الثلاثاء، 8 أغسطس 2023

الرد على كذبة السلفية السعودية بأن الأشاعرة معطلون لصفات الله جل وعز؟ !

 بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وٱله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد كثر على مواقع التواصل الاجتماعي وفي كتب المجسمة وفي دروسهم ومحاضراتهم ومواقعهم
اتهام الأشاعرة بأنهم معطلون لصفات الله جل وعز، فالحشوية الوهابية وأتباعهم ينشرون دائما هذا الكلام على مواقعهم المدعومة ماليا
لغاية إسقاط الأشاعرة واتهامهم بأنهم ليسوا من أهل السنة والجماعة
وبهذا يخلو لهم الجو ليتصدروا قياده العالم الاسلامي وأنهم هم الوحيدون المتبعون للسلف وأنهم هم الطائفة المنصورة الوحيدة
ونحن إن شاء الله في هذه المقالة نبين ونوضح ونضيء الطريق لمن طلب الهداية والحق في ذلك
ونرد على الوهابية الحشوية افتراءهم في ذلك من كتب الأشاعرة أنفسهم ، وسيكون كلامي على ثلاثة محاور:
المحور الاول: إيراد كلام ثلاثة من كبار شيوخ الوهابية فيه اتهام الأشاعرة بتعطيل الصفات
المحور الثاني: سيكون في ايراد الرد المجمل من كتب الاشاعرة المعتمدة عندنا على ما اتهمونا به من نفي الصفات
والمحور الثالث : سيكون خاتمه لما تقدم وخلاصة للموضوع ، فنستعين بالله ونبدا:
∆∆∆∆المحور الاول: ∆∆∆∆
( بعض ما جاء في كتب المجسمة الوهابية ومواقعهم من اتهام الأشاعرة بتعطيل صفات الله جل وعز)
وهنا نورد كلام ثلاثة من كبار شيوخ الوهابية فيه اتهام صريح للاشاعرة بانهم ينكرون صفات الله جل وعز اولهم ابن باز ثم العثيمين ثم الفوزان.
اولا : عبد العزيز ابن باز
كتب ابن باز على موقعه ردا على
المقابلة التي أجرتها مجلة (المجتمع) مع فضيلة الشيخ محمد علي الصابوني ونشرت في العدد رقم 613 وتاريخ 7 / 6 / 1403 هـ وعلى مقالاته الست المنشورة في أعداد المجتمع: رقم 627 ؛
وما تلاها، وفيها ذكر ابن باز أن مقالات الصابوني اشتملت على أخطاء كثيرة ومنها ما سأنقله أنا (عبد الحميد محمد قطان) مختصرا
من كلام ابن باز فقد قال فيما كتبه:.
*{....... وأيضًا الأشاعرة ضلوا فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة، وما عليه خيار هذه الأمة من أئمة الهدى من الصحابة  والتابعين لهم بإحسان والأئمة المهتدين فيما تأولوه من أسماء الله وصفاته على غير تأويله، وأبو الحسن الأشعري رحمه الله ليس من الأشاعرة، وإن انتسبوا إليه؛ لكونه رجع عن مذهبهم واعتنق مذهب أهل السنة، فمدح الأئمة له ليس مدحًا لمذهب الأشاعرة........}
**وعندما قال الشيخ الصابوني:
[الأسلم أن نفوض الأمر في موضوع الصفات إلى علام الغيوب الذي لا تخفى عليه خافية] اهـ.
رد عليه ابن باز بقوله:
{ليس الأسلم تفويض الأمر في الصفات إلى علام الغيوب؛ لأنه سبحانه بينها لعباده وأوضحها في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين ﷺ ولم يبين كيفيتها، فالواجب تفويض علم الكيفية لا علم المعاني، وليس التفويض مذهب السلف، بل هو مذهب مبتدع مخالف لما عليه السلف الصالح.}
***وعندما ذكر الصابوني أن أهل السنة اشتهروا بمذهبين اثنين أحدهما: مذهب السلف، والآخر: مذهب الخلف.. إلخ.
قال ابن باز:
{ هذا غلط بيّن لم يسبقه إليه أحد فيما أعلم، فإن مذهب أهل السنة واحد فقط، وهو ما درج عليه أصحاب رسول الله ﷺ وأتباعهم بإحسان، وهو إثبات أسماء الله وصفاته وإمرارها كما جاءت، والإيمان بأنها حق، وأن الله سبحانه موصوف بها على الوجه الذي يليق بجلاله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ولا تأويل لها عن ظاهرها ولا تفويض؛ بل يؤمنون بأن معانيها معلومة، وأنها حق لائقة بالله ، لا يشابه خلقه في شيء منها، ومذهب الخلف بخلاف ذلك كما يعلم ذلك من قرأ كلام هؤلاء وكلام هؤلاء.....
........وقد نقلنا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن جَمْعٍ من أهل السنة-رحمة الله عليهم، وإنما يفوض أهل السنة إلى الله سبحانه علم الكيفية لا علم المعاني كما سبق إيضاح ذلك.}
****وعندما قال الصابوني في مقاله : [ أما ما يتخيله بعض الجهلة من أدعياء العلم اليوم الذين يصورون الله بصورة غريبة عجيبة، ويجعلون الله تعالى كأنه جسم مركب من أعضاء وحواس، له وجه ويدان وعينان وله ساق وأصابع، وهو يمشي وينزل ويهرول، ...... .
........-فهذا والعياذ بالله عين الضلالة؛ لأنه شبّه وجسّم ....]
رد عليه ابن باز بقوله:
{.......... فإنكار الصابوني هذه الصفات إنكار على النبيﷺ، بل إنكار على الله ؛ لأنه سبحانه ذكر بعضها في كتابه العزيز وأوحى البعض الآخر لنبيهﷺ، }
-------------------------------
ثانيا : محمد صالح العثيمين
نُشر على موقع طريق الاسلام
رساله للشيخ محمد صالح العثيمين كان فيها ردا طويلا على شخص لم يذكر اسمه
وقد نقلت لكم مقتطفات من كلامه في هذا الرد: فقد قال:
*{..........ذكرتم أن الأشعرية والماتريدية من أهل السنة والجماعة في باب أسماء الله وصفاته، وذلك بناء على تقسيمكم مذهب أهل السنة والجماعة إلى مذهبين:
- أحدهما: مذهب السلف الذي ذكرتم أنه اشتهر بمذهب أهل التفويض.
- والثاني: مذهب الخلف الذي اشتهر بمذهب أهل التأويل.
والحق أن هذا التقسيم غير صحيح وذلك. لأنه لا يمكن عقلاً ولا شرعاً أن نجمع في وصف واحد بين طائفتين مختلفتين في طريقتهما، فهل يمكن أن نقول: إن طريقة من قال: إن الله استوى على عرشه حقيقة، وينزل إلى السماء الدنيا حقيقة، ويجيء للفصل بين عباده حقيقة، ويحب المقسطين حقيقة، ويرضى حقيقة، ويكره حقيقة، ويغضب حقيقة، وكل ذلك وجميع ما وصف الله به نفسه حق على حقيقته بدون تمثيل، ولا تكييف، هل يمكن أن نقول : إن طريقة هؤلاء هي طريقة من نفى حقيقة هذه الأمور وسلك فيها طريق التأويل، الذي سماه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى تحريفاً كما في عقيدته الواسطية ومناظرته عليها.
إننا إن قلنا: إن طريقة أولئك هي طريقة هؤلاء فقد جمعنا بين النقيضين الإثبات والنفي، وامتناع الجمع بين النقيضين أمر معلوم عند جميع العقلاء من بني آدم......} وقال:
**{إن شيخ الإسلام وغيره من المتكلمين في الأسماء والصفات أنكروا على الأشاعرة ومن حذا حذوهم ممن يثبتون بعض الصفات وينكرون بعضها بتأويل، وبينوا تناقضهم، وأن طريقتهم مخالفة لطريقة أهل السنة والجماعة، وأنهم يلزمهم فيما أثبتوه نظير ما يلزمهم فيما نفوه، وأن ما نفوه يمكن إثباته بمثل ما أثبتوا به ما أثبتوه بل بما هو أبين وأظهر..........
إذاً فمن نفى شيئاً من صفات الله تعالى بتكذيب، أو تأويل فليس من أهل السنة والجماعة من أي طائفة كان وإلى أي شخص ينتسب، } و قال:
***{فما زال أئمة أهل السنة ينكرون على من أول نصوص الصفات أو بعضها، ولولا أن كتابي هذا إلى رجل يعلم ذلك، أو يمكنه أن يعلمه بالرجوع إلى كتبهم لنقلت من كتبهم ما تيسر في هذا الباب.
ولا ريب أن تأويل نصوص الصفات عن ظاهرها تحريف محرم وذلك من وجوه:.... }وذكر أربعة وجوه.
وبعدها قال :
****{وبهذا تبين أن أهل السنة مجمعون على خلاف ما كان عليه أهل التأويل ؛ وإجماعهم هو الحجة الظاهرة.}. وقال:
*****{ فإن من المعروف أن الأشاعرة لا يثبتون من الصفات إلا سبعاً وهي: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام، على خلاف بينهم وبين السلف في كيفية إثبات بعضها، أما ماعدا هذه الصفات فإنهم ينكرون حقيقتها بتأويلها إلى ما زعموا أن العقل يجيزه دون الحقيقة. .......}
-----------------------------
ثالثا : الفوزان
جاء في كتاب عقيده التوحيد وبيان ما يضادها .....
للشيخ صالح الفوزان ما يلي: قال:
{الذين يُنكرون الأسماءَ والصفاتِ ثلاثة أصناف:
١ - الجهمية: .....
٢ - المعتزلة: .......
٣ - الأشاعرة والماتريدية ومن تبعهم، وهؤلاء يثبتون الأسماءَ وبعضَ الصِّفات، وينفون بعضها، والشُّبهة التي بنوا عليها جميعًا مذاهبهم: هي الفرارُ من تشبيه الله بخلقه بزعمهم؛ لأن المخلوقين يُسَمَّون ببعضِ تلك الأسماء، ويوصفون بتلك الصفات، فيلزمُ من الاشتراك في لفظ الاسم والصفة ومعناهما: الاشتراك في حقيقتهما، وهذا يَلزمُ منه تشبيه المخلوق بالخالق في نظرهم، والتزموا حيال ذلك أحد أمرين:
أ - إما تأويلُ نصوص الأسماء والصفات عن ظاهرها، كتأويل
الوجه بالذات، واليد بالنعمة.
ب - وإما تفويض معاني هذه النصوص إلى الله، فيقولون: الله أعلم بمراده منها؛ مع اعتقادهم أنها ليست على ظاهرها.
وأول من عُرفَ عنه إنكار الأسماء والصفات: بعضُ مشركي العرب، الذين أنزل الله فيهم قوله تعالى: {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ} ........وقال تعالى في سورة الفرقان: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: ٦٠] .
فهؤلاء المشركون هُم سلف الجهمية، والمعتزلة والأشاعرة، وكل من نفى عن الله ما أثبتَهُ لنفسه، أو أثبته له رسوله - صلى الله عليه وسلم - من أسماء الله وصفاته. وبئسَ السلف لبئس الخلف. والرد عليهم من وجوه:
.........الخ
∆∆∆∆المحور الثاني: ∆∆∆∆
يتبين من كلام شيوخ الوهابية المجسمة الذي ورد في المحور الأول عده نقاط أهمها :
1- الأشاعرة ضلوا فيما خالفوا فيه الكتاب والسنة، وما عليه خيار هذه الأمة
2-اعتبار التفويض للمعاني مذهب مبتدع مخالف لما عليه السلف الصالح
3-اعتبار التأويل تحريف وانكار لحقيقه الصفة
4- اتهام الأشاعرة بأنهم لا يثبتون من الصفات إلا سبعاً وهي: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والسمع، والبصر، والكلام
5- اتهام الأشاعرة بإنكار الأسماء والصفات ومشابهتهم للكفار في ذلك
بسبب تأويلهم لها أو تفويض علم معانيها لله جل وعز .
ونحن - إن شاء الله - سنأتي هنا بأحد عشر نصا لنرد على هذه الافتراءات ردا اجماليا ومختصرا من كتب الأشاعرة المعتمده لدينا؛ ونثبت من خلالها أهم ثلاثة أمور وهي:
أ - أن الأشاعرة يعتقدون بوجود صفات لمولانا جل وعز واجبة له لا تنحصر في عشرين ولا ثلاث عشرة ولا سبع صفات.
ب_ أن السلف الصالح أوّلوا الصفات.
ج _ أن الإمام الأشعري لا ينفي الصفات السمعية بل يثبتها لورودها في الوحيدين .
فنقول وبالله التوفيق:
1_ جاء في كتاب العقيدة النورية الأشعرية ما نصه: ((وَيَجِِبُ ِللهِ جَلَّ وَعَزَّ كُلُّ كَمَالٍ لاَئِقٍ بِهِ. وَيَجِبُ عَلَى المُكَلَّفِ مَعْرِفَةُ مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِهِ، وَهْوَ عِشْرُونَ صِفَةً وَهْيَ ... الخ)).
فوضح في هذا السطر أن صفات كمال الله وجلاله وجماله لا تنحصر وذلك بقوله: ((كُلُّ كَمَالٍ لاَئِقٍ بِهِ)) ، وأن ((العشرين)) إنما هي التي دل الدليل عليها تعييناً ووضح ذلك بقوله: ((مَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى تَعْيِينِهِ))،
2_ وقال الإمام العلامة الهدهدي الأشعري في شرح قول السنوسي الأشعري: ((فممّا يجب لمولانا جل وعز عشرون صفة)).
قال: (([من] بمعنى بعض فهي للتبعيض أي من بعض ما يجب، لأن صفات مولانا جل وعز الواجبة له لا تنحصر في هذه العشرين، إذ كمالاته لا نهاية لها، ولم يكلفنا الله إلا بمعرفة ما نصب لنا عليه دليلاً وهي هذه العشرون، وتفضل علينا بإسقاط التكليف بما لم ينصب لنا عليه دليلاً).
3 _ عبد الله بن عباس ترجمان القرآن يؤول الساق على معنى الأمر الشديد. حيث روى عنه (الحافظ ابن حجر العسقلاني) في (الفتح) بإسناد حسن فقال: وأما الساق فجاء عن ابن عباس في قوله تعالى: {يـَوْمَ يُكْشـَفُ عـَنْ سَاقِ} قال: (أي ابن عباس رضي الله عنهما): (عن شدة من الأمر).
4_ وقد نقل [الحافظ الطبري] في تفسيره عن [ابن عباس] أنه أوَّل قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } قال: [أي بقوة].
وأوَّل ابن عباس قولـه تعـالى:
{فَالْيَوْمَ نَنسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَٰذَا}.حيث أوَّل النسيان الوارد في هذه الآية بالتَرك، وكذلك نقل [الطبري] عن [مجاهد] هذا التأويل.
5_ وهذا البخـاري وهو من السلف الذين ذَبّوا عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم - قد استعمل التأويل كما هو مدون في صحيحه في قوله تعالى: {كُلُّ شَىْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ}. قال [أي البخاري]: [إلا ملكه].
وثبت تأويل هذه الآية عن [سفيان الثوري] حيث قال: [إلا ما ابتُغِيَ به وجه الله من الأعمال الصالحة].
6 _ وهذا الإمام أحمد بن حنبل:
أوَّل قول الله تعالى: {وَجَآءَ رَبُّكَ} [أي جاء ثوابه]. رواه عنه [البيهقي] وقال:[هذا إسنادٌ لا غبار عليه].
7 _ وأخيرا الإمام مالك أوَّل حديث:
[ينزل ربنا]، بنـزول رحمتـه،نقله الزرقاني في شرحه على [موطأ مالك]، وقوى نسبة ذلك لمالك [ابن حجر] في الفتح والنووي في شرح مسلم.
8 _ جاء في مجرّد مقالات الأشعري (ص40 ط السايح) :
(( فأما ما يثبت من طريق الخبر , فلا يُنكر –أي الإمام الأشعري- أن يَرِد الخبرُ بإثبات صفات له تُعتقد خبراً , وتطلق ألفاظها سمعاً , وتحقق معانيها على حسب ما يليق بالموصوف بها , كاليدين والوجه والجنب والعين .لأنها فينا : جوارح , وأدوات , وفي وصفه نعوت وصفات , لما استحال عليه التركيب , والتأليف , وأن يوصف بالجوارح والأدوات ) .
وهذا نصُ صريح لمن نقل مذهب الأشعري وفيه إثباته الصفات الخبرية .وهذه الصفات عند الإمام الأشعري معنى يقوم بالموصوف , وليس عيناً وقد إنكر الأشعري "وصف الصفة بصفة تقوم بها" , وعلله بقوله 🙁 لأن ذلك يؤدّي إلى قيام معنى بها , فلا يتحمّل المعنى معنى) .
(مجرد المقالات , ص39)
9 _ نقل أئمة الأشاعرة عن الإمام الأشعري إثباته الصفات الخبرية ونفيه حقيقتها , فقد قال الإمام السنوسي في شرح الوسطى :
( اختلف في أشياء وردت في الشرع مضافة لله تعالى، وهي الاستواء واليد والعين والوجه، بعد القطع بتنزهه تعالى عن ظواهرها المستحيلة عقلا إجماعا، فقال الشيخ أبو الحسن الأشعري: إنها أسماء لصفات تقوم بذاته تعالى، زائدة على الصفات الثمانية السابقة، والسبيل إلى إثباتها عنده السمعُ لا العقل، ولهذا تسمى على مذهبه: صفات سمعية، والله تعالى أعلم بحقيقتها )
ثم قال: ( وأما الشيخ الأشعري فاعتمد في إثبات هذه الصفات ـ أي السمعية ـ على ظواهر من القرآن؛ أمّا الاستواء فاحتج على ثبوته بقوله تعالى: ﴿عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه:5] فقال: الاستواء بمعنى الاستقرار والتمكن والجلوس مستحيلٌ عقلًا وإجماعاً، وتأويله بالاستيلاء على العرش بالقدرة يوجب أن لا يكون لتخصيص العرش بذلك فائدة ؛ إذ سائر الممكنات تماثل العرش في ذلك، فوجب أن يحمل الاستواء على صفة تليق به جل وعز، والله تعالى أعلم بحقيقتها ) .
10 _ وقال الإمام النفراوي في الفواكه الدواني :
( ..... والدليل عنده - أي عند أبي الحسن الأشعري - على ثبوتها - أي الصفات الخبرية - السمع لورودها إما في القرآن أو السنة لذلك تسمى على مذهبه صفات سمعية ) .
11 _ وقال الإمام الآمدي في أبكار الأفكار :
(ذهب الشيخ أبو الحسن الأشعرى فى أحد قوليه , والأستاذ أبو اسحاق الاسفرايينى والسلف الى أن الرب تعالى متصف بالوجه , وأن الوجه صفة ثبوتية زائدة , على ماله من الصفات , متمسكين فى ذلك بقوله تعالى [ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ] لا أنه بمعنى الجارحة.......).
فهل بعد هذه النقول يُقال يقال عن الأشاعرة أنهم معطلون للصفات؟
أم الذي يرميهم بذلك هو المُتهَمٌ في دينه؟
هل يُقال عن هؤلاء الأعلام، الذين هم من كبار علماء السلف الصالح
( إنهم ليسوا من الفرقة الناجية لأنهم أوّلوا بعض آيات وأحاديث الصفات )؟؟؟
لا شك أنّ كلّ عاقل يتبين له مما نقلناه أعلاه من تأويلات السلف أنّ المُؤَوِل لا يكون ضالًا لمجردّ التأويل إذا وافق القواعد التي وضعها العلماء للتأويل.
والأشاعرة عندما اعتمدوا التأويل أحد المذهبين لهم لم يخالفوا بذلك السلف ولم يعطلوا الصفات.
∆∆∆∆ المحور الثالث: ∆∆∆∆
مما تقدم ذكره في المحورين السابقين يتبين لنا ويتضح ان المجسمة الوهابية يعتبرون أن من أوّل الصفات الخبرية أو من فوّض علم معانيها إلى الله عز وجل؛ يعتبرونه معطلا لتلك الصفات حسب فهمهم لها ؛ فمتى يكف هؤلاء عن التشنيع بالباطل، ويجلسوا في حلقات العلماء ليرفعوا الجهل عن أنفسهم.
الأصل عند السادة الأشاعرة في الصفات الخبرية _ والتي هي في الإنسان جوارح _ تفويض المعنى ونفي الكيف ونفي التشبيه
أما الصفات التى هي ليست في الإنسان جوارح .. فالسادة الأشاعرة يؤمنوا بها ويفوضوا المعنى ويثبتون لوازم الصفة .. فلا نعلم معنى غضب الله - سبحانه وتعالى - لكن نعلم لوازمها من العقوبة فى الدنيا والأخرة.
فالصفات التى يستحيل وصف الله - سبحانه وتعالى - بها على حقيقتها .. يجب تأوليها .. كالهرولة والنزول والمرض والنسيان.
وفرق كبير بين من يؤوّل الصفات وبين من ينكرها ، نتحدى جميع النابتة على وجه الأرض بأن يأتوا لنا بصفة واحدة ثابتة لله في الكتاب والسنة قمنا بإنكارها ؟
فنحن على سبيل المثال نثبت العلو ، لكننا ننكر البعد الحسي والمسافة .
نثبت النزول، لكننا ننكر النقلة والحلول .
نثبت اليد ، لكننا ننكر الأجزاء والابعاض والتركيب .
فقولهم بأننا نعطل صفات الله تعالى كذب وبهتان وافتراء ،
أو بعبارة أخرى نقول:
نعم وقع الأشاعرة بتعطيل بعض الصفات التي نسبها الحشوية لله جل وعز فقد عطلوا الاستواء عن صفة الجلوس والاستقرار والتحدد
وعطلوا النزول عن الحلول والحركة والدخول والخروج
وعطلوا الذات عن وصف التركب والانقسام والاحتياج والانفعال؛
وعطلوا بعض الأحاديث والٱيات عن معناها الظاهر لان المعنى الظاهر تشبيه وتكييف
لذلك كل مجسم وحشوي يرى الأشاعرة معطلة ولا حول ولا قوة إلا بالله.
كتبها وجمعها عبد الحميد محمد قطان تاريخ. /8/8/2023/