الثلاثاء، 1 أكتوبر 2024

هل صحيح بأن الإمام أبا الحسن الأشعري مر بثلاثة مراحل ؟!

 يقال بأن الإمام #أبا الحسن الأشعري مر بثلاثة مراحل:

1_ في المرحلة الأولى كان معتزليا
2_ ثم خرج من الإعتزال واتبع الكلابية وأسس مذهب الأشاعرة !!!
3_ ثم في آخر حياته تاب ولزم عقيدة الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه!!
فهل هذه المعلومة صحيحة ؟! إليك أخي الكريم الإجابة مع الأدلة العلمية الثابتة:
قضية مرور #الإمام الأشعري بثلاثة مراحل هذه إشاعة باطلة من عدة وجوه ، لا تتعجل بالرد رجاء وتابع معي ليتضح لك الأمر بالأدلة القاطعة :
1 _كل #المؤرخين وأهل السير والتراجم الذين كانوا قبل ابن تيمية و ترجموا للأشعري ذكروا أنه تراجع عن مذهب #المعتزلة فقط ، ثم أعلن توبته منه بعد ذلك و ثبت على عقيدة أهل السنة ونصرها ب:(الأدلة العقلية = علم الكلام ) وب:( الأدلة النقلية = الكتاب والسنة ) ، ولهذا انتسب إليه معظم #أهل السنة الذين أتوا بعده فسموا: " #أشاعرة " . وطيلة حوالي أربعة قرون لم يذكر أحد منهم أنه تراجع عن مذهبه مثلما يزعم #الوهابية، حتى جاء ابن تيمية رحمه الله فأشاع بأن الأشعري بعد توبته عن الاعتزال أحدث توبة أخرى !!
فهل خفي عن هؤلاء المترجمين جميعا تراجع #الأشعري عن مذهبه وعلم به ابن تيمية بعد أربعة قرون وتابعه عليه الوهابية في آخر الزمان؟!! أبدا هذا لايقول به عاقل .
هنا ملاحظة هامة : البعض ينقل تراجع الإمام الأشعري عن ابن كثير ، والحافظ بن كثير رحمه الله نقلها ولم يذكر لها إسنادا ومؤكد أنه أخذها عن ابن تيمية وكان متعاطفا معه ، وبالمناسبة الحافظ ابن كثير نفسه كان أشعريا .
2 _المعتزلة وسائر خصوم الأشعري من #الشيعة والمشبهة و #الملاحدة المعاصرون له وغيرهم شنعوا عليه تراجعه عن الاعتزال ، ولو رجع بعد توبته من الاعتزال إلى مذهب آخر لقاموا بالتشنيع عليه أيضا ، لكن أحدا منهم لم يفعل ذلك ، فهل خفيت توبة الأشعري المزعومة عن خصومه الذين يترصدون ويتصيدون له أية زلة وظهر هذا للوهابية المعاصرة؟!! . هذا دليل على أن #الوهابية تلقفوا هذه القصة عن ابن تيمية ولا سلف لهم فيها غيره .
3 _أدرى الناس بمذهب الشيخ هم تلاميذه والمقربون منه ،ولو تراجع فعلا لكان أول من يذكر ذلك هم تلاميذه سواء المعاصرون له أو من أتى بعدهم ، فكيف خفي هذا الأمر على تلاميذه وأتباعه كأبي الحسن الباهلي وأبي الحسين الشيرازي وأبي بكر الجرجاني الإسماعيلي والغزالي والباقلاني والبيهقي وابن عساكر وغيرهم من أعلام السادة الأشاعرة ثم فطن لهذا بن تيمية بعد أربعة قرون وصار يروج له الوهابية في آخر الزمان؟!! هذا لا يقول به عاقل أبدا.
4 _بعد الاستقراء التام الذي قام به الدارسون لمعتقد الأشعري وسيرته لم يجدوا أحدا قال بأنه بعدما تاب من الاعتزال ابتدع أو اتبع مذهبا آخر ثم تاب منه !! لم يجدوا أحدا قال بهذا سوى بن تيمية غفر الله له بعد قرون من وفاة الأشعري ، ثم أخذ الوهابية الآن هذا القول عن ابن تيمية وصاروا يروجون له على أنه حقيقة !!.
إذن ماذا بقي من أدلة على رجوع الأشعري بعد هذا ؟! بقيت قضية كتاب #الابانة فقط هي المستند الرئيسي للوهابية في هذه الإشاعة ، وسنتكلم عنه في عدة نقاط أيضا ، فتابع معي :
1 _كتاب الإبانة اختلف في نسبته للأشعري ولكن الراجح أنه قام بتأليفه ، لهذا سنتجاوز هذا الخلاف ونسلم بأن الكتاب فعلا هو له.
2 _هناك خلاف هل قام الأشعري بتأليفه فور رجوعه من الاعتزال أم ألفه في أواخر حياته؟ والراجح أنه ألفه في بداية توبته عن الاعتزال، وهذا يدحض حجة الوهابية في أن الاشعري ابتدع مذهبا جديدا بعد رجوعه عن الاعتزال. ولنتجاوز هذه النقطة فالآتي بعدها فيه توضيح أكثر.
3_وهي النقطة الأهم أن النسخ المتداولة للكتاب الآن تقريبا كلها محرفة من طرف الوهابية مقارنة بالنسخ الأصلية ، والتحريف ثابت وللمحققين أدلة على ذلك لعلنا نبسطها لاحقا .
4 _كتاب الإبانة رغم ما فيه من تزوير قام به الوهابية إلا أن مضمون الكتاب عموما لا يتناقض أبدا مع عقيدة السادة الأشاعرة، والذي يتوهم التناقض هم الوهابية فقط ليخلقوا نوعا من التشغيب على خصومهم من أهل السنة الاشاعرة . وغاية ما في الأمر أن الإمام الأشعري ذكر عقيدته في هذا الكتاب مستقلة عن الأدلة العقلية لأنه لم يكن في معرض الجدل والإحتجاج ، لهذا توهم الوهابية أنه تراجع عن منهج علماء الكلام !!! وهل هذه حجة يستدلون بها ؟! هذه مجرد سذاجة فقط .
5_ أصح نسخة من كتاب الإبانة مانقله الحافظ ابن عساكر الدمشقي رحمه الله وليس فيها إلا ما يطابق عقيدة الأشاعرة ويوافقها .
*_بقيت نقطة أخيرة وهي زعم الوهابية وبن تيمية بأن الأشعري رجع بعد الاعتزال إلى عقيدة بن كلاب ثم تاب منها واتبع أهل السنة، وهذا كلام باطل لسببين :
السبب الأول: أننا لما نرجع إلى عقيدة بن كلاب سنجدها نفسها عقيدة أهل السنة ، فقط بن كلاب كان يعتمد في الرد على المبتدعة على أساليب علم الكلام، وكان الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه يكره ذلك ويختلف معه في هذه النقطة فقط ، يعني خلاف في المنهج و الوسيلة ، أما العقيدة فهي واحدة .
والسبب الثاني: هو أن هذه المقولة منذ عصر الأشعري إلى عصر بن تيمية طيلة حوالي أربعة قرون لم يقل بها أحد، حتى جاء ابن تيمية فأطلق هذه المقولة ثم تبعه عليها بعض من تأثر به ، واليوم يقوم خصوم الأشاعرة بترويجها .
وبهذا يبطل ما يزعمه الوهابية من تراجع أبي الحسن الأشعري عن مذهب أهل السنة والجماعة.
كتبه العبد الضعيف صاحب صفحة السلف الصالح غفر الله له.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.