الخميس، 6 يونيو 2019

(( حكم صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان )) ؟

(( حكم صيام الست من شوال قبل قضاء رمضان )) ؟
اختلف أهل العلم في جواز التطوع بالصوم قبل قضاء رمضان :
1 _الحنفية : جواز ذلك بلا كراهة .
2 _ذهب المالكية والشافعية إلى جوازه مع الكراهة .
3_ذهب الحنابلة إلى الحرمة وعدم صحة التطوع حينئذ ولو اتسع الوقت . 
ورواية عن أحمد ( رحمه الله ) يجوز ويصح .
والراجح جواز الصيام , لقوله الله تعالى: ( ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر ). البقرة 185 , ولم يقيد الله تعالى القضاء بالاتصال برمضان ولا بالتتابع. وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: " كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان"رواه البخاري ومسلم . والحديث الذي استدل به الحنابلة ضعيف . والله أعلم .






د . قتيبة عدنان شاكر السماوي .

من هم السلفية وما تعريف السلف والسلفية ؟! وهل السلف الصالح جميعهم كانوا على رأي واحد ؟ وهل أقولهم وآراؤهم كلها صحيحة ؟ !وكيف نقتدي بهم ؟!


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

         الحمد لله ربّ العالمين ، وصلاة الله وسلامه على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
         أما بعد :
         فقد قال أحد وزراء الألمان السابقين : إكذب إكذب حتى يصدّقك الناس !
         أي : ردّد القول ، حتى تحصل على قناعة الناس بقولك ، حتى ولو لم يكن قولك صادقاً !
         فكثرة ترداد القول قد يؤدي إلى إثبات ، وتصديق ذلك ، عند مَن لا علم له في المسألة التي يدور حولها ذلك القول !
         ومن هذا الباب ، في موضوع العقيدة – ولاسيما باب الأسماء والصفات ، هناك أصول – لا خلاف فيها – وفروع وقع فيها الخلاف بين السلف الصالح .
فهناك – من الخلف – مَن إختار ، وآمن بوجهة واحدة في هذه المسألة ، فتراه يردّد دائما ويقول: هذا ما عليه السلف الصالح !  هذه عقيدة السلف الصالح ! هذا رأي السلف الصالح في هذه المسألة !
         أي : إن السـلف الصـالح ، من الأئمة الأعلام ، كانوا على رأي واحد ، ويقولون بقوله الذي يتبنّاه !
         ويردّد هذا الإدّعاء باستمرار ، حتى صنع بادّعائه هذا ، قناعة - عند الكثير - بوجهة نظره !
ويخوض من أجل ذلك حرباً شعواء ، حرباً لا رحمة فيها ، ولا إنصاف ، ضد كل مَن لا يقول بقوله ، ولا يذهب مذهبه .
وكثير من المسلمين لا يعرفون حقيقة هذه المسألة ، فتراهم ساكتين ، بل ربّما كانوا من المعجبين !



فهل قولهم ، وآراؤهم هذه صحيحة ؟ !
وهل السلف الصالح جميعهم كانوا على رأي واحد في تلك المسألة ؟
هذا ما نحاول – بإذن الله تعالى – أن نبيّنه هنا ، ليحيى مَن حيّ على بيّنة ، ويهلك مَن هلك على بيّنة ، ومن الله تعالى نستمدّ العون ، وعليه التكلان .    
السلف
         قبل الخوض في الموضوع ، علينا أن نعرف مَن هم السلف الصالح ؟ فكثير من المسلمين يردّدون كلمة ( السلف ) ، ويباهون بالإنتماء إليهم ، وهم لا يعرفون مَن هم السلف !
بل ربّما يحاربونهم – بعض المرات – وباسمهم ! من باب ( ملكيّون أكثر من الملك ) !

تعريف السلف والسلفية :

السلف والسلفية : معناها زماناً القرون الثلاثة الأولى تنتهي عند المأمون تقريباً
(( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم . . . )) ([1]) .
والسلفية ليس المقصود بها الزمان فقد انتهى زمانها .
وليست المقصود بها مكاناً معيّناً ولا علماء معيّنين
فبعض الناس يقصرون السلفية على فقه الإمام أحمد بن حنبل ، فماذا عن غيره من الأئمة ؟ وفقهاء السلف الذين خالفوا الإمام أحمد في أصوله ؟
والذين يظنون أنّ السلفية هي مدرسة النص فماذا عن مدرسة الرأي وهي كمدرسة الأثر سواء بسواء ؟
 أم نعتبر الإمام أبا حنيفة ( [2] ) ليس سلفياً لا هو ولا تلاميذه ولا مدرسته ! . . .

ونحن نرى أنّ السلفية هي :
1 -  نزعة عقلية
2 - وعاطفية
3 - ومنهجية
أ - ترتبط بخير القرون
ب - وتعمق ولاءها لكتاب الله وسنة رسوله r ،
ج - وتبذل الجهد لإعلاء كلمة الله على الأرض
ولذلك فهي لها
1 - منهج للعقيدة يفسر الكون ( [3] ) والحياة ( [4] ) والإنسان ( [5] ) بعيداً عـن علم الكلام ومستمداً من منهج القرآن ،
2 - ومنهج للعبادة يقوم على الشمول ( [6] ) والعموم ( [7] ) والكمال ( [8] ) والسمو ( [9] ) ينبع من صحة الإعتقاد وصدق الإتباع
3 - ومنهج للحركة ( [10] ) تعريفاً ( [11] ) وتكويناً ( [12] ) وتنفيذاً ( [13] ) .
فإذا جاء عالم من العلماء بهذا التصور في أي زمان وفي أي مكان وبأي لغة يعبر بها عن هذا المنهج وبلغة عصره كان سلفياً عقيدة وعبادة وحركة طالما أنه يقدم مفاهيم السلف الصالح ويتمسك بسنة الخلفاء الراشدين .
عَنْ العِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ، قَالَ: وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا العُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا القُلُوبُ،
فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟
قَالَ: « أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ المَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ » [14]  ] [15] .

فأئمتنا العظام المشهورين ، جميعهم كانوا في خير القرون ، فكانوا من خير الناس ، بشهادة رسول الله r لهم .
وعلى رأسهم – على سبيل المثال – علي بن الحسين ، وأبـي حنيفة ، ومالـك ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، والبخاري ، ومسلم ، والحسن البصري ، وطاووس ، وسفيان الثوري ، وسفيان بـن عيينة ، والترمذي ، ويحيى بـن معين ، وأبـي داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، والفضيل بن عياض ، و إبراهيم بن أدهم ، وعبد الله بن المبارك ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، و . . و . . و . . إلخ
وليس معنى ذلك أنهم كانوا معصومين لا يخطأون ، ولكنهم كانوا على الصراط المستقيم ، والنهج القويم ، وعلى قدم رسول الله r .
ومع هذا فكانوا – في الأمور الجزئية ، وفي الفروع – يختلفون فيما بينهم في الإجتهاد ، ووجهات النظر ، ولا يخرجهم ذلك عن دائرة السلف الصالح .
فلقد كان الشافعي ، شيخاً وأستاذاً لأحمد بن حنبل ، وكان مالك شيخاً وأستاذاً للشافعي ، وكان محمد بن الحسن تلميذاً لأبي حنيفة ، وهو شيخ للشافعي وأحمد بن حنبل ، . . . وهكذا .
وكانوا يأخذون من بعض ، ويردّون على بعض ، من غير أن يجرّ ذلك ، إلى المراء والأحقاد والضغائن ، إيماناً منهم بأن كلّ أحد يؤخذ من قوله ويُردّ إلّا النبيّ r ، فلا يُردّ قوله r .
والذي يعتبرهم معصومين لا يخطأون أبداً ، وأنّ لهم رأي واجتهاد واحد في جميع الأمور ، فهو واهمٌ ، وعلى خطأ عظيم وخطير !
وبعض الناس يعتبر ( فقه واجتهاد ) أحمد بن حنبل ، هو فقه واجتهاد السلف الصالح !
أما فقه أبي حنيفة – على سبيل المثال – فليس بفقه السلف الصالح !
وهذا الظن الخاطيء ، جاء نتيجة :
1 - للتعصب الذميم .
2 - ولتبنّي دولة غنية لهذا الظن وتغذيته ، لحيازته على مكاسب دنيوية زائلة !
لم يكن أحدهم يتّبع النبيّ r ، والآخر يردّ أحاديث النبيّ r ، كما يتوهمون ، ويوهمون !
وسنذكر مثالاً على ذلك : [ إجتمع أبو حنيفة بالأوزاعي في دار الخياطين وتباحثا في العلم ، فقال الأوزاعي : لماذا لا ترفعون أيديكم عند الركوع وعند الرفع منه ؟
فقال أبو حنيفة : لأنه ( [16] ) لم يصح فيه شيء عن النبيّ r ،
قال الأوزاعي : كيف وقد حدثني الزهري عن سالم عن أبيه أنّ رسول الله r كان يرفع يديه إذا افتتح الصلاة وعند الركوع وعند الرفع منه ؟
 فقال أبو حنيفة : حدثني حماد عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود (( أنّ رسول الله r كان لا يرفع يديه إلّا عند افتتاح الصلاة )) ، ولا يعود إلى شيء من ذلك ،
فقال الأوزاعي : أحدثك عن الزهري عن سالم ، عن ابن عمر ، وتقول : حدثنا حماد عن إبراهيم ؟
فقال أبو حنيفة : كان حماد أفقه من الزهري ، وكان إبراهيم أفقه من سالم ، وعلقمة ليس بدون ابن عمر ، وإن كان لابن عمر صحبة ، فالأسود له فضل كبير ، وفي رواية أخرى ، إبراهيم أفقه من سالم ، ولـولا فضـل الصحبة لقلت : إنّ علقمـة أفقـه مـن عبـد الله بن عمر ، وعبد الله هو عبد الله ( [17] ) ، فسكت الأوزاعي ] ( [18] ) .
ومثال آخر ، لإختلاف الأئمة حسب الأدلة ، وليس قصد مخالفة النبيّ r وهو :
جلسة الإستراحة :
            وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ : هَلْ يَجْلِسُ لِلِاسْتِرَاحَةِ ؟ فَرُوِيَ عَنْهُ: لَا يَجْلِسُ .
وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَبِهِ يَقُولُ مَالِكٌ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَإِسْحَاقُ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ .

وَقَالَ أَحْمَدُ : أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ عَلَى هَذَا . وَذُكِرَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللَّهِ .

وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ : أَدْرَكْتُ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُ ذَلِكَ. أَيْ لَا يَجْلِسُ.

قَالَ التِّرْمِذِيُّ : وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ .

وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ : تِلْكَ السُّنَّةُ .

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ : أَنَّهُ يَجْلِسُ .

اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ.

وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ .

قَالَ الْخَلَّالُ: رَجَعَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إلَى هَذَا.

يَعْنِي تَرَكَ قَوْلَهُ بِتَرْكِ الْجُلُوسِ؛ لِمَا رَوَى مَالِكُ بْنُ الْحُوَيْرِثِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَجْلِسُ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السُّجُودِ قَبْلَ أَنْ يَنْهَضَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ أَيْضًا أَبُو حُمَيْدٍ فِي صِفَةِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِهِ، وَالْمَصِيرُ إلَيْهِ.
وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْمُصَلِّي ضَعِيفًا جَلَسَ لِلِاسْتِرَاحَةِ؛ لِحَاجَتِهِ إلَى الْجُلُوسِ ،
وَإِنْ كَانَ قَوِيًّا لَمْ يَجْلِسْ؛ لِغِنَاهُ عَنْهُ ،
وَحُمِلَ جُلُوسُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، عِنْدَ كِبَرِهِ وَضَعْفِهِ ، 
 وَهَذَا فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْأَخْبَارِ ، وَتَوَسُّطٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْن  ] ( [19] ) .  



للتكمة المقال حمل هذا الكتاب الرائع   عن العقيدة الاسلامية والسلف الصالح عبر هذا الرابط
أضواء على ا لعقيدة الاسلامية والسلف الصالح !
  


[1])) هـذا لفظ البخـاري فـــي صحيحه . ولفـظ مسـلم فـــي صحيحه : (( خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِينَ يَلُونِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ))
([2]) أخذ أبو حنيفة العلم عن قرابة أربعة آلاف شيخ ، منهم حماد بن أبي سليمان ؛ حيث لازمه ثمانية عشر عاماً . وأخذ حماد العلم عن إبراهيم النخعي . وأخذ إبراهيم عن علقمة . وأخذ علقمة عن عبد الله بن مسعود . وأخذ عبد الله عن رسول الله r .
             وكان إبراهيم النخعي شديد الاتباع لأستاذه علقمة، يتبنى الكثير من آرائه، حتى أن الذي يتبع آراء إبراهيم ويقارنها بآراء أستاذه علقمة يجد أن إبراهيم النخعي لا يخالف علقمة إلا في مواقع يسيرة ، ومن المعروف أن علقمة هو التلميذ الملازم لعبد الله بن مسعود-رضي الله عنه- وقد كان شديد التأثر به، فظهر أثر ذلك في فقهه، ففقه إبراهيم النخعي كان وثيق الصلة بفقه عبد ابن مسعود –رضي الله عنه- وهو الصاحب البار برسول الله (صلى الله عليه وسلم) المقتفي أثره، الناهل من معين النبوة العذب الفياض، وكان النخعي لا يعدل بقول عمر وعبد الله بن مسعود إذا اجتمعا، فإذا اختلفا كان قول عبد الله أعجب إليه؛ لأنه كان ألطف ] أنظر : أعلام الموقعين عن رب العالمين إبن القيّم ( 3 / 14 ) . عن ( لمحة من حياة التابعي الكبير - إبـراهيـم النخعـي رحمـه الله : أبو رفيدة عارف محمود ) .
([3]) حيث [ إن هذا الكون – كما يقرر المنهج القرآني – كون مخلوق حادث ، وليس بالقديم الأزلي ، كما أنه لم ينشأ من ذات نفسه . . لقد خلقه الله – سبحانه – خلقاً ، وأنشأه إنشاءً ، بعد أن لم يكن ، سواء في ذلك مادة بنائه الأساسية أو الصورة التي ظهرت فيها ، ولم يشارك الله - سبحانه – أحد في خلق هذا الكون ، ولا في خلق شيء منه . سواء في ذلك مادته أو صورته . إنّ الله سبحانه هو الذي أعطى كل شيء خلقه ، وأعطى كل شيء صورته ، وأعطى كل شيء وظيفته :
((  خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُون )) . . . ( النحل : 3 )
((   اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيل )) . . . ( الزمر : 62 )
((  الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى )) . . . ( طه : 50 )
((  أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ ؟ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ؟ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ؟ بَلْ لَا يُوقِنُون )) . . . ( الطور : 35 – 36 )
((  مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا )) . . . ( الكهف : 51 ) [ مقومات التصور الإسلامي – سيد قطب . ص 323 – 324 .
([4]) [ 1 – الحياة ليست إلهاً ! ليست قوة مدبرة في ذاتها تنشأ وتنشيء إرادتها المستقلة ! كذلك هي ليست تلقائية . وجدت مصادفة وتمضي خبط عشواء ! إنما هي خليفة أنشأها الله – سبحانه – بقدر ، وتمضي كذلك وفق قدر ، وهي مودعة خصائص الذاتية التي تفرقها من الموات ، أعطاها هذه الخصائص الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى . والذي يخرج الحي من الميت . ويخرج الميت من الحي . والذي يتوفى الأنفس حين موتها . والذي خلق الموت والحياة والذي يبدأ الخلق ثم يعيده . . .
   2 – كذلك الطبيعة ليست إلهاً . ليست هي التي خلقت الحياة ، كما أنها ليست هي التي خلقت نفسها ! إنما الله - سبحانه – هو خالق كل شيء ، هو الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى . هو الذي خلق الطبيعة مناسبة لظهور الحياة ، وهيأ الأرض لهذا النوع من الحياة الذي نشأ فيها . وجعل التناسق بين الطبيعة والحياة ، وبين الأحياء بعضها وبعض ، هو الأصل والقاعدة ، وأودع في الأرض أقواتها وأرزاقها ، وجعل الكون كله مسخراً ومساعداً . وهذه الموافقات التي لا تحصى ما كانت لتجيء مصادفة ، وما كانت لتنشئها قوة غير واعية مريدة مدبرة حكيمة .
   3 – كما أنّ الحياة صادرة عن إرادة واحدة – إرادة الله سبحانه – حادثة بقدره ، كذلك هي ناشئة – بتلك الإرادة وهذا القدر – من أصل واحد . . الماء . . ((  وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ )) . . ((  وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاء )) ] مقومات التصور الإسلامي . ص 363 .
([5]) [ الإنسان مخلوق خاص ، ذو كيان متميّز ، تميزه في ازدواج عناصر تكوينه ، مستخلف في الأرض ، مزود بخصائص الخلافة ، وأولى هذه الخصائص : الاستعداد للمعرفة النامية المتجددة . ومجهز لاستقبال المؤثرات الكونية والانفعال بها والاستجابة لها ، ومن مجموع انفعالاته واستجاباته يتألف نشاطه الحركي للتعمير والتغيير والتعديل والتحليل والتركيب والتطوير في مادة هذا الكون وطاقاته . . للنهوض بوظيفة الخلافة .
   . . . وهو كائن كريم على الله ، ذو مركز عظيم في تصميم الوجود – على الرغم من كل ما في طبيعته من استعداد للضعف والخطأ ، والقصور والتردي – ولكن استعداده للمعرفة الصاعدة ، ولحمل أمانة الاهتداء ، وللتبعة ، يجعله كائناً فريداً ، يستحق تكريم الله له ، واختصاصه بمقام الخلافة في الأرض عنه – سبحانه – وقبول توبته ، كما يستحق تلك العناية الإلهية به بإرسال رسله ورسالاته . . وهو أكرم من كل ما هو مادي ، لأن كل ما هو مادي مخلوق له . =
   = . . . وهو كائن يتعامل مع الكون كله ومَن فيه وما فيه . . وهو يتعامل مع ربه كما يتعامل مع الملأ الأعلى من الملائكة ، ومع الجن والشياطين ، ومع نفسه واستعداداته المتنوعة ، ومع سائر الأحياء الكونية ، ومع طاقات الكون الظاهرة والخفية ، ومع مادة هذا الكون وأشيائه . . والكون مهيأ للتعامل معه ، كما أنه مجهز بوسائل التعامل مع الكون ، ومع ربّ الكون ، بما ركب فيه من روح وعقل وحواس وقوى وطاقات تناسب ازدواج عناصر تكوينه .
   وهو مستعد حسب تكوينه الذاتي – لأن يرتفع إلى أرقى من آفاق الملائكة المقربين ، كما هو مستعد لأن ينحط إلى أدنى من درجات الحيوان البهيم . وذلك حسب ما يبذل هو من جهد في تزكية نفسه أو تدسيتها ، وحسبما يلتقي من عون من الله وهداية ورعاية ، مرجعها ما يبذل من جهد ورغبة واتجاه ومحاولة في الارتباط ببارئه ومنهجه وتوجيهه . . فهو من ثم – أعجب كائن وأغرب جهاز ، يحتوي هذه الاستعدادات المتباعدة الآماد . ولا نعرف أن هناك كائناً آخر له هذه الخصائص ! سواء الملائكة أو الشياطين ، أو صنوف الحيوان ، أو عناصر المادة وأجهزتها ] . مقومات التصور الإسلامي . ص 367 – 368 .
([6]) يقول تعالى : (   قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ . . . ) [ الأنعام : 162 ، 163 ]  . فيشمل كافة جوانب حياة الإنسان .
([7]) يقول تعالى : (   قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا) [ الاعراف : 158 ]  . فهو للعالمين ، يشمل جميع الناس .
([8]) يقول تعالــى : (  مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْء ) [ الأنعام : 38 ] . ويقول تعالـى : (  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم ) [ المائدة : 3 ] . لا نقص فيه ، يستجيب لكل زمان ومكان .
([9]) يقول تعالى : (  وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين ) [  آل عمران : 139 ] . ويقول تعالى : (إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّين )      [ المطففين : 18 ] . فهو يرقى بالمؤمن إلى أفق عالٍ ، ومستوى رفيع .
([10]) [ يهتم بالداعي وبصفاته الأخلاقية والسلوكية ، كالأمانة والصدق والإخلاص والرحمة ، والوعي ، والفقه إلخ . كما يهتم بالوسائل والقواعد التي يتبعها ويطبقها ، والمراحل التي يجب أن يمر بها ] فهم الإسلام في ظلال الأصول العشرين . ص 32 .
([11]) تعريف الإسلام للناس ، وبيانه ، بصورة واضحة صحيحة ؛ بعيدة عن تحريف الغالين ، وانتحال المبطلين ، وتأويل الجاهلين . 
([12]) تكوين جماعة من المؤمنين بهذا الإسلام الصحيح ؛ جماعة متآخية ، مؤتلفة ، متراصة .
([13]) تقوم هذه الجماعة بحمل أمانة الإسلام على عاتقها ؛ بتطبيقها على نفسها ، ونشرها بين الناس .
([14]) رواه الترمذي في سننه ، وقال : هذا حديث حسن صحيح . ورواه أبوداود في سننه بلفظ : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا؟ فَقَالَ «أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» . قال الشيخ الألباني : صحيح .
([15]) أنظر : فهم الإسلام في ظلال الأصول العشرين – جمعة أمين عبد العزيز . ص 84 . مكتبة الرائد . العراق - بغداد
([16]) أي : سبب عدم رفع الأيدي عند الركوع وعند الرفع منه : هو أنه لم يصح – عند أبي حنيفة – حديث عن النبيّ r ، فيه ! لا أنه يردّ حديث النبيّ r ! بسبب الهوى والجهل ، حاشاه !
([17]) يعني : عبد الله بن مسعود t .
([18]) (( حجة الله البالغة )) 1 / 331 ؛ و (( محاسن المساعي في سيرة الأوزاعي )) ص 67 ؛ و (( فتح القدير )) لابن همام 1 / 219 ؛ و (( عقود الجواهر المنيفة )) 1 / 61 . عن : السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي – الدكتور مصطفى السباعي . ص 627 . دار ابن حزم .
([19]) المغني لابن قدامة ( 1 / 380 ) .






إختلاف السلف الصالح في العقيدة !


         أود هنـا أن أعـرض بعض المسائـل ، التي اختلف فيها السلف الصالح ، وهي من مسائل العقيدة ، حتى يتبين خطأ من يتبنى قول بعضهم ، ويسندها إلى السلف الصالح جميعاً ، ليثبت للمسلمين أن الأقوال الأخرى ليست للسلف ، وأنها ضلال وانحراف عن هديهم ! !
         حتى يظهر – واضحاً جليّاً – أنّ ما يقوله هؤلاء المسلمين ، ليس صحيحاً ، وينكشف زيف ادّعائهم .

لفظي بالقرآن مخلوق !
بين الإمامين : أحمد بن حنبل والحسين الكرابيسي
        
قال الحافظ ابن عبد البر ، رحمه الله :
         [  أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَرَابِيسِيُّ وَكَانَ عَالِمًا مُصَنِّفًا مُتْقِنًا وَكَانَتْ فَتْوَى السُّلْطَانِ تَدُورُ عَلَيْهِ وَكَانَ نَظَّارًا جَدَلِيًّا وَكَانَ فِيهِ كِبْرٌ عَظِيمٌ وَكَانَ يَذْهَبُ إِلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ
فَلَمَّا قَدِمَ الشَّافِعِيُّ وَجَالَسَهُ وَسَمِعَ كُتُبَهُ انْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِهِ وَعَظُمَتْ حُرْمَتُهُ وَلَهُ أَوْضَاعٌ وَمُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْ جُزْءٍ
وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ صَدَاقَةٌ وَكِيدَةٌ فَلَمَّا خَالَفَهُ فِي الْقُرْآنِ عَادَتْ تِلْكَ الصَّدَاقَةُ عَدَاوَةً فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَطْعَنُ عَلَى صَاحِبِهِ
وَذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ يَقُولُ مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ وَمَنْ قَالَ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَلا يَقُولُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلا مَخْلُوقٌ فَهُوَ وَاقِفِيٌّ وَمَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ مُبْتَدع
وَكَانَ الكرابيسى وعبد الله بْنُ كِلابٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ وطبقاتهم يَقُولُونَ ان الْقُرْآن الذى تكلم بِهِ الله صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَلْقُ وَإِنَّ تِلاوَةَ التَّالِي وَكَلامِهِ بِالْقُرْآنِ كَسْبٌ لَهُ وَفِعْلٌ لَهُ وَذَلِكَ مَخْلُوقٌ وَإِنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلامِ اللَّهِ وَلَيْسَ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ
وَشَبَّهُوهُ بِالْحَمْدِ وَالشُّكْرِ للَّهِ وَهُوَ غَيْرُ اللَّهِ فَكَمَا يُؤْجَرُ فِي الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ فَكَذَلِكَ يُؤْجَرُ فِي التِّلاوَةِ
وَحَكَى دَاوُدُ فِي كِتَابِ الْكَافِي أَنَّ هَذَا كَانَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ وَقَالُوا هَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَطُّ
وَهَجَرَتِ الْحَنْبَلِيَّةُ أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حُسَيْنًا الْكَرَابِيسِيَّ وَبَدَّعُوهُ وَطَعَنُوا عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ ] ([1]) .

قال الإمام إبن عبد البر ، عن حسين الكرابيسي :
عالم ، متقن ، عظمت حرمته ، مصنفاته بلغت مائتي جزء ، فتوى السلطان تدور عليه ( أي : كان مفتي المملكة ! ) ، كانت بينه وبين أحمد بن حنبل صداقة وكيدة .
ثم وقع الخلاف بينه ، وبين الإمام أحمد بن حنبل .
كان الإمام أحمد ، رحمه الله ، يقول :
1 – مَن قال : القرآن مخلوق فهو جهمي .
2 – مَن قال : القرآن كلام الله ولا يقول غير مخلوق ولا مخلوق فهو واقفي .
3 – مَن قال : لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع .
وهجرت الحنبلية أصحاب أحمد بن حنبل حسيناً الكرابيسي وبدّعوه وطعنوا عليه وعلى كل مَن قال بقوله !
فجعل الحنبلية الإمام أحمد – إمام مذهبهم – رحمه الله ، مقياساً ، فكل مَن وافقه فهو على الحق ، وعلى السنة .
وكل مَن خالفه فهو مبتدع ، يستحق الطعن والشتم !

قال الحافظ ابن تيمية ، رحمه الله :
[  وَلَيْسَ لِأَحَدِ أَنْ يُنَصِّبَ لِلْأُمَّةِ شَخْصًا يَدْعُو إلَى طَرِيقَتِهِ وَيُوَالِي وَيُعَادِي عَلَيْهَا غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَلَا يُنَصِّبَ لَهُمْ كَلَامًا يُوَالِي عَلَيْهِ وَيُعَادِي غَيْرَ كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ الْأُمَّةُ
بَلْ هَذَا مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْبِدَعِ الَّذِينَ يُنَصِّبُونَ لَهُمْ شَخْصًا أَوْ كَلَامًا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ يُوَالُونَ بِهِ عَلَى ذَلِكَ الْكَلَامِ أَوْ تِلْكَ النِّسْبَةِ وَيُعَادُونَ  ] ( [2] ) .
وأودّ أن أنقل كلاماً للحافظ ابن تيمية ، رحمه الله ، عن الإمام الكرابيسي ، رحمه الله ، حتى لا يظن ظانّ ، أنه كالكافر بسبب خلاف الإمام أحمد ، رحمه الله ، معه !

قال الحافظ ابن تيمية :
[  فَيُقَالُ: الَّذِي فِي الصَّحِيحِ: " «تَقْتُلُ عَمَّارًا الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ» " . وَطَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ ضَعَّفُوا هَذَا الْحَدِيثَ، مِنْهُمُ الْحُسَيْنُ الْكَرَابِيسِيُّ وَغَيْرُهُ، وَنُقِلَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا  ] ( [3] ) .

وقال ، أيضاً :

[  وَقَدْ نُسِبَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ ( يقصد : لفظي بالقرآن مخلوق ) غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْرُوفِينَ بِالسُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ: كَالْحُسَيْنِ الكرابيسي وَنُعَيْم ابْنِ حَمَّادٍ الخزاعي والبويطي وَالْحَارِثِ الْمُحَاسِبِيَّ وَمِنْ النَّاسِ مَنْ نَسَبَ إلَيْهِ الْبُخَارِيَّ .
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ " اللَّفْظَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ " نُسِبَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذهلي وَأَبِي حَاتِمٍ الرَّازِي؛ بَلْ وَبَعْضُ النَّاسِ يَنْسُبُهُ إلَى أَبِي زُرْعَةَ أَيْضًا
وَيَقُولُ إنَّهُ هُوَ وَأَبُو حَاتِمٍ هَجَرَا الْبُخَارِيَّ لَمَّا هَجَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الذهلي
وَالْقِصَّةُ فِي ذَلِكَ مَشْهُورَةٌ. . .
 وَمَعَ هَذَا فَطَوَائِفُ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ وَإِلَى اتِّبَاعِ أَحْمَد كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ منده وَأَبِي نَصْرٍ السجزي وَأَبِي إسْمَاعِيلَ الْأَنْصَارِيِّ وَأَبِي الْعَلَاءِ الهمداني وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ: لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ . . .
 وَأَعْظَمُ مَا وَقَعَتْ فِتْنَةُ " اللَّفْظِ " بِخُرَاسَانَ وَتَعَصَّبَ فِيهَا عَلَى الْبُخَارِيِّ - مَعَ جَلَالَتِهِ وَإِمَامَتِهِ - وَإِنْ كَانَ الَّذِينَ قَامُوا عَلَيْهِ أَيْضًا أَئِمَّةٌ أَجِلَّاءٌ فَالْبُخَارِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ أَجَلِّ النَّاسِ.

وَإِذَا حَسُنَ قَصْدُهُمْ وَاجْتَهَدَ هُوَ وَهْم أَثَابَهُ اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ عَلَى حُسْنِ الْقَصْدِ وَالِاجْتِهَادِ.
وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ مِنْهُ أَوْ مِنْهُمْ بَعْضُ الْغَلَطِ وَالْخَطَأِ فَاَللَّهُ يَغْفِرُ لَهُمْ كُلِّهِمْ  ] ( [4] ) .

قول الإمام الذهبي عن الكرابيسي

وقال الإمام الذهبي عن الإمام الكرابيسي :
[  العَلاَّمَةُ ، فَقِيْهُ بَغْدَادَ ، أَبُو عَلِيٍّ الحُسَيْنُ بنُ عَلِيِّ بنِ يَزِيْدَ البَغْدَادِيُّ ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ .

سَمِعَ إِسْحَاقَ الأَزْرَقَ ، وَمَعْنَ بنَ عِيْسَى ، وَيَزِيْدَ بنَ هَارُوْنَ ، وَيَعْقُوْبَ بنَ إِبْرَاهِيْمَ ،
وَتفَقَّهَ بِالشَّافِعِيِّ .

رَوَى عَنْهُ : عُبَيْدُ بنُ مُحَمَّدٍ البَزَّازُ ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيٍّ فُسْتُقَةُ .

وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ ، ذَكِيّاً ، فَطِناً ، فَصِيْحاً ، لَسِناً.

تَصَـانِيْفُهُ فِـي الفُرُوْعِ وَالأُصُوْلِ تَدُلُّ عَلَى تَبَحُّرِهِ إِلاَّ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ ، فَهُجِرَ لِذَلـِكَ ،
وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ اللَّفْظَ ، وَلَمَّا بَلَغَ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ في أَحْمَدَ ، قَالَ: مَا أَحْوَجَهُ إِلَى أَنْ يُضْرَبَ ، وَشَتَمَهُ .
قَالَ حُسَيْنٌ فِي القُرْآنِ : لَفْظِي بِهِ مَخْلُوْقٌ ، فَبَلَغَ قَوْلُهُ أَحْمَدَ، فَأَنْكَرَهُ ، وَقَالَ : هَذِهِ بِدْعَةٌ .
فَأَوْضَحَ حُسَيْنٌ المَسْأَلَةَ ،

وَقَالَ : تَلَفُّظُكَ بِالقُرْآنِ – يَعْنِي : غَيْرَ المَلْفُوْظِ –

وَقَالَ فِي أَحْمَدَ : أَيُّ شَيْءٍ نَعْمَلُ بِهَذَا الصَّبِيِّ ؟ إِنْ قُلْنَا : مَخْلُوْقٌ ، قَالَ : بِدْعَةٌ ، وَإِنْ قُلْنَا : غَيْرُ مَخْلُوْقٍ ، قَالَ: بِدْعَةٌ .

فَغَضِبَ لأَحْمَدَ أَصْحَابُهُ، وَنَالُوا مِنْ حُسَيْنٍ .

وَقَالَ أَحْمَدُ: إِنَّمَا بَلاؤُهُم مِنْ هَذِهِ الكُتُبِ الَّتِي وَضَعُوهَا، وَتَرَكُوا الآثَارَ.

قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللهِ الصَّيْرَفِيَّ الشَّافِعِيَّ يَقُوْلُ لِتَلاَمِذَتِهِ: اعْتَبِرُوا بِالكَرَابِيْسِيِّ، وَبِأَبِي ثَوْرٍ ( [5] ) ، فَالحُسَيْنُ فِي عِلْمِهِ وَحِفْظِهِ لاَ يَعْشِرُهُ أَبُو ثَوْرٍ، فَتَكَلَّمَ فِيْهِ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ فِي بَابِ مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، فَسَقَطَ ، وَأَثْنَى عَلَى أَبِي ثَوْرٍ، فَارْتَفَعَ لِلُزُوْمِهِ لِلسُّنَّةِ.
مَاتَ الكَرَابِيْسِيُّ: سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِيْنَ، وَقِيْلَ: سَنَةَ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَمائَتَيْنِ .

وَلاَ رَيْبَ أَنَّ مَا ابْتَدَعَهُ الكَرَابِيْسِيُّ ، وَحَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّلَفُّظِ، وَأَنَّهُ مَخْلُوْقٌ هُوَ حَقٌّ ،
لَكِنْ أَبَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ, لِئَلاَّ يُتَذَرَّعَ بِهِ إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، فَسُدَّ البَابُ؛ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَفْرِزَ

 التَّلفُّظَ مِنَ المَلْفُوْظِ الَّذِي هو كلام الله إلا في ذهنك ] ( [6] ) .

نلاحظ مما نقله الإمام الذهبي ، عن الإمام الكرابيسي ، ما يلي :
1 – أنّ الإمام الذهبي يمدح الإمام الكرابيسي ، أبلغ المدح . فقال عنه :
العلامة ، فقيه بغداد ، بحور العلم ، ذكيّ ، فطن ، تصانيفه تدل على تبحره ، وأنّ ما قاله عن اللفظ وأنه مخلوق : حق .
وقارن الإمام محمد بن عبد الله الصيرفي الشافعي ، بين الكرابيسي وبين أبي ثور ، في العلم والحفظ  ، فقال : لا يعشره أبو ثور :
أي : لو قسّم علم وحفظ الكرابيسي ، على عشرة أجزاء ، كان أبو ثور جزء واحد منه ! ! 
2 – إختلف مع الإمام أحمد بن حنبل ، فكان ماذا ؟
هل الإمام أحمد – هذا الرجل العالم الصالح – نبيّ معصوم ؟
3 -  لماذا غضب أصحاب الإمام أحمد على الكرابيسي ، ومن ثم نالوا منه ؟
هل لأن الإمام أحمد لم يقبل قوله ؟
هل حقّقوا في المسألة ، ومن ثم رأوا ، أنّ الكرابيسي على خطأ ؟ أم هو مجرد تعصب للأشخاص ؟
وهل يسوغ خطأ الكرابيسي – وهو على حق ، بشهادة الإمام الذهبي – شتم الإمام يحيى بن معين له ؟
4 – كان الإمام الكرابيسي في خير القرون ، حيث مات سنة خمس وأربعين ومائتين !
وقال رسول الله r - كما ذكرنا - :
(( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم . . . )) ( [7] ) .
وهذه المواقف ، وردود الأفعال هذه – من أصحاب أحمد ، وأتباعه –  قد أصبحت أسوة ، لتشنجات المتعصبين ، وشتم أعراض الناس ، وطعنهم !
وأصبحت نبعاً ، من الينابيع التي تُغذّي التشدّد ، والتعصب ، والتطرف .
وكل ذلك فقط للمتشدّدين المتعصبين !

















بين الإمامين البخاري والذهلي
وقال الإمام الذهبي ، رحمه الله :
[  فَلَمَّا وَقَعَ بَيْنَ الذُّهْلِيِّ وَبَيْنَ البُخَارِيِّ مَا وَقَعَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، وَنَادَى عَلَيْهِ، وَمنعَ النَّاسَ عَنْهُ، انْقَطَعَ عَنْهُ أَكْثَرُ النَّاسِ غَيْرَ مُسْلِمٍ.
فَقَالَ الذُّهْلِيُّ يَوْماً: أَلاَ مَنْ قَالَ بِاللَّفْظِ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَنَا.
فَأَخَذَ مُسْلِمٌ رِدَاءً فَوْقَ عِمَامَتِهِ، وَقَامَ عَلَى رُؤُوْسِ النَّاسِ، وَبَعَثَ إِلَى الذُّهْلِيِّ مَا كتبَ عَنْهُ عَلَى ظَهرِ جَمَّالٍ .
وَكَانَ مُسْلِمٌ يُظْهِرُ القَوْلَ بِاللَّفْظِ وَلاَ يَكْتُمُهُ .
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ المُؤَذِّنَ، سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيِّ يَقُوْلُ: حضَرْتُ مَجْلِسَ مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، فَقَالَ: أَلاَ مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ فَلاَ يَحْضُرْ مَجْلِسَنَا، فَقَامَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ مِنَ المَجْلِسِ.
رَوَاهَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ، فَزَادَ: وَتَبِعَهُ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ ( [8] ) .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيرَازيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الأَخْرَمَ، سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ: لَمَّا قَامَ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ مِنْ مَجْلِسِ الذُّهْلِيِّ، قَالَ الذُّهْلِيُّ: لاَ يُسَاكِننِي هَذَا الرَّجُلُ فِي البلدِ.
فَخَشِيَ البُخَارِيُّ وَسَافَرَ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَتَى رَجُلٌ عَبْدَ اللهِ البُخَارِيَّ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، إِنَّ فُلاَناً يُكَفِّرُكَ!
فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيْهِ: يَا كَافِرُ، فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا .
وَكَانَ كَثِيْرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُوْلُوْنَ لَهُ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقَعُ فيكَ.
فَيَقُوْلُ: { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيْفاً } [النِّسَاء 76] وَيتلو أَيْضاً: { وَلاَ يَحيقُ المَكْرُ السَّيِّءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } [فَاطِر: 43] .
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: كَيْفَ لاَ تدعُو اللهَ عَلَى هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ يظلِمُونَكَ وَيتنَاولونَكَ وَيَبْهَتُونَكَ؟
فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ ) . . .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي ( الجرحِ وَالتعديلِ ) : قَدِمَ مُحَم



([1]) الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء – ابن عبد البر ( 1 / 106 ) .
([2]) مجموع الفتاوى ( 20 / 164 ) .
([3]) منهاج السنة النبوية ( 6 / 259 ) . المحقق: محمد رشاد سالم - الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - الطبعة: الأولى، 1406 هـ - 1986 م .
([4]) مجموع الفتاوى ( 12 / 206 – 208 ) .
([5])  قال الإمام الذهبي : [  أبو ثور ( د ، ق )  
إبراهيم بن خالد ، الإمام الحافظ الحجة المجتهد ، مفتي العراق أبو ثور ، الكلبي البغدادي الفقيه ، ويكنى أيضا أبا عبد الله  ولد في حدود سنة سبعين ومائة .
وسمع من : سفيان بن عيينة ، وعبيدة بن حميد ، وأبي معاوية الضرير ، ووكيع بن الجراح وابن علية ، ويزيد بن هارون ، ومعاذ بن معاذ ، وروح بن عبادة ، وأبي قطن ، وأبي عبد الله الشافعي ، وطبقتهم .
حدث عنه : أبو داود ، وابن ماجه . . . وروى عنه أيضا : قاسم بن زكريا المطرز ، وأحمد بن الحسن الصوفي ، وأبو القاسم البغوي ، ومحمد بن إسحاق السراج ، ومحمد بن صالح بن ذريح العكبري ، وخلق سواهم . وجمع وصنف . 
 قال أبو بكر الأعين : سألت أحمد بن حنبل عنه ، فقال : أعرفه بالسنة منذ خمسين سنة ، وهو عندي في مسلاخ ، سفيان الثوري .
وقال النسائي : ثقة مأمون ، أحد الفقهاء .
وقال أبو حاتم بن حبان : كـان أحـد أئمة الدنيا فقها وعلما وورعا وفضلا . صنف الكتب ، وفرع على السنن ، وذب عنها ، رحمه الله تعالى . ذكره الخطيب ، وأثنى عليه ، وقال : توفي في صفر سنة أربعين ومائتين . 
قلت : عاش سبعين سنة أو أكثر . . .
وقد كان أحمد يكره تدوين المسائل ، ويحض على كتابة الأثر ، فقال عبد الرحمن بن خاقان : سألت أحمد بن حنبل عن أبي ثور ، فقال : لم يبلغني عنه إلا خير ، إلا أنه لا يعجبني الكلام الذي يصيرونه في كتبهم .
وقيل : سئل أحمد عن مسألة ، فقال للسائل : سل غيرنا ، سل الفقهاء سل أبا ثور .
وقال بدر بن مجاهد : قال لي سليمان الشاذكوني : اكتب رأي الشافعي ، واخرج إلى أبي ثور ، ولا يفوتنك بنفسه .
قال الخطيب : كان أبو ثور يتفقه أولا بالرأي ، ويذهب إلى قول العراقيين ، حتى قدم الشافعي ، فاختلف إليه ، ورجع عن الرأي إلى الحديث .
وقال أبو حاتم يتكلم بالرأي ، فيخطئ ويصيب ، ليس محله [ ص: 76 ] محل المسمعين في الحديث . =
= قلت : بل هو حجة بلا تردد .
مات في صفر سنة أربعين ومائتين ] ( سير أعلام النبلاء 9 / 467 – 468 ) .
([6]) سير أعلام النبلاء ( 9 / 471 ) .
([7]) هـذا لفظ البخــاري فــي صحيحه . ولفـظ مسـلم فـي صحيحه : (( خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِينَ يَلُونِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ))  .
([8]) قال الإمام الذهبي عنه : [  أحمد بن سلمة الحافظ الحجة أبو الفضل النيسابوري البزاز المعدل رفيق مسلم في الرحلة إلى بلخ وإلى البصرة  ] ( تذكرة الحفاظ 2 / 156 ) .





وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي ( الجرحِ وَالتعديلِ ) : قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ الرَّيَّ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبِي وَأَبُو زُرْعَةَ، وَتركَا حَدِيْثَهُ عِنْدَمَا كَتَبَ إِليهِمَا مُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى أَنَّهُ أَظهرَ عِنْدَهُم بِنَيْسَابُوْرَ أَنَّ لَفْظَهُ بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ ] ([1]) .

وقال أيضاً ، رحمه الله :
(   كَانَ مُسْلِم بن الحَجَّاجِ يُظْهِر القَوْل بِاللَّفْظ، وَلاَ يَكْتُمهُ، فَلَمَّا اسْتوطن البُخَارِيّ نَيْسَابُوْر أَكْثَر مُسْلِم الاخْتِلاَف إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَعَ بَيْنَ البُخَارِيّ وَالذُّهْلِيّ مَا وَقَعَ فِي مَسْأَلَة اللَّفْظ، وَنَادَى عَلَيْهِ، وَمنع النَّاس مِنَ الاخْتِلاَف إِلَيْهِ، حَتَّى هُجِر، وَسَافَرَ مِنْ نَيْسَابُوْر، قَالَ: فَقطعه أَكْثَر النَّاس غَيْر مُسْلِم.
فَبلغ مُحَمَّد بن يَحْيَى، فَقَالَ يَوْماً: أَلاَ مَنْ قَالَ بِاللَّفْظ فَلاَ يحلّ لَهُ أَنْ يحضر مَجْلِسنَا.
فَأَخَذَ مُسْلِم رِدَاءهُ فَوْقَ عِمَامَته، وَقَامَ عَلَى رُؤُوْس النَّاس.
ثُمَّ بعثَ إِلَيْهِ بِمَا كتب عَنْهُ عَلَى ظَهر جمَّال.
قَالَ: وَكَانَ مُسْلِم يُظْهِر القَوْل بِاللَّفْظ وَلاَ يَكْتُمهُ  .
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بن الشَّرْقِيّ: حضَرت مَجْلِس مُحَمَّد بن يَحْيَى، فَقَالَ: أَلاَ مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالقُرْآن مَخْلُوْق، فَلاَ يحضر مَجْلِسنَا. فَقَامَ مُسْلِم مِنَ المَجْلِس ] ([2]) .

وقال ، رحمه الله :
[  وَأَمَّا البُخَارِيُّ، فَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ الأَذْكِيَاءِ، فَقَالَ:
مَا قُلْتُ: أَلفَاظُنَا بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقَةٌ، وَإِنَّمَا حَرَكَاتُهُم، وَأَصْوَاتُهُم وَأَفْعَالُهُم مَخْلُوْقَةٌ، وَالقُرْآنُ المَسْمُوْعُ المَتْلُوُّ المَلْفُوْظُ المَكْتُوْبُ فِي المَصَاحِفِ كَلاَمُ اللهِ، غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابَ ( أَفْعَالِ العِبَادِ ) مُجَلَّدٌ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ، وَمَا فَهِمُوا مَرَامَه كَالذُّهْلِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَعْيَنِ، وَغَيْرِهِم ] ([3]) .

فبان ، وظهر جليّاً ، أنّ الإمام الكرابيسي ، ليس وحده في هذا الرأي الحق – بشهادة الإمام الذهبي – بل معه أيضاً من الأئمة الكبار ، وحفّاظ الأمة : كالإمام البخاري ، والإمام مسلم ( صاحبي الصحيحين ) ، والإمام أحمد بن سلمة ،  وطَوَائِفُ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى السُّنَّةِ وَإِلَى اتِّبَاعِ أَحْمَد – بشهادة ابن تيمية – كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ منده ، وَأَبِي نَصْرٍ السجزي ، وَأَبِي إسْمَاعِيلَ الْأَنْصَارِيِّ ، وَأَبِي الْعَلَاءِ الهمداني ، وَغَيْرِهِمْ يَقُولُونَ : لَفْظُنَا بِالْقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ
فأي الفريقين هو السلف الصالح ، وأيهما هو الطالح ؟ ! وأي القولين هو الأصح ؟
الأئمة : البخاري ، و مسلم ، و أحمد بن سلمة ، وغيرهم ، من جهة .
 والأئمة : الذهلي ، وأبي زرعة ، وأبي حاتم ، وأبي بكر الأعين ، وغيرهم ، من جهة أخرى ؟
والقضية المختلف فيها ، هي مسألة وخلاف في العقيدة ، وليست في القضايا الفقهية !
هذه المسألة ، التي اختلف فيها سلفنا الصالح ، تتعلق بالعقيدة ، وبأشهر مشكلة ظهرت في تاريخنا الإسلامي ، ألا وهي : قضية خلق القرآن !
وليست هي مسألة فقهية فرعية تتعلق بالوضوء ، أو كيفية الصلاة .
ولا هي تتعلق بالمعاملات كالبيع والشراء ، والإيجار ، والحوالة ، و . . . إلخ !
فأيّ الفريقين وقع في الكفر والضلال ؟ وأيٌّ نجا منهما ؟ !
فظهر زيف مَن يتبنى فكر معيّن ، ثم يدّعي : أنّ هذا هو فكر السلف !
ولاسيما أنّ ( لفظي بالقرآن مخلوق ) ؛ والذي حاربه الإمام أحمد ، واعتبر قائله مبتدع ، ومن ثم طعن أتباعه فيهم ، وشتموهم ، هو الحق – بشهادة الإمام الذهبي !
وقال به كلٌّ من الأئمة :  الحسين الكرابيسي ، البخاري ، مسلم ، أحمد بن سلمة ، نعيم ابن حماد والبويطي ، والحارث المحاسبي .
وقال بعكس كلام أولئك الأئمة : ( لفظي بالقرآن غير مخلوق ) ، كلٌّ من الأئمة : محمد بن يحيى الذهلي ، وأبي حاتم الرازي ، وأبي زرعة ، وغيرهم .
وكذلك بعض الأئمة من أتباع الإمام أحمد : كأبي عبد الله بن منده ، وأبي نصر السجزي ، وأبي إسماعيل الأنصاري ، وأبي العلاء الهمداني – بشهادة الحافظ ابن تيمية !
 وللعلم ، فإن موضوعنا هنا ، ليس هو بيان معنى هذا الكلام ، المختلف فيه ، فيما بين سلفنا الصالح ، ولا هو ترجيح قول أحدهما على الآخر .
بل هو إثبات : إختلاف السلف الصالح ، في مسائل العقيدة !    




وقفة ، واعتذار لكل أئمتنا ، وعلمائنا !
        
وهنا نقف وقفة ، مع تقديرنا ، وإجلالنا لأولئك العظماء ، أولئك الأئمة ، الذين استعملهم الله تعالى لنشر دينه ، وبيان مبادئه ، وأحكامه !
         نقول : مـا كان لهم أن يفعلوا ما فعلوه ، من اضطهاد أمير المؤمنين في الحديث ؛ الإمام البخـاري ، رحمهـم الله جميعـاً ، وغيره ! من أجل فهمٍ ، ورأي رأوه ، والجميع مجتهدون فيما ذهبوا إليه ! وليس قول أحدهم ، ورأيه بأولى من قول ، ورأي الآخر ! والجميع معظمون للقرآن ، ويخدمونه بأموالهم وأنفسهم !
وعندما نسمع ، ونقرأ هذه التصرفات من أولئك الأعلام ، نتعجب ، ونحن لا نساوي التراب الذي كانوا يمشون عليه !
وبسبب هذه التصرفات ، تجرأ الجهّال على أولياء الله تعالى ، بذمهم وطعنهم ، تقليداً أعمى لأولئك الأئمة ، زاعمين أنهم على نهج السلف الصالح !
ولا شك أن تلك التصرفات خطأ – إن لم تكن خطيئة ! – لا تكون قدوة ، وأسوة حسنة لمن جاء بعدهم ! بل هي من السيئات ، التي تُغفر ، وتغرق في بحر حسناتهم !
واللهُ سبحانه تعالى ، قد أمر نبيّه محمّداّ r أن يقتدي بهدى الأنبياء قبله عليهم السلام ، فقال تعالى : (  أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ . . ) الأنعام : 90

بهداهم لا بهفوات بعضهم !

[  فَمَعْنَى الْجُمْلَةِ عَلَى هَذَا: أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ ذُكِرَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي الْآيَاتِ الْمَتْلُوَّةِ آنِفًا، وَالْمَوْصُوفُونَ فِي الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ بِإِيتَاءِ اللهِ إِيَّاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
 هُمُ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ تَعَالَى الْهِدَايَةَ الْكَامِلَةَ، فَبِهُدَاهُمْ دُونَ مَا يُغَايِرُهُ وَيُخَالِفُهُ مِنْ أَعْمَالِ غَيْرِهِمْ وَهَفَوَاتِ بَعْضِهِمُ
اقْتَدِ أَيُّهَا الرَّسُولُ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ كَسْبُكَ وَعَمَلُكَ مِمَّا بُعِثْتَ بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ الدَّعْوَةِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ وَالصَّبْرِ عَلَى التَّكْذِيبِ وَالْجُحُودِ، وَإِيذَاءِ أَهْلِ الْعِنَادِ وَالْجُمُودِ، وَمُقَلِّدَةِ الْآبَاءِ وَالْجُدُودِ
وَإِعْطَاءِ كُلِّ حَالٍ حَقِّهَا مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَأَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ، كَالصَّبْرِ وَالشُّكْرِ، وَالشَّجَاعَةِ وَالْحِلْمِ، وَالْإِيثَارِ وَالزُّهْدِ، وَالسَّخَاءِ، وَالْبَذْلِ، وَالْحُكْمِ بِالْعَدْلِ، إِلَخْ.
( وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ) 11: 120( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلـَى مَا كُذِّبـُوا وَأُوذُوا حَتَّـى أَتَـاهُمْ نَصْرُنَـا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَـاتِ اللهِ وَلَقَـدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ)   6: 34 (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أَوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ 46: 35)

هذه الحالة لم تكن من الهدى !
فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى لَهُ فِي آخِرِ سُورَةِ " ن " (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ 68: 48) - وَصَاحِبُ الْحُوتِ هُوَ يُونُسُ أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ - فَالنَّهْيُ فِيهِ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَصْرُ بِتَقْدِيمِ " فَبِهُدَاهُمْ " عَلَى " اقْتَدِهْ " كَمَا تَقَدَّمَ ،
فَإِنَّ هَذِهِ الْحَالَةَ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْهُدَى الَّذِي هَدَى اللهُ يُونُسَ إِلَيْهِ ،
بَلْ هَفْوَةٌ عَاقَبَهُ اللهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِ، وَلَا يَحُطُّ هَذَا مِنْ قَدْرِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ

لا تتوهم الطعن والجرح !
وَلِإِزَالَةِ تَوَهُّمِ ذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى " ( [4] ) وَقَالَ: " لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى " أَيْ فِي أَصْلِ النُّبُوَّةِ لِأَجْلِ هَفْوَتِهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ " لَا تُفَضِّلُوا بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ " وَفِيهِ " وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى " ( [5] )
وَكُلُّ ذَلِكَ فِي الصِّحَاحِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ عَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ لَا مَنْعُ مُطْلَقِ التَّفْضِيلِ،


النبيّ r لم يُؤمَر بالإقتداء بهم في كل عمل !
 فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْ خَاتَمَ رُسُلِهِ بِالِاقْتِدَاءِ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ فِي كُلِّ عَمَلٍ ،
وَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَقْتَدِي بِهُدَاهُمْ إِلَيْهِ فِي سِيرَتِهِمْ، سَوَاءٌ مَا كَانَ مِنْهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ، وَمَا امْتَازَ فِي الْكَمَالِ فِيهِ بَعْضُهُمْ ،
 كَمَا امْتَازَ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَآلُ دَاوُدَ بِالشُّكْرِ، وَيُوسُفُ وَأَيُّوبُ وَإِسْمَاعِيلُ بِالصَّبْرِ، وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسُ بِالْقَنَاعَةِ وَالزُّهْدِ، وَمُوسَى وَهَارُونُ بِالشَّجَاعَةِ، وَشَدَّةِ الْعَزِيمَةِ فِي النُّهُوضِ بِالْحَقِّ .
فَاللهُ تَعَالَى قَدْ هَدَى كُلَّ نَبِيٍّ رَفَعَهُ دَرَجَاتٍ فِي الْكَمَالِ، وَجَعَلَ دَرَجَاتِ بَعْضِهِمْ فَوْقَ بَعْضٍ، ثُمَّ أَوْحَى إِلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ خُلَاصَةَ سِيَرِ أَشْهَرِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ وَهُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَفِي سَائِرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهُدَاهُمْ ذَاكَ ،
وَهَذِهِ هِيَ الْحِكْمَةُ الْعُلْيَا لِذِكْرِ قِصَصِهِمْ فِي الْقُرْآنِ. وَقَدْ شَهِدَ اللهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ،
فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّهُ كَانَ مُهْتَدِيًا بِهُدَاهُمْ كُلِّهِمْ، وَبِهَذَا كَانَتْ فَضَائِلُهُ وَمَنَاقِبُهُ الْكَسْبِيَّةُ أَعْلَى مِنْ جَمِيعِ مَنَاقِبِهِمْ وَفَضَائِلِهِمْ ; لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِهَا كُلِّهَا فَاجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الْكَمَالِ مَا كَانَ مُتَفَرِّقًا فِيهِمْ، إِلَى مَا هُوَ خَاصٌّ بِهِ دُونَهُمْ ; وَلِذَلِكَ شَهِدَ اللهُ تَعَالَى لَهُ بِمَا لَمْ يَشْهَدْ بِهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فَقَالَ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) 68: 4
وَأَمَّا فَضَائِلُهُ وَخَصَائِصُهُ الْوَهْبِيَّةُ فَأَمْرُ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِمْ فِيهَا أَظْهَرُ، وَأَعْظَمُهَا عُمُومُ الْبَعْثَةِ، وَخَتْمُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَإِنَّمَا كَمَالُ الْأَشْيَاءِ فِي خَوَاتِيمِهَا، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . . .

وكذلك يقول الإمام الرازي !
بَعْدَ كِتَابَةِ مَا تَقَدَّمَ رَاجَعْتُ [ القول للشيخ محمد رشيد رضا ] أَقْوَالَ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ مَا بِهِ الِاقْتِدَاءُ فَرَأَيْتُ الرَّازِيَّ لَخَصَّهَا بِقَوْلِهِ :
فَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ الْمُرَادُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ فِي الْأَمْرِ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَوْلُ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ - أَيْ بِاللهِ تَعَالَى - فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَسَائِرِ الْعَقْلِيَّاتِ،
وَقَالَ آخَرُونَ: الْمُرَادُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِي جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ وَالصِّفَاتِ الرَّفِيعَةِ الْكَامِلَةِ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى أَذَى السُّفَهَاءِ وَالْعَفْوِ عَنْهُمْ ] ([6]) .

فإذا كان الأنبياء الكرام ، المعصومون ، أُمِر النبيّ r ألّا يقتدي بهم في كل الأمور !
فكيف بغيرهم ؛ من غير الأنبياء ، وغير المعصومين ؟ !



إبراهيم ، عليه السلام ، كان أمة !

وهـذا خليـل الله إبراهيم عليه السلام ، الأوّاه ، الحليم ، يمدحه الله تعالى ، ويزكّيه :
          فيقول تعالى : (  إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ .
شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ .
ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) ( [7] ) .  
        
ويقول تعالى : (  وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا ) ( [8] ) .
         ويقول سبحانه : (  . . . إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) ( [9] ) .
         ويقول تعالى : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ ) ( [10] ) .
ويقول تعالى : (سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) ( [11] ) .
         هذا النبيّ الكريم ، من حبّه وحلمه ، وبِرّه ، وعطفه ، ورحمته ، وشفقته ، يدعو لأبيه الكافر بالمغفـرة !
وهذه صفة نابعة من الرحمة  ، والشفقة ! ؛(وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ) ( [12] ) .
بخلاف العداوة ، والبغضاء ، والطعن ؛ فهذه الصفات – بين المسلمين – نابعة من النفس الأمارة بالسوء !  ؛ ( بَغْياً بَيْنَهُم ) !
ومع هذا ، فالله تعالى ينهى المؤمنين ، عن التأسي بخليل الله إبراهيم ، عليه السلام ، وتقليده في  ذلك ! !
يقول تعالى :  ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) [13] .
ونبيّ الله إبراهيم عليه السلام ، عندما تيقّن ، وتأكد عداوة أبيه لله تعالى ، ويأسَ من توبته ، وهدايته ، تبرّأ منه ! (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) ( [14] ) .
فهذا خليل الله تعالى ، ينهانا الله تعالى ، أن نقتدي به في تلك الصفة !
وهو المعصوم ، خليل الرحمن !
فكيف نقتدي بغيره ، في تعديه على مسلمين ، علماء ، أئمة ؟ !
والذين يعلنون الحرب على المسلمين ، وعلى أولياء الله تعالى ، تراهم ينطلقون في ذلك عن ظنون ، وأفهام خاطئة للنصوص .
 معتمدين على فلان العالم ، أو الإمام ، الذي طعن في غيره ، من الأئمة والصالحين ، لأنه خالفه في فهمه وسلوكه ! !
وبعضهـم جعـل الإمـام أحمد بن حنبل ، رحمه الله ، وكأنه نبيّ معصوم ، وجعل قوله كقول النبيّ r ، ! ! أو جعل الإمام مالك ، رحمه الله ، كذلك ! أو الحافظ إبن تيمية ، رحمه الله !
فإذا خالف ، وخاصم أولئك الأئمة ، عالماً من العلماء ، أو صالحاً من الصالحين ، فقد أصبح ذلك العالِم عُرضة لكل طعن ، وجرح ، وتسفيه ، وإهانة ! ! وأصبح ذلك الصالح ضالّاً مضلّاً ! !
وممن ؟ ! من أناس لا يرقى أساتذتهم ، وشيوخهم ، أن يكونوا كُتّاباً عند تلاميذ تلميذ أولئك   الأفذاذ ! ! 
ولهذا ترى أصحاب الأديان الأخرى ، والمبتدعة الضلّال ، لا يجذبهم جمال ، وعظمة هذا الدين للدخول فيه ! بسبب تلك الفرقة ، والبغضاء ، والشحناء بين أتباعه ! !
ولو دقّق المؤمن ، وتأمّل جيّداً ، في مواقف أولئك الذين يتحدّثون باسم الصحابة والتابعين ، وتابعيهم بإحسان ، فيطعنون في أولياء الله تعالى ، لرأى بعين البصيرة ، أمراضاً وعُقَداً نفسيّاً وراء تلك السيئات ، هي التي تدفعهم إلى تشويه هذا الدين ، بقساوة قلوبهم ، وغلظة أكبادهم ! !
فلو كان الأمر بيد أُولوا الألباب ،  وكانت تتوفر مستشفيات جيدة للأمراض النفسية ، لكان من الواجب ، إدخال أولئك في تلك المستشفيات للعلاج !
وكان الواجب ألّا يسمح لأحد منهم بالتحدث ، أو التصرف باسم الإسلام ! !  

كلّ بني آدم خطّاء !

ونحن نعلم أنه ليس هناك معصوم غير الأنبياء ، وأن كل إنسان معرّض للخطأ ، وأنّنا لا نرقى أن نكون خدّاماً لأولئك الأئمة ، والصالحين !
نعلم كل هذا !
 ولكن يحزننا جدا أن نسمع ، ونقرأ تلك العداوات ، والخصومات بينهم !
وقد قالوا : حسنات الأبرار سيئات المقرّبين !
فما يُغَض الطرف عنه لغير الأئمة ، والصالحين ، لا يسحب عليهم !
فهُم مؤاخذون بكل شاردة وواردة !
ليس مقامهم كمقام غيرهم ! ولا سيما إذا كان الناس يقلدونهم في كل شيء !
ولا ينبغي لأحد أن يقلّدهم في أخطائهم ! كائناً مَن كانوا !
حتى ولو كانوا صحابة رسول الله r !
بل حتى ولو كان أبو بكر الصدّيق t ! !

النبيّ محمد r هو قدوتنا !
         فرسول الله r هو قدوتنا في كل شيء ! 
فماذا قال هذا النبيّ الكريم r ؟
         قال r : (( لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ )) ( [15] ) .
         فهل هذا الذي يطعن في الأئمة ، والمسلمين ، يحب أن يطعن المسلمين فيه ، ويغتابوه ، أو يغتابوا أباه ، أو أخاه ، أو إبنه ؟ !
وهل يطيع النبيّ r في أمره هذا ؟ !
         وقال r : ((  تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )) ( [16] ) .
         فهل ينطبق وصف النبيّ r للمؤمنين ، على الطاعن في الأئمة ، والصالحين ، والمسلمين     عامة ؟ !
         وهل هناك فعلاً تراحم ، وودّ ، وتعاطف ، بين المؤمنين عامة ، وبين طاعنيهم ؟ !

         وقال r : ((  إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا )) ( [17] ) .
         فأين أولئك الطاعنون ، المبغضون للعلماء ، والصالحين ، والمسلمين عامة ، من نهي النبيّ r هذا ؟ !
         أم أن الشيطان يسوّل لهم معصية النبيّ r ، بأقوال وتصرفات غيره r ؟ !

إن الله عليم بذات الصدور !
         إن هنالك أمران ، لولاهُما ، لكان القلب يذوب أسىً ، وحرقة ، وكمدا :
         أ –  إن الله تعالى خبير بخفايا النفوس ، ويعلم خائنة الأعين ، وما تُخفي الصدور ! 
فلاتُبلَّغ له الأخبار ، سبحانه !  بل هو تعالى مُطّلع على خبايا النفوس ، ويعلم من أين تصدر الأقوال ، والتصرفات !   
هل هي تنبع حبّاً لله ، ورسوله r ، أم هي قيح ، وصديد ، تفرزه النفس المريضة ، والهوى باسم الله تعالى ، وباسم رسوله r ؟ !
         ب – أنه هو وحده يحاسب العباد – يوم القيامة – بنفسه ، فلا يوكّل للحساب لا نبيّ ، ولا مَلَك !  فليقل ، وليفعل مَن شاء ، ماشاء !
         فسوف تعلم حين ينجلي الغُبارُ                أتَحتك فرَسٌ أم حمارُ ؟ !
وإذا كان أولئك يرجون المغفرة من الله تعالى – من سيئاتهم هذه – إعتماداً على نيّاتهم الحسنة ، ناسين ، أو متناسين : أصوبه ؛ شريك أخلصه ( [18] ) ! فَلْيَهَبُوا تلك الرجاء لكل مسلم خطّاء ، ذي نيّة حسنة ! فهل هم فاعلون ؟ !
هل يقولون عن خصومهم : إن الله تعالى ، يغفر لهم بنيّاتهم الحسنة ؟ !

هلّا عُدّ الإرجاء مذهباً !
إختلاف السلف في الإرجاء :
تعريف الإرجاء :
[  المرجئة لغة :



للتكمة المقال حمل هذا الكتاب الرائع   عن العقيدة الاسلامية والسلف الصالح عبر هذا الرابط
أضواء على ا لعقيدة الاسلامية والسلف الصالح !
  




([1]) سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي ( 12 / 460 – 462 ) .
([2]) نفس المصدر ( 12 / 572 ) .
([3]) سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي ( 12 / 510 – 511 ) .
([4]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الأنبياء ، باب قول الله تعالى } وهل أتاك حديث موسى { ، ( 3 / 1244 ) ، حديث : 3215 . وصحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب في ذكر يونس عليه السلام . . . ، ( 4 / 1846 ) ، حديث : 167 .
([5]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الأنبياء ، باب قول الله تعالى } وإن يونس لمن المرسلين { ، ( 3 / 1254 ) ، حديث : 3233 . وصحيح مسلم ، كتاب الفضائل ، باب من فضائل موسى r ، ( 4 / 1843 ) ، حديث : 159 .
([6]) تفسير المنار – الشيخ محمد رشيد رضا ( 7 / 497 – 498 ) .
([7]) سورة النحل : 120 -123 .
([8]) سورة مريم : 41 .
([9]) سورة التوبة : 114 .
([10]) سورة هود : 75 .
([11]) سورة الصافات : 109 .
([12]) سورة الشعراء : 86 .
([13]) سورة الممتحنة : 4 .
([14]) سورة التوبة : 114 .
([15]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الإيمان ، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، ( 1 / 14 ) ، حديث : 13 . وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه من الخير ، ( 1/ 67 ) ، حديث : 71 .
([16]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، واللفظ له ، كتاب الأدب ، باب رحمة الناس والبهائم ، ( 5 / 2238 ) ، حديث : 5665 . وصحيح مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب ،  باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم ، ( 4 / 1999 ) ، حديث : 66 .
([17]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الأدب ، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ، ( 5 / 2253 ) ، حديث : 5717 . وصحيح مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب ، باب تحريم الظن ، والتجسس ، والتنافس ، والتناجش ونحوها ، ( 4 / 1985 ) ، حديث : 28 .
([18]) قال الفضيل بن عياض رحمه الله: " أخلصه وأصوبه " قيل يا أبا علي: "ما أخلصه وأصوبه " ؟. فقال : إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا ، لم يقبل . وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا لم يقبل ، حتى يكون خالصا صوابا. والخالـــص: أن يكـــون لوجــه الله، والصواب: أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة  ( تفسير السعدي . ص 377 ) .