الثلاثاء، 27 يونيو 2023

الجواب السديد لمن سأل عن تكبيرات صلاة العيد ؟

 

الجواب السديد لمن سأل عن تكبيرات صلاة العيد

أحمد إسكينيد


مقدمة .....

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ...

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ...
َيا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ...
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً ...

فإن خير الحديث كلام الله، وخير الله الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار .

أما بعد :

فهذه أجوبة مختصرة ، عن بعض الأسئلة التي تخص تكبيرات الزوائد في صلاة العيد ....


السؤال الأول :

متى تقال التكبيرات ؟

الجــــواب :
اختلف الفقهاء في موضع هذه التكبيرات على قولين :

القول الأول :
تُقال بعد دعاء الاستفتاح .
أي أن المصلي يبدأ في التكبير بعد دعاء الاستفتاح وقبل التعوذ والقراءة .

وهذا قول الحنفية [حاشية ابن عابدين (2/172)] ، والشافعية [الأم (1/395)] ، ورواية عن أحمد [شرح الزركشي (2/223)] .

واستدلوا :
أن دعاء الاستفتاح شُرع للصلاة ، فيكون في أول الصلاة ، ويأتي بعدها التكبيرات ثم التعوذ ثم القراءة .

قال النووي : \"مذهبنا أن تكبيرات الزوائد تكون بين دعاء الاستفتاح والتعوذ\" [المجموع (5/20)] .
وقال أيضاً :\"ويكون التكبير في الأولى بين دعاء الإستفتاح وبين التعوذ وفي الثانية قبل التعوذ\" [الأذكار (ص202)] .
واختار هذا القول الإمام السرخسي [المبسوط (2/42)] .
وأختار هذا القول أيضاً الشيخ بن باز [شرح بلوغ المرام (519)] .
والشيخ الفوزان [الملخص الفقهي (ص213)] .
وبذلك أفتت اللجنة الدائمة [فتاوى اللجنة الدائمة (1732)] .

القول الثاني :
تُقال قبل دعاء الاستفتاح .
أي أن المصلي يبدأ في تكبيرة الإحرام ثم يُكبر ثم يدعوا دعاء الاستفتاح ويتعوذ ويقرأ .

وهذه رواية عن أحمد [التمام (1/243)] .

وقالوا : إن الاستفتاح يليه الاستعاذة وهي قبل القراءة .

القول الثالث :
أن المُصلي مُخير في ذلك .
وهي رواية عن أحمد حكاها المرداوي [الإنصاف (5/341)] .

الراجـــــــح :
الأمر فيه سعة فإن أخذ بالقول الأول فلا حرج عليه .
وإن أخذ بالقول الثاني فلا حرج عليه .
 



السؤال الثاني :

كم عدد التكبيرات في صلاة العيد ؟

الجــــواب :
اختلف الفقهاء في عدد التكبيرات في صلاة العيد على ثلاثة أقوال :

القول الأول :
يُكبَر ثلاث تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام ، وثلاث تكبيرات في الثانية بعد القراءة وقبل الركوع .

وهذا قول الحنفية [حاشية إبن عابدين (2/172)] ، ورواية عن أحمد [الإنصاف (2/341)] .

واستدلوا :
بما روي عن إبن مسعود رضي الله عنه أنه كبر أربعاً ثم قرأ ثم كبر فركع ، ثم يقوم في الثانية ثم يُكبر أربعاً .
[رواه ابن عبد الرزاق في مصنفه (5687) كتاب العيدين باب التكبير في الصلاة ، وصححه ابن حزم في المحلى (5/83)] .

وبما روي عن إبن عباس رضي الله عنه أنه كبر أربعاً ثم قرأ ثم كبر فركع ، ثم يقوم في الثانية ثم يُكبر أربعاً .
[رواه ابن عبد الرزاق في مصنفه (5687) كتاب العيدين باب التكبير في الصلاة] .

القول الثاني :
يُكبر سبع تكبيرات مع تكبيرة الإحرام ، وستة مع تكبيرة القيام للركعة (أي قبل القراءة) .

وهذا قول مالك [المدونة (1/169) ، الكافي (1/264)] ، ومذهب الحنابلة[المغني(3/271)] .

واختاره هذا القول شيخ الإسلام إبن تيمية [مجموع الفتاوى (20/365)] ، وتلميذه إبن القيم [زاد المعاد (1/444)] .

واستدلوا :
بما روي عن إبن عمر أنه شهد الضحى والفطر مع أبي هريرة فكبَرَ في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة ، وفي الآخرة ستَ تكبيرات قبل القراءة .
[رواه أبي داود في سننه (1151) كتاب الصلاة باب التكبير في العيدين ، والترمذي في جامعه (536) كتاب الجمعة باب ما جاء في التكبير في العيد ، وابن ماجة في سننه (1297) كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في تكبير الإمام في صلاة العيد] .

قال مالك \"وهو الأمرُ عندنا\" [الموطأ (ص115) ، وشرح الزرقاني على الموطأ (1/513)] .
وقال ابن عبد البر \"وعليه جرا عمل أهل المدينة\" [الاستذكار (8/53) ] .

وبما روي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُكبر في الفطر والأضحى في الأولى سبع تكبيرات ، وفي الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة الركوع .
[رواه أبي داود في سننه (1149) (1150) كتاب الصلاة باب التكبير في العيد ، وابن ماجة في سننه (1280) كتاب إقامة الصلاة باب ما جاء في تكبير الإمام في صلاة العيد ، والدار قطني في سننه (2/46) وصححه الألباني في صحيح أبي داود (1019)] .

وأختار هذا القول الشيخ عبد العزيز بن باز [شرح بلوغ المرام (519)] .
وأختار هذا القول أيضاً الشيخ عبد المحسن العباد [كتب ورسائل عبد المحسن العباد (5/260)] .

القول الثالث :
يُكبر سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام ، وخمس تكبيرات بعد تكبيرة القيام .

وهو قول الشافعية [الأم (1/395)] ، واختاره ابن عبد البر [الكافي (1/264)] ، وابن حزم [المحلى (5/83)] .


واستدلوا :
بما روي عن إبن عمر أنه شهد الضحى والفطر مع أبي هريرة فكبَرَ في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة ، وفي الآخرة ستَ تكبيرات قبل القراءة .

مع قولهم :
أن الراوي حكى التكبيرات بدون تكبيرة الإحرام ، ولا تكبيرة القيام للركوع .

الراجـــــــح :
مما سبق ، وبعد النظر في الأدلة يتبين اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في عدد التكبيرات .
فيُرجح أنها كلها جائزة .
قال أحمد \"والكل جائز\" [الفروع لأبن مفلح (2/139)] .
واختار قول الإمام أحمد الشيخ ابن عثيمين [الشرح الممتع على زاد المستنقع (5/179)] .
 



السؤال الثالث :

هل يرفع يديه عند التكبيرات أم لا يرفع ؟

الجــــواب :
اختلف الفقهاء في رفع اليدين لتكبيرات في صلاة العيد عل قولين :


القول الأول :
يرفع المصلي يداه مع التكبيرات .

وهذا قول الحنفية [حاشية ابن عابدين (1/174)] ، ومذهب الشافعية [فتح العزيز (5/51)] ، ومذهب الحنابلة [المغني (3/272)] ، وقول مالك [عقد الجواهر (1/421)] .

واستدلوا :
قياساً أن التكبيرات وقعت في حال القيام فأشبهت تكبيرة الإحرام وتكبيرة الركوع .
وبما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يرفع يديه مع كل تكبيرة في الجنازة والعيدين[رواه البيهقي في الكبرى (3/293)] .
وبما روي عن ابن عمر كان يرفع يديه على كل تكبيرة من تكبيرات الجنائز [رواه البيهقي في الكبرى (4/44)] .

ووجه الدلالة هنا :
أنهم قاسوا تكبيرات العيد بتكبيرات الجنائز والمعروف في أصول الفقه :
((أن القياس الصحيح هو إلحاق فرع بأصل لعلة تجمع بينهما ، فمتى نص الشارع على مسألة ووصفها بوصف ، ثم وجد ذلك الوصف في مسألة أخرى لم ينص الشارع على عينها من غير فرقٍ بينها وبين المنصوص وجب إلحاقُها بها في حكمها ، لأن الشارع الحكيم لا يُفرق بين المتماثلات في أوصافها)) [رسالة لطيفة جامعة في أصول الفقه المهمة (ص22)] .
واستدلوا بما روي عن عطاء أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة ومن خلفه يرفعون أيديهم [مصنف ابن أبي شيبة (2/491) (11382) ] .

وممن اختار الرفع الإمام النووي [المجموع (5/26)] .
والجوزجاني [الأصل (1/338)] .
وابن قدامة المقدسي [المغني (2/119)] .
وابن القيم [زاد المعاد (1/443)] .
والطحاوي [مختصر أخلاق الفقهاء (1/373)] .
واستحب ذلك سيد صادق [فقه السنة (1/319) ] .
والشيخ بن باز [التعليق على فتح الباري (3/266)] .
واللجنة الدائمة [فتاوى اللجنة الدائمة (10577)] .
والفوزان [الملخص الفقهي (ص214)] .

وجاء عن مالك بن أنس أنه قال \"أرفع يديك في كل تكبيرة\" [أحكام العيدين للفريابي (ص182)] .
وجاء عن يحيى بن معين أنه قال \"أرى أن تُرفع الأيدي في كل تكبيرة\" [سؤلات الدوري (3/464)] .
وقال ابن قدامة \"وجملته أنه يُستحبُ أن يرفع يديه\" [المغني (2/119)] .
وقال ابن القيم \"وكان ابن عمر مع تحريه للإتباع يرفع يديه مع كل تكبيرة\" [زاد المعاد (1/443)] .
وقال الشيخ بن باز عن حديث ابن عمر \"ويكفي ذلك دليلاً على شرعية رفع اليدين\" [التعليق على فتح الباري (3/190)] .
وقال أيضاً \"ودلالة رفع اليدين في جميع التكبيرات كما رفع كما فعل عمر رضي الله عنه\" [شرح منتقى الأخبار (1673)] .

القول الثاني :
لا يرفع يديه مع التكبيرات .

وهو قول المالكية [عقد الجواهر (1/421)] .


واستدلوا :
أنه ليس في رفع اليدين مع التكبيرات سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال مالك \"ولا يرفع يديه في شيءٍ من تكبيرات صلاة العيدين إلا في الأولى\" [المدونة (1/169)] .
واختار ذلك ابن حزم الظاهري [المحلى (5/128)] .

وضعف الألباني ما روي عن ابن عمر أنه كان يرفع يديه على كل تكبيرة من تكبيرات الجنازة [إرواء الغليل (3/112)] .
ورد رحمه الله على الشيخ بن باز في تصحيحه لرواية ابن عمر [أحكام الجنائز (148)] .
وقال رحمه الله \"وأما تصحيح بعض العلماء الأفاضل لرواية الرفع في تعليقٍ له على فتح الباري (3/190) فهو خطأ ظاهر كما لا يخفى على العارف بهذا الفن\" [أحكام الجنائز (148)] .
وقال أيضاً \"لا يُسن ذلك لأنه لم يثبُت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وكونه روي عن عمر وابنه لا تجعله سنة\" [تمام المنة (348)] .
وقال أيضاً \"ولم نجد في السنة ما يدلُ على مشروعية الرفع في غير التكبيرة الأولى فلا نرى مشروعية ذلك وهو مذهب الحنفية وغيرهم واختاره الشوكاني وإليه ذهب ابن حزم\" [أحكام الجنائز (ص148)] .
وقال الشيخ عبد المحسن العباد \"ولم أقف على دليل يدل على رفع اليدين في تكبيرات العيد\" [كتب ورسائل عبد المحسن العباد (5/260)] .
وقال الشيخ يحيى الحجوري \"أما رفع اليدين فلم يثبُت فيه دليل عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا تكبيرة الإحرام\" [إتحاف الكرام بأجوبة أحكام الزكاة والحج والصيام (ص404)] .
\"ولم يثبُت عن النبي صلى الله عليه وسلم رفع اليدين في صلاة العيد مع التكبير شيء ، وإنما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما واسناده ضعيف\" [تيسير حفظ صفة صلاة النبي (ص28)] .

الراجـــــــح :
الراجح والله أعلم هو القول الثاني القائل بعدم الرفع لعدم ثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ومع ذلك إذا رفع يديه فلا حرج عليه . 
 



السؤال الرابع :

إذا رفع المصلي يداه مع التكبيرات هل يسدل أم يقبض بعد أن يُكبر ؟

الجواب :
إذا قلنا أن المصلي أخذ بقول الحنفية والشافعية والحنابلة وإبن القيم وإبن قدامة والنووي والطحاوي وبن باز والفوزان .
وكما أسلفنا أنه لا حرج عليه في ذلك ...
لكن إذا رفع هل عندما يُنزل يديه هل يقبض أم يُرسل .

فالجواب على ذلك أن الفقهاء اختلفوا في ذلك :
فمنهم من قال يقبض وهو قول الحنفية [حاشية إبن عابدين (2/175)] .
ومنهم من قال لا يقبض بل يُرسل وهو قول الشافعية [الحاوي (3/116)] .

الراجـــــــح :
الراجح في هذه المسألة أن الأمر واسع ، فإن شاء قبض وإن شاء أسدل .
 



السؤال الخامس :
ماذا يقول بين التكبيرات ؟
الجواب :
اختلف الفقهاء في ماذا يقول المصلي بين التكبيرات على قولين :

القول الأول :
لا يُقال شيء .

وهو قول الحنفية [حاشية ابن عابين (2/175)] ، والمالكية [عقد الجواهر (1/241)] .
قال إبن عبد البر \"وليس بين التكبير ذكر ولا دعاء لا قول إلا السكوت دون حد\" [الكافي (1/264)] .

القول الثاني :
يُستحب للمصلي أن يهلل الله تعالى ويُكبره ويحمده .

وهذا قول الشافعية [الحاوي (3/116) ، الأم (1/395)] ، والحنابلة [المغني(3/274)] .

واستدلوا :
بما روي عن عبد الله بن مسعود أنه سُئل ماذا يُقال بين التكبيرات فقال \"يُحمد الله ويُثنى عليه ويُصلى على النبي صلى الله عليه وسلم\"
[رواه الطبراني في المعجم الكبير (2/37) ، وصححه الألباني في الإرواء (642)] .

وأختار ذلك الشوكاني [نيل الأوطار (3/314)] .
واللجنة الدائمة [فتاوى اللجنة الدائمة (10557)] .
والشيخ الفوزان [الملخص الفقهي (ص214)] .
وقال \"يُسن أن يقول بين التكبيرات الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً وصلى الله على محمد النبي وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً\" [الملخص الفقهي (214)] .




السؤال السادس :

ماذا يفعل المصلي إذا نسي التكبيرات ؟

الجواب :
إذا بدأ المُصلي في القراءة ونسي التكبيرات فاختلف الفقهاء في ماذا يفعل الإمام على قولين :


القول الأول :
يرجع ويُكبر التكبيرات ويُعيد القراءة ويسجد للسهو .

وهو قول الحنفية [بدائع الصنائع (1/378)] ، والمالكية [عقد الجواهر (1/244)] ، والشافعية [فتح العزيز (5/16)] ، والحنابلة [الشرح الكبير (5/356)] .

واختار ذلك الكسائي [بد الصنائع (1/278)] .
وإبن عبد البر [الكافي (1/264)] .


واستدلوا :
أن محل التكبير القيام ، فلم يفوت محله بعد ، فيُمكن الرجوع إليه .

القول الثاني :
لا يرجع ، وإن شاء سجد للسهو ، وإن شاء لا يسجد .

وهو قول للشافعية واختاره النووي [المجموع (5/18) ، الأذكار (ص202)] .
وقول للحنابلة واختاره ابن قدامة [المغني (3/375)] .

واستدلوا :
أن التكبيرات قبل القراءة فإذا شرع في القراءة فات محلهن ، وهو ذكر مسنون مثل دعاء الاستفتاح فإذا فات محله لم يرجع إليه .

الراجـــــــح :
الراجح في هذه المسألة والله أعلم هو القول الثاني .
قال الشوكاني \"والظاهر عدم وجوب التكبير كما ذهب إليه الجمهور لعدم وجود دليل يدل عليه\" [نيل الأوطار (3/314)] .

حكم التكبير الجماعي في العيد؟

 حسبنا الله ونعم الوكيل فيكم .. يا أدعياء السلفية شفلكم الشاغل وهدفكم إثارة الخلاف والفتنة بين المسلمين وإشعالهم لقضايا كبرى للمسلمين - خلصنا من زكاة الفطر بدأوا بإثارة موضوع جديد حسبنا الله ونعم الوكيل !





ا حكم التكبير الجماعي في العيد؟
الجواب :
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
رفع الصوت بالتكبير في أيام العيد من الشعائر التي تميزت بها الأمة الإسلامية عن بقية الأمم السابقة، فالتكبير المطلق والمقيد في عيدي الفطر والأضحى - سواء كان فردياً أم جماعياً - هو سنة مستحبة، واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم، وقد قال الله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) البقرة/185.
والمناسب لهذه الشعيرة أن تكون على وتيرة واحدة ومنتظمة من قِبل الناس؛ لأن التكبير الجماعي أقوى وأعلى صوتاً، وأوقع في النفس من أن يكبّر كل شخص وحده، وأحرى ألا يقع الاضطراب والتشويش بسبب اختلاف الأصوات وتعارضها إذا لم يكن بصوت واحد، ويؤيد ذلك ما يلي:
أولاً: ما ثبت عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: (كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ نَخْرُجَ يَوْمَ الْعِيدِ، حَتَّى نُخْرِجَ الْبِكْرَ مِنْ خِدْرِهَا، حَتَّى نُخْرِجَ الْحُيَّضَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ، وَيَدْعُونَ بِدُعَائِهِمْ، يَرْجُونَ بَرَكَةَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَطُهْرَتَهُ) رواه البخاري.
ثانياً: قال الإمام البخاري رحمه الله: "كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق، حتى ترتج منى تكبيراً. وكن النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان، وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد".
جاء في "فتح الباري": قوله "ترتج" أي: تضطرب وتتحرك، وهي مبالغة في اجتماع رفع الأصوات".
فظاهر النصين يدلان على أن التكبير كان جماعياً بصوت واحد.
ثالثاً: قال الإمام الشافعي رحمه الله في "الأم": "إذا رأوا هلال شوال أحببت أن يكبر الناس جماعة وفرادى في المسجد والأسواق والطرق والمنازل، ومسافرين ومقيمين، في كل حال، وأين كانوا، وأن يظهروا التكبير".
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله - بعد أن نقل العديد من الآثار عن الصحابة والتابعين في تكبير العيدين-: "وقد اشتملت هذه الآثار على وجود التكبير في تلك الأيام عقب الصلوات وغير ذلك من الأحوال...وظاهر اختيار البخاري شمول ذلك للجميع، والآثار التي ذكرها تساعده".
وبهذا نعلم أن التكبير الجماعي بصوت واحد مشروع في أصل السنة، وأنه على فرض عدم ورود ظواهر الأدلة عليه فليس ثمة ما يمنع منه، ولا تترتب عليه أي مفسدة، ولا يدعي أحد أن الذكر بصوت واحد أكثر أجراً وأحب إلى الله، وإنما هو أداء تلقائي ثبت في السنة وفي آثار الصحابة الكرام، فلا يجوز الإنكار على فاعليه، وتناقل هذا الفعل بين أجيال المسلمين من غير نكير أمارة على المشروعية أيضا.
ووقت التكبير يبدأ في عيد الفطر من غروب شمس آخر يوم من رمضان (ليلة العيد)، أو من ثبوت رؤية هلال شوال، وينتهي بالشروع في صلاة العيد.
وأما التكبير في عيد الأضحى فيبدأ من صبح يوم عرفة ويستمر حتى عصر آخر يوم من أيام التشريق. والله تعالى أعلم.