرِّره علوم البيولوجيا
والطب.. وهي دعوةٌ تُصادِم الفِطْرة مُصادَمةً واضحةً.. وتكون نتائجها وخِيمة ًعلى
الأم والطفل والأبِ والأُسرة بل والمجتمع بِأَسْرِه.
( المرجع : " عمل المرأة في الميزان
" للدكتور محمد علي البار ، ص 63-105) .
---
(578) من كتاب علم الفيسيولوجيا للدكتورة فلور
ستراند طبعة 1978.
Physiology:
A Regulatory Systems Approach by Fleur Strand 1978.
(579) انظر المزيد من التفصيل في فصل «المحيض»
من كتاب «دورة الأرحام» للمؤلف.
(580) هذا التعبير شائع ولعل الصواب نهج ويعني
ذلك صعوبة في التنفس.
(581) نشرت صحيفة Arab News في
عددها الصادر في 10 فبراير 1981 تقريرا جديدا عن هيئة الصحة العالمية يهاجم فيه
أغذية الأطفال المصنعة ويتهم الشركات الغربية التي تبيع في كل عام بما قيمته ألفي
مليون دولار من أغذية الأطفال بأنها تساهم في قتل الأطفال في البلاد النامية ..
وذلك لأن الأغذية المصنعة والألبان المجففة تمنع الأم من الرضاعة.. واستعمال القارورة
يؤدي إلى كثير من النزلات المعوية الخطيرة نتيجة عدم التعقيم ولذا فإن تقرير الصحة
العالمية يدعو الحكومات وخاصة في البلاد النامية إلى محاربة هذه الأغذية المصنعة
وتقول الأبحاث الطبية الحديثة أن حوالي عشرة ملايين طفل يلاقون حتفهم نتيجة
استخدام القارورة في دول العالم الثالث سنوياً.. وذلك نتيجة الإصابة بالنزلات
المعوية وسواء التغذية التي تصاحب استخدام القارورة . وفي تقرير لليونيسف نشرته
جريدة المدينة في 10 ديسمبر 1983 جاء فيه أن أطفال الزجاجات هم أكثر عرضة لسوء
التغذية بثلاثة أضعاف الذين يرضعون من أمهاتهم وفي مصر أظْهرت دراسات مُماثلة أنَّ
نسبة الوفيات هي خمس أضعاف ما هي عليه عند الأطفال الذين يَرضعون الأثْداءَ. ونفس
النسبة وُجِدَتْ في الهِند وتْشِيلِي والبرازيل والفيليبين.
(582) يحتوي اللبا بصورة خاصة على كميات من
البروتيين الواقي ضد الهجوم الميكروبي والذي تصنعه بأمر الله الخلايا اللِّمْفاوية
الموجودة أصلاً في أمعاء الأم .. ثم تُهاجر هذه الخلايا إلى الثدي ومن هناك
تُفْرَز مع اللِّبا، وأهم هذه البروتينات هو :IgA
وهذا البروتين متخصص في الدفاع عن الجسم في الأمعاء والجهاز التنفسي .. وهذان
الجهازان هما اللذان يتعرضان للهجوم الميكروبي في الأطفال ... بل وهما السبب
الرئيسيُّ في وفيات الأطفال وخاصةً في دول العالم الثالث.
=====================
كان الرجل في المجتمع العربي الجاهلي هو صاحب
السلطان المطلق ، ورب الأسرة المهيمن على جميع أمورها ، ولم يكن هناك نظام يحدد
صلاحياته في الأسرة ويبين حقوق زوجه عليه وحقوقه عليها ، ويوضّح الأسس لعلاقاتهما
ومعاملة كل منهما للآخر.
وقد كانت الحال كذلك في المجتمعات الأخرى ،
التي كانت قائمة قبل ظهور الإسلام ، بل وأسوأ من ذلك.
وجاء الإسلام فأحدث انقلاباً على وضع المرأة
السائد آنذاك ، فقلب المفاهيم التي كانت سائدة عن المرأة ، وألغى النظريات التي
كانت المرأة تعامل على أساسها ، وأنزل المرأة منزلة رفيعة ، وأعطاها من الحقوق ما
كان مثار دهشة وإعجاب الصحابة أنفسهم قبل غيرهم.
ومما جاء به الإسلام في العلاقة بين الزوج وزوجته
– وكان الأساس الذي بنى عليه الإسلام علاقة
الرجل بالمرأة ، وبموجبه يتم التعامل بينهما –
ما أشار إليه سبحانه في قوله:
(ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً
لتسكنوا إليها ، وجعل بينكم مودة ورحمة) بين لهم أنها مخلوقة من أنفس الرجال ، لا
من طينة أخرى أحقر وأقل فتحتقر ، وتمتهن ، وخلقت لتكون زوجاً ، لا لتكون خادماً ،
زوجاً يسكن إليها الرجل ، ويجد بجانبها طمأنينة النفس ، وراحة البال ، في جو تسوده
المودة ، ويحكمه التراحم ، والتعاطف ، لا التحكم والتسلط: (وجعل بينكم مودة
ورحمة).
على تلك الأسس السامية شرع الإسلام علاقة
المرأة بالرجل ، وقرر ما للزوج وما للزوجة من حقوق وواجبات كل منهما قِبَل الآخر.
قال الله تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف
، وللرجال عليهن درجة)
قررت الآية أن لها من الحقوق قبل الرجل مثلما
عليها للرجل ، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع بعض ما للمرأة
من حقوق على الرجل ، وما له عليها ، فقال:
(ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ،
فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرباً غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف)
وفي حديث آخر عندما سُئل: ما حق زوجة أحدنا؟ ،
قال: (أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ، ولا تقبح ، ولا
تهجر إلا في البيت).
فالرجل والمرأة طرفان ، يتبادلان الحقوق
والواجبات في شركة الحياة الزوجية ، ولا تعني الآية التماثل الحسي العيني بين حقوق
الرجل والمرأة ، إنما هو تماثل التكافؤ في الحق بينهما ، فإن حقوقها لا تماثل عين
حقوقه ، وحقوقه لا تماثل عين حقوقها.
فعن ابن عباس ، قال: (إني لأحب أن أتزين للمرأة
، كما أحب أن تتزين لي المرأة ، لأن الله يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)).
فهذا تطبيق دقيق لأوامر الله من السلف حتى في
مثل هذه الأمور.
ولا شك أن الزينة التي يتزين بها الرجل غير
الزينة التي تتزين بها المرأة ، ولكنهما يتماثلان فيما وراء الشكل والصور من أهداف
ونتائج.
وقال بعض أهل العلم: التماثل هاهنا في تأدية كل
واحد منهما ما عليه من الحق لصاحبه بالمعروف ، ولا يماطله به ، ولا يظهر الكراهة ،
بل ببشر وطلاقة ، ولا يتبعه أذى ومنة: (وعاشروهن بالمعروف) وهذا من المعروف.
وقوله تعالى: (وللرجال عليهن درجة): في هذا
تقرير لمبدأ زيادة حق الرجل على حق المرأة ، وهي زيادة اقتضاها العدل ، وفرضتها
طبيعة الأشياء ، وأيدها العقل والمنطق ، وقد بين الله هذه الدرجة وسببها في قوله
تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضَّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من
أموالهم).
والأسرة والبيت منظمة اجتماعية ، والحياة
الزوجية شركة في هذه الحياة ، فلابد أن يكون لها رئيس ، وطرفا تلك الشركة هما:
الزوج والزوجة ، فلابد أن يختار الأنسب والأكفأ منهما لرئاسة وإدارة تلك الشركة ،
ولم يترك الاختيار لهما أو لغيرهما من بني البشر ، تحكمه العواطف ، وتسيره المصالح
والأهواء ، بل تولى الله سبحانه وتعالى هذا الاختيار ، وبين سبب هذا الاختيار قال
تعالى: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من
أموالهم).
فالرياسة في الأسرة للرجل بأمر الله ، وذلك
مقتضى العقل وطبيعة الأشياء ، فالرجل مقدم على المرأة في العقل والدين.
وهو أقدر منها على معالجة الأمور ، والتحكم
بالعواطف ، والنظر إلى الأشياء بمنظار الواقع والمنطق والعقل ، كما أنه أبو
الأولاد ، إليه ينتسبون ، وهو المسئول عن نفقتهم ، ورعاية سائر شئونهم في الخارج ،
وهو صاحب المسكن ، وعليه إعداده ، وحمايته ونفقته.
فرياسته للأسرة إذاً أمر طبيعي لا يحتمل الجدل
والمعارضة ، وليس في ذلك ظلم للمرأة ، أو جور على حق من حقوقها ، ورياسة الرجل في
الحقيقة إن هي إلا امتياز نشأ للرجل بمقابل التبعات الكثيرة ، والاختصاصات الواسعة
المسندة إليه ، وليس فيها ما يعني إلغاء إرادة الزوجة ، ولا إهدار شخصيتها ، فهي
رياسة المسئوليات لا التحكم الذي يجور على حقوق العدل ، والمساواة ، والشورى.
وما برح الإسلام ينبه الرجال إلى هذه الحقيقة ،
لرياستهم للأسرة والبيت ويحثهم على تطبيقها ، وأخذ أنفسهم بها ، والتقيد بأوامر
الشريعة ونواهيها في المعاشرة بين الزوجين بالمعروف في حالة الحب والكره ، والرضا
والسخط ، قال الله تعالى: (وعاشروهن بالمعروف ، فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً
ويجعل الله فيه خيراً كثيراً).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يفرك
مؤمن مؤمنة ، إن كره منها خلقاً رضي منها آخر).
والفرك ضد الحب بين الزوجين ، فالحديث بمعنى
الآية ، والقاعدة الشرعية في نظام المنزل التزام كل من الزوجين العمل بإرشاد الشرع
، ومنع الضرر والضرار بينهما ، وعدم تكليف الآخر ما ليس في وسعه.
فالشرع ينبه الزوج إلى طبيعة رياسته في البيت ،
ويشعر الزوجين بما يجب أن تكون عليه العلاقة بينهما من حب وتآلف وتعاطف وتراحم ،
ليتحقق المعنى السامي للزواج: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لسكنوا
إليها وجعل بينكم مودةً ورحمة).
=====================
• تمهيد *
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على
رسوله الأمين.. أما بعد
اخوتي الأعزاء : لقد كلفني هذا البحث وقتاً لا
يستهان به ، وكلي رجاء أن ينال حظ القراءة منكم ، حتى يتم لي مناي المتمثل في
تعميم الفائدة ، وعند الله كرم الأجر ، وجزيل الثواب
• حقائق *
الحق أن هذه المرأة عانت معاناة كثيرة ، بل
كانت ضحية كل نظام ، وحسرة كل زمان ، صفحات الحرمان ، ومنابع الأحزان ، ظلمت ظلماً
، وهضمت هضماً ، لم تشهد البشرية مثله أبداً
• صفحات من العار *
إن من صفحات العار على البشرية ، أن تعامل
المرأة على أنها ليست من البشر ، لم تمر حضارة من الحضارات الغابرة ، إلا وسقت هذه
المرأة ألوان العذاب ، وأصناف الظلم والقهر
فعند الإغريق قالوا عنها :شجرة مسمومة ، وقالوا
هي رجس من عمل الشيطان ، وتباع كأي سلعة متاع.
وعند الرومان قالوا عنها :ليس لها روح ، وكان
من صور عذابها أن يصب عليها الزيت الحار ، وتسحب بالخيول حتى الموت .
وعند الصينيين قالوا عنها :مياه مؤلمة تغسل
السعادة ، وللصيني الحق أن يدفن زوجته حية ، وإذا مات حُق لأهله أن يرثوه فيها .
وعند الهنود قالوا عنها :ليس الموت ، والجحيم ،
والسم ، والأفاعي ، والنار ، أسوأ من المرأة ، بل وليس للمرأة الحق عند الهنود أن
تعيش بعد ممات زوجها ، بل يجب أن تحرق معه .
وعند الفرس أباحوا الزواج من المحرمات دون
استثناء ، ويجوز للفارسي أن يحكم على زوجته بالموت .
وعند اليهود قالوا عنها : لعنة لأنها سبب
الغواية ، ونجسة في حال حيضها ، ويجوز لأبيها بيعها .
وعند النصارى عقد الفرنسيون في عام 586م
مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ ! وهل لها روح أم ليست لها
روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً
إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً" قرروا أنَّها
إنسان ، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب". وأصدر البرلمان الإنكليزي قراراً في
عصر هنري الثامن ملك إنكلترا يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) أي
الإنجيل(المحرف)؛ لأنَّها تعتبر نجسة
وعند العرب قبل الإسلام تبغض بغض الموت ، بل
يؤدي الحال إلى وأدها ، أي دفنها حية أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب الميتة .
* تحرير المرأة *
ثم جاءت رحمة الله المهداة إلى البشرية جمعاء ،
بصفات غيرت وجه التاريخ القبيح ، لتخلق حياة لم تعهدها البشرية في حضاراتها أبداً
..
جاء الإسلام ليقول (( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي
عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف ))
جاء الإسلام ليقول ((ٍ وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ))
جاء الإسلام ليقول (( فَلا تَعْضُلُوهُنَّ ))
جاء الإسلام ليقول (( وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى
الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ))
جاء الإسلام ليقول (( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ
حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ))
جاء الإسلام ليقول (( وَلا تُضَارُّوهُنَّ
لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ))
جاء الإسلام ليقول (( فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
فَرِيضَة ))
جاء الإسلام ليقول (( وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ
مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ ))
جاء الإسلام ليقول(( وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ
مِمَّا اكْتَسَبْنَ ))
جاء الإسلام ليقول (( وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ
اللَّهِ الَّذِي آتَاكُم ))
جاء الإسلام ليقول (( وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ
لَهُنّ ))
جاء الإسلام ليقول (( هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ
أَطْهَرُ لَكُمْ ))
جاء الإسلام ليقول (( فَلا تَبْغُوا
عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً ))
جاء الإسلام ليقول (( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ
تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً ))
جاء الإسلام ليقول (( وَلا تَعْضُلُوهُنَّ
لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُن ))
جاء الإسلام ليقول ((ِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ
أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ))
وجاء الرسول الكريم ليبين لنا مكانة المرأة
فسئل صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك ؟ قال : " عائشة " ..وكان
يؤتى صلى الله عليه وسلم بالهدية ، فيقول : " اذهبوا بها على فلانة ، فإنها
كانت صديقة لخديجة " .
وهو القائل : (( استوصوا بالنساء خيراً ))
وهو القائل : (( لا يفرك مؤمن مؤمنه إن كره
منها خلقا رضى منها آخر ))
وهو القائل : (( إنما النساء شقائق الرجال ))
وهو القائل : (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم
لأهلي ))
وهو القائل : (( ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن
بالمعروف ))
وهو القائل : (( أعظمها أجرا الدينار الذي
تنفقه على أهلك ))
وهو القائل : (( من سعادة بن آدم المرأة
الصالحة ))
ومن هديه : ((عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا
ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ))
وهو القائل : (( وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها
صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك ))
ومن مشكاته : (( أن امرأة قالت يا رسول الله صل
علي وعلى زوجي فقال صلى الله عليه وسلم صلى الله عليك وعلى زوجك ))
وهناك الكثير والكثير من الأدلة والبراهين ،
على إن الإسلام هو المحرر الحقيقي لعبودية
المرأة ، وحتى يُعلم هذا الأمر بصورة أو ضح ، سأبين حفظ حقوق المرأة في
الإسلام وهي جنين في بطن أمها إلى أن تنزل قبرها
*بيانات وآيات *
1.حفظ الإسلام حق المرأة :- وهي في بطن أمها ،
فإن طُلقت أمها وهي حامل بها ، أوجب الإسلام على الأب أن ينفق على الأم فترة الحمل
بها (( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ
حَمْلَهُن))
2. حفظ الإسلام حق المرأة :- بحيث لا يُقام على
أمها الحد ، حتى لا تتأثر وهي في بطن أمها (( ولما جاءت الغامدية وقالت يا رسول
الله طهرني فقال لها : حتى تضعي ما في بطنك ))
3. حفظ الإسلام حق المرأة :- راضعة ؛ فلما وضعت
الغامدية ولدها ، وطلبت إقامة الحد قال صلى الله عليه وسلم (( اذهبي فأرضعيه حتى
تفطميه ))
4. حفظ الإسلام حق المرأة :- مولودة من حيث
النفقة والكسوة (( وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ
بِالْمَعْرُوف ))
5. حفظ الإسلام حق المرأة:- في فترة الحضانة
التي تمتد إلى بضع سنين ، وأوجب على الأب النفقة عليها في هذه الفترة لعموم أدلة
النفقة على الأبناء
6. حفظ الإسلام حق المرأة:- في الميراث عموماً
، صغيرة كانت أو كبيرة قال الله تعالي (( فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ))
7. حفظ الإسلام حق المرأة :- في اختيار الزوج
المناسب ، ولها أحقية القبول أو الرد إذا كانت ثيباً لقوله عليه الصلاة والسلام ((
لا تنكح الأيم حتى تستأمر ))
8. حفظ الإسلام حق المرأةحفظ الإسلام حق المرأة
:- إذا كانت بكراً فلا تزوج إلا بإذنها لقوله عليه الصلاة والسلام (( ولا تنكح
البكر حتى تستأذن ))
9. حفظ الإسلام حق المرأة :- في صداقها ، وأوجب
لها المهر (( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
فَرِيضَةً ))
10.حفظ الإسلام حق المرأة :- مختلعة ، إذا بدَّ
لها عدم الرغبة في زوجها أن تخالع مقابل الفداء لقوله عليه الصلاة والسلام (( أقبل
الحديقة وطلقها ))
11. حفظ الإسلام حق المرأة:- مطلقة ، ((
وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ))
12. حفظ الإسلام حق المرأة :- أرملة ، وجعل لها
حقاً في تركة زوجها ، قال الله تعالي (( وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ
إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ
مِمَّا تَرَكْتُمْ ))
13. حفظ الإسلام حق المرأة:- في الطلاق قبل
الدخول ، وذلك في عدم العدة ، قال الله تعالي (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ))
14. حفظ الإسلام حق المرأة :- يتيمة ، وجعل لها
من المغانم نصيباً ، قال الله تعالي(( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ
شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
)) وجعل لها من بيت المال نصيباً قال الله تعالي (( مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ
مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى))
وجعل لها في القسمة نصيباً (( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى )) وجعل لها في النفقة نصيباً (( قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ
فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى ))
15. حفظ الإسلام حق المرأة :- في حياتها
الاجتماعية ، وحافظ على سلامة صدرها ، ووحدة صفها مع أقاربها ، فحرم الجمع بينها
وبين أختها ، وعمتها ، وخالتها ، كما في الآية ، والحديث المتواتر
16. حفظ الإسلام حق المرأة :- في صيانة عرضها ،
فحرم النظر إليها (( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ ))
17. حفظ الإسلام حق المرأة :- في معاقبة من
رماها بالفاحشة ، من غير بينة بالجلد (( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ
ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً
))
18. حفظ الإسلام حق المرأة :- إذا كانت أماً ،
أوجب لها الإحسان ، والبر ، وحذر من كلمة أف في حقها
19. حفظ الإسلام حق المرأة :- مُرضِعة ، فجعل
لها أجراً ، وهو حق مشترك بين الراضعة والمرضعة (( فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ
فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ))
20. حفظ الإسلام حق المرأة:- حاملاً ، وهو حق
مشترك بينها وبين المحمول (( وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا
عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ))
21. حفظ الإسلام حق المرأة :- في السكنى ((
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ))
22. حفظ الإسلام حق المرأة :- في صحتها فأسقط
عنها الصيام إذا كانت مرضع أو حبلى
23. حفظ الإسلام حق المرأة:- في الوصية ، فلها
أن توصي لِما بعد موتها قال الله تعالي(( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا
أَوْ دَيْنٍ ))
24. حفظ الإسلام حق المرأة:- في جسدها بعد
موتها ، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم (( كسر عظم
الميت ككسره حيا ))
25. حفظ الإسلام حق المرأة :- وهي في قبرها ،
وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم (( لأن يجلس أحدكم على
جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلي جلده خير له من أن يجلس على قبر ))
والحق أنني لا أستطيع أن أجمل حقوق المرأة في
الإسلام فضلاً عن تفصيلها
*الحضارة الغربية *
والسؤال هنا لأي شيءٍ دعت الحضارة المدنية
اليوم ؟ وماهي الحقوق التي ضمنتها للمرأة ؟
1. أجمل لك القول أن الحضارة الغربية اليوم هي
: ضمان للمارسة قتل هوية المرأة ، وهضم لأدنى حقوقها
2. المرأة الغربية حياتها منذ الصغر نظر إلى
مستقبل في صورة شبح قاتل ، لا تقوى على صراعه ، فهي منذ أن تبلغ السادسة عشرة تطرد
من بيتها ، لتُسلِم أُنوثتها مخالب الشهوات الباطشة ، وأنياب الاستغلال العابثة ،
أوساط الرجال .
3. فما إن تدخل زحمة الأوهام الحضارية ، وإذا
بأعين الناس تطاردها بمعاول النظر التي تحبل منها العذارى .
4. تتوجه نحوها الكلمات الفاسدة ، وكأنها لكمات
قاتلات ، تبلد من الحياء ، وتفقدها أغلى صفة ميزها الله بها ، هي : " حلاوة
أنوثتها " التي هي أخص خصائصها ، ورمز هويتها .
5. تُستغل أحوالها المادية ، فتدعى لكل رذيلة ،
حتى تصبح كأي سلعة ، تداولها أيدي تجار الأخلاق ، وبأبخس الأثمان ، فإذا فقدت
شرفها ، وهان الإثم عندها ، هان عليها ممارسته .
6. يخلق النظام الأخلاقي الغربي اليوم في
المجتمعات ثمرات سامة لكل مقومات الحياة ، أولها الحكم على هوية المرأة بالإعدام
السريع ، على بوابة شهوات العالم الليبرالي ، الديمقراطي ، والرأسمالي .
7. فالمرأة اليوم أسوأ حالاً مما مضى ، كانوا
من قبل يقتلون المرأة ، فاليوم يجعلون المرأة هي التي تقوم بقتل نفسها.
• شهادات الغرب *
شهد القوم على فساد نهجهم ..
• تقول "
هيليسيان ستانسيري "" امنعوا الاختلاط ، وقيِّدوا
حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب ، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون
أوربا ، وأمريكا ."
• وتقول "
بيرية الفرنسية "
وهي تخاطب بنات الإسلام "
لا تأخذنَّ من العائلة الأوربية مثالاً لكُنَّ ، لأن عائلاتها هي أُنموذج
رديء لا يصلح مثالاً يحتذى .
• وتقول الممثلة الشهيرة
"مارلين مونرو"
التي كتبت قبيل انتحارها نصيحة لبنات جنسها تقول فيها : "
احذري المجد …احذري من كل من يخدعك
بالأضواء …إنى أتعس امرأة على هذه
الأرض… لم أستطع أن أكون أما …
إني امرأة أفضل البيت …
الحياة العائلية الشريفة على كل شيء …
إن سعادة المرأة الحقيقية في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة بل إن هذه الحياة
العائلية لهي رمز سعادة المرأة بل الإنسانية "
وتقول في النهاية "
لقد ظلمني كل الناس … وأن العمل في السينما
يجعل من المرأة سلعة رخيصة تافهة مهما نالت من
المجد والشهرة الزائفة "
• وتقول وتقول الكاتبة "
اللادى كوك "
أيضا : " إن الاختلاط يألفه الرجال ، ولهذا طمعت
المرأة بما يخالف فطرتها ، وعلى قدر الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا ، ولا يخفى ما
فى هذا من البلاء العظيم عن المرأة ، فيه أيها الآباء لا يغرونكم بعض دريهمات
تكسبها بناتكم باشتغالهن فى المعامل ونحوها ومصيرهن إلى ما ذكرنا فعلموهن الابتعاد
عن الرجال ، إذا دلنا الإحصاء على أن البلاء الناتج عن الزنا يعظم ويتفاقم حيث
يكثر الاختلاط بين الرجال والنساء . ألم تروا أن أكثر أولاد الزنا أمهاتهن من
المشتغلات فى المعامل ومن الخادمات فى البيوت ومن أكثر السيدات المعرضات للأنظار
.. ولولا الأطباء الذين يعطون الأدوية للإسقاط لرأينا أضعاف مما نرى الآن ، ولقد
أدت بنا الحال إلى حد من الدناءة لم يكن تصوره فى الإمكان حتى أصبح رجال مقاطعات
فى بلادنا لا يقبلون البنت ما لم تكن مجربة ، أعنى عندها أولاد من الزنا ، فينتفع
بشغلهم وهذا غاية الهبوط فى المدينة ، فكم قاست هذه المرأة من مرارة الحياة
• وتقول . تقول الكاتبة
الإنجليزية "
أنى رود "
عن ذلك : "
إذا اشتغلت بناتنا فى البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن فى
المعامل حيث تصبح البنت ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها
إلى الأبد ... أياليت بلادنا كبلاد المسلمين حيث فيها الحشمة والعفاف والطهارة
رداء الخادمة والرقيق اللذين يتنعمان بأرغد عيش ويعاملان معاملة أولاد رب البيت
ولا يمس عرضهما بسوء . نعم إنه عار على بلاد الإنكليز أن تجعل بناتها مثل للرذائل
بكثرة مخالطتهن للرجال ، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل ما يوافق
فطرتها الطبيعية كما قضت بذلك الديانة السماوية وترك أعمال الرجال للرجال سلامة
لشرفها
• نشرت صحيفة الأخبار
المصرية ( في عددها الصادر في 20/10/1972م ، ص 4) : أنه قد
أقيمت في هذا الأسبوع الحفلة السنوية لسيدة العام وحضرها عدد كبير من السيدات على
اختلاف مهنهن .. وكان موضوع الحديث والخطب التي ألقيت في حضور الأميرة ( آن )
البريطانية هو حرية المرأة وماذا تطلب المرأة .. وحصلت على تأييد الاجتماع الشامل
فتاة عمرها 17 عاماً رفضت رفضاً باتاً حركة التحرير النسائية وقالت أنها تريد أن
تظل لها أنوثتها ولا تريد أن ترتدي البنطلون بمعنى تحدي الرجل . وأنها تريد أن
تكون امرأة وتريد زوجها أن يكون رجلاً . وصفق لها الجميع وعلى رأسهن الأميرة ( آن
) ( كتاب المرأة العربية المعاصرة إلى أين ؟! ص 50 ) .
• ومن هذا صرح الدكتور "
جون كيشلر "
أحد علماء النفس الأمريكيين في شيكاغو ( أن 90% من الأمريكيات مصابات بالبرود
الجنسي وأن 40% من الرجال مصابون بالعقم ، وقال الدكتور أن الإعلانات التي تعتمد
على صور الفتيات العارية هي السبب في هبوط المستوى الجنسي للشعب
الأمريكي . ومن شاء المزيد فليرجع الى تقرير لجنة الكونجرس الأمريكية لتحقيق جرائم
الأحداث في أمريكا تحت عنوان ( أخلاق المجتمع الأمريكي المنهارة ) . ( المجتمع
العاري بالوثائق والأرقام ، ص 11) .
• خاتمة *
يتضح لنا جلياً مما مضى أن الَّذين يدعون
لتحرير المرأة من تعاليم الإسلام ينقسمون إلى ثلاثة أقسام
1- إما أن يكونوا أعداءً للإسلام وأهله ، ممَّن
لم يدينوا بالملة السمحة ، ولزموا الكفر ، وهنا ليس بعد الكفر ذنب كما يقال .
2- وإما أن يكونوا تحت مسمى الإسلام من
المنافقين ، والعلمانيين ، لكنهم عملاء يتاجرون بالديانة ، ولا يرقبون في مخلوقٍ
إلاً ولا ذمة .
3- أن يكون مسلماً لكنه جاهل لا يعرف الإسلام ولا
أحكامه ولا يعرف معنى الحضارة القائمة اليوم ملبس عليه .
ولكن كيف يصل هذا البيان إلى نساء أهل الإسلام ،
ليعلمنَ أنهنَ أضاعنَ جوهرة الحياة ، ودرة الوجود ، ومنبع السعادة ، وروح السرور ،
ونكهة اللذائذ ، عندما تركنَ تعاليم هذا الدين
ومن يخبر المسلمة ان الكافرات يتمنين أن يعشنَ
حياتهنَ على منهج أهل الإسلام ؟
من يقنع المسلمات اليوم أن الحضارة الغربية هي
:- الحكم السريع بالإعدام على هوية المرأة ..
أخوكم / ابن القرية المعتصم 4/ 3 / 1424 هـ
====================
حفظ الإسلام حقوق المرأة
بقلم الأستاذ علاء أبوبكر
حقوق المرأة قبل الإسلام:
المرأة عند الشعوب البدائية:
كانت الفتاة فى الشعوب البدائية حين تبلغ طور
المراهقة، تُعزَل فلا تكلم أحداً غير أمها، ولا تكلمها إلا بصوت خفيض ، كما أن
الولد إذا وصل إلى مرحلة البلوغ يأخذونه ليغتسل فى بعض العيون المقدسة ، وذلك لكى
يخلص من روائح الأنوثة التى علقت به من مصاحبته لأمه.
المرأة عند الهنود القدماء:
كانت المرأة عند الهنود القدماء تعتبر مخلوقاً
نجساً ، ولم يكن للمرأة فى شريعة مانو حق فى الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها
، فإذا مات هؤلاء جميعاً وجب أن تنتمى إلى رجل من أقارب زوجها ، وهى بذلك قاصرة
طيلة حياتها ، ولم يكن لها حق فى الحياة بعد وفاة زوجها ، وكانت إذا مات عنها
زوجها تُحرَق مع جثته بالنار المقدسة ، بل إن بعض القبائل الهندية القديمة كانت لا
تراها أهلاً لتُحرَق مع جثة زوجها باعتبارها المخلوق النجس، ولذلك كانوا يرون
دفنها حية أو حرقها بعد موت زوجها. فإذا كان للرجل أكثر من زوجة دُفِنَّ جميعاً أو
حُرِقْنَ جميعاً.
وفى حياة الزوج كان له أن يُطلِّق الزوجة متى
شاء وكيف شاء ، أما هى فليس لها الحق فى أن تطلب الطلاق من زوجها مهما يكن من أمر
الزوج ، حتى لو أصيب بأمراض تمنع من أهليته للحياة الزوجية.
وقد لقيت الحكومات الهندية أشد الفتن من
مجتمعاتها ، خاصة من رجال الدين الهنود، حين حاولت القضاء على مثل هذه العادات
المسترذلة والتى استمرت تهضم حقوق المرأة وكيانها حتى القرن السابع عشر.
وفى شرائع الهندوس أنه: (ليس الصبر المقدر ،
والريح ، والموت ، والجحيم ، والسم ، والأفاعى ، والنار، أسوأ من المرأة)
(ويذكر جوستاف لوبون أن المرأة فى الهند
(تُعِّد بعلها ممثلاً للآلهة فى الأرض ، وتُعَدُّ المرأة العزب، والمرأة الأيم،
على الخصوص من المنبوذين من المجتمع الهندوسى، والمنبوذ عندهم فى رتبة الحيوان،
والمرأة الهندوسية إذا فقدت زوجها ظلت فى الحداد بقية حياتها، وعادت لا تُعامَل
كإنسان، وعُدَّ نظرها مصدراً لكل شؤم على ما تنظر إليه، وعدت مدنسة لكل شىء تلمسه،
وأفضل شىء لها أن تقذف نفسها
فى النار التى يحرق بها جثمان زوجها ، وإلا
لقيت الهوان الذى يفوق عذاب النار.)
المرأة فى الصين:
كانت المرأة فى الصين لا تقل مهانة أو مأساة عن
بقية المجتمعات ، فكانت النظرة إليها واحدة ، ويظهر مدى امتهان المرأة فى المثل
الصينى الذى يقول: إن المرأة كالكرة ، كلما ركلتها برجلك ارتفعت إلى أعلى.
وشبهت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة التى تغسل
السعادة والمال ، وللصينى الحق فى أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترملت المرأة
الصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها كإرث، وللصينى الحق فى أن يدفن زوجته حية.
المرأة عند المصريين القدماء:
إن البلاد الوحيدة التى نالت فيها المرأة بعض
الحقوق قديماً هى مصر الفرعونية ، إذ كان لها أن تملك ، وأن ترث ، وأن تقوم على
شئون الأسرة فى غيبة الزوج ، ولكن مع ذلك فقد كان الرجل سيداً على المرأة خاصة
زوجته ، ولكن ليس بالفهوم الذى رأيناه أنه يملكها وله الحق فى بيعها أو قتلها ،
ولكن بمعنى أنه قيِّمٌ عليها وعلى بيته.
المرأة الكلدانية:
كانت المرأة الكلدانية خاضعة خضوعاً تاماً لرب
الأسرة ، وكان للوالد الحق فى أن يبذل زوجته أو ابنته لسداد دينه ، وكانت المرأة
تحتمل وحدها الأعباء المنزلية ، فتذهب كل يوم لجلب الماء من النهر أو البئر ،
وتقوم وحدها بطحن الحبوب بالرحى وإعداد الخبز ، كما تقوم بغزل ونسج وحياكة
الملابس. وهذا كان حالها فى الطبقات الفقيرة.
أما فى الطبقات الموسرة فكانت المرأة لا تخرج
من منزلها ، بل يقوم على خدمتها فى المنزل خدم وحشم. وأما نساء الملوك الكلدانيين
فكان لا يُسمَح لأحد برؤيتهن ولا التحدث إليهن أو حتى التحدث عنهن.
وكان من حق الرجل طلاق زوجته متى أراد أما
المرأة فإذا أبدت رغبة فى الطلاق
من زوجها طُرِحَت فى النهر لتغرق ، أو طردَت فى
الشوارع نصف عارية لتتعرض للمهانة والفجور.
وقد روى هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أن كل
امرأة كلدانية كان عليها فى مدينة بابل أن تذهب إلى الزهرة الإلهة (مليتا)
ليواقعها أجنبى حتى ترضى عنها الإلهة. ولم يكن من حقها أن ترد من يطلبها كائناً من
كان ، ما دام أول رجل يرمى إليها بالجعالة [المال المبذول والذى كان يُعتبر حينئذ
مالاً مقدساً] ثم ترجع بعد ذلك إلى منزلها لتنتظر الزوج.
وكانت إذا تزوجت ولم تحمل لفترة طويلة اعتبرت
أنها أصابتها لعنة الآلهة أو أصابها مس من الشيطان فتصبح فى حاجة إلى الرقى
والطلاسم ، فإذا ضلت عاقراً بعد ذلك فلابد من موتها للتخلص منها.
وهذا أقرب ما يكون للقانون اليهودى عند إصابة
أحد بالمس فإنه يُقتَل رجلاً كان أم امرأة: (27«وَإِذَا كَانَ فِي رَجُلٍ أَوِ
امْرَأَةٍ جَانٌّ أَوْ تَابِعَةٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ. بِالْحِجَارَةِ
يَرْجُمُونَهُ. دَمُهُ عَلَيْهِ».) لاويين 20: 27
وكان معبد الإلهة (عشتروت) فى بابل القديمة
يمتلىء من العاهرات اللائى يتقدمن إلى زائرى المعبد. كما كان على كل امرأة أن
تتقدم مرة على الأقل إلى معبد فينوس ليواقعها أى زائر فى المعبد. وكانت الفتيات من
الصين واليابان وغيرهما من بلاد العالم يتقدمن إلى الكهنة فى المعابد ، وكان من
الشرف الكبير أن يواقعها الكاهن الذى هو ممثل الإلهة على الأرض. وكان هذا النوع من
البغاء يُعرَف بالبغاء الدينى.
وهو قريب من قول نيكولاوس فون كليمانجيس Nikolaus von Clemanges (أحد علماء اللاهوت وعميد جامعة باريس سابقا: (أن تترهبن المرأة
اليوم فمعنى هذا أنها أسلمت نفسها للعهارة).
وقد سبقه فى مثل هذا القول دومبريديجر جايلر
فون قيصربرج Domprediger
Geiler von Kayserberg (إن المرأة فى الدير ليست إلا عاهرة)
وقد شاع المثل الشعبى فى العصور الوسطى القائل:
(من لفت رأسها ، عرت بطنها ، وهذه عادة كل الراهبات)
وقد اقترح أوجستين عام 388 قانون يمنع أن يدخل
شاب على الراهبات أما العجائز
المُسنَّات فيسمح لهم بالدخول حتى البهو
الأمامى فقط من الدير، ولأن الراهبات كُنَّ فى حاجة إلى قسيس للصلاة بهن ، فقد سمح
القيصر جوستنيان فقط للرجال الطاعنين فى السن أو المخصيين بالدخول إليهن والصلاة
بهن. حتى الطبيب لم يُسمَح له بالدخول إلى الراهبات وعلاجهن إلا إذا كان طاعناً فى
السن أو من المخصيين. وحتى المخصصين فقدوا الثقة فيهم، لذلك قالت القديسة باولا:
على الراهبات الهرب ليس فقط من الرجال، ولكن من المخصيين أيضاً. (ص 136 لديشنر)
وكان من يقتل بنتاً يُفرَض عليه أن يقدم ابنته
لأهل القتيلة يقتلونها أو يملكونها. وإذا لم يُثمر الزواج مولوداً خلال عشر سنين
يُعتبر العقد فيه مفسوخاً. وكان للرجل حق قتل أولاده وبيعهم. ولم يحرَّم ذلك إلا
فى القرن الخامس قبل الميلاد. ولم تكن المرأة لترث، فإذا لم يكن هناك ذكور من أسرة
الموروث ورثوا الذكور من أسرة زوجته ولكن زوجته لا ترث.
المرأة عند اليونان:
كانت اليونان فى قديم الزمان أكثر الأمم حضارة
ومدنية. وكانت أثينا مدينة الحكمة والفلسفة والطب والعلم ، ومع هذا كانت المرأة
عندهم مُحتقرة مهينة ، مثل أى سلعة تباع وتُشترى ، مسلوبة الحقوق ، محرومة من حق
الميراث وحق التصرف فى المال ، بل أكثر فقد سموها رجساً من عمل الشيطان ، ولم
يسمحوا لها إلا بتدبير شئون البيت وتربية الأطفال. وكان الرجل فى أثينا يُسمَح له
أن يتزوج أى عدد يريده من النساء ، بلا قيد ولا شرط.
ومما يُذكر عن فيلسوفهم سقراط قوله: (إن وجود
المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار فى العالم ، إن المرأة تشبه شجرة
مسمومة ، حيث يكون ظاهرها جميلاً ، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت من فورها.)
كما كان لزوجها الحق فى بيعها وأن تظل عند
المشترى فترة تحت التجربة ، كما كان لزوجها الحق فى قتلها إذا اتهمت ولو بمجرد
النظر إلى شخص غريب ولا مسئولية عليه فى ذلك. ومع هذا فإن له الحق فى أن يزنى فى
منزل الزوجية ، وليس لزوجته حق الاعتراض ، كما أن حق الطلاق مكفول له متى شاء وكيف
شاء. ومع ذلك فإنها تظل بعد طلاقها منه مقيدة برأيه فى زواجها لمن يريده. ويوصى
عند موته بزواجها ممن يرتضيه هو وليس لها أو لأحد من أهلها حق الاعتراض.
وتذكر الأساطير اليونانية أن المرأة هى سبب
الأوجاع والآلام للعالم كله ، وذلك لأن الناس فى اعتقادهم كانوا يعيشون فى أفراح
ولا يعرفون معنى الألم ولا الحزن ، ولكن حدث أن الآلهة أودعت أحد الناس صندوقاً
وأمرته ألا يفتحه ، وكان له زوجة تُسمَّى (باندورا) مازالت تغريه بفتحه حتى فتحه
فانطلقت منه الحشرات. ومنذ تلك اللحظة أُصيب الناس بالآلام والأحزان. فلهذا كانت
المرأة سبباً فى الكوارث التى حلت بالبشرية كلها نتيجة لفضول المرأة وإغراء زوجها
بالعصيان.
ولعلنا نلحظ شبهاً فى هذه الرواية بما تحدث عنه
سفر التكوين من إغواء حواء لآدم بالأكل من الشجرة المحرمة بعد أن أغوتها الحية:
(6فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ
لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا
وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ. .. .. .. 12فَقَالَ
آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ
فَأَكَلْتُ».) تكوين 3: 6-12
وكان أرسطو يعيب على أهل إسبرطة التهاون مع
النساء ومنحهن بعض الحقوق ، بل إن سقراط كان يعزو سقوط إسبرطة إلى منحها الحرية
للنساء. على الرغم من أن هذه الحرية لم تنالها النساء إلا لإنشغال الرجال الدائم
فى الحروب.
أما المرأة فى إسبرطة فكانت تستمتع بحرية لا
يُسمَح بها للرجل ، ولكن حرية هى إلى الدعارة أقرب ، فكان لها أن تتزوج أكثر من
رجل واحد فى القوت الذى كان يُحرَّم فيه على الرجل أن يتزوج من امرأة واحدة إلا فى
الحالات الضرورية جداً.
ومن الغريب أن يرى الفيلسوف اليونانى أفلاطون
شيوعية النساء ، وإلغاء نظام الأسرة على أن تتكفل الدولة بتربية الأبناء.
(ويحدثنا التاريخ عن اليونان فى إدبار دولتهم
كيف فشت فيهم الفواحش والفجور ، وعُدَّ من الحرية أن تكون المرأة عاهراً ، وأن
يكون لها عُشَّاق ، ونصبوا التماثيل للغوانى والفاجرات ، وقد أفرغوا على الفاحشة
ألوان القداسة بإدخالها المعابد ، حيث اتخذ البغاء صفة التقرب إلى آلهتهم ، ومن
ذلك أنهم اتخذوا إلهاً أسموه (كيوبيد) أى (ابن الحب) ، واعتقدوا أن هذا الإله
المزعوم ثمرة خيانة إحدى آلهتهم (أفروديت) لزوجها مع رجل من البشر)
ولم يكن يُسمَح بتعليم المرأة اليونانية الحرة
، إنما كان التعليم قاصراً على البغايا. حتى كان الرجل الذى يكره الجهل فى المرأة
يلجأ إلى البغى.
المرأة عند البابليين:
كانت المرأة تُحسَب فى قانون حمورابى من عِداد
الماشية المملوكة ، وكان تشريع بابل يعطى رب الأسرة حق بيع أسرته أو هبتهم إلى
غيره مدة من الزمن ، وإذا طلق الزوج زوجته تُلقى فى النهر ، فإذا أراد عدم قتلها
نزع عنها ثيابها وطردها من منزله عارية ، إعلاناً منه بأنها أصبحت شيئاً مُباحاً
لكل إنسان. وقضت المادة 143 من قانون حامورابى أنها إذا أهملت زوجها أو تسببت فى
خراب بيتها تُلقَى فى الماء. ومن قتل بنتاً لرجل كان عليه أن يُسلِم ابنته ليقتلها
أو يمتلكها أو يبيعها إن شاء.
وقد أعطى تشريع حمورابى للمرأة بعض الحقوق ،
وإن كان هذا التشريع لم يمنع اتخاذ الخليلات إلى جانب الزوجات فى الوقت الذى يقرر
قيه إفرادية الزوجة. وقد ظل هذا القانون يمنح الرجل السيادة المطلقة على المرأة ،
وإن كان قد منح الزوجة حق الطلاق إذا ثبت إلحاق الضرر بها. أما إذا طلبت الطلاق ،
ولم يثبت الضرر فتُطرَح فى النهر ، أو يُقضى عليها بالحرق. كما أنها إذا نشزت عن
زوجها بدون إشارة منه تُغرَق ، والمرأة المسرفة تُطلَّق أو يستعبدها زوجها.
المرأة عند الفرس:
وكانت المرأة عند الفرس قبل الإسلام يُنظر
إليها نظرة كلها احتقار. وقد استمرت مهضومة الحق ، مجهولة القدر ، مظلومة فى
المعاملة ، حتى أنقذها الإسلام.
وقد ذكر هيرودوت المؤرخ اليونانى القديم أنه
كان من آلهة الفرس القديمة إلهة تُسمى (عشتار) ، وهى عندهم بمثابة إلهة الحب
والجمال والشهوة والأنسال ، وكانت تُسمِّى نفسها إلهة العهر أو العاهر الرحيمة.
وكان القربان الذى يُقدَّم لها هو الفتيات الأبكار ، فكنَّ يذهبن إلى معبد الإلهة
، وكان كل رجل تعجبه فتاة يلقى فى حجرها قطعة من فضة ، ثم يقوم بفض بكارتها.
وقد أُبيح للرجل الفارسى (الزواج بالأمهات
والأخوات والعمَّات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وكانت تُنفى الأنثى فى فترة
الطمث إلى مكان بعيد خارج المدينة، ولا يجوز لأحد مخالطتها إلا الخدام الذين
يقدمون لها الطعام ، وفضلاً عن هذا كله فقد كانت المرأة الفارسية تحت سيطرة الرجل
المطلقة ، يحق له أن يحكم عليها بالموت ، أو يُنعم عليها بالحياة.)
فقد تزوج يزدجرد الثانى ، الذى حكم أواسط القرن
الخامس الميلادى ، ابنته ثم قتلها.
وقد تزوج بهرام جوبين ، الذى تملك فى القرن
السادس ، بأخته. وقد برر هؤلاء تلك
الأعمال المشينة بأنها قربى إلى الله تعالى ،
وأن الآلهة أباحت لهم الزواج بغير استثناء.
المرأة عند الرومان:
أما المرأة الرومانية فقد كانت تقاسى انتشار
تعدد الزوجات عند الرومان فى العرف لا فى القانون ، ولكن (فالنتْيَان الثانى)
العاهل الرومانى قد أصدر أمرأ رسمياً أجازَ فيه لكل رومانى أن يتزوج أكثر من امرأة
إذا شاء. الأمر الذى لم يستنكره رؤساء الدين من الأساقفة ، وقد حذا حذو
(فالنتْيَان الثانى) كل من أتى بعده.
واستمر تعدد الزوجات منتشراً بين الرومانيين
حتى أتى (جوستنيان) ، فسنَّ قوانين تمنع تعدد الزوجات. إلا أن الرجال من
الرومانيين استمروا على عاداتهم فى التزوج بأكثر من امرأة ، واستمر الرؤساء
والحكام يرضون شهواتهم بالإكثار من الزوجات.
وتساهل رجال الدين ، وسمحوا للراغبين فى التزوج
بأكثر من واحدة بتحقيق رغباتهم ومطالبهم. فكان الرئيس الدينى يعطى ترخيصاً بذلك
لمن يريد. واستمر تعدد الزوجات عندهم أسوة بأنبيائهم وكتابهم المقدس (العهد
القديم) ، واستمر رجال الكنيسة يُجيزون تعدد الزوجات حتى منتصف القرن الثامن عشر ،
ولم يمنعوا التعدد إلا بعد هذا القرن .
وكانت المرأة عندهم تُبَاع وتُشتَرى كأى سلعة
من السلع ، كما أن زواجها كان يتم أيضاً عن طريق بيعها لزوجها. وكان لهذا الزوج
بعد ذلك السيادة المطلقة عليها. ولم يكن يُنظَر إلى المرأة كأنها ذو روح بل كانت
تُعتَبر مخلوقاً بغير روح ، ولهذا كان يُحرم عليها الضحك والكلام إلا بإذن. كما
كان بعضهم يُغالى أحياناً فيضع فى فمها قفلاً من حديد ، كانوا يسمونه الموسيلير Moselier ، وكانوا يحرمون عليها أحيانا أكل اللحوم كما كانت تتعرض لأشد
العقوبات البدنية باعتبارها أداة للغواية وأحبولة من حبائل الشيطان. وكان للرجل أن
يتزوج من النساء ما يشاء ويتخذ من الخليلات ما يريد.
وكانت الزوجة تكلف بأعمال قاسية وكان من حق
الزوج بيعها أو التنازل عنها للغير أو تأجيرها ، ولما اعتنق الرومان المسيحية أصبح
للزوجة الأولى بعض الميراث ـ أما بقية الزوجات فكنَّ يُعتَبرن رفيقات. والأبناء
منهن يُعاملن معاملة أبناء الزنا اللقطاء ، ولذلك لا يرثون ويُعتبرون منبوذين فى
المجتمع.
ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر أن ما لاقته
المرأة فى العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف "ليس للمرأة روح"
تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها ، وربطها بالأعمدة ، بل كانوا يربطون البريئات
بذيول الخيول ، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت.
المرأة العربية فى الجاهلية قبل الإسلام:
كانت المرأة عند بعض العرب فى الجاهلية تعدُّ
جزءاً من ثروة أبيها أو زوجها. وكانوا في الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصغير
وإن كان ذكرا ، وكان ابن الرجل يرث أرملة أبيه بعد وفاتها. وكان العرب قبل الإسلام
يرثون النساء كرهاً ، بأن يأتى الوارث ويلقى ثوبه على زوجة أبيه ، ثم يقول: ورثتها
كما ورثت مال أبى ، إلا إذا سبقت ابنها أو ابن زوجها بالهرب إلى بيت أبيها ، فليس
له أن يرثها. فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها بدون مهر ، أو زوجها لأحد عنده وتسلَّمَ
مهرها ممن تزوجها ، أو حرَّمَ عليها أن تتزوج كى يرثها بعد موتها.
فمنعت الشريعة الإسلامية هذا الظلم / وهذا
الإرث ، قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ
لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا) النساء 19
فهذه الآية نهت عن عادة الجاهلية من إرث الرجل
نساء أقربائه.
وكان العرب فى الجاهلية يمنعون النساء من
الزواج ، فالابن الوارث كان يمنع زوجة أبيه من التزوج ، كى تعطيه ما أخذته من
ميراث أبيه ، والأب يمنع ابنته من التزوج حتى تترك له ما تملكه ، والرجل الذى
يُطلِّق زوجته يمنع مطلقته من الزواج حتى يأخذ منها ما يشاء ، والزوج المبغض
لزوجته يسىء عشرتها ولا يطلقها حتى ترد إليه مهرها. فحرم الإسلام هذه الأمور كلها
بقوله جل شأنه:
(وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ
مَا آتَيْتُمُوهُنّ) النساء 19
وكانوا لا يعدلون بين النساء فى النفقة ولا
المعاشرة ، فأوجب الإسلام العدالة بينهن:
(وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن
كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا
كَثِيرًا) النساء 19
ومنع تعدد الزوجات إذا لم يتأكد الرجل من إقامة
العدل بينهن، فقال تعالى:
(فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا
فَوَاحِدَةً) النساء 3
وكان الرجل قبل الإسلام إذا تزوج بأخرى ، رمى زوجته
الأولى فى عرضها ، وأنفق ما أخذه منها على زوجته الثانية ، أو المرأة الأخرى التى
يريد أن يتزوجها ، فحرم الإسلام على الرجل الظلم والبغى فى قوله عز وجل:
(وَإِنْ أَرَدْتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ
مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلاَ تَأْخُذُوا مِنْهُ
شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا) النساء 20
وكانت المرأة قبل الإسلام تُعَد متاعاً من
الأمتعة ، يتصرف فيها الزوج كما يشاء ، فيتنازل الزوج عن زوجته لغيره إذا أراد ،
بمقابل أو بغير مقابل ، سواء أقبلت أم لم تقبل. كما كانوا يتشاءمون من ولادة
الأنثى ، وكانوا يدفنونهن عند ولادتهن أحياء، خوفاً من العار أو الفقر ، فقال
الرحمن الرحيم:
(وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ
وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا
بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ ساءَ
مَا يَحْكُمُونَ)النحل58-59
وكان أحدهم إذا أراد نجابة الولد حمل امرأته ـ
بعد طهرها من الحيض ـ إلى الرجل النجيب كالشاعر والفارس ، وتركها عنده حتى يستبين
حملها منه ، ثم عاد بها إلى بيته، وقد حملت بنجيب!
وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال: (كما كانوا
يُكرهون إماءهم على الزنا ، ويأخذون أُجورهم.)
وكان من المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرَّم
على الإناث.
عيسى عليه السلام والناموس (الشريعة):
كان عيسى يعمل بناموس موسى عليهما السلام ،
وكان اليهود يستفتونه ويختبرونه فى الناموس ، بل كان يُعلِّم أتباع موسى عليه
السلام الناموس داخل معبدهم ، فقد كان هو الذى يقوم بتدريس التوراة لليهود كافة من
رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين إلى عامة الشعب. فمن المستحيل أن يأتى بدين جديد
، ثم يذهب إلى أماكن العبادة الخاصة بأتباع دين آخر لينشر دعوته هناك.
ألم
يأمر من سأله عما يفعل ليرث الخلود فى الجنَّة بالإلتزام بالناموس قائلاً:
(34أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا
أَنَّهُ أَبْكَمَ الصَّدُّوقِيِّينَ اجْتَمَعُوا مَعاً 35وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ
مِنْهُمْ وَهُوَ نَامُوسِيٌّ لِيُجَرِّبَهُ: 36«يَا مُعَلِّمُ أَيَّةُ وَصِيَّةٍ
هِيَ الْعُظْمَى فِي النَّامُوسِ؟» 37فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «تُحِبُّ الرَّبَّ
إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ.
38هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى وَالْعُظْمَى. 39وَالثَّانِيَةُ مِثْلُهَا:
تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. 40بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ
النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأَنْبِيَاءُ».) متى 22: 34-40
وها هو
هنا يشتم الكتبة والفريسيين ويتهمهم بالنفاق والرياء دفاعاً عن الناموس:
(23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ
وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ
وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ
وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هَذِهِ وَلاَ
تَتْرُكُوا تِلْكَ.) متى 23: 23
وكان
يُعلِّم جميع الشعب اليهودى الشريعة والناموس ، إذ لا يُعقل أن يأتى
صاحب ديانة أخرى ويدرسها فى مكان العبادة الخاصة بطائفة أخرى غير طائفته:
(2ثُمَّ حَضَرَ أَيْضاً إِلَى الْهَيْكَلِ فِي
الصُّبْحِ وَجَاءَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الشَّعْبِ فَجَلَسَ يُعَلِّمُهُمْ. 3وَقَدَّمَ
إِلَيْهِ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ امْرَأَةً أُمْسِكَتْ فِي زِناً.
وَلَمَّا أَقَامُوهَا فِي الْوَسَطِ 4قَالُوا لَهُ: «يَا مُعَلِّمُ هَذِهِ
الْمَرْأَةُ أُمْسِكَتْ وَهِيَ تَزْنِي فِي ذَاتِ الْفِعْلِ 5وَمُوسَى فِي
النَّامُوسِ أَوْصَانَا أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ تُرْجَمُ. فَمَاذَا تَقُولُ أَنْتَ؟»
6قَالُوا هَذَا لِيُجَرِّبُوهُ لِكَيْ يَكُونَ لَهُمْ مَا يَشْتَكُونَ بِهِ
عَلَيْهِ.) يوحنا 8: 2-6
ولم يجدوا ما يتهمونه به ، إذاً فقد كان حافظاً
للناموس متبعاً له.
وكذلك
التزمت أمه مريم البتول بالناموس:
(22وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا
حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ
لِلرَّبِّ 23كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ
فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. 24وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً
كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ.) لوقا
2: 22-24
وأمر
من أتى ليجربه أن يتبع ما هو مكتوب فى الناموس:
(25وَإِذَا نَامُوسِيٌّ قَامَ يُجَرِّبُهُ
قَائِلاً: «يَا مُعَلِّمُ مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟»
26فَقَالَ لَهُ: «مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ. كَيْفَ تَقْرَأُ؟»
27فَأَجَابَ: «تُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمِنْ كُلِّ
نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ وَقَرِيبَكَ مِثْلَ
نَفْسِكَ». 28فَقَالَ لَهُ: «بِالصَّوَابِ أَجَبْتَ. اِفْعَلْ هَذَا فَتَحْيَا».)
لوقا 10: 25-28
وأمر
الرجل الأبرص أن يتطهَّر على شريعة موسى:
(12وَكَانَ فِي إِحْدَى الْمُدُنِ. فَإِذَا
رَجُلٌ مَمْلُوءٌ بَرَصاً. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ خَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَطَلَبَ
إِلَيْهِ قَائِلاً: «يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي».
13فَمَدَّ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: «أُرِيدُ فَاطْهُرْ». وَلِلْوَقْتِ ذَهَبَ
عَنْهُ الْبَرَصُ. 14فَأَوْصَاهُ أَنْ لاَ يَقُولَ لأَحَدٍ. بَلِ «امْضِ وَأَرِ
نَفْسَكَ لِلْكَاهِنِ وَقَدِّمْ عَنْ تَطْهِيرِكَ كَمَا أَمَرَ مُوسَى شَهَادَةً
لَهُمْ») لوقا 5: 12-14
وأكد
صراحة أنه لم يأت إلا متبعاً للناموس:
(17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ
النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لِأُكَمِّلَ.
18فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِلَى أَنْ تَزُولَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ
لاَ يَزُولُ حَرْفٌ وَاحِدٌ أَوْ نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ مِنَ النَّامُوسِ حَتَّى
يَكُونَ الْكُلُّ. 19فَمَنْ نَقَضَ إِحْدَى هَذِهِ الْوَصَايَا الصُّغْرَى
وَعَلَّمَ النَّاسَ هَكَذَا يُدْعَى أَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ.
وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ وَعَلَّمَ فَهَذَا يُدْعَى عَظِيماً فِي مَلَكُوتِ
السَّمَاوَاتِ.) متى 5: 17-19
يقول كتاب التفسير الحديث للكتاب المقدس (إنجيل
متى) بقلم ر. ت. فرانس (صفحة 117): إن معنى كلمة plerosia
(يكمل) الناموس أى (أنجز أو حقق أو أطاع أو أظهر المعنى الكامل للناموس. ومعنى ذلك
أن عيسى عليه السلام لم يأت بتشريع جديد ، وأنه جاء مفسراً للناموس ، شارحاً له ،
متبعاً تعاليمه ، مطيعاً لها.
وقال
يعقوب رئيس الحواريين من بعده:
(10لأَنَّ مَنْ حَفِظَ كُلَّ النَّامُوسِ،
وَإِنَّمَا عَثَرَ فِي وَاحِدَةٍ، فَقَدْ صَارَ مُجْرِماً فِي الْكُلِّ. 11لأَنَّ
الَّذِي قَالَ: «لاَ تَزْنِ» قَالَ أَيْضاً: «لاَ تَقْتُلْ». فَإِنْ لَمْ تَزْنِ
وَلَكِنْ قَتَلْتَ، فَقَدْ صِرْتَ مُتَعَدِّياً النَّامُوسَ.) يعقوب 2: 10-11
كذلك
لفظ معلم الذى كان ينادى به ، وطالب أتباعه أن يُنادوه به فهو نفس اللفظ الذى
اتخذه أبناء هارون بنى لاوى ، الذين كانوا مخصصين لتدريس الدين ولشرح العقيدة فى
المعبد. فهو إذن كان ملتزم بالناموس والشريعة لأنه كان شارحاً لها: (8وَأَمَّا
أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ
وَأَنْتُمْ جَمِيعاً إِخْوَةٌ. 9وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَباً عَلَى الأَرْضِ
لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. 10وَلاَ تُدْعَوْا
مُعَلِّمِينَ لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ.) متى 23: 8-10
كذلك
قميصه غير المخاط المذكور عند يوحنا لم يكن يلبسه إلا الكهنة اللاويّون الذين
كانوا يدرسون الشريعة والناموس فى المعبد:
(23ثُمَّ إِنَّ الْعَسْكَرَ لَمَّا كَانُوا
قَدْ صَلَبُوا يَسُوعَ أَخَذُوا ثِيَابَهُ وَجَعَلُوهَا أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ
لِكُلِّ عَسْكَرِيٍّ قِسْماً. وَأَخَذُوا الْقَمِيصَ أَيْضاً. وَكَانَ الْقَمِيصُ
بِغَيْرِ خِيَاطَةٍ مَنْسُوجاً كُلُّهُ مِنْ فَوْقُ.) يوحنا 19: 23
وكذلك
مناداة مريم له بكلمة (ربونى) ، فلم يأخذ هذا الإسم إلا اللاويون:
(16قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «يَا مَرْيَمُ!»
فَالْتَفَتَتْ تِلْكَ وَقَالَتْ لَهُ: «رَبُّونِي» الَّذِي تَفْسِيرُهُ يَا
مُعَلِّمُ.) يوحنا 20: 16
بل لعن
من لا يفهم الناموس:
(49وَلَكِنَّ هَذَا الشَّعْبَ الَّذِي لاَ
يَفْهَمُ النَّامُوسَ هُوَ مَلْعُونٌ».) يوحنا 7: 49
ألم
يسأله أحد الناس أن يُقسِّم الميراث بينه وبين أخيه (تبعاً للشريعة
الموسوية)؟
ألم
يطالبه اليهود برجم المرأة (تبعاً للشريعة الموسوية) التى ادعوا عليها الزنى؟
ألم
يحتفل عيسى عليه السلام بعيد الفصح (تبعاً للشريعة الموسوية)؟
ملاك الرب يسب امرأةويسميها (الشرّ):
(وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ
الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ
وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
من البديهى أن ملاك الرب لا يتحرك بدافع من
نفسه ، بل هو رسول من عند الله ، ينفذ رغبة الله ، ويبلغ رسالته. فتُرى مَن الذى
أرسل ملاك الرب ليصف المرأة بالشر نفسه؟ وهل بعد ذلك تبقى للمرأة كرامة إذا كان رب
العزِّة سبها ووصفها بالشر نفسه؟ وماذا تنتظر من عباد الله المؤمنين أن يكون
موقفهم حيال المرأة التى وصفها الرب وملاكه بالشر ، كما وصفها الكتاب من بعد أنه
سبب الخطية ، وسبب خروج البشر من الجنة ، وسبب شقاء البشرية جمعاء ، وحليف الشيطان
الأول ضد البشرية ، وسبب قتل الإله؟
(كما خدعت الحيَّةُ حواءَ بمكرها) كورنثوس
الثانية 11: 3
(وآدم لم يُغْوَ لكنَّ المرأة أُغوِيَت فحصلت
فى التعدى) تيموثاوس الأولى 2: 14
(بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ
إِلَى الْعَالَمِ وَبِالْخَطِيَّةِ الْمَوْتُ وَهَكَذَا اجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى
جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ.) رومية 5: 12
(18فَإِذاً كَمَا بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ
الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ) رومية 5: 18
(وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا)
هكذا يعذِّب الرب المرأة ، فقط لأنها أنثى! يا لها من دعوة لاحترام المرأة ،
ودورها فى الحياة!
الكتاب المقدس يفرض على المرأة أن تتزوج أخى
زوجها إذا مات زوجها وتُكتب الأولاد باسم أخى زوجها:
(5«إِذَا سَكَنَ إِخْوَةٌ مَعاً وَمَاتَ
وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَليْسَ لهُ ابْنٌ فَلا تَصِرِ امْرَأَةُ المَيِّتِ إِلى خَارِجٍ
لِرَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ. أَخُو زَوْجِهَا يَدْخُلُ عَليْهَا وَيَتَّخِذُهَا
لِنَفْسِهِ زَوْجَةً وَيَقُومُ لهَا بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 6وَالبِكْرُ الذِي
تَلِدُهُ يَقُومُ بِاسْمِ أَخِيهِ المَيِّتِ لِئَلا يُمْحَى اسْمُهُ مِنْ
إِسْرَائِيل. 7«وَإِنْ لمْ يَرْضَ الرَّجُلُ أَنْ يَأْخُذَ امْرَأَةَ أَخِيهِ
تَصْعَدُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِلى البَابِ إِلى الشُّيُوخِ وَتَقُولُ: قَدْ أَبَى
أَخُو زَوْجِي أَنْ يُقِيمَ لأَخِيهِ اسْماً فِي إِسْرَائِيل. لمْ يَشَأْ أَنْ
يَقُومَ لِي بِوَاجِبِ أَخِي الزَّوْجِ. 8فَيَدْعُوهُ شُيُوخُ مَدِينَتِهِ
وَيَتَكَلمُونَ مَعَهُ. فَإِنْ أَصَرَّ وَقَال: لا أَرْضَى أَنْ أَتَّخِذَهَا
9تَتَقَدَّمُ امْرَأَةُ أَخِيهِ إِليْهِ أَمَامَ أَعْيُنِ الشُّيُوخِ وَتَخْلعُ
نَعْلهُ مِنْ رِجْلِهِ وَتَبْصُقُ فِي وَجْهِهِ وَتَقُولُ: هَكَذَا يُفْعَلُ
بِالرَّجُلِ الذِي لا يَبْنِي بَيْتَ أَخِيهِ. 10فَيُدْعَى اسْمُهُ فِي
إِسْرَائِيل «بَيْتَ مَخْلُوعِ النَّعْلِ».) (تثنية 25: 5-10)
وبسبب كل هذه النصوص ، وهذا الفهم الخاطىء،
اعتبروا المرأة مسئولة عن هذا كله، فلولا المرأة ماخرج آدم من الجنة ، فقرروا:
أن
الزواج دنس يجب الابتعاد عنه
وأن
الأعزب أكرم عند الله من المتزوج
وأن
السمو فى علاقة الإنسان بربه لا يتحقق إلا بالبعد عن الزواج.
وأن
الحمل والولادة ، والشهوة ، واشتياق الرجل لإمرأته ، واشتياق المرأة
لزوجها من الآثام، التى جلبت على المرأة الويل والعار على مدى التاريخ كله ، وهى
عقوبة الرب لحواء على خطيئتها الأزلية.
وأعلنوا أنها باب الشيطان.
لذلك سأهتم هنا بذكر ما يتعلق بالجنس والمرأة
والزواج بين آباء الكنيسة ومفكرى الغرب المتأثرين بتعاليم الكتاب المقدس والكنيسة:
فبالنسبة للجسد:
كان الجسد شراً ، فقد كان القديس امبروز (أسقف
ميلانو فى القرن الرابع) يعظ فى أمر الروح كنقيض للجسد الذى هو شر. ولقد كانت تلك
الفكرة مصدر إلهام لتلميذه الكبير القديس أوغسطين ، الذى أصبح فيما بعد أسقفاً
لمدينة هبو فى شمال أفريقيا. فلقد كتب امبروز يقول: (فكر فى الروح بعد أن تكون قد
تحررت من الجسد ، ونبذت الانغماس فى الشهوات ومتع اللذات الجسدية ، وتخلصت من
اهتمامها بهذه الحياة الدنيوية).
فالنسبة لأمبروز كان الجسد مجرد خرقة بالية
ملطخة بالأقذار ، تُطرَح جانباً عندما يتحد الانسان بالله الروحانى بالكلية. لقد
كان أوغسطين يردد هذه الفكرة باستمرار ، فكم صلى قائلاً: (آه! خذ منى هذا الجسد ،
وعندئذ أبارك الرب).
وفى سير حياة القديسين المسيحيين الكبار نجد
مثل هذا الارتياب فى الجسد. لقد اعتاد فرانسيس الأسيزى أن ينادى جسده قائلاً: (أخى
الحمار)! كما لو كان الجسد مجرد بهيمة غبية شهوانية ، تستخدم لحمل الأثقال ،
وكثيرا ما كان القديسون يتعهدون أجسادهم باعتداء يومى من أجل إماتتها بالتعذيب
الذاتى بطرق تقشعر من هولها
الأبدان. (تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة ص
225)
ومن الرهبان من قضى حياته عارياً ، ومنهم من
كان يمشى على يديه ورجليه كالأنعام ، ومنهم من كان يعتبر طهارة الجسم منافية
لطهارة الروح. وكان أتقى الرهبان عندهم أكثرهم نجاسة وقذارة. حتى أن أحدهم يتباهى
بأنه لم يقترف إثم غسل الرجلين طول عمره. وآخر يقسم أن الماء لم يمس وجهه ولا يديه
ولا رجليه مدى خمسين عاماً ، وكان الكثير منهم لا يسكنون إلا فى المقابر والآبار المنزوحة
والمغارات والكهوف.
وقد روى بعض المؤرخين من ذلك العجائب:
فذكروا أن الراهب (مكاريوس) نام فى مستنقع آسن
ستة أشهر ، ليعرض جسمه للدغ البعوض والذباب والحشرات ، وكان يحمل دائماً قنطاراً
من الحديد.
وكان آخر يحمل قنطارين من الحديد ، وهو مقيم فى
بئر مهجورة مدة ثلاثة أعوام قائماً على رجل واحدة ، فإذا أنهكه التعب أسند ظهره
إلى صخرة. (نقلاً عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية والتبشير صفحة 71-72)
لا بد أن تتخلص المرأة فى المسيحية من أنوثتها
ليتم خلاصها فى الآخرة:
يقول اللواء أحمد عبد الوهاب: (على الرغم من أن
الكنيسة فى الغرب قد لا تسمح لعذاراها بالقيام بأعمال الرجال ، فقد كان اللاهوتيون
واضحين فى أن العذراء البتول قد أصبحت رجلاً شرفياً. لقد كتب جيروم يقول:
"بما أن المرأة خُلِقَت للولادة والأطفال ، فهى تختلف عن الرجل ، كما يختلف
الجسد عن الروح. ولكن عندما ترغب المرأة فى خدمة المسيح أكثر من العالم ، فعندئذ
سوف تكف عن أن تكون امرأة ، وستسمى رجلاً" (تعليق جيروم على رسالة بولس إلى
أهل أفسس)
وقد قرأنا أيضاً ما قاله القديس امبروز (أسقف
ميلانو فى القرن الرابع) فهو يعتبر أن (الروح نقيض للجسد) وأن (الجسد شر).
ويطالب امبروز بالتخلص من الجسد لسمو الروح:
(فكر فى الروح بعد أن تكون قد تحررت من الجسد).
الأمر الذى جعلهم يتخلصون من المرأة ، لأنها
الجسد الشرير ، ومصدر متاعب الحياة وغضب الرب: لذلك "تشكل مجلس اجتماعى فى
بريطانيا فى عام 1500 لتعذيب النساء ، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن ، وقد أحرق
الألاف منهن أحياء ، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية "
ولذلك: (ظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى
العام ـ حتى منتصف القرن التاسع عشر تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص"
أو "المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم
يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى
الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
ولذلك: (نص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة
الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ،
ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.) (عودة الحجاب الجزء الثانى
ص 46)
ولذلك: كان شائعاً فى بريطانيا حتى نهاية القرن
العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض
عضال"
ولذلك: (إن القانون الإنجليزى عام 1801 م وحتى
عام 1805 حدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة)
لذلك: أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى
براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
لذلك: قال شوبنهاور (المرأة حيوان ، يجب أن
يضربه الرجل ويطعمه ويسجنه)
لذلك قال لوثر: (المرأة كمسمار يُدَّق فى
الحائط)
لذلك قال أرسطو: (الذكر هو الأنموذج أو المعيار
، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
لذلك قال الفيلسوف نتشه: (إنها ليست أهلاً
للصداقة ، فما هى إلا هرَّة ، وقد تكون عصفوراً ، وإذا هى ارتقت أصبحت بقرة ـ وقلب
المرأة عنده مكمن الشر ، وهى لغز يصعب حله ، ويُنصَحُ الرجل بألا ينسى السوط إذا
ذهب إلى النساء).
لذلك قال لوثر: (إذا تعبت النساء ، أو حتى ماتت
، فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن
فى عملية الولادة ، فلقد خلقن من أجل ذلك)
(تعدد نساء الأنبياء ص 235)
لذلك قال جيروم ممتهنا المرأة وحقوقها: (إذا
امتنعنا عن الاتصال الجنسى فإننا نكرم زوجاتنا ، أما إذا لم نمتنع: حسناً فما هو
نقيض التكريم سوى الإهانة)
ومن عجب العجاب أن تسمع لليوم عن رجال فى
أمريكا وفرنسا يقومون بتبادل الزوجات ، كما لو كانت المرأة عندهم من الدواب!
وبالنسبة للجنس:
تقول الكاتبة كارين أرمسترونج: (فى القرن
الثالث عشر الميلادى قال الفيلسوف اللاهوتى القديس توما الاكوينى ، الذى ساد الفكر
الكاثوليكى حتى عهد قريب ، أن الجنس كان دائماً شراً .. .. وعلى أى حال ، فإن هذا
الموقف السلبى لم يكن محصوراً فى الكاثوليك ، فلقد كان لوثر وكالفين متأثرين إلى
أقصى حد بآراء أوغسطين ، وحملا مواقفه السلبية تجاه الجنس والزواج إلى قلب حركة
الإصلاح الدينى مباشرة. لقد كره لوثر الجنس بشكل خاص ، على الرغم من أنه قد تزوج
ومحا البتولية فى حركته المسيحية. لقد كان يرى أن كل ما يستطيع الزواج عمله هو أن
يقدم علاجاً متواضعاً لشهوة الانسان التى لا يمكن السيطرة عليها. فكم صرخ قائلاً:
(كم هو شىء مرعب وأحمق تلك الخطيئة! إن الشهوة هى الشىء الوحيد الذى لا يمكن شفاؤه
بأى دواء ، ولو كان حتى الزواج الذى رُسِمِ لنا خصيصاً من أجل هذه النقيصة التى
تكمن فى طبيعتنا.) (تعدد نساء الأنبياء ومكانة المرأة ص 226)
(لقد سلم أوغسطين [القرن الرابع الميلادى] إلى
الغرب تراث الخوف من الخطيئة ، كقوة لا يمكن السيطرة عليها ، فهناك فى لب كل تشكيل
للعقيدة ، توجد المرأة حواء ، سبب كل هذه التعاسة ، وكل هذا الثقل من الذنب والشر
، وكل الانغماس البشرى فى الخطيئة. لقد ارتبطت الخطيئة والجنس والمرأة معاً فى
ثالوث غير مقدس. فبالنسبة لذكر متبتل مثل أوغسطين ، لا يمكن فصل هذه العناصر
الثلاثة. وفى الغرب بقيت المرأة هى حواء إلى الأبد ، هى إغراء الرجل إلى قدره
المشئوم. بل إن إنجاب الأولاد الذى تعتبره ثقافات أخرى فخر المرأة الرئيسى وينبوع
القدرات التى تمتلكها ، نجده فى المسيحية قد غلفه الشر باعتباره الوسيلة التى
تنتقل بها الخطيئة)
(ويقول القديس جيروم: (إذا امتنعنا عن الاتصال
الجنسى ، فإننا نكرم زوجاتنا. أما إذا لم نمتنع: حسناً! فما هو نقيض التكريم سوى
الإهانة)
وتواصل الراهبة كارين أرمسترونج: (إن المسيحية
خلقت أتعس جو جنسى فى أوروبا وأمريكا بدرجة قد تصيب بالدهشة كلا من يسوع والقديس
بولس. ومن الواضح كيف كان لهذا تأثيره على النساء. فبالنسبة لأوغسطين الذى كان
يناضل من أجل البتولية ، كانت النساء تعنى مجرد اغراء يريد أن يوقعه فى شرك ،
بعيداً عن الأمان والإماتة المقدسة لشهوته الجنسية. أما كون العصاب الجنسى
للمسيحية قد أثر بعمق فى وضع النساء ، فهذا ما يُرى بوضوح من حقيقة أن النساء
اللاتى التحقن بالجماعات الهرطيقية المعادية للجنس ، وصرن بتولات ، قد تمتعن
بمكانة واحترام كان من المستحيل أن يحظين بهما فى ظل المسيحية التقليدية)
(لقد كانت المسيحية مشغولة طيلة مئات السنين
بجعل النساء يخجلن من أمورهن الجنسية ، ولقد عرفت النساء جيداً كما قال أوغسطين
ولوثر قبل عدة قرون ، أن تشريع الزواج كان مجرد دواء ضعيف المفعول لمعالجة شرور
الجنس)
(لقد كان يُنظر إلى جسد المرأة باشمئزاز على
نحو خاص ، كما كان مصدر إرباك لآباء الكنيسة أن يسوع ولد من امرأة. فكم ضغطوا بشدة
فى موعظة تلو موعظة ، وفى رسالة تلو رسالة على أن مريم بقيت عذراء ، ليس فقط قبل
ميلاد المسيح بل وبعده أيضاً ....)
لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن معانقة
امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
لقد كانت الأحشاء الخفية للمرأة ، والتى تتسم
بالقذارة ، مع رحمها الذى لا يشبع ، موضع استقذار وفحش بشكل خاص. وكان الآباء
راغبين فى التأكيد على أن يسوع لم يكن له إلا أقل القليل من الاتصال بذلك الجسد
البغيض)
(ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر:
أن كل النساء بلا استثناء مومسات ، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
وقال الراهب البنديكتى برنار دى موريكس دون
مواربة فى أشعاره: إنه لا توجد امرأة طيبة على وجه الأرض)
وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (أنه
نظراً لأن المرأة لا تشبع جنسيا ، فإنها غالبا ما تصطاد بائساً حقيراً لينام معها
فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان
على الأزواج أن يربوا أطفالاً ليسوا أولادهم)
وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان
إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل)
اغتيال شخصية المرأة:
فقد عانت المرأة الويلات من جراء أقوال بولس
هذه وغيرها لمدة قرون من الزمان، فقد اعتبر رجال هذا الدين المنسوب للمسيح
"أن المرأة دنس يجب الإبتعاد عنه، وأن جمالها سلاح إبليس.
وحرص آباء الكنيسة على التوكيد على أن المرأة
مصدر الخطيئة والشر فى هذا العالم، ومن ثم يجب قهرها إلى أقصى حد واستهلاكها نفسيا
تحت وطأة الشعور بالخزى والعار من طبيعتها وكيانها البشرى.
وهذا الإعتقاد تسرب إلى النصرانية من بين
معتقدات وعادات كثيرة انتقلت إليها من الديانات الوثنية القديمة، التى كانت تعتبر
المرأة تجسيداً للأرواح الخبيثة، والتى كانت متفقة على تحقير النساء وإذلالهن، بل
وإبادتهن بأفظع الطرق والوسائل الوحشية، ومن بينها إلزام المرأة التى يموت زوجها
أن تحرق نفسها بعد موته وإحراق جثته مباشرة "
يقول كارل هاينتس ديشنر فى كتابه (الصليب ذو
الكنيسة ـ قصة الحياة الجنسية للمسيحية) فى الفصل التاسع عشر ص 230:
(قال سيمون دى بوفوارSimone de Beauvoir : لقد أسهمت العقيدة النصرانية فى اضطهاد المرأة ولم تقم بدور
بسيط فى هذا)
كما قال ماركوس Marcuse :
(إن فكرة أن تكون المرأة حاملة للخطيئة الأزلية ، والتى تتعلق بها عقائد الديانة
النصرانية تعلقاً لا تكاد تنفك منه أبداً ، هى التى أثرت أسوأ تأثيراً على الناحية
الإجتماعية والقانونية للمرأة)
وقال دينس ديديروت Denis Diderot:
(إن فى كل عادات وتقاليد الحياة اتحد بطش القانون الشعبى مع بطش الطبيعة ضد المرأة
، فقد عوملت المرأة فى ظل هذه القوانين ككائن فقد عقله)
لقد صنع تاريخ المرأة رجال كانوا يتخذون المرأة
عدوا لهم منذ العصور الأولى للبابوية. وكان الرجل يعتبرها فى العصور المنصرمة
للإمبراطورية الرومانية كأحد مواشيه ، وله أن يتصرف فيها بالبيع أو القتل إن شاء. ولو
قتل ابنة رجل آخر أسلم لهم ابنته فيقتلونها أو يبيعونها أو يتملكونها فلهم الحرية
فى ذلك.
وقد ساد الرجل المرأة فى عصر الجيرمان ،
وسُمِحَ له أن يؤدب زوجته بالضرب كما سُمِحَ له بقتل زوجته إذا خانته دون وقوع
أدنى عقوبة عليه.
كما كانت مخلوق ثانوى وشريكة للشيطان فى
الخطيئة الأزلية، وهذا يجعلها تأتى دائما فى المرتبة الثانية بعد الرجل حتى على
المستوى الكنسى.
فأهل الكتاب يرون أن المرأة هى ينبوع المعاصى ،
وأصل السيئة والفجور ، ويرى أن المرأة للرجل باب من أبواب جهنم من حيث هى مصدر
تحركه وحمله على الآثام ، ومنها انبجست عيون المصائب على الإنسانية جمعاء.
لذلك اغتنموا كل فرصة تتعلق بالمرأة لبث روح
الاحباط فيها ، ولو كانت تتعلق بزى ترتديه. فقد متب ترتليان فى القرن الثالث رسالة
تعالج زى المرأة ، قال فيها: (لقد كان حريا بها [بالمرأة] أن تخرج فى زى حقير ،
وتسير مثل حواء ، ترثى لحالها ، نادمة على ما كان ، حتى يكون زيها الذى يتسم
بالحزن ، مكفراً عما ورثته من حواء: العار ، وأقصد بذلك الخطيئة الأولى ، ثم الخزى
من الهلاك الأبدى للانسانية. فلقد قال الرب للمرأة: («تَكْثِيراً أُكَثِّرُ
أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ
اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ».) تكوين 3: 16 ألستن تعلمن أن كل واحدة
منكن هى حواء؟)
لذلك قال القديس برنارد الذى فعل كل ما استطاع
لنشر عبادة العذراء فى الكنيسة عن أخته بعد زيارتها إياه فى الدير الذى يقيم فيه
مرتدية زياً جديداً: (مومس قذرة ، وكتلة من الروث)
مجمع باكون
وفى القرن الخامس الميلادى اجتمع مجمع باكون
وكانوا يتباحثون: (هل المرأة جثمان بحت أم هى جسد ذو روح يُناط به الخلاص
والهلاك؟) وقرر أن المرأة خالية من الروح الناجية ، التى تنجيها من جهنم ، وليس
هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم عليها السلام:
كما قرر مجمع آخر، أن المرأة حيوان نجس ، يجب
الأبتعاد عنه ، وأنه لاروح لها ولا خلود ، ولاتُلقن مبادئ الدين لأنها لاتقبل
عبادتها ، ولاتدخل الجنة ، والملكوت ، ولكن يجب عليها الخدمة والعبادة، وأن يكمم
فمها كالبعير، أو كالكلب العقور، لمنعها من الضحك ومن الكلام لأنها أحبولة الشيطان
".
رائحة مركز البابا تزكم الأنوف:
يقول الدكتور لويس عوض فى كتابه "ثورة
الفكر": (كانت الفضائح فى روما ، مركز البابوية ، تزكم الأنوف. فالأصل فى
العقيدة الكاثوليكية أن رجال الدين لا يتزوجون ، وأن الرهبان ومنهم الكرادلة
والباباوات ، ينذرون لله ثلاثة نذور يوم يدخلون باب الدير: نذر العفة ، ونذر الفقر
، ونذر الطاعة. وها نحن نرى البابا اسكندر السادس (1431 - 1503) جهاراً نهاراً، له
ثلاثة أولاد غير شرعيين هم: سيزار بورجيا دوق أوربينو (1475 - 1507)، ولوكريس
بورجيا (1480 - 1519)، ودون كانديا.
وكانت خلافة البابا اينوتشنتو الثامن (الذى
اعتلى الكرسى البابوى من 1484 إلى 1492) فاقعة الفساد ، كولاية خلفه زير النساء
البابا اسكندر السادس. فقد اشتهر اينوتشنتو الثامن بأنه كان رجل المحسوبية وخراب
الذمة ، كما أنه كان أول بابا يعترف علناً بأبنائه غير الشرعيين ، وكان دأبه توسيع
أملاك أسرته.)
ناهيك عن بيع صكوك الغفران ، وإرهاب مخالفيهم
بقرارات الحرمان ، وكذلك كان رجال الدين من رأس الكنيسة إلى أصغر كاهن يكنزون
المال ويقتنون الضياع. فلقد كانت ممارسات رجال الإكليروس للتسرى مشاهدة فى كل مكان
، باعتباره شرعاً مقبولاً ، كما كان يُتغاضى عن الشذوذ الجنسى ، دون أدنى مبالاة.)
لماذا خلق الله المرأة؟
يقول أوغسطين: (إذا كان ما احتاجه آدم هو
العشرة الطيبة ، فلقد كان من الأفضل كثيراً أن يتم تدبير ذلك برجلين يعيشان معاً
كصديقين ، بدلاً من رجل وامرأة)
وقد كان توما الأكوينى متحيراً تماماً مثل سلفه
أوغسطين فى سبب خلق الله للمرأة، فكتب يقول: فبما يختص بطبيعة الفرد ، فإن المرأة
مخلوق معيب وجدير بالإزدراء ، ذلك أن القوة الفعَّالة فى منى الذكر تنزع إلى انتاج
مماثلة كاملة فى الجنس الذكرى ، بينما تتولد المرأة عن معيب تلك القوة الفعَّالة ،
أو حدوث توعك جسدى ، أو حتى نتيجة لمؤثر خارجى.)
(إن القول بأن طبيعة الفرد فى النساء معيبة ،
إنما هى فكرة التقطها من آراء أرسطو فى علم الأحياء. فالذكر هو الأنموذج أو
المعيار ، وكل امرأة إنما هى رجل معيب)
وهانت عليهم المرأة فكتب لوثر يقول: (إذا تعبت
النساء ، أو حتى ماتت ، فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن فى عملية الولادة ، فلقد خلقن
من أجل ذلك)
هل المرأة إنسان ولها روح مثل الرجل؟
(وفى فرنسا عقد الفرنسيون فى عام 586 م ـ أى فى
زمن شباب النبى محمد صلى الله عليه وسلم ـ مؤتمراً (مجمع باسون) لبحث: هل تُعد
المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كان لها روح فهل
هى روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانياً ، فهل هى على مستوى روح
الرجل أم أدنى منها؟ وأخيراً: قرروا أنها إنسان ، ولكنها خُلِقَت لخدمة الرجل
فحسب.)
المرأة فاقدة الأهلية:
(ونص القانون المدنى الفرنسى (بعد الثورة
الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبى والمجنون والمرأة ، حتى عُدِّلَ عام 1938 ،
ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.)
وبالتالى لم يكن لها الحق فى امتلاك العقارات
أو المنقولات ، ولم يكن لها الحق فى أن تفتح حساباً فى البنك باسمها ، وبعد أن
سمحوا أن يكون لها حساب ، لم يكن لها الحق أن تسحب منه ، فعلى زوجها أن يأتى ليسحب
لها نقودا من حسابها ، الأمر الذى لا يتم إلا مع الأولاد القُصَّر والمجانين.
بيع الزوجة أو إعارتها عملاً مشروعاً:
وفى بريطانيا كان شائعاً حتى نهاية القرن
العاشر قانون يعطى الزوج حق بيع زوجته وإعارتها بل وفى قتلها إذا أصيبت بمرض
عضال"
هل تعرفون أن الفلاح يأبى أن يُعير بقرته
للفلاح زميله؟ فما بالكم بمن يُعير زوجته لآخر؟ فهل هانت المرأة عندهم لدرجة أنهم
أنزلوها منزلة أقل من الحيوان؟ وهل كان يقصد القانون أن يُحوِّل الرجل إلى ديُّوث
والمرأة إلى عاهرة؟ وهل هذا قانون احترم المرأة؟ هل هذا قانون ميَّزَ المرأة على
الحيوان أو الجماد؟ فأى حياة هذه التى يطالب بها القانون مجتمعه؟ وأية محبة وجدتها
الكنيسة فى هذا القانون؟
صب الزيت المغلى على النساء عملاً مشروعاً
للتسلية:
"وفى عام 1500 تشكل مجلس اجتماعى فى
بريطانيا لتعذيب النساء ، وابتدع وسائل جديدة لتعذيبهن ، وقد أحرق الألاف منهن
أحياء ، وكانوا يصبون الزيت المغلى على أجسامهن لمجرد التسلية "
لا تعليق غير سؤال أطرحه للتفكير: تُرى كيف كان
وضع هذه المرأة التى يتسلى الرجال بسكب الزيت المغلى على أجسادهن؟
يُحرَّم على المرأة قراءة الكتاب المقدس:
(وأصدر البرلمان الإنجليزى قراراً فى عصر هنرى
الثامن ملك إنجلترا يُحظِّر على المرأة أن تقرأ كتاب "العهد الجديد" أى
الإنجيل ، لأنها تعتبر نجسة.)
فإذا كانت المرأة نجسة نصف عمرها بسبب فترات
الحيض ، وبعد الطمث لمدة سبعة أيام أخرى ، وحرَّموا عليها مسك الكتاب المقدس
والقراءة فيه ، فما بال الرب (يسوع) كان يدخل الخلاء ، ويتبول ويتبرز ، كما كان من
قبل يتبول ويتبرز فى ملابسه ، أيام طفولته المبكرة؟ فهل كانت المرأة أكثر نجاسة من
البول والبراز؟
ليس للمرأة حق المواطنة:
(وظلت النساء طبقاً للقانون الإنجليزى العام ـ
حتى منتصف القرن الماضى تقريباً ـ غير معدودات من "الأشخاص" أو
"المواطنين" ، الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم ، لذلك لم
يكن لهن حقوق شخصية ، ولا حق فى الأموال التى يكتسبنها ، ولا حق فى ملكية شىء حتى
الملابس التى كنَّ يلبسنها.)
وفى عام 1567 م صدر قرار من البرلمان
الاسكوتلاندى بأن المرأة لا يجوز أن تُمنَح أى سلطة على أى شىء من الأشياء.
ثمن الزوجة نصف شلن:
بل إن القانون الإنجليزى حتى عام 1805 م كان
يبيح للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات (نصف شلن). وقد حدث أن
باع إنجليزى زوجته عام 1931 م بخمسمائة جنيه ، وقال محاميه فى الدفاع عنه: (إن
القانون الإنجليزى عام 1801 م يحدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة
الزوجة) ، فأجابت المحكمة بأن هذا القانون قد أُلغِىَ عام 1805 م بقانون يمنع بيع
الزوجات أو التنازل عنهن ، وبعد المداولة حكمت المحكمة على بائع زوجته بالسجن عشرة
سنوات.)
(وجاء فى مجلة "حضارة الإسلام" السنة
الثانية صفحة 1078: حدث العام الماضى أن باع إيطالى زوجته لآخر على أقساط ، فلما
امتنع المشترى عن سداد الأقساط الأخيرة قتله الزوج البائع.)
طائفة من أقوال آباء الكنيسة وأدبائهم:
أفضِّل
الإجتماع بالشيطان على الإجتماع بالمرأة
المرأة باب جهنم ، وطريق الفساد وإبرة العقرب ، وحليفة الشيطان
وأعلن
البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484) أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان
نقيضين عنيدين "
ومن
أقوال فلاسفة أوربا ومشاهيرها فى عصر ما بعد النهضة
(إذا رأيتم امرأة ، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنا
بشرياً ، بل ولاكائناً وحشياً وإنما الذى ترونه هو الشيطان بذاته، والذى تسمعونه
هو صفير الثعبان) (من
وصايات سان بول فانتير - لتلاميذه)
(المرأة خلقت لكى تخضع للرجل ، بل لكى تتحمل
ظلمه) (أعترافات جان جاك روسو)
(المرأة حيوان ، يجب أن يضربه الرجل ويطعمه
ويسجنه) (شوبنهاور)
(لايوجد رجل فكر فى المرأة ثم احترمها ، فهو إما
أن يحتقرها وإما أنه لم يفكر فيها بصورة جدية) (أوتو فيننجر)
(الرجل
يمكن أن يتصور نفسه بدون المرأة - أما المرأة فإنها لاتتصور نفسها بدون
رجل) جوليان بندا
(المرأة آلة للإبتسام . تمثال حى للغباء)
(الأديب الفرنسى - لامنيه)
(المرأة كائن نسبى) (المؤرخ ميشليه)
(وكانوا
يُعدُّون اختطاف الأطفال لتربيتهم على الرهبنة من القربات. وكانوا يفرون من
النساء ولو كانوا أقاربهم لاعتقادهم أن مجرد النظر إلى المرأة مُحبِط للأعمال.)-
نقلاً عن معاول الهدم والتدمير فى النصرانية وفى التبشير إبراهيم سليمان الجبهان ص
72-75]
(يجب على المرأة أن تغطى شعرها لأنها ليست صورة الله) أمبروزيوس
القرن الرابع الميلادى (ديشنر صفحة 379)
مشوهة لصورة الرجل
وقد قال تروتوليان – أحد أقطاب المسيحية الأولى
وأئمتها يبين للبشرية نظرة المسيحية فى المرأة: (إنها مدخل الشيطان الى نفس
الإنسان، وإنها دافعة الى الشجرة الممنوعة ناقضة لقانون الله ومشوهة لصورة الله –
أي الرجل -) مستندا إلى قول الكتاب المقدس (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ
الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ
بِوِلاَدَةِ الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ
وَالْقَدَاسَةِ مَعَ التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
ويقول الكتاب المقدس على لسان موسى أنه بسبب
خيانتهن للرب حلَّ الوباء على الجماعة: (وَقَال لهُمْ مُوسَى: «هَل أَبْقَيْتُمْ
كُل أُنْثَى حَيَّةً؟ إِنَّ هَؤُلاءِ كُنَّ لِبَنِي إِسْرَائِيل حَسَبَ كَلامِ
بَلعَامَ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ فِي أَمْرِ فَغُورَ فَكَانَ الوَبَأُ فِي
جَمَاعَةِ الرَّبِّ.) سفر العدد 31 :15-18
وقال سوستام الذي يعد من كبار أولياء الديانة
المسيحية في شأن المرأة: (هي شر لا بد منه ، ووسوسة جبلية، وآفة مرغوب فيها وخطر
على الأسرة والبيت ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) مستندا إلى قول الرب الذى
أرسل ملاكه ليقول عنها إنها الشر بعينه: (7وَإِذَا بِوَزْنَةِ رَصَاصٍ رُفِعَتْ.
وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ: [هَذِهِ هِيَ
الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ الرَّصَاصِ عَلَى
فَمِهَا.) زكريا 5: 7-8
انظروا لقول الله سبحانه وتعالى فى كتابه
المكنون ، الذى لا يأتيه الباطل ، يعلن للعالم أجمع حرية المرأة وإنسانيتها ويرد
لها كرامتها ، وأنها للرجل سكناً ومودةً ورحمة: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ
لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ
مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم:21
فإذا كان الكتاب المقدس بجزئيه جعل المرأة
سبباً فى خطيئة آدم، وسبب فى خروجها من الجنة للعمل والشقاء، حتى إنجابها للأولاد
جعله تكفيراً عن هذه الخطيئة، فماذا تنتظر من أتباع هذا الدين أن يُحسنوا به
إليها؟
حفظ الإسلام حقوق المرأة:
رأى الإسلام فى الأنثى وولادتها:
لم يكرم دين أو كتاب سماوى أو قانون وضعى
المرأة كما كرمها الإسلام. فمن وقت أن أعلن الرب لملائكته أنه سيخلق فى الأرض
بشراً ، جعلها خليفة لله ممثلة له على الأرض وشريكة للرجل فى استخلافها. لذلك رفع
عنها الأغلال التى وضعتها الكتب الأخرى فى عنقها ، وكرمها إذ سفهها الناس وأصحاب
الأديان الأخرى ، ورفعها إذ وضعها الناس والفلاسفة النصارى واليهود ، فكرمها بنتاً
وأماً وزوجة وأختاً. ولك أن تتخيل أن الله جعل هدف كل العبَّاد والنسَّاك
والزهَّاد تحت أقدام امرأة: فقد ربط الجنة بأسفل أقدام الأم ، امرأة.
وزاد فى تكريمها فجعل الدنيا مؤنثة ، والرجال
يخدمونها ، والذكور يعبِّدونها ، ويعملون من أجلها ، والأرض مؤنثة ، ومنها خلق آدم
، وخلقت البرية ، وفيها كثرت الذرية ، وأُمِروا بتعميرها ، والحفاظ عليها ،
والقتال من أجل خلود شريعة الله عليها، كما أُمِرُوا بالسجود لله عليها ، والسماء
مؤنثة ، وقد زينت بالكواكب، وحُلِّيَت بالنجوم، التى تهدى الرجال فى طريقهم إلى بر
الأمان، والنفس مؤنثة، وهى قوام الأبدان ، وملاك الحيوان ، والحياة مؤنثة ،
ولولاها لم تتصرف الأجسام ، ولا عرف الأنام ، والجنة مؤنثة ، وبها وعد المتقون ،
وفيها ينعم المرسلون والشهداء والصالحون.
انظروا إلى تكريم الله للأب الذى أنجب بنتاً:
وعن عبد الله يعني ابن مسعود قال سمعت النبي
صلى الله عليه وسلم يقول: (من كانت له ابنة فأدبها وأحسن أدبها وعلمها وأحسن
تعليمها وأوسع عليها من نعم الله التي أوسع عليه كانت له منعة وسترا من النار)
رواه الطبراني
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: (من كن له ثلاث بنات فعالهن وآواهن وكفهن وجبت له الجنة قلنا وبنتين قال
وبنتين قلنا وواحدة قال وواحدة) رواه الطبراني في الأوسط (مجمع الزوائد ج: 8 ص: 15
ولم تشمل هذه الرعاية والعناية بنات الرجل فقط
، بل أكثر من ذلك فقد قرر الله أن الجنة مضير من أدب جاريته وأحسن إليها: (عن أبي
بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له
جارية فعالها فأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران) صحيح البخاري ج: 2 ص:
899
فهذا شرف لم يعطيه الله للأب الذى أنجب ولداً!!
لقد أدخله الله مسابقة الفوز بالجنة! فقط لأنه أب لإبنة! فليفرح وليتفاخر الأب ذو
البنات على الأب ذو البنين!
تقول زيجريد هونكه: (إن الحلى التى يقدمها
الأوروبى لحبيبته أو لزوجة صديقه أو رئيسه ، سواء أكانت ماساً أصلياً أو زجاجاً
مصقولاً ، هى عادة استوردت من الشرق ، ويمارسها الناس كل يوم ، ولا يعرفون لها
مصدراً.)
فى الحقيقة لا يعرف الإسلام التفرقة بين الرجل
والمرأة على أساس أفضلية أحدهم على الآخر، ولكن تبعاً لطبيعة كل منهما أو الواجبات
المُناطة بهما. فقد ساوى الإسلام بينهما فى الإنسانية ، وفى الواجبات ، وفى الحقوق
، بل أولى المرأة اهتماماً ورعاية لم يشملها الكتاب المقدس ولا تاريخ الشعوب
اليهودية أو النصرانية أو حتى الوثنية. ولا أى قانون وضعى أنصف المرأة ورفعها ، بل
جعلها تاجاً على رؤوس الرجال والمجتمع ، كما فعل الإسلام.
فقد جاءت رحمة الله المهداة إلى البشرية جمعاء
، بصفات غيرت وجه التاريخ القبيح ، لتخلق حياة لم تعهدها البشرية في حضاراتها
أبداً .. وبذلك حرر الإسلام المرأة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى: فقد حررها فى كل
الجوانب النفسية والجسدية والعقلية والأمنية والعلمية.
فجاء الإسلام ليقول: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي
عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف)
وجاء ليقول: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)
وجاء ليقول: (فَلا تَعْضُلوهُنَّ)
وجاء ليقول: (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ
قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ)
وجاء ليقول: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)
وجاء ليقول: (وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضيِّقُوا
عَلَيْهِنَّ)
وجاء ليقول: (فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
فَرِيضَة)
وجاء ليقول: (وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا
تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ)
وجاء ليقول: (وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا
اكْتَسَبْنَ)
وجاء ليقول: (وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ
الَّذِي آتَاكُم)
وجاء ليقول: (وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنّ)
وجاء ليقول: (هَؤُلاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ
لَكُمْ)
وجاء ليقول: (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً)
وجاء ليقول: (لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا
النِّسَاءَ كَرْهاً)
وجاء ليقول: (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا
بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُن)
وجاء ليقول: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ
تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ)
وجاء الرسول الكريم ليبين لنا مكانة المرأة
فسئل صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك ؟ قال : "عائشة" .. وكان
يؤتى صلى الله عليه وسلم بالهدية ، فيقول: " اذهبوا بها على فلانة ، فإنها
كانت صديقة لخديجة" .
وهو القائل : (استوصوابالنساء خيراً)
وهو القائل : (لا يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها
خلقا رضى منها آخر)
وهو القائل : (إنما النساء شقائق الرجال)
وهو القائل : (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم
لأهلي)
وهو القائل : (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن
بالمعروف)
وهو القائل : (أعظمها أجرا الدينار الذي تنفقه
على أهلك)
وهو القائل : (من سعادة بن آدم المرأة الصالحة)
ومن هديه: (عن عائشة قالت كنت أغتسل أنا ورسول
الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد)
وهو القائل: (وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها
صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى في امرأتك)
ومن مشكاته : (أن امرأة قالت يا رسول الله صل
علي وعلى زوجي فقال صلى الله عليه وسلم صلى الله عليك وعلى زوجك)
وهناك الكثير والكثير من الأدلة والبراهين ،
على أن الإسلام هو المحرر الحقيقي لعبودية المرأة ، وحتى يُعلم هذا الأمر بصورة أو
ضح ، سأبين حفظ حقوق المرأة في الإسلام وهي جنين في بطن أمها إلى أن تقابل ربها
1- حفظ الإسلام حق المرأة قبل أن تولد ،فجعلها
الله خليفة فى الأرض ، وأشركها فى التكليف مع آدم، فقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ
رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) البقرة 30
2- حفظ الإسلام إنسانيتها وساواها بالرجل: فقال
تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم
مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات
13
وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق
الرجال)
3- حفظها الإسلام بأن جعلها آية من آياته، التى
تتطلب شكر الله عليها ، فقال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ
أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً
وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) الروم 21
4- حفظها الإسلام بأن جعلها هبة الله للبشرية ،
فقال تعالى: (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ)
الشورى 49
5- حفظ الإسلام كيانها فى المجتمع بأن اعتبرها
مسئولة عن قيام الفضيلة والقضاء على الرذيلة فى الأرض ، عن طريق الأمر بالمعروف
والنهى عن المنكر ، مثلها مثل الرجل. وبذلك حمَّلها مسئولية الدين والدعوة إليه ،
وجعله أمانة فى عنقها وعنق الرجل:
(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ
وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ
أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) التوبة 71
6- حفظ الإسلام الأنثى وجعل الإعتداء عليها من
السفه بل اعتبره من الآثام وجعل البيت المسلم يبتهج لمقدمها:
(وَإِذَا بُشِّرَ يَتَوَارَى مِنَأَحَدُهُمْ
بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ
أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ) النحل 58-59
(قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُواْ
أَوْلاَدَهُمْ سَفَهًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُواْ مَا رَزَقَهُمُ اللّهُ
افْتِرَاءً عَلَى اللّهِ قَدْ ضَلُّواْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ) الأنعام 140
7- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل قتلها قتل للبشر
جميعاً ، وهى تتساوى فى هذا مع الرجل ، فقد قال تعالى: (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ
كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ
أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ
أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا) المائدة 32
8- حفظ الإسلام حق المرأة وهي في بطن أمها ،
فإن طُلقت أمها وهي حامل بها ، أوجب الإسلام على الأب أن ينفق على الأم فترة الحمل
بها (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ
حَمْلَهُن)
9- حفظ الإسلام حق المرأة بحيث لا يُقام على
أمها الحد ، حتى لا تتأثر وهي في بطن أمها (ولما جاءت الغامدية وقالت يا رسول الله
طهرني فقال لها: حتى تضعي ما في بطنك)
10- حفظ الإسلام حق المرأة راضعة ؛ فلما وضعت
الغامدية ولدها ، وطلبت إقامة الحد قال صلى الله عليه وسلم (اذهبي فأرضعيه حتى
تفطميه)
11- حفظ الإسلام حق المرأة مولودة من حيث
النفقة والكسوة (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ
بِالْمَعْرُوف)
12- حفظ الإسلام حق المرأة في فترة الحضانة
التي تمتد إلى بضع سنين ، وأوجب على الزوج النفقة عليها في هذه الفترة لعموم أدلة
النفقة على الأبناء
13- حفظ الإسلام حق المرأة في الميراث عموماً ،
صغيرة كانت أو كبيرة قال الله تعالي (فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ)
14- حفظها الإسلام نفسياً ومعنوياً وإجتماعياً
بأن ساوى بينها وبين الرجل فى أغلب التكاليف:
(وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ
شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ
بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ ا للّهَ لاَ
يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) النساء 36
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي
كَانُوا يَعْمَلُونَ وَوَصَّيْنَا
الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي
مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوافَأُنَبِّئُكُم
بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ
لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ
العنكبوت 7-9
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ
وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَلَعَلَّكُمْ
تَذَكَّرُونَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ
بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ
يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)النحل 90-91
(لاَّ تَجْعَل
وَقَضَى رَبُّكَمَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ
مَذْمُومًا مَّخْذُولاً أَلاَّ
تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ
عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ وَاخْفِضْ لَهُمَاأُفٍّ وَلاَ
تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ
وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي
رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ إِن تَكُونُواْ صَالِحِينَصَغِيرًا وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُفَإِنَّهُ
كَانَ لِلأَوَّابِينَ غَفُورًا إِنَّوَالْمِسْكِينَ
وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا
الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ
لِرَبِّهِ وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ
ابْتِغَاءَ رَحْمَةٍ مِّن رَّبِّكَكَفُورًا
وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةًتَرْجُوهَا فَقُل
لَّهُمْ قَوْلاً مَّيْسُورًا إِلَى
عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن
يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ
وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍبِعِبَادِهِ
خَبِيرًا بَصِيرًا وَلاَنَّحْنُ
نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْءًا كَبِيرًا وَلاَتَقْرَبُواْ
الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ
إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ
سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ
وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِيإِنَّهُ كَانَ
مَنْصُورًا هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ
إِنَّ الْعَهْدَ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ
إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِكَانَ مَسْؤُولاً وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَالْمُسْتَقِيمِ
ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً لَكَ
بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ وَلاَ تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَن
تَخْرِقَعَنْهُ
مَسْؤُولاً كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيٍّئُهُ
عِنْدَالأَرْضَ
وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً ذَلِكَ
مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِرَبِّكَ مَكْرُوهًا
وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ اللّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا الإسراء 22-40
15- حفظ لإسلام المرأة بأن دافع عنها الله
بنفسه وتوعد الذين يؤذونهن ، وهى تشترك فى ذلك مع الرجل:
(وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا
وَإِثْمًا مُّبِينًا) الأحزاب 58
(إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ
عَذَابُ الْحَرِيقِ) البروج 10
16- حفظ الإسلام المرأة بأن أمر رسوله أن
يستغفر الله لها:
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) محمَّد 19
17- حفظ الإسلام أيضاً المشركات بأن منع قتلهن
فى الحروب:
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال: (وُجِدَت امرأة
مقتولة فى بعض مغازى النبى صلى الله عليه وسلم فنهى عن قتل النساء والصبيان) [الشيخان
وغيرهما]
18- حفظ الإسلام المرأة وحرَّمَ وأدها صغيرة،
وفرض حسن تربيتها وتعليمها:
قال الله تعالى: (وإذا الموءودة سُئلت بأى ذنب
قتلت)
وقال
صلى الله عليه وسلم: (من كانت له
أنثى ، فلم يئدها ، ولم يهنها ، ولم يؤثر ولده عليها ، أدخله الله الجنة)
19- حفظ الإسلام المرأة بأن اعتبرها من
المكونات الأساسية لخيرات الدنيا والآخرة:
قال
صلى الله عليه وسلم: (أربع من
أعطيهنَّ فقد أعطى خير الدنيا والآخرة: (قلباً شاكراً ، ولساناً ذاكراً ، وبدناً
على البلاء صابراً ، وزوجة لا تبغيه خوفاً فى نفسها ولا ماله)
20- حفظ الإسلام المرأة بأن جعلها خير ما فى
الدنيا كلها:
قال
صلى الله عليه وسلم: (الدنيا متاع
، وخير متاعها المرأة الصالحة).
21- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل الجنة غاية
حياة كل مؤمن تحت أقدامها ، فأى شرف هذا الذى نالته المرأة فى الإسلام؟ وقال صلى الله
عليه وسلم: (الجنة تحت أقدام الأمهات)
فقد روى أن رجلاً جاء إلى النبى صلى الله
عليه وسلم فسأله النبى: (هل لك من أم)؟ قال: نعم. فقال صلى الله
عليه وسلم: (الزمها ، فإن الجنة تحت رجلها).
22- حفظ الإسلام المرأة بأن نزع عنها لعنة
الخطيئة الأبدية التى وصمتها بها الأديان السابقة ، واعتبرها وزوجها قد أذنبا ثم
منحهما التوبة والغفران ، فقال تعالى: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا
فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ) البقرة 36 ، وقال: (فَوَسْوَسَ لَهُمَا
الشَّيْطَانُ) الأعراف 20
وعندما أدان شخصاً بمفرده ، أدان آدم فقط ،
فقال تعالىفَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى
شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) طه 120
23- حفظ الإسلام المرأة بأن جعل لها نصيباً فى
الميراث ، بعد أن كات جزءاً منه فقال تعالى: (لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا) النساء 7
(يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَا نَ
لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ
الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ
يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ
أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما
حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ
وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ
وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن
لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا
تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ
يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ
مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي
الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ
وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) النساء 11-12
24- حفظ الإسلام المرأة بأن وهبها جميع حقوقها
المدنية: فلها الحق فى عقد العقود من بيع وشراء وإجازة وشركة وقرض ورهن وهبة.
25- حفظ الإسلام المرأة بأن أزال عنها القصر
الدائم ، فأقر أهليتها الكاملة ، مانحاً إياها حق الولاية على مالها وشئونها.
26- حفظ الإسلام المرأة بأن ذكرها الله تعالى
فقط عندما تكلم عن العمل الصالح فقال تعالى بالعموم: (مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا
يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا) ، أما فى الخير فقد جاء بالذكر والأنثى(وَمَنْ عَمِلَ
صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ
الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر 40
27- حفظ الإسلام حق المرأة في اختيار الزوج
المناسب ، ولها أحقية القبول أو الرد إذا كانت ثيباً لقوله عليه الصلاة والسلام
(لا تنكح الأيم حتى تستأمر)
28- حفظ الإسلام حق المرأة إذا كانت بكراً فلا
تزوج إلا بإذنها لقوله عليه الصلاة والسلام (ولا تنكح البكر حتى تستأذن)
29- حفظ الإسلام حق المرأة في صداقها ، وأوجب
لها المهر (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
فَرِيضَةً)
30- حفظ الإسلام حق المرأة مختلعة ، إذا بدَّ
لها عدم الرغبة في زوجها أن تخالع مقابل الفداء لقوله عليه الصلاة والسلام (أقبل
الحديقة وطلقها)
31- حفظ الإسلام حق المرأة مطلقة:
(وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ)
32- حفظ الإسلام حق المرأة أرملة ، وجعل لها
حقاً في تركة زوجها: قال الله تعالي (وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ
لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا
تَرَكْتُمْ)
33- حفظ الإسلام حق المرأة في الطلاق قبل
الدخول ، وذلك في عدم العدة ، قال الله تعالي (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ
تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا)
34- حفظ الإسلام حق المرأة يتيمة ، وجعل لها من
المغانم نصيباً ، قال الله تعالي (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ
فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى) وجعل
لها من بيت المال نصيباً قال الله تعالي (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ
مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى)
وجعل لها في القسمة نصيباً (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى) وجعل لها في النفقة نصيباً (قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ
فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى)
35- حفظ الإسلام حق المرأة في حياتها
الاجتماعية ، وحافظ على سلامة صدرها ، ووحدة صفها مع أقاربها ، فحرم الجمع بينها
وبين أختها ، وعمتها ، وخالتها ، كما في الآية ، والحديث المتواتر
36- حفظ الإسلام حق المرأة في صيانة عرضها ،
فحرم النظر إليها (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ)
37- حفظ الإسلام حق المرأة في معاقبة من رماها
بالفاحشة ، من غير بينة بالجلد (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ
يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً)
38- حفظ الإسلام حق المرأة إذا كانت أماً ،
أوجب لها الإحسان ، والبر ، وحذر من كلمة أف في حقها ، بل جعل دخول الجنة متوقفاً
على رضاها.
39- حفظ الإسلام حق المرأة مُرضِعة ، فجعل لها
أجراً ، وهو حق مشترك بين الراضعة والمرضعة (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ)
40- حفظ الإسلام حق المرأة حاملاً ، وهو حق
مشترك بينها وبين المحمول (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ
حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)
41- حفظ الإسلام حق المرأة في السكنى
(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)
42- حفظ الإسلام حق المرأة في صحتها فأسقط عنها
الصيام إذا كانت مرضع أو حبلى
43- حفظ الإسلام حق المرأة في الوصية ، فلها أن
توصي لِما بعد موتها قال الله تعالي (مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ
دَيْنٍ)
44- حفظ الإسلام حق المرأة في جسدها بعد موتها
، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم (كسر عظم الميت ككسره
حيا)
45- حفظ الإسلام حق المرأة وهي في قبرها ، وهذا
يشترك فيه الرجل مع المرأة لقوله صلى الله عليه وسلم (لأن يجلس أحدكم على جمرة
فتحرق ثيابه فتخلص إلي جلده خير له من أن يجلس على قبر)
46- حفظ الإسلام حق المرأة فى الحساب أمام رب
العالمين ، وهذا يشترك فيه الرجل مع المرأة: وبذلك ساوى بينهما فى الثواب والعقاب
فى الآخرة:
(إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ
وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ
وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ
وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ
اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا
عَظِيمًا) الأحزاب 35
(مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ
أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) النحل 97
(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا
مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) غافر
40
(وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ
أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ
يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) النساء 124
(فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ
أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)
آل عمران 195
(وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ
طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ
الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة 72
(لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ
عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا) الفتح 5
(يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ
يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ
تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ)الحديد 12
فلم ينتقص الإسلام حق المرأة، أو يُهنْهَا، بل
على النقيض من ذلك ، فقد رفع شأنها، وحسبنا أن نعرف أن الله خَلَّدَهُا فى كتابه
الكريم، وجعل لها ثلاث سور من القرآن الكريم، وهما سورة النساء وسورة مريم، وسورة
الطلاق، وليس هناك سورة باسم الرجال.
بل من جميل صنع الله بالمرأة أن جعل الرجل
يتعامل مع الأجناس الدنيا من الوجود ، فإنه إما زارع يتعامل مع التربة والمواشى
والحيوانات ، وإما صانع يتعامل مع المادة الصماء .. ولكن المرأة تتعامل مع أشرف
شىء فى الوجود وهو الإنسان ، والمرأة التى لا تريد الإقتناع بهذه المهمة تكون
امرأة فاشلة.
بل خلَّدَ القرآن امرأة فى سورة المجادلة ،
واحترم الإسلام رأيها، وجعلها مجادلة ومحاورة للرسول، وجمعها وإياه فى خطاب واحد
(والله يسمع تحاوركما) المجادلة: 1. وقرر رأيها ، وجعله تشريعاً عامًّا خالداً..
فكانت سورة المجادلة أثراً من آثار الفكر النسائى ، وصفحة إلهية خالدة نلمح فيها
على مر الدهور صورة احترام الإسلام لرأى المرأة ، فالإسلام لا يرى المرأة مجرد
زهرة ، ينعم الرجل بشم رائحتها ، وإنما هى مخلوق عاقل مفكر ، له رأى ، وللرأى
قيمته ووزنه.
وكان النبى
صلى الله عليه وسلم يقول عن نفسه:
(أنا ابن العواتك من قريش). والعواتك هنَّ نساء من قريش ، كانت كل منهن تُسمَّى
عاتكة.
وقال
صلى الله عليه وسلم: (النساء شقائق
الرجال) ، أى جزء أو شق منهم.
وقال
صلى الله عليه وسلم: (من سعى على
ثلاث بنات فهو فى الجنة ، وكان له أجر المجاهدين صائماً قائماً.)
وقال
صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم
لنسائه ، وأنا خيركم لنسائى).
وحتى لا يشقُّ الرجال على نسائهم ، فقد
قال صلى الله عليه وسلم عنهن: (أنهن خُلِقنَ من ضلع أعوج ،
إذا حاولت أن تقيمه كسرته ، فسايسوهن تستمتعوا بهن).
وعن أسماء بنت أبى بكر قالت: (قدمت على أمى وهى
مشركة في عهد قريش ، إذ عاهدوا رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ومدتهم مع
أبيها، فاستفتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له: (يا رسول الله ، إن أمي
قدمت علىّ وهي راغبة؟ أفأصلها؟ قال: (نعم، صليها).
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال: يا رسول الله ، من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك).
قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك). قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك).
وقال
صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة
خَمسها ، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها ، قيل لها: ادخلى الجنة من أىِّ
الأبواب شئت.)
ويكفى النساء المسلمات شرفاً على الرجال أن أول
من آمن بالرسول صلى الله عليه وسلم هى زوجته السيدة خديجة، وأول شهيدة
فى الإسلام هى سُميَّة أم عمَّار بن ياسر، وأول من أؤتُمِنَ على حفظ كتاب الله بعد
جمعه هى أم المؤمنين حفصة بنت عمر.
وقال
صلى الله عليه وسلم: (أكمل
المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً ، وخياركم لنسائهم خلقاً)
وقال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله ،
وأنا خيركم لأهلى ، ما أكرم النساء إلا كريم ، وما أهانهنَّ إلا لئيم)
قارن هذا التكريم للمرأة بقول الكتاب المقدس
وآراء آباء وفلاسفة المسيحية:
الرب يرسل ملاكه ليسب المرأة ويُكمِّم فمها
بثقل من الرصاص: (وَكَانَتِ امْرَأَةٌ جَالِسَةٌ فِي وَسَطِ الإِيفَةِ. 8فَقَالَ:
[هَذِهِ هِيَ الشَّرُّ]. فَطَرَحَهَا إِلَى وَسَطِ الإِيفَةِ وَطَرَحَ ثِقْلَ
الرَّصَاصِ عَلَى فَمِهَا.) زكريا 5: 8
(25وَكَانَ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ سَائِرِينَ
مَعَهُ فَالْتَفَتَ وَقَالَ لَهُمْ: 26«إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَيَّ وَلاَ
يُبْغِضُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَامْرَأَتَهُ وَأَوْلاَدَهُ وَإِخْوَتَهُ
وَأَخَوَاتِهِ حَتَّى نَفْسَهُ أَيْضاً فَلاَ يَقْدِرُ أَنْ يَكُونَ لِي
تِلْمِيذاً.) لوقا 14: 25-26
(14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ الْمَرْأَةَ
أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي، 15وَلَكِنَّهَا سَتَخْلُصُ بِوِلاَدَةِ
الأَوْلاَدِ، إِنْ ثَبَتْنَ فِي الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ وَالْقَدَاسَةِ مَعَ
التَّعَقُّلِ.) تيموثاوس الأولى 2: 14-15
ويقول توماس الإكوينى: (المرأة أرذل من العبد
بدليل أن عبودية العبد ليست فطرية بينما المرأة مأمورة فطرياً من قبل الأب والابن
والزوج)
أعلن البابا (اينوسنسيوس الثامن) فى براءة (1484)
أن الكائن البشرى والمرأة يبدوان نقيضين عنيدين "
وقال الفيلسوف نتشه: (إن المرأة إذا ارتقت
أصبحت بقرة ـ وقلب المرأة عنده مكمن الشر، وهى لغز يصعب حله، ويُنصَحُ الرجل بألا
ينسى السوط إذا ذهب إلى النساء).
لقد كتب أودو الكانى فى القرن الثانى عشر: (إن
معانقة امرأة تعنى معانقة كيس من الزبالة).
وقال القديس ترتوليان: (إن المرأة مدخل الشيطان
إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة للرجل).
وهى منبوذة مثل الشيطان ، لأنها المتسببة فى
غواية آدم وسبب إخراجه وذريته من الجنة ، وقد كانت أشد من الشيطان على البشرية ، فلم
يقدر الشيطان على آدم ، ولكن تمكنت حواء حليفة الشيطان من غواية آدم: (11فَقَالَ:
«مَنْ أَعْلَمَكَ أَنَّكَ عُرْيَانٌ؟ هَلْ أَكَلْتَ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي
أَوْصَيْتُكَ أَنْ لاَ تَأْكُلَ مِنْهَا؟» 12فَقَالَ آدَمُ: «الْمَرْأَةُ الَّتِي
جَعَلْتَهَا مَعِي هِيَ أَعْطَتْنِي مِنَ الشَّجَرَةِ فَأَكَلْتُ». 13فَقَالَ
الرَّبُّ الإِلَهُ لِلْمَرْأَةِ: «مَا هَذَا الَّذِي فَعَلْتِ؟» فَقَالَتِ
الْمَرْأَةُ: «الْحَيَّةُ غَرَّتْنِي فَأَكَلْتُ».) تكوين 3: 11-13
وما هى هذه الشجرة التى أكل منها آدم وحواء؟
إنها شجرة معرفة الخير من الشر: (16وَأَوْصَى الرَّبُّ الإِلَهُ آدَمَ قَائِلاً:
«مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً 17وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ
الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا
مَوْتاً تَمُوتُ».) تكوين 2: 16-17
وهل صدق الرب؟ لا. بل كان الشيطان أصدق منه:
(1وَكَانَتِ الْحَيَّةُ أَحْيَلَ جَمِيعِ حَيَوَانَاتِ الْبَرِّيَّةِ الَّتِي
عَمِلَهَا الرَّبُّ الإِلَهُ فَقَالَتْ لِلْمَرْأَةِ: «أَحَقّاً قَالَ اللهُ لاَ
تَأْكُلاَ مِنْ كُلِّ شَجَرِ الْجَنَّةِ؟» 2فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ لِلْحَيَّةِ:
«مِنْ ثَمَرِ شَجَرِ الْجَنَّةِ نَأْكُلُ 3وَأَمَّا ثَمَرُ الشَّجَرَةِ الَّتِي
فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ فَقَالَ اللهُ: لاَ تَأْكُلاَ مِنْهُ وَلاَ تَمَسَّاهُ
لِئَلَّا تَمُوتَا». 4فَقَالَتِ الْحَيَّةُ لِلْمَرْأَةِ: «لَنْ تَمُوتَا! 5بَلِ
اللهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلاَنِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا
وَتَكُونَانِ كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ».) تكوين 3: 1-5
وهذا ما اعترف به الرب فيما بعد ، مما اضطره
لفرض حراسة على شرقى جنة عدن لحراسة طريق شجرة الحياة ، فقال: (22وَقَالَ الرَّبُّ
الإِلَهُ: «هُوَذَا الإِنْسَانُ قَدْ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنَّا عَارِفاً الْخَيْرَ
وَالشَّرَّ. وَالْآنَ لَعَلَّهُ يَمُدُّ يَدَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ شَجَرَةِ
الْحَيَاةِ أَيْضاً وَيَأْكُلُ وَيَحْيَا إِلَى الأَبَدِ». 23فَأَخْرَجَهُ
الرَّبُّ الإِلَهُ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ الَّتِي أُخِذَ
مِنْهَا. 24فَطَرَدَ الإِنْسَانَ وَأَقَامَ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ
الْكَرُوبِيمَ وَلَهِيبَ سَيْفٍ مُتَقَلِّبٍ لِحِرَاسَةِ طَرِيقِ شَجَرَةِ
الْحَيَاةِ.) تكوين 3: 22-24
وفى الحقيقة يتساءل المرء ذو العقل الطبيعى
هنا: ما حكمة الرب فى الإبقاء على آدم وحواء فى سواد الجهل ، لا يعلمان الخير من
الشر؟ ولو لم يكون آدم قد عرف قبل الأكل من الشجرة الخير من الشر فكيف يحاسبه على
خطئه وأكله من الشجرة؟ وهل بعد أن أصبح عارفا للخير من الشر ينتقم منه الرب ويطيح
به خارج الجنة؟ وهل كان ينتظر هذا الإله تعمير الأرض بأناس لا تعرف الخير من الشر؟
وما هى المبادىء التى كان يتوقع الرب أن يعلمها آدم زريته لو لم يعلم الخير من
الشر؟
ويقول فولتير تعليقاً على الفقرة التوراتية
السابقة: (إننا نعتقد أنه كان ينبغى على السيد الرب أن يأمر الإنسان ، مخلوقه ،
بأن يأكل من شجرة معفة الخير من الشر ، قدر ما يستطيع ؛ لأنه بما أن الله منحه
رأساً تفكر ، فقد كان من الضرورى تعليمه ، وكان أكثر ضرورة إرغامه على إدراك الخير
والشر ، كى يستطيع القيام بالتزاماته على أكمل وجه. لذلك كان ذاك التحريم غبياً
وقاسياً! لقد كان أسوأ بألف مرة من منح الإنسان معدة لا تهضم الطعام) نقلا عن
(محمد صلى الله عليه وسلم فى الترجوم والتلمود والتوراة ص 169 ، المأخوذة بدورها
من (ليوتاكسل) التوراة كتاب مقدس أم جمع من الأساطير ص 21)
ووقف الرب إلى جانب الرجل ، ولم يحقق فى الأمر
، فصدق كلام آدم ، وكان عنده من الأبرياء: (14وَآدَمُ لَمْ يُغْوَ لَكِنَّ
الْمَرْأَةَ أُغْوِيَتْ فَحَصَلَتْ فِي التَّعَدِّي) تيموثاوس الأولى 2: 14
(كما خدعت الحيَّةُ حواءَ بمكرها) كورنثوس
الثانية 11: 3
وإذا كان آدم لم يغو ، فيكون حكم الرب على آدم
بالطرد من الجنة ظلماً ، ولم يكن هذا إلا بسبب حواء، ويكون انتقامه من المرأة
بطردها من الجنة وموقفه هذا منها تشجيعاً للمؤمنين ، المحبين لله ، على اضطهادها ،
وضربها ، وحرقها ، وقتلها.
كما أنها نجسة فى أيام حيضها ، وفى أيام طمسها،
أو إذا جاءها نزيف مهما كان سببه، لا يقربها إنسان أو حيوان وإلا لكان نجساً هو
الآخر إلى المساء وعليه أن يستحم ليطهر: (19«وَإِذَا كَانَتِ امْرَأَةٌ لَهَا
سَيْلٌ وَكَانَ سَيْلُهَا دَماً فِي لَحْمِهَا فَسَبْعَةَ أَيَّامٍ تَكُونُ فِي
طَمْثِهَا. وَكُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 20وَكُلُّ
مَا تَضْطَجِعُ عَلَيْهِ فِي طَمْثِهَا يَكُونُ نَجِساً وَكُلُّ مَا تَجْلِسُ
عَلَيْهِ يَكُونُ نَجِساً. 21وَكُلُّ مَنْ مَسَّ فِرَاشَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ
وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 22وَكُلُّ مَنْ مَسَّ
مَتَاعاً تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَسْتَحِمُّ بِمَاءٍ وَيَكُونُ
نَجِساً إِلَى الْمَسَاءِ. 23وَإِنْ كَانَ عَلَى الْفِرَاشِ أَوْ عَلَى الْمَتَاعِ
الَّذِي هِيَ جَالِسَةٌ عَلَيْهِ عِنْدَمَا يَمَسُّهُ يَكُونُ نَجِساً إِلَى
الْمَسَاءِ.) لا ويين 15: 19-23
فقد كانوا يعتبرون المرأة لعنة ، لأنها أغوت
آدم ، وعندما يصيبها الحيض لا يُجالسونها ولا يؤاكلونها ولا تلمس وعاء حتى لا
يتنجس. وكان بعضهم ينصب للحائض خيمة ، ويضع أمامها خبزاً وماءً ، ويجعلها فى هذه
الخيمة حتى تطهر. أى كانت كالمنبوذة ، أو كالمصابة بالجرب أو الجزام. وهى فى هذا
الوضع لا تصلح أن تعيش فى المجتمع، ولا يجوز لها أن تعمل، لأنها بهذا التفكير إما
ستتقاعد عن العمل وقت حيضها، وبذلك تعلن على العالم أجمع أنها حائض ، وإما ستخالط
المجتمع وتسبب نجاسة كل من تتعامل معه سواء فى مجال العمل أو المواصلات.
(وكانت بعض الطوائف اليهودية تعتبر البنت فى
مرتبة الأَمَة، وكان لأبيها الحق فى أن يبيعها قاصرة، وما كانت ترث مع وجود أخ
لها، أو ما كان يتبرع لها به أبوها فى حياته، فقد كان الميراث للذكر فقط، وحين
تُحرَم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر ، يُثبَت لها على أخيها النفقة والمهر
عند الزواج ، وإذا كان الأب قد ترك عقاراً فيعطيها من العقار ، أما إذا ترك مالاً
منقولاً فلا شىء لها من النفقة والمهر ، ولو ترك القناطير المقنطرة.)
وإذا آل الميراث إلى البنت لعدم وجود أخ لها ،
لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر ، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها. أى
تكون راعية له فقط (هذا إن جاز لنا استخدام هذا اللفظ) ، وليست مالكة له.
وإذا اتُهِمَت بالزنا تتحقق براءتها بطريقة
غريبة فيها من المهانة والذل ما لم تبحه شريعة ما ، فعليها أن تشرب ماءً ممزوجاً
بالتراب ، وتثبت عليها التهمة إذا تورمت بطنها وتسقط فخذها: (17وَيَأْخُذُ
الكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّساً فِي إِنَاءِ خَزَفٍ وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنَ
الغُبَارِ الذِي فِي أَرْضِ المَسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي المَاءِ 18وَيُوقِفُ
الكَاهِنُ المَرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيَكْشِفُ رَأْسَ المَرْأَةِ وَيَجْعَلُ
فِي يَدَيْهَا تَقْدِمَةَ التِّذْكَارِ التِي هِيَ تَقْدِمَةُ الغَيْرَةِ وَفِي
يَدِ الكَاهِنِ يَكُونُ مَاءُ اللعْنَةِ المُرُّ. .. .. .. 24وَيَسْقِي المَرْأَةَ
مَاءَ اللعْنَةِ المُرَّ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ لِلمَرَارَةِ.
25وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنْ يَدِ المَرْأَةِ تَقْدِمَةَ الغَيْرَةِ وَيُرَدِّدُ
التَّقْدِمَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيُقَدِّمُهَا إِلى المَذْبَحِ. 26وَيَقْبِضُ
الكَاهِنُ مِنَ التَّقْدِمَةِ تِذْكَارَهَا وَيُوقِدُهُ عَلى المَذْبَحِ وَبَعْدَ
ذَلِكَ يَسْقِي المَرْأَةَ المَاءَ. 27وَمَتَى سَقَاهَا المَاءَ فَإِنْ كَانَتْ
قَدْ تَنَجَّسَتْ وَخَانَتْ رَجُلهَا يَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ
لِلمَرَارَةِ فَيَرِمُ بَطْنُهَا وَتَسْقُطُ فَخْذُهَا فَتَصِيرُ المَرْأَةُ
لعْنَةً فِي وَسَطِ شَعْبِهَا.) عدد 5: 17-27
ففى كلا الحالتين ستتورم بطنها ، إن لم يصبها
مرض يقضى عليها. وبذلك تكون فى كلا الحالتين زانية وتثبت عليها تهمة الزنا!! وفى
كلا الحالتين لن يسقط فخذها ، فلن تجنى إذن من جرَّاء هذا العمل إلا المرض أو
الموت وإثبات تهمة الزنا عليها ظلما وزورا. وقد يكون هذا التحليل هو الذى أوصل بعض
علمائهم لاعتبار المرأة عاهرة بغض النظر عن أخلاقها أو دينها أو حسبها أو نسبها:
لقد كتب جيروم يقول:
(ولقد كتب أسقف فرنسى عاش فى القرن الثانى عشر:
أن كل النساء بلا استثناء مومسات ، وهن مثل حواء سبب كل الشرور فى العالم)
وقال الراهب الانجليزى اسكندر نكهام: (أنه
نظراً لأن المرأة لا تشبع جنسيا ، فإنها غالبا ما تصطاد بائساً حقيراً لينام معها
فى فراشها ليشبع نهمها إذا كان زوجها غير موجود فى لحظة شبقها. ونتيجة لذلك كان
على الأزواج أن يربوا أطفالاً ليسوا أولادهم)
وقانون اختبار عفة المرأة هذا قريب مما جاء فى
قانون (حامورابى) مادة 129 ، إذ كانت المرأة تُختَبَر فى سلوكها بأن تُلقَى فى
النهر ، فإن عامت على وجه الماء تكون بريئة ، وإن غطست تكون آثمة!!
قارن هذا بالملاعنة المذكورة فى القرآن فى سورة
النور: إذ تحلف المرأة وكذلك الرجل خمس مرات على صدقهما من تهمة الخيانة الزوجية.
وإن أصرت المرأة على براءتها لم يمسسها سوء ، يتم فقط التفريق بينهما.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد فنجاسة المرأة التى
ضربت عليها جعلت البرلمان الإنجليزى يصدر قراراً فى عصر الملك هنرى الثامن يحظر
على المرأة أن تقرأ العهد الجديد. قارن هذا بإئتمان المسلمين السيدة حفصة على كتاب
الله القرآن الكريم!!!
بل إنه لما استخدم التخدير فى حالات الوضع عام
1847م عارضته الكنيسة ؛ لأن الله فى الكتاب المقدس ـ حسب زعمهم ـ قال لحواء بعد
سقوطهما فى الخطيئة وأكلهما من الشجرة المحرمة عليهما: (تَكْثِيراً أُكَثِّرُ
أَتْعَابَ حَبَلِكِ. بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً) تكوين 3: 13 ، فكأن لسان
حالهم يقول: كيف نرحم النساء من الألم ، طالما أن الرب قد قرر تألمها أثناء
الولادة؟ فعلينا إذن أن نساعد الرب فى انتقامه من النساء!!
=====================
الشبهة الأول: النساء شقائق الرجال:
انطلاقا من هذا الأصل يقرّر أعداء الحجاب أن
النساء والرجال سواء، لهن ما لهم، وعليهنّ ما عليهم، ولا فرق بين الصنفين في جميع
الأحكام؛ لأن النساء شقائق الرجال[1].
الجواب:
1- الفوارق بين الرجل والمراة الجسدية
والمعنوية والشرعية ثابتة قدرًا وشرعًا وحسًّا وعقلاً.
بيان ذلك أن الله سبحانه خلق الرجل والمرأة
شطرين للنوع الإنساني: ذكرًا وأنثى، {وَأَنَّهُ خَلَقَ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ}
[النجم:25]، يشتركان في عمارة الكون، كلّ فيما يخصه، ويشتركان في عمارته بالعبودية
لله تعالى بلا فرق بين الرجال والنساء في عموم الدين، في التوحيد والاعتقاد وحقائق
الإيمان والثواب والعقاب، وبلا فرق أيضًا في عموم التشريع في الحقوق والواجبات
كافة، {مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ
أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً
طَيّبَةً} [النحل:97].
لكن لما قدر الله وقضى أن الذكر ليس كالأثنى في
صفة الخلقة والهيئة والتكوين، ففي الذكورة كمال خَلقي وقوّة طبيعية، والأنثى أنقص
منه خلقة وجبلّة وطبيعةً لما يعتريها من الحيض والحمل والمخاض والإرضاع وشؤون
الرضيع وتربية جيل الأمة المقبل، ولهذا خلقت الأنثى من ضلع آدم عليه السلام، فهي
جزء منه، تابع له ومتاع له، والرجل مؤتمن على القيام بشؤونها وحفظها والإنفاق
عليها وعلى نتاجهما من الذرية؛ كان من آثار هذا الاختلاف في الخلقة الاختلاف
بينهما في القوى والقدرات الجسدية والعقلية والفكرية والعاطفية والإرادية، وفي
العمل والأداء والكفاية في ذلك، إضافة إلى ما توصّل إليه علماء الطبّ الحديث من
عجائب الآثار من تفاوت الخلق بين الجنسين.
وهذان النوعان من الاختلاف أنيطت بهما جملة
كبيرة من أحكام التشريع، فقد أوجبا الاختلاف والتفاوت والتفاضل بين الرجل والمرأة
في بعض أحكام التشريع، في المهمات والوظائف التي تلائم كلّ واحد منهما في خلقته
وتكوينه، وفي قدراته وأدائه واختصاص كل منهما في مجاله من الحياة الإنسانية؛
لتتكامل الحياة، وليقوم كل منهما بمهمته فيها[2].
2- لو حصلت المساواة في جميع الأحكام مع
الاختلاف في الخلقة والكفاية لكان هذا انعكاسًا في الفطرة، ولكان هذا هو عين الظلم
للفاضل والمفضول، بل ظلم لحياة المجتمع الإنساني؛ لما يلحقه من حرمان ثمرة قدرات
الفاضل، والإثقال على المفضول فوق قدرته[3].
3- وبجانب رفض مبدأ المساواة المطلَق فإن هناك
قدرًا من المساواة بين الرجل والمرأة، والذي ينبغي أن يطلق عليه لفظ العدل وليس
المساواة.
أ- فالمرأة تساوي الرجل في أصل التكليف
بالأحكام الشرعية مع بعض الاختلاف في بعض الأحكام التفصيلية.
ب- والمرأة تساوي الرجل في الثواب والعقاب
الدنوي والأخروي في الجملة، {وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ
وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ
وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة:71].
ج- والمرأة تساوي الرجل في الأخذ بحقها وسماع
القاضي لها.
د- والمرأة كالرجل في تملكها لما لها وتصرفها
فيه.
هـ- وهي كالرجل في حرية اختيار الزوج، فلا تكره
على ما لا تريد[4].
الشبهة الثانية: القوامة للرجل دون المرأة:
يتخذ أعداء الإسلام من كون الرجال هم القوامين
على النساء بمقتضى أحكام الشريعة الإسلامية مجالاً للثرثرة ضدّه، ولتحريض المرأة
المسلمة حتى تتمرّد على تعاليمه، فيغمزون الإسلام بأنه لم يسوّ بين الرجال والنساء
في مسألة القوامة[5].
الجواب:
1- إن قوامة الرجال على النساء مسألة تفرضها
ضرورة الحياة الفضلى من الناحيتين الفطرية والفكرية.
أما الناحية الفطرية فإن الخصائص النفسية
المزود بها كلّ من الرجل والمرأة بصفة عامة تؤهّل الرجل بشكل أمثل لتحمّل مسؤوليات
إدارة شؤون الأسرة والقيام على رعايتها والتصدي لزعامتها، وفي المقابل نلاحظ أن
خصائص المرأة بشكل عام تحبِّب إليها أن تجد لدى الرجل ملجأ وسندًا وقوة إرادة
واستقرارَ عاطفة وحكمة في تصريف الأمور وسلطانًا ترى في الانضواء تحته أنسها
وطمأنينتها وأمنها وراحة بالها.
ولذلك يلاحظ أثر هذا التكوين الفطري ظاهرًا في
كل مجموعة إنسانية، ولو لم تلزِمها به أنظمة أو تعاليم، وربما شذّ عنه نفر قليل
اختلّت فيه خصائص الذكورة والأنوثة، وهي حالات شاذّة لا تستحقّ تعديلاً في أصل
القاعدة الفطرية.
وأما الناحية الفكرية فإن الحكمة في المجتمعات
الإنسانية تقضي بأن يكون لكل مجتمع صغُر أو كبر قيّم يقوده ويدير شؤونه حمايةً له
من الفوضى والتّصادم والصراع الدائم، والأسرة أحد هذه المجتمعات التي تحتاج إلى
قيّم تتوافر فيه مؤهّلات القوامَة بشكل أمثل.
2- لدى أهل الفكر في مسألة القوامة داخل الأسرة
مجموعة من الاحتمالات:
أولاً: أن يكون الرجل هو القيّم في الأسرة
باستمرار.
ثانيًا: أن تكون المرأة هي القيّم في الأسرة
باستمرار.
ثالثًا: أن يكون كلّ من الرجل والمرأة قيّمًا
على سبيل الشركة المتساوية.
رابعًا: أن يتناوبا القوامة وفقَ قسمةً زمنية.
خامسًا: أن يتقاسما القوامة، بأن يكون لكل
منهما اختصاصات يكون هو القيّم فيها.
أما الشركة في القوامة سواء أكانت في كلّ شيء
وفي كلّ وقت، أو كانت على سبيل التناوب الزمني، أو كانت على سبيل التقاسم في
الاختصاصات، فإنها ستؤدّي حتمًا إلى الفوضى والتنازع ورغبة كلّ فريق بأن يعلو على
صاحبه ويستبدّ به، وقد أيّدت تجارب المجتمعات الإنسانية فساد الشركة في الرئاسة.
أما إسناد القوامة إلى المرأة دون الرجل فهو
أمر ينافي ما تقتضيه طبيعة التكوين الفطري لكل منهما، وهو يؤدي حتمًا إلى اختلال
ونقص في نظام الحياة الاجتماعية لما فيه من عكس لطبائع الأشياء، فلم يبق إلا
الاحتمال الأول، وهو أن يكون الرجل هو القيم في الأسرة[6].
3- أهمّ خصائص القوامة المثلى رجحان العقل على
العاطفة، وهذا الرجحان متوافر في الرجال بصفة عامّة أكثر من توافره في النساء، لأن
النساء بمقتضى ما هن مؤهلات له من إيناس للزوج وحنان عليه وأمومة رؤوم وصبر على
تربية الطفولة تترجح لديهن العاطفة على العقل، ولن تكون قوامة مثلى لأيّ مجتمع
إنساني صغيرًا كان أو كبيرًا إذا كانت العاطفة فيها هي الراجحة على العقل.
ولئن كان بعض الرجال تتحكّم فيهم عواطفهم أكثر
من عقولهم، وبعض النساء تتحكم فيهن عقولهن أكثر من عواطفهن، فذلك أمر نادر لا يصحّ
أن تتغيّر من أجله قاعدة عامة[7].
4- ومن مرجّحات إسناد القوامة في الأسرة إلى
الرجل أنه هو المسؤول في نظام الإسلام عن النفقة عليها، ومسؤوليته عن النفقة على
أسرته تجعله أكثر تحّفظًا واحترازًا من الاستجابة السريعة للشهوات العابرة
والانفعالات الحادة الرعناء، بخلاف المرأة في ذلك، لأنها بحكم عدم مسؤوليتها عن
النفقة وعن السعي لاكتساب الرزق يقلّ لديها التحفظ والاحتراز، وتكون في أغلب
أحوالها ذات استجابة سريعة لشهواتها وانفعالاتها التي قد تتطلب منها نفقات مالية
باهظة، أو تدفعها إلى الشحّ المفرط[8].
5- أعطى الإسلام للمرأة حقّ التدخل في اختيار
زوجها، وبهذا فهي تختار القيّم عليها، ولها أن تلاحظ فيه المقدرة على القوامة
الرشيدة[9].
الشبهة الثالثة: مستلزمات القوامة:
قال الله تعالى: {ٱلرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى ٱلنّسَاء
بِمَا فَضَّلَ ٱللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا
أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوٰلِهِمْ فَٱلصَّـٰلِحَـٰتُ
قَـٰنِتَـٰتٌ
حَـفِظَـٰتٌ لّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ ٱللَّهُ وَٱللَّـٰتِى
تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَٱهْجُرُوهُنَّ فِى ٱلْمَضَاجِعِ وَٱضْرِبُوهُنَّ
فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ
عَلِيًّا كَبِيرًا} [النساء:34].
يتصيّد أعداء الإسلام من قوله تعالى في هذا
النص القرآني: {وَٱضْرِبُوهُنَّ} شبهةً ينتقدون بها تعاليم الإسلام وأحكامه
ليضلّوا بها الأجيال الناشئة من فتيان المسلمين وفتياتهم[10].
الجواب:
1- لما اقتضت الحكمة أن يكون الرجل هو القيّم
على زوجته ووليَّ أمرها اقتضت أيضًا أن يكون لكلّ منهما حقوق على الآخر وواجبات
نحوه.
ومن حقوق الزوج على زوجته أن لا تكون ناشزًا
خارجة عن طاعته ما لم يأمرها بما فيه معصية لله، أو هضم لحقوقها التي شرفها الله
لها.
وأية مؤسّسة اجتماعية لا بدّ أن يكون في يد
صاحب الأمر فيها وسائل يضبط بها نظامَ هذه المؤسسة حتى لا تتعرّض للفوضى، فالفساد،
فالتفكّك والانحلال.
وأبرز عناصر وحدة مؤسسة اجتماعية إنما هو عنصر
طاعة أعضائها لصاحب الأمر فيها، والخروج عن هذه الطاعة نشوز يجعل المؤسّسة منحلة
أو في حكم المنحلّة.
ولما كان في طبائع الناس نزوع إلى التحرّر من
قيود الطاعة كانت المؤسسات الاجتماعية الإنسانية عرضة للانحلال والتفكك باستمرار
مالم تهيمن على أفرادها الضوابط الاجتماعية المعنوية والمادية، ومن الضوابط
الاجتماعية التي تصون وحده الجماعة وسائل التربية والتأديب التي تسمح بها الأعراف
الإنسانية الكريمة.
وقد أرشدت الحكمة النظرية والتطبيقية الناس إلى
استخدام طائفة من وسائل التربية والتأديب، وهي تتفاوت فيما بينها رغبة ورهبة،
ورفقًا وشدّة.
ويختار بعض أولي الأمر أسلوب العنف والقسوة
فيفشلون، ويختار بعضهم أسلوب الرفق واللين باستمرار فيتطاول عليهم الباغون
المنحرفون، فينزعون منهم سلطانهم.
أما الحكماء العقلاء فيستخدمون الوسائل كلها،
إلا أنهم يضعون كلاً منها في موضعه، وبذلك يسلم لهم الأمر، وهذا ما أرشد إليه
الإسلام أولياء الأمور بشكل عام[11].
2- لقد أرشد الإسلام إلى استخدام وسائل التربية
والتأديب الحكيمة، وجعلها على مراحل:
المرحلة الأولى: الموعظمة، ولها درجات كثيرة،
تبدأ بمعاريض القول والإشارات الخفيفة والتلويح، ثم ترتقي إلى لفت النظر والتنبيه
والتصريح مع الرفق في الموعظة، ثم التصريح المصحوب بشيء من العنف، ثم الزجر
والتعنيف، وأخيرًا قد تصل درجة التوبيخ والإنذار.
المرحلة الثانية: الهجر في المضطجع، وهو أبلغ
أنواع الهجر وعقابٌ ليس بالهين على زوجة عاقلة حريصة على زوجها، وللهجر في المضطجع
درجات بعضها أقسى من بعض، يعرفها العقلاء الحكماء من الرجال. وجعل الإسلام الهجر
لا يزيد على أربعة أشهر: {لّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ
أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة:226]، وبعد ذلك إما أن يعودوا إلى معاشرتهن، وإما أن
يكون لزوجاتهم الحقّ بأن يطالبن بالفراق.
المرحلة الثالثة: مرتبة الضرب غير المبرّح الذي
لا يصل إلى أدنى الحدود الشرعية.
فغالب الظن أن أي امرأة توجّه لها أشدّ درجات
الموعظة فلا تستقيم ثم تهجَر أبلغ أنواع الهجر فلا تستقيم أيضًا، إلا أن تكون
مبلّدة الحس سيّئة العشيرة كريهة الطبع، فهي تستحقّ التأديب بالضرب، أو أن تكون
كارهة تبغي الفراق لكن لا تصرّح به لغرض في نفسها، فإذا كانت كارهة راغبة في
الفراق فإن لديها من الوسائل ما يبلغها مرادها دون أن تكاره الزوج بالنشوز
والعصيان، ويمكنها أن تعرب عمّا في نفسها منذ استخدام المرتبة الأولى والثانية.
أما إذا لم تعلن رغبتها بمفارقته فالظاهر من
أمرها أنها امرأة إما أن تكون ممن يصلحهن الضرب، أو أن يكون نصيبها الفراق، إلا أن
إهانتها بالفراق ووسمها بأنها امرأة لا تصلح للمعاشرة الزوجية أقسى عليها وأشدّ من
إهانتها بالضرب غير المبرح[12].
3- بالإضافة إلى ذلك فإن التجاربَ النفسية قد
دلت أن بعض الناس مصابون بانحراف نفسي غريب المزاج، يلذ لهم أن يتلقوا معاملة
قاسية مؤلمة جسدية أو نفسية، فلا يطيب مزاجهم ولا يعتدلون إلا بالضرب أو ما يشبهه
من مؤلمات، وأكثر ما يكون هذا اللون من الانحارف في صنف النساء، ويطلق عليه علماء
النفس اسم (الماسوشزم)[13].
4- إن وجودَ التشريع الذي يأذن للزوج بتأديب
زوجته بالضرب في آخر المراحل لا يعني أن هذا السلاح سيستخدمه كل زوج، فمعظم الأسر
المؤدّبة بآداب الإسلام لا تعرف في حياتها الهجر في المضاجع فضلاً عن الضرب، لأن
التربية الإسلامية العامة للرجال والنساء متى ما استوفت شروطها فلا بد أن تجعل
الأسر الإسلامية في وضع من الوئام والتفاهم والود لا يسمح بأكثر من استخدام
الدرجات الخفيفة من درجات الموعظة التي يشترك فيها كل من الزوجين[14].
الشبهة الرابعة: نقصان العقل والدين:
زعموا أن الإسلام أهان المرأة وجعلها ناقصة عقل
ودين، وجعل شهادة نصف شهادة الرجل.
الجواب:
1- ورد هذا الكلام في حديث أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو في فطر إلى المصلى،
فمر على النساء فقال: ((يا معشر النساء، تصدقن فإني ريتكن أكثر أهل النار))، فقلن:
وبم يا رسول الله؟ قال: ((تكثرن اللعن وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين
أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن))، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟
قال: ((أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟!)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان
عقلها. أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟!)) قلن: بلى، قال: ((فذلك من نقصان دينها))[15].
قال الشيخ عبد العزيز بن باز: "بين عليه
الصلاة والسلام أن نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها وأن شهادتها تجبر بشهادة امرأة
أخرى؛ وذلك لضبط الشهادة بسبب أنها قد تنسى فتزيد في الشهادة أو تنقصها كما قال
سبحانه: {وَٱسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ مّن رّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا
رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَٱمْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ ٱلشُّهَدَاء أَن
تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأخْرَىٰ}
[البقرة:282].
وأما نقصان دينها فلأنها في حال الحيض والنفاس
تدع الصلاة وتدع الصوم ولا تقضي الصلاة، فهذا من نقصان الدين، ولكن هذا النقص ليست
مؤاخذة عليه، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله عز وجل هو الذي شرعه عز وجل رفقًا بها
وتيسيرًا عليها...
ولا يلزم من هذا أن يكون نقص عقلها في كل شيء
ونقص دينها في كل شيء، وإنما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقص دينها من جهة
ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس، ولا يلزم من هذا أن تكون
أيضًا دون الرجل في كل شيء وأن الرجل أفضل منها في كل شيء، نعم جنس الرجل أفضل من
جنس النساء في الجملة، لكن قد تفوقه في بعض الأحيان في أشياء كثيرة، فكم لله من
امرأة فوق كثير من الرجال في عقلها ودينها وضبطها، وإنما ورد عن النبي صلى الله
عليه وسلم أن جنس النساء دون جنس الرجال في العقل وفي الدين من هاتين الحيثيتين اللتين
بينهما النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد تكثر منها الأعمال الصالحة فتربو على كثير
من الرجال في عملها الصالح وفي تقواها لله عز وجل وفي منزلتها في الآخرة، وقد تكون
لها عناية في بعض الأمور فتضبطها ضبطًا كثيرًا أكثر من ضبط بعض الرجال في كثير من
المسائل التي تعنى بها وتجتهد في حفظها وضبطها، فتكون مرجعًا في التاريخ الإسلامي
وفي أمور كثيرة، وهذا واضح لمن تأمّل أحاول النساء في عهد النبي صلى الله عليه
وسلم وبعد ذلك"[16].
2- أما أن شهادة المرأة على النصف من شهادة
الرجل فقد جاء معللا في النص القرآني بقوله تعالى: {أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا
فَتُذَكّرَ إِحْدَاهُمَا ٱلأخْرَىٰ} [البقرة:282]، والضلال هنا
ينشأ من أسباب كثيرة، فقد ينشأ من قلة خبرة المرأة بموضوع التعاقد، مما يجعلها لا
تستوعب كل دقائقه وملابساته، ومن ثم لا يكون من الوضوح في عقلها بحيث تؤدي عنه
شهادة دقيقة عند الاقتضاء، فتذكرها الأخرى بالتعاون معًا على تذكر ملابسات الموضوع
كلّه. وقد ينشأ من طبيعة المرأة الانفعالية، فإن وظيفة الأمومة العضوية تستدعي
مقابلاً نفسيًا في المرأة حتمًا، يستدعي أن تكون المرأة شديدة الاستجابة الوجدانية
الانفعالية لتلبية مطالب طفلها بسرعة وحيوية لا ترجع فيهما إلى التفكير البطيء،
وذلك من فضل الله على المرأة وعلى الطفولة، وهذه الطبيعة لا تتجزأ، فالمرأة شخصية
موحدة هذه طابعها حين تكون امرأة سوية، بينما الشهادة على التعاقد في مثل هذه
المعاملات في حاجة إلى تجرد كبير من الانفعال، ووقوف عند الوقائع بلا تأثير ولا
إيحاء، ووجود امرأتين فيه ضمانة أن تذكر إحداهما الأخرى إذا انحرفت مع أي انفعال،
فتتذكر وتفيء إلى الوقائع المجردة[17].
3- وما تقدّم هو بالنسبة للشهادة على الحقوق
المالية، أما في الأمور الأخرى التي يضعف فيها تدخل العواطف الإنسانية فإن شهادة
المرأة فيها مثل شهادة الرجل، وذلك حينما يكون الاعتماد على مجرد الذكاء والحفظ،
ومن أجل ذلك قبلت التعاليم الإسلامية رواية المرأة لنصوص الشريعة وأخبارها في
التاريخ والعلوم، وساوتها في ذلك بالرجل، وقبلت أيضًا شهادة المرأة الواحدة في
إثبات الولادة والرضاع، وجعلتها مثل شهادة الرجل، إلى غير ذلك من أمور يضعف فيها
تدخل العواطف الإنسانية[18].
----------------------
[1] المرأة المسلمة أمام التحديات لأحمد الحصين
(232).
[2] حراسة الفضيلة (15-17) باختصار.
[3] حراسة الفضيلة (23).
[4] المرأة وكيد الأعداء. د/ عبد الله بن وكيل
الشيخ (22)، وللتوسع انظر: المرأة المسلمة، للشيخ وهبي غاوجي (32-48).
[5] أجنحة المكر الثلاثة لعبد الرحمن حسن حبنكة
الميداني (597، 601).
[6] أجنحة المكر الثلاثة (559-600) باختصار.
[7] أجنحة المكر الثلاثة (600).
[8] أجنحة المكر الثلاثة (600).
[9] الإسلام في قفص الاتهام، شوقي أبو خليل
(235).
[10] أجنحة المكر الثلاثة (602).
[11] أجنحة المكر الثلاثة (603).
[12] أجنحة المكر الثلاثة (603-605) باختصار.
[13] أجنحة المكر الثلاثة (606).
[14] أجنحة المكر الثلاثة (606).
[15] أخرجه البخاري في الحيض، باب ترك الحائض
الصوم (304)، وأخرجه مسلم ف الإيمان (80) بمعناه.
[16] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة (4/292-293).
[17] في ظلال القرآن (1/336).
[18] أجنحة المكر الثلاثة (597) باختصار.
المصدر
: موقع المنبر
===================
الشبهة الأولى: الإسلام لا يشجع تعليم المرأة:
يموه بعض المغرضين ويزعم بعض الجاهلين أن
الإسلام لا يشجّع على تعليم المرأة، وأنه يفضّل أن تبقى جاهلة أو أقرب إلى
الجهل[1].
الجواب:
1- إن أول ما بدئ به من الوحي قول الله لرسوله
محمد صلى الله عليه وسلم: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبّكَ الَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ
الإِنسَـنَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِى عَلَّمَ
بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَـنَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق:1-5].
ولقد بدأ الوحي بالأمر بالقراءة لأنها أهم
وسائل تثبيت المعرفة ومتابعة حلقاتها، والقراءة إنما تكون بعد الكتابة، ومن أجل
ذلك أظهر الله منته على عباده إذ علم بالقلم، فعلم الإنسان ـ كل الإنسان بشطريه
الذكر والأنثى ـ ما لم يعلم.
وهذه الدعوة التي دعا الله بها الإنسان إلى
العلم منذ اللحظات الأولى التي بدأ بها إنزال تعاليم الإسلام أكبر برهان يدل على
التسوية التامة بين شطري الإنسان الذكر والأنثى في ميدان دعوتهما إلى العلم
والمعرفة[2].
2- وقد حرص الإسلام كل الحرص على تعليم المرأة
ما تكون به عنصرَ صلاح وإصلاح في مجتمع إسلامي متطور إلى الكمال، متقدم إلى القوة
والمجد، آمن مطمئن سعيد. ولتحقيق هذا الهدف حرص على اشتراكها في المجامع الإسلامية
العامة الكبرى منها والصغرى، فأذن لها بحضور صلاة الجماعة، وأن تشهد صلاة الجمعة
وخطبتها، ورغبها في أن تشهد صلاة العيد وخطبتها حتى ولو كانت في حالة العذر المانع
لها من أداء الصلاة، وأمرها بالحج والعمرة، وحثها على حضور مجالس العلم، وخاطب
الله النساء بمثل ما خاطب به الرجال، وجعلهن مندرجات في عموم خطاب الرجال في معظم
الأحوال حرصًا على تعليمهن وتثقيفهن وتعريفهن أمور دينهن ومشاركتهن في القضايا
العامة[3].
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يخصص للنساء
أيامًا يجتمعن فيها، ويعلمهن مما علمه الله، إضافة إلى الأيام التي يحضرن فيها مع
الرجال، ليتزودن من العلم ما يخصهن ويتعلق بشؤونهن مما ينفردن به عن الرجال بمقتضى
تكوينهن الجسدي والنفسي.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاءت
امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ذهب الرجال بحديثك،
فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتيك فيه، تعلمنا مما علمك الله، قال: ((اجتمعن يوم كذا
وكذا))، فاجتمعن فأتاهن النبي صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله الحديث[4].
وثبت أن الشفاء بنت عبد الله المهاجرة القرشية
العدوية علّمت حفصة أم المؤمنين الكتابة بإقرار من رسول الله صلى الله عليه
وسلم[5]، وهذه أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما كانت من أفقه نساء
العالم، كثيرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
4- والتاريخ الإسلامي حافل بأخبار نساء
المسلمين اللاتي بلغن من العلم درجة رفيعة ومكانة عالية، فكان منهن الأديبات
والشاعرات والفقيهات. فهذه زبيدة زوجة هارون الرشيد كانت عالمة. وكريمة بنت محمد
المروزية جاورت بمكة، وروت صحيح البخاري، وكانت نابغة في الفهم والنباهة وحدة
الذهن بحيث يرحل إليها أفاضل العلماء. وزينب بنت أبي القاسم كانت عالمة، أدركت
جماعة من أعيان العلماء وأخذت عنهم، وأجازها أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري
والمؤرخ ابن خلكان. وعائشة بنت محمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد ابن قدامة
المقدسي، سمعت صحيح البخاري على حافظ العصر المعروف بالحجار، وروى عنها الحافظ ابن
حجر، وانفردت في آخر عمرها بعلم الحديث. وذكر عبد الواحد المراكشي أنه كان بالربض
الشرقي في قرطبة 470 امرأة كلهن يكتب المصاحف بالخط الكوفي. وغير هذا كثير.
فلم يكن الإسلام مانعًا لتعلم المرأة وتقدمها
في حضارة الحياة العلمية والعملية، ولم يكن مجحفًا في حقها ومهينًا لكرامتها[6].
الشبهة الثانية : نصوص نهي المرأة عن التعلم:
قالوا: إن من المرويات عن عندكم حديث عائشة رضي
الله عنها مرفوعا: ((لا تنزلوهن الغرف، ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن المغزل وسورة
النور))[7].
الجواب:
هذا الحديث قد تلكم العلماء في بيان ضعفه وشدّة
وهنه لأن في سنده محمد بن إبراهيم الشامي. قال ابن الجوزي: "هذا الحديث لا
يصح، محمد بن إبراهيم الشامي كان يضع الحديث"[8]. ونقل الذهبي عن الدارقطني
تكذيبة[9]. وقال ابن حجر: "منكر الحديث"[10]. وقال شمس الحق العظيم
آبادي: "هو منكر الحديث ومن الواضاعين"[11].
وأما تصحيح الحاكم للرواية التي أخرجها فقد
تعقبه الحافظ ابن حجر بقوله: "بل عبد الوهاب بن الضحاك متروك، وقد تابعه محمد
بن إبراهيم الشامي عن شعيب بن إسحاق، وإبراهيم رماه ابن حبان بالوضع"[12].
وقال شمس الحق آبادي: "وأحاديث النهي عن
الكتابة كلها من الأباطيل والموضوعات ولم يصحح العلماء واحدًا منها، ما عدا الحاكم
الحافظ أبا عبد الله، وتساهله في التصحيح معروف، وتصحيحه متعقب عليه... ومن قال:
إن البيهقي أيضًا صحح حديث النهي وتبعه جلال الدين السيوطي فهذا افتراء عظيم على
البيهقي والسيوطي".
إلى أن قال: "وخلاصة الكلام أنه لا ريب في
جواز تعليم الكتابة للنساء البالغات المشتهيات بواسطة النساء الأخريات أو بواسطة
محارمهن، أما البنات غير البالغات وغير المشتهيات فيتعلمن ممن شئن.
وليست الكتابة سببًا للافتتان لأنها إن كانت
سببًا للفتنة لما أباحها الشارع، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم:64]، والتي
تصاب بفتنة إنما تصاب بأمر غير الكتاب"[13].
قال الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود: "أما
ما يذكر من نهي النساء عن الكتابة فإن الحديث مكذوب على رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وقد حقق العلماء بطلانه فسقط الاحتجاج به.
وقول الحق هو أن المرأة كالرجل في تعلم الكتابة
والقراءة والمطالعة في كتب الدين والأخلاق وقوانين الصحة والتدبير وتربية العيال
ومبادئ العلوم والفنون، من العقائد الصحيحة والتفاسير والسير والتاريخ وكتب الحديث
والفقه، كل هذا حسن في حقها، تخرج به عن حضيض جهلها، ولا يجادل في حسنه عاقل، مع
الالتزام بالحشمة والصيانة وعدم الاختلاط بالرجال الأجانب"[14].
--------------------
[1] أجنحة المكر الثلاثة (586).
[2] أجنحة المكر الثلاثة (586-587) باختصار.
[3] أجنحة المكر الثلاثة (588).
[4] أخرجه البخاري في العلم، باب: هل يجعل
للنساء يوم على حدة في العلم؟ (101)، ومسلم في البر والصلة (2634).
[5] أخرجه أحمد (6/372)، وأبو داود في الطب،
باب: ما جاء في الرقى (3887)، والحاكم (4/56-57) وصححه، ووافقه الذهبي والألباني
في السلسلة الصحيحة (178)، وهو في صحيح سنن أبي داود (3291).
[6] المرأة المسلمة أمام التحديات (62،
64)باختصار.
[7] أخرجه الطبراني في الأوسط (6/34)، والحاكم
في المستدرك (2/396)، والبيهقي في الشعب (2/477)، وقال الحاكم: "صحيح
الإسناد".
[8] انظر: عقود الجمان في جواز تعليم الكتابة
للنسوان، لأبي الطيب شمس الحق آبادي (22).
[9] ميزان الاعتدال (4/445).
[10] تقريب التهذيب (2/141).
[11] عقود الجمان في جواز تعليم الكتابة
للنسوان (22).
[12] انظر: عقود الجمان (24).
[13] عقود الجمان (34، 36).
[14] المرأة المسلمة أمام التحديات (64-65).
المصدر
: موقع المنبر
=================
الشبهة الأولى: دعوى وجوب عمل المرأة لأنها نصف
المجتمع:
يقول المنادون بتحرير المرأة: يجب أن تشتغل
المرأة لأنها نصف المجتمع، وحتى يكمل النصف الآخر، فتزداد الثروة الوطنية، وحبسها
بين أربعة جدران فيه هدر لكرامتها وشلّ لحركتها وتعطيل لطاقاتها ولنتاجها العلمي
والعملي والفكري[1].
الجواب:
1- لا ينازع أحد يفقه أحكام الإسلام في أن عقود
المرأة وتصرفاتها التجارية صحيحة منعقدة لا تتوقف على إجازة أحد من ولي أو زوج.
ولا ينازع أحد في أن المرأة إذا لم تجد من يعولها من زوج أو أقرباء ولم يقم بيت
المال بواجبه نحوها أنه يجوز لها أن تعمل لتكسب قوتها[2].
2- إن المرأة ـ بوجه عام ـ في الإسلام لا يصح
أن تكلف بالعمل لتنفق على نفسها، بل على ولي أمرها من أب أو زوج أو أخ أو غيرهم أن
يقوم بالإنفاق عليها لتتفرّغ لحياة الزوجية والأمومة، وآثار ذلك واضحة في انتظام
شؤون البيت والإشراف على تربية الأولاد وصيانة المرأة من عبث الرجال وإغرائهم
وكيدهم، لتظل لها سمعتها الكريمة النظيفة في المجتمع[3].
3- راعى الإسلام طبيعة المرأة وما فطرت عليه من
استعدادات، وقد أثبتت الدراسات الطبية المتعددة أن كيان المرأة النفسي والجسدي قد
خلقه الله على هيئة تخالف تكوين الرجل. وقد أثبت العلم أن الخلاف شديد بين الرجل
والمرأة ابتداء من الخليّة، وانتهاء بالأنسجة والأعضاء؛ إذ ترى الخلاف في الدم
والعظام وفي الجهاز التناسلي والجهاز العضلي وفي اختلاف الهرمونات وفي الاختلاف
النفسي كذلك، فنرى إقدام الرجل وصلابته مقابل خفر المرأة وحيائها، وجاءت الأبحاث
الحديثة لتفضح دعوى التماثل الفكري بين الجنسين، ذلك أن الصبيان يفكرون بطريقة
مغايرة لتكفير البنات، وتخزين القدرات والمعلومات في الدماغ يختلف في الولد عنه في
البنت، ودماغ الرجل أكبر وأثقل وأكثر تلافيف من دماغ المرأة، وباستطلاع التاريخ
نجد أن النابغين في كل فن لا يكاد يحصيهم محصٍ، بينما نجد أن النابغات من النساء
معدودات في أي مجال من هذه المجالات[4].
4- إن وظائف المرأة الفسيولوجية تعيقها عن
العمل خارج المنزل، ويكفي أن ننظر إلى ما يعتري المرأة في الحيض والحمل والولادة
لنعرف أن خروجها إلى العمل خارج بيتها يعتبر تعطيلاً لعملها الأصلي ذاته، ويصادم
فطرتها وتكوينها البيولوجي.
فخلال الحيض مثلاً تتعرض المرأة لآلام شديدة:
أ- فتصاب أكثر النساء بآلام وأوجاع في أسفل
الظهر وأسفل البطن.
ب- ويصاب أكثرهن بحالة من الكآبة والضيق أثناء
الحيض، وتكون المرأة عادة متقلبة المزاج سريعة الاهتياج قليلة الاحتمال، كما أن
حالتها العقلية والفكرية تكون في أدنى مستوى لها.
ح- وتصاب بعض النساء بالصداع النصفي قرب بداية
الحيض، فتكون الآلام مبرحة، تصحبها زغللة في الرؤية.
د- ويميل كثير من النساء في فترة الحيض إلى
العزلة والسكينة، لأن هذه الفترة فترة نزيف دموي من قعر الرحم، كما أن المرأة تصاب
بفقر الدم الذي ينتج عن هذا النزيف.
هـ- وتصاب الغدد الصماء بالتغير، فتقل
إفرازاتها الحيوية الهامة للجسم، وينخفض ضغط الدم ويبطؤ النبض، وتصاب كثير من
النساء بالدوخة والكسل والفتور أثناء فترة الحيض.
وأما خلال فترة الحمل والنفاس والرضاع فتحتاج
المرأة على رعاية خاصة، حيث ينقلب كيانها خلال فترة الحمل فيبدأ الغثيان والقيء،
وتعطي الأم جنينها كل ما يحتاج إليه من مواد غذائية مهضومة جاهزة، ويسحب كل ما
يحتاج إليه من مواد لبناء جسمه ونموه حتى ولو ترك الأم شبحا هزيلاً يعاني من لين
العظام ونقص الفيتامينات وفقر الدم.
وتضطرب نفسية الأم عادة، وتصاب في كثير من
الأحيان بالقلق والكآبة لذلك يجب أن تحاط بجو من الحنان والبعد عن الأسباب التي
تؤدي إلى تأثرها وانفعالها، وتنصح بعدم الإجهاد، ويحث الأطباء الأمهات على أن
يرضعن أولادهن أطول مدة ممكنة، وفي أغلب الأحوال لا تزيد هذه المدة عن ستة أشهر
نتيجة للحياة النكدة التي يعيشها الإنسان في القرن العشرين[5].
5- للمرأة في بيتها من الأعمال ما يستغرق جهدها
وطاقتها إذا أحسنت القيام بذلك خير قيام:
أ- فهي مطالبة بتوفير جو الزوجية الندي بالمودة
والرحمة، العبق بحسن العشرة ودوام الألفة، {هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ مّن نَّفْسٍ وٰحِدَةٍ
وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} [الأعراف:189].
فليست المرأة متعة جسدية يقصد من ورائها الصلة
الجنسية فحسب، بل هي قبل ذلك وبعده روح لطيفة ونفس شريفة، يصل إليها زوجها ينوء
كاهله بالأعمال، وتتكدر نفسه بما يلاقيه في عمله، فما يلبث عندها إلا يسيرًا وإذا
بكاهله يخف وبنفسه ترفّ، فتعود إلى سابق عهدها من الأنس واللطف، والمرأة العاملة
إن لم ينعدم منها هذا السكن فلا أقلّ من أنه يضعف كثيرًا.
ب- وهي مطالبة بالقيام بحق الطفل وحاجاته
المتنوعة. فهناك حاجات عضوية من الجوع والعطش والنظافة، وحاجة إلى الأمن النفسي
الناتج من الاعتدال في النقد، والمحافظة على الطفل من عواقب الإهمال، وحاجات إلى التقدير
الاجتماعي بعدم الاستهجان أو الكراهية وعدم التكليف بما لا يطيق. وهناك الحاجة إلى
اللعب، والحاجة إلى الحرية والاستقلال.
ج- وهي مطالبة بالقيام بشؤون البيت العادية،
وهي تستغرق جهدًا كبيرًا.
ومن العجيب أن عمل المرأة في البيت يصنف في ضمن
الأعمال الشاقة، فهو يتطلب مجهودًا كبيرًا علاوة على ساعات طويلة تتراوح بين 10
و12 ساعة يوميًا.
فهذه جوانب كبيرة لعمل المرأة في المنزل، لا
تستطيع الوفاء بها على وجه التمام مع انشغالها الكبير بالعمل[6].
6- من الآثار السلبية على عمل المرأة وخروجها
من بيتها:
أ- آثار على الطفل: إن المرأة العاملة تعود من
عملها مرهقة متعبة، فلا تستطيع أن تتحمل أبناءها، وقد يدفعها ذلك إلى ضربهم ضربًا
مبرحًا، حتى انتشرت في الغرب ظاهرة الطفل المضروب، وظهر من إحدى البحوث التي أجريت
على نساء عاملات أن هناك 22 أثرًا تتعلق بصحة الطفل، منها: الاضطرار إلى ترك الطفل
مع من لا يرعاه، والامتناع عن إرضاع الطفل إرضاعًا طبيعيًا، ورفض طلبات الأطفال في
المساعدة على استذكار الدروس، وترك الطفل المريض في البيت أحيانًا.
إن من أعظم وأخطر أضرار عمل المرأة على طفلها
الإهمال في تربيته، ومن ثم تهيئة الجو للانحراف والفساد، ولقد شاع في الغرب عصابات
الإجرام من مدخني الحشيش والأفيون وأرباب القتل والاغتصاب الجنسي، وأكثرهم نتاج
للتربية السيئة أو لإهمال الأبوين.
ب- آثار سلبية على الزوج، ومنها: مضايقة الزوج
بغيابها عن البيت عندما يكون متواجدًا فيه، وإثارة أعصابه بالكلام حول مشكلات عملها
مع رؤسائها وزملائها، وتألم الزوج بترك امرأته له وحيدًا في حالات مرضه الشديد،
وقلق الزوج من تأجيل فكرة إنجاب طفل آخر وغير ذلك.
ج- آثار سلبية على المجتمع، منها:
- عمل المرأة بدون قيود يساهم مساهمة فعالة في
زيادة عدد البطالة، فهي بعملها تكسب مالاً قد يضيع فيما لا فائدة فيه، ويحرم من
ذلك المال رجل يقوم على نفقة أسرة كاملة.
- ساهم عمل المرأة مساهمة فعالة في قضية
العنوسة، فالمرأة التي ترغب العمل لا توافق على زواج قد يقطعها عن الدراسة التي هي
بريد العمل، وإذا عزفت عن الزواج في السن المبكر فربما لا تجد من يتقدم لها بعد
ذلك.
- الحد من عدد الأولاد، وذلك أمر طبيعي عند
المرأة التي تريد العمل وتحتاج إلى الراحة، وقد وجد من دراسة أجريت على 260 أسرة
عاملة أن 67.31% أطفالهن من 1-3، و8.46% أطفالهن من 4-6، و1.92% أطفالهن من سبعة
فما فوق[7].
7- أقوال الغربيين في عمل المرأة ونتائجه:
يقول الإنجليزي سامويل سمايلس[8]: "إن
النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلاد فإن
نتيجته كانت هادمة لبناء الحياة المنزلية، لأنه هاجم هيكل المنزل، وقوض أركان
الأسرة، ومزق الروابط الاجتماعية، فإنه بسلبه الزوجة من زوجها والأولاد من أقاربهم
صار بنوع خاص لا نتيجة له إلا تسفيل أخلاق المرأة، إذ وظيفة المرأة الحقيقية هي
القيام بالواجبات المنزلية مثل ترتيب مسكنها وتبرية أولادها والاقتصاد في وسائل
معيشتها، مع القيام بالاحتياجات البيتية، ولكن المعامل تسلخها من كل هذه الواجبات بحيث
أصبحت المنازل غير منازل، وأضحت الأولاد تشب على عدم التربية وتلقى في زوايا
الإهمال، وطفأت المحبة الزوجية، وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة القرينة
المحبة للرجل، وصارت زميلته في العمل والمشاق، وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو ـ
غالبًا ـ التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه مدار حفظ ألف معرضة للتأثيرات التي
تمحو ـ غالبًا ـ التواضع الفكري والأخلاقي الذي عليه
الشبهة الثانية: الاحتجاج بزيادة الثروة
القومية:
يحتج المنادون بوجوب اشتغال المرأة بأن
اشتغالها يزيد في الثروة القومية للبلاد، وأن البلاد تخسر كثيرًا بقصر عمل المرأة
على أعمال البيت، عدا ما فيه من تعويدٍ على الكسل وقتل وقتها بما لا يفيد[12].
الجواب:
1- إن اشتغال المرأة يؤثر على الحياة
الاقتصادية تأثيرًا سيئًا، باعتبار أن اشتغالها فيه مزاحمة للرجل في ميدان نشاطه
الطبيعي، مما يؤدي إلى نشر البطالة في صفوف الرجال[13].
2- إذا ثبت أن اشتغال المرأة يؤدي إلى بطالة
الرجل كان من المحتمل أن يكون هذا الرجل الذي زاحمته زوجها أو أباها أو أخاها، فأي
ربح اقتصادي للأسرة إذا كان اشتغال المرأة يؤدي إلى بطالة عميدها والمكلف بالانفاق
عليها؟![14].
3- إنَّ مصالح الشعوب لا تقاس دائمًا بالمقياس
المادي البحت، فلو فرضنا أن اشتغال المرأة يزيد في الثروة القومية، إلا أنه من
المؤكد أن الأمة تخسر بذلك خسارة معنوية واجتماعية لا تقدر، تلك هي خسارتها
لانسجام الأسرة وتماسكها، فأي الخسارتين أبلغ ضررًا في الأمة: الخسارة المادية أم
الخسارة الاجتماعية؟![15].
4- هذه النظرة المادية لا تنطبق على واقع
حياتنا وحياة المجتمعات الأخرى حتى في الشيوعية، فهنالك في كل مجتمع فئات معطلة عن
الانتاج المادي، فالجيوش والموظفون لا يزيدون في ثروة الأمة المادية، وقد رضيت كل
الأمم بأن يتفرغ الجيش لحماية البلاد دون أن تلزمه بالعمل والكسب، فهل يقال: إن
هذا تعطيل للثروة البشرية ويؤدي إلى انخفاض الثروة القومية في البلاد؟!
إنَّ حياة الناس ليست كلها تحسب بحساب الربح
والخسارة المادية، فالكرم والشهامة والتضحية والوفاء وبذل العون للآخرين كل ذلك
خسران مادي، لكنه ربح عظيم لا يتخلى عنه الناس الشرفاء الذين يعتزون بكرامتهم
الإنسانية.
وليست صيانة الأسرة ورعاية الطفولة وتربية
الأولاد بأقل شأنًا في نظر الإسنان الراقي من تلك القيم الأخلاقية التي لا تقاس
بالمقياس المادي البحت[16].
5- أمَّا من يقول: إن وجود المرأة في البيت
يعوّدها الكسل ولذلك تسمن نساؤنا أكثر من الغربيين، فإن هؤلاء لا يعرفون متاعب
البيت وأعماله، وكيف تشكو المرأة من عنائه، فما يمسي المساء إلا وهي منهوكة القوى،
تروح عن نفسها بالاجتماع إلى جاراتها وصديقاتها. والبنت ما دامت في المدرسة فهي
تتلقى العلم فلا يجوز إرهاقها بالعمل معه، وإذا انتهت من المدرسة لا تمكث في بيت
أبيها وأمها إلا بمقدار ما تتهيأ للانتقال إلى بيت الزوجية، فهي في هذه الحالة
تتلقى دروسًا عملية عن أمها في إدارة البيت، وأعماله وشؤونه، فلا يجوز مع ذلك
إرهاقها بالعمل خارج البيت.
فأعمال المرأة في البيت -بنتًا كانت أم زوجة-
لا تقل عن أعمالها خارج البيت مشقة وعناءً، وكثيرًا ما تكون أكثر مشقة
وإرهاقً[17].
الشبهة الثالثة: الاستعانة بالخادمات في رعاية
البيت:
يقول دعاة خروج المرأة من بيتها للعمل: ما
تقولون في المرأة إذا أرادت العمل المشروع خارج البيت وجاءت بالخادمة تنوب عنها في
عمل البيت وحضانة الأطفال وتربيتهم؟![18].
الجواب:
1- يبقى العمل في حقها محظورًا خارج البيت ما
دامت غير مضطرة إليه، ولا يعفيها من ارتكاب هذا المحظور جلب الخادمة، ولا يدفع
عنها الإخلال بأداء واجباتها في البيت، لأن تربية الأطفال من قبل أمهم وإحاطتهم
بعطف الأمومة وحنانها لا يمكن تحصيله عن طريق الخادمات[19].
2- قول هذا المعترض يعني أنه لا يقيم وزنًا ولا
اعتبارًا للخادمات، وأنهن في نظره غير جديرات بالرعاية والاهتمام، وأنهن بمنزلة
أدنى من غيرهن، ومثل هذا النظر غير صحيح ولا يجوز، لأننا عندما نقول بمنع عمل
المرأة خارج البيت فهذا القول حكم عام يشمل جميع النساء الخادمات والمخدومات، فكيف
نسوّغ للخادمات العمل خارج بيوتهن وهو محظور عليهن، ونسمح للمخدومات في العمل خارج
بيوتهن وهو محظور عليهن؟! وهل هذا إلا من قبيل ارتكاب محظورين للخلاص من محظور
واحد؟![20].
3- وجود الخادمة في البيت أو المربية له آثار
سلبية كثيرة على الأطفال خصوصا وعلى الأسرة عموم[21].
______________
[1] المرأة المسلمة أمام التحديات (96).
[2] المرأة بين الفقه والقانون للدكتور مصطفى
السباعي (170).
[3] المرأة بين الفقه والقانون (171).
[4] المرأة بين الجاهلية والإسلام لمحمد الناصر
وخولة درويش (225-226) باختلاصار وتصرف يسير.
[5] المرأة بين الجاهلية والإسلام (226-227)
باختصار.
[6] تأملات في عمل المرأة د. عبد الله بن وكيل
الشيخ (22-26) باختصار.
[7] تأملات في عمل المرأة (35-45).
[8] وهو من أركان النهضة الإنجليزية كما قال
الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله.
[9] انظر: المرأة بين الفقه والقانون (202).
[10] انظر: المرأة بين الفقه والقانون (178).
[11] انظر: المرأة بين الفقه والقانون (179).
[12] المرأة بين الفقة والقانون (192).
[13] المرأة بين الفقة والقانون (193).
[14] المرأة بين الفقة والقانون (193).
[15] المرأة بين الفقة والقانون (193).
[16] المرأة بين الفقة والقانون (194-195).
[17] المرأة بين الفقة والقانون (195-196).
[18] المفصل في أحكام المرأة. د. عبد الكريم
زيدان (4/266).
[19] المفصل في أحكام المرأة (4/266).
[20] المفصل في أحكام المرأة (4/266).
[21] تأملات في عمل المرأة (39) وهذه الآثار هي
نتائج دراسات أجريت على منطقة الخليج
=================
الشبهة الأولى: دعاة التحرير وموقعة الجمل:
يقول دعاة تحرير المرأة: إن عائشة رضي الله
عنها قادت الجيش الإسلامي في موقعة الجمل، وهذا دليل شرعي على أن المرأة يجوز لها
قيادة الجيوش والجهاد كالرجل، ومن ثم احتج دعاة التخريب وطبلوا وزمروا بهذه
الحادثة داعين إلى اشتغال المرأة بالسياسة والإدارة وغيرها[1].
الجواب:
1- إن عائشة رضي الله عنها لم يرها أحد، لأنها
كانت في هودج وهو الستار الذي يوضع فوق الجمل، فهي لا تُرى ولا يسمع صوتها من داخل
الهودج[2].
2- إن عائشة رضي الله عنها لم تقصد بفعلها هذا
الاشتغال بالسياسة وأن تتزعم فئة سياسية، ولم تخرج محاربة ولا قائدة جيش تحارب،
وإنما خرجت رضي الله عنها لتصلح بين فئتين متحاربتين، وفعل عائشة رضي الله عنها
ليس فيه دليل شرعي يصح الاستناد عليه، ففعلها هذا اجتهاد منها رضي الله عنها[3].
3- وقد أنكر عليها بعض الصحابة هذا الخروج، وفي
مقدمتهم أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وكتبت إليها كتابًا بذلك[4].
وكذلك سعيد بن العاص والمغيرة بن شعبة رضي الله
عنهما، فقد نصحا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بعدم خروجها من بيتها، وأن
الرجوع إلى بيتها خير لها من خروجها هذا.
وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما نصح أم
المؤمنين وأمرها بالتزام بيتها وترك الخروج لثأر الصحابي عثمان بن عفان رضي الله
عنه. وكذلك أبو بكرة وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما[5].
4- إذا وجد في التاريخ نساء قدن الجيوش وخضن
المعارك فإنهن من الندرة والقلة بجانب الرجال ما لا يصح أن يتناسى معه طبيعة
الجمهرة الغالبة من النساء في جميع عصور التاريخ وفي جميع الشعوب[6].
الشبهة الثانية: دعوى أن عمر بن الخطاب ولى
امرأة:
ادعى المنادون بجواز تولي المرأة الحكم والقضاء
بما نسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استعمل امرأة ـ وهي الشفاء ـ على حسبة
السوق[7].
الجواب:
قال ابن العربي في هذا الخبر: "لم يصح،
فلا تلتفتو إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث"[8].
وحاشا عمر أن يعمل عملاً يخالف فيه سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وخليفته الأول أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فإن صح الخبر
فربما كان الأمر متعلق بالنساء[9].
الشبهة الثالثة: اعتبار النهي للتنزيه:
اعتقد البعض أن النهي عن تولي المرأة للإمامة
والقضاء نهي تنزيه، ويعتقد أن توليتها تنفي عمن ولاها الفلاح فقط، وهذا في نظر
البعض مسألة سهلة وهينة[10].
الجواب:
هذا من المكابرات العظيمة والأخطاء الجسيمة،
فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة)) نفي لكل
الفلاح عمّن اتصف بهذه الصفة، ومعنى الفلاح الفوز بالجنة والبقاء فيها ورضا الرب
سبحانه وتعالى عن العبد، هذا من الناحية الدينية، أما في الأمور المعاشية فمعناه
الظفر المطلوب والنجاة من المرهوب. فأيّ خسارة للأشقياء الذين نفى رسول الله صلى
الله عليه وسلم عنهم الفلاح؟! وأي نجاح بعد هذا يؤملون؟! ولو لم يكن في ذلك خسران
إلا مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى محذرًا عن مخالفة أمر الرسول
صلى الله عليه وسلم: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ
عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
[النور:63][11].
--------------------
[1] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[2] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[3] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[4] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[5] انظر تفصيل ذلك في المرأة المسلمة أمام
التحديات (109-111).
[6] المرأة بين الفقه والقانون (41).
[7] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء،
الأمين الحاج محمد أحمد (48).
[8] الجامع لأحكام القرآن (13/183).
[9] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء
(48).
[10] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء
(49).
[11] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء
(49-50).
المصدر : موقع المنبر
================
شبهات
حول المرأة .. سادسًا: الاختلاط
الشبهة الأولى: حديث الفارسي:
استدلّ بعض دعاة الاختلاط بين الرجال والنساء بحديث أنس بن مالك -رضي الله
عنه- أن جارًا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فارسيًا كان طيب المرق، فصنع لرسول
الله -صلى الله عليه وسلم- ثم جاء يدعوه، فقال: (وهذه؟) لعائشة، فقال: لا، فقال
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا)، فعاد يدعوه، فقال رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-: (وهذه؟) قال: لا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا)، ثم عاد يدعوه،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وهذه؟) قال: نعم، في الثالثة. فقاما
يتدافعان حتى أتيا منزله [12].
قالوا: ففي هذا الحديث تسويغٌ للمسلم أن يصحب زوجته إلى المآدب يقيمها جار
أو صديق [13].
الجواب:
1-
هذا الحديث لا يدل على أكثر من شيء واحد وهو أن رسول الله -صلى الله عليه
وسلم-اصطحب عائشة معه إلى بيت الرجل الفارسي، وهو كما دلت أحاديث كثيرة أخرى على
اصطحاب الصحابة نساءهم إلى المساجد، وكما دلت أحاديث أخرى على زيارة كثير من
الصحابة لأمهات المؤمنين عامة وعائشة -رضي الله عنها- خاصة، من أجل رواية الحديث
أو أخذ الفتاوى أو السؤال عن بعض أحوال النبي عليه الصلاة والسلام.
فأي
تعارض بين هذه الدلالة التي لا إشكال فيها ولا نزاع وبين الحكم الإلهي القاضي
باحتجاب المرأة عن الرجال والأمر لهم إذا جاؤوا يسألونهن حاجة أن يسألوهن من وراء
حجاب؟! [14].
2-
أمَّا أن يرفض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الاستجابة لدعوة الفارسي إلا أن
تصحبه عائشة -رضي الله عنها- فشيء ثابت لا إشكال فيه ولا منقصة، بل إن فيه الصورة
البارزة الحية لجميل خلقه -صلى الله عليه وسلم- مع أهله وعظيم رحمته وعاطفته
تجاهها، فقد كانت تمر الأيام الطويلة ولا يوقد في بيت رسول الله -صلى الله عليه
وسلم- نار لطعام، وإنَّما طعامه وطعام أهله الأسودان: التمر والماء [15]، أفيترك
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أهله -وهي إنما ترضى بالشظف أسوة به- ليجلس من
ورائها إلى مائدة شهية عامرة عند جاره الفارسي؟! ما كان خلق رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-ليرضى بذلك.
وأمَّا أن يكون في ذلك ما يدل على أنَّ عائشة -رضي الله عنها- ذهبت مع رسول
الله -صلى الله عليه وسلم- متبرجة وجلست أمام الفارسي سافرة واختلطت العائلات على
نحو ما يتم اليوم فهو شيء لا دلالة عليه، وحمل الحديث على هذا المعنى كحمل الشرق
على أن يولد من داخله الغرب [16].
الشبهة الثانية: حديث زوجة أبي أسيد الساعدي:
عن
سهل بن سعد -رضي الله عنهما- قال: لمَّا عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي -صلى الله
عليه وسلم- وأصحابه، فما صنع لهم طعامًا ولا قربه إليهم إلا امرأته أم أسيد، بلّت
تمرات في تور [17] من حجارة من الليل، فلمَّا فرغ النبي -صلى الله عليه وسلم- من
الطعام أماثته له [18]، فسقته تتحفه بذلك [19].
قالوا: فالحديث يدل على أنَّه يسوغ للمسلم أن يدع زوجته تستقبل ضيوفه وأن
تشرف بنفسها على تكريمهم، وأن هذا ليس مما يأباه الإسلام [20].
الجواب:
1-
لقد علم الفقهاء وعلماء المسلمين جميعًا أنَّه لا ضير في أن تتقدم المرأة بِسرتها
الإسلامي الكامل فتقدم إلى ضيوف في دارها طعامًا أو شرابًا تكرمهم به وزوجها أو
قريبها جالس. وهذا هو الذي وقع من امرأة أبي أسيد في حفل عرسه.
قال
ابن حجر: "وفي الحديث جواز خدمة المرأة زوجها ومن يدعوه، ولا يخفى أنَّ محل
ذلك عند أمن الفتنة ومراعاة ما يجب عليها من الستر" [21].
وليس كثيرًا في حفل يحضره رسول الله -صلى الله عليه وسلم-أن تكرم العروس
مقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتتولى بنفسها إكرام رسول الله -صلى الله
عليه وسلم- وتقديم الضيافة إليه، وليس في ذلك ما يشينها، كما أنَّه ليس فيه ما
يلصق به عليه الصلاة والسلام أي: منقصة.
وإنَّما الشين واقع فيما لو عثر المتعلق بهذا الحديث على أنَّها برزت أمام
الرجال سافرة بادية الجسم والزينة، وهذا ما لا يمكن أن يعثر عليه، وما لا دليل
عليه في الحديث [22].
2-
لقد ظهر الكثير من نساء الصحابة في صفوف القتال يضمدن الرجحى ويسقين العطاش ومنهن
أم سليم -رضي الله عنها-، فمن قال: إنَّ ذلك دليل على أنَّ المرأة لا حرج عليها في
أن تختلط بالرجال كما تشاء وأن تتزين كما تريد؟!
إنَّ قول القائل: «قامت العروس بنفسها تقدم الشراب إلى رسول الله، إذًا
فللمرأة أن تعرض زينتها ومفاتنها أمام الرجال" ليس إلا كقول الآخر: "لقد
شرع الله التجارة بالمال والسعي في الأرض من أجل الرزق، إذًا فلا بأس أن يخدع
ويغبن» [23].
الشبهة الثالثة: الاختلاط في التعليم للصغار:
ينادي بعض الناس بالاختلاط في المدارس للصغار بحجة أنَّ ذلك لا يضرهم ولا
يؤثر عليهم، وبحجة أنَّ المرأة أشد لباقة وأحسن معايشة للصغار [24].
الجواب:
1-
إنَّ هذه الخطوة يتبعها خطوات، ويصبح الأمر سهلًا، ويأتي من يقره عبر المراحل
الدراسية الطويلة على تلك الحال الممقوتة، فأول الغيث قطرة، ومعظم النار من مستصغر
الشرر، والإسلام العظيم وضع القواعد والأسس الثاتبة التي لا تتغير ولا تتبدل
أحكامها وقوانينها، ومنع الحيل وأمر بسد الذرائع [25].
2- إنَّ
فكرة الاختلاط في التعليم أو غيره بين الرجال والنساء فكرة ماسونية وبذورها
استعمارية دخيلة على الأمة، وهي أشد ضررًا على هذه الأمة من الدعوة إلى السفور
علانية والتبرج ونزع الحجاب؛ لأنها تشتمل على هذا كله وأكثر منه [26].
3-
إنَّ الطفل يبدأ في النمو والتفتح والتطلع إلى المعرفة من السنة السادسة وهذا أمر
واقع وثابت بالتجربة.
فها
هو يدرس ويتعلم ويحفظ ويحرص على العلم والتعلم والمعرفة من هذا السن بل قبلها،
وتجد أن الإسلام أمر الأبوين بأن يأمرا صغيرهما بالصلاة من بعد السنة السابعة بنين
وبنات، وأمر بعزل البنين عن البنات في سن العاشرة وهو سن التمييز، فالابن يبدأ
تفتحه وتحرك غرائزه من هذا السن، ويبدأ يدرك فيها كثيرًا من أمور الحياة.
وبالتجربة فإنَّ بعض الصغار من بنين وبنات يبلغون سن الرشد من بعد التاسعة،
وقد يتخلف بعضهم في الدراسة الأولى فيصل عمره إلى الثانية عشرة تقريبًا أو أكثر
وهو في الصف الثاني أو الثالث، وهذه بداية سن المراهقة [27].
4-
إذا رجعنا إلى الإحصائيات التي تأتي من البلاد المختلطة عرفنا تمامًا النسبة
العالية في انتشار جرائم الزنا واللواط بين الصغار، ونسبة الحوامل فيمن سنهن في
حدود الثانية عشرة من أعمارهن، وكثرة الشذوذ بين الجنس الذكري، تقول اللادي كوك:
«إن الاختلاط يألفه الرجال، ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها، وعلى قدر كثرة
الاختلاط تكون كثرة أولاد الزنا، وها هنا البلاء العظيم على المرأة» [28].
وذكر الأستاذ سيد قطب من مشاهداته في أمريكا أنَّه ظهر أنَّ نسبة الفتيات
الحوامل في إحدى المدارس الثانوية هناك 48% [29].
5-
ومن نتائج الاختلاط في التعليم ضعف سوية التعليم وتدني نسبة الاستفادة العلمية،
ومن يزور بعض الفروع الجامعية المختلطة أو ينظر في نتائج الامتحانات آخر العام
الدراسي يتبين له ذلك.
وقد
زار بعض الكتاب مدرسة في بلجيكا ولاحظ أنَّ جميع طلابها بنات، فلمَّا سأل عن ذلك
أجابته المديرة بقولها: «قد لمسنا أضرار اختلاط الأطفال حتى في سن المرحلة
الابتدائية» [30].
ويخمّن القاضي لندسي الأمريكي أن 45% من فتيات المدارس يدنسن أعراضهن قبل
خروجهن منها، وترتفع هذه النسبة كثيرًا في مراحل التعليم العالية [31].
الشبهة الرابعة: الاختلاط يخفف الشهوة:
يدعي دعاة الاختلاط أنَّ اختلاط الرجال بالنساء يمكن أن يخفف من حدة إثارة
الدافع الجنسي لدى كل من الرجل والمرأة [32].
الجواب:
1-
الأمر بالعكس تمامًا، فإن الاختلاط يزيد من شدة إثارة الدافع الجنسي، ولو أنَّ
اختلاط الرجل بالمرأة غير المحرمة يخفف من حدة الدافع الجنسي لدى كل من الرجل
والمرأة لوجدنا أنَّ هذا الدافع يخف تدريجيًا ثم يصل إلى درجة الانعدام عند كل
واحد من الزوجين بعد فترة من زواجهما لشدة اختلاط أحدهما بالآخر بشكل مستديم، ولكن
الواقع هو عكس ذلك، إذ يستمر هذا الدافع لدى كل منهما ما دام أنه سوي في صحته
الجسمية والعقلية [33].
ولقد ظهر زيف هذه الخرافة يومًا بعد يوم في مجتمع يتزايد فيه الاختلاط بدون
قيود، ففي كل يوم يزداد فيه الاختلاط تزداد فيه الشهوة الجنسية استعارًا. وتشير
بعض التقارير إلى أن أكثر من تسعين في المائة من النساء غير المتزوجات في أوربا
وأمريكا يمارسن الزنا إما بطلاقة أو من حين لآخر [34].
2-
قد يكون ما يذهب إليه دعاة تهذيب الشهوة صحيح من بعض نواحيه، وإن كان كثير من الشهوات
الجامحة الجارفة يستعصي على الترويض، وأغلب الظن أن إدمان الخضوع للتجربة على
تعاقب الأيام قد ينتهي إلى ما يريده المروضون من دعاة التهذيب، ولكن أي شيء يمكن
أن يسمى هذا الذي يسعون إليه؟ أليس هو البرود الجنسي؟! إذا رأى الرجل المرأة فلم
يثِر فيه هذا اللقاء ما يثور عادة في الرجال عند رؤية النساء ولم يطرأ على الرجل
أي تغيير جنسي جسدي وكان قصارى ما يستتبعه ذلك كله هو أن تسري في جسده نشوة لا
تدفع به إلى الحالة الإيجابية العضوية أليس يكون قد بلغ ما يسمى بالبرود الجنسي؟!
أليس البرود الجنسي مرضًا يسعى المصابون به إلى الأطباء يلتمسون عندهم البرء
والشفاء من أعراضه؟! فكيف نجعل هذا المرض غاية من الغايات نسعى إليها باسم التنفيس
عن الكبت أو تهذيب الغريزة الجنسية؟! وكيف يكون الحال لو تصورنا التهذب في سائر
الخلق، فبطل تجاذب السالب للموجب أو فتر، فأصبح من غير المؤكد أن يترتب على
التقائهما الشوق الشديد والميل العنيف الذي لا يقاوم إلى الاندماج الكامل، أليس
يفسد الكون كله؟!
إنَّ حدة الشهوة وقوتها سبيل إلى تحسين النسل وداعية إلى إبراز أحسن خصائصه
وأفضل صفاته، كما أن فتور الشهوة وبرودها سبيل إلى ضعف النسل وداعية إلى تدهور خصائصه
وانحطاط صفات.
ونتيجة خطيرة لشيوع البرود الجنسي وهي انتشار الشذوذ الجنسي، فهي راجعة إلى
أنَّ الرجل الذي ألف أن يقع نظره على مفاتن المرأة فلا يثور يحتاج لكي يثور إلى
مناظر وأوضاع تخالف ما ألف، ومصيبته بالبرود الجنسي تحرمه من الإحساس بذكورته،
فيعاني أشد الألم ممَّا يحسه في أعماق نفسه من الذلة والمهانة، ويدفعه ذلك إلى أن
يحاول تحقيق متعة الاتصال الجنسي وإثباتها من كل الوجوه، عن طريق التقلب بين
الخليلات وبائعات الهوى، والتماس الشاذ الغريب من الأساليب والأوضاع رجاء انبعاث
ما ركد من ذكورته، وقد تدفعه مع ذلك إلى إغراق نفسه في الخدرات تعويضًا لما فقده
من لذة أو إلى الإجرام أو المغامرة إثباتًا لذكروته من وجه آخر [35].
3-
من نتائج الاختلاط عند الغرب بأقلام علمائهم:
يقول الدكتور جون كيشلر أحد علماء النفس الأمريكيين في شيكاغو: إنَّ 90% من
الأمريكيات مصابات بالبرود الجنسي و40% من الرجال مصابون بالعقم، وقال: إنَّ
الإعلانات التي تعتمد على صور الفتيات العارية هي السبب في هبوط المستوى الجنسي
للشعب الأمريكي، وبسبب الاختلاط الذي سبب ما سبب في المجتمع البريطاني أصبحت
المرأة التي تركت أنوثتها واتصفت بصفات الرجالات تسمى بالجنس الثالث، فهذا الجنس
الثالث يخالف الرجال طبيعة وتركيبًا ويخالف النساء وظائف وأعمالً [36].
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا،،،
________________
[1]
المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[2]
المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[3]
المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[4]
المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[5]
انظر تفصيل ذلك في المرأة المسلمة أمام التحديات (109-111).
[6]
المرأة بين الفقه والقانون (41).
[7]
حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء، الأمين الحاج محمد أحمد (48).
[8]
الجامع لأحكام القرآن (13/183).
[9]
حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء (48).
[10] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء (49).
[11] حكم تولي المراة الإمامة الكبرى والقضاء (49-50).
[12] أخرجه مسلم في الأشربة (2037).
[13] ماذا عن المرأة؟ (171).
[14] إلى كل فتاة تؤمن بالله (71).
[15] أخرجه البخاري في الهبة، باب الهبة وفضلها والتحريض عليها (2567)،
ومسلم في الزهد والرقائق (2972).
[16] إلى كل فتاة تؤمن بالله (72-73) باختصار.
[17] إناء يكون من نحاس وغيره، وبين هنا أنه من حجارة. فتح الباري (9/160).
[18] أي: مرسته بيدها. فتح الباري (9/160).
[19] أخرجه البخاري في النكاح، باب: قيام المرأة على الرجال في العرس
وخدمتهم بالنفس (5182)، ومسلم في الأشربة (2006).
[20] ماذا عن المرأة (171).
[21] فتح الباري (9/160).
[22] إلى كل فتاة تؤمن بالله (76-77).
[23] إلى كل فتاة تؤمن بالله (77).
[24] مهلًا يا دعاة الاختلاط، د. محمد بن ناصر الجعوان (30).
[25] مهلًا يا دعاة الاختلاط (28).
[26] مهلًا يا دعاة الاختلاط (29).
[27] مهلًا يا دعاة الاختلاط (37-38).
[28] مهلًا يا دعاة الاختلاط (39-40).
[29] انظر: المرأة المسلمة. وهبي غاوجي (238).
[30] المرأة المسلمة (238-239).
[31] المرأة المسلمة (242).
[32] عوامل الانحراف الجنسي ومنهج الإسلام في الوقاية منها وعلاجها. عبد
الرحيم صالح عبد الله (117).
[33] عوامل الانحراف الجنسي (117-118).
[34] عوامل الانحراف الجنسي (118-119).
[35] الإسلام في قفص الاتهام. شوقي أبو خليل (243-245) باختصار وبعض تصرف.
[36] الإسلام في قفص الاتهام (246-247)
==================
شبهات وأباطيل
لخصوم الإسلام حول ميراث المرأة
بدأت في أوروبا خلال الفترة الأخيرة هجمة شرسة
ضد الإسلام ، فقد صدر أخيرًا آلاف الكتب التي تهاجم الدين الإسلامي ، وسبب هذه
الهجوم أن عدد الذين يعتنقون الإسلام في دول أوروبا زاد زيادة كبيرة ، وشعرت
أوروبا بنوع من الخطر تجاه هذه الزيادة
أدلة العدوان على الإسلام :
ومن الأدلة على العدوانية الغربية التي تستهدف
الإسلام وأهله قديمـًا وحديثـًا ، ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق "ريتشارد
نيكسون" في كتابه الأخير "اقتناص اللحظة " ص : 195 " : "
يحذر بعض المراقبين من أن الإسلام سوف يكون قوة جغرافية متعصبة ومتراصة ، وأن نمو
عدد أتباعه ، ونمو قوته المالية سوف يفرضان تحديـًا رئيسيـًا ، وأن الغرب سوف يضطر
لتشكيل حلف جديد مع موسكو من أجل مواجهة عالم إسلامي معاد وعنيف " .. ويضيف
نيكسون : " إن الإسلام و الغرب على تضاد ، وأن المسلمين ينظرون إلى العالم
على أنه يتألف من معسكرين لا يمكن الجمع بينهما ، دار الإسلام ودار الحرب " .
، وأنه بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي ، وانحلال حلف
"وارسو " جرى تصعيد متعمد للعدوانية الغربية ضد الإسلام ، حتى إن مدير
معهد " بروكنغر " في واشنطون " هيلموت سونفيل " يقول : "
إن ملف شمال الأطلسي سوف يعيش ، وأن حلف الغرب سيبقى مجموعة دول لها قيم أساسية
مشتركة ، وستبقى هذه المجموعة متماسكة معـًا من خلال الشعور بخطر خارجي من الفوضى
أو التطرف الإسلامي " .
ويقول وزير الخارجية الأمريكية الأسبق
"هنري كيسنجر" في إبريل سنة "1990م "في خطابه أمام المؤتمر
السنوي لغرفة التجارة الدولية : " إن الجبهة الجديدة التي على الغرب مواجهتها
هي العالم الإسلامي ، باعتبار هذا العالم العدو الجديد للغرب ، وأن حلف الأطلسي
باقٍ رغم انخفاض حدة التوتر بين الشرق والغرب في أوروبا ، ذلك أن أكثر الأخطار
المهددة للغرب في السنوات القادمة آتية من خارج أوروبا ، وفي نهاية التسعينيات فإن
أخطر التحديات للغرب ستأتي من ناحية الجنوب ـ أي المغرب العربي ـ والشرق الأوسط
" .
سلاح العدوان على الإسلام :
وهنا أخذت أوروبا بتجنيد المستشرقين ليكتبوا ضد
الإسلام ، فالإستشراق لم يكن في أي وقت من الأوقات مجرد بحث علمي كما ينظر إليه
بعض المتساهلين ، بل يخدم بدرجة أولى ونهائية موقف التعبئة الشاملة لدراسة "
العدو الإسلامي " ، والنفاذ إليه " فالقلم والفكر والسلاح " كلها
مداخل أساسية اعتمد عليها الاستعمار التقليدي والجديد على حد سواء لتطويق العالم
الإسلامي ، وفرض الهيمنة عليه ، ولذلك ما إن انتهت مرحلة الاستعمار القديم وأنماطه
حتى ظهر نجم الإستشراق الذي لا يعيش إلا في ظل الحرب ، ولكنه تحول إلى قطاعات
ووسائل أخرى تتصل بميادين التبشير والإعلام ، وهذا ما يفسر لنا الحملات الشعواء
التي يرفعها الإعلام الغربي باستمرار على الإسلام والمسلمين ، أو المطبوعات
الغزيرة التي تنهض بها الجامعات بنية إثارة الشكوك والتشويه .
وتركيز المستشرقين في الهجوم على الإسلام يتم
من ناحية المرأة في كثير من النواحي ، فقد حاول أعداء الإسلام النيل من نظام الإرث
ومهاجمته ، واستدلوا في هجومهم على أن المرأة ظلت فيه مظلومة ؛ لأن للذكر مثل حظ
الأنثيين ، واستغلوا هذه القسمة وادعوا على الله كذبـًا أنها قسمة غير عادلة ، وأن
الإسلام قد فضل فيها الإبن على حساب حق البنت ، وأن ذلك يتنافى مع مبدأ المساواة
بين الرجل والمرأة في الإسلام ، ولذلك ظهرت في عالمنا الإسلامي حركات التحرر
والسفور ، تريد بها المرأة رفع ما وقع عليها من ظلم ، سواءً أكان ذلك حقيقة أو
شعورًا خاصـًا بها ، وتسعى لنيل ما حُرمت منه من حقوق ، إما أن يكون الدين قد
كفلها لها ، وإما أن تكون حقوقـًا رأت غيرها من النساء نالتها ، أو تسعى لنيلها
بصرف النظر عن مشروعيتها ، وتبغي بحركتها هذه المساواة مع الرجل في كل ما يتمتع به
من حقوق أو في أغلبها على حسب ما تراه هي .
ومن المؤسف أن بعض الدول الإسلامية الحاضرة جرت
وراء التقليد واستجابت لصيحات النساء المتحررات ، فقضت بمساواة المرأة مع الرجل في
الميراث ، وهو خروج على أمر الله ليس له فيما أعلم أية شبهة يمكن الاستناد إليها ،
وقد مرت قرون طويلة على المسلمين ، وهم لا يبغون بشرع الله بديلاً .
مهاجمة نظام المواريث الإسلامي :
إن أعداء الإسلام الذين يهاجمون نظام الإرث في
الإسلام ، ويدعون أن المرأة مظلومة ؛ لأن للذكر مثل حظ الانثيين ، فهذا ادعاء باطل
ومردود عليه ، ولم يقصد به إلا الهجوم غير القائم على أساس من منطق أو تفكير ،
فنظام الإرث في الإسلام نظام مثالي ، فهو إذ يقرر للمرأة نصف نصيب الرجل ، فإنه قد
حقق العدالة الاجتماعية بينهما .
فالمرأة قديمـًا كانت تباع وتشترى ، فلا إرث
لها ولا ملك ، وإن بعض الطوائف اليهودية كانت تمنع المرأة من الميراث مع إخوتها
الذكور ، وإن الزوجة كانت تباع في إنجلترا حتى القرن الحادي عشر ، وفي سنة "
1567م " صدر قرار من البرلمان الاسكتلندي يحظر على المرأة أن يكون لها سلطة
على شيء من الأشياء .
أما عرب الجاهلية فقد وضعوا المرأة في أخس
وأحقر مكان في المجتمع ، فكانت توأد طفلة وتُورَث المرأة كما يورث المتاع ، وكانوا
لا يورثون النساء والأطفال
رفعت مرسي طاحون
==============
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على
أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله أفضل الصلاة ، وأزكى التسليم أمَّا
بعد:
فهذا عرض يسير لبعض القضايا التي يحصل اللبس في
فهمها من الرجل أو المرأة على السواء ، والتي تحتاج لتوضيح ، ودفع الفهم الخاطئ
لها، حاولت الاختصار في عرضها ونقاشها ، لتكون سهلة المنال ، ميسرة للفهم ، واضحة
المعنى ، سائلاً ربي التوفيق والسداد ، وإليه الاستناد ، وعليه الاعتماد.
* هل المرأة مساوية للرجل في كل شيء؟
والجواب عن ذلك : أنَّ المرأة مساوية للرجل في
الإنسانية وفي أغلب تكاليف الإسلام وفي جزاء الآخرة كما قال تعالى:{فاستجاب لهم
ربهم أني لا أضيع عمل عاملٍ منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض}وكذا في الموالاة
والتناصر؛ ولذا قال النبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ :(النساء شقائق الرجال)أخرجه
أحمد(6/256)وأبوداود في الطهارة(236) من حديث عائشة، وصحَّحه الألباني في
الصحيحة(2863). ولكن الإسلام مع ذلك نظر في طبيعة المرأة ومدى تحملها لبعض
العبادات وصعوبتها كالجهاد في سبيل الله، أو لعدم ملاءمتها للمرأة كملابس الإحرام،
فأسقطها عنها. ومن ذلك عدم جواز تولية المرأة للمناصب العامة كالخلافة والقضاء ؛
لذا يقول رسول الهدى ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ (لا يفلح قوم ولَّوا أمرهم
امرأة)، وأمَّا ما يورده بعضهم أنَّ الإسلام ظلم المرأة في إعطاء الذكر من الميراث
ضعفيها ، فإنَّه يقال لهؤلاء: مادام أنَّه تعالى قد شرع ذلك فينبغي على العبد
المسلم أن يستسلم لشرعه ولا يعترض عليه كما قال تعالى:(ويسلِّموا تسليما) ثمَّ
إنَّ الله مادام قد خلقنا فلا اعتراض عليه لقوله تعالى (لا يُسئل عمَّا يفعل وهم
يسألون)وقد قال تعالى:(ألا له الخلق والأمر)فما دام الشرع من عنده تعالى فينبغي
على عبيده الاستسلام والخضوع لأمره، ويقال كذلك : إنَّ الشريعة الإسلامية لم تعط
المرأة أقل من الرجل في جميع المورايث ، فإنَّه في العصبات قد تستحقُّ المرأة نصف
الميراث أو أكثر ، فليست المواريث مطَّردة في إعطاء المرأة أقلَّ من الرجل ، ومما
يجاب على ذلك بأنَّ الشريعة فرضت للذكر مثل حظِّ الأنثيين ؛ لأن الرجل هو القوَّام
على المرأة ، والمتولي شؤونها فيما تحتاجه، فالقضية ليست للتفضيل الذي لا يستند
إلى حكمة من ورائه بقدر ما هي للفرق بين المسؤوليات.
ولقد بان حقاً أن المرأة لو بلغت ما بلغت من
العلم والثروة الفكرية ، أو المخزون المعلوماتي ، فللفطرة التي ركَّبها الله فيها
جعلتها تطلب الفوارق عن الرجال في معاملة الإدارات لها ؛ فالمرأة في الغرب تجد روح
المساواة في العمل ، ولكنَّهنَّ يطالبن بإجازات وضع الحمل ، ورعاية أطفالهنَّ ،
فأين إذاً دعاوى المساواة بين الرجل والمرأة حتى في مجال العمل؟!
إنَّ المرأة خُلقت من نفس واحدة ، إذ كان
وجودها الأول مستنداً لوجود آدم ـ عليه الصلاة والسلام ـ وقد بيَّن الله سبحانه
وتعالى ذلك فقال: { خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا
زَوْجَهَا}(الزمر:6).
وهذا أمر كوني قدري من الله، أنشأ المرأة في
إيجادها الأول عليه، وجاء الشرع الكريم المنزل من عند الله ليعمل به في أرضه،
بمراعاة هذا الأمر الكوني القدري في حياة المرأة في جميع النواحي، فجعل الرجل
قوَّاماً عليها ، وجعلها مستندة إليه في جميع شؤونها، كما قال تعالى:{ الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء} (النساء:34).
فمحاولة مساواة المرأة مع الرجل في جميع نواحي
الحياة غير متحققة؛ لأنَّ الفوارق بين النوعين كوناً وقدراً أولاً، وشرعاً منزلاً
ثانياً، تمنع من ذلك منعاً باتاً ، ولهذا يقول تعالى في محكم التنزيل :{وللرجال
عليهنَّ درجة} يعني في الحقوق الزوجية ولوضوح الفوارق الكونية والقدرية والشرعية
بين الذكر والأنثى، وصحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه لعن المتشبه من
النوعين بالآخر. ولا شك أنَّ سبب هذا اللعن هو محاولة من أراد التشبه منهم بالآخر
لتحطيم هذه الفوارق الفطرية والشرعية التي لا يمكن أن تتحطَّم.
كما نص القرآن على أن شهادة امرأتين بمنزلة
شهادة رجل واحد، في قوله تعالى: { فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ
وَامْرَأَتَانِ...} (البقرة:82)، فالله الذي خلقهما لا شك أنَّه أعلم بحقيقتهما،
وقد صرح في كتابه بقيام الرجل مقام امرأتين في الشهادة.
قال تعالى: {وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ
اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ
وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ..}
(النساء:32)(وانظر بتوسع:أضواء البيان للشنقيطي5/169)
ومن جميل ما أختم به هذه القضيَّة ما قاله
الأديب مصطفى صادق الرافعي ـ رحمه الله ـ للمرأة المسلمة:(احذري تهوُّس الأوربية
في طلب المساواة بالرجل ، لقد ساوته في الذهاب إلى الحلاَّق ، ولكنَّ الحلاَّق لم
يجد اللحية!) وحي القلم(1/264)
* هل النساء ناقصات عقل ودين ؟
قبل البدء بمناقشة هذه القضيَّة يحسن عرض حديث
من أحاديث المصطفى ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ في الموضوع ذاته ، فقد روى الإمام
مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان ، أنَّ رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ
قال:(يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار؛ فإنِّي رأيتكنَّ أكثر أهل النار ،
فقالت امرأة جزلة منهنَّ: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ فقال: تكثرن اللعن
، وتكفرن العشير ، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبٍّ منكنَّ . قالت: يا
رسول الله ! وما نقصان العقل والدين؟قال: أمَّا نقصان العقل ؛ فشهادة امرأتين تعدل
شهادة رجل ، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي ، وتفطر في رمضان ، فهذا
نقصان الدين).
[معنى الجزلة:أي ذات العقل والرأي والوقار ،
وتكفرن العشير: أي تنكرنَ فضله]
وقد اختلف كثير من المعاصرين خصوصاً حيال توضيح
نقص العقل والدين ، وكان منهم من خضع للروح الغربية ، فسرت في نفسه مظاهر الهزيمة
الداخلية ، وبدأ يفسِّر الحديث على حسب ما يفهم ، من خلال الروح الانهزامية
الدخيلة ، وبعضهم ادَّعى زوراً على رسول الله بأنَّ مقصده من ذلك الممازحة للنساء
اللواتي كان يمازحهن في حديثه هذا ، فكان ذلك من قبيل المباسطة والمداعبة لهنَّ
ليس إلاَّ ! وهذا زعمٌ غير لائقٍ في حقِّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ وهو في مقام
التبليغ والنصح للأمَّة.
أمَّا الذين هداهم الله ووفقهم لذكر الصواب في
هذه القضية فهم السواد الأعظم ـ ولله الحمد ـ من أهل العلم، وقد كانت تفسيراتهم
موافقة لمراد رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ في إيراده لهذا الحديث، أمَّا
من حاول المناكفة والجدل في ذلك على غير الفهم الصحيح ، وبخاصَّة من النساء
المتحررات من ربقة العبودية لله ، فيحلو لي أن أذكر قصَّة حدثت قبل فترة في مجلس
حاشد جمع أكابر أهل العلم والثقافة ؛ حيث إنَّ الشيخ مصطفى السباعي ـ رحمه الله ـ
كان في أحد المؤتمرات يحاضر حول بعض قضايا الإسلام ، وبعد أن انتهى من ذلك ، قامت
امرأة معترضة عليه وقد كانت تحمل شهادة عالية في أحد التخصصات النادرة ، حيث قالت:
أوضح لي يا سيدي كيف قال الرسول:(ما رأيت من ناقصات عقل ودين..) وأنت ترى بأمِّ
عينيك إلى المستويات التي وصلنا لها من التخصصات الصعبة والنادرة ، وسنصل فيما بعد
إلى أعلى من ذلك ، فأجابها الشيخ مصطفى السباعي ـ رحمه الله ـ :صدقت ! لكن حين قال
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :(ما رأيت من ناقصات عقل ودين) كان بخطابه ذاك
يقصد نساء الصحابة أما أنت وأمثالك ؛ فلا عقل ولا دين!!
أمَّا عن تفسيرات العلماء لهذا النص النبوي فقد
جاءت على عدة معانٍ مختلفة ، واختلافها من باب اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد،
ومن ذلك:
1ـ أنَّه ـ عليه الصلاة والسلام ـ بيَّن في
الحديث أنَّ نقصان عقلها من جهة ضعف حفظها ، وأنَّ شهادتها تُجْبَر بشهادة امرأة
أخرى؛ وذلك لضبط الشهادة بسبب أنَّها قد تنسى أو تزيد في الشهادة ، ولهذا قال
تعالى ( أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) والضلال هنا فسَّره أهل العلم
بأنَّه النسيان ، والمرأة معروفة بطبيعة الحال بأنَّها في التفكير والإبداع قد
تكون أقوى من الرجل لأنَّها تستغل التفكير بالعقل الأيمن المتجه للإبداع والمهارات
الابتكارية ، ولكنَّها في الحفظ واستذكار المعلومات فهي قليلة الضبط لها ، وأكثر
نسياناً من الرجل ؛ وذلك لطبيعة الفطرة التي ركَّبها الله فيها، ولذا قال تعالى :(
أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى).وأمَّا سبب نقصان دينها فلأنَّها في حال
الحيض والنفاس تدع الصلاة وتدع الصوم، ولا تقضي الصلاة (فهذا من نقصان الدين).
ومما ينبغي التنبيه إليه أنَّ المرأة غير مؤاخذة على هذا النقصان ؛ لأنَّ ذلك أمر
كتبه الله على بنات آدم ، وفطرهنَّ عليه ، رفقاً بهن وتيسيراً لأمرهن .
2ـ وقال بعضهم إنَّ ممَّا يُفهم من هذا الحديث
أنْ تكون المرأة ، بطبيعتها الأنثوية أنقص عقلاً من زوجها ، لتستطيع أن تخلب لبَّه
، وقد جاء في حديث آخر:(ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبِّ الرجل الحازم من
إحداكنَّ) ولذا فقد تفعل المرأة بعض الأشياء ، لتحبِّب زوجها فيها من حسن تبعلها
له ، وحسن تدللها، لينجذب لها ، ويميل لحبها ، وقد وصف العرب النساء بهذه
الخاصِّيَّة فقال شاعرهم:
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهنَّ أضعف خلق
الله إنسانا
لهذا فالمرأة طَبَعَهَا الله على ذلك لتؤدي
دورها في الحياة الزوجية ، كما أنَّ الرجل جبله الله على الخشونة والقيام بأمور
زوجه ، لتتعادل الحياة الزوجية ما بين الخشونة والنعومة ، ويؤدي كلٌّ من الزوجين
دوره تجاه الآخر، لهذا كانت المرأة تحبُّ الزينة والتجمل والحلي ، ومن كانت هذه
غالب اهتماماته الدنيوية ، فإنَّه سيكون عقله منشغلاً بها عن غيرها من الاهتمامات
الأخرى، للتصدر للناس في الدعوة والتربية والتعليم ؛ ومما يدلُّ على ذلك قوله
تعالى :(أومن ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) فطبيعة من نشأ في الجو
المخملي والمترف ، ومن يبحث عن الأزياء و(الموضة)وأدوات التجميل ،أن يكون أكثر
تفكيره وطلبه متَّجهاً لذاك الشيء ، ولا يعير اهتماماً لهموم أخرى إلاَّ ما رحم
الله ، وإن كان قد ذكر التأريخ الإسلامي قديماً وحديثاً من النساء اللواتي سطَّرن
بأقلامهنَّ ، أو بدعوتهن وتوجيههن ، أو بدمائهن ، ما يفتخر المسلمون به ، ويفاخرون
به الأمم ،ولا ريب أنَّ المرأة المسلمة لعبت دوراً كبيراً في الدعوة إلى الإسلام
والتعلم ، والجهاد من أجله.
3ـ أنَّ المرأة تمرُّ بفترات وتغيُّرات جسدية
قد تعاني منها كثيراً،وقد يكون لذلك أثره البالغ على نفسيتها، وطريقة تعاملها مع
الناس، وكذلك على طريقة تفكيرها ، وقد أكدت كثير من الأبحاث الطبية هذا ، وأنَّ له
تأثيراً شديداً على نفسية المرأة ، ممَّا يعرِّضها للإصابة بالإحباط ، وقلَّة
التركيز والكسل ، واضطراب الذاكرة ، كما قد تؤثر على سرعة الانفعال عندها ،
وتصيبها بالقلق ، والوهن ، وتغير المزاج ، والتوتر ، والشعور بالوحدة ، وثقل
الجسم.
4 ـ العقل جاء لعرض الآراء ، واختيار الرأي
الأفضل ، وآفة الاختيار الهوى والعاطفة ، والمرأة بطبعها تتحيز إلى العاطفة وتتميز
بها ، فهي معرضة للحمل ، واحتضان الوليد ، فالصفة الغالبة عليها العاطفة وهذا مفسد
للرأي ؛ ولهذا فهي تحكم على الأشياء متأثرة بعواطفها التي جُبلت عليها،فكانت
النساء ناقصات عقل ؛لأنَّ عاطفتهنَّ أزيد . وأكبر دليل على عاطفة المرأة تحمُّلها
لمتاعب الحمل والولادة ، وصبرها على رعاية طفلها، ويصعب على الرجل أن يتحمل ما
تتحمله المرأة في ذلك.
ولهذا كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ
يأمر بمراعاة مشاعر المرأة ؛ لأنَّها رقيقة ، وعاطفتها تجيش بسرعة وتندفع بقوة ،
وحين كان حادي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلَّم ـ يحدو في سفره وهو يسوق ليروِّح
عن الناس تعبهم وعن الإبل جهدها ، ناداه ـ عليه الصلاة والسلام ـ قائلاً له: (يا
أنجشة رفقاً بالقوارير) فشبَّه رسول الله ـ صلّىَ الله عليه وسلَّم ـ النساء
بأنَّهن قوارير، مراعاة لعواطفهنَّ ومشاعرهنَّ.
أمَّا عن نقصان دينها ؛ فلأنَّ المرأة تُعفى من
فروض وواجبات لا يعفى منها الرجل ، فهي تعفى من الصلاة في دورتها الشهرية ، وتعفى
كذلك من الصيام وقت حيضها ، أو حملها ورضاعها ، وتعفى من الجهاد ، وصلاة الجمعة ،
والجماعة في المسجد، فصارت تكاليف المرأة الدينية أقلَّ من تكاليف الرجل الدينية ،
وذلك تقدير من الله لجِبِلَّتِها التي فُطِرَت عليها، وصدق الله حين قال:(للرجال
نصيب ممَّا اكتسبوا وللنساء نصيب ممَّا اكتسبن)النساء(32)
وممَّا تجدر الإشارة إليه أنَّ وصف المرأة بهذا
الوصف لا يعني ذلك نفيه عن بعض الرجال ، وأنَّهم لا يمكن أن يوصفوا به ، فهناك
الكثير من الآيات القرآنية التي نفت العقل عن كبراء القوم ، وعظمائهم من المنافقين
والكفار، لتنكبهم صراط الله المستقيم ، وإيثارهم الزائلة الفانية ، على الدائمة
الباقية، فهم ناقصو عقول ، ومنعدمو دين ـ عياذا بالله من ذلك ـ
* هل الإسلام يدعو إلى ضرب المرأة وانتهاك
كرامتها؟!
والجواب عن ذلك أنَّ الإسلام لمَّا بيَّن حقوق
الزوجين ، وما يراعيه كلٌّ منهما في حقِّ الآخر، بيَّن أنَّ المرأة إذا بدأت منها
علامات النشوز ، فليكن موقف الزوج تجاهها عادلاً ، فلا تأخذه الأهواء أو النزعات
الانفعالية ، فإنَّ هذا موكل لترتيبات الشارع الحكيم ، في علاج تلك المشكلة ، فلا
يكون الضرب أو الطلاق أولها ، ولذا كانت مراتب التأديب كما يلي:
1ـ الوعظ بلا هجر ولا ضرب : قال تعالى :
(واللاَّتي تخافون نشوزهنَّ فعظوهنَّ...) أي فَيُذَكَّرن بكتاب الله ، وحقوقهنَّ
على أزواجهنَّ ، فإن أبت الزوجة ، ولم ينفع معها الوعظ والتذكير ، فينتقل إلى
المرتبة الثانية.
2ـ الهجر في المضاجع : قال تعالى:(واهجروهنَّ
في المضاجع...) وذلك بأن يولِّيها ظهره في المضجع ، أو ينفرد عنها في فراش يخصه ،
كما يجوز له أن يهجرها فترة طويلة ؛ فقد صحَّ عنه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه
هجر نساءه شهراً ، ولهذا جوَّز أهل العلم هجر الزوج لزوجه أكثر من ثلاثة أيام بسبب
عذره الشرعي لنشوز المرأة ، وترفعها عنه كما ذكره الإمام الخطابي في معالم السنن ،
وغيره من أهل العلم.
وهذا يخص من أحاديث النهي العامة التي تنهى عن
هجر المسلم لأخيه المسلم أكثر من ثلاث ، كما في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم (لا
يحلُّ لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث) أخرجه البخاري.
3ـ الضرب: كما قال الله تعالى:(واضربوهنَّ) ولا
يكنْ ذلك بداية علاج الداء ، وليكن هو آخره ؛ فإنَّ آخر العلاج الكي، ولذا كان
القول الحقُّ من أقوال العلماء أن لا يبدأ الرجل بضرب زوجه بداية نشوزها ، كما هو
مذهب الإمام أحمد ، وقول ابن عبَّاس ، وغيرهم كثير من أهل العلم .
ثمَّ إنَّ الضرب للزوجة ، ليس على إطلاقه بل له
عدَّة شروط:
أ ـ أن تصرَّ المرأة على النشوز والعصيان.
ب ـ أن يتناسب نوع العقاب مع نوع التقصير.
ج ـ أن يراعي الرجل ، مقصوده من الضرب ، وأنَّه
للعلاج والتأديب لا غير ، فينبغي التخفيف منه بقدر الإمكان ، ويتحقق ذلك كما ذكره
أهل العلم (باللكزة ونحوها أو بالسواك) ولهذا وصَّى رسول الرحمة محمد ـ صلَّى الله
عليه وسلَّم ـ أمَّته في حجة الوداع قائلاً:(...اتَّقوا الله في النساء ، فإنَّكم
أخذتموهنَّ بأمانة الله ، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله ، وإنَّ لكم عليهنَّ أن
لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه ، فإن فعلن فاضربوهنَّ ضرباً غير مبرح) وقد عدَّ
الألوسي الضرب غير المبرح بأنَّه(الذي لا يقطع لحماً ، ولا يكسر عظماً) روح
المعاني(5/562)
ويجب كذلك على من ابتلي بترفع زوجته عنه ، ولم
يكن لها علاج إلا الضرب ، بأن يتقي الله في ضربه . قال عطاء : قلت لابن عبَّاس :
ما الضرب غير المبرح ؟ قال: السواك ونحوه.ويتجنَّب المواضع المخوفة كالرأس والبطن
، وكذا الوجه ؛ فإنَّ الرسول ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ نهى عن ضرب الوجه نهياً
عاماً، ولذا ذكر المحققون من أهل العلم ، كالنووي بأنَّ الرجل لو ابتلي بضرب زوجه
، وأفضى ذلك إلى تلف بعض أعضائها ، بأنَّ زوجها يجب عليه الغرم ؛ لأنَّه كما قال
النووي تبيَّن بأنَّ ذلك منه للإتلاف لا للإصلاح.
وقد أخرج أبو داود من حديث معاوية بن حيدة
القشيري ـ رضي الله عنه ـ قال : قلت : يا رسول الله ! ما حقُّ زوجة أحدنا عليه ؟
قال:(أن تطعمها إذا طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت ، أو اكتسبت ، ولا تضرب الوجه ، ولا
تقبِّح ، ولا تهجر إلاَّ في البيت)أخرجه أبو داود وصحَّحه ابن الملقن في البدر
المنير(8/289) وكذا قال الألباني:(حسن صحيح) في صحيح سنن أبي داود/صـ402.
فهذا هو موقف الإسلام من قضية ضرب المرأة ،
وليس كما يمثِّله العلمانيين ، والذين يقولون إنَّ الإسلام يأمر بضرب المرأة
وإهانتها ، أو المنهزمون الذين ينفون ذلك عن الإسلام بروح الهزيمة لقلَّة تضلعهم
بعلم الشريعة ، واطَّلاعهم على النصوص التي تعرضت لذلك ، آخذين نصَّا مبتسراً من
عدة نصوص من الكتاب والسنة ، مع عدم ذكر سباق النص ولحاقه ، ليتضح المعنى ، وتبين
الصورة .
ولا يعني ذلك أنَّ الرجل إذا استخدم هذا العلاج
الأخير مع زوجه أنَّه يكرهها ، أو يكنُّ لها حقداً ؛ كلاَّ...فالرجل قد يضرب ابنه
على معصية ارتكبها ، وابنه من أحبِّ الناس إليه ، لكنه فعل ذلك لأجل حبِّه لابنه ،
فيكون رجلاً مستقيماً على دينه ، ومرضياً عند ربه.
* هل من المعقول أنَّ كيد المرأة أعظم من كيد
الشيطان،لأنَّ الله يقول عن النساء(إنَّ كيدكنَّ عظيم) ويقول عن الشيطان (إنَّ كيد
الشيطان كان ضعيفاً)؟!
والحقُّ أنَّ هذه المسألة قد اختلف فيها أهل
العلم على قولين:
1ـ أنَّ كيد المرأة أعظم من كيد الشيطان لظاهر
نصِّ الآية؛ وممن اختار هذا القول من العلماء المعاصرين الشيخ محمد الأمين
الشنقيطي صاحب أضواء البيان ؛ حيث يقول في كتابه المذكور(2/217):(كيد النساء أعظم
من كيد الشيطان ، والآية المذكورة هي قوله:(إنَّ كيد الشيطان كان ضعيفاً)فقوله في
النساء(إنَّ كيدكنَّ عظيم)وقوله في الشيطان(إنَّ كيد الشيطان كان ضعيفاً)يدلَّ على
أنَّ كيدهن أعظم من كيده.
ويضيف الشيخ ـ رحمه الله ـ : قال مقاتل عن يحيى
بن أبي كثير ، عن أبي هريرة قال : قال ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ :(إنَّ كيد
النساء أعظم من كيد الشيطان ؛ لأنَّ الله تعالى يقول:(إنَّ كيد الشيطان كان ضعيفاً
) وقال تعالى:(إن كيدكن عظيم) ا.هـ وقال الأديب الحسن بن آية الحسني الشنقيطي:
ما استعظم الإله كيدهنه إلاَّ لأنهن هنَّ
هنه)ا.هـ
2ـ الرأي الآخر يرى أنَّ المسألة تحتاج لتوضيح،
وتبيين ما في الآيتين من فروق ومن ذلك:
أ ـ أنَّ الظاهر لا مقابلة بين العظيم والضعيف.
ب ـ الكيد بالنسبة للنساء هو لجنسهنَّ ،
وبالنسبة للشيطان للعموم.
ج ـ كيد الشيطان كان ضعيفاً ؛ لأنَّه يمكن دحره
والتخلص منه بالاستعاذة ، أو الأذان ، أو ذكر الله عموماً، وكيد النساء عظيم ؛
لأنه من الصعب طردها!
دـ أنَّ قوله تعالى:(الذين آمنوا يقاتلون في
سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إنَّ كيد
الشيطان كان ضعيفا) فالآية تقابل بين من يقاتل في سبيل الله ومن يقاتل في سبيل
الطاغوت الذي هو الشيطان ، فمن الذي سيكون كيده ضعيفاً؟لا شكَّ أنَّه الشيطان ،
فكيد الشيطان بالنسبة لأولياء الله الصادقين ضعيف لا يقدر عليهم، كما أخبر الله
تعالى (إنَّه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) فمن كان يسنده
القوي فأنَّى يضعف؟!
أمَّا ما ورد في سورة يوسف ، فالمقابلة بين كيد
المرأة وكيد الرجل، ولا شكَّ أنَّ كيدهنَّ أعظم من كيد الرجل ـ والقصص في ذلك
كثيرة جداً ـ وجاء وصف كيدهنَّ على العظمة المطلقة مبالغة في تحقيق ذلك الوصف
فيهنَّ، وقد نبَّه على هذه النقطة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ في
بعض دروسه وشروحاته والله أعلم .
فيتبين أن الراجح ـ والله أعلم ـ أنَّ كيد
المرأة ليس أقوى من كيد الشيطان ، فقد وصف الله كيد المرأة في سياق معين ، ووصف
كيد الشيطان في سياق معين ، وكيد الشيطان أعظم من كيد المرأة ، لأنَّ كيد المرأة
جزء من كيد الشيطان ، ولكن ذكر بعض أهل العلم أنّ كيد الشيطان عن طريق الوسوسة ،
بينما كيد المرأة عن طريق المباشرة ، والمواجهة وهذا يكون له أعظم الدور في
التأثير على المقابل.
وليس يعني ذلك أنَّ هذا الكيد يعدُّ مظهراً من
مظاهر القوَّة ، بل هو من مظاهر الضعف كما بيَّنه الأستاذ الدكتور محمد السيد
الدسوقي ؛ فكيد المرأة لا علاقة له بكيد الشيطان بحال من الأحوال ، لأنَّه أسلوب
الضعيف الذي يحاول أن ينال حقَّاً ، لا يستطيع الوصول إليه صراحة .
وصلى الله على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه
وسلم أجمعين.
خباب بن مروان الحمد
==================
شبهات حول حقوق
المرأة في الإسلام
يكثر الحديث في هذه الأيام عن حقوق المرأة
وحريتها حيث يحاول العلمانيون أن يشوهوا صورة المرأة في الإسلام ويظهروها وكأنها
مسلوبة الحقوق مكسورة الجناح ، فالإسلام بنظرهم فرّق بينها وبين الرجل في الحقوق
وجعل العلاقة بينهما تقوم على الظلم والاستبداد لا على السكن والمودة، الأمر الذي
يستدعي من وجهة نظرهم قراءة الدين قراءة جديدة تقوم على مراعاة الحقوق التي أعطتها
الاتفاقيات الدولية للمرأة ومحاولة تعديل مفهوم النصوص الشرعية الثابتة كي تتوافق
مع هذه الاتفاقيات .
في البدء من المفيد الإشارة إلى أن الإسلام كان
ولا زال سباقاً فى إعطاء الإنسان حقوقه كاملة ، فأهلية التملك ثابتة للجنين في بطن
أمه ومنذ أن يولد يكون عضواً كاملاً في المجتمع ، يحتمل ويحمل يملك ويهب وَفْقَ
قواعد معينة ، وإن كان صغيراً يتولى عنه وليه ذلك ، وستبقى كلمة عمر بن الخطاب رضي
الله عنه مدوية : " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ؟ "
، وستبقى القاعدة الفقهية قائمة : "الحُرُّ لا يقع تحت اليد"، فالإنسان
له حق الحياة وحق الإرث وحق الاعتقاد وحق التملك وكثير من الحقوق التي نادت بها
جماعات وطّبقتها على بعض الناس دون بعض .
إن الدعوة إلى تعديل التشريعات السماوية ليست
دعوة حديثة بل هي من طروحات التي رُوج لها منذ مطلع القرن الحالي وهي لا تخرج عن
إطار الطروحات الغربية التي يدعو لها المستشرقون وحكوماتهم ، وقد انبرى علماء
الإسلام منذ تلك الفترة إلى الرد على هؤلاء بردود لا تزال تصلح لهذا اليوم لأنها
ما تغيرت وما جاءت بجديد ، ومن العلماء الذين ردوا على المستشرقين وأسيادهم
وأتباعهم الدكتور علي عبد الواحد وافي والدكتور مصطفى السباعي و الدكتور البهي
الخولي وغيرهم رحمهم الله تعالى دنيا وآخرة .
ولقد ردَّ العلماء على كل من سوَّلت له نفسه
التهجم على الدين عبر الدعوة إلى إعادة النظر في تشريعه المستمد من الكتاب والسنة
وعبر المطالبة بفتح باب الاجتهاد في مسائل يرى المهاجمون أن الزمن قد تعداها ، ومن
هذه المسائل :
حق تأديب المرأة ولا سيما ضربها .
صيغة الطلاق المعطاة للرجل .
سلطة الزوج ( القوامة ) .
تعدد الزوجات .
الإرث
الشهادة
وسنقوم بعرض لهذه الأفكار ومن ثمَّ الرد عليها
إن شاء الله ، ولكن في البداية لا بد من توضيح النقاط العامة التالية :
-1- إن الإسلام نظام عالمي لكل الأزمنة
والأمكنة وأي إساءة في استخدام هذا التشريع لا تعود للتشريع نفسه وإنما تعود
للأشخاص الذين يسيئون فهمه أو يجهلون أحكامه ،" فالإسلام أقام دعامته الأولى
في أنظمته على يقظة ضمير المسلم واستقامته ومراقبته لربه ، وقد سلك لذلك سبلاً
متعددة تؤدي ، إذا روعيت بدقة وصدق ، إلى يقظة ضمير المسلم وعدم إساءته ما وُكِلَ
إليه من صلاحيات وأكبر دليل على ذلك أن الطلاق لا يقع عندنا في البيئات المتدينة
تديناً صحيحاً صادقاً إلا نادراً ، بينما يقع في غير هذه الأوساط لا فرق بين
غنيِّها وفقيرها " .
من هنا فإن إساءة استعمال التشريع الرباني لا
يقتضي إلغاءه وإعادة النظر فيه وإنما يقتضي منع تلك الإساءة عبر تنشيط الوازع
الديني الذي يؤدي إلى ذلك.
-2- إن فتح باب الاجتهاد الذي يتستر وراءه
البعض هو أمر غير مقبول لكون الذين يدعون لهذا المطلب أصحاب أهواء يفتقدون لأدنى
صفات المجتهد من جهة ولكونهم يهدفون إلى ضرب النصوص الشرعية الثابتة في القرآن
والسنة خدمة لمصالح غربية معلنة في إعلانات عالمية تهدف إلى تقويض عرى الأسرة
الإسلامية من جهة أخرى ، وهذا واضح في "إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز
ضد المرأة " الذي أورد في مادته السادسة عشر أهم أسس تساوي الرجل والمرأة
والتي منها:
"أ – نفس الحق في عقد الزواج .
ب- نفس الحق في حرية اختيار الزوج ، وفي عدم
عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل .
ج- نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند
فسخه .
د- نفس الحقوق والمسؤوليات كوالدة ، بغض النظر
عن حالتها الزوجية ، في الأمور المتعلقة بأطفالها ؛ وفي جميع الأحوال ، تكون مصالح
الأطفال هي الراجحة .
هـ- نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من
المسؤولية عدد أطفالها والفترة بين إنجاب طفل وآخر ، وفي الحصول على المعلومات
والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق .
و- نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية
والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم ، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية
الاجتماعية …
ز- نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في
ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة والوظيفة.
إن هذه البنود تخالف الشريعة الإسلامية في
معظمها إلا في البند ( ب ) الذي ينص على حرية المرأة في اختيار الزوج ، أما في
باقي البنود فإنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية التي أعطت للمرأة والرجل حقوقاً
أثناء الزواج تقوم على المبادئ التالية :
1- المساواة : قال تعالى : ( ولهن مثل الذي
عليهم بالمعروف ) ، إي أن كل حق وواجب للمرأة يقابله حق وواجب للرجل ، وكلما
طالبها بأمر تَذَكَّر أنه يجب عليه مثله ، عدا أمر واحد هو القوامة ، وتقسم
الواجبات حسب طبيعة كل منهما.
2- القوامة : معناها القيام بشؤون الأسرة
ورئاستها وحماية أفرادها وسيتم الحديث عن هذا الموضوع فيما بعد إن شاء الله تعالى
.
3- التشاور في شؤون الأسرة ويستمر التشاور حتى
بعد الطلاق في شؤون الأولاد .
4- التعامل بالمعروف وحسن المعاشرة لقوله تعالى
: ( وعاشروهن بالمعروف )
5- على المرأة حضانة طفلها في سنواته الأولى
والإشراف على إدارة البيت والخدم وطاعة زوجها في المعروف.
6- على الزوجين التعاون في تربية الأولاد لقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم:(كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ).
7- على الرجل معاونة زوجته في أعمال البيت ،
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعاون زوجاته .
هذا باختصار تلخيص لحقوق المرأة أثناء الزواج
كما يقره الإسلام ، أما المطالبة بالمساواة في الحقوق بين المرأة والرجل التي يدعو
إليها بعض دعاة التحرر من أتباع الإعلانات العالمية فيعود لجهلهم بحقوق المرأة في
الإسلام وتجاهلهم للاختلافات البيولوجية بين الرجل والمرأة مما دفعهم إلى اعتبار
أن العلاقة بين الرجل والمرأة علاقة تماثل لا علاقة تكامل ، فتجدهم يصدِّقون ما
يقوله غيرهم عن حرمان المرأة في الإسلام من حقوقها ، أو يصدقون ما يقوله
المستشرقون من ضرورة تأويل النصوص التي لا تتوافق مع الواقع الراهن رافعين بذلك
شعار " تاريخية النصوص " أو شعار "التعبير عن واقع حال " بهدف
تحويل المضامين وإلباسها اللباس الغربي ، وهكذا تصبح قوامة الرجل على بيته وحقه في
تأديب زوجته الناشز وحقه في الطلاق مجرد "عبارات تاريخية " أساء الفقهاء
تأويلها بهدف "تقييم دور الرجل ".
وبالعودة إلى الردود الجزئية على الطروحات
العلمانية نقول ما يلي :
-1- حق تأديب الزوجة ولا سيما ضربها
يستند الداعون إلى إبطال صيغة الضرب الموجودة
في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة إلى أن قاعدة حق تأديب المرأة " ولا
سيما ضربها هي عبارة تاريخية كان لها فعالية جمّة لنقل الذهنية الجاهلية من قتل
المرأة إلى التساؤل حول ضربها " وليست قاعدة شرعية .
وللرد على هذا الأمر نورد في البداية بعض
الآيات والأحاديث التي ذكرت هذا الأمر ، ثم نورد بعد ذلك الرد إن شاء الله تعالى ،
يقول عز وجل :
{الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم
على بعض وبما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله
واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا
عليهن سبيلا إن الله كان علياً كبيراً } .
ويقول عليه الصلاة والسلام في حَجَّة الوداع :
( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هنَّ عوانٌ عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير
ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضرباً غير
مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً ، إلا أن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم
عليكم حقا فأما حقكم على نسائكم فلا يوطِئن فُرُشَكم من تكرهون ولا يأْذَنَّ في
بيوتكم من تكرهون ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ) .
والملاحظ أن هؤلاء الأشخاص تحت شعار إنسانية
المرأة وكرامتها يأخذون من الآية ما يريدون فقط وهي كلمة الضرب وينسون التسلسل الذي
ورد في الآية حيث ورد في البداية مدحٌ للمرأة المؤمنة الحافظة لحدود الزوج ومن
ثَمَّ ورد ذكر الناشز ، فالكلام إذاً يتعلق بنوع خاص من النساء وليس كل النساء ،
والمعروف أن طبائع الناس تختلف من شخص لآخر وما ينفع الواحد لا ينفع الثاني، ومن
عدالة الإسلام أنه أورد العلاج لكل حالة من الحالات ، فما دام " يوجد في هذا
العالم امرأة من ألف امرأة تصلحها هذه العقوبة ، فالشريعة التي يفوتها هذا الغرض
شريعة غير تامة ، لأنها بذلك تُؤثِر هدم الأسرة على هذا الإجراء وهذا ليس شأنه
شريعة الإسلام المنزلة من عند الله " .
والواقع أن " التأديب لأرباب الشذوذ
والانحراف الذين لا تنفع فيهم الموعظة ولا الهجر أمر تدعو إليه الفِطَر ويقضي به
نظام المجتمع ، وقد وَكَلته الطبيعة من الأبناء إلى الآباء كما وكلته من الأمم إلى
الحكام ولولاه لما بقيت أسرة ولا صلحت أمة . وما كانت الحروب المادية التي عمادها
الحديد والنار بين الأمم المتحضرة الآن إلا نوعاً من هذا التأديب في نظر المهاجمين
وفي تقدير الشرائع لظاهرة الحرب والقتال " .
قال تعالى : { فإن بغت إحداهما على الأخرى
فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } .
إضافة إلى ذلك فإن الضرب الوارد في الآية مشروط
بكونه ضرباً غير مبرح وقد فسر المفسرون الضرب غير المبرح بأنه ضرب غير شديد ولا
شاق ، ولا يكون الضرب كذلك إلا إذا كان خفيفاً وبآلة خفيفة ، كالسواك ونحوه .
ولا يكون القصد من هذا الضرب الإيلام وإطفاء
الغيظ ولكن التأديب والإصلاح والتقويم والعلاج ، والمفترض أن التي تتلقى الضرب
امرأة ناشز ، لم تنفع معها الموعظة والهجر ، لذلك جاء الضرب الخفيف علاجاً لتفادي
الطلاق ، خاصة أن نشوز بعض النساء يكون عن غير وعيٍ وإدراكٍ لعواقب خراب البيوت
وتفتت الأسرة .
إن سعي بعض الداعي لإبطال مفعول آية الضرب تحت
حجة المساواة لن يفيد في إيقاف عملية الضرب إذ إن المراة ستبقى تُضرب خِفْية كما
يحصل في دول العالم الغربي الحافل بالقوانين البشرية التي تمنع الضرب ، وتشير إحدى
الدراسات الأميركية التي أجريت عام 1987 إلى أن 79% من الرجال يقومون بضرب النساء
… ( هذا عام 87 فكيف النسبة اليوم ) ويقدر عدد النساء اللواتي يُضربن في بيوتهن كل
عام بستة ملايين امرأة .
فإذا كان هذا العدد في تزايد في تلك الدول التي
تحرّم الضرب ، فلماذا لا يوجد في بيئاتنا الإسلامية هذا العدد مع أن شريعتنا تبيح
الضرب ؟ أليس لأن قاعدة السكن والمودة هي الأساس بينما العظة والهجران والضرب هي
حالات شاذة تُقَدَّر بضوابطها وكما قال تعالى في نهاية الآية : { فإن أطعنكم فليس
لكم عليهن سبيلاً } .
-2- صيغة الطلاق المعطاة للرجل
يعترض كثير من المعاصرين على كون الطلاق بيد
الرجل ويرون في التشريع التونسي حلاً حيث جاءت المادة 31 منه لتقول : " إن المحكمة
هي التي تعلن الطلاق بناء لطلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر ويُقضى لمن تضرر
من الزوجين بتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الناجم عن الطلاق " .
ويرى أنصار هذا القانون "أنه أكثر ملاءمة
باعتباره أكثر إنصافاً . إنه يحرر المرأة من حق يتمسك به الزوج ، أصبح جائراً جداً
بحقها " .
والواقع أن هذه الطروحات حول الطلاق لا تخرج
كثيراً عن ما يدعو إليه علماء الغرب وأتباعهم من الكتاب الذين يريدون بذلك تنفيذ
القانون المدني الفرنسي ، وهنا من المفيد الإشارة إلى النقاط التالية :
-1- إن قبول الزوجين الارتباط الإسلامي يفرض
عليهما الالتزام بأحكام الشرع التي لا تخلو من بعض الحقوق التي يمكن للزوجة
الخائفة على نفسها من الزوج أن تحمي بها نفسها كأن تجعل العصمة بيدها وأن تشترط في
عقد الزواج شروطاً خاصة .
-2- إن حصر الإسلام الطلاق في يد الزوج إنما
يعود لعدة أسباب أهمها كونه المتضرر الأول من الطلاق من الناحية المادية فهو الذي
يجب عليه المهر والنفقة لمطلقته ولعياله طوال فترة العدة والحضانة ، هذا الأمر
يجعله أكثر ضبطاً لنفسه من المرأة التي قد لا يكلفها أمر رمي يمين الطلاق شيئاً.
-3- إن حصر الطلاق بيد الزوج وعدم إعلانه
للقاضي إلا في حالات قصوى إنما يعود لمبدأ التستر الذي يدعو إليه الإسلام لأن
" معظم أسباب الطلاق تتمثل في أمور لا يصح إعلانها ، حفاظاً على كرامة الأسرة
وسمعة أفرادها ومستقبل بناتها وبنيها " .
كما أن حصر الطلاق بيد القاضي أمر أثبتت
التجارب عدم جدواه وذلك من نواح عدة منها :
1- الفشل في التقليل من نسب الطلاق وهذا أمر
أثبتته إحصائيات الطلاق التي سجلت في تونس حيث أن العدد لم ينقص بل على العكس من
ذلك فلقد ارتفع ارتفاعاً ملحوظاً " رغم أن المبرر الذي قُدِّم لانتزاع سلطة
الطلاق من يد الزوج وإيكاله إلى القاضي هو حماية الأسرة بإتاحة فرصة للقاضي ليراجع
فيها الزوجين ويحاول الصلح بينهما، فإن الواقع يثبت أن نسبة المصالحات الناجحة
ضئيلة جداً، فمن بين 1417 قضية طلاق منشورة في المحكمة الابتدائية بتونس في الموسم
القضائي 80-81 لم يتم المصالحة إلا في عشر منها ، بينما كان الاعتقاد أن تعدد
الزوجات وجعل العصمة الزوجية بيد الرجل وعدم تغريمه لفائدة الزوجة هي الأسباب
الرئيسية للطلاق وأن القضاء عليها سيقلل من نسب الطلاق ، والإحصائيات تثبت أن
شيئاً من ذلك لم يحدث " .
2- لجوء بعض المحاكم الغربية التي تتوكل بنفسها
أمور الطلاق في محاولة منها إلى خفض نسبة الطلاق إلى رفض التطليق إذا لم يكن بسبب
الزنى لذلك كثيراً ما يتواطأ الزوجان " فيما بينهما على الرمي بهذه التهمة
ليفترقا ، وقد يلفقان شهادات ووقائع مفتعلة لإثبات الزنى حتى تحكم المحكمة
بالطلاق.
فأي الحالتين أكرم وأحسن وأليق بالكرامة ؟ أن
يتم الطلاق بدون فضائح ؟ أم أن لا يتم إلا بعد الفضائح ؟ " .
-3- سلطة الزوج ( القوامة )
يعترض المخالفون للشريعة الإسلامية على مبدأ
القوامة الذي يطلق البعض عليه لفظ "قيمومية " قاصدين بذلك تعريف القوامة
بأنها " تقييم دور الرجل " ، فيتساءلون: " إن هذه الحقوق الممنوحة
للزوج والتي تدعم هذه السلطة أعطته إياها النصوص القرآنية أو أنها تشكل تحديداً
" لحالات واقعية " تترجم فكرة " الدور " الخاص بالرجل والذي
لا بد من حمايته ؟" .
إن التخليط في فهم مفهوم القوامة إنما يعود
لاعتبارهم رئاسة الرجل على المرأة رئاسة تقوم على الاستبداد والظلم ، بينما هي في
الحقيقة رئاسة رحمة ومودة وحماية من الخوف والجوع ، إنه لو كان في الأمر استبداد
وتسلط من الرجل على المرأة لكان يحق للرجل أن يمد يده إلى مال زوجته أو يمنعها من
أن تتاجر بمالها والإسلام يمنعه من ذلك ، أو أن يجبرها على تغيير دينها والمعروف
ان الإسلام أباح للمسلم أن يتزوج النصرانية واليهودية مع احتفاظ كل منهما بدينه .
إن هذه القوامة مبنية على كون الرجل " هو
المكلف الإنفاق على الأسرة ، ولا يستقيم مع العدالة في شيء أن يكلَّف فرد الإنفاق
على هيئة ما دون أن يكون له القيام عليها والإشراف على شئونها ، وعلى هذا المبدأ
قامت الديمقراطيات الحديثة ، ويلخص علماء القانون الدستوري هذا المبدأ في العبارة
التالية : " من ينفق يشرف " أو " من يدفع يراقب " .
هذا هو الأصل ، الزوج ملزم بالعمل والمرأة ليست
كذلك ، إذا أحبت عملت وإذا كرهت جلست ، وما أجمل ما قالته إحدى الكاتبات المشهورات
" أجاتا كريستي " حيث قالت : " إن المرأة مغفلة : لأن مركزها في
المجتمع يزداد سوءاً ، يوماً بعد يوم ، فنحن النساء نتصرف تصرفاً أحمق ، لأننا
بذلنا الجهد الكبير خلال السنين الماضية للحصول على حق العمل … والمساواة في العمل
مع الرجل، والرجال ليسوا أغبياء فقد شجعونا على ذلك معلنين أنه لا مانع مطلقاً من
أن تعمل الزوجة وتضاعف دخل الزوج .
ومن المحزن أننا أثبتنا ، نحن النساء، أننا
الجنس اللطيف ، ثم نعود لنتساوى اليوم في الجَهْدِ والعرق اللذين كانا من نصيب
الرجل وحده " .
-4- تعدد الزوجات
يعترض أنصار حقوق المرأة على نظام تعدد الزوجات
الذي يقره الإسلام ويعتبرون أن فيه إهداراً لكرامة المرأة وإجحافاً بحقها واعتداءً
على مبدأ المساواة بينها وبين الرجل ، إضافة إلى أن في هذا الأمر مدعاة للنزاع
الدائم بين الزوج وزوجاته وبين الزوجات بعضهن مع بعض فتشيع الفوضى ويشيع الاضطراب في
حياة الأسرة ، ولذلك هم يَدعون إلى التأسي بتركيا وتونس اللتان ألغتا نظام التعدد
وفرضتا نظام آحادية الزواج ، مع أن هؤلاء الأشخاص لو اطلعوا على إحصاءات المحاكم
في هاتين الدولتين لبدلوا رأيهم أو بعضاً من آرائهم .
إن أبرز نتائج إلغاء نظام التعدد نورده على
لسان الغربيين أنفسهم الذين يؤكدون على الخلل الذي أصاب المجتمع نتيجة تزايد عدد
النساء بشكل عام حيث تزايد هذا العدد إلى ثمانية ملايين امرأة في أميركا، وقد
أرسلت فتاة أميركية اسمها " ليندا " رسالة إلى مجلس الكنائس العالمي
تقول فيها :"إن الإحصاءات قد أوضحت أن هناك فجوة هائلة بين عدد الرجال
والنساء فهناك سبعة ملايين وثمانية آلاف امرأة زيادة في عدد النساء عن عدد الرجال
في أميركا ، وتختم رسالتها قائلة : أرجوكم أن تنشروا رسالتي هذه لأنها تمس كل
النساء ، حتى أولئك المتزوجات ، فطالما أن النسبة بين الرجال والنساء غير متكافئة
، فالنتيجة الأكيدة هي أن الرجال سيخونون زوجاتهم ، حتى ولو كانت علاقتهم الزوجية
قائمة على أساس معقول " .
إن تزايد عدد النسوة عن عدد الرجال له مبررات
عدة منها ما هو طبيعي ومنها ما هو اجتماعي ومنها ما هو خاص .
أما المبررات الطبيعية فتتمثل في القوانين التي
تخضع لها الفصيلة الإنسانية فيما يتعلق بالنسبة بين الذكور والإناث ، فيما ترجع
أهم المبررات الاجتماعية إلى أمرين : أحدهما يعود إلى أعباء الحياة الاجتماعية
وتوزيع الأعمال بين الجنسين وكل ذلك يجعل الذكور أكثر تعرضاً للوفاة من الإناث
وأقصرَ منهن أعماراً ، وثانيهما أن الرجل لا يكون قادراً على الزواج بحسب الأوضاع
الإجتماعية إلا إذا كان قادراً على نفقات المعيشة لزوجته وأسرته وبيته في المستوى
اللائق به...على حين أن كل بنت تكون صالحة للزواج وقادرة عليه بمجرد وصولها إلى سن
البلوغ .
بينما تتمثل المبررات الخاصة فيما يطرأ أحياناً
على الحياة الزوجية من أمور تجعل التعدد ضرورة لازمة فقد تكون الزوجة عقيماً ، أو
قد تصير إثر إصابتها بمرض جسمي أو عصبي أو بعاهة غير صالحة للحياة الزوجية .
فأي الأمور أصلح للزوجة أن تَطَلَّق وهي مريضة
تحتاج إلى العناية والاهتمام وينعت الرجل حينذاك بالصفات الدنيئة من قلة الوفاء
والخِسَّة ، والمثل المعروف يقول "أكلها لحمة ورماها عظمة " أم يكون من
الأشرف للزوجة أن يتزوج عليها مع احتفاظها بحقوقها المادية كافة ؟
إن نظام التعدد نظامٌ اختياريٌ وليس إجبارياً
وهو لا يكون إلا برضا المرأة ، هذا الرضا الذي يحاول كثير من الناس أن ينزعه عن
الفقه الإسلامي مدعين بأن الإسلام حرم المرأة من حقها في اختيار الزوج ، إلا أن
نظرةً إلى هذا الفقه تشير إلى اتفاق الفقهاء على أن المرأة البالغة الثيّب يُشترط
إذنها ورضاها الصريحين قبل توقيع العقد ، وهذا النوع من النساء هن في الغالب من
يرتضين أن يكن زوجات ثانيات ، أما المرأة البالغة غير الثيِّب فقد اتفق الفقهاء
على أن سكوتها المنبئ عن الرضا يجزئ في صحة العقد ، أما إذا كان هناك قرينة على
رفضها فهناك خلاف بين الفقهاء ، يقول الأحناف أنه لا يجوز لوليها أن يزوجها ،
بينما قال الشافعية أنه يجوز لولي الإجبار وهو ( الأب أو الجد ) أن يزوجها ولكن
بشروط منها :
1-أن لا يكون بينه وبينها عداوة .
2-أن يزوجها من كفء ، والكفاءة معتبرة في الدين
والعائلة والمستوى الاجتماعي .
3- أن يكون الزوج قادراً على تسليم معجل المهر
.
كل هذا يصح به العقد وإن كان يفضل أن يتخير لها
الولي من ترتضيه.
أما بالنسبة للزوجة الأولى فإن الإسلام لم
يحرمها رضاها بالزوجة الثانية إذ أباح لها الإسلام إذا كرهت زواج زوجها عليها أن
تشترط ذلك عند العقد ، فتحمي بذلك نفسها من التجربة .
هذا من وجهة النظر الشرعية أما من ناحية الواقع
فإن " الإحصاءات التي تنشر عن الزواج والطلاق في البلاد العربية الإسلامية
تدل على أن نسبة المتزوجين بأكثر من واحدة نسبة ضئيلة جداً لا تكاد تبلغ الواحد
بالألف .
والسبب في ذلك واضح ، وهو تطور الحياة
الاجتماعية ،وارتفاع مستوى المعيشة،وازدياد نفقات الأولاد في معيشتهم وتعليمهم
والعناية بصحتهم " ، إضافة إلى خوف الزوج وخاصة المتدين من عدم العدل بين
الزوجات ، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : ( من كانت له امرأتان
فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ( خديه ) ساقط ) .
وفي ختام موضوع تعدد الزوجات نؤكد على أن طرح
رفض تعدد الزوجات إنما يخدم أهدافاً غربية تقوم على تحديد النسل بغية إضعاف أمة
الإسلام وتقليل عدد أبنائها بحيث لا يشكلون قوة لا يستهان بها في المستقبل .
5-الإرث
إن المطالبة بالمساواة في الإرث بين الرجال
والنساء أمر غير غريب على الإسلام بل إن بوادر هذا الأمر بدأت منذ نزول الوحي ،
فقد جاء في إحدى الروايات عن أسباب نزول الآية 32 من سورة النساء في قوله تعالى :
{ ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب
مما اكتسبن ، واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما ) أن أم سلمة رضي
الله عنها قالت " يا رسول الله يغزو الرجال ولا نغزو ، ولنا نصف الميراث
" .
فلأول وهلة قد يبدو أن الإسلام ظلم البنت إذ
جعل لها نصف حظ أخيها من تَرِكَة الأب ، إلا أن هذا الأمر ينافي الواقع إذ إن
الإسلام كلف الرجل بما لم يكلف به المرأة فهو المسؤول عن نفقتها ونفقة عياله وحتى
أخواته إذا لم يكن لهن معيل ، بينما لم يكلف الشرع المرأة بأية مسؤوليات ، فالمال
الذي ترثه من أبيها يبقى لها وحدها لا يشاركها فيه مشارك ، فنصيب الابن "
معرض للنقص بما ألقى عليه الإسلام من التزامات متوالية متجددة ، ونصيب البنت معرض
للزيادة بما تقبض من مهور وهدايا" .
أما حجة نساء اليوم بأن المرأة تعمل وتنفق على
بيتها كالزوج وتشاركه في الأعباء فلهذا انتفى الحكم التاريخي لهذه الآية ، هذا
القول هو أمر مرفوض شرعاً حتى لو اتفق الزوجين على كتابة شرط عمل المرأة في العقد
صح العقد وبطل الشرط بخلاف بعض القوانين الغربية ومنها القانون الفرنسي الذي يشترط
مساهمة الزوجة في النفقة .
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن قاعدة التنصيف
في الإرث المبنية على قوله تعالى : ( للذكر مثل حظ الأنثيين ) ليست قاعدة مطردة ،
لأن هناك حالات يتساوى فيها الذكر والأنثى كما في حال تساوي نصيب الأب وهو ذكر مع
نصيب الأم وهي أنثى في ميراث ابنهما .
6- الشهادة
تطالب الجمعيات النسائية بتعديل القانون
اللبناني منسجماً مع الاتفاقيات الدولية التي تدعو إلى إعطاء المرأة الأهلية
الكاملة في مركزها وحقوقها القانونية ، وهم يرون أن الإسلام يقف عائقاً أمام تساوي
الرجل والمرأة في الشهادة معتبرين أن " قضية الشهادة هذه منافية لمبدأ
المساواة بين الرجل والمرأة ، وأنها مظهر آخر من مظاهر الدونية للمرأة في الشريعة
الإسلامية" وللرد على مزاعمهم نؤكد على أن التمييز في الشهادة بين الرجل
والمرأة ليست مطلقة بل هي تختلف من حالة إلى أخرى ، وهي على أقسام :
1- شهادة التي لا يقبل فيها شهادة المرأة
مطلقاً وهي شهادة القصاص والحدود ذلك لأن هذه القضايا تثير موضوعاتها عاطفة المرأة
ولا تقوى على تحملها.
2- شهادة المبايعة والمداينة وهي التي يُطلب
فيها شهادة رجلين أو رجل وامرأتين بناء على قوله تعالى : (واستشهدوا شهيدين من
رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما
تذكر إحداهما الأخرى )
وهذا التمييز في هذا النوع من الشهادة ليس
تمييزاً عبثياً وإنما يعود إلى الفوارق الفطرية والطبيعية بين الرجل والمرأة ، حيث
أن المرأة لقلة اشتغالها بالمبايعات معرضة أكثر من الرجل للضلال الذي هو نسيان جزء
وتذكر جزء آخر ، ويعود سبب ضلال المرأة أكثر من الرجل إلى طبيعة تركيبة جسمها الذي
يجعلها تتأثر بسرعة مما يعرضها لعدم الثبات.
3- شهادة اللعان التي تتساوى فيها شهادة الرجل
وشهادة المرأة كما في حال اللعان، وهي الحالة التي يحصل فيها اتهام بالخيانة
الزوجية ، قال تعالى : (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة
أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين * والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من
الكاذبين * ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين *
والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ) .
4- شهادة الولادة وإحقاق النسب للمولود
والرضاعة كلها شهادات التي تنفرد فيها المرأة دون الرجل ، كما جاء عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم " فقد روي عن عقبة بن الحارث، أنه تزوج أم يحيى بنت أبي
أهاب . فجاءت امرأة وقالت : "لقد أرضعتكما " فسأل عقبة النبي صلى الله
عليه وسلم فقال : كيف وقد قيل ؟ ففارقها عقية ، فنكحت زوجاً غيره " .
يتبين لنا مما سبق أن وجوب وجود امرأتين في
الشهادة مع رجل واحد ، هو أمر خاص في المداينة فقط دون سائر أنواع الشهادات مما
ينفي وجود تمييز في الحقوق بين الرجل والمرأة ومما ينفي المساس بكرامة المرأة بل
جُلَّ ما في الأمر أن الدين الحنيف يهدف إلى توفير الضمانات في الشهادة وزيادة
الاستيثاق لإيصال الحق إلى أصحابه .
الخاتمة
إن الإسلام أعطى المرأة حقوقاً وفرض عليها
واجبات يجب عليها مراعاتها عندما تطالب بأي حق يمكن أن لا يتناسب مع ما فرضه عليها
الإسلام ، من هذه الحقوق تلك التي تطالب الاتفاقيات الدولية بها والتي يتعارض
تطبيقها مع الشريعة الإسلامية في عدة نواح منها:
1- كونها لا ترضي المرأة المسلمة لأن جُلَّ ما
تطالب به من حقوق قد مارستها المرأة المسلمة منذ أربعة عشر قرناً .
2- إن الحقوق التي شرعها الإسلام للمرأة هي
ثابتة لأنها موثقة بآيات قرآنية وبأحاديث نبوية شريفة وهي بالتالي ملزمة للرجل
والمرأة على حد سواء .
3- إن هذه الاتفاقيات أغفلت ناحية هامة هي
الناحية الروحية والعقائدية .
4- إن حقوق المرأة في الاتجاهات الدولية هي
حقوق غير ثابتة لأنها من وضع الإنسان .
5- إن هذه الاتفاقيات بمجمل موادها أغفلت
الخصائص المميزة لكل شطر من شطري النفس الواحدة أعني الذكورة والأنوثة والاختلافات
الجسدية والفيزيولوجية منها .
في الختام ، ندعو الله سبحانه وتعالى أن يثبت
المرأة المسلمة على دينها ويهديها إلى ما يحاك لها من مؤامرات تهدف إلى تدميرها
عبر تدمير أسرتها ودفعها إلى مخالفة فطرتها، فالاتفاقيات الدولية لا تهتم بسعادة
المرأة أو شقائها وإنما تهتم بقضايا أكبر تطال الدول الكبرى التي وضعتها والتي من
أهمها تحديد النسل في الدول النامية حتى لا تشكل في المستقبل قوة تشكل خطراً عليها
، وهذا الأمر أكد عليه " هنري كيسنجر " مستشار الرئيس الأميركي الأسبق
عام 1974م. عندما قال : "إن هناك 13 دولة من بينها ست دول مسلمة ذات كثافة
سكانية عالية وللولايات المتحدة فيها مصالح سياسية واستراتيجية ، لهذا لا بد من
تنفيذ سياسات لخفض سكانها حتى لا تصبح أكثر قوة مما هي عليه الآن " .
هذا ما يخطط لنا فهل من يسمع أو يعتبر ...
والسلام عليكن ورحمة الله وبركاته.
الفهرس
القرآن الكريم
كتب السنة النبوية الشريفة .
1-الدكتور مصطفى السباعي ، المراة بين الفقه
والقانون ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، الطبعة السادسة ، 1404هـ ، 1984م.
2- الدكتورة سامية عبد المولى الشعار ، أسس
حرية المراة في التشريع الإسلامي ، دار الفلاح للنشر، الطبعة الأولى ، 1420هـ ،
1999م.
3- الدكتورة سامية عبد المولى الشعار ، بحث تحت
عنوان " منهجية في التقارب ما بين الفقه الإسلامي وقوانين الحوال الشخصية
" .
4- محمد رشيد العويد ، من أجل تحرير حقيقي
للمراة ، دار ابن حزم ، بيروت ، الطبعة الأولى ، 1413هـ ، 1993م.
5- الشيخ راشد الغنوشي ، المراة بين القرآن
وواقع المسلمين ، المركز المغاربي للبحوث والترجمة ، لندن ، الطبعة الثالثة ،
1421هـ ، 2000م. .
6- فدى عبد الرزاق القصير ، المراة السملمة بين
الشريعة الإسلامية والأضاليل الغربية ، مؤسسة الريان ، بيروت ، الطبعة الأولى ،
1420هـ ، 1999م.
7- الدكتور علي عبد الواح وافي ، المرأة في
الإسلام ، دار نهضة مصر للطبع والنشر ، القاهرة ، الطبعة الثانية .
د. نهى
قاطرجي
==================
رسالة إلى المرأة
رسالتي هذه إلى المرأة،الأم الرؤوم
الحنون،والزوجة العفيفة المصون،والأخت والابنة الغالية اللؤ المكنون.رسالة إلى
صانعة الرجال،إلى مربية الأجيال.رسالة إلى جالبة العظماء ومقدمة الشهداء.
تحية طيبة عطرة نقية سلام الله عليك ورحمته
وبركاته أما بعد:
مما لا شك فيه ان المرأة في المجتمع كالقلب في
الجسد إذا صلحت صلح المجتمع كله وإذا فسدت فسد المجتمع كله. ولمّا رأيت تلك الهجمة
الشرسة وتلك الضربات الموجعة للمرأة للمرأة المسلمة عامة والشرقية العربية خلصة
لزم التنويه:
أختي في الله لقد نصب دعاة التحرير والتغريب
شراكهم للإيقاع بك ووجهوا اسهمهم نحوك للإيقاع بك ،حقدا وحسدا من عند أنفسهم ، لقد
أكلهم الكره أكلا لمّا رأوا تكريم الإسلام لك أختي وهنا مربط الفرس "تكريم
الإسلام" تعالي أختي نناقش هذه المسألة بمنطق عقلي:
ما المسألة : "يقولون أن الإسلام حرر
المرأة وكرمها دون سائر الأديان ولكنه في حقيقة الأمر استعبدها واستبقاها خادمة
للرجل" هذه هي المسألة إذا فلنحرر المرأة ولكن مهلا أي تحرير تقصدون يا
سادة؟:
يردون قائلين:
أولا: أن تخلع النسوة حجابهن فهو رمز للتخلف
والتأخر وأن للمرأة أن تساير الموضة.
ثانيا: أن تتعلم جنبا إلى جنب مع الرجل.
ثالثا: أن تعمل فأي المجالات شاءت.
فهذا هو التحرر وياله من تحرير.أن تتحرر المرأة
بخلع الحجاب،ومال الحجاب ومال الحرية-ألم أقل إنه حقد وكره- هل سيعوق الجلباب
والخمار وأحيانا النقاب تلك الحرية ام ماذا؟أم أن هذه الأشياء تكبلها؟وإذا خلعتها
هل هي حرة؟ هيهات هيهات وكيف ذلك؟
عندما خلعت المرأة حجابها وتنازلت عن جلبابه
وخمارها ونقابها أصبحت تركض وراء المموضة وتلهث خلفها،ظهر الفستان الفلاني في
المكان كذا ولون الشعر هذا يقدمه المحل ذاك وهكذا وهكذا وهكذا وهكذا.... فأصبحت
لعبة في يد مصمم أزياء ومصفف شعر وهوس صاحب محل وثقافة استهلاكية جامحة،بل الأدهى
والأمر عندما تخلت المرأة المسلمة عن حجابها كان ولابد وأن تتجه الأنظار إليها إذا
فلابد وأن تحافظ على جسمها ونقلوا لنا المواصفات القياسية لهذا الجسم فترى كثيرا
من البنات إذا زدن جراما واحا أصابهن الأرق والقلق من هذا الجرام والبعض الآخر
يتبعن نظام حمية قاس(ريجيم) ولكن ما لم ينقلوه لنا هو أن بعض تلك الأنظمة تفضي إلى
الإكتئاب وفي بعض حالاته الانتحار.كنت قد قرأت في أحد المواقع أن هناك في الغرب
مرض يدعى اضطراب الأكل أو الخوف من الأكل يصل إلى درجة التقيؤ عند أكل أي شئ فيصاب
المريض إلى انهيار في أجهزته الداخلية وخلص صاحب البحث أن سبب قلة وجود هذا المرض
في المجتمعات المسلمة هو الحجاب-الجلباب والخمار-لأن المرأة المسلمة ليست في حاجة
إلى ان تكشف عن جسدها وبالتالي لن يحملق فيها الغادي والرائح ولا تستطيع رد أسهم
إبليس الموجهة نحوها من منافقي هذا العصر ،فها أنت أصبحت أسيرة جسدك بل والطامة
الكبرى والبلاء الأعظم أنك أصبحت أسيرة –وياللمفارقة- للرجل!!!.
هل لاحظتي أنه الآن لايوجد إعلان إلا وفيه بنت
تتعرى وتتلوى لماذا ؟ لتشد الأنظار لها ويستطيع صاحب الإعلان أن أن يجعل المشاهد
يسمع كل ما يريد فأصبحت بذلك يا أختي عبدة لذلك الرجل المريض والمشاهد الشره وكذلك
في المحال التجارية والشركات،المرأة ممزقة بين هذا وذاك،فتحرري يا أختي بحجابك
الشرعي تحرري من سيطرة هؤلاء عليك هذا من ناحية ترك الحجاب والتحرر.فماذا عن
التعلم جنبا إلى جنب مع الرجل؟. هل لا يجوز العلم إلّا بجانب الرجال ومنهم البر
والفاجر؟أم ماذا؟ أين التحرر هنا؟هل في إغواء الرجال للنساء وإيذائهم لهن أم في
إغواء النسوة للرجال؟هل في معاداة الرجال ومناطحتهم؟لا أدري صراحة في أي من ذلك
تكون المساواة والحرية؟، ماذا عن المواصلات؟لو دققت النظر أختاه لوجدت أنك فعلا قد
ظلمت، فأنت مضطرة إلى مكابدة عناء المواصلات والزحام يوميا ومشاحنة الرجال بل
أحيانا الركض وراء المواصلات لكي تلحقي بعملك وللأسف قد ذهبت غيرة النساء على
أنفسهن والرجال على زوجاتهن وأصبح التلامس لايمثل مشكلة.وكل هذا لماذا؟ لكي تأتي
في آخر الشهر وتعطي المرتب لزوجك –مازلت تعملين للرجل- وتأخذي نصفه إن لم يكن
ثلاثة أرباعه دواء لك –ضغط،أعصاب،برد- ودعك من المادة ماذا عن زوجك واولادك ألم
تقصري في حقوقهم بما لا تعوضه نقود الدنيا ومن النسوة من يقلن أنا أعمل لأبني
مستقبلي وأثبت ذاتي فأقول لها اعملي واجتهدي ولاشك عندي أنك ستنجحين بل وتصبحين
وزيرة ورئيسة دولة ولكن بعد ماذا بعد أن أصبحت رجلا ونسيت انوثتك ولكن هذه الأنوثة
ستظل قابعة في مكان ما مظلم من وجدانك تنتظر اللحظة المناسبة لتنقض عليك وتفترسك
جرّاء ما فعلته بها فتشعرين بها عندما لا تجدين حولك سكنك (زوجك) وأولادك وماذا
تنتظرين من زوج تركتيه وأولاد هجرتيهم عندها فقط ستعترفي بأنك إمرأة. ها قد ناقشنا
في إيجاز بعض شروط التحرر الغربي(الأسر والعبودية والذل والمهانة والوحدة) ونكمل
في المرة القادمة كلامنا –إن شاء الله- فإلى لقاء عسى أن يكون قريبا.
سبحانك اللهم وبحمدك لا إله أنت أستغفرك وأتوب
إليك.
إسماعيل أمين
==================
شبهات مُثارة
حـول : حول قضايا مُتعلقة بالمـرأة المسلمـة
الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
هذا
السؤال وصلني عبر البريد :
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى / الشيخ العلامة أمد الله في عمره
شيخنا الجليل : بعد الاحتلال الأمريكي صدر كتاب
اسمه : ( قضايا مثارة حول المرأة المسلمة ) لكاتب معروف بدرجة أستاذ دكتور - رئيس
ما يسمى بالحزب الإسلامي العراقي - وقد تضمن هذا الكتاب الكثير من الآراء التي
فاجأتنا نرجو من سيادتكم الإجابة عليها :
1ـ ذكر
حالات جديدة في عصرنا حول موضوع سفر المرأة فقال في ص 33 :
أستاذة في كلية علمية تُدعى مع زميلاتها ومع
زملائها إلى مؤتمر عالمي يسافرن بالطائرة في إطار وفد علمي ، وينْزِلن في فندق
معروف مهيأ للوفد جميعا ، فلا يمكن أن نقول إن سفرهن حرام لأنهن لسن مع أزواجهن ،
لأن طبيعة هذا السفر لا تشبه الأسفار القديمة ، ولكن لابد أن يوافق الزوج على هذا
السفر ، والزوج الذي زوجه بهذا المستوى العلمي لابد أن يكون في مستواها ولا يتعسف
في استعمال حقه .
2ـ
وقال في ص 49 من الكتاب :
فالنقاب لا يدخل في أصل الحجاب ولا في قوله
تعالى : ( إلا ما ظهر منها )
والحجاب الكامل فرض على نساء النبي صلى الله
عليه وسلم ، والدليل على أن هذا الحجاب الكامل خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم
قوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ) .
إلى أن
قال : ولكني أدعو النساء إلى عدم لبس النقاب في عصرنا هذا لأنه منفر مخالف للأخذ
بالأيسر ، ولأنهن في الكليات والدوائر والمؤسسات وحتى الطرقات يحتجن إلى إظهار
وجوههن لكي يعرفن .
3ـ في
ص 70 وعند كلامه عن صوت المرأة هل هو عورة أم لا ؟ و هل الغناء حرام أم لا ؟ قال :
فإذا كان صوت المرأة ليس عورة في الكلام
الطبيعي ، فلماذا يكون عورة إذا أنشدت قصيدة أو أنشودة في الفضيلة والجهاد ،
والدعوة إلى الإسلام والخير أمام الرجال في احتفال عام على خشبة المسرح أو بدون
حضور الرجال ، إذا كانت في كل ذلك ملتزمة بضوابط الحجاب الإسلامي ، وعدم الخضوع
بالقول والتصنع في إغراء الرجال .
4ـ وفي
ص 71 قال عن تمثيل المرأة :
وأما تمثيل المرأة سواء أكانت على خشبة المسرح
أم في المسلسلات أم في الأفلام ، إذا انضبط بضوابط الإسلام مع وجود المحارم ،
فلماذا يكون حراما ، إذا لم يحصل فيه الاختلاء أو الاختلاط الفاحش .
5 ـ في
ص86 في حديثه عن اتخاذ الأرقاء قال :
وفي العصر الحديث أدركت البشرية ظلم هذا النظام
القاهر ، فقررت دولها إلغاءه نهائيا من حياة البشرية ، وأقرت ذلك في مواثيق حقوق
الإنسان الصادرة من الأمم المتحدة .
والإسلام يرحب بذلك أعظم ترحيب ، لأنه دين
الأخوة الإنسانية ، ولذلك وقعت الدول الإسلامية على تلك المواثيق . إن إطاعة
لشريعة الإسلام أو اتِّباعا للسياسة الدولية ، والمسلمون عند شروطهم ولا يجوز لهم
اتخاذ العبيد في الحرب طالما أن الأمم الأخرى لا تفعل ذلك
فما هو الرأي الشرعي في هذه المسائل ؟
الجواب :
بارك الله فيك
أخي الكريم
وأريد أن أسأل سؤالا قبل الرد والجواب :
ما هو الحرام إذاً في عُرف هذا الدكتور ؟!
وما هي الضوابط الشرعية التي أبقاها لِحفظ
الأعراض ؟!
وأقول : كان حق هذا الكتاب أن يكون الجزء
الثاني من كتاب : الحلال والحلال في نظره !
ويَصدق على هذا الكتاب وهذه الآراء قوله تعالى
: (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ)
قال الإمام ابن جرير الطبري في التفسير :
فتأويل الكلام إذن : فترى يا محمد الذين في قلوبهم مرض وشك إيمان بنبوتك وتصديق ما
جئتهم به من عند ربك يُسارِعون فيهم يعني في اليهود والنصارى . ويعني بمسارعتهم
فيهم مسارعتهم في موالاتهم ومُصانعتهم . اهـ .
وقال ابن قتيبة (يُسَارِعُونَ فِيهِمْ) : في
رِضاهم .
وقبل الردّ على هذه الشُّبُهات أقول مستعينا
بالله :
أولاً : لا بُـدّ أن يُعلم أن دين الله واحد
ثابت لا يتغيّر ، وقد تتغيّر الفتاوى الاجتهادية ( المبنية على اجتهاد ) أما ثوابت
الإسلام وقواطع الأدلة فلا تتغيّر ولا تتبدّل .
فلا يصح – عقلاً ولا شرعاً – أن يأتي مأفون
فيقول : الصلاة كانت تُناسب ذلك الوقت والزّمان حيث لم يكن ثمّة رياضة ونوادٍ
رياضية ! أما اليوم فتوجد أندية رياضية وممارسات رياضية تُغني عن الصلاة ! وقد
وُجِد من قال بهذا القول الساقط المرذول من كل وجه !
ولا يصح – عقلاً ولا شرعاً – أن يُقال : إن
الحج لا يُناسب العصر لما فيه من زِحام ومشقّة !
لأن هذه ثوابت شرعية لا تتغيّر ولا تتبدّل .
كما لا يصح – عقلاً ولا شرعاً – إلغاء الحدود
لأن بعض أمم الكُفر ترفض إقامة الحدود !
والذي خَلَق الْخَلْق هو الذي شرع الشرع
بأوامره ونواهيه وزواجره . قال تعالى : ( أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ
اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ) .
وقد كان السلف يُشدِّدون في هذا الجانب ، فلا
يجوز ردّ نصّ صحيح لمتغيّرات العصر ، ولا لِعَدَمِ قبول بعض العقول له !
قال الحميدي : ذَكر الشافعيُّ حديثا ، فقال له
رجل : تأخذ به يا أبا عبد الله ؟ فقال : أفي الكنيسة أنا ؟! أو ترى على وسطي زنارا
؟! نعم أقول به ، وكلما بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم قُلتُ به .
وقال الربيع بن سليمان : سمعت الشافعي وسأله
رجل عن مسألة ، فقال له رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة كذا وكذا
، فقال له السائل : يا أبا عبد الله تقول به ؟ قال : فرأيت الشافعي أرعد وانتفض ،
وقال : يا هذا أي ارض تُقِلُّني ، وأي سماء تُظِلني إذا رويت عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم حديثا فلم أقُل به ؟ نعم عَلَيَّ السمع والبصر .
وحدّث أبو معاوية الضرير هارون الرشيد بحديث
" احتج آدم وموسى " فقال رجل
شريف : فأين لقيه ؟ فغضب الرشيد وقال : النطع والسيف ! زنديق يطعن في الحديث . فما
زال أبو معاوية يسكِّـنه ويقول : بادرة منه يا أمير المؤمنين . حتى سكن .
قال الإمام الذهبي بعد أن ساق قول أبي قلابة :
" إذا حَدَّثْتَ الرجل بالسُّنة فقال : دعنا من هذا ، وهات كتاب الله ، فاعلم
أنه ضال .
ثم
علّق عليه بقوله :
قلت أنا : وإذا رأيت المتكلم المبتدع يقول :
دعنا من الكتاب والأحاديث الآحاد وهات العقل ، فاعلم أنه أبو جهل !!
وإذا رأيت السالك التوحيدي يقول : دعنا مِن
النقل ومِن العقل وهات الذوق والوجد فاعلم أنه إبليس قد ظهر بصورة بشر ، أو قد
حَلّ فيه ! فإن جبنت منه فاهرب وإلا فاصرعه وابرك على صدره واقرأ عليه آية الكرسي
واخنقه ! انتهى كلامه .
وقال أبو سليمان الداراني : إنه لتمر بقلبي
النكتة من نكت القوم فلا أقبلها إلا بشاهدي عدل من الكتاب والسنة .
وقال النصر آبادي : أصل هذا المذهب ملازمة
الكتاب والسنة ، وترك الأهواء والبدع ، والاقتداء بالسلف ، وترك ما أحدثه الآخرون
، والإقامة على ما سلكه الأولون .
فلا يَجوز اطِّراح الأحاديث وردّ الأدلة بهذه
الصورة بِدعوى التماشي مع روح العصر – زعموا – أو مُسايرة الواقع !
ثانياً : لا بُـدّ أن يُعلَم أن الشريعة
الإسلامية جاءت بتحقيق المصالح وتكميلها ، وإعدام المفاسد وتقليلها .
وأنها لا تأمر بشيء إلا ومصلحته مُتحقِّقَة أو
راجحة ، ولا تنهى عن شيء إلا ومفسدته مُتحقِّقَة أو راجحة .
فليست
ألأوامر والنواهي لمجرّد التكليف ، ولا لتعذيب العباد لأنفسهم ، بل هي الغاية في
تحقيق المصالح ودفع المفاسد والْمَضارّ .
كما أن الشريعة الإسلامية جاءت بِحفظ الضرورات
الخمس ، وهي :
الدِّين والعقل والنَّفْس والعِرض والمال .
قال الإمام الشاطبي : فقد اتفقت الأمة بل سائر
الملل على أن الشريعة وُضِعتْ للمحافظة على الضروريات الخمس ، وهي : الدين والنفس
والنسل والمال والعقل وعلمها عند الأمة كالضروري
وقال : فالضروريات الخمس كما تأصلت في الكتاب
تَفَصَّلَتْ في السُّنة . اهـ .
ومن هذا الباب حِفظ المرأة ، وأن لا تُسافر إلا
مع ذي مَحرَم ، ليس لِعدم الثقة بها ، وإنما من باب المحافظة عليها ، لأنها ضعيفة
في اصل خِلقتها ، إذ خُلِقتْ من ضعف مُضاعَف ، كما في قوله تعالى : (اللَّهُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ
جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً) فالرّجل خُلِق من ضعف ، ومن هذا
الضعف خُلِقتْ حواء ، كما في قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا) .
وهذا الضعف أنسب للمرأة إذ هو أنسب للأنثى
لتكون أرقّ وألطَف ، ولتكون أحْـنَى على ولدها ، وطبيعة المرأة شاهدة بذلك .
ثم إن ما يُحفَظ هو ما يكون له قَدر كبير ، وله
مكانة في النَّفْس ، ويَعزّ على الإنسان أن يَفقِده
ألا ترى أن الإنسان يُغلق الأبواب على أمواله ،
بينما يَطَّرح الزَّبَل في ممرّ الكِلاب ؟!
فالحضارة الغربية جَعَلتْ المرأة بمنْزِلة
الزِّبَالة !
بينما الإسلام جَعَل المرأة بمثابة الدّرة
والجوهرة النفيسة .
فالإسلام حفِظ المرأة من كل ما يَشينها أو
يَخدش حياءها .
وحفِظ لها كرامتها وصانِها ، ولذا شُرِع جلد من
قَذَف مُسلِمة عفيفة ، واعتُبِر ذلك في الإسلام من الْمُهْلِكات ، كما في قوله صلى
الله عليه وسلم : اجتنبوا السبع الموبقات – وَذَكَر منهن – : وقذف المحصنات
المؤمنات الغافلات . رواه البخاري ومسلم .
ثالثاً : ما يتعلق بِسفر المرأة من غير مَحرَم
:
فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سفر
المرأة من غير مَحرَم ولو كان ذلك لأداء فريضة الله التي فَرض على عباده ، ولو كان
ذلك لأداء فريضة الحج .
ولذا لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا يخلوَنّ رجلٌ بامرأةٍ إلاّ مع ذي مَحْرَم ، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم .
قام رجلٌ فقال : يا رسولَ الله امرأتي خَرجَت حاجّةً ، واكتَتَبتُ في غزوةِ كذا
وكذا ، قال : انطلق فحُجّ مع امرأتِك . رواه البخاري ومسلم .
فهذا الرجل لم يأذن له النبي صلى الله عليه
وسلم أن يخرج للجهاد في سبيل الله ويترك امرأته تذهب للحج
بل أمره أن ينطلق ليحجّ مع امرأته
وفي تعبيره صلى الله عليه وسلم بـ " انطلق
" ما يدلّ على السرعة .
كما أنه عليه الصلاة والسلام لم يسأله : هل
امرأتك مع رفقة صالحة ؟ ونحو ذلك .
وقال عليه الصلاة والسلام : لا يحل لامرأة تؤمن
بالله واليوم الآخر تُسافر مسيرة يوم إلا مع ذي مَحْرَم . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم : لا يحل لامرأة مسلمة تسافر
مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذو حرمة منها .
وقد وَرَدتْ روايات فيها يومين ، وأخرى فيها :
ثلاثة أيام .
وهذا يقول فيه العلماء : لا مفهوم للعدد .
قال الإمام النووي : وفي رواية لأبي داود :
" ولا تسافر بَريداً " والبريد مسيرة نصف يوم . قال العلماء : اختلاف
هذه الألفاظ لاخْتِلاف السائلين واخْتِلاف المواطن ، وليس في النهي عن الثلاثة
تصريح بإباحة اليوم والليلة أو البريد . قال البيهقي كأنه صلى الله عليه وسلم سُئِل
عن المرأة تُسافر ثلاثا بغير محرم فقال : لا . وسُئل عن سفرها يومين بغير محرم
فقال : لا . وسُئل عن سفرها يوما فقال : لا ، وكذلك البريد ، فأدّى كل منهم ما
سمعه ، وما جاء منها مختلفا عن رواية واحد فسمِعَه في مواطن ؛ فروى تارة هذا وتارة
هذا ، وكله صحيح ، وليس في هذا كله تحديد لأقلّ ما يقع عليه اسم السفر ، ولم يُرِد
صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى
سفراً ، فالحاصل أن كل ما يسمى سفرا تُنْهَى عنه المرأة بغير زوج أو محرم ، سواء
كان ثلاثة أيام ، أو يومين ، أو يوما ، أو بريداً ، أو غير ذلك ، لرواية بن عباس
المطلقة وهي آخر روايات مسلم السابقة : " لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم
" وهذا يتناول جميع ما يُسَمَّى سفراً . والله أعلم . اهـ .
وتحريم سفر المرأة من غير مَحرم مَحلّ إجماع
بين العلماء .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : واستُدِلّ
به على عدم جواز السفر للمرأة بلا محرم ، وهو إجماع في غير الحج والعمرة والخروج
من دار الشرك ، ومنهم من جَعَلَ ذلك من شرائط الحج . اهـ .
أي أن من العلماء من جعل الْمَحْرَم من شروط
الحجّ .
فلم يَختلِف العلماء في تحريم سفر المرأة من
غير مَحرَم إلا في مسألتين – ذكرهما ابن حجر – وهي:
الحج والعمرة والهجرة من دار الشرك .
والصحيح أنه لا يَجوز للمرأة أن تُسافر للحج أو
العمرة إلا مع ذي مَحرم للحديث السابق .
وأما قوله : (فلا يمكن أن نقول إن سفرهن حرام
لأنهن لسن مع أزواجهن ، لأن طبيعة هذا السفر لا تشبه الأسفار القديمة)
فأقول : كان الناس في الأسفار القديمة
يَنْزِلون في خيام أو تحت أشجار ، وهي لا تَستر ولا تَحجب إلا قليلاً ، وهو أبعد
عن الخلوة ، خاصة في أسفار الجماعات .
لكنه في هذا الزمان يُرى في الطائرات – فضلا عن
الفنادق والمقاهي – ما يُعلَم معه عِلم يقين أن فساد الناس في هذا الزمان أولى
بالمنع .
ولا زلت أذكر أننا كُنا في طائرة مُتّجهة إلى
شرق آسيا ، وهي مليئة بالنساء من غير محارِم لهن ، وفي الطائرة بعض سفهاء الأحلام
! فما أن أقلعت الطائرة حتى تأبّط كل واحد منهم ذراع أو فخِذ امرأة !
وإذا غاب الرقيب فقُل على العفاف السلام !
فلما أنكرت ذلك زَعَم أحدهم أنه يتفاهم معها !
كما زَعم أن لديها مكتب استقدام ! وأنه يتفق معها على استقدام عَمالة !
فقلت له : عجبا ! أوَ يَكون التفاهم بالشِّفَاه
؟!
قال : وَصَل بك سوء الظن إلى هذه الدرجة ؟!
قلت : إذا كان الأمر كما تقول : فما حاجة أن
يكون فخذك بين فخذيها في طائرة ؟!
فنَظر إلى فخذه ، وإذا هو لا يَزال بين فخذيها
! فخَجِل وأطرق ، ثم أبدى اعتذاره فيما بعد .
فالشاهد من هذا أن وسائل السفر الحديثة وكذلك
وسائل السكن أدْعَى لارتكاب الفاحشة ، ولوقوع المحذور مما سَبق في الأزمنة الماضية
.
والفنادق في زماننا هذا ادعى للفساد والرِّيبَة
، وذلك لوجود وسائل الاتصال ، فيُمكن لنَزِيل فندق أن يتصل وأن يُرتّب أمره ، وأن
يستقبل من شاء ، وأن يَخلو به ، من غير حسيب ولا رقيب .
أضِف إلى ذلك وُجود القنوات الفضائية التي
تُتاجِر بالغرائز ، وتُثير الشَّهوات .
وكم من الناس سأل عن وقوعه في الفاحشة ، وكان
سبب ذلك أنه سكن في فندق فنظر ابتداء إلى تلك القنوات الفاجِرة ، فتأججت شهوته ،
وثارت غريزته ، وربما دَخَلتْ عليه شابة تعمل في الفندق ، أو تكون أُرسِلتْ له
قَصداً ؛ إما لإغوائه ، أو لابتزازه ! أو لهما معاً !
ثم إن فساد كثير من الناس – أو قُل بعض الناس –
يستدعي مَنْع ما هو مُبَاح فضلا عما هو مُحرَّم .
ومن هنا قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها
: لو أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ما أحدث النساء لمنعهن المسجد كما
مُنِعَتْ نساء بني إسرائيل . قال يحيى بن سعيد : فقلت لعمرة : أنساء بني إسرائيل
منعهن المسجد ؟ قالت : نعم . رواه البخاري ومسلم .
وإنما مُنعت نساء بني إسرائيل من المساجد لما
أحْدَثْنَ وتوسّعنَ في الأمر من الزينة والطيب وحسن الثياب . ذكره النووي في شرح
مسلم .
ومن باب السياسة الشرعية والآداب المرعية أن
يُمنَع الناس فيما لهم فيه مَندوحة إذا توسّعوا فيه .
قال ابن حجر في موضوع آخر مشابه : وفائدة نهيهن
– أي النساء – عن الأمر المباح خشية أن يَسْتَرْسِلْنَ فيه فيُفْضِي بهن إلى الأمر
المحرَّم لضعف صبرهن ، فيستفاد منه جواز النهي عن المباح عند خشية إفضائه إلى ما
يَحْرُم . اهـ .
رابعاً : قوله : (فالنقاب لا يدخل في أصل
الحجاب ولا في قوله تعالى : ( إلا ما ظهر منها )
والحجاب الكامل فرض على نساء النبي صلى الله
عليه وسلم ، والدليل على أن هذا الحجاب الكامل خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم
قوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ) .
أقول : هذا خطأ في فهم الآية ، إذ قال الله في
آية الأحزاب : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) ) .
فماذا يُفهَم من قوله تعالى : (وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ) ؟
لا يُفهَم منه إلا ذِكر نساء المؤمنين بعد ذِكر
أمهات المؤمنين .
قال الإمام الشنقيطي في التفسير :
ومِن أنواع البيان التي تضمّنها هذا الكتاب
المبارك أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً ، ويكون في نفس الآية قرينة تدلّ على
بُطلان ذلك القول ... ومِن أمثلته :
قول كثير من الناس : " إن آية الحجاب ،
أعني قوله تعالى : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ
وَرَاءِ حِجَابٍ) الآية – خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم " فإن تعليله
لهذا الْحُكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرِّجال والنساء من الريبة
في قوله : (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) قرينة واضحة على قصد
تعميم الْحُكم ، إذ لم يَقُل أحد من جميع المسلمين إن غير أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم لا حاجة إلى طهارة قلوبهن ، ولا إلى طهارة قلوب الرِّجال من الرِّيبة
منهن ، وقد تقرر في الأصول أن العِلّة قد تُعمم مَعلولها . اهـ .
وأقول : لو افترضنا اختصاص أزواج النبي صلى
الله عليه وسلم بالحجاب ، وهُنّ بمنْزِلة الأمهات ، بل هُنّ أمهات للمؤمنين بِنَصّ
قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ
وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) ، فغيرهنّ من باب أولى وأولى أن يَدخلن في هذا
الخطاب .
ويَلزم من القول باختصاص أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم بالحجاب اختصاصهن بعدم الخضوع بالقول ، وجوازه لغيرهن من النساء ! وهذا
لا يُقول به عاقل !
كما أن قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ
لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ
بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا
(32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ
الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي
بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا
خَبِيرًا) الخطاب فيه مُوجّه لأمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي
الله عنهن ، إلا أن الْحُكم عام .
فتحريم الخضوع بالقول ليس خاصاً بأمهات
المؤمنين ، بل هو عام لكل مؤمنة تُؤمن بالله واليوم الآخر
وكذلك النهي عن التبرّج .
والأمر بالصلاة والزكاة ، كل هذا عام لكل مؤمنة
، ولم يَقُل أحد باختصاص أمهات المؤمنين به .
ومن قال باختصاص أمهات المؤمنين بالحجاب لزِمه
أن يقول باختصاص أمهات المؤمنين بهذه المنهيّات وبهذه الأوامر .
وقوله : ( ولكني أدعو النساء إلى عدم لبس
النقاب في عصرنا هذا لأنه مُنفر مخالف للأخذ بالأيسر ، ولأنهن في الكليات والدوائر
والمؤسسات وحتى الطرقات يحتجن إلى إظهار وجوههن لكي يعرفن ) .
أقول : ما هو الضابط للتنفير ؟
ثم ما هو الضابط في الأخذ بالأيسر ؟
أما التنفير ، فلم يَقُل أحد من المسلمين ذوي
الفِطر السليمة بأنه مُنفِّر ، لا من السَّلَف ولا مِن الخَلَف
وإنما قد يقول به من لا يرتضي دِين الله
وشِرعته .
والمشاهد أن الكفّار في بلادهم – شرقاً أو
غَرباً – يَحترمون من يتمسّك بِمبادئه ، ويلتزم بشخصيته ، بينما يَكرهون من يكون
مُتلوِّناً مُتَقلِّباً .
وكم كان حجاب المرأة المسلمة في أوربا أو في
أمريكا دعوة صامتة ، ومظهراً مُثيراً للسؤال : لماذا تلبس هذه هذا اللباس ؟
فإذا أُجيبتْ بأن هذا مِن دِين المرأة المسلمة
، كان سببا في البحث عن هذا الدِّين ، ومن ثمّ دخوله .
بل قد صرّحت غير واحدة أنه ما دعاها إلى
الإسلام إلا حجاب المرأة المسلمة .
وصرّحتْ كاتبة بريطانية قبل أكثر من مائة عام
بأن مظاهر التعرِّي عار على بلادها !
تقول الكاتبة الشهيرة " آتي رود " -
في مقالة نُشِرت عام 1901م - : لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم ،
خير وأخفّ بلاءً من اشتغالهن في المعامل حيث تُصبح البنت ملوثة بأدرانٍ تَذهَب
برونق حياتها إلى الأبد ، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين ، فيهـا الحِشمة والعفاف
والطهارة … نعم ! إنه لَعَارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثَلاً للرذائل
بكثرة مخالطة الرجال ، فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يُوافق
فطرتها الطبيعية من القيام في البيت ، وترك أعمال الرجال للرجال سلامةً لِشَرَفِها
. اهـ .
وقد ذَكَرَ الدكتور مصطفى السباعي – رحمه الله
– أنه كان في رحلة علمية من ميناء " دوفر " إلى ميناء " أوستن
" فالْتَقَى فتاة إيطالية تَدْرس الحقوق في جامعة أكسفورد وتحدّث مع تلك
الفتاة عن المرأة المسلمة وحقوقها ، وكيف تعيش . قالت الفتاة : إنني أغبط المرأة
المسلمة ، وأتمنّى أن لو كنت مولودة في بلادكم .
ولما قام إمبراطور ألمانيا " غليوم "
بزيارة لِتركيا أحبّ أعضاء جمعية الاتحاد والتّرقي التركية أن يُظهروا له تمدّنهم
! فأخرجوا بعض بنات المدارس وهُنّ متبرجات لاستقباله ، واستغرب الإمبراطور ، وقال
للمسؤولين : إني كنت آمل أن أشاهد في تركيا الحشمة والحجاب بحكم دينكم الإسلامي ،
وإذا بي أشاهد التبرج الذي نشكو منه في
أوربا ، ويقودنا إلى ضياع الأسرة ، وخراب الأوطان ، وتشريد الأطفال !!
أقول : وها نحن نُدعى لخوض غمار تجربة فاشلة !
بحجة أن الحجاب غير لائق بعصرنا ، وأنه مُنفِّر !
وإظهار المرأة لوجهها فيه فتنة له ولغيرها ،
فإنها إذا كانت جميلة طاردتها العيون ، وإن كانت غير ذلك احتُقِرت وازدُريتْ ، وفي
كلا لحالتين هذا الفِعل له أثر نفسي بالغ على المرأة .
وليس كونه فتنة في بلاد المسلمين فحسب بل حتى
في بلاد الحضارة المادية – بلاد التفسّخ والعُري – فقد نَقَلتْ لنا وسائل الاتصال
أن شاباً يعيش في بلاد الغرب رأى فتاة فاتنة ، فما زال يُلاحقها ويُراودها عن
نفسها وهي تتمنّع ، فما كان منه إلا أن ألقى مادة حارقة ( ماء النار ) على وجهها
فشوّهه !
وأما كون الحجاب يُنفِّر أو أن تركه من باب
الأيسر ، فإن هذا سوف يَفتح باباً عظيما من الشرّ .
فليس ثمّ ضابط للتنفير ، ولا ضابط للتيسير في
ظل هذا القول .
فقد يأتي من يقول : لباس الحشمة ( اللباس
الساتر ) مُنفِّر ، وتركه أخذ بالأيسر خاصة في المدارس والكليات وأماكن العمل ،
كما قال الدكتور !
ونحن نرى اليوم دعوة في دول العُريّ بل دعوات
لِنَبذِ الاختلاط ، وهم الذين كانوا بالأمس يُنادون بضرورة الاختلاط لكسر الحواجز
التي بين الجنسين ! ولإزالة رغبة كل طرف بالآخَر !
فلما ذاقوا ويلات هذا الاختلاط ، واكتووا
بِنارِه صرخوا ودَعوا إلى ضرورة الفصل بين الجنسين حتى في أمريكا ! فضلا عن غيرها
!
وأما معرفة المرأة فلا مصلحة فيها ، أعني معرفة
شخصها وعينها ، وإنما المصلحة أن تُعرف المحجّبة أنها حُـرّة عفيفة فلا يَتعرّض
لها أحد بسوء .
قال تعالى : (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ
فَلا يُؤْذَيْنَ)
قال ابن جُزي الكلبي في التفسير : أي ذلك أقرب
إلى أن يُعرف الحرائر من الإماء ، فإذا عُرِف أن المرأة حُرة لم تُعارض بما تُعارض
به الأمَة ، وليس المعنى أن تُعرف المرأة حتى يُعلم من هي ، إنما المراد أن يُفرّق
بينها وبين الأمة ، لأنه كان بالمدينة إماء يعرفن بالسوء ، وربما تعرض لهن السفهاء
. اهـ .
خامساً : قوله : ( فإذا كان صوت المرأة ليس
عورة في الكلام الطبيعي ، فلماذا يكون عورة إذا أنشدت قصيدة أو أنشودة في الفضيلة
والجهاد ، والدعوة إلى الإسلام والخير أمام الرجال في احتفال عام على خشبة المسرح
أو بدون حضور الرجال ، إذا كانت في كل ذلك ملتزمة بضوابط الحجاب الإسلامي ، وعدم
الخضوع بالقول والتصنع في إغراء الرجال )
أما صوت المرأة فالصحيح أنه ليس عورة ، ولكن
ليس معنى هذا أن تتغنّى أمام الرِّجال ، ولا أن تَخطُب !
ولما كان صوت المرأة قد يَتضمّن الفتنة لبعض
الرِّجال ، أُمِرتْ المرأة أن تُصفِّق في الصلاة ، وأن لا تقول : سبحان الله ، مع
كونه من الأذكار ، وليس من الأناشيد ولا التأوّه !
وارتُكِبت أخف المفسدتين ، ودُفِع أعظم الضررين
بأصغرهما ، وذلك أن تكلّم المرأة قد يتضمّن مفسدة وفتنة ، والتصفيق منهي عنه ،
فارتُكب المنهي عنه لأنه أقل في الفتنة ، دفعا للفتنة ، ودرءاً للمفسدة .
قال عليه الصلاة والسلام : التسبيح للرجال ،
والتصفيق للنساء . رواه البخاري ومسلم .
فكيف يُقال بعد ذلك بجواز إنشاد المرأة أمام
الرِّجال ، وظهورها على المسارح ، وخلع جلباب الحياء ، ونبذ الأخلاق الفاضلة ؟
أما لو كان هذا جائزاً لأذِن فيه النبي صلى
الله عليه وسلم ، وهو عليه الصلاة والسلام لم يأذن به للنساء لا في جهاد ولا في
غيره ، وقد أذِن للرِّجال بالإنشاد والحداء في الجهاد والسَّفر ، كما في الصحيحين
.
بينما لم يأذن فيما يتعلق بالنساء إلا للجواري
الصغار أن يَضربن بالدفّ في نكاح أو عيد ، وفي حديث عائشة : دخل أبو بكر وعندي
جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث . قالت : وليستا
بمغنيتين ، فقال أبو بكر : أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وذلك في يوم عيد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا ، وهذا . رواه
البخاري ومسلم .
فهما أولاً جاريتان صغيرتان ، ثم إنهما ليستا
بمغنيتين ، فلم يكن ذلك لهما مهنة ، ولا اعتادتا عليه .
والعلماء يَعترون الغناء عيبا في الأمَـة تُردّ
به !
فكيف يُطلَب العيب للحُـرّة !
" أما مالك بن أنس فإنه نَهَى عن الغناء
وعن استماعه ، وقال : إذا اشترى جارية ووجدها مُغنية كان له ردّها بالعيب ، وهو
مذهب سائر أهل المدينة " قال القرطبي ، وقال :
سئل [ أحمد ] عن رجل مات وخلّف ولدا وجارية
مُغنية ، فاحتاج الصبي إلى بيعها ، فقال : تُباع على أنها ساذجة لا على أنها
مُغنية ، فقيل له : إنها تساوي ثلاثين ألفا ، ولعلها إن بِيعت ساذجة تساوي عشرين
ألفا ، فقال : لا تُباع إلاّ على أنها ساذجة . اهـ .
وأي فضيلة سوف تدعو إليها امرأة لم تلتزِم بها
؟
أي فضيلة سوف تدعو إليها امرأة تقف على مسرح
أمام العشرات بل المئات ؟
وهل سوف تَخرج أمامهم مُتبَذِّلََـة تَفِلـة ؟
هذا ما لا يُمكن !
لا يُمكن أن تَخرج امرأة لتقف أمام الناس بلباس
عادي ! بل سوف تأخذ كامل زينتها ! وسوف تجِد من يُفتيها بأن هذا من مصلحة الدعوة !
أو من الحث على الفضيلة !
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تَخرج إلى
المسجد أن لا تَخرج بِزينة مرئية أو محسوسة !
فقال عليه الصلاة والسلام : لا تمنعوا إماء
الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تِفِلات . رواه الإمام أحمد وأبو داود .
قال ابن حجر : أي غير متطيبات ، ويقال : امرأة
تفلة إذا كانت متغيرة الريح . اهـ .
قال عليه الصلاة والسلام : إذا شهدت إحداكن
المسجد فلا تمسَّ طيبا . رواه مسلم .
وقال : أيما امرأة أصابت بَخوراً فلا تشهد معنا
العشاء الآخرة . رواه مسلم .
وقال : أيما أمرأة استعطرت فمرت بقوم ليجدوا
ريحها فهي زانية . رواه الإمام أحمد وغيره .
بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعطّرت أن تغتسل حتى لو كانت تريد المسجد .
فقد لقيَ أبو هريرة رضي الله عنه امرأةً فوجد
منها ريح الطيب ينفح ولذيلها إعصار ، فقال : يا أمة الجبار ! جئت من المسجد ؟ قالت
: نعم .قال : وله تطيبت ؟ قالت : نعم . قال : إني سمعت حبي أبا القاسم صلى الله
عليه وسلم يقول : لا تُقبل صلاةٌ لامرأة تطيبت لهذا المسجد حتى ترجع فتغتسل غسلها
من الجنابة . رواه الإمام أحمد وأبو داود ، وحسنه الألباني .
فهذه الأحاديث تدل على منع المرأة من التعطّر
وأخذ الزينة إذا خَرَجتْ وإن كان ذلك لأطهر الأماكن وأحبها إلى الله : المساجد .
فكيف بغيرها من الأماكن ؟
كما أن المرأة إذا خَرَجتْ استشرفها الشيطان
وزيّنها في عيون الرِّجال ، وإن كانت تمشي في طريق .
فكيف بها لو وقفتْ أمام الرِّجال – أو أشباه
الرِّجال – تتغنّى وتُنشِد ؟!
هل سوف تقف كالخشبة ؟!
لا يُتصوّر ذلك !
بل سوف تتحرّك وتتمايل بما يقتضيه النَّغَم أو
الإيقاع ! ونحو ذلك .
إن الشباب المنشدين لما خَرَجوا على المسارِح
تزيّنوا ! ولم يَقتصروا على المباح بل تعدّوه إلى الحرام ، من إسبال وغيره !
فكيف سوف تكون المرأة إذا وقفتْ أمام الرِّجال
مُنْشِدة ؟!
ثم يُدعى أنها سوف تدعو إلى الجهاد والفضيلة !
نعم سوف تدعو .. ولكن إلى غير الفضيلة !
وقد تدعو إلى ما دَعَتْ إليه أم كلثوم ! كانت
بلادها تُقصف وتُدكّ ، وهي تُمارس دور تخدير الشعوب : هل رأى الحبّ سُكارى مثلنا
؟!
فأفلحتْ وأنجحتْ ! ودَعَتْ إلى اللا فضيلة !!
كما أن إنشاد المرأة لن يَقِف عند حـدّ .. بل
سوف يأخذ أشكالاً ويمر بأطوار ..
وسف ترى إذا انجلى الغبار ! أفرس تحتك أم حمار
!
والمطالبة بإنشاد المرأة ووقوفها على المسرح
بحجة الدعوة إلى الجهاد والفضيلة ! هو خطوة من خطوات الشيطان لها ما بعدها ، وعلى
الأمّـة ما بعدها !
كفى مُتاجرة بقضايا المرأة المسلمة !
ويُقال لهذا الدكتور ومن على شاكلته : لو
دَعَتِ المرأة إلى الجهاد لكان أول من يُحاربها من كان على شاكلتكم ! ولما
رَضِيَتْ العمّـة بهذا التطرّف والإرهاب الناعم !!
سادساً :
قوله : ( وأما تمثيل المرأة سواء أكانت على
خشبة المسرح أم في المسلسلات أم في الأفلام ، إذا انضبط بضوابط الإسلام مع وجود
المحارم ، فلماذا يكون حراما ؟ إذا لم يحصل فيه الاختلاء أو الاختلاط الفاحش ) .
يُقال في التمثيل ما قيل في الإنشاد .
وأقول : أي خير جَنَتْه أمة الإسلام من الرقص
والتمثيل ؟!
وأي فائدة مرجوّة من مُسلسل أو مسرحية ؟!
فالتمثيل من أوله إلى آخره هو بضاعة نصرانية !
وهو يَعتمد على الْخِداع والكذب !
كما أن المتاجرة به طريقة يهودية !
واستوديوهات ( هوليود ) شاهدة بذلك وشاهدة على
ذلك !
وهل يَتصوّر الدكتور أن من تُريد التمثيل سوف
تأتي بزوجها أو بِذي مَحرَم منها ليكون معها على خشبة المسرح ! أو داخل غرفة
التصوير ( الاستوديو ) ؟!
هذا يُخالِف أصول هذا العمل ! ويُخالِف أصول
ذلك المجتمع الآسِـن ( مُجتمع العفن الفني ) !
وقوله : (إذا انضبط بضوابط الإسلام) أقول : هذا
قيد الكَيد !
فكلّ من أراد أن يكيد الأمة أو يخترق صفوفها أو
يُروّج باطلا وصَفَه بهذا الوصف : في ضوء الشريعة! في إطار الشريعة ! وفق الشريعة
الإسلامية !
حتى صارتْ تُروى طرائف ومضحِكات عن اللصوص
وقُطّاع الطريق أنهم استخدموا ذلك القيد !
بل حتى الفجار والكفار يُعبِّرون بهذه التعابير
!
وما ذلك إلا لِعلمهم أن الباطل لا يَروج إلا
بمثل هذا اللبوس !
وقديما قال إبليس في كَيْدِه : (قَالَ يَا
آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى) .
فأنت ترى رأس الكفر وإمامه أول من استعمل هذا
القيد لترويج الباطل !
وأما قوله : (إذا لم يحصل فيه الاختلاء أو
الاختلاط الفاحش) فأقول : هذا مستحيل !
ثم إن هذا القيد قد يُلْتَفَتْ إليه أول الأمر
– إذا التُفِتَ إليه – ثم ما يلبث أن يتلاشى ويَزول !
وسوف يُوصَف وُجود المحرم بالتشديد ومناقضة أوصل
المهنة !
وما لبث الدكتور أن ناقض نفسه بنفسه !
فهو في مسألة السَّفر لم يشترط المحرَم ، وهو
هنا يشترطه من غير سَفر !
فهو هنا يقول : (إذا انضبط بضوابط الإسلام مع
وجود المحارم) وفي السفر : لا يَحتاج وُجود مَحرِم !
وقد يَحْتجّ عليه مُحتجّ بقوله هو في مسألة سفر
المرأة ، فيقول : لا حاجة إلى المحرم طالما أن المرأة سوف تُمثِّل مع مجموعة من
النساء !
ولا يُستغرب أيضا أن يقول قائل : مع مجموعة من
النساء الموثوقات ! [المعروفات بسوء السِّيرة ! ] !
ثم قيّد الدكتور الاختلاط بأن لا يَكون فاحشاً
!
فما هو حد الفُحش عند الدكتور ؟!
ولماذا يَمنع منه طالما أنه يَدعو إليه ؟!
إن الاختلاط لا يَصلح منه قليل ولا كثير ولا خير فيه قلّ أو كثُر
وكيف يَرضى عاقل لقريبته أن تختلط بالرِّجال
الأجانب دونما نكير ؟
والاختلاط ممنوع وإن كان في أطهر البقاع مع
حُسن المقصد .
فقد روى البخاري عن ابن جريج قال : أخبرني عطاء
إذ منع ابن هشام النساء الطواف مع الرجال . قال : كيف تَمنعهن وقد طاف نساء النبي
صلى الله عليه وسلم مع الرجال ؟
قلت : أبعد الحجاب أو قبل ؟
قال : إي لعمري . لقد أدركته بعد الحجاب .
قلت : كيف يُخالِطن الرجال ؟
قال : لم يكن يخالطن ، كانت عائشة رضي الله
عنها تطوف حَجْرة من الرجال لا تخالطهم ، فقالت امرأة : انطلقي نستلم يا أم
المؤمنين قالت : عنكِ ، وأَبَتْ .
ومعنى ( حَجْرَة ) أي ناحية . يعني أنـها لا
تُـزاحم الرجال في الطواف .
ومعنى " أبَتْ " : أي رفضت وامتنعت
أن تُزاحم الرجال لِتستلم الحجَر أو الرُّكن .
ولما دخلت مولاة لعائشة عليها فقالت لها : يا
أم المؤمنين طفت بالبيت سبعا واستلمت الركن مرتين أو ثلاثا ، فقالت لها عائشة رضي
الله عنها : لا آجرك الله . لا آجــرك الله . تُدافعين الرجال ؟ ألا كبّرتِ
ومَررتِ . رواه الشافعي والبيهقي .
ثم إن مثل هذه الأمور لا يُمكن أن تُضبط مع
فساد الوسط الفنِّي بعامّـة .
ولو كان جائزا لاقتضتْ السياسة الشرعية أن
يُمنع منه لما يُفضي إليه من المفاسد
وقواعد الشرع تنص على :
ما أفضى إلى مُحرّم فهو مُحرّم
ودرء المفاسد مُقدّم على جلب المصالح
والضرر يُزال
والذرائع يُسدّ بابها
فهذه قواعد الشريعة وأصول الدِّين وكليّاته
تَمنع من مثل هذا الفعل ، لو كان مُباحاً ، فكيف به وهو مُحرّم أصلاً .
أعني تحريم الخلوة والاختلاط ، بل والتمثيل ،
فقد بين ذلك الشيخ بكر أبو زيد – حفظه الله – في رسالة له بعنوان :
التمثيل : حقيقته ، تاريخه ، حُكمه .
قال الشيخ في خاتمة البحث :
والخلاصة أن التمثيل : حرفة ، وأداء ، وتكسّباً
، وعَرضا ، ومُشاهَدة ، لا يَجوز ، لأنه إن كان تمثيلا دينيا فهو بِدعيّ ، : لوقف
العبادات على النص ومورده ، ولِما علِمت من أصله لدى النصارى واليونان .
وإن كان غير ذلك فهو لهوٌ مُحرَّم ، لما فيه من
التشبّه ، ولما رأيته من تفاريق الأدلة ، وما يَحتوي عليه ، ويترتّب عنه من الآثار
المعارِضة لآداب الشريعة . اهـ .
سابعاً :
قوله عن الرِّق : (والإسلام يرحب بذلك أعظم
ترحيب ، لأنه دين الأخوة الإنسانية ، ولذلك وقعت الدول الإسلامية على تلك المواثيق
. إن إطاعة لشريعة الإسلام أو اتِّباعا للسياسة الدولية ، والمسلمون عند شروطهم
ولا يجوز لهم اتخاذ العبيد في الحرب طالما أن الأمم الأخرى لا تفعل ذلك )
أقول : هذا الذي يَدعو إليه الدكتور مُخالِف
للنقل والعقل بل ومُخالِف للواقع .
فأما النقل فجواز ذلك في الجهاد ، أي جواز
وتشريع الرِّق في الإسلام ، وهو من محاسِن الإسلام لا من مساوئه كما يُصوّره بعض
من قلّ عِلمه ، أو نقص فهمه !
فالرِّق ليس لِذات الرِّق ، وليس من باب
التّشهِّي ، بل هو مقصود لما يترتّب عليه من مصالح ، لعل من أبرزها :
أن يعيش هؤلاء الأرقاء بين المسلمين فيَتأثّرون
بالإسلام فيَدخلونه .
ومن هذا الباب جاء الأمر بالإحسان إلى الرقيق
وإعانته ، بل وإعطائه اللقمة إذا وَلِيَ حرّ طعام ، كما في الصحيح
كل ذلك من باب الإحسان إليه وترغيبه في دخول
الإسلام .
فإذا دخَل في دين الإسلام صار مُسلِماً ، ثم
جاء الإسلام بالحث على العِتْق ، وجاء العِتق أيضا في الكفّارات ، فمن ذلك :
في كفارة قتل النفس خطأ
في كفارة الظِّهار
كفارة الوطء في نهار رمضان
في كفارة اليمين
وانظر كيف جاء الحث على العِتق وتحرير الرِّقاب
في الكفارة الكبيرة والصغيرة ، فهي في قتل النفس وفي في كفارة الظِّهار وفي كفارة
الوطء في نهار رمضان ، وهي تُقابِل صيام شهرين مُتتابِعين .
كما جاءت في مُقابِل صيام ثلاثة أيام في كفارة
اليمين .
وجاء الترغيب في العتق من غير سبب طلبا لمرضات
الله ، كما جاء الترغيب في العتق تَقرّبا إلى الله
وجاء الأمر بالمكاتبة ، وتخليص الرقيق من
رِقِّـه إذا رغب في ذلك ، فقال الله تبارك وتعالى
: ( وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ
الَّذِي آَتَاكُمْ ) .
وقد يُقال : لماذا لا يُترك أسرى الحرب
ويُمَـنّ عليهم ولا يُسترَقّون ؟
فالجواب :
أن الفداء مشروع بقوله تعالى : (فَإِذا
لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ
فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ
الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا)
وأن من مقاصد ذلك أن يتخلّص من قيد الكفر ،
ويكون بعيداً عن بيئة الكُفر .
وأنه بِبُعده عن بيئته سوف يكون حُـرّاً في
اتِّخاذ القرار .
وكم رأينا ممن عاش ردحاً من الزمن على الكُفْر
فلما عاش في بلاد المسلمين وابتعد عن بيئته دَخَل في دِين الله عن قناعة تامة .
وأما قوله : (والمسلمون عند شروطهم ولا يجوز
لهم اتخاذ العبيد في الحرب طالما أن الأمم الأخرى لا تفعل ذلك )
أقول : هذا القول مردود من عدّة أوجه :
الوجه الأول : أن الشروط التي يَجب الوفاء بها
ما لم تُخالِف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا مُخالِف لِشرع الله
ولِسُنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ما بال
أناس يَشترطون شروطا ليستْ في كتاب الله ، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله فهو
باطل ، وإن اشترط مائة شرط ، شرط الله أحق وأوثق . رواه البخاري ومسلم .
قال ابن حجر : قال القرطبي : قوله : " ولو
كان مائة شرط " خَرَجَ مخرج التكثير ، يعني أن الشروط الغير المشروعة باطلة
ولو كَثُرَتْ . اهـ .
الوجه الثاني : أن هذه الاتفاقية لم تُوقِّع
عليها الأمم المتحدة ، فهي منقوضة بفعل الكفار أنفسهم !
وهو ما يتعلق بأسرى الحرب .
الوجه الثالث : أن الرِّق أخف بلاء وأرحم مائة
مرة من الأسر الذي تستعمله أمم الحضارة المادية اليوم !
فو الله إنه لأرحم ألف مرة أن يعيش الرقيق بين
المسلين يذهب ويَجيء ، يَروح ويَغدو ، يُطَعم ويُضمن له الملبس والسكن – خير وأخف
بلاء مما يَعيشه أسرى ( جوانتانامو ) في حر الصيف وبَرد الشتاء ، في ذلّ وقهر ، بل
أُصيب بعضهم بأمراض نفسية وعضوية تحت نظر وسمع العالَم
وقد شهِدتْ بذلك صحفيّة يهودية زارتْ تلك
المعتقلات ، فكتبت مقالا نُشِر في صفحات الشبكة الإلكترونية .
تقول الصحفيّة " أورلي أزولاي كاتس "
مراسلة صحيفة يديعوت أحرونوت في واشنطن :
وصل الأسرى إلى معتقل 'جوانتنامو ' الكوبي على
متن طائرات عسكرية أمريكية مُقيدين بالعصابات ،ووجوههم مخفية بنوع سميك من القماش
لا يمكن لأحد منهم رؤية أي طيف من تحته أو من خلاله علاوة على لون القماش الأسود
القاتم.
ولم يسمح الجنود الأمريكيون المرافقون للأسرى
بأن يتوجه أي منهم لقضاء حاجته في المراحيض الموجودة بالطائرات ' مثل أي إنسان '
لكن إذا كان لابد فاعلاً فليفعلها في نفس مكانه بعد أن أحضروا دلواً بلاستيكياً
متوسط الحجم للجميع ، وقد وقف الجنود مدججون بالأسلحة في وجوه الأسرى وهم يتبولون
أو يتبرزون ، فيما قام بعض الأسرى بالتبول في ملابسه بعد أن أعيته الحيل .
وتقول :
هؤلاء الأسرى لا يحق لهم مقابلة محامييهم لعدم
وجود اعتراف أمريكي بهذا المبدأ في هذه المعتقلات ، ولا يحق لأي أسير أن يتعرف على
لائحة الاتهام الموجهة إليه !
كما تقول :
حاول 29 أسيراً الانتحار سواء عن طريق شنق
أنفسهم في سقف المعتقل أو تقطيع البعض لشرايين أجسامهم .
وجود 90 أسيراً بصفة مستمرة لدى طبيب نفسي في
المعتقل يعانون من أقصى أنواع الاكتئاب. [ وهذا حسب المصادر العسكرية الأمريكية
ومن المعتقد أن أغلب هؤلاء قد اتخذوا هذه الوسيلة لتخفيف التعذيب الأمريكي وأملاً
في إفراج السلطات الأمريكية عنهم ]
وجود عدد غير قليل من المعتقلين يتناولون
يومياً الأقراص المهدئة وحقن المسكنات .
وفي نهاية رحلتها إلى اشهر معسكر اعتقال في
العالم تكشف أزولاي عن وجود 3 معتقلين من الأحداث تم وضعهم في قسم يسمى ' إيجوانا
' حيث يمكن للأحداث الثلاثة أن يشاهدوا من زنزانتهم مياه المحيط من خلال ثقب صغير
في قطعة قماش ضخم تم وضعها على الزنزانة من الخارج ، والغريب أن هؤلاء الأحداث
الثلاثة لا يعرفون الجرم الذي ارتكبوه أو نوعية الاتهامات الموجهة إليهم والتي
أوصلتهم إلى جوانتانامو .
[ من مقال بعنوان : رحلة إلى جوانتانامو 'بعيون
إسرائيلية' موقع مُفكِّرة الإسلام
الثلاثاء 7 ذو القعدة 1424هـ - 30 ديسمبر 2003م ]
وهنا أسأل من كان له ذرّة من عقل :
أيهما أشد بلاء وأعظم جُرما .. الرِّق الذي
كَفَل حُسن التعامل مع أسير الحرب ، أو الأسْر الذي شهِدتْ ببعضه صحفية يهودية ؟
لا يشكّ عاقل أنه لا يُمكن إجراء مُقارنة بين
الرِّق في الإسلام والأسْر في ظل الولايات المتحدّة !
ولا يشك عاقل أن الرِّق في الإسلام أرحم ألف
مرّة من يوم واحد في جوانتانامو !
كما أُذكِّر الدكتور بما يُسمى " تجارة
الرقيق الأبيض " وهذا ليس في دول العالم الثالث كما يُسمونها بل في دول
الحضارة المادية .
فتحت عنوان : " مليار دولار أرباح التجارة
في الرقيق الأبيض بـ'إسرائيل' " جاء ما يلي :
أفاد تقرير لموقع 'نيوز إسرائيل' العبري على
شبكة الإنترنت اليوم الأربعاء أن حجم الأرباح الناجمة عن تجارة الرقيق الأبيض في
'إسرائيل' وصلت لمليار دولار سنويًا . وقال الموقع : إن التجارة في الرقيق الأبيض
تحوّلت لصناعة في 'إسرائيل' . اهـ .
وتحت عنوان : " عائدات تجارة الرقيق
الأبيض في البلقان " جاء ما يلي :
في دراسة صدرت عن منظمة اليونيسيف التابعة
للأمم المتحدة عن التجارة الدولية غير المشروعة بالنساء والأطفال خاصة في أوروبا !
وتقدر عائدات تجارة الرقيق الأبيض عبر منطقة
البلقان من 9 ـ 12 مليار دولار سنويًا .
وصدر عن منظمة الهجرة العالمية عام 1997 أن نحو
175 ألف امرأة تم الاتجار بهن عبر البلقان استقدمن من آسيا الوسطى إلى دول الاتحاد
الأوروبي .
فأي شروط يُريد الدكتور أن يُلتَزم بها ،
وأبناؤنا في رق الأسْر ؟!
ونساؤنا تُباع في البلقان إذ كان يتاجِر بها
تجار الحروب ؟!
ولن نذهب بعيدا فالعراق اليوم يشهد بسوء صنيع
العدو ، وسوء مُعاملة الأسرى .. ليست معاملة بشرية بل معاملة وحشية ، لا تمتّ إلى
البشرية بل ولا إلى أخلاق أهل الجاهلية بِصِلَـة !
فقد شهد العالم أجمع ما عُومِل به أسرى الحرب
في العراق ، من وحشية في التعذيب ، وامتهان لأدنى حقوق البشر ، إلى إعدام لإنسانية
الأسير !
فقد فَعلوا بأسرى العراق ما لم يفعله أبو جهل
في جاهليته !
وأظهرت وسائل الإعلام والمواقع الكثيرة الوحشية
التي يتعامل بها الجنود الأمريكيين مع أسرى الحرب في العراق .
وقال بعضهم مُعتذرا بعذر بارد باهت : هذه
تصرفات شخصية !
ونحن نعلم أنها تصرفات لا تزال تُرتَكب بوحشية
وهمجية لم يسبق لها مثيل !
هذا ما يُعامَل به أسرانا .. فكيف عامل الإسلام
أسرى الحروب على مر التاريخ ؟
سؤال نوجهه للدكتور !
حرام أن نسترقّ أسيرا مُحاربا نُدخله بلاد
المسلمين بلا قيد ولا غِل ؟!
وحلال ما يَجري في جوانتانامو وما يجري في
العراق ؟!
أم أن ألأمر كما قيل :
حرام على بلابله الدوح *** حلال للطير من كل
جنسِ ؟!
وخلاصة القول الرق في الإسلام :
أنه ليس هو الحل الوحيد في حق أسرى الحرب ، بل
أسير الحرب أمام خيارات :
إما أن يُعفى عنه ويُمنّ عليه
وإما أن يُفادِي نفسه
وإما أن يتم تبادل الأسرى بين المسلمين وعدوّهم
وإما أن يُسترقّ
وكما أن الاسترقاق ليس هو الخيار الوحيد فكذلك
خيار الحرْب ليس هو الخيار الوحيد .
فالْحَرْب لا يُلجأ إليها بدئ ذي بدء ، وإنما
تكون بعد استنفاذ الجهود السلمية ، وذلك بـ :
1 – الدعوة إلى الدخول في دِين الإسلام ، فَمن
دَخَل فيه فَلَه ما للمسلمين ، وعليه ما عليهم .
2 – الاستسلام ودَفع الجزية ، ولهم الحماية في
ظل الإسلام ( خاصة مع أهل الكتاب ) فالغُنْم بالغُرْم فهم يَدفعون جزية مُقابِل
إقرارهم على دِينهم ، ومُقابِل تقديم الحماية لهم في المجتمع المسلم .
3 – الحرب والقتال ، وهو كما ترى ليس هو الحل
الأول وليس هو الخيار الوحيد ، بل هو الخيار الثالث .
في حين تلجأ بعض دول الحضارة المادية اليوم إلى
الحرب كخيار أول وأخير ! الحرب والحرب فقط !
ودويلة اليهود – ومن يقف وراءها ويُساندها –
تَشُنّ الحرب في كل يوم على ضِعاف عُزّل !
فإذا اختار طرف من الأطراف الحرب ، ورفض
السِّلْم ، واختار هذا الحل ! فعليه تحمّل نتيجته ، ومن نتائجه الأسْر والرِّق .
وهذا الرِّق له فوائد ، منها :
أن يعيش بين المسلمين ، وأن يتأثّر بهم ، فيتم
استنقاذه من الكفر إلى الإسلام .
أن يكون بعيدا عن التأثير والضغوط فيُقرِّر
بنفسه ويختار لها .
أن يشعر بالذلّ نتيجة اختياره الحرب على السِّلْم
كما جاء الأمر بإكرام الرقيق ، فمن ذلك :
اعتباره أخـاً للمسلمين إذا أسلَم
وإطعامه وتأمين الملبس والمسكن له .
وأن لا يُكلّف فوق طاقته ، فهذا من الرفق به .
وقد أمر الله بالإحسان إلى الرقيق فقال تعالى :
( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي
الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ
وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ )
وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم :
إخوانكم خَوَلُكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل
، وليلبسه مما يَلبس ، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم . رواه
البخاري .
وقال عليه الصلاة والسلام : للمملوك طعامه
وكسوته ، ولا يُكلّف من العمل إلا ما يُطيق . رواه مسلم .
وقال عليه الصلاة والسلام : إذا أتى أحدكم
خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين أو لقمة أو لقمتين ؛ فإنه
ولي حَـرّه وعلاجه . رواه البخاري ومسلم
وهذا فيه مراعاة لنفسيته فضلا عن تكليفه ما لا
يُطاق .
ومن باب التكريم أن الرقيق إذا أسلم وحُسن
إسلامه ضُوعِف له الأجر .
قال عليه الصلاة والسلام : العبد إذا نصح سيده
وأحسن عبادة ربه كان له أجره مرتين . رواه البخاري ومسلم .
وقال : للعبد المملوك المصلِح أجران . وكان أبو
هريرة يقول : والذي نفس أبي هريرة بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبرّ أمي
لأحببت أن أموت وأنا مملوك . رواه مسلم .
وإن كانت امرأة فأحسن إليها وليها ثم أعتقها
وتزوّجها كان له أجران .
قال عليه الصلاة والسلام : من كانت له جارية
فعالها فأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران . رواه البخاري .
وهذا فيه حث على العتق أيضا .
وتقدّم أن الإسلام حثّ على العتق في مناسَبة
وفي غير مناسبة . بسبب أو بغير سبب .
كما حث على مُكاتَبة الرقيق إذا رغب في ذلك ،
وأراد فك ربقة الرق من رقبته ، فإنه لا يُمانَع من ذلك ، بخلاف أسير الحرب لدى أمم
الأرض قاطبة !
كما أن الأسير إذا استُرِقّ لم يُجعل في رجلِه
قيد ، ولا في يده غل ، بل هو حرّ طليق في بلاد المسلمين ، إلا أنه مملوك فحسب .
فَشَـتّان ما بين الرِّق في الإسلام ، وما بين
معاملة أسرى الحروب في كل مكان !
ونحن نُطالب اليوم بمعاملة أسرى الحرب معاملة
الرقيق في الإسلام ! وقد رضينا بذلك !
سواء من كانوا في جوانتانامو أو كانوا في العراق
!
لِـيُـعْـلَم أن الرق في الإسلام رحمـة وليس
نِقمة .
كتبه /
عبد الرحمن السحيم
26 - ربيع الأول - 1426 هـ
===================
الذين يتحدثون عن حرية المرأة تحار عن أي حرية
يتحدثون؟ حيث إنك إذا تأملت في دعاواهم لم تجد إلا بريقاً زائفاً يخدع الأبصار،
والجوهر يفتقر لأي قيمة ذات بال، فالحرية والعدل صنوان لا يصح أن يجني أحدهما على
الآخر ؛ بينما هم قد انتهكو العدل والقسط في دعوى مطالباتهم بالحرية المزعومة.
ومحال أن تكون هناك حرية حقيقة تجني على مبدأ
العدل والحق، كما أنه من المحال أن يكون هناك حق وعدل يجني على الحرية الشرعية
للإنسان، ولذلك مثلاً عندما أعلنت أمريكا أن حملتها على العراق لتحقيق الحرية،
فانتهكت الأعراض، وخربت البلاد، وأهلكت الحرث والنسل، شهد العالم أن هذا هو الظلم
والعدوان والبغي والفساد، وإن أسمتها أمريكا وحلفاؤها ما أسمتها، فالعبرة بالحقائق
والمقاصد، لا بالدعاوى والأكاذيب.
وهكذا هم دعاة حرية المرأة في عصرنا الحاضر،
يريدون إخراجها من النور إلى الظلمات، ومن السعادة إلى الشقاء، ومن العدل إلى
الظلم والبغي، والفرع إذا عاد على الأصل بالفساد فهو باطل.
ويجب أن نفرق ونحن نتحدث عن هذه القضية بين ما
شرعه الإسلام للمرأة، وما قرره من قواعد وأصول ومنطلقات في كل شؤون حياتها، وبين
بعض الممارسات الظالمة من بعض المسلمين جهلاً أو عدواناً في شأن المرأة، كما هو
واقع في كثير من شؤون الحياة في حق الرجال أو النساء أو الأموال أو الأعراض، وهلم
جرّا.
فالقسم الثاني لا يسلم منه شعب أو بلد، وليس
خاصاً بالمسلمين، لذا هو عمل بشري لا علاقة للإسلام به، فلا يحمل وزره "وَلا
تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى" (الأنعام: من الآية164).
كما أنه ليس خاصاً بالمرأة، بل واقع عليها وعلى
غيرها.
ومن هنا فحصر الحديث عن انتهاك حرية المرأة،
وإلصاق ذلك بالإسلام، هو خروج عن الحرية، ووقوع في الظلم والبغي والعدوان، ودعونا
نتجاوز هذه المقدمة على أهميتها إلى النظر والتأمل في بعض دعاوى أولئك، ومدى
مصداقيتها.
فمثلاً: المطالبة بمساواة المرأة بالرجل في
الحقوق والواجبات، باسم تحقيق الحرية يجعلنا نتساءل لماذا لا يطالبون بالمساواة
بين الرجال بعضهم ببعض، وهم يشاهدون هذا البون الشاسع في حقوق وواجبات الرجال منذ
عرفت البشرية، فهذا سيّد وهذا مسود، وهذا أمير وهذا مأمور، وآخر يأخذ أعلى
المرتبات وذاك ينال أدناها، وهلم جرّا، الجواب الطبيعي أن هذا الأمر لاختلاف
الأفراد في نشأتهم وتعلمهم وعقولهم ومواهبهم، فنقول: لماذا جاز هذا في حق الرجال،
ولم يجز في الشأن بين النساء والرجال. كما أنهم هم يمارسون التفرقة في بيوتهم
ودولهم، ومؤسساتهم بينهم وبين نسائهم، بل لا توجد أمة من الأمم ساوت بين الرجال
والنساء، حتى أعلاها صراخاً في هذا الشأن، والحقيقة خير شاهد، فكم عدد النساء
اللاتي تولين رئاسة أمريكا منذ نشأتها؟ وكم نائب للرئيس من النساء منذ استقلالها،
بل كم نسبة النساء إلى الرجال في مجالس قيادتها كمجلس النواب والكونغرس وغيرها؟
إنها الدعاوى التي يخالفها الواقع وتدمغها الحقائق.
ولو أخذنا موضوع سفر المرأة في الإسلام ووجوب
وجود محرَم لها، وادعاؤهم أن هذا يقيد حرية المرأة، فنقول لهم: هل رأيتم رئيس دولة
أو كبير قوم سافر وحده، ولماذا هو هنا مشروع وممتدح، وهناك ممنوع وتقييد للحرية،
أليس المحرَم إذا سافر مع من هو محرم لها يقوم بصيانتها وحراستها وحفظها وخدمتها،
وهي سيدة معززة مكرمة مصونة تأوي إلى ركن شديد، فأي فرق بين الأمرين إن كنتم
تعقلون؟!
ونختم بمثال ثالث مما يكثرون الدندنة حوله في
دعوى مطالباتهم بحرية المرأة، وهو موضوع القوامة.
والجواب أنه كما لا تستقيم حياة البشر إلا
بالنظام وتحديد الاختصاصات وفق الإمكانات والقدرات والمواهب، ولذلك فهم يعترفون
بقوامة الرئيس على المرؤوسين، والوزير على من تحت يده، وقائد الجيش على جنوده،
وهكذا وهو أمر مسلَّم تتوارثه البشرية منذ وجدت على ظهر الأرض، لا ينازع في ذلك
عاقل، أو ينكره سوي. فكذلك قوامة الرجل على المرأة تدخل ضمن هذا الأصل والمنطلق،
وإلا فسدت الأرض، واختل النظام، وحدثت الفوضى. وإذا كانت قوامة الأمير والوزير
والقائد ليست مطلقة، فكذلك هي في قوامة الرجل على المرأة لها ضوابطها وشروطها
وأصولها، بل إن الشريعة جعلت من الضوابط في موضوع القوامة ما لا نجده من ضوابط
البشر في قوامة الرؤساء والوزراء والقادة، فأي الفريقين أحق بالعدل إن كنتم
تعلمون؟
وخلاصة القول: إن القضية التي يتحدثون عنها لا
رصيد لها عند التأمل والتدبر، وهي مسألة صنعت من فراغ، أو نقلت من حيز العمل
البشري الذي يعتريه الظلم والنقص إلى أن تلصق بالإسلام ظلماً وحيدةً وعدواناً.
وواجب الأمة أن تكون عند حدود مسؤوليتها، وأن
تعي ما يكاد لها، وألا تخدع فيما يطلق خصومها ومنافقوا أمتها، وأن تتجاوز اللحظة
الحاضرة إلى النظر والتدبر والتأمل قبل الاستسلام والخضوع لكل ناعق ومنافق.
ومن هنا، ولأهمية هذا الأمر، ولبيان الحق،
وإزالة اللبس، والإجابة على بعض ما يحدث في ا لنفس من شبهة أو سؤال جاء ملف
(المسلمة) تتصدره هذه الوثيقة التي صهرها هذا الجمع الغفير من علماء الأمة
ومفكريها وعقلائها رجالاً ونساءً؛ لتكون نبراساً يضيء الطريق، ويزيل الشبهة، ويوقف
على الحقيقة، "يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ
وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"
(التوبة:32)، وجاء توقيت هذا الملف لما تمر به الأمة عموماً وبلادنا خصوصاً من
هجمة شرسة من أعداء الأمة والملة ويتحمل وزرها العلمانيون والمخدوعون الذين
"ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ
السَّبِيلِ" (المائدة: من الآية77).
والشكر موصول لكل من ساهم في هذا الملف ابتداءً
وانتهاءً، والله لا يضيع أجر المحسنين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه
أجمعين.
أ.د. ناصر بين سليمان العمر
====================
شبهة تتعلق
بحديث (الشؤم في ثلاث وذكر المرأة)
الحمد للـه العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على
النبي الذي وصفه ربه في القرآن
فقال عنه [بالمؤمنين رؤوف رحيم]..
وبعد،
فإنّ أعداء الإسلام ما فتئوا يثيرون الشبهات
المغرضة حول الإسلام ونبي الإسلام وأحكام الإسلام، ولهم في ذلك أساليب وحِـيَـلٌ
عجيبة، فـإنهم تارة يبترون النصوص الشرعية [ فمثلا يبترون الحديث الشريف الذي ورد
في ثناياه أنّ النساء ناقصات عقل ودين- على تفصيل ذكره النبي الكريم-، ويتغافلون
عن سرد النص الكامل للحديث ]، وتارة يلوون المعاني ويلبسون على العوام دينهم [
فمثلا يزعمون أن القرآن فيه آية (وترى الملائكة ((حافيين)) حول العرش) والصواب أن
نص الآية هو { وترى الملائكة حافّين حول العرش} فشتان ما بين (حافّين بالعرش) أي
محيطين به وما بين (حافيين) أي غير منتعلين!]..
وما درى هؤلاء المغرضون الحاقدون –نسأل الـله
لهم الهداية- أنّ ديننا دين سماوي كامل، وأن القرآن {لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه}، وأنّ محمدا صلى الـله عليه وسلم قد حاز إعجاب الكافر قبل المسلم..
بل إنّ المرء ليرى أنّ مِن المستشرقين مَن يقبل
على دراسة الإسلام وتعاليمه وشمائل نبيه ليثير الشبهات وينشر الأباطيل، فـنجِـد
مِن هؤلاء من يعود إليه رشده وصوابه فيتخذ جانب الإنصاف والحياد، هذا إن لم يشهر
إسلامه –وقد حصل-، وما ذاك إلا لما رأوا من عظمة هذا الدين العظيم –نسأل الـله أن
يحيينا مسلمين وأن يميتنا مسلمين-..
وسأتناول في هذا المقام شبهة تثار عن المرأة في
الإسلام [وهم إنما يركزون على المرأة لأن معظم من يدخلون في الإسلام في ديار
النصارى هم من النساء لما يرون في الإسلام من عدل وإنصاف لهن] وهذه الشبهة تنطلي
على الكثير من عوام المسلمين مع الأسف، وتتعلق هذه الشبهة بالحديث الشريف الذي
أورده الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الـله بن عمر رضي الـله عنهما قال سمعت
النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إنما الشؤم في ثلاثة في الفرس والمرأة
والدار) [صحيح البخاري-كتاب الجهاد والسير- باب ما يذكر من شؤم الفرس]ٍ..
وروى هذا الحديث أيضا الإمام مسلم في صحيحه عن
عبد الله بن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الشؤم في الدار
والمرأة والفرس) [صحيح مسلم-كتاب السلام-باب الطيرة والفأل وما يكون فيه من
الشؤم]، كما رواه الإمام الترمذي في سننه عن سالم وحمزة ابني عبد الله بن
عمر عن أبيهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الشؤم في ثلاثة في
المرأة والمسكن والدابة) [سنن الترمذي-كتاب الأدب عن رسول الله- باب ما جاء في
الشؤم]..
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" إن كان الشؤم في شيء ففي المرأة والدابة والسكن " رواه الشيخان عن
ابن عمر رضي الله عنهما..
وأخرج أحمد وصححه ابن حبان والحاكم من حديث سعد
مرفوعا: " من سعادة ابن آدم ثلاثة المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب
الصالح , ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة المرأة السوء والمسكن السوء والمركب
السوء"..
وفي رواية للحاكم : " ثلاثة من الشقاء
المرأة تراها فتسوؤك وتحمل لسانها عليك .
والدابة تكون قطوفا، فإن ضربتها أتعبتك وإن
تركتها لم تلحق أصحابك , والدار تكون ضيقة قليلة المرافق"..
فهذه بعض طرق الحديث كما وردت عن رسول الهدى
سيدنا محمد صلى الـله عليه وسلم، والمشككون المغرضون يقولون في دعاواهم أن النبي
يجعل المرأة مصدرا للشؤم وسببا له وقرينة له متجاهلين الطرق المتعددة التي ورد بها
الحديث، ومجمل الطرق تزيل اللبس عن القارئ المنصف اللبيب..
فإنّ الحديث وردت فيه كلمة (الشؤم) وهي مصدر في
اللغة العربية، ونفهم من الحديث أنّه إن كان يمكننا التشاؤم من شيء فمن المرأة أو
الدابة أو الدار، ولا مجال لفهم الحديث على أنّه اعتبار لحصول التشاؤم مطلقا من
المرأة والدابة والدار، فإنّ الرسول الكريم صلى الـله عليه وسلم تزوج النساء وروي
أنه قال: (حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة)، وصحّ عن
النبي أنه اتخذ دارا للسكنى وركب في سفره الدواب، وعليه فإنّ الادعاء بأن المراد
من الحديث توكيد حصول التشاؤم مطلقا من المرأة والدار والدابة ادعاء مردود لغة
وشرعا وعقلا تبطله طرق الحديث المتعددة، كرواية أحمد وابن حبان والحاكم عن سعد عن
النبي صلى الـله عليه وسلم " من سعادة ابن آدم ثلاثة المرأة الصالحة والمسكن
الصالح والمركب الصالح ، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة المرأة السوء والمسكن السوء
والمركب السوء"..
وعلماء الإسلام –رحمهم الـله- لم يفهموا الحديث
الشريف (الشؤم في ثلاث.... )
إلا على أنّه تخصيص لحصول التشاؤم من المرأة
التي تحصل منها العداوة والفتنة، وإلا فالمرأة مكرمة مصونة في الإسلام أما وبنتا
وأختا وزوجة؛ ورد في الحديث عن الرسول صلى الـله عليه وسلم أنه قال: "حبب
إلي من الدنيا النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة" [رواه أحمد]
فالمرأة كالصلاة إيمان وطهر وهي كالطيب إنعاش وسكون نفس!، بل إن الإسلام يبشر من
يعول جاريتين حتى تبلغا بالأجر العظيم والثواب الجزيل، لذا أدعو القارئ الكريم إلى
التمعن فيما أورده الإمام ابن حجر العسقلاني في كتابه (فتح الباري بشرح صحيح
البخاري) في معرض شرحه لحديث"ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من
النساء"، حيث كتب الإمام العسقلاني ما نصه: ((قال الشيخ تقي الدين السبكي :
في إيراد البخاري هذا الحديث عقب حديثي ابن عمر وسهل بعد ذكر الآية في الترجمة
إشارة إلى تخصيص الشؤم بمن تحصل منها العداوة والفتنة ، لا كما يفهمه بعض الناس من
التشاؤم بكعبها أو أن لها تأثيرا في ذلك ، وهو شيء لا يقول به أحد من العلماء ،
ومن قال إنها سبب في ذلك فهو جاهل ، وقد أطلق الشارع على من ينسب المطر إلى النوء
الكفر فكيف بمن ينسب ما يقع من الشر إلى المرأة مما ليس لها فيه مدخل،وإنما يتفق
موافقة قضاء وقدر فتنفر النفس من ذلك ، فمن وقع له ذلك فلا يضره أن يتركها من غير
أن يعتقد نسبة الفعل إليها))ا.هـ.
فتى الفسطاط
==================
هل تستطيع
المرأة أن تعيش بلا رجل ؟؟
هل تستطيع المرأة أن تعيش بلا رجل أم أنها يوما
ما ستحتاجه ؟
مَنْ تأمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن
من أشراط الساعـة أن يُرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويفشو الزنا ، ويُشرب الخمـر ،
ويذهب الرجال ، وتبقى النسـاء حتى يكون لخمسين امـرأة قيّم واحـد . رواه البخاري
ومسلم
وفي الحديث الآخر قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به من قِلّةِ الرجال وكثرة
النساء . رواه البخاري ومسلم أيضا . فهل من تلوذ به تستغني عنه ؟؟!!
فلا غنى للمرأة عن الرجل ، كما لا غنى للرجل عن
المرأة ، فكل واحد منهما يكمل الآخر .
وصدق الله : ( ومن كل شيء خلقنا زوجين اثنين )
وليس هذا في حق بني آدم فحسب ، بل في جميع
المخلوقات ، ففي الجن كذلك ذكران وإناث ، وفي الطير والحشرات ، وفي الوحش ، وفي
المخلوقات البحرية ، بل حتى في الأشجار ، فوجود زوجين اثنين للتكامل لا للتناحر !!
فالمرأة أما ، وأختا ، وزوجة ، وبنتا ، وجارة ،
و...
والرجل أبا ، وأخا ، وزوجا ، وابنا ، وجارا ،
و....
وصدق الحق سبحانه ( هن لباس لكم ) ، ( وأنتم
لباس لهن ) .
فهل يستغني الإنسان عن لباسه ؟؟
حتى المجنون لا يستغني عن اللباس !! وكذا
الصغير .
قال البغوي في معالم التنزيل في قوله تعالى : (
هن لباس لكم ) أي سكن لكم .
( وأنتم لباس لهن ) أي سكن لهن ، دليله قوله
تعالى : ( وجعل منها زوجها ليسكن إليها ) ، وقيل : لا يسكن شيء إلى شيء كسكون أحد
الزوجين إلى الآخر . اهـ .
وقد قال الله تبارك وتعالى : ( ومن آياته أن
خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات
لقوم يتفكرون ) .
أما ما يستدل به المخالف ، من أن بعض العلماء
ترك الزواج وكذلك المرأة التي قالت للنبي صلى الله عليه وسلم وقد سألته عن حق
الزوج فقالت له : لا أتزوج أبدا .
فهو يذكرني بما قيل لإمام أهل السنة الإمام
أحمد – رحمه الله – حيث سئل عن الزواج ، فحثّ عليه ورغّب فيه ، فقال السائل : فإن
إبراهيم بن أدهم لم يتزوج ؟
قال : أوّه ! وقعتَ في بنيّـات الطريق .
قال بقيّة : جلست إلى إبراهيم بن أدهم فقلت :
ألا تتزوج ؟ قال : ما تقول في رجل غر امرأة مسلمة وخدعها ؟ قلت : ما ينبغي هذا ،
قال : فجعلت أثني عليه ، فقال : ألك عيال ؟ قلت : بلى ، قال : روعة تروعك عيالك
أفضل مما أنا فيه .
وقال مرة : روعة من روعة عيالك أفضل مما أنا
فيه .
لقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوّج
الأنبياء من قبله .
قال الله عز وجل : ( ولقد أرسلنا رسلا من قبلك
وجعلنا لهم أزواجا وذرية ) .
فهذه سنة الأنبياء ولكل قاعدة شواذ – كما قيل –
فليس الأصل عدم الزواج ، بل الأصل هو الزواج وطلب سكن النفس وزينة الحياة الدنيا (
البنين ) .
فالمرأة التي قالت : لا أتزوج أبدا . لم تكن هي
النمط السائد في أي مجتمع ، بل هي حالة فردية وواقعة عين ليس لها عموم ، ومثل ذلك
ما وقع لبعض العلماء العزاب .
غير أن الحكم للأعم الأغلب ، والأغلب – كما
ذكرت – هو الزواج .
وأنا ذكرت أن المرأة تكون أما وزوجة وأختا
وبنتا .
وكذلك الرجل بالنسبة للمرأة ، فلم أقصر الحديث
على الزوجين فحسب .
وإن استغنى الرجل عن المرأة كزوجة فلن يستغني
عنها أمّـاً وأختا وبنتا .
وإن استغنت المرأة عن الرجل كزوج فلن تستغني
عنه أبـاً وأخـاً وابنا .
وإن استغنت عنه زوجا فهي تشعر بالنقص ، كما هو
الحال بالنسبة للرجل .
فلا غنى للرجل عن المرأة ، كما لا غنى للمرأة
عن الرجل .
سؤال : متى تنال المرأة من الحقوق أكثر من
الرجل ؟
سبب هذا السؤال :
أن هناك من أعداء الإسلام ممن شَرِقـُـوا بدين
الله ، ومن أعداء المرأة من يتبجّحون بأن الإسلام هضم المرأة حقها ، وبأن المرأة
في الإسلام ليس لها حقوق ...
إلى غير ذلك من الدعاوى والكلمات المتهافتة (
كبُرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا )
وأنتظر الإجابات ثم آتي بما عندي .
أما جواب السؤال المتقدم :
فإن المرأة قد تنال من الحقوق أكثر من الرجل في
حالة كونها زوجة وأمّـاً .
فمن ناحية تكون أمّـاً ولها على أولادها حقوق ،
وهي المقدمة على الأب في هذا المقام ، لأنها كما وصفها الله – وهو أصدق القائلين –
: ( حملته كرها ووضعته كرها ) ولذا أوصى الله الإنسان بوالديه إحسانا ثم خص الأم
بالوصية لهذا المعنى ، وهو أنها حملته كرها ووضعته كرها وأرضعته وأزالت عنه الأذى
بيدها ... إلى غير ذلك مما هو معلوم .
وقد كانوا يعرفون حق الأمهات لما لهن من فضل
عظيم على الأولاد .
فبينما رجل يطوف بأمه قد حملها على عنقه رفع
رأسه إليها ، فقال : يا أمه تريني جزيتك ؟ وابن عمر قريب منه ، فقال : أي لكع ! لا
والله ولا طلقة واحدة . أي من آلام الطلق والولادة .
وقد سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : من
أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أمك قال : ثم من ؟ قال
: ثم أمك قال : ثم من ؟ قال : ثم أبوك . رواه البخاري ومسلم .
ثم إن المرأة التي كانت أما ، تكون غالبا زوجة
من جهة أخرى فلها على زوجها حقوق ، فمن ذلك :
لما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق
زوجة أحدنا عليه ؟ قال : أن تطعمها إذ طعمت ، وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ولا
تضرب الوجه ، ولا تقبِّح ، ولا تـهجر إلا في البيت . قال أبو داود : ولا تقبح أن
تقول : قبحك الله . رواه أحمد وأبو داود ، وهو حديث صحيح .
وأعلن صلى الله عليه وسلم في خطبته يوم عرفة ،
فقال : ولهن عليكم رزقهن وكسوتـهن بالمعروف . رواه مسلم .
فللمرأة على زوجها حق :
1 – النفقـة ، ولو كانت ذات مال .
2 – السكنى ، فيوفر لها المسكن المناسب لمثلها
حسب استطاعته .
3 – الكسوة ، فيكسوها إذا اكتسى ، مما يناسب
مثلها في حدود استطاعته .
4 – العشرة بالمعروف ، ومن ذلك :
5 – عدم ضرب الوجه .
6 – عدم التلفظ بألفاظ سيئة على زوجته .
7 –
عبد الرحمن بن عبد الله السحيم
==================
مطابقة التكليف الشرعي الإسلامي الفطرة البشرية
تماما :
فتطابق هذا التكليف مع خلقة هذا الإنسان في كل
مكان وزمان ، لهو أمر عجيب جدا لولا أن القرآن الذي هو أساس هذا الدين معجزة من
الله تعالى . فالعادة جرت أن القوانين والأحكام الوضعية توضع من قبل هئيات كثيرة
ومجالس تشريعية .. ولبلد واحد تقريبا ، أو دولا قليلة ولكن متشابهه من حيث الثقافة
والدخل ...الخ. وهذا القانون لا يحقق الحق والعدالة أبدا . ذلك أنهم ما يلبثوا أن
يكفروا به بعد مدة وجيزة . ويقولوا أنه عقيما ولا يحقق مصالح أولئك الناس ، أو (
عفى عليه الزمن )... ثم هو لا يتعرض لدقائق الامور ولا لحياة هؤلاء بعد وفاتهم
أبدا .... وهو طبعا لا يختص إلا بفئات محددة من البشر ومواقع جغرافية محددة ...
ثم هو لا يطابق ما يخفى على الناس من مصالح
أجسادهم .... وما يناسب خلقتهم
أما في الإسلام ، فالقانون هو حكم الله تعالى ،
خالق هذا الإنسان في كل زمان ومكان . فالله تعالى علمنا بالوحي النازل على النبي
صلى الله عليه وسلم ، أدق الامور المتعلقة بحياتنا كبشر ، كيف نأكل وكيف نشرب وكيف
... وكيف ... من أدق الامور إلى الامور المصيرية بنا كأفراد وكأمة معا ، وكثير من
هذه الامور لا نعرف لها تعليلا مع أننا نعترف أن فيها الخير والصلاح لنا .. وكما
دلت على ذلك كثير من المكتشفات العصرية في هذا الزمان ، والحمد لله ، ومع ذلك لا
يعلم نهاية الخير من فعل هذه الامور إلا الله تعالى . وذلك أن هذا الشرع هو من
خالق هذا الجسم الاعلم به ، تبارك وتعالى وله الحمد والمنة .
وهذا من أعظم أوجه الاعجاز في القرآن الكريم
حيث المطابقة التامة بين التكليف والفطرة البشرية ، وهذه المطابقة لا تبلى عبر
الزمان ولا تتلاشى بإختلاف المكان أبدا .....
أما القوانين الوضعية فتختلف من مكان لمكان ولو
كانا قريبين ؟؟ ومن زمان لزمان ولو كان متقاربين ...
فكيف لو عملنا مثلا بقوانين العصور الوسطى ؟؟
هذا ناهيك عن أن كثيرا من قوانين القرن الحادي والعشرين في أكثر البلدان تقدما لا
تقل سوءا وجهلا وظلما عن قوانين العصور الوسطى !! فمثلا .. كيف بتلك القوانين التي
تحترم الحيوان وتحافظ عليه وتدافع عنه وهم في نفس الوقت يحتقرون الإنسان الذي
أكرمه الله تعالى ؟؟. فكيف بقوانين التسامح مع المجرمين مثلا ؟؟ أليس هذا التسامح
مع المجرم إلا على حساب الأبرياء ؟؟ أنترك المجتمع ساحة تجربة لنعرف هل000000
المجرم غير سلوكه الاجرامي أم لا ؟؟ ..
ولنأخذ مثلا موضوع النساء ببعض التفصيل وحيث ،
الحق أنها أصبحت ضحية للشهوات العابرة والاهواء الزائغة .. في هذا الاطار خاصة ،
حيث يحاول الكثير من الغاوين من الجنسين إقناع المرأة على الانسلاخ من مطابقة
الشرع لفطرتها ، والتنكر لما أمر به الذي خلقها أصلا وله الحمد والمنة .
فـــصل : المرأة في الإسلام
المقدمة
لقد كثر الكلام في هذا العصر عن المرأة وماهو
وضعها في الإسلام . وأصبح الكثير يتكلم في الامر من عند نفسه ، مستهينا بأمر الله
تعالى ، دون أن يكلف نفسه عناء الرجوع الى الحق وهو الكتاب والسنة. وما ذلك إلا
لإستهانته بالحق . وأنه أراد أن يأكل به ثمنا بخسا. والمحزن أن من هؤلاء من ينسب
نفسه أو ينسبه الناس زورا وبهتانا الى الإسلام وعلومه الشرعيه، مع أنه يتكلم من
عند نفسه ولا يمت الى العلوم الشرعيه بصلة، إلا انه أحب أن يأكل بدينه ثمنا قليلا،
فهو بدلا من أن يبحث عن رضى الله تعالى في فتاويه ، أصبح يبحث عن هوى نفسه ،
وشهوته أو مقتضيات وظيفته ، نسأل الله العافيه ،.. فهو لا يرجع لا الى كتاب الله
ولا الى سنة نبيه صلى ألله عليه وسلم . وهم لا يفتون إلا بما تقتضيه مناصبهم .. أو
ما تشتهيه أعين أعين الناس وحتى يكبر في عيونهم .. نسأل الله العافية . وقد قال
النبي صلى ألله عليه وسلم : أول ما تسعر النار في ثلاثة أحدهم " عالم "
ولكنه تعلم ليقال عالم وقد قيل ..... والعياذ بالله .
المهم اني اردت أن أحذر أن هؤلاء لا ينقلون
صورة ، ولا أية صورة عن الاحكام الشرعية الإسلامية ، ومن هذه الأمور "مكانة
المرأة في الإسلام " فعلى العموم فإن صفات ومؤهلات العالم الذي ينبغي أن يرجع
اليه مشروحة ومفصلة في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن هذه الصفات
تقوى الله فقد قال تعالى " واتقوا الله ويعلمكم ا لله " 282 البقره.
وقال تعالى : " أنما يخشى الله من عباده العلماء " 28 فاطر . وعن الذين
يأمرون الناس بالمعروف وهم يمارسون المنكر قال تعالى ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون
أنفسكم وانتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) 44 البقرة .
والكثير من هؤلاء يحملون شهادات من جهات لا
تقيم للشريعة وزنا أصلا . ومن كان كذلك فهو عدو للشريعة . فسبحان الله ، كيف أذن
يعطي عدو الشريعة شهادات في الشريعة ؟؟ .
أما مثل هؤلاء الذين يطلق عليهم زورا وبهتانا
(علماء) ، فهم يتكلمون أصلا من منطلق مناصبهم وما تقتضيه مصالحهم الشخصية ، وما
تمليه شهواتهم من حب الحياة الدنيا وإثيارها على الحق . فهم بذلك آثروا الحياة
الدنيا على الآخرة ، نسأل الله العافية .
وهم بذلك يدخلون في تحريف الكلم عن مواضعه ،
ذلك أن القرآن محفوظ من الله ولا يمكن بحال تحريفه بذاته ، كما حرفت الكتب السابقة
، التي لم يشأ الله تعالى حفظها .. فيعمد أهل الضلال والزيغ إلى تحريف معانيه ...
وتفسيره على وجوه تناسب الهوى والزيغ الذي في قلوبهم .. قال تعالى :
(هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن
أم الكتاب وأخر متشابهات ، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء
الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله ، والراسخون في العلم يقولون آمنا
به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الالباب ) 7 آل عمران .
فلهذا ارتأيت بكرم من الله وله الحمد والمنة ،
ان أكتب هذا الموضوع عن وضع النساء في الإسلام ، وهو موضوع كسائر الاحكام الشرعية
الإسلامية ، يمثل جانبا من اعجاز القرآن من حيث كمال موافقة التكليف الشرعي للفطرة
البشرية ، وأنه في كل شيء، وفيما يتعلق بالمرأة هو الحق المبين ، قال تعالى (لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) 42 فصلت . ذلك ان الشارع
تبارك وتعالى هو الفاطر الخالق العليم الحكيم بخلقه سبحانه وتعالى. وحيث انه من
أصول الإيمان ان الله تعالى لم يكلف العباد الا بما يستطيعون ، وهذا ثابت في
الكتاب والسنة . قال تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ) البقره ،
وقال تبارك وتعالى (لا يكلف الله نفسا الا ما أتاها ) . فهو، تبارك وتعالى ، ما
كلف المرأة بشيء إلا ضمن إستطاعتها . وقال النبي صلى الله عليه وسلم (أذا أمرتكم
بأمر فأتوا منه ما استطعتم ). وكذلك ، ما كلف العباد الا بما فيه الخير والصلاح
ومن ذلك ما يخص النساء فهم ان فعلوا ذلك اعزهم الله، وأن أبوا وأعرضوا أذلهم الله
وعذبهم في الدنيا والاخره قال تعالى (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره
يوم القيامة أعمى ) 124 طــه. فالله أمرنا بأمور منها الصلاة والصوم وغض البصر
والتستر والطهارة ولبس الملابس الشرعيه … وتجنب الربا سواء أكان عيانا أو مقنع كما
هو منتشر هذه الايام والبعد عن البدع في الدين ..وعلى العموم ترك الفواحش ما ظهر
منها وما بطن، كل هذه الامور متيسرة لمن اراد رضى الله تبارك وتعالى . فإن فعل
الناس ما يقدرون عليه نصرهم الله ومكنهم من الذي لا يقدرون عليه منفردين مثل عزة
الامة وتحسين المعيشة .. وهذا اصل ثابت في الشريعه .
وضع النساء في الجاهلية وفي المجتمعات الغير
مسلمه
فقد بين الحق تبارك وتعالى وضع النساء في
الجاهلية في بلاد العرب .وهذا يقاس عليه وضع النساء في كل مكان وزمان ،غير المنهج
الحق الموحى من الله تعالى : الإسلام .
فقبل الإسلام ، فذلك اختصارا، كان وضعها ،
يترواح من أعتبارها مجرد متاع يورث مع باقي الاشياء إلى وأدها وهي حية .
فالمشركون من العرب كانوا يحتقرون النساء لحد
انهم كانوا يعمدون الى وأد بعض بناتهم خوفا من العار. قال تبارك وتعالى (وأذا
النفوس زوجت *وأذا ألمؤودة سئلت *بأي ذنب قتلت ) ألآيات 9،8،7التكوير .
وكانوا يعتبرون البنات عيبا ومنقصة ، قال الحق
تعالى ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم * يتوارى من القوم من سوء
ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون ) 59،58 النحل .
هذا في بلاد العرب اختصارا …
أما عند الأمم الأخرى فالأمر يتراوح بين طقوس
تحتم عليها أن تحرق اذا مات زوجها، كما عند الهندوس ، الى اعتبارها مكان الرجل كما
في بلاد الشرق الاقصى حيث كانت النساءْ تتولى الحروب هناك . وهذا كله مرافق إلى
إستخدامها للمتعة الشيطانية العابرة كالمتاع . … وإلى بلاد أخرى… لا تعتبر ذات روح
…. إلى هذا الزمان في ظل الحضارة الغربية المادية حيث تعتبر رسميا مساوية للرجل ،
وهذا ظلم لها لإن بنيتها تشهد بغير ذلك . وعمليا احتقارها جدا الى درجة استخدامها
في الدعايات وقضاء الشهوات العابرة ومساواتها مع الرجل جسما وهو مخالف لتكوينها
الجسمي . فالادعاء انها قادرة على تحمل المشاق. وكان هذا على حساب مهمتها الأصلية
الموافقة لفطرتها من تربية الاطفال والمحافظة على البيت .. فالنتيجة هدم البيت
وضاعت المرأة والرجل ، وهدمت الاسرة نسأل الله العافية الله .. وأصبح الإنسان الذي
عبد المادة الناتجة من الالة الصناعية كالالة تماما … لا مشاعر إنسانية ولا صفات
بشرية ….
الله تبارك وتعالى أكرم الإنسان (رجالا ونساء)
وفضله على كثير من خلقه
فالمرأة من حيث الأصل تشترك مع الرجل ، والحمد
لله رب العالمين في أن الله تعالى أكرمها ، فهي ابنة آدم عليه الصلاة والسلام ، بل
كانت اول امرأة خلقها الحق تبارك وتعالى جزأ من آدم عليه السلام قال تعالى (هو
الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن أليها …)189 الاعراف , وهو الذي
أكرمه الله تبارك وتعالى إكراما عظيما، فقد خلقه بيده وعلمه الاسماء كلها وأسجد له
الملائكه، وأعطاه القدرة على ألتمييز والعقل وأستخلفه في الأرض وأمره وكلفه بأعظم
وأشرف الامور وهو الحق المتمثل بعبادة الله جل وعلا عبادة تكليفية أختيارية اضافة
للعبادة الكونية. فلا يعبد مخلوقا مثله . وانما يعبد الخالق المستحق حقا للعبادة.
وكذلك جعل تبارك وتعالى الرسل من بني آدم . فهم للإنس والجن والحمد لله فقال تبارك
وتعالى " يا أيها الناس إتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها
وبث منهما رجالا كثيرا ونساء" 1-سورة النساء .
وقال تبارك وتعالى ( واذ قال ربك للملائكة أني
جاعل فى الأرض خليفه ..…) 30 البقره.
وقال تبارك وتعالى (أذ قال ربك للملائكة أني
خالق بشرا من طين*فأذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين )71-72ص .
وقال تبارك وتعالى (ولقد كرمنا بني آدم
وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا
تفضيلا)70 الاسراء.
واسكن آدم وزوجه الجنة قال تبارك وتعالى (وقلنا
يا آدم أسكن أنت وزوجك ألجنة وكلا منهارغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه ألشجرة فتكونا
من ألظالمين) 35البقرة . فهذه من الادلة على أكرام بني آدم رجالا ونساءا .
ومشيئة الله تعالى في إكرام الإنسان ، أمر قدري
من ألله تبارك وتعالى، وهذا أمر يجري على جميع ألناس عند ولادتهم ….أي على الفطرة
الأصلية ، والفطرة مطابقة للدين .
الحق: الإسلام … قال تعالى (فأقم وجهك للدين
حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن
أكثر ألناس لا يعلمون ) 30 -الروم ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم "يولد
ألمولود على الفطرة فأبواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه" متفق عليه واللفظ
لمسلم (لفظ البخاري بدون "يمجسانه". فالإنسان دون أستثناء مكرم بخلقته
سواء أكان رجلا أو أمرأه، طويل أو قصير، أسود أو أبيضأ و أصفر أو أحمر ، عربي أو
أعجمي …ألخ .
الخلقة
أن الخلقة التي أعطاها الله تعالى لكل مخلوق ،
هي أمر كوني قدري منه تبارك وتعالى. سواء من حيث نوع المخلوق أو جنسه أو لونه او
طوله ......الخ او طريقة معيشته أو أية صفة أخرى وهو أحكم الحاكمين وهو أعلم بخلقه
وهو على كل شيء قدير قال تبارك وتعالى (والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي
على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء أن
ألله على كل شيء قدير) 45 النور. وقال تبارك وتعالى (ومن آياته خلق ألسماوات
والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على جمعهم أذا يشاء قدير) 29 النور . والله تبارك
وتعالى هو الذي أعطى كل كائن من هذه الكائنات فطرتها الأصليه التي بها تعيش .وقد
أجاب موسى عليه السلام فرعون عندما سأله كما يقول ألحق تبارك وتعالى في محكم
ألتنزيل (قال فمن ربكما ياموسى * قال ربنا ألذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) الايات
49،50 طـه . فالله سبحانه خلق كل شيء وأعطاه فطرته التي أرادها لـــه فلا يمكن
لهذا المخلوق الخروج عنها أبدا . ومهما فعل في هذا ألاتجاه فلا يزيد نفسه الا
عذابا وشقاءا وخساره، وبخصوص هذا الإنسان فأن الله فطره على عبادته تبارك وتعالى
وهذا هو عين الحق وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ان ألله قد خلق الخلق حنفاء
فاجتالتهم الشياطيين ) فمن لم يرضى بخلقته فيشقى ويتعب ويضل،والعياذ بالله، وأضافة
لذلك ينال سخط ألله ويكون مأواه ألجحيم كما وعد الله تبارك وتعالى،والله اعلم
بخلقه وهو يعلم ان الله خلق السموات والأرض ومن فيهن
(أفمن يخلق كمن لا يخلق مالكم كيف تحكمون) سورة
النحل . وهذا أحتجاج على خلق الله تبارك وتعالى وهو أحتجاج المخلوق على خلقته يعني
أحتجاجه على حكم الله وارادته وهو بذلك والعياذ بالله يخاصم الحق تبارك وتعالىوهو
أحكم ألحاكمين قال تعالى (أولم يرى الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين*وضرب
لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم*قل يحيها ألذي أنشأها أول مرة وهو
بكل خلق عليم)77-79يـــس …
ونذكر هنا ان الإنسان - رجلا كان أو إمرأة
بصفاته الأصلية المفطور عليها وأولها اطاعة خالقه الله تعالى، وهو الدين .. وهو
الإسلام الحق .. قال تعالى ( إن الدين عند الله الإسلام … الاية ) 19 آل عمران
-مخلوق على احسن تقويم أي في أحسن هيئة. قال تبارك وتعالى :( والتين والزيتون
،وطور سنين ، وهذا البلد ألامين، لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ،ثم رددناه اسفل
سافلين ،الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون، فما يكذبك بعد
بالدين اليس الله بأحكم الحاكمين ) سور التين .
والله تبارك وتعالى قد بين لنا كما في الايات
أعلاه ، أن الإنسان ، رجلا كان أم إمرأة ، لا يمكن أن يكون سعيدا إلا بصفاته التي
فطره الله عليها.
ونشير هنا كذلك ، إلى أن الله قد خلق المرأة،
ضعيفة الجسم والنفس . خصوصا من حيث السيطرة عل0ى عواطفها عند الشدائد قال تعالى :
(أومن ينشؤ في ألحلية وهو في ألخصام غير مبين
(18)وجعلوا ألملائكة الذين هم عباد الرحمن أناثا أشهدوا خلقهم ،ستكتب شهادتهم
ويسئلون(19) الزخرف.
وفي هذا من الخير العظيم الذي لا يعلم نهايته
إلا الله تعالى، وذلك حتى تناسب وتقبل برغبة على الامور المنزلية والاجتماعية من
تربية الاطفال .....الخ.
فمن اقبح الامور، عدم رضى الإنسان على خلقته
التي أرادها الله له ، ومن ذلك تشبه المرأة بالرجل والرجل بالمرأة مستحق للعنة
الله تعالى …..فقد روى الامام البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس قال :
( لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء
والمتشبهات من النساء بالرجال) البخاري حديث رقم 5885 . ورواه مسلم وأحمد أيضا .
وبالمناسبة، وطالما أننا نتحدث عن خلق الله ..
نذكر أن الله تبارك وتعالى لم يتخذ ولدا أبدا كما تزعم اليهود والنصارى : قال
تعالى ( وقالوا أتخذ الرحمن ولدا * لقد جئتم شيئا إدا * تكاد السماوات يتفطرن منه
وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا * أن دعوا للرحمن ولدا * وما ينبغي للرحمن أن يتخذ
ولدا * إن كل من في السماوات والأرض الا آتي الرحمن عبدا * ) الايات 88-93 مريم
وقد زين الله تعالى للذين لا يؤمنون به أعمالهم
، عقابا لهم على كفرهم وعنادهم وإصرارهم على المعاصي والجحود ، بحيث يدعون في كل
زمان إلى أمور عجيبة مثل مساواة الرجال بالنساء ، وإلى قلب الخلقة البشرية والعياذ
بالله .. فقال تعالى ( إن الذين لايؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون )27
النمل .
أسباب الخلق :عبادة الله تبارك وتعالى
ثم ان الإنسان،رجالا ونساء، قد خلق من أجل اسمى
واشرف الغايات في هذا الوجود،وهو عبادة الخالق تارك وتعالى . فاطر هذا الكون وما
فيه ، وهو القيوم عليه ، عبادته وحده لا شريك له، قال تبارك وتعالى: ( وما خلقت
الجن والانس الا ليعبدون * ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون أن الله هو
الرزاق ذو القوة المتين )56-57 الذاريات . وهذا يدل على أن هذا المخلوق مكرم عند
الله. وعلى قدر هذه المهمة التي من أجلها خلق. ذلك أن هذه المهمة هي عبادة طوعية
تكليفية كما ذكرنا . أما العبادة الكونية فهو يشترك مع باقي المخلوقات في العبودية
لله تبارك وتعالى. ولكن تلك عبادة كونية قدريه أي لا يستطيع المخلوق الخروج عنها
قال تبارك وتعالى (ولله يسجد من السماوات و الأرض طوعا و كرها وظلالهم بالغدو
والآصال) 15 ألرعد
والمرأة(مثلها مثل الرجل ) ان ارتضت بذلك
وأطاعت ربها ، وقامت بما كلفت به من أخلاص العبادة لله ، فأنها موعودة بالخلود
بالجنة ورضوان الله ، وكل ما وعد به تبارك وتعالى . قال تعالى : (وعد الله
المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات
عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز ألعظيم) 72سورة التوبه . وهو تبارك وتعالى
لا يخلف ألميعاد ، قال تعالى (ربنا أنك جامع الناس ليوم لا ريب فيه أن ألله لا
يخلف ألميعاد) 9-آلعمران . وهذه هي أعظم جائزة يمكن أن يحصل عليها الإنسان، وهذا
النعيم يبدأ من ساعة وفاتها كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم ان الإنسان اذا
مات فهو(مستريح ومستراح منه ، قالوا يا رسول الله ما مستريح ومستراح منه ؟ قال
المؤمن يستريح من عناء الدنيا . والفاجر يستريح منه كل شيء .. ) مسلم . فالمرأة
أذن مخلوق مشرف مكرم . تماما في ذلك مثل ألرجل . لا فرق بينهما في ذلك، وهي موعودة
بما هو موعود به . وبالمناسبة نذكر.. بفلسفات النظم الاجتماعية الدنيوية جميعا ..
من حضارة غربية وغيرها .. هل تعد الإنسان بشيء فيما بعد القبر ..؟؟ وإن وعدت ..
فهو كلام زائف غير صحيح لأنه مجرد ظنون وأوهام وتحريف ليس إلا….. أما الوعود في
الإسلام فهي قائمة بالدليل القاطع : المعجزة الخالدة: القرآن … قال تعالى ( إن
يتبعون إلا الظن وما تهوى الانفس ولقد جائهم من ربهم الهدى ) 23 النجم .
التكليف الشرعي الإسلامي
المرأة تماما مثلها مثل الرجل ، مكلفة شرعا
بنفس الأحكام الشرعية من أركان الإسلام الخمسة . (مع وجود رخص خاصة بها بسبب
خلقتها) مكلفة بجميع الأمور الأخرى وتجري عليها نفس العقوبات الدنيوية . وهي مكلفة
تماما بعدم الاختلاط مع الرجال . و حيث يجعلها هذا الاختلاط رخيصة ويفقدها العفة
والمنعة الأخلاقية. ومع فقدان هذه الأمور تصبح حياتها، وحياة الرجل كذلك قطعة من
العذاب . إلى جانب فساد الرجل ... وفساد العلاقة الفطرية والميزان الاخلاقي في
نفسيهما وبالتالي دمار هذا الإنسان .
وحيث أنها مكلفة فطرة وشرعا بتربية الاطفال
الذين تنجبهم وبالمحافظة على البيت من الداخل. فالأصل العمل بقول الله تبارك
وتعالى (وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة
وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) 33
ألاحزاب . فألاية تتحدث عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ..فما بالك بأزواجنا
نحن ..؟؟ فعلم من الاية أن الأفضل لها التزام بيتها . وأمرت المرأة بتجنب الابتذال
والاثارة، فقال تعالى : ( ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى
الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) 31 النور . وفي هذا المحافظة على عفتها
وجاذبيتها واحترامها .
ومن صميم عمل المرأة، المحافظة على البيت
ورعاية الأطفال ، وبحيث يصبح هؤلاء الاطفال عامل ربط بين الزوج وزوجته فأن خرجت
فقد ضاع الاطفال واصبحوا هم الاخرون عامل تدمير اضافي للمجتمع . فأين دعاة
الانحلال من الجنسين من هذا ؟؟ وأين السعادة ألمزعومة ؟؟ وهل الحرية التي يقولون
عنها ألا دمارا للمرأة والرجل معا ومن ثم للاسرة ومن بعد للامة قاطبة وللبشرية
جمعاء …وهل نتيجة ذلك الا الشقاء والخوف … والعذاب في الدنيا والاخرة ؟؟ أن
الإسلام هو الحل الالهي لهموم الإنسان فان أطاع الله فاز بخيري الدنيا والاخرة ……
وطالما نحن نتحدث عن الابتذال فأريد أن أذكر بحديث النبي صلى الله عليه وسلم
" صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس
، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات ، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن
الجنة ولا يجدن ريحها ,وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا … ) مسلم في الفتن :
وحول المجاهرة بالعري وغيره من المعاصي فقد قال عليه الصلاة والسلام " كل
أمتي يدخل الجنة إلا المجاهرون …" نسأل الله العافيه… . ونذكر كذلك أن الوعيد
بالعذاب واقع على المرأة ووليها .. إن علم بالمنكر …. وللمرأة أللا تطيع مثل هذا
الوليي ان امرها بالمعاصي ومنها الملابس الملابس الفاضحة .........فقد قال النبي
صلى الله عليه وسلم قال ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وحيث ان الامر خطير
للغاية فالعاقبة هي الخلود في الجنة او في ألنار قال تبارك …. والله المستعان .
ففي الامتثال لاوامر الله تعالى السعادة
للانسان وليس العكس …..
ثم هل الدعوات للانحلال الا مستوردة من الامم
المشركة ؟ فترك المسلم لدينه وعقيدة القائمة على الحق المطلق وهو المعجزة
الربانية:- القرآن واتباع اهل الشرك الا الارتداد عن الإسلام …؟؟ وبالتالي الخسارة
كل الخسارة في الدارين ..؟؟؟ نسأل الله العافيه وهذا ما أخبر عنه النبي صلى الله
عليه وسلم فقال (لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة ، قالوا النصارى
واليهود قال فمن ؟؟) متفق عليه .
ودعنا نعتبر لما حدث في بلاد الشرك كنتيجة لهذه
الممارسات المسماه حرية ومساواه وغير ذلك : ان هذا انحلال قد أدى الى تدمير الأسرة
ومن ثم المجتمع نهائيا حتى ان بعض الامم ألمشركة اصبحت تخشى على نفسها من الانقراض
. فليس سرا أن الإسلام يبكى عليه دموعا حاليا في الغرب وحيث تسود الدعوات
الشيطانية ألمدمرة من كل نوع (والعقلاء ) محكومين بشهوات الرياسة . ولكن كما قال
الله تبارك وتعالى (أولئك لم يكونوا معجزين فــــــي الأرض وما كان لهم من دون
الله من اولياء* يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون)20هود
. فالسمع هنا معناه الاستجابة فما كانوا يستطيعون الاستجابة من شدة اتباع الهوى
والشهوات او الحسد أو الكبر .. فكيف يتبعون امرا جاء به المسلمون المتخلفون ؟؟ .
ولو كان هذا هو الحق … تماما كما قال قوم فرعون لعنةالله عليهم عندما جاءهم موسى
وهارون بالحق ( فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون ) 47 المؤمنون .
أن هذه الدعوات الشيطانية بالرغم من أن لها
آثارا تدميرية على المجتمع والبشرية عموما. وخصوصا في هذا الزمان ، حيث وسائل
الاتصال والبث المسموع والمرئي لم يسبق لها مثيل، الا اننا نجد الساسة ومراكز
النفوذ في الدوائر الحاكمة المسيطرة على مقدرات الامم اقتصاديا وسياسيا يؤيدون هذه
الدعوات التخريبية تحت شعارات براقة هم أول من ينقضها مثل المساواة بين الرجل
والمرأة والحريات بجميع انواعها الجنسية والشاذة والممارسات التي يتأفف الحيوان
عنها … ليس لشىء الا لاشباع انانيتهم وشهوتهم للرئاسة والمال وهم يعلمون تمام
العلم انها دعوات هدامة تخريبية مريبة. وهذا ما تقوله مراكز الدراسات لديهم لقد
اصبح مثل هؤلاء الساسة اسرى الحصول على الصوت الانتخابي فقط، فهم يؤيدون الدعوات
المذكورة للحصول على اصوات حتى الشواذ . وأصبح لاصحاب الممارسات الشاذة احزاب
وتجمعات ضغط لتحصيل مصالحهم والاعتراف بهم ونشر شذوذهم -والضغط مقابل اصواتهم- مع
أنهم حقا يحملون بذور تدمير المجتمع نهائيا الذي من شأنه قلب الميزان البشري الذي
هو على فطرة ألخالق تبارك وتعالى. إن ممارسات هؤلاء تنزل بالإنسان عن فطرته
الأصلية القائمة على البراءة ليصبح شر من البهائم والعياذ بالله … وقد اصبح لتلك
الممارسات المقيتة اثارا صحية قاتله عقابا على افعالهم الرديئة التي هي وصمة عار
في جبين الإنسان ومع ذلك فالبعض يسميها " تقدما وحضاره". فالجميع عليه
أن يحذر .. والحمد لله القائل (و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصه ،
واعلموا أن الله شديد العقاب ) 25الانفال - وكنتيجة للاعراض عن ذكر ألله تبارك
وتعالى وللافراط في الانانية والاستكبار كما ذكرنا آنفا فقد اصبح للشواذ نساء و
رجال هيئات وجماعات (محترمة) ممثلة في البرلمانات ومجالس الحكم الاخرى . بسبب
التهافت في الحضارة العصرية على المادة من قبل الفئات الحاكمة وأنانيتها وخطب ود
أي (شيء) له صوت انتخابي لتحقيق انانيتهم وحبهم للظهور في هذه الدنيا وزخرفها
الفاني والصبح تحقيقا ان الفئات العامة التي لا تعقل وراء الشهوة شيئا هي التي
تتحكم بأولياء أمور الناس في الحياة العصرية الديمقراطيه فحقيقة هذا النظام انه
يجعل ألحاكم الذي يفترض ان يكون دارسا فاهما لامور الحياة الدنيا(نذكر أن الفلسفة
الديمقراطية الغربية لا تقيم وزنا للاخرة أو الجانب الروحي للانسان!!) عالما
بتحقيق مصالح شعبه رهينة لذلك العامي الجاهل الغارق في الشهوات، واصبح ذلك الحاكم
العالم ببواطن أمور شعبة وحقيقة اموره لا ينصح لشعبه بل يغشهم ويقرهم على كثير من
ممارساتهم بل وأحيانا كثيرة يكون أولئك مشاركين في تلك التصرفات التي سوف تؤدي
بشعبه الى الهاوية والمحق الكامل، وحتى اصبحنا نقرأ عن انغماس بعضهم في تصرفات
مقرفة شاذة نتحرج من ذكرها ويندى لها الجبين نسأل الله العافيه .. وهذا يشبه ال حد
بعيد ما ذكر الله تبارك وتعالى عن قوم لوط وما كانوا يفعلون حتى ان الله عاقبهم
عقابا شديدا وحيث انهم مثل هؤلاء المعاصرين يقولون عن اهل الالتزام بالإسلام الذين
يدعونهم الى الفضيلة أنهم قوم متخلفون متشددون بل انهم يعيرون المسلمين الملتزمين
بالإسلام بأنهم "يتطهرون" وهم بذلك اشبه ما يكونوا بقوم لوط عليه السلام
قال تبارك وتعالى : (ولوطا اذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من
العالمين،أنكم لتأتون ألرجال شهوة من دون ألنساء بل أنتم قوم مسرفون، وما كان جواب
قومه الا ان قالوا أخرجوهم من قريتكم أنهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله الا أمرأته
كانت من ألغابرين ،وأمطرنا عليهم مطرافأنظر كيف كانت عاقبة المجرمين )80-84
الاعراف .
فهذه دعوة للنجاة لكل واحد من بني آدم .. ليعلم
الخير الذي انزله الله تبارك وتعالى بالإسلام .. النجاة .. النجاة … في الدنيا
والاخرة . الخير الذي انزله الله للبشرية والاحكام ألشرعية الرادعة للبغاة الفجرة
من رجم الزناة وقتل القتلة …ألخ فأن في هذا صلاح للأنسانية وردع للشواذ والعياذ
بالله وكما اخبر الحق تبارك وتعالى : (ولكم في القصاص حياة ياأولى ألالباب لعلكم
تتقون" البقرة 179 – وقال تبارك وتعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم
نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) 3 المائده وقال تعالى (وما أرسلناك ألا رحمة
للعالمين ) 107 ألانبياء وهذا كما ذكرنا مرارا وتكرارا شيء بسيط جدا مع ما أعد
الله للمؤمنين من ألنعيم في الاخرة .(راجع خاتمة هذا الموضوع والخاتمة العامة
للكتاب).
إن سفينة النجاة هي الإسلام والحمد لله .فاتباع
اوامر الله والاقتداء بالصحابة ، المهاجريين والانصار في اتباعهم للحق ،ألكتاب
والسنة ،هو الصلاح والمصلحة وهو الخير الذي لا ينضب لا في دنيا ولا في آخرة
(والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم بأحسان رضي الله عنهم
ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها ابدا ذلك الفوز
العظيم) 100 –التوبه .
الرجال قوامون على النساء
وقضى الله تعالى ، كما أخبرنا في هذا الميثاق
الذي أنزله على نبينا صلى الله عليه وسلم أن الرجال قوامون على النساء ، قال تبارك
وتعالى : (ألرجال قوامون على النساء بما فضل ألله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من
أموالهم فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ ألله واللآتي تخافون نشوزهن فعظوهن
واهجروهن في المضاجع واضربوهن فان اطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا أن الله كان عليا
كبيرا)34 ألنساء.
فالخالق تبارك وتعالى قد جعل الرجال قوامون على
النساء بصفات قدرية ثابته بما فضلهم عليهن من التكوين الجسمي الفطري وبما يكسب
بجسمه من الرزق … ألخ.
وقد يقول بعض الناس إن المرأة في هذا الزمان
تعمل وتكسب مثلها مثل الرجل . فهذا يرد عليه بأمرين : أولهما : أن التكوين الجسمي
ثابت وهذا تفضيل ثابت . وثانيهما : أن المرأة تكسب الرزق هذه الايام بطرق حرام أي
بمعصية الله تعالى . إلا من رحم ربي . للإختلاط في العمل وغير ذلك كثير . بل الأصل
أن تقر المرأة في بيتها . وهذا قضاء قضاه الله ، لا ينبغي للمسلم حياله إلا أن
يقول : ( سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير)، فالصالحات يطعن ربهن تبارك
وتعالى ويقنتن له سبحانه وتعالى ويبتغين ما وعد الله تعالى في الغيب من الجنة
للمؤمنين ويخفن من النار ألموعود بها الفجرة الكفرة . ويرضين بأن هذا هو احسن ما
يكون لهن وللانسان عامة. وهؤلاء لا يجوز الا احترامهن والمحافظة عليهن وأعطائهن
حقوقهن المنصوص عليها شرعا.
وقد شاء الحق أن يكون هذا الإنسان مكون من
جزأين وأن يكون أحد هذين الجزئين خاضعا للآخر ومستكينا له وتابعا له . وذلك مضبوط
بضوابط مثبتة منه تبارك وتعالى بمعجزة ربانية ثابتة وهي القرآن الكريم . فالجميع
ملزم ومطالب ومحاسب بما أمره ألله فيه وما هو مشروح في السنة ألنبويه وهو مثاب
عليه يوم القيامة .. فمن قبل بالمعجزة قلبا وقالبا بقي على الائيمان وهو الفطرة
الأصلية ومن اراد خلاف هذا خاب وخسر نسأل الله العافية ..
ومما أنزل الله في هذا الوحي أن للرجل الصالح
ان يعظها ويهجرها وذلك أولا للنص الشرعي من الله تبارك وتعالى كما في الاية أعلاه
. فالنشوز معناه الضياع لها والهيمان وسوف تفسد نفسها وغيرها لانها ستكون صيد
لكثير من الفجرة . وقد تستمرأ ذلك وتصبح فاجرة مثلهم وطبعا ستفقد الطمأنينة والسكن
التي تتوفر لها بالاسرة (وهذا ما هو حادث حاليا في المجتمعات الغير مسلمه –
والعياذ بالله) . وفي نفس الوقت يؤدي ذلك الى الاضرار بالمجتمع وبالتالي تخسر
الدنيا والاخرة. أضافة الى انفلات كثير من اللواتي سيقلدنها ….. فما هو الافضل إذن
؟؟ ان تهجر الناشز وتضرب ضربا غير مبرح .. وتصلح هي وغيرها ام كل هذه المفاسد للمجتمع
كاملا ..؟ هذا طبعا بعد الأصل العام الثابت وهو أن هذا الضرب هو بأمر خالقها
الارحم بها . قال تبارك وتعالى (أليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت
لكم الإسلام دينا ….ألايه) 3- المائده والايات والاحاديث التي تدل على ان الله ما
شرع لنا الا ما فيه ألخير لنا كثيرة جدا وألحمد لله .
وكما ذكرنا اعلاه فهذا التفضيل امر كوني من
الله تبارك وتعالى وهو واضح جلي من طبيعة كل منهما فالرجل اقوى جسما وعقلا وكذلك
اشد صبرا وجلدا وهو مفطور على العمل والامور الجدية و مثل الضرب في الأرض طلبا لما
رزقه الله تعالى، وامور الحرب والحكم وما اشبه ذلك بينما المرأة بين من خلقتها
أنها مختلفة حيث تلد وتحيض وتربي الاولاد وذات عاطفة قوية، وناعمة وذات فتنة
وجاذبية للرجل..وتحب الامور الجمالية، فهي لا تملك نفسها في الامور الجدية مثل
الخصومات قال تبارك وتعالى (او من ينشا في الحلية وهو في الخصام غير مبين ) 18
الزخرف . ونقصان العقل ثابت من الخالق العليم تبارك وتعالى ، (والعقل كما قال أهل
العلم هو القوة التي يعقل بها ) وهذا ألتعريف منقول عن شيخ الإسلام) فاخبر تبارك
وتعالى ان شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل كما ذكر الحق في آية الدين من سورة البقرة
قال تعالى (واستشهدوا شهيدين من رجالكم فأن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان مما
ترضون من ألشهداء أن تضل أحداهما فتذكر أحداهما ألاخرى .). الاية 282 البقرة .
وليس كما يظن البعض ان نقصان العقل هو في ألمقدرة على الحفظ خاصة وانما هو ولذلك
قال النبي صلى ألله عليه وسلم (ما افلح قوم ولو أمرهم أمرأه) - - والنبي صلى الله
عليه وسلم قد أحتج بالنص القرآني على نقصان الدين أي التكليف الشرعي حيث تتوقف
بسبب الحيض عن الصلاة ولا تقضيها وعن الصوم وتقضيه، وقد سؤلت السيدة عائشه رضوان
الله عليها من أمرأة ، قالت مابال المرأة تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة ، فقالت
أحرورية أنت؟؟ قد كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله فكنا نؤمر بقضاء الصوم ولا
نقضي الصلاه . ....) أي احتجت أم المؤمنين رضوان الله عليها بما كان يأممر به
النبي صلى الله عليه وسلم …
فهل يستطيع دعاة المساواة تبديل الصفات الخلقية
وتوزيعها بين ألرجل والمرأة بالتساوي ... ؟؟ . تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا
.....
فالخلق صفة لله تبارك وتعالى .. وحده لا شريك
له .. قال تعالى :
: (أفمن يخلق كمن لا يخلق أفلا تذكرون ) ( 17
النحل )
وقال تعالى : ( والذين يدعون من دون الله لا
يخلقون شيئا وهم يخلقون ) 20 النحل .
ولو سألتهم لقالوا : لا ليس هذا الذي نريد ....
بل هم على كل حال – والعياذ بالله – يستدركون على قالهم ويصححون له . نسأل الله
العافية .
تعدد الزوجات
قال تعالى (وأن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى
فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فأن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما
ملكت أيمانكم ذلك ادنى الا تعولوا ) 3 ألنساء .
وقد تضمن الإسلام اباحة تعدد الزوجات للرجل
الواحد الى اربعة زوجات،وطبعا هذا ممكن من حيث خلقة كل منهما طالما أنه حكم الله
الخالق تبارك وتعالى وهو أعلم بما خلق، ومن قال خلاف هذا فأنه نصب نفسه أعلم من
خالقه – والعياذ بالله . وهو بذلك قد جنح الى دركات سفلى من الباطل والكفر بالله
العظيم ومن ألموعودين بالعذاب بنار جهنم والعياذ بالله..، فالكفر كل الكفر ان
يستدرك المخلوق على الخالق فيقول، والعياذ بالله، ان هذا لا يصلح،أوهذا يصلح ….
ثم أن هذا الامر طالما انه حكم الله فلا بد ان
يكون فيه من الخير ما لا يوصف ابدا لكل زمان ومكان حيث ان الحق سبحانه لم يشرع لنا
الا ما فيه الخير الراجح والمصلحة الاكيده وكما بينا في هذا البحث. ومن حيث الرأي
العقلي فأن العمل بتعدد الزوجات وانتشاره يوجد الاحترام الشديد للمرأة . وذلك
بالطلب الشديد عليها. فأي إمرأة تستطيع أن تتوقع مجيء من يخطبها بسرعة ولو كان
متزوج وهي بذلك تصبح محترمة وصاحبة أولاد وأسرة ولها عائلة ويتحقق لها السكن
والطمأنينة التي جعل الله تعالى للزوج والزوجة معا، ولو كان متزوج ، و تصبح محترمة
وصاحبة أولاد وأسرة… فمن افضل- بالله عليكم ، هذا أم تبقى هائمة على وجهها رخيصة
مبتذلة . وبذلك اضاعت دنياها وآخرتها ، وأصبحت متاعا للشهوة السريعة ؟؟ … وتبرز
فوائد التعدد بشدة في احوال ارتفاع اعداد النساء مقابل الرجال كما هو في المستقبل
من الايام حيث اخبر النبي صلى الله عليه وسلم (ان من اشراط الساعة ان يرفع العلم
ويفشو الجهل ويكثر الزنا ويشرب الخمر ويقل الرجال وكثر النساء حتى يعود للقيم
الواحد خمسين أمرأة يذدن به ) البخاري – كتاب الفتن .. نسال الله العافية . ف!
ماذا فعلت التشريعات التي منعت تعدد الزوجات أو
جعلت الامر صعبا للغاية ؟؟ .
ومن الذين أوجدوا تشريعات صعبوا بها تعدد
الزوجات ، من يحتج بالاية الكريمة (فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم
) 3 النساء .
فهم بذلك قد أخطؤوا خطأ فادحا : وذلك :
أولا : إن العدل المطلوب بين أزواج الرجل
الواحد ، ليس في جميع الأمور مهما كانت دقيقة ولا في الشعور القلبي وما شابه ذلك .
ذلك أن هذه نوازع ربما لا يستطيع أحد من الناس العدل فيها . وإنما المطلوب هو عدم
الاجحاف والميل حتى يبلغ الامر درجة الظلم ... وذلك بأن يدع الرجل زوجته لا معلقة
ولا مطلقة !! فقال تعالى:
(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم
، فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورا
رحيما ) 129 النساء.
وبخصوص العدل . قال النبي صلى الله عليه وسلم
.( أللهم هذا فيما أملك فلا تآخذني فيما تملك ولا أملك ). وهذا النبي صلى الله
عليه وسلم . الذي ما أرسل إلا رحمة للعالمين .
فالمنهي عنه ليس الذي لا يستطيع الإنسان ضبطه
وإقامته . بل الاجحاف في الحقوق المادية من كل نوع ، سواء أكان عنده زوجة واحدة أو
أربعة زوجات ... فمن فعل ذلك فهو آثم .. وخصوصا أن يذر امرأته كالمعلقة كما أشرنا
أعلاه.
ثانيا : هذا أمر تكليفي شخصي واقع على الرجل
المسلم .. والله تبارك وتعالى لم يقننه أو يجعله مشروطا من جهة التنفيذ ، فتعدد
الزوجات مباح للمسلم وهو مسؤول عنه أما خالقه تبارك وتعالى ..فمن هذا الذي يستدرك
عليه ، ويضع شروطا تعجيزية على أمرالله تبارك وتعالى ....؟؟. وقد سارت الامة عليه
منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى يومنا الحاضر ، وكانت المرأة محترمة في جميع
الازمان أكثر من هذا الزمان ، ولم تكن العوانس بهذا العدد أبدا ولا قريبا منه ...
ولم تكن الفاحشة منتشرة مثل هذا الزمان نسأل الله العافية .
أما ما كان يحدث ، من الظلم فهذا مرده إلى
تصرفات الناس ... وشذوذ الفرق الضالة المنشقة علن الإسلام مثل الرافضة حيث يباح
عندهم زواج المتعة .. وهو جرح شديد لكرامة المرأة ...ولا يصلح لكل زمان أبدا ..
ولذل أبيح هو لفترة محددة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم نسخ .
ثالثا : أن كثيرا من الدول التي يقتدي بها
أدعياء النفور من التعدد ويقولون أنه أمر ليس بحضاري والعياذ بالله من قولهم ،
يطبق فيها ، قانونا ويمارس ، أمورا لا يمكن تخيلها أبدا . وفيها من الاشمئزاز
والقرف ما لا يوصف مثل أن يتزوج رجلا رجلا آخر أو إمرأة امرأة أخرى والعياذ بالله
. وحتى الكلاب والحمير والبهائم تتأفف عن أفعالهم الشنيعة والعياذ بالله ...
فالحمد لله ثم الحمد لله على نعمة الإسلام ... ..
وقد يقول قائل أن مثل هذه الممارسات موجود في
كل المجتمعات قديما وحاضرا ، كما هو قوم لوط . فهذا نقول له : أنه في هذه الدول
هذه الممارسات والزيجات المقرفة الملعونة إنما تمارس وتحمى ويدافع عنها بقوانين
مصادق عليها من قبل أغلبية ممثلي الشعب واللجان الحكيمة ومجالس الشيوخ وغير ذلك
نسأل الله العافية والعفو ....
وقد سمعت من بعض الأصحاب ، أن استفتاء قد جرى
في مجتمع غير مسلم … يشتهر بارتفاع عدد النساء جدا مقابل الرجال ، حــــول تعدد
الزوجات فكانت الاجابات أنهن يفضلن أن يكن الزوجة رقم (10) على العنوسة !!. والله
أعلم .
فالذين تجرأوا على حكم الله تعالى بتعدد
الزوجات قد أخطأوا خطأ عظيما . أولا بإعتراضهم على حكم الله وزعمهم أنه يصلح لزمان
دون زمان . وكذلك بحق المرأة فعذبوها عذابا شديدا .. وذلك بإغلاق سبل الزواج
أمامها. ومنعوها بالتالي من تحصيل السكن والطمأنينة التي جعلها الله لها في بيت
الزوجية كما أشرنا أعلاه . وكانت النتيجة ، هذه الارقام المفزعة في العنوسة في
المجتمعات الإسلامية ....
ومهما كانت الاسباب التي تمنع الشاب الاعزب من
الزواج ، سواء لعدم توفر الباءة أو لاستهتار هذا الشاب !! وانحرافه .. فما ذنب
الفتاه ..؟؟ اتنتظره حتى يصبح معه مالا ... أو يصبح صالحا مثلا ؟؟ والله أباح لها
إن تقدم لها مسلم صالح ومعه الباءة أن تتزوجه ولو كان متزوج ... طالما أن هذا
موافق للشريعة ومما أباحه الله تبارك وتعالى . فمن كان يحب المرأة كنصف المجتمع
ويحب لها السعادة فليشجع على تعدد الزوجات .
ثم إن من أعظم اسباب العزوف عن الزواج . هو
الاختلاط والاباحية المنتشرة هذه الايام . ولئن للإنسان شهوات وغرائز تجاه الجنس
الآخر . والله تعالى جعل تحقيق هذه الغرائز بالزواج . ونهي عن الاختلاط والاباحية،
وهي الطريق للفاحشة واتخاذها كوسائل لتفريغ هذه الغرائز ، والعياذ بالله وذكر أنها
من أسباب دمار هذا الإنسان ، وأنه بالتالي سيخسر الدنيا والآخرة معا .
الحكم العام والخاص بيد الرجل
فرض الشارع تبارك وتعالى أن قيادة الامة
والامارات الفرعية هي حصر على الرجل لا غير وهذا مفهوم من قوله تبارك وتعالى
(الرجال قوامون على ألنساء بما فضل بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم )
البقرة. ومن عموم نصوص الكتاب والسنة وقد قال صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى ( ما
أفلح قوم ولو أمرهم أمرأه) رواه البخاري _
فنحن نؤمن بهذا والحمد لله أولا لانه خبر
الرسول الذي لا ينطق عن الهوى .–ولو قال اصحاب الشهوات - انظر الى الامة المتحضرة
الفلانية اليس ملكتها امرأة او رئيسة وزرائها ..او ولى الامر فيها .. فالرد عليه
أن الفلاح ليس ما تنظر اليه من امر هذه الدنيا فحسب . وانه حتى على مستوى هذه
الدنيا فليس ضروريا أن يظهر فورا عدم الفلاح هذا،والحقيقة انهم لم يفلحوا الا اذا
اعتبرنا مجرد الاكل والشرب والتمتع بالملذات العابرة هو الفلاح أي تماما على قاعدة
ان الإنسان يعيش ليأكل وليس يأكل ليعيش ..وهذه هي الخسارة بحد ذاتها حيث ان ذلك هو
رد الإنسان عن انسانيته وجعله تماما مثل الحيوان والعياذ بالله هذا اضافة الى
الحقيقة الدامغة وهو ان هذا المتعة زائلة سريعة … فكل انسان لا بد ان يواجه حقيقة
الموت … الرحيل من هذه الدنيا …. وهناك يوم حساب .. فمن فاز به فقد فاز وأفلح حقا
، ومن خسر، والعياذ بالله فقد خسر .. قال تعالى ) قل إن الخاسرين الذين خسروا
أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين ) 15 الزمر . فأخي المسلم …
أختي المسلمة … لا يتزعزع أيمانكما ويقينكما بالاقاويل الفارغة .. فنحن أنشاء الله
أهل الفلاح والفوز وليس غيرنا ….
فالفلاح الحقيقي هو معرفة الإنسان خالقه وخالق
الكون سبحانه وتعالى وما فيه والاستجابة لأمره وهو عبادته وتوحيده وبالتالي الفوز
برضاه تبارك وتعالى والخلود في الجنة …..
وهذا ليس مجرد ظنا بل هو الحق المبين المثبت
بالمعجزة الربانيه فإن ما قال النبى صلى الله عليه وسلم هو الحق لانه (لا ينطق عن
الهوى ان هو الا وحي يوحى ). النجم
وكذلك فأن الرجل هو المسؤول من حيث الخلقة
والتكليف الشرعي معا عن الاعمال الشاقة مثل الحروب والبناء والمناجم والنقل والسفر
… الخ وهذه اعمال يتعرضون فيها للموت خاصة الحروب وبالتالي يقل عدد الرجال عن
النساء فلا بد من حل مشكلتهن، وهذا الحل ضرورة ملحة للابقاء على النوع الإنساني
فما الحل ... أن الله تبارك وتعالى قد أوجد لنا الحل وهو تعدد ألزوجات كما ذكرنا
آنفا ...
وكما ذكرنا في المقدمة أن لعلماء السوء المرتع
الخصب في هذا الباب خصوصا في هذا الزمان فضلوا وأضلوا ….
فالذي يريد ألحق فالحق باقي الى يوم القيامة،
والمؤمن ليس وحيدا في كل زمان فهناك قوم على الحق ثابتون فلنكن منهم إنشاء ، فعن
ثوبان ان النبي صلى ألله عليه وسلم قال ( أخشى ما أخشى على أمتي ألائمة ألمضلين
وأذا وضع السيف في أمتي فلا يرفع عنهم إلى يوم القيامة ولا تزال طائفة من أمتي على
الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم أو خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) ذكره الذهبي
بسند صحيح في سير أعلام النبلاء ، وهو حديث ثابت /.فلا حتى أصبح هؤلاء يحرف معاني
نصوص الدين ليوافق اهل الفجور اينما ذهبوا في ألتفنن بالفسوق والفواحش …. فعندهم
الفتاوي جاهزة على كل المقاسات، ولكن لا يتبع هؤلاء الا من استهان بدينه ولا يتبع
الا هواه والعياذ بالله فاصبح هؤلاء يحلون ويجوزون كل شي مثل العري والانفلات وأن
تعمل المرأة كما تشاء. أما اهل العلم الحقيقيين فهم الذين يردون الناس الى الدين
الموجود في الدليل ألشرعي من الكتاب والسنة الذي به ينال الإنسان رضى الله ويدخل
الجنة وكما قال ألله تبارك وتعالى في قصة قارون حيث قال اهل العلم ناصحين للذين
فتنوا بقارون وماله (وقال الذين أوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل
صالحا ولا يلقاها الا الصابرون)…القصص 80
فعن حذيفة ،قال النبي صلى الله عليه وسلم (….
فلت يا رسول الله فهل بعد ذلك الخير شر ؟ قال نعم . دعاه على أبواب جهنم من أجابهم
اليها قذفوه فيها ) قطعة من حديث حذيفة المتفق عليه . فهذا يدل على أن من أستفتى
أحدا يرى أنه ليس أهلا للفتوى وأنه-أي المستفتى ، لا يخشى الله، فأنه أي المستفتي-
لا يكون بريئا امام الله تعالى وإنما يقذف في جهنم والعياذ بالله… ….
وفي طريق للحديث عند الامام مسلم ، قال النبي
صلى الله عليه وسلم ، عن هؤلاء الدعاة : " لهم قلوب الشياطين في جثمان الانس
" نسأل الله العافية …
ومثل هؤلاء فإنما يغشون الناس لانه أما : *أفتى
بغير علم ( هذا أن لم يكن أهلا للافتاء فمعناه بما عرف الله في شريعته العلماء من
العلم والحفظ والتقوى والعمل بما يعلم ).....أو الكذب على النبي صلى ألله عليه
وسلم (قال صلى ألله عليه وسلم من كذب علي عامدا متعمدا فليتبؤ مقعده من ألنار ).
متفق عليه . وقال صلى الله عليه وسلم( يؤتي بالرجل فيلقى في النار فتندلق اقتاب
بطنه فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى , فيجتمع عليه اهل النار فيقولون يا فلان
مالك ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن ألمنكر فيقول بلى قد كنت آمر بالمعروف ولا
آتيه وأنهى عن المنكر وآتيه ) متفق عليه . وكما قلت أعلاه فمن صدق هؤلاء واتبعهم
فأنما يتبعهم الى الجحيم لانه اصلا ما انخدع بهم الا لانه عديم التقوى مثلهم ، هذا
إن لم يكن جاهلا يعذر به ، والله أعلم بما في الصدور ، قال الله تعالى عن سبب
اتباع قوم فرعون لفرعون (فاستخف قومه فأطاعوه انهم كانوا قوما فاسقين)54 الزخرف.
وبالمناسبة فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه ان هذا هو تحريف الكلم
عن مواضعه كما فعلت اليهود الا ان القران محفوظ من الله فيعمد هؤلاء الى تحريف
معناه نسأل الله العافيه، فالأركان اصلا ليست بحاجة الى علم والتعري معروف معلوم
لكل من كان عنده أئيمان بالله واليوم الاخر انه من افحش واقبح الامور واحاديث
النبي صلى الله عليه وسلم عن ألكاسيات العاريات مثلا معروفة مشهورة
فمثلا فقط لا حصرا هناك من يقول بجواز اختلاط
الرجال بالنساء ومن الامور الراسخة في الشرع عدم الاختلاط. قال تعالى عن أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم (واذا سألتموهن متاعا فسالوهن من وراء حجاب ) الاحزاب
.فكيف بباقي النساء …. ؟؟
وثابت ان من اهل النار والعياذ بالله الكاسيات
العاريات وهناك من يغش الناس فيقول غير ذلك، عن هذا الموضوع …
وهناك من يقول بجواز السلام على الاجنبيه ….
وبدعوى ..للاسف حديث النبي صلى الله عليه وسلم " أنما الاعمال بالنيات "
بينما الحق ان المعصية لا تحتاج لنية ابدا ا فطالما ثبت عن النبي صلى الله عليه
وسلم أن مصافحة ألأجنبية حرام فهو أثم بغض النظر عن النية .. تماما مثل الزنا أو
شرب الخمر ..فهل هذه المعاصي ..حسب النيية أيضا ..؟؟.
ثم هناك سؤال لماذا لا تنطلي أكاذيب هؤلاء على
اهل الصلاة في المسجد والاسر الملتزمة بكتاب الله وبسنة النبي صلى الله عليه وسلم
. ؟؟ للأن هؤلاء يريدون الحق والحمد لله .
فالمسألة مسألة قلب وطاعة. قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم كل امتي يدخل ألجنة الا من أبي قيل ومن يأبى يا رسول الله قال من اطاعني
دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى أو كما قال عليه الصلاة والسلام .
ومن هؤلاء ( الدعاه ) من نسمع ان له مجالس ضخمة
فيها اختلاط بين الرجال والنساء لابسات من شتى أنواع الملابس الغير الفاضحة …،
فنسأل نحن السؤال التالي إلى ماذا يدعو هذا ( الداعية ) ؟؟ أليس الى غض البصر
والفضائل الاخرى التي أمر الله بها ؟؟ فلماذا ينظر هو ... ؟؟ هل هو مستثنى من
الحكم الشرعي ..؟؟.
ثم ألم يدعو النبي صلى الله عليه وسلم من هم
أشد قسوة وعنادا من هؤلاء ، فهل تنازل عن شيء من دينه ؟؟ لا والله وحاشى لله …..،
ثم طالما هو ثابت أن الاختلاط بين الرجال والنساء هو محل الفتن ، وهو محرم ، وهو
مرتع خصب للفاحشة .. فكيف تكون هذه البيئة مجالس للدعوة ...؟؟.
ثم لماذا لا يأمر هؤلاء "الدعاة"
بوضع مجرد ستارة بين الرجال والنساء ؟؟
ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم دعى من هو اشد
من هؤلاء . فهل تنازل عن شيء من دينه ..؟ وقد روي عن السيدة عائشة مثلا ( ما وضع
رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في يد أمرأة تحل له ) -ثم اليس هؤلاء من بلد
اسلامي ويعشن في مجتمع اسلامي ... فالدين ..وطرق الدعوة االشرعية اليه ، اذن
معروفة لهن ......
ويدعي البعض ان هناك مصالح مثل اهتداء بعض
النساء ... فلو كان هذا الكلام صحيحا، فليس على هذا يقاس الدين ، هذا أولا ،
وثانيا : هل تأمل هؤلاء بالمفاسد العظيمة المتأتية من هذه البدعة المنكرة المتمثلة
مجالس دعوة مختلطة بين رجال ونساء كاسيات عاريات .. وبجميع أنواع الفتنة ..؟؟
والله اعلم وله الحمد والمنه .
وفي الخاتمة من هذا الموضوع فان الحق تبارك
وتعالى قد بين في كتابه العزيز المشروح بسنة نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام كل
شيء عن المرأة والرجل ، قال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) وقال تبارك وتعالى
(وأنزلنا اليك الكتاب فيه تفصيل كل شيء) وقد عمل النبي صلى ألله عليه وسلم بكتاب
الله ونحن مأمورين باتباع سنته كل حسب درجات الشريعة من واجب وسنة راتبة وفضائل
أعمال مستحبة .
وقد عمل السلف الكرام، الصحابة رجالا ونساءا،
بهذا الدين ، وكان عملهم على حياة النبي صلى الله عليه وسلم، والوحي لا زال ينزل ،
وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليهم كثيرا في هذا الوحي من كتاب وسنة ، ووعدهم
بالجنة والتمكين في الدنيا كذلك …ليس هم فقط ..ولكن من اتبعهم بإحسان .. فقال
تعالى :
(والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين
اتبعوهم بأحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار
خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم " 100 –ألتوبه . ولهم كذلك التمكين في
الدنيا أنشاء الله، قال تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
ليستخلفنهم في الأرض كما أستخلف ألذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم
وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك
هم الفاسقون)55-النور.
فهذا ثابت معروف من النصر الذي تحقق لهم على
جميع القوى والممالك .. والحمد لله واستمر النصر الى قرون حتى فتر تمسك الناس
بالدين . وقد تحقق النصر للأمة في كل زمان رجعت الى دين الله تعالى، ..زمن صلاح
الدين . والمماليك . وفي القرون الاولى من عهد الخلافة العثمانيه … فالله تعالى لا
يخلف الميعاد والحمد لله.
أن السبب في أيراد هذه النبذة البديهية هي
لتبيان ان الحق ثابت بين في جميع ألامور على الاطلاق علم ذلك من علمه وجهله من
جهله ومن هذه الامور ما يتعلق بنصف المجتمع او الإنسان وهو (ألنساء).ان فهم هذا
القرآن اصبح كاملا تاما منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم لمن اراد العمل به
والنجاة بنفسه في ألدنيا والاخرة ولا يوجد لبس في ذلك ولا غموض والحمد لله رب
العالمين ….. والمراد من كلامي هذا وجود بعض من ينسب نفسه زورا وبهتانا للعلوم
الشرعية ومنهم من يحمل درجات في العلوم الشرعية من جامعات هي اول من يحارب الشريعة
الإسلاميه، فهذه الشهادات أن لم يتق اصحابها الله ويعملوا بخشيته وطاعته ، تصبح في
الواقع شهادات في "الصد عن الشريعة" وليس شهادات في الشريعة. فمن خريجي
هذه الجامعات، من أصبح وامسى ليس لهم شغل الا تحليل ما حرم الله من الاختلاط بين
الرجال والنساء، والعري وتخريج شباب لا يعرفون الإسلام ولا يصلون وأجازتهم بدرجات
في الشريعة من هذه الجامعات ليتكلموا بأسم الدين فالعجب العجب من هؤلاء ولا عجب
اذا علمنا اننا في زمان العجب .. زمان الفتن .. نسأل الله العافيه ...ومن هؤلاء
"شيخات" كاسيات عاريات مائعات كذلك يحملن هذه الشهادات .. ويتكلمن بأسم
الدين ، فأصبح عندهم الامر بالمنكر النهي عن العروف هو الدين فهؤلاء هم أخطر
الزنادقة وألجهميه الا ان من اراد النجاة فمؤهلات اهل العلم ، كما ذكرنا ،فأولها
تقوى الله وخشية قال تبارك وتعالى (أنما يخشى الله من عباده العلماء أن الله عزيز
غفور )28-فاطر. فهذا الذي يسمى زورا(شيخا)يحاور امرأة صحفية كاسية عارية هل أمن
على نفسه الفتنة واذا كان هو غير مهتم بآخرته فيا ترى اكان يهتم بأخارتك انت ايها
السائل ؟؟ طبعا لا يقع في حبائل مثل هؤلاء الا من هو بعيد عن الدين لأن هؤلاء
الزنادقة والحمد لله مكشوفين لاهل المساجد المحافظين على ألسنن أقول لهؤلاء
البعيدين –من باب الدعوة الى الله - أن ينتبهوا لانفسهم ويتبعوا أوامر الله ….
لا يجوز للمسلمة أن تتزوج مشركا بحال من
الاحوال ويجوز للمسلم أن يتزوج من مشركي أهل الكتاب ...
بين الحق تبارك وتعالى في شرعه الكريم ( سورة
الممتحنة وغيرها) وسنة النبي صلى الله عليه وسلم في العمل بمقتضى أمر الله ، أنه لا
يجوز بحال للمسلمة أن تتزوج أو تبقى زوجة لمشرك إن دخلت الإسلام قبله ( وهذا معروف
عند أهل السنة والجماعة – والحمد لله) . بينما للمسلم أن يتزوج من الكتابية – إن
شاء – مع إن الافضل الزواج من المسلمات الصالحات ، لامر النبي صلى الله عليه وسلم
0(تنكح المرأة لحسبها ولمالها ولجمالها ، فظفر بذات الدين تربت يداك ) الحديث ...
وهذا أمر قضى به الرحمن تبارك وتعالى
وفي هذا الامر من الامور العجيبة من أن الإسلام
هو تمام الحق المطلق والخير التام للبشرية ....
ذلك أن المرأة –وحسب تكوينها الخلقي تابعة
للرجل .. والمرأة بذلك تتبع زوجها – لامحالة – في غالب الاحوال ( إلا من جاهدت
الدنيا للخلاص من الشرك إلى الإسلام ...) .. فلو سمح الإسلام للمسلمة أن يتزوجها
المشرك ، لكان ذلك ظلما عظيما لها ، وكأنه – دفع بها للشرك وبالتالي إلى الجحيم ..
والعياذ بالله ...
أما زواج المسلم من الكتابية ، فهو العكس تماما
فهو تقريب لها للاسلام وإعطائها أعظم الفرص للدخول في الإسلام ومن ثم النجاة في
الدنيا والاخرة حيث أن غالب الامر أنها ستتبع زوجها وأولادها .. وهذا ما يحدث فعلا
.. وقال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) ألأنبياء. إلا والعياذ بالله مع
أولئك الذين لا يحملون من الإسلام إلا الاسم المسلم والعياذ بالله .... فهؤلاء
والعياذ بالله ضلوا وأضلوا ..
الخاتمه
ومن هنا نعلم أن الامر لا يوصف من حيث الجدية
والخطوره وانه الحق من الخالق تبارك وتعالى ، ونلخص هذه المقالة بما يلي :
1) إن أحكام الشرع الإسلامي ومنها ما يتعلق
بالنساء من تصرفات ولباس وتعدد زوجات ...انما هو حكم الرب تبارك وتعالى ، خالق هذا
الإنسان وهو كما أخبر في كتابه ، أرحم الراحمين . وكون هذه الأحكام منه تبارك
وتعالى ثابتة بمعجزة ألقرآن ألكريم .الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
تنزيل من حكيم حميد ... وليس كباقي الانظمة او المناهج الحياتية التي هي من صنع
الإنسان ....
2) أنه تبارك وتعالى قد اخبر في هذه ألمعجزة
الربانيه انه شرع لهم مافيه الخير الراجح لهم رجالا ونساء. وأن الخير والفوز :
أولا : آت حقا لانه وعد من الرب تعالى. ثانيا : أنه يمتد إلى ما بعد الموت بخلاف
الدعوات الدنيوية الوضعيه …. التي إنما تضر الإنسان ولا تنفعه ..لأنها إنما تشغله
عن ذلك الخير العظيم.
3) بالعمل بالإسلام رجالا ونساءا ... ، يصبح
الإنسان هو الاكرم عند الله . لأنه يرد على فطرته الأصلية .
قال تبارك وتعالى (يا أيها ألناس انا خلقناكم
من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند ألله أتقاكم أن ألله
عليم خبير " 13 الحجرات .
4) أن الله تبارك وتعالى لم يكلف الإنسان الا
في حدود استطاعته فقط. قال تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ..) البقرة ...
وليس هذا فقط . بل كلفهم بما يوافق فطرتهم .. ولذلك فإن كل حكم في الإسلام . ما
تعلق بالرجل أو بالمرأة موافق للفطرة الأصلية لهذا الكائن . قال تعالى : فأقم وجك
للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ).
5) ان العالم الذي بفتاوه تبرأ ذمة الإنسان
معروف صفاته في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وهو العمل بما يعلم، أي
تقوى الله ، لأن هذا الشرع يدعوا الى تقوى الله تعالى ، وقد قال تعالى ( كبر مقتا
عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) 3 الصف .
أو يصبح الإنسان مثل اليهود ، والعياذ بالله ،
قال تعالى عنهم ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وانتم تتلون الكتاب أفلا
تعقلون ) 44 البقره .
6)أن هذا الشرع شامل لجميع بني البشر مهما كان
الجنس أو اللغة او اللون فهو مخاطب به ومكلف به ومسؤول يوم القيامة .. قال تعالى
(وما أرسلناك الا كافة للناس بشيرا ونذيرا ) .
بل والجن كذلك مكلفين به قال تبارك وتعالى (وما
أرسلناك ألا رحمة للعالمين ) 107 ألانبياء .
7) إن الدعوات الاخرى غير ما شرع الله حقيقة في
كتابه وسنة نبيه، وخصوصا منع أو تعقيد تعدد الزوجات قد أضرت بالمرأة ضررا فاحشا .
والحقت بها ظلما عظيما. لأنها إنما حرمتها حكما حكمه خالقها الاعلم بالرجل والمرأة
وهو أرحم الراحمين . تبارك وتعالى ، فحرمت بتشريعاتهم الوضعية هذه فرص الزواج
وتحصيل السكن والطمأنينة التي جعلها الله في الزواج وتأسيس عائلة ... وحرمتها كذلك
الامومة . وبدلا من ذلك يجعلها متاعا سهلا وأداة لقضاء الرغبات السريعة بينما هي
تحترق من الداخل .. لأنها إنسان ... بشر وليس مجرد متاع . كما ويشغلها هذا ألاضراب
وعدم الطمأنينة يشغلها عن عبادة ربها والفوز بالنعيم المقيم في الدار الآخره..
ولهذا فانني ادعو الى التوبة والرجوع وطلب
المغفرة من الله تبارك وتعالى وأقامة الصلاة قلبا وقالبا لاْن الصلاة ، إن قصد بها
وجه الله تعالى ، فلا بد أن تنهى عن الفحشاء والمنكر). كما قال تعالى ( إن الصلاة
تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ) 45 العنكبوت .
ربنا تقبل منا وأرحمنا وأغفر لنا أنك أنت
السميع العليم، وصلي اللهم على نبيك محمدا، المبعوث رحمة للعالمين … وآخر دعوانا
أن الحمد لله رب ألعالمين …
**** انتهى ****
سليمان الصقر
=================
تزداد الحملات العدائية الموجهة ضد الإسلام
يوماً بعد يوم ، وذلك من اجل التأثير على أفكار معتنقيه وتنفير الآخرين منه . ولا
يعدو الأمر أن يكون محاولة لإبعاد الإسلام والمسلمين عن الحياة العملية ، لان
الإسلام دين مؤثر عملياً ، وسبق أن حكم به المسلمون الدنيا فترة طويلة ، ومن غير
المستبعد أن تتكرر هذه التجربة مرة أخرى .
تتركز المحاولات بشراسة من اجل محاولة النفاذ
إلى الإسلام من خلال المرأة ؛ فالمرأة مقتل لأية أمة يمكن الوصول إليها من خلالها
، وذلك لِما للمرأة من أدوار فعالة لا تقوم الحياة بدونها . كما أن أعداد النساء
الداخلات في الإسلام في ازدياد لا سيما في بلاد الغرب ، مما يشجع على تصويب السهام
تجاه الأفكار الخاصة بالمرأة . لذلك تجد الهجوم يتركز على عقل المرأة وأن الإسلام
ينتقص منه ، وعلى الحجاب ، وعلى التعدد ، وغير ذلك من الأفكار الإسلامية .
فلسفة الإسلام في النظرة إلى الرجل والمرأة
يسلط الإسلام النظر في العلاقة ما بين المرأة
والرجل على التكاثر وبناء الأسرة السعيدة ، في علاقة متكاملة ما بين الفرد
والجماعة ؛ فتراه يُسهل كل ما يؤدي إلى ذلك ، ويحد من كل ما يعيق تحقيق هذه المهمة
. وهو بهذا يخالف الحضارة الغربية التي تجعل من الجنس هدفاً ، فتسهل كل ما يحقق
هذا الهدف ، في حين أن الإسلام يعتبره وسيلة لتحقيق الهدف المنشود ، وانه يأتي
بشكل تلقائي في سعينا لتحقيق ذلك الهدف .
فالإسلام يحصر العلاقة ما بين الرجل والمرأة في
الزواج ويحث عليه ويسهل كل ما يؤدي إليه ، ويحث على تكثير النسل . كما انه يمنع
الاختلاط لغير سبب ، ويمنع التبرج والخلوة ، ويدعو إلى ستر العورات ، كما انه يمنع
شيوع الأفكار الجنسية والمثيرة من قصص وكتابات وأفلام ومسلسلات يمكن أن تؤدي إلى
تسهيل شيوع الفاحشة والدعوة إليها .
كما أن الإسلام يراعي الفطرة والتكوين الجسدي
لكل من المرأة والرجل من الناحية الإنسانية ، ويراعى الفروق بينهما . فهو لا يُغفل
أمر الغرائز في الإنسان ، ولا يطلق لها العنان ولا يكبتها كل الكبت ، بل يراعي
العوامل المؤثرة فيها ، ويضبطها بضوابط تكفل لها السير الحسن ، ويهذبها ويسيرها في
اتجاه السعادة . ويجعل التعاون أساسا للعلاقة ما بين الرجل والمرأة من اجل أن
يتحقق الهدف المنشود ، ويدعو إلى عدم النظر إلى الآخر بنظرة الحسد وتمنى ما لم
يحصل عليه . كما انه يجعل للعقل سلطاناً ليدرك به صاحبه عاقبة الأمور ولينظر فيما
يضمن تحقيق الهدف . وبغير ذلك تستوي الأمور بين الإنسان والبهائم ، لأن هذه تسير
وفق الغرائز المبرمجة فيها ، والإنسان له عقل يميز به الأشياء ويدرك به عاقبة
الأمور .
وهذا يعني أن المسلم إذا نظر إلى المرأة فإن
نظرته تكون لأجل الزوجية أي التكاثر ، والمرأة المسلمة إذا نظرت إلى الرجل تكون
نظرتها لأجل ذلك أيضا . ولا بد من غض البصر على مبدأ أن النظرة الأولى لك والثانية
عليك ، فلا ينظر أي منهما للآخر نظرة شهوة إلا على أساس من الحلال الذي هدفه
التكاثر . وبناء عليه فان للرجل أن يطلب اكثر من امرأة للزواج إلى الحد الأقصى وهو
أربع نسوة ، في حين أن المرأة لا يمكنها أن تعدد لان ذلك يتنافى مع مبدأ التكاثر
الذي أشرنا إليه . فالرجل يمكنه أن ينجب من اكثر من واحدة ، أما المرأة فلا يمكنها
أن تنجب إلا من واحد مهما كثر عدد المجتمعين عليها .
لماذا لا يتحجب الرجل؟
الحجاب شعار متحرك في الطرقات والمحال
والمؤسسات وأماكن العمل ، فهو وسيلة دعوية متحركة وفاعلة حتى لو لم تدْعُ صاحبته
إلى ذلك ، أو لم تكن هي نفسها قدوة تحترم هذا الزي الذي ترتديه . فمجرد وجود هذا
الحجاب أو اللباس الشرعي كاف لإثارة أعداء الإسلام والعمل على محاربته . وقد تنوعت
أساليب العمل على خلع الحجاب والتخلص منه ، ومنها المناداة بحجاب للرجل مثل حجاب
المرأة . وبما انهم يعلمون تماما انه لا حجاب على الرجل في الإسلام ، فانهم اتخذوا
ذلك منفذا للتخفيف من حجاب المرأة . والحجة في ذلك أن ما يثير الرجل من المرأة هو
نفسه ما يثير المرأة من الرجل ، فلا بد أن يتساوى الاثنان في اللباس . فإذا لم
يحصل وكان الرجل له الحق في التخفيف من اللبس كالقميص والبنطلون وغير ذلك ، فلا
اقل أن يُسمح للمرأة بذلك .
لكن الإسلام يوجب ستر العورة لكل من الرجل
والمرأة ، على اختلاف في المذاهب على مستوى الستر ؛ فيتراوح عند المرأة ما بين
جميع الجسد أو الوجه والكفين ، وما بين السرة والركبة عند الرجل . كما يُشترط في
اللباس ألا يصف ، ولا يشف ما تحته ، ولا يكون مثيراً أو ملفتاً للنظر ، مع مطالبة
الطرفين بغض البصر . فهل يعني الاختلاف في اللباس ما بين المرأة والرجل وجود
اختلاف أيضا في طبيعة الإثارة وطبيعة الجسد عند كل منهما؟ هذا مع العلم أن كلا من
المرأة والرجل إنسان بالدرجة الأولى ، وما عند هذا من الغرائز هو ما عند تلك ،
فأين الفرق؟
المرأة بحكم طبيعة تكوينها الجسدي مثيرة ، لذلك
جاء التركيز على لباسها لمنع الإثارة والأذى . فالمرأة مطلوبة ، وذلك على الرغم من
أن لها نفس غرائز الرجل وما يثيرها يثيره ، لكن الاختلاف يكمن في المستوى ونقطة
البدء . فإذا كان الرجل مُثاراً ومهيئاً أي تغلب عليه الشهوة لأي سبب فانه يطلب
المرأة ، وقد يلجا إلى العنف ، وإذا لم يكن هناك ما يردعه فسيقضي شهوته منها رغماً
عنها . لكن لننظر إلى العكس ، لو أن المرأة هي التي تشتهي الرجل وطلبته ، فانه
يلزمها في هذه الحالة أن تثيره أولاً ، ثم بعد ذلك تقضي منه شهوتها . أما إذا لم
يتهيج فمن العسير عليها أن تأخذ منه شيئا ، ومن هنا كانت الإثارة من قبل المرأة
سواء كانت طالبة أم مطلوبة .
ومما يؤكد أن المرأة هي المطلوبة وأنها عرضة
للأذى ، ما يحصل في الحروب وفي حالات الاغتصاب ؛ فنرى كيف ينقض الجنود المحتلون
على النساء مثل الكلاب المسعورة . أما ما يقال من أن الاغتصاب انعكاس لمرض نفسي
فغير صحيح ، بل هو دليل على شدة طلب الرجل للمرأة ، وانه يحصل على ما يريد منها
بالقوة لأنها تقاوم بطبيعتها فيبادل المقاومة بأخرى .
شبهات أخرى
• الحجاب لا يمنع الرجل من أن يهاجم المرأة لا
في الحرب ولا في السلم ، والدليل ما حصل في البوسنة والهرسك وحالات الاغتصاب
للمحجبات وغيرهن . نقول أن هذا لا يمنعه البتة ولكنه يخففه ، كما انه يؤكد أن
المرأة مطلوبة سواء كانت محجبة أم لا ، لكن الحجاب يضع في طريقه عقبات كثيرة .
• المرأة تتحجب خوفا من الرجال . الحجاب فرض من
الله ويجب أن يكون طاعة لله وخوفا من عقوبته . لأنه إذا كان اللباس بسبب معين فانه
يمكن أن يزول بزوال هذا السبب ، وهذا غير صحيح ، بل لان الله فرضه وهذا دائم .
ولباس المرأة فرض سواء حدثت إثارة أم لم تحدث ، وسواء تعرضت لاعتداء الرجال أم لا
، وسواء فتنت الرجال أم لا ، وسواء افتتن بها الرجال أم لا .
• التركيز على الحجاب يعني أن المرأة سلعة
جنسية ، وان المقصود هو حماية الرجل . وهل هناك من ينكر أن المرأة فيها غريزة
الجنس وان الرجل فيه نفس الغريزة؟ ثم إنها حماية لكل منهما وليس لواحد على حساب
الآخر ، لكننا بيّنا أن المرأة لها وضعية تختلف عن الرجل من حيث إثارته ، فهي
المطلوبة وهي العرضة للأذى في النهاية . والوضع إجمالا هو حماية لكل منهما على حد
سواء ، لان الحياة لا تستقيم والشهوات مثارة ، فمصير ذلك القلق الدائم .
هل لنا أن نتساءل؟
هناك من يتساءل : إذا كان الإسلام دين الله
فكيف يستطيع هؤلاء أن يشككوا فيه ويعملوا على تفكيك عراه الواحدة تلو الأخرى؟
وبدلاً من الحديث عن تقاعس أهله عن القيام به ، أو عزو الأمر إلى شدة بأس أعدائه
وما إلى ذلك ، لا بد من إظهار الجانب الفكري في الموضوع . فنقول إن الذي يسهل
مهاجمة أفكار الإسلام هو النظر إليه مجزءاً وغير مُطبَّق ؛ فالإسلام بطبيعته
متكامل وينبع من أصول لا بد من مراعاتها في النظر إلى أحكامه . وهذه الأحكام يرتبط
بعضها ببعض من حيث التطبيق الشامل لها والتعاون ما بين الفرد والجماعة ، لذلك من
الصعب أن نلمس أثرها وهي غير مطبقة بهذا الشكل . أضف إلى ذلك أن كثيراً من
الاجتهادات ليست عملية ، ولم تجرِ مراجعتها على مر الزمن ، كما أن هناك الكثير من
الأحكام التي يجهل المسلمون واقعها والحِكَم المستفادة منها ، لا سيما ما يمكن أن
نخاطب به الناس بلغة العصر الحاضر
عزيز محمد أبوخلف
باحث إسلامي
amakhalaf@gawab.com
================
1 • لماذا الاهتمام بالحجاب وهو ليس من أركان الإسلام
لماذا الاهتمام بالحجاب وهو ليس من أركان
الإسلام
سؤال رقم 9515
سؤال:
هل بوسع أحد أن يقول أنه إذا كان الحجاب ليس من
أركان الإسلام الخمسة فإنه ليس بتلك الأهمية ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذا خطأ ، فالحجاب فرض على المرأة ، وهو أمرها
بستر زينتها بما في ذلك وجهها وصدرها وسائر زينتها ، وقد فرض عليها حماية لها ،
وصيانه لها عن الإبتذال وعن الإمتهان ، وذلك لأن المرأة محلٌ للشهوة ، ومحلٌ لنظر
المفتونين فإذا تكشفت وأظهرت زينتها تبعتها الشهوات ، وتعلق بها الناس وتابعوها ،
وكان ذلك سببا في كثرة الفواحش من الزنا ومقدماته ، ففرض عليها وأمرت به بقوله
تعالى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) والخمار هو ما يتدلى من الرأس فيغطي الوجه
، وكذلك الجلباب وهو الرداء الذي تستر به نفسها فلا يبدو منها شيئا .
وقال تعالى : ( وإذا سألتموهن متاعاً فسألوهن
من وراء حجاب ) فهو إذن حماية للمرأة حتى لا تكون محلا لتلاعب الناس بها .
الشيخ عبد الله بن جبرين .
=================
2 • هل الإسلام يساوي بين الرجل والمرأة
هل هناك ذكر لمساواة المرأة بالرجل في القرآن
الكريم ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولا :
مصطلح - المساواة – الذي ينادي به كثير من
المفكرين في الشرق والغرب في مجالات الحياة المتعددة مصطلح يقوم على اعوجاج وقلة
إدراك لا سيما إن تحدث المتحدث ونسب المساواة للقرآن الكريم أو للدين الحنيف .
ومما يخطئ الناس في فهمه قولهم : الإسلام دين
المساواة ، والصحيح أن يقولوا : الإسلام دين العدل .
قال الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله تعالى - :
وهنا يجب أن نعرف أن من الناس من يستعمل بدل
العدل المساواة وهذا خطأ ، لا يقال : مساواة
؛ لأن المساواة تقتضي عدم التفريق بينهما ، ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التسوية صاروا يقولون : أي فرق بين
الذكر والأنثى ؟ سووا بين الذكور والإناث ، حتى إن الشيوعية قالت : أي فرق بين
الحاكم والمحكوم ؟ لا يمكن أن يكون لأحد سلطة على أحد حتى بين الوالد والولد ليس
للوالد سلطة على الولد ، وهلمَّ جرّاً .
لكن إذا قلنا بالعدل وهو إعطاء كل أحدٍ ما يستحقه
: زال هذا المحذور ، وصارت العبارة سليمة ، ولهذا لم يأت في القران أبداً : "
إن الله يأمر بالتسوية " لكن جاء : { إن الله يأمر بالعدل } النحل/90 ، {
وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل } النساء/58 ، وكذب على الإسلام مَن قال :
إن دين الإسلام دين المساواة ، بل دين الإسلام دين العدل وهو الجمع بين المتساوين
والتفريق بين المفترقين .
أما أنه دين مساواة فهذه لا يقولها مَن يعرف
دين الإسلام ، بل الذي يدلك على بطلان هذه
القاعدة أن أكثر ما جاء في القرآن هو نفي المساواة : { قل هل يستوي الذين يعلمون
والذين لا يعلمون } الزمر/9 ، { قل هل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات
والنور } الرعد/16 ، { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة
من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا } الحديد/10 ، { لا يستوي القاعدون من المؤمنين
غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم } النساء/95 ، ولم يأت
حرف واحد في القرآن يأمر بالمساواة أبداً إنما يأمر بالعدل ، وكلمة العدل أيضا
تجدونها مقبولة لدى النفوس فأنا أشعر أن لي فضلاً على هذا الرجل بالعلم ، أو
بالمال ، أو بالورع ، أو ببذل المعروف ، ثم لا أرضى بأن يكون مساوياً لي أبداً .
كل إنسان يعرف أن فيه غضاضة إذا قلنا بمساواة
ذكر بأنثى .
" شرح العقيدة الواسطية " ( 1 /
180-181 ) .
وعليه : فالإسلام لم يساو بين الرجل والمرأة في
الأمور التي لو ساوى بينهما لظلم أحدهما ؛ لأن المساواة في غير مكانها ظلم شديد .
فالقرآن أمر المرأة أن تلبس غير الذي أمر به
الرجل ، للفارق في فتنة كل من الجنسين بالآخر فالفتنة بالرجل أقل من الفتنة
بالمرأة فكان لباسها غير لباسه ، إذ ليس من الحكمة أن يأمر المرأة أن تكشف من
بدنها ما يكشف الرجل لاختلاف الفتنة في بدنها وبدنه – كما سنبينه - .
ثانياً :
هناك أمورٌ تختلف فيها المرأة عن الرجل في
الشريعة الإسلامية ومنها :
1-
القوامة :
قال الله تعالى : { الرجال قوامون على النساء
بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم } النساء/34 .
قال ابن كثير – رحمه الله تعالى - :
يقول تعالى
{ الرجال قوامون على النساء } أي : الرجل قيِّم على المرأة ، أي : هو
رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت .
{ بما فضل الله بعضهم على بعض } أي : لأن
الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت النبوة مختصة بالرجال
، وكذلك المُلك الأعظم ، لقوله صلى الله عليه وسلم " لن يفلح قوم ولَّوا
أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ، وكذا
منصب القضاء ، وغير ذلك .
{ وبما أنفقوا من أموالهم } أي : من المهور
والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه
وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه وله الفضل عليها والإفضال فناسب أن يكون
قيِّماً عليها كما قال الله تعالى { وللرجال عليهن درجة } الآية .
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : { الرجال
قوامون على النساء } يعنى أمراء عليهن أي : تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ،
وطاعته أن تكون محسنة لأهله حافظة لماله. ." تفسير ابن كثير " ( 1 / 490
) .
2-
الشهادة : إذ جعل القرءان شهادة الرجل بشهادة امرأتين .
قال الله تعالى :{ واستشهدوا شهيدين من رجالكم
فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر
إحداهما الأخرى } البقرة/282 .
قال ابن كثير :
وإنما أقيمت المرأتان مقام الرجل لنقصان عقل
المرأة كما قال مسلم في صحيحه ….عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال : " يا معشر النساء تصدقن ، وأكثِرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل
النار ، فقالت امرأة منهن جزلة : وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال :
تكثرن اللعن ، وتكفرن العشير ، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن ،
قالت يا رسول الله : ما نقصان العقل والدين ؟ قال : أما نقصان عقلها فشهادة
امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان
فهذا نقصان الدين " ." تفسير ابن كثير " ( 1 / 336 ) .
وقد يوجد بعض النساء أعقل من بعض الرجال ولكن
ليس هذا هو الأصل ولا الأكثر والشريعة مبناها على الأعم الأغلب .
وليس نقص عقل المرأة يعني أنها مجنونة ولكن
تغلب عاطفتها عقلها في كثير من الأحيان ، وتحدث لها هذه الحالة أكثر مما يحدث عند
الرجل ولا يُنكر هذا إلا مكابر .
3- المرأة ترث نصف الرجل :
قال الله تعالى : { يوصيكم الله في أولادكم
للذكر مثل حظ الأنثيين } النساء/11 .
قال القرطبي :
ولأن الله تعالى أعلم بمصالحهم منهم فوضع
القسمة بينهم على التفاوت على ما علم من مصالحهم .
" تفسير القرطبي " ( 5 / 164 ) .
ومن ذلك أن الرجل عليه نفقات أكثر مما على
المرأة فيناسب أن يكون له من الميراث أكثر مما للمرأة .
4- اللباس :
فعورة المرأة تكون في بدنها كله وأقل ما قيل في
عورتها أنها لا تكشف إلا الكفين والوجه . وقيل لا تكشف شيئا من ذلك .
قال تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك
ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله
غفورا رحيماً } الأحزاب/59 .
والرجل عورته من السرة إلى الركبة
قيل لعبد الله بن جعفر بن أبي طالب حدثنا ما
سمعت من رسول الله صلى الله عليه
وسلم وما رأيت منه ولا تحدثنا عن غيره وإن
كان ثقة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ما بين السرة
إلى الركبة عورة " .
رواه الحاكم في المستدرك ( 6418 ) . وحسَّنه
الألباني في " صحيح الجامع " ( 5583 ) .
والأمثلة على سبيل التوضيح لا الحصر ,
وهناك فوارق أخرى بين الجنسين منها :
أن الرجل يتزوج أربع نسوة ، والمرأة ليس لها
إلا زوج واحد .
ومن ذلك : أن الرجل يملك الطلاق ويصح منه ، ولا
يصح منها الطلاق ولا تملكه .
ومن ذلك : أن الرجل يتزوج من الكتابية ،
والمرأة المسلمة لا تتزوج إلا مسلماً .
ومن ذلك : أن الرجل يسافر بلا زوجة أو أحد من
محارمه ، ، والمرأة لا تسافر إلا مع محرم .
ومن ذلك : أن الصلاة في المسجد حتم على الرجال
، وهي على النساء على خلاف ذلك ، وصلاتها في بيتها أحب إلى الله .
وهي تلبس الحرير والذهب ، ولا يلبسه الرجل .
وكل ما ذُكر قائمٌ على اختلاف الرجل عن المرأة
؛ لأن الذكر ليس كالأنثى ، فقد قال الله تعالى : { وليس الذكر كالأنثى } آل
عمران/36 ، فالذكر يفارق الأنثى في أمور كثيرة في قوته ، وفي بدنه ، وصلابته ،
وخشونته ، والمرأة ناعمة لينة رقيقة .
ويختلف عنها في العقل إذ عُرف الرجل بقوة
إدراكه ، وذاكرته بالنسبة إليها ، وهي أضعف منه ذاكرة وتنسى أكثر منه ،وهذا مشاهد
في أغلب العلماء والمخترعين في العالم هم من الرجال ، ويوجد بعض النساء أذكى من
بعض الرجال وأقوى منهم ذاكرة ولكن هذا لا يُلغي الأصل والأكثر كما تقدم .
وفي العواطف فهو يتملكها عند غضبه وفرحه ، وهي
تتأثر بأقل المؤثرات العاطفية ، فدموعها لا تلبث أن تستجيب لأقل حادثة عاطفية .
ومن ذلك أن الجهاد على الرجال ، والنساء ليس
عليهن جهاد القتال ، وهذا من رحمة الله بهن ومن المراعاة لحالهن .
فحتم أن نقول : وليست أحكام الرجل كأحكام
الأنثى .
ثالثاً :
سوّى الشرع بين المرأة والرجل في كثير من
العبادات والمعاملات : فمن ذلك أنها تتوضأ كوضوء الرجل ، وتغتسل كغسله ، وتصلي
كصلاته ، وتصوم كصيامه إلا أن تكون في حال حيض أو نفاس ، وتزكي كما أنه يزكي ،
وتحج كحجه – وتخالفه في يسير من الأحكام - ويجوز البيع منها ويقبل ، وكذا لو تصدقت
جاز منها ، ويجوز لها أن تعتق من عبيدها ما ملكت يمينها ، وغير ذلك كثير لأن
النساء شقائق الرجال كما في الحديث :
عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلاما، قال: يغتسل ، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم
ولم يجد بللاً ، قال: لا غسل عليه ، قالت أم سلمة : يا رسول الله هل على المرأة
ترى ذلك غسل ؟ قال : نعم ، إن النساء شقائق الرجال .
رواه الترمذي ( 113 ) وأحمد (25663) وصححه
الألباني في " صحيح الترمذي " ( 98 ) .
فالخلاصة :
أن المرأة تماثل الرجل في أمور وتفارقه في أخرى
وأكثر أحكام الشريعة الإسلامية تنطبق على الرجال والنساء سواء ، وما جاء من
التفريق بين الجنسين ينظر إليه المسلم على أنه من رحمة الله وعلمه بخلقه ، وينظر
إليه الكافر المكابر على أنه ظلم ، ويركب رأسه ليزعم المساواة بين الجنسين
فليخبرنا كيف يحمل الرجل جنيناً ويرضعه ويركب رأسه وهو يرى ضعف المرأة وما ينزل
عليها من الدم حال الدورة الشهرية ، وهكذا يظل راكباً رأسه حتى يتحطم على صخرة
الواقع ، ويظلّ المسلم مطمئناً بالإيمان مستسلماً لأمر الله ( ألا يعلم من خلق وهو
اللطيف الخبير ) الملك/14
والله
أعلم .
الشيخ محمد صالح المنجد
====================
3 • إذا جاز للمرأة أن تسكن بمفردها فلم لا تسافر دون
محرم؟
هل يجوز للمرأة أن تعيش بمفردها ؟ إذا كان يجوز
لها السكن بمفردها فلماذا لا يجوز لها السفر بمفردها ؟.
الجواب:
الحمد لله
للمرأة أن تعيش بمفردها بشرط أن تأمن على نفسها
، وليست من أهل التهمة والريبة ، وأما سفرها بلا محرم ، فهو منهي عنه نهيا صريحا،
كما في الحديث الذي رواه البخاري (1729) ومسلم (2391) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا
رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي
أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ
فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا ).
وهذا من تمام الحكمة ، فإن السفر مظنة التعب
والمشقة ، والمرأة لضعفها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، وقد ينزل بها ما
يفقدها صوابها ، ويخرجها عن طبيعتها ، في حال غياب محرمها ، وهذا مشاهد معلوم
اليوم لكثرة حوادث السيارت وغيرها من وسائل النقل .
وأيضا : سفرها بمفردها يعرضها للإغراء
والمراودة على الشر ، لاسيما مع كثرة الفساد ، فقد يجلس إلى جوارها من لا يخاف
الله ، ولا يتقيه ، فيزين لها الحرام .
ولو فرض أنها تسافر وحدها في سياراتها ، فهي
معرضة لمخاطر أخرى من نحو تعطل سيارتها ، أو تآمر أهل السوء عليها ، وغير ذلك .
وبهذا يتضح أن الإسلام سبق النظم كلها في رعاية
المرأة وحفظها واحترامها وتقديرها، واعتبارها درة ثمينة يجب أن تصان عن المفاسد
والشرور.
ونحن نسلم لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه
وسلم، ونعلم أن فيه تمام الحكمة والرحمة، لأن الله تعالى لا يحرم على عباده إلا ما
فيه مفسدة ومضرة لهم .
ولا يصح أن يقال السفر على إقامة المرأة في بيت
بمفردها في بلدها ، لأن المخاطر في السفر أكثر منها في بلد الإقامة ، فإنها في
بلدها لو حدث لها شيء أو احتاجت من يغيثها لوجدت من يساعدها ، ويخشى أهل الشر
والفساد من الاعتداء عليها وهي في بلدها وبيتها ما لا يخشون في حال سفرها .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
===============
سؤال:
قرأت في الصحيفة أن 15% من القرآن يتحدث عن
المسيح ؛ وكذلك فقد قرأت في النسخة الإنجليزية (لمعاني) القرآن أن محمدا كان يؤمن
بالمسيح وإبراهيم وبجميع الأنبياء وبكتبهم التي سبقت القرآن . إذا كان الأمر كذلك,
فلماذا يقبل القرآن ببعض التعاليم الواردة في الكتاب المقدس , مثل معجزات المسيح ,
وعدم وقوعه في المعصية, وأنه نبي, ... إلى غير ذلك , ويتناقض مع العديد من
التعاليم الواردة فيه مثل إلهية المسيح كما ورد في "إيسا" 9:6
و"جان" 1:1, و3:16, وتألم المسيح وموته تكفيرا عن خطايا البشر كما ورد
في العهدين القديم والجديد ؟
إذا كان القرآن خاليا من الخطأ, فلماذا توجد كل
هذه الطوائف في الإسلام مثل "شوهيت(؟)" و"الشيعة" على
التوالي؟
لماذا يسمح القرآن بتعدد الزوجات, بينما يمنع الكتاب
المقدس من ذلك كما ورد في "جن." 2:24 و"مات." 19:5 ؟
إن روحي تبحث عن الحقيقة.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
إن الله تبارك وتعالى قد أكثر من ذكر المسيح
عيسى ابن مريم عليه السلام في كتابه لأسباب عديدة منها :
1. أنه نبيٌّ من أنبيائه ، بل ومن أولي العزم
من رسله إلى خلقه وعباده ، والإيمان به واجب كباقي الأنبياء كما أمر الله سبحانه
بقوله { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق
ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد
منهم ونحن له مسلمون } البقرة/36 .
2. إن أولى الناس بالعناية الدعوية هم أهل
الكتاب من اليهود والنصارى ؛ وذلك أنهم أقرب الأمم ممن جاءتهم الرسل من آخر الأمم
التي بعث فيها آخر الرسل ، وقد علم كلٌّ من اليهود والنصارى مبعث النبي صلى الله
عليه وسلم ، وأوصافه مكتوبة عندهم في التوراة والإنجيل ، والواجب أن لا ينكروها
وأن يسارعوا إلى الإيمان به ؛ لأنهم يؤمنون من قبل بالرسل خلافاً لغيرهم من عبدة
الأوثان ، فلما لم يكن منهم ما أُمروا به من الإيمان بآخر الرسل عليه الصلاة
والسلام : كان لابد من الرد عليهم وتبين ما آلو إليه من تحريف التوحيد والأحكام فكثر
ذكرهم في الآيات لذلك .
3. وهو أصل الأصول ، وعليه قوام الدين والدنيا
، وبه تكون النجاة من النار ، والدخول إلى الجنان ، وهو تقرير التوحيد لله الواحد
الأحد ، وذلك أن اليهود والنصارى اختلفوا في عيسى عليه السلام فقالت اليهود : هو
دجَّال أفاك كذاب مفتر على الله وجب قتله
! والنصارى كان خلافهم أشد فمنهم من قال : إنه الله ! ومنهم من قال : إنه ابن الله
متحد مع الله في الأقانيم ، في الظاهر ابن الله وفي الحقيقة الله ! ومنهم من قال :
هو ثالث الأقانيم التي هي مرجع أصل التوحيد ومدار التثليث ! وآخرون قالوا : بل هو
رسول من عند الله وبشر كسائر الخلق لكن الله خصه بمعجزات ليقيم الحجة على العباد ،
والآخِرون هم المصيبون فكان لابد من تفصيل الحال وبيان حقيقة الأمر وإظهار عيسى
بما يليق به ولا يُنقصه كسائر الأنبياء
والمرسلين أنه بشر مخلوق من طين اختاره الله عن سائر البشر ليكون من غير أب
إظهاراً لقدرة الله على إيجاد الخلق مع زوال الأسباب ، وإن مثل عيسى عند الله كمثل
آدم كما قال الحق سبحانه : ( إن مَثَل
عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ) آل عمران/59 فهذا
الفيصل في خلق نبي الله عيسى مع إعجازه أمام أعين البشر وآدم عليه السلام أكثر
إعجازاً منه .
فإن كان عيسى عليه السلام وُلد من غير أب : فإن
آدم خلقه الله من غير أب وأم وهذا أدعى لإظهار قدرة الله سبحانه وتعالى في الخلق
والإبداع وأعظم إعجازا من خلق عيسى عليه السلام
فلكل ذلك وغيره كان لابد من التفصيل في أمر عيسى عليه السلام ووضع الأمور في نصابها وبيانها على حقيقتها .
والخلاصة : أن المعجزات التي وهبها الله تبارك
وتعالى لعيسى عليه السلام إنما هي كسائر معجزات الأنبياء للتدليل على صدقه وأنه
رسول الله حقّاً فخلط المحرِّفون هذه المعجزات على بسطاء الناس ، وجعلوا من
معجزاته وسلية للقول بأنه ابن الله أو أنه الله ، وهذا كله تحريف لتعاليم المسيح
ورسالة المسيح عليه السلام .
ومن ثم لو أن كل من اتبع نبيّاً جعل من معجزاته
التي وهبه الله إياها أنَّه إلهٌ لكان كل الأنبياء آلهة فما من نبي إلا وتميز عن غيره بمعجزاته فالجبال
سبَّحت مع داود عليه السلام وما سبحت مع عيسى ، والبحر شُق لموسى وكلَّم ربَّه
وكلمه ربُّه فكان كليم الله وما كان هذا لعيسى عليهما السلام ، ونوح أغرق الله
الأرض بدعائه وما كان هذا لعيسى ومحمد صلى الله خصه الله بكلامه وحفظ له معجزته من
الزوال والتحريف وبعث للناس كافة وكان له من المعجزات ما لم يكن لعيسى فهل يجوز أن
يكونوا آلهة ؟ ! .
ثانياً :
أما القول أنه إذا لم يكن القرآن محرَّفاً فلمَ
توجد هذه الفرق الكثيرة من شيعة وغيرها من الفرق ؟
والجواب على هذا السؤال : أنه لا دخل للقرآن
بصواب النَّاس وخطئهم ؛ لأن القرآن الكريم هو سبيل الهداية للنَّاس وهذه الفرق قد
حذَّر الله تبارك وتعالى منها ، ونهى أن نتشبه بالأمم التي فرَّقت دينها كما قال الله تبارك وتعالى
:{ ولا تكونوا من المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون
} الروم/31-32 ، وقال الله تعالى { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما
جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم } آل عمران/105 ، وأمرهم الله سبحانه
بالاعتصام بكتابه واتباع سنَّة نبيِّه صلى الله عليه وسلم فقال : { واعتصموا بحبل
الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم
بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته
لعلكم تعقلون } آل عمران/103 ، وقال سبحانه { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين
يدي الله ورسوله واتقوا الله إن الله سميع بصير } الحجرات/11 أي : لا تقولوا قولاً
ولا تفعلوا فعلاً خلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
فالمراد : بيان أن الله تبارك وتعالى نهى الناس
عن الفرقة وأمرهم بالاجتماع فاتَّبعوا أهواءهم وتترسوا خلف شهواتهم وشبهاتهم
ونبذوا كتاب الله خلف ظهورهم وإن حملوا آية من كتاب الله لم يرجعوا في فهمها إلى
سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يكون الرأي عندهم هو الحكم وعقلوهم الفاسدة
هي المرجع وكل ذلك ليس من كتاب الله ولا من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً :
أما السؤال عن تعدد الزوجات في الإسلام ومنعها
في العهد الجديد : فاعلم أن الله تبارك وتعالى جعل لكل رسول شرعةً ومنهاجاً فما
مِن نبيٍّ أرسله الله إلا وأمره بالتوحيد ، وأما الشرائع فكانت مختلفة ناسخة
لبعضها البعض ، فما كان جائزاً في زمن آدم عليه السلام من الأحكام والشرائع نُسخ
بعضُه في زمن نوح عليه السلام .
وما كان في زمن موسى نسخ بعضه في زمن عيسى عليه
السلام وهذا كما قال الحق سبحانه وتعالى : { لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً } ،
فإذا فهمت هذا فاعلم أن تعدد الزوجات لم يكن في شريعة محمد صلى الله عليه وسلم
وحسب بل كان التعدد في شرائع الأنبياء السابقين ومثاله أن يعقوب عليه السلام قد
تزوج من امرأتين وجمع بين أختين على ما ذكر في العهد القديم من سفر التكوين في
الباب التاسع والعشرين ( 15 – 35 ) .
وأبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام كان قد تزوج
من امرأتين وهما هاجر وسارة وذكر العهد
القديم أن نبي الله داود تزوج من سبعين امرأة أو تسع وتسعين على حد قول العهد
القديم ، وسليمان قد تزوج من مائة امرأة،
وغير ذلك مما يبين لك أن كلَّ نبيٍّ من الأنبياء يطبق ما شرع الله له من الأحكام ،
وأن تعدد الزوجات ليس خاصّاً بهذه الأمة ، وأما منع النصارى من هذا التعدد فيمكن
أن يكون لسببين :
الأول : أنه من شرع الله ، وهذا واجب التطبيق
قبل مبعث محمد صلى الله عليه وسلم . والثاني : أنَّهم ابتدعوه من عند أنفسهم
تشديداً عليها كما فعلوا في الرهبانية التي ابتدعوها ولم تكن قد كتبت عليهم لكن
أرادوا منها أن يرضوا الله عز وجل بها .
والله اسأل لك الهداية والتوفيق لبلوغ دين الحق
وهو الإسلام وعلى سنة نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام بفهم أصحابه الغر الميامين
الكرام .
والله
الهادي
الإسلام سؤال وجواب
================
5 • لماذا شعرت سارة بالغيرة مع جلالة قدرها من هاجر
؟
سؤال:
هل أحست سارة بالغيرة من " هاجر "
عندما ولدت إسماعيل ( عليه السلام ) ؟ إذا كان الجواب بنعم : فلماذا تشعر امرأة
رفيعة المنزلة مثل " سارة " بالغيرة ؟ وهل كان شعورها بالغيرة هو السبب
الذي من أجله أمِرَ إبراهيم ( عليه السلام ) بإرسال " هاجر " و "
إسماعيل " ( عليه السلام ) إلى الصحراء ؟.
الجواب:
الحمد لله
غيرة المرأة من ضرائرها أمرٌ جُبلت عليه ، وهو
غير مكتسب ، ولذا فإنها لا تؤاخذ عليه إلا أن تتعدى ، وتقع بسبب الغيرة فيما حرم
الله عليها من ظلم أختها ، فتقع في غيبة أو نميمة أو تؤدي بها غيرتها إلى طلب طلاق
ضرتها أو الكيد لها وما شابه ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
وأصل الغيرة غير مكتسب للنساء ، لكن إذا أفرطت
في ذلك بقدر زائد عليه تلام ، وضابط ذلك ما ورد في الحديث عن جابر بن عتيك
الأنصاري رفعه : ( إِنَّ مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ،
وَمِنْهَا مَا يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، فَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي
يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ ، وَأَمَّا
الْغَيْرَةُ الَّتِي يَبْغُضُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ
رِيبَةٍ ) حسنه الشيخ الألباني في "الإرواء" (7/80) - ، فالغيرة منهما –
أي : من الزوج والزوجة - إن كانت لما في الطباع البشرية التي لم يسلم منها أحد من
النساء ، فتعذر فيها ، ما لم تتجاوز إلى ما يحرم عليها من قول أو فعل ، وعلى هذا
يحمل ما جاء من السلف الصالح عن النساء في ذلك . " فتح الباري " ( 9 /
326 ) .
وقال ابن مفلح رحمه الله :
قال الطبري وغيره من العلماء : الغيرة مسامح
للنساء فيها لا عقوبة عليهن فيها لما جُبِلن عليه من ذلك . " الآداب الشرعية
" ( 1 / 248 ) .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله شرحاً لحديث كسر
عائشة لإناء إحدى ضرائرها :
وقالوا : أي جميع من شرحوا الحديث : فِيهِ
إِشَارَة إِلَى عَدَم مُؤَاخَذَة الْغَيْرَاء بِمَا يَصْدُر مِنْهَا ، لأَنَّهَا
فِي تِلْكَ الْحَالَة يَكُون عَقْلهَا مَحْجُوبًا بِشِدَّةِ الْغَضَب الَّذِي
أَثَارَتْهُ الْغَيْرَة . وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو يَعْلَى بِسَنَدٍ لا بَأْس بِهِ
عَنْ عَائِشَة مَرْفُوعًا : ( أَنَّ الْغَيْرَاء لا تُبْصِر أَسْفَل الْوَادِي مِنْ
أَعْلاهُ ) . " فتح الباري " ( 9 / 325 ) .
وما وقع من فضليات النساء من الغيرة إنما هو
مما لم يسلم منه أحد ، وهنَّ غير مؤاخذات عليه لأنه ليس في فعلهن تعدٍّ على شرع
الله تعالى .
وما حصل من غيرة " سارة " من هاجر هو
من هذا الباب ، فطلب الزوجة من زوجها أن لا ترى ضرتها أو أن لا تجاورها أمرٌ غير
مستنكر ، مع أن الذي ذكره أهل العلم أن إبراهيم عليه السلام هو الذي خرج بهاجر
وابنه لا أن سارة زوجه طلبت منه ذلك .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
ويقال : إن سارة اشتدت بها الغيرة فخرج إبراهيم
بإسماعيل وأمه إلى مكة لذلك . " فتح الباري " ( 6 / 401 ) .
ويدل عليه قول هاجر : " يا إبراهيم أين
تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مراراً وجعل لا
يلتفت إليها فقالت له : أالله الذي أمرك بهذا ؟ قال : نعم ، قالت : إذن لا يضيعنا
" - رواه البخاري ( 3184 ) - .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كان بين
إبراهيم وبين أهله ما كان : خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعهم شنة فيها ماء ... رواه
البخاري ( 3185 ) .
قال الحافظ :
قوله – أي : ابن عباس - : " لما كان بين
إبراهيم وبين أهله " يعني : سارة " ما كان " يعني : من غيرة سارة لما
ولدت هاجر إسماعيل . " فتح الباري " ( 6 / 407 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
================
6 • لماذا لا يدخل صدر الرجل في حدود عورته لأنه يفتن
النساء ؟
سؤال:لما كان الحكمة من اللباس ستر العورة لحفظ
النفس من الإغراء فلماذا إذن عورة الرجل من السرة إلى الركبة ولا تشمل الصدر الذي
هو أكثر مناطق جسم الرجل جذبا للجنس الآخر ؟ أجابني بعض المشايخ الكرام أن ذلك لأن
المرأة تتأثر باللمس والرجل بالرؤية ، فإذن لماذا منع الرسولُ صلى الله عليه وسلم
عائشة من الجلوس عندما زاره ابن أم مكتوم – الضرير - ولمَ نزلت الآية الكريمة التي
تقول – بالمعنى – " يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المسلمين أن يغضضن
من أبصارهن " ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
في السؤال خطأ في الحديث والآية ولا بد من
التنبيه عليهما قبل الإجابة :
أما الحديث : فليس فيه ذِكر عائشة – رضي الله
عنها - ، ثم هو غير صحيح .
عن أم سلمة أنها كانت عند رسول الله صلى الله
عليه وسلم وميمونة قالت : فبينا نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم فدخل عليه - وذلك بعد
ما أمرنا بالحجاب - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : احتجبا منه ، فقلت يا
رسول الله : أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : أفعمياوان أنتما ؟ ألستما تبصرانه ؟ . رواه الترمذي ( 2778 ) وأبو داود (
4112 ) .
والحديث : فيه نبهان مولى أم سلمة وهو مجهول ،
وقد ضعفه الشيخ الألباني في " إرواء الغليل " ( 1806 ) .
وأما الآية المذكورة في السؤال فهي من مجموع
آيتين :
الأولى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ
لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ
جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ
غَفُوراً رَحِيماً ) الأحزاب/59 .
والثانية : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا
مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ . وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) النور/30 ، 31 .
ثانياً :
وأما نظر المرأة إلى الرجل الأجنبي عنها ، فقد
سبق في إجابة السؤال : (49038) أنه جائز بشرط ألا يكون بشهوة ولا يخشى منه الفتنة
.
ثالثاً :
لا يعني أن عورة الرجل من السرة إلى الركبة
جواز إظهار الرجل صدره أمام الرجال فضلاً عن إظهاره أمام النساء ، فإذا لم يكن
الصدر من العورة فكشفه من خوارم المروءة ، ومن فِعْلِ الفسَّاق .
ومما ينبغي أن يُعلم أن الشيء المباح إذا كان
يترتب على فعله مفسدة فإنه يمنع من أجل تلك المفسدة . فإذا كان كشف الرجال صدره
سيكون سبباً للفتنة أو يفتح باباً من أبواب الشر ، فإنه يمنع من أجل ذلك .
وقد شُرع اللباس لحكم عديدة منها : موافقة
الفطرة ، والزينة ، والوقاية من الحر والبرد ، وستر العورة عن النظر إليها .
ولما امتن الله على عباده بخلقه اللباس الذي
يواري السوءات نبَّه على لباس آخر أعظم وهو لباس التقوى .
قال تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا
عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ
خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ . يَا بَنِي آدَمَ
لا يَفْتِنَنَّكُمْ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنْ الْجَنَّةِ
يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ... ) الأعراف/26 ، 27
.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري ،
واللباس الذي المقصود منه الجمال ، وهكذا سائر الأشياء ، كالطعام والشراب والمراكب
، والمناكح ونحوها ، قد يسر اللّه للعباد ضروريها ، ومكمل ذلك ، و[ بين لهم ] أن
هذا ليس مقصودا بالذات ، وإنما أنزله اللّه ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته ،
ولهذا قال : ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) من اللباس الحسي ، فإن لباس
التقوى يستمر مع العبد ، ولا يبلى ولا يبيد ، وهو جمال القلب والروح .
وأما اللباس الظاهري : فغايته أن يستر العورة
الظاهرة ، في وقت من الأوقات ، أو يكون جمالا للإنسان ، وليس وراء ذلك منه نفع .
وأيضاً فبتقدير عدم هذا اللباس تنكشف عورته
الظاهرة ، التي لا يضره كشفها مع الضرورة ، وأما بتقدير عدم لباس التقوى فإنها تنكشف
عورته الباطنة ، وينال الخزي والفضيحة .
وقوله : ( ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ
لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ) أي : ذلك المذكور لكم من اللباس مما تذكرون به ما
ينفعكم ويضركم وتستعينون باللباس الظاهر على الباطن . " تفسير السعدي "
( ص 248 ) .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
=================
7 • الفرق بين الحرائر والإماء في الحجاب
السؤال : هل صحيح أن نساء الطبقة المحترمة من
المسلمات يرتدين الحجاب أما من دون ذلك فلا. البعض هنا يعتقد ذلك بناءً على حديث
في البخاري وهو كالآتي: روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أقام بين خيبر والمدينة 3 ليال وتزوج صفية فدعوت المسلمين إلى وليمته ولم يكن
هناك لحم ولا خبز ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً فمد البسط وعليها تمر
وأقط فقال المسلمون في أنفسهم: هل تكون أماً للمؤمنين أم سريرة أم مما ملكت يمينه
فقال بعضهم: إن أمرها النبي بالحجاب فهي أم للمؤمنين وإن لم يأمرها بالحجاب فهي
أمته. فلما رحل أركبها الناقة وراءه وأمرها بالحجاب. أريد أن أعرف هل هذا الحديث
كان قبل أم بعد آية الحجاب (الأحزاب 59) وأريد أن أعرف رأيك وبعض البحث في
الأحاديث.
الجواب :
الحمد لله
الحديث بعد نزول الحجاب وفرضه على النساء
المؤمنات ، لكن الحجاب الكامل للحرائر من النساء ، وأما الاماء وملك اليمين فلا
يتشبهن بالحرائر في الحجاب الكامل ، فليس على الأَمَة أن تغطي وجهها ، وكان عمر
رضي الله عنه يمنعهن من ذلك ، وهذا مع أمن الفتنة فيهن ، وأما إذا وجدت الفتنه
فعليهن فعل ما يحول دون هذه الفتنة .
كتبه : الشيخ الخضير
===============
8 • أختها مهتمة بالإسلام وتسأل عن الروح والإرث
السؤال :الحمد لله الذي هداني للإسلام قبل 9
سنوات ، أختي مهتمة الآن بالإسلام ولكن لا زال عندها بعض المعارضة فهي تسأل أسئلة
ليس لها صلة بالموضوع مثل: لماذا ترث المرأة نصف ما يرثه الرجل ؟ قلت لها بأن
الرجل هو المسئول عن المصروفات المادية ، فقالت وماذا إذا كانت هي التي تعمل ؟ قلت
أنه في جميع الحالات الرجل هو المسئول عنها مادياً وعندما يرث مالاً فهو كذلك
المسئول عنها حتى لو أنها تعتمد على نفسها في الدخل.
سألت أيضاً ماذا يحدث للروح عند النوم ؟ قلت
الله يأخذها (حسبما قرأت) ، قالت أحياناً نستيقظ في الليل أليس هذا تناقض ؟ قلت لا
وأنا لست عالمة بهذه الأمور وهناك أمور أهم يجب أن نعرفها كأمور العقيدة والعبادة
والفقه وهكذا.
قالت فكيف تعلمين بأنك على الطريق الصحيح ؟ هذه
الأسئلة تجعلني أظن بأنها تبتعد عن الإسلام ، أحاول أن أعطيها كتباً ولكنها لا
تقرأ . هي دائماً تريدني أن أخبرها بهذه الأشياء .
والدتي تحاول أن تفرق بيني وبينها لأنها لا
تريدني أن أتحدث مع أختي عن الإسلام .
اليوم قالت لي إذا واصلتي الحديث معها عن
الإسلام فسوف نقطع علاقتنا بك ، كما أن والدتي تسب الإسلام وتسب النبي محمد صلى
الله عليه وسلم أمامي وتريدني أن أنزع نقابي .
لست أدري ماذا أفعل ، والدتي الآن ستغادر البلد
مع أختي .
الجواب :
الحمد لله
عليك بمواصلة دعوة أختك إلى الإسلام لقوله
تعالى : ( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ... الآية ) وعليك بالصبر على
أذى والدتك كما أوصى الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله : (واصبر على
ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ... ) ، ولا تيأسي من إعراض
أختك ، ولا تتحسري بعد بذل الوقت في دعوتها إلى الإسلام إذا لم تستجب قال تعالى
لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات ) .
وقوله : ( فلعلك باخع نفسكم على آثارهم إن لم
يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً ) .
وأما ما أجبت به عن أسئلتها فصحيح ، وأما
الاستيقاظ في الليل مع أخذ الله للروح عند النوم فلا يتعارضان فالذي قَدِر على أخذ
الروح هو الذي يقدر على ردها ولهذا أُستُحب لمن استيقظ من نومه أن يقول ( الحمد
لله الذي رد علي روحي وعافاني في جسدي وأذن لي بذكره ) حسنه الألباني (1/329) صحيح
الجامع .
وأما ما يتعلق بميراث المرأة فإنها - كما ذكرت
- ليست مسؤولة عن النفقة وإنما ذلك على الرجل ، كما أن الرجل يدفع إليها المهر
ويوجد لها المسكن ... إلخ فهي منتظرة الريادة مطلقاً بخلاف الرجل فليس من العدل
المساواة بينها وبين الرجل في الميراث والله تعال أعدل العادلين وأحكم الحاكمين .
وهذا واسأل الله أن يثبتِك وأن يأجرك على دعوتك
وعليك بالرفق بهم ولا يبدر منك استفزاز لهم أو سبٌ لدينهم فيحملهم ذلك على سب
الرسول صلى الله عليه وسلم ، والله ولي التوفيق .
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد
=================
9 • السبب في تفضيل الزوج وجعل القوامة بيده
سؤال:أنا فتاة مسلمة والحمد لله وقرأت كثيرا
وسمعت من العلماء عن حق الزوج على زوجته وكم هو عظيم سمعت أحاديث تشدد من عصيان
المرأة لزوجها وإني لأمتثل لأمر الله ورسوله إذا تزوجت بإذن الله تعالى ولكن لدى
استفسار إن جاز لي السؤال حيث هو استفسار يدور برأس الكثيرات ويخجلن من ذكره خوفا
من اتهامهن بالجهل أو إنكار أمر الله ورسوله وهو ما هو فضل الزوج حتى يستحق كل هذا
الحق علينا معشر النساء حتى إنه يفوق حق ؟.
الجواب:
الحمد لله
عظم حق الزوج على زوجته أمر قررته الشريعة ،
كما في قوله سبحانه : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228
وقوله : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا
مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا
حَفِظَ اللَّهُ وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ
فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ
سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً ) النساء/34
وقوله صلى الله عليه وسلم "لو كنت آمرا
أحدا أن يسجد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي
المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها ولو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه "
رواه ابن ماجه (1853) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة .
ومعنى القتب : رحل صغير يوضع على البعير .
إلى غير ذلك من النصوص .
والحكمة بينها الله تعالى بقوله : ( بِمَا
فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ )
فهذا تفضيل قضاه الله عز وجل وحكم به ، لا يسأل سبحانه عما يفعل وهم يسألون ، ثم لما
يقوم به الرجل من الإنفاق على أهله والسعي في طلب رزقهم .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/363) : (
وقوله : " وللرجال عليهن درجة " أي في الفضيلة في الخَلق والخُلق
والمنزلة وطاعة الأمر والإنفاق والقيام بالمصالح والفضل في الدنيا والآخرة ، كما
قال تعالى : " الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما
أنفقوا من أموالهم " ) . اهـ.
وقال أيضا (1/653) : ( يقول تعالى :
"الرجال قوامون على النساء" أي الرجل قيم على المرأة ، أي هو رئيسها
وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ، " بما فضل الله بعضهم على
بعض" أي لأن الرجال أفضل من النساء ، والرجل خير من المرأة ، ولهذا كانت
النبوة مختصة بالرجال ، وكذلك الملك الأعظم لقوله صلى الله عليه وسلم : " لن
يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " رواه البخاري من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة عن
أبيه ، وكذا منصب القضاء وغير ذلك ، "وبما أنفقوا من أموالهم" أي من
المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صلى الله
عليه وسلم ، فالرجل أفضل من المرأة في نفسه ، وله الفضل عليها والإفضال ، فناسب أن
يكون قيما عليها ، كما قال الله تعالى : " وللرجال عليهن درجة" الآية ،
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: "الرجال قوامون على النساء" يعني
أمراء ، عليها أن تطيعه فيما أمرها به من طاعته ، وطاعته أن تكون محسنة لأهله
حافظة لماله ) اهـ.
وقال البغوي في تفسيره (2/206) : ( بما فضل
الله بعضهم على بعض ، يعني : الرجال على النساء بزيادة العقل والدين والولاية ،
وقيل : بالشهادة ، لقوله تعالى : " فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان "
وقيل : بالجهاد ، وقيل : بالعبادات من الجمعة والجماعة ، وقيل : هو أن الرجل ينكح
أربعاً ولا يحل للمرأة إلا زوج واحد ، وقيل : بأن الطلاق بيده ، وقيل : بالميراث ،
وقيل : بالدية ، وقيل : بالنبوة ).
وقال البيضاوي في تفسيره (2/184): ( "
الرجال قوامون على النساء " يقومون عليهن قيام الولاة على الرعية ، وعلل ذلك
بأمرين، وهبي وكسبي فقال : "بما فضل الله بعضهم على بعض" بسبب تفضيله
تعالى الرجال على النساء بكمال العقل وحسن التدبير ، ومزيد القوة في الأعمال
والطاعات ، ولذلك خصوا بالنبوة والإمامة والولاية وإقامة الشعائر ، والشهادة في
مجامع القضايا ، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوها ، وزيادة السهم في الميراث وبأن
الطلاق بيده . "وبما أنفقوا من أموالهم" في نكاحهن كالمهر والنفقة )
انتهى بتصرف يسير .
والحاصل أن الرجل أعطي القوامة لهذين السببين
المذكورين في الآية ، وأحد السببين هبة من الله تعالى ، وهو تفضيل الله الرجال على
النساء والآخر يناله الرجل بكسبه ، وهو إنفاقه المال على زوجته .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
============
10 • عندها إشكالات في حق المرأة في الإسلام
سؤال:أنا في حيرة من أمري ، فقد عشت سنين عمري
أتعامل وأعامل على كوني إنساناً قبل أن أصنف إلى كوني أنثى [ وأمة ] الله قدر
استطاعتي ، ومن هذا المنطلق أن مَن عمل خيراً من ذكر أو أنثى فله أجره ، ومن عمل
إثما فعليه وزره ، ولكن بعد زواجي فوجئت بأحكام تخرجني من نطاق الإنسانية لأكون
مجرد متاع للرجل ، فمثلا تلعنني الملائكة إن امتنعت عنه تحت أي ظرف ، في حين أنه
ليس عليه أي وزر إن هو امتنع عن جماع زوجته ولو من باب الإضرار بها ، فهو له أجر
صدقة إن جامعها وهو مستمتع بها وهي ليس لها أجر وإن لبَّت وهي كارهة ، وإذا أغضبني
وأهانني أمام الناس وامتهن كرامتي يجب عليَّ مصالحته واسترضاؤه وإلا لعنتني
الملائكة ، وأنا طبعاً لا يحق لي مخالفته في رأي ومراجعته ولا يغفر لي أي قدر من
الانفعال ، كما أنكم أفتيتم بأن ثواب صلاة الجماعة هو خاص بالرجال من دون النساء
فهل هذا ما شرعه الله لنا ؟ هل هذا هو قدر المرأة المسلمة إذا أحسنت وأدت ما عليها
؟ فإن هي تجنبت الإثم فليس لها أي فضل وإن أخلت كانت من الملعونين المطرودين من
رحمة الله أنا وإبليس اللعين سواء .
أرجو الاهتمام بهذا السؤال لأنني أفتن في ديني
، وإن كان هذا هو شرع الله فسمعا وطاعة ولا حول ولا قوة إلا بالله .
الجواب:
الحمد لله
لم نزل متعجبين مما ورد في سؤال الأخت من ظنها
ما ليس من دين الله منسوباً إليه ، واعتقادها لأحكام لم ينزل الله بها سلطاناً ،
ومن ذلك قولها " ولكن بعد زواجي فوجئت بأحكام تخرجني من نطاق الإنسانية لأكون
مجرد متاع للرجل " ! .
وسنرتب الكلام معها من خلال هذه النقاط :
أولاً :
أكرم الله تبارك وتعالى المرأة غاية الإكرام ،
فقد أكرمها بنتاً وأمّاً وزوجة ، وجعل لها من الحقوق والفضل ووجوب البر ما ليس
للرجل في كثير من الأحيان .
ولم ينزع الإسلام عنها إنسانيتها ، بل أعطاها
حقها ورفع لها قدرها ، وقد كانت متاعاً وسلعة قبل أن يكرم الله الناس بالإسلام ،
فقد كانت تورث كما يورث المتاع ، وكانت تُعلَّق فلا هي بالزوجة ولا هي بالمطلقة ،
وكانت تمكث سنة كاملة بعد وفاة زوجها لا تمس ماء ولا تخرج من بيتها حتى إن الطير
والبهيمة ليموتان من شمهما رائحتها ! وكانت تُحرَم من الميراث ، فضلاً عن وأدها
وهي حيَّة ، وغير ذلك كثير .
فجاء الإسلام وحرَّم الوأد وجعله قتلاً للنفس
وهو من كبائر الذنوب ، وحرَّم تعليقها بيمين أو تحريمها بظهار ، وأعطاها نصيبها من
الميراث ، وجعل عدتها من وفاة زوجها أربعة أشهر وعشراً تغتسل وتلبس الثياب وترى
النساء والمحارم ، وأجاز لها البيع والشراء والتملك ، ورغَّبها في العلم والدعوة
إلى الله تعالى ، وأمر بإكرامها زوجة ، وببرها أمّاً بل جعل حقها في البر ثلاثة
أضعاف الأب ، وغير ذلك كثير ، وليس هذا مجال بسط ذلك ، إنما أردنا التنبيه
والتذكير ، ويمكن مراجعة جواب السؤال رقم ( 21010 ) لترى المزيد .
ثانياً :
قالت الأخت السائلة : " فمثلا تلعنني
الملائكة إن امتنعت عنه تحت أي ظرف " !
وهذا ليس بصحيح ، بل لا تلعن الملائكة الزوجة
الممتنعة عن فراش زوجها إلا أن تكون غير معذورة ، فإن كانت معذورة بمرض أو حيض أو
نفاس أو صوم واجب : فإنها لا تُلعن ، بل يأثم زوجها الذي يدعوها ويصر على دعوتها
أو يكرهها وهو يعلم حالها .
وقد ورد في جواب السؤال ( 33597 ) في الموقع :
ليس للمرأة أن تمنع نفسها من زوجها ، بل يجب
عليها أن تلبي طلبه كلما دعاها ما لم يضرها أو يشغلها عن واجب .
وفي سؤال رقم ( 9602 ) ورد :
قال ابن حزم :
وفرض على الأمة والحرة أن لا يمنعا السيد
والزوج الجماع متى دعاهما ما لم تكن المدعوة حائضا أو مريضة تتأذى بالجماع أو
صائمة فرض فإن امتنعت لغير عذر فهي ملعونة ." المحلى " ( 10 / 40 ) .
وهذا اللعن مقيّد بما إذا بات غضباناً عليها ،
أما إذا دعاها فأبت عليه ، ثم تنازل عن حقه فإنها لا يلحقها لعن .
ثالثاً :
وقالت الأخت السائلة : " في حين أنه ليس
عليه أي وزر إن هو امتنع عن جماع زوجته ولو من باب الإضرار بها " !
وهذا أيضاً ليس بصحيح ، فقد حرَّم الإسلام
الإضرار بالآخرين ومنه إضرار الزوج بزوجته بمنعها من إرضاع ولدها أو بمنعها من
حقها في الجماع والاستمتاع .
وقد ورد في جواب ( 10680 ) - في سياق بيان حقوق
الزوجة على زوجها - :
عدم الإضرار بالزوجة : وهذا من أصول الإسلام ،
وإذا كان إيقاع الضرر محرما على الأجانب فلأن يكون محرما إيقاعه على الزوجة أولى
وأحرى .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قضى " أن لا ضرر ولا ضرار " رواه ابن ماجه ( 2340 ) . والحديث :
صححه الإمام أحمد والحاكم وابن الصلاح وغيرهم .
انظر : " خلاصة البدر المنير " ( 2 /
438 ) .
وقد ورد في جواب السؤال ( 5971 ) :
لا يجوز للرجل أن يهجر امرأته إضراراً بها إلا
إذا ظهر منها النشوز والعصيان ، ولكن لا يأثم إذا ترك الاضطجاع معها غير مُضارٍّ
بها لأن الحاجة له وترجع إلى شهوته ولا يملك إثارة الشهوة فإن هجرها فهو آثم بذلك
لأنه لا ضرر ولا ضرار ، والله أعلم .
رابعاً :
قالت الأخت السائلة : " ، فهو له أجر صدقة
إن جامعها وهو مستمتع بها وهي ليس لها أجر وإن لبَّت وهي كارهة " !
وهذا أيضاً ليس بصحيح ، بل تؤجر الزوجة على
الجماع من وجهين :
الأول : من كونها شقيقة الرجل في الأحكام
والأجور ، إلا ما استثناه النص ، قال تعالى : ( فاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ
أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم
مِّن بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُواْ فِي
سَبِيلِي وَقَاتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ
وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّن
عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ) أل عمران / 195 .
الثاني : أنها سبب أجر الزوج ، ومن كان سبباً
في ثواب غيره : شاركه في الأجر دون أن ينقص من أجره شيء .
وعن أبي ذر أن ناساً من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور
يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضول أموالهم ، قال : أو ليس قد جعل
الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ،
وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن منكر صدقة ، وفي بُضع أحدكم صدقة
، قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو
وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر . رواه
مسلم ( 1006 ) .
ومعنى البُضع : الجماع
فالزوجة مأجورة كما هو حال زوجها ، كما أنها
تأثم على شهوتها لو وضعتها في الحرام كما هو حال زوجها .
قال النووي :
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
وَفِي بُضْع أَحَدكُمْ صَدَقَة )
فِي هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْمُبَاحَات
تَصِير طَاعَات بِالنِّيَّاتِ الصَّادِقَات , فَالْجِمَاع يَكُون عِبَادَة إِذَا
نَوَى بِهِ قَضَاء حَقّ الزَّوْجَة وَمُعَاشَرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ الَّذِي
أَمَرَ اللَّه تَعَالَى بِهِ , أَوْ طَلَبَ وَلَدٍ صَالِحٍ , أَوْ إِعْفَافَ
نَفْسِهِ أَوْ إِعْفَاف الزَّوْجَة وَمَنْعَهُمَا جَمِيعًا مِنْ النَّظَر إِلَى
حَرَام , أَوْ الْفِكْر فِيهِ , أَوْ الْهَمّ بِهِ , أَوْ غَيْر ذَلِكَ مِنْ
الْمَقَاصِد الصَّالِحَة اهـ .
خامساً :
قالت الأخت السائلة : " وإذا أغضبني
وأهانني أمام الناس وامتهن كرامتي يجب عليَّ مصالحته واسترضاؤه وإلا لعنتني
الملائكة " !
وهذا ليس بصحيح ، فأما اللعن فإنما هو في
امتناع الزوجة عن فراش زوجها من غير عذر مع مبيت زوجها وهو عليها غضبان – كما سبق
بيانه - .
وأما إهانة الزوج لها وامتهان كرامتها : فهو
آثم على فعله هذا ولا شك ، وقد أجاز لها الشرع أن تستوفي حقها بالرد عليه بقدر
ظلمه لها .
قال تعالى : ( ولمن انتصر بعض ظلمه فأولئك ما
عليهم من سبيل ) أي ليس عليهم إثم .
ولفظ ( مَنْ ) هنا عام فتدخل فيه المرأة أيضاً
.
أو أن تصبر على قوله وظلمه وتحتسب الأجر عند
الله لتأخذ الثواب الأكمل والأفضل والأعلى والواجب عليه : هو أن يصالحها ويسترضيها
لا العكس ، فالذي ظلم هو الذي يجب عليه لتمام توبته أن يُرضي المظلوم بالاعتذار
والكلام الحسن .
سادساً :
قالت الأخت الفاضلة : " وأنا طبعاً لا يحق
لي مخالفته في رأي ومراجعته ولا يغفر لي أي قدر من الانفعال " !
وهذا ليس بصحيح ، فيجوز للمرأة أن تراجع زوجها
وأن تخالفه في الرأي ، لكن ليس لها أن تمتنع عما يأمرها به – وإن كانت مخالفة له –
إذا لم يأمرها بمعصية ، فلا طاعة لأحد في معصية الخالق ، وهذا إنما هو من منطلق
القوامة الذي جعله الله تعالى للزوج في مقابل ما أوجب عليه من نفقة وحماية ورعاية
، قال تعالى : ( الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما
أنفقوا من أموالهم ) النساء
وقد ثبت عن الصحابة رضي الله عنهم أن نساءهم
كنَّ يراجعنهم في الأمر ، بل كان هذا فعل أمهات المؤمنين مع نبينا عليه الصلاة
والسلام ، كما قال عمر بن الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم " وكنا معشر قريش
نغلب النساء فلما قدمنا على الأنصار إذا قوم تغلبهم نساؤهم ، فطفق نساؤنا يأخذن من
أدب نساء الأنصار ، فصخبتُ على امرأتي ( أي : غضبت ) فراجعتني فأنكرتُ أن تراجعني
قالت : ولم تنكر أن أراجعك ؟ فو الله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه
... " – رواه البخاري ( 4895 ) ومسلم ( 1479 ) .
قال الحافظ ابن حجر – في سياق فوائد الحديث - :
وفيه : أن شدة الوطأة على النساء مذموم ؛ لأن
النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بسيرة الأنصار في نسائهم ، وترك سيرة قومه .
" فتح الباري " ( 9 / 291 ) .
أما ما ذكرته الأخت من أنه لا يغفر لها أي قدر
من الانفعال ، فهذا لا يصح على إطلاقه إذ من الانفعالات ما لا يحاسب عليه الإنسان
إذا لم يتكلم به أو يعمل ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله تجاوز لأمتي ما
حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعملوا ) ومنها ما لا يكون بقصد الإنسان التام
إما بسبب شدة غضب أو نحوه مما هو خارج عن طاقة الإنسان ، وقد ورد في آخر سورة
البقرة دعاء المؤمنين : ( ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به ) البقرة ، وثبت في
السنة أن الله تعالى قد أجاب هذا الدعاء بقوله : ( قد فعلت ) .
سابعاً :
قالت الأخت السائلة : " كما أنكم أفتيتم
بأن ثواب صلاة الجماعة هو خاص بالرجال من دون النساء " !
وهذا أيضاً ليس بصحيح ، بل الذي قلنا – بناء
على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم – أن أجر السبع وعشرين درجة خاص بالرجال
لأنهم هم المخاطَبون بصلاة الجماعة دون النساء ، وصلاة الجماعة للنساء مستحبة ،
ولكن لا تجزم بأنه لها أجر السبع وعشرين درجة ، ويجوز للمرأة أن تشهد الصلاة في
المسجد ، ولا يحل للرجل أن يمنعها من الذهاب ، فإن ذهبت وصلَّت معهم : شاركتهم في
أجر صلاة الجماعة .
ومع هذا فبناءً على الأحاديث الصحيحة فإنها لو
صلَّت في بيتها : لأخذت ما هو أفضل من أجر صلاتها جماعة في المسجد .
عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" لا تمنعوا نساءكم المساجد ، وبيوتهن خير لهن " .
رواه أبو داود ( 567 ) وأحمد – واللفظ له - (
5445 ) .
قال عبد العظيم آبادي :
" وبيوتهن خير لهن " : أي : صلاتهن
في بيوتهن خير لهن من صلاتهن في المساجد لو علمن ذلك , لكنهن لم يعلمن فيسألن
الخروج إلى المساجد ويعتقدن أن أجرهن في المساجد أكثر . ووجه كون صلاتهن في البيوت
أفضل : الأمن من الفتنة , ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة .
" عون المعبود " ( 2 / 193 ) .
ثامناً :
قالت الأخت السائلة : " هل هذا هو قدر
المرأة المسلمة إذا أحسنت وأدت ما عليها ؟ فإن هي تجنبت الإثم فليس لها أي فضل وإن
أخلت كانت من الملعونين المطرودين من رحمة الله أنا وإبليس اللعين سواء " !
وهذا من سوء الظن بالله ، وكلامكِ ليس بصحيح
اطلاقاً .
قال الله تعالى : { من عمل صالحا من ذكر أو
أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون } النحل
/ 97 .
وقال تعالى : { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع
عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم
وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها
الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن الثواب } آل عمران / 195 .
وقال تعالى : { إن المسلمين والمسلمات
والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات
والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم
والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيماً }
الأحزاب / 35 .
وأما ذكرته الأخت من أنها إذا أخلت كانت هي
وإبليس سواء فهذا تشنيع لا محل له هنا ، وتشبيه غير مقبول إذ لعنة الله لإبليس
اللعنة الأبدية التي لا تقبل فيها أي توبة ، لا تقارن بما يكون من اللعن في حق من
كان مسلماً موحداً لله مذعناً له ووقع في بعض الكبائر .
وفي هذا القدر من الآيات البينات والكلام كفاية
في بيان خطأ قولكِ ، ونسأل الله تعالى أن يفقهك في الدين ، وأن يثبتك على الخير
والهدى .
كما لا يفوتنا في نهاية هذه الإجابة أن نحمد
لهذه الأخت السائلة صراحتها في السؤال عما يقذفه الشيطان في قلبها من الإشكالات عن
الأمور الشرعية التي لو كتمتها في نفسها لربما أفسدت عليها دينها وأورثتها من
الوساوس ما يُنغص عليها عيشها ، وبمثل هذا السؤال يزول الإشكال ويندفع عن النفس
الشك .
وإن كان ينبغي في طرح مثل هذه الأسئلة أن يكون
بأسلوب أكثر ملائمة للسؤال عن حكمة الله في تشريعاته ، وأن يبتعد السائل عن كل ما
يُشعر بروح الاعتراض على الحكم إذا عقول البشر تقصر عن إدراك عظيم حكمة الله وواسع
فضله على خلقه .
ومما يحمد أيضاً للأخت السائلة رضاها وتسليمها
بشرع الله ، وذلك في قولها ( وإن كان هذا هو شرع الله فسمعاً وطاعة ) ، وهكذا يجب
أن يكون المؤمن .
نسأل الله تعالى أن يثبتنا على دينه ، وأن
يلهمنا رشدنا .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب
===================
الشبهة(1):تركيب المرأة الجسدي يعارض دعوتهم
للمساواة التامة
أثبتت الدراسات الطبِّية المتعددة أن كِيان
المرأة النفسي والجسدي قد خلقه الله تعالى على هيئةٍ تخالف تكوين الرجل، وقد بُنِي
جسم المرأة ليلائم وظيفة الأمومة ملاءمةً كاملةً، كما أن نفسيتها قد هُيِّئَت
لتكون ربة أسرةٍ وسيدة البيت وقد كان لخروج المرأة إلى العمل وتركها بيتها وأسرتها
نتائج فادحةً في كل مجال. ويقول تقرير هيئة الصحة العالمية الذي نُشِر في العام
الماضي أنَّ كل طفلٍ مولودٍ يحتاج إلى رعاية أُمِّه المتواصلة لمد ة ثلاثِ سنواتٍ
على الأقل. وأن فُقْدانَ هذه الرعاية يؤدي إلى اختلال الشخصية لَدَى الطفل كما
يؤدي إلى انتشار جرائم العُنف الذي انتشر بصورةٍ مُرِيعةٍ في المجتمعات الغربية
وطالبت هذه الهيئة المُوَقَّرة بتفريغ المرأة للمنزل وطلبت من جميع حكومات العالم
أن تُفَرِّغ المرأة وتًدْفع لها راتباً شهرياً إذا لم يكن لها من يَعُولُها حتى
تستطيع أن تقوم بالرعاية الكاملة لأطفالها.
وقد أثبتت الدراسات الطبية والنفسية أن
المَحاضِن ورَوْضات الأطفال لا تستطيع القيام بدَوْر الأم في التربية ولا في إعطاء
الطفل الحنانَ الدافِق الذي تُغذيه به.
الاختلاف على مستوى الخلايا:
إن هيكل المرأة الجسدي يختلف عن هيكل الرجل، بل
إن كل خلية من خلايا جسم المرأة تختلف في خصائصها وتركيبها عن خلايا الرجل. وإذا
دقَّقْنا النظر في المِجْهَر لَهَالَنا أن نجد الفروق واضحةً بين خلية الرجل وخلية
المرأة.. ستون مليون خلية في جسم الإنسان ومع هذا فإن نظرةً فاحصةً في المجهر
تُنْبِئُك الخَبَر اليقين: هذه خلية رجل وهذه خلية امرأة، كل خليةٍ فيها
مَوْسُومَةٌ بِمَيْسِم الذُّكورة أو مَطْبوعةٌ بطابع الأنوثة.
وفي الصورة التالية نرى الفروق واضحةً بين خلية
دمٍ بيضاءَ لرجلٍ وأخرى لامرأةٍ كما نرى الفرق جَلِياً بين خلية من فمِ امرأةٍ
وخليةٍ من فَم رجلٍ، ثم ننظر في الصورة على مستوى أعمق من مستوى الخلايا إلى مستوى
الجُسيمات الملونة (الصِّبغيات أو الكروموسومات). هذه الجسميات الملونة موجودةٌ في
كل خليةٍ وتُقاسُ بالانجستروم (واحد على بليون من الميليمتر) في ثَخانتها وهي
موجودةٌ على هيئة أزواجٍ؛منها واحدٌ مسؤول عن الذكورة والأنوثة.
ففي خلية الذكر نجد هذا الزوج كما هو مُوَضَّح
في الصورة على هيئة x
y بينما هو في خلية المرأة على هيئة xx
والصورة التالية تُوضح هذه الفروق الثلاثة.
إنَّ الجُسَيم المُلَوِّن (صبغ) للذكورة يختلف
في شكله المُمَيَّز عن صِبغ الأنوثة، بل ولا يقتصر الاختلاف على الشكل والمظهر
إنما يتعداه إلى الحقيقة والمَخْبَر فصبغ الذكورة قصيرٌ سَميكٌ بالنسبة لِصِبغ
الأنوثة ومع ذلك فهو يجعل الخلية الذكرية أكثر نشاطاً وأقوى شكِيمةً وأكثر إقداماً
مِن شقيقتها الأنثوية.
الاختلاف على مستوى النطفة:
وإذا سِرنا في سُلَّم الفروق وارتفعنا إلى
مستوى الخلايا التناسُلية سنجد الفرق شاسِعاً والبَوْنَ هائلاً بين الحيونات
المنوية (نُطْفَةُ الرجل) وبين البُوَيضة (نُطفة المرأة).
تُفْرِز الخِصْية مئات الملايين من الحيونات
المنوية في كل قَذْفَةِ مَنِيِّ بينما يُفْرِز المِبْيَض بُوَيضة واحدةً في الشهر.
ونظرةٌ فاحصةٌ لخصائص الحيوان المَنَويِّ الذي يُقاس بالميكرون (واحد على مليون من
المليمتر) تجعلنا. نُوْقِن بأنه يُجَسِّد خصائص الرجولة. بينما نرى البويضة تُجَسد
خصائص الأنوثة. فالحيوان المنوي له رأسٌ مُدَبَّبٌ وعليه قُلُنْسُوةٌ مُصَفَّحةٌ
وله ذَيْلٌ طويلٌ وهو سريع الحركة قوِيُّ الشَّكيمة لا يَقِرُّ له قَرارٌ حتى يصل
إلى هدفه أو يموت. بينما البويضة كبيرة الحجم (1/5، ميليمتر) وتُعْتَبر أكبر خليةٍ
في جسم الإنسان الذي يحتوي على ستين مليون خلية. وهي هادئةٌ ساكنةٌ تَسير بِدَلالٍ
وتَتَهادَى باختيالٍ وعليها تاجٌ مُشِعٌّ يدعو الراغبين إليها وهي في مكانها لا
تَبْرَحُه ولا تُفارقه، فإن أتاها زوجها و إلا ماتت في مكانها ثم قذفها الرحم مع
دم الطَّمْثْ.
وإذا دقَّقْنا النظر في قطرةٍ صغيرةٍ من
مَنِيِّ الرجل تحت المجهر لهالنا ما نرى.. مئات الملايين من الحيوانات المنوية
تَمْخُرُ عُبابَ بَحْرِ الَمِنِّي المُتلاطِم وهي تَضرِب بأذْيالها لِتَجْري في
طريقها الشاق الطويل الوَعِر المَحْفُوف بِالمَفَاوِز والمَخاطر حتى تصل إلى
البويضة، وفي أثناء هذه الرحلة الشاقة الهادِرَة تموت ملايين الحيوانات المنوية
ولا يصل إلى البويضة إلا بضع مئات.
وهناك على ذلك الجدار تقف هذه الحيوانات تنتظر
أن يُؤْذَن لها بالدخول وتتحرك يَدُ القُدْرة الإلهية المُبْدِعة فَتُبْرِز
كُوَّةً في جِدار البويضة أما حيوانٍ مَنَوِيٍّ قداختارته العناية الإلهية
لِيُلَقِّحَ تلك الدُّرة المَكْنُونة ويَلِج الحيوان المنوىُّ سريعاً إلى هذه
الكُوَّة والفُرْجة لِيَقِف وجهاً لِوجهٍ أما م البويضة.. وهناك يُفْضِي لها
بِمَكْنون سِرِّه ويُعْطِيها أسرار الوراثة وتُعْطِيه. ويتَّحِدان لِيُكَوِّنا
النُّطفةَ المِشاج التي يَخْلُق الله سبحانه وتعالى منها الإنسان كاملاً.
الاختلاف على مستوى الأنسجة والأعضاء:
وإذا ارتفعنا من مستوى الصبغيات (الكروموسومات)
والخلايا إلى مستوى الأنسجة والأعضاء وجدنا الفروق الهائلة الواضحة لكل ذي
عَيْنَين بين الذكورة والأنوثة.. فَعَضَلات الفَتَى مَشْدودةٌ قويةٌ وهو عَريض
المِنْكَبَين واسعُ الصدر ضيِّق البطن صغير الحَوْض نِسْبِياً, لا أرْدافَ له ولا
عَجُز كبير.. يَتَوَّزع الدُّهن جِسْمه توزيعاً عادلاً وطَبَقة الدُّهن في الغالب
الأعَمِّ محدودةٌ بسيطةٌ.. وينمو شَعْرُ العَانَة مُتَّجِهاً نَحْوَ السُّرَّة كما
ينمو شَعْر عُذارِيه وينمو شَعْر ذَقْنِه وشارِبِه ويَغْلُظُ صوتُه ويُصْبُح
أَجَشَّ.. بينما نجد عضلات الفتاة «رقيقةً ومَكسوةً بطبقةٍ دُهْنيةٍ تُكْسِبُ
الجسم اسْتِدارةً وامتلاءً مَرْغوبًا فيه خالياً من الحُفَر والنُّتُوءات الواضحة
المُتعاقِبة التي لا ترتاح العَين لرُؤيتِها» كما يقول أستاذ علم التشريح الدكتور
شفيق عبد الملك في كتابه مبادئ علم التشريح ووظائف الأعضاء ويواصل الدكتور شفيق
كلامه فيقول:
«و لا تقتصر هذه الطبقة الدهنية على استدارة
الجسم وستر ما يَعْتَوِرُه من حُفَرٍ أو نُتُوءاتٍ بل إن بعض المناطق الخاصة
تَحْظَى بِنَصيبٍ وافرٍ منها مِثْل: الثدْيَين اللَّذَين يَكْبُران ويستدِيرانِ
ويتخذُ كل منهما شكل نِصف كُرة، وكذلك منطقة الزَّهْرة والإِلْيتان وكما يستدير
الفَخِدان و غيرهما من مواضعَ خاصة. ويَتَّسع الحَوض مُتَّحِذاً شكلاً مناسباً
يتَّفق مع العمل الذي خصِّص له ويكتمل نُمُو أعضاء التناسل الباطنة كالرحم
والمِبْيض الذي يقوم بعملية الابياض السابقة للطمث وكذلك الأعضاء التناسلية
الظاهرة كالشَّفَرَين الكبيرين ويتخذ كل منهما شكله وحجمه وقُوامه وبُنْيانه
ومَوْضِعه في البالغ ,ويظهر الشَّعر في منطقَة الزهرة والإبطين ويَنْعَم الصوت بعد
أن كان مصْبوغاً بصِبغةِ الطفولة.
وغرض كل هذه التغييرات في الفتاة اكتساب جمال
المنظر ورشاقة القَوام ونَضَارة الطَّلْعة مما يتفق مع حُسْن ونُعُومَة ونَضَارة
الأنوثة؛وكلها عوامل قويةٌ للإغراء».
وتختلف الأعضاء التناسلية للرجل والمرأة
اختلافاً يعرفه كل إنسان فللمرأة رحِمٌ مَنوطٌ به الحمل فإن لم يكن حملٌ
فَدَوْرَةٌ شهريةٌ وطَمْثٌ (حَيْضٌ) حتى تَحْمَل أو تتوقف الحياة الجنسية للمرأة.
وللمرأة أثداء لها وظيفة جمالية كما لها وظيفة تَغْذِية الطفل منذ وِلادته إلى
فِطامِه بأحسن وأنظف وألْيَق غذاء.. ليس هذا فحسْب ولكن تركيب العظام يختلف في
الرجل عن المرأة في القوة والمتانة وفي الضِّيق والسَّعَة وفي الشكل والزاوية.
وإذا نظرنا لحوض المرأة مثلاً وجدناه يختلف عن
حوض الرجل اختلافا كبيراً يقول الدكتور شفيق عبد الملك أستاذ التشريح ما يلي:
«يمتاز حوض السيدة عن حوض الرجل بالنسبة
لِقِيامه بوظيفة ٍهامَّةٍ إِضافيةٍ تتَطَلَّب منه بعض الضَّروريات اللازمة التي لا
يحتاج إليها حوض الرجل.. فَنُمُو الجنين في الحوض وطُرُق تَغْذِيتِه وحِفْظه ثم مُرورِه
بتجويفِ الحوض ومِن مَخْرَجِه وقْتَ الولادة مما يستلْزِم بعض التغييرات
والتعديلات التي يَسْهُل معها اتمام الولادة بالنسبة للاُم والطفل, وتنْحَصر كل
هذه التغييرات في أن يكون تجويف حوض السيدة أوسع وأقْصَر، وأنْ تكون عِظامه أرَقَّ
وأَقَلَّ خُشونةً وأبْسَطَ تَضاريساً ,ثم يَذكر الدكتور 19 فرقاً بين حوض الرجل
والمرأة ينبغي على طالب الطب أن يحفظها ويَعِيَها، ويَخْتِم ذلك بقوله:
«وإن تكن رِقَّة العِظام ونُعومتها وبساطة
تضاريسها وصِغَر شَوْكاتها وقلة غَوْر حُفَرِها ظاهرةً جَلِيةً في أكثر عظام
الهيكل في المرأة غير أنها تَتَجَلَّى بأوضح شكلٍ في عظام الحوض للأنثى التي بلا
نزاع تُشارك صفات عظام الهيكل الأخرى بقِسْطٍ وافرٍ في صفاتها المُمَيِّزة للأنوثة
زيادةً على تَكَيُّفِها @ النَّوْعِيِّ الخاص بما يُناسب ما يتطلب منها القيام
بعمل تنفرد به دون غيرها من عظام الهيكل».
وخلاصة القول:أن أعضاء المرأة الظاهرة والخفية
وعضلاتها وعظامها تختلف إلى حدٍ كبيرٍ عن تركيب أعضاء الرجل الظاهرة والخفية كما
تختلف عضلاته وعظامه في شدتها وقوةِ تَحَمُّلها.
وليس هذا البناء الهَيْكلي والعُضوي المُخْتَلف
عَبَثَاً إذ ْليس في جسم الإنسان ولا في الكون شئٌ إلاَّ وله حِكْمَةٌ سَواء
علِمناها أم جهِلناها، وما أكثرَ ما نجهل وأقل ما نعلم.
والحكمة في الاختلاف البَيِّن في التركيب
التشريحي والوظيفي (الفسيولوجي) بين الرجل والمرأة هو أن هيكل الرجل قد بُنِيَ
لِيَخْرُج إلى مَيْدان العمل لِيَكْدَح ويكافح وتَبْقَى المرأة في المنزل تؤدي
وظيفتها العظيمة التي أناطَها الله بها؛وهي الحمل والولادة, وتربية الأطفال
,وتهيئة عِشِّ الزَّوْجية؛ حتى يَسْكُن إليها الرجل عند عودته من خارج المنزل.
+وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً".
والفرق تراه في الرجل البالغ والمرأة البالغة
كما تراه في الحيوان المنوي والبويضة. البويضة ساكنةٌ هادئةٌ لا تتحرك إلا بمقدار
ٍوعليها التَّاج المُشِع، والحيوان المنوي صاروخٌ مُصَفَّح وقَذِيفةٌ تَنْطَلِق عَبْر
المخاطر والمَفاوِز لِتفوز بِغَرضها وغايتها أو تموت.. ليس ذلك فحسب بل ترى الفرق
في كل خليةٍ من خلايا المرأة وفي كل خليةٍ من خلايا الرجل. تراه في الدَّمِ
والعظام، تراه في الجهاز التناسلي، تراه في الجهاز العَضَلِي وتراه في اختلاف
الهُرمونات هرمونات الذكورة وهرمونات الأنوثة وتراه بعد هذا وذاك في الاختلاف
النفسي بين إقدام الرجل وصلابته وخَفَر المرأة ودلالها.
وإذا أردنا أن نَقْلِب الموازين، وكَمْ مِن
موازين قد قلبناها، فإننا نُصادِم بذلك الفِطرة التي فَطَرنا الله عليها ,ونُصادِم
التكوينَ البَيُولوجي والنفسي الذي خلَقنا الله عليه..
وتكون نتيجة مُصادَمة الفِطرة وتَجَاهُل
التكوين النفسي والجسدي للمرأة وبالاً على المرأة وعلى المجتمع, وسُنَّةُ اللهِ
ماضيةٌ +وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً".
فروق أخرى جسدية ونفسية بين الذكر والأنثى :
إنَّ الفُروق الفسيولوجية (الوظيفية)
والتشريحية بين الذكر والأنثى أكثر من أن تُحْصَى وتُعَدُّ.. فَهيَ تَبتدئ بالفروق
على مستوي الصِّبْغِيات (الجُسَيمات المُلونة أو الكروموسومات) التي تتحكم في
الوراثة.. والتي تَدِقُّ وتَدِقُّ حتى أنَّ ثَخَانَتها تُقاس بالأنجستروم (واحد
على بليون من الملميتر)... وترتفع إلى مستوى الخلايا وكل خلية في جسم الإنسان
تُوضِح لك تلك الحقيقة الفاصلة بين الذكورة والأنوثة.. تتجلى الفروق بأوضح ما يكون
في نُطْفة الذكر (الحيونات المنوية) ونطفة المرأة (البويضة)... ثم ترتفع الفروق
بعد ذلك في أجهزة الجسم المختلفة من العظام إلى العَضَلات... وتتجلَّى بِوُضوحٍ في
اختلاف الأجهزة التناسلية بين الذكر والأنثى... ولا تقتصر الفروق على الجهاز
التناسلي وإنما تشمل جميع أجهزة الجسم.. ولكنها تَدِقُّ وتَدِقُّ في بعض الأجهزة
وتتضح في أخرى.. وجهاز الغُدَد الصَّمَّاء هو أحد الأجهزة التي تتجلى فيها الفروق
كأوضح ما يكون... فهُرْمونات الذُّكورة تختلف عن هُرمونات الأنوثة في تأثيرها
اختلافاً كبيراً رغم أن الفرق الكيماوِيَّ بسيطٌ ويتَمثَّل في زِيادةِ ذَرَّةٍ من
الكربون وثلاثة ذراتٍ من الهيدروجين cH3 إلى التركيب الجزئي molecular structure في هرمون الأنوثة..
وهذه ملاحظة أخرى هامة أشار إليها القرآن
الكريم " وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ".
فهُرمون الذُّكورة يُساوي هُرمون الأنوثة
(مجموعة مثيلية) وكذلك الجهاز التناسلي للرجل يساوي الجهاز التناسلي للمرأة @
أعضاء إضافية.
وفي أثناء تكوين الجنين في مراحله الأولي يكون
جنين الذكر مشابهاً في أوَّل الأمر لجنين الأنثى ويَصْعُب التفريق بينهما إلا على
مستوى الصِّبغيات (الكروموسومات)... ولكن سُرْعان ما تتميز منطقة في المخ تُدْعَى
تحت المِهاد Hypothalamus لَدَى الجنين الذَّكر عن مثيله الجنين الأنثى.. وهذه الإضافة
والزيادة فى مُخ جنين الذكر تؤدي إلى الفروق الهائلة فيما بَعْد بين الجهاز
التناسلي للذكر والجهاز التناسلى للانثى.. كما يؤدى إلى الفروق الهائلة بين غُدد
الذكر الصَّماء وغدد الأنثى..... وتؤثر هذه الغدد على مختلف أنشطة الجسم وعلى
هيكله أيضاً.. ومن ثَمَّ يختلف بِناءُ هيكل الذكر عن بناء هيكل الأنثى كما تختلف
الوظائف تبعاً لذلك.. والسبب في تَمَايُز منطقةِ تحت المِهاد من المُخ بين جنين
الذكر وجنين الأنثى هو هُرمون التستسرون الذي تُفْرِزُه مَشِيمَةُ الجنين الذكر...
ثم تنمو الغُدة التناسلية وتؤثر بالتالي على المنطقة المُخِّية تحت المهاد» (578).
ومن الغريب حقاً أن هيكل البناء يُصَمَّمُ
أساساً على هيكل الأنثى فإذا وجد صبغ الذكورة (كروموسوم الذكورة) فإنه يُضيف إلى
ذلك الكِيان إضافاتٍ تجعل النهاية ذكراً. أما إذا اختفى هذا الكروموسوم الهامُّ من
تركيب البويضة المُلَقَّحة كما يَحْصُل في بعض الحالات النادرة التي تُرِينا قُدرة
المولى عزَّ وجَلّ فإنّ النتيجة النهائية هي جسم امرأةٍ وإنْ كانت ناقصة التكوين
ففي حالة ترنر Turner
Syndrome فإن البويضة المُلَقَّحة تحتوي فقط على
كُرومُوسوم x فلا هي أنثى مُحْتوية على xx ولا ذكرٌ محتويةٌ على xy..
فماذا تكون النتيجة؟
تكون النتيجة أنثى غير أنها لا تَحِيض ولا
تَحْمَل ولا تَلِد... أما إذا كانت نتيجة التلقيح مثلاً xxy
كما يحْصُل في حالة كلينفلتر Kleinfelter Syndrome فإن الطفل المولود يكون ذكراً رغم وجود
صِبغيات الأنوثة بصورةٍ كاملةٍ.. وإنْ كان ذكراً ضعيفَ الهِمَّة بارِد الشَّهْوة
خائرَ العزيمة... وذلك لِتَراكُم صِبغ الأنوثة فيه..
أما إذا زاد صِبْغُ الذُّكورة في البويضة
المُلَقَّحَة وصار حاصلها الكروموسومي xyy أي أن بها صِبغين (كروموسومين) كاملين من
أصباغ الذكورة فإن النتيجة تكون ذكراً قويَّ الشكِيمة شديدَ البأْس كثيرَ
العُدْوان.. حتى أن الفُحوصات التي أُجْرِيَت لأعْتَى المُجْرِمين في السجون
وأشدِّهم بأساً وإِقداماً أظْهَرَتْ أنَّ كثيراً منهم كانوا ممن لديهم زيادةٌ في
صِبغ (كروموسوم) الذكورة!!.
ولعَله لو فُحِص الرجال المشهورون في التاريخ
بزيادة الشجاعة والإقدام والرجولة والخشونة لَرُبما وجدنا أن ذلك مَرْجِعُه في
كثيرٍ من الحالات إلى زيادة صبغ الذكورة y لدى هؤلاء المَوْصُوفين بزيادة جُرْأتهم
وإقدامهم سَواءَ كان ذلك في مجال الخير أو في مجال الشر.
والفرق بين رجلٍ وآخر من حيث الإقدام وصفات
الرجولة يرجع في بعض الأحيان إلى زيادة هرمون الرجولة لَدى هذا وقِلَّته
النِّسْبية لَدى ذاك.
ونظرةٌ إلى المَخْصِيِّين الذين تَمَّ
خَصْيُهُم قَبْل البُلوغ تُرِينا كيف تَتَحَول رجولتهم إلى الأنوثة... ولا ينبت
شَعْرٌ عِذارِى المَخْصِيِّ وذَقْنِه وشارِبه.. ويَتَوَزع الدُّهن بنفس الطريقة
التي يتوزع فيها في الأنثى... أي في الأرْدافِ والعَجُز... وتَلين عِظامه
وتَرِقُّ... ويَبْقَى صوتَه رخيماً على نَبْرة الطفولة دون أن تُصيبَه غِلظة
الرجولة وخُشونتها.
أمَّا أولئك الذين أُخْصُوا بَعْد البلوغ فإنَّ
علامات الرُّجولة سُرعان ما تَنْدثِر ويسقُط شَعر الذَّقن والشارِب ولا يعود إلى
النُّمُوِّ ثانيةً. وتبدأ العضلات في التَّرَهُّل... كما تبدأ الصفات الأنثوية
والنفسية في الظهور لأول مرة..
الأبحاث العلمية الحديثة تفضَح دَعْوَى
التَّماثُل الفكري بين الجنسين:
وفي مقالٍ نَشَرَتْه مجلة الريدرز دايجست
الواسعة الانتشار في عدد ديسمبر 1979 تحت عنوان «لماذا يفكر الأولاد تفكيراً
مختلفاً عن البنات» وهو مُلَخَّص لكتاب «الدماغ: آخر الحدود» للدكتور ريتشارد
ديستاك «The
Brain: The Last Frontier» جاء ما يلي:
«إن الصِّبْيان يفكرون بطريقةٍ مُغَايرةٍ
لتفكير البنات رغْم أن هذه الحقيقة الناصِعَة ستصْدُم أنصار المرأة والدَّاعِين
إلى المساواة التامَّة بين الجنسين.. ولكن المساواة الاجتماعية في رَأْيِنا تعتمد
على مَعْرِفة الفروق في كيفية السلوك ومعرفة الفروق بين مخ الفتى ومخ الفتاة.
وفي الوقت الحاضر فإن الفروق بين الأولاد
والبنات التي لاحظها الآباء والمعلمون والباحثون على مدار السنين تتجاهَل تجاهُلاً
تامَّاً ويُقَدَم للطلبة والطالبات منهجٌ دِراسيٌّ مُتَمَاثل.
إنَّ طُرَقَ التدريس في المدارس الابتدائية
تُلائم البنات ِأكثر مما تلائم الأولاد ولِذا فهُم يُعانون في هذه المرحلة.. أمَّا
في المراحل التي تَلِيها حتى الجامعة فَهِي تُلائم الفتيان أكثر مما تلائم
الفتيات..
ويعتقد الباحثون الاجتماعيون أن الاختلاف في
سلوك الأولاد عن البنات راجعٌ إلى التوجيه والتربية في البيت والمدرسة والمجتمع و
التي ترى أن الولد يجب أن يكون مِقداماً كثيرَ الحركة بل وتَقْبَل مِنْه أيَّ
سُلوكٍ عُدْوانيٍّ بِهَزِّ الكَتِفَين ,بينما ترى في الفتاة أن تكون رقيقةً هادئةً
لطيفةً.
ولكن الأبحاث العلمية تُبَيِّن أن الاختلاف بين
الجنسين ليس عائداً فحسْب إلى النَّشْأة والتربية وإنما يَعود أيضاً إلى اختلاف
التركيب البيوليجي وإلى اختلاف تكوين المخ لدى الفتى عن الفتاة.
وحتى لو حاول الداعون إلى المساواة المُطْلَقة
بين الفتى والفتاة أنْ يُنْشِّئوهما على نفس المنهج حتى لَتُعْطِى لِعَب
المُسَدْسات وآلات الحرب للفتيات وتُعطِى العَرائس للأولاد فإن الفروق البيولوجية
العميقة الجذور ستفرِضُ نفسها وتؤدي إلى السلوك المُغَايِر بين الفتى والفتاة.
ولقد أدرك العلماء والباحثون عُمْق هذه الفروق
فوجدوا أنَّ الطفل الرضيع يختلف في سلوكه على حسْب جِنْسه.. فالبِنت بعد ولادتها
بأيام تنتبه إلى الأصوات وخاصة صوت الأم بينما الولد لا يكْتَرِث لذلك.. ولهذا فإن
َّالرضيعة يمكن إخافَتُها بِإِحْداثِ صوتٍ مُفاجئٍ بأكثر مما يمكن إخافة أخيها..
وتقول الدراسة أن الطفلة تستطيع في الشهر
الخامس أن تُمَيِّز بِسَهُولةٍ بين الصُّور المَعْهودة لَدَيْها.. وتبدأ الطفلة
مُحاوَلَة الكلام والمُنُاغاة من الشهر الخامس إلى الثامن بينما يفشل أخوها في
التفريق بين وجه إنسانٍ ووجه لُعْبَةٍ.. وتبدأ الطفلة في الحديث عادةً قَبْل
أخيها.. وتتمكَّن من تَعَلُّم اللغات في الغالب أكثر من أخيها.
ويُظْهِر الأولاد تفوقاً كبيراً على البنات في
الأمور البَصَرِية وفي الأشياء التي تتَطَلَّب تَوازُنًا كاملاً في الجسم.. ويقوم
الطفل الذَّكر بالاستجابة السريعة لأيِّ جسم متحركٍ أوْ لأيِّ ضَوْءٍ غَمَّاز كما
أَنه يَنْتَبِه إلى الأشكال الهندسية بِسُرعة أكبر من أخته وله قدرةٌ فائقةٌ على
محاولة التَّعَرُّف عليها وتفكيكها..
وفي سِنِّ الصِّبا فإنَّ الأولاد يتُوقُون إلى
التَّعَرُّف على بيئاتهم ويَنْتَقلون بكَثْرةٍ من مكانٍ إلى آخر لاكتشافها بينما
تَمِيل البنات إلى البقاء في أماكنهم..
ويستطيع الأولاد التصرف بِمَهارةٍ أكبرَ في كل
ما يتعلق بالأشكال الهندسية وفي كل ما له اتجاهاتٌ ثُلاثية «Three Dimensional objects» وعندما يُطْلَب مِن الولد أن يُكَوِّن شكلاً مُعَيَّناً من
وَرَقٍ مُقَوّى مَثَلاً فإنه يتفَوَّق على أخته في ذلك تفَوُّقاً كبيراً.
وما يُعْتَبَر اكتشافاً مُذهِلاً هو؛أن تخزين
القدُرات والمعلومات في الدِّماغ يختلف في الولد عنه في البنت.. ففي الفتى تتجمَّع
القُدُرات الكلامية في مكانٍ مختلفٍ عن القدرات الهندسية والفراغية بينما هي
موجودةٌ في كِلا فَصَّي المُخ لَدَى الفتاة ومعنى ذلك أن دماغ الفتى أكثر
تَخَصُّصاً مِن مُخ أخته.
ولعل هذه الحقائق المُكْتَشَفَة حديثًا
تُفَسِّر ولَو جُزْئِياً؛لماذا نرى أغلب المهندسين المِعْمارِيِّين من الذكور دون
الإناث.. وقد كان أول من اكتشف هذه الحقيقة الباحث النفسي لانسدل من المعهد القومي
للصحة في الولايات المتحدة عام 1962 ثم أَكَّد هذه الأبحاث كثيرون؛منهم أُستاذة
علم النفس في جامعة مكماستر بكندا ,الدكتورة, ساندرا ويلسون.
ولهذا نجد أن اختبارات الذكاء تُرِينا تساوياً
بين الفتى والفتاة ما عدا فَحْصَين منهما... وهما فَحْص ترتيب الصور والفراغات بين
الأصابع Picture
arrangment and digial span فإنهما يُرِيانا تفوُّقاً كبيراً في صالح
الأولاد على البنات.
ولهذا فإن فحْص الذكاء في مجموعةٍ يؤدي دائمًا
إلى تَفَوُّق الأولاد على البنات.
ويقول أستاذ علم النفس في جامعة جورجيا
البروفسور توراناس «إن المساواة بين الجنسين تُشَكِّل عَقَبَةً كَأْداءَ في
القدرات الخَلاَّقة. فالقُدرات الخلاَّقة لَدَى الفتاة تحتاج إلى الحساسية والصفات
الأنثوية بينما تحتاج في الفتى إلى الاستقلالية وصفات الرجولة».
وتقول الدراسة إنَّ أغلب الأولاد يَمِيلون إلى
كثرة الحركة وشئٍ من العُنْف بينما أكثر الفتيات إلى السَّكِينة والهدوء وقِلَّة
الحركة.
إن هذه الدراسات احصائية وتتحدث عن الجنسين على
صورة العُموم ولكنها ليست شخصيةً: أيْ أنها لا تتحدث عن هذا الشخص أو ذاك وإنما
تتحدث عن المجموع والصبغة الغالبة..
وإمْكانِية أنْ يَشُدَّ فردٌ من هذا الجنس أو
ذاك عن القاعدة أمرٌ لا يُلْغِي القاعدة في ذاتها.
وعلينا أن لا نتجاهل الحقائق العلمية البيولجية
فنحاول أن نجعل تربية الفتى مماثلةً لتربية الفتاة, ودورَ الفتى في الحياة مماثلاً
لِدَورِ الفتاة لأننا فقط نرغب في ذلك... فهذا التفكير المَيْنِيُّ على الرغبات Wishful Thinking يُصادِم الحقائق العلمية».
ا ه- مقال الريدرز دايجست
وقد أثبتت الأبحاث الطبية أن دماغ الرجل أكبر من
دماغ المرأة وأن التلافيف الموجودة في مخ الرجل هي أكثر بكثيرٍ من تلك الموجودة في
مخ المرأة.
وتقول الأبحاث أن المقدرة العقلية والذكاء
تعتمدان إلى حد كبير على حجم ووَزْن المخ وعدد التلافيف الموجودة فيه.
فالانسان يُعْتَبَر صاحب أكبر دماغ بين جميع
الحيوانات بالمُقارَنة مع حجم ووزن جسمه.. وتلافيف مُخِّه أكثر بكثير مما هي عليه
في أي من الحيوانات الدنيا أو العليا.
وقد يقال إنَّ وزن وحجم المخ يعتمد على وزن
وحجم الشخص.وهذا صحيح فإن مخ الفيل أكبر من مخ الإنسان ولكن مخ الفيل بالنسبة
لوزنه وحجمه ضئيلٌ جداً.. وأما مخ الإنسان فإنه كبير بالقياس إلى جسمه ومقارنته
ببقية الحيوانات.
وحتى لو أخذنا هذه الحقيقة في الحُسْبان فإن
دماغ الرجل سيَظَل أكبر وأثْقَل وأكثر تلافيفاً من دماغ المرأة.
ويزيد مخ الرجل في المتوسط عن مخ المرأة بمقدار
مائة جرام... كما يزيد حجمه بمعدل مائتي سنتيمتر مكعب. ونسبة وزن مخ الرجل إلى
جسمه هي 1/40 بينما نسبة مخ المرأة إلى جسمها تبلغ 1/44 فحسْب.
ولعل في هذا دليلاً على ما ورد في الحديث
النَبَوِيِّ الشَّريف مِن نُقْصان عَقْل المرأة بالنسبة للرجل.
وجعل الله سبحانه شهادة المرأتين مساويةً
لشهادة رجلٍ واحدٍ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ
يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ
أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى}[البقرة 281].
هذه الفروق كلها تؤكد إعجاز الآية{ وَلِلرِّجَالِ
عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ } وليست الدرجة مُقْتَصِرةً فقط على التركيب البيولوجي
ولكنها أيضًا تشمل التركيب النفسي... والقدرات العقلية والكلامية.. والفَنِّية (
أَوَ مَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ).
فإذا نَظَرْتَ في التاريخ وجدت النابغين في كل
فَرْعٍ من فروع المعرفة والاختراع والحياة من الرجال لا يَكاد يُحْصِيهم مُحْصٍ...
بينما النابغات من النساء في أي مجال من مجالات المعرفة أو الاختراع محدودات
معدودات وتستطيع أن تَذْكُر المئات من الرجال في كل فنٍّ من فنون المعرفة.. وفي قِيادة
الجيوش وفي الاختراعات وفي الصناعة وفي المال والاقتصاد.. ولكنه سيَعْسُر عليك أنْ
تَعُدَّ العشرات من النساء في أي من هذه الفنون المختلفة من المعارف الإنسانية
والصناعات والاختراعات... وتستطيع أن تعد عشرات الأنبياء والمرسلين وهم صفوة
البشر.. ولكنك لا تستطيع أن تَجِدَ واحدةً تَتَّصفُ بصفات النُّبُوة والرسالة...
رغم عِظَم بعض هؤلاء النساء من أُمَّهات الأنبياء وزوجاتهم وبناتهم... فمَرْيَمُ
العَذْراءُ سَيِّدَة النساء في زمانها... وفاطمة الزَّهْراء سيدة نساء العالمين...
لا يُضَارِعُهُنَّ أحدٌ من النساء.. ونِعالُ الواحدةِ منهن خيرٌ مِن آلافِ
الرجال.. لكنَّ الحقيقة تَبْقَى بعد ذلك أنَّه لم تَرْقَ واحدةٌ منهن إلى مَصافِّ
النُّبُوة...
وليس هذا قَدْحاً في المرأة... فإن أعظم
العباقرة يتَصاغَرُ أمام أبسَطِ الأمهات... ولا يستطيع أعظَمُ قادةِ الدنيا من
الرجال أن يفْعَل ما تفعلُه أبسط النساء وأجْهُلُهُنَّ... إنه لا يستطيع أن يُنْجب
طفلاً ويَحْمِلَه في بطنه تِسعة أشْهرٍ كما أَنَّه لا يُمْكِنُه إِرْضاعُه وتربيته
مهما كان له من العبقرية والنُّبوغ!!
فوظيفة الأُمُومة لا يستطيع أن يقوم بها أيُّ
رجلٍ مهما كان حظُّه عظيما من النُّبوغ.. ووظيفة الأمومة تتصاغر أمامها كل الوظائف
الأخرى.. حتى يَجْعل الرسول الكريم الجَنَّة تحت أقدامها «الجَنَّةُ تحَتْ
أَقْدَامِ الأمَّهاتِ» ويُوْصِي أصحابه وأُمَّتَه بِرِعاية الأُم بأَضْعاف ما
يُوْجِبُه لِلأبِ. فعندما سُئِلَ المُصْطفى صَلوَاتُ اللهِ وسلامه عليه مِن أحَدِ
أصحابه: مَنْ أحَقُّ الناسِ بِحُسْن صُحْبَتِي وبِرِّي, قال المصطفى: «أُمُّك
ثُمَّ أُمُّك ثُمَّ أُمُّك ثُمَّ أَبوك ثُمَّ أدْناكَ فأدْناكَ».
وركَّز القُرآنُ الكريم على بِرِّ الوالدين
وحثَّ عَلَيْهِما أَيَّمَا حَثٍّ وخَصّ الأُمَّ بِزِيادة ذكرٍ لِيُبَيِّن مَزيدَ
فَضْلِها.
قال تعالى:{ وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ } [ لقمان] .
وقال عزَ َّمن قائل { وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ
بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا
وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا } [الأحقاف] .
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ
إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ
أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا
وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ
الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [ الإسراء].
ويقول الأستاذ العقاد رحمه الله في المرأة في
القرآن في فصل ِ«وللرجال عليهن درجة» «فَلَيْسَت شواهِدُ التاريخ الحاضر
المُسْتَفيضة بالظاهرة الوحيدة التي تُقِيم الفارق بين الجنسين. إذ لا شك أن طبيعة
الجنس أدَلُّ من الشواهد التاريخية والشواهد الحاضرة على القوامة الطبيعية التي
اخْتُصَّ بها الذكورُ من نوع الإنسان إنْ لم نَقُل من جميع الأنواع التي تحتاج إلى
هذه القَوامة.. فَكُلُّ ما في طبيعة الجنس الفسيولوجية في أصل التركيب يَدُلُّ على
أنه علاقةٌ بين جنسٍ يُريد وجِنْسٍ يَتَقَبَّل وبين رَغْبةٍ داعيةٍ ورغبة
مُسْتَجِيبَةٍ تتمثلان على هذا النحو في جميع أنواع الحيوانات التي تَمْلِك
الإرادة وترتبط بالعلاقة الجنسية وقتاً من الأوقات.
وعلى وجود الرغبة الجنسية عند الذكور والإناث
لا تبدأ الأنثى بالإرادة والدعوة ولا بالعِراك لِلْغلَبة على الجنس الآخر..
وليس هذا مما يَرْجع في أُصوله إلى الحياء الذي
تَفْرِضه المجتمعات الدينية ويُزَكِّيه واجبُ الدين والأخلاق؛بل يُشاهَد ذلك بين
ذكور الحيوان وإناثه حيث لا يُعْرَفُ حياءُ الأدب والدين. فلا تُقْدِمُ الإناث على
طَلَبِ الذُّكور بل تتَعَرَّض لها لتراها وتَتَّبِعَها وتُسَيِْطِر عليها
باختيارها ولا تزال الأنثى بِمَوْقِف المُنْتَظِر لِنَتِيجَةِ العِراك عليها بين
الذكور لِيَظْفَر بها أقْدَرُها على انْتِزاعِها.
وأدَلُّ مِن ذلك على طبيعة السيطرة الجنسية
أنَّ الاغْتِصابَ إذا حَصَل إِنَّما يَحْصُل من الذكر للأنثى ولا يَتَأَتَّى أنْ
يكُونَ هناك اغْتِصابٌ جَسَدِيٌّ من أنثى لِذَكر.. وإن غَلَبَةَ الشَّهوة الجنسية
تَنْتَهِي بالرجل إلى الضَّراوة والسيطرة وتنتهي بالمرأة إلى الاستسلام
والغَشْية... وأعْمَقُ من ذلك في الإبانَةِ عَن طبيعة الجنس؛أنَّ عَوَارِضَ
الأنوثة تكاد تكون سَلْبِيةَّ مُتَلَقِّية في العلامات التي يُسَمُّونها بالعلامات
الثانوية فإذا ضعُفَت هُرمونات الذكورة وقَلَّت إفْرازاتُها بَقِيَت بَعْدَها صفات
الأنوثة غالبةً على الكائن الحي كائناً ما كان جنسه (وذلك ما هو مُشاهَدٌ عند
إخصاء الذكور فتظهر الصفات الأنثوية وتضْمَحِلُّ صفات الذكورة).. ولكنَ صفات
الذكورة لا تأتي وحدها إذا ضعُفَت هرمونات الأنوثة... إنما يَظْهر منها ما كان
يَعُوقُه عائق عن الظهور.
ومن الطبيعي أن يكون للمرأة تكوينٌ عاطفيٌّ
خاصٌّ لا يُشْبِه تكوين الرجل لأن ملازمة الطفل الوليد لا تَنْتهي بمناولَتِه
الثَدْي وإرْضاعِه.. ولابُد مَعَها من تَعَهُّدٍ دائم ومُجاوَبَةٌ شُعورية
تَستدعِي شيئاً كثيراً من التناسب بين مزاجها ومزاجه.. وبين فهمها وفهمه ومدارج
حسه وعطفه.. وهذه حالة من حالات الأنوثة شوهدت كثيراً في أطوار حياتها من صِباها
الباكِر إلى شيخوختها العالية فلا تخلو من مُشابَهة للطفل من الرضى والغضب وفي
التدليل والمُجافاةِ ,وفي حُب الوِلاية والحَدْبِ مِمَّن يُعامِلها ولو كان في
مِثْل سِنِّها أو سِن أبنائها..
وليس هذا الخُلُق مما تَصْطَنِعُه المرأة أو
تتركه باختيارها إذ كانت حضانة الأطفال تَتِمَّةً للرضاع تَقْتَرِن فيها أدواته
الجسدية ولا تنفصل إحداهما عن الأخرى. ولا شك أن الخلائق الضرورية للحضانة
وتَعَهُّد الأطفال الصِّغار أصْلٌ من أصول اللِّينِ الأُنثوي الذي جعل المرأة
سريعة الانقياد للحِسِّ والاستجابة للعاطفة. ويصْعُب عليها ما يسْهُل على الرجل من
تحكيمِ العقل وتَقْليب الرأْيِ وصلابة العزيمة... فهما ولا شك مختلفان في هذا
المِزاج اختلافاً لا سبيل إلى المُمَاراة فيه».
تتعرَّض المرأة وتنتظرُ والرجل يطلب ويسعى
والتَّعَرُّضُ هو الخُطْوَة الأُولى في طَرِيق الإغراء ,فإن لم يَكْفِ فَوَراءَه
الإغْواءُ بالتَّنْبِيهِ والحِيْلَة والتَّوَسُّل بالزِّينَةِ والإيْماء. وكل ذلك
مَعْناه تَحْرِيكُ إرادة الآخَرِين والانتظار».
« فإرادة المرأة تتحقق بأمرين: النجاح في أن
تُرَاد والقدرة على الانتظار. ولهذا كانت إرادة المرأة سلبية في الشؤون الجنسية
على الأقلِّ إنْ لم نَقُل في جميع الشؤون».
«فالإغواء كافٍ للأنثى ولا حاجة َبها إلى
الإرادة القاسِرة بل مِن العَبَثِ تَزْوِيدُها بالإرادة التي تَغْلِب بها الذكر
عُنْوة لأنها متى حمَلَت كانت هذه الإرادة مَضْيَعَةٌ طُوال فترة الحمْل بِغير
جَدْوَى على حين أن الذكور قادرون إذا أدَّوا مَطْلَب النَّوع مرة أنْ يُؤَدُّوه
مراتٍ بلا عائق من التركيب والتكوين... وليس هذا في حالة الأنثى بميسورٍ على وجهٍ
من الوجوه».
وعلى هذا يعتز الرجل بأن يريد المرأة ولا
تَعْتَزُّ المرأة بأن تُريدَه؛لأن الإغواء هو مِحْوَرُ المَحاسِن في النساء
,والإرادة الغالبة هي محور المحاسن في الرجال. ولذا زَوَِّدَت الطبيعة المرأة
بِعِدَّة الإغواء ,وعَوَّضَتْها عَن عِدَّة الغَلَبة والعزيمة. بل جعلتها حين
تُغْلَب هي الغالبة في تحقيق مَشيئة الجنسين على السَّواء».
ا.ه - كلام الأستاذ العقاد
والفروق بين الذكر والأنثى في الجَنين من الشهر
الرابع حيث تَتَميز أعضاء الذُّكورة وأعضاء الأنوثة.. وحيث يكون المخ ومنطقة «تحت
المهاد» قد تَمَيَّزت كاملاً بين الجنين الذكر والجنين الأنثى.
وقد لاحظ العلماء والأطباء والمرَبُّون
الاختلاف الشاسع في سلوك الطفل الذكر عن سلوك شقيقته الأنثى ولو كانا تَوْأمين..
فالصَّبي عادةً أكثر عُنفاً ونشاطاً وإدْراكاً من أخته.
وتشكو الأمهات في العادة من نَشاط أولادهِنَّ
الزائد وما يُسَبِّبونه لهَنُ من متاعب وتحطيمٍ في أثاث المنزل بينما البنات في
العادة هادئاتٌ..
وتَمِيل الصَّغيرات إلى اللعب بالعرائس وإلى
تَسْرِيحِهِن والعناية بهن ويَقُمْن تِلْقائيًا بِدَوْر الأُم بينما يَصْعُب على
الصَّبِي فِعْل ذلك وسرعان ما يَلْوِي رَقَبة العروسة إنْ أُعْطِيَت له ويُمَّزقها
لِيَنْظر ما في أحشائها؟
ويعرف الآباء والأمهات الذين رزقهم الله
ذُرِّيةً من الأولاد والبنات الفروق الشاسعة بين أطفالهم.. وتَقِف البنت الصغيرة
أمام المرآة وتَتَدَلَّل تِلقائياً.. وكثيراً ما كنت أسمع من بناتي وهُن لم
يُجَاوِزْن بعد سن الثالثة عند لِبْسها ثوباً جديداً واستعدادها للخروج مع أمها:
يا بابا شُوف الجمال!!.. أو يا بابا إيه رأيك في الفستان الجميل دَه «أو يا بابا
شوف التَّسريحة الحُلوة دي».
ولم يخْطُر بِبال الصبي أن يفْعَل مثل ذلك بل
هو مشغولٌ منذ طفولته الباكرة باللعب بالكرة أو بِتَفكيك الألعاب التي تُهْدى له
لِيَعْرف ما بداخلها.
وتستمر الفروق تنمو يوماً بعد يوم حتى تَبْلُغ
أَوَْجَ اختلافها عند البلوغ عندما تستيقظ الغُدد التناسلية من هَجْعَتِها الطويلة
وتَنْشَط فَتُرْسل هرمونات الذكورة إلى الصبي ليُصبح رجلاً فينمو شعر عُذارِيه
وذَقْنه وشاربه ويصبح صوته أجَشّ غليظاً... وتنمو عضلاته وعظامه وتَقْوَى.. ويتوزع
الدهن في جسمه توزيعاً عادلاً.. ويكون عريض المِنْكَبين قَوِي الساعدَين مفتول
الذِّراعين.. أما الفتاة فتنهَمِر عليها هرمونات الأنوثة فتنمو أثْداؤُها وأجهزتها
التناسلية وتبدأ الحيض.. ويتوزع الدهن في جسمها بحيث يُخْفِي أيَّ نُتُوءٍ أو
حُفْرَةٍ لا ترتاح لها العين.. ويزداد الدهن في أرْدافها وعَجُزِها.. ويَنْعُم
صوتها ويَصِير رخيماً.. ليس هذا فحسب ,ولكنَّ الهرمونات تُؤَثر في السلوك كما تؤثر
في القَوام والمِشْيَة فتَجعلَ الفتى مِقْداماً مُحِباً لِلْمُغامرة وتجعل الفتاة
شديدة الخَفْر والحياء مَيَّالةً إلى الدَّلال والتَّغَنُّج.
وهي فروقٌ تظهر في الحيوان المنويّ والبويضة
كما تَظْهر في الفتاة اليافِعَة والشاب الذي طرَّ شارِبُه.
وظائف المرأة الفسيولوجية تَعُوقُها عن العمل
خارج المنزل:
وإذا نظرنا فقط إلى ما يَعْتَرِي المرأة في
الحَيْض والحمل والولادة لَعَرفْنا أن خروجها إلى مجال العمل إنما هو تعطيل العمل
ذاته.. كما أنه مُصادِمٌ لفِطرتها وتكوينها البيولوجي الذي لا مَنْدُوحَةَ عنه ..
(أ) المحيض:
إِنَّ أنثي الإنسان.. والثدْيِيات العُليا مثل:
القِرَدة والأورانج والشمبانزي هي التي تَحِيض ولها دَوْرَة رَحِمِيَّة كاملة..
أما بقيَّة الحيوانات فلا تحيض إناثها رغم ما يُشاع عن حَيْض الأرنب والضَّبع
والخُّفاش.. فهذه جميعاً لا تحيض وإن كانت تُنْزِل دماً من أرحامها عند اهْتِياجِها
الجنسيِّ الشديد.
وللحيوانات جميعِها فترةٌ محدودة ٌللنشاط
الجنسيِّ وعادةً ما يكون في فصْل الربيع بينما النشاط الجنسي للإنسان مُتَّصِلٌ
على مَدار العام.. ولا تُفْرِز الإناث من هذه الحيوانات بويضاتها إلا في فترةٍ
محدودةٍ من العام بينما تُفرز المرأة بُويضة مرةً في كل شهرٍ منذ البلوغ إلى سِنِّ
اليأْس.. أَيْ خلال ما يَزيد على ثلاثين عاماً كاملةً.. وهي طوال هذه المُدة
مُعَرَّضَةٌ لِلْحَيض في كل شهر إلا إذا وقع الحَمْل وتَتَعَرض المرأة في أثناء
الحيض لآلام ومُعاناةٍ نُلَخِّصُها فيما يلي:
1) تُصاب أكثر النساء بآلام وأوْجاعٍ في أسفل
الظَّهر وأسفل البطن.. وتكون آلام بعض النساء فوق الاحتمال مما يَسْتَدْعِي
استدعاء الطبيب واستعمال الأدوية المُسَكِّنة للألم.
2) تُصاب كثيرٌ من النساء بحالةٍ من الكآبة
والضِّيق أثناء الحيض وخاصةً عند بدايته.. وتكون المرأة عادةً مُتَقَلِّبة المِزاج
سريعة الاهْتِياج قليلةَ الاحتمال.. كما أنَّ حالتها العقلية والفكرية تكون في
أدْنى مُستوىً لها.
3) تُصاب بعض النساء بالصُّداع النِّصْفيِّ
(الشَّقِيقَة) قُرْبَ بداية الحيض.. وتكون الآلام مُبْرِحَة وتَصْحبها زَغْلَلة في
الرؤية وَقَئٌّ.
4) تُقِل الرغبة الجنسية لَدى المرأة وخاصة عند
بداية الحيض.. وتمَيل كثيرٌ من النساء في فَترة الحيض إلى العُزْلة والسَّكِينة.
وهذا أمرٌ طبيعيٌ وفسيولوجي؛إذْ أنَّ فترة الحيض هي فترة نَزيف دمَوِيٍّ من قُعْر
الرحم.. وتكون الأجهزة التناسلية بأكملها في حالةٍ شِبْهِ مَرَضية.
5) فَقْر الدم (الأنيميا) الذي ينْتُج عن
النزيف الشهريِّ إذْ تَفْقِد المرأة كِمِّية ًمن الدم في أثناء حيضها.. وتختلف
الكِمِّية من امرأةٍ إلى أُخْرَي وقد قِيْسَت كِمِّيةُ الدم أثناء الحيض وزناً
وحجماً فَوُجِد ما بين أُوقيَِّتَين (60 ميليليتر) وثمان أوقيات (مائتين وأربعين
ميليلتر).
6) تنخفض درجة حرارة المرأة أثناء الحيض بدرجةٍ
مِئَوِيةٍ كاملةٍ.. وذلك لأن العمليات الحيوية التي لا تَكُفُّ في جسم الكائن
الحيِّ تكون في أدْنَى مستوياتها أثناء الحيض. وتُسَمَّي هذه العمليات بالأَيْض أو
الاستقلاب Metabolism ويَقِل إنتاج الطاقة كما تَقِل عمليات التمثيل الغذائي.. وتقل
كمية استقلاب المواد النَّشوية والدهون والبروتين..
7) تُصاب الغُدَد الصَّماء بالتَّغَيُّر أثناء
الحيض فتَقِل إفرازاتها الحيوية الهامة للجسم إلى أدنى مستوى لها أثناء الحيض.
نتيجةً للعوامل السابقة تنخفض درجة حرارة الجسم
ويُبْطِئ النَّبْض وينخفض ضغط الدم وتُصاب كثير من النساء بالشعور بالدُّوخة
والكَسَل والفُتُور أثناء فترة الحيض..
ومِن المعلوم أنَّ الأعمال المُجْهِدَة والخروج
خارج المنزل ومُواجهة صِعاب الحياة تحتاج إلى أعْلى قدْرٍ من القوة والنشاط والطاقة..
فكيف يَتَأَتَّى للمرأة ذلك وهي تُواجِه كل شهرٍ هذه التغييرات الفيسيولوجية
الطبيعية التي تجعلها شِبْه مريضة.. وفي أدنى حالاتها الجسَدية والفكرية..
ولَو أُصِيب رجلٌ بنَزْفٍ يَفْقِد فيه رُبْع
لِتْرٍ من دَمِه لَوَلْوَل ودعا بِالوَيْل والثُّبُور وعَظائِم الأُمور وطلب
أجازةً من عمله.. فكيف بالمِسْكينة التي تَنْزِف كل شهرٍ ولا يَلْتَفِتُ إليها
أحد..
وانْظُر إلى آثارِ رحْمةِ الله بالمرأة.. كيف
خَفَّفَ عنها واجباتها اثناء الحيض فأعْفَاها من الصلاة ولم يُطالبها بقَضَائها..
وأعْفاها من الصوم وطالبها القضاء في أيام أُخَر وأعْفاها من الاتِّصال جِنْسيًا
بِزَوْجها وأخْبَرها وأخْبَر زوجها بأنَّ الحيض أذَى وطَلب منهما أن يَعْتَزل كلٌّ
منهما الآخر في الحيض قال تعالى: ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ
أَذًىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى
يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ
اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) (579).
(ب) الحمل:
لا تَكاد الفتاة تتزوج حتى تنتَظِر اليوم الذي
تَحْمِل فيه بفارِغ الصَّبْر وتكاد تَطِير فَرَحًا عندما تَعْلَم بأنها حاملٌ
لأوَّل مرَّة. ومع هذه السعادة الغامرة تبدأ الآلام والأوْجاع والوَهْن..
{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ
حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ
لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [ لقمان].
{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ
إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ
وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف]
يَنْقَلِب كِيان المرأة أثناء الحمل ويبدأ
الحمل بالغَثَيان والقَئ.. وكثيرًا ما يكون ذلك شديدٍا وخاصة في الأشْهُر الأُوْلى
من الحمل.,. وتُعْطِي الأم جَنِينَها كل ما يحتاج إليه من مواد غذائية مهْضُومةٍ
جاهزةٍ حنى ولو كانت هي في أشد الحاجة إليها.. بل إن الأمر أبْعَد من ذلك.. فإنَّ
الجنين يحصُل على حاجاته من دَمِ الأم ولو اضْطُّرَت الأم المسكينة أن تُعْطِيه ما
يحتاج إليه من عِظامها.. حتى لَتُصاب بِلِينِ العظام وتَسَوُّس الأسنان من جَرَّاء
سحْبِ الجنين للكالسيوم وفيتامين «د» من دم الأم وعظامها.
كما أنَّ مُعْظم الأمهات يُصَبْن بفقر الدم
أثناء الحمل وخاصة في النِّصْف الثاني من مدة الحمل.. وذلك لانْتِقال المُواد
الهامَّة لِصُنْع الدم من الأم إلى الجنين وسحبها من أماكِنِ خَزْنِها في جسم
الأم.
وفقر الدم (الانيميا) يُنْهِك الأم وإذا زادت
درجَتُه فإنه يُؤَدِّي إلى هُبوطِ القلب.
ليس هذا فحسْب ولكنَّ الجنين يَسْحَب كل ما
يحتاج إليه من مواد لِبِناءِ جِسْمِه ونُمُوِّه حتى ولو تَرك الأم شَبَحًا
هَزيلاً.. يُعاني من لِين العظام ونَقْص الفيتامينات وفقر الدم.. وهي تفعل ذلك
راضِيةً مُخْتارة.. كما تقوم الأم بأخْذِ جميع المواد السامَّة التي يُفرزها جسم
الجنين وتَطْرُدها بَدَلاً عنه.
ولا تكْتَفِي الأم بكلِّ هذا بل تُعْطِي جنينها
مواد المَناعَةضِدَّ الأمراض وتَمْنع عنه المَشِيمَة كلَّ ما يَضُرُّه من موادٍ
موجودةٍ في دم الأم ولا تسمح لها بالمرور إلى الجنين كما أنها تَصُد عنه دخول
الميكروبات إلا فيما نَدُر.
وفي الحمل يتَحَمل القلب أضْعاف أضْعاف ما
يتحمَّلُه قُبَيْل الحمل.. فإنَّ عَلَيه أنْ يقوم بِدَوْرَتَيْن دَمَوِيتين
كاملتين؛ دورةٌ للأم ودَورةٌ للجنين ويتحَمَّل تَبِعَات هاتين الدَّوْرتَين..
وتزداد كمية الدم التي يضُخُّها قلب الأم إلى ما يَزيد عن ضِعْفَي ما يَضُخه
يوميًا (يضخ القلب قبل الحمل حوالي 6500 لتر يوميًا. أمَّا في أثناء الحمل وخاصةً
قُرْبَ نهايته فَتَصِل الكِمية التي يَضُخها القلب إلى 15,000 لتر يوميًا).
وتزداد سرعة القلب ونبضاته.. ويكْبُر حجْمُه
قليلاً.. وبامْتلاءِ البطْن ونُمُوِّ الجنين يَضغَط الحِجابُ الحاجز على القلب
والرئتين فيُصبِح التَّنَفُّس أكثر صُعوبةً وتَشْكو الحامل من ضِيقِ التنفس
والنَهَجان (580) وخاصة عندما تَسْتَلْقِي على ظَهرها..
ويَضغَط الرحِمُ على الأوْرِدة العائدة من
الساقَين فتمْتلِئُ هذه الأخيرة بالدماء وتنْتَفِخُ مُسَبِّبةً دَوَاليَ
الساقَين.. كما تَتَوَّرم القَدَمان قليلاً في أَوَاخِر الحمل..
ويُصاب الجهاز الهضميُّ من أَوَّل الحمل
فَيَكْثُر القَئ والغَثَيان.وتَقِل.الشهية, ثُم بعد ذلك تَزداد الحُرْقة واللَّذْع
والتهابات المعدة.. كما تُصاب الحامل في العادة بالإمْساك وتَضْطَرب الغُدد الصماء
في وظائفها.. وتُصاب بعض النساء بِتَوَرُّم الغدد الدَّرَقِية أثناء الحمل نتيجة
نقص اليُود.
كل هذه التغيرات وأكثر منها تحدث في الحمل
الطبيعي..
وفي كثيرٍ من الأحيانِ يُضاف إلى هذه المتاعب
التهابات المَجَارِي البَوْلِية.. التي تزداد زيادةً كبيرةً أثناء الحمل.. مما
يؤدي إلى فُقْدان البروتين (الزُّلال) من البَوْل وتَوَرِّم الأرْجُل والأقدام
والوَجْه وارتفاع ضغط الدم..
وهذا الأخير يُعْتَبر أهم عاملٍ في حدوث حالاتِ
تسَمُّم ِالحمل الخطيرة. لِذا فإنَّ على الحامل أنْ تَعْرِض نفسها على الطبيب مرةً
كل شهر لمِتُابعة حالتها وفي أشْهر الحمل الأخيرة ينبغي أنْ يراها الطبيب مرة كل
أُسبوعَين..
ولن نتحدَّث عن حَمْل التَّوائِمِ ومُضاعفاتِه
,ولا عن الحمل خارج الرحِم وخطورته على حياة الأم.. ولا عن أمراض القلب وأمراض
الكُلَى وتَسَمُّم الحمل. فَكُل هذه لها مجالٌ آخَر.. ولكننا نُشير فقط إلى ما
تُكابِدُه الأم من مَشاقٍّ أثناء الحمل الطبيعي.
وفي أثناء الحمل يزداد وَزْن الأم بِمُعَدَّل
كيلو جرام ورُبع, كل شهر حتى إذا بلغ الحمل نِهايته كانت الزيادة عشرة كيلو
جرامات؛ سبْعةٌ منها للجنين وأغْشِيته والمَشِيمة.. وثلاثةٌ منها زيادةٌ فِعْلِيةٌ
في وَزْن الحامل..
ويقول مجْمُوعةٌ مِن أساتذةِ طِبِّ النساء
والولادة في كتاب «الحمل والولادة. والعقم عند الجنسين»:«والطفل يُعْتَبر كالنبات
الطُّفَيْلِي الذي يَسْتمد كل ما يحتاج إليه من الشجرة التي يتعلق بها فهو يعيش
ويأخذ غذاءه من الأم كاملاً مهما كانت حالتها أو ظروفها حتي لو تركها شَبَحَاً».
وفي موْضِعٍ آخَر يقول «يعْتَبِر مُعظم
الأطِباء – وهذا صحيح ٌ– أنَّ الجنين داخل الرحم مُتَطَفِّلٌ على أُمِّه لأنَّ
المواد الغذائية كالأحماض الأمِينِة والجلوكوز وكذا الفيتامينات والأملاح ,كالحديد
والكالسيوم والفسفور وغيرها تنتقل من الأم إلى الجنين خلال المشيمة.. والمعروف
أنَّ طَلَبات الجنين تُلَبَّي بصِفةٍ إلْزامِية حتى وإنْ كان هناك نقْصٌ في كل أو
بعض هذه المواد الحيوية عند الأم».
ولا تُعاني الأم من كل هذه المتاعب الجسدية
فحسْب ولكنَّ حالتَها النفْسية كذلك تضْطَرِب أيَّما اضْطِرابٍ فهي بين الخوف
والرجاء.. الخوف من الحمل ومـَتاعبه والولادة ومتاعبها والرجاء والفرح بالمولود
الجديد.. وتضطرب نفسيتُها وتُصاب في كثيرٍ من الأحيان بالقلق والكآبَة.. وتَقَلُّب
المِزاج.. ويقول كِتاب «الحمْل والولادة» المُشار إليه آنِفاً: «تحتاج (الحامل)
إلى عنايةٍ شديدةٍ من المُحِيطِين بها في هذه الفترة بالذات. إذْ تكون أكثر
حساسيةً مِن أيِّ فترةٍ مَضَتْ سريعة التأثير والانفعال والمَيْل إلى الهموم
والحثزْن لأتْفَهِ الأسباب.. وذلك بسبب التغير الفيسيولوجي في كل أجْزاء الجسم..
لِذا يجب أنْ تُحَاط بِجَوٍّ من الحنان والبُعْد عن الأسباب التي تُؤَدِّي إلى
تأثرها وانفعالها وخاصة من ناحية الزوج أو الذين يعيشون ويتعاملون معها»..
وقُلْ لِي باللهِ عليك هل يُمْكِن أنْ تُحاط
بِجَوٍِّ من الحنان في المَصْنَع أو المَتْجَر أو في المَكْتَب.. وصاحب العَمَل لا
تُهِمُّه حالتُها الفيسيولوجية ولا يَعرف حاجتها البيولوجية إلى الحنان.. إنه يعرف
فقط أنَّ عليها أنْ تؤدي عملاً تأْخُذُ مُقابِلَه راتباً مهما كانت ظروفها..
وليس هو مسؤولاً عن حَمْلِها.. (وحتى لو كان
المسؤول عن حملها فإنه لا يَهْتم لذلك في الغالب)، كما أنه لم يكن مسؤولاً عن
حالتها أثناء الحيض..
لا شك أن حالة الحيض المُتَكَرِّرة وحالات
الحمل والولادة تتناقَض ومصلحةَ العمل. وخروجها إلى العمل لِتُنافِس الرجال
يُصادِم الفِطرة.. ويُسَبِّب زيادةً مَلحوظةً في أمراض الحيض.. كما يسبب زيادة
ملحوظة في مضاعفات الحمل والولادة.. ودائمًا ما يَنْصَح الأطباء الحوامل بالراحة واجتناب
الإرْهاق الجسديِّ والنفْسيِّ.. كما ينصحون زوج الحامل وأفراد أُسرتها بأن
يُخَفِّفُوا عنها ما استطاعوا وأنْ يُعاملوها بالرِّفْق والحنان وأنْ يَحْتَمِلوا
ما قَدْ يَبْدُرُ منها مِن جَفَاءٍ أوْ سُوءِ مُعاملةٍ أو غِلْظَةٍ.. أو سوء خُلُق
على غَير عادتها وطبيعتها..
وفي الحديث:(إنَّ المرأة قد خُلِقَتْ مْنْ
ضِلَعٍ أَعْوَجَ فإذا أرَدْتَ أنْ تُقيْمَها كسَرْتَها.. ولكن عليك أن تستمتع بها
على ما فيها من عِوَج..) «وخيرُكُم خيرُكُم لأَهْلِهْ وأنا خيرُكُم لأهْلِي».
وصدق الله العظيم حيث يقول: (حَمَلَتْهُ
أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ).
وحيث يقول {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا
وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}.
فهي في وَهْنٍ مِن أوَّل الحمل إلى آخِرِه..
وهي في آلامٍ وأوْجاعٍ ومصاعبَ وأوْصابٍ مِن أوَّل حمْلِه إلى أنْ تَضَعَه.. ثُم
تُواجِه بَعْدَ ذلك مَشَقَّةَ الرَّضاعة ومَشقة التربية.أَفَلا تكون بعد هذا كله
جَديرَةً بالتكريم والتَّوْقير والاحترام.. وتَوْفير التَّفَرُّغ الكامل لها
لِتُؤَديَ هذه الوظيفة العظيمة المَنُوطَة بها.
ألا إنه الجهل المَحْض والكُفْر المَقِيت
لِدَوْر الأم العظيم حينما يُطْلَب منها أنْ تَخْرُج من بيتها لِتُنافِس الرِّجال
بالمَناكِب والأقْدَام.
(ج) آلام الولادة:
إنَّ آلامَ الطَّلْق تَفُوقُ أيَّ أَلَمٍ
آخَرَ.. ومع هذا فلا تَكاد المرأة تَنْتَهي مِن ولادةٍ حتى تَسْتَعِدَّ لِوِلادةٍ
أُخْرَى.. ولا يَكاد الطِّفل يَخْرج إلى الدنيا ويُلامِس جسمه جسمها حتى يَفْتَرَّ
ثَغْرُها عن ابْتِسامةٍ مُتْعَبَةٍ وهي تُعْطِيه أوَّل رَضْعةٍ له مِن ثَدْيِها.
وفي الماضي كانت الولادة عمَلية شديدة الخطورة
وتَنْتَهي كثيرٌ من حالاتها بِوَفاة الأم أَ وَفاة الجنين أو وفاتهما معًا..
كما كانت حُمَّى النِّفاس مُنْتَشِرة بين
الوالدات.. والحمد لله فقَدْ أمْكَنَ في العصور الحديثة خَفْضُ مُضاعَفَات الولادة
على الأم والجنين ,ولكنَّ الطِّب لمْ يَتَمَكَّن من إِزالةِ جميع مَخَاطِر
الولادة.. ولا تَزالُ مَجْموعةٌ من النساء يَلِدْنَ بالعملية القَيْصَرِية..
ومَجُموعة أُخْرى يَلِدْن بالجِفْتِ.. كما أنَّ مجموعةً قليلةً تَفْقِد حياتها
أثناء الولادة أو بسبب حُمَّى النِّفاس أو تَمَزُّق الرَّحِم..
أما الأمراض المُزْمِنة الناتجة عن الحمل
والولادة فلا تزال ,رغم التَّقَدُّم الطِّبِّي الهائل ,ليست بالقليلة. وأهَمُّها
أمْراض الكُلَى وضغط الدم وأمراض القلب وأمراض الجهاز التناسلي وأمراض الكبد.. كما
أن َّالأمراض النفْسية وحالات الكآبة تَكْثُر أثناء الحمل وفي فتْرة النِّفاس..
(د) فترة النفاس:
تَبْقَي الأم في فترة النفاس أشْبَهَ
بالمريضة.. وتُعَانِي من الإرْهاق بَعْد المَجْهُود الشاقّ الذي بذَلَتْهُ أثناء
الحمل والولادة.
ومِن رحْمَةِ اللهِ أنَّ الرحِم الذي كان يمَلأ
تَجْوِيف البطن من عَظم العانة إلى القص يَنزل مُباشرةً بعد الولادة إلى مُستوى
السُّرَّة ويَنْخَفِض مُستواه تدريجيًا بِمُعَدَّل سنتيمترين يوميًا.. وفي خلال
سِتَّةِ أسابيعَ يَعُودُ أدْرَاجُه إلى ما كان عليه قَبل الحمْل...
ولَكَ أنْ تَتَخَيَّل حالة الرحم في نهاية
الحمل وهو يتَّسع لأكثرَ من سبْعةِ آلاف ميليلتر لِيَعود بعد نهاية النفاس إلى
عُضْوٍ لا يتَّسِع لأكثرَ مِن ميليلترين فقط.. كما أن وزنه عند نهاية الحمل
بمحتوياته تبلغ ستة آلاف جرام منها:
1000جرام وزن الرحم ذاته.
3500جرام وزن الجنين.
1000جرام وزن السائل الأمينوس المحيط بالجنين.
500 جرام وزن المشيمة.
أما في نهاية فترة النفاس فيعود الرحم إلى وزنه
الطبيعي وهو خمسون جرامًا وتُعاني النُّفَساء من صُعوبةٍ أثناء التَّبَوُّل وخاصة
في الأيام الأُولَى عَقِب الولادة نتيجةً لِتَسَلُّخات جدار المِهْبَل وفَتْحَة
الفَرْج ومَجْرَى البَول أثناء الولادة.. ولكن سرعان ما تزول هذه الآلام..
وتُنْصَح النُّفَساء بِعَدم الإجهاد لأنَّ
عَضَلَةَ القلب لا تَتَحَمَّل أيَّ مجهودٍ شديدٍ.. ولكن ليس معنى ذلك ألاَّ
تتحرَّك النُّفساء؛ بل إنَّ حركَتَها الخفيفة مَطْلوبة لِتَنْشيط الدورة الدموية
وخاصة في الساقين.. ولكن الإجهاد ضارٌّ بالأم, وقد تَحْصُل حالات هبوطٍ مُفاجِئٍ
نتيجة استعجال الأم في الحركة الشديدة.
والغريب حقًّا أن َّالجِيلَ السابق من الأمهات
كُنَّ يَحْرِصْن على الراحة التامَّة أثناء فترة النِّفاس بدرجةٍ مُبَالَغٍ فيها..
أمَّا الجِيْلِ الحاليّ فَعَلَى نَقِيْض ذلك يَحْرِص على الحركة والإجهاد بصورةٍ
مُزعجةٍ.. ولا شك أنَّ المُغالاة في أحَدِ الجانبين ليس في مَصْلحة النُّفَساء..
وأنَّ خير الأمور أوسطها.
وأخشى ما تَخْشاه النفساء هو حُمَّى النِّفاس..
والحمد لله بفضل الله, ثُم بفضل التَّعْقيم والمحافظة التامة على النظافة أثناء
الولادة وقبلها وبعدها فإن حدوث هذه الحالات أصبح نادرا.. وكم من حياةٍ يانِعةٍ
أوْدَت بها حُمَّى النفاس في الماضي فقد كانت غُوْلاً بَشِعًا يَغْتال الوالدات..
ويُيَتِّم الأطفال الرُّضَّع الذين هم أكثر ما يكونون حاجة لأمهاتهم.
(هـ) الرضاعة:
قرَّر الإسلام حقَّ الطفل المولود في الرَّضاعة
فقال تعالى:
{ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ
حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}.
كما قرَّر حق أُمه في النَّفَقَة حتى ولو
طُلِّقَت في أثناء الحمل فجعل نهاية عِدَّتها أنْ تَضَع حملها{وَأُوْلاَتُ
الأحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وقال تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ
مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُم مِّن وُّجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا
عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى
يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ
أُخْرَى. لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ
فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللهُ لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا آتَاهَا
سَيَجْعَلُ اللهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}.
في هذه الآيات الكريمة يُقَرِّر المَوْلَى ,عز
وجل, حقَّ الطفل في الرضاعة كما يُقرر حق أمِّه في النفقة إذا أرْضَعَتْه..
ويُوَجِّه الوالدين كليهما إلى انْ يأْتَمِرا ويتشاوَرا في أمر وَلِيدِهما.. رغم
الجَفْوَة والطلاق.. ويَرْبط ذلك كله بتقوى الله ويُرَقِّق مشاعرهما.. ويَطلب من
الأبِ أنْ يُنْفِق مِن سَعَتِه دون عَنَتٍ ولا إرْهاق, ودون تقْتِيرٍ ولا بُخْل..
وإنما هي السَّماحة واليُسْر النَّدِيُّ في أمر هذا الدين كله..
وبعد مُضِيِّ أرْبعةَ عشَرَ قرْنًا من نزول هذه
الآيات الكريمة فإنَّ الإنسانية لا تزال تَخْبِطُ في الدَّياجِير حتى اليوم.. ولا
يَزال الوليد والأم يعانون أشدَّ المُعاناة حتى في عامنا هذا الذي أسْمَوْهُ عام
الطفل (1979).. ولا تزال المنَظَّماتُ الدُّوَلِية وهيئة الصِّحة العالمية تُصْدِر
البيان تِلْوَ البيان تُنادِي الأمهات أنْ يُرْضِعْن أولادهن.. ولا تزال الهيئات
الطبية تصدر النشرات والمقالات حول جَدْوَى الرَّضاعة من الأم وفوائدها التي لا
تَكاد تُحْصَر(581).. أما أنْ يَفْرِض القانون الدولي للأم المُرْضِع نَفَقًَةً
كاملةً فأَمْرٌ لم تَصِل إليه حضارة القرن العشرين التعِيسة.. بينما قد أَمَرَ
الإسلام بذلك منذ أربعةَ عشَرَ قرنًا من الزمان. وفوائد الرضاعة للطفل والأم أكثرُ
مِن أنْ تُحْصَي ولكنا نُوْجِزُها هنا فيما يلي:
فوائد الرضاعة للوليد:
1) لبن الأم مُعَقَّّم جاهزٌ.. وتَقِل بذلك
النَزَلاتُ المَعَوِية المُتكرِّرة والالتهابات التي تُصيب الأطفال الذين يَرضَعون
من القارورَة. وكذلك تقل الالتهابات التي تُصيب الجهاز التنفسيَّ وذلك بسبب وُجود
موادٍ مُضادةٍ للميكروبات في لبن الأم.
2) لبن الأم لا يُمَاثِله أيُّ لبنٍ آخَر
مُحَضَّر من الجاموس أو الأبقار أو الأغنام فهو قد صُمِّم ورُكِّب لِيَفِي
بِحَاجات الطفل يومًا بِيَوم منذ ولادته وحتى يكْبُر إلى سِنِّ الفِطام.. فترْكيب
اللبا وهو السائل الأصفر الذي يُفْرِزه الثدْيِ بعد الولادة مُباشرةً ولمدة ثلاثة
أو أربعة أيامٍ يحتوي على كِمِّياتٍ مُرَكَّزةٍ من البروتينات المَهْضُومة والمواد
المُحْتوية على المُضادات للميكروبات والجراثيم (582).. كما أنها تَنْقُل جهاز
المناعة ضِد الأمراض من الأم إلى الطفل..
3) يحتوي لبن الأم على كمية كافيةٍ من البروتين
والسُّكَّر وبِنِسَبٍ تُناسِب الطفل تماماً.. بينما المواد البروتينية الموجودة في
لبن الأبقار والأغنام وغيرها من الحيوانات تناسب أطفال تلك الحيوانات أكثر من
مناسبتها للطفل الإنسانيِّ كما أنَّ نَوعية البروتينات والسُّكريات الموجودة في
لبن الأم أسهل هضْمًا من تلك الموجودة في الألبان الأخرى.
4) تكْثُر لَدَى الأطفال الذين يَرضَعون من
القارورة الوفيات المُفاجِئة التي تُدْعَى «Cot Death
مَوْتُ المِهاد» وهذا النوع من الوفيات لا يُعْرَف لدَى الأطفال الذين يَلْتَقِمون
أثْداء أمهاتهم.
5) نُمُو الأطفال الذين يَرضعون من أمهاتهم
أسْرع وأكمل من أولئك الذين يرضعون من القارورة.
6) ينمو الطفل الذي يَرضع من أمه نفسيًا
نُمُوًّا سليمًا بينما تكثُر الأمراض والعلل النفسية لدَى أولئك الذين يرضعون من
القارورة.
7) يتَعرَّض الأطفال الذين يُرضَعون الألبان
المُجَفَّفة بواسطة القارورة إلى أمراض الحساسية الجِلدية بأنواعها والرَّبْو
وحساسية الجهاز الهضْمِيِّ بالأضافة إلى النزلات المعوية المتكررة بينما نجد
الأطفال الذين يُرْضَعون من الثدْيِ لا يُعانون من هذه الأمراض إلاَّ نادِراً.
الفوائد للأم:
1) الارتباط النفسىُّ بين الأم وطفلها أثناء
الرَّضاعة عاملٌ مُهِمٌّ لِنَفْسِيَّة الأم والطفل.
2) يَعود جِسم الأم إلى رشاقته وحجمه الطبيعي
بسرعةٍ إذا قامت الأم بإرضاع وليدها.
3) يعود الرَحِم بسرعةٍ إلى حجمه وَوَضْعه
الطبيعي أثناء الرَّضاعة.. وذلك لأنَّ امتصاص الثديِ يُؤدي إلىإفراز هُرمون
الاكسوتوسن Oxytocine الذي يُسْرِع بِعَوْدة الرحم إلى حالته الطبيعية..
ولولا ذلك لأُصِيب الرحم بالإنْتان Sepsis
والالتهابات المتكررة. كما أنَّ ذلك يساعد على حصول حُمَّى النِّفاس..
مدة الرضاعة:
قرَّر الإسلام حق الوليد في الرَّضاعة ,
وذَكَرَ أنَّ كَمَال الرَّضاعة حَوْلَيْن كاملين قال تعالى { وَالْوَالِدَاتُ
يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ
الرَّضَاعَةَ} وقال تعالى:{وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} .
وقال في موضع آخر {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ
ثَلاَثُونَ شَهْرًا} ومنها استدَّلَّ علِيٌّ رَضي الله عنه, على أنَّ أقَلَّ
الحَمْل سِتَّةَ أشْهر. وهذا أيضًا ما يُقَرِّرُه الطب اليوم.وتُطالبُ هيئةالصِّحة
العالمية أن تَتَفَرَّغ الأم لكل مولودٍ ثلاثة أعوامٍ كاملةٍ لأهمية الأم في
نُمُوِّه النفسيِّ والجسديِّ السليم.
وقد وَجَدت هيئة الصحة العالمية واليُونِيسف
أنَّ العالم الثالث يُواجِه أزْمةً حقيقية حيث أنَّ الأمهات اتَجَهْنَ نَحْوَ
إِلْقامِ أطفالهن القارورة بدلاً من الثدي. ففي البرازيل كانت نسبة الأطفال الذين
يرضعون من أمهاتهم 96 بالمائة سَنَة 1940. وقد انْخَفضت إلى 40 بالمائة عام 1974 وفي
تشيلي كانت النسبة 95 بالمائة سنة 1955 وقد انخفضت إلى 20 بالمائة فقط عام 82.
ونفس الظاهرة موجودةٌ في بَقِيةِ دُوَل أمريكا اللاتينية وبقية دول العالم
الثالث.. والغريب حقاً أن كُلْفَة اللَّبن الصِّناعِيِّ لمدة أسبوع تَسْتَهْلِك
أكثر من نِصف دخل العامل في أوْغَنْدا ونَيْجيريا وجامايكا أو نِصف أجْر مُوَظَّفٍ
صغيرٍ في إندونسيا أو سيريلانكا، والكاسب الوحيد هو الشركات الاحتكارية الغربية
التي تكسب في عامٍ الفَيْ مليون دولار من بَيْع الأغْذِية المُصَنَّعة للأطفال في
دول العالم الثالث..
وحقًا يَبْدو أنَّ اسْم «قاتل الأطفال» الذي
أطْلَقَتْه الصحة العالمية على هذه الشركات هو الاسم المناسب لها.
ويَحُثُّ الأطباء في كافَّة أصْقاعِ الأرْض
الأمهات على أنْ يُرْضِعْن أولادهن لأَطْوَل مُدَّةٍ مُمْكِنة.. وفي أغلب الأحوال
لا تَزيد هذه المدة عن سِتَّة أشْهُرٍ نتيجة للحياة النَّكِدَة التي يعيشها
الإنسان في القرن العشرين.. بل لا تزال كثيرٌ من الأمهات يُلْقِمْنَ أوْلادهن
القارورة بَدَلاً من إِلْقامِهِم أثْدائهنَّ..
والآن بعد أنْ رأيت الفروق الفيسيولوجية
والتشريحية بين الرجل والمرأة وكيف أنَّ المرأة مُضْطَّرةٌ لِلْبقاء في البَيْت وخاصةً
في فترة الحمل والولادة والرَّضاعة سَيَتَأكَّد لك بما لا يَدَع مَجالاً للشَّك
بأنَّ الدَّعوة إلى خروج المرأة إلى مُعْتَرَك الحياة وترْك بيتها وأولادها وزوجها
هي دعوةٌ جاهلِيةٌ وبعيدةٌ كل َّالبُعْد عمَّا تُقَرِّره علوم البيولوجيا والطب..
وهي دعوةٌ تُصادِم الفِطْرة مُصادَمةً واضحةً.. وتكون نتائجها وخِيمة ًعلى الأم
والطفل والأبِ والأُسرة بل والمجتمع بِأَسْرِه.
( المرجع : " عمل المرأة في الميزان
" للدكتور محمد علي البار ، ص 63-105) .
(578) من كتاب علم الفيسيولوجيا للدكتورة فلور
ستراند طبعة 1978.
Physiology:
A Regulatory Systems Approach by Fleur Strand 1978.
(579) انظر المزيد من التفصيل في فصل «المحيض»
من كتاب «دورة الأرحام» للمؤلف.
(580) هذا التعبير شائع ولعل الصواب نهج ويعني
ذلك صعوبة في التنفس.
(581) نشرت صحيفة Arab News في
عددها الصادر في 10 فبراير 1981 تقريرا جديدا عن هيئة الصحة العالمية يهاجم فيه
أغذية الأطفال المصنعة ويتهم الشركات الغربية التي تبيع في كل عام بما قيمته ألفي
مليون دولار من أغذية الأطفال بأنها تساهم في قتل الأطفال في البلاد النامية ..
وذلك لأن الأغذية المصنعة والألبان المجففة تمنع الأم من الرضاعة.. واستعمال
القارورة يؤدي إلى كثير من النزلات المعوية الخطيرة نتيجة عدم التعقيم ولذا فإن
تقرير الصحة العالمية يدعو الحكومات وخاصة في البلاد النامية إلى محاربة هذه
الأغذية المصنعة وتقول الأبحاث الطبية الحديثة أن حوالي عشرة ملايين طفل يلاقون
حتفهم نتيجة استخدام القارورة في دول العالم الثالث سنوياً.. وذلك نتيجة الإصابة
بالنزلات المعوية وسواء التغذية التي تصاحب استخدام القارورة . وفي تقرير لليونيسف
نشرته جريدة المدينة في 10 ديسمبر 1983 جاء فيه أن أطفال الزجاجات هم أكثر عرضة
لسوء التغذية بثلاثة أضعاف الذين يرضعون من أمهاتهم وفي مصر أظْهرت دراسات مُماثلة
أنَّ نسبة الوفيات هي خمس أضعاف ما هي عليه عند الأطفال الذين يَرضعون الأثْداءَ.
ونفس النسبة وُجِدَتْ في الهِند وتْشِيلِي والبرازيل والفيليبين.
(582) يحتوي اللبا بصورة خاصة على كميات من
البروتيين الواقي ضد الهجوم الميكروبي والذي تصنعه بأمر الله الخلايا اللِّمْفاوية
الموجودة أصلاً في أمعاء الأم .. ثم تُهاجر هذه الخلايا إلى الثدي ومن هناك
تُفْرَز مع اللِّبا، وأهم هذه البروتينات هو :IgA
وهذا البروتين متخصص في الدفاع عن الجسم في الأمعاء والجهاز التنفسي .. وهذان
الجهازان هما اللذان يتعرضان للهجوم الميكروبي في الأطفال ... بل وهما السبب
الرئيسيُّ في وفيات الأطفال وخاصةً في دول العالم الثالث.
-------------
الشبهة(2) : قولهم بالمساواة ( التامة )بين
الرجل والمرأة
والجواب أن يقال : ما هي الأمورُ التي سَوَّى فيها
الإسلامُ بين الرجل والمرأةِ؟ وما هي الأمورُ التي فَرَّق فيها بينهما؟ لا شك أن
الجوابِ عن هذَينِ السؤالين ضرورِيٌّ حتى لا يُؤدِي عدمُ الفصلِ في هذهِ المسألةِ
إلى ظلمِ المرأةِ. وفيما يأتي عرْضٌ لِنَوعَينِ من الأحكامِ دونَ الدخولِ في
تِبْيان الِحكمةِ والمْغْزَى وراء التفريقاتِ انْسجامًا مع منهجِ البحث ِفي
اجتنابِ أسلوبِ التبريرِ والدفاعِ عن أحكامِ شرعِ اللهِ:
أ- الأحكام التي تَحقَّقت فيها المساواةُ بين
الرجل والمرأة وهي كثيرةٌ منها:
1- العباداتُ من طَهارةٍ وصلاةٍ وصومٍ وحجٍ
وزكاةٍ مع اختلافاتٍ يسيرة. فَفَي الصَّومِ تُفطر المرأةُ وُجوبا إذا حاضَتْ أو
نفَسَت. أما في الصلاةِ فلا اختلاف بينها وبين الرجل إطلاقًا إلا في اللباسِ، وفي
كونِ صلاتِها في بيتِها أفضلُ من صلاتِها في المسجدِ، وكونِ خيرِ صفوفِ النساء في
الجماعةِ آخرَها بِخِلافِ صُفوفِ الرجالِ، وفي تَنْبيهِهَا الإمامَ إذا سَهَا
بالتَّصْفِيقِ لا بالتسبيحِ كالرجالِ، وفي عدم جوازِ إمامتِها للرجال، وفي
جَهْرِها بالقراءةِ في الصلاةِ الجهرية أمامَ الرجالِ الأجانبِ فَتَرْفعُ صوتَها
بِقَدْرٍ يؤمن معه الفتنةُ.
أما ما ذهب إليه بعضُ الفقهاء من أنها لا
تَرْفَعُ يدَيْها حِذاء أُذُنيهَا بل حذاءَ مِنْكَبَيْها فهذِه هي السُّنة للرجلِ
والمرأةِ. وذهب آخرون إلى أنها تَضُمُّ فَخْدَيْهَا في رُكوعِها وسجودِها؛ ولا
يَصِح في هذا دليلٌ، وكذلك القولُ بأنها لا تفرج أصابِعَها في الركوعِ، وبأنها تضع
يمينَها على شِمالِها تحت قدَمَيْها أو أنها تضع يدَيْهَا في التشهدِ على فخديها
حتى تبْلُغَ رُؤوسُ أَصَابعها رُكْبتيها. أما القولُ بأنها تتورك في حالِ
جُلُوسِها للتشهدِ فإنْ قَصَدَ التشهدَ الأخيرَ فالسُّنةُ فيهِ الجلوسُ مُتوركا
بالنسبةِ للرجل والمرأة على السواء، وكذلك لا يصح القول إنه يُكْرَهُ حضورُها
جماعةَ الصلاة في المسجدِ.
قال الشيخُ الألباني في نهايةِ كتابه «صفةُ
صلاةِ النبيِّ كانَك تراها من التكبيرِ إلى التسليمِ» ما نصه: كلُ ما تقدم من صفةِ
صلاتهِ صلى الله عليه وسلم يستوي فيه الرجالُ والنساءُ، ولم يَرِدْ في السُّنةِ ما
يَقْتَضِي استثناءً مِن بعضِ ذلك، بل إن عمومَ قولِه صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا
كَمَا رَأَيْتُمُوِني أُصَلِّي» يشملهن، وهو قول إبراهيم النَّخَعِيِّ قال:«
تفعَلُ المرأةُ في اَلصلاةِ كما يفعل الرجلُ»(583)، وروى البخاري بسنَدٍ صحيحٍ عن
أمِّ الدَّرْدَاءَ «أنها كانت تجلِسُ في صلاتِها جِلْسةَ الرجلِ وكانت فقِيهَةً
(584) أما حديثُ انضمامِ المرأة في السجود
وأنها ليست في ذلك كالرجل، فهو مُرْسَلٌ ولا يَصِحُّ. رواه أبو داود في «المراسيل»
عن يزيدِ بن أبي حبيبٍ. وأما ما رواه الإمام أحمد عن ابنِ عمرَ أنه كان يأمرُ
نِساءَهُ يَتَرَبَّعْن في الصلاة فلا يصحُّ إسنادُهُ لأن فيه عبد الله بن عمر
العمري وهو ضعيف» (585) .
وفي الحَجِ فإن المرأةَ لا تختلفُ عن الرجلِ
إلا في أمورٍ معدودةٍ قليلةٍ هي: أنَّها لا تَنْزِعُ شيئاً مِن لباسِها المشروعِ،
وأنها تُقَصِّر ولا تَحْلِق لقولِه صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ على النساءِ
حَلْقٌ، إنَّما على النساء التقصيرُ» (586) ، فَتَجْمَعُ شَعْرَها فَتقص منه قَدْر
الأُنْمُلَة، وأنها إن حاضت فلا تنتظر لِتَطُوفَ طوافَ الوَداع إذا كانت قد طافتْ
طَوافَ الإفَاضةِ. وطوافُ النساءِ حولَ البيتِ وسَعْيُهُنَّ بين الصفا والمروةِ
كُلُّهُ مَشْيٌ، فلا رَمَلَ عليهِنَّ حَولَ البيتِ ولا بين الصفا والمروة وليس
عليهن اضْطِّباعٌ (587) .
أما القولُ بأنها لا تُلَبِّي جَهْرًا فَيُجاب
عنه أن عائشة رضي الله عنها كانت ترفع صوتَها حتى يسمَعَها الرجالُ، قال أبو
عطيةَ: سمِعْتُ عائشة تقول: إني لأَعْلَمُ كيف كانت تَلْبِيةُ رسولِ اللهِ صلى
الله عليه وسلم، ثُم سمعها تُلبِّي بَعْدَ ذلك (588). وعلى هذا فإن المرأة تُلَبي
وترفعُ صوتَها ما لم تَخْشَ الفِتْنَة.
وأما القولُ بأنها تقِفُ في حاشيةِ المَوقِفِ
في عَرَفَةَ لا عند َالصَّخَراتِ وتقْعُدُ في حين أن الرجلَ يكون راكباً، فهذا مما
لا أعرِفُ له دليلاً.
والحائِضُ في الحَج تفعل كلَّ ما يفْعلُه
الرجلَ عدا الطوافَ لأنه صلاةٌ قال صلى الله عليه وسلم لعائشةَ لما
حاضَتْ:«افْعَلِي ما يفعَلُ الحاجُ، غَيْرَ ألا تَطُوفي بالبيتِ حتى تَطْهُرِي»
(589) .
2- المعاملات: لا تشترط الذكورة في عقود البيع
والتجارة والقرض والهبة والوقف والحوالة والضمان والقراض والشركة والإجارة
والجعالة والمساقاة والمزارعة والرهن والشفعة وغيرها من العقود، ولذا فإن الرجل
والمرأة في الأنشطة المالية والاقتصادية المختلفة سواء.
3- الحدود والقصاص: تستوي المرأة والرجل في كل
ما يتعلق بالحدود والقصاص إلا فيما يخص رجْم الزانية فإنها تُرْجَم بلباسها
الشرعي، وتُجلد جالسةً والرجل قائمًا وهذا اجتهادٌ فقهي وليس حكمًا يَعتمد على نص،
فما رُوِي من أنه «تُضرَب المرأة جالسةً والرجل قائمًا» لا يصح عن النبي صلى الله
عليه وسلم (590). ولا تُنْفَى الزانية غير المُحْصَنة ويُنْفَى الزاني غير
المُحْصَن، ولا تدخل مع العاقلة فلا شئ عليها من الدية. ولا يصح القول: إن المرأة
إذا ارتَّدَّت لا تقتل اعتمادًا على حديث «لا تُقْتَلُ المرأةُ إذا ارتدت» قال
الدارَقطني: لا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (591) .
ولا تستوى المرأة مع الرجل في الدِّية، وقد
حَكى بعض أهل الإجماع على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل منهم ابن المنذر
وابن عبد البر وابن حزم وغيرهم وهو مَرْوِي عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد بن ثابت
وغيرهم رضي الله عنهم ولم يُنْقَل عن أحد خلافُه ممن يُعْتَد به سوى الأصم وابن
عُلَيَّة من المعتزلة حكاه عنهما الشوكاني في النَّيل نقلاً عن البحر من كُتب
الزيدية ومثل هذين لا يُعْتَد بخلافهما» (592).
4- الصيد والذبائح والأيمان والنذور فالرجل
والمرأة فيها سواء.
5- الإفتاء: فللمرأة العالمة بالأحكام الشرعية
المتمكنة من الإفتاء الشرعي أن تُفْتِي النساء والرجال على حد سواء ضمن حدود
الشريعة.
ب- الأحكام والمسائل التي ثبت فيها التفريق بين
الرجل والمرأة:
1- الميراث: قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللهُ فِي
أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}(593)، وقال تعالى {وَلَكُمْ
نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ
لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ
بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ
وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم} (594).
2- الشهادة وفيها تفصيل كما يأتي:
أ- لا تُقْبَل شهادة النساء في القصاص والحدود
كافةً كحد الشُّرْب وقطع الطريق والقتل بالرِّدة
وكذلك التعزير فلا بد في كل هذه من شهادة رجلين إلا الزنا واللواط وإتيان
البهائم فلا يُقْبَل فيها أقلُّ من أربعة رجالٍ لقوله تعالى: { وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ }(595).
ب- ما يَطَّلِع عليه الرجال عادة كالنَّسب
والطلاق والرَّجْعة والخُلْع والولادة والنكاح والوصية والتوكيل في المال فلابد
فيها من شهادة رجلين، وقال أبو حنيفة تُقْبل فيه شهادة النساء ورجَّحَه ابن قيم
الجوزية. قال تعالى: { وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ }(596).
ج- المعاملات المالية كالبيع والقَرْض والإجارة
والرهن والوديعة والإقرار والغَصْب والوقْف، وكذلك قتل الخطأ لأن حقًا ماليًا
يترتب عليه، فيكفي في هذا كله رجلان أو رجل وامرأتان لقوله تعالى: {
وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ
فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (597) .
د- ما لا يطَّلِعُ عليه الرجال عادةً وتَغْلِب
على النساء معرفته والاطلاع عليه فتُقْبل فيه شهادة امرأتين كعُيُوب النساء تحت
ثيابهن والولادة والبَكارة والثيوبة والقرْن (انسداد مَحَل الجماع بِعَظْم) والرتق
(انسداد محل الجماع بلحم) والبَرَص. ولا يصح ما رُوِي عن حُذَيفة أن النبي صلى
الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة وحدها» (598) .
هـ- الرضاعة: وتقبل فيها شهادة امرأة واحدة عدل
لقوله صلى الله عليه وسلم الذي أخرجه البخاري من حديث عقبة بن الحارث رضي الله عنه
«كَيْفَ وَقَد زَعَمَتْ أنها قد أرْضَعَتْكُما» وتَرجم له البخاري بقوله: «باب
شهادة المُرْضِعة» (599) .
و- رؤية هلال رمضان وتُقبل فيه شهادة رجل مسلم
واحدٍ عدلٍ أو شهادة مسلمةٍ واحدةٍ على السواء.
3- العقيقة: وهي ما يُذْبح من الأنعام عند
الولادة إذ يُعَق عن الذكر شاتان وعن الأنثى شاة. قال صلى الله عليه وسلم «عَنِ
الغُلامِ شاتان مُكَافِئتانِ وعن الجارية شاة» (600).
4- الجهاد بالنفس فلا يجب على المرأة، وإنما
تُجاهد بِمالها وكذلك بالحج «فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله هل
على النساء جهادٌ؟ قال: نعم عليهن جهادٌ لا قتال فيه: الحَج والعُمرة» (601) .
5- زيارة القُبور ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم
في الحديث الصحيح : " لعن الله زائرات القبور " . ولكن لو مرت بقبر أو
بسور المقبرة فلا حرج أن تقف وتُسلم على الموتى .
6- العورة: ففي حين أن عورة الرجل من السرة إلى
الركبة فإن المرأة كلها عورة في النظر. وينشأ عن هذا الفرق تَفْرِقةٌ في اللباس.
ذلك أن المرأة مأمورةٌ بسَتر جسدها كله. وفي حين أن الرجل مأمورٌ بألا يتجاوز ثوبه
كعبيه والأفضل أن يكون لمنتصف ساقيه فإن للمرأة رخصةً في جر الإزار لأنه يكون أستر
لهن قال صلى الله عليه وسلم:«مَنْ جَرَّ ثَوْبَهَ خُيَلاء، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ
إليه يومَ القِيامةِ فَقَالتْ أُمُّ سَلمةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ النساءُ
بِذِيُولِهِنَّ؟ قال: يُرْخِينَ شِبْرًا، فقالت: إِذَنْ تَنْكَشِفُ أقْدامُهنَّ،
قال: فَيُرْخِيْنَهُ ذِراعًا لا يَزِدْنَ عَلَيه» (602) .
7- بَول الصبي والصبية: ذلك أن بول الصبي الذي
لم يُجاوِز سنَتَين يكفيه النَّضْح. أما بول الصبية فلابد فيه من الغَسل، قال صلى
الله عليه وسلم «بول الغُلام يُنْضَح، وبول الجارية يُغْسَل» (603).
8- السفر : فلا يجوز للمرأة أن تسافر سفرًا
مُعتَبَرًاعُرْفًا إلا بِصُحبَة زَوج أو مَحْرَم حتى لو كان السفر للحج. وما ذهبت
إليه بعض المذاهب من جواز سفرها في رِفْقَة النساء فلا يصح، وذلك لمعارضَتِهِ
للأحاديث الصحيحة ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تُسافر امرأةٌ إلا مع ذِي
مَحْرَم ٍولا يَدْخُلُ عليها رَجَلٌ إلا ومَعَها مَحْرَم» (604) .
9- ومما تفترق به المرأة عن الرجل اختصاص الأم
بقدْرٍ زائدٍ من البِرِّ عن الأبِ. فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال:«جاء رَجَلٌ
إلى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: مَنْ أَحَقُّ الناسِ بِحُسْنِ
صَحابَتي؟ قال أُمُّكْ. قال: ثُم مَن؟ قال: أمك. قال ثم من؟ قال: أمك. قال ثم من؟
قال: أبوك» (605) . وعن المُغِيرة بن شُعْبة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: «إنَّ اللهَ حَرَّمَ عليكُم عُقوقَ الأمهات ووأْدَ البنات»
(606) فَخَص الحديثُ بالذكر عقوق الأمهات
عِلمًا بأن عقوق الوالدين كليهما مُحَرَّمٌ.
10- ومما تفترق فيه النساء عن الرجال أنه ليس
لهن وسَط الطريق، وأنه ينبغي عليهن اجتناب الرجال في الطُّرُقات قال صلى الله عليه
وسلم: «لَيْسَ للنساءِ وَسَطُ الطريق» (607) .
11- اختصاص البنات بقدْرٍ زائدٍ في التربية عن
الأنباء. قال صلى الله عليه وسلم: «من كان له ثلاثُ بناتٍ، فَصَبَر علَيهنَّ،
وأَطْعَمََُنَّ وسقاهُنَّ وكساهُنَّ من جِدَتِه، كُنَّ له حِجابًا مِنَ النارِ
يَومَ القِيامةِ» (608) ، وقال صلى الله عليه وسلم «مَنْ ابْتُلِيَ مِن هذِهِ
البناتِ بشئٍ، فأَحْسَنَ إليهِنَّ، كن له سِتْرًا مِن النار» (609) .
12- تقديم النساء على الرجال في الحضانة، ذلك
أنه في حالة افتراق الزوجين عن بعضٍ فإن الأم أحق بحضانة الأولاد من الأب ما لم
تتزوج، فعن عمرو بن العاص أن امرأةً قالت: «يا رسولَ اللهِ إنَّ ابْنِي هذا كان
بطْنِي له وِعاءً وحِجْري له حِواءً، وثَدْيِي له سِقاءً، وزَعَم أبوه أن ينْزِعَه
مِنِّي، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أنتِ أحقُّ بِهِ ما لم تُنْكَحي»
(610) .
13- الاغتسال في الحمامات العامة : فقد
حَرَّمهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء. ومن أباحَهُ من الفقهاء
للنُّفَساء والمريضة فقد استدل على ذلك بحديثٍ غير صحيح. والصواب أن دخول المسلمة
الحمام العمومي لا يصح. ولو بمئزرٍ لما ثبت في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم:
«مَن كان يُؤْمِنُ بالله واليومِ الآخِرِ فلا يدْخُلِ الحَمَّامَ بغيرِ إزارٍ،
ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِرِ فلا يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحمام، ومن كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يَجْلسْ على مائدةٍ يُدارُ عليها الخَمْرُ»(611).
14- الملاعنة : فهي خاصة بالرجل دون المرأة.
فللرجل أن يَشْهَد أربع شهاداتٍ على زوجته بالزنا. قال تعالي:{ وَالَّذِينَ
يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ
فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ إِنَّهُ لَمِنَ
الصَّادِقِينَ} (612) .
وبما أنه لم يَرِدْ نَصٌّ بخصوص قذف المرأة
لزوجها بالزنا فيظل الحكم كما هو أي أنه يُطْلَب
منها إحضار ما يَكْمُل به نِصاب الشهادة وإلا جُلِدت حد القذف.
15- الوِلاية في الزواج : فليس للمرأة أن
تُزوِّج امرأةً أُخْرى، ولا أن تُزَوِّج نَفْسَها قال صلى الله عليه وسلم:«لا
تُزِوِّج المرأةُ المرأةَ، ولا تُزَوِّج المرأةُ نَفْسضها» (613) .
16- وجوب استئذان الزوجة زوجها إن أرادت أن
تصوم تَطَوُّعًا في حين لا يجب عليه أن يستأذنها إن أراد أن يفعل ذلك.
17- التعدد في الزواج : فقد أباح الشرع
الإسلامي للرجل أن يتزوج أربعاً دون أن يبيح للمرأة أن تتزوج بأكثر من رجل. ولا
يصح أبدًا التساؤل عن الحكمة في ذلك؛ لأنه أمرٌ واضحٌ لا يحتاج لجواب، فاختلاط
ُالأنساب أمرٌ واردٌ في تَعَدُّدِ الأزواج دون تعدد الزوجات.كما أن الفِطرة
والذَّوق البشرِيَّين يَسْتهجِنانِ أشد الاستهجان تعدد الأزواج بينما يَقْبلان
تعدد الزوجات.
18-
ولاية أمور المسلمين ويشمل المنع من السياسة والقضاء قال صلى الله عليه وسلم «لَنْ
يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوا أمْرَهُمُ امْرأةً» (614) .
19- التعطُّر خارج المنزل فَيَحْرُم عليها ذلك
بخلاف الرجل، قال صلى الله عليه وسلم: «أيُّا امرأةٍ استَعْطَرَت ثم خرجت،
فَمَرَّت على قَومٍ لِيجِدوا رِيْحَها فهي زانيةٌ، وكلُّ عَينٍ زانية» (615) .
20- إباحة الذهب والحرير، فهو أمرٌ خاص بالنساء
دون الرجال. قال صلى الله عليه وسلم: «حُرِّمَ لِباسُ الحريرِ والذَّهَبِ على
ذُكُورِ أُمَّتِي وأُحِلَّ لإِناثِهِم» (616) .
21- الحداد ، فلم يُشْرَع للرجل على زوجته
المتوفاة، وشُرِع للمرأة على زوجها المتوفَّى. قال صلى الله عليه وسلم:«لا يَحِلُّ
لامرأةٍ تُؤْمِنُ بالله واليوم الآخِرِ أن تَحِدَّ على مَيتٍ فَوقَ ثلاثِ لَيالٍ،
إلا الزوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا» (617) .
22- العدة للمُتوفَّى عنها زوجها والمطلقة قال
تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ
بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (618) ، وقال تعالى: {
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} (619) . وليس
على الرجل عِدةٌ لكنه يمُنَع من الزواج حتى تنتهي عدة زوجته الرابعة (620) .
23- اتباع الجنائز، لنهي النبي صلى الله عليه
وسلم النساء عن اتباع الجنائز وهو نهيُ تنزيهٍ. فقد صح عن أم عطية رضي الله عنها
قولها: «نهانا رسول الله عن اتباعِ الجنائز، ولم يَعْزِمْ علينا»(621) . أما
الرجال فإن اتباع الجنائز في حقهم مُستَحَبٌ.
24- إنزال الميت في القبر: فهو خاص بالرجال
يَتَوَلَّوْنَه، ولو كان الميت أنثى وذلك لما يأتي:
أ – أنه المعهود في عهد النبي صلى الله عليه
وسلم وجرى عليه عمل المسلمين حتى اليوم.
ب– أن الرجال أقوى على ذلك.
ج- لو تَوَلَّتْه النساء لأفْضَى ذلك إلى
انْكشافِ شئ من أبدانِهِنَّ أمام الرجال (622) .
25- اقتسام غنائم الحرب: فالمرأة ليست مُكَلفةٌ
بالقتال، لكن إذا أَذِن لها الإمام واشتركت في المعركة يُرضَخ لها إن قاتلت؛ بمعني
أن الإمام يعطيها عطاءً غير محدد، لكن دون أن تُعْطَي حِصةً كحِصَص المُقاتلين.
وما رواه حشرج بن زياد عن جدته: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أسْهَمَ لهُنَّ يوم
خَيْبَر» فهو حديث ضعيف (623) .
26- الختان : ففي حين أن الختان فَرْضٌ على كل
مسلمٍ ذكر، فإنه ليس كذلك بالنسبة للنساء فلا يُخْتَن إلا إن ظهرت لختان بعضهن
حاجة. أما إن لم تكن حاجة فلا ختان، وذلك يختلف من امرأةٍ لامرأة.
27- وثَقْب الأُذُنِ جائزٌ بحق النساء حرامٌ
على الذكور؛ لأنهم ممنوعون من جَعْل الأقراط في آذانهم.
28- وفي حين أن للمرأة خَضْب يَديْها ورِجْليها
بالحناء فإنه ليس للرجل أن يفعل ذلك قال صلى الله عليه وسلم «طِيْبُ الرَّجلِ ما
ظَهَرَ رِيْحُه وخَفِيَ لَوْنُه، وطِيب النساء ما ظهر لونه وخَفِيَ ريحه» (624).
29- ولا يجوز للمرأة أن تحْلِق رأسها بخلاف
الرجل؛ لما في ذلك من المُثْلَة، ولما فيه من التشبُّه بالرجال وكل ذلك مُحرَّم.
30- استحقاقها المهر عند الزواج وليس ذلك
للرجل.
وبعد فإن الدارس للفروق آنفةَ الذِكْرِ بين
الرجل والمرأة يجد أن تلك الفروق راجعةٌ لأسبابٍ معينةٍ اقتضاها العدل بين
الجنسين، وأن المساواة بينهما في مثل هذه الحالات من التفريق تؤدي إلى الظلم. وكما
هو معلومٌ أن المساواة في كثيرٍ من الأحيان تؤدي إلى الظلم، وأن العدل كثيرًا ما
يقتضي التفرقة والتفريق بإعطاء كلَّ ذِي
حقٍ حقَّه، وتكليف كل مُكَلَّفٍ بما يناسب قدراته ويتناسب مع طبيعته. ولذا
فإن كل مساواةٍ يقتضيها العدل وتقتضيها الفطرة حققها الإسلام فعلاً بين الجنسين
كالمساواة في الكرامة الإنسانية وفي أصل التكليف وفي الثواب والعقاب. أما التكاليف
الشرعية فقد سَوَّى الإسلام بين الرجل والمرأة في كل ما من شأنه أن لا يُلْحِق
ظلمًا بأحدهما بتحميله فوق طاقته. أو بتكليفه بما لا يتناسب مع طبيعته الذَّكَرِية
أو الأُنثوية كإعفاء المرأة من الجهاد، والاختلاف في اللباس نظرًا لاختلاف أجساد
الجنسين. وأن الفاحص لكثيرٍ من الفروق بين الجنسين في التكاليف يجد أنها من باب التنوع
والاختصاص في المهام والوظائف، وليس هناك من يقبل القول: إن التنوع في التخصص
والوظيفة بين المهندس والطبيب يعني أن أحدهما أفضل من الآخَر، بل إن ما يقوم به
أحدهما لا يقوم به الآخَر. فهما يكملان بعضهما بعضاً والمجتمع بحاجةٍ لكِليهما،
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال:«النساء شقائقُ الرجال» (625) .
مالا يُعَدُّ تفريقاً بين الرجل والمرأة:
ما سبق كان عرضًا للمسائل التي تستوي فيها
المرأة مع الرجل، والمسائل التي يفرق فيها بينهما. والأصل أن الرجل والمرأة سواء
في كل شئ إلا ما ثبت فيه التفرقة.
(
المرجع : المرأة المسلمة بين اجتهادات الفقهاء وممارسات المسلمين ، ص 123-138بتصرف
يسير) . وانظر للزيادة : رسالة " الأحكام التي تخالف فيها المرأة الرجل ،
للأستاذ سعد الحربي " .
الشبهة (3)
: دعوتهم لتولية المرأة للمناصب
السياسية
روى
البخاري – بإسناده - عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : لقد نفعني الله بكلمة سمعتها
من رسول الله صلى الله عليه وسلم - أيام الجمل بعد ما كِدت أن ألْحَق بأصحاب الجمل
فأقاتل معهم - قال : لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهل فارس قد ملّكوا
عليهم بنت كسرى قال : لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة
ويُورِد بعض أعداء الملّة – من المستشرقين ومن
نَحَا نَحْوَهم ولَفّ لفّهم – عِدّة شُبهات حول هذا الحديث ، وسأورِد بعض ما
وقَفْتُ عليه من تلك الشبهات ، وأُجيب عنها – بمشيئة الله – .
الشبهة الأولى :
لماذا لم يتذكر أبو بكرة راوية الحديث هذا
الحديث إلا بعد ربع قرن وفجأة وفى ظل ظروف مضطربة ؟
الجواب :
لم ينفرد أبو بكرة رضي الله عنه بهذا الأمر ،
فقد جاء مثل ذلك عن عدد من الصحابة ، أي أنهم تذكّروا أحاديث سمعوها من النبي صلى
الله عليه وسلم ، ولم يرووها إلا في مناسباتها ، أو حين تذكّرها .
فمن ذلك :
1 – ما قاله حذيفة رضي الله عنه قال : قام فينا
رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام
الساعة إلاَّ حدَّث به ، حَفِظَه مَنْ حَفِظَه ، ونَسِيَه مَنْ نَسِيَه ، قد علمه
أصحابي هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكُره كما يذكُر الرجل
وجْـهَ الرَّجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عَرَفَـه . رواه مسلم .
2 – وروى مسلم عن عمرو بن أخطب قال صلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى
ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت
الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا
3 – ما فعله عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما
حينما تولّى الخلافة سنة 64 هـ ، فإنه أعاد بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، فإن
النبي صلى الله عليه وسلم ما تَرَك ذلك إلا لحدثان الناس بالإسلام ، فلما زالت هذه
العِلّة أعاد ابن الزبير بناء الكعبة .
وشكّ عبد الملك بن مروان في ذلك فهدم الكعبة ،
وأعاد بناءها على البناء الأول .
روى الإمام مسلم أن عبد الملك بن مروان بينما
هو يطوف بالبيت إذ قال : قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين ، يقول
سمعتها تقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا عائشة لولا حدثان قومك
بالكفر لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحِجْر ، فإن قومك قصروا في البناء ، فقال
الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة : لا تقل هذا يا أمير المؤمنين فأنا سمعت أم
المؤمنين تحدِّث هذا . قال : لو كنت سمعته قبل أن أهدمه لتركته على ما بنى ابن
الزبير .
فهذا عبد الملك يعود إلى قول ابن الزبير ، وذلك
أن ابن الزبير لم ينفرد بهذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها ، وإنما رواه غيره
عنها .
هذا من جهة
ومن جهة أخرى لم يقُل عبد الملك بن مروان لِمَ
لَمْ يتذكّر ابن الزبير هذا إلا بعد أن تولّى ، وبعد ما يزيد على خمسين سنة بعد
وفاة النبي صلى الله عليه وسلم !
إلى غير ذلك مما لا يُذكر إلا في حينه ، ولا
يُذكر إلا في مناسبته .
ثم إن أبا بكرة رضي الله عنه لم ينفرِد برواية
الحديث ، شأنه كشأن حديث عائشة في بناء الكعبة على قواعد إبراهيم ، إذ لم ينفرد به
ابن الزبير عن عائشة .
فحديث: لا يُفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة قد رواه
الطبراني من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه .
فزالت العِلّة التي علّلوا بها ، وهي تفرّد أبو
بكرة بهذا الحديث ، ولو تفرّد فإن تفرّده لا يضر ، كما سيأتي – إن شاء الله – .
الشبهة الثانية :
زعم بعضهم أن الحديث مكذوب ، فقال : الكذب في
متن الحديث فهو القول بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قاله لما بلغه أن الفرس ولوا
عليهم ابنة كسرى . في حين أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم ولوا عليهم ابنة كسرى ولا
أية امرأة أخرى .
الجواب : هذا أول قائل إن في البخاري حديثا
موضوعا مكذوبا ، ولولا أنه قيل به لما تعرّضت له ! لسقوط هذا القول ، ووهاء هذه
الشبهة !
فإن كل إنسان يستطيع أن يُطلق القول على عواهنه
، غير أن الدعاوى لا تثبت إلا على قدم البيِّنة وعلى ساق الإثبات .
فإن قوله : ( في حين أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم
ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى )
دعوى لا دليل عليها ولا مستند سوى النفي العام
!
في حين أن القاعدة : الْمُثبِت مُقدَّم على
النافي .
وكُتب التاريخ قبل كُتب الحديث تنص على ذلك .
قال ابن جرير الطبري في التاريخ :
ثم ملكت بوران بنت كسرى أبرويز بن هرمز بن كسرى
أنو شروان
وقال ابن الجوزي في المنتَظَم :
ومن الحوادث ملك ( بوران ) بنت كسرى أبرويز .
اهـ .
وقد عَقَد ابن الأثير في كتابه ( الكامل في
التاريخ ) باباً قال فيه :
ذكر ملك ( بوران ) ابنة ابرويز بن هرمز بن أنو
شروان .
ثم قال : لما قُتِل شهريراز مَلَّكَتْ الفرس (
بوران ) لأنهم لم يجدوا من بيت المملكة رجلا يُمَلِّكونه ، فلما أحسنتْ السيرة في
رعيتها ، وعدلتْ فيهم ، فأصلحت القناطر ، ووضعت ما بقي من الخراج ، وردّت خشبة
الصليب على ملك الروم ، وكانت مملكتها سنة وأربعة أشهر . اهـ .
وفي البدء والتاريخ للمقدسي ما نصّه :
وكان باذان بعث برجلين إلى المدينة كما أمره
أبرويز ليأتياه بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فبينما هما عند النبي صلى الله عليه
وسلم إذ قال لهما : إن ربى أخبرني إنه قَتَل كسرى ابنه هذه الليلة لكذا ساعات مضين
منها ، فانصرف الرجلان ونظرا فإذا هو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم وثب
شهرابراز الفارسي الذي كان بناحية الروم فَمَلَك عشرين يوما ثم اغتالته بوران دخت
بنت ابرويز فقتلته ، وملكت بوران دخت سنة ونصف سنة ، فأحسنت السيرة وعَدَلَتْ في
الرعية ولم تَجْبِ الخراج ، وفرّقت الأموال في الأساورة والقوّاد ، وفيها يقول
الشاعر :
دهقانة يسجد الملوك لها *** يجبى إليها الخراج
في الجرب اهـ .
بل ذَكَر ابن كثير رحمه الله أنه مَلَك فارس
أكثر من امرأة في أزمنة متقارِبة
قال ابن كثير في البداية والنهاية :
فملكوا عليهم ابنة كسرى بوران بنت ابرويز ،
فأقامت العدل وأحسنت السيرة ، فأقامت سنة وسبع شهور ، ثم ماتت ، فملّكوا عليهم
أختها ازرميدخت زنان ، فلم ينتظم لهم أمر ، فملّكوا عليهم سابور بن شهريار وجعلوا
أمره إلى الفرخزاذ بن البندوان فزوَّجه سابور بابنة كسرى ازرميدخت ، فكرِهَتْ ذلك
، وقالت : إنما هذا عبد من عبيدنا ! فلما كان ليلة عرسها عليه هَمُّوا إليه فقتلوه
، ثم ساروا إلى سابور فقتلوه أيضا ، وملّكوا عليهم هذه المرأة ، وهي ازرمدخيت ابنة
كسرى ، ولعبت فارس بملكها لعبا كثيرا ، وآخر ما استقر أمرهم عليه في هذه السنة أن
ملّكوا امرأة ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لن يفلح قوم ولوا أمرهم
امرأة . اهـ .
وقال الذهبي في التاريخ : ومات قتلا ملك الفرس
شهر براز ابن شيرويه قتله أمراء الدولة وملكوا عليهم بوران بنت كسرى . اهـ .
ولا يخلو كتاب تاريخ من ذِكر تولِّي ( بوران )
الْحُـكُم .
فقد ذَكَرها خليفة بن خياط ، واليعقوبي ، وابن
خلدون ، واليافعي ، وكُتب تواريخ المدن ، كتاريخ بغداد ، وغيرها .
على أنه لو صحّ (أنه ليس في تاريخ الفرس أنهم
ولوا عليهم ابنة كسرى ولا أية امرأة أخرى)
لكان فيه دليل على قائله وليس له !
كيف ذلك ؟
يكون قد أثبت أنه لا يُعرف لا في جاهلية ولا في
إسلام أن امرأة تولّت مَنْصِباً !!
الشبهة الثالثة :
قول القائل : هل من المعقول أن نعتمد في حديث
خطير هكذا على راوية قد تم جلده (أبو بكرة) في عهد عمر بن الخطاب تطبيقاً لحد
القذف ؟!
الجواب :
سبق أن علِمت أن أبا بكرة رضي الله عنه لم
ينفرد برواية الحديث .
ثم الجواب عن هذه الشبهة أن يُقال :
أولاً : لا بُـدّ أن يُعلم أن أبا بكرة رضي
الله عنه صحابي جليل .
ثانياً : الصحابة كلّهم عدول عند أهل السنة ،
عُدُول بتزكية الله لهم وبتزكية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي أغْنَتْ عن كل
تزكية .
ثالثاً : أبو بكرة رضي الله عنه لم يفسق
بارتكاب كبيرة ، وإنما شهِد في قضية ، فلما لم تتم الشهادة أقام عمر رضي الله عنه
الْحَدّ على من شهِدوا ، وكان مما قاله عمر رضي الله عنه: قبلت شهادته .
وقال لهم : من أكْذَبَ نفسه قَبِلْتُ شهادته
فيما يُستَقْبَل ، ومن لم يفعل لم أُجِـزْ شهادته .
فعمر رضي الله عنه لم يقُل : لم أقبل روايته .
وفرق بين قبول الشهادة وبين قبول الرواية .
والفروق ذكرها القرافي في كتابه : الفُروق .
رابعاً : مما يؤكِّد الفرق بين الرواية
والشهادة ما نقله ابن حجر عن المهلّب حينما قال :
واستنبط المهلب من هذا أن إكذاب القاذف نفسه
ليس شرطا في قبول توبته ، لأن أبا بكرة لم يُكذب نفسه ، ومع ذلك فقد قبل المسلمون
روايته وعمِلُوا بها .
على أن آية القذف في قبول الشهادة .
وعلى أن هناك فَرْقاً بين القاذِف لغيره ، وبين
الشاهد – كما سيأتي –
خامساً : أبو بكرة رضي الله عنه لم يَـرَ أنه
ارتكب ما يُفسِّق ، ولذا لم يَرَ وجوب التوبة عليه ، وكان يقول : قد فسَّقوني !
وهذا يعني أنه لم يَرَ أنه ارتكب ما يُفسِّق .
قال البيهقي : إن صح هذا فلأنه امتنع من التوبة
من قَذْفِه ، وأقام على ذلك .
قال الذهبي : قلت : كأنه يقول لم أقذِف المغيرة
، وإنما أنا شاهد ، فجنح إلى الفرق بين القاذف والشاهد ، إذ نصاب الشهادة لو تمّ
بالرابع لتعيَّن الرجم ، ولما سُمُّوا قاذِفين .
سادساً : في الرواية تُقبل رواية المبتدع ، إذا
لم تكن بدعته مُكفِّرة ، وهذا ما يُطلق عليه عند العلماء ( الفاسق الْمِلِّي ) ،
الذي فِسقه متعلق بالعقيدة ، لا بالعمل .
وروى العلماء عن أُناس تكلّموا في القدر ،
ورووا عن الشيعة ، وليس عن الرافضة الذين غَلَوا في دين الله !
ورووا عن الخوارج لِصِدقِهم .
ورووا عمّن يشرب النبيذ .
وعن غيرهم من خالَف أو وقع في بدعة
فإذا كان هؤلاء في نظر أهل العلم قد فسقوا
بأفعالِهم هذه ، فإنه رووا عنهم لأن هؤلاء لا يرون أنهم فسقوا بذلك ، ولو رأوه
فسقاً لتركوه !
فتأمّل الفرق البيِّن الواضح .
وأبو بكرة رضي الله عنه مع كونه صحابياً جاوز
القنطرة ، إلا أنه يرى بنفسه أنه لم يأتِ بما يُفسِّق ، ولو رأى ذلك لَتَاب منه .
وهو – حقيقة – لم يأتِ بما يُفسِّق .
غاية ما هنالِك أنه أدى شهادة طُلِبت منه ، فلم
يقذِف ابتداء ، كما علِمت .
والصحابة قد جاوزوا القنطرة ، والطّعن في
الصحابة طَعن فيمن صحِبوا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
فإن القدح في خير القرون الذين صحِبُوا الرسول
صلى الله عليه وسلم قَدْحٌ في الرسول عليه السلام ، كما قال مالك وغيره من أئمة
العلم : هؤلاء طعنوا في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما طعنوا في
أصحابه ليقول القائل : رجل سوء كان له أصحاب سوء ، ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه
صالحين ، وأيضا فهؤلاء الذين نَقَلُوا القرآن والإسلام وشرائع النبي صلى الله عليه
وسلم . . اهـ .
فإن مرتبة الصُّحبة كافية في العَدَالَة .
ولذا قيل لهم ما لم يُقَل لغيرهم
ونالوا من شرف المراتب ما لم يَنَلْه غيرهم
فإنه لا يوجد أحد قيل له : اعمل ما شئت فقد
غُفِر لك ، سوى أصحاب بدر .
روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه قال :
بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال ائتوا روضة خاخ فإن
بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها ، فانطلقنا تعادي بنا خيلنا فإذا نحن بالمرأة
فقلنا : اخرجي الكتاب . فقالت : ما معي كتاب ، فقلنا : لتخرجنّ الكتاب أو لتلقين
الثياب ، فأخرجته من عقاصها ، فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من
حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا حاطب ما هذا ؟ قال : لا
تعجل عليَّ يا رسول الله إني كنت أمرا مُلصقاً في قريش - قال سفيان كان حليفا لهم
- ولم يكن من أنفسها وكان ممن كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون بها أهليهم ،
فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن اتّخِذ فيهم يَـداً يَحْمُون بها قرابتي ،
ولم أفعله كُفرا ، ولا ارتدادا عن ديني ، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام ، فقال النبي
صلى الله عليه وسلم : صَدَق ، فقال عمر : دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا المنافق
! فقال : إنه قد شهد بدرا ، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما
شئتم فقد غفرت لكم .
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً : إن
الله عز وجل اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم . رواه الإمام
أحمد .
فأنت ترى أن هذا الصحابي فَعَل ما فَعَل ، ولو
فَعَله غيره ممن لم يَنَل شرف شهود غزوة بدر ، لربما كان له شأن آخر .
ويُقال مثل ذلك في حق أبي بكرة رضي الله عنه ،
فإنه نال شرف الصحبة ، وكفى بهذا الشَّرَف تعديلا وتوثيقاً .
ثم إن أبا بكرة الثقفي له أربعة عشر حديثا في
صحيح البخاري !
فلِمَ لم يُطعَن إلا في هذا الحديث ؟
أنا أُخبِرك !
لأنه عارَض أهواء أقوام يُريدون إخراج المرأة !
الشبهة الرابعة :
ذِكر بلقيس ملكة سبأ في القرآن الكريم .
حيث قال القائل : (ويكفينا إشادة القرآن ببلقيس
ملكة سبأ وهى امرأة)
والجواب عن هذه الشُّبهة من عدّة أوجه :
الوجه الأول : أن يُقال أين هي الإشادة ؟
أفي نسبتها للضلال والكُـفر ؟
كما في قوله تعالى : {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ
تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ}
أم في ذِكر بعثها للرشوة باسم الهدية ؟!
كما في قوله تعالى : { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ
إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا
جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آَتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ
مِمَّا آَتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ}
وربما يُقصد بالإشادة ما ذُكِر عنها أنها كانت
عاقلة حكيمة
وهذا يُجاب عنه في :
الوجه الثاني : أن يُقال إنها كانت كافرة ، فهل
إذا أُثني على كافر بِعَدْلٍ أو بِعَقْلٍ يكون في هذا إشادة بِكُفره ؟!
بل وفي نفس القصة : (قَالَ عِفْريتٌ مِنَ
الْجِنِّ) فهل يُمكن أن يُقال : هذا فيه ثناء على العفاريت ! فتُولَّـى المناصِب !
وتُحكّم في الناس ؟!!!
الوجه الثالث : أن هذا لو صحّ أن فيه إشادة –
مع ما فيه من ذمّ – فليس فيه مستند ولا دليل .
أما لماذا ؟
فلأن هذا من شرع من قبلنا ، وجاء شرعنا بخلافه
.
الوجه الرابع :
أن هذا الْمُلك كان لِبلقيس قبل إسلامها ،
فإنها لما أسلمت لله رب العالمين تَبِعَتْ سُليمان عليه الصلاة والسلام ، فقد حكى
الله عنها أنها قالت : (قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ
سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
فلما أسلمت مع سليمان لم يعُد لها مُلك ، بل
صارت تحت حُكم سليمان عليه الصلاة والسلام .
أخيراً
:
إلى كل من خاض في مسألة تولية المرأة للمناصِب
، ومن يُطالِب أن تكون المرأة ( قاضية ) !
بل ويستدل بعضهم بما كان من الكفّار قديما
وحديثا .
أما قديما فيستدلّون بقصة بِبلقيس !
وأما حديثاً فيستشهدون بحُكم ( اليزابيث ) !
وعجيب ممن ترك الكتاب والسنة وأصبح يستدلّ على
صحة أقواله بأحوال الكفار قديما وحديثاً !
ومتى كانت أفعال الكفار مصدراً للتشريع ؟؟!!
أما حُكم ملكة بريطانيا فإنه في الواقع تشريفي وراثي
فحسب .
ثم إن المتنفِّذِين في السياسة والحياة العامة
هم مِن الرجال سواء بسواء في بقية الدول الأوربية .
ولو لم يكن كذلك فإنه من أفعال النصارى التي لا
مستند فيها ولا دليل ولا شُبهة أصلاً !
ثم إنهم يزعمون أن المرأة الغربية أكثر حصولاً
على الحقوق من غيرها ، وهي لا تتولّى المناصب الكبرى ذات الخطورة والأهمية .
" وحتى الآن فجميع رؤساء الولايات المتحدة
هم من الرِّجال البِيض ذوي نفوذ مالي واجتماعي كبير "
كما قال د . المسلاتي في كتابه ( أمريكا كما
رأيتها ) .
وهذا يؤكِّـد أن الدعاوى في وادٍ والواقع في
وادٍ آخر !!
ويؤكِّد أيضا أن شُبهات القوم إنما تُثار في
بلاد الإسلام فحسب !
وإلا فما معنى أن تُطالَب المرأة أن تتولّى
القضاء والمناصِب القيادية ، وهي لا تأخذ نصيبها من قيادة وإدارة دفّـة الْحُـكْـم
؟؟؟!!!
والله نسأل أن يهدينا سواء السبيل .
كتبه
/ عبد الرحمن السحيم
الرياض
_____________
(583)
أخرجه ابن أبي شيبة (1/75/2) بسند صحيح.
(584)
رواه البخاري في «التاريخ الصغير» ص95.
(585)
صفة صلاة النبي 170.
(586)
صحيح أخرجه أبو زرعة في «تاريخ دمشق» ت (88/1) عن ابن عباس رضي الله عنهما
مرفوعاً به وأخرجه أبو داود (1985) والدارمي (2/64) والدارقطني ص 277 وانظر
«السلسلة الصحيحة» (2/605).
(587)
انظر: المغني لابن قدامة (3/394).
(588)
أخرجه البخاري (769-مختصرة) والطيالسي (1513) وأحمد (6/32-100-180).
(589)
صحيح انظر إرواء الغليل (4/1121).
(590)
إرواء الغليل (7/2332).
(591)
ابن قيم، المنار.
(592) انظر: «موسوعة الإجماع للسعدي» و«فقه عمر
بن الخطاب» للدكتور رويعي الرحيلي (3/470).
(593) سورةالنساء:11.
(594) سورة النساء: 12.
(595) سورة النور: 4.
(596)
سورة الطلاق: 2.
(597)
سورة البقرة:282.
(598)
ضعيف أخرجه الدارقطني (524) والبيهقي (10/151) وانظر «إرواء الغليل،
(8/2684).
(599)
وانظر لذلك أيضًا صحيح سنن الترمذي (1/337).
(600)
رواه الترمذي (1/286) وأحمد (6/31-158) وابن ماجه (3263) وابن حبان (1058).
والبيهقي (9/301) وإسناده صحيح على شرط مسلم.
(601)
رواه أحمد (6/165) وابن ماجه (2901) بإسناد صحيح.
(602)
صحيح.أخرجه الترمذي: 22 باب 8 وأحمد (2/9) والبخاري (3665ح 5783) في اللباس
ومسلم ك 37ح42-50 عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(603)
صحيح. رواه أحمد (1/76-97) وأبو داود (378) والترمذي (1/119) وابن ماجه
(525) والطحاوي (1/55) والدارقطني ص47 وانظر إرواء الغليل (166).
(604)
رواه أحمد بإسناد صحيح (1/222).
(605)
طرف من حديث صحيح رواه البخاري ح5971 ومسلم ك45ح1-4 عن المغيرة بن شعبة رضي
الله عنه.
(606)
رواه المخلص في «الفوائد المنتقاة (9/5/2) وابن حبان في «صحيحه» (1969)
وابن عدي (192/1) عن أبي هريرة رضي الله عنه، وسنده حسن.وانظر (السلسلة الصحيحة»
(1/856).
(607)
رواه ابن حبان كما في الموارد 1969، والكامل لابن عدي 192/1) والبيهقي في
الشعَب 2/475/2 عن أبي هريرة وصححه الألباني في الصحيحة ح856.
(608)
صحيح ابن ماجه (3669) والبخاري في «الأدب المفرد (76) وأحمد (4/154) عن
عقبة بن عامر رضي الله عنه وانظر السلسلة الصحيحة (293-1027).
(609) رواه البخاري ومسلم وأحمد 6/27،29، 33،87
عن عائشة رضي الله عنها.
(610)
صحيح، وتقدم ص114.
(611)
حديث حسن. أخرجه الترمذي والحاكم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛
وتقدم تخريجه ص117.
(612)
سورة النور: 6.
(613)
صحيح. أخرجه ابن ماجه (1882) والدارقطني (384) والبيهقي (7/110) عن أبي
هريرة رضي الله عنه وانظر «إرواء الغليل» (6/1841).
(614)
حديث صحيح. أخرجه البخاري 4425 ح 7099 في الفتن والترمذي ك 31 باب 75 وأحمد
5/38، 43 عن أبي بكرة رضي الله عنه وانظر الضعيفة (1/436) و «إرواء الغليل»
(2613).
(615)
حديث حسن. رواه النسائي 8/153ح 5126 والحاكم في المستدرك 2/396 وأحمد في
المسند 4/400 عن أبي موسى رضي الله عنه وانظر صحيح الجامع (2701).
(616)
صحيح. أخرجه الترمذي(1/321) والنسائي(2/285) والطيالسي(506) وأحمد(4/394)
والبيهقي(3/275). وانظر السلسلة الصحيحة 1/662-663
(617)
أخرجه البخاري (3/114-9/400-401) عن أم حبيبة رضي الله عنها.
(618)
سورة البقرة: 234.
(619)
سورة البقرة: 228.
(620)
قلت: وكذالك يُمْنَع من الزواج من أخت مطلقته طلاقًا رجعيًا أو عمتها أو
خالتها.
(621)
أخرجه البخاري (1/328) ومسلم (3/47) والسياق له وأبو داود (2/63) وابن ماجه
(1/487) وأحمد (6/408) والبيهقي (4/77).
(622)
الألباني، أحكام الجنائز ص147.
(623)
إرواء الغليل (5/1238).
(624)
صحيح أخرجه الترمذي ك 41 باب 35ح2938، 2939 وحسنه عن أبي هريرة رضي الله
عنه.
(625)
سبق في التعليق ص129 بيان صحة الحديث ومخرجيه.
=======================
السؤال: ما هي
حقوق المرأة في الإسلام ؟ وكيف تغيرت منذ العصر الذهبي للإسلام ( من القرن
الجواب:
الحمد لله
أولا :
لقد كرم الإسلام المرأة تكريما عظيما ، كرمها
باعتبارها ( أُمّاً ) يجب برها وطاعتها والإحسان إليها ، وجعل رضاها من رضا الله
تعالى ، وأخبر أن الجنة عند قدميها ، أي أن أقرب طريق إلى الجنة يكون عن طريقها ،
وحرم عقوقها وإغضابها ولو بمجرد التأفف ، وجعل حقها أعظم من حق الوالد ، وأكد
العناية بها في حال كبرها وضعفها ، وكل ذلك في نصوص عديدة من القرآن والسنة .
ومن ذلك : قوله تعالى : ( وَوَصَّيْنَا
الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ) الأحقاف/15 ، وقوله : ( وَقَضَى رَبُّكَ
أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ
عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا
تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ
مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا )
الإسراء/23، 24 .
وروى ابن ماجه (2781) عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ
جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَال َ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي كُنْتُ
أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ
الآخِرَةَ : قَالَ : وَيْحَكَ أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ . قَالَ :
ارْجِعْ فَبَرَّهَا . ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ الْجَانِبِ الآخَرِ فَقُلْتُ : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ
وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟
قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : فَارْجِعْ إِلَيْهَا فَبَرَّهَا .
ثُمَّ أَتَيْتُهُ مِنْ أَمَامِهِ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي كُنْتُ
أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ وَالدَّارَ
الآخِرَةَ ، قَالَ : وَيْحَكَ ! أَحَيَّةٌ أُمُّكَ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ يَا رَسُولَ
اللَّهِ . قَالَ : وَيْحَكَ الْزَمْ رِجْلَهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ ) صححه الألباني
في صحيح سنن ابن ماجة . وهو عند النسائي (3104) بلفظ : ( فَالْزَمْهَا فَإِنَّ
الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا ) .
وروى البخاري (5971) ومسلم (2548) عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ
النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ :
ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ .قَالَ : ثُمَّ مَنْ
؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ ) .
إلى غير ذلك من النصوص التي لا يتسع المقام
لذكرها .
وقد جعل الإسلام من حق الأم على ولدها أن ينفق
عليها إذا احتاجت إلى النفقة ، ما دام قادرا مستطيعا ، ولهذا لم يعرف عن أهل
الإسلام طيلة قرون عديدة أن المرأة تُترك في دور العجزة ، أو يخرجها ابنها من
البيت ، أو يمتنع أبناؤها من النفقة عليها ، أو تحتاج مع وجودهم إلى العمل لتأكل
وتشرب .
وكرم الإسلام المرأة زوجةً ، فأوصى بها الأزواج
خيرا ، وأمر بالإحسان في عشرتها ، وأخبر أن لها من الحق مثل ما للزوج إلا أنه يزيد
عليها درجة ، لمسئوليته في الإنفاق والقيام على شئون الأسرة ، وبين أن خير
المسلمين أفضلُهم تعاملا مع زوجته ، وحرم أخذ مالها بغير رضاها ، ومن ذلك قوله
تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء/19 ، وقوله : ( وَلَهُنَّ
مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ
وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) البقرة/228 .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( اسْتَوْصُوا
بِالنِّسَاءِ خَيْرًا ) رواه البخاري (3331) ومسلم (1468) .
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُكُمْ
خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي ) رواه الترمذي (3895) وابن
ماجه (1977) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
وكرمها بنتا ، فحث على تربيتها وتعليمها ، وجعل
لتربية البنات أجرا عظيماً ، ومن ذلك : قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ عَالَ
جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ وَضَمَّ
أَصَابِعَهُ ) رواه مسلم (2631) .
وروى ابن ماجه (3669) عن عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ
رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ : ( مَنْ كَانَ لَهُ ثَلاثُ بَنَاتٍ ، فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ ،
وَأَطْعَمَهُنَّ وَسَقَاهُنَّ وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ كُنَّ لَهُ حِجَابًا
مِنْ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه
وقوله : (من جِدَته) أي من غناه .
وكرم الإسلام المرأة أختا وعمة وخالة ، فأمر
بصلة الرحم ، وحث على ذلك ، وحرم قطيعتها في نصوص كثيرة ، منها : قوله صلى الله
عليه وسلم : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أَفْشُوا السَّلامَ ، وَأَطْعِمُوا
الطَّعَامَ ، وَصِلُوا الأَرْحَامَ ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ ،
تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلامٍ ) رواه ابن ماجه (3251) وصححه الألباني في صحيح
ابن ماجه .
وروى البخاري (5988) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : قال اللَّهُ تعالى – عن الرحم- : ( مَنْ
وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ ، وَمَنْ قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ) .
وقد تجتمع هذه الأوجه في المرأة الواحدة ،
فتكون زوجة وبنتا وأما وأختا وعمة وخالة ، فينالها التكريم من هذه الأوجه مجتمعة .
وبالجملة ؛ فالإسلام رفع من شأن المرأة ، وسوى
بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام ، فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة ، ومساوية
له في جزاء الآخرة ، ولها حق التعبير ، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو
إلى الله ، ولها حق التملك ، تبيع وتشتري ، وترث ، وتتصدق وتهب ، ولا يجوز لأحد أن
يأخذ مالها بغير رضاها ، ولها حق الحياة الكريمة ، لا يُعتدى عليها ، ولا تُظلم .
ولها حق التعليم ، بل يجب أن تتعلم ما تحتاجه في دينها .
ومن قارن بين حقوق المرأة في الإسلام وما كانت
عليه في الجاهلية أو في الحضارات الأخرى علم حقيقة ما قلناه ، بل نجزم بأن المرأة
لم تكرم تكريما أعظم مما كرمت به في الإسلام .
ولا داعي لأن نذكر حال المرأة في مجمتع الإغريق
أو الفرس أو اليهود ، لكن حتى المجتمعات النصرانية كان لها موقف سيء مع المرأة ،
فقد اجتمع اللاهوتيون في "مجمع ماكون" ليبحثوا : هل المرأة جسد بحت أم
جسد ذو روح ؟! وغلب على آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجية ، ولا يستثنى من ذلك
إلا مريم عليها السلام .
وعقد الفرنسيون مؤتمرا سنة 586م للبحث في شأن
المرأة : هل لها روح أم لا ؟ وإذا كانت لها روح هي روح حيوانية أم روح إنسانية ؟
وأخيرا قرروا أنها إنسان ! ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب .
وأصدر البرلمان الإنجليزي قرارا في عصر هنري
الثامن يحظر على المرأة أن تقرأ "العهد الجديد" لأنها تعتبر نجسة .
والقانون الإنجليزي حتى عام 1805 م كان يبيح
للرجل أن يبيع زوجته ، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات .
وفي العصر الحديث أصبحت المرأة تطرد من المنزل
بعد سن الثامنة عشرة لكي تبدأ في العمل لنيل لقمة العيش ، وإذا ما رغبت في البقاء
في المنزل فإنها تدفع لوالديها إيجار غرفتها وثمن طعامها وغسيل ملابسها !
ينظر : "عودة الحجاب" (2/47- 56) .
فكيف يقارن هذا بالإسلام الذي أمر ببرها
والإحسان إليها وإكرامها ، والإنفاق عليها ؟!
ثانياً :
وأما تغير هذه الحقوق عبر العصور ، فلا تغير
فيها من حيث المبدأ والتأصيل النظري ، وأما من حيث التطبيق فالذي لا شك فيه أن
العصر الذهبي للإسلام كان المسلمون فيه أكثر تطبيقا لشريعة ربهم ، ومن أحكام هذه
الشريعة : بر الأم والإحسان إلى الزوجة والبنت والأخت والنساء بصفة عامة . وكلما
ضعف التدين كلما حدث الخلل في أداء هذه الحقوق ، لكن لا تزال طائفة إلى يوم
القيامة تتمسك يدينها ، وتطبق شريعة ربها ، وهؤلاء هم أولى الناس بتكريم المرأة
وإيصال حقوقها إليها .
ورغم ضعف التدين عند كثير من المسلمين اليوم
إلا أن المرأة تبقى لها مكانتها ومنزلتها ، أمّاً وبنتا وزوجة وأختا ، مع التسليم
بوجود التقصير أو الظلم أو التهاون في حقوق المرأة عند بعض الناس ، وكل مسئول عن
نفسه .
الإسلام سؤال وجواب
===================
1- في الحضارات السابقة للإسلام :
كانت المرأة, في الحضارات القديمة تحرم من حقها
في الإرث حتى لا ينتقل المال بزواج البنت من بيت الأب الى بيت الزوج, وكان ينحصر
الإرث في الابن الأكبر البالغ القوي القادر على حمل السلاح والدفاع عن القبيلة0
2- في الشريعة الإسلامية :
لقد تناولت الشريعة الاسلامية مسائل التوريث بإفاضة
وتفصيل وتحديد شمل جميع حالات التوارث وسببه وموانعه وترتيبه0
أ- (حق المرأة في الأرث) :
أعطى الإسلام المرأة الحق في إرث والديها
وأقاربها وجعله نصيباً مفروضاً لها لقوله تعالى :( لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا
تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا
مَّفْرُوضًا (7)النساء)0
ويرى فقهاء المسلمين أن هذه الآية تقرر قاعدة
عامة في تثبيت شرعية الإرث الذي يحق للجنسين -الرجال والنساء- كما يرون فيه
تشريعاً حقوقياً لسنة جديدة لم تكن مألوفة من قبل وهي توريث المرأة0
وتنحصر أسباب الإرث في الشريعة الإسلامية في
ثلاثة : الزوجية والقرابة والتعصيب0 وأنواعه بثلاثة أيضاً : { الإرث بالفرض و
الإرث بالتعصيب و الإرث بالرحم }
1- {الإرث بالفرض} :
والفرض "لغة " معناه التقدير, وقد
أطلق الفقهاء على بحث المواريث " علم الفرائض " لأن أنصباء الورثة
محدودة
مقطوعة0 فالتوريث بالفرض يعتبر, بمثابة ميراث
بالتخصيص أي أن أصحاب الفروض يأخذون فرضهم أو حصتهم المحفوظة من التركة قبل أي
وارث آخر نزولاً عند حديث الرسول الشريف : " الحقوا الفرائض بأهلها , فما بقي
فهي لأولى رجل ذكر "0
ترث المرأة بالفرض في ثمانية حالات في حين لا
يرث الرجل بالفرض إلا في أربعة حالات فقط0
وهذه الحالات التي ترث فيها المرأة بالفرض هي :
*الزوجة : ونصيبها محدد بالآية :
(وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن
لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا
تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ (12)النساء)
*الأم : ونصيبها محدد بالآية :
(وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا
السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ
وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ
السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ
وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ
اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا (11)النساء)
*البنت : فرض لها النصف إذا لم يكن معها أخ أو
أخت : (وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ (11) النساء )
*بنت الأبن : ترث بالفرض إذا لم يكن يحجبها فرع
وارث أعلى منها لا من الذكور ولا من الإناث0
*الأخت الشقيقة : ترث أخاها المتوفي النصف
فرضاً إن كانت واحدة أي ليس لها أخ أو أخت شقيقة وألا ترث وفق (وَإِن كَانَ رَجُلٌ
يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ
مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي
الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ
وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) النساء)0
*الأخت لأب : إذا لم يكن معها أخت شقيقة
للمتوفي تخضع لنفس أحكام الأخت الشقيقة0
*الجدة الصحيحة : وهي أم لأب أو أم أب الأب ,
أو أم الأب وكذلك أم الأم, وهي ترث بواقع السدس إن كانت واحدة0
2- {الإرث بالتعصيب}:
ترث المرأة بالتعصيب إذا كانت تشترك في جهة
القرابة بدرجة واحدة كالأخ مع أخته الشقيقة أو أخوته, وكبنت الابن مع ابن مساو لها
في الدرجة ولم يحجبهم من هو أقرب منهم درجة0 ففي هذه الحالات ترث الأنثى نصف ما
يرثه الذكر طبقاً للقاعدة الإسلامية واستناداً
إلى الآية :
( يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ
لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ (11)النساء)0
والحالات التي ترث فيها الأنثى بالتعصيب هي :
البنت, بنت الابن, الأخت لأبوين, والأخت لأب0
3- {الإرث بالرحم} :
يعرف الفقهاء ذوي الارحام, بالأقارب من غير
أصحاب الفروض أو الأعصاب مثل : أولاد البنت, والجد غير الصحيح (وهو أبو الأم وأبو
أم الأب) والجدة غير الصحيحة وأبناء الإخوة لأم وأولاد الأخوات وبنات الأخوة0
والشريعة الإسلامية لم تورد نصاً صريحاً في
تأريث ذوي الأرحام ولكن جمهور الفقهاء يرى تأريثهم بترتيبهم في الإرث, وفي حال لم
يترك المتوفي أحداً من أصحاب الفروض ولا من العصبة من أقاربه
0
ب- (الانتقادات)
على الرغم من كل هذه الحقوق المتعددة التي
منحتها الشريعة الإسلامية للمرأة في الميادين المختلفة جميعها وعلى الرغم من أن
معظم هذه الحقوق لم تنلها " المرأة العالمية " اليوم في مختلف دول
العالم إلا بعد جهود كبيرة ومتتابعة وظلت في أكثرها بشكل مطالب تسعى إلى تنفيذها
الأمم المتحدة, فإن بعض المتحاملين على الاسلام , تذرعوا " بقاعدة الإرث "
عند المسلمين التي تقول : " للذكر مثل حظ الأنثيين " ليوجهوا أنتقاداتهم
اللاذعة فيقولون :
" إن هذه القاعدة تكرس مبدأ التمييز ضد
المرأة وهي تلحق بها الجور والضرر على أعتبار أن الولد يرث ضعفي ما ترثه البنت من
الأبوين0 ومن هذه الانتقادات ما جاء على لسان " جبريال بير " من قوله
:" إن قضية الإرث ونصيب المرأة منه نصف نصيب الرجل لهو بدون شك سبب مهم
بالنسبة لدونية المرأة العربية المسلمة"0
وقد لقى هؤلاء المتحاملين على الأسلام , صدى
ليس فقط عند غير المسلمين بل عند بعض الفئات المسلمة الجاهلة جهلاً مطبقاً لأحكام
الشريعة والغاية النبيلة التي وضعت من أجلها, فطالبت هي الأخرى بتعديل هذه القاعدة
حتى يتساوى نصيب الذكر و الأنثى في الميراث0
فلهؤلاء نقول :
إن قاعدة " التنصيف " هذه ليست قاعدة
مطردة وثابتة في جميع أنصبة الإرث التي تتعلق بالنساء فهناك حالات :
1- يتساوى فيها الذكر مع الأنثى في نصيبهما من
الإرث0 فقد تساوى نصيب الأب وهو مذكر , مع نصيب الأم وهي أنثى في ميراث أبنهما0
وكذلك يتعادل نصيب الأخ والأخت في الميراث إذا كان رجل يورث كلالة (أي ليس له والد
ولا ولد)0 فلكل واحد منهما السدس0
2- إن قاعدة التنصيف مفروضة فقط في أنصبة الإرث
وليس على مال التركة كله0 إذ قد تزيد حصة الإناث على حصة الذكور في مجموع مال
التركة0 مثلاً : إذا توفي رجل وله زوجة وأم وثلاث بنات ومولود ذكر , فإن مجموع ما
ترثه الإناث يفوق ما يرثه الذكر0
3- إن هذه القاعدة لا تطبق في المال الموهوب,
إذ للبنت أن تتساوى مع أخيها في الهبة أي في العطاء الأبوي الممنوح وهو على قيد
الحياة بل يحظر تفضيل الابن على البنت لقوله(
) عن أم سلمة أنها قالت : " يا رسول الله, هل لي في بني أبي سلمة أجر
أن أنفق عليهم, ولست بتاركتهم هكذا, ولا هكذا (أي يتفرقون في طلب القوت يميناً
وشمالاً) إنا هم بني0
فقال النبي " لك أجر ما أنفقت عليهم
"0
2- أن يعول زوجه وأولاده , ويؤمن لهم المسكن
والمأكل والمشرب والملبس وسائر مصاريف تكاليف الحياة المعيشية من تطبيب وتعليم
وترفيه, والمرأة معفاة من ذلك0
3- أن يؤمن نفقة الزوجة إذاما طلقت حتى تنتهي
مدة عدتها, وقد تمتد فترة النفقة إذا ما كانت حاملاً إلى أن تضع حملها0 كما يطلب
من الرجل أن يؤمن أجرة الرضاعة إذا أمتنعت الأم عن إرضاع رضيعها0 والمرأة معفاة من
ذلك0
يقول تعالى : ( وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ
رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ
وُسْعَهَا (233) البقرة)0
( وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا
عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ (6)الطلاق)
( وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ
أُخْرَى (6)الطلاق )0
4- أن يقدم المهر لعروسه قل أو كثر و لا تتكلف
المرأة شيئاً لقوله تعالى : (وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً
(4)النساء)0
إذن هذه الأعباء المالية الملقاة على عاتق
الرجل شرعاً, هي التي أدت الى هذا التفاوت في أنصبة الإرث بينه وبين المرأة0
وعليه يمكن القول بأن الرجل والمرأة متعاكسان
في الملك والمصروف, فليس هناك من غبن أو ظلم- كما يتوهم المغرضون - في قضية
الميراث عند المسلمين بتطبيق قاعدة التنصيف0 ومقارنة سريعة وبسيطة بين ما يمكن أن
تملكه النساء المسلمات عن طريق الإرث وما يمكن أن تحصل عليه النساء غير المسلمات
في العالم من أموال معتمدين على ماجاء في تقرير برنامج :
" خطة العمل العالمية للنصف الثاني من عقد
الأمم المتحدة للمرأة العالمية عام 1980 "
لأدركنا بطلان التعرض لهذه القاعدة موضوع
الانتقادات0
يقول التقرير : " فبينما تمثل المرأة 50%
من سكان العالم الراشدين وثلث قوة العمل الرسمية , فإنها تعمل تقريباً ثلثي ساعات
العمل ولا تتلقى إلا عشر الدخل العالمي, وتمتلك أقل من واحد بالمائة من الممتلكات
في العالم "0
بينما مقدار أو نسبة ما تملكه المرأة المسلمة
عن طريق الإرث يمثل 33.33 بالمائة رغم قاعدة التنصيف0 فالدعوة إلى تغير "
قاعدة التنصيف " في قضية الإرث دعوة لا يمكن أن تعطي ثماراً مقنعة للداعين
لها, هذا فضلاً عن أنها حكم شرعي إلهي لا يقبل التعديل ولا التبديل ومن أعلم
بمصلحة الخلق إلا هو سبحانه وتعالى ؟0
5- رأي المنصفين بنظام التوريث عند الإسلام :
جاء على لسان " أنا بيزنت " في
كتابها : " الآديان المنتشرة في الهند " ما يلي :
" إن قاعدة الإرث في الإسلام للمرأة, أكثر
عدلاً وأوسع حرية من ناحية الاستقلال الذي يمنحه إياه القانون المسيحي الإنكليزي0
وما سنه الإسلام للمرأة يعتبر قانوناً نموذجاً إذ تكفل بحمايتها في كل ماتملكه عن
أقاربها أو زوجها أو أبيها "0
كما جاء على لسان " غوستاف لوبون "
في هذا الموضوع ما يلي :
" منح القرآن المرأة حقوقاً إرثية بأحسن
مما في قوانيننا الأوروبية0 وإن قوانين الميراث التي نص عليهاالقرآن على جانب كبير
من العدل والأنصاف0 وأن الشريعة الإسلامية منحت الزوجان حقوقاً في المواريث لا نجد
مثلها في قوانيننا "0
--------------
منقول عن: ( حقوق المرأة بين الشرع الإسلامي
والشرعة العالمية لحقوق الإنسان )
====================
الرد على افتراء
لعنة الملائكة للمرأة التى ترفض دعوة زوجها للفراش
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الزواج مبني على التفاهم والمحبة والتراحم
والمعاشرة الحسنة بالمعروف وإعطاء كل من الزوجين للآخر حقه.... قال الله تعالى:
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}، وقال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ
الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
وينبغي لكلا الزوجين أن يكون ستراً ولباساً
لصاحبه يعفه عن التطلع إلى ما حرم الله تعالى، وأن يقيما حياتهما على طاعة الله
ومن ذلك تشاورهما في برامجهما، ولكن شرع الله حاكم عليهما ويجب التسليم له دائماً،
ولا شك أن امتناع الزوجة عن موافقة زوجها في طلب الفراش معصية خطيرة يجب الحذر
منها، لما توجبه من سخط الله ولعن الملائكة، كما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي
الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فلم
تأته، فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه
فتأبى عليه إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها حتى يرضى عنها.
ومحل هذا إذا لم يكن لديها عذر شرعي كالصيام
الواجب والمرض أو نحو ذلك، فإذا كانت المرأة معذورة شرعاً، كأن كانت مريضة لا تطيق
الجماع مثلاً، فلا حرج عليها إن لم تجبه إلى ذلك، بل قد يحرم عليها إجابته إلى
الجماع أحياناً، كأن دعاها إليه وهي حائض، أو صائمة في صيام واجب أو محرمة بنسك.
ولكن مما ينبغي التنبه له أن الدعوة إلى الفراش
أعم من الجماع، فيجب عليها أن تجيبه للاستمتاع بها بما فوق الإزار إن كانت حائضاً،
وبما تطيقه إن كانت مريضة، قال النووي في شرحه لهذا الحديث: فيه دليل على تحريم
امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي، وليس الحيض بعذر في الامتناع لأن له حقا من
الاستمتاع بما فوق الإزار. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قوله:
"فبات غضبان عليها" المعصية منها تتحقق بسبب الغضب منه، بخلاف ما إذا لم
يغضب من ذلك فلا تكون المعصية متحققة، إما لأنه عذرها، وإما لأنه ترك حقه من ذلك.
انتهى.
كما يجب على المسلم الاستسلام لما حكم الله به
ورسوله صلى الله عليه وسلم، والبعد عن الاعتراض وتحكيم العقول فيما ثبتت فيه نصوص
الوحي، فقد قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى
اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ
وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا {الأحزاب:36}،
وقال تعالى: وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {القصص:68}، وقال
الله تعالى: فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ
وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا {النساء:65}.
وقال العلامة ابن القيم رحمة الله عليه: أقسم
سبحانه بنفسه المقدسة قسما مؤكداً بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا
رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع، وأحكام الشرع المعاد، ولم يثبت لهم
الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج، وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه
كل الانشراح، وتقبله كل القبول، ولم يثبت لهم الإيمان بذلك حتى ينضاف إليه مقابلة
حكمه بالرضى والتسليم وعدم المنازعة، وانتفاء المعارضة والاعتراض.
وقال عز وجل في كتابه مبينا أن السخط من أحكامه
وعدم الرضا بها كفر: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ
وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ {محمد:28}، وذكر العلماء سبعة
شروط لـ (لا إله إلا الله) حتى ينتفع بها قائلها، ومنها: الانقياد والقبول لما دلت
عليه لا إله إلا الله من: إفراده تعالى بالعبادة والطاعة، ثم إن الله تعالى جعل
للمرأة حقوقا على الرجل يجب عليه أن يسلمها لها، وأوجب عليها مقابل ذلك طاعته
وتسليم نفسها له إن أرادها للفراش وكانت مستطيعة، لأن الزوج يستحق بالعقد تسليم
العوض عن ما أصدقها وهو الاستمتاع بها، كما تستحق المرأة العوض وهو الصداق، فمتى
ما طلب الرجل زوجته وجب عليها طاعته في ذلك ما لم يمنعها منه مانع شرعي، أو مانع
في نفسها كمرض ونحوه، ولا يخفى أن على الرجل أن يراعي حقوق زوجته ويتقي الله تعالى
فيها، فالله سبحانه وتعالى يقول: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ
بِالْمَعْرُوفِ {البقرة:228}.
==============
سلب أو تقييد حق
الرجل في الطلاق
مما يزيد الأمر وضوحاً بتبعية أولئك القوم
للغرب ، وانسياقهم وراء حضارته وقوانينه وأفكاره ، ما ينادون به ويطالبون حكوماتهم
بتنفيذه من سلب الأزواج حق إيقاع الطلاق بمفردهم ، وجعله في يد القاضي ، بحيث لا
يكون للزوج أن ينفرد بإيقاع الطلاق ، ولا للزوجين أن يتراضيا على الطلاق فيما
بينهما ، بل لا بد من رفع دعوى أمام القضاء ، وتقتنع المحكمة بوجاهة الأسباب
الداعية إلى الطلاق ، تماماً كما تجري عليه القوانين الغربية وبخاصة القانون
الفرنسي.
وهم يدّعون أنهم يهدفون بهذا التقييد إلى حفظ
حقوق المرأة من أن تنتقص ، وإلى حفظ رباط الزوجية من أن ينفصم لأسباب قد لا تكون
من الأهمية بحيث تقطع العلائق الزوجية من أجلها.
وفات هؤلاء أن انفراد الزوج بإيقاع الطلاق بحيث
لا يملكه غيره أحد إلا بتوكيل منه أو تفويض منه ، حق أعطاه الله له ، وتشريع شرعه
الله سبحانه وتعالى لا يجوز سلبه ، أو الانتقاص منه ، إلا بأمر الشارع ، وبشروطه
التي ذكرت في الشريعة ، كما دلت النصوص على ذلك ، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا
إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة
تعتدُّونها) ، وقال تعالى: (لا جُناح عليك إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا
لهن فريضة) ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) ،
وقد ورد أنه قال ذلك لما جاءه رجل وقال: يا رسول الله سيدي زوَّجني أَمَتَه وهو
يريد أن يفرق بيني وبينها ، فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ثم صعد على
المنبر وقال ذلك.
وهي نصوص صريحة واضحة الدلالة على تولي الزوج
وحده إيقاع الطلاق بأمر الله وتشريعه.
والإسلام إنما أجاز تدخل القضاء في هذه الشؤون
حينما تدعو إلى ذلك ضرورة كما إذا فات الإمساك بالمعروف ، وامتنع الزوج من التسريح
بالإحسان ، فيقوم القاضي بالتفريق بينهما دفعاً للظلم عن الزوجة ، وكذلك في حالة
الإعسار بالنفقة أو غيبته غيبة طويلة وطلبت الزوجة التفريق ، أو لأي سبب آخر أعطى
فيه الشرع الحق للوالي بتولي التفريق بين الزوجين.
فإذا سُلب الأزواج هذا الحق في جميع الحالات
كان ذلك مخالفاً للمقرر في الشريعة وهو لا يجوز.
وجعل الطلاق في يد القاضي كما يريد هؤلاء هو في
الواقع حكم على الرجال جميعاً – بغير فرق بين عاقل وسفيه وبين مثقف وجاهل – بأنهم
سفهاء ، لا يحسنون التصرف ، ولا يوثق بهم في أخص شأن من شؤونهم ، ومن ثم يجب الحجر
عليهم في إيقاع الطلاق ، صيانة لرابطة الزواج من العبث وسوء الاستعمال.
والعجب من أناس أكرمهم الله بالعقل ، وخاطبهم
بشرائعه وأحكامه ، وجعلهم أهلاً لكافة التصرفات ، وقُوَّاماً على زوجاتهم وأولادهم
، ثم يأبون هذا التكريم ، ويعلنون أنهم ليسوا موضعاً لهذه الثقة ، ولا أهلاً لهذه
القوامة ، وأنهم في حاجة إلى فرض رقابة قضائية عليهم ، عند الرغبة في إنهاء
العلاقة بينهم وبين زوجاتهم.
ثم إن ذلك سوف يفشل عند التطبيق أو يحدث المضار
والمساوئ أضعاف محاسنه المزعومة.
فقد يكون سبب عدم الوفاق أموراً لا يمكن ضبطها
وإثباتها مثل النفور الطبيعي بينهما أو عدم التلاؤم في الأخلاق والطباع ، فإنها
أمور نفسية يعسر إثباتها.
فما هي الوسيلة التي يستطيع الزوج بها إثبات
بغضه؟ وما هو الميزان الذي يزن به القاضي مقدار البغض الذي يستوجب الطلاق؟ وهل
يطلق القاضي حينئذ أم لا يطلق؟ فإن طلق فما الفرق بين طلاقه حينئذ وطلاق الزوج
نفسه؟ وإن لم يطلق فإنها لن تكون هناك حياة زوجية مستقرة ، يشعر فيها الزوجان
بالسكن إلى بعضهما ، والتعاطف والتراحم فيما بينهما ، ويتربى في ظلها الأبناء
تربية سليمة ، والمصلحة تقضي بقطع هذه العلاقة وإنهاء الرباط ، وقد يكون سبب عدم
الوفاق أموراً لا يصح إعلانها ، حفاظاً على كرامة الأسرة وسمعة أفرادها أو مستقبل
أبنائها وبناتها ، فإذا فرض على الناس ألا يطلقوا إلا بعد إعلان هذه الأسباب ،
أمام المحاكم ، وتقديم الأدلة القاطعة عليها ، واقتناع القاضي بها ، فإنهم بذلك
سيكونون أمام خيارين كلاهما مر ،
- إما أن يؤثروا عدم فضيحة أنفسهم وزوجاتهم وأسرهم
بإعلان أسباب الطلاق أمام المحاكم ، فيبقوا بذلك على أوضاع تأباها الكرامة ،
ويأباها الخلق الفاضل ، وتأباها مصلحة الأسرة نفسها.
- وإما أن يعلنوها فيسجلوا بذلك عاراً كبيراً
على أنفسهم ، وعلى أسرهم ، وإذا توعرت طرق الطلاق إلى هذا الحد ، فقد يحمل أحد
الطرفين عناده ورغبته في الانفصال على اختلاق تهم ، وإلصاقها بالطرف الآخر لتتم له
رغبته ، كما يحدث الآن في الغرب ، وسوف يترتب على هذا أضرار بليغة تلحق بالأسرة
بوجه خاص ، وتفسد شؤون التقاضي والنظام الاجتماعي والخلقي بوجه عام.
ومن المساوئ الكبرى أن في حكم الإسلام إذا تلفظ
الزوج بكلمة الطلاق فإنه يقع وكما قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث جدهن جد ، وهزلهن
جد..) الحديث ، ثم ذكر منها: (الطلاق) ، فإذا طلق الرجل امرأته وإن كان مازحاً
وأوقع عليها الطلاق وبدون أي موانع فالشرع يوقع الطلاق ويعتبرها طلقة ، ولكن
والحالة هذه ورُفع الأمر للقاضي وحكم بعدم جواز الطلاق ، فهل يعيش معها ويعاشرها
ولربما تكون امرأته قد بانت منه بينونة كبرى أو صغرى فيعيش معها في الحرام مع
العلم أنه طلقها أمام الله أم ماذا يفعل في ظل هذا الحكم المخالف لدين الإسلام.
وأيضاً تقييد الطلاق بهذه القيود الثقيلة سوف
يكون سبباً في إغلاق باب الزواج ونفور الناس منه ، لأن من يعرف أنه إذا دخل من باب
أغلق عليه لا يدخله أبداً ، وبذلك تشيع الفاحشة وتنحل الأسرة ويستشري الفساد.
ثم إن القوانين الغربية التي يطالبون
باستيرادها إلى بلاد الإسلام ، والأخذ بها ، قد أخفقت لدى أصحابها إخفاقاً مبيناً
، في تحقيق الاستقرار العائلي السليم ، فبعض هذه القوانين جردت عقد الزواج مما له
من حرمة وجلال وقدسية ، فأباحت الطلاق لأتفه الأسباب ، كما هو الحال في بعض
الولايات في أمريكا الشمالية ، والبعض الآخر ضيقت المجال بحيث لم تبحه إلا في
حالات محدودة ، وبطرق وإجراءات معقدة كما هو الحال في معظم الأمم الكاثوليكية.
فالقانون الفرنسي مثلاً لا يبيح الطلاق إلا
لواحد من ثلاثة أسباب:
أحدها: الزنا من أحد الزوجين.
وثانيها: تجاوز الحد والإهانة البالغة في
معاملة أحد الزوجين للآخر.
وثالثها: الحكم على أحد الزوجين بعقوبة قضائية
مهينة.
ومع ذلك فإن الطلاق لا يتم إلا بعد إجراءات
معقدة ، وتستغرق وقتاً طويلاً ، ونفقات باهظة ، لا يتحملها إلا ذوو الثروة ، ولهذا
تهيَّب الناس الطلاق ، وكثر لذلك – في معظم البلاد الغربية – اتخاذ الأزواج
للخليلات ، واتخاذ الزوجات للأخلاء ، وهجر الأزواج والزوجات منزل الزوجية ، كما
كثر فرار الأزواج مع عشيقاتهم ، والزوجات مع عشاقهن ، وأصبحت هذه الأمور وما إليها
في كثير من بلاد أوربا وأمريكا شيئاً عادياً ، وأصبحت الأسرة شيئاً لا قيمة له ،
كما أن صلة الأبناء بآبائهم أصبحت موضع الشك وموطن الارتياب.
وقد يقول قائل منهم: إن الإسلام قد أخذ بنظام
التحكيم وفيه يتولى الحكمان التحقيق في أسباب الخلاف ، وسماع تلك الأسباب من
الزوجين ، ويصدران حكمهما بالطلاق إن رأيا المصلحة في ذلك ، وهذا مماثل لما ننادي
به.
ونقول لهم: إن الإسلام قد قرر نظام التحكيم بين
الزوجين فيما يشجر بينهما من خلاف ، ولكنه قرره في صورة كريمة نبيلة لا تنطوي على
تلك المساوئ التي يسببها تولي القاضي التطليق ، فقد قرر الإسلام أن يتألف مجلس
التحكيم من حكمين: حكم من أهل الزوجة ، وحكم من أهل الزوج ، أي رجلين لا يرى كلا
الزوجين غضاضة في الإفضاء إليهما بما في نفسيهما ، وبأسباب شقاقهما ، والحكمان من
جهة أخرى لا يقلان عن الزوجين في حرصهما على كتمان كل ما يسيء إلى سمعة الأسرة
المتخاصمة ، وعدم إذاعته بين الناس ، لأن كل ما يسئ إلى سمعة هذه الأسرة يسئ إلى
سمعة الحكمين نفسيهما ، لارتباطهما بهذه الأسرة برابطة القرابة.
ففرق بين هذا وبين ما يحدث في المحاكم ، إذ يتم
ذلك على رؤوس الأشهاد علناً ، ويعلمه موظفو المحكمة ويسجل في سجلاتها.
وبعد: فهذه بعض مساوئ الأنظمة والقوانين التي
يريد أولئك القوم المفتونون بحضارة الغرب وقوانينها وأنظمتها ، ويريدون تطبيقها في
بلاد الإسلام ، وقد وضعت في بلاد ولأمة ليس لها من المقومات والماضي ما لأمتنا
وبلادنا ، وليس لها من المبادئ والأخلاق والمثل ما لأمتنا ، فهي غريبة في بلادنا
وعن أمتنا وبيئتنا ، وسنفشل عند تطبيقها لو قدر لها أن تطبق – لا سمح الله – ما
دامت هذه الأمة تتمسك بدينها ، لأنها تتعارض مع مقومات هذه الأمة الأساسية.
لذا فإن كل من له عقل سليم ، وقد خلا من الغرض
والهوى ، لا يستسيغ الأخذ بشيء من هذه القوانين ، ويقبل بصدر رحب استمرار العمل
بنظام الإسلام في الطلاق
===============
جعل الطلاق بيد
الرجل لا ينقص من شأن المرأة
إن فصم رابطة الزوجية أمر خطير ، يترتب عليه
آثار بعيدة المدى في حياة الأسرة والفرد والمجتمع ، فمن الحكمة والعدل ألا تعطى
صلاحية البت في ذلك ، وإنهاء الرابطة تلك ، إلا لمن يدرك خطورته ، ويقدر العواقب
التي تترب عليه حق قدرها ، ويزن الأمور بميزان العقل ، قبل أن يقدم على الإنفاذ ،
بعيداً عن النزوات الطائشة ، والعواطف المندفعة ، والرغبة الطارئة.
والثابت الذي لا شك فيه أن الرجل أكثر إدراكاً
وتقديراً لعواقب هذا الأمر ، وأقدر على ضبط أعصابه ، وكبح جماح عاطفته حال الغضب
والثورة ، وذلك لأن المرأة خلقت بطباع وغرائز تجعلها أشد تأثراً ، وأسرع انقياداً
لحكم العاطفة من الرجل ، لأن وظيفتها التي أعدت لها تتطلب ذلك ، فهي إذا أحبت أو
كرهت ، وإذا رغبت أو غضبت اندفعت وراء العاطفة ، لا تبالي بما ينجم عن هذا
الاندفاع من نتائج ولا تتدبر عاقبة ما تفعل ، فلو جعل الطلاق بيدها ، لأقدمت على
فصم عرى الزوجية لأتفه الأسباب ، وأقل المنازعات التي لا تخلو منها الحياة الزوجية
، وتصبح الأسرة مهددة بالانهيار بين لحظة وأخرى.
وهذا لا يعني أن كل النساء كذلك ، بل إن من
النساء من هن ذوات عقل وأناة ، وقدرة على ضبط النفس حين الغضب من بعض الرجال ، كما
أن من الرجال من هو أشد تأثراً وأسرع انفعالاً من بعض النساء ، ولكن الأعم الأغلب
والأصل أن المرأة كما ذكرنا ، والتشريع إنما يبني على الغالب وما هو الشأن في
الرجال والنساء ، ولا يعتبر النوادر والشواذ ، وهناك سبب آخر لتفرد الرجل بحق فصم
عرى الزوجية.
إن إيقاع الطلاق يترتب عليه تبعات مالية ،
يُلزم بها الأزواج: فيه يحل المؤجل من الصداق إن وجد ، وتجب النفقة للمطلقة مدة
العدة ، وتجب المتعة لمن تجب لها من المطلقات ، كما يضيع على الزوج ما دفعه من
المهر ، وما أنفقه من مال في سبيل إتمام الزواج ، وهو يحتاج إلى مال جديد لإنشاء
زوجية جديدة ، ولا شك أن هذه التكاليف المالية التي تترتب على الطلاق ، من شأنها
أن تحمل الأزواج على التروي ، وضبط النفس ، وتدبر الأمر قبل الإقدام على إيقاع
الطلاق ، فلا يقدم عليه إلا إذا رأى أنه أمر لا بد منه ولا مندوحة عنه.
أما الزوجة فإنه لا يصيبها من مغارم الطلاق
المالية شيء ، حتى يحملها على التروي والتدبر قبل إيقاعه – إن استطاعت – بل هي
تربح من ورائه مهراً جديداً ، وبيتاً جديداً ، وعريساً جديداً.
فمن الخير للحياة الزوجية ، وللزوجة نفسها أن
يكون البت في مصير الحياة الزوجية في يد من هو أحرص عليها وأضن بها.
والشريعة لم تهمل جانب المرأة في إيقاع الطلاق
، فقد منحتها الحق في الطلاق ، إذا كانت قد اشترطت في عقد الزواج شرطاً صحيحاً ،
ولم يف الزوج به ، وأباحت لها الشريعة الطلاق بالاتفاق بينها وبين زوجها ، ويتم
ذلك في الغالب بأن تتنازل للزوج أو تعطيه شيئاً من المال ، يتراضيان عليه ، ويسمى
هذا بالخلع أو الطلاق على مال ، ويحدث هذا عندما ترى الزوجة تعذر الحياة معه ،
وتخشى إن بقيت معه أن تخل في حقوقه ، وهذا ما بينه الله تعالى في قوله: (ولا يحل
لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله ، فإن خفتم
ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به).
ولها طلب التفريق بينها وبينه ، إذا أُعسر ولم
يقدر على الإنفاق عليها ، وكذا لو وجدت بالزوج عيباً ، يفوت معه أغراض الزوجية ،
ولا يمكن المقام معه مع وجوده ، إلا بضرر يلحق الزوجة ، ولا يمكن البرء منه ، أو
يمكن بعد زمن طويل ، وكذلك إذا أساء الزوج عشرتها ، وآذاها بما لا يليق بأمثالها ،
أو إذا غاب عنها غيبة طويلة.
كل تلك الأمور وغيرها ، تعطي الزوجة الحق في أن
تطلب التفريق بينها وبين زوجها ، صيانة لها أن تقع في المحظور ، وضناً بالحياة
الزوجية من أن تتعطل مقاصدها ، وحماية للمرأة من أن تكون عرضة للضيم والتعسف.
=================
أولًا: المرأة الجاهلية في القرآن الكريم:
1-
الاستياء منها ودفنها حية:
قال
الله تعالى: ﴿وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ
ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيمٌ ﴿58﴾ يَتَوَارَىٰ
مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوء مَا بُشّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ
هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآء مَا يَحْكُمُونَ﴾ [النحل:58، 59].
قال
البغوي: "وكان الرجل من العرب إذا وُلدت له بنت وأراد أن يستحيِيَها ألبسها
جبةَ من صوف أو شعر وتركها ترعى له الإبل والغنم في البادية، وإذا أراد أن يقتلها
تركها حتى إذا صارت سداسية قال لأمها: زيِّنيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، وقد حفر
لها بئرًا في الصحراء، فإذا بلغ بها البئر قال لها: انظري إلى هذه البئر، فيدفعها
من خلفها في البئر ثم يهيل على رأسها التراب حتى يستوي البئر بالأرض"[ معالم
التنزيل (5/25)].
2-
حرمانها من الميراث:
قال
الله تعالى: ﴿لّلرّجَالِ نَصيِبٌ مّمَّا تَرَكَ ٱلْوٰلِدٰنِ
وَٱلأَقْرَبُونَ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا تَرَكَ ٱلْوٰلِدٰنِ
وَٱلأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضً﴾ [النساء:7].
قال
سعيد بن جبير وقتادة: "كان المشركون يجعلون المال للرجال الكبار ولا يورثون
النساء والأطفال شيئًا فأنزل الله: ﴿لّلرّجَالِ نَصيِبٌ مّمَّا تَرَكَ ٱلْوٰلِدٰنِ
وَٱلأَقْرَبُونَ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا تَرَكَ ٱلْوٰلِدٰنِ
وَٱلأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضً﴾ [النساء:7]"[
انظر: تفسير ابن كثير (1/465)].
3-
إباحة حلائل الآباء لأبنائهم بعد الموت والجمع بين الأختين:
قال
الله تعالى: ﴿وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ ءابَاؤُكُمْ مّنَ ٱلنّسَاء إِلاَّ مَا
قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَـٰحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاء
سَبِيلً﴾ [النساء:22].
قال
قتادة: "كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله إلا أن الرجل كان يخلُف على
حليلة أبيه ويجمعون بين الأختين"[ جامع البيان (3/393)].
4-
عدم معاشرة الحائض في البيت:
قال
الله تعالى: ﴿وَيَسْـئَلُونَكَ عَنِ ٱلْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى﴾ [البقرة:222].
قال
قتادة: "كان أهل الجاهلية لا تساكنهم حائض في بيت ولا تؤاكلهم في إناء؛ فأنزل
الله تعالى في ذلك، فحرم فرجَها ما دامت حائضًا، وأحلَّ ما سوى ذلك؛ أن تصبغ لك
رأسك وتؤاكلك من طعامك، وأن تضاجعك في فراشك إذا كان عليها إزار فتحجزه به
دونك"[ جامع البيان (2/393)].
5-
التبرّج:
قال
الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ
ٱلأُولَىٰ﴾ [الأحزاب:33].
قال
مجاهد: "كانت المرأة تخرج تمشي بين الرجال فذلك تبرّج الجاهلية"[ تفسير
ابن كثير (3/768) ط. التجارية].
ثانيًا: وصية الرسول -صلى الله عليه وسلم-بالنساء:
عن
أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال: (واستوصوا بالنساء
خيرًا؛ فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرتَه،
وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خير) [ أخرجه البخاري في النكاح، باب:
الوصاة بالنساء (5185، 5186)، ومسلم في الرضاع (1468)].
قال
الطيبي: «والمعنى: أوصيكم بهن خيرًا، فاقبلوا وصيتي فيهن، (فإنهن خلقن من ضلع) أي:
خلقن خلقًا فيه اعوجاج، وكأنهن خلقن من أصل معوجٍّ، فلا يتهيأ الانتفاع بهن إلا
بمداراتهن والصبر على اعوجاجهن» [ شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (6/306)].
قال
الشيخ ابن عثيمين: «وفي هذا توجيه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-إلى معاشرة
الإنسان لأهله، وأنه ينبغي أن يأخذ منهم العفو وما تيسر كما قال تعالى: ﴿خُذِ ٱلْعَفْوَ﴾
[الأعراف:199]، يعني: ما عفا وسهل من أخلاق الناس، ﴿وَأْمُرْ بِٱلْعُرْفِ
وَأَعْرِض عَنِ ٱلْجَـٰهِلِينَ﴾ [الأعراف:199]» [
شرح رياض الصالحين (5/139-140)].
ثالثًا: حق المرأة في العبادة:
1-
الأصل مساواة المرأة للرجل في الأحكام الشرعية:
والدليل على ذلك:
أ-
أن مناط التكليف بأحكام الشريعة الإسلامية كون الإنسان بالغًا عاقلًا لحديث: (رفع
القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى
يفيق)([ أخرجه أحمد (6/100-101)، وأبو داود في الحدود، باب: في المجنون يسرق أو
يصيب حدًا (4398)، والنسائي في الطلاق، باب: من لا يقع طلاقه من الأزواج (3432)،
وابن ماجه في الطلاق، باب: طلاق المعتوه والصغير والنائم (2041)، وصححه الحاكم
(2/59)، ووافقه الذهبي، وخرجه الألباني في الإرواء (297) وقال: "صحيح"])،
فإذا بلغ الإنسان الحلم وكانت أقواله وأفعاله جارية وفقًا للمألوف المعتاد بين
الناس مما يستدلُّ به على سلامة عقله حُكِم بتكليفه بأحكام الشريعة لتوفُّر مناط
التكليف، والمرأة يتحقق فيها هذا المعنى كما يتحقق في الرجل[المفصل في أحكام
المرأة (4/ 176)].
ب- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء
شقائق الرجال)[ أخرجه أحمد (6/ 256)، وأبو داود في الطهارة، باب: في الرجل يجد
البلة في منامه (236)، والترمذي في الطهارة، باب: ما جاء فيمن يستيقظ فيرى بللًا
ولا يذكر احتلامًا (113) عن عائشة رضي الله عنها، وصححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه
على الترمذي بشواهده (1/190-192)، والألباني في السلسلة الصحيحة (2863)].
قال
الخطابي: "أي: نظائرهم وأمثالهم في الخلق والطباع، فكأنهن شُقِقن من الرجال.
وفيه من الفقه... أنّ الخطاب إذا ورد بلفظ الذكور كان خطابًا للنساء إلا مواضع الخصوص
التي قامت أدلة التخصيص فيها"[ معالم السنن (1/161)].
ج-
أن الرسول -صلى الله عليه وسلم-مبعوث إلى الرجال والنساء جميعا.
قال
ابن حزم: "ولما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-مبعوثًا إلى الرجال
والنساء بعثًا مستويًا وكان خطاب الله تعالى وخطاب نبيه -صلى الله عليه
وسلم-للرجال والنساء واحدًا لم يجز أن يخَصَّ بشيء من ذلك الرجالُ دون النساء إلا
بنصّ جليّ أو إجماع"[ الإحكام في أصول الأحكام (3/337)].
وقال أيضًا: "وقد تيقنَّا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-مبعوث
إليهن كما هو إلى الرجال، وأن الشريعة التي هي شريعة الإسلام لازمة لهن كلزومها
للرجال، وأيقنَّا أن الخطاب بالعبادات والأحكام متوجِّه إليهن كتوجُّهه إلى الرجال
إلا ما خصَّهن أو خصَّ الرجالَ منهن دليلٌ، وكل هذا يوجب أن لا يُفرد الرجالُ
دونهن بشيء قد صحَّ اشتراكُ الجميع فيه إلا بنص أو إجماع"[ الإحكام في أصول
الأحكام (3/341-342)].
2-
إسقاط بعض العبادات عن المرأة نظرًا لطبيعتها:
وهذا له صور كثيرة منها:
أ-
إسقاط الصلاة والصوم عن الحائض والنفساء:
قال
صلى الله عليه وسلم: (أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم؟! فذلك نقصان دينه)[ أخرجه
البخاري في الحيض، باب: ترك الحائض الصوم (304)، ومسلم في الإيمان (79) عن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه].
قال
النووي: "أجمع المسلمون على أن الحائض والنفساء لا تجب عليهما الصلاة ولا
الصوم في الحال"[ شرح صحيح مسلم (1/637)].
وقال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البخاري([هو من علماء الحنفية، توفي
في جمادى الآخرة سنة 546هـ. انظر: الجواهر المضية، وأبجد العلوم (2/497)]) في بيان
الحكمة من ذلك: "علِم الله تعالى ضعفَ النساء وفتورَهن إذ هو خَلَقهن فأحبَّ
أن يضع عنهن بعضَ العبادات ترفيهًا في حقِّهن وتخفيفًا لهن، فكان أليقَ الأحوال
بالوضع حالةُ الحيض إذ هي متلوثةٌ بأشد الأشياء لوثًا سماه الله تعالى أذًى بقوله:
﴿قُلْ هُوَ أَذًى﴾ [البقرة:222]، وهو الدم المخصوص بالرحم يترشَّح فيه من جميع
الأعضاء، ويجتمع في الرحم، ثم يخرج في هذه الأيام المعدودة، فوضع الله تعالى عنها
كلَّ عبادة تختصُّ بالطهارة نحو الصلاة وقراءة القرآن ومسِّ المصحف ودخول المسجد
والطوافِ بالبيت، وجعل الطهارة عن الحيض شرطًا لأداء الصوم، وإذا كان الصوم لا
يختصُّ بالطهارة عن سائر الأحداث إظهارًا لفحش هذه الحالة وإظهارًا لشرف هذه
العبادة، فوضع العبادات عنها ونهاها عن إقامة شيء من هذه العبادات لتنتهي بنهي
الله تعالى، فيحصل لها ثواب الانتهاء كما يحصل لها ثواب الائتمار حالة
الطهر"[ محاسن الإسلام (ص 35)].
ب-
إلزامها بقضاء الصوم دون الصلاة بعد زوال الحيض:
عن
معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟! فقال:
أحرورية أنت؟! قلت: لست بحرورية ولكني أسأل، قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء
الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة[أخرجه البخاري في الحيض، باب: لا تقضي الحائض الصلاة
(321)، ومسلم في الحيض، باب: وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة (335)].
قال
ابن المنذر: "أجمع أهل العلم على أن عليها الصوم بعد الطهر، ونفى الجميع عنها
وجوب الصلاة"[ الأوسط (2/203)].
قال
ابن حجر: "والذي ذكره العلماء في الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة تتكرر
فلم يجب قضاؤها للحرج بخلاف الصيام"[ فتح الباري (1/502)].
ج-
وضع الصيام عن الحامل والمرضع:
عن
أنس بن مالك الكعبي رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: (إن الله
تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة، وعن الحامل أو المرضع الصوم أو الصيام)[
أخرجه الترمذي في الصوم، باب: ما جاء في الرخصة في الإفطار للحبلى والمرضع (715)،
والنسائي في الصيام، ذكر اختلاف معاوية بن سلام وعلي بن المبارك (2274)، وقال
الترمذي: "حسن"، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (575)].
قال
ابن قدامة: "وجملة ذلك أن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما فلهما الفطر
وعليهما القضاء فحسب، لا نعلم بين أهل العلم اختلافًا؛ لأنهما بمنزلة المريض
الخائف على نفسه، وإن خافتا على ولديهما أفطرتا وعليهما القضاء وإطعام مسكين عن كل
يوم"[ المغني (4/ 394)].
د-
إسقاط طواف الوداع عن الحائض:
عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفِّف
عن الحائض[أخرجه البخاري في الحج، باب: طواف الوداع (1755)، ومسلم في الحج
(1328)].
قال
الخرقي: "والمرأة إذا حاضت قبل أن تودِّع خرجت ولا وداع عليها ولا
فدية"، قال ابن قدامة: "وهذا قول عامة فقهاء الأمصار"[ المغني
(5/341)].
رابعًا: العناية بالمرأة في العرض والكرامة:
جعل
الشرع للحفاظ على عرض المرأة وصيانة كرامتها أحكامًا كثيرة، منها:
1-
الأمر بالقرار في البيوت:
قال
الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ﴾ [الأحزاب:33].
قال
القرطبي: "معنى هذه الآية: الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي
-صلى الله عليه وسلم-فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخصُّ جميعَ
النساء، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا
لضرورة"[ الجامع لأحكام القرآن (14/ 176)].
2-
الأمر بالحجاب:
قال
الله تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لأزْوٰجِكَ
وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ
عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ
أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ
غَفُورًا رَّحِيمً﴾ [الأحزاب:59].
قال
ابن عطية: "لما كانت عادة العربيات التبذل في معنى الحجبة، وكنّ يكشفن وجوههن
كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكر فيهن؛ أمر الله
تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم-بأمرهن بإدلاء الجلابيب ليقع سترهن، ويبين الفرق
بين الحرائر والإماء فيعرف الحرائر بسترهن"[ المحرر الوجيز (4/399)].
قال: "وقوله: ﴿ذٰلِكَ أَدْنَىٰ
أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ﴾ [الأحزاب:59] أي: على الجملة بالفرق حتى لا
يختلطن بالإماء، فإذا عُرفن لم يقابلن بأذًى من المعارَضَة[أي: لم يعترض عليهن
أحد] مراقبةً لرتبة الحرية، وليس المعنى أن تُعرف المرأة حتى يعلم من هي"[
المحرر الوجيز (4/399)].
3-
النهي عن التبرج:
قال
الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ
ٱلأولَىٰ﴾ [الأحزاب:33].
قال
الشيخ ابن باز: "ونهاهن عن تبرج الجاهلية وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس
والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك من الزينة، لما في ذلك من الفساد
العظيم والفتنة الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب الزنا، وإذا كان الله
سبحانه يحذِّر أمهاتِ المؤمنين من هذه الأشياء المنكرة مع صلاحهن وإيمانهن فغيرهن
أولى وأولى بالتحذير والإنكار والخوف عليهن من أسباب الفتنة"[ حكم السفور
والحجاب، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 14، 1405هـ - 1406ه].
4-
الأمر بغض الأبصار وحفظ الفروج:
قال
الله تعالى: ﴿وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور:31].
قال
ابن كثير: "هذا أمر من الله تعالى للنساء المؤمنات، وغيرة منه لأزواجهن
عبادِه المؤمنين، وتمييزٌ لهن عن صفة نساء الجاهلية وفعال المشركات"[ تفسير
القرآن العظيم (3/311)].
قال
الشيخ ابن باز: "فأمر المؤمنات بغضّ البصر وحفظ الفرج كما أمر المؤمنين بذلك
صيانةً لهن من أسباب الفتنة وتحريضًا لهن على أسباب العفة والسلامة"[ التبرج
والسفور، مجلة البحوث الإسلامية، العدد 14].
5-
النهي عن إظهار الزينة لغير المحارم:
قال
الله تعالى: ﴿وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَ﴾ [النور:31].
قال
ابن كثير: "أي: لا يظهرن شيئًا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاؤه، قال
ابن مسعود: (كالرداء والثياب) يعني: على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المقنعة
التي تجلِّل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه؛ لأن هذا لا
يمكنها إخفاؤه"[ تفسير القرآن العظيم (3/312)].
قال
الأستاذ سيد قطب: "والزينة حلالٌ للمرأة تلبيةً لفطرتها، فكلُّ أنثى مولعةٌ
بأن تكون جميلةً وأن تبدوَ جميلة، والزينة تختلف من عصر إلى عصر، ولكن أساسها في
الفطرة واحدٌ هو الرغبة في تحصيل الجمال أو استكماله وتجليته للرجال، والإسلام لا
يقاوم هذه الرغبةَ الفطرية، ولكنه ينظِّمها ويضبطها ويجعلها تتبلور في الاتجاه بها
إلى رجل واحد هو شريك الحياةِ، يطَّلع منها على ما لا يطَّلع أحد سواه، ويشترك معه
في الاطلاع على بعضها المحارمُ المذكورون في الآية بعد، ممن لا يثير شهواتهم ذلك
الاطلاعُ"[ في ظلال القرآن (4/2512)].
6-
النهي عن الخضوع بالقول:
قال
الله تعالى: ﴿يٰنِسَاء ٱلنَّبِىّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء
إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ
مَرَضٌ﴾ [الأحزاب:32].
قال
ابن كثير: "ومعنى هذا أنها تخاطب الأجانب بكلام ليس فيه ترخيم، أي: لا تخاطب
المرأة الأجانبَ كما تخاطب زوجها"[ تفسير القرآن العظيم (3/531)].
قال
الشوكاني: "أي: لا تُلنَّ القول عند مخاطبة الناس كما تفعله المرِيبَات من
النساء فإنه يتسبَّب عن ذلك مفسدة عظيمة، وهي قوله:
﴿فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾ [الأحزاب:32]
أي: فجور وشكّ ونفاق"[ فتح القدير (4/277)].
7-
تحريم الخلوة بالأجانب وتحريم سفرها بلا محرم:
عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-يخطب يقول: (لا
يخلوَنَّ رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)، فقام
رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجت حاجةً، وإني اكتُتِبتُ في غزوة كذا وكذا،
قال: (انطلق فحج مع امرأتك)[ أخرجه البخاري في الحج، باب: حج النساء (1862)، ومسلم
في الحج (1341)].
قال
ابن حجر: "فيه منع الخلوة بالأجنبية وهو إجماع"[ فتح الباري (4/92)].
قال
القاضي عياض: "والمرأة فتنةٌ ممنوعٌ الانفراد بها لما جُبِلت عليه نفوسُ
البشر من الشهوة فيهن، وسُلِّط عليهم الشيطانُ بواسطتهن، ولأنهن لحم على
وَضَم[الوضم: كل شيء يوضع عليه اللحم من خشب أو باريّة يوقى به من الأرض. مختار
الصحاح (ص302)] إلا ما ذُبّ عنه، وعورةٌ مضطرة إلى صيانة وحفظٍ وذِي غيرة يحميها
ويصونها، وطبع الله في ذوي المحارم من الغيرة على محارمهم والذبِّ عنهن ما يؤمَن
عليهن في السفر معهم ما يُخشى"[ إكمال المعلم (4/448)].
8-
التحذير من الدخول على النساء لغير المحارم:
عن
عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: (إياكم والدخول
على النساء)، فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله، أفرأيت الحمو؟ قال: (الحمو
الموت)[ أخرجه البخاري في النكاح، باب: لا يخلون رجل بامرأة إلا ذو محرم والدخول
على المغيبة (5232)، ومسلم في الأدب (2083)].
قال
القرطبي: "قوله: (الحمو الموت) أي: دخوله على زوجة أخيه يشبه الموتَ في
الاستقباح والمفسدة، أي: فهو محرَّم معلوم التحريم، وإنما بالغ في الزجر عن ذلك
وشبَّهه بالموت لتسامح الناس في ذلك من جهة الزوج والزوجة لإلفِهم ذلك، حتى كأنه
ليس بأجنبيٍّ من المرأة عادة، وخرج هذا مخرج قول العرب: الأسد الموت، والحرب
الموت، أي: لقاؤه يفضي إلى الموت، وكذلك دخول الحمو على المرأة يفضي إلى موت
الدين، أو إلى موتها بطلاقها عند غيرة الزوج، أو برجمها إن زنت معه"[ المفهم
(5/501)].
9- الابتعاد
عن مخالطة الرجال حتى في أماكن العبادة:
عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال
أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أوله)[ أخرجه مسلم في الصلاة
(349)].
قال
القرطبي: "فأما الصفُّ الأول من صفوف النساء فإنما كان شرًا من آخرها لما فيه
من مقاربة أنفاس الرجال للنساء، فقد يخاف أن تشوّش المرأة على الرجل والرجل على
المرأة"[ المفهم ()].
قال
النووي: "وإنما فضَّل آخرَ صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة
الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذمَّ
أوَّل صفوفهن لعكس ذلك"[ شرح صحيح مسلم (4/159-160)].
قال
الشيخ ابن باز: "وكان النساء في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-لا يختلطن
بالرجال لا في المساجد ولا في الأسواق الاختلاط الذي ينهى عنه المصلحون اليوم ويرشد
القرآن والسنة علماءَ الأمة إلى التحذير منه حذرًا من فتنته، بل كان النساء في
مسجده -صلى الله عليه وسلم-يصلين خلف الرجال في صفوف متأخرة عن الرجال، وكان يقول
صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرُّها آخرها، وخير صفوف النساء
آخرها وشرها أوله) حذرًا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف النساء، وكان الرجال
في عهده -صلى الله عليه وسلم-يؤمرون بالتريُّث في الانصراف حتى يمضي النساء ويخرجن
من المسجد لئلا يختلط بهنَّ الرجال في أبواب المساجد مع ما هم عليه جميعًا رجالًا
ونساء من الإيمان والتقوى، فكيف بحال مَن بعدهم؟! وكانت النساء يُنهَين أن
يتحقَّقن الطريقَ ويُؤمَرن بلزوم حافّات الطريق حذرًا من الاحتكاك بالرجال والفتنة
بمماسَّة بعضهم بعضًا عند السير في الطريق"[ حكم الاختلاط في التعليم، نشر
مجلة البحوث الإسلامية. العدد 15/ 1406ه].
10-
التشديد في خروج المرأة متعطِّرة:
عن
أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أيما
امرأة استعطرت فمرَّت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية)[ أخرجه أبو داود في
الترجل، باب: في طيب المرأة للخروج (4167)، والترمذي في الاستئذان، باب:ما جاء في
كراهية خروج المرأة متعطرة (2937)، والنسائي في الزينة، باب: ما يكره للنساء من
الطيب (5126) واللفظ له، قال الترمذي: "حديث حسن صحيح"، وصححه الألباني
في اية المرام (84)].
قال
المباركفوري: "لأنها هيَّجت شهوةَ الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها،
ومن نظر إليها فقد زنى بعينيه، فهي سبب زنا العين، فهي آثمة"[ تحفة الأحوذي
(8/58)].
11-
الغيرة على النساء:
قال
الشيخ محمد أحمد المقدم: "إن من آثار تكريم الإسلام للمرأة ما غرسه في نفوس
المسلمين من الغيرة، ويقصد بالغيرة تلك العاطفة التي تدفع الرجل لصيانة المرأة عن
كل محرَّم وشين وعار، ويعدُّ الإسلام الدفاعَ عن العرض والغيرةَ على الحريم جهادًا
يبذل من أجله الدم، ويضحَّى في سبيله بالنفس، ويجازي فاعلَه بدرجة الشهيد في
الجنة، فعن سعيد بن زيد قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-يقول: (من قتل
دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد ومن قتل
دون أهله فهو شهيد)[ أخرجه أحمد (1/190)، وأبو داود في السنة، باب: في قتل اللصوص
(4772)، والترمذي في الديات، باب: ما جاء فيمن قتل دون ماله فهو شهيد (1418)، وابن
ماجه في الحدود، باب: من قتل دون ماله فهو شهيد (2580)، وقال الترمذي: "حسن
صحيح"، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند (3/119)، والألباني في إرواء
الغليل (708)]، بل يعدُّ الإسلام الغيرةَ من صميم أخلاق الإيمان، فمن لا غيرة له
لا إيمان له، ولهذا كان رسول الله صلى الله -صلى الله عليه وسلم-أغيرَ الخلق على
الأمة، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال سعد بن عبادة: لو رأيت رجلًا مع
امرأتي لضربته بالسيف غيرَ مصفح، فبلغ ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فقال:
(تعجبون من غيرة سعد؟! واللهِ، لأنا أغير منه، واللهُ أغير مني، ومن أجل غيرة الله
حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) الحديث[رواه البخاري في المحاربين، باب: من رأى
مع امرأته رجلًا فقتله (6846)، ومسلم في اللعان (1499)]، وعن أبي هريرة رضي الله
عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال: (إن الله يغار وإن المؤمن يغار، وإن
غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه)[ رواه البخاري في النكاح، باب: الغيرة
(5223)، ومسلم في التوبة (2761)].
وإن
من ضروب الغيرة المحمودة أنَفَةَ المحب وحميَّته أن يشاركه في محبوبه غيرُه، ومن
هنا كانت الغيرة نوعًا من أنواع الأثرة لا بد منه لحياطة الشرف وصيانة العرض،
وكانت أيضًا مثارَ الحمية والحفيظة فيمن لا حميةَ له ولا حفيظة.
وضدُّ الغيور الديُّوث، وهو الذي يقرُّ الخبثَ في أهله أو يشتغل بالقيادة،
قال العلماء: الديوث الذي لا غيرةَ له على أهل بيته، وقد ورد الوعيد الشديد في
حقه، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم:
(ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه والمرأة المترجلة
والديوث) الحديث[أخرجه أحمد (2/134)، والنسائي في الزكاة، باب: المنان بما أعطى
(2561)، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند (9/34)، والألباني في صحيح سنن
النسائي (2402)].
إن
الغيرةَ على حرمة العفَّة ركنُ العروبة وقوام أخلاقها في الجاهلية والإسلام؛ لأنها
طبيعة الفطرة البشرية الصافية النقية، ولأنها طبيعة النفس الحرة الأبية"[
عودة الحجاب (3/114-115)].
خامسًا: المرأة في المجتمع:
للمرأة في المجتمع المسلم مكانة عظيمة وحقوق
تتمتّع بها، ومن ذلك:
1- تحريم عقوق الأمَّهات:
عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: قال
النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم عليكم عقوقَ الأمهات ووأد البنات ومنعَ
وهات، وكره لكم: قيل وقال وكثرةَ السؤال وإضاعة المال) [ رواه البخاري في
الاستقراض، باب: ما ينهى من إضاعة المال (2408)، ومسلم في الأقصية (1715)].
قال ابن حجر: "قيل: خصَّ الأمهاتِ بالذكر
لأن العقوق إليهن أسرع من الآباء لضعف النساء، ولينبِّه على أن برَّ الأم مقدَّم
على برِّ الأب في التلطف والحنو ونحو ذلك" [ فتح الباري (5/83)].
2- تقديم الأم في البر على الأب:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-فقال: من أحقّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أمك)، قال:
ثم من؟ قال: (ثم أمك)، قال: ثم من؟ قال: (ثم أمك)، قال: ثم من؟ قال: (ثم أبوك) [
أخرجه البخاري في الأدب، باب: من أحق الناس بحسن الصحبة؟ (597)، ومسلم في البر
(2548)].
قال النووي: "وفيه الحث على بر الأقارب،
وأن الأم أحقهم بذلك، ثم بعدها الأب، ثم الأقرب فالأقرب، قال العلماء: وسبب تقديم
الأم كثرةُ تعبها عليه وشفقتها وخدمتها، ومعاناة المشاق في حمله ثم وضعه ثم إرضاعه
ثم تربيته وخدمته وتمريضه وغير ذلك" [ شرح صحيح مسلم (16/102)].
3- تحريم وأد البنات:
عن المغيرة بن شعبة قال: قال النبي صلى الله
عليه وسلم: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات...) الحديث [رواه البخاري
في الاستقراض، باب: ما ينهى من إضاعة المال (2408)، ومسلم في الأقصية (1715)].
قال النووي: "وأما وأد البنات فهو دفنهنَّ
في حياتهن فيمُتن تحت التراب، وهو من الكبائر الموبقات؛ لأنه قتل نفس بغير حق،
ويتضمن أيضًا قطيعة الرحم، وإنما اقتصر على البنات لأنه المعتاد الذي كانت
الجاهلية تفعله" [ شرح صحيح مسلم (12/12)].
4- الحثّ على تربية البنات وفضله:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: (من يلي من هذه البنات شيئًا فأحسن إليهن كنّ له سترًا من
النار) [ أخرجه البخاري في الأدب، باب: رحمة الولد (5995)، ومسلم في البر (2629)].
قال ابن حجر: "وفي الحديث تأكيد حقِّ
البنات لما فيهن من الضعف غالبًا عن القيام بصالح أنفسهن، بخلاف الذكور لما فيهم
من قوة البدن وجزالة الرأي وإمكان التصرف في الأمور المحتاج إليها في أكثر
الأحوال" [ فتح الباري (10/443)].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو)
وضمَّ أصابعه [رواه مسلم في البر (2631)].
قال النووي: "فيه فضل الإحسان إلى البنات
والنفقة عليهن والصبر عليهن وعلى سائر أمورهن" [ شرح صحيح مسلم (16/179)].
5- حقّ المرأة في التعلُّم:
أ- فضل تعليم الرجلِ أهلَه:
قال البخاري في صحيحه: "باب تعليم الرجل
أمته وأهله".
وأخرج عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة لهم أجران: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيه
وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، والعبد المملوك إذا أدَّى حقَّ الله وحقَّ مواليه،
ورجل كانت عنده أمة فأدبها فأحسن تأديبها وعلَّمها فأحسن تعليمها ثم أعتقها
فتزوجها فله أجران) [ صحيح البخاري: كتاب العلم (97)].
قال ابن حجر: "مطابقة الحديث للترجمة في
الأمة بالنص، وفي الأهل بالقياس؛ إذ الاعتناء بالأهل الحرائر في تعليم فرائض الله
وسنن رسوله آكد من الاعتناء بالإماء" [ فتح الباري (1/229)].
ب- الإمام الأعظم يعظ النساء ويعلمهن:
قال البخاري في صحيحه: "باب عظة الإمام
النساء وتعليمهن".
ثم أخرج عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي
-صلى الله عليه وسلم-خرج ومعه بلال، فظنَّ أنه لم يُسمع، فوعظهن وأمرهن بالصدقة،
فجعلت المرأة تلقي القرطَ والخاتمَ، وبلال يأخذ في طرف ثوبه [صحيح البخاري: كتاب
العلم (98)، ومسلم في صلاة العيدين (884)].
قال ابن حجر: "نبه بهذه الترجمة على أن ما
سبق من الندب إلى تعليم الأهل ليس مختصًا بأهلهن، بل ذلك مندوب للإمام الأعظم ومن
ينوب عنه، واستُفيد التعليم من قوله: (وأمرهن بالصدقة) كأنه أعلمهن أن في الصدقة
تكفيرًا لخطاياهن" [ فتح الباري (1/232)].
قال ابن بطال: "فيه أنه يجب على الإمام
افتقاد أمور رعيته وتعليمهم ووعظهم، الرجال والنساء في ذلك سواء، لقوله عليه
السلام: (الإمام راع ومسئول عن رعيته) [ صحيح البخاري: الجمعة، باب الجمعة في
القرى والمدن (893)، ومسلم في الامارة (1829) عن ابن عمر رضي الله عنهم]، فدخل في
ذلك الرجال والنساء" [ شرح صحيح البخاري (1/175)].
ج- الحائض يرغَّب لها تعلُّم أمور دينها:
عن أم عطية قالت: أُمرنا أن نخرج الحُيَّض يوم
العيدين وذوات الخدور فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزل الحيَّض عن مصلاهن
[أخرجه البخاري في الصلاة، باب: وجوب الصلاة في الثياب (351)، ومسلم في صلاة
العيدين (890)].
قال الحافظ: "فيه أن الحائض لا تهجر ذكر
الله ولا مواطن الخير كمجالس العلم والذكر سوى المساجد" [ فتح الباري (1/505)].
د- تخصيص النساء بأيام خاصة لتعليمهن:
قال البخاري: "باب: هل يُجعل للنساء يومٌ
على حدة في العلم؟".
ثم أخرج عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:
قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يومًا من
نفسك، فوعدهنَّ يومًا لقيهن فيه، فوعظهن وأمرهن، فكان فيما قال لهن: (ما منكن
امرأة تقدِّم ثلاثة من ولدها إلا كان لها حجابًا من النار)، فقالت امرأة: واثنين؟
فقال: (واثنين) [ صحيح البخاري: كتاب العلم (101)، ومسلم في البر (2633)].
قال ابن بطال: "وفيه سؤال النساء عن أمور
دينهن، وجواز كلامهن مع الرجال في ذلك فيما لهن الحاجة إليه، وقد أخذ العلم عن
أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-وعن غيرهن من نساء السلف" [ شرح صحيح
البخاري (1/178)].
قال ابن الجوزي: "المرأة شخص مكلَّف
كالرجل، فيجب عليها طلب علم الواجبات عليها لتكون من أدائها على يقين. فإن كان لها
أب أو أخ أو زوج أو محرَم يعلِّمها الفرائض ويعرِّفها كيف تؤدي الواجبات كفاها
ذلك، وإن لم تكن سألت وتعلَّمت، فإن قدرت على امرأة تعلمت ذلك وتعرفت منها، وإلا
تعلمت من الأشياخ وذوي الأسنان من غير خلوة بها، وتقتصد على قدر اللازم، ومتى حدثت
لها حادثة في دينها سألت ولم تستحي؛ فإن الله لا يستحيي من الحق" [ انظر:
أحكام النساء (ص25)].
وقال الشيخ عبد الله آل محمود: "إن المرأة
كالرجل في تعلُّم الكتابة والقراءة والمطالعة في كتب الدين والأخلاق وقوانين الصحة
والتدبير وتربية العيال ومبادئ العلوم والفنون من العقائد الصحيحة والتفاسير
والسير والتاريخ وكتب الحديث والفقه، كل هذا حسن في حقها تخرج به عن حضيض جهلها،
ولا يجادل في حُسنه عاقلٌ، مع الالتزام بالحشمة والصيانة وعدم الاختلاط بالرجال
الأجانب" [ انظر: المرأة المسلمة أمام التحديات لأحمد الحصين (ص 64-65)].
وقال الشيخ أحمد الحصين: "إن الله لم يحرم
تعليم الفتاة، إنما حثَّ على تعليمها، ولكن نجد اليوم بنات المسلمين في أنحاء
العالم الإسلامي يدرُسن موادَّ لا تصلح لأنوثتهن وطبيعتهن التي خلقها الله، فهي
تخالف تكوينها الجسمي مثل الجيولوجيا والكيمياء والتنقيب عن البترول، والطامة الكبرى
أننا نرى الفتيات المسلمات يسافرن إلى بلاد أوروبا أو بلاد الشيوعية للدراسة
والتعليم، وهذا يكون محرّمًا عليهن، ومن ثم نرى التعليم اليوم في أغلب بلاد العالم
العربي والإسلامي بعيدًا كل البعد عن الدين وشئون المرأة الذي يسير مع تكوينها
الجسمي والعقلي، ومن ثم المنهج التعليمي التربوي أكثره تضعه هيئة اليونسكو التابعة
للأمم المتحدة التي لا تعرف عن ديننا إلا ما تتلقاه من المستشرقين والمبشرين، فحين
أمرنا الإسلام بتعليم الإناث أمرَ بتعليمهن الأشياء التي تصلح لمقوِّمات الحياة
التي تليق بالمرأة والتي تحتاج إليها كربَّة بيتٍ مشرفة على شئون منزلها مثل
التطريز والخياطة والطهي وتربية الأولاد وتعليمهن الدين من عقائد وعبادات وتهذيب
وسيرة وغيرها من العلوم النافعة التي تنفعها في الدنيا والآخرة، ولكن الأيدي
الخفية لا ترى هذا، إنها تريد تدميرها وانحرافها عن طريق الحق إلى طريق الهاوية"
[ المرأة المسلمة أمام التحديات (ص 66-67)].
6- المرأة والعمل:
أ- الأصل في المرأة قرارها في البيت:
قال الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنٌَّ﴾
[الأحزاب:33].
قال القرطبي: "معنى هذه الآية: الأمر
بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم-فقد دخل غيرهن فيه
بالمعنى، هذا لو لم يرد دليل يخصُّ جميعَ النساء، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء
بيوتهن والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة" [ الجامع لأحكام القرآن (14/
176)].
ب- واجب المرأة في بيتها:
إن واجب المرأة في بيتها هو القيام بأعمال
البيت وما تتطلبه الحياة الزوجية والوفاء بحق الزوج عليها، وقيامها بشؤون أولادها
وتربيتهم وخدمتهم. وهذه الواجبات كثيرة جدًا ومتعِبة، وتحتاج إلى تفرغ المرأة لها،
وبالتالي لا يمكنها عادةً وغالبًا القيامُ بالعمل المباح لها خارجَ البيت إلا على
حساب التفريط بهذه الواجبات والتقصير في أدائها إن لم نقل إهمالها، وحيث إن من
أصول الحقوق والواجبات عدمَ جواز مزاحمة ما هو حق للإنسان لما هو واجب عليه فلا
يجوز أن يزاحمَ عملُ المرأة المباحُ لها واجباتِ المرأة في البيت [المفصل في أحكام
المرأة (4/265)].
ج- ضمان النفقة للمرأة:
قال تعالى: ﴿لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مّن سَعَتِهِ
وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَاهُ ٱللَّهٌُ﴾ [الطلاق:7].
قال القرطبي: "أي: لينفق الزوج على زوجته
وعلى ولده الصغير على قدر وُسعه حتى يوسِّع عليهما إذا كان موسَّعًا عليه، ومن كان
فقيرًا فعلى قدر ذلك" [ الجامع لأحكام القرآن (18/170)].
وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال في خطبة عرفة: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن
بالمعروف) [ رواه مسلم في الحج (1218)].
قال النووي: "فيه وجوب نفقة الزوجة
وكسوتها، وذلك ثابت بالإجماع" [ شرح صحيح مسلم (8/184)].
قال ابن قدامة: "وفيه ضربٌ من العبرة، وهو
أن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف والاكتساب، فلا بد من أن ينفق عليها
كالعبد مع سيده" [ المغني (11/348)].
قال الدكتور عبد الله الطريقي: "المرأة
باعتبارات شرعية اقتضتها متطلبات حالها الملزمة للستر والعفاف مُنعت من مخالطة
الرجال لأجل كسب القوت، وجُعل الإنفاق عليها حقًا على الغير من زوج أو قريب لكونها
زوجًا أو أمًا أو بنتًا أو قريبة ذات رحم محرم عليها، فلها حق الرعاية والإنفاق
متى ما كانت مستحقة لذلك" [ نفقة المرأة الواجبة على زوجها، نشر مجلة البحوث
الإسلامية، عدد 19، 1407ه].
د- الضرورة تبيح العمل للمرأة:
قال الشيخ عبد الكريم زيدان: "وإذا كان
الأصل في عمل المرأة خارجَ البيت هو المنع والحظر فإن الجواز هو الاستثناء إذا
اقتضت الضرورة ذلك؛ لأن الضرورات تبيح المحظورات، وهي من القواعد الثابتة في الشريعة
الإسلامية التي لا خلاف فيها، فإذا اقتضت ضرورةٌ اكتسابَ المرأة عن طريق العمل
المشروع ما تسدُّ به متطلَّبات معيشتها جاز لها هذا العمل" [ المفصل في أحكام
المرأة (4/267-268)].
ومن أدلة ذلك:
1- قول الله تعالى: ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاء
مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مّنَ ٱلنَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ
ٱمْرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِى حَتَّىٰ
يُصْدِرَ ٱلرّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌٌ﴾ [القصص:22].
قال الشيخ عبد الكريم زيدان: "ووجه
الدلالة بالآية الكريمة أن شعيبًا عليه السلام أذن لابنتيه أن تسقيا الأغنام خارج
البيت من ماء مدين؛ لأنه في حالة عجز عن القيام بمهمة السقي، فهو إذًا في حالة
ضرورة أباحت له أن يأذن لابنتيه بالقيام بهذا العمل" [ المفصل في أحكام
المرأة].
2- عن أسماء بنت أبي بكر رض الله عنهما قالت:
تزوجني الزبير وما له في الأرض من مال ولا مملوك ولا شيء غير ناضح وغير فرسه، فكنت
أعلف فرسه، وأستقي الماء، وأخرِزُ غَربَه، وأعجن، ولم أكن أحسن أخبز، وكان يخبز
جارات لي من الأنصار، وكن نسوة صِدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ... الحديث [أخرجه
البخاري في النكاح، باب: الغيرة (5224)].
بين ابن حجر أن السبب الحامل لأسماء بنت أبي
بكر رضي الله عنهما على الصبر على هذه الأعمال الشاقّة التي جاءت في هذا الحديث
وسكوت زوجها وأبيها على ذلك هو انشغالهما بالجهاد وغيره مما يأمر به النبي صلى
الله عليه وسلم، فكان الزبير رضي الله عنه لا يتفرغ للقيام بهذه الأعمال التي كانت
تقوم بها، وأيضًا لم يكن باستطاعته أن يستأجر من يقوم له بهذه الأعمال، ولم يكن
عنده مملوك يقوم له بهذه الأعمال، فانحصر الأمر في زوجته [انظر: فتح الباري (9/235)].
قال الشيخ عبد الكريم زيدان: "وفي قصة
أسماء وحملها النوى من أرض بعيدة عن بيتها لحاجة زوجها لهذا العمل واطلاع النبي
-صلى الله عليه وسلم-على حالها وفعلها وسكوته -صلى الله عليه وسلم-دليل واضح على
جواز عمل المرأة خارج البيت إذا كان هناك ضرورة لعملها" [ المفصل في أحكام
المرأة (4/270)].
هـ- شروط عمل المرأة:
1- الالتزام بالحجاب الشرعي.
2- الأمن من الفتنة كالاختلاط بالرجال أو
الخلوة بهم.
3- إذن الولي.
4- أن لا يستغرق العمل وقتها أو يتنافى مع
طبيعتها.
5- أن لا يكون في العمل تسلّط على الرجال.
والهدف من اشتراط هذه الشروط هو بناء مجتمع
متكامل مترابط، وتهذيب الأمة وتربيتها على المثل العليا والخلق الحميد، ووقاية
الأفراد من الأمراض الاجتماعية والنفسية والخلقية [انظر: عمل المرأة وموقف الإسلام
منه للدكتور عبد الرب نواب الدين (ص 182-196)].
سادسًا: حق المرأة في المال:
1- حق المرأة في المال كحق الرجل:
تتمتع المرأة بالحقوق الخاصة المالية كالرجل،
فلها أن تكتسب المال بأسباب كسبه المشروعة كالإرث، قال تعالى: ﴿لّلرّجَالِ نَصيِبٌ
مّمَّا تَرَكَ ٱلْوٰلِدٰنِ وَٱلأقْرَبُونَ وَلِلنّسَاء نَصِيبٌ مّمَّا تَرَكَ ٱلْوٰلِدٰنِ
وَٱلأقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًٌ﴾ [النساء:7]
[ المفصل في أحكام المرأة (4/291)].
2- مباشرة المعاملات المختلفة:
للمرأة أن تباشر المعاملات المختلفة لكسب المال
كالإجارة، قال تعالى في استئجار الظئر لإرضاع الطفل: ﴿وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ
أَوْلَـٰدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمٌْ﴾ [البقرة:233].
قال الكاساني: "نفى الله سبحانه وتعالى
الجناح عمّن يسترضع ولدَه، والمراد منه الاسترضاع بالأجرة بدليل قوله تعالى:
﴿إِذَا سَلَّمْتُم مَّا ءاتَيْتُم بِٱلْمَعْرُوفٌِ﴾ [البقرة:233] بعد قوله: ﴿فَلاَ
جُنَاحَ عَلَيْكُمٌْ﴾ [البقرة:233]" [ انظر: المفصل في أحكام المرأة
(4/291)].
3- التوكيل في المعاملات:
وللمرأة أن توكِّل من تشاء في سائر ما تملكه من
تصرُّفات كالبيع والشراء وغير ذلك كما يجوز لها أن تتوكَّل على غيرها.
قال ابن قدامة: "وكل من صحَّ تصرُّفه في
شيء بنفسه وكان مما تدخله النيابة صحَّ أن يوكَّل فيه رجلًا كان أو امرأة حرًا كان
أو عبدًا" [ المغني (7/197)].
وقال أيضًا: "لا نعلم خلافًا في جواز
التوكيل في البيع والشراء، وقد ذكرنا الدليل عليه من الآية والخبر، ولأن الحاجة
داعية إلى التوكيل فيه؛ لأنه قد يكون ممن لا يحسن البيع والشراء أو لا يمكنه
الخروج إلى السوق، وقد يكون له مال ولا يحسن التجارة فيه، وقد يحسن ولا يتفرغ، وقد
لا تليق به التجارة لكونه امرأة" [ المغني (7/198)].
سابعًا: حقوق المرأة الزوجية:
1- استئذانها في التزويج:
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي -صلى الله
عليه وسلم-قال: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن)، قالوا: يا
رسول الله، وكيف إذنها؟ قال: (أن تسكت) [ أخرجه البخاري في النكاح، باب: لا ينكح
الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاهما (5136)].
قال ابن تيمية: "المرأة لا ينبغي لأحد أن
يزوِّجها إلا بإذنها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كرهن ذلك لم تجبر على
النكاح إلا الصغيرة البكر، فإن أباها يزوِّجها ولا إذن لها، وأما البالغ الثيب فلا
يجوز تزويجها بغير إذنها لا للأب ولا لغيره بإجماع المسلمين، وكذلك البكر البالغ
ليس لغير الأب والجد تزويجها بدون إذنها بإجماع المسلمين، وأما الأب والجد فينبغي
لهما استئذانها، واختلف العلماء في استئذانها: هل هو واجب أو مستحب؟ والصحيح أنه
واجب" [ مجموع الفتاوى (32/39-40)].
2- المهر:
قال تعالى: ﴿وَءاتُواْ ٱلنّسَاء
صَدُقَـٰتِهِنَّ نِحْلَةًٌ﴾ [النساء:4].
قال القرطبي: "هذه الآية تدل على وجوب
الصداق للمرأة، وهو مجمع عليه ولا خلاف فيه" [ الجامع لأحكام القرآن (5/24)].
قال أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن البخاري:
"ومن محاسن النكاح أن لم يشرع في حق النساء إلا بصداق، قال الله تعالى:
﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوٰلِكُمٌْ﴾
[النساء:24]، فإنها لو حلَّت بغير بدل لكان في ذلك ذلّ وضاعت بأسرع الأوقات، فلم
يشرع عقد النكاح إلا ببدل يلزمه ليكون خوفُ المطالبة بالصداق مانعًا له عن الطلاق
فيدوم، وإذا دام حصل مقصود البقاء والتوالد" [ محاسن الإسلام (ص46)].
3- وجوب النفقة والكسوة:
في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن
رسول الله -صلى الله عليه وسلم-قال في خطبة عرفة: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن
بالمعروف) [ رواه مسلم في الحج (1218)].
قال النووي: "فيه وجوب نفقة الزوجة
وكسوتها، وذلك ثابت بالإجماع" [ شرح صحيح مسلم (8/184)].
4- وجوب السكنى:
قال تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ
سَكَنتُم مّن وُجْدِكُمٌْ﴾ [الطلاق:6].
قال الماوردي: "يعني سكن الزوجة مستحَقّ
على زوجها مدَّةَ نكاحها وفي عدَّة طلاقها بائنًا كان أو رجعيًا" [ النكت
والعيون (6/32)].
5- حفظ دين الزوجة:
قال تعالى: ﴿يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ
قُواْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةٌُ﴾
الآية [التحريم:6].
قال قتادة: "يقيهم أن يأمرهم بطاعة الله،
وينهاهم عن معصيته، وأن يقوم عليهم بأمر الله، يأمرهم به ويساعدهم عليه، فإذا رأيت
لله معصية ردعتَهم وزجرتهم عنها" [ انظر: جامع البيان (12/157)].
6- المعاشرة بالمعروف:
قال الله تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفٌِ﴾
[النساء:19].
قال ابن كثير: "أي: طيِّبوا أقوالَكم
لهنَّ، وحسِّنوا أفعالَكم وهيئاتكم حسب قدرتكم كما تحبُّ ذلك منها، فافعل أنت بها
مثله كما قال تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ ٱلَّذِى عَلَيْهِنَّ بِٱلْمَعْرُوفٌِ﴾،
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) [ رواه
الترمذي في المناقب، باب: فضل أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم-(3895 ) وقال:
"حسن غريب صحيح"، وابن ماجة في النكاح، باب: حسن معاشرة النساء (1977)،
والدارمي في النكاح، باب: في حسن معاشرة النساء، وصححه الألباني في السلسلة
الصحيحة (285)]، وكان من أخلاقه -صلى الله عليه وسلم-أنه جميل العشرة دائمَ البشر،
يداعب أهلَه ويتلطَّف بهم ويوسعهم نفقةً، ويضاحك نساءه حتى إنه كان يسابق عائشةَ
أم المؤمنين رضي الله عنها يتودَّد إليها بذلك، قالت: سابقني رسول الله -صلى الله
عليه وسلم-فسبقته، وذلك قبل أن أحمل اللحم، ثم سابقته بعدما حملتُ اللحم فسبقني
فقال: (هذه بتلك) [ رواه أحمد (6/264)، وأبو داود في الجهاد، باب: في السبق على
الرجل (2578)، وابن حبان في صحيحه: كتاب السير، ذكر إباحة المسابقة بالأقدام
(4691)، والبيهقي في السنن الكبرى، كتاب السبق والرمي باب: ما جاء في المسابقة
بالعدو، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (131)]، ويجمع نساءه كلَّ ليلة في بيت
التي يبيت عندها فيأكل معهن العشاء بعض الأحيان، ثم تنصرف كل واحدة إلى منزلها،
وكان ينام مع المرأة من نسائه في شعار واحد يضع عن كتفيه الرداء وينام بالإزار،
وكان إذا صلَّى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليلًا قبل أن ينام، يؤانسهم بذلك
-صلى الله عليه وسلم-وقد قال الله تعالى: ﴿لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌٌ﴾ [الأحزاب:21]" [ تفسير ابن كثير (1/477)].
7- العدل بين الزوجات:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي -صلى الله
عليه وسلم-قال: (من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل)
[ رواه أبو داود في النكاح، باب: في القسم بين النساء (2133)، والترمذي في النكاح،
باب: ما جاء في التسوية بين الضرائر (1141)، وابن ماجه في النكاح، باب: القسمة بين
النساء (1969)، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2/400)].
قال شمس الحق أبادي: "والحديث دليل على
أنه يجب على الزوج التسوية بين الزوجات ويحرم عليه الميل إلى إحداهن" [ عون
المعبود (6/112)].
8- الوفاء للزوجة بعد موتها:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما غِرت على أحدٍ
من نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-ما غِرتُ على خديجة، وما رأيتها ولكن كان النبي
-صلى الله عليه وسلم-يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاةَ ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في
صدائق خديجة، فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة!! فيقول: (إنها
كانت وكانت، وكان لي منها ولد) [ رواه البخاري في مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي
-صلى الله عليه وسلم-خديجة وفضلها (3818)، ومسلم في الفضائل (2437)].
قال النووي: "في هذا دليل لحسن العهد وحفظ
الودِّ ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته ووفاته وإكرام أهل ذلك الصاحب" [
شرح صحيح مسلم (15/202)].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه أجمعين،،
================
ظلم المرأة في
ظل الحضارة الغربية
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد / فتعاني المرأة الغربية من
الويلات في ظل الحضارة الغربية المعاصرة ومن تلك الويلات التي فتكت بالمرأة
الغربية ظواهر وعلامات نحاول أن نبينها في هذه المقالة:
أولاً : استخدام المرأة في الدعاية والإعلان
لا
يخفى على المتأمل في واقع المرأة الغربية أنها استغلت استغلالا سيئاً من خلال
الإغراء بها في وسائل الدعاية والإعلان لمنتجات مختلفة، بعضها متعلق بالمرأة
والآخر لا علاقة لها بالمرأة ..ففي مجال الأفلام تستخدم المرأة استغلالا تجاوز كل
الحدود الشرعية والإنسانية في عرض المرأة عرضا فاتنا صارخاً ، والمجلات الهابطة لا
يمشي سوقها إلا إذا ملئت المجلة بصور النساء الجميلات ..ففتاة الغلاف تختار بعناية
لجذب الزبائن ..وهناك في الغرب ..فئات كثيرة من التجار يضعون في محلاتهم التجارية
نساء جميلات تقف عند أبواب متجارهم لجذب الزبائن والتأثير عليهم، والتلطف معهم حتى
يدخل المحل .
وهكذا فالمرأة تبتز بشكل بشع في المجتمعات الغربية .(وحسب بحث الماجستير
للباحثة جيهان البيطار(حول أخلاقيات الإعلان) فقد جاء فيها :
*
93% تستخدم السيدات .
*
73% منها يتم تقديمها من خلال حركة المرأة .
*
أكثر من النصف يحتوي إثارة في المضمون [1]
ثانياً : فتح مجالات عمل لا تتناسب مع طبيعة المرأة .
فبناء على نظرية المساواة المزعومة في العالم الغربي طالبوا بأن تعمل
المرأة كما يعمل الرجل، فهي تعمل في المناجم وصناعة المواد الثقيلة وتنظيف الشوارع
وقيادة الشاحنات وحمل السلاح وحراسة الأمن وغيرها من الأعمال التي لا تليق إلا
بالرجال، وهذا من ظلم المرأة، والتي سببت لها آثاراً عظيمة على أنوثتها وعفافها
وصحتها الجسدية والنفسية.
ثالثاً: العنف والاعتداء على المرأة .
وصور الاعتداء على المرأة إما أن يكون بالضرب أو التحرشات الجنسية أو
الاغتصاب وأخيرا القتل .
الاعتداء عليها بالتحرشات الجنسية :
لقد
كشف مسح استطلاعي أعدته وزارة الداخلية البريطانية أن 80% ( نعم.. ثمانون في
المائة) من ضابطات الشرطة ، أي بنسبة أربعة إلى خمسة ، يتعرضن للمضايقات الجنسية
خلال نوبات العمل الرسمية .
شارك في الاستطلاع 1800 ضابطة في عشر مديريات أمن في إنكلترا وويلز ،
وأشرفت عليه الدكتورة (جنيفر بروان) وهي باحثة اجتماعية في الوحدة الملحقة في
مديرية أمن (نيوهامبشاير) أليست نسبة مفزعة ؟ أربعة أخماس الشرطيات ـ عفوا ضابطات
الشرطة ـ يتعرضن للمضايقات الجنسية ، ومتى ؟ خلال نوبات العمل الرسمية !! خلال
العمل على حفظ الأمن !! [2]
هذا
في حق حامية الأمن، أما في حق الساهرات على مصلحة المرضى فهناك أفعال يندى لها
الجبين .
أشارت دراسة صدرت عن جمعية علم النفس البريطانية إلى أن 60 % من الممرضات
اللاتي تم استطلاع آرائهن قد عانين من التحرش الجنسي من مرضاهن الرجال .
وأوضحت الدراسة أن أشكال التحرش الجنسي تمثلت في ممازحات صفيقة ، واقتراحات
تتضمن الدعوة إلى ممارسة الجنس، بالإضافة إلى الملامسة الجسدية مباشرة، واتضح أن
معظم الممرضات يعانين في صمت، ويفضلن عدم الإبلاغ عن تلك الحوادث بنسبة 76% .
وقد
دعت الباحثة النفسية البريطانية سارة فينيز خلال مؤتمر لجمعية علم النفس
البريطانية عقد في لندن ، إلى ضرورة صياغة توجيهات ولوائح داخلية تلزم الممرضة
بالإبلاغ عن جميع حالات التحرش الجنسي التي تعاني منها خلال العمل ، على أمل أن
يؤدي ذلك إلى الحد من تلك الظاهرة المسيئة لمهنة التمريض ومؤامرة الصمت التي تحيط
بها .
وقد
أشارت الدراسة إلى أن الرجال (المرضى) لا يتورعون عن الإتيان بأفعال يندى لها
الجبين خلال قيام الممرضات بمساعدتهم [3].
هل
رأيتم وتأملتم لا آلام المرضى ،ولا اقتراب الموت ، ولا أجواء المستشفى ؛ جميعها لم
يمنع هؤلاء المرضى من القيام بتلك الأفعال التي وصفتها الدراسة بـ ( يندى لها
الجبين) .
علماً أن الدراسة لم تتحدث عن الأطباء والممرضين ، واكتفت بالمرضى ، ولا
ندري كم تبلغ النسبة حين تضاف إليها اعتداءات أولئك ؟!!
الاعتداء عليها بالاغتصاب :
أعلن مركز الضحايا الوطني الذي يناصر حقوق ضحايا جرائم العنف : أن معدل
الاغتصاب في الولايات المتحدة أصبح يبلغ 1.3 امرأة بالغة في الدقيقة الواحدة ؛ أي
68000 امرأة في العام .
وأضاف المركز أن واحدة من كل ثماني بالغات في الولايات المتحدة تعرضت
للاغتصاب ليكون إجمالي من اغتصبن اثني عشر مليونا ومائة ألف امرأة على الأقل .
ويشير المسح إلى أن 61 % من حالات الاغتصاب تمت لفتيات تقل أعمارهن عن 18
عاماً ، وأن 29 % من كل حالات الاغتصاب تمت ضد أطفال تقل أعمارهم عن 11 عاما.
وأظهرت الأرقام زيادة معدل الاغتصاب عن العام الذي سبقه بنسبة 59 % !! [4]
وتقول دراسة أمريكية : إن جرائم الاغتصاب شأن هجمات واعتداءات الغرباء ،
تنخفض خلال الشتاء ؛ لأن الناس لا يخرجون كثيراً ... وبالتالي فإن فرص الالتقاء
تكون أقل [5].
ولو
أردنا أن نترجم هذا الكلام إلى نتيجة علمية فإننا نقول : عندما يقل الاختلاط ..
يقل الاغتصاب .
أي
أن الإسلام العظيم حين يحد من الاختلاط، ويضيق من فرصه ومجالاته فإنه يحد من جرائم
الاغتصاب ، ويحد من فرصها ومجالاتها .. وهذه مجتمعاتنا المسلمة ، رغم عدم التزامها
التام بالإسلام تنخفض فيها نسب جرائم الاغتصاب ..وإذا كانت بعض مجتمعات المسلمين
بدأت تعاني من تزايد جرائم الاغتصاب فيها ، فإنما هذا بقدر بعدها عن الإسلام
والتزامها بأوامره [6].
رابعاً: استغلال المرأة في التجارة الجسدية .
لقد
استغلت المرأة هناك جسدياً حتى ظهرت ظاهرة تسمى بتجارة الرقيق الأبيض بلغت أرباحها
بالملايين وإليك بعض الأرقام :
ألقت الشرطة التشيكية القبض على أربعة رجال وامرأة كانوا يشكلون عصابة
لاستدراج الفتيات التشيكيات إلى الغرب عن طريق وعدهن بالعمل في الغناء والرقص في
النوادي الليلية مقابل رواتب مغرية فيما كان الهدف من ذلك إجبارهن على ممارسة
الدعارة أو المشاركة في تمثيل أفلام جنسية.
وذكرت بلانكا كوسينوفا المتحدثة الصحافية باسم رئاسة الشرطة التشيكية أن
العصابة استدرجت 25 فتاة تشيكية، وأن أحد أفرادها أجنبي من دولة من جنوب شرق
أوروبا غير أنه انتحر قبل إلقاء الشرطة القبض عليه، أما زعيم العصابة فألقت
الإنتربول القبض عليه في برشلونه وسيسلم إلى القضاء التشيكي لاحقا. ورغم هذا
النجاح للشرطة التشيكية إلا أن ظاهرة استدراج أو "تصدير" الفتيات من
تشيكيا ومن دول أوروبا الشرقية الاخرى بمختلف الأساليب لا تزال تعتبر من الظواهر
المقلقة التي تعيشها هذه الدول منذ سقوط الأنظمة الشيوعية فيها، وما أعقب ذلك من
تراجع مستويات المعيشة وسهولة الانتقال عبر الحدود واللهث وراء المال بأي ثمن كان.
ويؤكد تقرير حديث لمنظمة الهجرة الدولية أنه يجري سنويا بيع نصف مليون
امرأة إلى شبكات الدعارة في العالم، وأن النساء من دول أوروبا الشرقية يشكلن ثلثي
هذا العدد، أما أعمارهن فتتراوح بين الثامنة عشرة والخامسة والعشرين
وتعترف منظمة الشرطة الأوروبية "أوروبول" بأن تجارة الرقيق
الأبيض منظمة بشكل جيد أما المنظمات غير الحكومية المهتمة بهذه المسألة وبعض
الأجهزة الأمنية في أوروبا الشرقية فتؤكد أن الكثير من النساء يقعن في فخ
الاستدراج الذي يجري عادة عن طريق نشر إعلانات مكثفة في مختلف الصحف في دول أوروبا
الشرقية عن الحاجة إلى مربيات أو نادلات في المطاعم أو مغنيات أو راقصات أو عارضات
أزياء للعمل في الغرب أو في بعض الدول البلقانية بعروض مغرية. وبعد وصول الفتيات
إلى (أماكن العمل) تصادر جوازات سفرهن ويحتجزن لعدة أسابيع يتعرضن خلالها للإهانات
والتعذيب ثم يجبرن على ممارسة الجنس مع كثير من الرجال إلى أن يروضن تماماً ثم
يبيعهن القوادون إلى عصابات مختلفة الأمر الذي يجعل عودتهن إلى بلدانهن أو الوصول
إلى الشرطة صعبا.
وتؤكد العديد من المصادر المتابعة لتجارة الرقيق الأبيض في أوروبا أن
العديد من الدول والمناطق في البلقان غدت مفترق طرق بالنسبة للكثير من النساء
ولاسيما اللواتي يستدرجن من جمهوريات رابطة الدول المستقلة كأوكرانيا أوملدوفيا
وروسيا البيضاء، فالنساء الأكثر جمالاً يرسلن إلى أوروبا الغربية ولاسيما إلى
المانيا وفرنسا وإيطاليا ، في حين أن الأقل جمالا وجاذبية يرسلن إلى تركيا
واليونان والشرق الأوسط.
ويؤكد الكسندر لوناس الجنرال في الشرطة
الرومانية الذي يترأس المركز الإقليمي لمكافحة الجريمة المنظمة أن مدينة برتشكو
الواقعة في البوسنه والهرسك واقليم كوسوفو أصبحا من المعاقل الرئيسية لتجارة
الرقيق الابيض، وأن أغلب الفتيات اللواتي يجري الاتجار بأجسادهن تتراوح أعمارهن
بين 18-24 عاماً.
وكمثال حي على الطريقة التي تتبع للاستدراج يورد الجنرال قصة بطلة ملدوفيا
السابقة في القفز سفيتلانا البالغة من العمر 28 عاما التي استجابت لإعلان نشر في
إحدى صحف بلادها طلب فتيات للعمل في يوغوسلافيا السابقة في جني الخضار وبدلا من أن
تمارس بهذا العمل انتهى مطاف هذه الفتاة الشقراء القادمة من كوسوفو في مكان قريب
من الحدود مع ألبانيا وهناك باعها واشتراها ستة من أصحاب بيوت الدعارة وعندما
تمردت على ذلك دفعت ثمنا كان سبعة كسور في أضلاعها ثم نقلت بعد ذلك ومن المستشفى
مباشرة إلى منزل معاون النائب العام السابق في جمهورية الجبل الأسود زوران، غير أن
الأخير لم يساعدها لأنه هو نفسه كان ينظم حفلات الجنس الصاخبة لمسؤولين كبار في
هذه الجمهورية البلقانية الصغيرة ولم تتمكن من الهرب إلا بعد إلقاء القبض عليه
وسجنه.
وفي
دليل على الحجم الخطير الذي وصلت إليه هذه التجارة يقول تقرير حديث للمجلس
الأوروبي إن أرباح القوادين ومجموعات المافيا التي تعمل في هذا المجال في دول
الاتحاد الأوروبي ارتفعت في الأعوام العشرة الماضية بنسبة 400% وإن شبكات الدعارة
هذه تعرض الآن نصف مليون امرأة للبيع يبلغ الدخل الذي تحققه النساء فيها للقوادين
ومزوري الوثائق ومهربي البشر وغيرهم 13 مليار يورو سنويا.
وتعيد الدراسات الاجتماعية هنا سبب تفشي ظاهرة تجارة الرقيق الأبيض في دول
أوروبا الشرقية باحجام كبيرة إلى تفشي الفقر وانتشار الفساد على نطاق واسع لدى
أجهزة الأمن والقضاء وسهولة الانتقال عبر الحدود ووجود طلب كبير في الغرب على
الفتيات الأوروبيات الشرقيات ورخص أسعارهن إضافة الى تعاون المافيات المحلية مع
المافيات الغربية في ظل ضعف أداء أجهزة الأمن. ويسود اعتقاد لدى المنظمات غير
الحكومية المتابعة لهذه المسألة بأن العديد من دول أوروبا الشرقية ستظل ولسنوات
طويلة أخرى مراكز رئيسية في أوروبا لتجارة الرقيق الأبيض.)
وصدر عن منظمة الهجرة العالمية عام 1997 أن نحو 175 ألف امرأة تم الاتجار
بهن عبر البلقان استقدمن من آسيا الوسطى إلى دول الاتحاد الأوروبي. 1000 ألف امرأة
ألبانية وقعن فريسة لهذه التجارة.
(و
أكد خبراء في الأمم المتحدة، أن تجارة الرقيق الأبيض، أصبحت تحتل المركز الثالث
عالمياً، بين النشاطات غير المشروعة.
وجاء في ندوة عقدها مسؤولون من مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة
والمخدرات في البرازيل، وشارك فيها خبراء دوليون، ومسؤولون من الإنتربول، وشرطة
اسكوتلانديارد، أن هذه التجارة تحقق عوائد بلغت أكثر من سبعة مليارات من الدولارات
في العام الواحد، ويبلغ عدد ضحاياها أكثر من أربعة ملايين شخص، يهاجرون من بلادهم
بصورة غير مشروعة سنوياً، الأمر الذي دفع وزير العدل البرازيلي إلى وصف الدعارة
بأنها "مرض العصر )
خامساً : حرمانها من الحياة الزوجية السعيدة
في
« مانهاتن» المدينة الأميريكية التي اخترعت بدعة العزاب المتمايليين تعيش النساء
أزمة حادة
فقد
تبين من آخر إحصاء؛ أن هنالك امرأتين تعيشان دون زواج ؛ مقابل كل رجل أعزب ،وهذا
يعني أن جيلا من النساء يتعرضن لخطر العنوسة
وتذكر الإحصائيات العلمية أن المرأة التي يتراوح عمرها ما بين 35ـ 39 عاماً
لا تتوفر لها فرص الزواج إلا بنسبة 38% فقط .
ففي
نيويورك - مقصد الشاذين والمتسكعين - أصبح العجز في عدد الرجال الذين يمكن الزواج
منهم حادا جداً ..إلى درجة أن آلاف النساء الجميلات والذكيات والناجحات أصبحن
يائسات من نجاح محاولاتهن الظفر بأزواج لهن !
ولقد جعل هذا الوضع النساء الأخريات - الأقل جمالا ونجاحا - يقتنصن كل فرصة
سانحة للقاء رجال ، وإقامة علاقات معهم ، حتى دون زواج ، إلى حد قيام بعضهن بدفع
تحويشة العمر للحصول على حصة بيت على الشاطئ تمضي فيه الصيف مع رجل ! كما أن بعضهن
يلجأن إلى الإعلان في الصحف والمجلات عن حاجتهن إلى رجال) [7]
العجيب أن المرأة هناك هي التي تبحث عن الزوج وتحاول جاهدة أن تكرم صديقها
وخليلها حتى يقبلها زوجة له ، بل وصل الأمر إلى أنها تخشى أن تفاتحه بالزواج
فيتركها ويبحث عن أخرى
يقول الدكتور عبد الله الخاطر- رحمه الله - : ( كنت أستغرب عند بداية
إقامتي في بريطانيا أن المرأة هي التي تنفق على الرجل ، وكنت أشاهد هذه الظاهرة
عندما أركب القطار ، أو أدخل المطعم ، إذ ليس في قاموس الغربيين شيء اسمه (كرم)
وبعد حين زال هذا الاستغراب ، وأخبرني المرضى عن أسباب هذه الظاهرة ، وفهمت منهم
بأن الرجل لا يحب الارتباط بعقد زواج، ويفضل ماأسموه (صديقة) والمرأة تسميه
(صديقاً) وليس هو أو هي من الصدق في شيء ، وكم أساءوا لهذه الكلمة النبيلة ،
فالصديق يعني: الصدق والمحبة والمروءة والنخوة والكرم والوفاء ، وما إلى ذلك من
معان طيبة كريمة .
والصديق عندهم يعيش مع امرأة شهوراً أو سنيناً ، ولا ينفق عليها ، بل هي
تنفق عليه في معظم الحالات ، وقد يغادر البيت متى شاء ، أو قد يطلب منها مغادرة
بيته ، إن كانت تعيش معه في البيت ، ولهذا فالمرأة عندهم تعيش في قلق وخوف شديدين
، وتخشى أن يرتبط صديقها(!!) بامرأة ثانية ويطردها ، ثم لا تجد صديقاً آخر .!!
وكما يقولون (بالمثال يتضح المقال) فسوف أختار مثالا واحدا من أمثلة كثيرة
تبين وضع المرأة عندهم :
رأيت في عيادة الأمراض النفسية امرأة في العشرينات من عمرها وكانت حالتها
منهارة ، وبعد حين من الزمن شعرت بشيء من التحسن ، وأصبحت تتحدث عن وعي ، فسألتها
عن حياتها فأجابت ؛ والدموع تنهمر من عينيها ، قالت : مشكلتي الوحيدة أنني أعيش
بقلق واضطراب ، ولا أدري متى سينفصل عني صديقي، ولا أستطيع مطالبته بالزواج مني،
لأنني أخشى من موقف يتخذه ، ونُصحتُ بالعمل على إنجاب طفل منه ، لعل هذا الطفل
يرغبه في الزواج ، وبعدها أنت ترى الطفل ، كما أنك تراني لا ينقصني جمال ، ومع هذا
وذاك فأبذل كل السبل ؛ من تقديم خدمات ! وإنفاق مال ! ، ولم أنجح في إقناعه
بالزواج ، وهذا سر مرضي ، وسبب قهري ، إني أشعر بأنني وحدي في هذا المجتمع ، فليس
لي زوج يساعدني على أعباء الحياة ، ولي أهل ولكن وجودهم وعدمهم سواء ، وليتني بقيت
بدون طفل لأنني لا أريد أن يتعذب ويشقى في هذه الحياة كما تعذبت وشقيت ..
وهذه المريضة ليست من شواذ المجتمع الغربي ، بل الشواذ هم الذين يعيشون
حياة هادئه ) [8]
سادساً : الضياع النفسي والروحي
المرأة الغربية محرومة من الاستقرار والراحة فهي دائماً في قلق واضطراب
وخوف رهيب من المستقبل المجهول ، ( ففي فرنسا وحدها عشرة ملايين أرملة يستشرن
منجمات - عرّافات - كل عام ؛ بسبب خوفهن من المستقبل ، تحت وطأة الضياع النفسي
والروحي ) هذا ما أكدته مَنْ وُصفت بأنها «المنجمة الفرنسية المعروفة ليليان
جرتييه» .
فكم
مليوناً من النساء في سائر أوروبا ، وفي أمريكا ، وفي باقي دول العالم ؟ ألسن
عشرات من الملايين الأخرى ؟! وحتى لا يقول أحد : إنما تذهب هؤلاء الفرنسيات إلى
المنجمات والمنجمين تسلية وليس اعتقادا ؛ فإننا ننقل ما قالته المنجمة الشهيرة
نفسها عن النساء اللاتي يقصدنها: «إنهن يعتقدن أنني أمثل المفتاح السحري الذي يحل
مشكلاتهن من مرة واحدة وفي زمن قياسي» !! ولهذا فهن « يفرغن جيوبهن من أجل الهدف
نفسه » أي إنهن يدفعن بسخاء [9]
سابعاً: تعريضها للأمراض المختلفة
تتعرض المرأة الغربية لأمراض مختلفة ومتنوعة ما بين الأمراض الجنسية إلى
أمراض السرطان إلى غيرها من الأمراض كل ذلك بسبب تلك الحضارة الغربية التي أوصلتها
إلى هذه المأساة العظيمة
فمن
تلك الأمراض :
*
سرطان الجلد
(أكدت أبحاث أجريت مؤخراً ؛ أن النساء اللواتي يأخذن حمامات الشمس بالمايوه
البيكيني ؛ يتعرضن للإصابة بسرطان الجلد 13 ضعاف عن النساء اللواتي يرتدين المايوه
من قطعة واحدة تغطي الظهر ،أفلا يعني هذا أن المرأة المحجبة ..أقل نساء الأرض عرضة
للإصابة بسرطان الجلد ..لأنها تستر جسدها كله عن أشعة الشمس ؟!
يقول أحد الأطباء إنه يوجد كل إنسان أوروبي حوالي ثلاثين ندبة ، ويعود سبب
وجود الندبات المرضية منها إلى أشعة الشمس ،ويتحول بعضها تلقائيا إلى النوع الخبيث
) [10].
ومن
تلك الأمراض وعدد المصابين بها[11]:
*
مرض السفلس
(أعلن الدكتور (برك جونز) عام 1974م أن خمسين مليون شخص يصابون بمرض السفلس
كل عام ) [12]
_ (
بلغ عدد المصابين المسجلين رسمياً لعام (1418هـ -1998م) – حسب تقرير منظمة الصحة
العالمية – فيبلغ حوالي خمسة ملايين شخص. ويبلغ عدد الوفيات – حسب ذات التقرير - (
159,000 ) تسعة وخمسون ومائة ألف شخص)
*
مرض السيلان
(يعتبر هذا المرض من أكثر الأمراض المعدية انتشاراً في الوقت الحاضر، وقد
يصاب به 200-500 مليون شخص في كل عام، معظمهم في سن الشباب ممن تتراوح أعمارهم بين
15و28 سنة. وغالبيتهم من طلاب المدارس والجامعات.
ففي
الولايات المتحدة الأمريكية - مثلاً - يتراوح عدد الإصابات المسجلة رسمياً
بالسيلان ما بين 4و5ملايين إصابة.
أما
في البرازيل فتسجل يومياً حوالي عشرين ألف إصابة جديدة في العيادات والمستشفيات.
وفي
فرنسا يقدر عدد المصابين بالسيلان سنوياً بـ 500 ألف رجل وامرأة وطفل.
وقد
بلغ عدد المصابين بالسيلان لعام (1418هـ -1998م) حسب تقرير منظمة الصحة العالمية
حوالي خمسة ملايين شخص.
أما
الوفيات فيبلغ عددهم حسب ذات التقرير ثمانية آلاف شخص .
*
مرض الهربس الزهري
يحتل الهربس الزهري - أو القوباء التناسلية - المرتبة الخامسة من حيث
الانتشار في سلسلة الأمراض الجنسية.
وقد
تضاعف عدد المصابين في العالم بهذا المرض منذ عام (1390هـ -1970م).
ففي
الولايات المتحدة الأمريكية تسجل سنوياً مليون إصابة جديدة، ويقدر عدد المصابين
فيها بحوالي 25 مليون شخص.
وتشكل هذه الإصابات 15% من مجموعة الأمراض الجنسية.
وفي
اليابان يفوق عدد الإصابات الجديدة بالقوباء عدة مرات عدد الإصابات بالسيلان
والسفلس.
وفي
أوربا الغربية يشكل الهربس التناسلي 20% من مجموع الأمراض المتناقلة عبر الجنس،
فقد تم رصد أكثر من عشرة آلاف حالة في بريطانيا وحدها عام (1400هـ -1980م).
وقد
ذكر الدكتور (مورس) [13]اختصاصي أمراض الهربس أن نتيجة الدراسة التي قام بها في
بريطانيا تشير إلى أن انتشار هذا المرض يزداد يوماً بعد يوم، وأن أكثر الإصابات به
تقع بين الشباب والشابات الذين تتراوح أعمارهم بين 15-30 سنة. وأن هذا المرض
يتناسب طردياً مع الجنس وطرق ممارسته وازدياده في المجتمع بطرق غير صحيحة، فيما
يقل بالمقابل عند الذين يحبون العفاف ويسعون إليه.
وقد
انتقل المرض إلى عواصم عالمية أخرى مثل: بروكسل وأمستردام وكوبنهاجن وستوكهولم
وبرلين وباريس وجنوب إفريقية) .
*
مرض الإيدز
(
إن عدد الإصابات بوباء الإيدز منذ اكتشافه في أوائل الثمانينات حتى يومنا هذا في
تصاعد مستمر ومخيف.
فحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية التي كشف النقاب عنها في المؤتمر
العالمي الخامس ضد مرض الإيدز المنعقد في مونتريال بكندا عام (1409هـ –1989م)، فإن
عدد الإصابات بمرض الإيدز حتى عام (1405هـ -1985م) لم يتجاوز 70,000 إصابة.
ثم
ارتفع هذا العدد ما بين عامي (1406و1408هـ -1986و1988م)، ليصبح حوالي 300,000
إصابة.
ويقدر عدد الإصابات ما بين عامي (1409و1410هـ- - 1989و1990م) بأنه يتراوح
ما بين 700,000 إصابة ومليون ونصف المليون إصابة.
وقد
بينت منظمة الصحة العالمية بأنه إذا لم يستطع الأطباء إيجاد وسيلة فعالة للقضاء
على هذا الوباء في السنوات المقبلة، فإن عدد الإصابات سيبلغ في أواخر هذا القرن
خمسة ملايين إصابة.
ولكن يبدو أن توقعات منظمة الصحة العالمية عن عدد المصابين بهذا المرض كانت
متواضعة جداً. فقد بلغ عدد المصابين بالإيدز بنهاية عام (1418هـ –1998م)
70,930,000 إصابة (35 مليون مصاب من الذكور، و34 مليون مصاب من الإناث تقريباً ).
وبلغ عدد الوفيات 2,285,000 شخص .
وذلك حسب الإحصاءات الصادرة عن المنظمة نفسها عام (1419هـ -1999م). فهذه لمحة خاطفة عن حال المرأة في عصر
الحضارة المسماة ( حضارة القرن العشرين) .
وما
هي بحضارة ، وإنما هي قذارة وفجارة
إيهِ عصرَ العشرين ظنوك عصراً
نيِّرَ الوجه مُسْعـِدَ الإنسانِ
لست (نوراً) بل أنت (نارٌ) وظلمٌ
مذ جعلت الإنسان كالحيوانِ [14]
وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ
مَعِيشَةً ضَنْكاً ﴾[طـه: 124]
00000000
[1]
مجلة البيان عدد ربيع الآخر 1420هـ
[2]
جريدة الشرق الأوسط في عددها (5170 ) . نقلا من ( إنهم يتفرجون على اغتصابها )
محمد العويد . ص 23
[3]
الوطن الكويتية العدد (5711) . نقلا من ( إنهم يتفرجون على اغتصابها ) محمد العويد
. ص 27 .
[4]
جريدة صوت الكويت العدد 542 . نقلا من : إنهم يتفرجون على اغتصابها ص 40.
[5]
جريدة الشرق الأوسط العدد (5130) .
[6]
انظر : ( إنهم يتفرجون على اغتصابها ) محمد العويد . ص 13 .
[7]
انظر : وبضدها تتبين المسلمات ، محمد العويد ص 11 .
[8]
انظر : مشاهداتي في بريطانيا ص 10 د . عبد الله الخاطر رحمه الله .
[9]
انظر : وبضدها تتبين المسلمات ص 7-8 بتصرف . محمد العويد .
[10] انظر : من أجل تحرير حقيقي للمرأة ص 153 بتصرف .
[11] انظر : قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية ص . د . فؤاد آل عبدالكريم
ص 673 وما بعدها .
[12] انظر : غضب الله تعالى يلاحق المتمردين ( الأيدز ) لفؤاد بن سيد
الرفاعي ص 40 وما بعده .
[13] الدكتور مورس لونقستن، أستاذ الفيروسات الطبية في كلية طب جامعة
مانشستر - بريطانيا. انظر: الأمراض الجنسية عقوبة إلهية/عبدالحميد القضاة ص90.
[14] عودة الحجاب (2/56) .
======================
الشيخ/صالح الفوزان
إن
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه
وسلم.
وبعد: فحديثنا يتعلق بالمرأة المسلمة، والحديث عنها أحسبه في هذا الوقت
هامًّا؛ ذلك لأن المرأة في مجتمعنا تتعرض لهجمة شرسة من أعداء هذا الدين حيث يطرح
ما يسمى بقضية أو قضايا المرأة، ويقصدون به إخراج المرأة عن الوضع الذي أراد الله
لها...
ونحن لا نعرف للمرأة قضية غير قضية أمتها. إن جهل الأمة بدينها، وضعفها في
الأخذ به هو قضية الأمة والمرأة. وهو ما نحاول إيضاح شيء منه في هذه المقالة ولنا
مع هذا العنوان وقفات.
الأولى:
حول مفهوم التربية، حيث نقصد بها المعنى الواسع للبناء وما يلزم له من تعهد الأسرة
ورعايتها، حتى لا يظن البعض أن التربية مجرد تهذيب الأخلاق وتقويمها وهذا من
مشمولات التربية، والتربية للأسرة أوسع مجالاً من هذا.
والثانية: أنه قد يفهم من العنوان أن للمرأة دورًا في تربية الأسرة ولكنه
عمل ثانوي لها، والحقيقة أن عمل المرأة في تربية الأسرة هو عملها الرئيس وما عداه
فهو استثناء.
مكان المرأة:
وهذه المسألة بحاجة إلى توضيح وجلاء فنقول: إن مكان المرأة الطبيعي هو
البيت وهو مكان عملها، هذا هو الأصل، وهذا ما تدعمه أدلة الشرع، وهو منطق الفطرة
التي فطرت المرأة عليها.
أما
دلالة الشرع على هذا فالنصوص والوقائع التي تشهد له كثيرة منها:
1
ـ قال تعالى مخاطبًا أمهات المؤمنين: ﴿
وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾(1)، يقول سيد قطب: « فيها إيماءة لطيفة إلى أن يكون
البيت هو الأصل في حياتهن، وهو المقر، وما عداه استثناءً طارئًا لا يثقلن فيه ولا
يستقررن إنما هي الحاجة تقضى وبقدرها »(2)
.
2
ـ ويقول تعالى: ﴿ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن
بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ ﴾(3)، وهي وإن كانت في المعتدة فقد قال العلماء: إن
الحكم لا يختص بها بل يتعداها. فدلالة الإضافة ﴿بُيُوتِكُنَّ﴾ ﴿بُيُوتِهِنَّ﴾ مع
أنها في الغالب للأزواج فهي إضافة إسكان لا تمليك، كأن الأصل لها سكنًا.
3
ـ في قصص الأنبياء دروس وعبر. قصة موسى مع
المرأتين ﴿وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ
يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا
قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ إلى
قوله: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ
اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ، قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى
ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ...﴾( 4 ) لنتأمل
هذه الدروس في الآية. فهذا موسى يجد الرعاة على الماء ومن دونهم امرأتين تذودان
غنمهما لئلا تختلط بغنم الناس؟ يسألهما ما شأنكما؟ لماذا لا تسقيان غنمكما مع
الناس؟
يأتي الجواب: لا نسقي حتى يصدر الرعاء. إن لديهما تقوى وورعًا يمنعانهما من
الاختلاط بالرجال، فكأنه يأتي سؤال آخر، ما الذي أخرجكما؟ ثم يأتي الجواب مباشرة
﴿وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ﴾ فهي الضرورة والحاجة دعت لذلك، ولما اضطرتا للخروج
لزمتا الخلق والأدب، فلم تختلطا بالرجال.
ثم
يأتي درس آخر حيث تفكر إحدى المرأتين أن الوقت قد حان لتعود الأمور إلى طبيعتها ﴿
قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ
الْقَوِيُّ الأَمِينُ ﴾ واقتنع شعيب بالحل فعرض على موسى: ﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ
أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ
حِجَجٍ...﴾ ويقبل موسى العرض وتعود الأمور إلى نصابها فيعمل موسى بالرعي وتعود
المرأة زوجة عاملة في بيتها. هكذا يقص علينا القرآن وإن في قصصهم لعبرة.
4
ـ الصلاة في المسجد مشروعة في حق الرجال
ومن أفضل الأعمال فكيف إذا كانت في مسجد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومعه،
ومع ذلك يحث رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ المرأة على الصلاة في بيتها. عن
امرأة أبي حميد الساعدي، أنها جاءت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت: يا رسول الله
إني أحب الصلاة معك. فقال: ( قد علمت أنك
تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من
صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك
خير من صلاتك في مسجدي ). فأمرت فبُني لها مسجدٌ في أقصى شيء من بيتها وأظلمه
فكانت تصلي فيه حتى لقيت الله عز وجل [5] .
وإيحاء الحديث واضح في أن الأصل قرار المرأة في بيتها، حتى فضل الصلاة في
بيتها على الصلاة في مسجده ـ صلى الله عليه وسلم ـ مع أنه أذن للمرأة في الذهاب
للمسجد.
5
ـ واقع المرأة في القرون المفضلة الأولى –
التي هي مكان القدوة – يؤيد هذا، حيث نجد أن خروج المرأة وقيامها بعمل خارج البيت
يكاد يكون حوادث معدودة لها أسبابها الداعية لها، بل هذا هو فهم الصحابة. ورد أن
امرأة ابن مسعود طلبت أن يكسوها جلبابًا فقال: أخشى أن تتركي جلباب الله الذي
جلببك، قالت: ما هو؟ قال: بيتك.
6
ـ ما جاء به الشرع هو الموافق للفطرة ﴿
أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾[6] إن قرار المرأة في بيتها هو منطق الفطرة الذي
يوافق وظائفها وطبيعتها، ويقيها التشتت والتناقض ولقد أثبتت التجارب العلمية
والنفسية ما يؤيد هذا، كما نادى بعض الباحثين المنصفين في الغرب لتلافي خطر تشغيل
المرأة بما يخالف فطرتها وطبيعتها، ولكن أصحاب الشهوات صم عن كل داع لذلك بل
يتهمونه بأنه يدعو للعودة بالمرأة إلى عهود الرجعية والرق كذا زعموا! ويأتي مزيد
بيان لهذا في ثنايا الموضوع.
الموقف حول خروج المرأة:
بقي
أن يفهم أن خروج المرأة ليس ممنوعًا على إطلاقه، فقد وردت نصوص تدل على جواز خروج
المرأة وعملها خارج المنزل، لكن هذه الحالة ليست هي الأصل بل هي استثناء وضرورة.
ومما ورد في هذا إذن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ للمرأة في الصلاة
بالمسجد مع أنه فضّل الصلاة في بيتها.
ومن
ذلك ما ورد من مشاركة بعض النساء في بعض المعارك في السقي ومداواة الجرحى.
وقد
تمسك بهذا دعاة تحرير المرأة، بل دعاة إفسادها من أصحاب الأهواء، كما استدل بها
بعض الطيبين الذين انهزموا أمام ضغط الحضارة الوافدة دفاعًا عن الإسلام في ظنهم.
وللإجابة على هذا نقول: إن خروج المرأة وعملها خارج البيت ليس ممنوعًا على
الإطلاق، بل قد تدعو إليه الحاجة كما خرجت بنتا شعيب، وقد يكون ضرورة للأمة كتعليم
المرأة بنات جنسها وتطبيبهن وعليه تحمل أدلة خروج المرأة، وهي حالة استثناء وليست
أصلاً، ولهذا نجد الإمام ابن حجر يقول: لعل خروج المرأة مع الجيش قد نسخ، حيث أورد
في "الإصابة" ترجمة أم كبشة القضاعية وقال: أخرج حديثها أبو بكر بن أبي
شيبة والطبراني وغيرهما من طريق الأسود بن قيس عن سعيد بن عمرو القرشي أن أم كبشة
امرأة من قضاعة قالت: يا رسول الله ائذن لي أن أخرج في جيش كذا وكذا. قال: لا،
قالت: يا رسول الله: إني لست أريد أن أقاتل: إنما أريد أن أداوي الجرحى والمرضى
وأسقي الماء. قال: ( لولا أن تكون سنة، ويقال: فلانة خرجت لأذنت لك، ولكن اجلسي
).وأخرجه ابن سعد، وفي آخره ( اجلسي لا يتحدث الناس أن محمدًا يغزو بامرأة ) ثم قال: يمكن الجمع بين هذا وبين ما تقدم في
ترجمة أم سنان الأسلمي أن هذا ناسخ لذاك؛ لأن ذلك كان بخيبر وكان هذا بعد الفتح
[7] .
وعلى كل حال فالأدلة ثابتة في خروج بعض النساء والمشاركة في مداواة الجرحى
والسقي، ولكنها حالات محدودة تقدر بقدرها ولا تغلّب على الأصل، ومن المهم أن يتضح
الفرق بين كون عمل المرأة خارج البيت أصل، وبين كونه استثناء.
فإذا كان استثناء لحالات معينة فلن نعدم الحلول للسلبيات المتوقعة من
الخروج.. وليس هذا مجال طرحها، أما إذا كان الخروج أصلاً كما يرى بعض المستغربين
حيث يرى أن المرأة ستبقى معطلة إذا عملت في البيت، وأن هذا شلل لنصف المجتمع.
أقول: إن سرنا في هذا الاتجاه فستقع سلبيات الخروج وما يترتب عليه، كما حصل في
المجتمعات الغربية.
ستقع مفاسد الاختلاط، ومفاسد خلو البيوت من الأم، مهما اتخذنا من إجراءات وكنا
صادقين في ذلك، ولو حاول البعض أن يغطيها بالشعار الخادع: «خروج في ظل تعاليم
شريعتنا، وحسب تقاليدنا». ثم لابد أن نفهم أنه إذا تقرر لدينا أن الأصل هو عمل
المرأة في بيتها، وأن عملها خارج البيت استثناء، وأن هذا مقتضى أدلة الشرع فلسنا
بعد ذلك مخيرين بين الالتزام بهذا أو عدمه إن كنا مسلمين حقًّا. ﴿ وَمَا كَانَ
لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ
لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ
ضَلَّ ضَلالاً مُّبِينً﴾[8] فالآية وإن
نزلت في قضية معينة، فمفهومها عام. ثم هي جاءت بعد الآيات التي أمرت نساء النبي ـ
صلى الله عليه وسلم ـ بالقرار في بيوتهن.
ولقد بيّن الله أن ترك شريعته والإعراض عنها سبب حتمي – لا شك – للشقاء
كحال أكثر أمم الأرض اليوم ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنكً﴾[9] وإن حال الأمة التي لديها
المنهج القويم ثم تتركه وتبحث في زبالة أفكار الرجال كقول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول
ما
هي الأسرة؟
الوقفة الثالثة مع العنوان عن "الأسرة": ما هي الأسرة التي هي
مجال عمل المرأة، ما أهميتها؟
الأسرة أحد المؤسسات التربوية الدائمة التي لا تنفك أبدًا فلا نتصور
مجتمعًا بدون أسرة.
وإن
وجودها واستمرارها واستقرارها من مقاصد الشرع ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾[10] .
توحي الآية أن أصل البشر أسرة واحدة«نفس واحدة وخلق منها زوجها» ومن
الزوجين بث أسرًا كثيرة. ويقول: ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا
فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرً﴾[11] نسبًا بالنسبة
للذكور، وصهرًا بالنسبة للإناث.
وقد
حثّ الإسلام على تكوينها متى توفرت الإمكانات، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( يا
معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج )[12]، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (
تزوجوا الودود الولود )[13] .
بيّن الإسلام دور الأسرة وأثرها العظيم إذ هي التي تحدد مسار حياته ودينه،
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو
ينصرانه أو يمجسانه.. )[14] .
جاءت تشريعات الإسلام كلها لتنظيم الأسرة وحمايتها من التفكك، ومن ذلك
أحكام النكاح والطلاق والعدد وحقوق الآباء والأمهات، وغيرها كثير، كلها تدلّ على
تلك المكانة التي أولاها الإسلام للأسرة، لأنها مكان نشوء الأجيال، وعلى قدر ما
تكون الأسرة يكون مستقبل الأمة.
وإن
المرأة هي العمود الفقري لهذه الأسرة، وكما قيل: وراء كل عظيم امرأة تربى في
حجرها.
ألا
تستحق هذه الأسرة من المرأة تفرغًا، وهل عمل المرأة فيها جهد ضائع؟ إن رسالة
المرأة هي الأمومة بما تحمله، وهي أوسع من مجرد الإنجاب، بل التربية التي تعد
الفرد الصالح.
إن
عمل المرأة في بيتها إن ظنه البعض صغيرًا فهو كبير تلتقي فيه كثير من التخصصات
ويحتاج لما تحتاج له دولة، يحتاج للعلم والفكر، يحتاج الدقة، يحتاج الإدارة، يحتاج
الاقتصاد، يحتاج الرقة والإحساس، يحتاج لسمو المبادئ.
إن
المرأة التي تنظر لعمل البيت نظرة استصغار لدليل على أنها لم تفهمه حق الفهم، ومن
ثم لن تقوم به، كذلك الذين يرون أنها معطلة في بيتها إما أنهم لا يفهمون هذا
العمل، أو أنهم يفهمونه ولكن في قلوبهم مرض.
هل
يصح أن نقول: إن المرأة إذا تفرغت للعناية بالأسرة تبقى معطلة ويخسر المجتمع نصف
طاقاته.
من
الضروري أن تفهم المرأة هذا الدور الكبير في ظل العقيدة ﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي
وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾[15] إنه عبادة، فليس عملاً قسريًا، أو عملاً
روتينيًا، بل هو عمل فيه روح لمن أدركت أهداف الحياة وسر وجود الإنسان. قال رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحفظت فرجها
وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت )[16]
.
وبعد هذه الوقفات يأتي الحديث عن أعمال المرأة داخل بيتها والتي تمثل دورها
الرئيسي في هذه الحياة لتساهم في بناء الأمة، وسوف يتضح لنا أنها أعمال كبيرة
وعظيمة إذا أعطيت حقها فإنها تستغرق جل وقتها، وهذه الأعمال:
أعمال المرأة في بيتها:
أولاً: عبادة الله:
لأن
ذلك هو الغاية من وجود الإنسان ككل ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا
لِيَعْبُدُونِ﴾[17] .
لذا
نجد التوجيه الإلهي لأمهات المؤمنين لما أمرن بالقرار في البيوت، قال الله تعالى:
﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى
وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ...﴾
[18] .
ومفهوم العبادة وإن كان أوسع من أداء الشعائر التعبدية، لكنها جزء كبير من
العبادة، وأداء العبادة هو أكبر معين للمرأة على أداء دورها بإتقان في بيتها
فالمرأة الصالحة هي التي تؤدي دورها على الوجه المطلوب، كما أن ذلك هو أساس
التربية الصالحة بالقدوة، حيث إن قيام المرأة بأداء العبادة بخشوع وطمأنينة له
أكبر الأثر على من في البيت من الأطفال وغيرهم، فحينما تحسن المرأة الوضوء، ثم تقف
أمام ربها خاشعة خاضعة ستربى في الأطفال هذه المعاني بالقدوة إضافة للبيان
والتوجيه بالكلام.
وهذا الجانب وإن كان معلومًا لكن لابد أن تتضح أهدافه وغاياته وأثره ويُفهم
بعيدًا عن الروتين القاتل للمعاني السامية.
ثانيًا: المرأة في البيت سكن واستقرار للزوج والبيت:
قال
تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا
لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي
ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾[19]
.
التعبير بـ «سكن» وما يحمله من معنى. إن كلمة «سكن» تحمل معنى عظيمًا
للاستقرار والراحة والطمأنينة في البيت، ولو حاولنا أن نوجد لفظًا يعبر عما تحمله
ما استطعنا ولن نستطيع، ذلك كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه. فالمرأة سكن للزوج، سكن للبيت. ثم وصف العلاقة بأنها "مودة
ورحمة".
وقال: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا
زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَ﴾[20] أي
يأنس بها ويأوي إليها، ولنفهم سر التعبير «إليها» في الآيتين حيث أعاد السكن إلى
المرأة فهي مكانه وموطنه، فالزوج يسكن إليها، والبيت بمن فيه يسكن إليها ﴿
لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾ ولا تكون المرأة سكنًا لزوجها حتى تفهم حقه ومكانته، ثم
تقوم بحقوقه عليها طائعة لربها فرحة راضية.
لذا
يحرص الإسلام على تقرير مكانة الزوج لأنها الأساس، يقول الرسول ـ صلى الله عليه
وسلم ـ: ( لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجه )[21]
بل
الإشعار بمكانته حتى بعد وفاته ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تحد
على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا... )[22] .
وليفهم أن الإحداد أمر زائد على العدة، ففيه إشعار بحق الزوج على الزوجة.
وقد شرع في الإسلام أحكام تكفل أداء حقوق الزوج، ومن ثم يكون البيت سكنًا ويصبح
بيئة صالحة.
على
أن هذه الأحكام والتشريعات ليست خاصة بالمرأة بل هي على الزوجين، لكن دور المرأة
فيها أكبر لأنها العمود كما ذكرنا، وحيث مجال حديثنا عن المرأة وعن دورها في تربية
الأسرة، لابد من الإشارة لبعض المسئوليات والوسائل اللازمة لها التي تجعل البيت
سكنًا كما أراد الله، ومنها:
1
ـ الطاعة التامة للزوج فيما لا معصية فيه
لله:
هذه
الطاعة هي أساس الاستقرار، لأن القوامة للرجل ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى
النِّسَاءِ...﴾[23] فلا نتصور قوامة بدون
طاعة... والبيت مدرسة أو إدارة، فلو أن مديرًا في مؤسسة أو مدرسة لديه موظفون لا
يطيعونه، هل يمكن أن يسير العمل، فالبيت كذلك. إن طاعة الزوج واجب شرعي تثاب
المرأة على فعله، بل نجد طاعة الزوج مقدمة على عبادة النفل، قال ـ صلى الله عليه
وسلم ـ: ( لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه
) [24] . وفيه إشارة إلى أهمية طاعة الزوج حتى قدمت
على عبادة صيام النفل.
2
ـ القيام بأعمال البيت التي هي قوام حياة
الأسرة من طبخ ونظافة وغسيل وغير ذلك:
وحتى يؤدي هذا العمل ثمرته لابد أن يكون بإتقان جيد، وبراحة نفس ورضى وشعور
بأن ذلك عبادة.
وإليك أيها الأخت نماذج من السيرة ومن سلف هذه الأمة. أخرج الإمام أحمد
بسنده عن ابن أعبد قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أخبرك عني وعن
فاطمة رضي الله عنها كانت ابنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وكانت من أكرم
أهله عليه، وكانت زوجتي، فجرَّت بالرحى حتى أثّر الرحى بيدها، وأسقت بالقربة حتى
أثرت القربة بنحرها وقمّت البيت حتى اغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست
ثيابها، فأصابها من ذلك ضرر، فقدم على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بسبي أو
خدم، قال: فقلت لها: انطلقي إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فاسأليه خادمًا
يقيك حر ما أنت فيه، فانطلقت إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوجدت عنده
خدمًا أو خدامًا فرجعت ولم تسأله فذكر الحديث فقال: ( ألا أدلكِ على ما هو خير لكِ
من خادم إذا أويتِ إلى فراشكِ سبحي ثلاثًا وثلاثين واحمدي ثلاثًا وثلاثين وكبري
أربعًا وثلاثين ) فأخرجت رأسها فقالت:
رضيت عن الله ورسوله مرتين.. [25] . فلم ينكر قيامها بهذا المجهود، ومن هي في
فضلها وشرفها، بل أقرها وأرشدها إلى عبادة تستعين بها على ذلك، وأن ذلك خير لها من
خادم.
روى
ابن إسحاق بسنده عن أسماء بنت عميس قالت: لما أصيب جعفر وأصحابه دخل عليَّ رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد دبغت أربعين منا، وعجنت عجيني وغسلت بنّى ودهنتهم
ونظفتهم. قالت: فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( اتيني ببني جعفر ) قالت: فأتيته بهم، فتشممهم وذرفت عيناه، فقلت:
يا رسول الله بأبي أنت وأمي، ما يبكيك؟ أبلغك عن جعفر وأصحابه شيء؟ قال: ( نعم،
أصيبوا هذا اليوم ) ... الحديث [26] .
3
ـ استجابتها لزوجها فيما أحل الله له:
قال
ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها
لعنتها الملائكة حتى تصبح )[27] . بل الأولى في حقها أن تتقرب إليه دون الطلب، وأن
تتهيأ لذلك وتتجمل. وإنه لمن المؤسف أن بعض النساء تتجمل لخروجها – وقد نُهيت عن
ذلك – أكثر مما تتجمل لزوجها – وقد أُمرت به – وكل ذلك يدل على جهل بالمسؤولية، أو
عدم اتباع لشرع الله.
إن
لقيام المرأة بهذا الأمر، وحسن الأخذ به أثرًا كبيرًا على استقرار البيت، حيث عفة
الزوج ورضاه بما عنده وعدم شعوره بالإحباط والحرمان، ومن ثم الاستقرار النفسي.
ما
أكثر الرجال الذين يعيشون حياة غير مستقرة بسبب شعورهم بالحرمان، لأن المرأة لم
تعر هذا الجانب اهتمامًا، أو لم تعرف كيف تقوم به حق القيام، فلتدرك المرأة دورها
في ذلك، ثم لتفكر وتبحث كيف تؤديه.
4
ـ حفظ سره وعرضه:
فلا
تتعرض للفتنة ولا للتبرج، ولا تتساهل في التعرض للرجال في باب المنزل أو النافذة
أو خارج البيت، ولتكن محتشمة عند خروجها.
قال
ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( فأما حقكم على نسائكم فلا يوطين فرشكم من تكرهون ولا
يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون )[28] .
إن
هذا يعطي صيانة أخلاقية للبيت، وثقة للزوج، وتربية للأبناء على العفة، وأن البيت
الذي يحصل فيه شيء من التساهل في أي أمر من هذه الأمور لن يكون سكنًا مريحًا، ولا
مكان استقرار.
5
ـ حفظ المال:
يقول ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن
رعيته )[29] . وقال ـ صلى الله عليه وسلم
ـ: ( خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش. أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج
في ذات يده )[30] .
وقضية المال قضية هامة يتعلق بها أمور منها:
1
ـ الإصلاح في البيوت بحفظ ما فيها.
2
ـ عدم التبذير والإسراف.
3
ـ عدم تحميل الزوج ما لا يطيق من النفقات.
والأمور المالية اليوم أصبح لها نظام وحساب فكم من الوسائل والطرق توفر
للأسرة عيشًا هنيئًا مع عدم التكلفة المالية، وقد أصبحت فنًّا يدرس، فهل تعي
الزوجة دورها في ذلك.
6
ـ المعاملة الحسنة:
فالزوج له القوامة فلابد من أن تكون المعاملة تنطلق من هذا ومن صور حسن
المعاملة.
ـ تحمل خطئه إذا أخطأ.
ـ استرضاؤه إذا غضب.
ـ إشعاره بالحب والتقدير.
ـ الكلمة الطيبة والبسمة الصادقة،
قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( تبسمك في وجه أخيك صدقة )[31] .
فكيف إذا كانت من زوجة لزوجها.
ـ الانتباه لأموره الخاصة من طعام
وشراب ولباس من ناحية النوع والوقت. ولتعلم المرأة أنها حين تقوم بهذه الأمور ليس
فيه اعتداء على شخصيتها أو حطّ من مكانتها بل هذا هو طريق السعادة، ولن تكون
السعادة إلا في ظل زوج تحسن معاملته وذلك تقدير العزيز العليم ﴿الرِّجَالُ
قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾[32] يقول
ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد
لزوجه )[33] .
فلتفهمي مقاصد الشرع ولا تغتري بالدعاية الكاذبة وليكن شعارك سمعنا وأطعنا.
﴿فَإِمَّا يَأتِيَنَّكُم مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ
يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى﴾ [34] .
7
ـ تنظيم الوقت:
احرصي على تنظيم وقتك حتى يكون عملك متعة، واجعلي البيت دائمًا كالروضة
نظافة وترتيبًا، فالبيت دليل على صاحبته، وبالنظافة والترتيب يكون البيت بأجمل
صورة، ولو كان الأثاث متواضعًا والعكس بالعكس.
إن
الزوج والأولاد حينما يعودون من أعمالهم ودراستهم متعبين فيجدون بيتًا منظمًا
نظيفًا يخف عنهم العناء والإرهاق، والعكس بالعكس؛ فنظافة السكن ونظامه من أهم
الأسباب لكونه سكنًا وراحة.
8
ـ قفي مع زوجك:
في
الأحداث والأزمات وما أكثرها في هذه الدنيا! أمدِّيه بالصبر والرأي، اجعليه عند
الأزمات يهرب لبيته، لزوجته، لسكنه، لا يهرب عنها، فذلك من أكبر الأسباب للوئام،
وبهذا يكون البيت سكنًا.
9
ـ الصدق معه:
كوني صادقة معه في كل شيء وخصوصًا فيما يحدث وهو خارج البيت، وابتعدي عن
الكذب والتمويه، فإن الأمر إن انطلى مرة فلن يستمر ثم تفقد الثقة، فإذا فقدت الثقة
فلن يكون البيت سكنًا مريحًا، ولا مكانًا للتربية الصالحة.
10
ـ كيف تتصرفين عند حصول الخلاف؟
وأخيرًا اعلمي أننا بشر، فلا بد من الضعف، ولابد من وقوع اختلاف حول بعض
الأمور، لكن المهم كيف تعالج الخلافات فإذا كان من الطبيعي حصول بعض الخلاف، فليس
من الجائز أن يتحول كل خلاف إلى مشكلة قد تقوض كيان البيت، وإليك بعض التوصيات
التي ينبغي الانتباه لها عند حصول خلاف.
1
ـ تجنبي الاستمرار في النقاش حالة الغضب
والانسحاب حتى تهدأ الأعصاب.
2
ـ استعملي أسلوب البحث لا الجدال والتعرف على
المشكلة وأسبابها.
3
ـ البعد عن المقاطعة والاستماع الجيد.
4
ـ لابد من إعطاء المشاعر الطيبة، وبيان أن
كل طرف يحب الآخر، ولكن يريد حل المشكلة.
5
ـ لابد من الاستعداد للتنازل، فإن إصرار
كل طرف على ما هو عليه يؤدي إلى تأزم الموقف، وقد ينتهي إلى الطلاق.
هذا
بعض ما ينبغي للمرأة أن تسلكه في بيتها حتى تكون قد شاركت في إيجاد السكن الحقيقي،
البيت الذي يعيش فيه الزوج هادئًا آمنًا مستقرًا فينتج لأمته، وفيه يتربى الأولاد
التربية السليمة فتصلح الأمة بصلاح الأجيال، والزوجان هما أساس الأسرة فإذا كانت العلاقة
بينهما سيئة فلا استقرار للبيت.
ثالثًا: جعل الأسرة في إطارها الواسع سكنًا:
من
الأعمال التي تقوم بها المرأة في بيتها لتؤدي دورها في تربية الأسرة حرصها على جعل
الأسرة سكنًا واستقرارًا في إطار الأسرة الواسع، إن الحديث في الفقرة السابقة يمسّ
الأسرة في إطارها الضيق الزوج والزوجة والأولاد، لكن هناك إطار للأسرة أوسع من ذلك
يشمل الأم والأب والأخوة والأخوات، ولهم حقوق سواء كانوا مع الزوج في البيت أو
ليسوا معه. ولابد أن يلتئم شملهم وتصلح العلاقات بينهم، حيث يتعلق بذلك أحكام
كثيرة، منها بر الوالدين وصلة الأرحام.
وللمرأة دور خطير في ذلك، فكم من امرأة بوعيها بهذا الجانب وخوفها من الله،
كانت سببًا للصلة بين زوجها وأمه وأبيه وإخوته وأرحامه، فأصبحت أداة خير تجمع
الأسرة على الخير، وكم من امرأة جاهلة بواجبها في هذا الجانب، أو تعرفه لكنها لا
تخاف الله فسببت فرقة الأسرة فكان عقوق الآباء والأمهات، وكان قطيعة الرحم كل ذلك
بسبب جهل المرأة بدورها في هذا الجانب وعدم القيام به.
رابعًا: تربية الأولاد:
من
المجالات التي يظهر فيها دور المرأة في تربية الأسرة ( تربية الطفل ) وهذا من أهم المجالات وأخطرها لسببين:
الأول: لأنه موجه للطفل ومن الطفل تتكون
الأمة، وعلى أي حال كان واقع الطفل وتربيته اليوم سيكون وضع الأمة في المستقبل
كذلك، ومن هنا ندرك أنه سيمر عبر مدرسة الأم أفراد الأمة كلهم.
الثاني: ولأن الطفل كثير المجاهيل ينطبق عليه أنه واضح غامض، سهل صعب، لذا
فرعايته وتربيته تحتاج لجهد ليس سهلاً، وهذا ما سوف نوضحه فيما يأتي.
إن
رعاية الطفل مسؤولية الأبوين معًا، قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كلكم راع وكلكم
مسؤول عن رعيته، والرجل راع في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها
ومسؤولة عن رعيته )[35] .
ويقول تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ
وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾[36] .
ولكننا إذا نظرنا إلى واقع الأمر وجدنا أن الرجل لا يقضي في بيته ومع
أطفاله إلا جزءًا يسيرًا من الوقت هذا من حيث الكم، ومن حيث الكيف فهذا الوقت يكون
فيه منهكًا من العمل، يطلب الراحة، وليس لديه قدرة على التفكير في شأن أولاده. لذا
يظهر لنا أن الدور الأكبر في هذا هو دور المرأة ومسؤوليتها، أخرج البخاري عن جابر
بن عبد الله – رضي الله عنه – قال: ( هلك أبي وترك سبع بنات، أو تسع بنات، فتزوجت
امرأة ثيبًا فقال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: تزوجت يا جابر فقلت: نعم،
فقال: بكرًا أم ثيبًا قلت: بل ثيبًا. قال:
فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك قال: قلت له: إن عبد الله
هلك وترك بنات وإني كرهت أن أجيئَهُنَّ بمثلهن فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن،
فقال: بارك الله لك، أو قال: خيرً )[37] .
الحديث دلّ على مشاركة المرأة زوجها في تربية الأولاد بل إن الدور الأول هو
دورها: ( تقوم عليهن وتصلحهن ) .
أيتها الأخت:
إن
قيامك بهذه المهمة العظيمة يتطلب فهمك التام لها حتى تؤديها على وجهها المطلوب، إن
رعاية الطفل وتربيته التربية الجيدة لابد له من معرفة بعض الجوانب التي تتعلق
بالطفل، وأعرض لبعض منها:
أولاً الجانب الصحي: إن الطفل المريض أو المعوق لن يكون فردًا تامًّا
مفيدًا للأمة.
لذا
فأول أمر تعمله المرأة وتوليه عناية، صحة طفلها، ولقد كتبت في هذا الموضوع كتابات
متعددة ومن ذلك كتاب (رعاية الطفل الصحية)
للدكتور "نبيه الغبرة" فهو يعرض رعاية الطفل الصحية بأسلوب سهل
ميسر تفهمه كل امرأة لديها قدر يسير من الاطلاع، ومن الملاحظات التي تتعلق بصحة
الطفل:
1
ـ المرأة الحامل وعنايتها بصحتها، حيث
صحتها صحة للجنين، ولابد من عمل اللازم لذلك.
2
ـ ما بعد الولادة يمر الطفل بأدوار، لكل
دور حالة خاصة ورعاية صحية خاصة، ونجملها فيما يلي.
ـ الوليد في شهره الأول حيث دقة
حساسيته في هذا السن، لابد أن تعرف الأم: ما هي المظاهر الصحية وغير الصحية في تلك
الفترة، كيف تعامله، مكان نومه المناسب، الرضاع السليم، اللباس.. إلى غير ذلك.
ـ المرحلة الثانية: ما بعد الوليد
وهي الرضيع وفيها يحصل المشي، والنطق وما يلزم لها من رعاية صحية، فعند محاولة
الطفل المشي لا يكلف فوق طاقته ولا داعي لإعانته بحاجة يمشي عليها بل يترك لقدرته.
النطق: ألا تعلمين أن اضطرابات النطق سببها تشخيص الأهل لها، أي: قولهم
بوجودها واتخاذ الوسائل لمعالجتها.
ـ المرحلة الثالثة: سن ما قبل
المدرسة، وفيها يتم إعداده للمدرسة، يراعى قدرة الطفل، جعل المدرسة والقراءة محببة
إليه.
ـ ثم
تأتي مرحلة الطفولة المتوسطة والمراهقة والتي يكون الجهد التربوي فيها صعبًا.
ثم
تذكري بعض القضايا الصحية التي يجب أن يكون لديك خبرة بها.
1
ـ لقاحات الطفل ما هي، أوقاتها.
2
ـ النمو السليم للطفل.
3
ـ مجارات ملكات الطفل.
4
ـ لِعب الطفل ولُعبه.
أهمية اللعب في حياة الطفل ليس مجرد تسلية بل وسيلة للتعليم وتنمية
المواهب.
لكل
سنّ لُعب معيّنة تناسبه، لو أعطي لعبة أقل من مستواه الذهني لم يحفل بها، ولو أعطي
لعبة فوق مستواه يحتاج لجهد أكبر من طاقته، وقد يفسدها وهناك لعب ضارة يحذر منها.
ـ السلس أو التبول الليلي أسبابه
كيف يعالج بصورة صحيحة.
ـ الطفل الأعسر: البيئة والتوجيه.
لهما دور كبير.
ـ الحوادث: السقوط، الابتلاع،
التسمم، الحروق، الدهس.. إلخ لكل سن حوادث خطرة كيف تقين طفلك؟[38] .
هذا
جانب من جوانب العناية بالطفل، هل لديك فيه الخبرة الكافية؟ لم يكن القصد من ذكرها
التفصيل وإعطاء منهج صحي فليس هذا موضعه، وإنما إشارة إلى أن الأمر ليس بالسهولة
المتوقعة.
إذا
انتقلنا إلى الجانب الآخر وهو جانب تربية الطفل خلقيًّا وبنائه بناءً صالحًا وغرس
العادات الطيبة وإبعاده عن العادات السيئة حتى ينشأ ولدًا صالحًا يكون قرّة عين
لوالديه، إن هذا الجانب يحتاج لمحاضرات متعددة؛ لأنه موضوع ذو تشعب. إن من يقوم
على تربية الطفل لابد أن يعرف ما هي خصائص الطفل حتى يتعامل معه على بيّنة، ثم ما
هي الوسائل الجيدة والمجدية للتربية، ولابد أن تدركي أيتها الأخت أن لكل سن في
حياة الطفل طبيعة خاصة ولها وسائلها التربوية الخاصة والكتابات في هذا الجانب
كثيرة، وإذا كنت تؤمنين بأن هذا جزء هام من دورك العظيم في تربية الأسرة فلا بد أن
يكون لديك فيه الإلمام الذي يمكنك من القيام برسالتك العظيمة [39] . وأنا أذكر إشارات بسيطة في هذا:
خصائص الطفل:
وهذه الخصائص لابد أن يعرفها من أراد أن يربي الطفل على منهج تربوي وسليم
ومنها:
1
ـ القابلية، فالطفل صفحة بيضاء لم يتعمق
لديه أي سلوك أو أفكار، قابل للتعديل والتوجيه. مثل الغصن اللين قابل للتشكيل على
أي شكل تريد، إذن فلا بد أن تعي المرأة دورها في هذا الأمر.
2
ـ مادية في التفكير، فلا تقلق الأم إذا لم
يفهم بعض الأمور؛ لأنه يربط ما أمامه بالتفكير المادي، فلو قلت له ثلاثة زائد
ثلاثة لم يفهم، لكن ضع أمامه ثلاثة أقلام، وثلاثة، يقول: ستة وهكذا.
من
أجل هذا فهو لا يكلف إلا بعد البلوغ ولتربيته على الصفات الحميدة لابد أن تربط
بآثارها العملية المحسوسة له.
3
ـ الفردية، والأنانية، كل شيء له، دور
المربي إخراجه منها حتى يحترم الآخرين.
4
ـ الطفل له حاجات لابد منها إذا لم توفر
له تعرقل نموه، أو تنشئ عنده سلوكيات سيئة، منها:
أ
ـ الحب والأمن من أبويه.
ب
ـ التقدير والثقة فإنه إذا لم يحترم ويعطى
الثقة ينشأ عنده عدم الثقة بالنفس.
جـ
ـ الرفقة، لابد له من صحبة، فينبغي اختيار الرفقة الذين اعتني بتربيتهم حتى لا يقع
التناقض.
كيف
نربي الطفل؟
كل
ما نعمله من وسائل لتربية الطفل يرجع إلى أحد الطرق الآتية:
1
ـ التلقين وهذا يعتمد فيه على مجرد الأمر
وهو غير مجد كثيرًا، وللأسف أنه المستعمل لدى كثير من الناس.
2
ـ يضاف مع التلقين أمر آخر كالنصح أو
الترغيب والترهيب، وهذا أجدى من سابقه.
3
ـ بالملاحظة والتقليد، وهذا أهمها وأخطرها
وهنا دور القدوة والسلوكيات في البيت وسلوك الأم كيف يكون حال الطفل، فلن تستطيع
تعليمه الصدق ونهيه عن الكذب وهي تكذب أمامه.
بعد
هذا هناك ملحوظات عامة حول تربية الطفل ومنها:
ـ الضرب وسوء استعماله، لا شك أن
الضرب وسيلة تربوية لكن كيف ومتى يستعمل؟ هذا أمر مهم.
ـ تخويف الطفل بالبعبع وآثاره على
نفسية الطفل.
ـ التربية بين التدليل والقسوة.
ـ إبعاد الطفل عن الأطفال غير
المهذبين.
ـ متابعة الطفل في دراسته.
ـ تربية البنت على الحياء.
ـ التربية بالنظرة وتعويد الطفل
على ذلك.
ـ عدم التناقض بين الزوجين في
التوجيه فهذا يأمر وهذا ينهى عن نفس الفعل.
ـ عدم التناقض بين القول والفعل.
ـ مراقبة الأطفال في البيت من حيث
لا يشعرون.
ـ الدعاء واستعمال الكلمات
النابية.
ولا
شك أن كل نقطة مما سبق بحاجة إلى شرح وإفاضة، وليس المجال شرح وسائل التربية
وطرقها، وإنما ذكرت ذلك لأبيّن أن عمل المرأة في تربية الطفل ليس عملاً يسيرًا بل
هو عمل يحتاج للعلم، ويحتاج جهدًا في المتابعة.
خامسًا: أعمال أخرى:
تلك
المجالات الأربعة السابقة هي أهم مجالات عمل المرأة في بيتها والتي من خلالها
تشارك في إعداد الأسرة إعدادًا سليمًا، ولكن هناك أعمال أخرى فيها نفع للأسرة
مادّيًّا أو تربويًّا إن بقي لدى المرأة متسع من الوقت – بعد قيامها بالأعمال
الرئيسة السابقة – وهذه الأعمال كثيرة لا تنحصر، وهي متجددة حسب الظروف المادية
والاجتماعية للأسرة وحسب جهد المرأة وتفكيرها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
ـ خياطة الملابس، كم تنفق الأسرة
من المال في هذا الجانب، إضافة إلى آثارها السلبية الأخرى، حيث تقضي المرأة وقتًا
طويلاً أمام هذا الخياط الأجنبي وهي تحاول أن تشرح له ما تريد وهو أعجمي في الغالب
يفهم بعض الكلام ولا يدرك أكثره، إضافة لما يجلب للبيوت من الموديلات والموضات
المخالفة للشرع وللأخلاق والذوق الاجتماعي.
إنه
من العجيب أن تخرج المرأة للعمل خارج المنزل لاكتساب بعض الريالات، ثم يصرف هذا
الراتب على الخياط، وعلى المربية التي تقوم على الأطفال، ترى لو تفرغت المرأة
لتربية أطفالها وما بقي لديها من وقت قضته في خياطة ملابسها كم ستوفر للأمة، ليس
مبلغًا من المال إنما حفظ أجيال الأمة وحفظ أخلاقها، وهذا ليس على العموم، فقد مر
بنا أن الأمة بحاجة للمرأة العاملة في بعض المجالات التي لا يقوم بها غيرها، لكن
فرق أن يكون هذا استثناءً أو هو الحالة العامة.
ـ من الأعمال التي يمكن أن تقوم
بها المرأة في البيت صناعة بعض التحف والأشكال الجمالية. إن طلب الجمال أمر مركوز
في الفطرة، فحب الإنسان للمناظر الجميلة والأشكال الرائعة أمر مباح، وللإنسان أن
يطلبها ويعملها إذا لم يكن فيها إسراف، ولا محذور شرعي كوجود الصور. وإن كثيرًا من
تلك الأشكال قد تعملها المرأة. إن بعض الناس مولع بتلك التحف ويبذل كثيرًا من
المال لاقتنائها، ماذا لو استغلت المرأة بعض وقتها وعملت شيئًا من تلك التحف ووفرت
هذا المال. هذا الجانب من الأعمال ليس ذا أهمية كبيرة، لكن ذكرته لأبين أن أمام
المرأة مجالاً للتفكير في استغلال فاضل وقتها فيما ينفعها وينفع أسرتها.
وبعد أن استعرضنا تلك الأعمال الهامة التي تقوم بها المرأة في بيتها وتشارك
من خلالها في تربية الأسرة. هل يصح أن نقول: إن المرأة إذا جلست في بيتها وتفرغت
لتلك المهمات تبقى معطلة، وهل تصح مقولة الذين يقولون: إن بقاء المرأة في بيتها
يجعل نصف المجتمع عاطلاً عن العمل؟
ما
هي المقاييس الصحيحة للبطالة؟ تخرج المرأة لتترك أقدس وظيفة وأخطرها لتؤدي دور
كاتب صادر أو وارد، أو ناسخ آلة يؤديها أي شاب من الشباب العاطلين! وتترك المرأة
بخروجها رعاية أطفالها وتربيتهم للخادمة والحاضنة! ثم تعود لتنفق هذا المال الذي
تركت وظيفتها الأساسية من أجله تعود لتنفق هذا المال على تلك الخادمة وعلى السائق
وعلى أماكن الخياطة! ولكن مرض النفوس وانتكاس الفطرة.
إنها انتكاسات البشر حين يحيدون عن منهج الله ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي
فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى﴾
[40] قد يقول بعض من فرض عليهم الواقع
ضغوطه وأصبحوا لا يفكرون إلا من خلال أوضاع اجتماعية معينة يقول هؤلاء: إن هذا
كلام عاطفي بعيد عن الواقع العملي.
صور من واقع المرأة في الغرب:
أقول لمثل هؤلاء تعالوا واسمعوا إلى صيحات بعض الغربيين الذين هالهم ما
وصلت إليه مجتمعاتهم عندما خرجت المرأة وتركت البيت، إن الغرب وإن تقدّم مادّيًّا
لكنه تأخّر اجتماعيًّا وخلقيًّا وأصبحت حضارته معرضة للسقوط، وبدأ المفكرون
الغربيون ينذرون بالخطر ويحذرون مما وصلت إليه حالة الأسرة، وحالة المرأة بعد
نزولها لميدان العمل خارج المنزل، يقول ( أجوست كونت مؤسس علم الاجتاع ) : ( يجب أن يغذي الرجل المرأة، هذا هو القانون
الطبيعي لنوعنا الإنساني، وهو قانون يلائم الحياة الأصلية المنزلية للجنس المحب (
النساء ) ، وهذا الإجبار يشبه ذلك الإجبار
الذي يقضي على الطبقة العاملة من الناس بأن تغذي الطبقة المفكرة منهم، لتستطيع هذه
أن تتفرغ باستعداد تام لأداء وظيفتها الأصلية، غير أن واجبات الجنس العامل من
الجهة المادية ( الرجل ) نحو الجنس المحب
( المرأة ) هي أقدس من تلك تبعًا لكون
الوظيفة النسوية تقتضي الحياة المنزلية )[41] .
وهذه كاتبة غربية شهيرة تقول في مقال نشر في جريدة ( الاسترن ميل ) في 10 مايو 1901 تقول: ( لأن يشتغل بناتنا في
البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت
ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين، فيها
الحشمة والعفاف والطهارة رداء، الخادمة والرقيق يتنعمان بأرغد عيش، ويعاملان كما
يعامل أولاد البيت ولا تمس الأعراض بسوء. نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل
بناتها مثلاً للرذائل بكثرة مخالطة الرجال. فما بالنا لا نسعى وراء ما يجعل البنت
تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت وترك أعمال الرجال للرجال
سلامة لشرفه )[42] .
انظر إلى كلام هذه المرأة في أوائل هذه القرن، وقد زاد حال المرأة الغربية
سوءًا بعد ذلك، فأين عقول دعاة التحرير أم ران عليها مرض الشهوة.
ويقول جول سيمون: ( المرأة التي تشتغل خارج بيتها تؤدي عمل عامل بسيط
ولكنها لا تؤدي عمل امرأة ) [43] .
وهذه امرأة تدعى "كاتلين ليند" زوجة رائد الفضاء الأمريكي
"د. دون ليزي ليند" فليست أسرة أمية، بل هي أسرة غربية في قمة التقدم
العلمي، تقول هذه المرأة: « كربة بيت فإنني أقضي معظم وقتي في البيت. وكامرأة
فإنني أرى أن المرأة يجب أن تعطي كل وقتها لبيتها وزوجها وأولادها.. ولازلت أذكر
حديثًا لأحد رجال الدين ردًّا على سؤال: إذا كان مصير المرأة بيتها فلماذا إذن
تتعلم؟ لقد قال يومها لصاحبة السؤال: إذا علمت رجلاً فإنك تعلم فردًا، وإذا علمت
امرأة فأنت تعلم جيلاً أو أمة.».
ثم
تقول: « وأنا مسرورة جدًّا من بقائي في البيت إلى جانب زوجي وأطفالي حتى في الأيام
العصيبة – وأقصد الأيام التي كنا في حاجة فيها إلى المال – لم يطلب مني زوجي أن
أعمل وكانت فلسفته أننا نستطيع أن نوفر احتياجاتنا الضرورية لكننا لا نستطيع أن
نربي أولادنا إذا أفلت الزمام من بين أيدينا... »
[44] .
إن
هذه النصوص واضحة، وليست بحاجة إلى تعليق، بل لسنا بحاجة إليها فإننا نؤمن بأن ما
اختار الله للبشر هو الصلاح، وهو ما جاء به دين الإسلام ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ
وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ
الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً
مُّبِينً﴾ [45] .
سؤال أخير:
وبعد هذا يأتي سؤال أخير وهو مهم جدًّا، هل كل امرأة تستطيع القيام بهذه
الوظيفة الكبيرة، وهل مجرد جلوس المرأة في بيتها كاف لتتم هذه الوظيفة؟
وجوابًا على هذا السؤال نقول: إن الشرط الأساسي في المرأة التي تستطيع القيام
بهذه المهمة هو أن تكون امرأة صالحة كما أرشد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لهذا
بقوله: ( تنكح المرأة لأربع: لمالها
ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك )[46] .
بيّن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المعايير التي يقوّم الناس عليها شريكة
الحياة، ثم أمر بتقديم معيار الدين. إن بعض الناس يجعل الميزان هو الجمال ويتفنن
الناس في رسمه، وبعضهم يجعل المال هو المعيار سواء كان موجودًا أو مكتسبًا.
وبعضهم يجعل الحسب والنسب معيارًا، ولكن معيار الشرع هو الدين. والمرأة
الصالحة هي المؤتمنة للقيام بهذه المهمة العظيمة.
إن
الذي يختار المرأة الدينة يكون قد وفر على نفسه جهدًا عظيمًا.
وإذا توفرت المرأة الصالحة فلابد أن يكون لديها قدر من العلم الذي يجعلها
مؤهلة للقيام بعملها خير قيام، تعرف ما يجب عليها، واعية ومدركة لرسالتها في
الحياة، وبهذا ندرك أن المقصود بالعلم هنا ليس الشهادة والمؤهل، وإنما العلم
بوظائفها التي يحب أن تقوم بها والعلم بالوسائل التي تعينها على ذلك.
فيلزم المرأة بعد تعلّم دينها أن تعلم كل ما يلزم لها مما يعينها لتقوم
بوظيفتها في البيت، تقوم بمتابعة كل ما يستجد مما يكتب حول الموضوعات التي تهمها
كالموضوعات المتعلقة بالطفل سواء ما كان حول صحته أو عن تربيته، والموضوعات
المتعلقة بالبيت والتدبير المنزلي، والموضوعات المتعلقة ببعض المواضيع الاجتماعية،
والمواضيع التي تكتب حول المرأة وغيرها مما يهم المرأة.
إن
وجود المرأة الصالحة مع العلم هو المؤشر على إمكانية أداء المرأة لوظيفتها.
وإن
جهل المرأة وعدم صلاحها سبب للضياع حتى ولو كانت المرأة متفرغة غير عاملة فإنها
سوف تضيع الوقت في الزيارات الفارغة والقيل والقال وتتبع الموضات، ومثل هذه لا
يرجى منها أن تقوم بدور مهم ولا أن تخرج جيلاً صالحًا. والله أعلم وصلى الله على
نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
[من
محاضرة الشيخ فوزان بتصرف]
----------------
(1) الأحزاب: 33
(2) في ظلال القرآن 59، 28/5 (
ط- العاشرة – الشروق )
(3) الطلاق:1
(4) القصص: [23ـ27]
(5) [الحديث أخرجه أحمد 6/371،
وابن خزيمة في صحيحه 3/95، والحديث حسن انظر حاشية الأعظمي على صحيح ابن خزيمة]
(6) [الملك: 14]
(7) [الإصابة 4/463]
(8) [الأحزاب: 36]
(9) [ط: 125]
(10) [النساء: 1]
(11) [الفرقان: 54]
(12) [أخرجه البخاري في كتاب
النكاح، باب قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: من استطاع الباءة فليتزوج، ومسلم
في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤنة]
(13) [أخرجه أبو داود في كتاب
النكاح، باب النهي عن تزوج من لم يلد من النساء، والنسائي في كتاب النكاح، باب
كراهية تزويج العقيم، والحديث حسن صحيح، انظر صحيح أبي داود. حديث 1805، وصحيح
النسائي حديث 3026]
(14) [أخرجه البخاري في كتاب
الجنائز، باب ما قيل في أولاد المشركين، وباب إذا أسلم الصبي فمات هل يصلى عليه،
ومسلم في كتاب القدر باب معنى كل مولود يولد على الفطرة]
(15) [الأنعام: 162]
(16) [رواه أحمد 1/191، والحديث
في مجمع الزوائد 4/306، وقال: ( وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال
الصحيح ) وقال شاكر: ( إسناده منقطع فيما
أرى ) المسند 3/128]
(17) [الذاريات: 56]
(18) [الأحزاب: 33]
(19) [الروم: 21]
(20) [الأعراف: 189]
(21) [أخرجه الترمذي في أبواب
الرضاع، باب في حق الزوج على المرأة، وابن ماجه في كتابه النكاح، باب حق الزوج على
المرأة، والحديث صحيح انظر صحيح الترمذي حديث رقم 926]
(22) [أخرجه البخاري في كتاب
الجنائز، باب حد المرأة على غير زوجها، ومسلم في كتاب الطلاق، باب وجوب الإحداد في
عدة الوفاة]
(23) [النساء: 34]
(24) متفق عليه [البخاري في كتاب
النكاح، باب صوم المرأة بإذن زوجها تطوعًا، ومسلم في كتاب الزكاة، باب ما أنفق
العبد من مال مولاه]
(25) [مسند الإمام أحمد 1/153،
وهو في البخاري أخصر من هذا في كتاب فرض الخمس، باب الدليل على أن الخمس لنوائب
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمساكين. وفي مسلم كتاب الذكر والدعاء، باب
التسبيح أول النهار وعند النوم، وأبو داود في أبواب النوم باب في التسبيح عند
النوم، والترمذي في أبواب الدعوات باب في التسبيح والتكبير والتحميد عند المنام]
(26) [سيرة ابن هشام 3/380]
(27) [البخاري، كتاب بدء الخلق،
باب إذا قال أحدكم "آمين". ومسلم، كتاب النكاح، باب تحريم امتناعها من
فراش زوجه]
(28) [بهذا اللفظ أخرجه الترمذي
في أبواب الرضاع، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها. وهو حديث حسن، انظر صحيح سنن
الترمذي 1/341، أخرجه مسلم من حديث جابر في صفة حج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ
في كتاب الحج، باب حجة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، دون – قوله: ( ولا يأذن في بيوتكم
لمن تكرهون ) ]
(29) [أخرجه البخاري في كتاب
الجمعة، باب الجمعة في القرى والمدن، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام
العادل]
(30) [البخاري في كتاب النكاح،
باب إلى من ينكح، وأي النساء خير ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل نساء قريش]
(31) [أخرجه الترمذي في أبواب
البر والصلة، باب ما جاء في صنائع المعروف، والحديث صحيح انظر صحيح سنن الترمذي
2/186]
(32) [النساء: 34]
(33) [أخرجه أبو داود في كتاب
النكاح باب في حق المرأة على زوجها والترمذي في أبواب الرضاع، باب في حق الزوج على
المرأة والحديث صحيح انظر صحيح سنن أبي داود 2/402]
(34) [طه: 123]
(35) [البخاري في كتاب الجمعة،
باب الجمعة في القرى والمدن، ومسلم في كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل]
(36) [التحريم: 6]
(37) [البخاري كتاب النفقات، باب
عون المرأة زوجها في ولده]
(38) [انظر كتاب "رعاية
الطفل الصحية" للدكتور نبيه الغبرة]
(39) [مما أنصح به في هذا الجانب
سماع محاضرة مسجلة للدكتور عبد العزيز النغيمشي بعنوان ( واقع الطفل المسلم ) ]
(40) [طه: 125]
(41) [المرأة بين الفقه والقانون
ص22]
(42) [المرأة بين الفقه والقانون
للسباعي ص178، عن مجلة المنار لرشيد رض]
(43) [المرأة بين الفقه والقانون
ص179]
(44) [رسالة إلى حواء ص2/61،
نقلاً عن جريدة الأنباء الكويتية]
(45) [الأحزاب: 36]
(46) [الحديث أخرجه البخاري عن
أبي هريرة، كتاب النكاح/ باب ( الأكفاء في الدين ) ومسلم كتاب الرضاع، باب ( استحباب نكاح ذات
الدين ) ]
=========================
أم معاوية
كتبت إحداهن ـ أو كتب لها ـ في إحدى الصحف اليومية مقالاً تحت عنوان "
حرية المرأة .. وقدرها في المجتمع " .. ولم يجئ المقال بجديد .. إنما جاء
بقديم ردده ولا يزال يردده من لم يفهم حقيقة هذا الدين "الإسلام"، ومن
لم يفهم طبيعة المرأة فهماً سليماً .. بل لم يفهم ـ أيديولوجية ـ قيام المجتمعات
الإنسانية وتطور الحضارة فيها .. إنما فقط تشرب بوعي أو بدون وعي ما يريده الغرب
الصليبي في بلاد الإسلام ـ حماها الله ـ.
وتكلمت في كلمتها عن وضع المرأة .. وظلم المرأة ! .. وحبس المرأة! .. ولعمر
الله كلها شعارات رددها الاحتلال الصليبي في بلاد المسلمين .. وروج لها كل من
تربوا على أعينهم من المسلمين المخدوعين.
فقد افتتحت كلمتها بأن كل مجتمع له تقاليده
وعاداته ..
*
ثم قالت : " لكن تبقى المرأة ضحية العادات والتقاليد في كل مجتمع .. هل
المرأة محكوم بالظلم والقهر دائماً " ا.هـ
أية
عادات وتقاليد هذه التي تتكلم عنها ؟ .. لم توضحها!! وأي ظلم وقهر؟ .. لم تحدده ..
!! لننظر بقية الكلمة.
*
تتساءل : " أليست المرأة (إنساناً روحا وكيانا) مثل الرجل تماماً ؟ "
ا.هـ
نعم
هي روح وكيان .. وهل قال الإسلام إنها غير ذلك؟! .. إنما الذي اجتمع ليقرر هي روح
مثل الرجل أم لا .. هو مجمع ماكون النصراني،
وكذا عند الحضارات القديمة واليهودية .. أما الإسلام فقد قرر أن "
النساء شقائق الرجال " كما قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .. وأنها مخلوق
مثل الرجل تماما "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف".
*
ثم تتساءل قائلة: معنى هذا أن الجنسين روح وكيان، إذاً لماذا التفرقة الظالمة بين
الرجل والمرأة ؟" ا.هـ
أية
تفرقة وأي ظلم ؟ .. لقد قرر الطب الحديث .. طب القرن العشرين! .. أن المرأة مختلفة
تماماً من الناحية ـ الفسيولوجية ـ عن الرجل .. وكذا من الناحية النفسية .. ومعنى
هذا أن ما يناسب الرجل في بعض الأمور لا يناسب المرأة، وما يناسب المرأة في بعض
الأمور لا يناسب الرجل .. فما هذا الادعاء بأنه تفرقة ؟! .. وإذا شذ أحدهما عن
طبيعته وتكوينه تعب وشقى .. وهذا هو واقع المرأة الأوروبية والأمريكية اليوم .. ثم
أي نوع من التفرقة تقصدين ؟ .. لم توضحي شيئاً !!.
*
وتتساءلين : " لماذا يفرض على المرأة (قيوداً) صارمة ولا يفرض على الرجل إلا
في حالات نادرة ؟! "
قد
فرض الإسلام على الرجل قيوداً .. أو هي على الصحيح واجبات وليست قيوداً .. وكذلك
فرض على المرأة واجبات، وأمر كلا منهما بالتزام واجباته التي تتفق مع فطرته
وتكوينه بما لا يشق عليه .. ولا يخالف فطرته.
* ثم تقولين: " والرجل في نظرهم لا يعيبه
شيء أما المرأة فهي عورة " ا.هـ
لماذا لم تفصحي عما تريدين بالتحديد ؟! .. إن المرأة والرجل أمام أحكام
الإسلام وشريعته وحلاله وحرامه سواء " ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ
أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل:97]
.. وهما كذلك في حدود الله ..
﴿
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ﴾[المائدة:38] .. ﴿
الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ﴾[النور:2] .. هكذا
إلى آخر حدوده وأحكامه .. فأي شيء محظور على المرأة وهو مباح للرجل في ذلك ؟! ..
أما قولك " المرأة عورة " فهو قول رسولنا الكريم ـ صلى الله عليه وسلم :
( المرأة عورة ) فهل تؤمنين أن محمداً رسول الله ؟ .. وهل تفهمين معنى عورة ؟! ..
*
ثم تعقبين قائلة : " هذه النظرة السخيفة والتفرقة الظالمة هي التي جعلت الرجل
سيداً، والمرأة مملوكة، وجعلت الرجل جلاداً، والمرأة أسيرة، هذا الظلم موجود في
مجتمعنا رغم قرب دخولنا أبواب القرن
الواحد والعشرين ".
إن
الرجل والمرأة إذا فهما دينهما ـ الإسلام ـ والتزما تعاليمه لا يكون بينهما سيد
وأمة .. ولا جلاد وأسيرة .. فهذا قول من لم يدرك الإسلام .. ولم يهضم تعاليمه ..
فالرجل والمرأة متساويان في الإنسانية والكرامة والأهلية .. كما قال تعالى ﴿ ..
أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ
مِنْ بَعْضٍ ﴾ [آل عمران:195] .. أي الذكر من الأنثى، والأنثى من ذكر .. فكل واحد
منهما يؤدي واجباته في حدود فهمه وإدراكه لفطرته وطبيعة تكوينه .. ولماذا خلقه
الله تعالى في هذه الحياة الدنيا .. وفي ضوء فهمه لعبادة الله عز وجل يؤدي ما عليه
برضى تام .. فالرجل لن يكون امرأة .. والمرأة لن تكون رجلاً ! .. وإذا تمثلت
المرأة وتشبهت بالرجل فلن تكون رجلاً ولا امرأة إنما تصبح جنساً ثالثاً شاذاً
مخنثاً !! .. ولن يبقى للرجل إليها حاجة .. لأنها ستصبح نمطاً ممسوخاً مشوهاً منه
.. وكذا إذا تمثل الرجل بالمرأة فلن يكون رجلاً ولا امرأة وإنما يصبح من هذا الجنس
الثالث المخنث، وستزهد فيه المرأة .. فما تعنين بقولك " مملوكة وأسيرة "
في مقابل " سيد جلاد " ؟.
إن
قوامة الرجل في الإسلام قوامة حق وعدل إن جاءت صحيحة وفقاً لما قضى هذا الدين
الحنيف وهي ترضى جميع الأطراف من الجنسين، ولا تتعارض مع فطرة أحدهما .. فأي ظلم
تعنين يابنة القرن العشرين .. القرن الذي ظلمت فيه المرأة أشد من ظلمها في
الجاهلية !!.
*
ثم تقولين : " إذا أرادت الفتاة أن تكمل تعليمها "ماجستيرـ
دكتوراه" ؟! وتريد أن تحقق طموحها في سبيل ذلك قوبل ذلك بالسخرية "ا.هـ
أي
ماجستير ودكتوراه ؟! .. وأي طموح يمنعها منه المجتمع ، إن المجتمعات كلها لا تقيد
هذا، ولكن ليت النساء حقا إن خرجن للعلم يخرجن للعلم لا لشيء آخر ـ أقولها متأسفة
.. ليتهن التزمن تعاليم الله في خروجهن .. ولكن الواقع يكذب ذلك فلا تخادعي نفسك
.. وإنما خرجت المرأة لتتهرب من مسؤولية بيتها التي أصبحت أضعف من أن تقوم بها ..
هذا إلا قلة ـ رحمها الله وعصمها من السقوط ـ .. وهذه القلة عندها من الشعور بثقل
مسؤوليتها ما يمنعها من مثل هذه المهاترات .. وعندها من الاعتزاز بدينها والانقياد
لشريعتها والفهم لحقيقة دورها ما يمنعها من النظر إلى الرجل بروح الندية والتحدي
والعداوة .. وحسبها فخراً أنها هي التي تصنع الرجال وتربي الأجيال .. إن العلاقة
بين أمثال هؤلاء النساء الصالحات وبين الرجال دافئة حميمة قائمة على المشاركة
والتعاون والاحترام المتبادل والاعتراف بالجميل، وشتان بين من قدوتها خديجة وعائشة
وزينب وأم سلمة .. ومن قدوتها هدى شعراوي ونوال السعداوي !!
فحسبكم هذا التفاوت بيننا وكل
إناء بما فيه ينضح !!
*
ثم تقولين: " إذا لم تتغير هذه النظرة للمرأة ونحن في هذا العصر المبهر
فانتظروا الهلاك "ا.هـ
نعم
هو عصر مبهر لكن لمن ؟ .. وهو عصر مظلم، وأيم الله لقد ازداد ظلامه بإفساد أهل
الأرض .. واستباحتهم الحرمات وانتهاكهم المحرمات ..
*
وتقولين: " فممارسة المرأة لمهنة الطب والتدريس فقط ليست كافية، بل يجب أن
يفتح أمامها المجالات دون تقصير لأن المرأة عنصر فعال وحتى تقوم بدور إيجابي إذا
فسح لها المجال وعلينا شطب قاموس "العيب" ". ا.هـ
أما
قولك "علينا شطب قاموس "العيب" " فسأترك الرد عليه للقارئ
اللبيب والقارئة !! .. فرب صمت أبلغ من كلام .. وأدعو أهل الغِيَر والنخوة خاصة
للتدبر في هذه الكلمة " علينا بشطب قاموس "العيب" " ..
ثم
أي مجالات تريدين المرأة الدخول فيها دون تقصير .. هل تريدينها عاملة بناء تحمل
القصعة على رأسها؟ .. وسائقة تاكسي .. وكناسة في الشوارع، وكهربائية، وميكانيكية،
وعاملة في المصانع، وفي محطات الوقود، لا تستطيعين تمييزها من الرجال كما حدث في
أوروبا وأمريكا؟ .. يا للذلة والمهانة ..
إن
هذا من تحقير المرأة وظلمها، وليس من حريتها وتحررها في شيء، بل هذا حقاً هو
العبودية .. وكانت الأمة المملوكة في الجاهلية هي التي تقوم بأعمال الرجال مثل هذه
التي تتكلمين عنها اليوم !! أما الحرة فهي أصون وأكرم من أن تذل وتبتذل وتمتهن
كرامتها على هذا النحو الذي تريدينه للمرأة .. ليتك أردت لها خيراً .. واحسرتاه !
ثم
هل انعدم الرجال ؟! .. حتى تترك المرأة مملكتها وأطفالها الذين هم رجال المستقبل
ونساؤه .. أرجو أن تنظري نظرة إنصاف في الشوارع والأسواق وكثير من المجالس لتدركي
حمى البطالة التي استشرت في الرجال اليوم! .. هذا وأرجو ألا تقترحي على الرجال
البقاء في البيوت لأداء مهمة المرأة، فأنت تعرفين أن دور المرأة لا تحسنه إلا
المرأة.
*
ثم تقولين: " بل العيب والخطأ أن نستخدم هذا المصطلح "العيب" ونحن
في هذا العصر ـ عصر التقدم والتكنولوجيا ".
لعمر الله ما نادى أحد بتبذل المرأة وامتهانها إلا وكان جاهلاً بمعنى
التقدم والتكنولوجيا .. هل تقدمت أوروبا وأمريكا بانكشاف المرأة وخروجهن يستجدين
لقمة عيش تقيم أودهن ؟!.
ثم
مرة أخرى تعيبين مصطلح العيب !! هل تريدين
للمرأة انخلاعا من الأخلاق .. وبهيمية في سوق الابتذال كما حدث للمرأة التي تشيرين
إليها في الشعوب المتطورة .. وهل هذا هو التطور أم العودة إلى "جبلاية"
القرود وبدائية ما قبل التاريخ ؟!.
*
وتقولين: " إذا أعطوها حريتها فسوف ترون ماذا تفعل ما لم يفعله الرجل ".
ما
شاء الله ... ما هذه العنترية الناعمة ؟! .. للرجل يا عزيزتي مجال، وللمرأة مجال،
وتصدي أحدهما للآخر لن يقدم شيئاً للمجتمع الذي لا ينفعه إلا انسجام أفراده وتعاون
رجاله ونسائه .. ثم أية حرية تريدين ؟ .. هل هي حرية المرأة الغربية المزعومة التي
تئن منها الآن ؟! .. ألم تطلعي على مظاهرات النساء هناك .. أعيدونا إلى البيت،
العش الآمن الدافي الذي حرمنا منه .. ولا
مجيب لهن كأنهن كلاب تعوي !! .. ألم تقرئي نتائج البحوث التي أجريت لاستطلاع رأي
المرأة هناك، أعني العاملة التي جاءت تئن ألماً وتقطر دماً وحزناً من سوء أحوالهن
النفسية والجسدية والاجتماعية .. لأنهن خالفن فطرتهن وتحملن ما لا يطقن ؟ .. فهل
هذه حرية ـ أم هو غاية الظلم والعبودية.
حسبنا هذا .. فتريثي في اندفاعك.
*
ثم تقولين: " لكنها مكبوتة لا تستطيع أن تحقق هذه الطموحات في ظل هذه الظروف
الصعبة (الذي) "هي كتبتها هكذا والصحيح (التي يفرضها)" يفرضه المجتمع
عليها من قيود وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان ".
ألم
تقرئي قول الله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ﴾ [الأحزاب:33] .. وألم تقرئي
قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم (المرأة عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان) .. ألم
تقرئي قول عائشة ـ رضي الله عنها: " لو رأى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد كما منعته نساء بني إسرائيل "..
وهذا في زمان عائشة ـ رضي الله عنها ـ زمان طيبٌ أهلُه، صالحٌ مسلمُوه ..
وليس في فساد القرن العشرين المبهر لكل من ضل عن طريق الحق ! ..
*
ثم تقولين: " فالمجتمع يبقى مشلولاً إذا انعدمت مشاركة المرأة " ا.هـ
نعم
هو كذلك، ولذلك فالمرأة المسلمة في المجتمع ليست عاطلة كما يتشدق المتشدقون ..
ولكن أية مشاركة تعنين ؟! .. هل هي مشاركة متفلتة هوائية ؟! .. أم هي مشاركة وضحها
الله عز وجل وبينها رسوله ـ صلى الله عليه وسلم .. فلا تخلطي الصدق بالكذب ولا
تمزجي الطيب بالخبيث ..
*
ثم تعقبين قائلة: " فالعمل القائم على أسس سليمة وهدفه بناء الوطن ورفاهية
الشعب.. أمر يقره الدين بل ويعتبر في حد ذاته عبادة لكن عاداتنا وتقاليدنا هي التي
تحرم وتفرض قيوداً غير منطقية على المرأة، وكأن المرأة خلقت فقط لتتزوج وتنجب، ثم
تحبس في البيت، فالمرأة ليست حيواناً هدفها فقط الإنجاب ".
نعم
أقر الدين للمرأة أن تعمل، ولكن أي عمل تعمله ؟ عليها مسئولية بيتها فإن هي ضيعتها
ضاع النسل رجالا ونساء، وهذا هو واقع أكثر بيوت المسلمين اليوم .. والمرأة مصونة
عن أن تتبذل لكسب قوتها بنفسها، بل هي مكرمة في ذلك، مكفولة من أبيها وزوجها أو
ابنها أو أخيها .. وإن لم يكن فمن بيت مال المسلمين .. والمرأة خلقت لعبادة الله
.. ومن ضمن عبادته أن تتزوج وتنجب الأطفال .. وهي ليست حيوانا ولكن الله عز وجل
جعل منزلتها كأم أعلى منزلة في المجتمع .. أعلى من منزلة الأب ومن أية منزلة ..
فإن هي لم تنجب لم تنل هذه المنزلة الرفيعة .. ولم يجعلها بإنجابها حيواناً ..
وإنما هذا قول الكفار .. أرادوا ترويجه بين المسلمين، فافهمي هذا قبل أن تتكلمي يا
عزيزتي .. وانظري إلى قول الصحابية الجليلة أسماء بنت يزيد بن السكن ـ رضي الله
عنها ـ فقد أتت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقالت له " بأبي أنت وأمي يا
رسول الله .. أنا وافدة النساء إليك .. إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء
كافة فآمنا بك وصدقناك .. وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم،
وحاملات أولادكم، وإنكم معشر الرجال فضلتم علينا بالجمع والجماعات، وعيادة المرضى
وشهود الجنائز والحج بعد الحج، وأفضل من هذا الجهاد في سبيل الله عز وجل .. وإن
أحدكم إذا خرج حاجا أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم .. وغزلنا ثيابكم ..
وربينا أولادكم .. أفنشارككم في هذا الأجر
والخير؟ ..".
سبحان الله ! .. انظري يا عزيزتي إلى ماذا تريد الصحابيات .. وماذا تريد من
يردن أباطيل روجها الاحتلال بيننا طويلاً .. تريد الأجر والمثوبة لأنها تنظر إلى
قرارها في بيتها التي تسمينه حبساً .. وتنظر إلى إنجاب النشء المسلم الصالح الذي
يوحد الله عز وجل ويعبده، والتي تسمينها كالحيوان إن كان هدفها الإنجاب فقط، تنظر
إلى هذا كله على أنه عباده الله عز وجل وترجو ثوابه في الجنة ..
ثم
انظري ماذا فعل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم .. قد التفت النبي إلى أصحابه
بوجهه كله ثم قال مثنياً عليها ـ رضي الله عنها (هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من
مسألتها في أمر دينها من هذه ؟! ) فقالوا: " يا رسول الله ما ظننا أن امرأة
تهتدي إلى مثل هذا !" .. فانظري إلى هذه الصحابية التي أثنى عليها رسول الله
ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهي قد أدركت حقيقة اسلامها وإيمانها .. ورضخت لحكم الله عز وجل وحكم رسوله ..
ثم
انظري ماذا قال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لها، قال: (افهمي أيتها المرأة
وأَعلمي من خلفك من النساء .. إن حسن تبعل المرأة لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها
موافقته "يعنى في المعروف" يعدل ذلك كله) ..
فلماذا تحقرين وظيفة المرأة التي خلقها الله لها وأمرها بها ورضي لها ذلك
.. والتي لا تنجح فيها إلا عاقلة أحسنت الإيمان بالله وبرسوله، والتي تفشل فيها كل
ضعيفة تافهة ضالة عن سبيل الله متمردة على حكمه .. ثم لماذا لا تتفانى المرأة في
بيتها وتعمل فيه بإخلاص إن كانت حقاً تريد ـ كما تقولين ـ رفعة وطنها وتقدمه ..
فلتبدأ بما فرضه الله عليها .. تبدأ بحسن تبعلها لزوجها .. وحسن قيامها على بيتها
.. وعلى رعاية أولادها .. فالمرأة التي تكتفي مع أولادها بمجرد أن تنجبهم ثم تمضي
لعملها خارج البيت وتتركهم للخادمة .. وهذه امرأة فاشلة فشلت في مهمتها .. وعلى حد تعبير أحد مفكري الغرب من عقلائهم
.. " أنها نجحت في عمل يستطيع أن يقوم به أي عامل بسيط .. ولكنها فشلت في
عملها كامرأة "! .. فالمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها .. وهذه
التي تترك أولادها لخادمة أو غيرها وترجع من عملها منهكة لا تستطيع أن تمنح شيئاً
.. فاقد الشيء لا يعطيه .. سوف تمنحهم اضطرابها النفسي والفكري يا عزيزتي .. سوف
تخرب ذريتها رجالاً ونساء .. وسوف يشقى المجتمع ويتأخر بنسلٍ هذه صفته، فتأملي
قولك ملياً.
* ثم تقولين : " لا بد أن يأتي "يوم" تتحرر فيه المرأة من
القيود التي فرضها المجتمع عليها "ا.هـ
أية
قيود وأي تحرر؟! .. قد أتى الإسلام فحرر المرأة فهي ليست بحاجة إلى الحرية
المزعومة المكذوبة .. واعلمي أن الله عز وجل ارتضى لها القرار في بيتها وصانها
معززة مكرمة فيه .. ولا يعترض على هذا ويرفضه إلا منافق ..
ثم
كأن المرأة قد علقت لها المشنقة لأن الله عز وجل أمرها بالقرار في بيتها .. وإذا
خرجت مصونة محجبة .. هل هذه كل القيود التي تؤرقك وتريدين تحرير المرأة منها ؟! ..
وهذه لم يفرضها المجتمع بل فرضها الله عز وجل .. فهل انفلات المرأة وتفسخها عن حكم
الله وحكم رسوله يعتبر تحرراً ؟!! .. لبئس ما تنادون به من تحرر .. هذه ليست عزة
.. بل هي غاية الذلة .. وهذا ليس تحرراً .. هل هو عودة للغوغائية والجاهلية
وبهيمية الغاب.
*
ثم تختتمين كلمتك التي كثرت بها الأخطاء اللغوية والنحوية فضلاً عن المفاهيم
الشرعية .. قائلة : " ويدرك حينها أن المساواة بين الجنسين أمر هام وضروري
لمواكبة التطور والتقدم كالتي وصلت
(إليها) المجتمعات الأخرى "ا.هـ
أية
مساواة التي تريدينها ؟ .. هل تريدين للمرأة أن تخرج من ثوب أنوثتها وتتحول إلى
رجل أم ماذا تريدين ؟! .. كل شيء خلقه الله في الكون جعله ذكراً وأنثى .. فالقطب
الموجب لا يشبه القطب السالب ولا يعمل عمله، وإن شابهه خربت الأمور .. وهكذا في كل
شيء .. فهل تريدين أن تمسخي جنس المرأة ليصبح صورة مشوهة لجنس الرجل ؟! .. ولن
يكون !!
لقد
اختلطت عليك الأمور يا عزيزتي .. فتقدم أوروبا وأمريكا العلمي يواكبه أعظم تخلف
اجتماعي حدث في تاريخ البشرية .. وأعظم شرخ حدث في شخصية الرجال والنساء وفي صرح
الأسرة .. فهل هذا هو التقدم .. والله إنه لنذير بالزوال.
*
ثم تقولين: " لكن المجتمع يمنعها من ممارسة هذه الأعمال ومن هنا ينشأ التخلف
الاجتماعي بل والاقتصادي وتخلف في جميع المستويات "ا.هـ
ولماذا تعلقين تخلف المجتمع بقرار المرأة في بيتها وصيانتها عن التبذل ؟!
.. عجباً لك .. هل أفلحت المرأة في مهمتها وفي تربية أطفالها وفي حسن تبعلها
لزوجها .. ولا يغررك زيف الحياة الأوروبية والأمريكية فعقلاؤهم ينادون بعودة
المرأة إلى البيت .. وهذا هو الوضع الصحيح ولا يصح إلا الصحيح ولكن قد أفلتت
الأمور من أيديهم واتسع الخرق على الراقع.
فهل
تريدين لمجتمع المسلمين أن يمضي نحو الهاوية الاجتماعية والسقوط الاجتماعي الذي
سقطوا فيه ؟! .. وأن يشرب من نفس الكأس المسموم ؟! أم ماذا تريدين ؟ ..
*
ثم هل تقولين هذا مخدوعة بزيف حياتهم لا تدركين حقيقة المظلمة ؟! ..
*
أم تقولينه خادعة تريدين أن تضلي غيرك .. فلا تأمني مكر الله فإنه لا يصلح عمل
المفسدين
*
أم أنك تشعرين أنك مملوكة أسيرة مظلومة مقهورة ؟!
أم
انه مجرد إحساس بالضعف والانهزام النفسي .. ألا فاعلمي أن هذا من سمات الضعفاء كما يقرره ابن خلدون في
مقدمته .. !!
**
وختاماً فاعلمي يا عزيزتي أنه ليس بيني وبينك ثأر! .. وإياك أن يخدعك الشيطان
فيزين لك أنني وإياك فرسا رهان .. أو أننا ندان! .. كلا .. بل اعلمي أنني أدعو لك
بالهداية والتوفيق.
﴿
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ﴾ .. مع تمنياتي لك
بالتوفيق ..
=================
أم معاوية
المرأة .. هذه الإنسانة التي جعلها كل من هب ودب قضيته ! حتى وإن أساؤا
إليها ولم يحسنوا .. فأثاروا حولها الشبهات دون شبهات!! .. ونادو بتحريرها من قيود
الإسلام التي كبلها بها .. زعموا ... باطلاً وزوراً.
قالوا إن الإسلام لم ينصفها .. واضطهدها وانتقصها حقوقها .. وتشعبت بهم
الطرق ... طرق الضلالة .. فذهبوا في كل واد وناد يدعون لتحريرها !! .. تحريرها
مماذا ؟! .. مما يصون كرامتها، ويحفظ عزتها، ويدعون الحرص على إعطائها كافة حقوقها
ومساواتها بالرجل في كل شيء !! .. فهل حقاً ما ذهبوا إليه ؟! .. لندع التاريخ
بحقائقه يرد على شبهاتهم وإفتراءاتهم .. ولننظر ماذا قدم الإسلام للمرأة .. وماذا
قدم غيره من المناهج المختلفة والشرائع المتباينة .. وبمقارنةٍ سريعةٍ .. بين حالة
المرأة في الشرائع المختلفة، وحالتها في شريعة الإسلام الغراء .. يمكن أن تتضح
الصورة وتظهر الحقائق ..
فعند اليونان .. ماذا كانت؟ .. في أول عهدها كانت محتقرة مهينة حتى جعلوها
رجساً من عمل الشيطان .. كانت كسقط المتاع تباع وتشترى في الأسواق ! .. محرومة من
حق الميراث والتملك ولا أهلية لها .. يقول فيلسوفهم سقراط: " إن وجود المرأة
هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار في العالم .. إن المرأة تشبة شجرة مسمومة،
حيث يكون ظاهرها جميلاً ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالاً "! ..
ثم
في أوج حضارتهم تبدلت المرأة، واختلطت بالرجال، وشاعت الفاحشة .. حتى أصبح الزنا
علناً .. واتخذوا التماثيل العارية باسم الأدب والفن! .. وعُدَّ من الحرية أن تكون
المرأة عاهراً لها عشاق!! .. وأفرغوا على الفاحشة ألوان القداسة بإدخالها
المعابد!! .. فماذا كان المصير؟ سقطت اليونان، وانهارت حضارتها، وزالت .. ﴿
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ ﴾[هود:102].
أما
عند الرومان .. فلم تكن بأحسن حالاً منها عند اليونان .. إذ كان الشعار عندهم فيما
يتعلق بالمرأة " إن قيدها لا ينزع، ونَيْرَها لا يخلع " .. وكان الأب
غير ملزم بضم أبنائه إليه .. وله أن يضم لأسرته من الأجانب عنها ما شاء .. ويخرج
منها من أبنائه ـ عن طريق البيع ـ ما شاء!. وكانت سلطة رب الأسرة على أبنائه
وبناته وزوجته وزوجات أبنائه تشمل البيع والنفى والتعذيب وربما القتل أحياناً ! ..
حتى جاء قانون "جوستيان عام 565م" فجعل سلطة الأب تأديبية فقط ..
وليس للمراة عند الرومان أية حقوق أهلية أو مالية بل لم يكن لها التصرف في
مالها الخاص .. فهو يخضع لأبيها ثم للوصي الشرعي عليها من بعده .. فهى في حالة رق
مدى حياتها .. تنتقل من رق أبيها إلى رق زوجها ..
وعندهم في قوانين الألواح الاثنى عشر أن فقدان الأهلية هي السن والحالة
العقلية والجنس ـ أى الأنوثة ـ ولذا كانوا يفرضون الحجر عليها لأنوثتها !!!
هذا
في حين أننا نجد المرأة عند الصينيين القدماء مشبهة بالمياه المؤلمة تغسل السعادة
والمال وكان للصيني الحق في بيع زوجته أو دفنها حية، وإذا مات تورث لأهله!.
بينما نجدها في قانون حمورابي في عداد الماشية المملوكة .. فمن قتل بنتاً
لرجل أعطاه ابنته ليقتلها أو يتملكها.
أما
عند اليهود ففي شريعة مانو أن المرأة لا تعرف السلوك السوى ولا الشرف ولا الفضيلة
وإنما تحب الشهوات الدنسة والزينة والتمرد والغضب، لذا لم يكن لها الحق في
الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها، وهي قاصرة طيلة حياتها، بل لم يكن لها حق
الحياة بعد وفاة زوجها فهي تحرق معه حية على موقد واحد يوم وفاته وإلا .. عادت
لاتعامل كإنسانة .. فقد كانوا ينظرون إلى المرأة التي لا زوج لها على أنها منبوذة
ومدنسة لكل شيء تمسه .. والمنبوذ عندهم في رتبة الحيوان ! ..
وفي
شرائع الهندوس يقولون: ليس الصبر المقدر والريح والموت والجحيم والسم والأفاعى
والنار أسوأ من المرأة .. فيا عجباً .. كيف جعلوا المرأة بلية فوق كل بلية .. !
وفي
شريعة الفرس أبيح الزواج من المحارم كالأمهات والأخوات والعمات والخالات .. إلى
آخره .. وكانت تحت سلطة الرجل المطلقة .. يحق له أن يحكم عليها بالموت .. أو ينعم
عليها بالحياة!! .. وكانت تُنْفى أيام الحيض إلى مكان بعيد، لا يجوز لأحد
مخالطتها! ..
ثم
نادى " مزدك " فيهم باقتسام الأموال والنساء والمتعة، فشاعت الفوضى وعم
الدمار .. وأصبح الرجل يدخل على نساء غيره .. حتى صار لا يَعْرفُ الرجل منهم ولده
.. ولا المولود يعرف أباه فماذا عنها ؟ .. انهارت وسقطت ﴿ فَهَلْ تَرَى لهُمْ مِنْ
بَاقِيَةٍ ﴾ [الحاقة ـ آية :8]
وعند اليهود كانت تعتبرها بعض الطوائف في مرتبة الخادم .. ! وكان لأبيها
الحق في بيعها قاصرة، وهي لا ترث إذا كان لأبيها بنون ..
واليهود يعتبرون المرأة لعنة لأنها أغوت آدم .. جاء في التوراة (المحرفة):
" المرأة أمرّ من الموت ".
وعندما يصيبها الحيض لا يجالسونها ولا يؤاكلونها، بل يعتبرونها نجسة، وكل
ما تلمسه من طعام أو إنسان أو حيوان نجساً .. فبعضهم يطردها خارج البيت حتى تطهر
.. وبعضهم ينصب لها خيمة يجعلها فيها ويضع أمامها خبزاً وماءً .. !!
فتأمل مدى القسوة التي كانت تعامل بها في أيام تكون فيها مضطربة النفس ..
ومحتاجة إلى شيء من العطف والرفق ..
وفي
النصرانية هال رجال المسيحية الأوائل ما رأوا في المجتمع الروماني من انتشار
الفواحش وما آل إليه حالهم من انحلال أخلاقي شنيع، فاعتبروا المرأة باباً للشيطان،
وأنها مسئولة عن هذا كله لاختلاطها بالرجال في فوضي شديدة .. فقرروا أن الزواج دنس
يجب الابتعاد عنه .. وأن العلاقة بالمرأة رجس في ذاتها .. !
قال
أحد قديسيهم ويسمى ترتوليان: " إنها مدخل الشيطان إلىالنفس، ناقضة لنواميس
الله .. مشوهة للرجل " .. !
وقال آخر ويُسمى سوستام: " إنها شر لابد منه، وآفة مرغوب فيها، وخطر
على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة ".
وكان من المضحكات المبكيات أن يجتمع مجمع " ماكون " ليبحث فيما
إذا كانت المرأة مجرد جسم لا روح فيه أم لها روح ؟!!
ثم
انتهوا إلى أنها خلو من الروح الناجية " أى من عذاب القبر " .. عدا مريم
أم المسيح عليهما السلام ..
ثم
عقد الفرنسيون عام 586 للميلاد مؤتمر للبحث: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان
؟! .. وأخيراً قرروا أنها إنسان خُلق لخدمة الرجل فحسب !
ثم
أصدر البرلمان الإنجليزى في عصر هنري الثامن قراراً يحظر على المرأة أن تقرأ
" العهد الجديد " لأنها تعتبر نجسة .. !!
وفي
سنة 1500 للميلاد شُكل مجلس إجتماعي في بريطانيا خصيصاً لتعذيب النساء .. وكان ضمن
مواده .. تعذيبهن وهن أحياء بالنار !!.. وذلك في القرن الخامس عشر!
ومن
الظريف أ ن القانون الإنجليزي عام 1805 للميلاد وكان يبيح للرجل أن يبيع زوجته
بستة بنسات ـ يعنى نصف شلن ـ فما أرخص المرأة عندهم ! ..
أما
القانون الفرنسي الذي وُضِع عقب الثورة الفرنسية في نهاية القرن الثاني عشر والتي
أعلنت تحرير الإنسان من العبودية والمهانة، فقد نص على أن المرأة ليست أهلاً
للتعاقد ! .. كما نص على أن القاصرين الذين يحجر عليهم هم: الصبى المجنون والمرأة
.. واستمر الحال كذلك حتى عام 1938 حتى عُدل ! ..
وإذا نظرنا إلى حالة المرأة عند العرب قبل الإسلام فسنراها مهضومة في كثير
من حقوقها ، ليس لها حق الإِرث .. فقد كانوا يقولون: " لا يرثنا إلا من يحمل
السيف ويحمى البيضة " .. ولم يكن لها على زوجها أى حق ، وليس للطلاق عدد معين
.. ولا لتعدد الزوجات عدد محدود ..
وإن
مات الرجل عن زوجته وله أولاد من غيرها .. كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه "
نكاح المقت " ويعتبرها إرثاً كبقية أموال أبيه، إن شاء ألقى عليها ثوباً؛
إظهاراً لرغبته في زواجها .. أو يتركها لأهلها، أو يحبسها حتى تفتدى نفسها، أو
تموت فيذهب بمالها ..
أما
بعض القبائل فكانت تتشاءم من ولادة الأنثى فتئذها؛ إما خشية العار أو خشية الفقر
.. وكانت هذه العادة منتشرة في "بعض" القبائل فقط ، منها ربيعة وكِندة
وتميم وطييء .. ومنهم من دفن في الجاهلية إحدى عشرة بنتاً موؤودة ! ..
وكان عندهم أنواع من الزواج بغيضة فاسدة .. أبطلها الإسلام جميعاً ما عدا
الزواج الراقي التي كانت تُعرف به قريش من خطبة ومهر وعقد فقد أقره الإسلام مع
إبطال بعض العادات الظالمة للنساء فيه من استبداد في تزويجهن كرهاً أو عضلهن أو
أكل مهورهن ..
وما
كانت المرأة العربية تفتخر بشيء قبل الإسلام على أخواتها في العالم كله سوى حماية
الرجل لها، والدفاع عن شرفها، والثأر لامتهان كرامتها .. وهذا لم يكن عند كل العرب
؛ وإنما كان من بعض القبائل دون غيرها.
أما
المرأة في الإسلام .. فما أجلَّ الإسلام .. وما أجلَّ شريعته وأحكامه .. فلم
يعتبرها جرثومة خبيثة كما اعتبرها الآخرون ـ ولكنه قرر أنها بين يدى الإسلام قسيمة
الرجل ..
وبداية .. قرر أنها والرجل في الإنسانية والكرامة والأهلية سواءّ بسواء ..
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن
نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ﴾[النساء:1] .. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إنما النساء
شقائق الرجال] رواه أحمد و الترمذي وأبو داود عن عائشة.
وقد
وردت آيات كثيرة تساوى الرجال بالنساء في الإنسانية .. كما وردت الآيات تساويهن
بالرجال في الإيمان .. والجزاء والمثوبة، قال تعالى: ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ
رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى
بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ﴾[آل عمران:195] .. ﴿ وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَ
﴾[التوبة:72].
ثم
إن الإسلام كرمها وليدةً .. وصبية ً .. وأختاً .. وزوجاً .. وأمّاً. والأحاديث
الصحيحة في هذا كثيرة .. ولو ذهبنا نعدد الآيات والآحاديث التي جاءت توصي بالمرأة
خيراً منذ ولادتها حتى مماتها .. ومن ترغيب الأب في رحمتها وحسن رعايتها وتأديبها
ابنة .. وحفاظا على كرامتها وصونها أختا ًوحسن عشرتها والإحسان إليها زوجة ..
والشفقة بها والحنو عليها والتلطف والتأدب معها أمّاً .. لفاض الكلام واتسع ..
ولكن حسبنا التنويه بالحقائق والثوابت ..
فمن
السنة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحمل أمامة ابنةَ ابنته زينب وهو يصلى
.. والصلاة من أجلّ العبادات .. ومن وصاياه صلى الله عليه وسلم: [ استوصوا بالنساء
خيراً ] (متفق عليه)، وعن عائشة رضى الله عنها قالت: [ ما ضرب رسول الله صلى الله
عليه وسلم بيده خادماً قط ولا امرأة ] (رواه مسلم) .. فأين هذا من إهانتها
وتعذيبها وضربها في الشرائع السابقة التي أوردتها ..
ثم
إن الإسلام جعل لها الحق في الميراث .. خلافاً للشرائع الأخرى، وجعل لها الأهلية
الكاملة في التعامل والبيع والشراء والتصرف في أموالها، ولها حق التملك ولم يحجر
عليها كما في الشرائع الأخرى ..
ثم
جعل كرامتها مثل كرامة الرجل سواءً بسواء .. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
يوم فتح مكة لأم هانيء بنت أبي طالب ـ وقد أجارت رجلين من أحمائها قد استوجبا
القتل ـ [ قد أجرنا من أجرت يا أم هانيء، وأمّنّا من أمّنت ](رواه البخارى بنحوه).
أما
مراعاته لمشاعرها ونفسيتها ففي هذا يفيض الكلام فانظر كيف كان يعامل رسول الله صلى
الله عليه وسلم الحائض .. فعن عائشة رضي الله عنها قالت:[ كنت أشرب من الإناء وأنا
حائض ثم أناوله للنبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فيَّ ](رواه مسلم).
وعنها أن النبي صلى الله عليه وسلم [ كان يتكيء في حجري وأنا حائض فيقرأ
القرآن ](متفق عليه) .. وهذا خلافا لمن يعدونها نجسة .. ويطردونها من البيت إن
حاضت .. فتأمل .. حتى في آخر خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع
أوصى بالنساء خيراً .. وكان آخر ما وصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث
كلمات، ظل يتكلم بهن حتى تلجلج لسانه صلى الله عليه وسلم جعل يقول:[ الصلاة الصلاة
.. وما ملكت أيمانكم، لاتكلفوهم مالا يطيقون .. الله الله في النساء فإنهن عوان في
أيديكم ](رواه النسائي وابن ماجه).
فهل
هناك مقارنة بين ما أكرمها به الإسلام وبين ما كانت عليه من امتهانٍ وضعة ؟!
ألم
ترى أن السيف يصغر قدرُه إذا قيل: إن
السيف خيرّ من العصا ؟!
===================
الشيخ/محمد حسين يعقوب
أهمية الوقت لدى المرأة وأضرار إضاعته :
لقد جرت العادة في أكثر بلاد المسلمين أن تخصص
المرأة فترةً بعد العصر لاستقبال صديقاتها ،أو زيارتهن على اختلافٍ في طريقة
الزيارة أهي دورية منظمة أم عفوية؟ ، وأياً كانت الحال فلا يخلو البيت يومها من
إعلان حالة طوارئ فيها. فاستعدادات فوق العادة، تستنزف الجهد ، وتضيع الوقت ،
وتبعثر المال. وتحول يوم الاستقبال إلى مباراة بين الأسر فيما يقدم للضيوف ، وفي
إبراز مظهر البيت ولباس أهله.
ولو سُئلتْ غالبية النساء عن الهدف من هذه
الزيارة؟ لكان أحسن ما يفصحن به إنه التلاقي لقتل الوقت والتسلية ودفع السأم
والملل عنهن.
ولا أدري هل الوقت إلا عمر الإنسان الذي يسأل
عنه ؟ ومتى السؤال؟ إنه يوم الفزع الأكبر.. يوم لا تملك نفس لنفس شيئاً والأمر
يومئذ لله.
عن أبي بردة - رضي الله عنه - أن رسول الله ـ
صلى الله عليه وسلم - قال: ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن
عمره فيما أفناه؟ وعن علمه ما عمل به؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيمَ أنفقه؟ وعن
جسمه فيما أبلاه؟ ) .
ومن السائل؟ إنه رب العالمين الذي خلق الجن
والإنس لعبادته لا للهو ولا للتسلية؛ ? لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْواً
لاَّتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إن كُنَّا فَاعِلِينَ ? [الأنبياء:17 ].
فماذا نقول لرب العالمين؟ إذا سألنا عن الوقت
المهدور الذي إن لم يخل من المحرمات فلا يخلو من لغو الكلام والثرثرة التي ذمها
الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( إن أبغضكم إليَّ وأبعدكم مني يوم القيامة:
الثرثارون المتشدقون والمتفيهقون ) .
ومن أضاع وقته فقد أضاع جزءاً لا يعوض من
حياته، وجديرٌ أن تطول عليه حسرته ، وهل الوقت للمرأة وحدها؟! أين حق الزوج
والأولاد؟ ومتى تؤدي حقوق مجتمعها وأمتها الإسلامية؟
لمن تترك مهمتها إذا كان همها الخروج من البيت
واللهو الفارغ؟ وقد تقول إحداهن: إنها أدت واجباتها، ظناً منها أن مهمتها محصورة
في التنظيف وإرضاء الزوج والإنجاب ، وإن التفتت إلى تربية من أنجبتهم فقد لا يتعدى
اهتمامها إطعامهم وكسوتهم المناسبة ودراستهم المتفوقة.
لا يا أختاه ، فأنت مربية الأجيال ، وممولة
للمجتمع المسلم ببناته من نساء ورجال ، إن واجبي وواجبك التربية الرشيدة لأبنائنا
، وإعدادهم إعداداً إسلامياً يجعلهم قادرين على حمل الأمانة والنهوض بالأمة وبناء
المجتمع الفاضل المنشود.
فإن تركتُ وإياكِ أبناءنا والتفتنا للتسلية فقد
خلفنا أبناءً هم الأيتام حقاً رغم وجود أبويهم ،إن اليتيم هو الذي تلقى له أماً
تخلت أو أباً مشغولاً ، بل من فقد والديه بالموت قد يجد من يشفق عليه ويرعاه ويحنو
عليه،أما من فقدهما في اللهو عنه فأنى يجد من يرحمه ويفطن لمأساته ، فالمرأة
المشغولة بنفسها دائماً لن تجد الوقت الكافي للإشراف على فلذات كبدها وتوجيههم
ومتابعتهم والأنس بهم ، مما يساعدها على أداء رسالتها وإرضاء ربها.
صحيحٌ أن الدنيا - هي دار الامتحان - مليئة
بالمتاعب والصعاب وفي اللقاء تسلية ومؤانسة... لكن هل التسلية غاية من تشعر أنها
على ثغر من ثغور الإسلام ، فلا يؤتى من قبلها؟ أم هي غاية العابثات؟ أما وإن
الترويح ضروري بين الفينة والأخرى فليكن على غير حساب الأخريات وأوقاتهن...!!
كثيراً ما نشكوا من غزو أعدائنا الفكري ...
وأننا مستهدفون محاربون، فهل أعددنا العدة لمجابهتهم، أو على الأقل هل حصَّنا
أنفسنا ضدهم روحياً وثقافياً لنطالب بالتسلية؟ ولا تنصر الدعوات وتنتشر بالتشكي
والأسى.
إن ما نعانيه يوجب علينا أن نراعي واقعنا على
أسس إسلامية لنستطيع النهوض من كبوتنا ، وإلا ستبقى آمالنا سراباً وأمانينا حلماً
نرجوا أن يتحقق ، وهيهات أن يتحقق بدون عمل وجهد وجهاد. ? والَّذِينَ جَاهَدُوا
فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ? [العنكبوت:69 ].
إن العقوبات التي يوقعها الله في أمتنا ما هي
إلا لتخاذلنا عن نصرة ديننا وعدم القيام بواجبنا ، والانهزامات التي أصابتنا قد
ساهمت بها المرأة من حيث لا تدري ، يوم بدأ دورها ينحسر وتخلت عن القيام بواجبها
كما ينبغي في التربية والتنشئة والتعليم.
وهذه الحقيقة المؤلمة التي تدمي القلب وتحز في
النفس ، تدفعنا في الوقت نفسه إلى الاستفادة من أوقاتنا للقيام بمهمتنا التي سنسأل
عنها: ( المرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها ) .
فلنقم بواجبنا في تربية رجال وأمهات المستقبل
ثم لنلتفت إلى التسلية. هذا وإن الرسول - صلى الله عليه وسلم- دلنا على طريقة
لإبعاد الهم عن النفس ألا وهى توثيق الصلة بالله ، نقبل عليه بالطاعات، ونجعل همنا
الدار الآخرة، فما الهم إلا نتيجة الحرص على الفانية.
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول
الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع
له شمله، وأتته الدنيا وهى راغمة، ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه،
وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدِّر له ).
ولقد قال تعالى مبيناً مدى الضيق والضنك ،
والعيش النكد الذي يكون فيه الغافل المعرض عن ذكر الله، وذلك في الدنيا قبل
الآخرة: ? ومَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً ونَحْشُرُهُ
يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى ?124? قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وقَدْ
كُنتُ بَصِيراً ?125? قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وكَذَلِكَ
اليَوْمَ تُنسَى ? [طه:124 ـ 126 ]
فلنجعل غايتنا رضا الله تعالى، وسبيلنا اتباع
شريعته، عندها نشعر أنه لا فراغ يثقل على النفس ويجلب الهم والحزن، بل أوقاتنا
معمورة بذكر الله وطاعته، والحياة كلها تصبح عبادة وقُربة، واستفادة من كل لحظة في
حياة الإنسان عملاً بقول المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( اغتنم خمساً قبل خمس:
حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل
فقرك ).
وإن كان ابن الجوزي قد عجب من أهل زمانه
وإضاعتهم للوقت فقال: « رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمان دفعاً عجيباً، وإن طال
الليل فبحديثٍ لا ينفع أو بقراءة كتاب فيه غزاة وسمر، وإن طال النهار فبالنوم وهم
في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق نشبههم بالمتحدثين في سفينة وهي تجري بهم
وما عندهم خبر، ورأيت النادرين قد فهموا معنى الوجود، فَهُمْ في تعبئة الزاد
للرحيل، إلا أنهم يتفاوتون ، وسبب تفاوتهم قلة العلم وكثرته بما ينفق في بلد
الإقامة » .
فماذا نقول نحن عن الناس في زماننا؟! وقد أصبح
العبث الفارغ أساس حياة أكثرهم ، والتبرم بالحياة سبباً في أمراض نفسية غريبة ،
وصار الضيق والهلع من المجهول شبحاً يطارد ضعاف النفوس والإيمان؟!
إن أساليبهم في اللهو وإضاعة الأوقات تفوق
الخيال: فبعد السهر والسحر - على شتى البرامج في وسائل اللهو الحديثة المحرمة
والمباحة- النوم حتى الضحى ، واللهاث بقية النهار للدنيا فقط ، وفي أعمال الدنيا..
وكثرة النوم والتناوم هو شأن الخاملين اللاهين. أما الجادون فيحرصون على أوقاتهم
حرص الشحيح على ماله أو أشد حرصاً. حقاً: « نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس:
الصحة والفراغ » .
أيهما أفضل المخالطة أم الانفراد؟
وكأني بك أختي المسلمة تتساءلين: وهل هذا يعني
البعد عن الناس وعدم الاختلاط بهم؟
إن اختيار المخالطة مطلقاً خطأ ، واختيار
الانفراد مطلقاً خطأ ، والإسلام دين تجمع وألفة ، والاختلاط بالناس والتعارف بينهم
من تعاليمه الأساسية ، وقد فضل الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ- المسلم الذي يخالط
الناس على ذلك الذي هجرهم ونأى عنهم: « المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم
أفضل من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم » وكيف يكون الإحسان للجيران
والأقارب إلا بمواصلتهم ومعرفة أحوالهم؟
فكم من زيارة دلت على خير في الدنيا والآخرة مسحت
بها المسلمة آلام أختها المصابة، تقوي عزيمتها، تشد أزرها وتدفعها إلى الصبر ، تحس
عندها حسن الظن بالله وقرب الفرج، تشاركها أفراحها، تعلمها ما تجهله من أمور
الدنيا والدين ، تتناصح وإياها وتتشاور لما فيه خيرها وخير المسلمين. أما المخالطة
العشوائية التي لا يأبه لها كثير من النساء فما هي إلا مظهر من مظاهر انهزام
المرأة وتخاذلها عن القيام بواجباتها الأسرية، وهروب من التبعات المنزلية لتمضي مع
صويحباتها فترة لهو ولغو. وهى حالة مرضية من حيث الهدف والمضمون. فحري بنا أن نسعى
حثيثاً للعلاج قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله. ? ويَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ
عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ?27?
يَا ويْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً ?28? لَقَدْ أَضَلَّنِي
عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إذْ جَاءَنِي وكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنسَانِ خَذُول ?
[الفرقان:27-29 ].
ولما للمرأة من مكانة عظيمة في توجيه الناشئة
وغرس العقيدة الصافية في نفوس الأبناء، أجيال المستقبل، كان لابد من محاولة جادة
للاستفادة من وقتها وعدم إضاعته سدى في مجاملات تافهة ، ومظاهر فارغة.
لقد كانت المرأة أماً وزوجة خير عون على الخير
لما تطلعت نحوه ، وشر دافع نحو الخراب والدمار لما سعت إليه. كانت مطية للأفكار
الهدامة في القرن العشرين ، وستكون مشعل نور للأجيال إن تمسكت بعقيدتها ودينها.
واللهَ أسأل أن يجعل هذه المحاولة لبنة تعين
الأسرة المسلمة على إكمال رسالتها ،وأن يلهم مسلمة عصرنا رشدها لتعود كسالفتها
الصالحة مرشدة لكل خير وفضيلة.
استئذان الزوج في الخروج :
إن الإسلام يأمر بالنظام في كل الحالات، في
العادات والمعاملات، في السفر والحضر، فإذا خرج ثلاثة في سفر دعا إلى تأمير أحدهم
؛ لذلك وتنظيماً للمجتمع فقد جعل قوامة الأسرة للرجل ، فهو أقدر على القيام بهذا
الاختصاص من المرأة ، إذ جعل مجالها الطبيعي يتناسب مع فطرتها النفسية وتكوينها
الجسمي، وهو إمداد المجتمع المسلم بالأجيال المؤمنة المهيأة لحمل رسالة هذا الدين.
ولا أحد ينكر فضل الاختصاص من حيث قلة الجهد ،
وجودة المردود ، سواء في النواحي المادية أو الإنسانية، هذه الرئاسة والقوامة
تقتضي وجوب طاعة المرأة لزوجها، وقد جاء في الفتاوى لابن تيمية: « والمرأة إذا
تزوجت كان زوجها أملك بها من أبويها ، وطاعة زوجها أوجب، وفي الحديث عن النبي -
صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( الدنيا متاع ، وخير متاعها المرأة الصالحة ، إذا
نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسك و مالك ) .
وفى الترمذي عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت
: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( أيما امرأة ماتت وزوجها راضٍ عنها دخلت
الجنة ) وقال الترمذي: حديث حسن.
وقد ورد أيضاً في المسند وسنن ابن ماجة وصحيح
ابن حبان عن ابن أبى أوفى قال : لما قدم معاذ من الشام سجد للنبي - صلى الله عليه
وسلم - فقال : ما هذا يا معاذ ؟ قال: أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم
وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك يا رسول الله. فقال رسول الله - صلى الله
عليه وسلم ـ: ( لاتفعلوا ذلك، فإني لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لغير الله، لأمرت
المرأة أن تسجد لزوجها والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق
زوجها ولو سألها نفسها وهى على قتب لم تمنعه ) .
وإذا أراد الرجل أن ينتقل بها إلى مكان آخر مع
قيامه بما يجب عليه وحفظ حدود الله فيها، ونهاها أبواها عن طاعته في ذلك فعليها أن
تطيع زوجها دون أبويها.
وإذا نهاها الزوج عما أمر الله أو أمرها بما
نهى الله عنه لم يكن لها أن تطيعه في ذلك ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال :
( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) .
هذا: وطاعة الزوج ليست تسلطاً منه، ولا
امتهاناً للمرأة، وانتقاصاً لشخصيتها، إنما هي من طاعة الله والقربات إليه التي
تثاب عليها ويجب أن تعتز بها ... وهذا ما يميز المسلمة الواقفة عند حدود الله عن
العابثة المتسيبة، التي لا أب يردها ولا زوج يمنعها، تخرج من البيت متى تشاء وحيث
تشاء ، فتزرع هذا الشر لتحصد الندامة فيما بعد بمشاكل لا تنتهي ، واتهامات كثيرة ،
وواقع مرير ، ونتائج وخيمة ، ولا ينجي من ذلك إلا العودة إلى تحكيم شرع الله : ?
ولَهُنَّ مِثْلُ الَذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ولِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ
دَرَجَةٌ ?[البقرة:228]، وهذه الدرجة هي قوامة الأسرة.
ولا يحل للزوجة أن تخرج من بيتها إلا بإذن
زوجها ، سواء كان ذلك لكونها مرضعاً أو لكونها قابلة أو غير ذلك من الصناعات ،
وإذا خرجت من بيت زوجها بغير إذنه كانت ناشزاً عاصية لله ورسوله ومستحقة للعقوبة.
وهكذا فخروجها للعمل بغير إذن زوجها نشوز عن
طاعة زوجها وعصيان لله ولرسوله فكيف إذا خرجت للتزاور أياً كان السبب ؟!! ولو كان
ذلك لزيارة والديها المريضين.
للزوج منعها من الخروج من منزلها إلى ما لها
منه بد ، سواء أرادت زيارة والديها ، أو عيادتهما ، أو حضور جنازة أحدهما. قال
أحمد في امرأة لها زوج وأم مريضة : طاعة زوجها أوجب عليها من أمها ، إلا أن يأذن
لها .
وحتى الخروج للعبادة تحتاج معه إلى إذنه فعن
ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : ( إذا استأذنكم
نساؤكم بالليل إلى المسجد للعبادة فأذنوا لهن ).
وعن ابن حبان من حديث زيد بن خالد : ( لا
تمنعوا إماء الله مساجد الله ) قال القسطلاني : أي إذا أمنت المفسدة منهن وعليهن ،
وذلك هو الأغلب في ذلك الزمان ، بخلاف زماننا هذا الكثير الفساد والمفسدين وقد ورد
في بعض طرق الحديث ما يدل على أن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد
وذلك في رواية حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر بلفظ: ( لا تمنعوا نساءكم المساجد
وبيوتهن خير لهن )، وحديث عائشة - رضى الله عنها- في منع النساء علقته على شرط (
لو رأى رسول الله ما أحدثته النساء ).
وفى رواية عند البخاري عن ابن عمر - رضي الله
عنهما- مرفوعاً : ( إذا استأذنت امرأة أحدكم ـ أي أن تخرج إلى المسجد أو ما في
معناه كشهود العيد وعيادة المريض ـ فلا يمنعها ).
قال القسطلاني: وليس في الحديث التقييد بالمسجد
، إنما هو مطلق يشمل مواضع العبادة وغيرها.
ومقتضى الحديث : أن جواز خروج المرأة يحتاج إلى
إذن الزوج .
أما قول القائل : إنهن لا يخرجن من بيوتهن
مطلقاً لقوله تعالى :? وقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ ? فليس بحجة له بدليل قوله تعالى
بعدها : ? ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ? والمقصود به عند
خروجهن.
ومعنى هذه الآية : الأمر بلزوم البيت وإن كان
الخطاب لنساء النبي - صلى الله عليه وسلم- فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى . هذا لو لم
يرد دليل يخصص جميع النساء ، كيف والشريعة طافحة بلزوم النساء بيوتهن والانكفاف عن
الخروج منها إلا لضرورة .
وليس معنى هذا الأمر ملازمة البيوت فلا يبرحنها
إطلاقاً ، وإنما هي إيماءة لطيفة إلى أن يكون البيت هو الأصل في حياتهن وهو المقر
وما عداه استثناءً طارئاً لا يثقلن فيه ولا يستقررن وإنما هي الحاجة وتقضى بقدرها
.
وقد عرف عن أمهات المؤمنين والصحابيات أنهن كن
يخرجن في حوائجهن وللمشاركة في الغزو.
فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يغزو بأم
سليم ونسوة من الأنصار معه إذا غزا فيسقين الماء ويداوين الجرحى .
وفيه خروج للنساء في الغزو والانتفاع بهن في
السقي والمداواة لمحارمهن وأزواجهن وغيرهم مما لا يكون فيه مس بشرة إلا موضع
الحاجة.
وهذه أم عمارة تحدثنا حديثها يوم أحد : (خرجت
أول النهار ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في
أصحابه والريح والدولة للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون ، انحزت إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم فجعلت أباشر القتال وأذب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
بالسيف وأرمى بالقوس حتى خلصت إلّى الجراحة ).
وعن عمر - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله
- صلى الله عليه وسلم- يقول : ( ما التفت يوم أحد يميناً ولا شمالاً إلا ورأيتها
تقاتل دوني ) .
وتستأذنه - صلى الله عليه وسلم- أم سنان
الأسلمية في الخروج إلى خيبر للسقيا ومداواة الجرحى فقال لها عليه الصلاة والسلام:
( فإن لك صواحب قد أذنت لهن من قومك ومن غيرهم فكوني مع أم سلمة ).
وفي خيبر أيضاً عن امرأة من بني غفار قالت :
أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من بني غفار فقلنا : يا رسول الله قد
أردنا أن نخرج معك إلى وجهك هذا - وهو يسير إلى خيبر - فنداوي الجرحى ونعين
المسلمين بما استطعنا. فقال : ( على بركة الله ) فخرجنا معه.
حتى المقعدة فلها الخروج في حوائجها نهاراً ،
سواء كانت مطلقة ، أو متوفى عنها ، لما روى جابر قال: طُلقتْ خالتي ثلاثاً فخرجت
تجذ نخلها فلقيها رجل فنهاها ، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( اخرجي
فجذي نخلك لعلك أن تتصدقي منه أو تفعلي خيرا ).
وروى مجاهد قال : استشهد رجال يوم أحد فجاءت
نساؤهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وقلن: يا رسول الله نستوحش بالليل أفنبيت
عند إحدانا فإذا أصبحنا بادرنا إلى بيوتنا؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم :
( تحدثن عند إحداكن حتى إذا أردتن النوم فلتؤب كل واحدة إلى بيتها ) .
ويدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم- على عائشة
- رضى الله عنها- وعندها امرأة قال: ( من هذه ؟ قالت: فلانة ، تذكر من صلاتها،
قال: ( مه ، عليكم بما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا، فكان أحب الدين إليه
مادام عليه صاحبه ) [أخرجه البخاري في كتاب الإيمان].
كما طلب من الشفاء – وهى من المهاجرات الأول
وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم- وكانت من عقلاء النساء وفضلائهن – قال لها صلى
الله عليه وسلم : « علمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتابة».
وكيف يكون تعليمها إلا بلقائها معها وخروجها
إليها ؟!!.
فهذه كلها حالات تخرج فيها المرأة بمعرفة
الرسول - صلى الله عليه وسلم- وإقراره بخروجها أو أمره وإذنه الصريح به ، فلو كان
المقصود بالقرار في البيت عدم الخروج المطلق لنهى عن الخروج ولما أذن به.
ثم إن الحبس الدائم للمرأة في البيت ما هو إلا
عقوبة شرعية - كان قبل أن يشرع حد الزنا فنسخت هذه العقوبة بالحد الشرعي – أقول:
كان الحبس في البيوت للمرأة التي تأتي الفاحشة وذلك لقوله تعالى : ? واللاَّتِي
يَأْتِينَ الفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً
مِّنكُمْ فَإن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ في البُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ
المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيل ? [ النساء:15 ].
أما المرأة العفيفة الملتزمة بأحكام دينها ،
والتي تراقب الله تعالى في حركاتها وسكناتها فهي تقدر شرف مهمتها وعظم مسئوليتها :
إنها إن قرت في بيتها فهي في عمل واعٍ يقظ ، لا فراغ اللاهيات ولا تفاهة العابثات
من ربات الفيديو والأزياء والسينما...
إنها تعد لأمتها الإسلامية أبطالها الذين
يستعيدون مجدها فتربيهم على الاعتزاز بقيم الإسلام ليفدوه بأنفسهم إن واجههم
الخصوم ، ويعملون وسعهم لإعلاء كلمة الله.
وإن أرادت الخروج من بيتها فلن يكون ذلك إلا إن
كانت المصلحة الشرعية في الخروج راجحة عنها في البقاء.
وإن خرجت : فبالحدود المشروعة وبالطريقة
المشروعة ، تستأذن الزوج المسلم ولا تخرج بغير إذنه ، وإلا اعتبرت عاصية لمله
ولرسوله ، وبالمقابل فزوجها المسلم يرعى الله فيما ائتمنه ، فيحرص على أن يبعدها
عن الشبهات ومواطن الزلل. ويأخذ بيدها إلى كل خير ، ليشاركها أجرها سواء كان زيارة
أقاربها وصلتهم أو بر والديها ، أو صلة أخواتها في الله ، أو العلم المشروع.
أصل بناء البيت:
ثم إن الأصل أن ينبني البيت المسلم على المودة
والرحمة ، لا الغلظة والتسلط. فالزوج والزوجة كلاهما يحكم الشرع ويزن الأمور
بمقياسه ، فلا يتعسف الرجل في استعمال حقه الذي منحه الله إياه ويحفظ وصية الرسول-
صلى الله عليه وسلم- بالمرأة : ( استوصوا بالنساء خيراً ) وبالمقابل لا يجمح الهوى
بالمرأة ولا تستكبر عن طاعة زوجها فتكون في عداد النواشز .
أما عند عدم الزوج لوفاته ، أو لعدم زواج
المرأة. فتستأذن أبويها وهذا من برهما وحسن صحبتهما فهما أحرص الناس على حسن
سمعتها وجلب الخير لها.
إن المؤمنة حيثما جالست غيرها تحرص على أن لا
تقذف بكلامها دون تمحيص ، فهي تسعى لتكون أقوالها فضلاً عن أفعالها في ميزان
حسناتها.
لذا تتواصى مع أخواتها المؤمنات بكل ما فيه خير
وصلاح ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وإن لمست نفوراً وشقاقاً بين البعض منهن
فهي تعمل على إصلاح ذات البين ، وإطفاء نار العداوة ، تتمثل قوله تعالى : ? لا
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ
مَعْرُوفٍ أَوْ إصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ? [النساء 114].
المتأمل في هذه الآية يجد أن غالبية النجوى لا
خير فيها إلا هذه الثلاث :
1- الأمر بالصدقة.
2- الأمر بالمعروف ، ونجمعهما تحت عنوان
الدلالة على الخير.
3- الإصلاح بين الناس.
ومن تكلم بها أو بأحدها فهو في قربة إلى الله
تعالى ، بل وكلامه من أفضل الذكر، فقد قال ابن تيمية رحمه الله:
” إن كل ما تكلم به اللسان، وتصوره القلب ، مما
يقرب إلى الله ، من تعلم علم ، وتعليمه ، وأمر بمعروف ، ونهي عن منكر ، فهو من ذكر
الله ولهذا من اشتغل بطلب العلم النافع ، بعد أداء الفرائض ، أو جلس مجلساً يتفقه
أو يفقه فيه الفقه الذي سماه الله ورسوله فقهاً فهذا أيضاً من أفضل ذكر الله “ .
1
- الدلالة على الخير :
فإذا رزقك الله فهماً وعلماً ، أو قوة وعافية ؛
فاستخدميها لمعاونة المسلمين وتسهيل حاجاتهم ، سواء بعملها بيدك ؛ أو بتعليمها
غيرك ، فما ذلك إلا زكاة الصحة التي حباك الله إياها.
( كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع
فيه الشمس ، تعدل بين الاثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع
له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ،
وتميط الأذى عن الطريق صدقة ) .
إن كثيراً من بلادنا المسلمة مليئة بالأزمات
الاقتصادية بسبب القحط أو الحروب. وتنشط المؤسسات التبشيرية والشيوعية للاستفادة
من تقصيرنا جميعاً ، فتستغل آلام المكلومين لتقدم لهم الغذاء واللباس والدواء
طعماً لجذبهم به لمصيدتها ، وتعمل جاهدة بكل الوسائل لجلبهم لساحتها ، بتربية
أبنائهم أو تعليمهم أو تطبيبهم...
فهلا استفدنا من زياراتنا ووقتنا الضائع؟!
فتدارسنا أحوال أمتنا ، وعلمنا بعضنا أن نخيط الثياب التي تستر عورات أخواتنا
المسلمات المحتاجات.
ولنصنع من الطعام ما يمكن أن يرسل لهن. ولنثبت
أننا المسلمات اللاتي يهمهن أمر الأمة المسلمة. لا الدمى المتحركة التي تُزين
لتلهي من حولها وتبعد عن جادة الصواب.. فهل النصرانيات أقدر منا؟؟ أم أنهن أكثر
تضحية وإيماناً؟ نحن حفيدات عائشة وخديجة وأسماء ، أولسنا أجدر أن نضحي من أجل
حقنا الأكيد أكثر من تضحيتهن من أجل باطلهن؟.
ويتامى المسلمين؟! من ينجينا من الإثم إذ
يُحملون إلى البلاد الشيوعية أو النصرانية ليربوهم على دينهم؟.
ماذا نقول غداً لرب العالمين إن سألنا عنهم وعن
تفريطنا وتقصيرنا في حقهم؟
أفلا يجدر بنا أن نتكفلهم؟ وماذا لو ضمت الأسرة
إليها فرداً أو اثنين لتنشئتهم (لا تبنيهم فهو محرم ) وتربيتهم؟.
أو إن عملت الجمعيات الخيرية المسلمة لرعايتهم
، وساهمت المرأة المسلمة بما تستطيع ، سواء بالمادة أو بالجهد الذي تقدر عليه ، من
عمل يدوي أو تعليمي أو توجيهي؟!
قد يقال : إن هذه أعمال ضخمة لا تقدر عليها
جهود فردية قليلة المورد.
? إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ? [الرعد 11] فهذه الفكرة إن اقتنعت وإياي
بها وأقنعت في زيارتك صديقتَك المؤمنةَ وجارتَك المسلمةَ لابد وأن نحقق خيراً
كثيراً للمسلمين ، ونكون قد ساهمنا معاً في النهضة الإسلامية.
ولاشك أن ذلك مطلب شرعي بدلاً من أن تظل
المسلمة مجال تنافس الدول لتلهيها عن رسالتها بمستحضرات التجميل ، وأدوات الترهل
والترفيه.
وبذلك نكون قد ارتقينا بزياراتنا عن اللغو إلى
التناصح لما فيه خيرنا وخير المسلمين ، وفي عملك ذلك أجر الصدقة.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قلت: يا
رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال: ( الإيمان بالله، والجهاد في سبيله. قال: قلت: ثم
أي الرقاب أفضل؟ قال : أنفسها ثمناً عند أهلها وأكثرها نفعاً. قال: قلت: فإن لم
أفعل؟ قال : تعين صانعاً أو تصنع لأخرق ) .
فلك في معاونتك لأختك المسلمة أياً كانت تلك
المعاونة الثواب الجزيل فعملك من أفضل القربات.
فإن كانت مريضة أعجزها المرض عن أداء مهمتها
تساعدينها في تعليم أولادها الصغار ، أو عمل طعام لهم، أو ترتيب بيتها وتنسيقه بدل
أن تكون زيارتها للكلام والتسلية فحسب.
وإن كانت نفساء أمضَّها ألم الولادة : تقومين
على رعايتها ورعاية وليدها. فهذا أجر قد ساقه الله إليك، ولا يقدر عليه غيرك، وإن
كانت جاهلة بفنون المنزل، أو حتى في التعامل الاجتماعى تعلمينها وتنصحينها فالدين
النصيحة، ولك في كل ذلك أجر الصدقة، ولنذكر معاً حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم
ـ: ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا
فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة
) .
فلنكن في حاجة أخواتنا المسلمات، والله معنا في
قضاء حاجاتنا وتفريج كرباتنا. وأينا تستغني عن غيرها؟! وإن استغنت الواحدة عن
غيرها بأعمالها ، فلابد أن تحتاج إلى التناصح والمشاورة معهن.
فما أجدرنا نحن المسلمات الحريصات على حسن
تنشئة أبنائنا ونراقب الله في تربيتهم ما أجدرنا أن نستفيد من فترة زياراتنا
للتناصح في تربيتهم، وحل مشكلاتهم ليحل العمل والتوجيه محل الشكوى والأسى الذي لا
يصحح خطأ ولا يغير واقعاً.
فإن أقلقنا أن نجد بعضاً من أبناء المسلمين
يفوتهم الفكر الديني الواعي، أو لا يلتزم آخرون بالتعاليم الشرعية، أو لا يجيد
الكثير منهم التعامل مع الآخرين ... فعلينا نحن المسلمات أن نسعى إلى تصحيح هذا
الواقع المرير بكل ما نستطيع وبصبر وجلد.
ذلك أن التربية ليست أن تلقي الكلمة والتوجيه
على أبنائنا ثم ننتظر الاستجابة، فالمغريات كثيرة لا تنتهي... والتربية طويلة
وشاقة تبدأ من نعومة أظفارهم.
فلابد من الرعاية الدؤوب لهم دون ملل. نتابعهم
باستمرار في جدهم وهزلهم، لعبهم ومذاكرتهم.
وبعد أن نعمل جهدنا لنكون القدوة الحسنة لهم في
كل خلق فاضل كريم، نتناصح مع أخواتنا المؤمنات في حسن اختيار القصص المفيدة التي
تثقف الطفل وتعده لحياته المستقبلة، وتربي وجدانه فيعرف كيف يعطي كل ذي حق حقه.
ونبعده عن القصص الخرافية والبوليسية وكذلك عن البرامج الإعلامية التي لا تليق،
ونسعى بالتشاور مع بعضنا لنحيط أبناءنا بالصحبة الطيبة التي تعينهم على الخير.
فالشر كالداء المعدي، سرعان ما ينتشر
بالمخالطة. فنبعدهم عنه لنحفظ عليهم دينهم وخلقهم.
وهكذا نشحذ هممنا لتكون زياراتنا هادفة لما
يرضي الله وينفع المسلمين.
عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن
رجلاً جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله. أي الناس أحب
إلى الله؟ قال: ( أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله -عز
وجل- سرور تدخله على قلب مسلم ) .
فلنحرص على نفع المسلمات وإدخال المسرة على
قلوبهن ، ولا نبخل بنعمة حبانا الله إياها أن نخدم بها مسلمة فنفرج بها كربتها
ونعمل ما فيه مصلحتها ، وندعوها إلى اتباع الخير الذي نريده لأنفسنا، قال تعالى: ?
والْمُؤْمِنُونَ والْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ ويُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ ويُطِيعُونَ اللَّهَ ورَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ
إنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ? [التوبة 71].
ولا تَقُلْ المسلمة: مالي وللناس، فإني أدعهم
وشأنهم ولا أتدخل في خصوصياتهم . نعم ذلك في أمور الدنيا المباحة التي يستوي فيها
عملها وتركها »فمن حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه« أما ما فيه خطر محقق وحتى لو
كان ذلك في أمور الدنيا، فالواجب النصح فالدين النصيحة.
إن المؤمنة عليها مهمة النصح والدعوة إلى دينها
على قدر ما تستطيع، ومن روائع ما روته لنا السيرة ، قصة الصحابية الجليلة أم سليم.
(كانت أم سليم أم أنس بن مالك من السابقات
للإسلام من الأنصار خطبها أبو طلحة قبل أن يسلم وبعد وفاة زوجها فقالت : يا أبا
طلحة ألست تعلم أن إلهك الذي تعبده نبت من الأرض ؟ قال: بلى. قالت : فلا تستحي أن
تعبد شجرة؟! إن أسلمت فإني لا أريد صداقاً غيره. قال: حتى أنظر في أمري. فذهب ثم
جاء. فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقالت : يا أنس زوج أبا
طلحة. فزوجه ).
إنه مهر كريم لامرأة داعية كريمة ، دعته إلى
عبادة الله وحده ، والبعد عن الشرك به ، فشرح الله صدره وآمن فأكرِمْ به من مهر.
وما هلك بنو إسرائيل إلا لتركهم فضيلة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر: ? كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ
لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ? أما اعتزال الناس اعتقاداً بعدم صلاحهم، فهو
كما يقال : آخر الدواء الكي ذلك أننا حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم
روحاً أو أطيب منهم قلباً ، أو أرحب منهم نفساً ، أو أذكى منهم عقلاً لا نكون قد
صنعنا شيئاً كبيراً. لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة.
إن العظمة الحقيقية أن نخالط هؤلاء الناس
مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروحِ الرغبة الحقيقية في
تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع.
إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العالية ،
ومثلنا السامية ، أو أن نتملق هؤلاء الناس ، ونثني على رذائلهم أو أن نشعرهم أننا
أعلى منهم أفقاً. إن التوفيق بين هذه المتناقضات وسعة الصدر لما يطلبه هذا التوفيق
من جهد هو العظمة الحقيقية .
وهكذا ... فبعد أن تتعهد المسلمة نفسها
بالإصلاح فتلتزم السنة وتعض عليها بالنواجذ، تساهم بالدعوة إلى الخير بين النساء.
وهذا واجب ديني تأثم إن قصرت به، مهما كان مستواها الثقافي، فتعمل بقدر طاقاتها
وإمكانياتها، تأمر بالمعروف بلفظ لين وقول لطيف، والله تعالى يقول لرسوله - صلى
الله عليه وسلم: ? ولَوْ كُنتَ فَظاً غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ?
[آل عمران 159] ، ترفق بمن حولها، توقر الكبيرة وترحم الصغيرة ، ولا تنسى أنها
صاحبة هدف جليل تسعى لتحقيقه بأسلوب يرضي الله تعالى ويؤدي للنتيجة التي ترجوها.
فكما يسعى أصحاب الأهداف الدنيوية لتحقيق
أهدافهم، فيتحسسون مداخل نفوس من يتعاملون معهم، ليعرفوا كيف الوصول لغايتهم، يجب
أن نكون نحن المسلمات أكثر اهتماماً بمعرفة من ندعوهن لتكون دعوتنا كما أراد الله
تعالى:? ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ
وجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ? [النحل 125].
2- الإصلاح بين المؤمنات :
كما نجعل من زياراتنا مجالاً خصباً للإصلاح بين
الناس ، فإن عمل الشيطان على إثارة العداوة بين المسلمات نزيلها بالإصلاح بينهن،
فإن إزالة الخصام دليل سمو النفس التي تعمل على إشاعة المودة بين الآخرين، ليحل
الوفاق محل الشقاق، والصلة مكان القطيعة، لذا كانت درجة من يصلح بين الناس أفضل من
درجة الصيام والصلاة والصدقة التطوع لا الواجبة .
عن أبي الدرداء - رضي الله عنه- قال: قال رسول
الله -صلى الله عليه وسلم : ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟
قالوا : بلى. قال: إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة ) . ويروى عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ( هي الحالقة: لا أقول تحلق الشعر ، ولكن
تحلق الدين ).
ذلك أن الإفساد بين الآخرين يؤدي إلى القطيعة
التي حرمها الشرع كما جاء في الحديث الشريف: ( لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق
ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) .
وقال - صلى الله عليه وسلم- منفراً من الشحناء
والقطيعة ومبيناً سخط الله تعالى على المتقاطعين حتى يصطلحا: ( تفتح أبواب الجنة
يوم الاثنين، ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت
بينه وبين أخيه شحناء فيقال: انظروا هذين حتى يصطلحا ثلاثاً ).
فإن حصلت جفوة بين المسلمات نسارع إلى الإصلاح
بينهن للتغاضي عن هفوة المخطئة، فإذا بالعيش صافياً بعد كدر ، والوداد عاد بعد
الجفاء.
والواجب أن تقبل عذر من تعتذر، لا أن تشيح
بوجهها بعيداً عن أختها ، إصراراً على مواصلة القطيعة، وعدم قبول العذر: إذ من
شرار الناس من لا يقبل عثرة، ولا يقبل معذرة كما بين الرسول - صلى الله عليه وسلم
:
عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال: قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم ـ : ( ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول
الله، قال: إن شراركم الذي ينزل وحده، ويجلد عبده، ويمنع رفده. أفلا أنبئكم بشر من
ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: من يبغض الناس ويبغضونه، قال: أفلا
أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا: بلى إن شئت يا رسول الله. قال: الذين لا يقبلون عثرة
ولا يقبلون معذرة ولا يغتفرون ذنباً، قال: أفلا أنبئكم بشر من ذلك؟ قالوا : بلى يا
رسول الله : قال : من لا يرجى خيره ولا يؤمن شر5 ) .
وهكذا أختي المسلمة يتلخص دورك في الإصلاح في :
• إصلاح نفسك برفع الجهل عنها وتزكيتها
بالعبادات والنوافل ، والزيادة في الطاعات يوماً بعد يوم .
• إصلاح شأن بيتك وتربية أولادك على الدين .
• إصلاح أخواتك المسلمات بأمرين :
• الدلالة على الخير .
• الربط بينهن بالصلح والزيارة .
وأخيراً .... اعلمي أنك مهمة جداً ولك شأن في
هذه الأمة ، فلست على هامش الحياة أبداً ، بل أنت نصف الأمة وتلدين لنا النصف
الآخر ، فأنت أمة بأسرها ، فبصلاحك وإصلاحك تنصلح الأمة ويتغير واقعنا ؛ فكوني -
رعاك الله - على قدر المسئولية ؛ والجنة في انتظارك بإذن الله ..
=======================
دية المرأة نصف
دية الرجل .. لماذا؟
كتبه : * عابدة فضيل المؤيد
تعلمين أن دية المرأة نصف دية الرجل، وتعرفين
السبب بالتأكيد وهو: أن الدية ليست تقديراً لقيمة المقتول الإنسانية إنما هي تعويض
مادي لا معنوي لأهل القتيل جزاء ما لحق بهم من ضرر مادي. ونظراً لأن الرجل هو
المعيل والمنفق على الأسرة تضاعف ديته عن دية المرأة. فهل تعلمين ما يلي:
1 ـ هل تعلمين أن الدية لا تغني عن العقوبة
الدنيوية شيئاً؟ فلابد من موت مَن تعمد القتل: «رضّ يهودي رأس جارية بين حجرين ...
فلم يزل به النبي (ص) حتى أقره فرض رأسه بالحجارة». وهل تعلمين أن عقوبة القتل هذه
نافذة في قتل الرجل والمرأة على السواء؟ فتقتل المرأة بالرجل، ويقتل الرجل بالمرأة
مع أنها امرأة وهو رجل! قال بهذا أهل العلم ومنهم مالك والشافعي وأحمد وإسحاق
والثوري وأبو ثور، وذهب الجمهور إلى أنه يقتل الرجل بالمرأة، وقد بسط الشوكاني
البحث في نيل الأوطار، وعلق الحافظ ابن حجر: «أراد بأهل العلم الجمهور، قال ابن
المنذر: أجمعوا على أن الرجل يقتل بالمرأة»، وذلك لأن المسلمين ـ ذكوراً وإناثاً ـ
سواء في الإنسانية ولهذا تتكافأ دماؤهم: «المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم على يد مَن
سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، الا لا يقتل مؤمن بكافر».
وهل تعلمين ـ بمناسبة الكلام عن «القتل» ـ ما
خصت به المرأة وما امتازت به عن الرجل (وإن كان هذا خارجاً عن موضوع الدية)؟ لقد
كرم الإسلام المرأة ـ مشركة ومسلمة ـ وكان ذلك حين منع إهدار دمها، وأمر بعدم
التعرض لها، إذ جاء النهي عن قتلها عند الغزو، قال بهذا مالك وأصحاب الرأي مستدلين
بأحاديث منها: «وجدت امرأة مقتولة في بعض مغازي رسول الله (ص) فنهى عن قتل النساء
والصبيان»، وقال (ع): «لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً ولا امرأة». وذلك لعظم
حرمة دماء المسلمين والمسلمات، وإن قتل مسلم واحد (ظلماً وعدواناً) يعدل عند الله
قتل الناس جميعاً: (مَن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس
جميعاً) المائدة: 32. وقد بالغ الإسلام في حفظ حياة المرأة وإن كانت مشركة: «حتى
قال مالك والأوزاعي: لا يجوز قتل النساء والصبيان بحال، حتى لو تترس أهل الحرب
بالنساء والصبيان، أو تحصنوا بحصن أو سفينة وجعلوا معهم النساء والصبيان لم يجز
رميهم ولا تحريقهم. وعلق محمد رشيد العويد على هذا بقوله: أليس للمرأة غير
المسلمة، بعد هذا، أن تفخر على قومها بأنها سبب لحمايتهم وحفظهم؟ وإذا كان الإسلام
يحفظ حياتها ويحميها، وهي غير مسلمة، فإنه أكثر حفظاً لها وحماية لحياتها وهي
مسلمة».
2 ـ وهل تعلمين أن المرأة لا تكلف ـ مقابل
تنصيف ديتها ـ بالمساهمة في أداء الدية إلى أهل القتيل، بل يكلف به العاقلة من
الرجال، والغريب من هذا الحكم يسري ولو كانت هي القاتلة: «لا تدخل (المرأة) مع
العاقلة فلا شيء عليها من الدية لو قتلت خطأ بخلاف الرجل فإن القاتل كأحدهم».
3 ـ وهل تعلمين أن المرأة التي أعفيت من أداء
الدية تتشارك مع العاقلة في الإرث! فترث من دية قريبها المقتول.
4 ـ وهل تعلمين أنه لا توجد قيمة معينة موحدة
للدية؟ وذلك لأنها ـ وكما مر ـ تعويض مادي، والتعويض المادي يقدر بقدره فتفرضه
الظروف وتغيره أحوال الناس، وهذا ما قيل: «ومما يؤكد هذا المعنى أن قوانيننا
الحاضرة جعلت للدية حداً أعلى وحداً أدنى، وتركت للقاضي تقدير الدية بما لا يقل عن
الأدنى ولا يزيد عن الأعلى، وما ذلك إلا لتفسح المجال لتقدير الأضرار التي لحقت
بالأسرة من خسارتها بالقتيل، وهي تتفاوت بين كثير من الناس ممن يعملون ويكدحون
فكيف لا تتفاوت بين مَن يعمل وينفق على أسرته، وبين مَن يعمل ولا يكلف بالإنفاق
على أحد، بل كان ممن ينفق عليه؟».
وهل تعلمين ماذا ينبني على تلك المقدمة؟ يتابع
المؤلف السابق كلامه ليبين أمراً مهماً جداً: «أما في المجتمعات التي تقوم فلسفتها
على عدم إعفاء المرأة من العمل لتعيل نفسها وتسهم في الإنفاق على بيتها وأطفالها،
فإن من العدالة حينئذ أن تكون ديتها إذا قتلت معادلة على العموم لدية الرجل
القتيل».
5 ـ وهل تعلمين ما توصل إليه الباحث مصطفى عيد
الصياصنة، ومن ثم ألف كتاباً سماه «دية المرأة، في ضوء الكتاب والسنة (تمام دية
المرأة، وتهافت دعوى التنصيف) »؟ لقد توصل هذا الباحث في الصفحة 145 وما بعدها إلى
ما يلي: «من دراستنا الموسعة والمستفيضة، لمسألة دية المرأة في الكتاب والسنة،
والآثار الواردة عن بعض أفراد الصحابة والتابعين، إضافة إلى معالجتنا لطبيعة دعوى
الإجماع والقياس، بخصوص هذه المسألة، فإننا نستطيع القول ـ وبكل الاطمئنان والثقة
ـ : إن دية المرأة على مثل دية الرجل سواء بسواء وذلك لتضافر الأدلة والمرجحات،
التي تؤكد هذه الحقيقة، وهي مجموعة أدلة ومرجحات يمكن إجمالها في الآتي: (1) إن
الآية التي أثبتت مشروعية الدية في القرآن الكريم، شملت بإجماع الفقهاء والمفسرين
الرجل والمرأة على حد سواء، ولم تفرق بينهما بشيء: (ودية مسلمة إلى أهله) ... لم
يثبت ـ في السنة المطهرة ـ حديث واحد صحيح صريح، يدل على تنصيف دية المرأة .. فقد
احتجوا بحديث معاذ بن جبل (رض)، الذي يقول: «دية المرأة على النصف من دية الرجل»، وقد
حكم العلماء بضعفه (وذكر حديثين آخرين ثم تابع)، فتبين من ذلك كله، أن قولهم
بتنصيف دية المرأة، لا يعتمد على حديث صحيح بالمرة، وهذه كتب السنة بين أيديهم فإن
وجدوا فيها حديثاً صحيحاً صريحاً ـ واحداً فقط ـ يقول بتنصيف دية المرأة، رجعنا
إلى قولهم، وإن لم يجدوا ـ ونحن متأكدون أنهم لن يجدوا ـ فالحق أولى أن يتبع،
والدليل أجدر وأحق أن يقتفى .. ليس في الآثار الواردة عن الصحابة رضوان الله عليهم
أجمعين، أثر واحد صحيح صريح، ينص على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ...
وقد وقفنا عليها واحداً واحداً، وعالجنا أسانيدها، ولمسنا ما هي عليه من الضعف
والوهي، وما قاله العلماء المحققون في توهينها والحكم بردها .. فتبين لنا من ذلك
كله، أن القول بتنصيف دية المرأة لا يعتمد ولو على أثر واحد صحيح منقول عن
الصحابة، فكيف بعامتهم ينسب إليهم انهم قضوا بنحو ذلك؟! إن ادعاء الإجماع علي تنصيف
دية المرأة، إنما هو مجرد دعوى لا أكثر، إذ هو منقوض بالآتي: أ ـ عدم وجود نقل
صحيح ثابت عن حصول مثل هذا الإجماع، ومتى كان وممن كان؟؟ .. ب ـ تعذر إجماع
الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ـ بعد وفاة النبي (ص) وفي أواخر العصر الأول ـ
على شيء من ذلك، لكثرتهم أولاً ولتفرقهم في الأمصار المتباعدة ثانياً، ولصعوبة
الاتصال بهم ثالثاً .. لقد تبين لنا أنه لم يثبت عن بعض أفراد الصحابة أنهم قالوا
بذلك، فكيف يمكن إذن أن يقال باجتماعهم جميعاً عليه؟؟.. ج ـ نقض دعوى انعقاد إجماع
العلماء على تنصيف دية المرأة، بوجود المخالف، الذي يعتد بمخالفته، ويرجع إلى
اجتهاده ... وابن حزم ومن ورائه المدرسة الظاهرية .. فقد قال هؤلاء بمساواة دية
المرأة بدية الرجل في النفس والأعضاء ... إن الأحاديث الصحيحة التي وردت في الدية،
إنما جاءت شاملة للرجال والنساء دون تمييز، وكذلك الأحاديث الواردة في الجراحات
... : «وفي النفس المؤمنة مئة من الإبل، وفي العين خمسون وفي اليد خمسون، وفي
الرجل خمسون» ... فإذا كان الرجل يقتل بالمرأة، ويقاد بها عيناً بعين، وأذناً
بأذن، وسناً بسن، ويقتص لها منه في كل الجراحات فما الذي يمنع من أن تكون ديتها
كديته؟؟ ... قلت: ومن الغريب أن النصوص صريحة في عدم قتل المسلم بالكافر، وفيج عل
دية الكافر الكتابي على النصف من دية المسلم، ومع ذلك لم يأخذوا بها وقالوا
بخلافها، في حين لم يثبت حديث واحد صحيح يصرح بتنصيف دية المرأة، ومع ذلك تمسكوا
بهذا القول ولا دليل معه».
وقد أكد القرضاوي ما توصل إليه هذا الباحث
فقال: «وأما الدية فليس فيها حديث متفق على صحته، ولا إجماع مستيقن ... وإذا لم
يصح حديث في القضية يحتج به، فكذلك لم يثبت فيها إجماع ... بل ذهب ابن علية والأصم
ـ من فقهاء السلف ـ إلى التسوية بين الرجل والمرأة في الدية، وهو الذي يتفق مع عموم
النصوص القرآنية والنبوية الصحيحة وإطلاقها. ولو ذهب إلى ذلك ذاهب اليوم، ما كان
عليه من حرج ... وهو ما ذهب إليه شيخنا الشيخ محمود شلتوت في كتابه «الإسلام عقيدة
وشريعة». قال تحت عنوان «دية الرجل والمرأة سواء»: «وإذا كانت إنسانية المرأة من
إنسانية الرجل، ودمعها من دمه، والرجل من المرأة والمرأة من الرجل، وكان «القصاص»
هو الحكم بينهما في الاعتداء على النفس، وكانت جهنم والخلود فيها، وغضب الله
ولعنته، هو الجزاء الأخروي في قتل الرجل، فإن الآية في قتل المرأة خطأ، هي الآية
في قتل الرجل خطأ. ونحن ما دمنا نستقي الأحكام أولاً من القرآن، فعبارة القرآن في
الدية عامة مطلقة لم تخص الرجل بشيء منها عن المرأة: (ومَن قتل مؤمناً خطأ فتحرير
رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله) النساء: 92. وهو واضح في أنه لا فرق في وجوب
الدية بالقتل الخطأ بين الذكر والأنثى».
6 ـ ولكن هل تعلمين أهم شيء في الأمر كله؟: إن
تنصيف دية المرأة لا ينصف أجرها، ولا ينقص من حسناتها شيئاً، ولا يقلل من ثوابها
مثقال ذرة عن ثواب الرجل في مثل وضعها وظروفها (أي عندما تقتل)، فهي شهيدة إن ماتت
دون نفسها أو مالها ... ولها ثواب وأجر الشهادة كاملاً كالرجل سواء بسواء، ولها منزلة
الشهيد في الجنة ولها ما وعد به من الدرجات والمغفرة ...
فهل ترين بعد هذا في قضية «الدية» ظلماً أو
هضماً؟!
المصدر: موقع مؤسسة البلاغ
===================
شبهات وأباطيل
لخصوم الإسلام حول ميراث المرأة
كتبه : رفعت مرسي طاحون
بدأت
في أوروبا خلال الفترة الأخيرة هجمة شرسة ضد الإسلام ، فقد صدر أخيرًا آلاف الكتب
التي تهاجم الدين الإسلامي ، وسبب هذه الهجوم أن عدد الذين يعتنقون الإسلام في دول
أوروبا زاد زيادة كبيرة ، وشعرت أوروبا بنوع من الخطر تجاه هذه الزيادة
أدلة العدوان على الإسلام :
ومن الأدلة على العدوانية الغربية التي تستهدف
الإسلام وأهله قديمـًا وحديثـًا ، ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق "ريتشارد
نيكسون" في كتابه الأخير "اقتناص اللحظة " ص : 195 " : "
يحذر بعض المراقبين من أن الإسلام سوف يكون قوة جغرافية متعصبة ومتراصة ، وأن نمو
عدد أتباعه ، ونمو قوته المالية سوف يفرضان تحديـًا رئيسيـًا ، وأن الغرب سوف يضطر
لتشكيل حلف جديد مع موسكو من أجل مواجهة عالم إسلامي معاد وعنيف " .. ويضيف
نيكسون : " إن الإسلام و الغرب على تضاد ، وأن المسلمين ينظرون إلى العالم
على أنه يتألف من معسكرين لا يمكن الجمع بينهما ، دار الإسلام ودار الحرب " .
، وأنه بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي ، وانحلال حلف
"وارسو " جرى تصعيد متعمد للعدوانية الغربية ضد الإسلام ، حتى إن مدير
معهد " بروكنغر " في واشنطون " هيلموت سونفيل " يقول : "
إن ملف شمال الأطلسي سوف يعيش ، وأن حلف الغرب سيبقى مجموعة دول لها قيم أساسية
مشتركة ، وستبقى هذه المجموعة متماسكة معـًا من خلال الشعور بخطر خارجي من الفوضى
أو التطرف الإسلامي " .
ويقول وزير الخارجية الأمريكية الأسبق
"هنري كيسنجر" في إبريل سنة "1990م "في خطابه أمام المؤتمر
السنوي لغرفة التجارة الدولية : " إن الجبهة الجديدة التي على الغرب مواجهتها
هي العالم الإسلامي ، باعتبار هذا العالم العدو الجديد للغرب ، وأن حلف الأطلسي
باقٍ رغم انخفاض حدة التوتر بين الشرق والغرب في أوروبا ، ذلك أن أكثر الأخطار
المهددة للغرب في السنوات القادمة آتية من خارج أوروبا ، وفي نهاية التسعينيات فإن
أخطر التحديات للغرب ستأتي من ناحية الجنوب ـ أي المغرب العربي ـ والشرق الأوسط
" .
سلاح العدوان على الإسلام :
وهنا أخذت أوروبا بتجنيد المستشرقين ليكتبوا ضد
الإسلام ، فالإستشراق لم يكن في أي وقت من الأوقات مجرد بحث علمي كما ينظر إليه
بعض المتساهلين ، بل يخدم بدرجة أولى ونهائية موقف التعبئة الشاملة لدراسة "
العدو الإسلامي " ، والنفاذ إليه " فالقلم والفكر والسلاح " كلها
مداخل أساسية اعتمد عليها الاستعمار التقليدي والجديد على حد سواء لتطويق العالم
الإسلامي ، وفرض الهيمنة عليه ، ولذلك ما إن انتهت مرحلة الاستعمار القديم وأنماطه
حتى ظهر نجم الإستشراق الذي لا يعيش إلا في ظل الحرب ، ولكنه تحول إلى قطاعات
ووسائل أخرى تتصل بميادين التبشير والإعلام ، وهذا ما يفسر لنا الحملات الشعواء
التي يرفعها الإعلام الغربي باستمرار على الإسلام والمسلمين ، أو المطبوعات
الغزيرة التي تنهض بها الجامعات بنية إثارة الشكوك والتشويه .
وتركيز المستشرقين في الهجوم على الإسلام يتم
من ناحية المرأة في كثير من النواحي ، فقد حاول أعداء الإسلام النيل من نظام الإرث
ومهاجمته ، واستدلوا في هجومهم على أن المرأة ظلت فيه مظلومة ؛ لأن للذكر مثل حظ
الأنثيين ، واستغلوا هذه القسمة وادعوا على الله كذبـًا أنها قسمة غير عادلة ، وأن
الإسلام قد فضل فيها الإبن على حساب حق البنت ، وأن ذلك يتنافى مع مبدأ المساواة
بين الرجل والمرأة في الإسلام ، ولذلك ظهرت في عالمنا الإسلامي حركات التحرر
والسفور ، تريد بها المرأة رفع ما وقع عليها من ظلم ، سواءً أكان ذلك حقيقة أو
شعورًا خاصـًا بها ، وتسعى لنيل ما حُرمت منه من حقوق ، إما أن يكون الدين قد
كفلها لها ، وإما أن تكون حقوقـًا رأت غيرها من النساء نالتها ، أو تسعى لنيلها
بصرف النظر عن مشروعيتها ، وتبغي بحركتها هذه المساواة مع الرجل في كل ما يتمتع به
من حقوق أو في أغلبها على حسب ما تراه هي .
ومن المؤسف أن بعض الدول الإسلامية الحاضرة جرت
وراء التقليد واستجابت لصيحات النساء المتحررات ، فقضت بمساواة المرأة مع الرجل في
الميراث ، وهو خروج على أمر الله ليس له فيما أعلم أية شبهة يمكن الاستناد إليها ،
وقد مرت قرون طويلة على المسلمين ، وهم لا يبغون بشرع الله بديلاً .
مهاجمة نظام المواريث الإسلامي :
إن أعداء الإسلام الذين يهاجمون نظام الإرث في
الإسلام ، ويدعون أن المرأة مظلومة ؛ لأن للذكر مثل حظ الانثيين ، فهذا ادعاء باطل
ومردود عليه ، ولم يقصد به إلا الهجوم غير القائم على أساس من منطق أو تفكير ،
فنظام الإرث في الإسلام نظام مثالي ، فهو إذ يقرر للمرأة نصف نصيب الرجل ، فإنه قد
حقق العدالة الاجتماعية بينهما .
فالمرأة قديمـًا كانت تباع وتشترى ، فلا إرث
لها ولا ملك ، وإن بعض الطوائف اليهودية كانت تمنع المرأة من الميراث مع إخوتها
الذكور ، وإن الزوجة كانت تباع في إنجلترا حتى القرن الحادي عشر ، وفي سنة "
1567م " صدر قرار من البرلمان الاسكتلندي يحظر على المرأة أن يكون لها سلطة
على شيء من الأشياء .
أما عرب الجاهلية فقد وضعوا المرأة في أخس وأحقر
مكان في المجتمع ، فكانت توأد طفلة وتُورَث المرأة كما يورث المتاع ، وكانوا لا
يورثون النساء والأطفال ، حيث كان أساس التوريث عندهم الرجولة والفحولة والقوة ،
فورثوا الأقوى والأقدر من الرجال على الذود عن الديار ؛ لأنهم كانوا يميلون إلى
الفروسية والحرب ، وكانوا أهل كر وفر وغارات من أجل الغنائم .
نظام الإرث في الإسلام مثالي
إن الإسلام عامل المرأة معاملة كريمة وأنصفها
بما لا تجد له مثيلاً في القديم ولا الحديث ؛ حيث حدد لها نصيبـًا في الميراث
سواءً قل الإرث أو كثر ، حسب درجة قرابتها للميت ، فالأم والزوجة والإبنة ،
والأخوات الشقيقات والأخوات لأب وبنات الإبن والجدة ، لهنَّ نصيب مفروض من التركة
.
قال تعالى : (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا
تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ
الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً
مَفْرُوضاً)[النساء/7] ، وبهذا المبدأ أعطى الإسلام منذ أربعة عشر قرناً حق النساء
في الإرث كالرجال ، أعطاهنَّ نصيبـًا مفروضـًا ، وكفى هذا إنصافـًا للمرأة حين قرر
مبدأ المساواة في الاستحقاق ، والإسلام لم يكن جائرًا أو مجاوزًا لحدود العدالة ، ولا
يحابي جنسـًا على حساب جنس آخر حينما جعل نصيب المرأة نصف نصيب الرجل ، كما في
قوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ
الأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا
تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ
لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ
إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ
آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً
فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً)[النساء/11] .
فالتشريع الإسلامي وضعه رب العالمين الذي خلق
الرجل والمرأة ، وهو العليم الخبير بما يصلح شأنهم من تشريعات ، وليس لله مصلحة في
تمييز الرجل على المرأة أو المرأة على الرجل ، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ
أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ
الْحَمِيدُ)[فاطر/15] .
فقد حفظ الإسلام حق المرأة على أساس من العدل
والإنصاف والموازنة ، فنظر إلى واجبات المرأة والتزامات الرجل ، وقارن بينهما ، ثم
بين نصيب كل واحدٍ من العدل أن يأخذ الابن " الرجل " ضعف الإبنة "
المرأة " للأسباب التالية :
1- فالرجل عليه أعباء مالية ليست على المرأة
مطلقـًا .
فالرجل يدفع المهر ، يقول تعالى : (وَآتُوا
النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً)[النساء/4] ، [ نحلة : أي فريضة مسماة يمنحها
الرجل المرأة عن طيب نفس كما يمنح المنحة ويعطي النحلة طيبة بها نفسه ] ، والمهر
حق خالص للزوجة وحدها لا يشاركها فيه أحد فتتصرف فيه كما تتصرف في أموالها الأخرى
كما تشاء متى كانت بالغة عاقلة رشيدة .
2- والرجل مكلف بالنفقة على زوجته وأولاده ؛
لأن الإسلام لم يوجب على المرأة أن تنفق على الرجل ولا على البيت حتى ولو كانت
غنية إلا أن تتطوع بمالها عن طيب نفس
يقول الله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ
سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا…)[الطلاق/7] ، وقوله تعالى :
(…وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
…)[البقرة/233] .
وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجة
الوداع عن جابر رضي الله عنه : " اتقوا الله في النساء فإنهنَّ عوان عندكم
أخذتموهنَّ بكلمة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهنَّ عليكم رزقهنَّ
وكسوتهنَّ بالمعروف " .
والرجل مكلف أيضـًا بجانب النفقة على الأهل
بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته ، حيث يقوم بالأعباء العائلية والالتزامات
الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءًا منه أو امتدادًا له أو عاصبـًا من
عصبته ، ولذلك حينما تتخلف هذه الاعتبارات كما هي الحال في شأن توريث الإخوة
والأخوات لأم ، نجد أن الشارع الحكيم قد سوَّى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى منهم
في الميراث قال تعالى : (…وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ…)[النساء/12] .
فالتسوية هنا بين الذكور والإناث في الميراث ،
لأنهم يدلون إلى الميت بالأم ، فأصل توريثهم هنا الرحم ، وليسوا عصبةً لمورثهم حتى
يكون الرجل إمتدادًا له من دون المرأة ، فليست هناك مسؤوليات ولا أعباء تقع على
كاهله .
بينما المرأة مكفية المؤونة والحاجة ، فنفقتها
واجبة على ابنها أو أبيها أو أخيها شريكها في الميراث أو عمِّها أو غيرهم من
الأقارب .
مما سبق نستنتج أن المرأة غمرت برحمة الإسلام
وفضله فوق ما كانت تتصور بالرغم من أن الإسلام أعطى الذكر ضعف الأنثى ـ فهي مرفهة
ومنعمة أكثر من الرجل ، لأنها تشاركه في الإرث دون أن تتحمل تبعات ، فهي تأخذ ولا
تعطي وتغنم ولا تغرم ، وتدخر المال دون أن تدفع شيئـًا من النفقات أو تشارك الرجل
في تكاليف العيش ومتطلبات الحياة ، ولربما تقوم بتنمية مالها في حين أن ما ينفقه
أخوها وفاءً بالالتزامات الشرعية قد يستغرق الجزء الأكبر من نصيبه في الميراث.
وهنا يجب أن يكون السؤال : لماذا أنصف الله
المرأة ؟
والإجابة : لأن المرأة عرض فصانها ، إن لم
تتزوج تجد ما تنفقه ، وإن تزوجت فهذا فضل من الله .
وتفوق الرجل على المرأة في الميراث ليس في كل
الأحوال ، ففي بعض الأحوال تساويه ، وفي بعض الأحيان قد تتفوق المرأة على الرجل في
الميراث ، وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث .
متى تحصل المرأة على نصف نصيب الرجل ؟
المرأة لا تحصل على نصف نصيب الرجل إلا إذا
كانا متساويين في الدرجة ، والسبب الذي يتصل به كل منهما إلى الميت .
فمثلاً : الإبن والبنت … والأخ والأخت ، يكون
نصيب الرجل هنا ضعف نصيب المرأة ، قال تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي
أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْن…)[النساء/11] .
وقال تعالى : (…وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً
رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ
لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)[النساء/176] .
متى تتساوى المرأة والرجل في الميراث
1ـ في ميراث الأب والأم فإن لكل واحد منهما
السدس ، إن كان للميت فرع وإرث مذكر وهو الابن وإبن الإبن وإن سفل .
كما في قوله تعالى : (…وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ
وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد…)[النساء/11]
مثال : مات شخص وترك " أب ، وأم ، وإبن
" فما نصيب كل منهم ؟
الحل : الأب : 6/1 فرضـًا لوجود النوع الوارث
المذكر .
الأم : 6/1 فرضـًا لوجود الفرع الوارث .
الإبن : : الباقي تعصيبـًا ، لما روى البخاري
ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :
" ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما بقي فلأولى رجل ذكر " .
2ـ ويكون ميراث الأخوة لأم ـ ذكرهم وأنثاهم ـ
سواءٌ في الميراث ، فالذكر يأخذ مثل نصيب الأنثى في حالة إذا لم يكن للميت فرع
وارث مذكر ذكراً أو مؤنثاً ، أو أصل وارث مذكراً " الأب أو الجد وإن علا
" ، كما قال تعالى : ( …وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ
وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا
أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ…)[النساء/12] .
مثال : مات شخص عن " أخت شقيقة ، وأم ،
وأخ وأخت لأم " فما نصيب كل منهم ؟
الحل : الأخت الشقيقة : 2/1 فرضـًا ، لانفرادها
ولعدم وجود أعلا منها درجة ، ولعدم وجود من يعصبها .
الأم : 6/1 فرضـًا ، لوجود عدد من الأخوة .
الأخ والأخت لأم : 3/1 فرضـًا بالتساوي بينهما
.
متى تتفوق المرأة على الرجل في الميراث
- هناك صور من الميراث تأخذ فيه المرأة أضعاف
الرجل ، كما في قوله تعالى : (…فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ
ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ
لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ
)[النساء/11] .
فهنا الأب يأخذ السدس ، وهو أقل بكثير مما أخذت
البنت أو البنات ، ومع ذلك لم يقل أحد إن كرامة الأب منقوصة بهذا الميراث .
وقد تتفوق المرأة على الرجل في الميراث إذا
كانت في درجة متقدمة كـ " البنت مع الأخوة الأشقاء ، أو الأب والبنت مع
الأعمام " .
مثال : مات شخص عن " بنت وأخوين شقيقين
" ، فما نصيب كل منهم ؟
الحل : البنت : 2/1 فرضـًا لانفرادها ، ولعدم
وجود من يعصبها .
الأخوان الشقيقان : الباقي تعصيبـًا بالتساوي
بينهما ، فيكون نصيب كل أخ شقيق 4/1 ، وهنا يكون نصيب أقل من الأنثى .
مثال آخر : مات شخص عن بنتين ، وعمين شقيقين ،
فما نصيب كل منهم ؟
الحل : البنتان : 3/2 فرضـًا لتعددهنَّ ، ولعدم
وجود من يعصبهنَّ بالتساوي بينهما ، فيكون نصيب كل بنت = 3/1 فرضـًا .
العمان الشقيقان : الباقي تعصبـًا ، فيكون نصيب
كل عم = 6/1 ، وهنا يكون نصيب الذكر أقل من الأنثى .
متى ترث الأنثى ولايرث الذكر ؟
وقد ترث الأنثى والذكر لا يرث في بعض الصور :
مثال : مات شخص عن ابن ، وبنت ، وأخوين شقيقين
، فما نصيب كل منهم ؟
الحل : الابن والبنت : لهما التركة كلها للذكر
مثل حظ الأثنيين .
الأخوان الشقيقان : لا شيء لهما لحجبهما بالفرع
الوارث المذكر ، وهنا نجد أن الأنثى " البنت " ترث ، والذكر " الأخ
الشقيق " لا يرث .
المصدر
: الشبكة الإسلامية
=================
شبهات حول
المرأة القيادة والولاية
الشبهة الأولى: دعاة التحرير وموقعة الجمل:
يقول دعاة تحرير المرأة: إن عائشة رضي الله
عنها قادت الجيش الإسلامي في موقعة الجمل، وهذا دليل شرعي على أن المرأة يجوز لها
قيادة الجيوش والجهاد كالرجل، ومن ثم احتج دعاة التخريب وطبلوا وزمروا بهذه
الحادثة داعين إلى اشتغال المرأة بالسياسة والإدارة وغيرها[1].
الجواب:
1- إن عائشة رضي الله عنها لم يرها أحد، لأنها
كانت في هودج وهو الستار الذي يوضع فوق الجمل، فهي لا تُرى ولا يسمع صوتها من داخل
الهودج[2].
2- إن عائشة رضي الله عنها لم تقصد بفعلها هذا
الاشتغال بالسياسة وأن تتزعم فئة سياسية، ولم تخرج محاربة ولا قائدة جيش تحارب،
وإنما خرجت رضي الله عنها لتصلح بين فئتين متحاربتين، وفعل عائشة رضي الله عنها
ليس فيه دليل شرعي يصح الاستناد عليه، ففعلها هذا اجتهاد منها رضي الله عنها[3].
3- وقد أنكر عليها بعض الصحابة هذا الخروج، وفي
مقدمتهم أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها، وكتبت إليها كتابًا بذلك[4].
وكذلك سعيد بن العاص والمغيرة بن شعبة رضي الله
عنهما، فقد نصحا أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بعدم خروجها من بيتها، وأن
الرجوع إلى بيتها خير لها من خروجها هذا.
وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما نصح أم
المؤمنين وأمرها بالتزام بيتها وترك الخروج لثأر الصحابي عثمان بن عفان رضي الله
عنه. وكذلك أبو بكرة وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما[5].
4- إذا وجد في التاريخ نساء قدن الجيوش وخضن
المعارك فإنهن من الندرة والقلة بجانب الرجال ما لا يصح أن يتناسى معه طبيعة
الجمهرة الغالبة من النساء في جميع عصور التاريخ وفي جميع الشعوب[6].
الشبهة الثانية: دعوى أن عمر بن الخطاب ولى
امرأة:
ادعى المنادون بجواز تولي المرأة الحكم والقضاء
بما نسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استعمل امرأة ـ وهي الشفاء ـ على حسبة
السوق[7].
الجواب:
قال ابن العربي في هذا الخبر: "لم يصح،
فلا تلتفتو إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث"[8].
وحاشا عمر أن يعمل عملاً يخالف فيه سنة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وخليفته الأول أبا بكر الصديق رضي الله عنه، فإن صح الخبر
فربما كان الأمر متعلق بالنساء[9].
الشبهة الثالثة: اعتبار النهي للتنزيه:
اعتقد البعض أن النهي عن تولي المرأة للإمامة
والقضاء نهي تنزيه، ويعتقد أن توليتها تنفي عمن ولاها الفلاح فقط، وهذا في نظر
البعض مسألة سهلة وهينة[10].
الجواب:
هذا من المكابرات العظيمة والأخطاء الجسيمة،
فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة)) نفي لكل
الفلاح عمّن اتصف بهذه الصفة، ومعنى الفلاح الفوز بالجنة والبقاء فيها ورضا الرب
سبحانه وتعالى عن العبد، هذا من الناحية الدينية، أما في الأمور المعاشية فمعناه
الظفر المطلوب والنجاة من المرهوب. فأيّ خسارة للأشقياء الذين نفى رسول الله صلى الله
عليه وسلم عنهم الفلاح؟! وأي نجاح بعد هذا يؤملون؟! ولو لم يكن في ذلك خسران إلا
مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد قال تعالى محذرًا عن مخالفة أمر الرسول صلى
الله عليه وسلم: {فَلْيَحْذَرِ ?لَّذِينَ يُخَـ?لِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن
تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور:63][11].
-----------------------
[1] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[2] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[3] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[4] المرأة المسلمة أمام التحديات (109).
[5] انظر تفصيل ذلك في المرأة المسلمة أمام
التحديات (109-111).
[6] المرأة بين الفقه والقانون (41).
[7] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء،
الأمين الحاج محمد أحمد (48).
[8] الجامع لأحكام القرآن (13/183).
[9] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء
(48).
[10] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء
(49).
[11] حكم تولي المرأة الإمامة الكبرى والقضاء
(49-50).
المصدر
: موقع المنبر
=====================
متى تنزل المرأة
إلى ميدان العمل وكيف؟
مريم فضل الله
إن الفتاة لها أن تعمل وتكسب، والمرأة المتزوجة
أيضاً، ولكن المتزوجة يجب عليها أن تحافظ على مهمتها الأساسية، وهي بناء المجتمع
الصالح والمحافظة على بيتها وأطفالها.
ومن أجل أن تتفرغ لعملها الأساسي، فقد أوجب
الله سبحانه وتعالى النفقة لها على الزوج حتى لاتضطر إلى ترك بيتها، وتعريض
أطفالها إلى الحرمان العاطفي، والجفاف النفسي الذي لايتوفر إلا بحنان الأم.
ما بقاء الكون إلا بحنان الأبوين)
لاتستطيع دور الحضانة أو المربيات أو الخادمات،
أن تعوض على الطفل حنان أمه وعطفها.
إن دور الحضانة قد تربي أطفالاً أصحاء جسدياً،
ولكن الأطفال ربما يعاني أكثرهم، من اضطرابات نفسية نتيجة فقدان رعاية الأم
الكافية.
أما إذا اضطرت المرأة للعمل، وذلك لإعالة
نفسها، أو إعانة زوجها أو مساعدة أولادها، فلا حرج عليها من أن تخرج إلى العمل
الشريف مع اعتبار رضى الزوج وأذنه إذا كانت متزوجة.
لم يحرم التشريع الإسلامي المرأة من ثمرة
أتعابها، فإن المال الذي تجنيه من عملها هو ملك لها وليس لزوجها أو أبيها أو أحد
من الناس. فالمال الذي جنته من أتعابها بالوجه الشرعي هو لها، تتصرف به كيف تشاء.
(الناس مسلطون على أموالهم).
إن كثيراً من الناس من يستثمر جهود المرأة
وثمرة أتعابها كأبيها أو زوجها أو أخيها، فهذا الاستثمار لايقره الضمير والوجدان،
وحتى الدين إذا كان بغير رضى منها، إلا إذا سمحت بالعطاء.
وقد روي عن النبي (ص) (عندما جاءت إليه
الصحابية السيدة ريطة بنت عبدالله بن معاوية الثقفية. وكانت ريطة امرأة ذات صنعة
تبيع منها، وليس لها ولا لزوجها ولا لولدها شيء من حطام الدنيا.
فسألت النبي (ص) عن النفقة عليهم، فقال: (لك في
ذلك أجر ما أنفقت عيهم).
المصدر: موقع البلاغ
==================
ورقة عمل مقدمة من الدكتورة شعلة شكيب، في
المؤتمر الثالث للاتحاد النسائي الإسلامي العالمي/مارس 2003
** أولاً: مقدمة
إن دور أجهزة الأعلام المختلفة وخصوصاً الإذاعة
والتلفزيون المتوفرين في كل بيت واللذين اصبحا يبثان على مدار الساعة لهو دور
شمولي يتعدى مداه وسرعة الاستجابة إليه ما يمكن أن يتم بثه من خلال المؤسسات
التعليمية المختلفة، هذه الأجهزة والتي تطورت بسرعة مذهلة خلال النصف الآخر من
القرن الماضي أصبحت قادرة على أداء أدوارها في فترات قياسية.
ما يميز الأجهزة الإعلامية أمران، هما قدرتها
على المخاطبة عن بعد بالصوت والصورة فهي قادرة على تجاوز الحدود الجغرافية وبهذا
تستطيع مخاطبة جموع هائلة في آن واحد، أيضا استطاعتها مخاطبة جميع فئات المجتمع
المختلفة حتى أولئك الذين يجهلون القراءة والكتابة.
أصبح الإعلام علما يدرس وله موئسات ومعاهد
متخصصة وأصبحت وسائله ذات تقنية عالية وأصبح للإعلام اليوم بجانب دورة الترفيهي
والترويحي أدواراً أخرى واضحة تعمل على صياغة المجتمعات وتشكيل الرأي العام
العالمي وإيجاد نمط حياتي جديد للمجتمع العالمي فالأعلام اليوم يوظف الترفيه
والتسلية لاداء رسالة وإيصال فكرة وتشكيل عقل وصناعة ذوق عام وزراعة اهتمامات
معينة حتى أنه لم يكتف برصد الحدث وإيصال المعلومة بل أصبح بما يمتلك من قوة
وعوامل تأثير وضغط وتحكم يقوم بصنع الحدث والتحضير له في نفس الوقت.
أن هذه الروية الإعلامية الجديدة تقوم بها
المؤسسات الإعلامية الضخمة في الدول الغربية وهى تملك أساسيات التقنية المتقدمة
وتحتكر المعلومات وتنتج المادة الإعلامية وتهيمن على عمليات البث والتوزيع في
العالم، وأما الجانب الآخر، العالم العربي فهو مستهلك للمادة الإعلامية الغربية
ولا يملك وسائل التقنية الحديثة وليس لدية البديل المنافس للمادة الإعلامية, لذا
خضع الإعلام العربي لمطلوبات الإعلام الغربي.
** ثانياً: الإستعمار الغربي وآثاره على
الإعلام العربي
أن الاستعمار الإستراتيجي كان له دور في تغيير
معالم الحضارة العربية والإسلامية في الوطن العربي فطيلة فترة الاحتلال عمل
المستعمر على إنشاء النظم السياسية والأجهزة التشريعية والمؤسسات التعليمية
والإعلامية على النمط الغربي وكانت له في هذا أهداف واضحة فعمل على استبدال
الاستعمار العسكري بالاستعمار الثقافي والفكري فالأول ينتهي برحيل العسكر وأما
الثاني فله الديمومة والاستمرارية ويعمل على استيعاب الشعوب في منهج الثقافة
الغربية.
من أخطر وسائل واليات التغيير الثقافي التي لجأ
لها المستعمر هي الإعلام بكل أنواعه وجميع مستوياته، هذه السياسات التغريبية
الاستيعابية قد نجحت وساعد على نجاحها الانفتاح العالمي والتقدم المذهل في وسائل
الاتصال حيث تساقطت الحدود الجغرافية والسياسية وتسابق أصحاب الأيدلوجيات في ميدان
الإعلام مستخدمين أحدث الوسائل للوصول إلى قلوب الجماهير وعقول الناس.
أهم المرتكزات التي استند عليها الإعلام الغربي
في نجاحه هو المشاركة الفاعلة للمرأة بنمط معين ومنهج مدروس ونتائج محسوبة وفقاً
لفلسفة الحياة العصرية في المجتمع الغربي معتمدة على رفع شعارات مثل الحرية
والمساواة لذلك نرى أن أصحاب الحاجات من سياسيين واقتصاديين وتجار وأصحاب المذاهب
والعقائد المختلفة في خضم المنافسة لأجل الربح السريع والعائد المادي عملوا على
توظيف خصائص الجمال والفتنة لدى المرأة وأهملوا خواصها الإنسانية الأخرى وأصبحت
صورتها في الإعلام مرهونة بالفائدة المادية ففي مجال الدعاية والإعلان تصور النساء
أما ربات بيوت ينحصر اهتمامهن في الاحتياجات المنزلية أو عنصر أغراء جنسي يضفي على
البضاعة المعروضة جاذبية أكثر للإيحاء باقتنائها، وتكونت لدى المرأة بالتالي
قناعات عملت على صياغة شخصيتها وتركيبتها النفسية وتعتمد أساسا على مقاييس الشكل
والجمال.
** ثالثاً: إنعكاس المرأة في الإعلام
أ- صورة المرأة في الإعلام العربي
إن مكانة المرأة في المجتمعات العربية تتباين
من بلد عربي لآخر، أن معظم الأفكار السائدة عن المرأة سواء في عقلية الرجال أو
وسائل الإعلام المختلفة تتناقض تماماً مع الموقف المعلن لغالبية الدول العربية،
فتجد بعضها يعلن انحيازه المطلق لكافة حقوق المرأة ثم تفاجأ بها تأتي سلوكيات من
شأنها ترسيخ مفاهيم التبعية وتثبيت صورة المرأة بوصفها كائنا ضعيفا يشغل الترتيب
الثاني في سلم المجتمع، مواقف مؤسسات الإعلام العربية تتباين بدورها في النظرة
للمرأة، فهناك من ترى ظهور المرأة في وسائل الإعلام متعارضاً مع تقاليدها وربما مع
التعاليم الإسلامية غير أن الدول التي تملأ الدنيا طنيناً بالحديث عن حقوق المرأة
تتورط هي الأخرى في ترسيخ مفاهيم تنال من الحقوق الأساسية للمرأة العربية.
إن صورة المرأة العربية وحقوقها أصبحت منذ
أحداث الحادي عشر من سبتمبر سلاحاً في يد بعض وسائل الإعلام الغربية التي تنشر الأفكار
المغلوطة عن المرأة لتشويه أمة بأكملها، وبالتالي فإن أية محاولة لتحسين صورة
الإسلام والمسلمين لا بد أن تبدأ من الصورة المغلوطة المرسخة في أذهان الغرب وعبر
تقديم نموذج للمرأة الواعية المتحضرة كاملة الحقوق دون الإخلال بالعادات والتقاليد
العربية والإسلامية.
ب- صورة المرأة في الإعلام عامة
يمكن تصنيف صورة المرأة في الإعلانات إلى أربعة
نماذج هي: المرأة التقليدية، والمرأة الجسد، والمرأة الشيء، والمرأة السطحية، هزة
النماذج الأربعة تعمل على تشويه صورة المرأة وتنتقص من قيمتها كإنسان فاعل له دور
في الحياة غير الدور الترويجي المؤسف، كما تساهم في تعزيز النزعة الاستهلاكية
لديها على حساب الروح الإنتاجية الواجب أن تسود عقل ووجدان المرأة وتحكم
سلوكياتها، وتقدم هذه النماذج قدوة سيئة للمراهقات في المجتمع وتكرس مفاهيم خاطئة
عن الأعمال المميزة التي يمكن أن تمارسها المرأة وتكسب من ورائها المال الكثير
خاصة أن العاملات في الإعلان يحققن ثروات طائلة من هذا العمل.
هذا الاختلاف في صور المرأة لم يمنع من تشكيل
ملامح وسمات عامة لصورة المرأة في الإعلاميين المرئي والمسموع في العالم العربي،
فمن السمات الغالبة على صورة المرأة أن جميع وسائل الإعلام تركز على المرأة في
الفئات الاجتماعية الميسورة أو المرأة في المدن وبعض المهن كالطبيبة أو حتى
البائعة في المحال التجارية، وذلك دون التطرق لبعض الشرائح النسائية المشاركة
بفاعلية في مناقشة قضايا مجتمعها أو حتى المرأة التي تقطن الأحياء الشعبية داخل المدن
الكبرى ومناقشة همومها وقضاياها الخاصة.
ج- صورة المرأة كإعلامية
المرأة الإعلامية العربية تتأخر كثيراً عن
مسيرة الرجل الإعلامي العربي رغم أنها قد بدأت في هذا المجال مبكرا ولكنها لم
تتقدم بخطوات كبيرة, وتحتل عدد بسيط من النساء مواقع قيادية في أجهزتنا الإعلامية
العربية واثنتان أو ثلاث ويترأسن قنوات تلفازيه لكن دون أن نلحظ تغيير أو تأثير
فيما تبثه هذه القنوات ويصل الأمر إن تصبح القيادية الإعلامية رجل أكثر من الرجل
في تناوله التجاري للمرأة.
كما إن ظهورها على أجهزة الإعلام المختلفة أنما
هو وفقا لتقاليد الثقافة الغربية شكلاً ومضموناً، فالمعايير التي يتم بموجبها
اختيار المرأة للعمل في مجال الإعلام لا تقوم على قيم ومبادئ المجتمع العربي وليست
مستوحاة من البيئة العربية بل خاضعة للمعايير الغربية ويتم اختيار النساء
المتمدنات أكثر من نساء الريف، وذلك ربما يرجع إلى إبراز نساء يرتدين أزياء أنيقة
ولا يتقيدن بالذي الإسلامي المحتشم ولا بأسلوب المخاطبة الوقور الذي يلائم المرأة
المسلمة، حتى المواضيع المطروحة تهمل القطاع الأعظم من النساء العربيات في الريف
والبادية.
** رابعاً: التحديات التي تواجه إنخراط المرأة
العربية في العمل الإعلامي
من المؤكد أن مشاركة المرأة في العمل الإعلامي
تصطدم بالعديد من المعوقات، من جملة ذلك ما يلي:
أ- المعوقات الاجتماعية
أن المجتمعات العربية ما زالت مجتمعات ذكورية
تمنع على المرأة ممارسة أعمال بعينها وتراها الطرف الضعيف الذي يحتاج إلى حماية
ورعاية من الرجل الزوج أو الأب الذي يحدد مساحة مشاركة المرأة في الحياة العامة،
المجتمعات الذكورية تنظر لمسألة أمن المرأة باعتباره مسؤولية الرجل رغم أن الواقع
يؤكد أن أمن المجتمع كله مسؤولية الطرفين.
ب- المعوقات السياسية
أن تدني مشاركة المرأة في العمل الإعلامي يعود
إلى أن المؤسسات الإعلامية تعمل وفق السياسات الإعلامية للدول فهي لا تُقْدم على
توظيف غير النساء المتمدينات من سكان المدن على وجه الخصوص معتبرة أن ذلك يرجع إلى
أن الصور التي تريد هذه المؤسسات أن تعكسها عن المرأة هي صورة المرأة التي ترتدي
الثياب الأنيقة المتحضرة بالمفاهيم الغربية المتعارضة في أحيان كثيرة مع التقاليد
والمبادئ الإسلامية.
أن المرأة برغم كل ما اكتسبته من حقوق على مر
التاريخ ما زالت مهمشة في مشاريع التنمية البشرية التي تنهض بها الدول العربية،
فما زالت المرأة غير متساوية تماماً مع الرجل في الفرص المتاحة أمام الطرفين على
أرضية الكفاءة والقدرة وما زالت منقوصة في الحقوق السياسية فهي بعيدة عن مراكز
القيادة وصنع القرار، إن تقرير التنمية البشرية الصادر عام 1995 والذي أكد أن
المرأة في مختلف دول العالم لا تحظى بنفس الفرص المتاحة أمام الرجل وهو ما ينعكس
على ممارستها لحقوقها السياسية والاقتصادية على وجه الخصوص حيث تشغل المرأة نحو
12% من المقاعد البرلمانية و14% من المناصب الإدارية والتنظيمية.
ج-المعوقات الإقتصادية
المرأة هي الأفقر في العالم حيث تمثل 75% من
فقراء العالم البالغ عددهم 1,3 مليار، لندرة الفرص المتاحة أمامها وبذلها أعمالاً
غير مأجورة تستنزف ما يزيد على 75% من وقتها.
** خامساً: كيف نعزز دور المرأة الإعلامي؟
أ- على المستوى الفردي
بداية لابد من التسليم بأن جزء من الغبن الواقع
على المرأة إعلامياً تساهم فيه شخصياً بتساهلها في حقوقها وتباطئها في رد فعلها
واكتفائها بمقعد المتفرج السلبي بدلاً من المشاركة الفاعلة، فمن أجل أنسنة صورتها
عليها أن تضحى ربما بقليل من وقتها لتدفع بعجلة التنمية والتغيير. وقبل هذا على
المرأة أن تؤمن بقدراتها وإمكاناتها وتعتز بخصوصيتها الجميلة كامرأة ولا تتنكر لها
كخصوصية منتقصة، فإعلائها لقيم الحب والخير والجمال لانتقص من رجاحة عقل المرأة
وخفضها لجناح الذل والرحمة هو مصدر تحليق الجنس البشرى، كما أن على المرأة أن تؤمن
بأنها من خلال أي موقع يمكنها أن تسهم في التغيير.
ب- على المستوى الأهلي
يجب أن تعني الجمعيات الأهلية وخاصة النسائية
بهموم وقضايا المرأة وتشكل أوراقاً ضاغطة على الحكومات لتغيير سياساتها الإعلامية،
وعليها خلق شبكة معلومات جيده حول كل المنظمات والجمعيات الأهلية المعنية بشئون
المرأة أو تدرجها ضمن اهتماماتها.
-تكوين رابطة للإعلاميات العربيات.
-منظمة المرأة العربية يجب أن ترفع التوصيات
التالية إلى مجلس وزراء الإعلام العرب:
1- توفير مساحة لبرامج توعية جادة للمرأة حول
حقوقها القانونية والمدنية وتشجيع إشراكها في الحوارات والمناقشات.
2- إعطاء المرأة الفرص لتولي مناصب قيادية
إعلامية.
3- إشراك المرأة في صياغة الاستراتيجية
الإعلامية.
4- تشجيع المرأة على الانخراط في برامج التدريب
والتأهيل الإعلامي.
ج- على المستوى الحكومي
على الحكومات أن تهتم بالتنمية الشاملة
لشعوبها، وذلك في المجالات التالية:
1- في مجال تنمية الموارد البشرية
إحداث أي تغيير في أي نمط من أنماط السلوك
الاجتماعي يتطلب ذلك إحداث تغيير مواز في مفاهيم أفراد المجتمع، وذلك يتطلب إحداث
تغيير جوهري وأساسي في أدوار المؤسسات التربوية في المقام الأول ثم المؤسسات
الإعلامية اللتان تتكاملان مع بعضهما في غرس المفاهيم والثقافات الإنسانية.
لذا يجب الاهتمام بالتأهيل والتدريب للكادر
الإعلامي من النساء لكي لا ينحصر دورهن في الربط والتقديم والدور الإعلاني فقط
وهذا يشكل الخطوة الأولى في دمجها في خطة التنمية.
2- في مجال التنمية الاقتصادية
وذلك بإحداث تغييرات جوهرية في الهياكل
الاقتصادية للمجتمع بهدف إحداث معدلات نمو متزايدة للاقتصاد القومي إلى جانب
التغييرات اللازمة للنمو الاقتصادي.
** سادساً: وضع إستراتيجية إعلامية في ظل
شريعتنا السمحاء
إن المجتمع العربي والمجتمع المسلم مجتمع رسالي
يحتاج لوضع فقه للعمل الإعلامي مستمد من القران الكريم ومن تراث الحضارة العربية
والإسلامية ويكون في نفس الوقت أنموذجا يستوعب فلسفة الحياة العصرية ويلبى حاجات
المجتمع، وقد أرسى القران الكريم مبادئ وقيم تخدم المصلحة العامة للمجتمع وتدخل في
صميم العمل الإعلامي وهى الأمانة وتحرى الدقة في نقل المعلومة والصدق في الحديث
والبعد عن الابتذال في المظهر والحديث والمقال.
يجب أعادة النظر في الاستراتيجية الإعلامية
لدولنا, ماذا نريد كأمة عربية أعلاما متطورا يلعب دوره كسلطة رابعة أم نريد أعلاما
خاضعا يستخدم لتخدير الشعوب وأشغالها عن قضاياها المصيرية، إننا عندما نطرح
إشكالية المرأة العربية والإعلام تطرح علينا تساؤلات عديدة ومتعددة هل أعلامنا
يطرح ويتناول حقيقة أوضاع النساء ببلدنا بما يكفى من الجرأة والموضوعية من قبيل /
العنف ضد النساء / الاستغلال الجنسي / البطالة المؤنثة / الفقر والأمية / الخ.
إن استراتيجية الإعلام العربي يجب أن تتجه نحو
الأسرة العربية التي أصبحت تعيش في زمن العولمة ولا ينبغي أن تقتصر على مجرد تحسين
صورة المرأة أو إتاحة مساحة لا بأس بها لصوتها أو تقديم هامش يعبر عن قضاياها
ويطالب بحقوقها، بل لا بد أن تقوم هذه الإستراتيجية على مبدأ أن المرأة تمتلك قدرة
على التأثير الخلاق في بناء المجتمع المتطور الذي ننشده وهي الأقدر على تفهم
واستيعاب القضايا التربوية التي يقوم عليها بناء الأجيال القادمة.
** ختاماً
تحية إجلال وإكبار للمرأة الفلسطينية في نضالها
من أجل الحرية والاستقلال؛ وصمودها وكفاحها ضد الممارسات الإسرائيلية الظالمة
ونؤكد وقوفنا إلى جوارها ودعم نضالها وكفاحها حتى تقام الدولة الفلسطينية المستقلة
على كامل التراب الفلسطيني وعاصمتها القدس الشريف.
شكرا لاستماعكم،،،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: أمان - المركز العربي للمصادر
والمعلومات
===================
العائلة العربية
هرمية على أساس الجنس والعمر
"ظاهرتي اضطهاد المرأة والطفل"
نتناول هنا ظاهرتي اضطهاد المرأة والطفل،
فالعائلة العربية منظمة في بنيتها تنظيماً طبقياً هرمياً على أساس دونية النساء
والصغار وسيطرة الرجال والكبار.
** دونية النساء
يتفق الباحثون والمراقبون العاديون على أن
المرأة تحتل موقعاً دونياً في بنية العائلة العربية القديمة منها والمعاصرة، أما
في ما يتعلق بتفسير هذه الدونية وموقف الباحثين منها، فإن هناك تيارات محافظة
وتحررية: هناك أولاً، تيار يقول إن الدين، أو الاسلام بكلام أدق، سوّى بين الرجل
والمرأة، وإن دونية المرأة تعود لأسباب اجتماعية واقتصادية وثقافية أخرى أو لسوء
تفسير الدين، تؤكد الكاتبة المصرية أمينة السعيد أن الاسلام جاء (بمثابة أضخم ثورة
اجتماعية في تاريخ الأوضاع النسائية، لا عندنا وحدنا بل في الدنيا بكاملها، فقبل
مجيئه... لم تكن المرأة، في أي ركن من العالم، أكثر من كائن حي، لا حقوق لها ولا
احترام لآدميتها، ثمّ إذا بالدين الذي ظهر في منطقة صحراوية جرداء يسكنها قوم
خشنون على الفطرة، يقلب الوضع رأساً على عقب، ويعترف للمرأة بكامل آدميتها،
ويسلّحها بالاستقلال الاقتصادي على أوسع معانيه، ويحررها من ولاية الرجل عليها
فيما يتصل بجواهر الحقوق، مثل التعليم والبيع والشراء والعمل والتجارة، بل
واشراكها أيضاً في تدبير شؤون الدين والسياسة).
ويذكّرنا دعاة هذا التيار، عادة، بظاهرة وأد
البنات من قبل بعض القبائل في عصر الجاهلية الأول، ويذهب البعض إلى تفسير هذه
الظاهرة تفسيراً أخلاقياً فيعتبر الوأد وسيلة (لتجنب سبي النساء) يقتضيها مفهوم
العرض أو الشرف في حالات الغزو والسبي بين القبائل.
ويفسر البعض ظاهرة وأد البنات في الجاهلية
تفسيراً واقعياً، فيقال مثلاً إن الوأد قصد به حرمان القبائل الغازية من سبي نساء
القبائل المغزوة كي لايستعملن (أدوات انجاب وقوة... فوأد البنات في الجاهلية يساوي
إذن عدم تمكين الخصم من ان يزيد من قوّته عن طريق استيلاد الأبناء من نساء يمكنه
سبيهن)، وقد يذهب بعض أصحاب التفسير الواقعي إلى أن منزلة الزوجة في بيت زوجها
كانت في الجاهلية (تتوقف إلى حد بعيد على منزلة أهلها وقوتها بين القبائل... فإذا
كانت الزوجة صاحبة منزلة عالية في بيتها، شاورها الزوج في الأمور البيتية
والمعيشية وقدر لها رأيها... أما إذا كانت منزلتها وضيعة، فلم يكترث الزوج لشأنها
ولرغباتها وقل احترامه لها).
ونجد بين أصحاب التيار الذي يقول بمساواة
المرأة بالرجل في الاسلام من يعترفون ببعض الفروقات، ولكنهم يسوغونها أو يجدون
مبررات لها، فقد اعتبر الشيخ محمد عبده (1849 ـ 1905) إن الاسلام ساوى بين الرجل
والمرأة في الحقوق والواجبات ولكنه قدّمه عليها درجة، وعرف (درجة) بأنها تعني
القيادة أو الرياسة التي تقتضيها ضرورات توزيع العمل في الحياة الاجتماعية، إذ
(لابد لكل اجتماع من رئيس... والرجل أحق بالرياسة لأنه أعلم بالمصلحة، وأقدر على
التنفيذ بقوته وماله، ومن ثم كان هو المطالب شرعاً بحماية المرأة والنفقة عليها،
وكانت هي مطالبة بطاعته في المعروف)، في ضوء هذا التعريف يفسر محمد عبده الآية
القرآنية (الرجال قوامون على النساء) يقوله أن (المراد بالقيام هنا هو الرياسة
التي يتصرف فيها المرؤوس بارادته واختياره، وليس معناها أن يكون المرؤوس مقهوراً
مسلوب الارادة لايعمل عملاً إلا ما يوجهه إليه رئيسه، فإن كون الشخص قيماً على آخر
هو عبارة عن ارشاده والمراقبة عليه في تنفيذ ما يرشده إليه،... أن المرأة من الرجل
والرجل من المرأة بمنزلة الأعضاء من بدن الشخص الواحد، فالرجل بمنزلة الرأس
والمرأة بمنزلة البدن).
إنطلاقاً من هذا المفهوم يتحدث محمد عبده عن
(ان المرأة أضعف من الرجل) مستعيناً بمفاهيم الدين و(الفطرة)، وعن ضرورة (تعليم
المرأة أمور دينها، أولاً، وقبل كل شيء، ثم بعضاً من أمور الدنيا) مما يطلبه منها
(نظام بيتها وتربية أولادها).
وترى مجلة الفكر الاسلامي الصادرة عن دار
الفتوى في لبنان (1975) ان النساء صنو الرجال، فهن الأمهات والأخوات والأزواج
والبنات، والحاضنات، والمربيات، وان الاسلام كرّم المرأة (وسوّى بينها وبين الرجل
فيما يمكن التسوية فيه فقال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف...) وقد فاضل
بينهما فيما لايمكن التسوية فيه فقال تعالى: (الرجال قوامون على لانساء بما فضل
الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)، فأوجب على الرجال الجهاد... والسعي
على العيال. وخفف عن المرأة في ذلك مراعاة لامكاناتها الجسدية وظروفها الشخصية
وتكاليفها العائلية.
وترى زاهية قدورة في العدد نفسه من المجلة ان
الاسلام جعل الرجل والمرأة من نفس واحدة، ولكنها تورد قولاً للرسول (ص) جاء فيه:
(إنما المرأة خلقت من ضلع عوجاء فإن تحرص على اقامتها تكسرها فدارها تعش بها).
ويتناول أحمد شلبي موضوع الإرث موضحاً أن
الاسلام يجعل للذكر مثل حظ الانثيين لأنه (يرفع التكاليف المالية عن المرأة في
مختلف مراحل حياتها، فالأب يحمل مسؤوليتها قبل زواجها، والزوج يحمل هذه المسؤولية
بعد الزواج، والأبناء يحملونها لو مات الزوج... ومن هنا فالرجل بمسؤولياته عن
المرأة والبيت أخذ ضعف المرأة ولهذا فمن الواضح أن خمس أوراق نقدية من دون
مسؤوليات اثمن وأبقى من عشرة بمسؤوليات جسام).
ويطرح الشيخ حمزة شكر في عدد المجلة نفسه مسألة
مسؤولية المرأة، فيذهب إلى أن الاسلام حمّل المرأة (مسؤولية تتوافق وتكوينها
الجسماني) وان حق (القوامة مستمد من التفوق الطبيعي في استعداد ارجل، ومستمد من
نهوضه بأعباء المجتمع وتكاليف الحياة، أليس هو أقدر من المرأة على الكفاح في خضم
الحياة... ولكن في عرف الحياة قليلات من هن في مستوى ا لرجال عقلاً وجسماً وارادة
وامكانية جسمانية).
ينعكس هذا التيار التقليدي في القول الأخير وفي
مقولات وعبارات وتعميمات لاتحصى، ترد دائماً في الكتب والأحاديث العابرة، تضمن
كتاب إحياء علوم الدين للإمام الغزالي فصلاً خاصاً حول (آداب النكاح) ورد فيه أن
على الزوج أن يكون حسن الخلق مع النساء (واحتمال الأذي منهن ترحماً عليهن لقصور
عقلهن)، وعدم التبسط (في الدعابة وحسن الخلق والموافقة باتباع هواها إلى حد يفسد
خلقها ويسقط بالكلية هيبته عندها... قال الحسن: والله ما أصبح رجل يطيع امرأته
فيها تهوى إلا كبه الله في النار. وقال عمر (رض): خالفوا النساء فإن في خلافهن
البركة، وقد قيل شاوروهن وخالفوهن... إذ حق الرجل أن يكون متبوعاً لا تابعاً، وقد
سمى الله الرجال قوامين على النساء وسمى الزوج سيداً... قال الشافعي (رض): ثلاثة
إن أكرمتهم أهانوك وإن أهنتهم أكرموك: المرأة، والخادم، والنبطي.
وفي العصر الحديث يقدم الكاتب المصري عباس
محمود العقاد موقفاً رجعياً مشابهاً في كتابه المرأة في القرآن، فيؤكد على قوامة
الرجال على النساء ويعمم (ان الواقع المتكرر في المجتمعات الانسانية كافة، أن
المرأة تتلقى عرفها من الرجال، حتى فيما يخصها من خلائق الحياة والحنان والنظافة...
فهي إنما تستحي لأنها تتلقى خليقة الحياء من الطبيعة أنها تخجل من مفاتحة الرجل
بدوافعها الجنسية، وتنتظر المفاتحة من جانبه، وإن سبقته إلى الحب والرغبة. وشأنها
في ذلك شأن جميع الإناث في جميع أنواع الحيوان، فأنها تنتظر ولا تتقدم، أو تتعرض
ولا تهجم، ويمنعها أن تفعل ذلك مانع من تركيب الوظيفة لايصدر عن وازع أخلاقي، ولا
عن أدب من آداب السلوك... فإنما خلق تركيب الأنثى للاستجابة ولم يخلق للابتداء
والارغام.
(... والصق من الحياة بالمرأة حنانها المشهور،
ولا سيما الحنان للأطفال من أبنائها وغير أبنائها، وهذه صفة من صفات الغرائز، توجد
في أناث الأحياء، ولا تمتاز فيها أنثى الانسان إلى على قدر امتياز العاقل على غير
العاقل...).
(... أما النظافة فليست هي من خصائص الانوثة
إلا لاتصالها بالزينة، وحب الحظوة في أعين الجنس الآخر).
وهناك مقابل هذا التيار المحافظ، تيارات اصلاحية
تحررية منها ما هو ليبرالي غربي ومنها ما هو راديكالي ثوري. وكثيراً ما يعود
الباحثون إلى قاسم أمين (1865 ـ 1908) الذي نشر سنة 1899 كتاباً في تحرير المرأة،
ربط فيه بين دور المرأة في المجتمع و(اصلاح أخلاق الأمة). رأى في هذا الكتاب إن
النظام القائم يقوم على احتقار القوي للضعيف وامتهان الرجل للمرأة، ففقدت حقوقها
الضرورية للقيام بدورها في المجتمع، وقد اعتبر قاسم أمين أن مركزة المرأة يتحسن
بالتربية التي تشمل اعداد المرأة لكسب الرزق بالاضافة إلى القراءة والكتابة
والعناية بتدبير المنزل، وقبل أن تتمكن المرأة من إعالة نفسها، تظل رهينة باستبداد
الرجل وتحت رحمته، يجردها من مزاياها الانسانية ويحصر وظيفتها بالإنجاب والتمتع
بجسدها وتدبير المنزل، وتقوم علاقته بها على عدم الثقة بها، وقد سخر أمين من
المعتقدات السائدة حول المرأة واقترح أن يتحجب الرجال أنفسهم طالما يظنون أن المرأة
تستسلم بسهولة لجاذبيتهم التي لا تقاوم، وأن يكون لها حق الرجل في الطلاق.
ونزّه قاسم أمين الاسلام عن امتهان حقوق المرأة
في هذا الكتاب واعتبر أن الشريعة ساوت المرأة بالرجل إلا في حالة تعدد الزوجات،
وكان حذراً فلم يقل بمنح المرأة حقوقها السياسية، واعتبر أن المرة بحاجة إلى وقت
طويل من التثقيف قبل أن تصبح جديرة بالاشتراك في الحياة العامة، رغم ذلك آثار
كتابه هذا عاصفة من التهجم والتأييد، فرد على نقاده بكتاب ثان حول المرأة الجديدة
تجاوز فيه موقفه الأول معتمداً على العلوم الاجتماعية بدلاً من النصوص والمراجع الدينية،
ومصراً على استقلال الانسان في التفكير والارادة والفعل، وعلى اعتبار حرية المرأة
أساساً لجميع الحريات الأخرى. ثم انه في هذا الكتاب أظهر العلاقة بين اضطهاد
المرأة والاضطهادات الأخرى في المجتمع فقال: (فانظر إلى البلاد الشرقية، تجد أن
المرأة في رق الرجل، والرجل في رق الحاكم، فهو ظالم في بيته، مظلوم إذا خرج منه)،
وهو اضافة إلى ذلك يرفض (تحري الكمال في الماضي، حتى في الماضي الاسلامي، وإذا كان
له أن يوجد، فسيوجد فقط في المستقبل البعيد).
ويتمثل هذا التيار التحرري أيضاً في اعمال
سلامة موسى وخاصة في كتابه المرأة ليست لعبة الرجل، وفي أعمال نساء معاصرات بينهن
الكاتبة الجزائرية فاضلة مرابط في كتاب لها حول المرأة الجزائرية، والكاتبة
المغربية فاطمة مرنيسي في كتاب لها بالانكليزية حول ديناميكية علاقة الرجل ـ
المرأة في مجتمع اسلامي، وخالدة سعيد في بعض مقالاتها، ونوال السعداوي في مجموعة
من الكتب وغيرهن.
ترى خالدة سعيد ان المرأة العربية كائن بغيره
لا بذاته، إذ تحدد هويتها بكونها (زوجة فلان أو بنت فلان أو أم فلان أو أخته... هي
أنثى الرجل، هي الأم، هي الزوجة، وهي باختصار تعرف بالنسبة إلى الرجل، إذ ليس لها
وجود مستقل، إنها الكائن بغيره لا بذاته، ولأنها كائن بغيره فلا يمكنها، في إطار
الأوضاع التقليدية، أن تعيش بذاتها، لا هي تشعر الاكتمال بذاتها، ولا المجتمع
يقبلها ككائن بذاته، إنها المثال النموذجي للاغتراب، ذلك ان واحداً من أبعاد
شخصيتها يطغى على سائر الأبعاد، أو على انسانيتها كلها، وما دامت كائناً موجوداً
بغيره، فهي تسعى بكل الوسائل إلى الدخول في آلة مهما صار إليه وضعها في هذه الآلة،
والآلة التقليدية هي مؤسسة الزواج)، ضمن هذا الاطار التقليدي ترتبط قضية المرأة
بالنظام الطبقي، فحيث تكون العلاقات علاقات (بين سيد ومسود، يصعب أن تجد فيه
المرأة الحرية الحقيقية، وأن تستعيد فيه انسانيتها) فتعاني المرأة من (اغترابين:
اغتراب طبقي واغتراب على صعيد البنية التحتية في نطاق الأسرة، فهي عبدة العبد، حتى
لقد رأي ماركس في علاقة الرجل بالمرأة خلاصة اضطهادات الانسان واغتراباته، وليس
مؤكداً أن تتحرر بتحرر البروليتاريا، فقد لايرفعها هذا إلا درجة واحدة في سلم
العبودية، إذ ان استغلال المرأة لاينتفي بالضرورة بانتفاء الاستغلال الاقتصادي وإن
كانت الأسباب الاقتصادية في أصل استعباد الرجل للمرأة)، وضمن هذا الاطار الطبقي
لايعني التخلص من (الحجاب) ولبس (الميني جوب) أن المرأة قد تحررت حقاً، فكلاهما
(في مستوى واحد باعتبار الحالين اقراراً بأن المرأة أولاً وآخراً جسد يمتلك ويصان
ويخبأ أو يعرض).
وتفضح الطبيبة المصرية نوال السعداوي
الازدواجية الأخلاقية في علاقة الرجل بالمرأة في المجتمع العربي المعاصر، (فالأب
الذي يضرب ابنته لأنها حادثت زميلاً لها يخون زوجته في معظم الأحيان، والأخ الذي
يتظاهر بالتدين بالنهار يمد يده في الليل ليلمس جسد أخته الصغيرة)، وتتجلى هذه
الازدواجية أيضاً من خلال القيم التجارية السائدة التي تشجع (عرض أفلام الجنس
والرقصات العارية وأجساد النساء وتأوهات المطربين والمطربات ليل نهار في الراديو
والتلفزيون وعرض الأفخاذ والنهود العارية في صفحات المجلات، ويصبح علي البنت
المصرية أن تحل وحدها المعادلة الصعبة، عليها أن تتشبع بهذه الأفلام والصور
والأصوات الصارخة بالجنس والشبق، وعليها في الوقت نفسه إلا تتأثر بها)، وتعتبر
السعداوي أن علاقة الزوج بالزوجة تشبه علاقة السيد بالعبد فلا تختلف (ملكية الرجل
للمرأة كثيراً عن ملكية السيد للعبد، فالرجل يشتري المرأة بمقدم الصداق، وينص عقد
الزواج في أول بنوجه على أن الزوجة ملك لزوجها واجبها الطاعة المطلقة، وتخدم
الزوجة في بيت زوجها بغير أجر فإن عصيت أو تذمرت أو مرضت أو وهنت باعها الرجل بحقه
المطلق في الطلاق)، وتدعم السعداوي استنتاجها هذا بالعودة إلى نص المادة (67) من
مواد قانون الزواج في مصر الذي يقول (لاتجب النفقة للزوجة إذا امتنعت مختارة عن
تسليم نفسها بدون حق، أو اضطرت إلى ذلك بسبب ليس من قبل الزوج. كما لاتستحق النفقة
إذا حبست ولو بغير حق، أو اعتقلت، أو غصبت، أو ارتدت، أو منعها أولياؤها، أو كانت
في حالاة لايمكن الانتفاع بها كزوجة)، كذلك تذكر السعداوي انه كما كان العبيد
يخصون لتفرض عليهم العفة فقد كانت الإناث في المجتمع المصري تجرى لهن عملية الختان
التي هي أشبه ما تكون بالاخصاء لفرض العفة عليهن، ولأن (الرجل يشتري المرأة
بالزواج لتخدمه وتكون أداة أمتاعه ووعاء ينجب أطفاله فهو يختار تلك الفتاة التي
تصغره في السن بأعوام كثيرة ليظل جسدها شاباً قادراً على الخدمة والانجاب طوال
حياتها معه)، وفيما يتعلق بتغيير وضع المرأة وتحريرها ترى السعداوي (إن تحرير
المرأة لا يمكن أن يحدث في مجتمع رأسمالي، وان مساواة المرأة بالرجل لايمكن أن
تحدث في مجتمع يفرق بين فرد وفرد، وبين طبقة وطبقة، ولهذا، فإن أول ما يجب أن
تدركه المرأة أن تحريرها إنما هو جزء من تحرير المجتمع كله من النظام الرأسمالي).
إن التيار التحرري يرفض ادعاء المساواة
والتسويغات التي يلجأ إليها بعض الذين يعترفون بعدم وجود مساواة، ويرفض التفسيرات
التقليدية التي تنسب تخلف المرأة لعوامل طبيعية وليس للعوامل الاجتماعية التي تربط
بين التخلف وبين عزل المرأة عن المشاركة في الحياة العامة وتجريدها من مسؤولياتها.
ان أوضاع المرأة الاجتماعية والاقتصادية وليس
طبيعتها الجسمانية هي التي تحيلها إلى كائن مغترب، ويسبب الأوضاع السائدة
التقليدية تتحول المرأة إلى كائن يتصف بما يلي:
ـ انها مضطرة أن تعتمد على الزواج، وبدونه
يعتبرها المجتمع عانساً (وليس للرجل الذي يظل عازباً مثل هذا اللقب السلبي) وعالة
وموضوع سخرية أو شفقة أو كليهما معاً.
ـ يقدّر المجتمع في المرأة تلك الصفات التي
تتعلق بالأنوثة والأمومة والزوجية والمهارة في الشؤون المنزلية، وبكونها موضوعاً
جنسياً فيكون جمالها رأسمالها الأهم، ولابد للمرأة أن تفرض وجودها كانسان قبل كل
شيء، وليس لكونها مجرد دور (أم، أخت، زوجة، بنت... الخ) فتعرف بالنسبة للرجل وليس
بالنسبة لكونها كائناً مستقلاً.
ـ تعتبر المرأة في المجتمع التقليدي مسؤولة ليس
عن انحرافها وحسب، بل عن انحراف الرجل أيضاً، فهي في نظر التقاليد أصل الغواية
والفتنة والشر والتعاسة، ولذلك عرف المجتمع جرائم الشرف ضد المرأة، وليس ضد الرجل.
ـ ينتظر المجتمع التقليدي من المرأة أن تكون
مطيعة ومخلصة وأمينة لزوجها وتدبر شؤون منزلها، وتحترم أهل الزوج وأقربائه وراضية
بمعيشتها ما دام يؤمن لهاه حاجاتها المادية. مقابل ذلك، لايلزم الزوج بواجبات
أخلاقية مماثلة تجاه زوجته، من هنا الازدواجية التي يمارسها المجتمع وخاصة كما
يظهر في أمور الزواج والطلاق والإرث والالتزامات الأخلاقية.
إن الموقف التحرري في المجتمع العربي يرفض
شرعية الأوضاع القائمة ويدعو إلى إلغاء الازدواجية في المجالات المذكورة سابقاً،
وفي مجالات الانتخابات والعمل والتعلم والإرث وادلاء الشهادة وفي التصرف الجنسي،
ان قيماً جديدة تنبثق وتفرض نفسها في المجتمع العربي، ولذلك نلمس مزيداً من تحرر
المرأة واقبالها على العلم والعمل خارج المنزل والمشاركة في الانتاج الاقتصادي
والعمل السياسي والدفاع عن البلاد، وبقدر ما تتعلم وتعمل وتنتج وتستقل اقتصادياً
وتسهم في صنع مصيرها ومصير المجتمع، يصبح أمر مساواتها بالرجل واقعاً حقيقيا، وحتى
يتحقق هذا الأمر، ومهما كان تقديرنا للانجازات التي تحققت حتى الآن، فإن المرأة
لاتزال مغتربة تعاني من مشكلات أساسية، بما في ذلك موضوع الحجاب (رمز الانفصام بين
عالم المرأة وعالم الرجال) الذي لايزال سائداً في عدد من البلدان العربية ومنتشراً
في بعضها الآخر.
ان هرمية العائلة هي جزء من هرمية المجتمع، فلا
يتم تحرير المرأة بمعزل عن عملية تحرير المجتمع نفسه، هذا لايعني أن تؤجل مسألة
تحرير المرأة حتى يتحرر المجتمع، إن هناك علاقة تفاعلية جدلية بين عمليتي التحرر،
وتكون البداية بالنسبة للمرأة بمزيد من مشاركتها في قوة العمل والحصول على
الاستقلال الاقتصادي، وحتى الآن كانت نسبة مشاركة المرأة في العمل الاقتصادي
الانتاجي متدنية جداً في البلدان العربية، حتى بالمقارنة مع دول العالم الثالث
الأقل نموا، صحيح ان المرأة العربية تسهم بالانتاج الاقتصادي وبنسبة أعلى من النسب
الضئيلة التي توردها الإحصاءات، ولكن هذا الانتاج لم يكن مستقلاً عن سيطرة الرجل
واشرافه وملكيته لوسائل الانتاج ومن ضمن نشاطاتها المنزلية الغالبة. وما زال
النظام العام يضع الحواجز في طريق اشتراك المرأة في قوة العمل متسلحاً بمسوغات عدة
غير التسويغات الغيبية التي أشرنا إليها، كالقول ان اشتراكها سيؤدي إلى زيادة حدة
مشكلة البطالة وإلى نتائج سلبية في حياة الأسرة.
** دونية الصغار
وتقوم بنية العائلة الهرمية على أساس العمر كما
تقوم على أساس الجنس، فالصغار تقليدياً عيال على الكبار وتوجب عليهم الطاعة شبه
المطلقة في علاقة سلطوية، ويتم التواصل تقليدياً بين الكبار والصغار ليس أفقياً بل
عمودياً، فيتخذ من فوق إلى تحت طابع الأوامر والتبليغ وتوجيه التعليمات والتلقين
والمنع والتحذير والتخويف والتهديد والتوبيخ والتنديد والتخجيل والاستهزاء
والاذلال والشتم والتحريم وتوليد الشعور بالذنب والقلق... الخ. وقد يقترن هذا
التواصل من فوق إلى تحت بالعقاب والحرمان والغضب والصفع والاخضاع وكسر (الأنف) أو
(الشوكة) أو العنفوان، أما التواصل من تحت إلى فوق فيتخذ طابع الترجي والاصغاء
ورفع التقارير والانصياع والاسترحام والتذلل والاستعلام والترديد والتجاوب
والاستجابة مقترناً بالبكاء والكتب والصمت والانسحاب واحناء الرأس والمراقبة
الذاتية واخفاء الأسرار والمشاكل والتكتم والتخفي والتحجج والمكر والمسايرة
والاستغابة والحذر والاحساس بالذنب والقلق والخوف والرضوخ... الخ، ويتي كل ذلك
نتيجة لعلاقات الاستبداد التي تعتمد فلسفة تربوية تقوم على الترهيب والترغيب وليس
على الاقناع.
في بحثه حول أثر طرق تربية الطفل في العائلة
البرجوازية، يرى شرابي أن الأب يضطهد الصبي فيما تسحق الأم شخصيته عن طريق الافراط
في حمايته، أما البنت فتدفعها العائلة منذ طفولتها المبكرة إلى الشعور بأنها عبء
وغير مرغوب فيها، ان هذا الافراط في الحماية وهذه السلطوية في العقاب يؤديان إلى
شعور الأبناء بالعجز، والاتكالية، والتهرب من المسؤولية، ويرى شرابي انه (خلافاً
لما يعتقده الكثيرون، فإن نظام العائلة عندنا ـ على ما فيه من حسنات كاحترام
الكبار وحماية أفراد العائلة بعضهم بعضاً في الملمات يقوم على التنابذ والخلاف
أكثر مما يقوم على التعاون والوثام، إن الغيرة والحسد يسودان علاقات أفراد العائلة
أكثر مما تسودها المحبة والتسامح، وهكذا الحال تماماً في علاقات أعضاء المجتمع
بعضهم ببعض، أن أولادنا يتعلمون منذ الصغر كيف يجري اغتياب الأصدقاء والأقرباء
وكيف يجهر الانسان بما لايضمره ومن أين تؤكل الكتف، وفي تنافسهم على محبة الأم
وعطفها يتعلمون بشكل تلقائي كراهية الأشقاء واعتبارهم منافسين ومنافسات يجب التحسب
لهم، كذلك فإن الوالدين ينميان روحاً لغيرة في نفوس أطفالهما وذلك بتصرفاتهما
اللاواعية نحوهم، فإذا ميزت الأم، ولو بكلمة واحدة، بين ولد وآخر فإنها قد تسبب
عند الواحد أو الآخر نقمة أو شعوراً بالنقص يصبح جزءاً من تركيب شخصيته فيؤثر في
سلوكه تجاه نفسه وتجاه الآخرين).
ويظهر واضحاً ان الأبناء في العائلات التقليدية
نادراً ما يشاركون أهلهم أسرارهم أو يستشيرونهم في حل مشاكلهم، وكثيراً ما يلجأون
إلى أترابهم بدل أن يلجأوا إلى أهلهم، وبقدر ما تتصف العلاقات بالسلطوية، يمارس
الأبناء والبنات الرقابة على تصرفاتهم ومشاعرهم في حضور الأهل، كذلك يمارس الأهل
بدورهم نوعاً من الرقابة فيمتنعون عن بعض التصرفات أو عن بحث الأمور بحضور أبنائهم
وبناتهم، ونلحظ أن المشاركة والاستشارة والتعبير العفوي تزداد بازدياد العلاقات
الديمقراطية ضمن العائلة.
كذلك يظهر الأهل، تقليدياً، تحذيراً لبعض
الأبناء والبنات حسب العمر والجنس، وأحياناً حسب الجمال والذكاء وطاعة الأهل
ومسايرتهم، وقد عرف المجتمع العربي عادة تفضيل الأهل للابن الأكبر ومنحه حقوقاً
وامتيازات لا تمنح لغيره، ورغم اضمحلال عادة حصر الإرث والسلطة بالابن الأكبر، فإن
الكثير من آثار هذه المفاضلة لاتزال تعكس نفسها بشكل أو بآخر في الحياة اليومية،
وتحدث المفاضلة أكثر ما تحدث على أساس الجنس وخاصة بالنسبة للإرث وتوفير فرص
التعليم، وليس من النادر أن نصدف في الوقت الحاضر عائلة أصبح ابناؤها أطباء
ومهندسين ومحامين وأساتذة فيما ظلت البنات دون علم أو مهنة، بل كثيراً ما تتخذ
الأخوات دور الأم، فيخدمن إخوتهن منذ الصغر، وقد تستمر هذه العلاقة حتى بعد
الزواج.
وقد ينشأ لدى بعض الأبناء إحساس بأن الامتيازات
التي يتمتعون بها على حساب الأخوات والاخوة الصغار إنما هي حقوق طبيعية نادراً ما
يتساءلون حولها، كذلك قد ينشأ عند بعض الأخوات احساس بأن هذه الامتيازات حقوق
طبيعية للاخوة وانهن عندما يخدمن اخوتهن إنما يفعلن واجباتهن ليس إلا، فيظهرن
استعداداً هائلاً للتضحية. وكثيرً ما تتخلى بعض الأخوات عن حقوقهن بارث العائلة،
وقد يرتبط ذلك بحس المرأة بعد زواجها أن بيت أهلها هو بيتها الحقيقي وان الزواج
نفي اختياري اضطراري معاً، ربما لذلك تبكي عندما تخرج عروساً من بيت أهلها. ولذا
قد لايشكل الطلاق صدمة عاطفية، إذ بامكانها أن تعود إلى أهلها إذا شاءت أو اضطرت
إلى ذلك.
وليس التنظيم العائلي الهرمي هو وحده المسؤول
عن هذه النتائج السلبية، فللمؤسسات الاجتماعية الأخرى أنظمتها الهرمية الخاصة التي
تعزز واقع التنشئة هذا في العائلة، ثم ان بعض هذه الأوصاف لاتنطبق على جميع
العائلات العربية، إن تعميمات شرابي نفسها تقتصر على ذلك النموذج العائلي الذي
يجسد (القيم والمواقف السائدة في وسط اسلامي مدني، وفي طبقة اجتماعية وسطى أو أقرب
إلى الوسطي، هذا مع العلم أن بعض التعميمات يمكن أن تنطبق على المجتمع العربي ككل
بما فيه البدو والفلاحون، إن نزعة الاتكالية، مثلاً، قد لاتنطبق على أطفال
العائلات الفقيرة الذين يضطرون للعمل الشاق والكفاح منذ صغرهم.
ان محور العلاقات في العائلة العربية ليس الفرد
بل الجماعة، ويرتبط ذلك ارتباطاً وثيقاً بكونها عائلة ممتدة بالاضافة إلى أنها
وحدة إنتاجية اجتماعية معاً.
المصدر: أمان - المركز العربي للمصادر
والمعلومات
=====================
حقوق الإنسان
بين الشريعة والقانون.. نصاً ومقارنة وتطبيقاً
كتبه : المحامي محمد عنجريني ...
** المبادئ الأساسية لتكريم المرأة في الإسلام
(تتلخّص المبادئ الإصلاحية التي أعلنها الإسلام
على لسان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالمرأة في المبادئ
التالية:
أ - إن المرأة كالرجل في الإنسانية سواء بسواء
قال الله تعالى: ؟ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة؟(174) وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال)(175).
ب - دفع الإسلام عن المرأة اللعنة التي كان
يصفها بها رجال الديانات السابقة، فلم يجعل عقوبة آدم بالخروج من الجنة ناشئاً
منها وحدها بل منهما معاً قال تعالى:؟ فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا
فيه(176) ثم قرر مبدأ آخر يعفي المرأة من مسؤولية أمها حواء وهو يشمل المرأة
والرجل على السواء، تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم(177).
جـ – إن المرأة أهل للتدين والعبادة ودخول
الجنة إن أحسنت، أما إذا أساءت فمعاقبتها كالرجل سواء بسواء قال الله تعالى:؟ من
عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما
كانوا يعملون؟ (178).
د – حارب الإسلام التشاؤم بها والحزن لولادتها
كما كان شأن العرب، ولا يزال شأن كثير من الأمم، فقال الله تعالى منكراً هذه
العادة السيئة: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، يتوارى من القوم
من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون؟(179).
هـ - أمر إكرامها: بنتاً، وزوجاً، وأماً، قال
تعالى:؟ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة
ورحمة؟(180).
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحق
الناس بحسن صحبتي؟ (قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك)(181).
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم من عال جاريتين (أي بنتين) حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم
أصابعه(182).
و - رغب في تعليمها، وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)(183) ولفظ مسلم هنا يشمل الذكر والأنثى.
ز- أعطاها حقها في الإرث: أماً، وزوجة، وبنتاً،
كبيرة كانت أم صغيرة أم حملاً في بطن أمها.
ح - نظم حقوق الزوجين وجعل لها حقوقاً كحقوق
الرجل مع رئاسة الرجل لشؤون البيت، وهي رئاسة غير مستبدة، ولا ظالمة، قال الله تعالى:؟
ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة؟(184).
ومن هذا يتبين أن الإسلام أحل المرأة المكانة
اللائقة بها في مجالات ثلاثة:
(1) المجال الإنساني: فقد إعترف بإنسانيتها
كاملة كالرجل وهذا ما كان محل شك، أو إنكار الأمم المتحدثة السابقة.
(2) المجال الإجتماعي: فقد فتح أمامهما مجال
التعليم، وأسبغ عليها مكاناً اجتماعياً كريماً في مختلف مراحل حياتها منذ طفولتها
حتى نهاية حياتها، بل إن هذه الكرامة تنمو كلما تقدمت في العمر من طفلة، إلى زوجة،
إلى أم، حيث تكون في سن الشيخوخة التي تحتاج معها إلى مزيد من الحب، والحنو،
والإكرام.
(3) المجال الحقوقي: فقد أعطاها الأهلية
المالية الكاملة في جميع التصرفات حين تبلغ سن الرشد، ولم يجعل لأحد عليها ولاية
من أب أو زوج، أو رب أسرة) (185).
** الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة في
الشؤون الإجتماعية
أ - حق التعليم
حثّ الإسلام على العلم ورغب به الرجال والنساء
على السواء وليس فيه نص واحد صحيح يحرم على المرأة أن تتعلم، وإن في التاريخ
الإسلامي مئات العاملات والأديبات، والمحدثات ممن اشتهرن بذلك ودونت سيرتهن في كتب
التراجم.
ب - حق المرأة في العمل والوظيفة
لا يوجد في الإسلام ما يمنع من تولي المرأة
الوظائف لكمال أهليتها، ولكن يجب أن يتم ذلك وفق مبادئ الإسلام وأخلاقه، فلا يصح
أن تكون الوظيفة معطلة لعمل الأم في بيتها وإشرافها على شؤون عائلتها(186).
قال الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة:
أما تمكين المرأة من العمل فقد قررنا أن
الشريعة لا تعارضه، لكن على أساس أن عمل المرأة في الحياة هو أن تكون ربة أسرة،
فهي التي تظلها بعطفها، وحنانها، ترعى أم أولادها، وتغذيهم بأعلى الأحاسيس
الاجتماعية وهي التي تربي فيهم روح الائتلاف مع المجتمع حتى يخرجوا إليه وهم
يألفون ويُؤلفون.
إن الغذاء الروحي الذي تقدمه الأم لأولادها
يربي أجسامه وينميهم فقد أثبتت التجارب العملية التي أجريت لاختبار نمو الأطفال
الذين يتربون بين آبائهم وأمهاتهم أنه بعد تجاوز السنة الأولى من أعمارهم يكون نمو
الطفل بين أبويه أوضح وأكثر لأنه يحتاج بعد السنة الأولى إلى غذاء من العواطف كما
يحتاج إلى غذاء من المادة، بل ثبت أن غذاء العاطفة ينميه ولو لم تكن الرعاية
الصحية كاملة من كل الوجوه.. أما النمو النفسي، والعقلي، والتهذيب، والسيطرة على
الغرائز، فإنه يكون كاملاً في الطفل بين أبويه بينما يكون دون ذلك بكثير في الملجأ
أو دار الحضانة.
ولا يمكن تنظيم الأسرة من غير ربة بيت راعية
كاملة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة
عن رعيتها)(187).
وذلك ليس هو النظام الشرعي الاجتماعي فقط بل هو
النظام الطبيعي، ولهذا قلنا: إن عمل المرأة لا يكون من الناحية الإجتماعية أصلاً
بل يكون استثنائياً وذلك في الأحوال التالية:
الأولى: أن تكون المرأة ذات نبوغ خاص يندر في
الرجال والنساء معاً، والمصلحة الاجتماعية توجب في هذه الحالة أن تعمل ليعود ذلك
النبوغ على المجتمع بنفع عام، وفي هذا تترك جزء من أمومتها في سبيل المصلحة
العامة.
الثانية: أن تتولى المرأة عملاً هو أليق
بالنساء كتربية الأطفال وتعليمهم فيكون الطفل في حضانة أمه داخل البيت، وفي عطف
المرأة ورعايتها في المدرسة، ومثل تعليم الأطفال تطبيب النساء، ولقد قرر الفقهاء
أن بعض هذه الأعمال فرض كفاية كالقابلات فإن عملهن من فروض الكفاية ولذلك قرر أحد
كبار فقهاء الحنفية وهو كمال الدين ابن همام أن الزوج ليس له منع امرأته من الخروج
إذا كانت تحترف عملاً من فروض الكفاية الخاصة بالمرأة، ولكنه نصح هذه المحترفة
بألا تخرج متبرجة غير كاملة في تصرفاتها.
الثالثة: أن تعين زوجها في ذات عمله، وهذا كثير
في الريف، فالمرأة الريفية إذا كان زوجها عاملاً زراعياً، أو مالكاً غيراً، أو
مستأجراً لمساحة ضئيلة تعاونه امرأته في عمله، فهو يخرج من داره حاملاً فأسه، وهي
معه حاملة وعاء البذر، وحولهما أولادهما يتعلقون بثيابها، ويحملان بعضهما على
أذرعهما ولو كان للمرأة صورة مثالية في مجتمعنا لكانت صورة تلك المرأة الكادحة
العاملة العاطفة، لا هؤلاء النساء اللاتي يغشين الأندية والملاهي ودور الغناء.
الرابعة: أن تكون في حاجة إلى العمل لقوتها،
وقوت عيالها إذا فقدت العائل هي وهم، فكان لا بد أن تعمل هذه الضرورة أو تلك
الحاجة الملحة. ونقرر هنا أن المبادئ الإسلامية ما كانت لتجعل مثل هذه المرأة في
حاجة لأن تعمل، لأن بيت المال كان يتولى الإنفاق عليها ويجري لها رزقاً منتظماً من
بيت مال الذكوات أو بيت مال الخراج والجزية إن لم تكن مسلمة وذلك تطبيقاً لقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ترك مالاً فلورثته ومن ترك ديناً وعيالاً فإلي
وعلي) (188، 189)
** حق المرأة في النفقة
هناك فلسفتان في هذا الموضوع ولكل منها آثارهما
الواضحة في المجتمع.
الأولى - فلسفة الإسلام في أن البنت والمرأة
بوجه عام لا يصح أن تكلف بالعمل لتنفق على نفسها، بل إنَّ على أبيها، أو زوجها أو
أخيها مثلاً أن يقوم بالإنفاق عليها، لتتفرغ لحياة الزوجية والأمومة وآثار ذلك
جلية واضحة في انتظام شؤون البيت، والإشراف على تربية الأولاد، وصيانة المرأة من
عبث الرجال، وإغرائهم، وكيدهم، لتظل لها سمعتها الكريمة النظيفة في المجتمع.
الثانية - فلسفة الغربيين في أن البنت متى بلغت
سناً معينة وهو الغالب سبعة عشر عاماً، لا يجب على أبيها أو أقربائها الإنفاق
عليها، بل يجب أن تفتش عن عمل لها تعيش منه، وتدخر ما تقدمه بائنة (دوطه) لزوجها
المرتقب.
فإذا تزوجت كان عليها أن تسهم مع زوجها في
نفقات البيت، والأولاد، فإذا شاخت، وكانت لا تزال قادرة على الكسب وجب عليها أن
تستمر في العمل لكسب قوتها ولو كان ابنها من أغنى الناس، إن أهم آثار هذه الفلسفة
المادية أنها خالية من كل تقدير لرسالة المرأة الخطيرة في الحياة، وأنها تلقى في
أتون شهوات الرجال وشرهم الجنسي لقاء لقمة العيش، وأنها ترهق المرأة من أمرها
عسراً فوق إرهاقها الطبيعي بالحمل والولادة، وأنها تودي إلى تفكك الأسرة، وتشتت
شملها ونشوء الأولاد بعيدين عن مراقبة آبائهم وأمهاتهم.(190)
** الحقوق السياسية للمرأة
(1) حق الانتخاب
(الانتخاب هو اختيار الأمة لوكلاء ينوبون عنها
في التشريع ومراقبة الحكومة، فعملية الانتخاب عملية توكيل، يذهب شخص إلى مركز
الاقتراع فيدلي بصوته لمن يختارهم وكلاء عنه في المجلس النيابي، يتكلمون باسمه،
ويدافعون عن حقوقه، والمرأة في الإسلام ليست ممنوعة من أن توكل إنساناً بالدفاع عن
حقوقها والتعبير عن إرادتها كمواطنة في المجتمع)(191).
(2) حق النيابة
إن النيابة عن الأمة لا تخلو من ثلاثة أعمال
رئيسة:التشريع، والمراقبة، والشورى.
الأول: التشريع: تشريع القوانين والأنظمة، فليس
في الإسلام ما يمنع أن تكون المرأة مشرعة لأن التشريع يحتاج قبل كل شيء إلى العلم
مع معرفة حاجات المجتمع وضروراته التي لا بد منها، والإسلام يعطي حق العلم للرجل
والمرأة على السواء.
والثاني في المراقبة: وأما في مراقبة السلطة
التنفيذية فإنه لا يخلو من أن يكون أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، والرجل
والمرأة في ذلك سواء في نظر الإسلام قال الله تعالى في القرآن الكريم: والمؤمنون
والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر(192).
ففي السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية أي
السنة التي هاجر فيها النبي صلى الله عليه وسلم قدم لديه خمسة وسبعون مسلماً من
المدينة منهم ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، وبايعوه جميعاً بيعة العقبة الثانية،
وهي بيعة حرب وقتال، وبيعة سياسية، وبعد أن فرغوا من بيعته قال لهم جميعاً:
(أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم بما فيهم كفلاء (193) وهذا أمر
من رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه للجميع بأن ينتخبوا من الجميع، ولم يخصص
الرجل، ولم يستثن النساء، لا فيمن يَنتخب ولا فيمن يُنتخب، والمطلق يجرى على
إطلاقه ما لم يرد دليل التقييد، كما أن العام يجري على عمومه ما لم يرد دليل
التخصيص.
وهنا جاء الكلام عاماً ومطلقاً، ولم يرد دليل
التقيد أو التخصيص فيدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر المرأتين أن
تنتخبا النقباء وجعل لكل من المرأتين حق انتخابها من المسلمين نقيبتين.
الثالث: الشورى
لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلح
الحديبية ولقي مقاومة عنيفة من المسلمين لشروطها، وأمرهم أن ينحروا، ويحلقوا، فرفض
المسلمون جميعاً ذلك، فدخل على زوجته أم سلمة رضي الله عنها، وأخبرها بما صنعه
المسلمون فأشارت عليه أن يخرج، وينحر، ويحلق، فأخذ برأيها، وفعل كما قالت له، فهبّ
المسلمون ينحرون ويحلقون حتى كادوا يتذابحون؟ لسرعتهم في التقيد بفعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم(194) وهذا يدل على حق المرأة في الشورى، وأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان يشاور النساء، ويأخذ برأيهن، فيجوز أن تكون عضواً في مجلس
الشورى لتعطي رأيها كما فعلت أم سلمة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم(195).
(3) حق تولي المناصب الحكومية
يرى أكثر الفقهاء على أن المناصب الحكومية ليست
ممنوعة على المرأة سوى رئاسة الدولة العليا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
بلغه أن الفرس ولوا الرئاسة عليهم إحدى بنات كسرى بعد موته فقال: (ما أفلح قوم
ولوا أمرهم امرأة). وإن أبا حنيفة النعمان يجيز أن تتولى القضاء في بعض الأحيان.
ويرى الدكتور مصطفى السباعي في كتابه المرأة بين الفقه والقانون بأن منع المرأة من
تولي رئاسة الدولة العليا لا علاقة له بموقف الإسلام من إنسانية المرأة، وكرامتها،
وأهليتها، وإنما هو وثيق الصلة بمصلحة الأمة وبحالة المرأة النفسية ورسالتها
الاجتماعية، ويقول: (إن رئيس الدولة في الإسلام ليس صورة رمزية للزينة والتوقيع،
وإنما هو قائد المجتمع، ورأسه المفكر، ووجه البارز فهو الذي يعلن الحرب على
الأعداء، ويقود جيش الأمة في ميادين الكفاح، ويقرر السلم والمهادنة إن كانت
المصلحة فيها، أو الحرب والاستمرار فيها إن كانت المصلحة تقتضيها، وطبيعي أن يكون ذلك
كله بعد استشارة أهل الحل والعقد في الأمة عملاً بقول الله تعالى: وشاورهم في
الأمر؟ (196) ولكنه هو الذي يعلن قرارهم، ويرجع ما اختلفوا فيه عملاً بقول الله
تعالى بعد ذلك: فإذا عزمت فتوكل على الله(197).
ورئيس الدولة في الإسلام يتولى خطابة الجمعة في
المسجد الجامع، وإمامة الناس في الصلوات، والفقهاء بين الناس في الخصومات إذا اتسع
وقته لذلك.
ومما لا ينكر أن هذه الوظائف الخطيرة لا تتفق
مع تكوين المرأة النفسي، والعاطفي، وبخاصة ما يتعلق بالحروب وقيادة الجيوش فإن ذلك
يقتضي من قوة الأعصاب، وتغليب العقل على العاطفة والشجاعة في حوض المعارك، ورؤية
الدماء ما نحمد الله على أن المرأة ليست كذلك وإلا فقدت الحياة أجمل ما فيها من
رحمة ووداعة وحنان، ويرى الدكتور محمد سليم العوا: إن الفقهاء حين تحدثوا عن منع
المرأة من تولي رئاسة الدولة كان المقصود منها دولة الخلافة، أما الدولة المعاصرة
فهي دولة دستورية فيها قوانين محددة لكل سلطة، وفيها فصل بين السلطات ولا يمكن أن
يكون فيها اختصاصات الرئيس يعفي منها اختصاص الخليفة، فهناك منعت المرأة لماذا؟
يقول الدكتور محمد سليم العوا: لأنها لا تستطع أن تؤم الرجال بالصلاة، ورئيس
الدولة الآن غير مطلوب منه أن يؤم الصلاة، وهي لا تستطيع تولي القضاء العام لأنها
كانت من مهمات الخليفة أما اليوم فرئيس الدولة ليس قاضيا،ً هناك سلطة قضائية
مستقلة، والخليفة كان مشرعاً، واليوم هناك فصل بين السلطات، فرئيس الدولة لا يشرع
وإنما البرلمان الذي يشرع وفيه رجال ونساء، وينتهي الدكتور عوا إلى القول بأنه لا
يرى مانعاً يحول دون أن تتولى المرأة أي منصب كان بما في ذلك رئاسة الدولة، ودولة
الخلافة هي التي لن يصلح فيها قوم ولوا أمرهم امرأة، ونحن لا نتبنى رأي الدكتور
محمد سليم العوا وإنما نورد رأيه إغناءً للبحث.
الباب الثاني: حقوق الإنسان الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية
الفصل الثالث: حقوق الإنسان الاجتماعية
ثالثاً - حقوق المرأة
1 - التطور التاريخي لحقوق المرأة
أ - حقوق المرأة عند اليونان:
كانت المرأة في المجتمع اليوناني في أول عهده
بالحضارة محصنة وعفيفة لا تغادر البيت، وتقوم فيه بكل ما يحتاج إليه من رعاية،
وكانت محرومة من الثقافة لا تسهم في الحياة العامة بقليل ولا كثير، وكانت محتقرة
حتى سموها رجساً من عمل الشيطان، وكان الحجاب شائعاً عندهم في البيوتات العالية،
أما من الوجهة القانونية فقد كانت المرأة عندهم كسقط المتاع، تباع وتشترى بالأسواق،
وهي مسلوبة الحرية والمكانة في كل ما يرجع إلى حقوقها المدنية، ولم يعطوها حقاً في
الميراث، وأبقوها طيلة حياتها خاضعة لسلطة الرجل، ووكلوا إليه أمر رزقها، فهو
يستطيع أن يفرض عليها من يشاء زوجاً، وعهدوا إليه بالإشراف عليها في إدارة
أموالها، فهي لا تستطيع أن تبرم عقداً دون موافقته، وجعلوا للرجل الحق المطلق في
فصل عرى الزوجية، بينما لم يمنحوا للمرأة حق طلب الطلاق إلا في حالات استثنائية،
بل وضعوا العراقيل في سبيل الوصول إلى هذا الحق، ومن ذلك أن المرأة إذا أرادت أن
تذهب إلى المحكمة لطلب الطلاق، تربص بها الرجل في الطريق فأسرها وأعادها قسراً إلى
البيت.
أما في (إسبارطة) فقد توسعوا في إعطائها شيئاً
من الحقوق المدنية، فأعطوها شيئاً من الحق في الإرث والبائنة (الدوطة) وأهلية
التعامل، وما كان ذلك عن سماحة منهم واعتراف بأهلية المرأة، وإنما كان لوضع
المدينة الحربي حيث كان أهلها في حرب وقتال، فكان الرجال يشتغلون بالحرب دائماً،
ويتركون التصرف في حال غيبتهم للنساء ومن هنا كانت المرأة أكثر خروجاً إلى الشارع
وأوسع حرفة من أختها في أثينا وسائر مدن اليونان.
ومع هذا فقد كان أرسطو يعيب على أهل إسبارطة
هذه الحرية والحقوق التي أعطوها للمرأة، ويعزو سقوط إسبارطة وانحلالها إلى هذه
الحرية والحقوق.
وفي أوج حضارة اليونان تعدلت أوضاع المرأة
واختلطت بالرجال في الأندية، والمجتمعات، فشاعت الفاحشة حتى أصبح الزنا أمراً غير
منكر، وحتى غدت دور البغايا مراكز للسياسة والأدب، ثم اتخذوا التماثيل العارية
باسم الأدب والفن، ثم اعترفت ديانتهم بالعلاقة الآثمة بين الرجل والمرأة، فمنهم
آلهتهم (أفروديت) التي خانت مع ثلاثة آلهة وهي زوجة إله واحد، وكان من أخدانها رجل
من عامة البشر فولدت (كيوبيد) إله الحب عندهم.
ولم يشبع ذلك غرائزهم حتى انتشر عندهم الاتصال
الجنسي الشاذ بين الرجل والرجل، وأقاموا لذلك تمثال (هرموديس) و (وارستوجنتين)
وهما في علاقة آثمة، وكان ذلك خاتمة المطاف في حضارتهم فانهارت وزالوا.
ب - حقوق المرأة عند الرومان:
أما عند الرومان فقد كان لأمر عندهم في العصر
القديم أن الأب ليس ملزماً بقبول ضم ولده منه إلى أسرته ذكراً كان أم أنثى، بل كان
يوضع الطفل بعد ولادته عند قدميه، فإذا رفعه وأخذه كان دليلاً على أنه ضمه إلى
أسرته، وإلا فإنه يعني رفضه لذلك، فيؤخذ الوليد إلى الساحة العامة أو إلى باحات
هياكل العبادة فيطرح هناك، فمن شاء أخذه إذا كان ذكراً، وإلا فإنه يموت جوعاً
وعطشاً وتأثراً من حرارة الشمس أو برودة الشتاء.
وكان لرب الأسرة أن يدخل في أسرته من الأجانب
من يشاء ويخرج منها من أبنائه من يشاء، عن طريق البيع، وكانت سلطته على أبنائه
وبناته تمتد حتى وفاته مهما بلغ سن الأبناء والبنات، كما كانت له سلطة على زوجته
وزوجات أبنائه وأبناء أبنائه، وكانت هذه السلطة تشمل البيع والنفي والتعذيب
والقتل، فكانت سلطته سلطة ملك لا حماية، ولم يلغ ذلك إلا في عهد جوشنياف (المتوفى
عام 565م) فإن سلطة الأب لم تعد تتجاوز التأديب.
وكان رب الأسرة هو مالك كل أموالها، فليس لفرد
فيها حق التملك، وإنما هو الذي يقوم بتزويج الأبناء والبنات دون إرادتهم.
أما الأهلية المالية فلم يكن للبنت حق التملك
وإذا اكتسبت مالاً أضيف إلى أموال الأسرة، ولا يؤثر على ذلك بلوغها ولا زواجها،
وفي العصور المتأخرة في عصر قسطنطين تقرر أن الأموال التي تحوزها البنت عن طريق ميراث
أمها تتميز عن أموال أبيها، ولكن له الحق في استعمالها واستغلالها، وعند تحرير
البنت من سلطة رب الأسرة يحتفظ الأب بثلث أموالها كملك له ويعطيها الثلثين.
وفي عهد جوستثيان قرر أنه كلما تكتسبه البنت
بسبب عملها أو عن طريق شخص آخر غير رب أسرتها يعتبر ملكاً لها، أما الأموال التي
يعطيها رب الأسرة فتظل ملكاً له، على أنها وإن أعطيت حق تملك تلك الأموال فإنها لم
تكن تستطيع التصرف فيها دون موافقة رب الأسرة. وإذا مات رب الأسرة يتحرر الابن إذا
كان بالغاً، أما الفتاة فتنتقل الولاية عليها إلى الوصي ما دامت على قيد الحياة، ثم
عدّل ذلك أخيراً بحيلة للتخلص من ولاية الوصي الشرعي بأن تبيع المرأة نفسها لولي
تختاره، فيكون متفقاً فيما بينهما أن هذا البيع لتحريرها من قيود الولاية، فلا
يعارضها الولي الذي اشتراها في أي تصرف تقوم به.
وإذا تزوجت الفتاة أبرمت مع زوجها عقداً يسمى
(اتفاق السيادة) أي بسيادة الزوج عليها بإحدى ثلاث طرق:
1 - في حفلة دينية على يد الكاهن.
2 - بالشراء الرمزي أي يشتري الزوج زوجته.
3 - بالمعاشرة الممتدة بعد الزواج إلى سنة
كاملة.
وبذلك يفقد رب الأسرة سلطته الأبوية على ابنته،
وتنتقل السلطة إلى الزوج، وقد تحولت السلطة على المرأة في عهد الازدهار العلمي
للقانون الروماني من سلطة ملك إلى سلطة حماية، ولكنها مع ذلك بقيت قاصرة الأهلية.
كانت قوانين الألواح الاثني عشر تعتبر الأسباب
الثلاثة الآتية أسباباً لعدم ممارسة الأهلية وهي: السن، الحالة العقلية، الجنس أي
الأنوثة، وكان الفقهاء الرومان القدامى يعللون فرض الحجر على النساء بقولهم:
لطيش عقولهن، جاء قانون جوستنيان ينص على أنه
يشترط لصحة التعاقد أهلية حقوقية وأهلية فعلية واقعية.
أما الأهلية الحقوقية فيعتبر فاقداً لها:
1 - الرقيق، 2- الأجانب في العقود الوطنية، 3-
الخاضعات لسلطة رئيس الأسرة، وهن البنات والزوجات.
وأما الأهلية الفعلية الواقعية فيعتبر فاقداً
لها:
1 - الأولاد الصغار والمعتوهون.
2 - السفهاء في الحالة التي يصبحون فيها
مدينين.
3 - البنات والسيدات البالغات الخاضعات لسلطة
رئيس أسرة (أب أو زوج).
4 - النساء البالغات المستقلات، وذلك في الحالة
التي يصبحن فيها مدينات دون إذن من الوصي عليهن.
جـ - حقوق المرأة في شريعة حمورابي:
كانت المرأة في شريعة حمورابي تحسب في عداد
الماشية المملوكة، فمن قتل بنتاً لرجل كان عليه أن يسلّم ابنته ليقتلها أو
يمتلكها.
د - حقوق المرأة في شريعة مانو الهندية:
لم يكن للمرأة في شريعة مانو الحق في الاستقلال
عن أبيها أو زوجها أو ولدها، فإذا مات هؤلاء جميعاً وجب أن تنتمي إلى رجل من أقارب
زوجها، وهي قاصرة طيلة حياتها، ولم يكن لها حق في الحياة بعد وفاة زوجها بل يجب أن
تموت يوم موت زوجها، وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد.
واستمرت هذه العادة حتى القرن السابع عشر حيث
أبطلت على كره من رجال الدين الهنود.
وكانت تقدم قرباناً للآلهة لترضى، أو تأمر
بالمطر أو الرزق، وفي مناطق الهند القديمة شجرة يجب أن يقدم لها أهل المنطقة فتاة
تأكلها كل سنة.
وجاء في شرائع الهندوس: ليس الصبر المقدر
والريح ، والموت والجحيم والسم والأفاعي والنار أسوأ من المرأة.
د - حقوق المرأة عند اليهود:
كانت بعض طوائف اليهود تعتبر البنت في مرتبة
الخادم، وكان لأبيها الحق في أن يبيعها قاصرة، وما كانت ترث إلا إذا لم يكن لأبيها
ذرية من البنين، وإلا ما كان يتبرع بها لها أبوها في حياته.
وحين تحرم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر،
يثبت لها على أخيها النفقة والمهر عند الزواج إذا كان الأب قد ترك عقاراً فيعطيها
من العقار، أما إذا ترك مالاً فلا شيء لها من النفقة والمهر ولو ترك القناطير
المقنطرة، واليهود يعتبرون المرأة لعنة لأنها أغوت آدم، وقد جاء في توراتهم:
(المرأة من الموت، وإن الصالح أمام الله ينجو منها -رجلاً واحداً بين ألف وجدت،
أما المرأة فبين كل أولئك لم أجد).
هـ- حقوق المرأة عند المسيحيين:
لقد هال رجال المسيحية الأوائل ما رأوا في
المجتمع الروماني من انتشار الفواحش والمنكرات، وما آل إليه من انحلال أخلاقي
شنيع، فاعتبروا المرأة مسؤولة عن هذا كله لأنها كانت تخرج إلى المجتمعات، وتتمتع
بما تشاء من اللهو، وتختلط بمن تشاء من الرجال كما تشاء، فقرروا أن الزواج دنس يجب
الابتعاد عنه، وإن الأعزب عند الله أكرم من المتزوج، وأعلنوا أن المرأة باب
الشيطان، وأنها يجب أن تسخر من جمالها لأنه سلاح إبليس للفتنة والإغراء.
وقال القديس سوستان: إنها شر لابد منه، وآفة
مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة.
وفي القرن الخامس الميلادي اجتمع مجمع (ماكون)
للبحث في المسألة التالية: هل المرأة مجرد جسم لا روح فيه؟ أم لها روح؟
وأخيراً قرروا أنها خلو من الروح الناجية من
عذاب جهنم ماعدا أم المسيح.
ولما دخلت أمم الغرب في المسيحية كانت آراء
رجال الدين قد أثرت في نظرتهم إلى المرأة، فعقد الفرنسيون مؤتمراً في عام 586
للميلاد (أي أيام شباب النبي محمد صلى الله عليه وسلم) للبحث: هل تعد المرأة
إنساناً أم غير إنسان؟ وأخيراً قرروا أنها إنسان خلقت لخدمة الرجل فحسب.
واستمر الغرب في احتقار المرأة وحرمانها
لحقوقها طوال القرون الوسطى حتى إن عهد الفروسية الذي كان يظن فيه أن المرأة احتلت
شيئاً من المكانة الاجتماعية، حيث كان الفرسان يتغزلون بها ويرفعون من شأنها، لم
يكن عهد خير لها بالنسبة لوضعها القانوني والاجتماعي، فقد ظلت تعتبر قاصرة لاحق
لها في التصرف بأموالها دون إذن زوجها. ومن الطريف بالذكر أن القانون الإنجليزي
حتى عام 1805 كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات، فقد
حدث أن باع إنجليزي زوجته بمبلغ قدره خمسمائة جنيه وقال محاميه في الدفاع عنه: إن
القانون الإنجليزي قبل مئة عام كان يبيح للزوج أن يبيع زوجته بستة بنسات بشرط أن
يتم البيع بموافقة الزوجة، فأجابت المحكمة بأن هذا القانون قد ألغي عام 1805
بقانون يمنع بيع الزوجات أو التنازل عنهن، وبعد المداولة حكمت المحكمة على بائع
زوجته بالسجن عشرة أشهر.
ولما قامت الثورة الفرنسية وأعلنت تحرير
الإنسان لم تشمل بحنوها المرأة، فنص القانون المدني الفرنسي على أنها ليست أهلاً
للتعاقد دون رضا وليها إن كانت غير متزوجة.
وقد جاء النص على أن القاصرين هم: الصبي،
والمجنون، والمرأة، واستمر ذلك حتى عام 1938 حيث عدلت هذه النصوص لمصلحة المرأة،
ولا تزال فيها بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة(163).
2 - الحقوق التي حصلت عليها المرأة عن طريق
الأمم المتحدة:
لقد تبيّن لنا من التطور التاريخي لحقوق المرأة
أن العالم دخل الثورة الصناعية، والمرأة مضطهدة، وقد تخلى الرجل عن إعالتها وحرمت
من التعليم، ومن حق التصرف في مالها، ومن حق الاختيار في الزواج، وأمام حاجتها
لإعالة نفسها، وحاجة المصانع الجديدة لأيدي عاملة رخيصة، اضطر لإخراج المرأة من
البيت، وانتهز حاجتها واستغل فرصة زيادة العرض ليرخص من أجورها، واستغنى أصحب
الأعمال بالمرأة الرخيصة الأجر عن العامل الذي يرفع رأسه ويطالب بأجر كريم. وحين
طالبت المرأة بالمساواة، كانت تعني أولاً وبالذات المساواة في الأجور لتأكل وتعيش،
ولما لم تتمكن من تحقيق هذه المساواة طالبت بحق الانتخاب، ليكون لها صوت يحسب
حسابه، ثم طالبت بدخول البرلمانات ليكون لها صوت إيجابي في تقرير المساواة لأن
القوانين التي تحكم لجميع يسنّها الرجل وحده.
ويجب أن نذكر أن فرنسا حتى عهد الجمهورية
الرابعة بعد الحرب العالمية الثانية، لم تمنح المرأة حق التصرف في مالها إلا بإذن
من وليها في حين منحتها حق ممارسة الدعارة العلنية.
أ - المساواة بين الرجل والمرأة:
لقد جاء في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة ما يلي:
(نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية
للإنسان، وبكرامة الفرد وقيمته، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من
حقوق متساوية).
كما أن أحد أهداف الأمم المتحدة، كما هو مبيّن
بالمادة الأولى من الميثاق هو (تحقيق التعاون الدولي على حلّ المشكلات العالمية
الاقتصادية والاجتماعية، والثقافية والإنسانية، والعمل على تعزيز احترام حقوق
الإنسان وحرياته دون تمييز).
وتعلن المادة الثانية أنه: (لا تفرض الأمم
المتحدة قيوداً تحدّ بها جواز اختيار الرجال والنساء للاشتراك بأية صفة، وعلى وجه
المساواة في فروعها الرئيسة والثانوية).
والعهدان الدوليان الخاصان بحقوق الإنسان
يحظران التمييز على أساس الجنس.
ب - الإعلان العالمي للقضاء على التمييز ضد
المرأة:
في تاريخ 7/11/1967 أعلنت الجمعية العامة
قرارها (2263) وهو الإعلان العالمي للقضاء على التمييز ضد المرأة.
وقد جاء في ديباجة هذا الإعلان ما يعكس قلق
الجمعية العامة على استمرار التمييز ضد المرأة، وقد جاء فيها:
(رغم ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي
لحقوق الإنسان، والاتفاقيتين الدوليتين الخاصتين بحقوق الإنسان، والوثائق الأخرى
الصادرة عن الأمم المتحدة والوكالات المتخصصة -ورغم التقدم الذي تمّ إحرازه في
ميدان المساواة في الحقوق، فإنه لا يزال هناك قدر كبير من التمييز ضد المرأة).
ويبيّن الإعلان في مادته الأولى:
1 - أنّ التمييز ضد المرأة بإنكار أو تقييد
تساويها في الحقوق مع الرجل، يمثل إجحافاً أساسياً، ويعدّ جريمة مخلّة بالكرامة
الإنسانية.
ويدعو في مواد أخرى إلى اتخاذ التدابير لضمان
الاعتراف العالمي قانوناً وواقعاً بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة، ومن هذه
التدابير:
- إلغاء القوانين والعادات والأنظمة والممارسات
القائمة المنطوية على أي تمييز ضد المرأة.
- توفير الحماية القانونية الكافية لتأمين
تساوي حقوق الرجل والمرأة.
- الإهابة بالحكومات والمنظمات غير الحكومية،
والأفراد لتعزيز تنفيذ المبادئ الواردة بهذا الإعلان.
ويتناول مواد أخرى: الحقوق السياسية، وحق
الجنسية، والحقوق في القانون المدني، والبنود القائمة على التمييز في قانون
العقوبات، والاتجار في المرأة، وحقوق التعليم، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
جـ - معاهدة القضاء على التمييز ضد المرأة:
منذ عام 1974 والأجهزة المختصة بالأمم المتحدة
مشغولة بإعداد معاهدة دولية بشأن القضاء على التمييز ضد المرأة. وفي عام 1976
استطاعت الموافقة على مسودة لمعاهدة وضعت على أساس مواد قامت مجموعة العمل
بصياغتها، وتمّ إقرارها عام 1978.
د - حق المرأة في الانتخاب
ابتداء من عام 1977 اعترفت (139) من الدول
الأعضاء البالغ عددها الإجمالي (147) بحق المرأة في الانتخاب.
هـ - المعاهدة الخاصة بجنسية المرأة المتزوجة
لقد أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة
بدورتها رقم (11) عام 1957، بالقرار رقم (104) المعاهدة الخاصة بجنسية المرأة
المتزوجة، وحددت المعاهدة الالتزامات التالية بالنسبة لكل دولة موقعة:
(1) يراعى ألا يؤثّر الارتباط بالزواج، أو حدوث
الطلاق بين إحدى رعاياها، وأي أجنبي أو تغيير جنسية الزوج خلال الزواج على جنسية
الزوجة بصورة آلية.
(2) يراعى ألاّ يحول الحصول الاختياري على
جنسية دولة أخرى، أو تخلي أحد رعاياها عن جنسيته دون احتفاظ هذا المواطن بجنسيتها.
(3) يجوز لأي زوجة أجنبية أن تحصل بناء على
طلبها على جنسية زوجها عن طريق إجراءات خاصة وتفصيلية لمنح الجنسية، ويجوز أن يخضع
منح هذه الجنسية للقيود التي قد تفرضها مصالح الأمن القومي، والسياسة العامة.
(4) يراعى ألا تؤول هذه المعاهدة على أنها تؤثر
على أي تشريع، أو ممارسة قضائية يجوز بمقتضاها أن تحصل الزوجة الأجنبية لأحد
مواطنيها بناء على طلبه للحصول على جنسية زوجها. كحق من الحقوق المسلم به.
و - المعاهدة الخاصة بحظر الاتجار في الأشخاص
والبغاء التي وافقت عليها الجمعية العامة عام 1949.
ووفق هذه المعاهدة توافق الدول الأطراف على
معاقبة أي شخص يقوم من أجل إشباع الرغبات الجنسية للآخرين: بجلب أو غواية أو قوادة
شخص آخر بغرض البغاء حتى لو تمّ هذا بموافقة ذلك الشخص، أو يقوم باستغلال شخص آخر
للبغاء، ولو كان برضا هذا الشخص أو بامتلاك أو إدارة أو تمويل ماخور عن علم، أو
السماح بتأخير مبنى أو مكان آخر، أو جزء من ذلك المكان بغرض البغاء.
ز - المعاهدة التكميلية بإلغاء العبودية وتجارة
الرقيق والعادات والممارسات التي تمثل العبودية.
تعدد هذه المعاهدات التي أقرها مؤتمر للمبعوثين
السياسيين عقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي عام 1956 العادات والممارسات التي
تماثل العبودية وهي أي عادة، أو ممارسة بمقتضاها:
(1) توعد أي امرأة بالزواج، أو تزوجها دون
منحها حق الرفض مقابل مال يدفع نقداً أو عيناً لوالديها، أو للوصي، أو للأسرة أو
أي شخص أو مجموعة أشخاص آخرين.
(2) يكون لزوج امرأة ما أو لأسرته، أو عشيرته
الحق في نقلها إلى شخص آخر مقابل قيمة يتلقّاها أو خلاف ذلك.
(3) تتعرض أي امرأة بعد زواجها لأن يتوارثها
شخص آخر.
ح - السن الأدنى للزواج.
إن التوجه التي أقرتها الجمعية العامة للأمم
المتحدة عام 1965 بالقرار رقم 2018 دورة 20:
إن السن الأدنى للزواج لا يجوز أن يقل بأي حال
عن /15/ عاماً.
ط - المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق في
حالة حل الزواج، أو إلغائه أو الانفصال القانوني.
لقد أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بأن تتخذ
الحكومات جميع التدابير الممكنة لضمان المساواة في الحقوق بين الرجل والمرأة في
حالة حل الزواج أو إلغائه أو الانفصال القانوني المبادئ التالية:
(1) توفير تسهيلات التصالح.
(2) يراعي عدم منح الطلاق أو الانفصال القانون
إلا عن طريق السلطة القضائية المختصة ويراعي تسجيله قانونياً.
(3) يراعي تمتع كلا الزوجين بالقواعد القانونية
نفسها والدفاع القانوني عن إجراءات الطلاق أو إلغاء الزواج أو الانفصال القانوني.
(4) يراعي أن يكفل القانون لكلا الزوجين الحق
في تقديم الموافقة الكاملة والحرة، أو الإمساك عنها في حالة الطلاق على أساس
الموافقة المشتركة في البلاد التي تكون الموافقة المشتركة فيها شرطاً للطلاق.
(5) في الإجراءات القضائية المتصلة بحضانة
الأطفال يراعي أن يعطى لمصلحة الأطفال الاعتبار الأكبر.
(6) يراعي ألا يحدث نتيجة للطلاق، أو إلغاء
الزواج، أو الانفصال القانوني، أو حل الزواج بالوفاة عدم مساواة بين الرجل والمرأة
في الوضع والأهلية القانونيتين.
ي - حرية وصول المرأة إلى التعليم والتدريب.
لقد اهتم عدد من أجهزة الأمم المتحدة على مرّ
السنين بصياغة تدابير لتحسين حرية وصول المرأة والفتاة إلى التعليم والتدريب.
وكانت هذه الأجهزة تهتدي في هذا الشأن بما ورد في الإعلان العالمي، والمعاهدات
الدولية وقرار الأمم المتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان.
وفي عام 1960 أقر المؤتمر العام لليونسكو
معاهدة وتوصية اليونسكو للقضاء على التميز في التعليم. والآن تقوم اليونسكو على
فترات منتظمة بتقديم تقارير إلى اللجنة الخاصة بوضع المرأة بشأن مختلف أوجه حرية
وصول الفتاة والمرأة إلى التعليم والتدريب وتقارير بشأن أنشطتها ذات الاهتمام
الخاص بالمرأة وعلى أساس هذه المعلومات وغيرها من المعلومات المتاحة أقرت اللجنة
وأجهزة الأمم المتحدة الأخرى المعينة قرارات ومقررات استهدفت ضمان المساواة في
المعاملة على المستويات كافة وفي جميع المجالات وفي التدريب التقني والمهني وكذا
في التدريب النظري.
وفيما يتصل بالتعليم الابتدائي قام المجلس
الاقتصادي والاجتماعي بناء على مبادرة اللجنة الخاصة بمركز المرأة بالتوصية في عام
1962 بمراعاة تقديم التعليم الأولي المجاني والإلزامي والشامل للأطفال من كلا
الجنسين، وأن تتخذ التدابير لزيادة حضور الفتيات في التعليم الأولي، وأن تطور
أشكال خاصة من تعليم الكبار للمرأة.
وفيما يتصل بالتعليم الثانوي اقترح المجلس في
عام 1965 أن تراعى الدول عند التخطيط لنظامها التربوي اتخاذ تدابير من شأنها أن
تضمن للفتيات على قدم المساواة التامة مع الأولاد حرية الوصول إلى التعليم الثانوي
سواء العادي منه أو الخاص بإعداد المعلمين المهني أو التقني.
وفي عام 1966 أقرت اليونسكو برنامجاً طويل
المدى من أجل تقديم المرأة من خلال حرية الوصول إلي التعليم والعلوم والثقافة،
وطبقاً لهذا البرنامج يقوم منذ ذلك الوقت بتنفيذ عدد من المشروعات التجريبية
لتشجيع تكافؤ الفرص للمرأة والفتاة في التعليم مع التركيز على محور الأمية
والتعليم المهني والتقني والتعليم في إطار التنمية الريفية باعتبارها مجالات ذات
أولوية.
وفي السنوات الأخيرة اتسعت جهود اليونسكو التي
لا تزال تشتمل على عنصر تربوي كبير، بحيث اشتملت على اهتمامات أخرى وعلى وجه
الخصوص تعزيز دور المرأة في عمليات صنع القرار وتعزيز السلام، وتدريس أوضاع المرأة
باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من تدريس حقوق الإنسان وحرية وصول المرأة إلى العلوم
والتكنولوجيا، ودراسة هيكل وسائل الاتصال الجماهيرية في المجتمع وعلاقتها بوضع
المرأة.
ك- تحسين الوضع والدور الاقتصادي للمرأة
والفتاة:
على مرّ السنين كانت أجهزة الأمم المتحدة تسعى
لإقرار تدابير لتحسين الوضع، والدور الاقتصادي للمرأة والفتاة، وكانت هذه الجهود
تهتدي بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان ولوائح حقوق الإنسان، وبمعاهدة منظمة العمل
الدولية الخاصة بالأجر المتكافئ التي تكفل أجراً متساوياً عن نفس العمل للعمال من
الرجال والنساء، والمعاهدة المنقحة للعمل الليلي للمرأة والمعاهدة المنقحة للعمل
تحت الأرض.
على أنّ المشكلات التي تصادف المرأة والفتاة
فيما يتصل بوضعهما ودورهما في الحياة الاقتصادية لمجتمعاتها المحلية تنشأ عن
الممارسة أكثر منها نتيجة للقانون.
ل - معاهدة وتوصية منظمة العمل الدولية بشأن
المكافأة المتساوية.
لقد أقر المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في
29 حزيران 1951 المعاهدة والتوصية بشأن المكافأة المتساوية للعامل والعاملة عن
العمل ذي القيمة (المتكافئة).
وفي المعاهدة عرفت كلمة (متكافئة) بأنها تتضمن
(الأجر والراتب العادي أو الأساسي أو الأدنى، وأي مبالغ إضافية أياً كانت بصورة
مباشرة أو غير مباشرة نقداً أو عيناً إلى العامل نتيجة لاستخدامه.
الباب الثاني: حقوق الإنسان الاقتصادية
والاجتماعية والثقافية
الفصل الرابع: حقوق الإنسان الاجتماعية في
الشريعة الإسلامية
ثالثاً - حقوق المرأة في الإسلام
1 - المبادئ الأساسية لتكريم المرأة في الإسلام
(تتلخّص المبادئ الإصلاحية التي أعلنها الإسلام
على لسان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالمرأة في المبادئ
التالية:
أ - إن المرأة كالرجل في الإنسانية سواء بسواء
قال الله تعالى: ?يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة?(174) وقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما النساء شقائق الرجال)(175).
ب - دفع الإسلام عن المرأة اللعنة التي كان
يصفها بها رجال الديانات السابقة، فلم يجعل عقوبة آدم بالخروج من الجنة ناشئاً
منها وحدها بل منهما معاً قال تعالى: ?فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا
فيه?(176) ثم قرر مبدأ آخر يعفي المرأة من مسؤولية أمها حواء وهو يشمل المرأة
والرجل على السواء ?تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم?.(177).
جـ - إن المرأة أهل للتدين والعبادة ودخول
الجنة إن أحسنت، أما إذا أساءت فمعاقبتها كالرجل سواء بسواء قال الله تعالى: ?من
عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما
كانوا يعملون?. (178).
د - حارب الإسلام التشاؤم بها والحزن لولادتها
كما كان شأن العرب، ولا يزال شأن كثير من الأمم، فقال الله تعالى منكراً هذه
العادة السيئة: ?وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً وهو كظيم، يتوارى من القوم
من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون?(179).
هـ - أمر إكرامها: بنتاً، وزوجاً، وأماً، قال
تعالى: ?ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة
ورحمة?(180).
وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحق
الناس بحسن صحبتي؟ (قال: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك ثم أدناك أدناك)(181).
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم من عال جاريتين (أي بنتين) حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم
أصابعه(182).
و - رغب في تعليمها، وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: (طلب العلم فريضة على كل مسلم)(183) ولفظ مسلم هنا يشمل الذكر والأنثى.
ز- أعطاها حقها في الإرث: أماً، وزوجة، وبنتاً،
كبيرة كانت أم صغيرة أم حملاً في بطن أمها.
ح - نظم حقوق الزوجين وجعل لها حقوقاً كحقوق
الرجل مع رئاسة الرجل لشؤون البيت، وهي رئاسة غير مستبدة، ولا ظالمة، قال الله
تعالى: ?ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة?(184).
ومن هذا يتبين أن الإسلام أحل المرأة المكانة
اللائقة بها في مجالات ثلاثة:
(1) المجال الإنساني: فقد اعترف بإنسانيتها
كاملة كالرجل وهذا ما كان محل شك، أو إنكار الأمم المتحدثة السابقة.
(2) المجال الاجتماعي: فقد فتح أمامهما مجال
التعليم، وأسبغ عليها مكاناً اجتماعياً كريماً في مختلف مراحل حياتها منذ طفولتها
حتى نهاية حياتها، بل إن هذه الكرامة تنمو كلما تقدمت في العمر من طفلة، إلى زوجة،
إلى أم، حيث تكون في سن الشيخوخة التي تحتاج معها إلى مزيد من الحب، والحنو،
والإكرام.
(3) المجال الحقوقي: فقد أعطاها الأهلية
المالية الكاملة في جميع التصرفات حين تبلغ سن الرشد، ولم يجعل لأحد عليها ولاية
من أب أو زوج، أو رب أسرة) (185).
2 - الحقوق التي أعطاها الإسلام للمرأة في
الشؤون الاجتماعية
أ - حق التعليم:
حثّ الإسلام على العلم ورغب به الرجال والنساء
على السواء وليس فيه نص واحد صحيح يحرم على المرأة أن تتعلم، وإن في التاريخ
الإسلامي مئات العاملات والأديبات، والمحدثات ممن اشتهرن بذلك ودونت سيرتهن في كتب
التراجم.
ب - حق المرأة في العمل والوظيفة:
لا يوجد في الإسلام ما يمنع من تولي المرأة
الوظائف لكمال أهليتها، ولكن يجب أن يتم ذلك وفق مبادئ الإسلام وأخلاقه، فلا يصح
أن تكون الوظيفة معطلة لعمل الأم في بيتها وإشرافها على شؤون عائلتها(186).
قال الأستاذ الشيخ محمد أبو زهرة:
أما تمكين المرأة من العمل فقد قررنا أن
الشريعة لا تعارضه، لكن على أساس أن عمل المرأة في الحياة هو أن تكون ربة أسرة،
فهي التي تظلها بعطفها، وحنانها، ترعى أم أولادها، وتغذيهم بأعلى الأحاسيس
الاجتماعية وهي التي تربي فيهم روح الائتلاف مع المجتمع حتى يخرجوا إليه وهم
يألفون ويُؤلفون.
إن الغذاء الروحي الذي تقدمه الأم لأولادها
يربي أجسامه وينميهم فقد أثبتت التجارب العملية التي أجريت لاختبار نمو الأطفال
الذين يتربون بين آبائهم وأمهاتهم أنه بعد تجاوز السنة الأولى من أعمارهم يكون نمو
الطفل بين أبويه أوضح وأكثر لأنه يحتاج بعد السنة الأولى إلى غذاء من العواطف كما
يحتاج إلى غذاء من المادة، بل ثبت أن غذاء العاطفة ينميه ولو لم تكن الرعاية
الصحية كاملة من كل الوجوه.. أما النمو النفسي، والعقلي، والتهذيب، والسيطرة على
الغرائز. فإنه يكون كاملاً في الطفل بين أبويه بينما يكون دون ذلك بكثير في الملجأ
أو دار الحضانة.
ولا يمكن تنظيم الأسرة من غير ربة بيت راعية
كاملة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة
عن رعيتها)(187).
وذلك ليس هو النظام الشرعي الاجتماعي فقط بل هو
النظام الطبيعي، ولهذا قلنا: إن عمل المرأة لا يكون من الناحية الاجتماعية أصلاً
بل يكون استثنائياً وذلك في الأحوال التالية:
الأولى: أن تكون المرأة ذات نبوغ خاص يندر في
الرجال والنساء معاً، والمصلحة الاجتماعية توجب في هذه الحالة أن تعمل ليعود ذلك
النبوغ على المجتمع بنفع عام، وفي هذا تترك جزء من أمومتها في سبيل المصلحة
العامة.
الثانية: أن تتولى المرأة عملاً هو أليق
بالنساء كتربية الأطفال وتعليمهم فيكون الطفل في حضانة أمه داخل البيت، وفي عطف
المرأة ورعايتها في المدرسة، ومثل تعليم الأطفال تطبيب النساء، ولقد قرر الفقهاء
أن بعض هذه الأعمال فرض كفاية كالقابلات فإن عملهن من فروض الكفاية ولذلك قرر أحد
كبار فقهاء الحنفية وهو كمال الدين ابن همام أن الزوج ليس له منع امرأته من الخروج
إذا كانت تحترف عملاً من فروض الكفاية الخاصة بالمرأة، ولكنه نصح هذه المحترفة
بألا تخرج متبرجة غير كاملة في تصرفاتها.
الثالثة: أن تعين زوجها في ذات عمله، وهذا كثير
في الريف، فالمرأة الريفية إذا كان زوجها عاملاً زراعياً، أو مالكاً غيراً، أو
مستأجراً لمساحة ضئيلة تعاونه امرأته في عمله، فهو يخرج من داره حاملاً فأسه، وهي
معه حاملة وعاء البذر، وحولهما أولادهما يتعلقون بثيابها، ويحملان بعضهما على
أذرعهما ولو كان للمرأة صورة مثالية في مجتمعنا لكانت صورة تلك المرأة الكادحة
العاملة العاطفة، لا هؤلاء النساء اللاتي يغشين الأندية والملاهي ودور الغناء.
الرابعة: أن تكون في حاجة إلى العمل لقوتها،
وقوت عيالها إذا فقدت العائل هي وهم، فكان لا بد أن تعمل هذه الضرورة أو تلك
الحاجة الملحة. ونقرر هنا أن المبادئ الإسلامية ما كانت لتجعل مثل هذه المرأة في
حاجة لأن تعمل، لأن بيت المال كان يتولى الإنفاق عليها ويجري لها رزقاً منتظماً من
بيت مال الذكوات أو بيت مال الخراج والجزية إن لم تكن مسلمة وذلك تطبيقاً لقول
رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ترك مالاً فلورثته ومن ترك ديناً وعيالاً فإلي
وعلي) (188، 189)
جـ - حق المرأة في النفقة:
هناك فلسفتان في هذا الموضوع ولكل منها آثارهما
الواضحة في المجتمع.
الأولى - فلسفة الإسلام في أن البنت والمرأة
بوجه عام لا يصح أن تكلف بالعمل لتنفق على نفسها، بل إنَّ على أبيها، أو زوجها أو
أخيها مثلاً أن يقوم بالإنفاق عليها، لتتفرغ لحياة الزوجية والأمومة وآثار ذلك
جلية واضحة في انتظام شؤون البيت، والإشراف على تربية الأولاد، وصيانة المرأة من
عبث الرجال، وإغرائهم، وكيدهم، لتظل لها سمعتها الكريمة النظيفة في المجتمع.
الثانية - فلسفة الغربيين في أن البنت متى بلغت
سناً معينة وهو الغالب سبعة عشر عاماً، لا يجب على أبيها أو أقربائها الإنفاق
عليها، بل يجب أن تفتش عن عمل لها تعيش منه، وتدخر ما تقدمه بائنة (دوطه) لزوجها
المرتقب.
فإذا تزوجت كان عليها أن تسهم مع زوجها في
نفقات البيت، والأولاد، فإذا شاخت، وكانت لا تزال قادرة على الكسب وجب عليها أن
تستمر في العمل لكسب قوتها ولو كان ابنها من أغنى الناس. إن أهم آثار هذه الفلسفة
المادية أنها خالية من كل تقدير لرسالة المرأة الخطيرة في الحياة، وأنها تلقى في
أتون شهوات الرجال وشرهم الجنسي لقاء لقمة العيش، وأنها ترهق المرأة من أمرها
عسراً فوق إرهاقها الطبيعي بالحمل والولادة، وأنها تودي إلى تفكك الأسرة، وتشتت
شملها ونشوء الأولاد بعيدين عن مراقبة آبائهم وأمهاتهم.(190)
د - الحقوق السياسية للمرأة
(1) حق الانتخاب:
(الانتخاب هو اختيار الأمة لوكلاء ينوبون عنها
في التشريع ومراقبة الحكومة، فعملية الانتخاب عملية توكيل، يذهب شخص إلى مركز
الاقتراع فيدلي بصوته لمن يختارهم وكلاء عنه في المجلس النيابي، يتكلمون باسمه،
ويدافعون عن حقوقه، والمرأة في الإسلام ليست ممنوعة من أن توكل إنساناً بالدفاع عن
حقوقها والتعبير عن إرادتها كمواطنة في المجتمع)(191).
(2) حق النيابة:
إن النيابة عن الأمة لا تخلو من ثلاثة أعمال
رئيسة:
التشريع، والمراقبة، والشورى.
الأول : التشريع: تشريع القوانين والأنظمة،
فليس في الإسلام ما يمنع أن تكون المرأة مشرعة لأن التشريع يحتاج قبل كل شيء إلى
العلم مع معرفة حاجات المجتمع وضروراته التي لا بد منها، والإسلام يعطي حق العلم
للرجل والمرأة على السواء.
والثاني في المراقبة: وأما في مراقبة السلطة
التنفيذية فإنه لا يخلو من أن يكون أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، والرجل
والمرأة في ذلك سواء في نظر الإسلام قال الله تعالى في القرآن الكريم: ?والمؤمنون
والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر?(192).
ففي السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية أي
السنة التي هاجر فيها النبي صلى الله عليه وسلم قدم لديه خمسة وسبعون مسلماً من
المدينة منهم ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان، وبايعوه جميعاً بيعة العقبة الثانية،
وهي بيعة حرب وقتال، وبيعة سياسية، وبعد أن فرغوا من بيعته قال لهم جميعاً:
(أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم بما فيهم كفلاء (193) وهذا أمر
من رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه للجميع بأن ينتخبوا من الجميع، ولم يخصص
الرجل، ولم يستثن النساء، لا فيمن يَنتخب ولا فيمن يُنتخب، والمطلق يجرى على
إطلاقه ما لم يرد دليل التقييد، كما أن العام يجري على عمومه ما لم يرد دليل
التخصيص.
وهنا جاء الكلام عاماً ومطلقاً، ولم يرد دليل
التقيد أو التخصيص فيدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر المرأتين أن
تنتخبا النقباء وجعل لكل من المرأتين حق انتخابها من المسلمين نقيبتين.
الثالث: الشورى:
لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلح
الحديبية ولقي مقاومة عنيفة من المسلمين لشروطها، وأمرهم أن ينحروا، ويحلقوا، فرفض
المسلمون جميعاً ذلك، فدخل على زوجته أم سلمة رضي الله عنها، وأخبرها بما صنعه
المسلمون فأشارت عليه أن يخرج، وينحر، ويحلق، فأخذ برأيها، وفعل كما قالت له، فهبّ
المسلمون ينحرون ويحلقون حتى كادوا يتذابحون؟ لسرعتهم في التقيد بفعل رسول الله
صلى الله عليه وسلم(194) وهذا يدل على حق المرأة في الشورى، وأن رسول الله صلى
الله عليه وسلم كان يشاور النساء، ويأخذ برأيهن، فيجوز أن تكون عضواً في مجلس
الشورى لتعطي رأيها كما فعلت أم سلمة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم(195).
(3) حق تولي المناصب الحكومية:
يرى أكثر الفقهاء على أن المناصب الحكومية ليست
ممنوعة على المرأة سوى رئاسة الدولة العليا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين
بلغه أن الفرس ولوا الرئاسة عليهم إحدى بنات كسرى بعد موته فقال: (ما أفلح قوم
ولوا أمرهم امرأة). وإن أبا حنيفة النعمان يجيز أن تتولى القضاء في بعض الأحيان.
ويرى الدكتور مصطفى السباعي في كتابه المرأة بين الفقه والقانون بأن منع المرأة من
تولي رئاسة الدولة العليا لا علاقة له بموقف الإسلام من إنسانية المرأة، وكرامتها،
وأهليتها، وإنما هو وثيق الصلة بمصلحة الأمة وبحالة المرأة النفسية ورسالتها
الاجتماعية، ويقول: (إن رئيس الدولة في الإسلام ليس صورة رمزية للزينة والتوقيع،
وإنما هو قائد المجتمع، ورأسه المفكر، ووجه البارز فهو الذي يعلن الحرب على
الأعداء، ويقود جيش الأمة في ميادين الكفاح، ويقرر السلم والمهادنة إن كانت
المصلحة فيها، أو الحرب والاستمرار فيها إن كانت المصلحة تقتضيها، وطبيعي أن يكون
ذلك كله بعد استشارة أهل الحل والعقد في الأمة عملاً بقول الله تعالى: ?وشاورهم في
الأمر? (196) ولكنه هو الذي يعلن قرارهم، ويرجع ما اختلفوا فيه عملاً بقول الله
تعالى بعد ذلك: ?فإذا عزمت فتوكل على الله?(197).
ورئيس الدولة في الإسلام يتولى خطابة الجمعة في
المسجد الجامع، وإمامة الناس في الصلوات، والفقهاء بين الناس في الخصومات إذا اتسع
وقته لذلك.
ومما لا ينكر أن هذه الوظائف الخطيرة لا تتفق
مع تكوين المرأة النفسي، والعاطفي، وبخاصة ما يتعلق بالحروب وقيادة الجيوش فإن ذلك
يقتضي من قوة الأعصاب، وتغليب العقل على العاطفة والشجاعة في حوض المعارك، ورؤية
الدماء ما نحمد الله على أن المرأة ليست كذلك وإلا فقدت الحياة أجمل ما فيها من
رحمة ووداعة وحنان، ويرى الدكتور محمد سليم العوا: إن الفقهاء حين تحدثوا عن منع
المرأة من تولي رئاسة الدولة كان المقصود منها دولة الخلافة، أما الدولة المعاصرة
فهي دولة دستورية فيها قوانين محددة لكل سلطة، وفيها فصل بين السلطات ولا يمكن أن
يكون فيها اختصاصات الرئيس يعفي منها اختصاص الخليفة، فهناك منعت المرأة لماذا؟ يقول
الدكتور محمد سليم العوا: لأنها لا تستطع أن تؤم الرجال بالصلاة، ورئيس الدولة
الآن غير مطلوب منه أن يؤم الصلاة، وهي لا تستطيع تولي القضاء العام لأنها كانت من
مهمات الخليفة أما اليوم فرئيس الدولة ليس قاضيا،ً هناك سلطة قضائية مستقلة.
والخليفة كان مشرعاً، واليوم هناك فصل بين السلطات، فرئيس الدولة لا يشرع وإنما
البرلمان الذي يشرع وفيه رجال ونساء، وينتهي الدكتور عوا إلى القول بأنه لا يرى
مانعاً يحول دون أن تتولى المرأة أي منصب كان بما في ذلك رئاسة الدولة، ودولة
الخلافة هي التي لن يصلح فيها قوم ولوا أمرهم امرأة، ونحن لا نتبنى رأي الدكتور
محمد سليم العوا وإنما نورد رأيه إغناءً للبحث.
==================
الرد على شبهات المجتمع
- إنكم فرقتم بين الرجل والمرأة في حق الطلاق ،
وجعلتم الطلاق بيد الرجل لعدم ثقتكم بقدرات المرأة وكفائتها ، وأردتم أن يكون
استقرار بيتها وسعادتها مرهونان بيد الرجل ،فإن شاء طلقها ، وإن شاء أبقاها وهي
مهددة في الحالتين.
الرد على شببهة عدم مساواة المرأة بالرجل في حق
الطلاق:
1-لا بد أن نفرق أولاً ما بين جمال النظام
وعدالته وبين سوء استخدامه والتعسف في تطبيقه ، فإذا أساء الرجال أو النساء
استخدام الحق فلا يعني ذلك سوء النظام وظلمه ، وإنما يعني ذلك سوء النفس الإنسانية
التي تعسفت في استخدامه.
2-إن هناك نوعين من الطلاق: الأول يقع بإرادة
الطرفين ، وهو مايسمى (بالإرادة المشتركة ) ، والثاني يتم بإرادة منفردة أما
بإرادة الزوج والزوجة غير راغبة ،أو بإرادة الزوجة والزوج غير راغب ، وهذان
النظامان كلاهما موجود في شريعتنا ، فإذن نحن لم نجعل الطلاق بيد الرجل فقط و إنما
راعت الشريعة جميعالحالات والظروف .
3-إن دعاة المساواة ليس لديهم تحفظ على الطلاق
الذي يقع بإرادة منفردة ، لذا نحتاج أن نفصل في ذلك قليلاً:
فلو وقع الطلاق من الرجل ، فالشريعة تعطي
للمرأة تعويضاً نفسياً ومالياً وهو نفقة للعدة ونفقة للمتعة ويكون لها المهر ولا
يستثنى من ذلك إلا حالة النشوز ولو وقع الطلاق بطلب المرأة فالقاضي يوقع الطلاق
وتأخذ حقوقها المالية إذا كان الزوج ناشزاً ، وأما إن كان طلبها للطلاق مزاجياً
فتعطي الرجل تعويضاً مالياً وهذا ما يسمى ( بالمخالعة ) .
4-إن المتتبع للأيان والمذاهب في موضوع الطلاق
يرى أن منها من يحرم الطلاق والفراق بين الزوجين ، وتكون علاقتهما أبدية ، ومنها
من لا يرى للطلاق قيمة ولا لعقد الزواج قدسية ، فالباب مفتوح دائماً ، ولكن
الإسلام دين الوسطية والاعتدال ، قد شرع الطلاق وحدد له شروطاً وضوابط ، حتى لا
يكون أداة هدم لأهم مؤسسة في الكون ، فهو أي الطلاق رحمة للأسرة تستخدمه متى
احتاجت إليه.
5-من الخطأ عن مالقانونين أن نحكم على نص من
غير النظر في الدستور كله وفهم العلاقة بين نصوصه ، وهذا ما نريد أن نقوله في
موضوع الطلاق ، فالإسلام تعامل مع نص الطلاق بين الطرفين كما يتعامل الصائغ مع
كفتي الميزان ، فجعل كفة بيد الرجل ( في بعض الحالات ) وأعطى ( المهر والنفقة
الشهرية ) للمرأة ، فلكل طرف حق مربوط بالطرف الآخر ( فهو مغرم ومغنم لكل طرف ) .
6-من المفارقات كما يقول الشيخ الغزالي: "
في الوقت الذي تحتج فيه المرأة المصرية على الطلاق " تحتج المرأة الإنجليزية
على أبدية الزواج ، وقد تقمت النائبة الانجليزية ( مسز هوايت ) إلى مجلس العموم
البريطاني بمشروع يقضي بإقرار الطلاق بين كل زوجين انفصلا أكثر من سبع
سنوات .
7-إن الإسلام عندما أقر الطلاق حدد له وقتاً
وعين له مراحل ، فلا يطلق الرجل وهو غضبان أو مكره أو وزوجته حائض وقسم بين الطلاق
السني والبدعي وأعطى مجالاً للصلح بل وحدد عدداً للطلقات:
الطلقة الأولى: محك وتجربة .
الطلقة الثانية:امتحان أخير للعلاقة .
الطلقة الثالثة:دليل على فساد العلاقة ،
فالمسألة ليست عبثاً .
8- لقد أبدعت الشريعة الإسلامية وانفردت في
موضوع " المراجعة " دون الشرائع الأنظمة الأخرى لأن الإنسان معرض للخطأ
والتقصير ، كما وأن في المراجعة حفظ لحقوق المرأة وحريتها وكرامتها ، وجعل الشارع
ضابطها انقضاء العدة حتى لا تكون المرأة لعبة بيد الرجل متى ومتى شاء طلقها ومتى
شاء أرجعها ، فلو انتهت العدة فلا يستطيع أن يرجعها إلا بعقد ومهر جديدين ،
وللمرأة هنا أن تشترط ما يضمن حققها لوكان الرجل هو المتسبب في الطلاق وأرادت أن ترجع
إليه.
9- لا يختلف اثنان اليوم على استخدا م اكثر
الرجال للجانب الأيسر من المخ ، وأقوى ما فيه الواقعية والعقلانية ، واستخدام اكثر
النساء الجانب الأيمن وأقوى ما فيه الخيال والإبداع والعاطفة ، فالشارع راعى
الفروق الفردية بين الجنسين عندما جعل قرار الطلاق بيد الرجل ، ومع ذلك أعطى
للمرأة حقها بطرق ووسائل تتناسب وطبيعتها العاطفية .
10- حدث في تونس أن أعطيت المرأة حق الطلاق
بنفس وسائل الرجل وطرقه ، فإزدادت نسب الطلاق في تلك السنة أضعافاً مضاعفة،ثم تم
تعديل القانون ، وتبين أن أكثر النساء اللاتي أوقعن الطلاق كان تطليقهن لأزواجهن
بسبب ردة فعل عاطفية تجاه موقف من الزوج فتلفظن بالطلاق ، ثم ندم الكثير منهن على
هذا التصرف .
11- في بعض الولايات المتحدة بأمريكا إذا حصل
طلاق بين الطرفين فللمرأة نصف ممتلكات الزوج ، وفي ذلك ظلم للطرفين ، فالمرأة يدخل
في ملكيتها مال ليس ملكاً لها وهذا ظلم ، والرجل يسلب منه ما يملك من غير رضاه ،
وهذا ظلم آخر ، وإني أعرف رجلاً يملك عقارات وأسهم بالملايين ، وعندما طلق زوجته
باع كل ما يملك بمائة دولار، فأعطى لزوجته خمسين دولاراً وأخذ هو خمسين دولار اً
نكاية فيها حتى لا تستفيد من ماله وكان ذلك بحكم المحكمة .
12- مع كل ماسبق فإن الشريعة اعطت المرأة الحق
في أن تجعل الطلاق بيدها دون وساطة القاضي ، وفي هذه الحالة تكون العصمة بيدها إذا
وافق الزوج ، فتستوي معه في التمكن من هذا الحق ، ولكن عليها أن تشترط ذلك في عقد
الزواج .
13- أدركت بعض الدول الغربية والتي كانت تحرم
الطلاق وتمنعه خطأها فيسرت الحصول على الطلاق ، وكانت آخر هذه الدول ايطاليا ، حيث
أباحته عام 1971م ويكفي أن نعلم إنه ما إن أقر الطلاق في إيطاليا حتى قدم إلى
المحاكم أكثر من مليون طلب طلاق .
كما نشرت مجلة الأسبوع العربي ، العدد(681 )- ص
65: بدأت صناعة بطاقات التهنئة في العالم ، تتجه إلى قضايا الطلاق بإعتبارها أمراً
واقعاً فظهرت في بعض أسواق الدول الغربية بطاقات مخصصة للأشخاص الذين أنهوا
علاقاتهم الزوجية ، وللأشخاص الذين يودون تهنئتهم بذلك ، فقد حوت بعض البطاقات
عبارات مثل " تهانينا لطلاقكم " " ونحسدكم على حريتكم " و
" وما أجمل ما صنعتم .. حظاً سعيداً ".
14- أعطت الشريعة للمرأة الحق في طلب الطلاق في
حالة غياب زوجها عنها أكثر من سنة أو امتناعه عن الإنفاق ، أو إن كان به علة كمرض
البرص والعنة وغيرهما ، أو للضرر ، سواء كان الضرر مادياً ،أو نفسياً ، وقد اطلعت
على حكم صدر في مصر بتطليق زوجة للضرر وكان الضرر في هذه القضية هو " صمت
الزوج " وقد تم تأييد الحكم بالاستئناف والتمييز .
15- إن مشاهير النساء في الغرب إذا تزوجن فإنهن
يكتبن ورقة على أزواجهن في حالة حدوث الطلاق فلا يأخذ المطلق أكثر من ( 100 ) ألف
دولار مثلاً ، وهذا ما حصل مع " مادونا " عندما تزوجت ممثل مشهور ولم
يستمر زواجهما أكثر من سنة هل هذه العدالة المطلوبة .
===============
عدم مساواة المرأة بالرجل في توزيع التركة؟
الرد على شبهات المجتمع
يعلق الكثير من المشككين على الآية الكريمة:
" يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " فيقولون : إنكم فرقتم
بين الرجل والمرأة في توزيع الإرث ، فأعطيتم للرجل ضعف المرأة ، وإن كان هذا الأمر
مقبولاً في القديم لأن وظيفة المرأة بيتية ، واليوم المرأة شريكة الرجل في جميع
الأعمال وتتحمل معه المصاريف ، فلماذا فرقتم بينهما بالميراث ؟.
1- قبل أن نخوض في الرد لنتعرف على أهداف نظام
الإرث :
- يقوي العلاقة بين أفراد الأسرة الواحدة ،
فالأبناء يرثون من والديهم ويشعرون أنهما أصحاب فضل عليهم .
- نظام الإرث يساعد على إلغاء التضخم المالي
فتوزع الثروة التي كان يملكها شخص على مجموعة أفراد .
- يشجع الأفراد على العمل ، فالفرد الذي علم أن
أحب الناس إليه سيرثه سيزداد في الإنتاج حباً له .
2- لنأخذ فكرة عن نظام الإرث عند بعض المذاهب
والأديان :
فعند الفرس كان الزوج يورث أحب الزوجات إليه
وتحرم الباقيات كما تحرم الأم والأخت والبنت عندهم ، أما اليهود فيعتبرون الابن
الذكر الوارث الوحيد لوالده ، أما عرب الجاهلية فيرون أن المرأة لا تستحق الإرث من
أقاربها .
3- أن المدقق في الآية الكريمة يجد أن الله
أوصى بالأولاد ، ثم بين أن للذكر مثل حظ الأنثيين ، فقال تعالى ( يوصيكم الله في
أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ) فالأصل الوصية بالأولاد ، وأما للذكر مثل حظ
الأنثيين فهي حالة من حالات الميراث الأربع والعشرين ، ولا ينطبق هذه التقسيم على
كل حالات الميراث .
4- ولنضرب ثلاث أمثلة من حالات " تساوي
المرأة بالرجل في قسمة الميراث ، والأمثلة غيرها كثيرة :
- إذا ترك الميت أولاداً وأباًَ وأماً ، ورث كل
من أبويه سدس التركة ، دون تفريق بين ذكورة الأب وأنوثة الأم لقوله تعالى: (
ولأبويه لكل واحد منهما السدس ) .
- إذا ترك الميت أخاً لأمه ، ولم يكن ثمة من
يحجبها من الميراث فإن كلاً من الأخ والأخت يرث السدس ، وذلك عملاً بقوله تعالى (
وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ).
- إذا ترك الميت عدداً من الإخوة للأم ، اثنين
فصاعداً ، وعدداً من الأخوات للأم ، اثنتين فصاعداً فإن الإخوة يرثون الثلث مشاركة
، والأخوات أيضاً يرثن الثلث مشاركة ، دون تفريق بين الإناث والذكور ، وذلك بموجب
قوله عز وجل : ( فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) .
5- ولنضرب مثالين آخرين من حالات أخذ المرأة
أضعاف الرجل من قسمة الميراث والأمثلة غيرها كثيرة:
-إذا تركت المرأة المتوفاة زوجها وابنتها ، فإن
ابنتها ترث النصف ويرث والدها الذي هو زوج المتوفاة الربع ، أي أن الأنثى ترث هنا
ضعف ما يرثه الذكر .
-إذا ترك الميت زوجة وابنتين وأخاً له ، فإن
الزوجة ترث ثمن المال ، وترث الإبنتان الثلثين ، وما بقى فهو لعمهما ، وهو شقيق
الميت ، وبذلك يرث كل من البنتين أكثر من عمهما ، إذ إن نصيب كل منهما يساوي (
8/24) بينهما نصيب عمهما يساوي(5/24 ).
6- يتبين لنا أن قسمة الميراث في الشريعة ليست
بسبب الذكورة والأنوثة ، وإنما بسبب الوظائف التي يقوم بها كل من الرجل والمرأة ،
ومراعاً لمدى حاجة الوارث ، ونوع العلاقة بينه وبين مورثه ، فالقضية اقتصادية بحتة
، ولهذا لاحظنا سابقاً أن هناك حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل ، وحالات أخرى ترث
أضعاف الرجل .
7- أما الحالات التي أعطى الشرع فيها الذكر
أكثر من الأنثى فليس ذلك عبثاً وإنما بسبب مكانته في الإنفاق العائلي ، فرب الأسرة
يتولى الإنفاق على إخوته وأهله ، ولو كان أعزباً وعند زواجه يدفع المهر ويأمن
المسكن والأثاث ، وعليه تقع مسؤولية نفقة الزوجة والأولاد ، وكذلك يتحمل دية القتل
الخطأ ومصاريف الجهاد ، والمحكمة تلزمه بذلك كله كما لا يحق للمحكمة إلزام المرأة
بكل هذه المصاريف ، فلو حسبنا ماأخذه الرجل بنظام محاسبي بعد إنفاقه لتبين أنه مساو
لما أخذته المرأة إن لم يكن أقل .
8- إن النظام الغربي وبالأخص الأمريكي ، يقسم
الميراث على حسب الاتفاق الحاصل بين الزوجين قبل الوفاة ، وفي هذا النظام ظلم كبير
فهو لم يراع الوظائف الفردية للجنسين ، وقد يحرم من التركة من هو أحق بها وقد لا
يكون هناك اتفاق أصلاً بين الطرفين فيتعرى هذه النظام مشاكل كبيرة .
9- أما من يقول أن الوضع اختلف وأن المرأة بعد
أن كانت بيتية في الماضي، أصبحت اليوم موظفة ، فنقول : مهما تغيرت أوضاع المرأة
فإنها تبقى غير ملزمة بالإنفاق على أولادها وزوجه وبيتها ، وإن أرادت المشاركة
والمساهمة فإن ذلك تطوع منها .
ولأن ذلك أدعى لحفظ كرامتها واحترام حريتها ،
فقد جعل الشارع من هو مسؤول عن الإنفاق عليها من يوم ولادتها وحتى وفاتها .
10- لو تخيلناأن الشارع الزم المرأة بالإنفاق
على البيت فإنه يتبع ذلك إلزامها بالخروج لكسب الرزق مما يجر الأسرة إلى الوقوع في
المشكلات التي وقعت فيها المرأة الغربية ، ولكن الشريعة أرادت أن تحترم المرأة
وكرمتها من خلال تأمين رزقها لتكون مطمئنة فتبدع في صناعة الأجيال ورعاية البيت ،
وفي الوقت نفسه وفرت لها الحرية الاقتصادية عندما فتحت لها مجال العمل واعتبرته
اختيارياً لها بينما ألزمت بذلك الرجل ، لو كسبت المرأة مالاً فإن ذمتها المالية
منفصلة عن غيرها ، ولا يحق لأحد أن يأخذ منها إلا برضاها .
11- إن مسألة التركة مسألة حسابية لا مسألة
عواطف وإدعاء ، وتأخذ المرأة ، ثلث الثروة المورثة لتنفقها على نفسها ، بينما يأخذ
الرجل ثلثي الثروة لينفقها أولاً على زوجته – أي إمرأة – وثانياً على أسرته
وأولاده فأيهما يصيب أكثر من الآخر بمنطق الحساب والأرقام ؟ وإذا كانت هناك حالات
شاذة لرجل ينفقون كل ثرواتهم على انفسهم ولا يتزوجون ولا يبنون أسرة ، فتلك أمثلة
نادرة .
على أن هذه النسبة من الميراث إنما تكون في
المال الموروث بلا تعب ، فهو يقسم بمقتضى العدل الرباني الذي يعطي " لكل حسب
حاجته " ومقياس الحاجة هنا التكاليف المنوطة بكل من الرجل والمرأة .
أما المال المكتسب بكافة أنواعه كالأجر على
العمل والربح في التجارة وربع الأرض ، فلا تفرقة فيه بين رجل وامرأة لأنه يتبع
مقاساً آخر هو المساواة بين الجهد والجزاء .
12- إن أخذ المرأة نصف ما يأخذه الرجل في
التركة في بعض الحالات هو عين العدالة ، لأن مال الرجل سيزول بالمهر والإنفاق
العائلي وماليها سيزيد بالمهر والاستثمار لو استثمرته.
13-إن البلاد الاسكندنافية لا يزال كثير منها
يميز حتى الآن بين الذكور والإناث في الميراث ، فيعطي الذكر أكثر من الأنثى رغم
تساويهما في الواجبات والأعباء المالية .
14- طرفة : توفى انكليزي بعد أن أوصى بكل
أملاكه وعقاراته وسياراته لسكرتيرته ، ولم يترك لزوجته قرشاً واحداً ، لأنها كانت
سبباً في نكده ، فهل هذه مساواة ؟ .
15- إن المرأة في الإسلام حصلت على حقها في
الميراث دون مؤتمرات وثورات .. بينما النساء في العالم حصلن عليه نتيجة الإضرابات
والمؤتمرات .
16- مثال: لو كان في الشركة مدير يتقاضى ( 1000
) دينار ونائبه يتقاضى ( 800 ) دينار ، وكان المدير ذكراً بينما النائب أنثى لكانت
القسمة صحيحة ، وكذلك لو كانت المدير انثى والنائب ذكراً فإن القسمة صحيحة لأن
المال يوزع على حسب الجهد والمسؤولية ، فالقضية ليس لها علاقة بجنس الذكورة
والأنوثة وإنما بحسب موقع الشخص والمسؤوليات التي على عاتقه وكذلك الحالة التي
ناقشناها .
يعلق الكثيرون على الآية الكريمة: "
الرجال قوامون على النساء " فيقولون:
•انتم فرقتم بين الرجل والمرأة في إدارة البيت
وجعلتم القوامة بيد الرجل وأجحفتم في حق المرأة، وهذا ينافي المساواة بين الجنسين،
كما وأن واقعنا اليوم تغير وأصبحت المرأة
في كثير من الأحيان هي سيدة البيت، بل وأحياناً
تدير الرجل
الرد على شبهة عدم مساواة المرأة بالرجل بجعل
القوامة بيد الرجل:
1- قبل أن نرد على الشبهة لنتعرف على معنى
القوامة..فالقوامة معناها الإدارة والإمارة، نقول فلان قائم على الدار، أي مديرها.
ومعروف في علم الإدارة أن المدير ليس بالضرورة
أفضل ممن يديرهم فالمراد بالقوامة هنا قوامة رعاية وإدارة، وليست قوامة هيمنة
وتسلط.
2- إن المتبع للنظام العام للشريعة يجد أن
مفهوم الإدارة نظام معتمد في جميع المشاريع، وحتى في السفر، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ( إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) ، ونلاحظ إن النص يقول:
( فليؤمروا أحدهم ) ، وهذا يدل على أن الأمير ليس بالضرورة أفضلهم ، إنما المهم أن
يكون على مستوى تحمل المسؤولية ، فإذا كان الشارع يحرص على أن لا يسير ثلاثة في
طريق إلا ويحددوا مديرهم فهو بالتأكيد أشد حرصاً على تحديد المدير في مسيرة
الأسرة.
3- ولنناقش احتمالات الإدارة في البيت ، طالما
إننا متفقون على أنه لا بد من وجود رئيس في المؤسسة ، فالاحتمال الأول: أن يكون
الرجل هو المدير ، والثاني : المرأة ، والثالث: هما معاً ، فأما الثالث فهو مستبعد
لأنه لا يصلح أن يكون للسفينة ربانان ، كما أن علم النفس يؤكد اختلال عواطف
الأبناء واضطراب نفوسهم عند تنازع الوالدين على السيادة، وأما احتمال المرأة فنحن
نعرف الجانب العاطفي عند المرأة ، وأن الإدارة تحتاج إلى زيادة في الحزم
والعقلانية ، وهو ما يميز الرجل بالإضافة إلى الجانب المالي الملزم به ، مما يترجح
معه اتجاه إعطاء الإدارة للرجل .
4- إن الدراسات الحديثة تؤكد رغبة المرأة
بالعمل تحت إمرأة شخص آخر وهو ما أكدته العالمة النفسية " كليف دالسون"
وتبين لها من الدراسة أن المرأة تفضل أن تكون مرؤوسة وبإشراف رئيس، وقد نقلت ذلك
مجلة " مرآة اليوم" عدد رقم (101) كما أن المرأة تحب أن تشعر بأنها
محمية ، وبأن هناك رجل حام ، فهما شعوران طبيعيان فيها.
5- إن تحميل المرأة مسؤولية نفقتها على نفسها
وتأمين دخل لها تلبي به حاجاتها المستمرة يشكل قيداً قاسياً عليها، كما أن حرمانها
من الحماية يحرمها الأمن وحرمانها من الأمن ينشىء عليها قيود الخوف والقلق وعدم
الاستقرار.
ولذلك كان من مستلزمات القوامة أن يوفر الرجل
للمرأة " كفاية الرزق ، ونعمة الأمن" فيحميها من ( الجوع والخوف)،
فالقوامة إذن مسألة ذي شقين حق للرجل وواجب عليه ، فهي ليست امتيازاً ولا تشرفاً
له بل تكليفاً يتبعه شدة محاسبة الرب جل وعلا .
6- إن القوامة التي دعى إليها الإسلام هي قوامة
رحيمة تقوم على التفاهم والتشاور ، وليست قوامة تسلط وهيمنة ، أساسها "
وعاشروهن بالمعروف" كما قال تعالى: ( وخيركم خيركم لأهله ) كما أخبر النبي
صلى الله عليه وسلم .
والرجل لا في كل حين وإنما عند اختلاف وجهات
النظر، ولكن الأصل أن يعرف كل طرف مسؤوليته ودوره في الأسرة ، فكلكم راع وكلكم
مسؤول عن رعيته.
7- نلاحظ أن النص القرآني: ( الرجال قوامون على
النساء) ولم يقل ( الرجال سادة على النساء) ، ففي القوامة معنى الإصلاح والعدل ،
وليس الاستبداد والسيادة والظلم ، فهي قوامة فيما لايمس كرامة المرأة وكيانها .
ونضيف على ذلك بأن الإسلام أعطى للمرأة حق
التدخل في اختيار زوجها ، ولهذا فهي
تختار القيم عليها .
8- إن النظام العالمي في الإدارة يقول: ( من
ينفق يشرف )، وهذا معموله به حتى في الشركات ، فأكثر المساهمين مالاً يحق لهم
الإشراف والمساءلة ، ومن أمثلة الشركات العالمية المطبقة لهذا النص شركة
مايكروسوفت والتي يملكها " بلجيت" فعندما طرح اسهمها للبيع للجمهور حرص
أن يبيع من اسهمها ما نسبته(49 %) وأبقى له (51 %) من الأسهم حتى يبقى هو صاحب
القرار فيها والقيم عليها .
ولو طبقنا هذا على الواقع وفي الأسرة فإن الرجل
يدفع المهر وينفق على زوجته وأولاده كما أنه مكلف بإطعامهم وإلباسهم وشراء الدواء
لهم، لذا فإن له حق الإشراف لأنه
" من ينفق يشرف" .
9- من الطرائف في وضع الأسرة بالغرب أن الزوجين
إذا دخلا في مطعم لتناول العشاء مثلاً ، فإن كل واحد منهما يحاسب عن نفسه، وذلك
لأن النظام الغربي في الإدارة يختلف عن النظام الرباني في جعل الرجل مكلفاً بحماية
المرأة من الجوع والخوف.
ولهذا فقد الرجل صلاحيته هناك، ففي كل اثنى
عشرة ثانية تحصل حادثة ضرب من زوج لزوجته في أمريكا، ولعل هذا مؤشر على تنازع
السلطات.
ومع هذا نقول لو تنازل الزوج عن تأمين حماية
الجوع والخوف فلا قوامة له .
10- مهم جداً أن نتفق على أن الإسلام لم يفرق
بين الرجل والمرأة من حيث الذات، وإنما راعي الفروق الفردية في المهمات، وهنا نذكر
بعض النصوص في المساواة:
•قال تعالى: ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع
عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم
من بعض ).• ويقول: أيضاً :( من عمل صالحاً من
ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا
يعملون) .
•ويقول عزوجل: ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر
أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً) ، ثم أن البيان يعود
فيزيد هذه الحقيقة تأكيداً ، إذ يبرزها فيما يشبه الصياغة المحددة القانونية،
فيقول: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل
لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير ).
11- قد يعترض قائل بأن الله تعالى قال: (
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) ، فأنتم تفضلون الرجل على
المرأة !
وهنا نقول: بأن الأفضلية هنا للتناسب المصلحي
وليس الجنس .
فالرجل من أهم وظائفه الاجتماعية توفير المسكن
والعيش الكريم، والمرأة من أهم وظائفها الاجتماعية الرضاعة والحضانة ورعاية
الأطفال ، وكل واحد منهما أفضل من الآخر
بموقعه ، وهذا معنى " بما فضل الله بعضهم
على بعض" فهو تفضيل بما يتناسب وقدرات الإنسان ،وإلا فنحن متفقون أن القوامة
" رعاية وإدارة " وليست تفضيلاً .
12- لو أسقطنا عن الرجل قوامته وجعلناها للمرأة
، فإننا نكون قد أسقطنا عنه مسؤولية النفقة، وهنا تلزم المرأة بتأمين الحماية
المستقبلية للأسرة وتوفير الأمن والطعام مما سيؤثر على أولوياتها الاجتماعية من
حفظ البيت ورعاية الأبناء .
من أجل ذلك حرر الإسلام المرأة من مسؤولية
العمل في الوقت الذي لم يمنعها منه،
حتى تختار ما يناسبها .
13- إن القانون الإنجليزي حتى عام 1805 كان
يجيز بيع الرجل لزوجته، بما أنه قيم عليها، وبقيت عملية البيع قائمة حتى بداية
القرن العشرين، كما أن البرلمان الإنجليزي في عهد هنري الثامن أصدر حظراً على
المرأة يمنعها من قراءة الإنجيل .
بينما عندنا نحن حفظت النسخة الوحيدة لأفضل
كتاب على وجه الأرض بيد إمرأة ألا وهي السيدة " حفصة بنت عمر " رضي الله
عنها .
14- إن مما تقوله المرأة في قسم الزواج عند
النصارى " وأقسم أن أكون مطيعة لزوجي" بينما عندنا في الإسلام تقول:
" قبلت هذا الزوج " .
15- يجوز في الإسلام أن تكون المرأة وصية على
الصغار وناقصي الأهلية ، وأن تكون وكيلة عن أي شخص حتى عن والديها أو زوجها في
أعمالهم وتصريف أموالهم إذن القوامة كما ذكرنا رعاية وإدارة وليست رئاسة وتسلط .
شبهة ( 6 )
•إنكم فرقتم بين الرجل والمرأة في موضع التعدد،
وأجزتم للرجل أن يعدد ولم تسمحوا للمرأة بذلك على الرغم من أن كلا الطرفين له
حاجات نفسية وجنسية، وهذا يتنافى مع مبدأ حرية المرأة ومساواتها بالرجل .
وقد ذكر الله تعالى ذلك في قوله: ( فانكحوا ما
طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع
فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ).
الرد على شبهة مساواة المرأة بالرجل في قضية
التعدد
1-إن الإسلام يتعامل مع المجتمعات الإنسانية
بواقعية لا بمثل ونظريات ، ومن الحلول الواقعية لعلاج كثير من المشاكل العائلية
" نظام التعدد" وإن كان هذا النظام ليس بجديد، فالتعدد معروف منذ
القديم، ولكن الإضافة كانت في تقنينه ووضع ضوابطه له.
فالتعدد معروف عند الصينية والهنود والبابليين
والآشوريين والمصريين وإلا أنه لم يكن عندهم حد معين، لعدد الزوجات فقد سمحت شريعة
" ليكي" الصينية بالتعدد إلى (130) إمرأة ، أما الشريعة اليهودية فليس
فيها حد للتعدد، وكما أن التعدد كان موجوداً في أوربا حتى القرن 17 م.
2-إن الأصل أن يكتفي كل زوج بزوجة فيسعدا
جميعاً، ولكن الشريعة راعت بعض الظروف العائلية القسرية في عدم الاكتفاء بواحدة ،
فما الحل عند وقوع هذه المشكلة؟
هناك حلان: إما أن يصبر الزوج ويتحمل المعاناة
أو أن ينزلق في ارتكاب الفاحشة ، ونظراً لأن الزوج بشر ومعرض للإنحراف وهو ليس
ملاكاً ، رجحت الشريعة الاحتمال الثاني ولكنها قننته بعقد الزواج ليكون
شرعياً،وألزمت الزوج بالتزامات مالية على الزوجة الثانية ليتحقق قانون العدالة.
3- إن تشريع التعدد " للطواريء" وليس
هوالأصل ، فالأصل هو وحدانية الزواج ولكن
هناك حالات تكون الوحدانية فيها ظلماً، وعندها
يلجأ الرجل إلى تشريع الضرورة مع
العلم أن العدالة المطلقة فيه غير مضمونة ،
ولكن يضطر لذلك حتى يتقي ضرراً أكبر
بضرر أخف.
4- كنت في مجلس نسائي مرة أتحدث عن قضية التعدد
فقالت إحدى النساء معترضة: ولكن
الإسلام لم يراع عواطف الزوجة الأولى ومشاعرها؟
فردت إحدى الحاضرات قائلة:
وماذا عن عواطف ومشاعر الزوجة الثانية والتي
تحلم بالزواج، أليس من العدالة أن يفكر
بها الإسلام كذلك ؟!
فقلت: أشكركما على هذا الحوار، وهذا ما نؤكده
دائماً من أن النظام الإسلامي يراعي
المصلحة العامة .
5. وهناك حالات فردية معروفة لدى الفقهاء يكون
التعدد فيها ضرورة منها: الطاقة الجنسية
الحادة، وعقم الزوجة، وحالات المرض الدائم الذي
يمنع الاتصال ، وحالات النفور التي
لا يملك الإنسان دفعها، وفي جميع هذه الحالات
يبقى الزوج على زوجته الأولى وفاءً
لعشرتها ، وهو شعور كريم مع زواجه من أخرى
لتحقيق الهدف المنشود من الزواج
في الاستقرار.
6- إن مثل هذا التشريع قد لا يكون مقبولاً في
مجتمع، ولكنه مقبول في مجتمع آخر، فلا
يعني ذلك ظلم النظام أو سوءه ، بل إن وجوده
ضرورة حتى يعمل به عند الحاجة، فعلى
سبيل المثال في دول جنوب أفريقيا الأصل عندهم
في الزواج هو التعدد، وأذكر أنه
حدثني صديق من موريتانيا يقول: الأصل عندنا
الزواج من أربع.
7- إن الشريعة فتحت باب التعدد بمقدار وشروط
ولكنهم في الغرب يفتحون باب التعدد دون
الاقتصار على أربع بل يمتد التعدد عندهم إلى
مالا نهاية، ولم يضعوا له ضوابط كما أنهم
لم يحملوا الرجل المسؤولية نحو النساء اللاتي
يتصل بهن ويلوث سمعتهن ثم يتركهن
يتحملن آلام الحمل والولادة فيخرج نتيجة هذه
العلاقات أبناء غير شرعيين حتى وصلت
نسبتهم في بعض البلدان الغربية إلى ( 60 % ).
8- إن الفوضى الجنسية التي يعيشها الناس في
الغرب فتحت أمامهم مجالاً للشذوذ الجنسي
( اللواط ،والسحاق)، لو شرع التعدد عندهم لضبط
المسألة، وقد نشرت مجلة التايم عدد
ديسمبر 1998 هذه الأرقام (12) طفل غير شرعي في
أمريكا، و(250) مليون مصاب
بالسيلان سنوياً في العالم و (50) مليون
بالزهري ، و(75 % ) من الأزواج يخونون
زوجاتهم في أوربا ، و(17) مليون شاذ جنسياً في
أمريكا ، و (8) ملايين إمرأة بالغة
غير متزوجة في بريطانيا، (90 % ) منهن يمارسن
الجنس ، وكل أسرة من (10) أسر
أمريكا تمارس نكاح المحارم ، وازداد حتى أصبح
من كل خمس أسر أسرة ، فمن يفكر
بهذه النتائج لا شك أنه يعجب بالنظام الإسلامي
وكيفية معالجته للأمور.
9- إن الباحثين والكتاب الغربيين يستغربون من
وجود (15) مليون شخص مصاب
بالأمراض التناسلية في أمريكا ومن الأسباب
الرئيسية لانتشار هذه الأمراض الاتصال
الجنسي خارج نطاق الزوجية ، علماً بأن من يصاب
بالإيدز وحده يومياً حسب تقرير
منظمة الصحة العالمية لعام 1998م نحو (700 )
شخص ، فأيهما أفضل؟ هذه النتائج
المدمرة أم تشريع تعدد الزوجات مع ضوابطه ؟!
10- إن الإسلام عندما شرع التعدد وضع له ضوابط
وشروط منها: أن يفرد الزوج للزوجة
الثانية سكناً مستقلاً ، وأن يساوي بين الزوجين
بالإنفاق والميت، وكذلك في
المعاملة والمحادثة.
11- ومع هذا كله نجد أن نسبة تعدد الزوجات في
سائر البلاد العربية في السنوات العشر
الماضية حسب إحصائية جامعة الدول العربية من (
7- 10 ) حالة تعدد لكل ألف زيجة.
12- لا ننسى أن ألمانيا لجأت إلى إباحة تعدد
الزوجات حلاً لمشكلة الزيادة في عدد النساء
بعد الحرب العالمية الثانية ولوضع حد لتزايد
نسبة الأولاد غير الشرعيين ، قد تقدم
أهالي مدينة " بون " عام 1949م إلى
السلطات يطالبون بإضافة نص الدستور الألماني
يبيح التعدد ، وقد أرسلت الحكومة الألمانية إلى
مشيخة الأزهر تطلب منه شرحاً لنظام
التعدد في الإسلام لتستفيد منه.
13- لو تخيلنا أن عدد النساء يساوي عدد الرجال
أو أقل منهم فإن هذا التشريع سيختفي
من تلقاء نفسه، وسيكتفي كل إمريء بما عنده.
أما إذا كان عدد النساء أكثر فنحن أمام
احتمالات ثلاثة:
- إما أن نقضي على بعضهم بالحرمان حتى الموت.
- أو نبيح اتخاذ الخليلات ونقر بجريمة الزنا.
- وإما أن نسمح بتعدد الزوجات.
فماذا يختار العقلاء ؟!
14- ومع هذا كله فإن الإسلام أوجد حلاً للزوجة
التي تريد الزواج من آخر لعلاقة عاطفية
أو لضرورة المتعة الجنسية، وذلك بأن تطلب
الفراق من زوجها ، ولو رفض ، فإن
القضاء الشرعي سيؤيدها في طلبها، وبذلك ترعى
المرأة حقها المشروع.
15- أن تتزوج المرأة بأكثر من رجل في وقت واحد
، فهذا يتعارض مع نظام الرئاسة،
ففي جميع الشرائع رئاسة الأسرة تكون للرجل ،
فإذا أبحنا للمرأة تعدد الأزواج فلمن
ستكون الرئاسة ؟! أتخضع لأزواجها جميعاً ، وهذا
مستحيل ، أو تفضل أحدهم وهذا
بالطبع سيسخط الآخرين؟ كما أننا لو أبحنا لها
التعدد فإن نظام النسب سيتخلخل،
فلو حملت المرأة المعددة فمن أي الرجال يكون
المولود؟! وحتى لو كانت المرأة عقيماً
ولا يضرها الزواج بأكثر من رجل ، فإن التشريع
كما ذكرنا يشرع للمصلحة الكلية
وليس لحالات استثنائية.
16- يؤكد علماء النفس أن المرأة أحادية
العاطفة، بينما الرجل يستطيع أن يعدد عاطفياً.
17- إن الزواج في الإسلام لا يتم بالإكراه ،
وتستطيع أي كارهة للتعدد أن ترفضه،
فذلك حق لها ، فالإسلام لم يجبرها على التعدد.
18- كما أن الإسلام أعطى للمرأة التي تخشى من
زوجها أن يعدد عليها أن تشترط ألا تكون
لها ضرة ، وعلى الزوج أن يلتزم ويوفي بالشروط
وإلا طلقت زوجته منه.
19- من فوائد نظام التعدد: تقليل نسبة العنوسة
في المجتمعات ، وبقاء النوع الإنساني ،
وكثرة التناسل ، وتأمين العفة وتيسيرها ، كما
أنه يقوي أواصر الرحم ويقلل من نسبة
المطلقات والأرامل ، ويحقق التكافل الاجتماعي.
20- نقول لمنكري التعدد: ما هو الحل الذي
تقدمونه لزيادة نسبة الإناث إلى الذكور على
مستوى العالم؟! ونقدم دليلاً على ذلك هذه
الإحصائية التي نشرت في مجلة المجتمع
العدد( 847 )، عن نسب الذكور مقابل الإناث حول
العالم وهي: السويد (1) ذكر مقابل
(4) إناث ، وكذلك أمريكا ، وأما روسيا (1)
مقابل (5) ، وكذلك في أفريقيا ، أما في
الخليج (1) مقابل (3) ، وفي بعض مناطق الصين كل
(1) ذكر مقابل ( 10 ) إناث
أما اليابان فكل ذكر تقابله (6) أنثى.
شبهة ( 5 )
•أنتم تفرقون بين الرجل والمرأة في علاج
النشوز، فأعطيتم الرجل ثلاث وسائل لعلاج المرأة الناشز وهي النصيحة ثم الهجر في
المضجع وأخيراً الضرب، وأما المرأة إذا نشز زوجها فليس لها إلا وسيلة واحدة معه
وهي النصح والإرشاد ، وهذا فيه ظلم للمرأة ،
فلماذا الرجل يضرب ويهجر وليس للمرأة هذا الحق
؟
وقد ذكر الله تعالى ذلك بقوله" ( واللاتي
تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) .
الرد على شبهة مساواة المرأة بالرجل في علاج
النشوز بالضرب:
1- لنتفق أولاً على أن تساوي الرجل والمرأة في
الكرامة لا يستلزم وحدة السبل التي ينبغي أن تتخذ لرعاية هذه الكرامة، فلكل جنس
طريقته في التعامل.
2- إن الضرب الذي ورد في الآية لا يحق للرجل
استخدامه في كل الظروف والحالات، وإنما في حالة واحدة فقط، هي نشوز الزوجة، ولا
يستخدم هذه الطريقة على سبيل الإلزام، وإنما على باختياره، كما أنها لا تكون أول
وسيلة للعلاج، وإنما هي الأخيرة.
3- مع تشريع الضرب تم تحديد نوعيته وماهيته فهو
ليس ضرب انتقام وتشفي ،
وإنما الحكمة منه توصيل رسالة بعدم الرضى.
وقال ابن عباس وعطاء: " الضرب غير المبرح
بالسواك، ويتجنب الوجه، وأن لا يترك الضرب أثراً على الجسد".
4- مع تشريع الضرب كوسيل إلا أن هناك أحاديث
كثيرة نهت عنه مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: أما يستحي أحدكم أن يضرب إمرأته
كما يضرب العبد؟ يضربها أول الليل ثم يجامعها آخره " – رواه البخاري.
وقال عندما سئل: ما حق زوجة أحدنا عليه ؟
" إن تطعمها إذا أطعمت وتكسوها إذا
اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولاتقبح ولا تهجر
إلا في البيت " . رواه أبوداود.
5- وفي بعض حالات الإنحراف السيكولوجي لا تجدي
مع المصاب إلا وسيلة الضرب، ويطلق علماء النفس على هذا الإنحراف اسم "
الماسوشزم، وصاحب هذا المرض لا يتعدل مزاجه إلا بعد معاملة قاسية حسياً ومعنوياً،
وهذا النوع من الإنحراف كما يقرر علم النفس أكثر ما يصيب النساء، إذ يصاب الرجل
بانحراف " السادزم" وهو التمتع باستعمال العنف أما في الحالات الأخرى
التي لا تصل إلى مرتبة المرض، فلا يجوز استعمال الضرب،
إذ لا ضرورة له ولا يجوز المبادرة إليه.
ولعل ذلك يصلح مع بعض حالات الناس.
6- إن عطاء المرأة وسيلة النصح والإرشاد في
حالة نشوز زوجها ليس قاصراً على هذه الوسيلة فقط في علاج المشكلة، ولكن لها أن
تبتكر ما تشاء من الوسائل لإصلاح زوجها
مع ابتعادها عن ضربة لأن الرجل لو ضربته المرأة
لتحول إلى وحش كاسر
يؤذيها ويحطمها.
7- إن الشريعة راعت خصائص كل طرف وإمكانياته
وقدراته ، ومع ذلك فإنها أعطت المرأة حق الضرب ، ولكن بشخص ينوب عنها فيه ويكون
رجلاً حتى يتحمل ما يلاقيه من الرجل ، وتكون المعركة بينهما ولا تدخل المرأة طرفاً
في المعركة القتالية ، وهذا الشخص هو وليها أو القاضي فهما ينوبان عنها في أخذ
حقها.
8- وكذلك الهجر في المضجع فهو ليس خاص في الرجل
في حالة نشوز زوجته،
وإنما للزوجة كذلك في بعض الحالات منها: أن
يلزمها زوجها بجماعها أثناء المحيض
أو من الدبر .
9- إن وجود حق الضرب أو الهجر لا يستلزم تنفيذه
فالمرأة العاقلة يكفيها الحوار والنقاش لعلاج النشوز الصادر منها، ولكن إذا لم
ينفع الحوار بوسائله المختلفة، هنا يحتاج الرجل إلى استخدام الوسائل الأخرى .
10- إن تنفيذ الوسائل العلاجية يجب فيه التدرج
والمرحلية ، ونلاحظ أن الوسيلة الأولى"عقلانية" من خلال الحوار والنصح،
والثانية" عاطفية" من خلال هجر المضاجع ، فإذا لم ينفع مع المرأة
الوسائل العقلانية والعاطفية، هنا سمح بالضرب وفق شروطه وحدوده الواردة، وكما قلنا
فهو الحق للإثنين معاً .
11- الغريب في الأمر أن في الغرب من يعترض على
الإسلام في حلوله لمسألة النشوزعلى الرغم من أنه لم تسجل حالات كثيرة عندنا في
الهجر والضرب المشروع ، بينما في أمريكا مثلاً في كل اثنى عشر ثانية تضرب إمرأة من
زوجها وبعضهن يقتل من شدة الضرب.
12- نحن لا نقول ما يقوله المثل الإيطالي:
العصا للمرأة الصالحة والطالحة، وإنما الشريعة حددت الضرب في حالة خاصة، وهو آخر
الدواء ، كما أن الشريعة لا تجيز أن يكون الضرب بالعصا ، ولو نفدت كل وسائل
الإصلاح ولم يبق أمام الرجل إلا الضرب ، وعلم مسبقاًَ بأن الضرب غير المبرح لن
يردع زوجته فإنه يؤثم لو ضربها.
13- إن مبدأ التأديب لأرباب الشذوذ والإنحراف
تدعو إليه الفطرة السليمة ويقضي به نظام المجتمع، وهذا المبدأ يعتمد على مستوى
الإنسانية حتى بين الشعوب وحكامها، ولولاه لما بقيت أسرة ولما صلحت أمة.
14- رغم أن المشرع أجاز الضرب، إلا أن الضرب لم
يرد عن كبار الصحابة ولا تابعيهم ولا حتى صغارهم ، وإنما ورد عن الجهال من العامة
في كل زمان ومكان، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أحد الصحابة يضرب عبداً
فقال له: يافلان إن الله أقدر عليك من قدرتك على عبدك، فقال: يارسول الله: هو حر
لوجه الله .
15-إن المرأة التي ارتضت رئاسة الرجل وقوامته،
عليها أن ترضى تأديبه لها بالمعروف حين نشوزها.
16-إن الإسلام حين وضع نظاماً للنشوز، فقد سبقه
بأنظمة كثيرة لعدم حصول النشوز ومنها دعمه لحسن الخلق والمعاشرة بالمعروف والرفق
في التعامل مع الزوجة ، وخير الناس من كان خيراً لزوجته.
•شبهة ( 2 )
•إنكم تتعاملون مع المرأة وكأنها سلعة تباع
وتشتري ، وذلك يتحقق جلياً عندما يدفع الرجل المهر للمرأة في عقد الزواج وكأنه قد
اشتراها بهذا المبلغ من المال.
- الرد على شبهة التعامل مع المرأة وكأنها سلعة
من خلال المهر المقدم لها:
1-إن المهر هو عبارة عن قيمة مضافة في عقد
الزواج، ومعنى القيمة هذه، هو إعطاء معنى الجدية من قبل الرجل في الارتباط
بالمرأة، فهو قيمة رمزية أكثر منها قيمة حقيقية مادية.
2-إن الإسلام لا يقبل أن يُشترى الإنسان أو
يباع، وإنما للإنسان كرامة والناس يتفاضلون بالتقوى، وليس للمال أي إعتبار في
تقييم الإنسان، فهذا هو النظام الأساسي في الإسلام ولهذا فإن المهر ليس الهدف منه شراء
رقبة المرأة، وإنما هو هدية تقدم لها لتعينها على تسهيل أمورها واحتياجاتها.
3-أكثر النصوص الشرعية تحث الرجال على عدم
المغالاة بالمهور،وأكثر النساء بركة أقلهن مهراً كما أخبر النبي صلى الله عليه
وسلم فالموضوع إذن ليس له علاقة بالبيع والشراء، وإنما تعامل الإسلام مع ( المهر )
مثلما تتعامل القوانين مع مفهوم ( التأمين ) في العقد ليكون أكثر جدية واستمرارية.
4-من الخطأ أن نرى ما يدفعه الرجل من مهر أو ما
يعطيه من هدايا أيام الخطبة والزواج على أنه ( شراء رقبة المرأة ) ، فهذا نظر
قاصر، وهناك فرق شاسع بين من يشتري العلاقة ومن يشتري الرقبة.فالطالب عندما يدفع
المال للمدرسة هل يمتلك المدرسة؟ أم أنه يشتري الخدمة والعلم؟ ولم نسمع يوماً أن
ذلك مناف لكرامة العلم، فالرجل بالمهر يشتري مودة المرأة لا رقبتها.
5-لقد راعت الشريعة طريقة تفكير كل جنس، فالرجل
يهتم بالمال ويسعى لكسبه ويفكر كثيراً قبل اتخاذ أي قرار لو كان القرار له متعلق
مالي، وإلزام الشريعة للرجل بدفع المهر وتوفير المسكن وتأثيثه والنفقة الشهرية من
الوسائل المعينة على طول عمر الزواج، فالرجل يفكر ألف مرة بالخسائر المالية التي
ستترتب على قرار الطلاق قبل اتخاذه، ومنها مصاريف الزواج والمهر.
6-يجعل المهر الرجل يفكر بشكل أكبر قبل اتخاذ
قرار الطلاق، لأنه سيتزوج ثانية وهو ملزم بدفع مهر جديد آخر وكذلك باقي مصاريف
الزواج الثاني مما يدعوه
إلى التريث في قرار الطلاق ومحاولة علاج الأمور
والإصلاح ما استطاع لتحقيق الهدف السامي للشريعة، وهو استقرار البيت .
7- في بعض البلدان والمذاهب ومنها أمريكا ،
تلزم المرأة بدفع المهر للزوج! فهل نقول
بأن الرجل أصبح بضاعة يشتري ويباع ؟
8- من المهم أن نعلم أن المرجع في المهر هو
الزوجة،فلها أن تقرر إذا إرادت المهر مبلغاً
من المال أم حاجة عينية أخرى ، ولها أن تقرر
مقدار المبلغ على حسب ما ترى من ثبات واستقرار الحياة الزوجية المقبلة عليها
فالمهر صمام أمان لها.ولو كان المهر من حق الأب لقلنا أن الأب زوج ابنته مقابل
مبلغ من المال، ولكن المهر من حق الفتاة ولها ، فهل معنى هذا أنها باعت نفسها؟ وهل
هي تملك نفسها حتى تبيعها؟!
9- إن فكرة المهمر قائمة على اسلوب التقديم
اللطيف للمشروع الأهم ، وهذه عادة الأعمال الجليلة والكبيرة مثل: المقبلات قبل
الوجبة الرئيسية، ومقدمات الجماع قبله، وكذلك الخطبة قبل
الزواج، وهذا الأسلوب الراقي هو الذي يميز
الإنسان عن الحيوان.
10- قال تعالى:"وأتوا النساء صدقتهن نحلة
فإن طبن لكم عن شي منه نفساً فكلوه هنيئاً
مريئاً" ( وهذا يعني أن المهر هبة وليس
صيغة للأجر ) .
11- لو كان المهر عبارة عن أجر تشترى به المرأة
ومتعتها طوال الحياة، لما استطاع
الرجل أن يدفع القيمة الحقيقية لهذا الاتفاق
لأن ثمنه سيكون غالياً، فكيف وقد حث
النبي صلى الله عليه وسلم كثيراً على عدم
المغالاة بالمهور، بل وزوج ابنته فاطمة من
على رضي الله عنه على درع، وهي بنت سيد الخلق
وسيدة نساء العالمين في زمانها.
12- لقد زوج النبي صلى الله عليه وسلم بعض
الصحابة على خاتم من حديد،
والبعض بسورة البقرة، فلا يشترط أن يكون المهر
مالاً، وكما ذكرنا سابقاً فالقرار هنا بيد المرأة
=================
كانة المرأة في الإسلام - د محمد بن عبد الله
بن صالح السحيم
أرسل يوم 26-7-1426 هـ بواسطة rudood.com
مقالات إسلامية متنوعةزائر المراسل "
د محمد بن عبد الله بن صالح السحيم
بلغت المرأة في الإسلام مكانة عالية , لم
تبلغها ملة ماضية , ولم تدركها أمة تالية , إذ إن تكريم الإسلام
للإنسان تشترك فيه المرأة و الرجل على حد سواء
, فهم أمام أحكام الله في هذه الدنيا سواء, كما أنهم أمام ثوابه وجزاءه في الدار
الآخرة سواء , قال تعالى :
((
ولقد كرمنا بني آدم )) سورة الإسراء : 70 , وقال عز من قائل : (( للرجال نصيب مما
ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون )) سورة النساء :
7, وقال جل ثناؤه (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف )) سورة البقرة : 228, وقال
سبحانه : (( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) سورة التوبة : 71 , وقال
تعالى (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك
الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً - واخفض
لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً )) سورة الإسراء :
23 ,24 .
وقال تعالى : (( فاستجاب لهم ربهم أنّي لا أضيع
عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى )) سورة آل عمران : 195, وقال جل ثناؤه : (( من عمل
صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحييه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا
يعملون )) سورة النحل : 97 , وقال عز من قائل : (( ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو
أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً )) سورة النساء/124 .
وهذا التكريم الذي حظيت به المرأة في الإسلام
لا يوجد له مثيل في أي ديانة أو ملة أو قانون فقد أقرت الحضارة الرومانية أن تكون
المرأة رقيقاً تابعاً للرجل , ولا حقوق لها على الإطلاق , واجتمع في روما مجمع
كبير وبحث في شؤون المرأة فقرر أنها كائن لا نفْس له , وأنها لهذا لن ترث الحياة
الأخروية , وأنها رجس .
وكانت المرأة في أثينا تعد من سقط المتاع ,
فكانت تباع وتشترى , وكانت تعد رجساً من عمل الشيطان .
وقررت شرائع الهند القديمة : أن الوباء والموت
والجحيم وسم الأفاعي والنار خير من المرأة , وكان حقها في الحياة ينتهي بانتهاء
أجل زوجها - الذي هو سيدها - فإذا رأت جثمانه يحرق ألقت بنفسها في نيرانه , وإلا
حاقت عليها اللعنة .
أما المرأة في اليهودية فقد جاء الحكم عليها في
العهد القديم ما يلي : ( درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً , ولأعرف
الشر أنه جهالة , والحماقة أنها جنون ؛ فوجدت أمرّاً من الموت : المرأة التي هي
شباك , وقلبها شراك , ويدها قيود ) سفر الجامعة , الإصحاح 7 : 25 , 26 , ومن
المعلوم أن العهد القديم يقدسه ويؤمن به اليهود والنصارى .
تلك هي المرأة في العصور القديمة , أما حالها
في العصور الوسطى والحديثة فتوضحها الوقائع التالية :
شرح الكاتب الدانمركي wieth kordsten
اتجاه الكنيسة الكالوثوليكية نحو المرأة بقوله : ( خلال العصور الوسطى كانت
العناية بالمرأة الأوربية محدوداً جداً تبعاً لاتجاه المذهب الكاثوليكي الذي كان
يعد المرأة مخلوقاً في المرتبة الثانية ) , وفي فرنسا عقد اجتماع عام 586 م يبحث
شأن المرأة وما إذا كانت تعد إنساناً أو لا تعد إنساناً ؟ وبعد النقاش : قرر
المجتمعون أن المرأة إنسان , ولكنها مخلوقة لخدمة الرجل .
وقد نصت المادة السابعة عشرة بعد المائتين من
القانون الفرنسي على ما يلي : ( المرأة المتزوجة - حتى لو كان زواجها قائماً على
أساس الفصل بين ملكيتها وملكية زوجها - لا يجوز لها أن تهب , ولا أن تنقل ملكيتها
ولا أن ترهن , ولا أن تملك بعوض أو بغير عوض بدون اشتراك زوجها في العقد أو
موافقته عليه موافقة كتابية ) .
وفي إنجلترا حرّم هنري الثامن على المرأة
الإنجليزية قراءة الكتاب المقدس وظلت النساء حتى عام 1850 م غير معدودات من
المواطنين , وظللن حتى عام 1882 م ليس لهن حقوق شخصية , سلسلة مقارنة الأديان ,
تأليف د . أحمد شلبي , ج3 , ص: 210 - 213 .
أما المرأة المعاصرة في أوروبا وأمريكا وغيرها
من البلاد الصناعية فهي مخلوق مبتذل مستهلك في الأغراض التجارية , إذ هي جزء من
الحملات الإعلانية الدعائية , بل وصل بها الحال إلى أن تجرد ملابسها لتعرض عليها
السلع في واجهات الحملات التجارية وأبيح جسدها و عرضها بموجب أنظمة قررها الرجال
لتكون مجرد متعة لهم في كل مكان.
وهي محل العناية ما دامت قادرة على العطاء
والبذل من يدها أو فكرها أو جسدها , فإذا كبرت وفقدت مقومات العطاء تخلى عنها
المجتمع بأفراده ومؤسساته , وعاشت وحيدة في بيتها أو في المصحات النفسية .
قارن هذا - ولا سواء - بما جاء في القرآن
الكريم من قوله تعالى : (( المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )) سورة التوبة/71
, وقوله جل ثناؤه : (( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف )) سورة البقرة / 228 . وقوله
عز وجل : (( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إمَّا يبلُغنَّ عندك
الكبر أحدهما أوكلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً - واخفض
لهما جناح الذل من الرحمة وقل رًّب ارحمهما كما ربياني صغيراً )) سورة الإسراء /
23, 24 .
وحينما كرمها ربها هذا التكريم أوضح للبشرية
قاطبة بأنه خلقها لتكون أماً وزوجة وبنتاً وأختاً , وشرع لذلك شرائع خاصة تخص
المرأة دون الرجل .
من كتاب الإسلام أصوله ومبادؤه تأليف : د محمد
بن عبد الله بن صالح السحيم. (www.islam-qa.com)
================
موقف القرآن من
حقوق الإنسان والمرأة
د. البوطى
إلى الذي كتب يهذي حول موقف القرآن من حقوق
الإنسان والمرأة في جريدة اللوفيغارو ـ الفرنسية
د. محمد سعيد رمضان البوطى
إن أحكام الشريعة الإسلامية تؤخذ من مصدرين
اثنين: القرآن الذي هو كالدستور الجامع، والسنة النبوية التي هي شرح وبيان.
والشريعة الإسلامية تقرر، بناء على هذين
المصدرين، أن المرأة كالرجل تماماً في الحقوق والواجبات. ويقول كلام الله
تعالى في بيان ذلك: {فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ
عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} [آل عمران:
3/195].
وتقرر الشريعة الإسلامية مبدأ الولاية
المتبادلة بين الرجل والمرأة، أي إنها تقرر أن للمرأة ولاية على الرجل ترعاه وتهتم
به بموجبها، وأن للرجل ولاية على المرأة يرعاها ويهتم بها بموجبها. والنص القرآني
الذي يقرر هذه الولاية هو قول الله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ} [التوبة: 9/71]. والقوانين الغربية لا تعلم إلى
اليوم في نطاق مساواة الرجل مع المرأة هذا الذي تسميه الشريعة الإسلامية ((الولاية
المتبادلة)).
أمّا مسألة ضرب المرأة، فإن القرآن إنما تحدث
عن ذلك في مجال الحديث عن العقوبات المشروعة لدى ارتكاب الجرائم أو الجنح، تماماً
كما يتحدث القانون الفرنسي أو غيره عن العقوبات التي يجوز للقضاء أن يعتمدها في
مجال الردع، لكل من الرجل والمرأة.. ولم يتحدث القرآن عن ذلك في مجال رسم العلاقات
الاجتماعية بين الرجل والمرأة في الظروف العادية.
إن النظام الاجتماعي الذي يرسم علاقة الرجل
بالمرأة في المجتمع الإسلامي يتمثل في قول الله تعالى في القرآن الذي يقرر كرامة
الإنسان ومساواة الرجل والمرأة في ميزان هذه الكرامة قائلاً: {يا أَيُّها النّاسُ
إِنّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ
لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ} [الحجرات: 49/13].
ويتمثل في هذا النص القرآني الذي يأمر الرجل
بأن يعاشر المرأة بالاحترام والتكريم، حتى ولو كرهها لأسباب نفسية {وَعاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً
وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 4/19].ويتمثل في هذا النص من
كلام رسول الله
: ((النساء شقائق الرجال، ما أكرمهن إلاّ كريم،
وما أهانهن إلاّ لئيم)) وفي هذا النص الثاني: ((أقربكم مني مجالس يوم القيامة،
ألطفكم بأهله)).
وبناء على هذه النصوص وغيرها، فقد قررت الشريعة
الإسلامية أن للمرأة أن تشترك مع الرجل في الوظائف المشروعة كلها، تقود الجيوش،
وترأس المنظمات، وتشترك في مجالس الشورى تَنْتخِب وتُنْتَخب، وتتقلد الوزارات
بمجرد شرط الكفاء والأهلية، وتمارس القضاء، مع ضمانة الشريعة الإسلامية حمايتها
ضدّ الاستغلال الجنسي (شبكات النخاسة لتصيدّ الفتيات كما هو في الغرب)، ومع ضمانة
الشريعة لكفايتها المالية عن طريق الأب قبل الزواج، وعن طريق الزوج بعد الزواج، كي
لا تضطرها الفاقة إلى أن تزج نفسها في أعمال لا تتفق مع كرامتها أو مع أنوثتها،
كما هو الحاصل في الغرب.
وفي ظل هذه الأحكام، فإن المرأة في البيت
الإسلامي، تزداد احتراماً وتقديساً من قبل أقاربها ومجتمعها كلما تقدم بها السن،
فالمرأة المسنة في الدار (ستّ البيت) لا يُقْطع دونها بأمر، والكل في المنزل خدم
لها. (تماماً كما هو الحال اليوم في الغرب)؟!!!..
وفي ظل هذه الأحكام، لم يسمع التاريخ الإسلامي،
أنّ امرأة مسلمة ضُرِبَتْ في بيت مسلم في عصر الصحابة وفي العصر الذي يليه والذي
يليه، لا من قبل زوج ولا من قبل أب. اللهم إلا ما يتعلق بالجنايات أو الجنح التي
ترتفع إلى القضاء، فذلك شيء يستوي فيه الرجال والنساء.
هذا الذي يتحدث عنه الكاتب (مشكلة ضرب المرأة)
هي مشكلة الغرب الأمريكي والأوربي، وليس مشكلة الشريعة الإسلامية في العصور التي
طبق فيها الإسلام، بل في عصرنا الذي نعيش فيه أيضاً.
ولقد ذكَّر الكاتب في هذا الذي يقوله عن القرآن
والإسلام، بحال ذلك الذي يعاني من عادية جرب في جسمه، وبدلاً من أن يحكّ أماكن
الجرب من جسده تمتدّ يده دون شعور منه إلى جسد جاره السليم فيمعن فيه حكاً؟!..
ألم يسمع الكاتب بالملاجئ الكثيرة التي تنتشر
اليوم في أوربا وأمريكا، لاستقبال النساء اللاتي أتيح لهن الفرار من وابل الضرب من
قبل أزواج أو أصدقاء؟
ألم يسمع بالندوات والمقالات الكثيرة التي يقوم
ويقعد بها الغرب اليوم، للبحث عن علاج ما لمشكلة ضرب النساء؟
كتب Richard F. Jones الأستاذ في معهد القبالة وأمراض النساء في
أمريكا، مقالاً عن هذه الظاهرة الوبائية المخيفة في المجلة العائدة لهذا المعهد في
عدد يناير عام 1992 بعنوان:
Domestic
Violence: Let our voices be heard
أي: فلندع أصواتنا ترفع الاغتصاب العائلي أو
المنـزلي.
افتتحه بقوله:
((هنالك وباء يجتاح بلادنا! إنه لَشنيع!.. وإنه
غير قابل للتجاوز عنه أو التساهل في أمره.. إنه يجب أن يوقف، وإنه لمرض يبعث على
الاشمئزاز)) ثم قال الكاتب: ((إنه في كل 12ثانية في الولايات المتحدة الأمريكية
تخضع امرأة للضرب إلى درجة القتل أو التحطيم من قبل زوج أو صديق)).
والدنيا كلها تعلم أن أوربا اليوم تمارس سباقاً
مع أمريكا في هذا المضمار.
لعل الكاتب يراجع طبيب العيون، ويعيد النظر في
صلاحية نظارته الطبية، كي لاينظر إلى الدنيا التي من حوله على طريقة صاحب العين
الحولاء.
وإنا لنتمنى له من كل قلوبنا الشفاء
المصدر : موقع الشيخ
===============
ما الحكمة من
تعدد زواج الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ..سؤال وجواب
كيف تجيبي على الإفتراء "الأسئلة"على
رسولنا الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم .. والحمـد لله رب
العالمين ... والصـلاة والسـلام على المبعوث رحمة للعالمين ..حبيبنا المصطفى صلوات
ربى وسـلامه عليه وعلى آله وصحبه وتابعيه ...
إخوتى وأخواتى فى الله سـلام الله عليكم جميعـا
ورحمـته وبركـاته ...
كثيرٌ ما نجد من المقالات التى تتحدث عن شبهة
تعدد زواج الرسول صلى الله عليه وسلم وتوضيحها والرد على ذلك الافتراء وادعاء أن
ذلك كان لشهوة أو دونها- حاشاه الحبيب صلوات رى وسـلامه عليه ..
وحقيقةً...لم أجد من الردود والدلائل فى السرد
والدقة والحجة البينة أجمل من ذلك المقال .. أضعه بين ايديكم ..وأسأل الله العلى
العظيم أن ينفع بذلك النفع العظيم ... وأن يوفقنا ويوفق بنا إلى سُبُلِ الهُدى
والرشـاد.. اللهم آمين يارب العالمين ..
ما الحكمة من كثرة زواج الرسول؟ ماذا ستجيب؟
إذا جاءك أحد وسألك بنية غير سليمة وفهمت منها
نية الإحراج والتشكيك في نوايا الرسول -صلى الله عليه وسلم - من تعدد زواجه....
فهل تعرف الإجابة؟
وهل تملك دفع هذا الحرج الذي سببه عدم معرفتك
معرفة تامة بظروف وحقيقة زواج النبي - صلى الله عليه وسلم من عدة نساء؟
أولا : لنتسائل بداية كم هن عدد زوجات الرسول -
صلى الله عليه وسلم - ؟
عددهن 12 زوجة
والرسول - عليه الصلاة والسلام - توفي وعنده
عشر زوجات
حيث توفيت في حياته السيدة خديجة والسيدة زينب
بنت خزيمة ...
رضي الله عنهما ...
ثانيا: هل تحفظون إخوتي أسماء أمهاتكم ...أمهات
المؤمنين ...؟؟
عفى الله عني وعنكم
سنذكر الآن أسماء الزوجات :
-1خديجة بنت خويلد
-2سودة بنت زمعة
-3عائشة بنت ابي بكر
-4حفصة بنت عمر
-5زينب بنت خزيمة
-6أم سلمة هند بنت عتبة
-7زينب بنت جحش
-8جويرية بنت الحارث
-9صفية بنت حيي بن أخطب
-10أم حبيبة رملة بنت ابي سفيان
-11 ماريا بنت شمعون المصرية
-12ميمونة بنت الحارث
لنسأل السؤال التالي بعد ذكر أسماء زوجاته
-عليه الصلاة والسلام - :
كم واحدة بكر وكم واحدة كانت متزوجة من قبل؟
واحدة بكر وهي السيدة عائشة -رضي الله عنها -
والباقي ثيبات
هل كن عربيات؟
كلهن عربيات باستثناء السيدة (ماريا )فقد كانت
من خارج الجزيرة العربية وكانت من ارض مصر
هل كن مسلمات كلهن؟
نعم إلا اثنتين : السيدة صفية كانت يهودية
والسيدة ماريا كانت مسيحية , رضي الله عنهن جميعا.
والآن ...
لنجيب على السؤال التالي :
هل كان سبب تعدد الزواج من قبل الرسول - صلى
الله عليه وسلم - شهوة؟
إذا تأملنا مراحل حياة الرسول - صلى الله عليه
وسلم - الزوجية نجد أن الشهوة اختفت من حياته
والدليل عقلي هذه المرة ,لنتأمل :
-1 الرسول - صلى الله عليه وسلم - منذ نشأته و
حتى سن 25 كان أعزبا
-2الرسول - صلى الله عليه وسلم من سن 25 إلى 50
(وهي فورة الشباب)
متزوج سيدة أكبر منه ب15 سنة ومتزوجة من قبله
برجلين ولها اولاد
-3الرسول - صلى الله عليه وسلم - من سن 50 إلى
52 سنة
من غير زواج حزنا ووفاء لزوجته الأولى
-4الرسول - صلى الله علسه وسلم - من سن 52 إلى
60
تزوج عدة زوجات لأسباب سياسية ودينية واجتماعية
سنأتي على تفصيلها فيما بعد
إذا ...
هل من المعقول أن الشهوة ظهرت فجأة من سن 52
سنة؟
وهل من المعقول للرجل المحب للزواج أن يتزوج في
فورة شبابه من ثيب تزوجت مرتين قبله ويمكث معها 25 سنة من غير أن يتزوج بغيرها
ثم يمكث سنتين من غير زواج وفاء وتكريما لها!
ثم إنه عليه الصلاة والسلام عند زواجه بعد
السيدة خديجة تزوج السيدة سودة وكان عمرها (80) سنة حيث كانت اول أرملة في الإسلام
- واراد عليه الصلاة والسلام أن يكرمها ويكرم النساء اللواتي مثلها حيث ابتدا بنفسه
ولم يأمر صحابته بزواجها , بل هو عليه الصلاة والسلام قام بتكريمها بنفسه ليكون
هذا العمل الإنساني قدوة من بعده
بعد ما قلناه نخلص إلى النتيجة التالية :
الرسول -صلى الله عليه وسلم - تزوج بطريقتين :
-1 محمد الرجل (تزوج بالسيدة خديجة(
-2 محمد الرسول (تزوج باقي نسوته(
ولنسأل السؤال التالي :
هل الرسول محمد - صلى الله عليه وسلم - هو
الوحيد الذي عدد أم أن هنالك انبياء عددوا أيضا؟
الجواب نعم
لقد عدد المرسلون والأنبياء - صلى الله عليه
وسلم كسيدنا إبراهيم وسيدنا داود وسليمان - صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين
وهذا مكتوب في الكتب السماوية كلها , فلماذا
يهاجمنا بها الغرب , وهم معترفون أصلا ومكتوبة عندهم!
نأتي الآن لذكر الدواعي السياسية والإجتماعية
والدينية التي دعت الرسول لتعديد زوجاته
أولا : توريث الإسلام والدعوة بدقة تفاصيلهما
وخصوصياتهما (كالصلاة وحركاتها ) فلا بد من دخول ناس لبيت الرسول - صلى الله عليه
وسلم- لنقل التفاصيل المطلوبة لتعليم الأمة ...
فأراد الله - عزوجل - بزواج الرسول من السيدة
عائشة حيث كانت صغيرة تتعلم منه الكثير بحكم سنها (والعلم في الصغر كالنقش على
الحجر ) وعاشت بعده 42 سنة تنشر العلم ..
والحديث في علم السيدة عائشة يطول حيث أنها
كانت أعلم الناس بالفرائض والنوافل ...
وإجمالي عدد الأحاديث المروية عن زوجات الرسول
- علسه الصلاة والسلام - 3000 حديث
أما شبهة زواج السيدة عائشة وهي صغيرة فقد كانت
طبيعة البيئة الصحراوية أن الفتاة تبلغ بسرعة وكان متعارفعلى تزويج الصغيرات ليس
عند العرب فحسب بل عن الروم والفرس ....
ثانيا : تأصيل العلاقة بين الصحابة وتشبيكها
مما يؤدي إلى تماسك الامة
فها هو عليه السلام يتزوج بابنة أبي بكر وأخت
عمر بن الخطاب
ويزوج ابنتيه لسيدنا عثمان
والبنت الثالثة لسيدنا علي
رضي الله عنهم جميعا وأرضاهم .
ثالثا : الرحمة بالارامل حيث تزوج الرسول - صلى
الله عليه وسلم - من الأرامل (السيدة سودة وأم سلمة وأم حبيبة )
رابعا: استكمال تشريع الإسلام حيث يقوم الرسول
بالفعل بنفسه ليكون قدوة واسوة للمسلمين من بعده
سواء كان بتكريم الأرامل أو الرحمة بمن اسلم من
غير المسلمين كزواجه بصفية بعدما أسلم أبوها
ورفعة لشأنه عند حاسديه من اليهود
خامسا : محبة الرسول - صلى الله عليه وسلم -
لعقد الصلة والرابطة بين أقطار الأرض كلها حيث أراد بزواجه من السيدة ماريا
المصرية أن يؤلف بلدا بأكمله والرسول عليه الصلاة والسلام تزوج السيدة جويرية حتى
يسلم بنو المصطلق حيث كانوا أسرى بيد المسلمين بعد غزوة بني المصطلق والقصة معروفة
بعد هذا العرض نأتي للخاتمة ...
مشروعية التعدد بهذا العدد (فوق أربع زوجات )
كانت خصوصية من خصوصيات الرسول - صلى الله عليه وسلم - كخاصية وصال الصيام والقيام
...
فلماذا نترك كل خصوصيات الرسول - صلى الله عليه
وسلم - فلا نطبقها ...
ونأتي لهذه الخاصية ونطبقها ...؟؟؟؟
وإن أحب أحد أن يعدد ويقتدي بالنبي - صلوات
الله وسلامه عليه - فليكمل الإقتداء ولتكن دواعي زواجه كدواعي زواج الرسول ليكتمل
الاجر!!!!! وينتفي الإثم الذي حذر منه الله عزوجل(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين
النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن
الله كان غفورا رحيما( سورة النساء 129)
==================
شبهة أن التشريع
الإسلامي يحدد عدد الزوجات بأربعة فقط , بينما رسول الله تزوج بأكثر من أربع
بعض المشككيين يثيرون شبهة أن التشريع الإسلامي
يحدد عدد الزوجات بأربعة فقط , بينما رسول الله تزوج بأكثر من ذلك
و للرد على هذه الشبهه
يجب ترتيب الأفكار كالتالي :
1 - تعدد الزوجات كان موجود قبل الإسلام و لم
يبتدعه , والفرق أنه كان بلا عدد محدد بل كان على إطلاقه
2 - الرسول منع من التزوج بأكثر مما لديه في
آية كريمة , جاءت و لم يكن تشريع الأربعة زوجات نزل بعد
3 - و عليه فقد منع الرسول من الزواج بأكثر من
تسعة بينما كان مباح لباقي المسلمين
4 - نزل تشريع بتحريم الزواج بزوجات الرسول ,
لذلك تجد الرسول لم يطلق طوال حياته لأنه كان طلاق أمهات المؤمنين يعني تدمير
حياتهن الإجتماعة تدمير شامل
5 - نزل تشريع الحد الأقصى من الزوجات بأربعة
للمسلمين
6 - طلق المسلمين زوجاتهم اللائي يزدن عن الحد
المسموح فمن له خمسة طلق واحدة و من له عشرة طلق ستة منهن
7 - لم يطلق الرسول ما زاد على أربعة بسبب
النقطة رقم 4 , و كان إبقائهن رحمة بهن
و الله أعلم
الصلاة و السلام عليك يا سيد الخلق يا سيدي يا
رسول الله
==============
شبهة عدم مساواة
المرأة بالرجل في علاج النشوز بالضرب
نص الشبهة:
أنتم تفرقون بين الرجل والمرأة في علاج النشوز،
فأعطيتم الرجل ثلاث وسائل لعلاج المرأة الناشز وهي النصيحة ثم الهجر في المضجع
وأخيراً الضرب، وأما المرأة إذا نشز زوجها فليس لها إلا وسيلة واحدة معه وهي النصح
والإرشاد ، وهذا فيه ظلم للمرأة ،فلماذا الرجل يضرب ويهجر وليس للمرأة هذا الحق ؟
وقد ذكر الله تعالى ذلك بقوله" ( واللاتي
تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ) .
الرد على شبهة مساواة المرأة بالرجل في علاج
النشوز بالضرب:
- لنتفق أولاً على أن تساوي الرجل والمرأة في
الكرامة لا يستلزم وحدة السبل التي ينبغي أن تتخذ لرعاية هذه الكرامة، فلكل جنس
طريقته في التعامل.
2- إن الضرب الذي ورد في الآية لا يحق للرجل
استخدامه في كل الظروف والحالات، وإنما في حالة واحدة فقط، هي نشوز الزوجة، ولا
يستخدم هذه الطريقة على سبيل الإلزام، وإنما على باختياره، كما أنها لا تكون أول
وسيلة للعلاج، وإنما هي الأخيرة.
3- مع تشريع الضرب تم تحديد نوعيته وماهيته فهو
ليس ضرب انتقام وتشفي ،
وإنما الحكمة منه توصيل رسالة بعدم الرضى.
وقال ابن عباس وعطاء: " الضرب غير المبرح
بالسواك، ويتجنب الوجه، وأن لا يترك الضرب أثراً على الجسد".
4- مع تشريع الضرب كوسيل إلا أن هناك أحاديث
كثيرة نهت عنه مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: أما يستحي أحدكم أن يضرب إمرأته
كما يضرب العبد؟ يضربها أول الليل ثم يجامعها آخره " – رواه البخاري.
وقال عندما سئل: ما حق زوجة أحدنا عليه ؟
" إن تطعمها إذا أطعمت وتكسوها إذا
اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولاتقبح ولا تهجر
إلا في البيت " . رواه أبوداود.
5- وفي بعض حالات الإنحراف السيكولوجي لا تجدي
مع المصاب إلا وسيلة الضرب، ويطلق علماء النفس على هذا الإنحراف اسم "
الماسوشزم، وصاحب هذا المرض لا يتعدل مزاجه إلا بعد معاملة قاسية حسياً ومعنوياً،
وهذا النوع من الإنحراف كما يقرر علم النفس أكثر ما يصيب النساء، إذ يصاب الرجل
بانحراف " السادزم" وهو التمتع باستعمال العنف أما في الحالات الأخرى
التي لا تصل إلى مرتبة المرض، فلا يجوز استعمال الضرب،
إذ لا ضرورة له ولا يجوز المبادرة إليه.
ولعل ذلك يصلح مع بعض حالات الناس.
6- إن عطاء المرأة وسيلة النصح والإرشاد في
حالة نشوز زوجها ليس قاصراً على هذه الوسيلة فقط في علاج المشكلة، ولكن لها أن
تبتكر ما تشاء من الوسائل لإصلاح زوجها
مع ابتعادها عن ضربة لأن الرجل لو ضربته المرأة
لتحول إلى وحش كاسر يؤذيها ويحطمها.
7- إن الشريعة راعت خصائص كل طرف وإمكانياته
وقدراته ، ومع ذلك فإنها أعطت المرأة حق الضرب ، ولكن بشخص ينوب عنها فيه ويكون
رجلاً حتى يتحمل ما يلاقيه من الرجل ، وتكون المعركة بينهما ولا تدخل المرأة طرفاً
في المعركة القتالية ، وهذا الشخص هو وليها أو القاضي فهما ينوبان عنها في أخذ
حقها.
8- وكذلك الهجر في المضجع فهو ليس خاص في الرجل
في حالة نشوز زوجته،
وإنما للزوجة كذلك في بعض الحالات منها: أن
يلزمها زوجها بجماعها أثناء المحيض أو من الدبر .
9- إن وجود حق الضرب أو الهجر لا يستلزم تنفيذه
فالمرأة العاقلة يكفيها الحوار والنقاش لعلاج النشوز الصادر منها، ولكن إذا لم ينفع
الحوار بوسائله المختلفة، هنا يحتاج الرجل إلى استخدام الوسائل الأخرى .
10- إن تنفيذ الوسائل العلاجية يجب فيه التدرج
والمرحلية ، ونلاحظ أن الوسيلة الأولى"عقلانية" من خلال الحوار والنصح،
والثانية" عاطفية" من خلال هجر المضاجع ، فإذا لم ينفع مع المرأة الوسائل
العقلانية والعاطفية، هنا سمح بالضرب وفق شروطه وحدوده الواردة، وكما قلنا فهو
الحق للإثنين معاً .
11- الغريب في الأمر أن في الغرب من يعترض على
الإسلام في حلوله لمسألة النشوزعلى الرغم من أنه لم تسجل حالات كثيرة عندنا في
الهجر والضرب المشروع ، بينما في أمريكا مثلاً في كل اثنى عشر ثانية تضرب إمرأة من
زوجها وبعضهن يقتل من شدة الضرب.
12- نحن لا نقول ما يقوله المثل الإيطالي:
العصا للمرأة الصالحة والطالحة، وإنما الشريعة حددت الضرب في حالة خاصة، وهو آخر
الدواء ، كما أن الشريعة لا تجيز أن يكون الضرب بالعصا ، ولو نفدت كل وسائل
الإصلاح ولم يبق أمام الرجل إلا الضرب ، وعلم مسبقاًَ بأن الضرب غير المبرح لن
يردع زوجته فإنه يؤثم لو ضربها.
13- إن مبدأ التأديب لأرباب الشذوذ والإنحراف
تدعو إليه الفطرة السليمة ويقضي به نظام المجتمع، وهذا المبدأ يعتمد على مستوى
الإنسانية حتى بين الشعوب وحكامها، ولولاه لما بقيت أسرة ولما صلحت أمة.
14- رغم أن المشرع أجاز الضرب، إلا أن الضرب لم
يرد عن كبار الصحابة ولا تابعيهم ولا حتى صغارهم ، وإنما ورد عن الجهال من العامة
في كل زمان ومكان، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أحد الصحابة يضرب عبداً فقال
له: يافلان إن الله أقدر عليك من قدرتك على عبدك، فقال: يارسول الله: هو حر لوجه
الله .
15-إن المرأة التي ارتضت رئاسة الرجل وقوامته،
عليها أن ترضى تأديبه لها بالمعروف حين نشوزها.
16-إن الإسلام حين وضع نظاماً للنشوز، فقد سبقه
بأنظمة كثيرة لعدم حصول النشوز ومنها دعمه لحسن الخلق والمعاشرة بالمعروف والرفق
في التعامل مع الزوجة ، وخير الناس من كان خيراً لزوجته.
==========================
شبهة عدم مساواة المرأة بالرجل يجعل القوامة بيد الرجل
نص الشبهة:يعلق الكثيرون على الآية الكريمة:
" الرجال قوامون على النساء " فيقولون:
•انتم فرقتم بين الرجل والمرأة في إدارة البيت
وجعلتم القوامة بيد الرجل وأجحفتم في حق المرأة، وهذا ينافي المساواة بين الجنسين،
كما وأن واقعنا اليوم تغير وأصبحت المرأة
في كثير من الأحيان هي سيدة البيت، بل وأحياناً
تدير الرجل
الرد على شبهة عدم مساواة المرأة بالرجل بجعل
القوامة بيد الرجل:
1- قبل أن نرد على الشبهة لنتعرف على معنى
القوامة..فالقوامة معناها الإدارة والإمارة، نقول فلان قائم على الدار، أي مديرها.
ومعروف في علم الإدارة أن المدير ليس بالضرورة
أفضل ممن يديرهم فالمراد بالقوامة هنا قوامة رعاية وإدارة، وليست قوامة هيمنة
وتسلط.
2- إن المتبع للنظام العام للشريعة يجد أن
مفهوم الإدارة نظام معتمد في جميع المشاريع، وحتى في السفر، قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: ( إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم ) ، ونلاحظ إن النص يقول:
( فليؤمروا أحدهم ) ، وهذا يدل على أن الأمير ليس بالضرورة أفضلهم ، إنما المهم أن
يكون على مستوى تحمل المسؤولية ، فإذا كان الشارع يحرص على أن لا يسير ثلاثة في
طريق إلا ويحددوا مديرهم فهو بالتأكيد أشد حرصاً على تحديد المدير في مسيرة
الأسرة.
3- ولنناقش احتمالات الإدارة في البيت ، طالما
إننا متفقون على أنه لا بد من وجود رئيس في المؤسسة ، فالاحتمال الأول: أن يكون
الرجل هو المدير ، والثاني : المرأة ، والثالث: هما معاً ، فأما الثالث فهو مستبعد
لأنه لا يصلح أن يكون للسفينة ربانان ، كما أن علم النفس يؤكد اختلال عواطف
الأبناء واضطراب نفوسهم عند تنازع الوالدين على السيادة، وأما احتمال المرأة فنحن
نعرف الجانب العاطفي عند المرأة ، وأن الإدارة تحتاج إلى زيادة في الحزم
والعقلانية ، وهو ما يميز الرجل بالإضافة إلى الجانب المالي الملزم به ، مما يترجح
معه اتجاه إعطاء الإدارة للرجل .
4- إن الدراسات الحديثة تؤكد رغبة المرأة
بالعمل تحت إمرأة شخص آخر وهو ما أكدته العالمة النفسية " كليف دالسون"
وتبين لها من الدراسة أن المرأة تفضل أن تكون مرؤوسة وبإشراف رئيس، وقد نقلت ذلك
مجلة " مرآة اليوم" عدد رقم (101) كما أن المرأة تحب أن تشعر بأنها
محمية ، وبأن هناك رجل حام ، فهما شعوران طبيعيان فيها.
5- إن تحميل المرأة مسؤولية نفقتها على نفسها
وتأمين دخل لها تلبي به حاجاتها المستمرة يشكل قيداً قاسياً عليها، كما أن حرمانها
من الحماية يحرمها الأمن وحرمانها من الأمن ينشىء عليها قيود الخوف والقلق وعدم
الاستقرار.
ولذلك كان من مستلزمات القوامة أن يوفر الرجل
للمرأة " كفاية الرزق ، ونعمة الأمن" فيحميها من ( الجوع والخوف)،
فالقوامة إذن مسألة ذي شقين حق للرجل وواجب عليه ، فهي ليست امتيازاً ولا تشرفاً
له بل تكليفاً يتبعه شدة محاسبة الرب جل وعلا .
6- إن القوامة التي دعى إليها الإسلام هي قوامة
رحيمة تقوم على التفاهم والتشاور ، وليست قوامة تسلط وهيمنة ، أساسها "
وعاشروهن بالمعروف" كما قال تعالى: ( وخيركم خيركم لأهله ) كما أخبر النبي
صلى الله عليه وسلم .
والرجل لا في كل حين وإنما عند اختلاف وجهات
النظر، ولكن الأصل أن يعرف كل طرف مسؤوليته ودوره في الأسرة ، فكلكم راع وكلكم
مسؤول عن رعيته.
7- نلاحظ أن النص القرآني: ( الرجال قوامون على
النساء) ولم يقل ( الرجال سادة على النساء) ، ففي القوامة معنى الإصلاح والعدل ،
وليس الاستبداد والسيادة والظلم ، فهي قوامة فيما لايمس كرامة المرأة وكيانها .
ونضيف على ذلك بأن الإسلام أعطى للمرأة حق
التدخل في اختيار زوجها ، ولهذا فهي تختار القيم عليها .
8- إن النظام العالمي في الإدارة يقول: ( من
ينفق يشرف )، وهذا معموله به حتى في الشركات ، فأكثر المساهمين مالاً يحق لهم
الإشراف والمساءلة ، ومن أمثلة الشركات العالمية المطبقة لهذا النص شركة
مايكروسوفت والتي يملكها " بلجيتس" فعندما طرح اسهمها للبيع للجمهور حرص
أن يبيع من اسهمها ما نسبته(49 %) وأبقى له (51 %) من الأسهم حتى يبقى هو صاحب
القرار فيها والقيم عليها .
ولو طبقنا هذا على الواقع وفي الأسرة فإن الرجل
يدفع المهر وينفق على زوجته وأولاده كما أنه مكلف بإطعامهم وإلباسهم وشراء الدواء
لهم، لذا فإن له حق الإشراف لأنه " من ينفق يشرف" .
9- من الطرائف في وضع الأسرة بالغرب أن الزوجين
إذا دخلا في مطعم لتناول العشاء مثلاً ، فإن كل واحد منهما يحاسب عن نفسه، وذلك
لأن النظام الغربي في الإدارة يختلف عن النظام الرباني في جعل الرجل مكلفاً بحماية
المرأة من الجوع والخوف.
ولهذا فقد الرجل صلاحيته هناك، ففي كل اثنى
عشرة ثانية تحصل حادثة ضرب من زوج لزوجته في أمريكا، ولعل هذا مؤشر على تنازع
السلطات.ومع هذا نقول لو تنازل الزوج عن تأمين حماية الجوع والخوف فلا قوامة له .
10- مهم جداً أن نتفق على أن الإسلام لم يفرق
بين الرجل والمرأة من حيث الذات، وإنما راعي الفروق الفردية في المهمات، وهنا نذكر
بعض النصوص في المساواة:
•قال تعالى : ( فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع
عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم
من بعض ).• ويقول: أيضاً : ( من عمل صالحاً من
ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ، ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا
يعملون) .
•ويقول عزوجل: ( ومن يعمل من الصالحات من ذكر
أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً) ، ثم أن البيان يعود
فيزيد هذه الحقيقة تأكيداً ، إذ يبرزها فيما يشبه الصياغة المحددة القانونية،
فيقول: ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوباً وقبائل
لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير ).
11- قد يعترض قائل بأن الله تعالى قال: (
الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض) ، فأنتم تفضلون الرجل على
المرأة !
وهنا نقول: بأن الأفضلية هنا للتناسب المصلحي
وليس الجنس .
فالرجل من أهم وظائفه الاجتماعية توفير المسكن
والعيش الكريم، والمرأة من أهم وظائفها الاجتماعية الرضاعة والحضانة ورعاية
الأطفال ، وكل واحد منهما أفضل من الآخر
بموقعه ، وهذا معنى " بما فضل الله بعضهم
على بعض" فهو تفضيل بما يتناسب وقدرات الإنسان ،وإلا فنحن متفقون أن القوامة
" رعاية وإدارة " وليست تفضيلاً .
12- لو أسقطنا عن الرجل قوامته وجعلناها للمرأة
، فإننا نكون قد أسقطنا عنه مسؤولية النفقة، وهنا تلزم المرأة بتأمين الحماية
المستقبلية للأسرة وتوفير الأمن والطعام مما سيؤثر على أولوياتها الاجتماعية من
حفظ البيت ورعاية الأبناء .
من أجل ذلك حرر الإسلام المرأة من مسؤولية
العمل في الوقت الذي لم يمنعها منه، حتى تختار ما يناسبها .
13- إن القانون الإنجليزي حتى عام 1805 كان
يجيز بيع الرجل لزوجته، بما أنه قيم عليها، وبقيت عملية البيع قائمة حتى بداية
القرن العشرين، كما أن البرلمان الإنجليزي في عهد هنري الثامن أصدر حظراً على
المرأة يمنعها من قراءة الإنجيل .
بينما عندنا نحن حفظت النسخة الوحيدة لأفضل
كتاب على وجه الأرض بيد إمرأة ألا وهي السيدة " حفصة بنت عمر " رضي الله
عنها .
14- إن مما تقوله المرأة في قسم الزواج عند
النصارى " وأقسم أن أكون مطيعة لزوجي" بينما عندنا في الإسلام تقول:
" قبلت هذا الزوج " .
15- يجوز في الإسلام أن تكون المرأة وصية على
الصغار وناقصي الأهلية ، وأن تكون وكيلة عن أي شخص حتى عن والديها أو زوجها في
أعمالهم وتصريف أموالهم إذن القوامة كما ذكرنا رعاية وإدارة وليست رئاسة وتسلط .
====================
الرد على شبهة
ان الإسلام جحد حق المرأة بأن جعل شهادتها تعادل نصف شهادة الرجل
والذين يظنون أن آية سورة البقرة:
(يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل
مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب
وليملل الذى عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئًا فإن كان الذى عليه الحق
سفيهًا أو ضعيفًا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل واستشهدوا شهيدين من
رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما
فتذكر إحداهما الأخرى ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرًا أو
كبيرًا إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون
تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم ولا
يضار كاتب ولا شهيد وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل
شىء عليم * وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدِّ
الذى اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه
والله بما تعملون عليم ) .
الذين يظنون أن هذه الآية ـ282ـ تجعل شهادة
المرأة نصف شهادة الرجل بإطلاق ، وفى كل الحالات مخطئون وواهمون.. فهذه الآية
تتحدث عن دَين خاص.. فى وقت خاص ، يحتاج إلى كاتب خاص ، وإملاء خاص ، وإشهاد خاص..
وهذه الآية ـ فى نصها ـ استثناء:
(.. إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم
فليس عليكم جناح ألا تكتبوها).
ثم إنها تستثنى من هذه الحالة الخاصة الإشهاد
على البيوع ، فلا تقيدها بما قيدت به حالة هذا الدين الخاص.. ثم إنها تتحدث ،
مخاطبة ، لصاحب الدين ، الذى يريد أن يستوثق لدينه الخاص هذا بأعلى درجات
الاستيثاق.. ولا تخاطب الحاكم ـ القاضى ـ الذى له أن يحكم بالبينة واليمين ، بصرف
النظر عن جنس الشاهد وعدد الشهود الذين تقوم بهم البينة.. فللحاكم ـ القاضى ـ أن
يحكم بشهادة رجلين.. أو امرأتين.. أو رجل وامرأة.. أو رجل واحد.. أو امرأة واحدة..
طالما قامت البينة بهذه الشهادة..
ومن يرد الاستزادة من الفقه الإسلامى فى هذه
القضية ـ التى يجهلها الكثيرون ـ فعليه أن يرجع إلى آراء شيخ الإسلام ابن تيمية [
661ـ728هـ/1263ـ1328م] وتلميذه العظيم ابن قيم الجوزية [691ـ751هـ/1262ـ1350م] فى
كتابه [ الطرق الحكمية فى السياسة الشرعية ] .. ففيه ـ وفق نص ابن تيمية ـ أن
ماجاء عن شهادة المرأة فى آية سورة البقرة ، ليس حصرًا لطرق الشهادة وطرق الحكم
التى يحكم بها الحاكم ، وإنما ذكر لنوعين من البينات فى الطرق التى يحفظ بها
الإنسان حقه.. فالآية نصيحة لهم وتعليم وإرشاد لما يحفظون به حقوقهم ، وما تحفظ به
الحقوق شىء وما يحكم به الحاكم شىء ، فإن طرق الحكم أوسع من الشاهدين والمرأتين.
ولقد قال الإمام أحمد بن حنبل
[164ـ241هـ/780ـ855م] إن شهادة الرجل تعدل شهادة امرأتين فيما هو أكثر خبرة فيه ،
وأن شهادة المرأة تعدل شهادة رجلين فيما هى أكثر خبرة فيه من الرجل.. فالباب مفتوح
أمام الخبرة التى هى معيار درجة الشهادة ، فإذا تخلفت خبرة الرجل فى الميدان تراجع
مستوى شهادته فيه.. وإذا تقدمت وزادت خبرة المرأة فى الميدان ارتفع مستوى شهادتها
فيه.. وليس هناك فى الفقه الإسلامى تعميم وإطلاق فى هذا الموضوع ، إذ الشهادة سبيل
للبينة التى يحكم الحاكم ـ القاضى ـ بناء عليها ، بصرف النظر عن جنس الشهود
وعددهم.
==================
شبهات النصارى
حول وضع المرأة في شرائع المجتمع المسلم
وردودهـــــــــــــــا من كتابهم المقدس
يلمز النصارى وضع المرأة في المجتمع المسلم، و
يرون في بعض شرائعه انتقاصاً لها ، و من ذلك تعدد الزوجات حيث يقول القس
شروش:" يسوع أعلن أن الذي خلقهم من البدء خلقهم رجلاً و امرأة ، و لو أراد
الله الرجل أن تكون له أربع زوجات لخلق من البدء أكثر من حواء " .
و يقول القس سويجارت مفاخراً بتشريع الكنيسة في
قصر الزواج على واحدة : " المسيحية تسمح لنا بواحدة فقط ، و لذلك ارتضي
أفضلهن من أول قذيفة " .
و تقول منظمة الآباء البيض في رسالتها لرابطة
العالم الإسلامي و هي تعتب القول بتفوق الرجال على النساء فتقول :" لماذا
يقبل تفوق جنس على آخر؟
و هو مانراه من خلال النقاط التالية
1- قبول تعدد الزوجات مع تحريم تعدد الأزواج.
2- إمكانية هجر الرجل لزوجته دون أن يقدم
تبريراً لعمله (يقصد الطلاق).
3- الأب حق الوصاية أو الولاية على الأبناء
دائماً و إن كان الأطفال في حضانة الأم…
4- بالنسبة للمواريث نجد أن نصيب المرأة و في
أغلب الأحيان هو أقل من نصف حصة الرجل "
ويمضي القس أنيس شروش في عرضه لما يراه مثالب
ارتكبها الإسلام بحق المرأة فيقول:"بإمكان الرجل المسلم أن يطلق زوجته دون أن
يعطي لذلك سبباً واحداً و من غير إشعار ، فالزوج له السلطة المطلقة الفورية في
الطلاق غير القابلة للنقاش ، و يمكنه أن يعلن أمام زوجته أنه يطلقها ثلاث مرات ،
فترحل ، ليس هناك امتيازات و لا ترابط شعوري " ، ثم يعرض فيذكر آية القوامة و
ما تضمنته من جواز ضرب الناشز ، ثم آية توريث الذكر مثل حظ الأنثيين ، ثم
يقول:" على العكس من ذلك فإن الرب يوصي المسيحيين بحب الزوج للزوجة مثلما أحب
المسيح الكنيسة " .
و في الإجابة عن هذه الشبهات أوضح المسلمون
موقف الإسلام المكرم للمرأة ، و بينوا ما تعرضت له من انتقاص على يد الجاهليات
المختلفة و منها النصرانية المحرفة ، فالوثنيات القديمة العربية و اليونانية و
سواها ظلمت المرأة ظلماً كبيراً ، فقد جعلت منها سلعة تباع كسائر المتاع ، و تورث
أيضاً إذا مات زوجها كسائر متاع بيتها ، و حرمتها الجاهلية الوثنية من حق الحياة
بوأدها طفلة أو تقديمها قرباناً للآلهة إلى غير ذلك من الصور المستبشعة
المرأة في النصرانية :
أما في النصرانية و المجتمع النصراني فكانت
الإساءة للمرأة أكبر حيث أكدت النصوص التوراتية على بعض التشريعات التي تحط من قدر
المرأة و من ذلك أن النصوص تقر بيعها ، فقد جاء في سفر الخروج " و إذا باع
رجل ابنته أمةً لا تخرج كما يخرج العبيد" (الخروج 21/7) ، و في أيام القضاة
اشترى بوعز جميع أملاك أليمالك و مالكليون و محلون ،و من ضمن ما اشتراه راعوث
المؤابية امرأة محلون (انظر راعوث 4/9-10) ، وتقول التوراة أيضاً " فوجدت
أمرّ من الموت : المرأة التي هي شباك ، و قلبها أشراك ، و يداها قيود ، الصالح
قدام الله ينجو منها. أما الخاطئ فيؤخذ بها…رجلاً واحداً بين ألف وجدت ، أما امرأة
فبين كل أولئك لم أجد " ( الجامعة 7/26-28 ).
و يقرن سفر اللاويين المطلقة و الأرملة
بالزانية ، فيعتبرهن دناياً يحرم على الكاهن الزواج منهن (انظر اللاويين 21/10-15)
كما يفرض السفر أحكاماً غاية في القسوة على المرأة حال حيضتها حتى أن مجرد مسها
ينجس الماس إلى المساء كما ينجس كل من مس فراشها أو شيئاً من متاعها ( انظر
اللاويين 15/19-32 ).
و في النصرانية يحمل بولس المرأة خطيئة آدم ،
ثم يحتقر المرأة تبعاً لذلك فيقول :" لتتعلم المرأة بسكوت في كل خضوع ، و لكن
لست آذن للمرأة أن تعلّم ، و لا تتسلط على الرجل، بل تكون في سكوت، لأن المرأة
أغويت ، فحصلت في التعدي " (تيموثاوس(1) 2/11-14) ، و يقول مؤكداً ما يكنه من
ازدراء للمرأة "الرجل ليس من المرأة ، بل المرأة من الرجل ، ولأن الرجل لم يخلق
من أجل المرأة ، بل المرأة أجل الرجل " (كورنثوس(1) 11/8-9)
و منذ ألبس بولس المرأة خطيئة الأبوين ، والفكر
النصراني يضطهد المرأة و يعتبرها باباً للشيطان ، و يرها مسئولة عن انحلال الأخلاق
و تردي المجتمعات البشرية ، و من ذلك يقول القديس ترتليان (ق3) : " إنها مدخل
الشيطان إلى نفس الإنسان ، ناقضة لنواميس الله ، مشوهة لصورة الله (الرجل) "،
و يقول أيضاً بعد حديثه عن دور حواء في الخطيئة الأولى:" ألستن تعلمن أن كل
واحدة منكن هي حواء ؟!…أنتن المدخل الذي يلجه الشيطان..لقد دمرتن بمثل هذه السهولة
الرجل صورةَ الله " .
و يقول القديس سوستام عن المرأة : " إنها
شر لا بد منه ، و آفة مرغوب فيها ، و خطر على الأسرة و البيت ، و محبوبة فتاكة ، و
مصيبة مطلية مموهة "، و يقول القديس جيروم (ق5) في نصيحته لامرأة طلبت منه
النصح : " المرأة إذن هي ألد أعداء الرجل ، فهي المومس التي تغوي الرجل إلى
هلاكه الأبدي ، لأنها حواء ، لأنها مثيرة جنسياً ".
و يتساءل القديس أوغسطين (ق 5) لماذا خلق الله
النساء ؟. ثم يقول " إذا كان ما احتاجه آدم هو العشرة الطبية، فلقد كان من
الأفضل كثيراً أن يتم تدبير ذلك برجلين يعيشان كصديقين بدلاً من رجل و امرأة
"، ثم تبين له أن العلة من خلقها هي فقط إنجاب الأولاد ، و منه استوحى لوثر
فقال: " إذا تعبت النساء أو حتى ماتت فكل ذلك لا يهم ، دعهن يمتن في عملية
الولادة ، فلقد خلقن من أجل ذلك ".
و عقدت الكنيسة مؤتمرات غريبة لبحث أمر هذا
الكائن ( المرأة ) ، ففي القرن الخامس عقد مؤتمر ماكون للنظر هل للمرأة روح أم لا
؟ و قرر المؤتمر خلو المرأة عن الروح الناجية . و قال القديس جيروم: " المرأة
عندما تكون صالحة تكون رجلاً ".أي شذت عن مثيلاتها الإناث فكانت مثل الرجال .
و في عام 586م عقد مؤتمر لبحث إنسانية المرأة ،
ثم قرر المؤتمر بأغلبية صوت واحد بأن المرأة إنسان خلق لخدمة الرجل . و بعد ظهور
البروتستانت في القرن السادس عشر عقد اللوثريون مؤتمراً في وتنبرج لبحث إنسانية
المرأة .
و قد انعكست هذه الصورة القاتمة للمرأة على
القوانين المدنية و التي كانت تفرض غير بعيد عن رأي القسس و الأساقفة ، فقد بقيت
المرأة في القانون الإنجليزي تباع من زوجها لآخر بست بنسات ، و استمر هذا القانون
سارياً حتى عام 1805م ، فيما اعتبر قانون الثورة الفرنسية المرأة قاصراً كالصبي و
المجنون ، و استمر ذلك حتى عام 1938م .
و كان قمة الاضطهاد الذي تعرضت له المرأة في ظل
سيطرة الكنيسة في القرن السادس عشر و السابع عشر حيث انعكست الصورة السوداوية التي
تنظر بها الكنيسة إلى المرأة بظهور فكرة اجتاحت أوربا و هي وجود نساء متشيطنات أي
تلبسهن روح شيطانية، فهن يعادين الله ، و يعادين المجتمع ، تقول كارن ارمسترنج في
كتابها " إنجيل المرأة " : " لقد كان تعقب المتشيطنات بدعة مسيحية
، و كان ينظر إليها على أنها واحدة من أخطر أنواع الهرطقات…و من الصعب الآن معرفة
عدد النساء اللائي قتلن خلال الجنون الذي استمر مائتي عام ، و إن كان بعض العلماء
يؤكد أنه مات في موجات تعقب المتشيطنات بقدر ما مات في جميع الحروب الأوربية حتى
عام 1914م…يبدو أن الأعداد كانت كبيرة بدرجة مفزعة " .
إذن كان هذا هو موقف النصرانية من المرأة ، و
هو صورة قاتمة مغايرة كل المغايرة لصورة المرأة في المجتمع المسلم.
المرأة في المجتمع المسلم :
فالإسلام يقرر إنسانية المرأة إذ هي أصل
الإنسان { يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى } و يقرر النبي صلى الله عليه
وسلم ذلك بقوله :" إنما النساء شقائق الرجال " و يقرر القرآن أهلية
المرأة للإيمان و التكليف و العبادة ، و من ثم المحاسبة و الجزاء { من عمل صالحاً
من ذكر أو أنثى و هو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة * و لنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا
يعملون } و يقول تعالى { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو
أنثى بعضكم من بعض } .
و يجعل القرآن الكريم آدم و زوجته شريكين في
الخطيئة الأولى و التوبة منها، شريكين في جزائها { فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما
كانا فيه } { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا و إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكون من الخاسرين
} و رغم ذلك فإن أحداً سواهما لن يحاسب على فعلهما { تلك أمة قد خلت لها ما كسبت و
لكم ما كسبتم و لا تسئلون عما كانوا يعملون } و قد نعى الله على الجاهلية كرهها
لميلاد البنت { و إذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً و هو كظيم * يتوارى من
القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه بالتراب ألا ساء ما يحكمون }.
و قد أوصى الإسلام بالمرأة مولوداً فحذر من
وأدها { و إذا المؤودة سئلت * بأي ذنب قتلت } ، و أمر بالإحسان إليها بنتاً ، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : " من بلي من هذه البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له
ستراً من النار" و ذكر ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين فذكر منهم " الرجل تكون
له الأمة فيعلمها فيحسن تعليمها ، و يؤدبها فيحسن أدبها ، ثم يعتقها فيتزوجها ،
فله أجران " .
كما أمر الله و رسوله بالإحسان إلى الأم في
نصوص كثيرة خصت في بعضها بمزيد تأكيد عن الأب.
و أما كون المرأة زوجاً فذاك عقد منح القرآن
المرأة فيه أهلية التعاقد ، فجعلها صاحبة الحق في أمر نكاحها { فإن طلقها فلا تحل
له من بعد تنكح زوجاً غيره } و يقول { و إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن
أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف } .
و قد جعل الله عز و جل مهرها حقاً لها تتصرف
فيه وفق مشيئتها لكمال أهليتها في التصرف { و آتوا النساء صدقاتهن نحلة } ، وفي
دفع المهر إليها من الكرامة ما لا يخفى ، و جعل الله لها من الحقوق على زوجها ما
يناسب دورها { و لهن مثل الذي عليهن بالمعروف و للرجال عليهن درجة } ، و هذه
الدرجة ليست لقعود جنس النساء عن جنس الرجال ، بل هي لما أودعه الله في الرجل من
استعدادات فطرية تلائم مهمته و دوره في المجتمع كما قال تعالى { الرجال قوامون على
النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم فالصالحات قانتات
حافظات للغيب بما حفظ الله } .
و يحث القرآن على الإحسان إلى الزوجة و حسن
العشرة لها حتى عند كراهيتها { و عاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا
شيئاً و يجعل الله فيه خيراً كثيراً } .
و هكذا يظهر الفرق جلياً بين مكانة المرأة في
الإسلام و مكانتها في النصرانية
قوامة الرجل على المرأة :
يشغب النصارى بإثارة بعض المسائل يريدون منها
لمز مكانة المرأة في الإسلام و المجتمع الإسلامي، و من هذه المسائل قوامة الرجل
على المرأة في عصر يتنادى المتنادون فيه إلى مساواتها بالرجال.
و قد تجاهل هؤلاء وجود فرق في الاستعدادات
الفطرية بين الرجال و النساء ، فكل أعطي من الخصائص ما يتناسب و دوره في الحياة .
فقد جعل الله من المرأة مربية في بيتها
لأبنائها تعمل في صناعة الإنسان ، فيما أوكل إلى الرجل أمر ولايتها و الإنفاق
عليها ، سواء أكانت فقيرة أم غنية ، و ولايته عليها ولاية رعاية لا ولاية استبداد
أو تملك.
و قد أشار بولس إلى هذا التفوق الفطري المستلزم
للقوامة فقال: " يا أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب ، لأن الرجل هو رأس
المرأة في كل شيء " (أفسس 5/22-24) ، و لم يبين بولس سبب هذا الامتياز
للرجال. و يقول: " أريد أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح ، و أما رأس
المرأة فهو الرجل " ( كورنثوس(1) 11/3 )
و لا يستطيع أحد أن ينكر تمايز كلٍ من الجنسين
عن الآخر بخصائص خلقه الله عليها ، و حتى أدعياء المساواة لا يدعون أن قدرات
الرجال و النساء واحدة ، و إلا فما تزال دول المساواة تحكم بالرجال دون النساء في
سائر مستوياتها السياسية و الاجتماعية من رؤساء و وزراء و برلمانيين و….
ما جاء في ضرب النساء :
و أما ما جاء في إباحة ضرب النساء في قوله { و
اللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن و اهجروهن في المضاجع و اضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا
عليهن سبيلاً } .
فإن ذلك خاص بالمرأة الناشز التي تستخف بحقوق
زوجها والعاصية له ، فإنها ان لم تستجيب للنصح أولاً و لا للهجر ثانياً ، فالضرب
غير المبرح هو آخر أسلوب في معالجة نشوزها ، و هو بكل حال أهون من الوصول إلى حال
الطلاق الذي يحرمه النصارى .
هذا و لم يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحداً من نسائه قط ، بل إنه لما بلغه أن قوماً يضربون نسائهم غضب و قال:" لا
يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ، ثم يجامعها آخر اليوم " ، و لما أتته امرأة
تستشيره في أمر زواجها أبان لها علة في أحد خاطبيها فقال: " و أما أبو الجهم
فإنه ضراب للنساء " ، وقد أخرج الترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجه، عن عمرو
بن الأحوص : أنه شهد خطبة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيها أنه قال
النبي صلى الله عليه وسلم « ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هنّ عوار عندكم ليس
تملكون منهنّ شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن، فاهجروهنّ في
المضاجع، واضربوهنّ ضرباً غير مبرح {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً}». وقوله
عليه الصلاة والسلام : (( ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن ))
وهكذا فإن الضرب المأذون به في شريعتنا ليس لحرائر النساء الكريمات ، و إنما هو
دواء يلجأ إليه عندما يستفحل الداء . فهو ضرب المربي المؤدب لا ضرب المعتدى الآثم
...
حل الطلاق وكونه من حقوق الرجل :
و مما يشعب به النصارى على مكانة المرأة في
الإسلام إباحته للطلاق، و جعله في يد الرجال دون النساء.
و في الإجابة عن هذه الشبهة أكد علماؤنا أن حل
الطلاق شرعية توراتية ، فقد أبيح الطلاق إلا في حالة واحدة ، و هي زواج رجل من
فتاة قد زنى بها ، فيعطي لأبيها خمسين من الفضة ، و تكون له زوجة " لا يقدر
أن يطلقها كل أيامه " ( التثنية 22/ 28 ).
و أما في العهد الجديد فيفترض أن يبقى التشريع
قائماً حتى لا ينقض الناموس ، لكن متى يقول : " و جاء إليه ( أي المسيح )
الفريسيون ليجربوه قائلين له: هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب ؟ فأجاب و قال
لهم: أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً و أنثى…فالذي جمعه الله لا
يفرقه إنسان. قالوا: فلماذا أوصى موسى أن يعطي كتاب طلاق فتطلق ؟ قال لهم: إن موسى
من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم ، و لكن من البدء لم يكن هكذا ، و
أقول لكم: إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا ، و تزوج بأخرى يزني…ليس الجميع يقبلون
هذا الكلام " ، ثم حدثهم عن الخصيان الذين خصوا أنفسهم ابتغاء الملكوت
فقال:" من استطاع أن يقبل فليقبل " (متى 19/3-12) ، و قد فهمت الكنيسة
من هذا النص تحريم الطلاق.
و يرى أحمد عبد الوهاب أن النص الإنجيلي ما هو
إلا إضافة أخلاقية ، ولم يجره المسيح مجر الإلزام والتشريع بدليل قوله:" من
استطاع أن يقبل فليقبل "، وكان قبل قد ذكر أن ليس كل أحد يطيق كلامه هذا.
ويرى أحمد عبد الوهاب أيضاً أن الاستثناء في
قوله " إلا بسبب الزنا " قول دخيل على الإنجيل ، وأنه بشهادة العلماء من
وضع الكنيسة ، بدليل أن حد المرأة المتزوجة - في التوراة - إذا زنت : القتل ( انظر
التثنية 22/22 ) .
ولم يكن لهذا النص الإنجيلي أن يغير سنة جارية
في الحياة ، يلجأ إليها الزوجان عندما تستحيل بينهما الحياة،لذلك سنت دول
النصرانية في العصور الحديثة قوانين تسمح بالطلاق لأسباب مختلفة ، كالرضا من
الزوجين أو سوء المعاملة أو الغياب الطويل …وكل ذلك إقرار بضرورة وجود هذا التشريع
كما بين علماؤنا النظم التي وضعها الإسلام
لتشريع الطلاق والتي يجهلها الذين ينكرون على الإسلام إباحته،فقد رغب الإسلام في
إمساك الرجل زوجته على كراهته لها ، ثم أذن له بطلاقها مرتين من غير أن يخرجها من
بيتها قبل انتهاء عدتها ، و أن يكون طلاقه لها في طهر لم يجامعها فيه ، ثم {
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان } ، و للزوج رد زوجته حال عدتها ، فإن
انقضت فلا بد من عقد و مهر جديدين ، فإن طلقها الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجاً
غيره.
و يفرض القرآن للمطلقة حقاً على زوجها ، و هو
المتعة { و للمطلقات متاع بالمعروف حقاً على المتقين } ، ويقول تعالى عن مقدار
المتعة { و متعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على
المحسنين } .
و قد وضع الإسلام - كما الشرائع السابقة -
الطلاق بيد الرجل لحكمة لا تخفى إذ رأينا من عاطفية المرأة ما يؤدي إلى تسرعها في
الأمور، بينما الرجل بعقليته الغالبة أقدر على تحمل مثل هذا القرار.
كما أن المرأة يجوز لها أن تطلب من القاضي أن
يطلقها من زوجها بعد أن تبدي لذلك الأسباب الموجبة ، و يجيز فقهاء الإسلام لها أن
تشترط في عقدها حقها في طلاق نفسها إن شاءت. و في كل ذلك ما يبرئ ساحة شريعة
الإسلام من الغبن الذي ألحقه النصارى بها ، و يؤكد واقعية هذه الشريعة و مثاليتها
في آن واحد .
حقوق المرأة والميراث :
و يرى النصارى أن الإسلام يغبن المرأة حين يجعل
لها من الميراث نصف ما للرجل ، كما يجعل شهادتها نصف شهادة الرجل.
و بداية فلئن كان القرآن يجعل للمرأة من
الميراث نصف ما للرجل فإن التوراة تحرم المرأة من الميراث كلية حال وجود أشقاء لها
" فكلم الرب موسى قائلاً…أيما رجل مات و ليس له ابن تنقلون ملكه إلى ابنته
" (العدد 27/6-8) ، و يفهم من السياق أن وجود الابن يمنع توريث الابنة.
أما في شريعة الإسلام فإن الذكر و الأنثى قد
يتساويان في الميراث كما في مسألة الكلالة { و إن كان رجل يورث كلالة أو امرأة و
له أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث } و
قضى عمر بالتساوي بين الأخوة لأم ، قال الزهري: "و لا أرى عمر قضى بذلك حتى
علم ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
و مرة أخرى ساوت الشريعة بين الوالدين في
إرثهما من ولدهما { و لأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد }
و قضى الشارع الحكيم بتوريث الذكر ضعف الأنثى
كما في التوارث بين الزوجين و توراث أولاد المتوفى ، لكن ذلك يتناسب مع المسئولية
المالية الملقاة على عاتق الزوج أو الأخ ، إذ كل منهما ملزم بالإنفاق على زوجته أو
أخته، و هذا غرم يستحق غنماً .
كما أن شرائع الإسلام تلزم الرجل نفقات لاتلزم
المرأة كالمهر والدية التي يتحملها العصبة من الرجال دون النساء .
وهكذا حين جعل الله للذكر مثل حظ انثيين من
الميراث لم يقض بهوان النساء ، إنما قسم المال تقسيماً مادياً بحتاً يتناسب
والمسئوليات المنوطة بكل منهما .
شهادة المرأة :
و أما جعل شهادة المرأتين بشهادة رجل واحد فذلك
ليس مطرداً في سائر الشهادات ، فشهاداتها الأربع في اللعان تعدل شهادات زوجها.
و قد يجعل الشارع شهادة المرأة معتبرة في بعض
المسائل و لا يقبل فيها شهادة الرجال كالأمور النسائية التي لا يطلع عليها الرجال
عادة كحيضة المطلقة و طهرها في قوله { و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء و لا
يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله و اليوم الآخر } .
فيما جعل القرآن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل
في المسائل التي لا تضبطها النساء عادة كما في بعض المعاملات المالية و التجارية
كحفظ الدين الذي نصت عليه آية الدين.
و عليه فإن جعل شهادتها بنصف شهادة الرجل ليس
إجحافاً بحقها أو استهانة بمقامها و إنسانيتها ، و إنما هو مراعاة لقدراتها و
مواهبها. و إلا فإن أهليتها كأهلية الرجل تماماً في كثير من المعاملات كالبيع و
الشفعة و الإجارة و الوكالة و الشركة و الوقف و العتق…..
تعدد الزوجات :
و قد تعلق النصارى طويلاً في شبهة تعدد الزوجات
في الإسلام ، و تساءلت منظمة الآباء البيض التبشيرية لم لا يسمح الإسلام للمرأة
بتعدد الأزواج .
و في بيان و دفع هذه الشبهة نقل علماؤنا نصوصاً
مطولة من التوراة تتحدث عن تعداد الأنبياء و غيرهم للزوجات ، كما أنه أمر معتاد
عند سائر المجتمعات البشرية ، و لا يوجد في العهد الجديد ما يمنع تعدد الزوجات ،
فتحريم التعدد نقض للناموس ، و المسيح يقول : " ما جئت لأنقض بل لأكمل ، فإن
الحق أقول لكم: إلى أن تزول السماء و الأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من
الناموس حتى يكون الكل " (متى 5/17-18).
و ثمة إشارات من المسيح يستنبط من دراستها جواز
التعدد ، ففي المثال الذي ضربه المسيح للملكوت شبه الملكوت بعشر عذارى أخذن
مصابيحهن و خرجن للقاء العريس ، و قد أخذت خمس منهن معها زيتاً للمصباح ، فلما مر
العريس "المستعدات (الخمس) دخلن معه إلى العريس ، و أغلقن الباب"(متى
25/10).
و في كلام بولس ما يفهم منه جواز التعدد لغير
الكاهن حيث يقول:" فيجب أن يكون الأسقف بلا لوم بعل امرأة واحدة …ليكن
الشمامسة كل بعل امرأة واحدة" (تيموثاوس (1) 3/2،12).
و يرى أحمد بن عبد الوهاب أن ليس من حجة صحيحة
في قول المسيح عن الزوجين : "يترك أباه و أمه ، و يلتصق بامرأته ، و يكون
الاثنان جسداً واحداً ، إذاً ليسا بعد اثنين، بل جسد واحد " (متى 19/5-6)
فليس في النص ما يمنع تعدد الزوجات ، فهذه الوحدة المجازية يجوز أن يشترك بها أكثر
من اثنين كما جاء في يوحنا في قول المسيح عن تلاميذه " ليكونوا هم أيضاً فينا
" (يوحنا 17/21) .
و قد بقيت قضية تعدد الزوجات صيحة تنادي بها
فرق مسيحية شتى مثل "الأناببشيت" في ألمانيا في أواسط القرن السادس عشر
للميلاد ، وكان القس فونستير(1531) يقول :من يريد أن يكون مسيحياً حقيقياً فعليه
أن يتزوج عدة زوجات. و بمثله نادت فرقة " اللاممعدانيين " في نفس القرن
، و نادى به الألمان بقوة بعد الحرب العالمية الثانية ، و يجدر بالذكر هنا أن
إرساليات التبشير في أفريقيا لا تمانع من بقاء الأفريقي المتنصر متزوجاً بأكثر من
زوجة .
و قد أباح الإسلام تعدد الزوجات الذي أباحته
النبوات السابقة ، و شرط الشارع على الزوج العدل بين زوجاته فيما يقدر عليه ، و
عفى عما لا يتعلق بقدرته كالمحبة ، كما حدد التعدد بأربع حسماً للفوضى والعبث .
وقد كانت إباحة الشارع لتعدد الزوجات شيئاً من
حكمة الله الحكيم ، إذ واقع الأرض لا يصلح إلا بمثل هذا التشريع ، فعدد نساء البشر
اليوم يربو على رجالها بأربعمائة مليون امرأة ، مما يجعل تعدد الزوجات ضرورة ملحة
لكل مجتمع يخشى الفساد و الانحلال.
و قد تنبأ إشعيا بزيادة عدد النساء على الرجال
فقال و هو يتحدث عن آثار الحروب:" فتمسك سبع نساء برجل واحد في ذلك اليوم
قائلات: نأكل خبزنا ، و نلبس ثيابنا ، ليدع فقط اسمك علينا. انزع عارنا
"(إشعيا 4/1).
كما أن تعدد الزوجات ينسجم مع ما جاء في
التوراة من أمر آدم وذريته بكثرة التوالد والذرية ، فقد قال لآدم :" أثمروا
واكثروا واملأوا الأرض " (التكوين 1/28) ، فتعدد الزوجات سبب في كثرة النسل،فيما
القصر على زوجة واحدة يمنع الزوج من الاستمتاع بنعمة الإنجاب لضعف المرأة ثم عجزها
عن الإنجاب في سن مبكرة عن الرجل.
كما أن تعدد الزوجات يعين الرجل على العفة
والفضيلة ، إذ من طبيعة الرجل أن يميل إلى التعدد لأسباب مختلفة كعقم الزوجة أو
طمثها أو مرضها ، و قصر الزواج على زوجة واحدة يدفع إلى البغاء ، و هذا القس
سويجارت يقول في مناظرته لديدات: " المسيحية تسمح لنا بواحدة فقط ، و لذلك
أرتضي أفضلهن من أول قذيفة". و ما هي إلا شهور حتى ظهر على شاشات التلفاز
يعتذر لشعب الكنيسة عن فعله البغاء طوال سنين مع إحدى المومسات ، و يعلن اعتزاله
العمل الكنسي ، ليكون دليلاً على حكمة الإسلام البالغة حين أباحت تعدد الزوجات.
و القس سويجارت ليس بدعاً بين أقرانه و أهل
دينه ففضائح الرهبان تدوي بين اليوم و آخر ، و أصبح الأصل في المجتمعات النصرانية
الاقتصار على زوجة مع تعدد العشيقات.
و صدق لوثر في نقده المرير لواقع الكنيسة و
المجتمع النصراني حين قال: " إن نبضة الجنس قوية لدرجة أنه لا يقدر على العفة
إلا القليل…من أجل ذلك الرجل المتزوج أكثر عفة من الراهب…بل إن الزواج بامرأتين قد
يسمح به أيضاً، كعلاج لاقتراف الإثم ، كبديل عن الاتصال الجنسي غير المشروع "
.
و من ذلك ندرك الحكمة التي من أجلها شرع تعدد
الزوجات ، و لم يشرع تعدد الأزواج فذلك ضد فطرة الإنسان ، و هو مفض إلى اختلاط
الأنساب التي هي من أجلّ ما يصونه الإنسان
====================
تنساق كثير من الفتيات وراء أهوائهن، ليتملصن
من الالتزام بالمظهر الإسلامي، ويتذرعن بحجج واهية، لا يقرها شرع اللَّه تعالى،
وليس لصاحبتها إلا غضب اللَّه وعذابه. إن الفتاة المؤمنة تقبل على أمر ربها، إقبال
من لا تجد حرجاً في نفسها، مما قضى اللّه ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتسلّم
تسليماً.
ومن هذه الحجج:
الحجة الأولى: من تدّعي أن طهارة القلب، وسلامة
النية يغنيان عن الحجاب.
أما الرد عليها فهو:
إن قولهم هذا فاسد يناقض بعضه بعضاً؛ لأن القلب
إذا صلح والباطن إذا طهر والروح إذا زكت، لا محالة يكون السلوك وفق ما أمر اللَّه
تعالى بشأنه، ولا محالة أن تخضع جوارحه للاستسلام، وتنقاد أعضاؤه لامتثال أوامر
اللَّه واجتناب نواهيه، ولا يجتمع صفاء الباطن وطهارة القلب مع الإصرار على
المعصية صغيرةً كانت أو كبيرة.
فمن قال إني أصلحتُ قلبي، وطهرت روحي، وصفّيت
باطني، ومع ذلك يخالف ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فهو كاذبٌ في قوله،
تسلّط عليه الشيطان في شؤونه؛ لأن هذين الأمرين لا يجتمعان
فكيف أيتها المتبرجة! تدّعين أن إيمانك يكفي
لرضا اللَّه بينما ترفضين الانقياد للَّه الذي أمرك بعدم التبرج. قال جل شأنه:
]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى[ [الأحزاب/33].
الحجة الثانية:
من تدّعي أن الصوم والصلاة يغنيان عن الحجاب.
أما الرد عليها فهو:
إن الصلاة تهذب الخلق، وتستر العورة، وتنهى
صاحبها عن كل منكر وزور، فيستحي أن يراه اللَّه في موضعٍ نهاه عنه، تنهاه عن
الفحشاء والمنكر، وأي فحشاءٍ ومنكر أكبر من خروج المرأة كاسية عارية مميلة مائلة
ضالة مضِلّة؟ ولو كان الحجاب مظهراً أجوف؛ لما توعّد اللَّه المتبرجات بالحرمان من
الجنة، وعدم شم ريحها.
إن الحجاب هو الذي يميز بين العفيفة الطائعة،
والمتبرجة الفاسقة، ولو كان مظهراً أجوف؛ لما استحق كل هذا العقاب لتاركته، بل
والأحاديث والآيات القرآنية الحافلة بذكره، بل ولما ترتب على تركه فسق الشباب
وتركهم للجهاد، وكيف يلتفت الشاب المسلم إلى واجبه المقدس وهو تائه الفكر، منشغل
الضمير، مشتت الوجدان أقصى ما يطمح إليه نظرة من هذه، أو بسمة من تلك؟! وإن حال
التي تستجيب لبعض أوامر اللَّه، وتترك بعضها هي من ذمهم اللَّه تعالى بقوله:
]أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة
الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون[ [البقرة].
الحجة الثالثة:
من تدّعي أن حبها للَّه ولرسوله كفيلان برضا
اللَّه عنها بدون عمل.
أما الرد عليها فهو:
قال تعالى: (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني
يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم ، قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا
فإن الله لا يحب الكافرين) [آل عمران].
لو انتسبت إلى معهد أو مدرسة، أليس المطلوب منك
أن تحضري الدروس، وتداومي وتعملي كل ما تأمرك به إدارة ذلك المعهد أو تلك المدرسة،
فإذا عصيت أمر الإدارة، ولم تسمعي لها قولاً، وخالفت قوانين وأنظمة المدرسة أو
المعهد، فهل تبقين منتسبةً إليه أو تفصلين منه. لا شك أنك تفصل، ولا ينفعك هذا
الانتساب شيئاً. فكيف تدعين حب اللَّه ورسوله، وتنتسبين إلى الإسلام في البطاقات
الشخصية، وشهادات الميلاد، وسائر الأوراق الرسمية، وتأبَين إلا الابتعاد عن شرع
اللَّه، ثم ادعاء محبته ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم؟ فأي سفاهة أبلغ من ذلك؟!
الحجة الرابعة:
من تدّعي أن الحجاب تزمّت وتحتج بأن الدين يسر.
أما الرد عليها فهو:
إن تعاليم الدين الإسلامي، وتكاليفه الشرعية
جميعها يسر، لا عسر فيها، وكلها في متناول يد المسلم المكلف بها، وفي استطاعته
تنفيذها، إلا من كان من أصحاب الأعذار، فإن اللَّه عز وجل قد جعل لهم أمراً خاصاً.
يقول تعالى: ]يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر[ [البقرة/185].
وإن يسر الدين لا يعني إلغاء أوامره، وإلا فما
الفائدة من فرضيتها؟ وإنما تخفف لدى الضرورة فقط وبالكيفية التي رخّص لنا بها
اللَّه ورسوله، فمثلاً يجب على المصلي أن يصلي قائماً، ولكن إن لم يستطع القيام
فليصلّ قاعداً، فإن لم يستطع فبالكيفية التي يقدر عليها، كما أن الصائم يرخّص له
الإفطار في رمضان إن كان مسافراً، أو مريضاً، ولكن لا بد من القضاء، أو الفدية في
بعض الحالات، أو الفدية والقضاء في حالات أخرى، وكل ذلك من يسر الإسلام وسماحته،
أما أن نترك الصلاة، أو الصوم، أو غيرهما من التكاليف الشرعية جملةً واحدة ونقول:
إن الدين يسر، وما جعل اللَّه علينا في الدين من حرج، فإن ذلك لا يجوز، ومثل ذلك
الحجاب؛ فإن تركه لا يجوز، علماً بأن له رخصة كغيره من أوامر الشرع وهي أن اللَّه
تعالى وضع الجلباب عن القواعد من النساء، وحتى في هذه الحالة اشترط عليهن عدم
التبرج.
وقد جهلت هذه أن اللَّه أمر به على الوجوب، وأن
الأحاديث النبوية فرضته، ومعلوم أن الأحاديث والآيات القرآنية حافلة بذمه واعتباره
من الذنوب الموجبة لدخول النار، فهل بعد ذلك كله تجادل النساء في وجوبه وفرضيته؟!
الحجة الخامسة:
من تدّعي أن التبرج أمر عادي لا يلفت النظر.
أما الرد عليها فهو:
كيف يكون التبرج أمراً عادياً ونحن نرى أن
الأزواج (على سبيل المثال) تزداد رغبتهم في زوجاتهم كلما تزيّنّ وتجمّلن، كما
تزداد الشهوة على الطعام كلما كان منسقاً، متنوعاً، جميلاً في ترتيبه، حتى ولو لم
يكن لذيذ الطعم؟
ولو كان التزيين أمراً عادياً لما تنافس الناس
في تزيين البيوت وزخرفتها وفرشها بأفخر المفروشات، وكل ذلك لتتمتع أنظارهم، ولما
تكبّد الناس مشاق السفر، وتكاليفه الباهظة في الرحلات إلى مختلف بلاد العالم، وكل
ذلك للمتعة والتغيير، ويزداد سرورهم كلما شاهدوا في رحلاتهم مناظر جميلة وأشكالاً
متنوعة.
بل لو كان التبرج أمراً عادياً لما نهى اللَّه
عنه، لأن اللَّه هو الذي خلق الإنسان، ويعلم ما يصلحه وما يفسده، ولولا أن الفساد
الحاصل من التبرج كبير لما نهى اللَّه عنه، ولما جعله اللَّه تعالى على لسان رسوله
صلى الله عليه وسلم من الذنوب.
وإليكم شهادة من طبيب يكذب الزعم القائل بأن
التبرج أمرٌ عادي:
«أودع اللَّه الشبق الجنسي في النفس البشرية
سراً من أسراره، وحكمةً من روائع حكمه جلّ شأنه، وجعل الممارسة الحسية من أعظم ما
نزع إليه العقل والنفس والروح، وهي مطلب روحي وحسي وبدني، ولو أن رجلاً مرت عليه
امرأةٌ حاسرة سافرة على جمالٍ باهر، وحسنٍ ظاهر، واستهواءٍ بالغ، ولم يخف إليها،
وينزع إلى جمالها، يحكم عليه الطب بأنه غير سويّ وتنقصه الرغبة الجنسية، ونقصان
الرغبة الجنسية_ في عرف الطب_ مرض يستوجب العلاج والتداوي، ناهيكم عن انعدام
الرغبة تماماً... وهذا بدوره مرضٌ عضال».
أقول: هذه الشهادة من طبيب حجة على من يزعمون
أن خروج المرأة كاسية عارية بدون حجاب لا يثير الشهوات ولا يحرك النفوس، ويكذبون
ويعتبرونه أمراً عادياً، فإن أعلى نسبة من الفجور، والإباحية، والشذوذ الجنسي،
وضياع الأعراض، واختلاط الأنساب قد صاحبت خروج النساء متبرجات كاسيات عاريات،
وتتناسب هذه النسبة تناسباً طردياً مع خروج النساء على تلك الصورة المتحللة من كل
شرف وفضيلة، بل إننا نجد أعلى نسبة من الأمراض الجنسية، ومنها: مرض الإيدز القاتل
الذي انتشر حديثاً في الدول الإباحية التي تزداد فيها حرية المرأة تفلتاً، وتتجاوز
ذلك إلى أن تصبح همجية وفوضى! ناهيك عن الأمراض والعقد النفسية التي تلجئ الشباب
للانتحار بأعلى النسب في أكثر بلاد العالم تحللاً من الاخلاق، وأعظمها إباحية
وفوضى كالسويد، وغيرها من دول الغرب!
إن الميل الفطري بين الرجل والمرأة ميلٌ عميق،
وإثارته في كل حين تزيد من عرامته، فالنظرة تثير، والحركة تثير، والضحكة تثير،
والدعابة تثير، والطريق المأمون هو تقليل هذه المثيرات، وذلك هو المنهج الذي
يختاره الإسلام، مع تهذيب الطبع، وتشغيل الطاقة البشرية بهموم أخرى في الحياة، غير
تلبية دافع اللحم والدم
الحجة السادسة:
من تدّعي أن الحجاب عادات جاهلية أو رجعية
أما الرد عليها فهو:
إن الحجاب الذي فرضه الإسلام على المرأة لم
يعرفه العرب قبل الإسلام، بل لقد ذمّ اللَّه تعالى تبرج نساء الجاهلية، فوجّه نساء
المسلمين إلى عدم التبرج مثلهن، فقال جلّ شأنه: ]وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج
الجاهلية الأولى[ [الأحزاب/33].
صحيح إن الإسلام أبطل عادات ذميمة للعرب، ولكن
بالإضافة إلى ذلك كانت لهم عادات حميدة أقرّها الإسلام، فلم يبطلها، كإكرام الضيف،
وغير ذلك، وكان من ضمن عاداتهم الذميمة خروج النساء متبرجات كاشفات الوجوه
والأعناق... باديات الزينة، ففرض اللَّه الحجاب على المرأة بعد الإسلام، ليرتقي
بها، ويصون كرامتها، ويمنع عنها أذى الفساق والمغرضين، وإننا ونحن نتحدث عن العرب
في جاهليتهم أقول: إن العصر الحديث شهد جاهليةً كبرى وانتكاسةً عظمى لم تشهدها
العصور السابقة، ولا حتى العرب في جاهليتهم، إننا مسلمون نؤمن بديننا، ونقدس
تعاليمه، ونحب ربنا ونبينا أكثر من حبنا لأنفسنا، ولن نتأثر بدعاوى الجاهلية
الحديثة التي هي أشد من جاهلية أبي جهل، فإذا كان التبرج في الجاهلية الأولى يتضمن
إظهار المرأة لوجهها وعنقها وحليها فقط، وتمشي بين الرجال بهذه الهيئة، فإنه في
الجاهلية المعاصرة أصبحنا نرى المرأة تكاد لا تغطي شيئاً من حرمات اللَّه، ونسيت
أنها في حد ذاتها حرمةٌ من حرمات اللَّه، وحد من حدوده، لا يجوز أن يقربها أحد إلا
أن يكون زوجها، ولا أن يرى زينتها أحد إلا أن يكون ممن بيّنهم اللَّه عزّ وجلّ في
هذه الآية الكريمة:
]وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا
مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا
يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء
بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ
نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي
الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى
عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ
مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ [النور].
ولست أدري كيف تسوّل لإنسان نفسه أن يتبجّح على
خالقه، ويرمي ما أمر به من سترٍ وصيانة وعفةٍ وطهارة بأنه رجعية؟ ولماذا هذه
الحملة المسعورة على الحجاب الإسلامي بالذات ولا يتكلم أحد عن حدائق العراة، وبيوت
الدعارة في كثيرٍ من ديار المسلمين؟
إن الرجعية الحقيقية هي ما عليه هؤلاء
التقدميين من إلحاد وإنكار للبعث والحساب، بل لوجود الخالق، وتأليههم للطبيعة
والأفراد، وكل هذه الأمور، والأفكار الوثنية كانت قبل الإسلام، ولما كان كل ما بعد
الإسلام هو في نظرهم رجعي، إذ إنهم يعتبرون أن التمسك بتعاليم الأديان، (ومن أبرزها
تعاليم الإسلام) رجعية، فلنكن رجعيين، لكنهم أشد منا تأخراً ورجعية؛ لأن ما هم
عليه من رجعية سبقت ما نحن عليه من رجعية، وأكرم برجعيتنا من رجعية فنحن رجعنا إلى
الشرف والعفة والفضيلة، وهم رجعوا إلى الفساد والطغيان والرذيلة.
الحجة السابعة: من تحتج بأنها ستتحجب عندما
تقتنع أولاً.
أما الرد عليها فهو:
قضية الاقتناع التي تطرحها المرأة اليوم في أمر
الحجاب قولٌ فيه جهلٌ وغرور، فمن أين يأتي الاقتناع؟ هل سيأتي من بحثٍ ودراسة
وتحليل آيات اللَّه وحديث رسوله؟ أم أن المرأة تنتظر أن تنزل عليها آيةٌ من
السماء؟ أو أن يوحى إليها، فيترتب على ذلك اقتناعها بأمر اللَّه؟
ونقول لها: إن لم تقنعك آيات اللَّه وحديث
رسوله صلى الله عليه وسلم فلن تقتنعي إذاً أبداً، فإن أطعت وهو أحرى بك فإنك من
المؤمنات الطائعات الحييات من اللَّه، وإن لججت في القول فهو الضلال المبين.
وأقول: هل كتاب اللَّه الذي لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه، والذي تنزل من لدن حكيمٍ خبير، أو أن أقوال رسول اللَّه صلى
الله عليه وسلم بحاجة إلى رأي المتبرجة القاصر وجهلها المركب؟ إن اللَّه لغنيٌّ
عنها وعن اقتناعها، أتحسب أن أوامر الدين ونواهيه بضاعة تقتنع بشراء بعضها، وترك
البعض الآخر؟! ألا تستحي هذه أن ترفض أوامر اللَّه بحجة أنها لم تقتنع بها بعد؟
إن في آيات اللَّه الشفاء لك من جميع الآفات
الاجتماعية والنفسية وغيرها، هبي أن طبيباً وصف لك دواءً وأمرك بشربه، هل ستقولين
له: لن أشربه حتى أقتنع بأنه سيشفيني؟... إنني لواثقة أنك لن تترددي في شربه رغم
أنه ليس مضموناً أن يشفيك من المرض، ولكنك لم تشككي، ولم تترددي؛ لأنك ظننت أن في
كلام الطبيب الصدق، وأن في إطاعة أوامره صلاح جسدك وشفاءك، فكيف باللَّه تترددين
في قبول أمر من خلقك وخلق الطبيب، ولم تصدقي أن في أمره الخير والفلاح والصلاح؟!
========================
شبهات مثارة حول
(الحجاب الكامل للمرأة المسلمة)
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى / الشيخ العلامة أمد الله في عمره :عبد
الرحمن بن عبد الله السحيم
شيخنا الجليل : بعد الاحتلال الأمريكي صدر كتاب
اسمه : ( قضايا مثارة حول المرأة المسلمة ) لكاتب معروف بدرجة أستاذ دكتور - رئيس
ما يسمى بالحزب الإسلامي العراقي - وقد تضمن هذا الكتاب الكثير من الآراء التي
فاجأتنا نرجو من سيادتكم الإجابة عليها
وقال في ص 49 من الكتاب :
فالنقاب لا يدخل في أصل الحجاب ولا في قوله
تعالى : ( إلا ما ظهر منها )
والحجاب الكامل فرض على نساء النبي صلى الله
عليه وسلم ، والدليل على أن هذا الحجاب الكامل خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم
قوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ ) .
إلى أن قال : ولكني أدعو النساء إلى عدم لبس
النقاب في عصرنا هذا لأنه منفر مخالف للأخذ بالأيسر ، ولأنهن في الكليات والدوائر
والمؤسسات وحتى الطرقات يحتجن إلى إظهار وجوههن لكي يعرفن .
الاجابه عن الشبهوالحجاب الكامل فرض على نساء
النبي صلى الله عليه وسلم ، والدليل على أن هذا الحجاب الكامل خاص بنساء النبي صلى
الله عليه وسلم قوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ
النِّسَاءِ ) .
أقول : هذا خطأ في فهم الآية ، إذ قال الله في
آية الأحزاب : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59) ) .
فماذا يُفهَم من قوله تعالى : (وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ) ؟
لا يُفهَم منه إلا ذِكر نساء المؤمنين بعد ذِكر
أمهات المؤمنين .
قال الإمام الشنقيطي في التفسير : ومِن أنواع
البيان التي تضمّنها هذا الكتاب المبارك أن يقول بعض العلماء في الآية قولاً ،
ويكون في نفس الآية قرينة تدلّ على بُطلان ذلك القول ... ومِن أمثلته :
قول كثير من الناس : " إن آية الحجاب ،
أعني قوله تعالى : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ
وَرَاءِ حِجَابٍ) الآية – خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم " فإن تعليله
لهذا الْحُكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرِّجال والنساء من الريبة
في قوله : (ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) قرينة واضحة على قصد
تعميم الْحُكم ، إذ لم يَقُل أحد من جميع المسلمين إن غير أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم لا حاجة إلى طهارة قلوبهن ، ولا إلى طهارة قلوب الرِّجال من الرِّيبة
منهن ، وقد تقرر في الأصول أن العِلّة قد تُعمم مَعلولها
وأقول : لو افترضنا اختصاص أزواج النبي صلى
الله عليه وسلم بالحجاب ، وهُنّ بمنْزِلة الأمهات ، بل هُنّ أمهات للمؤمنين بِنَصّ
قوله تعالى : (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ
وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) ، فغيرهنّ من باب أولى وأولى أن يَدخلن في هذا
الخطاب .
ويَلزم من القول باختصاص أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم بالحجاب اختصاصهن بعدم الخضوع بالقول ، وجوازه لغيرهن من النساء ! وهذا
لا يُقول به عاقل !
كما أن قوله تعالى : (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ
لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ
بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلا مَعْرُوفًا
(32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ
الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ
آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا) الخطاب فيه
مُوجّه لأمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهن ، إلا أن
الْحُكم عام .
فتحريم الخضوع بالقول ليس خاصاً بأمهات
المؤمنين ، بل هو عام لكل مؤمنة تُؤمن بالله واليوم الآخر
وكذلك النهي عن التبرّج .
والأمر بالصلاة والزكاة ، كل هذا عام لكل مؤمنة
، ولم يَقُل أحد باختصاص أمهات المؤمنين به
ومن قال باختصاص أمهات المؤمنين بالحجاب لزِمه
أن يقول باختصاص أمهات المؤمنين بهذه المنهيّات وبهذه الأوامر
وقوله : ( ولكني أدعو النساء إلى عدم لبس
النقاب في عصرنا هذا لأنه مُنفر مخالف للأخذ بالأيسر ، ولأنهن في الكليات والدوائر
والمؤسسات وحتى الطرقات يحتجن إلى إظهار وجوههن لكي يعرفن ) .أقول : ما هو الضابط
للتنفير ؟
ثم ما هو الضابط في الأخذ بالأيسر ؟
أما التنفير ، فلم يَقُل أحد من المسلمين ذوي
الفِطر السليمة بأنه مُنفِّر ، لا من السَّلَف ولا مِن الخَلَف
وإنما قد يقول به من لا يرتضي دِين الله
وشِرعته .
والمشاهد أن الكفّار في بلادهم – شرقاً أو
غَرباً – يَحترمون من يتمسّك بِمبادئه ، ويلتزم بشخصيته ، بينما يَكرهون من يكون
مُتلوِّناً مُتَقلِّباً .
وكم كان حجاب المرأة المسلمة في أوربا أو في
أمريكا دعوة صامتة ، ومظهراً مُثيراً للسؤال : لماذا تلبس هذه هذا اللباس ؟
فإذا أُجيبتْ بأن هذا مِن دِين المرأة المسلمة
، كان سببا في البحث عن هذا الدِّين ، ومن ثمّ دخوله .
بل قد صرّحت غير واحدة أنه ما دعاها إلى
الإسلام إلا حجاب المرأة المسلمة .
وصرّحتْ كاتبة بريطانية قبل أكثر من مائة عام
بأن مظاهر التعرِّي عار على بلادها !
تقول الكاتبة الشهيرة " آتي رود " -
في مقالة نُشِرت عام 1901م - : لأن يشتغل بناتنا في البيوت خوادم أو كالخوادم ،
خير وأخفّ بلاءً من اشتغالهن في المعامل حيث تُصبح البنت ملوثة بأدرانٍ تَذهَب
برونق حياتها إلى الأبد ، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين ، فيهـا الحِشمة والعفاف
والطهارة … نعم ! إنه لَعَارٌ على بلاد الإنجليز أن تجعل بناتها مثَلاً
للرذائل بكثرة مخالطة الرجال ، فما بالنا لا
نسعى وراء ما يجعل البنت تعمل بما يُوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت ،
وترك أعمال الرجال للرجال سلامةً لِشَرَفِها . اهـ .
وقد ذَكَرَ الدكتور مصطفى السباعي – رحمه الله
– أنه كان في رحلة علمية من ميناء " دوفر " إلى ميناء " أوستن
" فالْتَقَى فتاة إيطالية تَدْرس الحقوق في جامعة أكسفورد وتحدّث مع تلك
الفتاة عن المرأة المسلمة وحقوقها ، وكيف تعيش . قالت الفتاة : إنني أغبط المرأة
المسلمة ، وأتمنّى أن لو كنت مولودة في بلادكم
ولما قام إمبراطور ألمانيا " غليوم "
بزيارة لِتركيا أحبّ أعضاء جمعية الاتحاد والتّرقي التركية أن يُظهروا له تمدّنهم
! فأخرجوا بعض بنات المدارس وهُنّ متبرجات لاستقباله ، واستغرب الإمبراطور ، وقال
للمسؤولين : إني كنت آمل أن أشاهد في تركيا الحشمة والحجاب بحكم دينكم الإسلامي ،
وإذا بي أشاهد التبرج الذي نشكو منه في أوربا ، ويقودنا إلى ضياع الأسرة ، وخراب
الأوطان ، وتشريد الأطفال !!
أقول : وها نحن نُدعى لخوض غمار تجربة فاشلة !
بحجة أن الحجاب غير لائق بعصرنا ، وأنه مُنفِّر !
وإظهار المرأة لوجهها فيه فتنة له ولغيرها ،
فإنها إذا كانت جميلة طاردتها العيون ، وإن كانت غير ذلك احتُقِرت وازدُريتْ ، وفي
كلا لحالتين هذا الفِعل له أثر نفسي بالغ على المرأة .
وأما معرفة المرأة فلا مصلحة فيها ، أعني معرفة
شخصها وعينها ، وإنما المصلحة أن تُعرف المحجّبة أنها حُـرّة عفيفة فلا يَتعرّض
لها أحد بسوء .
قال تعالى : (ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ
فَلا يُؤْذَيْنَ)
قال ابن جُزي الكلبي في التفسير : أي ذلك أقرب
إلى أن يُعرف الحرائر من الإماء ، فإذا عُرِف أن المرأة حُرة لم تُعارض بما تُعارض
به الأمَة ، وليس المعنى أن تُعرف المرأة حتى يُعلم من هي ، إنما المراد أن يُفرّق
بينها وبين الأمة ، لأنه كان بالمدينة إماء يعرفن بالسوء ، وربما تعرض لهن السفهاء
=====================
حجاب ولباس
النساء بين القرآن والكتاب المقدس
هناك بعض من النصارى الحاقدين يحاولون مهاجمة
المرأة المسلمة من خلال حديثهم عن لباسها المحتشم وحجابها الذي أوجبه الاسلام
عليها . ولهؤلاء الحاقدين نقول :
ان اللباس المحتشم الذي لا يظهر تفاصيل جسد
المرأة ولا يتسبب بفتنة الرجال وإغوائهم لا شك بأنه مطلب وأمر إلهي ، يقول الله
سبحانه وتعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ
وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ
مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ
زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ . . . . وَتُوبُوا إِلَى
اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ سورة النور
: 31 ]
ولكن السؤال الأبرز هل يوافق كتابكم المقدس على
هذا اللباس المحتشم الذي تهاجمون المرأة المسلمة من خلاله ؟ الجواب : لنقرأ ما جاء
في رسالة بطرس الأولى [ 3 : 1 ] :
(( كَذَلِكَ، أَيَّتُهَا النساء، اخْضَعْنَ
لأَزْوَاجِكُنَّ. حَتَّى وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بِالْكَلِمَةِ،
تَجْذِبُهُ زَوْجَتُهُ إِلَى الإِيمَانِ، بِتَصَرُّفِهَا اللاَّئِقِ دُونَ
كَلاَمٍ، 2وَذَلِكَ حِينَ يُلاَحِظُ سُلُوكَهَا الطَّاهِرَ وَوَقَارَهَا. 3وَعَلَى
الْمَرْأَةِ أَلاَّ تَعْتَمِدَ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ لإِظْهَارِ جَمَالِهَا،
بِضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلُبْسِ الثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ.
وَإِنَّمَا لِتَعْتَمِدِ الزِّينَةَ الدَّاخِلِيَّةَ، لِيَكُونَ قَلْبُهَا
مُتَزَيِّناً بِرُوحِ الْوَدَاعَةِ وَالْهُدُوءِ. هَذِهِ هِيَ الزِّينَةُ الَّتِي
لاَ تَفْنَى، وَهِيَ غَالِيَةُ الثَّمَنِ فِي نَظَرِ اللهِ! 5وَبِهَا كَانَتْ
تَتَزَيَّنُ النِّسَاءُ التَّقِيَّاتُ قَدِيماً، فَكَانَتِ الْوَاحِدَةُ مِنْهُنَّ
تَتَّكِلُ عَلَى اللهِ وَتَخْضَعُ لِزَوْجِهَا. )) [ ترجمة كتاب الحياة ]
نعم فلا يجوز للمؤمنات من أتباع الكتاب المقدس
بأن يتزينوا لغير أزواجهن ويرتدون اللباس الكاشف ليتسببن بفتنة وإغواء الرجال وقد
جاء شبيه هذا التحذير في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس [ 2 : 9 ] :
(( كَمَا أُرِيدُ أَيْضاً، أَنْ تَظْهَرَ
النِّسَاءُ بِمَظْهَرٍ لاَئِقٍ مَحْشُومِ اللِّبَاسِ، مُتَزَيِّنَاتٍ بِالْحَيَاءِ
وَالرَّزَانَةِ، غَيْرَ مُتَحَلِّيَاتٍ بِالْجَدَائِلِ وَالذَّهَبِ وَاللَّالِيءِ
وَالْحُلَلِ الْغَالِيَةِ الثَّمَنِ، 10بَلْ بِمَا يَلِيقُ بِنِسَاءٍ يَعْتَرِفْنَ
عَلَناً بِأَنَّهُنَّ يَعِشْنَ فِي تَقْوَى اللهِ، بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ! ))
[ ترجمة كتاب الحياة ]
السؤال هو ماذا تكسب المرأة المسيحية التي تظهر
محاسنها ومفاتنها للآخرين ؟
وهل تصيبها خسارة ما إذا أخفت هذه المحاسن
والمفاتن ؟
قطعاً لا . بل انها تكسب الانصياع لمشيئة الله
المدونه في كتابها المقدس ، ولكن قد تقول إحداهن أنا أريد أن يمدح الآخرين جمالي .
نقول : جمال المرأة الذي يستحق المدح ليس في جسدها حيث نقرأ في سفر الأمثال [ 31 :
30 ] :
(( الْحُسْنُ غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ،
أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَّةُ الرَّبَّ فَهِيَ الَّتِي تُمْدَحُ. أَعْطُوهَا
مِنْ ثَمَرِ يَدَيْهَا، وَلْتَكُنْ أَعْمَالُهَا مَصْدَرَ الثَّنَاءِ عَلَيْهَا ))
[ ترجمة كتاب الحياة ]
وعليه فإننا نقول لهؤلاء الحاقدين ان كتابكم
يوافق الإسلام وكتابه في هذه المسألة (اللباس المحتشم) .
وإليكم هذه النصوص أيضاً والتي تأمر المرأة بأن
تغطي رأسها :
جاء في الرسالة الأولى إلى كورنثس [ 11 : 1 ]
ما يلي :
(( وأما كل إمرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير
مغطى فتشين رأسها لأنها والمحلوقة شيىء واحــد بعينه . إذ المرأة إن كانت لا تتغطى
: فليقص شعرها . ))
وجاء في نفس الرسالة أيضاَ [ 11 : 13 ] :
(( أحكموا في أنفسكم : هل يليق بالمرأة أن تصلي
إلى الله وهي غير مغطاه ؟! ))
ووكما مر في الرسالة الأولى إلى تيموثاوس [ 2 :
9 ] :
(( النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة ، مع ورع
وتعقل ، لا بضفائر أو ذهب أو لآلىء أو ملابس كثيرة الثمن ))
إن المرأة المسلمة المحجبة هي أقرب في حجابها
إلى مريم العذراء من النصارى الذين يكرهون المسلمة المحجبة في حين تمتلىء بيوتهم
وكنائسهم بصور مريم وهي تبدو في الصورة محجبة بنفس الحجاب الذي تلبسه المسلمة .
لقد تمسك أحد المتعصبين بأن النص يأمر بالحجاب
في الكنيسة وليس في غيرها من الأماكن . ولكن : هل العفة مطلوبة في الكنيسة فقط ؟
أم أن الحاجة إلى العفة والحجاب أولى في أماكن أخرى غير الكنيسة كالسوق والشارع .
ثم أليس من النفاق أن تغطي رأسها في الكنيسة ثم إذا خرجت كشفت عن أفخاذها وصدرها
؟!
ها هو الحجاب واللباس المحتشم الذي يعيرنا به
بعض المبشرين الحاقدين نجده معترف به في العهد الجديد بل وفي العهد القديم أيضاً
ففي الاصحاح الرابع والعشرين من سفر التكوين العدد 63 : (( وَخَرَجَ إِسْحَاقُ
لِيَتَأَمَّلَ فِي الْحَقْلِ عِنْدَ إِقْبَالِ الْمَسَاءِ فَرَفَعَ عَيْنَيْهِ
وَنَظَرَ وَإِذَا جِمَالٌ مُقْبِلَةٌ. 64وَرَفَعَتْ رِفْقَةُ عَيْنَيْهَا فَرَأَتْ
إِسْحَاقَ فَنَزَلَتْ عَنِ الْجَمَلِ. 65وَقَالَتْ لِلْعَبْدِ: «مَنْ هَذَا
الرَّجُلُ الْمَاشِي فِي الْحَقْلِ لِلِقَائِنَا؟» فَقَالَ الْعَبْدُ: «هُوَ
سَيِّدِي». فَأَخَذَتِ الْبُرْقُعَ وَتَغَطَّتْ. ))
لقد جاء الاسلام والحجاب موجود في كل مكان
فتصرف معه كما تصرف في غيره من التقاليد والعادات بما يلائم مصلحة الانسان والمثل
العليا فلم يجعله عنواناً لإتهام المرأة ، أو عنواناً لسيطرة الرجل واعتبارها
جزءاً من ممتلكاته يتصرف فيها كما يشاء تبعاً لهواه ومصلحته . بل جعله أدباً
خلقياً واجب الاحترام والالتزام .
وعليه نقول :
انه ينبغي على المرأة المسيحية أن تغطي رأسها
بحجاب يخفي شعرها وبلباس محتشم لا يظهر تفاصيل جسدها بحيث لا يتسبب هذا اللباس
بفتنة الرجال الغرباء وليس هذا تخلفاً كما يزعم هؤلاء الجهلة بل امتثال للأوامر
المدونة في كتابها المقدس . وأي محاولة للهروب من هذا الواقع يعتبر تهربا وتقصيراً
تجاه الدين .
والواجب على هؤلاء المسيحيين الحاقدون أن
ينشروا هذا التعليم بين النساء المسيحيات لا أن يهاجموا المرأة المسلمة من خلاله .
====================
نظرة الإسلام إلى
المرأة كإنسان
وضع المرأة في الاسلام وبعبارة أخرى نظرة
الاسلام الى المرأة كانسان منطلقين فيها من قول رسول الله انما النساء شقائق
الرجال وفي هذا القول الوجيز منتهى الوضوح في وحدة بني الانسان بنوعيه من ذكور
واناث في حقوق الانسان
ولولا شبهات حول حقوق المرأة في الاسلام لا
تقوم على أساس من العلم بحقائق الاسلام لكان من الواجب علينا أن نكتفي بما نقلناه
من النص النبوي الصريح في مساواة المرأة للرجل في انسانيتها وفي حقوقها والتي
تدعمه النصوص القرآنية الكثيرة بصراحتها معلنة
أولا وحدة خلق الانسان بنوعيه من نفس واحدة كما
جاء في مطالع سورة النساء من القرآن الكريم يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم
من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساءا
ثانيا وحدة ما على النساء من حقوق نحو الرجال
وما على الرجال من حقوق نحو النساء الا ما جعل للرجال من حق في رئاسة الأسرة وتحمل
مسئولياتها في الانفاق لما بني عليه تكوين الرجال من خصائص تجعلهم في الأصل أرجح
في حمل هذه المسئولية الاجتماعية الثقيلة عملا بقول القرآن الكريم ولهن مثل الذي
عليهن بالمعروف أي من الحقوق وللرجال عليهم درجة وعملا بقوله تعالى الرجال قوامون
على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقو من أموالهم
نظرة الاسلام الى المرأة لا تدرك أبعادها الا
بالاشارة الى وضع المرأة قبل الاسلام
:ولا بد لنا من التأكيد على أن نظرة الاسلام
الى المرأة
في اعلان مساواتها للرجل في الحقوق-
في اعلان مساواتها للرجل في الانسانية-
فيما قد حققه الاسلام للمرأة من معاني الكرامة
والحرية-
فيما قد حققه للمرأة من انجازات تاريخية
تشريعية جذرية كاملةلا يمكن ادراك ابعاد هذه الانجازات كلها الا بالاشارة الوجيزة
الى ما كان عليه وضع المرأة قبل الاسلام وفي عالم حضارات الانسان في تلك الأزمان
ولسنا في حاجة الا الى وقفات سريعة
أولا على ما كان عليه وضع المرأة في شريعة
الرومان وأثارها حتى الأن
ثانيا على ما وصل اليه وضع المرأة في بعض
الندوات الدينية في القرون الوسطى من شكوك حتى في انسانيتها وطبيعة روحها
ثالثا على ما كانت عليه أوضاع المرأة في كثير
من قبائل جزيرة العرب من تقزز وامتهان الى ظهور دعوة محمد الى الاسلام
وضع المرأة في شريعة الرومان وآثارها حتى اليوم
أما فيما يتعلق بوضع المرأة في شريعة الرومان
مما كان شائعا ومتعارفا عليه في معظم عالم الحضارة القديم فقد كان قائما
أولا على عدم الاعتراف بأية أهلية حقوقية
للمرأة
ثانيا على وضعها بسبب جنسها تحت الوصاية
الدائمة لا فرق في المرأة بين ضغرها أو بلوغها سن الرشد فهي تحت وصاية الأب اولا
والزوج ثانيا ولا تملك أي حرية في تصرفاتها وهي في ذلك في الجملة موروثة لا وارثة
وبالنتيجة فان المرأة في الشريعة الرومانية
كانت شيئا من الأشياء التابعة للرجل وهي لذلك فاقدة لكل شخصية لها محرومة من كل
اعتبار لحرية تصرفاتها
وضع المرأة في بعض الندوات الدينية في القرون
الوسطى
واما فيما يتعلق بما وصل اليه وضع المرأة في
بعض الندوات الدينية في القرون الوسطى من شكوك حتى في انسانيتها وطبيعة روحها فقد
حدثنا التاريخ بأن مؤتمرات عقدت في روما للبحث حول المرأة وحول روحها وهل هي تتمتع
بروح كروح الرجل أو أن روحها كروح الحيوانات مثل الثعابين والكلاب
بل ان أحد هذه الاجتماعات في روما قرر أنه لا
روح لها على الاطلاق وانها لن تبعث في الحياة الأخرى
وضع المرأة في جزيرة العرب قبل الاسلام
وأما فيما يتعلق بما كانت عليه أوضاع المرأة في
كثير من قبائل جزيرة العرب من تقزز وامتهان حين ظهور دعوة محمد الى الاسلام فكانت
شرا من كل ذلك فقد كانت المرأة العربية في الجملة قبل الاسلام عارا يحرص أولياؤها
الذكور على التخلص منها ووأدها حية ساعة ولادتها وذلك لعوامل مختلفة أهمها ضعف
بنيتها في الشدائد وضآلة كسب الرجل في الحياة ولقد وقفت دعوة محمد عليه الصلاة
والسلام منذ ظهورها الى التنديد بهذا الوضع الآليم وجاهر به القرآن في أيات متعددة
وفي ظروف مختلفة فقال مرة واذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى
مع القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب الاساء ما يحكمون
وقال مرة في اعلان مسئولية الرجل عن وأد الوليدة وهي حية ساعة ولادتها واذا
الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت وقال مرة أخرى ولا تقتلوا أولادكم خشية املاق نحن
نرزقكم واياهم
كيف عالج الاسلام هذا الوضع الشائن قبل منظمات
الأمم ومواثيق حقوق الانسان
وبعد أيها السادة فهذا مجمل وضع المرأة قبل
ظهور الاسلام في بلاد العرب ومعظم بلاد العالم من وضع في منتهى المهانة وفقدان
الكرامة واذا بدعوة محمد تسبق منظمات الامم ومواثيق حقوق الانسان منذ أربعة عشر
قرنا وفي قلب تلك الظلمات من الأيام وتظع مشكلة المرأة في مقدمة مشاكل الانسان
التي عالجها الاسلام بمنتهى الجرأة والحزم والايمان معلنا
أولا كامل انسانيتها الى جانب الرجال ويقول
رسول الله عليه الصلاة والسلام في ذلك النساء شقائق الرجال وذلك في جميع ما نادى
به الاسلام من حقوق للانسان مما قد سبقت الاشارة اليه في مطلع حديثنا الأن
ثانيا كامل أهليتها في جميع حقوقها وتصرفاتها
تملكا وبيعا وشراءا وزواجا من غير وصاية عليها أو تحديد في تصرفاتها خلافا للكثير
من أوضاع المرأة التى لا تزال قائمة في بعض قوانين العالم الحديث
بل ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم في رفع شأن
المرأة الى أبعد من ذلك فقد الأم في الكرامة والبر على الأب حين سأل سائل يا رسول
الله من أحق بحسن صحبتي قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من
قال أبوك وفي حديث آخر عن رسول الله ان الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بأمهاتكم
ثم يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بالأقرب فالأقرب وقال أيضا الجنة تحت أقدام الأمهات
شبهات على حقوق المرأة في الاسلام والرد عليها
وأخيرا وتأكيدا لهذه المفاهيم السامية في
انسانية المرأة وحقوقها في الاسلام سو نتناول فيما يلى بكل ايجاز جميع ما أورده
بعض الملاحظين من الشبهات على مساواة المرأة في الحقوق للرجال في شريعة القرآن
وهذه الشبهات تنحصر في الأمور التالية
أولا عدم مساواة المرأة للرجل في الميراث
ثانيا عدم مساواة المرأة للرجل في نصاب الشهادة
ثالثا استئثار الرجل بايقاع الطلاق
رابعا تعدد الزوجات
خامسا الحجاب
سادسا العقوبات الجسدية في حالات السرقة والزنا
وهو على السواء للرجال والنساء
حول عدم مساواة المرأة للرجل في الميراث في
الاسلام
أما فيما يتعلق بالزعم بعدم مساواة المرأة
للرجل في الميراث فهو زعم يتناقض المبدأ الأصلي في المساواة الثابت في الاسلام
فيما بين حقوق النساء والرجال والذي نقلنا فيه من قبل قول القرآن ولهن مثل الذي
عليهن بالمعروف أي من الحقوق وللرجال عليهن درجة وقد حدد القرآن بنفسه هذه الدرجة
وذلك بنصوص صريحة في رئاسة الأسرة وتحمل مسئولياتها في الانفاق تبعا لما بني عليه
تكوين الرجل من خصائص تجعله في الأصل أرجح في حمل هذه المسئولية الاجتماعية
الثقيلة وليس في ذلك كما ترون الا عبء ثقيل وضع على عاتق الرجل وحررت منه المرأة
من دون أن يكون في ذلك مساس في مساواة المرأة للرجل في الكرامة وفي الحقوق وفي ذلك
منتهى العدل والابتعاد عن الظلم بين النوعين من الذكور والاناث وقد جاء في القرآن
في ذلك ما كنا نقلناه من قبل الرجال قوامون عاى النساء أي بالرئاسة والانفاق وذلك
بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من اموالهم
أما القول بعد ذلك بعدم مساواة المرأة للرجل
اعتمادا على ما جاء في القرآن الكريم من الجهر بأن للذكر مثل حظ الأنثيين فهو أولا
ليس مطلقا في جميع الحالات وانما يجري في بعض الحالات لأسباب أساسية تتعلق باقامة
العدل نفسه بين الذكور والاناث وقد نص القرآن الكريم
أولا على المساواة في الارث بين الأم والأب من
ولدهما فيما اذا كان لولدهما أولاد ذكور
ثانيا على المساواة في الارث بين الأخت والأخ
لأم اذا لم يكن لأخيهما أصل من الذكور ولا فرع وارث وفي ذلك كما نرى مساواة في
الارث بين الرجال والنساء
غير أن هذا المبدأ قد يعدل عنه كما أشرنا اليه
من قبل تحقيقا للعدالة أيضا وفي حالات حددها القرأن وذلك كما يلي
أولا في حالة وجود أولاد للمتوفي فتكون القاعدة
عندئذ بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ويلحق بها حالات أخرى مشابهة
ثانيا في حالة الزوجين فالزوج يرث من زوجته ضعف
ما ترثه هي منه
أما العلة في الحالة الأولى وهي عدم المساواة
في الارث بين أولاد المتوفي وفي أمثالهم من الحالات المشابهة لها من حالات التعصيب
فهي مسئولية الانفاق عند الاقتضاء على من تبقى من أسرة المتوفي ونحو ذلك وهذه
المسئولية تقع على عاتق الذكور دون الاناث ولذلك يرث الذكور عند ئذ على أساس قاعدة
للذكر مثل حظ الانثيين وليس من العدل ان تعطى الأنثى مثل حصة الذكر وهو يتحمل
الانفاق مالا تتحمله الأنثى
وعلى هذا الأساس أيضا من العدالة يجري التوارث
بين الزوجين حيث أن الزوج يرث من زوجته ضعف ما ترثه الزوجة منه وذلك لأن الزوج
يكون مسئولا عن الاستمرار في الانفاق على الأولاد بينما حين ترث الزوجة زوجها فهي
غير مسئولة عن الانفاق على الأولاد بل تكون نفقتها عند الاقتضاء قائمة على مسئولية
الأولاد الذكور فيما ملكوه أو ورثوه من أبيهم
ويتضح من كل ذلك أنه ليس من الصحيح الزعم
القائل بعدم مساواة المرأة للرجل في الميراث مطلقا وأن هذا المبدأ اذا لم يعمل به
مباشرة أحيانا فذلك عملا بمبدأ العدالة والمساواة في حالات المسئولية في الانفاق
الملقاة على عاتق الذكور دون الاناث وفقا للقاعدة الشرعية الغنم بالغرم أو الغرم
بالغنم أي أن الانسان انما يعطي على حسب مسئوليته
حول عدم مساواة المرأة للرجل في نصاب الشهادة
أما فيما يتعلق بالزعم بعدم مساواة المرأة
للرجل في نصاب الشهادة عملا بما جاء في القرآن الكريم واستشهدوا شهيدين من رجالكم
فان لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل احداهما فتذكر
احداهما الأخرى فليس ذلك من موضوع حقوق الانسان وانما هو من موضوع الأعباء التي
يدعى لتحملها الانسان ويتوجب عليه أداؤها عملا بقول القرآن أيضا ولا تكتموا الشهادة
ومن يكتمها فانه أثم قلبه وقد أوجبت أحكام القرآن ان يزاد في نصاب الشهادة من
النساء وهذا ما يدعوا أصحاب الحاجة عندئذ الى التماس الشهداء من الرجال دون النساء
وأن يضعوا بذلك عبء الشهادة الثقيل على الرجال ما استطاعوا خاصة وان الانسان
بنوعيه عرضة للنسيان وللضعف في الانتباه لدقائق الشهادة والمرأة معرضة لذلك اكثر
من الرجال وهو ما أشارت اليه الآية الكريمة دون ان تنفيه عن الرجال وليس في ذلك
كما نرى شيء مما يمس اعتبار المرأة
هذا ولا بد من الاشارة أيضا الى ان الشريعة
الاسلامية اتجهت الى تعزيز الشهادة حتى لا تكون عرضة للاتهام ولذلك عززت شهادة
الرجل الواحد نفسه بشهادة رجل آخر ولم يعتبر ذلك ماسا بكرامة الرجل ما دام ذلك
التعزيز أضمن لحقوق الانسان وبناء عليه فاذا لم يكن هناك الا شاهد من الرجال
واحتيج في الشهادة الى المرأة كان تعزيز شهادة المرأة بشهادة امرأة ثانية جاريا على
نفس الأصل الذي يجري على تعزيز شهادة الرجل الواحد بشهادة رجل آخر فضلا عما ذكرناه
من اسباب اعلاه وخاصة ما قلنا من ان الموضوع ليس من مواضيع حقوق الانسان وانما
يتعلق بموضوع الأعباء التى يدعى لتحملها الانسان وكان من الخير صرف أصحاب الحاجة
عن تحميل هذه الأعباء للنساء
حول القول باستئثار الرجل بالطلاق في الاسلام
وأما فيما يتعلق بالقول باستئثار الرجل بالطلاق
وقصر هذا الحق عليه دون المرأة فلا بد من لفت النظر الى أن الزواج في الاسلام من
ناحيته العقدية هو عقد رضائي علني يقوم على العطاء المتبادل بين الزوجين في شخصيهما
وفقا للاحكام الشرعية ليتمتع كل منهما بشخص الآخر تمتعا كان محرما عليهما لولا هذا
العقد
غير أن المرأة في عطائها امتازت على الرجل في
استحقاقها المهر حسب شروطها وأما عطاء الرجل فكان هدرا بدون عوض من هذه الناحية
ولذلك كان العقد هنا قائما فقط على عطاء المرأة الذي قبظت عليه المهر وان فسح
العقد من قبلها في هذه الحالة يعتبر اقالة للعقد ضارة بالطرف الآخر مثل اقالة
العقد في أي موضوع آخر من العقود اللازمة ومن المعلوم في علم الحقوق ان مثل هذه
الاقالة للعقود اللازمة لا تصح
حول القول في تعدد الزوجات في الاسلام
وأما فيما يتعلق بتعدد الزوجات فلم يكن الاسلام
الباديء لفتح بابه بل ان هذا الباب كان مفتوحا من غير حد ولا شرط ومنذ الديانة
اليهودية التي هي أصل الديانة المسيحية ومن المعلوم لدى الديانتين ان تعدد الزوجات
كان قائما بين انبياء العهد القديم منذ ابراهيم أبي الأنبياء لدى العرب ولدى
اليهود ولدى المسلمين وهو لا يزال قائما فعلا بطرق غير مشروعة لدى المانعين كما هو
معلوم وبشكل يضر ضررا فاحشا ماديا ومعنويا واجتماعيا بكل من الزوج والزوجات
والأولاد
ولذلك عالج الاسلام هذه الأوضاع وحرم أولا ما
فوق الأربع زوجات واغلق بذلك الباب المفتوح سابقا من غير تحديد وكان في ذلك اصلاحه
الأول
أما اصلاحه الثاني فقد اشترط فيه على الزوج
العدالة بين الزوجات في الحقوق وجعل للزوجة في ذلك حق مراجعة القضاء عند عدم العدل
طلبا للعدالة أو فسخا للزواج
هذا وان تعدد الزوجات بالنسبة للزوجة الجديدة
هو تعدد برضائها لتكون زوجة شرعية تتمتع بالحقوق الزوجية عوصا من ان تكون خليلة
غير محترمة في الحياة الاجتماعية وهي صاحبة الحق في هذا الاختبار انقاذا لنفسها من
الدعارة ولزوجها من الخيانة وان منعها من ذلك فيه عدوان صارخ على حقها في الزوجية
الشرعية
غير أن التعدد للزوجة الأولى فالغالب فيه ألا
يكون برضائها ولذلك كان لها الحق عند عقد الزواج ان تشترط لنفسها حق الطلاق في
حالة اقدام زوجها على التعدد بدون موافقتها وهذا هو الاصلاح الثالث في موضوع تعدد
الزوجات في الإسلام دين السلام
====================
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على
أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الآمين وعلى آله وصحبه أجمعين .. وبعد ، فيكثر
السؤال عن وضع المرأة في الإسلام، وهذا يجعلنا نرجع إلى مصادره وإلى نتاج المسلمين
الفكري وإلى واقعهم التاريخي وإلى واقعهم المعيشي، والمرأة أحد نوعي الجنس البشري،
وقد كرمه الله على كثير من خلقه قال تعالى : "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى
آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا
تَفْضِيلًا" [الإسراء :70]، ولا شك أن هذا التكريم يشمل الذكر والأنثى،
فالرجل مكرم باعتباره إنسان، والمرأة مكرمة باعتبارها إنسان كذلك، كرم الله المرأة
ولم يظلمها فيما تستحقه من حقوق، ولم يحمّلها ما لا تطيق لأنه سبحانه خالقها وهو
أعلم بما يناسبها من حقوق وما يتوافق معها من واجبات قال سبحانه :"أَلاَ يَعْلَمُ
مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ" [الملك :14]، فقضية العدل والإنصاف
مع المرأة ينبغي أن تكون متكاملة، فلا ينظر لها من جانب الحقوق فحسب، بل يمتد
النظر ليشمل جانب الواجبات؛ فإن الله لم يخلق الإنسان ـ أرقى مخلوقاته ـ عبثاً
ليمتعه بمجموعة من الحقوق دون أن يطلب منه واجبات يقول الله تعالى :
"أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ
تُرْجَعُونَ" [المؤمنون :115]. وهناك حقائق لابد أن تكون مستقرة في عقل وقلب
كل مسلم والتي عبر عنها القرآن بقوله تعالى : " وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ
أَحَدًا" [الكهف :49]، "وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلًا" [النساء :49]
، "وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ" [الحج :10] ،
"وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ" [العنكبوت :40] ، " إِنَّ
اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ" [النساء :40] ، "وَلاَ يُظْلَمُونَ
نَقِيرًا" [النساء :124] ، "فَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيَظْلِمَهُمْ"[التوبة :70] .
فكل هذه الآيات وغيرها كثير تؤكد على حقيقة
مهمة يجب أن تكون راسخة في عقيدة كل مسلم شهد
رسول الله وهي أن عدل الله مطلق وليسأن لا إله إلا الله
وأن سيدنا محمد في شرعه ظلم لبشر أو لأي
أحد من خلقه، والله لا يوزن حكمه بموازين البشر بل المقياس الإلهي هو الذي ينبغي
أن تقاس به أفعال العباد.
وإن المشكلة التي نواجهها في أيامنا هذه هي أن
قضية المرأة وحقوقها في الشريعة الإسلامية سارت موضع نقاش وجدل بين من لا يعرف
المرأة وحقيقتها، ولا يعرف الشريعة الإسلامية وحقيقتها، وأصبح الحوار أشبه بحوار
الطرشان، وقد دفعني هذا الواقع المؤلم إلى أن أجمع بحثًا عن المرأة المسلمة في
مصادر الشريعة والواقع التاريخي لها وسميته : « المرأة المسلمة في مصادر الشريعة
والواقع التاريخي » وقد قسمته لعدة فصول وهي :
الباب الأول : المرأة في نصوص الشرع الشريف،
وفيه فصلان :
الفصل الأول : المرأة في القرآن الكريم.
الفصل الثاني : المرأة في السنة النبوية.
الباب الثاني : المرأة المسلمة في التراث
الفقهي، وفيه ثمانية فصول :
الفصل الأول : ميراث المرأة بين الحقائق
والافتراءات.
الفصل الثاني : شهادة المرأة المسلمة ورد الشبه
حولها.
الفصل الثالث : تعدد الزوجات وحقيقته.
الفصل الرابع : حق المرأة في اختيار زوجها.
الفصل الخامس : إمامة المرأة في الصلاة.
الفصل السادس : ختان الإناث.
الفصل السابع : حقوق المرأة السياسية.
الفصل الثامن : ضرب النساء في الإسلام.
الباب الثالث : المرأة المسلمة في الواقع
التاريخي، وفيه خمسة فصول :
الفصل الأول : نساء حاكمات.
الفصل الثاني : نساء قاضيات.
الفصل الثالث : نساء محاربات.
الفصل الرابع : نساء مفتيات وعالمات.
الفصل الخامس : نساء تولين الحسبة (السلطة
التنفيذية).
خاتمة : في أوضاع المرأة غير المسلمة قديماً
وحديثاً.
شرع الله الصلاة وجعل لها شرائط لصحتها تنبيها
للعبد على خطورة وعظمة موقفه بين يدي الله جل وعلا، ومن هذه الشرائط ستر العورة،
وقد أشار الله تعالى إليه في كتابه العزيز بقوله: (خذوا زينتكم عند كل مسجد)
]الأعراف:31[ أي ما يستر عورتكم عند الصلاة والطواف. كما في الجلالين.
والعورة في اللغة: كل شيء يستره الإنسان
أَنَفَةً وحياء فهو عورة . وهي في الاصطلاح: ما يحرم كشفه من الجسم سواء من الرجل
أو المرأة , أو هي ما يجب ستره وعدم إظهاره من الجسم , وحَدُّها يختلف باختلاف
الجنس وباختلاف العمر , كما يختلف من المرأة بالنسبة للمحرم وغير المحرم على
التفصيل الذي يأتي , وقال الشربيني الخطيب : هي ما يحرم النظر إليه . والسِّتْر
لغة : ما يُستر به , والسُّتْرة بالضم مثله , والصلة بين العورة والستر أن الستر مطلوب
لتغطية العورة.اهـ موسوعة الفقه بتصرف.
وملخص أقوال أهل العلم في حكم ستر العورة في
الصلاة ما قاله ابن قدامة: ستر العورة عن النظر بما لا يصف البشرة واجب , وشرط
لصحة الصلاة . وبه قال الشافعي وأصحاب الرأي وقال بعض أصحاب مالك : سترها واجب ,
وليس بشرط لصحة الصلاة . وقال بعضهم : هي شرط مع الذكر دون السهو . احتجوا على
أنها ليست شرطا بأن وجوبها لا يختص بالصلاة , فلم يكن شرطا , كاجتناب الصلاة في
الدار المغصوبة . ولنا ما روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا
يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار".رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن ,
وقال سلمة بن الأكوع: قلت يا رسول الله , إني أكون في الصيد في القميص الواحد ؟
قال :" نعم , وازرره ولو بشوكة".حديث حسن. وما ذكروه ينتقض بالإيمان
والطهارة, فإنها تجب لمس المصحف , والمسألة ممنوعة , قال ابن عبد البر : احتج من قال
الستر من فرائض الصلاة بالإجماع على إفساد من ترك ثوبه وهو قادر على الاستتار به
وصلى عُريانا , قال : وهذا أجمعوا عليه كلهم. المغني (1/336) بتصرف.
والمرأة البالغة إذا صلت يجب عليها ستر بدنها
كله إلا الوجه والكفين، وبهذا صرح أهل العلم، قال الشيرازي: الحرة جميع بدنها عورة
إلا الوجه والكفين لقوله تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها } [ النور :
31 ] قال ابن عباس رضي الله عنهما : وجهها وكفيها. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم
نهى المرأة في الإحرام عن لبس القفازين والنقاب، ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم
سترهما في الإحرام، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه في البيع والشراء وإلى إبراز
الكف للأخذ و الإعطاء فلم يجعل ذلك عورة. المهذب (1/123).
وقال ابن قدامة: لا يختلف المذهب في أنه يجوز
للمرأة كشف وجهها في الصلاة , ولا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم . وأنه ليس لها
كشف ما عدا وجهها وكفيها , وفي الكفين روايتان . واختلف أهل العلم ; فأجمع أكثرهم
على أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه , وأجمع أهل العلم على أن للمرأة الحرة أن تخمر
رأسها إذا صلت , وعلى أنها إذا صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها الإعادة. وقال مالك
, والأوزاعي , والشافعي : جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها, وما سوى ذلك يجب
ستره في الصلاة. المغني (1/349).
ويكره أن تصلي في نقاب وبرقع بلا حاجة. قال ابن
عبد البر : أجمعوا على أن على المرأة أن تكشف وجهها في الصلاة والإحرام. ولأن ستر
الوجه يخل بمباشرة المصلي بالجبهة والأنف , ويغطي الفم وقد نهى النبي صلى الله
عليه وسلم الرجلَ عنه. فإن كان لحاجة كحضور أجانب , فلا كراهة. كشاف القناع
(1/268).
واختلفوا في ظهور قدميها، فقال مالك والليث بن
سعد: تستر قدميها في الصلاة.قال مالك: فإن لم تفعل أعادت ما دامت في الوقت، وعند
الليث تعيد أبدا. وقال الشافعي: ما عدا وجهها وكفيها عورة فإن انكشف ذلك منها في
الصلاة أعادت ـ ولا إعادة عنده مقصورة على الوقت في شيء من الصلاة وكل ما قال فيه
عليه الإعادة وذلك عنده في الوقت وبعده ـ وقال أبو حنيفة والثوري: قدم المرأة ليست
بعورة إن صلت وقدمها مكشوفة لم تعد. قال أبو عمر: لا خلاف علمته بين الصحابة في
ستر ظهور قدمي المرأة في الصلاة وحسبك بما جاء في ذلك عن أمهات المسلمين رضي الله
عنهن. الاستذكار (2/194).
قال ابن قدامة: والدليل على وجوب تغطية القدمين
ما روت أم سلمة , قالت : قلت : يا رسول الله , أتصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها
إزار ؟ قال:" نعم , إذا كان سابغا يغطي ظهور قدميها". رواه أبو داود
وقال : وَقَفَه جماعة على أم سلمة, ورفعه عبد الرحمن ابن عبد الله بن دينار. وروى
ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا ينظر الله إلى مَنْ جَرَّ
ذيله خُيلاء". فقالت أم سلمة: كيف يصنع النساء بذيولهن ؟ قال: "يرخين
شبرا ". فقالت : إذن تنكشف أقدامهن. قال :"فيرخينه ذراعا، لا يزدن
عليه". رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.. وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين
, ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام فلم يجب كشفه في الصلاة, كالساقين. المغني
(1/349).
ومال ابن تيمية إلى الرخصة فقال: وتغطية هذا في
الصلاة فيه حرج عظيم، وأم سلمة قالت: تصلى المرأة في ثوب سابغ يغطي ظهر قدميها.
فهي إذا سجدت قد يبدو باطن القدم. وبالجملة قد ثبت بالنص والإجماع أنه ليس عليها
في الصلاة أن تلبس الجلباب الذي يسترها إذا كانت في بيتها وإنما ذلك إذا خرجت،
وحينئذ فتصلي في بيتها وإنْ رُؤي وجهها ويداها وقدماها كما كُنَّ يمشين أولا قبل
الأمر بإدناء الجلابيب عليهن، فليست العورة فى الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طردا
ولا عكسا. مجموع الفتاوى (22/115).
ويجب ستر العورة بما لا يصف لون البشرة من ثوب
صَفيق أو جلد أو ورق , فإن ستر بما يظهر منه لون البشرة من ثوب رقيق لم يجز ; لأن
الستر لا يحصل بذلك.اهـ من المهذب للشيرازي.
قال النووي في الشرح: قال أصحابنا : يجب الستر
بما يحول بين الناظر ولون البشرة , فلا يكفي ثوب رقيق يشاهد من ورائه سواد البشرة
أو بياضها , ولا يكفي أيضا الغليظ المهلهل النسج الذي يظهر العورة من خلله , فلو
ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوهما صحت الصلاة فيه لوجود الستر ,
وحكى الدارمي وصاحب البيان وجها أنه لا يصح إذا وصف الحجم, وهو غلط ظاهر. ويكفي
الستر بجميع أنواع الثياب والجلود والورق والحشيش المنسوج وغير ذلك مما يستر لون
البشرة , وهذا لا خلاف فيه , ولو ستر بعض عورته بشيء من زجاج بحيث ترى البشرة منه
لم تصح صلاته بلا خلاف , ولو وقف في ماء صاف لم تصح صلاته إلا إذا غلبت الخضرة
لتراكم الماء , فإن انغمس إلى عنقه ومنعت الخضرة رؤية لون البشرة أو وقف في ماء
كَدِر صحت على الأصح. وصورة الصلاة في الماء أن يصلي على جنازة , ولو طَـيَّن
عورته فاستتر اللون أجزأه على الصحيح وبه قطع الأصحاب سواء وجد ثوبا أم لا , وفيه
وجه حكاه الرافعي أنه لا يصح، وهو شاذ مردود . قال أصحابنا : ويشترط ستر العورة من
أعلى ومن الجوانب, ولا يشترط من أسفل الذيل والإزار. ويشترط في الساتر أن يشمل
المستور، إما باللُّبْس كالثوب والجلد ونحوهما , وإما بغيره كالتطين , فأما الخيمة
الضيقة ونحوها فإذا دخل إنسان وصلى مكشوف العورة لم تصح صلاته ; لأنها ليست سترة
ولا يسمى مستترا . المجموع (3/176).
وقال ابن قدامة: الواجب الستر بما يستر لون
البشرة , فإن كان خفيفا يبين لون الجلد من ورائه , فيُعلم بياضه أو حمرته , لم تجز
الصلاة فيه ; لأن الستر لا يحصل بذلك . وإن كان يستر لونها , ويصف الخِلْقة , جازت
الصلاة ; لأن هذا لا يمكن التحرز منه , وإن كان الساتر صَفِيقا. المغني (1/804).
فإنْ وصف الساتر الحجم مع إمكان التحرز كُره.
قال الخطيب الشربيني: (وشرطه) أي: الساتر ( ما
) أي: جزم ( منع إدراك لون البشرة ) لا حجمها، فلا يكفي ثوب رقيق ولا مهلهل لا
يمنع إدراك اللون،ولا زجاج يحكي اللون؛ لأن مقصود الستر لا يحصل بذلك . أما إدراك
الحجم فلا يضر ، لكنه للمرأة مكروه ، وللرجل خلاف الأَوْلَى . مغني المحتاج
(1/398).
والله ولي التوفيق،
ساوى الله بين الرجل والمرأة في أصل الخلقة،
فأخبر سبحانه بوحدة الأصل الإنساني الذي خلق منه الرجال والنساء في أكثر من موضع
من القرآن الكريم قال تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالأَرْحَامَ [ [النساء :1] ، وقال سبحانه : "وَهُوَ الَّذِى
أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا
الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ" [الأنعام :98] ، وقال عز من قائل :
"هُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا
لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا" [الأعراف :189] ، وقال تعالى : "خَلَقَكُم مِّن
نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا" [الزمر :6] . كما ساوى
ربنا بينهما في أصل العبودية له وحده والتكاليف الشرعية، ولم يفضل جنساً على آخر،
بل جعل مقياس التفضيل التقوى والصلاح والإصلاح قال تعالى : "يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" [الحجرات :13] ، ويتساوى الرجال والنساء بل الإنسان
وجميع خلق الله في أصل العبودية قال تعالى : "إِن كُلُّ مَن فِى السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِى الرَّحْمَنِ عَبْدًا" [مريم :93] .
وساوى الله بين الرجال والنساء في أصل التكاليف
الشرعية، والثواب والعقاب على فعلها وتركها ، قال تعالى : "مَنْ عَمِلَ
سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ
أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ يُرْزَقُونَ
فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ" [غافر :40] ، وقال سبحانه : "فَاسْتَجَابَ
لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ
أُنثَى بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ" [آل عمران :195] ، وقال تعالى : "وَمَن
يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ
يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" [النساء :124] ، وقال
سبحانه وتعالى : "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم
بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل :97] .
كما ساوى ربنا بينهما في أصل الحقوق والواجبات
"وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [البقرة :228] ،
وقال تعالى: "لِلرِجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ
وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ
مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا" [النساء :7] ، وجرم
سبحانه وتعالى ما كان يفعله العرب قبل الإسلام من كراهية أن يرزقه الله بالأنثى،
حيث قال تعال : "وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ
مُسْوَدًا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ
أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا
يَحْكُمُونَ" [النحل : 58 ، 59]
ولم تقتصر نصوص الشرع الشريف على المساواة في
أصل التكليف، وأصل الحقوق والواجبات، وإنما تعدى الأمر إلى التوصية بالمرأة ؛ وذلك
لرقة طبعها وخجلها أن تطالب بحقوقها، فأوصى الرجال بهن خيراً وأن يتعاملوا معهن
بالمعروف في أكثر من موضع في القرآن الكريم. قال تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ
اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" [النساء :19] ،وقوله "وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى
المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًا
عَلَى المُحْسِنِينَ" [البقرة :236] ، وقوله سبحانه : "أَسْكِنُوهُنَّ
مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا
عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ
حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا
بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ" [الطلاق :6] ، وقوله تعالى: "فَآتُوهُنَّ
أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً" [النساء :24] ، وقال عز وجل : "وَآتُوهُم مِّن
مَّالِ اللَّهِ الَّذِى آتَاكُمْ" [النور :33] ، وقوله تعالى : "فَلاَ
تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًا كَبِيرًا"
[النساء :34] ، وقوله سبحانه وتعالى : "َإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ
تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا
آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا" [البقرة :229] .
كما ساوى ربنا بينهما في أصل العبودية له وحده
والتكاليف الشرعية، ولم يفضل جنساً على آخر، بل جعل مقياس التفضيل التقوى والصلاح
والإصلاح قال تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن
ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"
[الحجرات :13] ، ويتساوى الرجال والنساء بل الإنسان وجميع خلق الله في أصل
العبودية قال تعالى : "إِن كُلُّ مَن فِى السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ
آتِى الرَّحْمَنِ عَبْدًا" [مريم :93] . وساوى الله بين الرجال والنساء في
أصل التكاليف الشرعية، والثواب والعقاب على فعلها وتركها ، قال تعالى : "مَنْ
عَمِلَ سَيِّئَةً فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن
ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ
يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ" [غافر :40] ، وقال سبحانه :
"فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّى لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم
مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّنْ بَعْضٍ" [آل عمران :195] ، وقال
تعالى : "وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ
مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا"
[النساء :124] ، وقال سبحانه وتعالى : "مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ
أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً
وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" [النحل
:97] . كما ساوى ربنا بينهما في أصل الحقوق والواجبات "وَلَهُنَّ مِثْلُ
الَّذِى عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ" [البقرة :228] ، وقال تعالى: "لِلرِجَالِ
نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا
تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا
مَّفْرُوضًا" [النساء :7] ، وجرم سبحانه وتعالى ما كان يفعله العرب قبل
الإسلام من كراهية أن يرزقه الله بالأنثى، حيث قال تعال : "وَإِذَا بُشِّرَ
أَحَدُهُم بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ
القَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى
التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ" [النحل : 58 ، 59] ولم تقتصر نصوص
الشرع الشريف على المساواة في أصل التكليف، وأصل الحقوق والواجبات، وإنما تعدى
الأمر إلى التوصية بالمرأة ؛ وذلك لرقة طبعها وخجلها أن تطالب بحقوقها، فأوصى
الرجال بهن خيراً وأن يتعاملوا معهن بالمعروف في أكثر من موضع في القرآن الكريم.
قال تعالى: "وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى
أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا" [النساء
:19] ،وقوله "وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى المُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى المُقْتِرِ
قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًا عَلَى المُحْسِنِينَ" [البقرة :236]
، وقوله سبحانه : "أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ
وَلاَ تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ
فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ
فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ" [الطلاق :6] ،
وقوله تعالى: "فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً" [النساء :24] ، وقال
عز وجل : "وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِى آتَاكُمْ" [النور :33]
، وقوله تعالى : "فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَلِيًا كَبِيرًا" [النساء :34] ، وقوله سبحانه وتعالى : "َإِمْسَاكٌ
بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا
مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا" [البقرة :229] .
ومن السنة النبوية الغراء أحاديث كثيرة نذكر
منها ما أخبر به المصطفى صلى الله عليه
وسلم في إجابة لسؤال سأله أحد أصحابه y حيث قال له
صلى الله عليه وسلم : من أحب الناس إليك ؟ قال : عائشة([1])) رضي الله
عنها. وكذلك في رواية أخرى إجابة منه صلى
الله عليه وسلم عن نفس السؤال قال : فاطمة رضي الله عنها.([2])) ففي هذين الخبرين
إشارة إلى تكريم المرأة باعتبارها زوجًا وباعتبارها ابنة، فعندما يعلم المسلم أن
أحب الناس إلى نبيه وقائده الأعظم صلى
الله عليه وسلم كانت امرأة يعلم حينئذ قدر المرأة ويجل كل امرأة تأسيًا بنبيه r.
بل كان من كمال خلقه صلى الله عليه
وسلم أن يصل بالهدايا صديقات زوجه خديجة رضي الله عنها فعن أنس قال : « كان النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أتي بالهدية. قال :
اذهبوا به إلى فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة »([3])).
وقوله صلى الله عليه وسلم : «
استوصوا بالنساء خيرًا »([4])) بما يشير بالاهتمام بأمر النساء عامة زوجة وأُما
وابنة وكل الصلات التي تربط بين الرجال والنساء.
وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقًا رضي منها آخر
»([5])، بل اعتبر النبي )، بل اعتبر النبي
صلى الله عليه وسلم مقياس أفضلية الرجال بحسن معاملة للمرأة والزوجة بصفة
خاصة لأنها أكثر امرأة لصيقة بالرجل فقال
صلى الله عليه وسلم : « خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي »([6]).).
ورغب النبي صلى الله عليه وسلم بالإحسان
إلى الزوجة بالتوسعة عليها في النفقة فعن أبي هريرة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « دينار أنفقته في سبيل
الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك
أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك »([7]).).
وفي دعوة من النبي صلى الله عليه
وسلم لإحسان معاملة الزوجة بالإنفاق والسلوك يقول
صلى الله عليه وسلم : «مهما أنفقت فهو لك صدقة حتى اللقمة ترفعها في في
امرأتك»([8]).).
ولم يكتف الشرع الشريف بتلك النصوص التي توضح
تلك المساواة في أصل التكليف، وأصل الحقوق والواجبات، وإنما تعدى الأمر إلى التوصية
بالمرأة؛ وذلك لأن المرأة أضعف من الرجل واحتمال بغي الرجل عليها وارد، فأوصى
الشرع الشريف بها في كتابه العزيز وفي سنة نبيه المصطفى r.
وتنقسم النصوص التي كرمت المرأة وأعلت منزلتها
إلى نوعين من النصوص، النوع الأول: هي النصوص التي ساوت بين الرجال والنساء في أصل
التكليف والحقوق والواجبات، والنوع الثاني : هي النصوص التي أوصت الرجال بالنساء،
وهي مرحلة أعلى من النوع الأولى فالنوع الأول إقرار بحق المرأة ومساواتها للرجل في
أصل التكليف، أما النوع الثاني فهو توصية للرجال على النساء، مراعاة لضعف المرأة
ورقة طبعها وخجلها فسبحانه من الله حكيم عليم لطيف، وفيما يلي النوع الأول من
النصوص.
تصرح النصوص السابقة بأن المرأة كالرجل في أصل
التكليف، وأصل الحقوق والواجبات وأن الاختلاف الذي بينهما في ظاهر الحقوق
والواجبات من قبيل الوظائف والخصائص، فلا يسمى أبدا اختلاف الوظائف والخصائص
انتقاصًا لنوع من جنس البشر أو تميز نوع على آخر، فمثلا إذا وعد أب أن يكسو أبنائه
في العيد فالظلم هنا أو الانتقاص هو أن يكسو الأبناء دون البنات ولكن ليس من الظلم
أن يفرق بين نوع الملابس التي يلبسها ابنه الذكر عن الملابس التي تلبسها ابنته
الأنثى طبقا لاختلاف الوظائف والخصائص.
والعجيب أن هذه البديهية الواضحة سارت محل جدل عند الآخر، فذهب الآخرون
للتسوية بين الذكر والأنثى في الأزياء وفي أنواع الرياضات العنيفة كحمل الأثقال
مثلًا، والحمد لله رب العالمين حيث أظهروا مفهوم العدل الذي يطالبونا به، مما يوجب
على أبناء ثقافتنا وحضارتنا أن يكفوا عن اتباعهم والسير ورائهم وترديد كلامهم دون
فهم أبعاده.
كل ما سبق من نصوص الشرع من كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم تؤكد وتدلل على علو مكانة
المرأة في التشريع الإسلامي، وأنه لا يوجد تشريع سماوي ولا أرضي سابق ولا لاحق كرم
المرأة وأنصفها وحماها وحرسها مثل ذلك التشريع الإسلامي.
وعلى الرغم من وضوح صورة المرأة في نصوص الشريعة الإسلامية سواء في القرآن
الكريم، أو السنة النبوية الشريفة إلا أن بعضهم يتعمدون إلقاء الشبه وما في نفوسهم
من موروث العادات القديمة على بعض النصوص النبوية، في محاولة منهم للتضليل
والتحريف لمقاصد الشرع، ومن ذلك ما ثار حول حديث «ناقصات عقل ودين»، فالحديث يفيد
معنى جمال المرأة، وقدرتها على التأثير على عقل الرجل؛ لهن حيث قال صلى الله عليه وسلم :
« ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن،
قالت : يا رسول الله؛ وما نقصان ديننا وعقلنا ؟ قال : أما نقصان العقل فشهادة
امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي وتفطر في رمضان
فهذا نقصان الدين »([9])). فكان الحديث في بدايته تدليل وتعجب من قدرة المرأة على
التأثير على عقل أحكم الرجال، ثم عندما ظنت إحدى النساء أن المعنى فيه إساءة
للنساء سألت النبي عن معنى ذلك النقصان الذي أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم في بداية حديثه، فأخبرها
النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا النقصان
لا يعني دنو منزلة المرأة في العقل والدين عن الرجل، وإنما يعني ضعف ذاكرة المرأة
غالبًا في الشهادة ولذا احتاجت من يذكرها، ويعني أيضا ما يحدث للمرأة من أمور
فسيولوجية خاصة بطبيعتها الأنثوية مما خفف الشرع عليها أثناء هذه المتاعب الصحية
في ترك الصيام والصلاة.
فعندما فهمت المرأة قصد الشرع من نقصان العقل
والدين، وأنه ليس إهانة للمرأة ولا إنقاص من قدر عقلها ودينها سكتت، وكيف تكون كل
النساء أنقص في الدين من كل الرجال، وكانت سيدة نساء العالمين مريم بنت عمران،
وفاطمة بنت رسول الله r، وخديجة رضي الله عنها، وآسية كلهن يعجز أغلب الرجال أن يقتربوا
من درجتهن في العبادة والدين.
فينبغي أن يفهم ذلك النص النبوي في سياقه،
وينبغي كذلك أن يفسر كلام النبي صلى الله
عليه وسلم في حدود ما فسره هو بنفسه لا نزيد ولا ننقص، فليس في هذا الحديث ذم لعقل
المرأة أبدا، وإنما هو إقرار لما قد يطرأ على كثير من النساء في نقطة واحدة وهي
النسيان، فلا داعي أن نحمل الحديث ما لا يحمله رسول الله r.
_________________________________
([1]) الحاكم في المستدرك4/13 .
([2]) الحاكم في المستدرك 3/239.
([3]) الطبراني في الكبير 23/12 وابن عبد البر
في الاستيعاب 4/1811.
([4]) البخاري في صحيحه 3/1212، ومسلم في صحيحه
2/1091.
([5]) مسند أحمد 2/329 ، والنسائي في الكبرى
7/295.
([6]) صحيح ابن حبان 9/484، والمستدرك للحاكم
3/352.
([7]) أحمد في مسنده 2/473، ومسلم في صحيحه
2/692.
([8]) البخاري في صحيحه 5/2047، والترمذي في
جامعه 4/430.
([9]) أخرجه أحمد في مسنده، ج2 ص 66، والبخاري
في صحيحه، ج 1 ص 116، ومسلم في صحيحه، ج1 ص 86.
رغَّب
الشرع الحنيف في صلاة الجماعة وعظَّم أجرها، فقول الله تعالى: {واركعوا مع
الراكعين} البقرة:43 فيه الإرشاد إلى شهود الجماعة والخروج إلى المساجد. كما في
فتح القدير. ووردت الأحاديث الكثيرة بفضل صلاة الجماعة منها عن ابن عمر رضي الله
عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ
بسبع وعشرين درجة". أخرجه البخاري (619) ومسلم (650) عن ابن عمر. وعنه أيضا
قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إن الله تبارك وتعالى ليعجب من
الصلاة في الجمع". رواه أحمد (2/50) بإسناد حسن كما في الترغيب. والنصوص بذلك
عامة يدخل فيها النساء، وتواتر أن النساء كن يصلين مع النبي صلى الله عليه وسلم
الفرائض والأعياد بل وغير ذلك كالكسوف والتنفل المطلق.
هذا ؛ وإن كان الشرع قد ندب المرأة أن تصلي في
بيتها زيادة في سترها فإنه لم يمنعها من الجماعة، بل قال :" لاتمنعوا إماء
الله مساجد الله". أخرجه البخاري (858) ومسلم (442) عن ابن عمر. فالقول
بمشروعية بل واستحباب صلاة النساء وحدهن جماعة هو القول الراجح إن شاء الله؛ إذ
فيه درء المفسدة وهي البروز والاختلاط، وجلب المصلحة وهي صلاة الجماعة. وهو مذهب
الشافعية والصحيح في مذهب الحنابلة. ويستدل لهم بحديث أم ورقة: أن نبي الله صلى
الله عليه وسلم كان يقول:" انطلقوا بنا نزور الشهيدة" وأذن لها أن يؤذن
لها وأن تؤم أهل دارها في الفريضة، وكانت قد جمعت القرآن. أخرجه أبو داود (591)
وابن خزيمة (1676) واللفظ له. وبهذا وردت الآثار عن السلف الصالح وفعلته أم
المؤمنين عائشة وأم سلمة كما عند البيهقي (3/131) وغيره وبسط تخريجها ابن حجر في
التلخيص (2/42). قال ابن حزم في المحلى (3/126) : فإن صلين جماعة وأمتهن امرأة
منهن فحسن.اهـ ونقل آثارا عن الصحابة منها عن عمر وعلي وابن عمر وابن عباس، ثم
قال: ومن التابعين رُوِّينا عن ابن جُريج عن عطاء وعن ابن مجاهد عن أبيه وعن سفيان
الثوري عن إبراهيم النَّخَعي والشَّعْبي وعن وَكيع عن الربيع عن الحسن البصري
قالوا كلهم بإجازة إمامة المرأة للنساء وتقوم وسطهن. قال عطاء ومُجاهد والحسن: في
الفريضة والتطوع. ولم يمنع من ذلك غيرهم، وهو قول قَتادة والأوزاعي وسفيان الثوري
وإسحاق وأبي ثَوْر وجمهور أصحاب الحديث، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل
وداود وأصحابهم. وقال سليمان بن يسار ومالك بن أنس: لا تؤم المرأة النساء في فرض
ولا نافلة. وهذا قول لا دليل على صحته وخلاف لطائفة من الصحابة لا يعلم لهم من
الصحابة رضي الله عنهم مخالف. بل صلاة المرأة بالنساء داخل تحت قول رسول الله صلى
الله عليه وسلم:"إن صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة".اهـ
وساق الشافعي طرفا من الآثار المتقدمة في الأم
(1/164) ثم قال: وتؤم المرأة النساء في المكتوبة وغيرها، وآمرها أن تقوم في وسط
الصف، وإن كان معها نساء كثير أمرت أن يقوم الصف الثاني خلف صفها وكذلك الصفوف,
وتصفهن صفوف الرجال إذا كثرن لا يخالفن الرجال في شيء من صفوفهن؛ إلا أن تقوم
المرأة وسطا وتخفض صوتها بالتكبير والذكر الذي يجهر به في الصلاة من القرآن وغيره،
فإن قامت المرأة أمام النساء فصلاتها وصلاة من خلفها مجزئة عنهن.اهـ
مذهب من قال بالكراهة, والرد عليه: قال الزيلعي
الحنفي: كُره جماعة النساء وحدهن لقوله عليه الصلاة والسلام :"صلاة المرأة في
بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها";
ولأنه يلزمهن أحد المحظورين: إما قيام الإمام وسط الصف وهو مكروه، أو تقدم الإمام
وهو أيضا مكروه في حقهن فصرن كالعراة لم يُشرع في حقهن الجماعة أصلا، ولهذا لم
يُشرع لهن الأذان وهو دعاء إلى الجماعة ولولا كراهية جماعتهن لشرع.اهـ تبيين
الحقائق (1/135).
والرد:
بالنسبة للأمر بالترغيب في الصلاة في البيوت:
قد أجبنا عليه سابقا.
بالنسبة لادعاء الكراهة بسبب قيام الإمام وسط
الصف: أننا لا نسلم بالكراهة في هذه الحالة ، فالاثنان يصليان بدون تقدم الإمام،
وإذا ضاق المسجد وقف بعض المأمومين بجانب الإمام، وقد صلى النبي صلى الله عليه
وسلم بجانب أبي بكر في مرضه الأخير وأحدهما إمام قطعا ، فارتفعت الكراهة بالحاجة.
بالنسبة لادعاء الكراهة بسبب تقدم إحداهن: أننا
لا نقول بالتقدم استحبابا بل على سبيل الجواز كما تقدم في كلام الشافعي، قال ابن
قدامة: فإن صلت بين أيديهن احتمل أن يصح ; لأنه موقف في الجملة , ولهذا كان موقفا
للرجل.المغني (2/17). كذلك فالمرأة تصلي خلف الصف منفردة في المسجد وقد يكون ليس
هناك مقصورة كما هو الحال في العصر الأول ولم تكن تمنع من ذلك، فلإن انفردت مع
جماعة النساء لم تمنع من باب أَوْلَى. ثم لو أننا لو لم نلتفت إلى الآثار الواردة
كما فعل الخصم لاحتججنا بعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم:"صلوا كما
رأيتموني أصلي". وهو ما فعله ابن حزم كما تقدم.
بالنسبة لادعاء عدم مشروعية الجماعة لعدم
مشروعية الأذان: أنه لا تلازم بينهما؛ لأن أمر المرأة مبني على الستر فلا تؤذن ولو
لجماعة الرجال المشروعة بالاتفاق وإذا نابها شئ في الصلاة صفقت ولا تسبح، قال ابن
قدامة: وإنما كُره لهن الأذان لما فيه من رفع الصوت, ولسن من أهله.
مذهب من قال بالمنع، والرد عليه: قال النفراوي
المالكي: (ولا) يصح أن ( تؤم المرأة في فريضة ولا نافلة لا رجالا ولا نساء )
لخبر:"لن يفلح قوم وَلَّوْا أمرَهم امرأةً". وسواء عُدمت الرجال أو وجدت
; لأن الإمامة خطة شريفة في الدين ومن شرائع المسلمين.اهـ الفواكه الدواني
(1/205).
والرد:
أن دليلهم عام وأدلتنا خاصة فلها التقديم،
ومعنا جمهرة الآثار المتقدمة وفيها من فقهاء الصحابة من أهل المدينة، وهو حجة
عندهم ، خاصة أنه لا مخالف لهم.
ونختم بكلام ابن القيم: المثال الخامس
والخمسون: رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في استحباب صلاة النساء جماعة لا
منفردات، كما في المسند والسنن من حديث عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بنت عبد
الله بن الحارث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها في بيتها وجعل لها
مؤذنا كان يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها. قال عبد الرحمن: فأنا رأيت مؤذنها
شيخا كبيرا. وقال الوليد بن جميل حدثتني جدتي عن أم ورقة أن النبي صلى الله عليه
وسلم أمرها أو أذن لها أن تؤم أهل دارها وكانت قد قرأت القرآن على عهد رسول الله
صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام أحمد: ثنا وكيع ثنا سفيان عن ميسرة أبي حازم عن
رائطة الحنفية: أن عائشة أمت نسوة في المكتوبة فأمتهن بينهن وسطا. تابعه ليث عن
عطاء عن عائشة. وروى الشافعي عن أم سلمة أنها أمت نساء فقامت وسطهن. ولو لم يكن في
المسألة إلا عموم قوله صلى الله عليه وسلم :"تفضل صلاة الجماعة على صلاة الفذ
بسبع وعشرين درجة". لكفى. وروى البيهقي من حديث يحيى بن يحيى أنا ابن لهيعة عن
الوليد ابن أبي الوليد عن القاسم بن محمد عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال:" لا خير في جماعة النساء إلا في صلاة أو جنازة". والاعتماد
على ما تقدم فردت هذه السنن بالمتشابه من قوله:"لن يفلح قوم ولوا أمرهم
امرأة". وهذا إنما هو في الولاية والإمامة العظمى والقضاء، وأما الرواية
والشهادة والفتيا والإمامة فلا تدخل في هذا، ومن العجب أن من خالف هذه السنة جوز
للمرأة أن تكون قاضية تلي أمور المسلمين فكيف أفلحوا وهي حاكمة عليهم ولم يفلح
أخواتها من النساء إذا أمتهن. إعلام الموقعين (2/377).
والله ولي التوفيق،
* ميراث المرأة
بين الحقائق والافتراءات
ولابد علينا أن نعلم ما هو الإرث ؟ وماذا تعني
هذه الكلمة في اللغة وفي الشرع فالإرث في اللغة : الأصل, والأمر القديم توارثه
الآخر عن الأول, والبقية من كل شيء. وهمزته أصلها واو . ويطلق الإرث ويراد منه
انتقال الشيء من قوم إلى قوم آخرين. ويطلق ويراد منه الموروث. ويقاربه على هذا
الإطلاق في المعنى التركة. والإرث اصطلاحا : عرفه الشافعية والقاضي أفضل الدين
الخونجي من الحنابلة : أنه حق قابل للتجزؤ يثبت لمستحقه بعد موت من كان له ذلك
لقرابة بينهما أو نحوها.
ومن الأمور المهمة التي يجب أن تكون حاضرة في
ذهن المسلم الواعي أن مساحة الاجتهاد في فقه المواريث خاصة ضيقة، وأحكام المواريث
في أغلبها ليست إلا تطبيقًا لنصوص الشارع الحكيم، فالذي قسم تلك الأنصبة هو الله
سبحانه وتعالى وعندما استقرء العلماء هذه التقسيمات زاد يقينهم بالله وسبحوا ربهم
على حكمة التشريع الرباني وقالوا صدق ربنا : "مَّا فَرَّطْنَا فِى الكِتَابِ
مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ" [الأنعام :38] .
يتردد كثيرًا قول بعضهم : « إن الإسلام ظلم
المرأة؛ حيث جعل نصيبها في الميراث نصف نصيب الرجل »، ونحن المسلمون نؤمن بثوابت
راسخة من صفات الله تعالى، تجعل تلك الشبهة لا تطرأ على قلب أي مسلم أو مسلمة،
وتتمثل تلك الثوابت في أن الله سبحانه حكم عدل، وعدله مطلق، وليس في شرعه ظلم لبشر
أو لأي أحد من خلقه : "وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا" [الكهف :49] ،
"وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلًا" [النساء :49] ، "وَأَنَّ اللَّهَ
لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ" [الحج :10] ، "وَمَا كَانَ اللَّهُ
لِيَظْلِمَهُمْ"[العنكبوت :40] ، "إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ
ذَرَّةٍ" [النساء :40] ، "وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا" [النساء
:124] ، "فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ" [التوبة :70] .
وإن الفروق في أنصبة المواريث هي أساس قضية
المواريث في الفقه الإسلامي، ولا تختلف الأنصبة في المواريث طبقًا للنوع؛ وإنما
تختلف الأنصبة طبقًا لثلاثة معايير :
الأول : درجة القرابة بين الوارث والمورث :
ذكرًا كان أو أنثى، فكلما اقتربت الصلة زاد النصيب في الميراث، وكلما ابتعدت الصلة
قل النصيب في الميراث دونما اعتبار لجنس الوارثين، فترى البنت الواحدة ترث نصف
تركة أمها (وهي أنثى) بينما يرث أبوها ربع التركة (وهو ذكر) وذلك لأن الابنة أقرب
من الزوج فزاد الميراث لهذا السبب.
الثاني : موقع الجيل الوارث : فالأجيال التي
تستقبل الحياة ، وتستعد لتحمل أعبائها، عادة يكون نصيبها في الميراث أكبر من نصيب
الأجيال التي تستدبر الحياة وتتخفف من أعبائها، بل تصبح أعباؤها ـ عادة ـ مفروضة
على غيرها ، وذلك بصرف النظر عن الذكورة والأنوثة للوارثين والوارثات. فبنت
المتوفى ترث أكثر من أمه ـ وكلتاهما أنثى ـ وترث بنت المتوفى أكثر من أبيه كذلك في
حالة وجود أخ لها.
الثالث : العبء المالي : وهذا هو المعيار
الوحيد الذي يثمر تفاوتًا بين الذكر والأنثى، لكنه تفـاوت لا يفـضى إلى أي ظـلم
للأنثى أو انتقاص من إنصافها، بل ربما كان العكس هو الصحيح.
ففي حالة ما إذا اتفق وتساوى الوارثون في
العاملين الأولين (درجة القرابة، وموقع الجيل) - مثل أولاد المتوفَّى ، ذكوراً
وإناثاً - يكون تفاوت العبء المالي هو السبب في التفاوت في أنصبة الميراث؛ ولذلك
لم يعمم القرآن الكريم هذا التفاوت بين الذكر والأنثى في عموم الوارثين ، وإنما
حصره في هذه الحالة بالذات، والحكمة في هذا التفاوت، في هذه الحالة بالذات، هي أن
الذكر هنا مكلف بإعالة أنثى ـ هي زوجه ـ مع أولادهما، بينما الأنثـى الوارثة أخت
الذكرـ إعالتها ، مع أولادها ، فريضة على الذكر المقترن بها.
فهي ـ مع هذا النقص في ميراثها بالنسبة لأخيها
الذي ورث ضعف ميراثها، أكثر حظًّا وامتيازًا منه في الميراث؛ فميراثها ـ مع
إعفائها من الإنفاق الواجب ـ هو ذمة مالية خالصة ومدخرة، لجبر الاستضعاف الأنثوى،
ولتأمين حياتها ضد المخاطر والتقلبات، وتلك حكمة إلهية قد تخفى على الكثيرين، ومن أعباء
الرجل المالية نذكر منها :
1- الرجل عليه أعباء مالية في بداية حياته
الزوجية وارتباطه بزوجته، فيدفع المهر ، يقول تعالى: "وَآتُوا النِّسَاءَ
صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً" [النساء :4] ، والمهر التزام مالي يدفعه الرجل
للمرأة من تشريعات بداية الحياة الزوجية، والمرأة تتميز عن الرجل؛ حيث ليس من حقه
أن يطالب بمهر من المرأة إذا ما أرادت أن تتزوج منه.
2- الرجل بعد الزواج ينفق على المرأة وإن كانت
تمتلك من الأموال ما لا يمتلكه هو، فليس من حقه أن يطالبها بالنفقة على نفسها
فضلًا عن أن يطالبها بالنفقة عليه؛ لأن الإسلام ميزها وحفظ مالها، ولم يوجب عليها
أن تنفق منه. 3- الرجل مكلف كذلك بالأقرباء وغيرهم ممن تجب عليه نفقته، حيث يقوم
بالأعباء العائلية والالتزامات الاجتماعية التي يقوم بها المورث باعتباره جزءًا
منه، أو امتدادًا له، أو عاصبـًا من عصبته.
هذه الأسباب وغيرها تجعلنا ننظر إلى المال أو
الثروة نظرة أكثر موضوعية، وهي أن الثروة والمال أو الملك مفهوم أعم من مفهوم
الدخل، فالدخل هو المال الوارد إلى الثروة، وليس هو نفس الثروة؛ حيث تمثل الثروة
المقدار المتبقي من الواردات والنفقات.
وبهذا الاعتبار نجد أن الإسلام أعطى المرأة نصف
الرجل في الدخل الوارد، وكفل لها الاحتفاظ بهذا الدخل دون أن ينقص سوى من حق الله
كالزكاة، أما الرجل فأعطاه الله الدخل الأكبر وطلب منه أن ينفق على زوجته وأبنائه
ووالديه إن كبرا في السن، ومن تلزمه نفقته من قريب وخادم وما استحدث في عصرنا هذا
من الإيجارات والفواتير المختلفة؛ مما يجعلنا نجزم أن الله فضل المرأة على الرجل
في الثروة؛ حيث كفل لها حفظ مالها، ولم يطالبها بأي شكل من أشكال النفقات. ولذلك
حينما تتخلف قضية العبء المالي كما هي الحال في شأن توريث الإخوة والأخوات لأم؛
نجد أن الشارع الحكيم قد سوَّى بين نصيب الذكر ونصيب الأنثى منهم في الميراث، قال
تعالى : "وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ
أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوا أَكْثَرَ مِن
ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِى الثُّلُثِ"[النساء :12]. فالتسوية هنا بين الذكور
والإناث في الميراث؛ لأن أصل توريثهم هنا الرحم، وليسوا عصبةً لمورثهم حتى يكون
الرجل امتدادا له من دون المرأة، فليست هناك مسئوليات ولا أعباء تقع على كاهله
بهذا الاعتبار.
وباستقراء حالات ومسائل الميراث انكشف لبعض
العلماء والباحثين حقائق قد تذهل الكثيرين؛ حيث ظهر التالي :
أولًا : أن هناك أربع حالات فقط ترث المرأة نصف
الرجل.
ثانيًا : أن أضعاف هذه الحالات ترث المرأة مثل
الرجل.
ثالثًا : هناك حالات كثيرة جدًا ترث المرأة
أكثر من الرجل.
رابعًا : هناك حالات ترث المرأة ولا يرث نظيرها
من الرجال.
وتفصيل تلك الحالات فيما يلي :
أولًا : الحالات التي ترث المرأة نصف الرجل :
1- البنت مع إخوانها الذكور، وبنت الابن مع ابن
الابن.
2- الأب والأم ولا يوجد أولاد ولا زوج أو زوجة
.
3- الأخت الشقيقة مع إخوانها الذكور.
4- الأخت لأب مع إخوانها الذكور.
ثانيا : الحالات التي ترث المرأة مثل الرجل :
1- الأب والأم في حالة وجود ابن الابن.
2- الأخ والأخت لأم.
3- أخوات مع الإخوة والأخوات لأم.
4- البنت مع عمها أو أقرب عصبة للأب (مع عدم
وجود الحاجب).
5- الأب مع أم الأم وابن الابن.
6- زوج وأم وأختين لأم وأخ شقيق على قضاء سيدنا
عمر ، فإن الأختين لأم والأخ الشقيق شركاء في الثلث.
7- انفراد الرجل أو المرأة بالتركة بأن يكون هو
الوارث الوحيد، فيرث الابن إن كان وحده التركة كلها تعصيبا، والبنت ترث النصف
فرضًا والباقي ردًا. وذلك لو ترك أبا وحده فإنه سيرث التركة كلها تعصيبا، ولو ترك
أما فسترث الثلث فرضا والباقي رضا عليها.
8- زوج مع الأخت الشقيقة؛ فإنها ستأخذ ما لو
كانت ذكرا، بمعنى لو تركت المرأة زوجا وأخا شقيقا فسيأخذ الزوج النصف، والباقي
للأخ تعصيبا. ولو تركت زوجاً وأختاً فسيأخذ الزوج النصف والأخت النصف كذلك.
9- الأخت لأم مع الأخ الشقيق ، وهذا إذا تركت
المرأة زوجًا، وأمًا، وأختًا لأم، وأخًا شقيقًا؛ فسيأخذ الزوج النصف، والأم السدس،
والأخت لأم السدس، والباقي للأخ الشقيق تعصيبا وهو السدس.
10- ذوو الأرحام في مذهب أهل الرحم، وهو
المعمول به في القانون المصري في المادة 31 من القانون رقم 77 لسنة 1943، وهو إن
لم يكن هناك أصحاب فروض ولا عصابات فإن ذوي الأرحام هم الورثة، وتقسم بينهم التركة
بالتساوي كأن يترك المتوفى (بنت بنت، وابن بنت، وخال، وخالة) فكلهم يرثون نفس
الأنصبة.
11- هناك ستة لا يحجبون حجب حرمان أبداً وهم
ثلاثة من الرجال، وثلاثة من النساء، فمن الرجال (الزوج، والابن، والأب)، ومن
النساء (الزوجة، والبنت، والأم).
ثالثا : حالات ترث المرأة أكثر من الرجل :
1- الزوج مع ابنته الوحيدة.
2- الزوج مع ابنتيه.
3- البنت مع أعمامها.
4- إذا ماتت امرأة عن ستين فدانًا، والورثة هم
(زوج، وأب، وأم، وبنتان) فإن نصيب البنتين سيكون 32 فدانًا بما يعني أن نصيب كل
بنت 16 فداناً، في حين أنها لو تركت ابنان بدلًا من البنتان لورث كل ابن 12.5
فداناً؛ حيث إن نصيب البنتين ثلثي التركة، ونصيب الابنين باقي التركة تعصيبا بعد
أصحاب الفروض.
5- لو ماتت امرأة عن 48 فدانًا، والورثة (زوج،
وأختان شقيقتان، وأم) ترث الأختان ثلثي التركة بما يعني أن نصيب الأخت الواحدة 12
فداناً، في حين لو أنها تركت أخوين بدلًا من الأختين لورث كل أخ 8 أفدنة لأنهما
يرثان باقي التركة تعصيبا بعد نصيب الزوج والأم.
6- ونفس المسألة لو تركت أختين لأب؛ حيث يرثان
أكثر من الأخوين لأب.
7- لو ماتت امرأة وتركت (زوجًا، وأبًا، أمًا،
بنتًا)، وكانت تركتها 156 فدانًا فإن البنت سترث نصف التركة وهو ما يساوي 72
فداناً، أما لو أنها تركت ابنًا بدلًا من البنت فكان سيرث 65 فدانًا؛ لأنه يرث
الباقي تعصيبا بعد فروض (الزوج والأب والأم).
8- إذا ماتت امرأة وتركت (زوجًا، وأمًا، وأختًا
شقيقة)، وتركتها 48 فدانًا مثلا فإن الأخت الشقيقة سترث 18 فدانًا، في حين أنها لو
تركت أخًا شقيقًا بدلًا من الأخت سيرث 8 أفدنة فقط؛ لأنه سيرث الباقي تعصيبا بعد
نصيب الزوج والأم، ففي هذه الحالة ورثت الأخت الشقيقة أكثر من ضعف نصيب الأخ الشقيق.
9- لو ترك رجل (زوجة، وأمًا، وأختين لأم،
وأخوين شقيقين)و وكانت تركته 48 فداناً، ترث الأختان لأم وهما الأبعد قرابة 16
فداناً فنصيب الواحدة 8 أفدنة، في حين يورث الأخوان الشقيقان 12 فدانًا، بما يعني
أن نصيب الواحد 6 أفدنة.
10- لو تركت امرأة (زوجًا، وأختًا لأم، أخوين
شقيقين)، وكانت التركة 120 فدانًا، ترث الأخت لأم ثلث التركة، وهو ما يساوي 40
فدانًا، ويرث الأخوان الشقيقان 20 فدانًا، بما يعني أن الأخت لأم وهي الأبعد قرابة
أخذت أربعة أضعاف الأخ الشقيق.
11- الأم في حالة فقد الفرع الوارث، ووجود
الزوج في مذهب ابن عباس ، فلو مات رجل وترك (أبًا، وأمًا، وزوجًا) فللزوج النصف،
وللأم الثلث ، والباقي للأب، وهو السدس أي ما يساوي نصف نصيب زوجته.
12- لو تركت امرأة (زوجًا، وأمًا، وأختًا لأم،
أخوين شقيقين) وكانت التركة 60 فدانًا، فسترث الأخت لأم 10 أفدنة في حين سيرث كل
أخ 5 أفدنة؛ مما يعني أن الأخت لأم نصيبها ضعف الأخ الشقيق، وهي أبعد منه قرابة.
13- ولو ترك رجل (زوجة، وأبًا، وأمًا، وبنتًا،
بنت ابن)، وكانت التركة 576 فدانًا، فإن نصيب بنت الابن سيكون 96 فدانًا، في حين
لو ترك ابنَ ابنٍ لكان نصيبه 27 فدانًا فقط.
14- لو ترك المتوفى (أم، وأم أم، وأم أب) وكانت
التركة 60 فدانًا مثلًا، فسوف ترث الأم السدس فرضا والباقي ردًا، أما لو ترك
المتوفى أبًا بدلًا من أم بمعنى أنه ترك (أبًا، وأم أم، أم أب) فسوف ترث أم الأم،
ولن تحجب السدس وهو 10 أفدنة، والباقي للأب 50 فداناً، مما يعني أن الأم ورثت كل
التركة 60 فدانًا، والأب لو كان مكانها لورث 50 فداناً فقط.
رابعا : حالات ترث المرأة ولا يرث نظيرها من
الرجال :
1- لو ماتت امرأة وتركت (زوجًا، وأبًا، أمًا،
بنتًا، بنت ابن)، وتركت تركة قدرها 195 فداناً مثلاً، فإن بنت الابن سترث السدس
وهو 26 فدانًا، في حين لو أن المرأة تركت ابن ابن بدلاً من بنت الابن لكان نصيبه
صفرًا؛ لأنه كان سيأخذ الباقي تعصيبا ولا باقي، وهذا التقسيم على خلاف قانون
الوصية الواجبة الذي أخذ به القانون المصري رقم 71 لسنة 1946، وهو خلاف المذاهب،
ونحن نتكلم عن المذاهب المعتمدة، وكيف أنها أعطت المرأة، ولم تعط نظيرها من
الرجال. 2- لو تركت امرأة (زوجًا، وأختًا شقيقة، أختًا لأب)، وكانت التركة 84
فدانًا مثلًا، فإن الأخت لأب سترث السدس، وهو ما يساوي 12 فدانًا، في حين لو كان
الأخ لأب بدلا من الأخت لم يرث؛ لأن النصف للزوج، والنصف للأخت الشقيقة والباقي للأخ
لأب ولا باقي. 3- ميراث الجدة : فكثيرا ما ترث ولا يرث نظيرها من الأجداد،
وبالاطلاع على قاعدة ميراث الجد والجدة نجد الآتي : الجد الصحيح (أي الوارث) هو
الذي لا تدخل في نسبته إلى الميت أم مثل أب الأب أو أب أب الأب وإن علا، أما أب
الأم أو أب أم الأم فهو جد فاسد (أي غير وارث) على خلاف في اللفظ لدى الفقهاء، أما
الجدة الصحيحة هي التي لا يدخل في نسبتها إلى الميت جد غير صحيح، أو هي كل جدة لا
يدخل في نسبتها إلى الميت أب بين أمين، وعليه تكون أم أب الأم جدة فاسدة لكن أم
الأم، وأم أم الأب جدات صحيحات ويرثن. 4- لو مات شخص وترك (أب أم، وأم أم) في هذه
الحالة ترث أم الأم التركة كلها، حيث تأخذ السدس فرضًا والباقي ردًا، وأب الأم لا
شيء له؛ لأنه جد غير وارث.
5- كذلك ولو مات شخص وترك (أب أم أم، وأم أم
أم) تأخذ أم أم الأم التركة كلها، فتأخذ السدس فرضًا والباقي ردًا عليها ولا شيء
لأب أم الأم؛ لأنه جد غير وارث.
إذن فهناك أكثر من ثلاثين حالة تأخذ فيها
المرأة مثل الرجل ، أو أكثر منه ، أو ترث هى ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابلة
أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل. تلك هي ثمرات استقراء حالات ومسـائل
الميراث في عـلم الفرائض (المواريث)، فأرى أن الشبهة قد زالت بعد هذه الإيضاحات
لكل منصف صادق مع نفسه، نسأل الله العناية والرعاية والحمد لله رب العالمين.
* شهادة المرأة
المسلمة ورد الشبه حولها
الشهادة في اللغة تعني : الخبر القاطع, والحضور
والمعاينة والعلانية, والقسم, والإقرار, وكلمة التوحيد, والموت في سبيل الله. وفي
الاصطلاح الفقهي : استعمل الفقهاء لفظ الشهادة في الإخبار بحق للغير على النفس,
واستعملوا اللفظ في الموت في سبيل الله، واستعملوه في القسم كما في اللعان, كما
استعمل الفقهاء لفظ الشهادة في الإخبار بحق للغير على الغير في مجلس القضاء , وهو
موضوع البحث في هذا المصطلح، واختلفوا في تعريف الشهادة بهذا المعنى على النحو
التالي : فعرفها الكمال من الحنفية بأنها : إخبار صدق لإثبات حق بلفظ الشهادة في
مجلس القضاء. وعرفها الدردير من المالكية : بأنها إخبار حاكم من علم ليقضي بمقتضاه
. وعرفها الجمل من الشافعية بأنها : إخبار بحق للغير على الغير بلفظ أشهد . وعرفها
الشيباني من الحنابلة بأنها : الإخبار بما علمه بلفظ أشهد أو شهدت . وتسميتها
بالشهادة إشارة إلى أنها مأخوذة من المشاهدة المتيقنة, لأن الشاهد يخبر عن ما
شاهده، وهي إحدى الحجج التي تثبت بها الدعوى.
ويتعلق بقضية الشهادة الشبهة الثانية التي
يكررها الآخرون؛ محاولة منهم لاتهام التشريع الإسلامي بانتقاص المرأة وبظلمه لها،
حيث يرددون : « إن الإسلام ظلم المرأة بأن جعل شهادتها نصف شهادة الرجل ». في
البداية يجب أن نعلم أن الشهادة تكليف ومسئولية، وعندما يخفف الله عن المرأة في
الشهادة فهذا إكرام لها، وليس العكس، كما علينا أن نعلم كذلك أن الشروط التي تراعى
في الشهادة، ليست عائدة إلى وصف الذكورة والأنوثة في الشاهد، ولكنها عائدة إلى
أمرين : الأول : عدالة الشاهد وضبطه. الثاني : أن تكون بين الشاهد والواقعة التي
يشهد بها، صلة تجعله مؤهلاً للدراية بها والشهادة فيها، ومن المعلوم أنه إذا ثبت
لدى القاضي اتصاف هذا (الشاهد) بهذه الصفات (أي رقة المشاعر والعاطفة) فإن شهادته
تصبح غير مقبولة؛ إذ لابد أن يقوم من ذلك دليل على أن صلته بالمسائل الجرمية
وقدرته على معاينتها ضعيفة أو معدومة، وهو الأمر الذي يفقده أهليته للشهادة على
تلك المسائل .
ومن الحقائق التي يجب أن نعلمها في قضية
الشهادة ما يلي :
1) شهادة المرأة وحدها تقبل في هلال رمضان
شأنها شأن الرجل.
2) تستوي شهادة المرأة بشهادة الرجل في
الملاعنة.
3) شهادة المرأة قبلت في الأمور الخاصة بالنساء
؟ قال ابن قدامة في المغني: ((ويقبل فيما لا يطلع عليه الرجال مثل الرضاعة
والولادة والحيض والعدة وما أشبهها شهادة امرأة عدل. ولا نعلم بين أهل العلم
خلافاً في قبول شهادة النساء المنفردات في الجملة))، ويوضح الحكم في موضع آخر
فيقول: ((تقبل شهادة النساء وحدهن ـ منفردات عن الرجال ـ في خمسة أشياء: 1 ـ
الولادة، 2 ـ الاستهلال، 3 ـ الرضاع، 4 ـ العيوب التي تحت الثوب كالرتق، والقرن،
والبكارة، والثيبوبة، والبرص، 5 ـ انقضاء العدة.
4) تقبل شهادة المرأة الواحدة. قال ابن قدامة:
((وكل موضع تقبل فيه شهادة النساء المنفردات فإنه تقبل فيه شهادة المرأة
الواحدة)). وجاء في الحديث: ((سأل عقبة بن الحارث النبي (ص) فقال: إني تزوجت
امرأة. فجاءت أمة سوداء فقالت: إنها أرضعتنا؟ فأمره بفراق امرأته. فقال: إنها
كاذبة. فقال النبي : دعها عنك))، وقد علق ابن القيم فقال:
((ففي هذا قبول شهادة المرأة الواحدة، وإن كانت أمة وشهادتها على فعل نفسها))، وقد
علق معروف الدواليبي بكلام جميل على هذا فقال: ((إن الشريعة الإسلامية اتجهت إلى
تعزيز الشهادة في القضايا المالية بصورة مطلقة بشهادة رجل آخر، إلى جانب الرجل
الأول، حتى لا تكون الشهادة عرضة للاتهام. ولم يعتبر أحد تنصيف شهادة الرجل هنا
وتعزيزها بشهادة رجل آخر ماساً بكرامته ما دام ذلك التعزيز أضمن لحقوق الناس.
وزيادة على ذلك فإن شهادة الرجل لم تقبل قط ((وحده)) حتى في أتفه القضايا المالية.
غير أن المرأة قد امتازت على الرجل في سماع شهادتها ((وحدها))، دون الرجل، فيما هو
أخطر من الشهادة على الأمور التافهة، وذلك كما هو معلم في الشهادة على الولادة وما
يلحقها من نسب وإرث، بينما لم تقبل شهادة الرجل ((وحده)) في أتفه القضايا المالية
وفي هذا رد بليغ على مَن يتهم الإسلام بتمييز الرجل على المرأة في الشهادة)).
5) شهادة المرأة تقدم أحياناً على شهادة الرجل
بعد سماع الشهادتين: ((يثبت خيار الفسخ لكل واحد من الزوجين لعيب يجده في صاحبه
... وإن اختلفا في عيوب النساء أريت النساء الثقات ويقبل فيه قول امرأة واحدة، فإن
شهدت بما قال الزوج وإلا فالقول قول المرأة)).
6) الشهادة تختلف عن الرواية؟ وقد قُبلت رواية
المرأة الواحدة ـ وما تزال ـ في كل أمر حتى في الحديث: ((فالحديث النبوي الذي روته
لنا امرأة عن رسول الله (ص)، له حجية الحديث نفسه الذي يرويه رجل)). ولم يرد أحد
قول امرأة لمجرد أنها امرأة، ونقل الدين وما فيه من تشريع أخطر من الشهادة في حكم
قضائي، قال الشوكاني: ((لم ينقل عن أحد من العلماء بأنه رد خبر امرأة لكونها
امرأة. فكم من سنة قد تلقتها الأمة بالقبول من امرأة واحدة من الصحابة وهذا لا
ينكره من له أدنى نصيب من علم السنة)). وقال ابن القيم: ((الشارع صلوات الله
وسلامه عليه وعلى آله لم يرد خبر العدل قط، لا في رواية ولا في شهادة، بل قبل خبر
العدل الواحد في كل موضع أخبر به ... وقبل شهادة الأمة السوداء وحدها على
الرضاعة)). بعد هذه الحقائق نجد أن مصدر الشبهة التي حسب مثيروها أن الإسلام قد
انتقص من أهلية المرأة ، بجعل شهادتها على النصف من شهادة الرجل:
"بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ
يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ
أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى" [البقرة :282]
. هو الخلط بين « الشهادة » وبين «الإشهاد» الذي تتحدث عنه هذه الآية الكريمة،
فالشهادة التي يعتمد عليها القضاء في اكتشاف العدل المؤسس على البينة، واستخلاصه
من ثنايا دعاوى الخصوم، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارًا لصدقها أو كذبها،
ومن ثم قبولها أو رفضها؛ وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضي لصدق الشهادة بصرف
النظر عن جنس الشاهد، ذكرًا كان أو أنثى ، وبصرف النظر عن عدد الشهود. فالقاضي إذا
اطمأن ضميره إلى ظهور البينة أن يعتمد شهادة رجلين، أو امرأتين، أو رجل وامرأة، أو
رجل وامرأتين، أو امرأة ورجلين، أو رجل واحد أو امرأة واحدة.. ولا أثر للذكورة أو
الأنوثة في الشهادة التى يحكم القضاء بناءً على ما تقدمه له من البينات.
أما الآية فإنها تتحدث عن أمر آخر غير
«الشهادة» أمام القضاء؛ حيث تتحدث عن «الإشهاد» الذي يقوم به صاحب الدين للاستيثاق
من الحفاظ على دَيْنه، وليس عن «الشهادة» التي يعتمد عليها القاضي في حكمه بين
المتنازعين.. فهي - الآية - موجهة لصاحب الحق الدَّيْن وليس إلى القاضي الحاكم في
النزاع.. بل إن هذه الآية لا تتوجه إلى كل صاحب حق دَيْن ولا تشترط ما اشترطت من
مستويات الإشهاد وعدد الشهود في كل حالات الدَّيْن. وإنما توجهت بالنصح والإرشاد
فقط النصح والإرشاد إلى دائن خاص ، وفي حالات خاصة من الديون، لها ملابسات خاصة
نصت عليها الآية.. فهو دين إلى أجل مسمى.. ولابد من كتابته.. ولابد من عدالة
الكاتب. ولقد فقه هذه الحقيقة حقيقة أن هذه الآية إنما تتحدث عن "
الإشهاد" في دَيْن خاص ، وليس عن الشهادة.. وإنها نصيحة وإرشاد لصاحب
الدَّيْن ذى المواصفات والملابسات الخاصة وليست تشريعاً موجهاً إلى القاضى الحاكم
في المنازعات.. فقه ذلك العلماء المجتهدون..
ومن هؤلاء العلماء الفقهاء الذين فقهوا هذه
الحقيقة ، وفصّلوا القول فيها شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم من
القدماء والأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده والإمام الشيخ محمود شلتوت من
المُحْدَثين والمعاصرين فقال ابن تيمية فيما يرويه عنه ويؤكد عليه ابن القيم: قال
عن «البينة»( ) التي يحكم القاضي بناء عليها، والتي وضع قاعدتها الشرعية والفقهية
حديث رسول الله : « البينة على المدعى ، واليمين على المدعى عليه »( ) إن البينة
في الشرع ، اسم لما يبيّن الحق ويظهره ، وهى تارة تكون أربعة شهود ، وتارة ثلاثة ،
بالنص في بينة المفلس، وتارة شاهدين ، وشاهد واحد ، وامرأة واحدة ، وتكون نُكولاً(
)، ويمينًا، و خمسين يميناً أو أربعة أيمان ، وتكون شاهد الحال، فقوله :«
البينة على المدعى » ، أي عليه أن يظهر ما يبيّن صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق
من الطرق حُكِم له. اهـ فكما تقوم البينة بشهادة الرجل الواحد أو أكثر ، تقوم
بشهادة المرأة الواحدة ، أو أكثر، وفق معيار البينة التي يطمئن إليها ضمير الحاكم
- القاضي - ، وبعد ذلك بقليل علق ابن القيم قائلًا : « قلت : وليس في القرآن ما
يقتضى أنه لا يُحْكَم إلا بشاهدين ،أو شاهد وامرأتين، فإن الله سبحانه إنما أمر
بذلك أصحاب الحقوق أن يحفظوا حقوقهم بهذا النِّصاب ، ولم يأمر بذلك الحكام أن
يحكموا به ، فضلاً عن أن يكون قد أمرهم ألا يقضوا إلا بذلك. ولهذا يحكم الحاكم
بالنكول، واليمين المردودة، والمرأة الواحدة، والنساء المنفردات لا رجل معهن وبعد
هذا الضبط والتمييز والتحديد. ( ) وقد علل ابن تيمية حكمة كون شهادة المرأتين
تعدلان شهادة الرجل الواحد، بأن المرأة ليست مما يتحمل عادة مجالس وأنواع هذه
المعاملات، لكن إذا تطورت خبراتها وممارساتها وعاداتها، كانت شهادتها حتى في
الإشهاد على حفظ الحقوق والديون مساوية لشهادة الرجل.. فقال : « ولا ريب أن هذه
الحكمة في التعدد هى في التحمل ، فأما إذا عقلت المرأة ، وحفظت وكانت ممن يوثق
بدينها فإن المقصود حاصل بخبرها كما يحصل بأخبار الديانات ، ولهذا تُقبل شهادتها
وحدها في مواضع ، ويُحكم بشهادة امرأتين ويمين الطالب في أصح القولين ، وهو قول
مالك وأحد الوجهين في مذهب أحمد »( ) ونفس هذا المعنى ذكره الإمام محمد عبده، عندما
أرجع تميز شهادة الرجال على هذا الحق الذي تحدثت عنه الآية على شهادة النساء ، إلى
كون النساء في ذلك التاريخ كن بعيدات عن حضور مجالس التجارات، ومن ثم بعيدات عن
تحصيل التحمل والخبرات في هذه الميادين، وهو واقع تاريخي خاضع للتطور والتغير،
وليس طبيعة ولا جبلة في جنس النساء على مر العصور، فقال : « تكلم المفسرون في هذا،
وجعلوا سببه المزاج ، فقالوا: إن مزاج المرأة يعتريه البرد فيتبعه النسيان، وهذا
غير متحقق ، والسبب الصحيح أن المرأة ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية
ونحوها من المعاوضات، فلذلك تكون ذاكرتها ضعيفة، ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية
التي هي شغلها، فإنها أقوى ذاكرة من الرجل، يعنى أن من طبع البشر ذكراناً وإناثاً
أن يقوى تذكرهم للأمور التي تهمهم ويكثر اشتغالهم بها » ( ). ولقد سار الشيخ محمود
شلتوت الذي استوعب اجتهادات ابن تيمية وابن القيم ومحمد عبده مع هذا الطريق،
مضيفاً إلى هذه الاجتهادات علماً آخر عندما لفت النظر إلى تساوى شهادة الرجل في «
اللعان » فكتب يقول عن شهادة المرأة وكيف أنها دليل على كمال أهليتها، وذلك على
العكس من الفكر المغلوط الذي يحسب موقف الإسلام من هذه القضية انتقاصًا من إنسانيتها..
كتب يقول : إن قول الله سبحانه وتعالى: (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان (ليس
وارداً في مقام الشهادة التى يقضى بها القاضى ويحكم ، وإنما هو في مقام الإرشاد
إلى طرق الاستيثاق والاطمئنان على الحقوق بين المتعاملين وقت التعامل(الآية)
فالمقام مقام استيثاق على الحقوق ، لا مقام قضاء بها. والآية ترشد إلى أفضل أنواع
الاستيثاق الذي تطمئن به نفوس المتعاملين على حقوقهم، وليس معنى هذا أن شهادة
المرأة الواحدة أو شهادة النساء اللاتى ليس معهن رجل ، لايثبت بها الحق، ولا يحكم
بها القاضى ، فإن أقصى ما يطلبه القضاء هو «البينة».
وقد حقق العلامة ابن القيم أن البينة في الشرع
أعم من الشهادة ، وأن كل ما يتبين به الحق ويظهره، هو بينة يقضى بها القاضى ويحكم.
ومن ذلك: يحكم القاضى بالقرائن القطعية ، ويحكم بشهادة غير المسلم متى وثق بها
واطمأن إليها، واعتبار المرأتين في الاستيثاق كالرجل الواحد ليس لضعف عقلها ، الذي
يتبع نقص إنسانيتها ويكون أثراً له ، وإنما هو لأن المرأة كما قال الشيخ محمد عبده
" ليس من شأنها الاشتغال بالمعاملات المالية ونحوها من المعاوضات، ومن هنا
تكون ذاكرتها فيها ضعيفة ، ولا تكون كذلك في الأمور المنزلية التى هى شغلها ، فإنها
فيها أقوى ذاكرة من الرجل ، ومن طبع البشر عامة أن يقوى تذكرهم للأمور التى تهمهم
ويمارسونها، ويكثر اشتغالهم بها. والآية جاءت على ما كان مألوفاً في شأن المرأة ،
ولا يزال أكثر النساء كذلك ، لا يشهدن مجالس المداينات ولا يشتغلن بأسواق
المبايعات ، واشتغال بعضهن بذلك لا ينافي هذا الأصل الذي تقضى به طبيعتها في
الحياة. إلى هذا الحد من النقل والتحليل نكون قد رددنا على من حاول إلصاق تهم إلى
هذا التشريع الحكيم، ونحن نرى في إلقاء تلك التهم على فروعنا شرعنا الحنيف تخبط في
الآخرين يؤكد لنا أن هذا الشرع متين، وأنه من لدن حكيم خبير والحمد لله رب
العالمين.
من باب تصحيح المفاهيم وإرساء الحقائق يجب
علينا أن نعلم أن الإسلام جاء بالحد من تعدد الزوجات، ولم يأت بتعدد الزوجات كما
يظن الآخرون، فعن سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة، فقال
له النبي : « اختر منهن أربعا ». من هذا
الحديث يظهر لنا أن الإسلام نص على الحد من كثرة عدد الزوجات، وفي المقابل لم يرد
أمر لمن تزوج واحدة بأن يتزوج أخرى؛ وذلك لأن تعدد الزوجات ليس مقصودًا لذاته،
وإنما يكون تزوج الرجل مرة أخرى لأسباب ومصالح عامة. فلم يرد تعدد الزوجات في
القرآن الكريم بمعزل عن أسبابه، فالله عز وجل قال : "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
تُقْسِطُوا فِى اليَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى
وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ" [النساء :3] ، فالذين فسروا الآية الكريمة، أو درسوها كنظام
إنساني اجتماعي يفسرونها بمعزل عن السبب الرئيس الذي أُنْزِلَت لأجله، وهو وجود
اليتامى والأرامل؛ إذ إن التعدد ورد مقرونا باليتامى؛ حيث قاموا بانتزاع قوله
تعالى: "فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ
وَرُبَاعَ" دون القول السابق، والذي صيغ بأسلوب الشرط "وَإِنْ خِفْتُمْ
أَلاَّ تُقْسِطُوا فِى اليَتَامَى" وكذلك دون القول اللاحق، والذي يقيد تلك
الإباحة بالعدل حيث قال : "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا
فَوَاحِدَةً". فمن ذهب إلى القرآن الكريم لا يجد دعوة مفتوحة صريحة للتعدد
دون تلك القيود التي أشرنا إليها، ومن ذهب إلى السنة فسيجد أن الإسلام نهى عن
التعدد بأكثر من أربع نساء، وشتان بين أن يكون الإسلام أمر بالتعدد حتى أربع نساء،
وبين أن يكون نهى عن الجمع بين أكثر من أربع نساء. فإنّ نظام تعدّد الزوجات كان
شائعًا قبل الإسلام بين العرب، وكذلك بين اليهود والفرس، والتاريخ يحدّثنا عن
الملوك والسلاطين بأنّهم كانوا يبنون بيوتًا كبيرة تسع أحيانًا لأكثر من ألف شخص ،
لسكن نسائهم من الجواري ، وفي بعض الأحيان يقومون بتقديمهن كهدايا إلى ملوك آخرين،
ويأتون بنساء جديدات، كما أنه في شريعة اليهود وفي قوانينهم - حتى الآن- يبيحون
تعدد الزوجات، ولا يجرؤ أحد أن يهاجمهم في عقيدتهم ودينهم وشرعهم. والغريب أن
الذين يحاربون نظام الإسلام في السماح للرجل بالزواج مرة أخرى في ظروف معينة
يعانون من تفكك أسري، وانتشار الفاحشة، وإباحة تعدد الخليلات (العشيقات) بلا عدد
ولا حد، فالخليلة لا تتمتع بحقوق الزوجة، إضافة إلى ما يترتب على الأمر من خيانة
الزوجة، وإسقاط حقوقها، وعدم الاعتراف بها وبأولادها. فهي وحدها التي تتحمل ثمن
أجرة الإجهاض أو تعيش غير متزوجة (الأم العازبة) لترعى طفلها غير الشرعي
"فَأَيُّ الفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"
[الأنعام :81] . التعدد المباح في الغرب هو التعدد في غير إطار، وهو التعدد الذي
لا يكفل للمرأة أي حق، بل يستعبدها الرجل، ويقيم معها علاقة غير رسمية ويسلب زهرة
حياتها، ثم يرمي بها خارج قلبه وحياته، وقد يتسبب لأسرته في أمراض جنسية خطيرة إلى
جانب أطفال السفاح الذين لا يعترف بهم في أكثر الأحيان، ولكثرة الأرقام وكثرة
الأحصائيات نكتفي بأخذ نموذج من الدول الغربية، وليكن الولايات المتحدة الأمريكية
ولندع الأرقام تتحدث :
* في عام 1980م (1.553000) حالة إجهاض، 30 %
منها لدى نساء لم يتجاوزن العشرين عامًا من أعمارهن، وقالت الشرطة: إن الرقم
الحقيقي ثلاثة أضعاف ذلك.
* في عام 1982 م (80%) من المتزوجات منذ 15
عامًا أصبحن مطلقات.
* وفي عام 1984م (8 ملايين) امرأة يعشن وحدهن
مع أطفالهن دون أية مساعدة خارجية.
* وفي عام 1986م (27%) من المواطنين يعيشون على
حساب النساء.
* وفي عام 1982م (65) حالة اغتصاب لكل 10 آلاف
امرأة.
* وفي عام 1995م (82) ألف جريمة اغتصاب؛ 80%
منها في محيط الأسرة والأصدقاء، بينما تقول الشرطة : إن الرقم الحقيقي 35 ضعفًا.
* وفي عام 1997م بحسب قول جمعيات الدفاع عن
حقوق المرأة : اغتصبت امرأة كل 3 ثوان، بينما ردت الجهات الرسمية بأن هذا الرقم
مبالغ فيه في حين أن الرقم الحقيقي هو حالة اغتصاب كل 6 ثوان!
* 74% من العجائز الفقراء هم من النساء؛ 85% من
هؤلاء يعشن وحيدات دون أي معين أو مساعد.
* ومن 1979 إلى 1985: أجريت عمليات تعقيم جنسي
للنساء اللواتي قدمن إلى أمريكا من أمريكا اللاتينية، والنساء اللاتي أصولهن من
الهنود الحمر، وذلك دون علمهن.
* ومن عام 1980 إلى عام 1990م: كان بالولايات
المتحدة ما يقارب مليون امرأة يعملن في البغاء.
* وفي عام 1995: بلغ دخل مؤسسات الدعارة
وأجهزتها الإعلامية 2500 مليون دولار.
كل هذه الأرقام هي نتائج طبيعية لأن نستبدل
بنظام الزواج واحترام المرأة في الشريعة الإسلامية، نظام الانفلات وتعدد الصديقات
والعشيقات عند من يهاجم التشريع الإسلامي.
ولننظر آراء المنصفين من الغربيين في تلك
القضية، تقول إحداهن : « لقد كثرت الشاردات من بناتنا، وعم البلاء، ودل الباحثون
عن أسباب ذلك؛ وإذ كنت امرأة تراني أنظر إلى هاتيك البنات، وقلبي يتقطع شفقة عليهن
وحب،ا وماذا عسى يفيدهن بشيء حزني ووجعي وتفجعي وإن شاركني فيه الناس جميعا؛ إذ لا
فائدة إلا في العمل بما يمنع هذه الحالة الرجسة. ويرى العالم (توس)، أن الدواء
الكافل للشفاء من هذا الداء وهو الإباحة للرجل التزوج بأكثر من واحدة وبهذه
الواسطة يزول البلاء لا محالة، وتصبح بناتنا ربات بيوت، فالبلاء كل البلاء في
إجبار الرجل الأوروبي على الاكتفاء بامرأة واحدة، فهذا التحديد هو الذي جعل بناتنا
شوارد وقذف بهن إلى التماس أعمال الرجال، ولا بد من تفاقم الشر إذا لم يبح للرجل
التزوج بأكثر من واحدة. أي ظن وخرص يحيط بعدد الرجال المتزوجين الذين لهم أولاد
غير شرعيين أصبحوا كلًا وعالةً وعارًا في المجتمع الإنسان،ي فلو كان تعدد الزوجات
مباحًا لما حاق بأولئك الأولاد وبأمهاتهم ما هم فيه من العذاب والهوان، ولسلم
عرضهن وعرض أولادهن. فإن مزاحمة المرأة للرجل ستحل بنا الدمار، ألم تروا أن حال
خلقتها تنادي بأن عليها ما ليس على الرجل، وعليه ما ليس عليها، وبإباحة تعدد
الزوجات تصبح كل امرأة ربة بيت وأم أولاد شرعيين»
وعن كاتبة أخرى تقول : « لأن تشتغل بناتنا في
البيوت خوادم أو كالخوادم خير وأخف بلاء من اشتغالهن في المعامل، حيث تصبح البنت
ملوثة بأدران تذهب برونق حياتها إلى الأبد، ألا ليت بلادنا كبلاد المسلمين فيها
الحشمة والعفاف والطهارة حيث الخادمة والرقيق ينعمان بأرغد عيش، ويعاملان كما
يعامل أولاد البيت ولا تمس الأعراض بسوء. نعم إنه لعار على بلاد الإنجليز أن تجعل
بناتها مثلا للرذائل بكثرة مخالطة الرجال، فما بالنا لا نسعى وراءها بجعل البنت
تعمل بما يوافق فطرتها الطبيعية من القيام في البيت، وترك أعمال الرجال للرجال
سلامة لشرفها».
وهذا الفيلسوف الألماني الشهير «شوبنهور» يقول
: « إن قوانين الزواج في أوروبا فاسدة المبنى، بمساواتها المرأة بالرجل؛ فقد
جعلتنا نقتصر على زوجة واحدة فأفقدتنا نصف حقوقنا، وضاعفت علينا واجباتنا ... إلى
أن قال : ولا تعدم امرأة من الأمم التي تجيز تعدد الزوجات زوجا يتكفل بشئونها،
والمتزوجات عندنا قليل، وغيرهن لا يحصين عددًا، تَرَاهُن بغير كفيل : بين بكر من
الطبقات العليا قد شاخت وهي هائمة متحسرة، ومخلوقات ضعيفة من الطبقات السفلى،
يتجشمن الصعاب، ويتحملن مشاق الأعمال، وربما ابتذلن فيعشن تعيسات متلبسات بالخزي
والعار، ففي مدينة لندن وحدها ثمانون ألف بنت عمومية، سفك دم شرفهن على مذبح
الزواج، ضحية الاقتصار على زوجة واحدة، ونتيجة تعنت السيدة الأوروبية، وما تدعيه
لنفسها من الأباطيل، أما آن لنا أن نعد بعد ذلك تعدد الزوجات حقيقة لنوع النساء
بأسره».
وقالت «أني بيزانت» زعيمة التيصوفية العالمية
في كتابها «الأديان المنتشرة في الهند» : «ومتى وزنا الأمور بقسطاس العدل
المستقيم، ظهر لنا أن تعدد الزوجات الإسلامي ـ الذي يحفظ ويحمي ويغذي ويكسو النساء
ـ أرجح وزنًا من البغاء الغربي الذي يسمح بأن يتخذ الرجل امرأة لمحض إشباع شهواته،
ثم يقذف بها إلى الشارع متى قضى منها أوطاره». قال غوستاف لوبون : « إن نظام تعدد
الزوجات نظام حسن يرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تمارسه، ويزيد الأسر
ارتباطًا، ويمنح المرأة احترامًا وسعادة لا تجدهما في أوروبا ».
ما سبق يؤكد لنا أن نظام تعدد الزوجات أو إباحة
التزوج بأكثر من واحدة للظروف والأوضاع التي نص عليها الشرع الإسلامي ليس منقوضًا
عند كل المفكرين الغربيين، وقد رأينا شهادة المنصفين منهم. وفي الختام نؤكد أن
الإسلام أباح للرجل بأن يتزوج بأكثر من واحدة لكل هذه الفوائد التي ذكرناها وجاءت
تلك الإباحة مقيدة في القرآن قال تعالى : "وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا
فِى اليَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ
وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ"
[النساء :3] كما أشار سبحانه إلى صعوبة العدل بين النساء فقال تعالى : "وَلَن
تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ" [النساء
:129] .
ورأينا كذلك في السنة النبوية الغراء أن النبي لم
يأمر في حديث من أحاديثه من تزوج بواحدة أن يتزوج مرة أخرى، وإنما جاءت السنة بعكس
ذلك، وهي أن من تزوج بنساء كثيرات أن يطلق عنه حتى يبقى عددًا محصورًا كما ذكرنا
في حديث سالم عن أبيه أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال له
النبي : « اختر منهن أربعًا » وأرى أن الأمر قد اتضح، والشبهة قد زالت، وتبين
أن الزواج بأكثر من واحدة من خلال النظام التشريعي الإسلامي هو في الحقيقة تكريم
للمرأة؛ لأن الإنسان لابد أن تكون نظرته متكاملة؛ فالنظر للمرأة التي يتزوج الرجل
عليها وحده ليس إنصافًا، فإن الذي سوف يتزوجها الرجل هي امرأة كذلك، وكرمها الشرع
بأن سمح للرجل أن يتزوج منها لعلاج ما يعانيه المجتمع من مشكلات اجتماعية
واقتصادية. نسأل الله أن يبصرنا بأمور دنيانا وديننا، والله من وراء القصد.
ساوى الإسلام بين الرجل والمرأة في حق اختيار
كل منهما للآخر، ولم يجعل للوالدين سلطة الإجبار عليهما؛ فدور الوالدين في تزويج
أولادهما يتمثل في النصح والتوجيه والإرشاد، ولكن ليس لهما أن يجبرا أولادهما-
ذكورا وإناثا – على زواج لا يرضونه، بل الاختيار الأخير في هذا للأبناء.
فالزواج يعتبر من خصوصيات المرء، وإن إجبار أحد
الوالدين ابنته على الزواج بمن لا تريد محرم شرعًا؛ لأنه ظلم وتعدٍ على حقوق
الآخرين، فللمرأة في الإسلام حريتها الكاملة في قبول - أو رد - من يأتي لخطبتها،
ولا حق لأبيها أو وليها أن يجبرها على من لا تريد؛ لأن الحياة الزوجية لا يمكن أن
تقوم على القسر والإكراه، وهذا يتناقض مع ما جعله الله بين الزوجين من مودة ورحمة.
وهذا الحكم المستقر دلت عليه نصوص كثيرة من شرعنا الحنيف، ووقائع فعلية تبين
للعالم كله كيف تعامل الرحمة المهداة، إمام العالمين مع المرأة ووليها في تحد واضح
لكل نظم الجاهلية التي تظلم المرأة، وأثبت حقها في اختيار زوجها، وأبطل زواج من
حاول إجبارها حتى وإن كان ذلك الشخص هو الأب، ولا يخفى ما في ذلك من مخالفة لعادات
العرب وقتها، فكان ذلك امتحانًا لقلوب المؤمنين بأن يرضوا بالشرع الحنيف الذي يكرم
المرأة، ويحترم إرادتها واختيارها، ويتبرءوا من كل النظم التي تهين المرأة
وتحتقرها وتظلمها. فجاءت النصوص النبوية الشريفة في هذا الباب كلها تؤكد على هذا
الحق، ومن ذلك قول النبي : « لا تنكح
الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن » . قالوا : يا رسول الله وكيف إذنها
؟ قال : « أن تسكت ». كما كان ينصف من
تأتي تشكي إجبار أبيها لها على الزواج كما ثبت ذلك في سنته حيث روي : «أن جارية بكرا أتت النبي فذكرت له أن أباها زوجها وهى كارهة، فخيرها
النبي ».
ورُوي : «أن رجلا زوج ابنة له وهي كارهة؛ فأتت
رسول الله فقالت : إن، وذكرت كلمة معناها أبي زوجني رجلًا وأنا كارهة، وقد خطبني
ابن عم لي. فقال : لا نكاح له انكحي من شئت».
وعن خنساء بنت خذام قالت : « أنكحني أبي وأنا
كارهة وأنا بكر، فشكوت ذلك للنبي فقال : لا تنكحها وهي كارهة »، وروي أنه : «كانت
امرأة من الأنصار تحت رجل من الأنصار فقتل عنها يوم أحد وله منها ولد، فخطبها عم
ولدها ورجل إلى أبيها، فأنكح الرجل وترك عم ولدها، فأتت النبي فقالت : أنكحني أبي
رجلًا لا أريده، وترك عم ولدي، فيؤخذ مني ولدي، فدعا النبي أباها فقال : أنكحت فلانًا فلانة ؟ قال : نعم.
قال : أنت الذي لا نكاح لك. اذهبي فانكحي عم ولدك». ويقول ابن القيم عن حديث النبي
: « وسألته عائشة رضي الله عنها عن الجارية ينكحها أهلها، أتستأمر أم لا ؟ فقال :
نعم تستأمر. قالت عائشة رضي الله عنها : فإنها تستحي، فقال : فذاك إذنها إذا هي
سكتت » متفق عليه. وبهذه الفتوى نأخذ، وأنه لا بد من استئمار البكر، وقد صح عنه :«
الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأمر في نفسها، وإذنها صماتها. وفي لفظ :
والبكر يستأذنها أبوها في نفسها، وإذنها صماتها » وفي الصحيحين عنه : «لا تنكح
البكر حتى تستأذن قالوا : وكيف إذنها ؟ قال أن تسكت » . « وسألته جارية بكر، فقالت
: إن أباها زوجها وهي كارهة ، فخيرها النبي ؛ فقد أمر باستئذان البكر، ونهى عن
إنكاحها بدون إذنها ، وخير من نكحت ، ولم تستأذن » ، فكيف بالعدول عن ذلك كله
ومخالفته». واهتمام الإسلام بقضية الاختيار بين الزوجين هو في الحقيقة اهتمام
بالنواة الأساسية المكونة للأسرة، فبداية الأسرة برجل وامرأة اجتمعا على قدر كبير
من التفاهم، مما يؤثر في الأسرة عندما تكبر وتتعدد أطرافها، والأسرة هي اللبنة
الأساسية للمجتمع، وعلى هذا الأساس السليم تنشأ الحضارات وتعلو القيم.
ويشهد لأهمية المرأة في تكوين المجتمع المسلم
قول أمير الشعراء أحمد شوقي :
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق وكما أعطى الإسلام
المرأة الحق في اختيار زوجها أعطاها الخيار في البقاء معه أو فراقه عندما تسوء
العشرة بينهما ولا يمكن التوفيق والصلح ولهذا شرع الطلاق لمصلحة المرأة والرجل على
السواء.
فمن المفاهيم الشائعة عن الإسلام ونظامه في
الأسرة أن الرجل وحده هو الذي يملك حق إنهاء العلاقة الزوجية، وهو وحده صاحب قرار
الطلاق، وأن المرأة لا تملك هذا الحق، والحقيقة غير ذلك تمامًا.
فإن التشريع الإسلامي في نظامه الفريد أعطى
المرأة حق إنهاء العلاقة الزوجية كما أعطى للرجل ذلك، وجعل لإنهاء العلاقة الزوجية
من قبل المرأة عدة أشكال؛ فللمرأة الحق في أن تشترط على زوجها أن تكون العصمة
بيدها ـ بمعنى أن أمر الطلاق لها فتطلق نفسها وقت ما تشاء ـ وفي هذه الحالة تطلق
المرأة نفسها وتستحق جميع حقوقها، وكأن الزوج هو الذي طلقها، فلا ينقص من حقها
شيء، ولها كذلك أن تطلب التفريق بينها وبين زوجها للضرر، إذا لحقها منه ضرر بالغ
فيفرق بينهما القاضي، وتستحق كذلك جميع حقوقها دون أي نقصان، ولها كذلك أن تختلع
،وفي هذه الحالة فقط تنفصل المرأة عن الرجل، ولكنها تتنازل عن حقوقها لعدم وجود
سبب لإنهاء العلاقة الزوجية؛ فليس من العدل حينئذ تغريم الرجل بالمستحقات، وهو
متمسك بالعشرة بينهما. وقد دل على هذه صور تخيير المرأة في قرار الانفصال نصوص
كثيرة منها، ما روي عن ابن عباس : «أن زوج بريرة كان عبدًا يقال له مغيث : كأني
أنظر إليه يطوف خلفها يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي لعباس يا عباس ألا
تعجب من حب مغيث ببريرة ومن بغض بريرة مغيثا ؟ فقال النبي :«لو أرجعته ؟ قالت :
«يا رسول الله أتأمرني؟ قال: «إنما أنا أشفع» قالت : فلا حاجة لي فيه»، وذلك لما
علمت أن كلامه ليس أمرًا، وإنما هو مشورة تخيرت تركه، حيث كان من حقها تركه بعد أن
أصبحت حرة. وجاءت امرأة ثابت ابن قيس إلى النبي فقالت : «يا رسول الله، ما أنقم على
ثابث في دين ولا خلق إلا أني لا أحبه، فقال : فتردين عليه حديقته ؟ فقالت: نعم،
فردت عليه حديقته وأمره ففارقها ». هذا في إيضاح موجز لمسألة اختيار المرأة لزوجها
واحترام إرادتها إذا أرادت فراق زوجها.
وعليه فلا يجوز للأب أو لأي أحد من باب أولى أن
يجبر ابنه أو ابنته على الزواج بمن يكرهان، وللمرأة إنهاء العلاقة الزوجية
بالأشكال المذكورة والله تعالى أعلى وأعلم.
الصلاة عبادة شرعها الله بكيفيتها وهيئتها لم
يجتهد في رسمها أحد، وجعل الله لها شروط صحة، وجعل كون الإمام ذكرًا شرطًا لصحة
صلاة الجماعة، وليس حقًا للرجل، ولا انتقاصًا للمرأة، بل هذا أمر تعبدي في المقام
الأول.
واتفق المسلمون على تكريم المرأة، ورأوا أن
منعها من إمامة الرجال من باب التكريم لا من باب الإهانة والانتقاص، ومن أوامر
الإسلام لهذا الغرض أيضًا أن الله تعالى أمر النساء أن يقفن خلف صفوف الرجال؛ لأن
صلاة المسلمين قد اشتملت على السجود، فكان ذلك من قبيل قول العرب : «إنما أخرك
ليقدمك»، فتأخير النساء في صفوف الصلاة ليس نوعًا من أنواع الحط من كرامتهن، بل
ذلك إعلاء لشأنهن، ومراعاة للأدب العالي، وللحياء، وللتعاون بين المؤمنين ذكورًا
وإناثًا على الامتثال للأمر بغض البصر. وفي الحقيقة فإن مسألة «إمامة المرأة
للرجال في الصلاة» ينظر إليها من زاويتين؛ الزاوية الأولى : هي زاوية الواقع
العملي للمسلمين، وتطبيقهم الفعلي على مر العصور والدهور، والثانية: هي التراث
الفقهي، والواقع النظري المعتمد لديهم. أما عن الواقع العملي فقد رأينا المسلمين
شرقًا وغربًا سلفًا وخلفًا قد أجمعوا فعليا على عدم تولي المرأة للأذان، ولا
توليها لإمامة جماعات الصلاة، ولا توليها لإمامة الجمعة، فلم يعرف تاريخ المسلمين
خلال أربعة عشر قرنًا : أن امرأة خطبت الجمعة وأمت الرجال، حتى في بعض العصور التي
حكمتهم امرأة مثل «شجرة الدر» في مصر المملوكية، لم تكن تخطب الجمعة، أو تؤم
الرجال. وبخصوص الواقع النظري من خلال النظر في نصوص الشرع والتراث الفقهي
للمسلمين؛ فإننا نجد الفقهاء قد عرفوا الإمامة بأنها : ارتباط صلاة المصلي بمصل
آخر بشروط بينها الشرع. فالإمام لم يصر إمامًا إلا إذا ربط المقتدي صلاته بصلاته،
وهذا الارتباط هو حقيقة الإمامة، وهو غاية الاقتداء.
أما ما ورد في هذه المسألة من نصوص الشرع
الشريف فقد ورد حديثان؛ الأول : حديث ورقة بنت عبد الله بن الحارث : «أن النبي جعل
لها مؤذنًا يؤذن لها، وأمرها أن تَؤم أهل دارها»، والثاني : حديث جابر بن عبد الله
في روايته لخطبة من خطب النبي حيث قال خطبنا رسول الله ... إلى أن قال عنه : « ألا
لا تؤمن امرأة رجلا، ولا يؤم أعرابي مهاجرًا ولا يؤم فاجر مؤمنًا إلا أن يقهره
بسلطان يخاف سيفه وسوطه ».
وقد ضعف بعض الحفاظ الحديث الأول كالحافظ ابن
حجر العسقلاني حيث قال فيه: « في إسناده عبد الرحمن بن خلاد، وفيه جهالة »، أما
الحديث الثاني فقد ضعفه أكثر الحفاظ، فهو أضعف من الأول، وقد ذكر فيه الحافظ أن في
إسناده عبد الله بن محمد العدوي وقال : اتهمه وكيع بوضع الحديث، وشيخه علي بن زيد
بن جدعان ضعيف.
أما عن تراث المسلمين الفقهي في هذه المسألة ـ
وهو ما يمثل فهمًا صحيحًا للأصول العامة للشريعة خاصة إذا ما كان هناك إجماع عليه
ـ فقد أجمع أهل العلم من المذاهب الأربعة، بل المذاهب الثمانية، وفقهاء المدينة
السبعة على منع إمامة المرأة في صلاة الفريضة، وأن صلاة من صلى خلفها باطلة، وشذ
أبو ثور، والمزني، وابن جرير، إلى صحة صلاة الرجال وراء المرأة في الفرائض. ، وإلى
هذا القول الشاذ ذهب كذلك محيي الدين بن العربي من الظاهرية.
وأما في النوافل وصلاة التروايح فجمهور الأمة
كذلك على المنع، وخالف بعض الحنابلة وقالوا بجواز إمامة المرأة للرجال في النفل
والتراويح، ومن ذلك ما ذكره ابن مفلح عن إمامة المرأة في الصلاة، فقال : «تصح في
نفل، وعنه : في التراويح، وقيل : إن كانت أقرأ، وقيل : قارئة دونهم، وقيل : ذا
رحم، وقيل : أو عجوزا، وتقف خلفهم لأنه أستر، وعنه : تقتدي بهم في غير القراءة،
فينوي الإمامة أحدهم ، واختار الأكثر الصحة في الجملة، لخبر أم ورقة العام والخاص»
.
ولذا فنرى ونفتي بما أجمعت عليه الأمة سلفًا
وخلفًا، قولًا وعملًا؛ لقوة الأدلة، ولعمق النظر، وإنما نقلنا ذلك القول الشاذ من
التراث الفقهي؛ لأمانة العلم وليس لجعله هو المعمول به، والدعوة للعمل بهذا القول
الشاذ فيه اتهام للأمة سلفًا وخلفًا، ولا تجتمع أمة المسلمين على ضلالة أبدًا،
فالإجماع حجة، وبه ضبطت المسائل الفقهية الواردة في النصوص الشرعية.
والحكمة من إبعاد المرأة في «مسألة إمامة
الصلاة»؛ حتى تنسجم مع أمر الإسلام بالعفة والعفاف، وأمر غض البصر للمؤمنين
والمؤمنات على حد سواء، وأمر ستر العورة والمرأة، وعورتها في كل بدنها إلا الوجه
والكفين؛ ولذلك كله أمر الله النساء أن يقفن خلف صفوف الرجال؛ لأن صلاة المسلمين
قد اشتملت على السجود الذي به قد يتحدد جسد المرأة ويتكشف.
أمَّا ما يحدث في العالم الآن مما نراه ويراه
كل أحد، من الخلط بين مسألتي إمامة الجماعة ومسألة خطبة الجمعة، فالأخيرة لم يجزها
أحد، فهؤلاء المخلطون ممن ينتمون إلى مدرسة المنشقين، وهي تشتمل على تيارات عدة :
بعضها ينكر السنة والإجماع، وبعضها يتلاعب بدلالات الألفاظ في لغة العرب، وبعضها
يدعو إلى إباحة الشذوذ الجنسي، والزنا، والخمر، وإلى الإجهاض، وإلى تغيير أنصبة
الميراث، ونحو ذلك مما نراه يبرز كل قرن تقريبًا، ثم يخبو ويسير المسلمون في
طريقهم الذي أمرهم الله به حاملين رسالة سعادة الدارين للعالمين ؛ "فَأَمَّا
الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى
الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ" [الرعد :17] . ولعل هذا
العرض الموجز قد أوضح حكم الشرع في تلك المسألة والله تعالى أعلى وأعلم.
علينا أن نعلم أولًا أن قضية «ختان الإناث»
ليست قضية دينية تعبدية في أصلها، وإنما هي قضية طبية عادية ـ أي من قبيل موروث
العادات والاعتماد على أقوال الأطباء ونصائحهم ـ وانتشرت هذه العادة بين دول حوض
النيل قديما، فكان المصريون القدماء يختنون الإناث وغيرهم من الشعوب حوض النيل،
وقد انتقلت هذه العادة إلى بعض العرب، كما كان في المدينة المنورة، أما في مكة فلم
تكن هذه العادة منتشرة؛ ولذلك عندما ذهب النبي إلى المدينة ووجد أن العادة هناك
مستقرة عندهم نصح من تختن الإناث بألا تنهك في الختان كما في حديث أم عطية : « أن
امرأة كانت تختن بالمدينة فقال لها النبي : لا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب إلى
البعل».
والختان كما يصفه الأطباء في عصرنا الحديث على
أربعة مراحل؛ الأول منها : هو نوع من أنواع عمليات التجميل التي ينصح بها الأطباء
عند الحاجة إليها، وهذا هو الختان في مفهوم المسلمين، أما المراحل الأخرى وإن
اشتهر أن اسمها ختان عند الأطباء إلا أنها في حقيقتها تعد عدوانا في مفهوم الشرع
الشريف؛ لما فيه من التجني على عضو هو من أكثر الأعضاء حساسية، حتى إن هذا العدوان
يستوجب العقوبة والدية الكاملة (كدية النفس) إذا أدى إلى إفساده، كما مقرر في
أحكام الشريعة الغراء. وعلى الرغم من ذلك،فم يرد عن النبي أنه ختن بناته، وترك
النبي ختان بناته مع انتشاره في المدينة، وهو أسوتنا يبين المسلك القويم في تلك
القضية؛ كما إنه لم يرد نص شرعي صحيح صريح يأمر المسلمين بأن يختنوا بناتهم حتى
بمفهوم المرحلة الأولى التي ينصح بها الأطباء في بعض الحالات، فكان استمرار تلك
العادة من باب المباح عند عدم ظهور الأضرار، أما مع ظهور تلك الأضرار البالغة التي
قد تصل إلى الموت بما قرره أهل الطب في المراحل الثلاثة الأخرى فيكون منعه حينئذ
واجبًا، وحدوث تلك الأضرار قد تكون لاختلاف الزمان والغذاء والهواء، أو لغير ذلك
من الأسباب، وقد تعامل المسلمون مع هذا الواقع الجديد بمنتهى الفهم الحضاري في
نظامهم القانوني والأخلاقي.
وبإلقاء نظرة إلى ذلك التطور القانوني
والتشريعي في مصر مثلًا عن هذه القضية نجد أن أوّل نص صدر في مصر حول ختان الإناث
هو القرار الوزاري رقم 74 لعام 1959. ويتضمّن هذا القرار في مادته الأولى كشفًا
بأسماء لجنة مكوّنة من 15 عضوًا من رجال الدين المسلمين والطب من بينهم وكيل وزارة
الصحّة مصطفى عبد الخالق، ومفتي الديار المصريّة حسن مأمون، ومفتي الديار المصريّة
سابقًا حسنين محمّد مخلوف. وقد جاء في المادّة الثانية أن تلك اللجنة قد قرّرت ما
يلي :
- أن يحرّم بتاتًا على غير الأطبّاء القيام
بعمليّة الختان وأن يكون الختان جزئيًّا لا كليًّا لمن أراد.
- منع عمليّة الختان بوحدات وزارة الصحّة
لأسباب صحّية واجتماعيّة ونفسيّة.
- غير مصرّح للدايات المرخّصات بالقيام بأي عمل
جراحي، ومنها ختان الإناث.
- الختان بالطريقة المتّبعة الآن له ضرر صحّي
ونفسي على الإناث سواء قَبل الزواج أو بعده.
وعندما كثرت حالات الختان وتسببت في تلك
الأضرار البالغة بصحة الإناث؛ أصدر وزير الصحة المصري قرارًا وزاريًا بتاريخ
8/7/1996 القرار رقم 261 لسنة 1996 الذي يقول: «يحظر إجراء عمليّات الختان للإناث،
سواء بالمستشفيات، أو العيادات العامّة، أو الخاصّة، ولا يسمح بإجرائها إلاّ في
الحالات المرضيّة فقط والتي يقرّها رئيس قسم أمراض النساء والولادة بالمستشفى
وبناء على اقتراح الطبيب المعالج».
ولقد ظن بعض المسلمين ممن لم تتسع آفاقهم أن
هذا القرار يعد مخالفة للشريعة الإسلامية، وبالتالي فيعتبر مخالفًا للدستور
المصري، فقاموا برفع دعوى قضائية لدى المحكمة القضاء الإداري، وذكرت المحكمة في
حيثيات حكمها ما نصه : « وخلصت محكمة القضاء الإداري إلى أن المستفاد من استعراض
الآراء الفقهيّة المتقدّمة : أن الشريعة الإسلاميّة لم تتضمّن حُكمًا فاصلاً أو
نصًّا قطعيًّا يوجب ختان الإناث أو يحظره، ومن ثم فإن الأحكام التي وردت في هذا
الشأن كلّها ظنّية، وحيث إن الطب لم يُجمع أيضًا على رأي واحد. وإنّما ذهب البعض
إلى أن ختان الإناث يحقّق مصلحة طبّية بينما ذهب البعض الآخر إلى أنه يلحق بهن أشد
الأضرار النفسيّة والطبّية، وحيث إن لولي الأمر أن ينظّم الأمور التي لم يرد فيها
نص شرعي قطعي في كتاب الله أو سُنّة رسوله ولم يرد فيها إجماع، وكذلك المسائل
الخلافيّة التي لم يستقر فيها الفقه على رأي واحد.
وبصفة عامّة جميع المسائل التي يجوز فيها
الاجتهاد، وأن مسلك ولي الأمر في ذلك ليس مطلقاً، وإنّما يجب أن يكون مستهدفًا
بتنظيمه تلك المسائل تحقيق مصلحة عامّة للناس أو رفع ضرر عنهم بما لا يناهض نصًّا
شرعيًّا ولا يعاند حُكمًا قطعيًّا ». وجاء قرار محكمة القضاء الإداري سنة 1997
بأنه : لا يمكن اعتبار قرار الوزير مخالفاً للدستور. و«طالما أن الختان عمل جراحي
خلت أحكام الشريعة الإسلاميّة من حُكم يوجبه، فالأصل ألاّ يتم بغير قصد العلاج».
«فالجراحة أيّاً كانت طبيعتها وجسامتها التي تجرى دون توافر سبب الإباحة بشروطه كاملة
تعتبر فعلًا محرّمًا شرعًا وقانونًا التزامًا بالأصل العام الذي يقوم عليه حق
الإنسان في سلامة جسمه، وتجريم كل فعل لم يبحه المشرّع يؤدّي إلى المساس بهذه
السلامة».
هذا بالنسبة لمصر، أما في أغلب الدول الإسلامية
الأخرى فهي لا تختن النساء، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية مثلًا، ولعل
هذا الرد الموجز على تلك الشبهة قد أزال اللبس، وصحح الفهم في تلك القضية التي
تستخدم للدعاية أكثر ما تستخدم للإنصاف، وعلى كل حال فإن النبي لم يختن بناته
الكرام عليهن السلا
لم يعرف المسلمون في تاريخهم قضية اسمها «قضية
المرأة» لا من ناحية عملها ولا من ناحية مشاركتها السياسية ولا من أي ناحية، سواء
أكان ذلك في شدة مجد الأمة الإسلامية، أم في أزمنة ضعفها؛ وعندما نقل الغرب أمراضه
ومعاناته على البشر جميعاً -بمن فيهم المسلمين-، ظهر ما يسمى بـ « قضية المرأة»، حيث
لا قضية، ونودي بتحريرها ـ وهي أصلا محررة ـ في معظم مجتمعات المسلمين، وأرادوا أن
ينقلوا المفاهيم الغربية الحديثة التي كانت رد فعلا لعصور الظلام التي عاشتها
أوروبا إلينا، ويحاكمونا على أساسها، وأرادوا فرض المفهوم العلماني الغربي
للتحرير. هناك إجماع بين علماء الأصول والتفسير والفقه والحديث على أن خطاب
التكليف يستوي فيه الرجال والنساء، بل قالوا بأن النصوص الشرعية التي يوجه فيها
الخطاب للرجال هي في ذات الوقت موجهة للنساء ايضاً، في كل الأحكام والتكاليف
والعظات، ما لم يأت ما يقيد الخطاب مما يتعلق بالخصائص التكوينية للرجال أو
للنساء، ومما لم يصرح به الخطاب بأنه خاص بالرجال دون النساء أو العكس.
ولعل أم سلمة رضي الله تعد مثالاً واضحاً لهذا
الفهم، فعن عبد الله بن رافع قال كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت النبي يقول على
المنبر وهي تمتشط: «أيها الناس» فقالت للجارية : استأخري عني. قالت : إنما دعا
الرجال ولم يدع النساء. فقالت : إني من الناس.» .
وبالنسبة للقانون المصري ـ مثالاً لقانون إحدى
الدول الإسلامية ـ تعتبر الحقوق السياسية فيه هي تلك الحقوق التي يقرها القانون،
ويعترف بها للشخص على أساس الانتماء الوطني. ويربط المشرع غالبا بين التمتع بهذه
الحقوق، وشرط الجنسية. بمعنى أن هذه الحقوق لا تقرر إلا للوطني دون الأجنبي. ومثال
ذلك نص المادة الأولى من قانون مباشرة الحقوق السياسية في مصر رقم 73 لسنة 1957
والتي تنص على : «أن كل مصري وكل مصرية بلغ ثماني عشرة سنة ميلادية يباشر بنفسه
الحقوق السياسية» كما تنص المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب رقم 38 لسنة 1972
المعدة بالقانون رقم 109 لسنة 1976 والمادة السادسة من قانون مجلس الشورى رقم 120
لسنة 1980 والمادة 75 من قانون الحكم المحلي 43 لسنة 1979 على «أن يشترط للترشيخ
أو للتعين في هذه المجالس أن يكون الشخص متمتعا بالجنسية المصرية» كما ينص الدستور
الحالي في مادته الخامسة والسبعين على «أنه يشترط فيمن ينتخب رئيساً للجمهورية أن
يكون جنسية والديه مصرية».
ويمكن إجمال مظاهر الحقوق السياسية للمجتمع
المسلم عامة فيما يلي :
1) اختيار الحاكم والرضا به وهو ما كان يعبر
عنه في التراث الفقهي «بالبيعة».
2) المشاركة العامة في القضايا التي تخص عامة
الأمة، وهو مبدأ الشورى الذي حث عليه الإسلام.
3) تولي المناصب السياسية في الحكومة أو مؤسسات
الدولة.
4) نصح الحاكم وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر.
فلم يفرق الإسلام بين الرجل والمرأة في كل هذه
الحقوق المذكورة وبيان ذلك ما يلي : أولا : اختيار الحاكم والرضا به وهو ما كان
يعبر عنه في التراث الفقهي «بالبيعة» : ذكر الله البيعة عامة دون تخصيص الرجال
والنساء في أكثر من موضع فقال تعالى : "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ
إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ" [الفتح :10]
، كما ذكر الله أمر النساء في البيعة فقال تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ
إِذَا جَاءَكَ المُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ
شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلاَ
يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ
يَعْصِينَكَ فِى مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ
اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [الممتحنة :12] ، فأثبت القرآن الكريم حق المرأة
في مبايعة الحكم كالرجال تماماً، واعتبار صوتها بصوت الرجل دون تمييز بينهما.
ثانيا : المشاركة العامة في القضايا التي تخص
عامة الأمة، وهو مبدأ الشورى.
وقد حث الإسلام على مبدأ الشورى بين الحاكم
والرعية، ولم يفرق بين الرجل والمرأة في ذلك، وقد أرشد إليها ربنا في القرآن
الكريم في أكثر من موضع، فقال تعالى في ذكر محاسن المسلمين : "وَالَّذِينَ
اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ" [الشورى :38] ، وقال تعالى في أمره لنبيه
والذي يمثل ولي أمر المسلمين وقتها :"فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ
وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ يُحِبُّ المُتَوَكِّلِينَ" [آل عمران :159] .
واستشار النبي زوجته أم سلمة رضي الله عنه في
موقف عصيب، في صلح الحديبية بعدما كتب معاهدة الصلح مع المشركين، وبعدها أمر
المسلمين بأن يقوموا ينحروا هديهم ويحلقوا فإنهم لا يذهبوا إلى مكة في هذا العام
فلم يقم منهم أحد، فيروى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك فيقول : «فلما فرغ من
قضية الكتاب قال رسول الله لأصحابه : قوموا فانحروا ثم احلقوا. قال : فوالله ما
قام منهم رجل. حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة رضي
الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس. قالت له أم سلمة رضي الله عنها : يا نبي الله
أتحب ذلك اخرج ثم لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعوا حالقك فيحلقك، فخرج
النبي فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك
قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا» وفي عصرنا الحديث لم يعترض علماء الإسلام على
ترشيح المرأة في المجالس النيابية، وتمثيل فئة عريضة من الشعب والمشاركة في سن
القوانين التنظيمية، ولقد أصدرت دار الإفتاء المصرية الفتوى رقم 852 لسنة 1997 عن
حكم جواز أن تكون المرأة عضوا بمجلس النواب أو الشعب خلصت فيها بأنه : لا مانع
شرعا من أن تكون المرأة عضوا بالمجالس النيابية والشعبية إذا رضى الناس أن تكون
نائبة عنهم تمثلهم فى تلك المجالس وتكون مواصفات هذه المجالس تتفق وطبيعتها التي
ميزها الله بها وأن تكون فيها ملتزمة بحدود الله وشرعه كما بين الله وأمر فى شريعة
الإسلام.
ثالثا : تولي المناصب المهمة في الحكومة
ومؤسسات الدولة :
جاءت آثار في تولي المرأة السلطة التنفيذية، أو
الشرطة، أو ما تسمى في التراث الفقهي الإسلامي «الحسبة»، وكان ذلك في القرن الأول،
وعلى خلفية هذه الآثار أجاز بعض علماء المسلمين تولي المرأة هذا المنصب القيادي
الحساس في الدولة الإسلامية، حيث جاء في الموسوعة الفقهية ما نصه : «وأجاز توليتها
آخرون لما ثبت من أن سمراء بنت شهيك الأسدية كانت تمر في الأسواق تأمر بالمعروف
وتنهى عن المنكر، وتنهى الناس عن ذلك بسوط معها »
وخبر سمراء رواه أبو بلج يحيى بن أبي سليم قال
: «رأيت سمراء بنت نهيك وكانت قد أدركت النبي عليها درع غليظ وخمار غليظ بيدها سوط
تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ».
كما يجوز للمرأة أن تتولى القضاء على قول بعض
أهل العلم من علماء المسلمين المعتبرين، فقد ذهب أبو حنيفة وأصحابه : يجوز أن تلي
النساء القضاء فيما يجوز أن تقبل شهادتهن فيه وحدهن أو مع الرجال ؛ لأن في الشهادة
معنى الولاية، وقد ذكر ابن حجر ذلك فقال : « والمنع من أن تلي الإمارة والقضاء قول
الجمهور وأجازه الطبري ، وهي رواية عن مالك ، وعن أبي حنيفة تلي الحكم فيما تجوز
فيه شهادة النساء.» .
فما مر يبين وضع تولي المرأة مناصب مهمة في
الحكومة في الواقع الفعلي للمسلمين، وفي التراث الفقهي لهم، أما في عصرنا هذا
فتشارك المرأة الرجل ـ في أغلب الدول الإسلامية والعربية ـ في جميع وظائف الدولة
والحياة السياسية والعلمية، فالمرأة سفيرة ووزيرة وأستاذة جامعية وقاضية منذ سنوات
عديدة، وهي تتساوى مع الرجل من ناحية الأجر والمسمى الوظيفي لكل تلك الوظائف.
رابعا : نصح الحاكم وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر :
بدأ نصح النساء لولي الأمر وقول الحق عنده
مبكراً، في القرن الأول في تلك القرون الخيرة ففي خلافة عمر رضي الله عنه يروي لنا
قتادة ذلك فيقول : « خرج عمر من المسجد ومعه الجارود العبدي، فإذا بامرأة برزت على
ظهر، فسلم عليها عمر فردت عليه السلام، وقالت : هيهات يا عمر عهدتك وأنت تسمى
عميرا في سوق عكاظ ترعى الضأن بعصاك، فلم تذهب الأيام حتى سميت عمر ثم لم تذهب
الأيام حتى سميت أمير المؤمنين، فاتق الله في الرعية واعلم أنه من خاف الوعيد قرب
عليه البعيد ومن خاف الموت خشى عليه الفوت».
وعن أبي نوفل قال:...دخل الحجاج ابن يوسف
الثقفي بعد مقتل عبد الله بن الزبير على أسماء بنت أبي بكر فقال: «كيف رأيتني صنعت
بعدو الله؟ قالت:رأيتك أفسدت عليه دنياه وأفسد عليك آخرتك أما إن رسول الله حدثنا
أن في ثقيف كذابا ومبيرا ،فأما الكذاب فرأيناه و أما المبير فلا أخالك إلا إياه.
قال : فقام عنها ولم يراجعها ». هذه نماذج قليلة والتاريخ الإسلامي ممتلئ بالكثير
من الصور كهذه، أما الآن فالمرأة يتاح لها هذا الحق كالرجل من خلال القنوات
المشروعة، كالصحافة، أو عضوية مجلس الشعب، أو غيره من القنوات المشروعة لنصح
الحكومة وإنكار الأخطاء في تصرفاتها وإقرار الصواب فيها.
ولعلنا في تلك العناصر الأربعة نكون قد أوضحنا
في إيجاز غير مخل حقوق المرأة السياسية وأن متساوية مع الرجل فيها، والله ولي
التوفيق.
ورد ضرب النساء في القرآن في موضع واحد في قوله
تعالى : "وَاللاَّتِى تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ
فِى المَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ" [النساء :34] ، والنشوز هو مخالفة اجتماعية
وأخلاقية، حيث تمتنع المرأة عن أداء واجباتها، وتلك الواجبات هي حقوق الزوج، كما
أن واجبات الزوج تعتبر حقوقًا للزوجة.
وفي تلك المخالفة الاجتماعية والأخلاقية أرشد
الله الرجال لتقويم نسائهن بالوعظ، وهو لين الكلام وتذكيرها بالله وحقه الذي طلبه
الله منها، ثم أباح له أن يهجرها في الفراش في محاولة منه للضغط عليها للقيام
بواجباتها، وأباح الله له إظهار عدم رضاه وغضبه بأن يضربها ضربة خفيفة لا تترك
أثرًا، وكأنه يقول لها : «إني غاضب» ولم يلزم الرجل بذلك، ولكنه أباح تلك الضربة
الخفيفة في هذه الحالة، وأمر كل الفقهاء أن يُبتعد عن الضرب قدر الإمكان ويحاول
إظهار غضبه بأي شكل آخر.
كما أن الرجل يُضرب ويُؤدب كذلك إذا أخطأ في حق
المرأة، ولنضرب مثالاً يضرب فيه الرجل لأنه أخطأ في أداء وظيفته مع المرأة، فإذا
قام الرجل بإزالة بكارة زوجته بأصبعه فقد قال الفقهاء : «وإزالة البكارة بالأصبع
حرام، ويؤدب الزوج عليه». وعندما ضرب كثير من الرجال نساءهم في زمن النبي ذهبن
للشكوى إلى رسول الله ، فعنف النبي أصحابه، وغضب منهم، وقال لهم : « لقد طاف بآل
محمد نساء كثير يشكون أزواجهن ليس أولئك بخياركم ».
فسنة النبي التي نحث المسلمين عليها، هي عدم
الضرب، فلم يضرب النبي نساءه قط؛ وإنما أبيح الضرب بالسواك (كفرشة الأسنان)؛ ليظهر
لها غضبه، وعدم الرضى بإصرارها على ترك واجباتها، وفي بعض البيئات الثقافية التي
تحتاج المرأة إلى ذلك وتراه بنفسها دلالة على رجولة زوجها، وهذه البيئات الثقافية
لا يعرفها الغرب، ولم يطلع عليها، ولكن القرآن جاء لكل البشر، ولكل زمان ومكان،
ولكل الأشخاص إلى يوم الدين، فشملت خصائصه كل أنواع البيئات والثقافات المختلفة
التي إذا لم تراع أدى إلى اختلال ميزان الاستقرار في الأسرة، وهدد بفشلها
وانهيارها، فكان هذا للتقويم والإصلاح.
ونحن الآن لسنا بصدد قضية نظرية بقدر ما هي
واقعية، فلو كانت المصادر التشريعية للمسلمين تحثهم وتدعوهم لضرب النساء وظلمهن
لظهر ذلك في واقعهم، وإن كانت المصادر التشريعية تحثهم للرحمة والمودة لظهر ذلك
أيضا يقول الله تعالى : "وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ
رَبِّهِ وَالَّذِى خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا" [الأعراف :58] ،
ودعونا نتذكر قول المسيح عليه السلام حينما يقول : « من ثمارهم تعرفهم، هل تجني من
الشوك عنبًا، أم من العوسج تينًا »، إذا وقفنا عند قضية «ضرب النساء بالسواك
إظهارًا لعدم الرضا»، فلننظر في المجتمعات الإسلامية مدى وجود شكوى العنف ضد
النساء، أو التعذيب ضدهن أو ضربهن، فلو وجدنا ذلك لوجدناه في حالات معدودة وقليلة
ناتجة عن عدم التزام تلك الحالات بتعاليم دينهم الحنيف. فأغلب الرجال في المجتمعات
الإسلامية لا يمارسون العنف والضرب والتعذيب ضد النساء، ويصون الرجال النساء في
تلك المجتمعات ويحافظون عليهن.
وفي المقابل إذا أردنا أن نقرأ واقع الغرب وضرب
النساء الظالم الشائع فيه نجد الإحصائيات الموثقة من المصادر الغربية نفسها تشهد
بما يلي :
* 79% من الرجال في أمريكا يضربون زوجاتهم
ضربًا يؤدي إلى عاهة.
* 17% منهن تستدعي حالاتهن الدخول للعناية
المركزة...والذي كتب ذلك هو الدكتور (جون بيريه) أستاذ مساعد في مادة علم النفس في
جامعة (كارولينا).
* حسب تقرير الوكالة المركزية الأمريكية للفحص
والتحقيق FPT هناك زوجة يضربها زوجها كل 18 ثانية في أمريكا. * كتبت صحيفة
أمريكية أن امرأة من كل 10 نساء يضربها زوجها، فعقبت عليها صحيفة Family Relation إن امرأة من كل امرأتين يضربها زوجها وتتعرض للظلم والعدوان
* أما في فرنسا فهناك مليونا امرأة معرضة للضرب
سنويًا...أمينة سر الدولة لحقوق المرأة (ميشيل اندريه) قالت : حتى الحيوانات تعامل
أحيانًا أفضل من النساء، فلو أن رجلًا ضرب كلبًا في الشارع سيتقدم شخص ما يشكو
لجمعية الرفق بالحيوان، لكن لو ضرب رجل زوجته في الشارع فلن يتحرك أحد في فرنسا.
* 92% من عمليات الضرب تقع في المدن، و 60% من
الشكاوى الليلية التي تتلاقاها شرطة النجدة في باريس هي استغاثة من نساء يسيء
أزواجهن معاملتهن.
* في بريطانيا يفيد تقرير أن 77% من الأزواج
يضربون زوجاتهن دون أن يكون هناك سبب لذلك.
* وفي بريطانيا فإن أكثر من 50% من القتيلات كن
ضحايا الزوج أو الشريك. وارتفع العنف في البيت بنسبة 46% خلال عام واحد إلى نهاية
آذار 1992، كما وجد أن 25% من النساء يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن أو شركائهن.
وتتلقى الشرطة البريطانية 100 ألف مكالمة سنويًا لتبلغ شكاوى اعتداء على زوجات أو
شريكات، ويستفاد من التقرير نفسه أن امرأة ذكرت أن زوجها ضربها ثلاث سنوات ونصف
سنة منذ بداية زواجها، وقالت: لو قلت له شيئًا إثر ضربي لعاد ثانية لذا أبقى
صامتة، وهو لا يكتفي بنوع واحد من الضرب بل يمارس جميع أنواع الضرب من اللطمات
واللكمات، والركلات، والرفسات، وضرب الرأس بعرض الحائط ولا يبالي إن وقعت ضرباته
في مواقع حساسة من الجسد. وأحيانًا قد يصل الأمر ببعضهم إلى حد إطفاء السجائر على
جسدها، أو تكبيلها بالسلاسل والأغلال ثم إغلاق الباب عليها وتركها على هذه الحال
ساعات طويلة. إن مفهوم الضرب بهذه الصفة لا شك أنه مصيبة يجب على جميع البشر
الوقوف ضدها، وفقهاء المسلمين يقفون ضد هذا الضرب، والنبي يبين أن العلاقة بين
الرجل والمرأة تقوم على المودة والرحمة وهذا يتنافى مع الضرب والإيذاء؛ ولذلك
يستنكر النبي ذلك استنكارًا شديدًا فيقول : « أيضرب أحدكم امرأته كما يُضرب العبد
ثم يجامعها في آخر اليوم ؟ »، فذلك الرد على من زعم أن الإسلام أهان المرأة بإباحة
الرجل ضربه
المرأة المسلمة
في الواقع التاريخي
*
نساء حاكمات
لا نقصد بحكم النساء للبلاد أن يكن لهن التأثير
والنفوذ وتسيير الأمور عن طريق زوجها الحاكم أو ابنها أو سيدها، فهذا الشكل لا يحصى
وقد كثر في الدولة العباسية خاصة بشكل كبير بداية من الخزيران بنت عطاء زوجة
المهدي العباسي وأم بنيه الهادي وهارون وقد توفيت سنة 173 هـ؛ مروراً بقبيحة أم
المعتز بالله (ت 264)، وفاطمة القهرمانة (ت 299)، وأم موسى الهاشمية قهرمانة دار
المقتدر بالله، وأم المقتدر بالله شغب (ت 321) ...... وغيرهن الكثير مما لا يحصى
ولا يعد، إنما نعني من حكمن البلاد وبعض الأقطار الإسلامية بطريقة مباشرة وواضحة.
فلقد حكم النساء بعض الأقطار الإسلامية في
أزمنة مختلفة ، وإن كانت لم تلقب امرأة في الإسلام باللقب «الخليفة»، ولكنها لقبت
بألقاب دون ذلك منها : السلطانة، والملكة، والحرة وخاتون. ويذكر التاريخ الإسلامي
أن هناك أكثر من خمسين امرأة حكمن الأقطار الإسلامية على مر التاريخ بداية من ست
الملك إحدى ملكات الفاطميين بمصر، والتي حكمت في بداية القرن الخامس الهجري؛
مروراً بالملكة أسماء والملكة أروى اللتين حكمتا صنعاء في نهاية القرن الخامس
الهجري، وزينب النفزاوية في الأندلس، والسلطانة رضية التي تولت الحكم بدلهي في
منتصف القرن السابع الهجري، وشجرة الدر التي تولت حكم مصر في القرن السابع كذلك،
وعائشة الحرة في الأندلس، وست العرب، وست العجم، وست الوزراء، والشريفة الفاطمية،
والغالية الوهابية، والخاتون ختلع تاركان، والخاتون بادشاه، وغزالة الشبيبة،
وغيرهن كثير. وحتى لا نطيل ثم نتخير نماذج من النساء اللاتي حكمن البلاد، نتكلم
عنهن بشكل أكثر تفصيلاً، ولنبدأ بست الملك:
1- ست الملك ملكة الفاطميين :
إحدى ملكات الفاطميين بمصر ست الملك (ولدت سنة
359هـ )، وقد استحوذت على السلطة بعد أن نظمت عملية (اختفاء) أخيها الحاكم بأمر
الله، الخليفة الفاطمي السادس سنة 411هـ ، ويذكر أنه قتله قال الذهبي : « وتحالفت
مع الأمير ابن دواس فذهبت إليه سرا فقبل قدمها، فقالت : جئت في أمر أحرس نفسي
ونفسك قال أنا مملوكك قالت أنت ونحن على خطر من هذا وقد هتك الناموس الذي قرره
آباؤنا وزاد به جنونه وعمل ما لا يصبر عليه مسلم وأنا خائفة أن يقتل فنقتل وتنقضي
هذه الدولة أقبح انقضاء قال صدقت فما الرأي قالت تحلف لي وأحلف لك على الكتمان
فتعاقدا على قتله ». وكانت لها دوافعها إلى ذلك؛ إذ أن تجاوزات أخيها فاقت الحد،
فبعد أن كان يسلط قهره على الضعاف والكلاب التي قرر القضاء عليها، والنساء اللائي
منعهن من الخروج، فحرق القاهرة ومنع سكانها من العمل في النهار وأمرهم بالعمل في
الليل حتى يخرج بموكبه إلى الشوارع ليلاً فيراها تضج بالحركة، استفاق ذات يوم
ليعلن ألوهيته ويطالب جماهير القاهرة وضمنهم ست الملك بعبادته. 2- الملكة أروى
ملكة صنعاء :
هي أروى بنت أحمد بن جعفر الصليحية ملكة حازمة
مدبرة يمانية، ولدت في حراز باليمن عام 440 هـ، ونشأت في حجر أسماء بنت شهاب
الصليحية، وتزوجها ابنها.
وقد لعبت دوراً كبيراً في نشر المذهب الفاطمي
في آسيا، وبصورة خاصة في بومباي بالهند، عن طريق الدعاة الفاطميين الذين انطلقوا
من اليمن في فترة حكمها.
فبعد وفاة الملكة أسماء (1087م/480هـ) عهد
ابنها الملك المشلول إدارة البلاد رسمياً إلى زوجته أروى، التي استطاعت تأمين
استمرار السلطة بأيدي الصليحيين في اليمن، . وبعد استتباب الأمن والاستقرار، قررت
الانتقام من سعيد الزبيدي قاتل عمها، فنقلت عاصمتها إلى جبالة المحصنة بالجبال،
وأخذت تضيق الخناق على سعيد الزبيدي. وبعد أن تحالفت مع البلدان الأخرى استطاعت سحق
جيش سعيد وقتله وأخذ زوجته أسيرة.
وقامت بتدبير المملكة والحروب إلى أن مات
المكرم سنة 484 هـ، وخلفه ابن عمه سبأ بن أحمد، فاستمرت في الحكم ترفع إليها
الرقاع ويجتمع عندها الوزراء، وتحكم من وراء حجاب، وكان يدعى لها على منابر اليمن،
فيخطب أولا للمستنصر، ثم للصليحي، ثم للحرة، ومات سبأ سنة 492 هـ وضعف ملك
الصليحيين، فتحصنت بذي جبلة واستولت على ما حوله من الأعمال والحصون، وأقامت لها
وزراء وعمالا، وامتدت أيامها بعد ذلك أربعين سنة، توفيت سنة 532 هـ بذي جبلة ودفنت
في جامعها ولها مآثر وسبل وأوقاف كثيرة، وهي آخر ملوك الصليحيين.
3- تركان خاتون :
هي تركان خاتون بنت خاجنكش زوجة السلطان تكش بن
آيل رسلان، كانت ذا مهابة ورأي، تحكمت في البلاد سنة 628 وكانت إذا رفعت إليها
المظالم تحكم فيها بالعدل والإحسان، وتنتصف للمظلومة من الظالم، ولم تبال من أن
تقتص منه بالقتل، ولها خيرات ومسبلات ومبرات في أنحاء بلادها، وكان لها من كتاب
الإنشاء سبعة من مشاهير الفضلاء وسادات الأكابر، وإذا ورد عنها وعن السلطان
توقيعان مختلفان في قضية واحدة لم تنظر إلى في التاريخ فيعمل بالتوقيع الأخير
بكافة الأقاليم، وكان توقيعها « عصمة الدنيا والدين الغ تركان ملكة نساء العالمين»
وعلامتها «اعتصمت بالله واحده»، وكانت تكتبها بقلم غليظ وتجود الكتابة فيها بحيث
يعسر أن تزور علامتها.
4- رضية بنت التمش سلطانة الهند :
رضية الدنيا والدين تتحدر السلطانة رضية من
أسرة تركية من المماليك. تولت السلطة في دلهي عام (1236م الموافق 634هـ) بعد وفاة
والدها السلطان إيلتوتمش خان، وهو أحد القادة العسكريين الذين أرسوا دعائم الدولة
الإسلامية في الهند. كان والدها السلطان قد اختارها بدل أخويها؛ لذكائها وقوتها
ومواهبها في إدارة شؤون البلاد، وعدم قدرة أخويها، وكان أول قرار ملكي أصدرته، سك
النقود باسمها واختيار لقب لها هو (رضية الدنيا والدين). وعندما حاول أمراء
الحاشية والجيش إبعادها عن العرش، مترافقاً مع قيام أخيها الأكبر بقتل أخيها
الأصغر، باءت محاولاتهم بالفشل حيث اعتمدت على الشعب الذي ثار ضد أخيها وأمرت
بقتله.
فهي ملكة من ملوك الهند كانت ذات سلطة ونفوذ
وإدارة، استقلت بالحكم أربع سنين، وقتلت في 25 ربيع أول سنة 637 وقبرها على شاطئ
نهر جمن بالقرب من دلهي.
5- شجرة الدر ملكة مصر والشام :
وهي من شهيرات الملكات في الإسلام، ذات إدارة
وحزم وعقل ودهاءن وبر وإحسان، ملكها الملك الصالح في أيام والده، واستولدها ولده
خليل ثم تزوجها، وصحبته ببلاد الشرق ثم قدمت معه إلى البلاد المصرية، فعظم أمرها
في الدولة الصالحية، وصار إليها غالب التدبير في أيام زوجها ثم في مرضه، وكانت
تكتب خط يشبه خط الملك الصالح فتعلم على التواقيع، ولقد باشرت الحكم، وأخذت توقع
عن السلطان مراسيم الدولة إلى أن وصل تورانشاه إلى المنصورة، فأرسل إليها يهددها
ويطالبها بالأموال، فعملت على قتله فقتل في 7 محرم 648، ولما قتل وقع الاتفاق على
تولية شجرة الدر السلطنة فتولتها، وقبل لها الأمراء الأرض من وراء الحجاب، فكانت
تاسع من تولى السلطنة بمصر من جماعة أيوب وكان ذلك في 2 صفر سنة 648، وجعلوا عز
الدين أيبك الصالحي التركماني أتابك عسكرها، وساست الرعية أحسن سياسة، فرضي الناس
عن حكمها خير رضاء، وكانت تصدر المراسيم وعليها توقيع شجرة الدر بخطها باسم والدة
خليل وخطب في أيام الجمع باسمها على منابر مصر والشام، وضرب السكة باسمها ونقش
عليها : «السكة المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل»، وما
إن جلست شجرة الدر على عرش الحكم حتى قبضت على زمام الأمور، وأحكمت إدارة شئون
البلاد، وكان أول عمل اهتمت به هو تصفية الوجود الصليبي في البلاد، وإدارة مفاوضات
معه، انتهت بالاتفاق مع الملك لويس التاسع الذي كان أسيرًا بالمنصورة على تسليم
دمياط، وإخلاء سبيله وسبيل من معه من كبار الأسرى مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة
ألف دينار، يدفع نصفها قبل رحيله، والباقي بعد وصوله إلى عكا، مع تعهد منه بعدم
العودة إلى سواحل الإسلام مرة أخرى، وكانت خيّرة دَيِّنة، رئيسة عظيمة في النفوس،
ولها مآثر وأوقاف على وجوه البر، معروفة بها وقد قتلت في نهاية ربيع أول سنة 655
هـ.
6- السلطانة خديجة سلطانة الهند :
هي السلطانة خديجة بنت عمر بن صلاح الدين
البنجالي من سلطانات الهند، نشأت وترعرت في بلاط أبيها، وتلقت من العلم والثقافة
ما جعلها من أندر نساء زمانها أدبا وكمالا ومعرفة، ولما توفى والدها خلفه في
السلطنة أخوها شهاب الدين فكان سيء السيرة فخلعه الشعب سنة 740 هـ ونادى بأخته
خديجة سلطانة على عرش أبيها، وولى زوجها خطيب الدولة جمال الدين الوزارة فاعتمد
عليه السلطانة في مهام الأمور وراقبت شئون الدولة مراقبة الخبير، وتوفيت سنة 770
هـ.
*
نساء قاضيات
رغم أن فقهاء المسلمين اختلفوا في حكم تولي
المرأة القضاء، وذهب الجمهور إلى عدم جواز توليها القضاء مطلقاً، وذهب الأحناف إلى
جواز توليها القضاء فيما تصح شهادتها فيه من الأحكام، وذهب آخرون إلى الإباحة
المطلقة لقضاء المرأة في جميع الأحكام وهم الإمام محمد بن جرير الطبري، وابن حزم
الظاهري وابن طراز الشافعي وابن القاسم ورواية عن الإمام مالك. إلا أن المصادر
التاريخية لم تسجل لنا إلا حالة واحدة تولت فيه القضاء امرأة، وهي ثمل قهرمانة شغب
أم المقتدر. ثمل القهرمانة القاضية :
وكانت من ربات النفوذ والسلطان في الدولة
العباسية أيام المقتدر، فكانت الساعد الأيمن لأم المقتدر، تلي شئون الدولة
وسياستها، وبلغ من اعتماد أم المقتدر على ثمل أن أمرتها تجلس بالرصافة سنة 306 هـ
للمظالم، وتنظر في كتب الناس يوما في كل جمعة، فأنكر الناس ذلك واستبشعوه وكثر
عيبهم له والطعن فيه، فجلست أول يوم فلم يكن لها فيه طائل، ثم جلست في اليوم
الثاني وأحضرت القاضي أبا الحسن ابن الأشناني فحسن أمرها وأصلح عليها، وخرجت
التوقيات وعليها خطها على سداد، فانتفع بذلك المظلومون، وسكن الناس إلى ما كانوا
نافروه من قعودها ونظرها، وكان يحضر في مجلسها القضاة والفقهاء والأعيان، توفيت
سنة 317.
وهكذا لم يسجل غير تلك الحالة في النساء
اللواتي تولين القضاء، وإن كان حالات تولي السلطة العليا والحكم والملك أعلى من
القضاء، وقد كانت بعض تلك الملكات تقضي بين الناس في المظالم كذلك مثل تركان خاتون
السلطان، وكانت إذا رفعت إليها المظالم تحكم فيها بالعدل والإحسان، وتنتصف للمظلوم
من الظالم، ولم تبال من أن تقتص منه بالقتل، وكان توقيعها « عصمة الدنيا والدين
الغ تركان ملكة نساء العالمين» وعلامتها «اعتصمت بالله واحده»، وكانت تكتبها بقلم
غليظ وتجود الكتابة فيها بحيث يعسر أن تزور علامته
*
نساء محاربات وقائدات جيوش
بدأ دور المرأة في الجهاد في نفس الوقت الذي
بدأ فيه دور الرجل، بل إن دور المرأة الفعلي سابق له، فأول من استشهد في سبيل الله
كان امرأة هي السيدة سيمة زوج ياسر، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها أولى
الفدائيات التي أمن وصول الطعام إلى النبي وصحابه أبي بكر الصديق ، كما أنها تلقت
الأذى من أبي جهل في سبيل كتمان خبرهما. فإن الدين الإسلامي طلب من المرأة الدفاع
عن وطنها، وأرضها، وشعبها، كما طلب ذلك من الرجل، وقد أقر النبي مشاركة النساء في
الجهاد والغزوات، بل غزت المرأة مع رسول الله كأم سليم بن ملحان، وأم حرام بنت
ملحان، وأم الحارث الأنصارية، والربيع بنت معوذ عفراء، وأم سنان الأسلمية، وأم
سليط، ليلى الغفارية، كعيبة بنت سعيد الأسلمية، وحمنة بنت جحش، ورفيدة الأنصارية،
وأم زياد الأشجعية.
1- أم سليم بنت ملحان الأنصارية :
الغميصاء، ويقال : الرميصاء، ويقال : سهلة،
ويقال : أنيفة، ويقال : رميثة، بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر
بن غنم بن عدي بن النجار الأنصارية الخزرجية، أم خادم النبي أنس بن مالك. مات
زوجها مالك بن النضر، ثم تزوجها أبو طلحة زيد بن سهل الأنصاري، فولدت له أبا عمير،
وعبد الله، شهدت أحد وأبلت فيها بلاء حسنا، وشهدت حنيناً مع رسول الله ومعها خنجر
فقال أبو طلحة يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر. فقالت : يا رسول الله أتخذه
إذا دنا مني أحد من المشركين بقرت به بطنه فتبسم رسول الله .
2- أم حرام بن ملحان
أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن
جندب بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار، الأنصارية، النجارية، المدنية، أخت أم
سليم، وخالة أنس بن مالك، وزوجة عبادة بن الصامت، حديثها في جميع الدواوين سوى
جامع أبي عيسى، كانت من علية النساء، حدث عنها أنس بن مالك وغيره.
قال في بيتها يوما فاستيقظ وهو يضحك فقلت يا
رسول الله ما أضحكك ؟ قال : عرض علي ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر كالملوك على
الأسرة, قلت : يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني منهم. قال : أنت من الأولين.
فتزوجها عبادة بن الصامت، فغزا بها في البحر، فحملها معه، فلما رجعوا، قربت لها
بغلة لتركبها فصرعتها فدقت عنقها فماتت رضي الله عنها، قلت يقال هذه غزوة قبرس في
خلافة عثمان رضي الله عنه. فنالت الشهادة وغزت في سبيل الله رضي الله عنها.
3- الربيع بنت معوذ :
هي الربيع بنت معوذبن عفراء الأنصارية، من بني
النجار، … وقد زارها النبي صبيحة عرسها صلة؛ لرحمها، عمرت دهرا وروت أحاديث، حدث
عنها أبو سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعبادة ابن الوليد بن عبادة، وعمرو
بن شعيب، وخالد بن ذكوان، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وآخرون وأبوها من كبار
البدريين، قتل أبا جهل، توفيت في خلافة عبد الملك سنة بضع وسبعين رضي الله عنها.
بايعت النبي وهي من الصحابيات الجليلات وجاهدت مع المجاهدين، وخطبها إياس بن
البكير الليثي، ثم خرج هو وأخواه، وبعد بدر تزوجت الربيع من إياس فجاء النبي فدخل
عليها غداة بنى بها. فجملت جويرات لها يضربن بالدف ويندبن من قتل من آبائها يوم
بدر، شهدت الربيع أحدا مع أم عمارة وعائشة رضي الله عنهن.
4- أم سنان الأسلمية :
صحابية جليلة، روت عن النبيّ ، وروى عنها ابن
عباس، وروت عنها ابنتها ثُبيتة بنت حنظلة الأسلميّة. كانت من الصحابيات المجاهدات،
حيث تتصف بالشجاعة والهمة العالية. أتت رسولَ الله عندما أراد التوجّه إلى خيبر
وقالت له : يا رسول الله، اُحبُّ أن أخرج معك، أخرز السقاء ، واُداوي الجرحى ،
وأنصر المجاهدين ، واحفظ لهم أمتعتهم ، وأسقي عطشاهم . فقال النبيّ صلى الله عليه
وآله وسلم لها : « تعالي معنا وكوني مع اُم سلمة »، حيث كانت أكثر أوقاتها معه .
5- ليلى الغفارية :
وهي صحابية جليلة من فضيلات الصحابيات، كانت
تغزو مع رسول الله ، قالت كنت أغزو مع النبي فأداوي الجرحى وأقوم على المرضى فلما
خرج علي إلى البصرة خرجت معه. وتوفيت سنة 40 هـ رضي الله عنها.
6- كعيبة بنت سعيد الأسلمية :
من كريمات النساء، وفضيلات الصاحبيات
المجاهدات، شهدت خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لها سهم رجل فيما
رواه الواقدي.
7- رفيدة الأنصارية :
قال عنها ابن حجر : « رفيدة الأنصارية، أو
الأسلمية، ذكرها ابن إسحاق في قصة سعد بن معاذ لما أصابه بالخندق، فقال : رسول
الله اجعلوه في خيمة رفيدة التي في المسجد حتى أعوده من قريب، وكانت امرأة تداوي
الجرحى وتحتسب بنفسها على رحمة من كانت به ضيعة من المسلمين». وظلت المرأة منذ
العهد الأول تشارك في الحروب، وتقوم بدورها في حماية الأمة الإسلامية والدفاع عن
الحق والأوطان، وقد تطورت تطلعات المرأة إلى أن وصل إلى قيادة الجيش المسلم الذي
يقاتل في سبيل الله، ونذكر من ذلك هذه المرأة التي قادت جيشًا مسلمًا. قائدة الجيش
تركان خاتون :
هي تركان خاتون بنت طغراج الملكة الجلالية
صاحبة أصبهان، زوجة السلطان ملكشاه، وهي سيدة جليلة من ربات العقل والرأي والدين
والصلاح والنفوذ والسلطان، من نسل أفراسياب ملك الفرس، شاركت زوجها في الملك، وبعد
وفاته دبرت الأمور فاتخذت المستشارين والوزراء، وقادت الجيوش، وحفظت أموال التجار،
وأثرت تأثيراً عظيما في بلاد فارس، فأصحلت كثيرا من عادات البلاد وأخلاق أهلها،
فبذلت لهم العطايا والإقطاعات، فأحبتها الأمراء والرعية، وصاهرت الخليفة العباسي
المقتدي بأمر الله حيث تزوج بابنتها، وماتت رحمها الله سنة 487 هـ.
ما ذكر قليل من كثير من إسهامات المرأة في الحروب
والجيوش المسلمة، ولكنه يعد سابقة حضارية على الاعتراف بدور المرأة في كل نواحي
الحياة، بل يعد أمرًا فريدًا لم يحققه الغرب بعد الذي يتغنى بالحريات
والديمقراطية.
*
نساء مفتيات وعالمات
نبغ في مختلف مراحل التاريخ الإسلامي الآلاف من
العالمات المبرّزات والمتفوقات في أنواع العلوم وفروع المعرفة وحقول الثقافة
العربية الإسلامية، وقد ترجم الحافظ ابن حجر في كتابه «الإصابة في تمييز الصحابة»،
لثلاث وأربعين وخمسمائة وألف امرأة، منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات. وذكر كل
من الإمام النووي في كتابه «تهذيب الأسماء واللغات»، والخطيب البغدادي في كتابه
«تاريخ بغداد»، والسخاوي في كتابه «الضوء اللامع لأهل القرن التاسع»، وعمر رضا
كحالة في «معجم أعلام النساء»، وغيرهم ممن صنف كتب الطبقات والتراجم، تراجم
مستفيضة لنساء عالمات في الحديث والفقه والتفسير وأديبات وشاعرات.
ولقد تفوقت المرأة المسلمة على الرجل في جوانب
في كثيرة في علوم الحضارة الإسلامية، وخاصة في جانب علم الحديث ومعرفة رواته،
ويسجل تلك الشهادة أئمة علم الحديث والمصطلح، فيقول الإمام الذهبي : «وما علمت في
النساء من اتهمت ولا من تركوها». ويؤكد هذا الحكم على تزكية النساء في علم الحديث
الحافظ ابن حجر رحمه الله حيث يقول : «لا اعلم في النساء من اتهمت ولا تركت» وكان
حرص النساء على طلب العلم الشرعي والاهتمام به منذ عهد النبي ، فقد روى أبو سعيد
الخدري، وأبو هريرة رضي الله عنهما أن النساء قلن لرسول الله : « اجعل لنا يوما
كما جعلته للرجال قال فجاء إلى النساء فوعظهن وعلمهن ». وقد كان عطاء بن رباح رحمه
الله يقول عن السيدة عائشة رضي الله عنها : « كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس
وأحسن الناس رأياً ».
وكذلك كل أمهات المؤمنين رضوان الله عليهم
جميعا، وأغلب نساء الصحابة أيضا، فتلك الأعداد الهائلة من النساء اللواتي ساهمن في
الحركة العلمية في الحضارة الإسلامية ليس بوسعنا أن نستوعبها جميعها في ذلك
الكتاب، ويمكن للمستزيد الرجوع إلى تلك الكتب، وإنما سوف نذكر نماذج قليلة وتراجم
يسيرة عليها، من النساء العالمات من بعد عهد الصحابة رضوان .
1- نفيسة العلم :
قال الذهبي عنها : السيدة المكرمة، الصالحة،
ابنة أمير المؤمنين الحسن بن زيد بن السيد، سبط النبي الحسن بن علي رضي الله
عنهما، العلوية الحسنية، صاحبة المشهد الكبير المعمول بين مصر والقاهرة. ولي أبوها
المدينة للمنصور، ثم عزله وسجنه مدة، فلما ولي المهدي أطلقه وأكرمه ورد عليه
أمواله، وحج معه...
وتحولت هي من المدينة إلى مصر مع زوجها الشريف
إسحاق بن جعفر بن محمد الصادق فيما قيل، توفيت بمصر في شهر رمضان سنة ثمان ومئتين،
ولم يبلغنا كبير شيء من أخبارها... وقيل كانت من الصالحات العوابد، والدعاء مستجاب
عند قبرها. وقد ولدت يوم الأربعاء 11 ربيع الأول سنة 145هـ بمكة المكرمة وبقيت بها
حتى بلغت خمسة أعوام، درجت فيها محاطة بالعزة والكرامة، حتى صحبها أبوها مع أمها
زينب بنت الحسن إلى المدينة المنورة؛ فكانت تذهب إلى المسجد النبوي وتسمع إلى
شيوخه، وتتلقى الحديث والفقه من علمائه، حتى حصلت على لقب «نفيسة العلم» قبل أن
تصل لسن الزواج، ولما وصلته رغب فيها شباب آل البيت، فكان أبوها يردهم ردًا جميلاً
إلى أن أتاها "إسحاق المؤتمن" ابن جعفر الصادق رضي الله عنه، وتزوجا في
بيت أبيه، وبزواجهما اجتمع نور الحسن والحسين، وأصبحت السيدة نفيسة كريمة الدارين،
وأنجبت لإسحاق ولدًا وبنتًا هما القاسم وأم كلثوم. كانت تمضي أكثر وقتها في حرم
جدها المصطفى ، وكانت زاهدة دون مبالغة، فلم تكن تقاطع الحياة، وإنما كان هجرها
للدنيا واقعًا على كل ما يعوق عن العبادة والتزوّد، وكانت الآخرة نصب عينيها، حتى
أنها حفرت قبرها الذي دُفنت فيه بيديها، وكانت تحفظ القرآن وتفسره ويؤمها الناس
ليسمعوا تفسيرها، وكانت تدعو الله قائلة: «إلهي يسر لي زيارة قبر خليلك إبراهيم»
فاستجاب الله لها، وزارت هي وزوجها «إسحاق المؤتمن» قبر الخليل.
ثم رحلا إلى مصر في رمضان عام 193 هجرية في عهد
هارون الرشيد، وفي العريش -بأقصى شمال مصر الشرقي- استقبلها أهل مصر بالتكبير
والتهليل وخرجت الهوادج والخيول تحوطها وزوجها، حتى نزلا بدار كبير التجار وقتها
«جمال الدين عبد الله الجصاص». وصلت السيدة نفيسة إلى القاهرة يوم السبت 26 رمضان
193 هجرية قبل أن يقدم إليها الإمام الشافعي بخمس سنوات، ونزلت بدار سيدة من
المصريين تُدعى "أم هانئ" وكانت دارًا رحيبة، فأخذ يقبل عليها الناس
يلتمسون منها العلم، حتى ازدحم وقتها، وكادت تنشغل عما اعتادت عليه من العبادات،
فخرجت على الناس قائلة: «إني كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة،
وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة
جدي المصطفى» ففزع الناس لقولها، وأبوا عليها رحيلها، حتى تدخَّل الوالي «السري بن
الحكم» وقال لها: «يا ابنة رسول الله إني كفيل بإزالة ما تشكين منه» ووهبها دارًا
واسعة، ثم حدد موعدًا -يومين أسبوعيًا- يزورها الناس فيهما طلبًا للعلم والنصيحة،
لتتفرغ هي للعبادة بقية الأسبوع، فرضيت وبقيت.
وكان الأمراء يعرفون قدرها وقدرتها على توجيه
عامة الناس، بل دفعهم للثورة في الحق إن احتاج الأمر، حتى أن أحد الأمراء قبض
أعوانه على رجل من العامة ليعذبوه فبينما هو سائر معهم، مرّ بدار السيدة نفيسة
فصاح مستجيرًا بها، فدعت له بالخلاص قائلة: «حجب الله عنك أبصار الظالمين» ولما
وصل الأعوان بالرجل بين يدي الأمير، قالوا له: إنه مرّ بالسيدة نفيسة فاستجار بها
وسألها الدعاء فدعت له بخلاصه، فقال الأمير: «أو بلغ من ظلمي هذا يا رب، إني تائب
إليك واستغفرك؛ وصرف الأمير الرجل، ثم جمع ماله وتصدق ببعضه على الفقراء
والمساكين». ويذكر القرماني في تاريخه ويؤيده في روايته صاحب الغرر وصاحب المستطرف
-وهما من رواة التاريخ الثقات - أن السيدة نفيسة -رضي الله عنها- قادت ثورة الناس
على ابن طولون لمّا استغاثوا بها من ظلمه، وكتبت ورقة فلما علمت بمرور موكبه خرجت
إليه، فلما رآها نزل عن فرسه، فأعطته الرقعة التي كتبتها وفيها: «ملكتم فأسرتم،
وقدرتم فقهرتم، وخولتم ففسقتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام
الأسحار نفاذة غير مخطئة لا سيّما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوعتموها، وأجساد
عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنَّا إلى الله
متظلمون، وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون»!
يقول القرماني: فعدل من بعدها ابن طولون
لوقته!. ولمَّا وفد الإمام الشافعي -رضي الله عنه- إلى مصر، وتوثقت صلته بالسيدة
نفيسة، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق
عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان، وكلما ذهب إليها
سألها الدعاء، حتى إذا مرض كان يرسل إليها من يُقرئها السلام ويقول لها: "إن
ابن عمك الشافعي مريض ويسألك الدعاء". وأوصى الشافعي أن تصلي عليه السيدة
نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها، حين وفاته عام 204 هجرية وصلّت عليها
إنفاذًا لوصيته.
كانت كثيرة البكاء ، تديم قيام الليل وصيام
النهار ، ولا تأكل إلاّ في كل ثلاث ليال أكلة واحدة، ولا تأكل من غير زوجها شيئاً.
حجّت ثلاثين حجّة، وكانت تبكي بكاءً شديداً وتتعلّق بأستار الكعبة وتقول : إلهي
وسيدي ومولاي متّعني وفرّحني برضاك عنّي . وقالت زينب بنت يحيى المتوّج : خدمتُ
عمتي نفيسة أربعين سنة ، فما رأيتها نامت الليل ولا أفطرت بنهار ، فقلت لها : أما
ترفقين بنفسك ؟ فقالت : كيف أرفق بنفسي وقدّامي عقبات لا يقطعها الفائزون . ومرضت
نفيسة بعد أن قامت بمصر سبع سنين ، فكتبت إلى زوجها إسحاق المؤتمن كتاباً، وحفرت
قبرها بيدها في بيتها، فكانت تنزل فيه وتصلّي كثيراً، فقرأت فيه مائة وتسعين ختمة،
وما برحت تنزل فيه وتصلّي كثيراً وتقرأ وكثيراً وتبكي بكاءً عظيماً، حتى احتضرت
سنة 208هـ وهي صائمة فألزموها بالإفطار وألحوا وأبرموا، فقالت : واعجباً منذ
ثلاثين سنة أسأل الله تعالى ألقه وأنا صائمة أأفطر الآن هذا لا يكون ، ثم قرأت
سورة الأنعام وكان الليل قد هدأ ، فلمّا وصلت إلى قوله تعالى : ( لهم دار السلام
عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون ) غشي عليها ثم شهدت شهادة الحق وقُبضت إلى
رحمة الله.
2- كريمة راوية البخاري :
الشيخة ، العالمة ، الفاضلة ، المسندة ، أم
الكرام كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المروزية ، المجاورة بحرم الله . سمعت من
أبي الهيثم الكشميهني صحيح البخاري، وسمعتْ من زاهر بن أحمد السرخسي، وعبد الله بن
يوسف بن بامويه الأصبهاني . وكانت إذا روت قابلت بأصلها، ولها فهم ومعرفة مع الخير
والتعبد . روت "الصحيح" مرات كثيرة ; مرة بقراءة أبي بكر الخطيب في أيام
الموسم ، وماتت بكرا لم تتزوج أبدا . حدث عنها : الخطيب ، وأبو الغنائم النرسي ،
وأبو طالب الحسين بن محمد الزينبي ، ومحمد بن بركات السعيدي ، وعلي بن الحسين
الفراء ، وعبد الله بن محمد بن صدقة بن الغزال ، وأبو القاسم علي بن إبراهيم
النسيب ، وأبو المظفر منصور بن السمعاني ، وآخرون .
قال أبو الغنائم النرسي : أخرجت كريمة إلي
النسخة "بالصحيح" ، فقعدت بحذائها ، وكتبت سبع أوراق ، وقرأتها ، وكنت
أريد أن أعارض وحدي ، فقالت : لا حتى تعارض معي . فعارضت معها . قال : وقرأت عليها
من حديث زاهر . وقال أبو بكر بن منصور السمعاني : سمعت الوالد يذكر كريمة ، ويقول
: وهل رأى إنسان مثل كريمة ؟ . قال أبو بكر : وسمعت بنت أخي كريمة تقول : لم تتزوج
كريمة قط ، وكان أبوها من كشميهن ، وأمها من أولاد السياري ، وخرج بها أبوها إلى
بيت المقدس ، وعاد بها إلى مكة ، وكانت قد بلغت المائة . قال ابن نقطة : نقلت
وفاتها من خط ابن ناصر سنة خمس وستين وأربع مائة . قلت : الصحيح موتها في سنة ثلاث
وستين . قال هبة الله بن الأكفاني سنة ثلاث حدثني عبد العزيز بن علي الصوفي قال :
سمعت بمكة من مخبر بأن كريمة توفيت في شهور هذه السنة . وقال أبو جعفر محمد بن علي
الهمداني : حججت سنة ثلاث وستين فنعيت إلينا كريمة في الطريق ، ولم أدركها.
3- أمة الواحد :
هي ستيتة بنت الحسين بن إسماعيل المحاملي،
العالمة الفقهية المفتية، تفقهت بأبيها وروت عنه، وحفظت القرآن والفقه للشافعي،
وأتقنت الفرائض ومسائل العربية وغير ذلك، وكانت تفتي مع أبي علي بن أبي هريرة، وهي
والدة القاضي محمد بن أحمد بن القاسم المحاملي، توفيت في رضمان سنة 377 هـ.
4- شهدة الأبري :
بنت المحدِّث أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري،
ثم البغدادي الإبري الجهة، المعمرة، الكاتبة، مسندة العراق ، فخر النساء. ولدت بعد
الثمانين وأربع مائة . وسمعت من : أبي الفوارس طراد الزينبي ، وابن طلحة النعالي ،
وأبي الحسن بن أيوب ، وأبي الخطاب بن البطر ، وعبد الواحد بن علوان ، وأحمد بن عبد
القادر اليوسفي ، وثابت بن بندار ، ومنصور بن حيد ، وجعفر السراج ، وعدة. ولها
مشيخة سمعناها.
حدث عنها : ابن عساكر، والسمعاني، وابن الجوزي،
وعبد الغني، وعبد القادر الرهاوي، وابن الأخضر، والشيخ المفق، والشيخ العماد،
والشهاب بن راجح، والبهاء عبد الرحمن، والناصح، والفخر الإربلي، وتاج الدين عبد
الله بن حمويه، وأعز بن العليق، وإبراهيم بن الخير، وبهاء الدين بن الجميزي، ومحمد
بن المني، وأبو القاسم بن قميرة، وخلق كثير. قال ابن الجوزي : قرأت عليها ، وكان
لها خط حسن ، وتزوجت ببعض وكلاء الخليفة ، وخالطت الدور والعلماء ، ولها بر وخير ،
وعمرت حتى قاربت المائة ، توفيت في رابع عشر المحرم سنة أربع وسبعين وخمس مائة
وحضرها خلق كثير وعامة العلماء. وقال الشيخ الموفق : انتهى إليها إسناد بغداد،
وعمرت حتى ألحقت الصغار بالكبار، وكانت تكتب خطا جدا، لكنه تغير لكبرها. ومات معها
أحمد بن علي بن الناعم الوكيل، وأسعد بن بلدرك بن أبي اللقاء البواب، والأمير شهاب
الدين سعد بن محمد بن سعد بن صيفي الشاعر الحَيْص بَيْص، وأبو صالح سعد الله بن
نجا بن الوادي الدلال، وأبو رشيد عبد الله بن عمر الأصبهاني، وأبو نصر عبد الرحيم
بن عبد الخالق بن يوسف، وعمر بن محمد العليمي، وأبو عبد الله بن المجاهد الإشبيلي
الزاهد، ومحمد بن نسيم العيشوني.
5- زين العرب بنت عبد الرحمن :
هي زين العرب بنت عبد الرحمن بن عمر بن الحسين
المعروفة ببنت الخزيراني، محدثة تولت مشيخة رباط بنت السقلاطوني، جاورت مكة وتقلدت
مشيخة رباط الحرمين في أواخر أيامها، توفيت في أوائل صر 704 ولها بضع وسبعون سنة .
6- دهماء بنت يحيى :
هي دهماء بنت يحيى بن المرتضى الشريفة، العاملة
الفاضلة، أخذت العلم عن أخيها الإمام المهدي، وبرعت في النحو والأصول والمنطق
والنجوم والرمل والسيمياء والشعر، فألفت شرحا للأزهار في أربع مجلدات، وشرحا
لمنظومة الكوفي في الفقه والفرائض، وشرحا لمختصر المنتهى، وأخذ عنها الطلبة بمدينة
تلا، وتوفيت بمدينة تلا في ذي القعدة 837 .
7- فاطمة بنت أحمد :
هي فاطمة بنت أحمد بن يحيى، عالمة فاضلة
متفقهة، كانت تستنبط الأحكام الشرعية وتتباحث مع والدها في مسائل فقهية مشهورة
بالعلم، ولها مع والدها مراجعات في مسائل كمسألة الخضاب بالعصفر، فإنه قال إن فاطمة
ترجع إلى نفسها في استنباط الأحكام وهذه المقالة تدل على أنها كانت مبرزة في
العلم، فإن الإمام لا يقول مثل هذه المقالة إلا لمن هو حقيق بها، وكان زوجها
الإمام المطهر يرجع إليها فيما يشكل عليه من مسائل وإذا ضايقه التلامذة في بحث دخل
إليها فتفيده الصواب، فيخرج بذلك إليهم فيقولون ليس هذا منك هو من خلف الحجاب،
وماتت قبل والدها رحمهما الله سنة 840 هـ.
8- أسماء المهروانيّة :
أسماء بنت عبد الله بن محمد المهروانيّة
محدّثة، كاتبة، ذات دين وصلاح .سمعت على الكمال محمد بن محمد بن نصر بن النحّاس،
والشهاب أحمد بن عبد الغالب بن محمد الماكسيني رواية الآباء عن الأبناء للخطيب .
أجازها ستة وعشرون شيخاً؛ منهم : رسلان الذهني، وأبوبكر بن محمد المزّي، وخرّج لها
الشهاب بن الليودي في مشيخته، وقرأ عليها السخاوي. ماتت بدمشق في صفر سنة 867هـ ،
ودفنت بمقبرة باب توما بالقرب من تربة الشيخ رسلان.
9- زاهدة الطاهري :
زاهدة بنت محمد بن عبد الله الطاهري. محدثّة،
أجازها ابن الجميزي، والشاوي، وغيرهما. وسمعت من إبراهيم بن خليل، وحدّثت، وخرّج
لها المقاتلي مشيخته، وقرأ عليها الواني. توفيت في القرن الثامن للهجرة.
10- زينب الجرجانية :
زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن الجرجاني ، تعرف
بابنة الشعرى ، وتدعى حرة . عالمة ، فاضلة ، محدّثة ، جليلة. ولدت بنيسابور سنة
524 هـ ، فأدركت جماعة من أعيان العلماء ، فأخذت عنهم الرواية والإجازة . سمعت من
أبي محمد اسماعيل بن أبي القاسم بن أبي بكر النيسابوري القارئ وأبي القاسم زاهر ،
وأبي المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازان القشيري، وأبي الفتوح عبد الوهاب
بن شاه الشاذياضي، وأبي البركات محمد بن الفضل الفزاري، وغيرهم. أجازها الحافظ أبو
الحسن عبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، والعلاّمة الخُرقي، وغيره من
الحفّاظ والعلماء. أخبر عنها علي المقدسي ، وسمع عنها الحسن بن محمد بن محمد
البكري جزءاً فيه أحاديث أبي عمر واسماعيل بن محمد بن أحمد السلمي ، وعثمان بن عبد
الرحمن بن الصلاح . وسمع عنها جميع الجزء الثالث من كتاب الزهد لوكيع بن الجرّاح،
وكتاب الأربعين بروايتها عن فاطمة بنت البغدادي سماعاً، وعن الصاعدين إجازةً،
والجزء العاشر من فوائد الحاكم محمد بن محمد بن أحمد النيسابوري بروايتها، وسماعها
من أبي القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي .وقُرئ عليها جميع الجزء الاّول
والثاني من حديث علي بن حرب بالإجازة. توفيت بنيسابور في جمادى الآخر سنة 615هـ.
* نساء تولين
الحسبة (السلطة التنفيذية)
وردت آثار في تولي المرأة السلطة التنفيذية، أو
الشرطة، أو ما تسمى في التراث الفقهي الإسلامي «الحسبة»، وكان ذلك في القرن الأول،
وعلى خلفية هذه الآثار أجاز بعض علماء المسلمين تولي المرأة هذا المنصب القيادي
الحساس في الدولة الإسلامية. كما ذكر ابن حزم ذلك أيضا مستشهدا بخبر الشفاء فقال :
« مسألة وجائز أن تلي المرأة الحكم وهو قول أبي حنيفة وقد روي عمر بن الخطاب أنه
ولى الشفاء امرأة من قومه السوق، فإن قيل قد قال رسول الله : «لن يفلح قوم أسندوا
أمرهم إلى امرأة.» قلنا : إنما قال ذلك رسول الله في الأمر العام الذي هو الخلافة.
برهان ذلك قوله « المرأة راعية على مال زوجها وهي مسئولة عن رعيتها »، وقد أجاز
المالكيون أن تكون وصية ووكيلة ولم يأت نص من منعها أن تلي بعض الأمور وبالله
تعالى التوفيق » روى أبو بلج يحيى بن أبي سليم قال : «رأيت سمراء بنت نهيك وكانت
قد أدركت النبي عليها درع غليظ وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف
وتنهى عن المنكر ».
الخاتمة
* المرأة عند
غير المسلمين قديما وحديث
كانت المرأة قبل مجيء الإسلام مظلومة ومهانة من
كل الحضارات القديمة سواء حضارات أوروبا القديمة أو الرومان أو حضارات الفرس أو
العرب قبل الإسلام، فلم تمر حضارة من الحضارات الغابرة ، إلا وسقت المرأة ألوان
العذاب ، وأصناف الظلم والقهر، فعند الإغريقيين : هي شجرة مسمومة، وقالوا : هي رجس
من عمل الشيطان، وقال عنها الرومان : ليس لها روح ، وكان من صور عذابها أن يصب
عليها الزيت الحار ، وتسحب بالخيول حتى الموت، وعند الصينيين قالوا عنها : مياه
مؤلمة تغسل السعادة ، وللصيني الحق أن يدفن زوجته حية ، وإذا مات حُق لأهله أن
يرثوه فيها، وعند الهنود قالوا عنها : ليس الموت ، والجحيم ، والسم ، والأفاعي ،
والنار ، أسوأ من المرأة ، بل وليس للمرأة الحق عند الهنود أن تعيش بعد ممات زوجها
، بل يجب أن تحرق معه، وعند الفرس : أباحوا الزواج من المحرمات دون استثناء ،
ويجوز للفارسي أن يحكم على زوجته بالموت، وعند اليهود : قالوا عنها : لعنة لأنها
سبب الغواية ، ونجسة في حال حيضها ، ويجوز لأبيها بيعها.
ولم يكن الحال عند المسيحيين بأفضل مما سبق حيث
عقد الفرنسيون في عام 586م مؤتمراً للبحث: هل تعد المرأة إنساناً أم غير إنسان؟ !
وهل لها روح أم ليست لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح
إنسانية؟ وإذا كانت روحاً إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟
وأخيراً قرروا أنَّها إنسان ، ولكنها خلقت لخدمة الرجل فحسب". وأصدر البرلمان
الإنكليزي قراراً في عصر هنري الثامن ملك إنكلترا يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب
(العهد الجديد) أي الإنجيل(المحرف)؛ لأنَّها تعتبر نجسة، وعند العرب قبل الإسلام
وصل الحال إلى وأدها (أي دفنها حية) أو قذفها في بئر بصورة تذيب القلوب. وقد يقول
قائل : إن ما ذكر كان في الماضي، وهو الذي دفع من يزعمون المطالبة بحقوق المرأة
لهذه الحملات المتتابعة غير المفهومة، ولكن العجيب أن تجد المرأة في الحضارات الأخرى
غير الإسلامية تهان حتى الآن وبمقاييس الأمم المتحدة وجمعيات حقوق الإنسان، فمثلًا
قضية العنف ضد المرأة وإيذائها البدني وطبقًا للإحصائيات الخاصة بالعنف ضد المرأة
الغربية ـ وقد أشرنا إليها متفرقة في
البحث ـ حيث عبرت عن النتائج التالية :
* 79% من الرجال في أمريكا يضربون زوجاتهم
ضرباً يؤدي إلى عاهة.
* 17% منهن تستدعي حالاتهن الدخول للعناية
المركزة....والذي كتب ذلك هو الدكتور (جون بيريه) استاذ مساعد في مادة علم النفس
في جامعة (كارولينا).
* حسب تقرير الوكالة المركزية الأمريكية للفحص
والتحقيق FPT هناك زوجة يضربها زوجها كل 18 ثانية في أمريكا.
* كتبت صحيفة أمريكية أن امرأة من كل 10 نساء
يضربها زوجها، فعقبت عليها صحيفة Family Relation إن امرأة من كل امرأتين يضربها زوجها وتتعرض
للظلم والعدوان.
* صرح الدكتور «جون كيشلر» أحد علماء النفس
الأمريكيين في شيكاغو : أن 90% من الأمريكيات مصابات بالبرود الجنسي وأن 40% من
الرجال مصابون بالعقم ، وقال الدكتور إن الإعلانات التي تعتمد على صور الفتيات
العارية هي السبب في هبوط المستوى الجنسي للشعب الأمريكي.
* أما في فرنسا فهناك مليونين امرأة معرضة
للضرب سنوياً....أمينة سر الدولة لحقوق المرأة (ميشيل اندريه) قالت : حتى
الحيوانات تعامل أحياناً أفضل من النساء، فلو إن رجلاً ضرب كلب في الشارع سيتقدم
شخص ما يشكو لجمعية الرفق بالحيوان، لكن لو ضرب رجل زوجته في الشارع فلن يتحرك أحد
في فرنسا.
* 92% من عمليات الضرب تقع في المدن و 60% من
الشكاوى الليلية التي تتلاقاها شرطة النجدة في باريس هي استغاثة من نساء يسيء
أزواجهن معاملتهن.
* في بريطانيا يفيد تقرير ان 77% من الأزواج
يضربون زوجاتهن دون أن يكون هناك سبب لذلك.
* وفي بريطانيا فإن أكثر من 50% من القتيلات كن
ضحايا الزوج أو الشريك. وارتفع العنف في البيت بنسبة 46% خلال عام واحد إلى نهاية
آذار 1992، كما وجد أن 25% من النساء يتعرضن للضرب من قبل أزواجهن أو شركائهن.
وتتلقى الشرطة البريطانية 100 ألف مكالمة سنويًا لتبلغ شكاوى اعتداء على زوجات أو
شريكات، ويستفاد من التقرير نفسه أن امرأة ذكرت أن زوجها ضربها ثلاث سنوات ونصف
سنة منذ بداية زواجها، وقالت: لو قلت له شيئًا إثر ضربي لعاد ثانية لذا أبقى
صامتة، وهو لا يكتفي بنوع واحد من الضرب بل يمارس جميع أنواع الضرب من اللطمات
واللكمات والركلات والرفسات، وضرب الرأس بعرض الحائط ولا يبالي إن وقعت ضرباته في
مواقع حساسة من الجسد.وأحيانًا قد يصل الأمر ببعضهم إلى حد إطفاء السجائر على
جسدها، أو تكبيلها بالسلاسل والأغلال ثم إغلاق الباب عليها وتركها على هذه الحال
ساعات طويلة.
نستخلص من العرض الموجز السابق لكيفية معاملة
المرأة عند غير المسلمين سواء في الحضارات الغابرة أو في عصرنا الحديث حقيقة مهمة
وهي أن الغرب أو غيرهم من الحضارات بما فيهم من سلوكيات شاذة تنقص من قدر المرأة ـ
كما مر ـ لا يصلح أن يكون نموذجًا لنا أو حتى مُقيمًا لغيره من المجتمعات، وإنما
نتكلم في هذا الموضوع من باب الذب عن قيمنا النبيلة وشرعنا الحنيف والله الموفق الهادي
لسواء السبيل.
******************
الفهرس العام :
الذمه
المالية للمرأة في أوربا المسيحية
هل
تحريم زواج المسلمة بغير المسلم يُعد نزعة عنصرية ؟
مفهوم
الحرية عند أدعياء تحرير المرأة
أن
ميراث الأنثى نصف ميراث الذكر
مواجهات
بين الإسلام وأعداء المرأة
أسباب
تعدد الزوجات قبل الإسلام
قضية
تعدد الزوجات بأعين الأمم المعاصرة
ما
أفلح قوم ولُّوا أمرهم امرأة
شُبهات
حول حديث : " لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة " وردّها
حجاب
المرأة ليس في الإسلام فقط
قوامة
الرجل على المرأة لا يسلبها حريتها
القوامة..
دكتاتورية وتسلط أم تهذيب وتبسط؟
أن
شهادة المرأة نصف شهادة الرجل
اشتراط
الولي في النكاح لا يقيد حرية المرأة
هل
المرأة أقل شأنا ومكانا من الرجل؟
وجوه
الإعجاز في حديث ناقصات عقل
معنى
نقص العقل والدين عند النساء
هل
المرأة ناقصة عقل ودين أو الرجل ؟؟!!
السؤال:
ما هي حقوق المرأة في الإسلام ؟ وكيف تغيرت منذ العصر الذهبي للإسلام
( من القرن
الشبهة(2)
: قولهم بالمساواة ( التامة )بين الرجل والمرأة
الشبهة(1):تركيب
المرأة الجسدي يعارض دعوتهم للمساواة التامة
شبهات
وأباطيل لخصوم الإسلام حول ميراث المرأة
شبهات
حول حقوق المرأة في الإسلام
شبهات
مُثارة حـول : حول قضايا مُتعلقة بالمـرأة المسلمـة
شبهة
تتعلق بحديث (الشؤم في ثلاث وذكر المرأة)
هل
تستطيع المرأة أن تعيش بلا رجل ؟؟
1 • لماذا الاهتمام بالحجاب وهو ليس من أركان
الإسلام
2 • هل الإسلام يساوي بين الرجل والمرأة
3 • إذا جاز للمرأة أن تسكن بمفردها فلم لا تسافر
دون محرم؟
5 • لماذا شعرت سارة بالغيرة مع جلالة قدرها من
هاجر ؟
6 • لماذا لا يدخل صدر الرجل في حدود عورته لأنه
يفتن النساء ؟
7 • الفرق بين الحرائر والإماء في الحجاب
8 • أختها مهتمة بالإسلام وتسأل عن الروح والإرث
9 • السبب في تفضيل الزوج وجعل القوامة بيده
10 • عندها إشكالات في حق المرأة في الإسلام
السؤال:
ما هي حقوق المرأة في الإسلام ؟ وكيف تغيرت منذ العصر الذهبي للإسلام ( من القرن
الرد
على افتراء لعنة الملائكة للمرأة التى ترفض دعوة زوجها للفراش
سلب
أو تقييد حق الرجل في الطلاق
جعل
الطلاق بيد الرجل لا ينقص من شأن المرأة
ظلم
المرأة في ظل الحضارة الغربية
دية
المرأة نصف دية الرجل .. لماذا؟
شبهات
وأباطيل لخصوم الإسلام حول ميراث المرأة
شبهات
حول المرأة القيادة والولاية
متى
تنزل المرأة إلى ميدان العمل وكيف؟
العائلة
العربية هرمية على أساس الجنس والعمر
حقوق
الإنسان بين الشريعة والقانون.. نصاً ومقارنة وتطبيقاً
موقف
القرآن من حقوق الإنسان والمرأة
ما
الحكمة من تعدد زواج الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ..سؤال وجواب
شبهة
أن التشريع الإسلامي يحدد عدد الزوجات بأربعة فقط , بينما رسول الله تزوج بأكثر
من أربع
شبهة
عدم مساواة المرأة بالرجل في علاج النشوز بالضرب
شبهة
عدم مساواة المرأة بالرجل يجعل القوامة بيد الرجل
الرد
على شبهة ان الإسلام جحد حق المرأة بأن جعل شهادتها تعادل نصف شهادة الرجل
شبهات
النصارى حول وضع المرأة في شرائع المجتمع المسلم
شبهات
مثارة حول (الحجاب الكامل للمرأة المسلمة)
حجاب
ولباس النساء بين القرآن والكتاب المقدس
نظرة
الإسلام إلى المرأة كإنسان
*
ميراث المرأة بين الحقائق والافتراءات
*
شهادة المرأة المسلمة ورد الشبه حولها
المرأة
المسلمة في الواقع التاريخي
*
نساء تولين الحسبة (السلطة التنفيذية)
*
المرأة عند غير المسلمين قديما وحديث