أفيقوا
قال الله تعالى :{{ قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }} [يوسف الآية: 108].
السبت، 2 سبتمبر 2023
نصوص تكفير الوهابية في الدرر السنية :
ظاهرة علماء السلطان في الميزان
ظاهرة «علماء السَّلاطين» من أسباب تمكين الظَّلمة وتخلُّف الأمة، ومع أنَّ ظهورها قديم إلا أنَّ أثرها الكبير قد استفحل في هذا العصر بما لم يكن سابقًا، وللحدِّ من هذه الظاهرة لا بد من التَّعرف على تموضعها في بُنيان الطغيان، وبيان أسبابها وآثارها السلبية على الأمّة، لنستنبط من معرفتنا تلك أهم الآليات للحدِّ من ظهورها.
مدخل:
لا شكَّ أن شرفَ العلمِ لا يعلوه شرف، وأنَّ مكانة العالِم لا يعلوها مكانة، وقد ذكر ذلك الحقُّ سبحانه وتعالى حيث قال: ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة: ١١]، وقال رسول الله ﷺ: (فضلُ العالِم على العابد كَفَضلي على أدناكُم)[1].
إلا أنَّ هذا الشرف قد يَضيع، وهذه المكانة قد تهوي -والعياذ بالله- إذا ابتغى العالم بعِلمِه هذا غيرَ وجهِ الله تعالى، أو جعل مِن عِلمِه هذا وسيلةً للحصول على المكاسب الدنيوية الزائلة، كالمال والجاه وغيرهما، وهذا ما يفعله علماء السلاطين.
والمقصود بعلماء السلاطين: فئة من علماء الدِّين جعلوا مِن أنفسهم مطيَّة للحاكم الظَّالم، يُعطونه الشرعية لحُكمه الظالم هذا، ويمنحونه الفتوى التي يريد، في الوقت الذي يريد.
هل هي ظاهرة حديثة؟
إنَّ ظاهرة علماء السلطان ليست حديثة، ولا وليدة هذا الزّمان، بل هي قديمة قِدَمَ التّاريخ، كما أنّها ليست حكرًا على هذه الأمة، بل موجودة في جميع الأمم، لأنّ علماء السلاطين -في كلّ زمانٍ ومكانٍ- هم ركنٌ أساسٌ من الأركان التي يقوم عليها الطُّغيان، إذ كلّ طاغيةٍ ومستبدٍ يقوم حُكمه على أركانٍ خمسةٍ[2]:
- فالركن الأول: هو القائد الرَّمز الذي ليس له مثيل!.
- والثاني: الجيش القوي الضارب والقبضة الحديدية.
- والثالث: الذراع الاقتصادي الذي يعتمد عليه ويتحكم به هذا القائد.
- والرابع: الفريق الإعلامي الذي يُلمّع هذا الحاكم ويُزَيِّنُه.
- والخامس: المرجعية الدينية التي تعطي الشرعية لهذا الحاكم في حكمه وتصرفاته.
وأوضحُ مثال يمكن أن يُذكر في هذا المقام: دولة فرعون التي تتمثل هذه الأركان الخمسة؛ ففرعون هو القائد الرمز الذي لا يخطئ، وجيشه هو القوة الضاربة، وقارون يمثل قوته الاقتصادية، والسَّحَرة -قبل إيمانهم- هم المرجعية الدينية، والحاشرون الذين قالوا للناس: ﴿هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ ﴿٣٩﴾ لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾ [الشعراء: ٣٩-٤٠] هم ذراعه الإعلامية.
أما الكهنة والرُّهبان فقد تسلّطوا على العباد واستعبدوهم، ومَكَّنوا للحاكم المُستبدّ، وإن لم يذكرهم القرآن الكريم على سبيل الخصوص، إلا أنّ هذا الدور للكهنة والرهبان كان شائعًا في الأمم السابقة. قال تعالى فيهم: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٣١].
لم تسلم مدرسةٌ ولا تيارٌ من ظاهرة علماء السلاطين، ولم ينجُ منها الأكاديميون ولا التقليديون ولا المستقلون، ولم يخلُ منها زمان ولا مكان.
واللافت في زماننا هذا أنّ ظاهرة علماء السلاطين انتشرت أكثر من المعتاد، وزاد الأمر وتفشَّى، فالنظر في بلاد المسلمين -إلا ما رحم الله- يكشف عن اتخاذ حُكامها «جَوقةً» من العلماء الذين يُسبِّحون بحمدهم ليلَ نهار، يحبون إذا أحبَّ، ويكرهون إذا كره، يوالون مَن وَالَى، ويعادون مَن عادى. وقد زاد اهتمام الناس بهم والتعرف عليهم بسبب وسائل الإعلام سواء الموالية التي تظهر نفاقهم، أو المعادية التي تنشر فضائحهم.
كما أنَّ اللافت أيضًا أنَّ هذه الظاهرة المَقِيتة لا تكاد تسلم منها مدرسةٌ ولا تيارٌ، ولم ينجُ منها الأكاديميون ولا التقليديون ولا المستقلون، نسأل الله العفوَ والعافية.
أسباب انتشار ظاهرة علماء السلطان:
أسباب انتشار هذه الظاهرة عديدة متضافرة، ولعل معظمها أمور متعلقة بالشخص ذاته:
السبب الأول: الخَلل في التربية والتنشئة؛ فلعل بعض المدارس الدينية والمعاهد والجامعات الشرعية لم تُفلح في غرس القيم والمبادئ التي تصون العالِم حين تُسوِّدُه، وتحفظه من الانزلاق في مثل هذه المزالق الخطيرة، فكان تركيز هذه المؤسسات منصبًّا على حشو المعلومات في أذهان الطلاب دون الانتباه إلى الجانب القِيَميّ والأخلاقي الذي يحتاجه هذا الطالب في مستقبل حياته ليكون عالمًا ربّانيًا؛ فالعلماء الربانيون لا يمكن أن يكونوا علماءَ سلاطين، لأنهم لا يخافون بأسَهم، ولا تُغريهم أموالُهم ولا وظائفُهم ومناصبُهم. قال تعالى: ﴿مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾ [آل عمران: ٧٩].
قال ابن كثيرٍ رحمه الله في تفسير هذه الآية: “فالجَهَلةُ مِن الأحبار والرهبان ومشايخ الضَّلال يَدخلون في هذا الذمِّ والتوبيخ، بخلاف الرسل وأتباعهم مِن العلماء العاملين، فإنما يأمرون بما أمر الله به وبلغتهم إياه رسله الكرام، إنما ينهونهم عما نهاهم الله عنه وبلغتهم إياه رسلُه الكرام”[3].
السبب الثاني: تعظيمُ النَّفْس الذي يجعل صاحبه مُعتزًا بنفسه لا يقبل رأيَ غيره؛ فيرى في الحاكم ذلك الشخص المعصوم الملهم ولا يقبل نَقدَ الناس فيه، أو يشير على الحاكم برأيه وإن كان خطأ دون التفات لآراء غيره من العلماء. أو يكون تعظيمُ النفس لديه دافعًا للظنّ بأنّ نُصرة الدين محتاجةٌ إليه وإلى مَنْ معه؛ فيسوّغ لنفسه الوقوفَ مع الحاكم بغير حقّ؛ لأجل المحافظة على مركزه وقوّة جماعته.
السبب الثالث: الجبن والخوف من السلاطين، فيوافقهم على جرائمهم، تقديمًا لسلامته على مصلحة الأمة، ولذلك لمّا مدح الله تعالى الأنبياء وأتباعهم، ذكر صفةً مهمةً مِن صفاتهم وهي أنهّم لا يخشون أحدًا إلا الله، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا﴾ [الأحزاب: ٣٩].
ممَّا ساعد في انتشار الفهم السَّقيم للنصوص التي تأمر بطاعة وُلاة الأمر؛ الخللُ في فهم نصوص السياسة الشرعية، ومنزلة ولي الأمر، ومهمّته، وحقوقه، وواجباته. وكذلك ضعف الوعي والافتتان بالسلاطين.
السبب الرابع: القُرب مِن السلطان، والدخولُ عليه، ومِن ثمَّ الافتتان به والوقوع في شباكه، وقد وردت بعض النصوص والآثار التي تحذر من ذلك، منها:
حديث أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (سيكونُ أمراءُ يغْشاهم غَوَاشٍ، أو حَواشٍ من النّاس يَظلمون ويكذِبون، فمن أعانهم على ظُلمهم وصدَّقهم بِكَذبهم، فليس منّي ولا أنا مِنه، ومن لم يُصدِّقهم بِكذبهم، ولم يُعنهم على ظُلمهم، فأنا منه وهو مِنّي)[4].
وعَن حذيفةَ بنِ اليمان رضي الله عنه قال: “إيَّاكم ومواقِف الفِتن”، قيل: وما مواقِفُ الفِتن يا أبا عبدِ الله؟ قال: “أبوابُ الأمراء؛ يدخلُ أحدكم على الأمير فيصدّقه بالكذب، ويقول له ما ليس فيه”[5].
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: “إنَّ على أبوابِ السُّلطان فتنًا كمَبَارِك الإبل، والذي نَفسي بيده لا تُصيبونَ مِن دُنياهم إلا أصابوا من دِينكم مثله”[6].
ويمكن القول إنَّ ممَّا ساعد في انتشار الفهم السقيم للنصوص التي تأمر بطاعة وُلاة الأمر؛ الخللَ في فهم السياسة الشرعية، بضوابطها الشرعية الصحيحة، ومنزلة ولي الأمر، ومهمّته، وحقوقه، وواجباته. وكذلك ضعف الوعي وسهولة الانخداع مِن قِبَل هؤلاء العلماء.
السبب الخامس: انتشارُ الطغيان المادي بين فئات المجتمع، فقد أصبح همُّ جمع المال من أجل التنعم بالترف الذي تنتجه الحضارة المادية مطلبًا للكثير من النَّاس، ومِن هؤلاء: بعض العلماء. فمن أراد أن يتنعم هو وعياله بأفضل المساكن والسيارات… وغيرها، فهو بحاجة إلى دخلٍ ماليٍ كبير، ممّا أدى إلى انزلاق بعضِ العلماء في ركب السلاطين ليستطيع تأمين متطلبات رفاهيته، وربما كان ذلك تحت ضغط الزوجة والأولاد.
ولذلك حذرنا الحقُّ سبحانه وتعالى من الركون إلى الدنيا، والتعلق بها، فقال سبحانه: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ ١٧٥ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [الأعراف: ١٧٥- ١٧٦].
السبب السادس: حاجةُ السلاطين لعلماء يُرَقِّعون لهم مواقفَهم وقراراتِهم، ويعطونهم الشرعية لاستمرارهم في حكمهم الظالم، فيعمدون إلى تقريب مَن باع علمَه وآخرتَه بدنياه مقابل حُطامٍ مِن الدنيا قليلٍ، وربما أسسوا لهم مجالس وهيئات، يزعمون أنها مستقلة وهي تأتمر بأمرهم، كبعض الجماعات أو المجالس العلمية الإفتائية لحكوماتهم في زماننا المعاصر.
وحكام هذا الزمان أتقنوا فنَّ اصطياد فرائسهم مِن العلماء أكثر مِن غيرهم، بل مِن هؤلاء العلماء مَن يُصنَعُ صناعةً، ويتربى على يدي الحاكم صغيرًا حتى ينتفع به كبيرًا، ولذلك سيطر الحكام -في كثيرٍ من بلادنا العربية- على المدارس والمؤسسات التعليمية الدينية سيطرةً شبه كاملة، وتحكموا في منهاجها، وتوجهاتها، وسياساتها، وفي القائمين عليها.
وربما أنشؤوا لهؤلاء العلماء مدارس ارتبطت بأسمائهم ارتباطًا وثيقًا، وغُرس في نفوس طلابها التعلّقُ بهذا الشيخ، وعدمُ مخالفته، وهو بدوره لن يخالف الدولة التي منحته «بكرمها» مساحةً كافيةً للعمل التعلمي والدعوي.
«و(أولو الأمر): أصحابُ الأمرِ وذَوُوه، وهم الذين يأمرون الناس، وذلك يشتركُ فيهِ أهلُ اليَدِ والقُدرةِ وأهلُ العِلم والكلام، فلهذا كان أُولُو الأمرِ صنفَين: العلماءُ، والأمراءُ، فإذا صلَحوا صلَحَ الناسُ، وإذا فسَدوا فسَد الناسُ»
ابن تيمية رحمه الله
حُجَجٌ يستند إليها علماء السلطان ويجعلون منها أدلَّة لما يذهبون إليه:
يعتمد علماء السلطان على عدد مِن الحُجَجِ الواهية ليُبَرِّروا دعوتهم الناسَ إلى الطاعة العمياء، والتسليم للحاكم في كل ما يأمر به، واستقصاءُ شُبُهاتِهِم يطول، لذا سيقتصر المقال على حُجتين فحسب لبيان أسلوب تعاملهم مع النصوص الشرعية بالانتقاء والتضليل:
يستدلون بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: ٥٩]، ويقولون: الآية تدلّ صراحةً على وجوب طاعة وليّ الأمر وعدم مخالفته. ويحشدون إلى جانب ذلك العديدَ مِن الأدلة التي توجب طاعةَ الحاكم، وتحذر مِن مخالفته وشقِّ عصا الطاعة.
والجواب عنها من وجهين:
الأول: أن كثيرًا من العلماء لم يفسّر ولي الأمر المذكور في الآية بأنهم الولاة فقط، بل جعلوا اللفظ شاملاً للعلماء أيضًا، قال ابن تيمية رحمه الله في هذه الآية: “و(أولو الأمر) أصحابُ الأمرِ وذَوُوه، وهم الذين يأمرون الناس، وذلك يشتركُ فيهِ أهلُ اليَدِ والقُدرةِ وأهلُ العِلم والكلام، فلهذا كان أُولُو الأمرِ صنفَين: العلماءُ، والأمراءُ، فإذا صلَحوا صلَحَ الناسُ، وإذا فسَدوا فسَد الناسُ”[7].
فولاةُ الأمرِ هم العلماء والحُكّام معًا، وبالتالي فإن وجوب الطاعة ليس محصورًا بالحكام، “فإن العلماءَ وُلاتُه حِفظًا وبيانًا وذبًّا عنه وردًا على من ألحَدَ فيه وزاغَ عنه، والأمراءُ وُلاتُه قيامًا وعنايةً وجهادًا وإلزامًا للناس به”[8].
فطاعةُ الحكام ليست الوحيدةَ المنصوص عليها في الشرع، فضلاً عن أن تكون طاعةً مُطلقةً من أي شرط أو قيد، كما سيتبين في الفقرة التالية.
الوجه الثاني: أنَّ هذه الطاعة ليست مطلقةً بل هي مقيدة بطاعة الله سبحانه وتعالى، قال النبي ﷺ: (لا طاعةَ في معصية، إنَّما الطَّاعةُ في المعروف)[9]، وقال أبو بكر الصدّيق رضي الله عنه عندما خطب في الناس بعد توليته: “أطيعوني ما أطعتُ اللهَ ورسولَه، فإذا عصيتُ الله ورسولَه فلا طاعةَ لي عليكم”[10].
الاستدلالُ بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قلت: “يا رسول الله، إنا كنا بِشَرٍّ، فجاء اللهُ بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شرُّ؟” قال: (نعم)، قلت: “هل وراء ذلك الشرِّ خيرٌ؟” قال: (نعم)، قلت: “فهل وراء ذلك الخيرِ شرٌّ؟” قال: (نعم)، قلت: “كيف؟” قال: (يكون بعدي أئمةٌ لا يهتدون بِهُداي، ولا يَستنُّون بِسُنتي، وسيقوم فيهم رجالٌ قلوبُهم قلوبُ الشياطين في جُثمانِ إِنسٍ)، قال: قلت: “كيف أصنع يا رسول الله، إن أدركتُ ذلك؟” قال: (تَسمع وتطيع للأمير، وإن ضربَ ظهرك، وأخذَ مالك، فاسمع وأَطِعْ)[11].
ويقولون: هذا الحديث يأمر فيه رسول الله ﷺ بطاعة الحاكم والتزامِه وإن كان ظالمًا، ويضيفون له العديد من النصوص التي تأمر بالصبر على الحاكم وظلمِه وجَوره، وعدم نزع اليد من طاعته.
والرد على هذا الاستدلال بعدّة أوجه:
الأوّل: أن زيادة (وإن جلد ظهرَك وأخذ مالَك) ضعفها العديد من أهل العلم[12]، قال الإشبيلي في الأحكام الوسطى: “هذا يرويه مسلم من حديث أبي سلام عن حذيفة، وأبو سلام لم يسمع من حذيفة، قاله الدارقطني”[13].
الثاني: الحديث محمولٌ –لو صحَّ- على الصبر على أئمة الجَور من المسلمين، وعدم الخروج عليهم بالسيف، لا أن يكون هذا مبررًا لطاعتهم طاعةً عمياء دون قيد أو شرط، وتأييدهم على الباطل، أو ترك الإنكار عليهم بغير السيف، كالجهاد باللسان واليد، كما جاء في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: (ما مِن نبيٍّ بعثه الله في أمة قَبلي إلا كان له مِن أمته حَوارِيُّونَ، وأصحاب يأخذون بِسُنَّتِهِ ويقتدون بأمره، ثم إنها تَخلُفُ مِن بعدِهم خُلوفٌ يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يُؤمرون، فمَن جاهدَهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراءَ ذلك من الإيمان حبةُ خردلٍ)[14].
الثالث: بِضَمِّ النصوصِ الشرعية مع بعضها، والنظر في أقوال أهل العلم يتضح أن المقصود من هذا الحديث الحفاظُ على جماعة المسلمين وتقديم المصلحة العامة إذا كان الحاكم على درجة مقبولة من العدل وإقامة الدين، ارتكابًا لأخفِّ الضَّرريْنِ، واحتمالاً لأدنى المفسدتين، ويشهد لذلك العديدُ مِن النصوص الشرعية، ومنها مثلاً:
- حديث عَوف بن مالك، عن رسول اللهِ ﷺ قال: (خِيارُ أئمَّتِكُم الذين تُحبونهم ويُحبونكم، ويُصلُّون عليكُم وتُصلُّون عليهم، وشِرارُ أئمَّتكم الذين تُبغضونهم ويُبغضُونكم، وتَلعنونهم ويلعنونكم)، قيل: يا رسول الله، أفلا نُنَابِذُهُم بالسيف؟ فقال: (لا، ما أقاموا فِيكُم الصلاة، وإذا رأيتُم مِن وُلاتكم شيئًا تَكرهونه، فاكرهوا عَمَلَه، ولا تَنزِعوا يَدًا من طاعة)[15].
- وحديث ابن مسعود، عن النبي ﷺ، قال: (ستكونُ أَثَرَةٌ وأمورٌ تنكرونها) قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: (تُؤدُّون الحقَّ الذي عليكم، وتسألون اللهَ الذي لكُم)[16].
ولا يعني هذا السكوتَ عن ظلمه وعدمَ الإنكار عليه، فضلاً عن المطالبة بالخنوع له.
الرابع: حَمَلَ بعضُ أهل العِلم الحديثَ على أن يكون الإمام على حقٍّ لا على باطل، قال ابن حزم رحمه الله تعالى: “أما أمرُهُ ﷺ بِالصبرِ على أَخذ المَال وَضربِ الظّهر فإِنما ذلك بلا شكٍّ إِذا تولى الإِمام ذلك بحق، وهذا ما لا شكَّ فيه أنه فرض علينا الصَّبر لَه،ُ … وأما إِن كان ذلك بباطلٍ فمعاذ الله أَن يأمر رسول الله ﷺ بالصبر على ذلك، برهان هذا قول الله عز وَجل: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢]”[17].
من النظر في أقوال أهل العلم يتضَّح أن المقصود من حديث: (وإن ضربَ ظهرك، وأخذَ مالك) على فرض صحة هذه الزيادة: الحفاظُ على جماعة المسلمين وتقديم المصلحة العامة على الخاصة إذا كان الحاكم على درجة مقبولة من العدل وإقامة الدين، لا تركيع الأمة للحاكم الظالم أو عدم الإنكار على ظلمه.
خَطَرُ ظاهرةِ علماءِ السُّلطان، وأثرُها السَّلبِيُّ على الأمّة:
إن هذه الظاهرة لهي أشدُّ خطرًا على الأمّة من أعدائها الذين يتربَّصون بها الدوائر، وذلك لما تركه من آثار خطيرة، منها:
1. تحريف الدّين والعبث بالشريعة الإسلامية، وهؤلاء العلماء يَلوُونَ أعناقَ النُّصوص، ويضعونها في غير مواضعها، مما يؤدي إلى تشويه صورةِ الشريعة في عيون عَوامِّ المسلمين، وهذا ما وقعت به الأمم السابقة، قال تعالى: ﴿مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلاً﴾ [النّساء: ٤٦].
2. ظاهرةُ علماءِ السلطان تشجّع على ظهور النفاق في الأمة، لأنّهم سيكونون قدوةً لغيرهم من طلاب العلم المبتدئين، ومِن عوامِّ المسلمين، ومعلومٌ أنّ المنافقين أخطرُ على الأمة مِن أعدائها، فهم يَنخَرونَ في جسد الأمّة من الداخل والعياذ بالله، قال تعالى: ﴿الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [التوبة: ٦٧].
3. ظاهرة علماء السلطان تجعل عوامَّ المسلمين يفقدون الثقة بالعلماء، وينفرون منهم، بل قد ينفرون من الدين كلّه بسبب هذه النماذج السلبية التي يرونها[18]، ولذلك ما أكثر ما نسمع من سُخرية العوامّ من أمثال هؤلاء العلماء. كما أنّ أعداء الشريعة وعلمائها من العلمانيين وجدوا في ذلك ضالَّتهم، فما أسعدهم بسقوط العلماء، وبانفضاضِ النّاس عنهم. ولك أن تتخيَّل الآثار السلبية التي تعود على الأمّة في مثل هذه الحالة.
4. التمكينُ للطُّغاة وإعانتُهم على التسلُّط على رقاب العباد وسفك دمائهم وسَلب أموالهم، واستباحة بلادهم، وأيُّ شيءٍ أخطر على عموم المسلمين من ذلك؟! قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [هود: ١١٣].
وفي العصر الحالي ظهر خطر علماءِ السلطان كما لم يظهر من قبل، فقد انحازوا للطُّغاة الظَّلمة المُبدِّلين لدين الله، وسخَّروا منابرهم وعلمهم لتركيعِ الشُّعوب لهؤلاء الطُّغاة، وحرَّموا نقدهم أو الاعتراضَ عليهم بزعم أن هذا من الخروج عليهم، ثم منحوا الحكّام الفتاوى الدينية التي تُبيحُ قمع الشعوب بكل الوسائل، فقُتل بسبب ذلك وسُجن الآلاف، وشُرّدَ آخرون من بيوتهم وبلدانهم، وكلّ ذلك وعلماء السلطان يَدعونَ له على المنابر بالنّصر على أعدائه، وتمكينه من رقابهم!.
إن أئمة الجَور لا يَبنون أُممًا، ولا يُقيمون حضاراتٍ، بل إنّ بقاء سُلطانهم قائمٌ بالدرجة الأولى على نشر التخَلُّف بين أفراد المجتمع، وإشغال النّاس بالرَّكض وراء لقمة العيش، ومما يعينهم على ذلك علماء السلاطين الذين سخَّروا منابرهم وعلمهم لتركيعِ الشُّعوب.
5. التَّمكينُ للطُّغاة الظَّلَمة يؤدي بالأمة إلى التَّخلُّف والانحطاط؛ لأن هذا الحاكم لا همَّ له إلا السيطرةُ على البلاد والتحكّم بخيراتها، وتوريثُ الحُكم لذُرّيته من بعده، وتسخيرُ خيرات البلاد ومقدراتها البشرية والعلمية والاقتصادية لذلك، فلا تهمُّه نهضةُ الأمّة ولا رُقِيُّها، بل إن شُيوع الجهل والفقر بين العامة يُسهّلُ مهمة الاستيلاء على الحكم، ونظرةٌ إلى أغلب البلاد العربية تغني عن كثيرٍ من الشرح والتفصيل.
6. وسيلةٌ للتَّضيِيق على المصلحين والعلماءِ الصَّادقين بزعم أنَّ هؤلاء الحكام المستبدّين لا يُحاربون العلماء ولا المصلحين، وإنما يُحاربون المفسدين المخرِّبين، بدلالة أن هناك «علماء» آخرين مُعزَّزين مُكرَّمين يُمارسون الدعوة بحُرِّية!
7. زرع بُذور الفُرقةِ والاختلافِ بين أبناء الأمة، فهؤلاء لهم أتباعُهم، والعلماء الصادِعونَ بالحقّ لهم أتباعُهم كذلك، مما يؤدي إلى انقسامِ المجتمعِ إلى فريقين، ولا سيّما بين طلاب العلم، والأمة مِن بعدهم.
8. إسقاطُ الأمة سياسيًا، والتسبُّب في انهيار الدولة، والتخلّف الحضارِيّ للأمة بجميع جوانبه. لأن أئمة الجَور لا يَبنون أُممًا، ولا يُقيمون حضاراتٍ، بل إنّ بقاء سُلطانهم قائمٌ بالدرجة الأولى على نشر التخَلُّف بين أفراد المجتمع، وإشغال النّاس بالرَّكض وراء لقمة العيش.
طرق وآليات للحدِّ من ظاهرة علماء السُّلطان، والتصدي لها:
1. إنَّ أهمّ طريقةٍ للحدِّ مِن هذه الظاهرة الخطيرة هي غرس القيم والأخلاق في نفوس طُلَّابِ العلم منذ الصّغر، وأن يكون ذلك عن طريق وسائل أكثر نجاعةً من مجرّد دراسة الطُّلاب لمادة أو اثنتين عن الأخلاق، ومن ذلك القدوةُ الحسنة، والتطبيقُ العملي لهذه القيم من قِبل القائمين على هذه المؤسسات التعليمية والمدرسين فيها.
2. تربيةُ طلاب العلم الشرعي على إخلاص العمل لله تعالى، وأن يكون وَلاؤُهُم لله سبحانه وتعالى لا للشيخ ولا للمدرسة، حتى لا يَنجَرَّ الطالب في المستقبل وراءَ شيخه أو مدرسته إذا والَوا السلطان وعاونوه على الباطل.ولذلك مِن الضرورة بمكان: العملُ على بيانِ ألاعيب الشيطان وتلبيساته على طلبة العلم، وإبرازُ وسائلِ النَّجاة.
3. بيانُ عقوبة العالِمِ الذي ينافق للحاكم ويناصره في باطله.
وقد وردت العديد من النصوص الشرعية التي تُبيّن العقوبة الإلهية للعالم الذي ابتغى بعلمه غير وجه الله تعالى، ومنها قوله ﷺ: (إنَّ أولَ الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل… ورجل تعلَّم العلم وعلَّمه، وقرأ القرآن، فأُتي به فعرَّفه نِعمه فعرفها، قال: فما عملتَ فيها؟ قال: تعلَّمتُ العلم وعلَّمتُه، وقرأتُ فيكَ القرآن، قال: كذبتَ، ولكنك تعلَّمتَ العلم لِيُقال: عالم، وقرأتَ القرآن لِيُقال: هو قارئ، فقد قيل، ثم أُمر به فَسُحِبَ على وجهه حتى أُلقي في النار،…)[19].
ومنها قوله عليه الصلاة والسلام: (يُجاء بالرَّجل يوم القيامة فيُلقى في النار، فتَندَلِقُ أقتابُه في النار، فيدورُ كما يدورُ الحمارُ بِرَحاه، فيجتمعُ أهلُ النارِ عليه فيقولون: أي فلان ما شأنك؟ أليسَ كنتَ تأمُرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال: كنتُ آمركُم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكُم عن المنكر وآتيه)[20].
كما أنَّ عالم السُّلطانِ الظالمِ شريكٌ له في ظلمه هذا، وقد قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾ [النساء: ١١٣] يقول الإمام البَغوي رحمه الله في تفسيره: «والرُكون: هو المحبة والميلُ بالقلب، وقال أبو العالية: لا ترضوا بأعمالهم. قال السّدي: لا تُداهنوا الظَّلمة. وعن عكرمة: لا تُطيعوهم. وقيل: لا تسكنوا إلى الذين ظلموا. ﴿فَتَمَسَّكُمُ﴾ فَتُصيبَكُم، ﴿النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ﴾ أي: أعوانٍ يمنَعونكُم من عذابه، ﴿ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾»[21].
4. تحذير طلاب العلم من خطر الدخول على السلاطين الظلمة، وحثهم على الابتعاد عن هذه المواطن قدر المستطاع، إلا من علم من نفسه القدرة على نصحه في الله، وأمِن الفتنة على نفسه.
قال تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ﴿١٦٦﴾ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ﴾ [هود: ١٦٦ – ١٦٧].
ومِن الوسائلِ النَّاجعة في ذلك: ذكرُ نماذج من هؤلاء العلماء المنافقين، وما آل إليه حالهم، من انتكاسةٍ وازدراءٍ من عموم المسلمين.
5. تنبيهُ عامة المسلمين إلى أهمية التَّمييز بين العلماء الربانيين الذين يُؤخذ عنهم العلم والفتوى، وعلماء السلاطين المأجورين الذين أوغلوا في الطّغيان وشاركوا السلطان في جرائمه بِحق الأمة وعقيدتها وثوابتها؛ فهؤلاء لا يُؤخذ منهم علم، ولا يُستفتَون، ولا يُقتدى بهم.
إنَّ أهمّ وسيلةٍ للحدِّ مِن ظاهرة علماء السلاطين الخطيرة هي غرس القيم والأخلاق في نفوس طُلَّابِ العلم منذ الصّغر، والتطبيقُ العملي لهذه القيم من قِبل القائمين على المؤسسات التعليمية والمعلمين فيها.
6. بيان خطورة هذا العمل على الفرد والأمة، في الدنيا والآخرة، عن طريق الدعاة المخلصين، ونشرُ الوعي المجتمعي في بيان خطر هذه الظاهرة التي تُمكن للحكام المستبدّين، حتى يغدو أفراد المجتمع رافضين للحاكم المستبد، يقفون للتَّصدي له إن ظهرت بوادره.
نسأله تعالى أن يُثبِّت العلماء والدعاة العاملين المخلصين، وأن يشدَّ من أزرهم، وأن يمنّ على الأمة بمزيدٍ من العلماء الربانيين، القوامين بالحق الذين لا يخافون في الله لومة لائم.
[1] أخرجه الترمذي (٢٦٨٥).
[2] مِن لقاء مع الشيخ محمد الحسن الددو في برنامج (مقابلة) على قناة الجزيرة، الجزء الأول بتاريخ ٢٠/٤/٢٠١٧م، في القسم الأخير منه.
[3] تفسير ابن كثير: (٢/٦٦).
[4] أخرجه أحمد (١١٨٧٣).
[5] شرح السنة، للبغوي (١٤/٢٩٥).
[6] جامع معمر بن راشد (٢٠٦٤٤). وهذا الدخول الممنوع محمولٌ على دخولِ الطمع بما عندهم مِن دنيا، والمدح والموافقة على باطلهم. أما دخول النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإصلاح أحوال المسلمين: فهذا مما لا بدّ منه. والموفَّق مَن مَيَّزَ بين الموقفين فوازَنَ واعتدَل.
[7] الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لابن تيمية، ص (٥٣).
[8] الرسالة التبوكية، لابن القيم، ص (٤١).
[9] أخرجه البخاري (٢٧٥٧).
[10] السيرة النبوية، لابن هشام (٢/٦٦٠) وصححه ابن كثير وغيره.
[11] أخرجه مسلم (١٨٤٧) وأحمد (٢٣٤٢٩).
[12] منهم الإمام مسلم الذي أخرج الحديث، فقد أشار إلى ضعفها بتأخيرها إلى آخر الباب، ورواها بإسناد فيه انقطاع، بعد روايته للحديث بإسناد متصل، ومن عادة الإمام مسلم أنه يبين علل بعض الأحاديث في صحيحه بهذه الطريقة، فيروي الصحيح، ثم يتبعه بما فيه علة أو خطأ، صرح بهذه العادة عند مسلم العلماء المطلعون على خبايا صحيحه، ومنهم على سبيل المثال الشيخ عبد الرحمن بن يحيى المعلمي في: الأنوار الكاشفة ص (٢٣٠). وقد قال مسلم في مقدمة صحيحه ص (٧): «وسنزيد إن شاء الله تعالى شرحًا وإيضاحًا في مَواضعَ من الكتاب عند ذكر الأخبار المعللة، إذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح والإيضاح، إن شاء الله تعالى». انتهى. ويدل قوله هذا على أنه يورد أحاديث فيها علل ليبين عللها، فإن كانت العلة واضحةً لا تحتاج لشرح تركه، وإن احتاج بيانها لشرح أتى به. وهذه الزيادة يرويها ممطور الحبشي أبو سلام عن حذيفة رضي الله عنه، ولم يسمع منه فهو منقطع.
[13] الأحكام الوسطى، لعبد الحق الإشبيلي، المعروف بابن الخراط (٢/٣٧٢).
[14] أخرجه مسلم (٨٠).
[15] أخرجه مسلم (١٨٥٥).
[16] أخرجه البخاري (٣٦٠٣).
[17] الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم الظاهري (٤/١٣٣).
[18] ومن أمثلة هذا التشويه لدى النصارى: ما قام به رجال الكنيسة في أوربا، فقد وقفوا مع الملوك الظلمة، وحاربوا العلماء ونكَّلوا بهم أيَّما تنكيل، حتى انقلب عامَّة الناس على الكنيسة واعتبروها سببًا في الظلم والتخلف الذي وصلت إليه المجتمعات، فانتشرت مقولة: (الدين أفيون الشعوب)، وفي الثورة الفرنسية انتشرت مقولة: (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس). وللأسف الشديد تسرَّبت بعض هذه الأفكار إلى عالمنا الإسلامي عبر العلمانيين العرب، والمنبهرين بالحضارة الغربية المزعومة، وممّا ساعد هؤلاء على نشر أفكارهم: علماء السلاطين الذين أعطوا أسوأ صورة عن الدين والمتدينين.
[19] أخرجه مسلم (١٩٠٥).
[20] أخرجه البخاري (٣٢٦٧). (فتندلق) تخرج وتنصَبُّ بسرعة. (أقتابه) جمع قَتَبٍ وهي الأمعاء والأحشاء. (برَحاه) حجر الطاحون التي يديرها.
[21] تفسير البغوي (٤/٢٠٣).
د. ياسين محمد علوش
دكتوراه في الفقه المقارن، مدرس في جامعة إدلب.