الأحد، 25 فبراير 2018

دحض ما رُوج في السير النبوية (الدراما التاريخية عن هولوكُست اليهود) في حادثة مذبحة بنو قريظة ...!!

نسف شبهة : مجزرة بني قريظة



مقدمــــــــــــــة :
كثيراً ماكنت أقرء السيرة النبوية وعندما أصل الى حادثة مذبحة بنو قريظة أستشعر البشاعة فيها والذبح غير المبَّرر فأشعر با شمئزاز داخلي , لأنه ينافي تماماً السماحة النبوية واللطف المحمدي وعبقريته في التعامل مع الوقائع مع وجود تضارب ملفت في المواقف غير المترابطة وفي بعض الأحيان المحيرة والقابلة للشك فيها مما دعانا للبحث عن حقيقة هذه القصة المثيرة للجدل ؟
الحادثة بدأت عندما عفا الرسول الكريم عن أخطر رأس يهودي وهو (حُيي بن أخطب )
سيد بنو النضير الذي حاول إغتيال الرسول فذهب ليوءلب العرب وفي مقدمتهم قريش ويحرضهم على إستباحة شوكتهم وبيضة المسلمين فاستطاع أن يقنع قريش وبني غطفان وهم بدورهم قاموا بأكبر تجمع ضد المسلمين وصلوا الى 10 آلاف مقاتل ....ولولا فكرة الصحابي سلمان الفارسي الذي أقترح بحفر خندق في شمال المدينة لتعرض أهل المدينة لأكبر إبادة ... مما تم حفره من قبل كل المسلمين حتى أن النبي شارك في هذا الحفر وفي زمن قياسي معجز ,, فخندق بطول (5.5كم)وعرض(5متر)وعمق (3.5متر) وكان إتمام هذا العمل الجبار في 6 أيام لذلك
قال الصحابة :
كان ليلنا نهاراً.......
ثم قيام (حُيي بن أخطب ) بالذهاب الى بنو قريظة ليقنع سيدهم اليهودي (كعب بن أسد )الذين كانوا في حلف مع المسلمين وبينهم عقد إتفاق المعاونة والمشاركة في المنشط والمكره ضمن وثيقة المدينة إلا أنه أستطاع أن يقنعه ويفسخ العقدالمبرم وينقضه ويخون النبي وأهل المدينة في الخفاء وفي أحلك الظروف وأخطرها ويتفقوا مع أعداءهم لكي يقوموا بأكبر عملية إبادة للمسلمين برمتها ؟؟
كانت بنو قريظة تسكن جنوب المدينة (اي أسفل المدينة ) وكان المسلمون قد قاموا بتحصن الأطفال والنساء والشيوخ عند ناحية الجنوب!!
وعندما علم المسلمون ذلك حيث أنهم اصبحوا محاصرين من ناحية الشمال (أي من فوقهم )عند الخندق وأن جنوب المدينة أصبح مكشوفاً أي من أسفل منهم حيث أن بنو قريظة موجودون هناك , حينها:
1- أعلن النبي حالة الطواريء القصوى بإرسال مايقارب الـ 500جندي لحماية ظهر المسلمين من بنو قريظة
2- دخل الرعب في صفوف المسلمين حيث يقول الله في هذا الموقف [إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيداً (11)] الأحزاب
إنه وصف مرعب لما حصل لهم حتى وصل أن بعض المسلمين ظنوا بالله الظنون ؟؟
3- جهر النفاق بين صفوف المسلمين حيث يصفهم الله تعالى [ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً(12) وَإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَارًا(13)]الأحزاب ؟؟
ويقول بعضهم : إن محمداً وعدنا كنوز كسرى وقيصر ولايأمن أحدنا أن يأخذ حاجته !؟
حتى وصل الحال الى أنه قام النبي ليقوم بالتوصل الى إتفاق شفوي لم يعقد بعد مع بنو غطفان كونهم كانوا من أكبر القوى المتحالف المشتركة في هذا الغزو الكبير وذلك بأن يعطوهم ثلث ثمار المدينة مقابل إنجلائهم عن الحصار ولكن هذا الإتفاق لم يتعاقد عندما شاور السعدين ( سعد بن عبادة سيد الخزرج ) و(سعد بن معاذ )سيد الأوس فقال سعد بن معاذ : أهذا وحي أم المشورة فقال : بل المشورة ,,فقال سعدبن معاذ : والله لا نعطيهم إلا السيف ؟وقال : لقد كنا لانعطي تمرة واحدة لهم في الشرك أفإن أعزنا الله بالاسلام نعطيهم ؟
المهم غفا رسول الله غفوة ثم قام وقال : أبشروا بالنصر ..
وفعلاً قال الله تعالى [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا (9)]الأحزاب
فقد كان الريح عاتية و شديدة البرد بحيث أطفئت نيرانم وقدورهم وخيامهم ,,والجنود يقال أن الملائكة كانت تكبر أو أن الرياح هي نفسها من جنود الله فقذف الرعب في القلوب وهناك انسحبوا وفكوا الحصار الذي دام ثلاثة أسابيع ...أما قصة (نعيم ) فليست موثوقة %100
حيث أقدم المجتمعون والمتحالفون ضد دولة المدينة على فك الحصار :
1- لأنهم لم يعلموا أنهم سيواجهون خندقاً كون الخنادق لم يكن متعارفاَ عليه في حروب الجزيرة العربية ؟
2- لم يكن لديهم الموءن الكافية للحصار الطويل , فقد كانوا يريدون أكتساحاً لايدوم يوماً أو يومين ................
والقرآن قد أوضح في بيان كيفية فك الحصار الظالم .
***********************************************
القضية المحورية فيما يسمى بـ مجزرة او مذبحة بنو قريظة حسب المرويات؟؟
فبعد أن انتهى الغزوة بفك هذا الحصار الرهيب رجع المسلمون بقيادة النبي الى دورهم وأعمالهم فوجد جبريل وعليه عمامة فقال لرسول الله : هل وضعتم اسلحتكم ؟
فقال النبي : نعم ..............
فقال جبريل : فإن الملائكة لم تضع أسلحتها حتى يزلزلوا في
بنو قريظة...............!!
1- وهنا يتبين أن النبي لم يكن له نية في الانتقام من بنو قريظة ؟
فأمر النبي أنه لايصلين أحدكم العصر إلا في بنو قريضة ,,وحاصروها لمدة تتراوح الى ال15 يوماً حتى ينزلو الى حكم النبي وهنا تدَّخَل الأوس الذين كانوا متحالفين مع بنو قريظة وبنو النضر,وكانت الخزرج متحالفة و متعاهدة مع بنو قينقاع ,, بأن يعفو عنهم وأن يحكمهم كما حكم ببنو قينقاع الذي شفع فيهم سيد المنافقين (عبد الله إبن ابي سلول )حيث تم إجلائهم من المدينة مع ترك دورهم وأموالهم....
2- وهنا يتبين أن الأوس كانت تريد الخير والصفح عن بنو قريظة ولاتريد قتلهم وهم جزء كبير من المسلمين آنذاك ؟
هنا أجاب النبي لمطالب الأوس بأن يحكمهم من هو سيد الأوس وهو ( سعد بن معاذ ) الذي كان مصاباً في أكْحله وقال النبي لبنوقريظة ( أَلاترضون أن يحكمهم رجل منكم ) فاستجابوا بالقبول.....
3- وهنا يتبين أيضاً أن النبي لم يحكم عليهم ؟ ولا يدري ما سيحكم عليه سعد !؟
وهنا تَدَّخل سعد وقال : آن الأوان أن لايأخذ سعد في الله لومة لائم
وقال : أنا أحكم بأن يقتل المقاتلة فيهم؟
وهنا تبدأ القضية في :
1-عدد القتلى وهل هو كما قرأناها أنهم بالمئات أو الآلاف ؟
2- وهل هم كل ذكر نبت له الشعر؟
3- وهل هم فعلاً قتلوا في أخاديد وسط سوق المدينة ؟
4- وهل تم أسرهم وأستسلموا دون معركة ؟
**************************************************
لندخل في دراما حادثة المجزرة والمغالطات التاريخية في السيرة ؟ فالسيرة تبين لنا الموقف البطولي لمبدأية اليهود في الرضا والقبول بالذبح ويظهر -بدون قصد طبعاً - وحشية المسلمين والإقدام على المجزرة بدون أية رحمة ؟
وأقصد هنا هذه اللفتات الموجودة في السِيَر:
1- بيان أن ليلة الذبح كان اليهود كلهم يتلون التوراة !
دلالة على مقدار التقوى الذي كانوا يتمتعون به وأنه لم يترك أحد دينه مطلقاً كمشهد يتبين فيه مدى ثباتهم على المبدأ ؟؟
2- إبراز الدور البطولي لسيد المؤامرات بأنه مبدئي للنخاع وهو(حيي بن أخطب )وكيف تقدم الى حلبة الإعدام بكل أريحية وبطولة قلَّ نَظيرها وكيف أنه أقدم على شق عباءته لكي لايستفيد منها
أحد !
كيف يصور لنا السيرة ؟ أنه لم يندم على ما قام به !! وكيف يطمئن بني جلدته (أن لايحزنوا فهذه ملحمة على بني اسرائيل ؟!) كأن السيرة يبطن مأسات بنو اسرائيل وانهم ضحايا وليسوا خونة ؟
3- الموقف البطولي لـ(زبير القرظي )عندما أراد( زيد بن ثابت) أن يجزي له أجر معاملته أيام حرب بُعاث فأراد أن يشفع له عند النبي فقبِل , ثم رجوعه وهو يقول :كيف يعيش من دون أهل وولد
فيرجع زيد ليشفع فيهم , ثم يقول مرة ثالثة : وكيف سيعيش وليس له مال ,, فيرجع ويشفع في ماله ,,,,
ثم يسأل عن أسياده وأقاربه فيقول قد ذُبحوا ؟ فيقوم بموقف بطولي قَلَّ نَظيره وهو الإقرارعلى أن يقوم زيد بن ثابت ليذبحه بنفسه كي يلقى الأحبة فإنه لايستطيع العيش بدونهم ؟؟
ماهذه الأقاويل المكشوفة في الاختراق ....وكأنك تشاهد فلماً مأساوياً عن هولوكوست اليهود ؟
4- حديث عائشة للمرأة الوحيدة التي قتلت وذبحت لجرم أقترفتها وكيف تندهش عائشة منها ,,عندما تذكر لنا حسب مقولات المرويات أنها شاهدتها وهي تذبح وتضحك وتبتسم لتصل الى العالم الأبدي في جنات عدن ؟؟
قصص أسطورية سَطَّرها من يريد أن يرسم صورة مأساوية
وبطولية للضحايا !!!......................
5- قيام المؤرخين بسرد هذه القصة على أن بنو قريظة لم يقوموا بأي مقاومة على أنهم كانوا في يوم السبت وقد حرم عليهم الشرع بالحرب ,,وهذه مغالطة فاضحة لأنه من يقرء الديانة اليهودية يرى أنه من الواجب حسب شرعهم القتال أيام السبت دفاعاً عن النفس !
6- ثم لناتي الى العدد فكم هوعدد القتلى فقد اختلف الروات في عددهم كثيراً فيقول الإمام مجاهد أنهم (3000) ويقول إبن كثير انهم ( 700) ويقول أبن حزم أنهم (900)
والصحيح هو ما سيتبين فيما بعد أنهم (40 ) فقط ؟؟؟
فمن الملاحظات التاريخية أن المؤرخون وحسب ظروفهم التاريخية كانوا يميلون دائماً الى الكثرة في عدد من يقتلونهم ويفتخرون بذلك ؟ويقللون من قتلاهم !
وكانو يحبون مصطلح (قتلوا عن بكرة أبيهم ),,وكان من المفترض أن يوضع السيرة النبوية تحت معايير الأسانيد الصحيحة والمحققين بهذا الشأن وأن لايكون في يد الروات فقط
وكما يقولون في علم الاجتماع السياسي :
[ أن الحقيقة التاريخية ليست نصية بل هي حقيقة إجتماعية ,,أي أن المتخصص لايلقي بالأسانيد الظاهرة والباطنة ولا يؤمن بها , بل يؤمن بأن معيار أحقية الحقيقة هو مقدار تأثيرها على الجماعة وآيدولوجيته فقد يكون الواقع اسطورةً !! ]
لننظر الى مغالطات الروات في السيرة:
1- تقول رواية ( أبو إسحاق ) انهم قدجمعوا كل من جرت عليه الموس (أي بحدود 12سنة فمافوق ) مع الأطفال والنساء في دار بنت الحارث من بني النجار ؟؟ والمغاطة واضحة وهو :
كيف تم جمع آلاف منهم في بيت واحد ؟؟فكم كان حجم هذا البيت !! مع أن بيوتهم كانت صغيرة جداً؟
بينما تقول رواية (الواقدي ) أنه قدتم فصل الرجال في بيت بنت الحارث والنساءوالأطفال في بيت زيد بن الحارث؟
وهل عقلياً يمكن جمع كل هذه الاعداد في دار مع العلم أنه حتى المسجد النبوي المعلوم المساحة حينها لم يستطع إستعابه كل هذه الكتل البشرية؟
ومرويات الواقدي وإبن إسحاق لهم من قبل كثير من العلماء مطعن في الأحاديث فما بالك في المغازي
2- ولماذا أَتَو بهم الى داخل المدينة والمسافة بين المدينة وبنو قريظة ما يقارب 6 ساعات للشاب سيراً على الاقدام وإن كان معهم الأطفال والشيوخ والنساء فإن المسافة ستستغرق 10 ساعات على الاقل ؟؟ فما الحكمة من جر كل هذه الاعداد الكبيرة كل هذه المسافة ؟؟؟
3- وما الحكمة في حفر الخنادق داخل السوق ؟ لرمي جثثهم هناك كما يرويها الروات !!
ألم يحصل لهم تلوث وأمراض وأوباء ,, حتى أن بعض الروايات تذكر أن الضِباع كانت تنبش
جثثهم ؟
هل من المعقول أن النبي المشهود له بالرحمة والصفح والعفو يفعل ذلك ؟ وفي سوق المدينة ؟
4- ثم لماذا حفروا خنادق لهم , ألم يكن الخندق موجود اصلاً وكل هذه الايام التي أستنزفوا في حفرها كل طاقاتهم ! ...لماذا لم يتم رميهم في الخندق الموجود أصلاً بعد أن قاموا باجتياز كل هذه المسافة ليصلوا الى المكان القريب جداً من الخندق فيحفروا خنادق إضافية ؟
يبدوا أن الكلام مفبرك !!
5- ثم لماذا كان في رواية الواقدي كلمة (أخاديد )؟ وليس (خنادق ) فهل هو مصطلح ملفق للطعن (في المستقبل ) على اصحاب الأخدود الموجود في القرآن والتي كان ضحيتها نصارى نجران فكان لابد من ذكر ضحايا اليهود في السيرة النبوية ؟؟
6- ثم ماقصة ( أبو لبابة ) من بني عوف الذي ذهب الى بنو قريظة وكانو في حلف معهم وقد تم سرد هذه القصة المشهورة التي تبين كيف أشار الى رقبته على أن المسلمون سيقدمون على ذبحهم عندما رَقَّ قلبه لمشهدهم المحزن وكيف أن الأطفال والنساء رموا بأنفسهم على رجله لكي يعلمو مصيرهم!! وكيف قام بكشف سر النبي !!فهي إشارة خطيرة الى أن النبي كان يعلم ذلك وقد خطط له وأمر بكتمان السر ؟ مع أن المرويات نفسها تبين أنه لم يعلم ماسيقرره سعد بن معاذ في الحكم عليهم ؟؟ وهذا هو التناقض الواضح وقصة ابو لبابة محض افتراء لأنه كما قلت أن النبي نفسه لم يعلم بما سيقرره سعد بن معاذ ,,,وهو طعن مبطن كون أن النبي له تَقيّة ؟ او أنه هناك اتفاق مسبق مع سعد وهوما يخالف تماماً أخلاقيات النبي و هديه الذي شهدله الغرب قبل الشرق والعالم بأجمعه وقبلهم رب العزة جل في علاه وأقر بسمو أخلاقه وبيَّن انه رحمة مهدات للعالمين وتاريخه شاهد على ذلك.
7- ثم ألا يناقض القتل الجماعي الآية القرآنية [ولا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخرى ] أما مذهب الشافعية فيقر قتل من جرت عليه عقوبة الحِرابة على من شارك فعلياً او خطط فقط أما من كان معهم من أهاليهم فلاتجري عليه عقوبة الحِرابة وهذا يخالف مقولة (قتل كل من جرت عليه الموس )...فلا يوجد في الاسلام -حرب شاملة -وقتل جماعي.
فصـــــل البيــــــــان:
1- لكي نقوم بأخذ معيار المحققين والمؤرخين (من أهل الثقة ) أن عدد القتلى في هذه الحادثة ووصف كلمة (من جرت عليه الموس )لم يذكره لا ( البخاري ) ولا (مسلم ) .
2- ما ذكره أحاديث البخاري ومسلم هو مصطلح ( المقاتلة )وهي تعني كل من يستطيع القتال ومن قاتل فعلاً وشارك في هذه المؤامرة والخيانة العظمى وجريمة الحرب فقط
3- لذلك يكون معقولاً أن تَجُر المتهمين بهذه الجريمة الكبيرة الى المدينة وبعد تحقيق مطول يصدر حكم الخيانة العظمى لمن كان مشاركاً فعلياً فقط وليس الكل ..وهذا هو المنطقي
4- لم يخبرنا البخاري ولا مسلم عن عدد القتلى لا 400 ولا 800 ولا 40 ولكن تناقلتها الروايات التي ليس لها سند صحيح ...وأبو اسحاق قد رواها تعليقاً فقط ؟
5- طبيعة الروات كما قلتها سابقاً كانت متجهة الى تكبير وتضخيم عدد قتلى الغير فهي كانت دلالة الى رمزية القوة حينها كعرف متعارف والى الآن نحن نأن من تضخيم القتلى في صفوف الاعداء أو تضخيم أعداد قتلانا لزيادة الحرقة والمأساة !!
6- كل ما روي عن هذه الملحة والدراما المؤثرة أسانيدهم من :
* (عطية القرظي ؟) الذي نجا من القتل وأسلم وحسن إسلامه ..فليس غريباً أن يميل الى بني جلدته في سرد الروايات بشكل مؤثر فحرارة الدم وعمق المأساة تؤثر على نفسية الفرد وقد قرأنا في السيرة أن حرارة الدم والعرق كانت تؤثر على مفاهيم الصحابة أنفسهم من الأوس والخزرج وقريش ,,
نعم إنه الإنسان المجبول على ذلك ,, والصفات الموروثة.......
* (المسور بن رفاعة القرظي ؟؟) والذي رواه عن عمه (ثعلب بن مالك القرظي؟ ) الذي نجا هو ايضاً من المذبحة .
* (محمد بن كعب القرظي؟) التابعي الجليل ,,,,,
إذاً تبين أن كل الأسانيد لسرد هذه الروايات المؤثرة جاءت من النسل القرظي ؟؟ففيه نسيج يهودي الأصل ,,فلا غرابة أن تكون الدراما مؤثرة جداً ,,,وتبين بدون حسبان لمستقبل - دموية المسلمين- الذين هم براء من هذه الاقاويل والتناقضات الواضحة و........................
7- إنه من المهم القول أن السيرة جمعها (إبن اسحاق )واختصرها (إبن هشام )وهي حافلة بالمغالطات والإفتراءات وأن أكثرها لا أصل له، ويوجد فيما ذكره عن ( أنس بن مالك ) أنه كان يسمي ابن اسحاق بمسميات لا نذكرها هنا ؟ وكان يرد كلامه في الأحاديث فما بالك في المغازي ؟لكونه كان يأخذ كثيراَ من أبناء اليهود الذين أسلموا والذين كانوا يقصون مآثرهم التاريخية وكما ذكرت فالذي نقل لنا هذه القصة هم من أصول يهودية قرظية لتمجيد أجدادهم وهم كانوا معلموا ( إبن إسحاق ) الذي بدوره نقل الأسطورة ودوَّنها وبيَّن أن الرسول قد ذبح 800 أو 900 يهودي من بني قريظة؟
اما (الواقدي )فله من قبل كثير من أهل العلم كلام ويكفيه أنه من كثرة حفظه ونقله للأحاديث فإن الكتب الستة للأحاديث المعتمدة المعروفة تخلوا من أحاديثه؟ سوى حديث واحد فقط قد ذكره إبن ماجة ؟ فما بالك بمرويات المغازي !!!
لذلك طعن ابن حنبل في مصداقية مثل هذه الآثار على وجه العموم عندما قال: ثلاثة لا أصل لها؛ الملاحم والتفسير والمغازي، وحادثة بني قريظة من المغازي التي لم يمحصها تمحيصاً دقيقاً حيث كان سبباً في إتهام بعض المستشرقون للرسول الرحيم
8- القصة الذي أخذها إبن إسحاق كان نقلاً عن قصة يهودية قديمة حدثت أيام حكم الإسكندر الحشموني – كما يذكرها الأستاذ المتعفاي- وبما أنه نقل من معلميه الذين هم من الأصول اليهودية فقد تفنن اليهود في إضفاء البطولة لأسلافهم وبين مدى ثباتهم على مبادئهم كي يمجد تاريخهم في السيرة – طبعاً – لم يعلم إبن أسحاق أن رواياته سوف يمدجها الأسلاف !!
فقد كان اليهود محاربين شرسين ومعروف عنهم مدى استماتهم في قتالهم وتفضيلهم الموت على الاستسلام، وثوراتهم ضد الرومان كانت من أكبر التحديات التي واجهت روما في أوج قوتها، وهذا ما دفع الرومان إلى محاولة استئصالهم والقضاء على دينهم ومحوه وقصة الملك اليهودي الحشموني أليكساندر قد أوردها المؤرخ اليهودي الأشهر فلافيوس يوسيفوس، كان هذا الملك المنحاز للصدوقيين قد هزم الفريسيين المتمردين والذين كانوا قد استعانوا بالسلوقيين المقدونيين (الكفار) ضده، فلما انتصر صمم على الانتقام منهم، فصلب 800 يهودي وذبح نساءهم وأطفالهم أمام أعينهم، فكلتا القصتين استعان اليهود بالكفار للتغلب على صاحب السلطة الشرعية وعلى المؤمنين!!! وانتصر صاحب السلطة الشرعية وانتقم منهم!!!
إذاً تبين أن القصة مأخوذة من تراث اليهود وهو مخالف تماماً لما بيَّنه وسجَّله القرآن
9- القصة الحقيقية مذكورة في القرآن، لقد خان اليهود عهدهم مع المسلمين وكان من المفترض المشاركة معهم لدحر عدوهم المشترك لكنهم خانوا العهد وناقضوا المواثيق المبرمة وتحالفوامع الأعداء وعرَّضوا دولة المدينة الوليدة للإبادة ,, لما أنسحب المشركون إنسحاباً مفاحئاً كان ما هو متوقع وهو أن يتحصن اليهود في حصونهم المتينة وأقدم المسلمون لحصارهم ومن ثم حدثت معركة طاحنة بينهم قُتل أكثر من اليهود والبقية قذف الله الرعب في قلوبهم فوقعوا في الأسر الذين أتهموا بعد تحقيق مطول كما ذكرنا بالخيانة العظمى للقيادات المتآمرة فقط أما قيام الرسول بأن يقضي سعد بن معاذ فيهم فقد كان من باب تطييب خاطره لكونه كان حليفهم قبل الإسلام وكان في فترة الإحتضار حيث كان جرحه بليغاً فأمر بدوره بالحكم المعلوم وهو قتل المقاتلة منهم فقط .
وهذه الآية تتحدث عن هذه الواقعة وكيف دارت الحرب بينهم بعد أن تخَلَّفوا عن عهودهم واستمالوا الى العدو وكيف تم أسر البقية بوضوح , والمناقض تماماً للمرويات التي تبين إستسلامهم دون معركة !!
[وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً] الأحزاب26
وأخيـــــــــــــــراً:
يتَبَيَّنَ من المرويات نفسها أن عدد القتلى هو ماذكره ( الامام عبيد بن زنجويه ) حيث تبين من جانب العلما ء أن اسانيده كلها صحيحة وليس فيها مطعن في كتاب (الاموال)وأن عدد القتلى هو (( 40 )) فقط لاغيـــر وأنهم من المقاتلة أي الذين شاركوا بشكل فعلي في هذه الجريمة النكراء الذين قال كل منصف وكل مؤرخ شرقي وغربي أنه لولا القضاء على هذه الخلايا التي كانت مثار قلق في كل لحظة , وهذا القِصاص معهود في كل القوانين والأعراف الدولية ....
وهنا أُسْدِل الستار عن هذه المعضلة التي كانت مثار شك من كل من يرى الطعن في هذا الدين وهذا النبي العظيم ولا نرى مانعاً من نبش المرويات وبيان تناقضاتهامع رسالة القرآن والنهج النبوي الذي بيَّنه القرآن أنه الرحمة المهداة.......
رُفِــعَــتْ الـقضية وأُقــفِــل المَـحْضـَرْ...................
========================

نسف شبهة : مجزرة بني قريظة

الحمد لله، و الصلاة و السلام على رسول الله، المبعوث رحمة للعالمين، و على آله الطاهرين و صحبه الغر الميامين.
أما بعد :
فمدار شبهة اليوم حول مقتل بني قريظة التي سموها بمجزرة بني قريظة و ذلك للنيل من الإسلام، لكن هيهات هيهات، فهذا دين الله عز و جل و الله متم نوره و لو كره الكافرون. على بركة الله نقدم البحث :
وجه الإستدلال :
قال ابن إسحاق: ثم استنزلوا، فحبسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار بنت الحارث، امرأة من بنى النجار، ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق المدينة، التي هي سوقها اليوم، فخندق بها خنادق، ثم بعث إليهم، فضرب أعناقهم في تلك الخنادق، يخرج بهم إليه أرسالا، وفيهم عدو الله حيى بن أخطب، وكعب بن أسد، رأس القوم، وهي ست مئة أو سبع مئة، والمكثر لهم يقول: كانوا بين الثمان مئة والتسع مئة وقد قالوا لكعب بن أسد، وهم يذهب بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا: يا كعب، ما تراه يصنع بنا؟ قال: أفى كل موطن لا تعقلون؟ ألا ترون الداعي لا ينزع، وأنه من ذهب به منكم لا يرجع؟ هو والله القتل! فلم يزل ذلك الدأب حتى فرغ منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. (1)
أوّلاً القصة صحيحة :
 أصل القصة صحيح لا غبار عليها، لكن يبقى السؤال التالي و هو الأهم، ما سبب مقتل يهود بني قريظة دون سواهم ؟ وكم كان عددهم؟
ثانياً بيان السبب :
لكل منصف و قارئ للسيرة النبوية، يعلم جيدا أن النبي عليه الصلاة و السلام عقد معاهدة مع يهود بني قريظة و قد كانوا آنذاك جزءاً من الدولة و لم يكونوا مجرد حلفاء أو أي شيء آخر، بل كانوا من الدولة، و شروط هذه المعاهدة كالتالي :
1ـ أن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، مواليهم وأنفسهم.
2ـ وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم‏.
3ـ وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة‏.
4ـ وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم‏.
5ـ وأنه لا يأثم امرؤُ بحليفه‏.
6ـ وأن النصر للمظلوم‏.
7ـ وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين‏.
8ـ وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة‏.
9ـ وأنه ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو شجار يخاف فساده فإن مردَّه إلى الله ، وإلى محمد رسول الله ‏.
10ـ وأنه لا تُجَارُ قريشٌ ولا مَن نَصَرَهَا‏.
11ـ وأن بينهم النصر على من دَهَم يثرب‏.‏‏.‏ على كل أناس حصتهم من جانبهم الذي قِبَلَهُمْ‏.
12ـ وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو آثم‏‏(2).
إذن فهذه المعاهدة توجب السلم بين المسلمين و اليهود، كما توجب حماية المدينة كما تمنع منعاً كلياً عن اليهود متاجرة قريش الذين هم العدو اللذوذ للمدينة (دولة المسلمين واليهود آنذاك) وحتى لا يكون بينهم تحالف. و قد احترم المسلمون هذه الشروط كما أنها دامت مدة خمس سنوات.
ثالثاً هل احترم اليهود المعاهدة ؟
هذا هو السبب الرئيسي وراء مقتل بني قريظة كما سيأتي تفصيله، فقد نقضوا المعاهدة و تحالفوا مع قريش، فبعدما أحاطت جيوش الأحزاب بالمدينة في عشرة آلاف مقاتل من مشركي قريش وقبائل غطفان وأشجع وأسد وفزارة وبني سليم، على حين لم يزد عدد المسلمين على ثلاثة آلاف مقاتل (3).
و كان قد اشتد البلاء على المسلمين في غزوة الأحزاب، قالت أم المؤمنين أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ وهي تُصور لنا هَوْل الموقف:
(شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشاهد فيها قتال وخوف، شهدت المريسيع، وخيبر، وكتاب الحديبية، وفي الفتح، وحنين، لم يكن ذلك أتعب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أخوف عندنا من الخندق، وذلك أن المسلمين كانوا في مثل الحرجة، وأن قريظة لا نأمنها على الذراري. فالمدينة تحرس حتى الصباح تسمع فيها تكبير المسلمين حتى يصبحوا خوفاً) (4) 
فكان من المُتوقع بعد هذا الحصار و شِدّة هذا البلاء أن ينضم يهود بني قريظة إلى صفوف المسلمين ضد القوات الزاحفة على المدينة بناءً على نصوص المعاهدة المُبرمة بين الفريقين، لكن الذي حدث هو عكس هذا تمامًا! فلم تكتفِ بنو قريظة بمجرد السلبية، ولكن فوجئ المسلمون بهم يخونونهم في أخطر أوقات محنتهم، ولم يرعوا للعهود حرمة، في سبيل التعجيل بسحق المسلمين والقضاء عليهم قضاءً تامًّا. 
قال ابن كثير رحمه الله :
قال ابن إسحاق: وخرج حيي بن أخطب النضري، حتى أتى كعب بن أسد القرظي صاحب عقدهم وعهدهم، فلما سمع به كعب أغلق باب حصنه دون حيي فاستأذن عليه، فأبى أن يفتح له فناداه: ويحك يا كعب افتح لي. قال ويحك يا حيي إنك امرؤ مشئوم، وإني قد عاهدت محمدا فلست بناقض ما بيني وبينه ولم أر منه إلا وفاء وصدقا. قال: ويحك افتح لي أكلمك. قال: ما أنا بفاعل. قال والله ان أغلقت دوني إلا خوفا على جشيشتك أن آكل معك منها. فأحفظ الرجل ففتح له فقال: ويحك يا كعب جئتك بعز الدهر وبحر طام، قال: وما ذاك؟ قال: جئتك بقريش على قادتها وسادتها، حتى أنزلتهم بمجتمع الأسيال من رومة وبغطفان على قادتها وسادتها حتى أنزلتهم بذنب نقمي إلى جانب أحد، وقد عاهدوني وعاقدوني على أن لا يبرحوا حتى نستأصل محمدا ومن معه. فقال كعب: جئتني والله بذل الدهر وبجهام قد هراق ماؤه، يرعد ويبرق وليس فيه شئ، ويحك يا حيي! فدعني وما أنا عليه، فإني لم أر من محمد إلا وفاء وصدقا. وقد تكلم عمرو بن سعد القرظي فأحسن فيما ذكره موسى بن عقبة: ذكرهم ميثاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده ومعاقدتهم إياه على نصره وقال: إذا لم تنصروه فاتركوه وعدوه. قال ابن إسحاق فلم يزل حيي بكعب يفتله في الذورة والغارب حتى سمع له ـ يعني في نقض عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي محاربته مع الأحزاب ـ على أن أعطاه حيي عهد الله وميثاقه لئن رجعت قريش وغطفان ولم يصيبوا محمدا أن أدخل معك في حصنك حتى يصيبني ما أصابك. فنقض كعب بن أسد العهد، وبرئ مما كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم..(5)
ثم إن يهود بني قريظة قاموا بعمليات الحرب، وقد بعثوا رجلاً منهم يتقصى أمر المسلمين إن كانوا عزلى:
قال ابْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَانَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي فَارِعٍ ، حِصْنِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ، وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مَعَنَا فِيهِ مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ حَيْثُ خَنْدَقُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَتْ صَفِيَّةُ : ” فَمَرَّ بِنَا رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ ، فَجَعَلَ يَطِيفُ بِالْحِصْنِ ، وَقَدْ حَارَبَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ ، وَقَطَعَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَيْسَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ أَحَدٌ يَدْفَعُ عَنَّا ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ فِي نُحُورِ عَدُوِّهِمْ ، لا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْصَرِفُوا إِلَيْنَا عَنْهُمْ إِذَا أَتَانَا آتٍ ، فَقُلْتُ لِحَسَّانَ : إِنَّ هَذَا الْيَهُودِيَّ يُطِيفُ بِالْحِصْنِ كَمَا تَرَى ، وَلا آمَنُهُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى عَوْرَتِنَا مَنْ وَرَاءَنَا مِنْ يَهُودَ ، وَقَدْ شُغِلَ عَنَّا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ ، فَانْزِلْ إِلَيْهِ فَاقْتُلْهُ ، فَقَالَ : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكِ يَا بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَاللَّهِ لَقَدْ عَرَفْتِ مَا أَنَا بِصَاحِبِ هَذَا ، قَالَتْ صَفِيَّةُ : فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ احْتَجَزْتُ عَمُودًا ، ثُمَّ نَزَلْتُ مِنَ الْحِصْنِ إِلَيْهِ ، فَضَرَبْتُهُ بِالْعَمُودِ حَتَّى قَتَلْتُهُ ، ثُمَّ رَجَعْتُ إِلَى الْحِصْنِ ، فَقُلْتُ : يَا حَسَّانُ ، انْزِلْ فَاسْتَلِبْهُ ، فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَسْتَلِبَهُ إِلا أَنَّهُ رَجُلٌ ، فَقَالَ : مَا لِي بِسَلَبِهِ مِنْ حَاجَةٍ يَا بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ” (6)
و من خلال ما سُقته للقارئ الكريم، و بعد قراءةٍ مُنصفةٍ يتضح لنا أن المسلمين كانوا في غاية الإنصاف، فما فعله اليهود يسمى بالخيانة العظمى ( التي جزائها الإعدام أو السجن المؤبد (للتوضيح أكثر المرجوا مراجعة موسوعة ويكيبديا)) فقد كان هدفهم من كل هذا هو استئصال شأفة المسلمين و إبادتهم كليّاً، لولا تدخُّل الله عز و جل لنُصرة الإيمان وأهله وهزيمة الشرك وحزبه، وشاء الله أن يندحر ذلك التحالف الوثني اليهودي { وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ } (الأحزاب الآية 25). لتمت إبادة المسلمين و قتلهم، وبعد أن ولّى المشركون وحلفاؤهم الأدبار، يحملون معهم كل معاني الإخفاق رجع المسلمون إلى منازلهم بالمدينة يغسلون أنفسهم من وعثاء الجهاد والتعب ويلتقطون أنفاسهم بعد قلق نفسي بالغ دام شهراً كاملاً. .وأما قريظة فقد ثبت في الحديث قتل مقاتلتهم وترك ما سواهم، فقد عاهد النبي صلى الله عليه وسلم يهود بني قريظة، لكنهم نقضوا العهد وتمالؤوا مع المشركين في غزوة الخندق، فلما رد الله كيد الأحزاب ورجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته، ونزع عنه لباس الحرب، أتاه جبريل عليه السلام، وأمره أن يسير إلى بني قريظة، ثم حكم فيهم سعد بن معاذ فقال: فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وأن تسبى الذرية والنساء، وتقسم الأموال، ففي الصحيحين وهذا لفظ مسلم : 
(عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : ” أُصِيبَ سَعْدٌ يَوْمَ الْخَنْدَقِ رَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الْعَرِقَةِ رَمَاهُ فِي الْأَكْحَلِ ، فَضَرَبَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْمَةً فِي الْمَسْجِدِ يَعُودُهُ مِنْ قَرِيبٍ ، فَلَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخَنْدَقِ ، وَضَعَ السِّلَاحَ فَاغْتَسَلَ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَنْفُضُ رَأْسَهُ مِنَ الْغُبَارِ ، فَقَالَ : وَضَعْتَ السِّلَاحَ وَاللَّهِ مَا وَضَعْنَاهُ اخْرُجْ إِلَيْهِمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَيْنَ ؟ ، فَأَشَارَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ فَقَاتَلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُكْمَ فِيهِمْ إِلَى سَعْدٍ ، قَالَ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ الْمُقَاتِلَةُ ، وَأَنْ تُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَالنِّسَاءُ وَتُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ “) (7)
فكما نرى إخوتي في الله أمر سعد رضي الله عنه بقتل المقاتلة، و هذا من هدي نبي الله عليه الصلاة و السلام فلم يقتل غيرهم، فعن بُرَيْدَةَ، قال: كانَ رسولُ الله ( إذا أمّر أميراً على جَيْشٍ أو سريَّة أوْصَاهُ في خَاصّتهِ بِتَقْوَى الله ومَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خيَراً، فقال: اغْزُوا بِسْم الله في سبيلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بالله، اغْزُوا ولا تَغلُّوا تغدِروا ولا تَمْثلُوا، ولا تَقْتُلُوا وَليداً، فإذا لَقِيتَ عَدُوُكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فادْعُهُمْ إلى ثلاثِ خِصَالٍ (أو خِلاَلٍ) فأيّتهن ما أجَابُوكَ فاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفّ عنْهُمْ، ثم ادْعُهُمْ إلى الإسلامِ فإن أجَابُوكَ فاقْبَلْ مِنْهُمْ، ثم ادْعُهُمْ إلى التّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرِينَ..) (8)
رابعاً عدد القتلى :
اخلتفت الروايات حول عدد قتلى يهود بني قريظة، فمن الروايات التي ذكرت 400، 500، 600، 700، و 900 إلا أن هذه الروايات كلها في إسنادها و متنها نظر، و الثابت من هذا كله ما رواه ابن زنجويه :
(ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” غَدَا إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَقَضَى بِأَنْ يُقْتَلَ رِجَالُهُمْ ، وَتُقْسَمَ ذَرَارِيُّهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ أَرْبَعُونَ رَجُلا ، إِلا عَمْرَو بْنَ سَعْدٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِالْوَفَاءِ ، وَيَنْهَى عَنِ الْغَدْرِ فَلِذَلِكَ نَجَا . وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الزُّبَيْرَ إِلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، فَأَعْتَقَهُ..) (9)
قلت (أبو إسلام المغربي)، هذه من أقوى الروايات التي رُويِت في بيان عدد القتلى.
و روي عن جابر ابن عبد الله رضي الله :
(رمى يوم الأحزاب سعد بن معاذ ، فقطعوا أكحله ، فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار ، فانتفخت يده ، فحسمه أخرى ، فانتفخت يده ، فنزفه ، فلما رأى ذلك ، قال: اللهم لا تخرج نفسى حتى تقر عينى من بنى قريظة ، فاستمسك عرقه ، فما قطر قطرة ، حتى نزلوا على حكم سعد ، فأرسل إليه ، فحكم أن تقتل رجالهم ، ويستحى نساؤهم وذراريهم ، ليستعين بهم المسلمون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصبت حكم الله فيهم ، وكانوا أربعمائة ، فلما فرغ من قتلهم ، انفتق عرقه فمات) (10)
فيتضح أن الصحيح كان بين 40 و 400 و كانوا كلهم من المقاتلة كما تقدم معنا، كما يحتج الأعداء بما رواه عطية القرضي بقتل كل من أنبت، فإن صحت الرواية فتحمل على محمل حسن و ذلك استناداً إلى ما روي في الصحيحين، فإنهم من المقاتلة و قد بلغوا أي ليسوا أطفالاً. و ما يزيدنا يقيناً ما نأقره في الأخبار الصحيحة التابثة و أنقل للقارئ الكريم منها الآتي :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَخْبَرَهُ ( أَنَّ امْرَأَةً وُجِدَتْ فِي بَعْضِ مَغَازِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْتُولَةً فَأَنْكَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ ) (11) 
حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ الْأَحْوَصِ عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ : « نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالذُّرِّيَّةِ وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ الَّذِي لَا حَرَاكَ بِهِ » (12)
وفي رواية أبي داود: يقول رسول الله : “وَلاَ تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا، وَلاَ طِفْلاً، وَلاَ صَغِيرًا، وَلاَ امْرَأَةً…” (13)
(وَعَنْ ابْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ عَمِّهِ: «أَنَّ النَّبِيَّ ء صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ء حِينَ بَعَثَ إلَى ابْنِ أَبِي الْحَقِيقِ بِخَيْبَرَ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ» (14)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
( وقَالَ مَالِكٌ والأَوْزَاعِيُّ : لاَ يَجُوزُ قَتْلُ النِّسَاءِ والصِّبْيَانِ بِحَالٍ حتَّى لَوْ تَتَرَّسَ أَهْلُ الحَرْب بالنِّسَاءِ والصِّبْيَانِ أَوْ تَحَصَّنُوا بِحِصْنٍ أَوْ سَفِينَةٍ وجَعَلُوا مَعَهُم النِّسَاءَ والصِّبْيَانَ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهم ولاَ تَحرِيقُهم) (15)
و عن رَبَاح بنِ رَبيعٍ قَالَ : ” كُنَّا مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ ، فَرَأَى النَّاسَ مُجتَمعِينَ عَلَى شَيْءٍ ، فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ : انْظُرْ عَلاَمَ اجْتَمَعَ هَؤُلاَءِ ؟ فَجَاءَ فَقَالَ : علَى امْرَأَةٍ قَتِيلٍ ، فَقَالَ : مَا كاَنَتْ هَذِهِ لِتُقاتلَ ! قَالَ : وعَلى المُقَدِّمَةِ خَالِدُ بنُ الوَلِيدِ ، فَبَعَثَ رَجُلاً فَقَالَ : قُلْ لِخَالِدٍ: لاَ يَقْتُلَنَّ امْرَأَةً ولاَ عَسِيفًا ” (16)
خامساً خلاصة :
نستنتج مِمّا سلف أيها القارئ الكريم ما يلي :
1ـ مقتل بني قريظة كان له سبب و هو الخيانة العظمى و مساعدة العدو على المسلمين
2ـ قتل المقاتلة منهم و إخلاء سبيل من أسلم
3ـ عدد القتلى بين 40 و 400
4ـ قتل من أنبت أي من بلغ و كان المحاربين.
5ـ عقوبة الخيانة العظمى هي الإعدام أو السجن المؤبد
سادساً سؤال للنصارى :
عجيب أمر النصارى و الله، بما أنهم أثاروا هذه الشبهة و فرحوا بها مع أنها واهية بل و أسموها (مذبحة بني قريظة عار يطارد المسلمين)، ضحكت لأجل هذا الإسم مع أن الشبهة واهية. و نرجوا منهم أن يبينوا لنا هذه النصوص المليئة بالرحمة و الحب :
هذا ما يقولُ الرّبُّ القديرُ: تَذكَّرتُ ما فعَلَ بَنو عَماليقَ بِبَني إِسرائيلَ حينَ خرَجوا مِن مِصْرَ، وكيفَ هاجموهُم في الطَّريقِ، فاَذهَبِ الآنَ واَضرِبْ بَني عماليقَ، وأهلِكْ جميعَ ما لهُم ولا تَعفُ عَنهُم، بلِ اَقتُلِ الرِّجالَ والنِّساءَ والأطفالَ والرُّضَّعَ والبقَرَ والغنَمَ والجمالَ والحميرَ. (صموئيل الأول 15 : 2ـ3 )
فالآنَ اَقْتُلوا كُلَ ذَكَرٍ مِنَ الأطفالِ وكُلَ اَمرأةٍ ضاجعَت رَجلاً، وأمَّا الإناثُ مِنَ الأطفالِ والنِّساءِ اللَّواتي لم يُضاجعْنَ رَجلاً فاَسْتَبقوهُنَّ لكُم. (العدد 31: 17ـ18)
وأمَّا مُدُنُ هؤلاءِ الأُمَمِ التي يُعطيها لكُمُ الرّبُّ إلهُكُم مُلْكًا، فلا تُبقوا أحدًا مِنها حيُا (التثنية 20: 16)
هذه النصوص كافية مع وجود الكثير حتى لا أطول الرد فهو طويل كفاية.
كتبه أبو إسلام المغربي
__________________________________________________________________________________________
مصادر البحث :
(1) السيرة النبوية ـ ابن هشام ـ ج 3 ـ ص 721، كما أوردها ابن كثير رحمه الله في السيرة النبوية ـ ج 2 ـ ص 239 و غيرهم..
(2) السيرة النبوية ـ ابن هشام ـ ج 1 ـ ص 503/ 504
(3) السيرة النبوية ـ ابن هشام ـ ج 1 ـ ص 51
(4) في ظلال القرآن جـ21/548 ط سابعة سنة 1391هـ.
(5) السيرة النبوية ـ ابن كثير ـ ج 3 ـ ص 118
(6) السيرة النبوية ـ ابن هشام ـ ج 3 ـ ص 711
(7) صحيح الإمام ـ رحمه الله ـ رقم الحديث 3321
(8) صحيح الإمام ـ رحمه الله ـ رقم الحديث 1731، و مسند الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ رقم الحديث 193
(9) الأموال لابن زنجويه ـ رحمه الله ـ رقم الحديث 359
(10) صحيح الترمذي رحمه الله ـ رقم الحديث 1582، كما صححه الألباني و ابن حجر العسقلاني رحمهما الله.
(11) صحيح الإمام البخاري رحمه الله ـ رقم الحديث 2851، و رواه الإمام مسلم رحمه الله ـ برقم 1744 
(12) رواه ابن أبي شيبة رحمه الله في المنصنف رقم الصفحة 656
(13) أبو داود: كتاب الجهاد، باب في دعاء العدو (2614)، وابن أبي شيبة 6/483، والبيهقي في سننه الكبرى (17932).
(14) نيل الأوطار للإمام الشوكاني رحمه الله (7/290) رقم 3325
(15) فتح الباري شرح صحيح البخاري (6/147)
(16) رَواه أبو داود (2669) وصحَّحه الألبانيُّ