💥حكم بيع السلعة اقل من السوق
السؤال: شيخنا انا صاحب متجر في السوق ، هل يجوز لي ان ابيع السلعة اقل من سعر السوق بقصد تصريفها والمنافسة مع الاخرين لكسب الزبائن ؟ بارك الله فيك.
✍️الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فان الأصل الذي تقرره الشريعة الاسلامية أن الناس أحرار في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها تصرفا لا يحدث ضررا بالأخرين ،عملا بمطلق قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ { [النساء:29] .
وليس هناك في الشريعة تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التجار والسلع والوازع الديني والاخلاقي ، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير وبالتراضي بينهم، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه- قال: غلا السعر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله سعر لنا، فقال: ((إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)) . رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وقد اتفق العلماء على جواز ان يبيع الجَلاّب سلعته اقل من سعرها في السوق: وهم الذين يجلبون السلع الى السوق لبيعها ولا يملكون دكانا فيه ، ولهذا يبيعون بضائعهم بسرعة، ويرجعون إلى أهلهم ، فمن جلب منهم شيئاً إلى السوق، فله أن يبيع بأقل من سعر الناس.
قال أبو الوليد محمد بن رشد القرطبي في البيان والتحصيل [9/368 ] : ( مما لا اختلاف فيه أنه لا يُسّعر على الجَلّاب ) .
👈وأما غير الجالب ممن يملك دكانا او متجرا في السوق ، فقد اختلف العلماء في حكم بيعه السلعة باقل من سعرها في السوق على قولين :
القول الأول: أنه يجوز البيع بأقل من سعر السوق.
وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة . لأن أثمان السلع والخدمات وأسعارها حقٌّ لأربابها، فلا يُحجر عليهم فيها، ولا يُتعرّض لهم في تقديرها.
واستدلوا بأدلة كثيرة، منها:
1- قوله تعالى: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِنكُمْ} [النساء:29].
2- وقوله صلى الله عليه وسلم عن ابي سعيد الخدري –رضي الله عنه- : ((إنما البيع عن تراض)). رواه ابن ماجة وابن حبان وصححه الشيخ الالباني.
وجه الدلالة: أن البائع إذا كان راضيا بالبيع بأقل من سعر السوق فإنه يجوز؛ للرضا المتحقق في العقد، كما قال الشافعي: (الناس مسلّطون على أموالهم، ليس لأحد أن يأخذها، ولا شيئًا منها بغير طيب أنفسهم). [الحاوي الكبير للماوردي 5/898].
2- قوله -صلى الله عليه وسلم- في سنن الترمذي : ((إن الله هو المسعِّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال)).
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عَدَّ التدخل في تحديد الأسعار نوعا من الظلم الذي يجب الامتناع منه.
3- قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: ((رحم الله رجلا سمْحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)) . والبيع بأقل من ثمن المثل داخل في ذلك.
القول الثاني: أنه لا يجوز البيع بأقل من سعر السوق، لما فيه من الحاق الضرر بالغير.
وهو قول عند المالكية، ووجه عند الحنابلة، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية [ ينظر: الكافي لابن عبد البر ص390، والإنصاف للمرداوي 4/338].
واستدلوا بأدلة منها:
1- قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في موطأ مالك وسنن ابن ماجه: ((لا ضرر ولا ضرار)).
وجه الدلالة: أن البيع بأقل من ثمن المثل ضرر بالسوق، حيث يصرف البائعُ الناسَ إليه، ويصاب غيره بالكساد، وإن باع بأكثر مما يبيع الناس أضرّ بالمشتري، فالعدل هو البيع بثمن المثل.
2- ولأنه إن نقص عن سعر السوق أضرّ بالسوق فيُمنع، وإن رفع عن سعر السوق فإن للمشتري الخيار؛ إن شاء اشترى منه، وإن شاء تركه واشترى من غيره، فيرجع الضرر على البائع نفسه.
👍المفتى به :
هو ما ذهب اليه الجمهور في القول الأول، وهو جواز البيع بأقل من سعر السوق اليسير؛ لقوة أدلة هذا القول، وسلامتها من المعارض المعتبَر.
ولأن النقص والزيادة اليسيرة عن سعر السوق مما قد يتغابن الناس في مثله فلا حرج فيه، والممنوع هو ما يضر بالسوق والتجار، ويجب مراعاة ان لا يحدث ذلك ضررا واضحا على غيره ، وما لم تُسّعر الدولة تلك السلعة لمصلحة تقتضي ذلك، فحينئذ يجب الالتزام بما تسعره الدولة .
وكذلك يجوز ما يمنحه التجار والباعة للعملاء والزبائن من التخفيض العادي للسلع؛ ترغيبا لهم في الشراء. والله تعالى اعلم.
د. ضياء الدين الصالح
السؤال: شيخنا انا صاحب متجر في السوق ، هل يجوز لي ان ابيع السلعة اقل من سعر السوق بقصد تصريفها والمنافسة مع الاخرين لكسب الزبائن ؟ بارك الله فيك.
✍️الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فان الأصل الذي تقرره الشريعة الاسلامية أن الناس أحرار في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم في إطار أحكام الشريعة الإسلامية الغراء وضوابطها تصرفا لا يحدث ضررا بالأخرين ،عملا بمطلق قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ { [النساء:29] .
وليس هناك في الشريعة تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التجار والسلع والوازع الديني والاخلاقي ، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشرعية من الرفق والقناعة والسماحة والتيسير وبالتراضي بينهم، فعن أنس بن مالك – رضي الله عنه- قال: غلا السعر على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: يا رسول الله سعر لنا، فقال: ((إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال)) . رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وقد اتفق العلماء على جواز ان يبيع الجَلاّب سلعته اقل من سعرها في السوق: وهم الذين يجلبون السلع الى السوق لبيعها ولا يملكون دكانا فيه ، ولهذا يبيعون بضائعهم بسرعة، ويرجعون إلى أهلهم ، فمن جلب منهم شيئاً إلى السوق، فله أن يبيع بأقل من سعر الناس.
قال أبو الوليد محمد بن رشد القرطبي في البيان والتحصيل [9/368 ] : ( مما لا اختلاف فيه أنه لا يُسّعر على الجَلّاب ) .
👈وأما غير الجالب ممن يملك دكانا او متجرا في السوق ، فقد اختلف العلماء في حكم بيعه السلعة باقل من سعرها في السوق على قولين :
القول الأول: أنه يجوز البيع بأقل من سعر السوق.
وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة . لأن أثمان السلع والخدمات وأسعارها حقٌّ لأربابها، فلا يُحجر عليهم فيها، ولا يُتعرّض لهم في تقديرها.
واستدلوا بأدلة كثيرة، منها:
1- قوله تعالى: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّآ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِنكُمْ} [النساء:29].
2- وقوله صلى الله عليه وسلم عن ابي سعيد الخدري –رضي الله عنه- : ((إنما البيع عن تراض)). رواه ابن ماجة وابن حبان وصححه الشيخ الالباني.
وجه الدلالة: أن البائع إذا كان راضيا بالبيع بأقل من سعر السوق فإنه يجوز؛ للرضا المتحقق في العقد، كما قال الشافعي: (الناس مسلّطون على أموالهم، ليس لأحد أن يأخذها، ولا شيئًا منها بغير طيب أنفسهم). [الحاوي الكبير للماوردي 5/898].
2- قوله -صلى الله عليه وسلم- في سنن الترمذي : ((إن الله هو المسعِّر القابض الباسط الرازق، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال)).
وجه الدلالة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- عَدَّ التدخل في تحديد الأسعار نوعا من الظلم الذي يجب الامتناع منه.
3- قوله صلى الله عليه وسلم في صحيح البخاري: ((رحم الله رجلا سمْحًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى)) . والبيع بأقل من ثمن المثل داخل في ذلك.
القول الثاني: أنه لا يجوز البيع بأقل من سعر السوق، لما فيه من الحاق الضرر بالغير.
وهو قول عند المالكية، ووجه عند الحنابلة، اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية [ ينظر: الكافي لابن عبد البر ص390، والإنصاف للمرداوي 4/338].
واستدلوا بأدلة منها:
1- قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في موطأ مالك وسنن ابن ماجه: ((لا ضرر ولا ضرار)).
وجه الدلالة: أن البيع بأقل من ثمن المثل ضرر بالسوق، حيث يصرف البائعُ الناسَ إليه، ويصاب غيره بالكساد، وإن باع بأكثر مما يبيع الناس أضرّ بالمشتري، فالعدل هو البيع بثمن المثل.
2- ولأنه إن نقص عن سعر السوق أضرّ بالسوق فيُمنع، وإن رفع عن سعر السوق فإن للمشتري الخيار؛ إن شاء اشترى منه، وإن شاء تركه واشترى من غيره، فيرجع الضرر على البائع نفسه.
👍المفتى به :
هو ما ذهب اليه الجمهور في القول الأول، وهو جواز البيع بأقل من سعر السوق اليسير؛ لقوة أدلة هذا القول، وسلامتها من المعارض المعتبَر.
ولأن النقص والزيادة اليسيرة عن سعر السوق مما قد يتغابن الناس في مثله فلا حرج فيه، والممنوع هو ما يضر بالسوق والتجار، ويجب مراعاة ان لا يحدث ذلك ضررا واضحا على غيره ، وما لم تُسّعر الدولة تلك السلعة لمصلحة تقتضي ذلك، فحينئذ يجب الالتزام بما تسعره الدولة .
وكذلك يجوز ما يمنحه التجار والباعة للعملاء والزبائن من التخفيض العادي للسلع؛ ترغيبا لهم في الشراء. والله تعالى اعلم.
د. ضياء الدين الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق