الجمعة، 7 يونيو 2019

ترك النبيّ ﷺ للعمل وهو يحبه خشية أن يفرض عليهم هل يعني ذلك : عدم جواز ذلك العمل !


ترك النبيّ  للعمل وهو يحبه
        
كان النبيّ  كثيراً ما يترك عملاً من الأعمال وهو يحبه ، ويود أن يعمله
ولكن كانت هناك أسباب خاصة تمنعه من ذلك ، وهو  ليس كغيره حرا يفعل ما يشاء ، بل هو موضع القدوة ، ومحسوب عليه كل حركة وسكنة ، صلى الله عليه وسلم .
         فليس كل ما ترك النبيّ  من عمل ، يعني ذلك : عدم جواز ذلك العمل ! 
         عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : إن كان رسول الله  ليدَع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيُفرض عليهم ([1] ) .
        
قال الإمام النووي رحمه الله :
         [ قَوْلُهَا لَيَدَعُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَعْمَلَ ضَبَطْنَاهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ يَعْمَلَهُ وَفِيهِ بَيَانُ كَمَالِ شَفَقَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأْفَتِهِ بِأُمَّتِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَضَتْ مَصَالِحُ قُدِّمَ أَهَمُّهَا ] ([2] ) .


خشية أن يفرض عليهم

         وخشيته ليست من فرض الله تعالى ذلك على الناس ، وإلا لو أراد الله تعالى ذلك لفرضه سواءً فعله  أو لم يفعله .
ولكن خشيته من أن الناس هُم يفرضون ذلك على أنفسهم ؛ وذلك بحجة أن النبيّ القدوة r قد فعله ، وداوم عليه ، إذاً يجب عليهم أن يفعلوه أيضاً ، فيشدّدوا على الناس ما لم يُرد الشارع الحكيم ذلك ! ( [3] ) .
         وقد أشار النبيّ  إلى ذلك بقوله : فيُفْرَض عليهم بالمبني للمجهول ، أو مبني لِما لم يسمى فاعله ، فلم يقل r إن الله تبارك وتعالى يفرضه عليهم .


صلاة السنة بعد العصر

         ومن ذلك : عن عائشة ، رضي الله عنها ، أيضاً ، قالت :
         ( وَالَّذِي ذَهَبَ بِهِ  مَا تَرَكَهُمَا  حَتَّى لَقِيَ اللَّهَ وَمَا لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى حَتَّى ثَقُلَ عَنِ الصَّلاَةِ ،
وَكَانَ يُصَلِّي كَثِيرًا مِنْ صَلاَتِهِ قَاعِدًا - تَعْنِي الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهِمَا ،
وَلاَ يُصَلِّيهِمَا فِي الْمَسْجِدِ مَخَافَةَ أَنْ يُثَقِّلَ عَلَى أُمَّتِهِ ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ ) ([4]) .
                              فمن شفقته على أمته  ، ومن رحمته بهم ، لم يصلِّ تلك الركعتان في المسجد ، وإلا لولا ذلك لصلاهما في المسجد .
         فإنه  ما كان يريد أن يثقل على أمته ، بل كان يحب أن يخفّف عنهم ، صلى الله عليه وسلم .
فمـن أراد أن يفعل ذلـك فـلا حرج عليه ، وإن لـم يفعله رسول الله  ، بل ربما يُستحب ذلك ؛ لأن النبيّ  ، كان يحب ذلك ، ولكن كان هناك مانع معتبر منعه من ذلك ! وليس هناك مانع يمنعنا من ذلك .
         معنى ذلك : أن مَن صلاهما في المسجد ، لم يخالف السنة ، وإن لم يفعلها رسول الله  !
فإن ترك النبيّ  لذلك العمل ، ليس لمكروهية ذلك العمل ، ولا بسبب أن ذلك العمل ليس فيه خير ، كما يفهمه بعض المسلمين  فيقول : لو كان فيه خير لفعله رسول الله  ! ! 

تخفيف الصلاة مخافة إفتتان الأم !
         ومن ذلك :
         عَنْ أَبِي قَتَادَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِنِّي لأَقُومُ فِي الصَّلاَةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلاَتِي كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ ) ([5] ) .
         فهو  كان يودّ ، ويريد أن يطيل في الصلاة ، ولكن من رحمته وشفقته على الأم يترك ذلك .
         يعني : أن ترك النبيّ  لعبادة ، أو لعمل ما ، ليس معناه بغضه ، أو كرهه لذلك العمل ، فيعتبره البعض – بناءً على ذلك – أنه مكروه ، أو بدعة ؛ لأن النبيّ  لم يفعله ، ولو كان خيراً لعمله النبيّ   !
         ويشوّشون على المسلمين بقولهم : هل كان رسول الله  يعلم ذلك العمل الصالح المتروك ، أم لم يكن يعلمه ؟
         فإن قلت : ما كان يعلمه ، فقد رميت النبيّ r بالجهل ، وهذا كفر ! !
         وإن قلت : كان يعلمه ، فيُقال : هل كان عملاً صالحاً ، أم طالحاً ؟
         فإن قلت : كان عملاً طالحاً غير صالحٍ ، فقد حكمت على نفسك !
         وإن قلت : لا ، بل كان عملاً صالحاً ، فيُقال : فلِمَ لم يفعله رسول الله r ؟ هل أنت أفضل من النبيّ  ؟ !
         بل زادوا فـي الطنبور نغمـة ! فقالـوا : إنه لم يعمله أحد في القرون الثلاثة ( الصحابة ، والتابعين ، وتابع التابعين ) فلذلك لا يجوز ! !
         أي : جعلوا القرون الثلاثة معصومين مشرّعين ! ! فإذا فعلوا شيئاً فهو جائز ، يجوز للمسلم أن يفعله ، وإذا لم يعمله أحد منهم فلا يجوز ذلك ، ويعتبر بدعة ضلالة ! !
         علماً بأنهم يعيرون ويعيبون غيرهم ، ويرمونهم بأنهم يقولون بعصمة غير النبيّ  ، ومشرعين غيره r ، وهم أنفسهم يفعلون أكثر من ذلك وأشد ، وربما لا يدرون !
         فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة    وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم
         فـإن قيـل : ألم يقـل رسـول الله  :  (  خَيْرُ النَّـاسِ قَرْنِـي ، ثُـمَّ الَّذِيـنَ يَلُـونَهُمْ ، ثُـمَّ الَّذِيـنَ يَلُـونَهُمْ ) ( [6] ) ؟
         قلنا : نعم ، فكان ماذا ؟ هل قال r إنهم معصومون مشرعون ، إذا لم يفعلوا شيئاً فلا تفعلوه ؟
         بل إنها شهادة من رسول الله  لخيرية الناس في تلك القرون ، وبأنهم من أفضل الناس !
وليس معنى ذلك أنهم معصومون ، أو يجمد الدين والحياة في ذلك الزمان !
فإن هذا الفهم يوحي بأن هذا الدين قد جاء لتلك القرون الثلاثة فقط ! فلا يجوز للأئمة والعلماء بعـدهم أن يجتهـدوا ، كمـا اجتهد الأئمة في تلك القرون فقادوا الحياة بالإسلام ؛ وعالجوا مشاكل عصرهم  ، وأنزلوا النصوص على واقعهم .
وقد اختلفوا فيما بينهم في اجتهاداتهم ، وفهمهم للنصوص ، وهم كانوا بشراً مكلّفون مثلنا . ولاسيما – غير الصحابة – لم يروا رسول الله  ، مثلنا ، وإن كانوا أخير وأفضل منّا .
ومن هنا نفهم : لماذا يُتّهم المسلمون – من قِبل خصومهم – بالرجعية والتخلف ، وأنهم يريدون العودة إلى حياة الصحراء والجِمال ! !
فهذه الأفهام الخاطئة للنصوص لا تخدم هذا الدين ، بل تعين الخصوم في حربهم للإسلام !
وعن أنس بن مالك t قال :
         ( ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من النبيّ صلى الله عليه و سلم وإن كان ليسمع بكاء الصبي فيخفف مخافة أن تفتن أمه ) ([7] ) .
                              فيخفف  ، مخافة على الأم ، وليس بسبب أنه لا  أجر في إطالته للصلاة ، أو أفضلية .


عدم وجوب السواك رحمة بالناس !
         ومنه : عن أبي هريرة t ، أن النبيّ ، قال :
         ( لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة ) ( [8] ) .
         هو  يعلم أن في السواك أجر ، وفضل كبير ، ويودّ أن يوجبه على الناس ، مع كل صلاة ، ولكنه r ترك ذلك ، مخافة المشقة على أمته ، فلم يأمرهم به !
         أليـس فـي اسـتخـدام السـواك فـي الصـلاة أجـر ؟ فلمـاذا لم يأمر النبيّ  أمته بذلك ؟ أليس هو ( إستخدام السواك في كل صلاة ) عمل صالح ترك الأمر به  ، وهو يعلم أنه عمل صالح ؟
         نعم تركه لرفع المشقة عنهم ، صلى الله عليه وسلم ، لا أنه ما كان يعرفه ، أو ليس فيه أجر ، كما يريد البعض أن يجعل من هذا الفهم الخاطيء قاعدة ، يحارب بها كل عمل صالح يخدم الإسلام ، بدعوى أن رسول الله  ، لم يفعله ! !

عدم تأخير صلاة العشاء رحمة بالامة !

         ومنه : عن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، قال :
         ( أعتم رسول الله  ليلة بالعشاء حتى رقد الناس واستيقظوا ورقدوا واستيقظوا فقام عمر بن الخطاب فقال الصلاة قال عطاء قال ابن عباس فخرج نبي الله  كأني أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماء واضعا يده على رأسه فقال ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يصلوها هكذا ) ([9]) .

         وفي رواية لعائشة ، رضي الله عنها ، قالت :
         ( أَعْتَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ حَتَّى ذَهَبَ عَامَّةُ اللَّيْلِ ، وَحَتَّى نَامَ أَهْلُ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى، فَقَالَ: «إِنَّهُ لَوَقْتُهَا لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: «لَوْلَا أَنْ يَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي» ) ([10] ) .
                              إن الأصح ، والأحب إلى النبيّ  أن يصلي العشاء في هذا الوقت ، ولكنه r ترك ذلك من أجل أن لا يشق على أمته .
         فقد ترك  ، الأفضل إلى المفضول ، من أجل أن لا يشقّ على المسلمين ، فكيف يُقال في أمر لم يفعله رسول الله  ، ولا يخالف الأصول : إنه غير جائز ، لأن النبيّ  ، لم يفعله ، ولو كان خيراً لفعله رسول الله  ؟ !



التخلف عن السرايا حبا بالصحابة والمسلمين !
        
ومن ذلك أيضاً : عن أبي هريرة t قال : قال رسول   الله  :
         (  لولا أن أشق على أمتي ما تخلفت عن سرية ولكن لا أجد حمولة ولا أجد ما أحملهم عليه ويشق علي أن يتخلفوا عني ولوددت أني قاتلت في سبيل الله فقتلت ثم أحييت ثم قتلت ثم أحييت ) ([11] )
ترك  ذلك العمل الصالح ، شفقة على أمته .
 فلولم يكن موضع القدوة ، ولو كان حرّا في أن يعمل من الصالحات مايشاء ، لما ترك ذلك .
وترك r هذا العمل الصالح الشاق ( عدم التخلف في جميع السرايا ) ، المحبوب لديه ،  من أجل أمته r ، لأنهم لا يستطيعون الإقتداء به في ذلك ، فتكون حسرة في قلوبهم ، وهو  لايحب ذلك لهم ، فترك ذلك العمل الصالح !

تَرْك إعادة بناء الكعبة خوفاً على الناس !

         ومنه : عن عائشة ، رضي الله عنها ، أن النبيّ  قال لها :  ( يا عائشة لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم فأدخلت فيه ما أخرج منه وألزقته بالأرض وجعلت له بابين بابا شرقيا وبابا غربيا فبلغت به أساس إبراهيم ) ([12] ) .
                              الكعبة المشرفة التـي يطوف حولهـا ملايين المسـلمين ، قِبْلَتهم ، ورمز العبودية والتوحيد ، تركها r على ما بناها المشركون ، على غير أساس ما بناها نبيّ الله ، وخليله ، إبراهيم عليه السلام .
         وكان  يودّ أن يهدمها ، ويعيدها كما كان بناها خليل الرحمن ، إبراهيم عليه السلام . ولكن ترك ذلك مخافة على المسلمين أن تنكر قلوبهم .
         فهل يصح أن يُقال : لو كان خيراً لفعله رسول الله  ؟ !  

حزنه  وندمه حباً للأمة !

ومنه : عن عائشة ، رضي الله عنها ، أيضاً ، أن رسول الله r خرج من عندها وهو قرير العين ثم رجع وهو كئيب فقال : دخلت الكعبة فأخاف أن أكون شَقَقْتُ على أمتي ([13] ) .
         وذكره الإمام بدر العيني ، رحمه الله ، فقال : [ قالت عائشة :
           دخل عَليّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ حَزِين ، فَقلت : يَا رَسُول الله ! خرجت من عِنْدِي وَأَنت قرير الْعين طيب النَّفس ، فَمَا بالك ؟
فَقَـالَ : إِنِّي دخلت الْكَعْبَة ، وودت أَنِّي لم أكن فعلته إِنِّي أَخَاف أَن أكون قد أَتعبت أمتِي من بعدِي )
قلـت : الحَدِيـث رَوَاهُ أَبُـو دَاوُد وَالتِّرْمـِذِيّ وَصَـححهُ ، وَالْحَـاكِم وَصَـححهُ ، وَابْـن خُزَيْمَـة فِــي ( صَحِيحه ) وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ : هَذَا الدُّخُول فِي حجَّته ] ([14] ) .
         يعني : أنه  ، حزن لدخوله الكعبة الشريفة !


فهل حزنه لهذا الدخول ، وتركه له ، من أجل أنه تبيّن له بأنه ليس بعملٍ صالح ، فيصح بناءً عليه أن يقال : لو كان خيراً لما تركه رسول الله  ولفعله مراراً وتكراراً ؟ !
أم أنه عمل صالح ، مرغوب ، ومندوب إليه ، ولكنّه  ، تركه حتى يبيّن للمسلمين أنه لا حرج على مَن لم يدخلها ؟ !
ماذا نفهم من هذه الأحاديث ؟

في هذه الأحاديث الكثيرة المباركة وغيرها ، حِكَم ، وعِبَر كثيرة ، ولكن الذي يهمنا هنا في موضوعنا هو :
         1 – كان النبيّ  يحب أن يعمل كثيراً من الأعمال الصالحة ، ولكنه  ، كان يتركها ،
لا كرهاً لها ، ولا لأنها ليس فيها خير ، ولا لأنه صلى الله عليه وسلم ما كان يعرفها ،
ولكن رحمة وشفقة على أمته أن يثقل عليهم ، ولولا ذلك لعملها ، ومن ذلك – كما ورد في الأحاديث التي عرضناها - :
         أ – كان  ، أحياناً لا يصلي بعض النوافل في المسجد ، مخافة أن يُثَقِّل على أمته .
         ب – كان ، يحب أن يُطَوِّل في الصلاة ، ولكنه يترك ذلك ويتجوّز فيها كراهية أن يشق على الأمّ .
         ج – كـان  ، يحب أن تستعمل أمته كلهم السـواك مع كل صلاة ، وكـان يحب أن يوجبه عليهم ، ولكنه ترك ذلك من أجل أن لا يشق عليهم .
         د – كـان  ، يحب أن يؤخر صلاة العشاء إلى أن يذهب عامة الليل ، ويعتبرها  ، هو وقتهـا ، وكـان يود أن يأمرهم فيصلوها هكذا ، ولكنه ترك ذلـك ، وصلى معهم في الوقت المعلوم عندنا ، خشية أن يشق على أمته .
         هـ - كان  ، يحب أن لا يتخلف عن سرية ، ولكنه ترك ذلك خشية أن يشق على أمته .
         و – كان  ، يحب أن يهدم البيت الحرام ، الذي بنته قريش قبل البعثة ، على غير ما بناه نبيّ الله إبراهيم عليه السلام ، فيعيد بناءه على قواعد ما بناه نبيّ الله إبراهيم عليه السلام ، ولكنه ترك ذلك شفقة ورحمة بالناس أن يؤثر ذلك على إيمانهم ، وتعظيمهم للبيت .
         ز – كان  ، يحب أن يدخل الكعبة الشريفة ، فيصلي فيها ، وقد صلّى فيها ، ثم تمنى أن لم يكن فعل ذلك ،  وتركه  خوفاً من أن يشق على أمته ويتعبهم في الإقتداء به في ذلك  .
         2 – وفي هذه الأحاديث المباركة ردّ واضح على الذين يقولون للأعمال الصالحة : لو كان فيها خير لفعلها رسول الله  !
         ومن فضل الله ، تعالى ، علينا أن وصلتنا هذه الأحاديث المباركة ، وتحدث رسول الله r فيها بوضوح وصراحة ، أنه يحب أعمالاً صالحة ، ولكنه يتركها رحمة وشفقة على أمته ، وإلا لو كان r حراً في تصرفاته وأعماله ، لعملها !
         وكم من أعمال ربما كان r يحبها ، وتركها – ولم يتحدث عنها – رحمة ، وشفقة !




([1]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الكسوف ، باب تحريض النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة الليل والنوافل من غير إيجـاب ( 1 / 351 ) ، حديث : 1076 . وصحيح مسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب استحباب صلاة الضحى ، ( 1 / 497 ) ، حديث : 77 .
([2]) شرح النووي على صحيح مسلم ( 5 / 230 ) .
([3]) وقد حدث هذا بالفعل ! إذ أن المبيت بمنى – في الحج – يوم التروية ( يوم الثامن من ذي الحجة ) سنة ، لا هو ركن ، ولا هو واجب ، فليس على مَن لم يبت أي بأس . ومع ذلك فإنّ المتشدّدين يوحون إلى الناس ؛ أنّ حجهم ناقص لأنهم لم يبيتوا بمنى يوم التربية ! ولماذا ذلك ؟ الجواب عندهم : لأنّ النبيّ r ، بات ، وقد قال r : خذوا عنّي مناسككم ! 
([4]) صحيح البخاري ، كتاب مواقيت الصلاة ، باب ما يصلى بعد العصر ،  ( 1 / 213 ) ، حديث : 565 .
([5]) صحيـح البخـاري ، كتـاب الجمــاعة والإمــامـة ، فـي عـدة أبـواب ، منهـا :  بــاب مـن أخف الصـلاة عنـد بكاء الصبي ، ( 1/ 250 ) ، حديث : 675 .
([6]) متفق عليه .
([7]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الجماعة والإمامة ، باب إذا صلى ثم أم قوما ، 0 1 / 250 ) ، حديث : 676 . وصحيح مسلم ، كتاب الصلاة ، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام ، ( 1 / 342 ) ، حديث : 190 . واللفظ للبخاري . 
([8]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، في عدة كتب ، منها : كتاب الجمعة ، و في عدة أبواب ، منها : باب السواك يوم الجمعة ، ( 1 / 303 ) ، حديث : 847 . وصحيح مسلم ، كتاب الطهارة ، باب السواك ، ( 1 / 220 ) ، حديث : 42 . واللفظ للبخاري . 
([9]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب مواقيت الصلاة ، باب النوم قبل العشاء لمن غلب ، ( 1 / 208 ) ، حديث : 545 . وصحيح مسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب وقت العشاء وتأخيرها ، ( 1 / 444 ) ، حديث : 225 . 
([10]) صحيح مسلم ، كتاب المساجد ومواضع الصلاة ، باب وقت العشاء وتأخيرها ،  ( 1 / 442 ) حديث : 219 .
([11]) متفق عليه ؛ صحيح البخاري ، كتاب الجهاد والسير ، باب الجعائل والحملان في السبيل ، ( 3 / 1085 ) ، حديث : 2810 . وصحيح مسلم ، كتاب الإمارة ، باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله ، ( 3 / 1497 ) ، حديث : 106 .
([12]) صحيح البخاري ، كتاب الحج ، باب فضل مكة وبنيانها ( 2 / 574 ) حديث : 1509 .
([13]) رواه أبو داود والترمذي وصححه هو وابن خزيمة والحاكم . أنظر فتح الباري لابن رجب ( 3 / 466 ) .
([14]) عمدة القاري شرح صحيح البخاري ( 9 / 245 ) .