الأحد، 6 أبريل 2025

سلسلة السرقات العلمية للدكتور محمد علي فركوس !

 

ضمن سلسلة نقد أقوال ومواقف الدكتور فركوس

سلسلة السرقات العلمية للدكتور محمد علي فركوس


الحلقة الأولى:
السرقات العلمية للدكتور فركوس في كتابه «تحفة الأنيس»

ونهبه من كتاب «الشرك في القديم والحديث» للدكتور: أبو بكر محمد زكريا


الحمد لله القائل {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58]، والصلاة والسلام على رسوله الكريم الذي ثبث عنه أنه قال «الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ» [البخاري (4818)]. وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد كنت من قبل كتبت مقالا تطرقت فيه إلى مسألة السرقات العلمية، وذكرت فيه المعتمد عند العلماء في هذا الباب، وذكرت هناك أيضا بعض ما أخذه الدكتور فركوس من العلامة البسام ولم يحل إليه كما تقتضيه الأمانة العلمية ولم أحكم يومها على ما فعله بأنه سرقة علمية -وإن كنت قد أشرت إلى ذلك- تلطفا به وبأتباعه عسى أن يتوقفوا مع مرور الوقت -ولم يكن الوقت جزءا من العلاج!- عن الكلام في هذا الموضوع ويتحللون ممن رموه به ظلما وزورا.
لكن وللأسف الشديد لم يحدث شيء من ذلك، بل بمجرد أن نُشر مقالي، أعلن الخنفشار -وبتهور واضح- في صفحته عن مواصلة كتابة مقاله «التنبيهات...» وقرب نشره للحلقة (14)، في تحدٍّ لم يدر المسكين أن الخاسر فيه هو ريحانة بلده، ولو كان لهذا الرجل شيء من العقل لفهم الرسالة التي أردت أن أوصلها إليه -وإلى شيخه أيضا ومن تأثر به- وهي أن لعالم الغرب الإسلامي! سرقات علمية، فلا داعي لاستعمال هذه الورقة وإلا سترجعون بها خائبين خاسرين، ولكن كما يقال: «العبد يقرع بالعصا والحرُّ تكفيه الإشارة» ولهذا أجد نفسي مضطرا إلى كشف سرقات الدكتور العلمية!، وأبين أنه من أبعد الناس عن الأمانة العلمية.
وقبل أن أنقل السرقات العلمية لريحانة الجزائر! لا بأس أن أذكر للقراء كيف يقوم الدكتور بذلك؟ وما هي طريقته فيها؟ فالدكتور قبل أن يكتب يضع أمام عينيه كتابا في الموضوع الذي سيكتب فيه ويقوم ببعض ما يلي:
أولا: يأخذ عبارات المسروق منه وقد يختصر أو يزيد زيادة يسيرة وهذه أهون السرقات.
ثانيا -وهذا من أخطرها-: يأخذ المسائل التي حررها ووضحها المسروق منه ويضعها عنده كما هي وكأنه هو من حررها وبينها، حتى أنه يستعمل ألفاظه.
ثالثا - وهي أيضا من أخطرها-: يسرق أقوال العلماء التي نقلها المسروق منه من مصادرها من أجل تدعيم رأيه و توضيح المسألة التي حررها، يأخذها الدكتور جاهزة حتى أنه لا يغير صفحات المصادر حسب المراجع التي بحوزته، وكأن له نفس طبعات كتب المسروق منه، وهو بهذا متشبع بما لم يعط، ويخيل لقارئه أنه هو من استخرج تلك النقولات من العلماء ولكن في الحقيقة هي جهود وأتعاب غيره.
رابعا: يأخذ الفوائد جاهزة ويحاول أن يخفي ذلك بتغيير بعض العبارات أو تغيير السياق فمثلا يغير توحيد الألوهية فيقول توحيد العبادة وما إلى ذلك، وقد بينت شيئا من ذلك في المقال السابق.
خامسا: يقدم ما أخره المسروق منه ويؤخر ما قدمه محاولة منه لطمس جريمته =(سرقته).
وكل ما قلته عن أفعال الدكتور هو تماما ما يفعله سُراق التصانيف وهو النوع الثاني من سراق العلم عند السيوطي، ومما ذكره هذا الأخير من أخبار سراق التصانيف قوله: قال ياقوت الحموي في معجم الأدباء في ترجمة يحيى بن أبي طي الحلبي: «أكثر تصانيفه قطع فيها الطريق وأخاف السبيل، يأخذ كتابا قد أتعب العلماء فيه خواطرهم، ويقدم فيه أو يؤخر، ويزيد قليلا أو يختصر». [البارق(50)].

سلسلة السرقات العلمية للدكتور محمد علي فركوس

ولأفصّل ما أجملته حول السرقات العلمية للدكتور محمد علي فركوس قررت أن أطلق سلسلة أبين فيها سرقاته العلمية وسميتها: «سلسلة السرقات العلمية للدكتور محمد علي فركوس»، وقد وقفت حتى الآن -والبحث في أوله- على ثلاث كتب وكلمتين شهريتين وبعض الفتاوى أَكْثَرَ الدُّكتور فيها من السرقات العلمية وتشبَّع كثيرا بهم بما لم يعط، وفي هذه السلسلة سيقف القارئ على فضيحة علمية للدكتور فركوس من العيار الثقيل قد تستلزم إعادة النظر في كل فتاويه ومؤلفاته والتي تستلزم بدورها أيضا إعادة النظر في منزلته التي حظي بها بسبب هذه الفتاوى والتآليف، فانظر يا عمار ماذا جنيت على شيخك وريحانة بلدك ! والله لا أجد لك الآن إلا هذا المثل «وعلى أهلها جنت براقش».
وقد قرّرت أن أبدأ هذه السلسلة بـ «السرقات العلمية للدكتور في كتابه «تحفة الأنيس» ونهبه الفاضح والواضح من كتاب «الشرك في القديم والحديث» لصاحبه الدكتور محمد زكريا» وكتاب: «الشرك في القديم والحديث» أصله رسالة ماجيستير طبعت في دار مكتبة الرشد ناشرون، وسأعرض السرقات العلمية للدكتور على شكل مسائل كما سيراها القارئ -عن قريب- فهذه الطريقة أبين وأوضح لعملية السرقة والنهب، والله المستعان.

المسألة الأولى
التوحيد لغة

قال الدكتور(31): التوحيد -في اللغة- مصدر «وحَّد، يوحِّد، توحيدًا» أي: جعله واحدًا ، ومادَّة «وحَّد» تدور على انفراد الشيء بذاته أو صفاته أو أفعاله، والتوحيد على وزن «تفعيل» تعني الوحدة والانفراد والتفرُّد، والمقصود من التفعيل هو للنسبة لا للجعل، فمعنى: «وحَّدتُ الله تعالى»: «نَسَبْتُه إلى الوحدانية» لا «جعلتُه واحدًا»، لأنَّ وحدانيته صفةٌ ذاتيَّةٌ له لا بجعل جاعلٍ، [والتشديد فيه للمبالغة أي: بالغتُ في وصفه بذلك] [انظر: «الصحاح» للجوهري (2 / 547) ، «مقاييس اللغة» لابن فارس (6 / 90)، «لسان العرب» لابن منظور (15 / 230)، «الحجَّة في بيان المحجَّة» للأصفهاني (1 / 331)] انتهى كلام الدكتور.
التعليق: الدكتور بذكره لتلك المصادر يوهم قراءه أنه قرأها كلها واستخلص منها ذلك التعريف، والحقيقة أنه لخصها من كتاب «الشرك في القديم والحديث» فمؤلف هذا الكتاب هو من قرأ تلك المصادر اللغوية واستنتج منها تعريفا لغويا للتوحيد فأخذه الريحانة لقمة سائغة ولخّصه وقدم وأخر وزاد فيه شيء يسير على طريقة سراق التصانيف.
ومن براعته في طمس آثار سرقته أنه قام بنفس الشيء مع المراجع المحال إليها، حيث حذف كتابين اعتمد عليهما صاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث» وهما «المفردات للراغب الأصفهاني» و«القاموس للفيروز آبادي» كما قام بزيادة مرجع من عنده وهو «الحجة في بيان المحجة للأصفهاني» ومنه أخذ تلك الزيادة الغير الموجودة عند مؤلف «الشرك في القديم والحديث» والتي وضعتها بين عارضتين.
وليتأكد القارئ مما أقوله أنقل له تعريف التوحيد لغة من كتاب «الشرك في القديم والحديث» وأنقل له أيضا المراجع التي اعتمد عليها صاحب الكتاب ثم يحكم بنفسه.
قال في كتاب «الشرك في القديم والحديث» (01/19): «معنى التوحيد لغة: التوحيد: مصدر للفعل الثلاثي المزيد بتضعيف عينه، يقال: وحّد يوحّد توحيدًا أي جعله واحدًا، فهو على وزن تفعيل تعني الوحدة، والانفراد، والتفرد، والحكم والعلم بأن الشيء واحد، والمقصود من التفعيل: نسبة كالتصديق لا للجعل، فمعنى وحدت الله: نسبته إلى الوحدانية لاجعلته واحدا؛ لأن وحدانيته صفة، لا بجعل جاعل، أما التوحيد فهو فعل المكلف هي مأخوذة من الوحدة، وذلك مبني على أن المعبود -جل وعلا- واحد في حقوقه الواجبة على العباد، كما أنه واحد في ذاته وصفاته وأفعاله، يقال:أتيته وحده وجلس وحده أي منفردا، وفلان لا واحد له وواحد دهره أي لا نظير له، والله الواحد الأحد: المتفرد بالذات والصفات في عدم المثل والنظير، وأحّد الله ووحّده أي نسبه إلى الوحدة والانفراد، فهو سبحانه منفرد في ذاته وصفاته وأفعاله، فالكلمة تدور حول الوحدة والانفراد والتفرد» انتهى كلامه.
ثم قال في الهامش: انظر هذه المعاني فيما ذكره الجوهري في الصحاح:(2 / 547)، وابن فارس في معجم مقاييس اللغة:(6 / 90)، الفيروز آبادي في القاموس (2 / 343)، والراغب الأصفهاني في المفردات:(514)، وابن منظور في لسان العرب (15 / 230-232).اهـ
وفي الرابط الآتي صورة توضيحية لتطابق الموجود بين كلام فركوس وصاحب كتاب الشرك في القديم والحديث:


أقول: لي ملاحظتان قبل الشروع في المسألة الثانية.
الأولى: يلاحظ القارئ تطابق الصفحات بين مراجع الدكتور فركوس ومن يسرق منه -وهذا يحدث كثيرا كما سيأتي في المسائل القادمة-، فهل نعتبر امتلاكه لنفس طبعات الكتب المستفاد منها من الصدف أم نعتبر ذلك من أدلة إدانته بالسرقات العلمية؟
الثانية: وقع خطأ -ولعله مطبعي- في الإحالة إلى معجم مقاييس اللغة عند صاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث»، فكتب: (2 / 290) بدل: (6 / 90) غير أن الريحانة استدرك ذلك ولم يقع في نفس الخطأ بسبب رجوعه للأصل كما هو ظاهر فنجا من السقوط على أم رأسه -وإن كان لم ينج من السقوط-، ولكن هل سيواصل بهذا الحرص! أم ستكون له بعض الفضائح من هذا النوع؟

ستُبْدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلاً ***ويأتيكَ بالأخبارِ من لم تزوِّدِ
ويأتيكَ بالأنباءِ من لم تَبعْ له *** بَتاتاً ولم تَضْربْ له وقتَ مَوْعدِ


المسألة الثانية
التوحيد شرعًا

قال فركوس (31-32): «أمَّا التوحيد -في الشرع- فهو الإيمان بأنَّ الله تعالى متفرِّدٌ بصفات العظمة والكمال والجلال والجمال، والاعترافُ بتوحُّده بها، والاعتقاد أنه لا شريك له فيها، وإفراده وحده بالعبادة، قال السفاريني -رحمه الله- في «لوامع الأنوار» (1 / 57) في تعريفه للتوحيد بالمعنى الشرعي: «هو إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتًا وصفاتٍ وأفعالاً، فلا تقبل ذاته الانقسامَ بوجهٍ، ولا تشبه صفاته الصفاتِ ولا تنفكُّ عن الذات، ولا يدخل أفعالَه الاشتراك» اهـ.
أقول: مازال الدكتور على خطى سراق التصانيف فهو يقدم ويؤخر ويزيد قليلا ويختصر -انظر ما نقلته سابقا عن السيوطي- لينسب جهد غيره له ولكن هيهات هيهات!
الحقيقة-والتي أراد فركوس إخفاءها- أن تعريف التوحيد الذي نسبه الدكتور لنفسه هو للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي-كما سيأتي بيانه- مع زيادة وتقديم وتأخير.
وقد يتساءل القارئ ويقول:كيف لك أن تخرج من خطتك التي هي «نقل السرقات العلمية للدكتور من كتاب «الشرك في القديم والحديث» فقط.
الجواب: لم أخرج عن خطتي بل أنا ملتزم بها التزام الدكتور بسرقته العلمية من هذا الكتاب، وصاحب الكتاب لما عرّف التوحيد شرعا لم يعرفه من عنده بل ذكر تعريف العلماء له -فقط- مع الإحالة إلى المصادر بأمانة افتقدها الريحانة في نفس الموضع؛ فنقل أولا تعريف السفاريني في كتابه لوامع الأنوار وثنَّى بتعريف عبد الرحمن بن ناصر السعدي في كتابه «القول السديد» ثم ذكر تعريفات أخرى لبعض العلماء، فما الذي فعله الدكتور فركوس؟ قام بتقديم تعريف العلامة السعدي وجعله هو الأول وأخّر تعريف السفاريني وجعله هو الثاني، ولم يكتف بذلك بل أخذ تعريف السعدي واختصر فيه وزاد، ثم نسب هذا التعريف لنفسه ولم يحله إلى العلامة السعدي وبهذا وقع في سرقتين سرقة جهود من استخرج تعريف السعدي من مصدره، وسرقة التعريف من صاحبه ونسبها لنفسه.
قال في كتاب «الشرك في القديم والحديث» (01/20): «معنى التوحيد شرعا: ذكره السلف في كتبهم بعبارات مختلفة -وإن كان المآل واحد- فمن تلك العبارات مايلي:
أ‌ - إفراد المعبود بالعبادة مع اعتقاد وحدته ذاتا وصفاتا وأفعالا (السفاريني: لوامع الأنوارالبهية 1 / 57).
ب‌ - العلم والاعتراف بتفرد الرب بصفات الكمال والإقرار بتوحده بصفات العظمة والجلال، وإفراده وحده بالعبادة (السعدي:عبد الرحمن بن ناصر:القول السديد 10).
ملاحظات: لما عرّف الشَّيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي -رحمه الله- التوحيد جزء هذا التعريف إلى جزئين وبهذا الترتيب:
- تعريف التوحيد العلمي الخبري (وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات).
- تعريف التوحيد الإرادي الطلبي (توحيد الألوهية).
فيما يخص التوحيد الإرادي الطلبي فقد ختم به تعريفه فقال: «وإفراده وحده بالعبادة» وقد أخذ فركوس هذا التعريف كما هو بلا زيادة ولا نقصان وختم به أيضا تعريفه للتوحيد -وأرجو أن لا يخرج علينا أحد ويقول لنا أن هذا من الصدف.
أما تعريف التوحيد العلمي الخبري الذي بدأ به العلامة السعدي تعريفه فقد قسمه إلى عبارتين:
الأولى: العلم والاعتراف بتفرد الرب بصفات الكمال.
الثانية: الإقرار بتوحده بصفات العظمة والجلال.
فجمعها فركوس ومزج بينهما فقال: الإيمان بأن الله تعالى متفرد بصفات العظمة والكمال والجلال والجمال، والاعتراف بتوحده بها.
أقول:
 لو تذكر أيها القارئ ما يفعله سراق التصانيف من تأخير وتقديم واختصار وزيادة وقارنت ما قاله فركوس في العبارة السابقة وما نقلته عن الشَّيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي تتيقن أن الريحانة غارق بالتشبَّع بما لم يعط، ومحاولاته في تغطية هذه الجريمة (السرقة) كثيرة، كتحويله لكلمة «الرب» إلى «الله تعالى» و«العلم» إلى «الإيمان» وتأخيره لعبارة «الاعتراف بتوحده» والتي قدمها السعدي في قوله «الاعتراف بتفرد» وكل هذه المحاولات باءت بالفشل ولم تبرئه من تهمة السرقة والخيانة العلمية، مثلها مثل الزيادات التي أضافها ولا طائل تحتها مثل زيادته على تعريف السعدي عبارة «والاعتقاد أنه لا شريك له فيها» والزيادة في النقل عن السفاريني وهي قوله «فلا تقبل ذاته الانقسام بوجه...» إلخ التعريف، كل هذه الزيادات لا فائدة منها فهي عبارة عن شرح لما قبلها فليس فيها زيادة فائدة عند التأمل، نعم هذه الزيادات فيها فائدة للدكتور فركوس فهي تطمس أدلة جريمته (سرقته) و تصرف الأنظار عنها ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
هذا، وقد يقول قائل أننا سلمنا لك أن فركوس سرق تعريف التوحيد من العلامة السعدي-رحمه الله- ولكن كيف يسلم لك أنه أخذه من «كتاب الشرك في القديم والحديث»؟
أقول وبالله التوفيق: يُسلم لفركوس أنه أخذ التعريف مباشرة من السعدي في حالة واحدة وهي أنه لم يستفد ولم ينقل من كتاب «الشرك في القديم والحديث» ولم تقع عينه عليه، وهذا عكس الواقع للأسف الشديد، فالدكتور-أصلحنا الله وإياه- استفاد كثيرا من هذا الكتاب وأكثر النقل منه بلا إحالة والدليل ما نقلته في المسألة الأولى واستعماله لعبارات مؤلف الكتاب فيها والمسائل الآتية التي ينقلها الدكتور كما هي وبعبارات المؤلف أيضا و بلا إحالة.
في آخر هذه المسألة أنبه القارئ إلى تطابق نسخة فركوس من كتاب «لوامع الأنوار للسفاريني» مع نسخة مؤلف كتاب «الشرك في القديم والحديث» لأنهما نقلا تعريفه للتوحيد من نفس الصفحة، وليس هذا من الصدف فليعلم وسببه أصبح ظاهرا للعقلاء فأسأل الله أن يظهره أيضا للمهابيل والمراجيج...

وفي هذا الرابط صورة توضيحية لعملية سرقة المسألة الثانية


المسألة الثالثة
اختلاف عبارات العلماء في ذكر أنواع التوحيد


قال الدكتور(32): «وعبارة المصنِّف -رحمه الله- في قسمته للتوحيد إلى علميٍّ وعمليٍّ لا تخرج عن عبارات العلماء من جهة المعنى والمحتوى، ومن صور تنوُّعهم في التعبير عن أنواع التوحيد ما ذكره ابن تيمية -رحمه الله-، حيث قسم التوحيد إلى قوليٍّ وعمليٍّ [انظر: «مجموع الفتاوى» (1 / 367)]، وقسمه ابن القيِّم -رحمه الله- إلى توحيد المعرفة والإثبات، وتوحيد القصد والطلب [انظر: «مدارج السالكين» (3 / 449)]، وفي موضعٍ آخر قسم التوحيد قسمين: التوحيد العلميُّ الخبريُّ، والتوحيد الإراديُّ الطلبيُّ [انظر: «مدارج السالكين» (3 / 450)]، وقال بعضهم: «التوحيد قسمان: توحيد السيادة وتوحيد العبادة» [«معتقد أهل السنَّة» للتميمي (1 / 46)]» اهـ
التعليق: الدكتور يوهم قراءه أنه هو من قرأ تلك المراجع واستخرج منها عبارات العلماء في ذكر أقسام التوحيد، ولكني أقول له:
أولا: لماذا لم تذكر من بين هذه العبارات تقسيم العلماء للتوحيد إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات لاسيما أن الماتن لم يذكر هذا التقسيم؟!
ثانيا: مع عدم ذكرك للتقسيم السابق ذكرت تقسيم التوحيد إلى عملي وقولي مع أن ابن باديس قد قرر ذلك فكان من البداهة أن لا تذكره في العبارات الأخرى للعلماء وكان بإمكانك أن تقول مثلا: وعبارة المصنف رحمه الله -في قسمته للتوحيد إلى علمي وعملي- هي موافقه لعبارة ابن تيمية كما في المجموع(1 / 367) أو تقول على الأقل هي شبيهة بما قاله ابن تيمية، لأن ابن باديس قال: «خبري عملي» وابن تيمية قال: «قولي عملي»، ثم تقول: وهي لا تخرج عن عبارات العلماء من جهة المعنى والمحتوى، ومن صور تنوعهم... ثم تذكر تلك الصور ومصادرها، ولكنك لم تفعل وجعلت قسمة التوحيد إلى علمي وعملي من العبارات الأخرى في هذا التقسيم مع أنها هي التي ذكرها المصنف الذي أنت بصدد شرح متنه وفي المقابل لم تذكر تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام مع أن ابن باديس لم يتكلم عليها ولم يشر إلى ذلك.
ولكن كما قيل: «إذا عرف السبب بطل العجب» فالذي جعل الدكتور يقع في هذه المخازي هو أخذه (سرقته) لهذه المسألة من كتاب «الشرك في القديم والحديث» ومؤلف هذا الكتاب قبل تطرقه لهذه المسألة -اختلاف العلماء في عبارات تقسيم التوحيد- قد ذكر أقسام التوحيد الثلاثة (الربوبية والألوهية والأسماء والصفات) فشرحهم ثم بين أن هذه الأقسام ثابثة بالاستقراء وتتبع النصوص ثم قال: (76 - 77): «الشبهات حول الاستقراء والردود عليها:
الشبهة الأولى: قولهم:إن للعلماء عبارات مختلفة في تقسيم التوحيد، فمنهم من قال: التوحيد قسمان:
1- توحيد في المعرفة والإثباث
2- توحيد في المطلب والقصد
(ابن القيم في مدارج السالكين: 3 / 449)
ومنهم من قال:التوحيد قسمان:
1- التوحيد العلمي الخبري
2- التوحيد الإرادي الطلبي
(ابن القيم في مدارج السالكين 3 / 450)
ومنهم من قال: التوحيد قسمان:
1- التوحيد القولي
2- التوحيد العملي
(ابن تيمية:مجموع فتاواه 1 / 367)
ويقول بعضهم: التوحيد قسمان:
1-توحيد السيادة
2-توحيد العبادة
(التميمي: محمد بن خليفة: معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات 1 /46)
وبعض العلماء يذكرون له ثلاثة أنواع- كما أسلفنا - فلو كان الاستقراء والتتبع صحيحا لما حصل هذا التناقض»
 انتهى هنا كلامه، ثم رد على هذه الشبهة وستأتي لأن الريحانة سرقها منه أيضا!
وبعد نقلي عن صاحب الكلام عندي أسئلة صريحة للريحانة:
1- قد علل صاحب الكلام عدم ذكره لتقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام، وذكر أن ذلك بسبب إيراده له من قبل، فما هو السبب الذي جعلك لا تذكره: أهو عدم انتباهك لذلك فنَهَبْتَ المسألة كما هي؟ أو بسبب أنك لم تجد مصدرا (مرجعا) جاهزا لمن قال بذلك التقسيم أولا؟ أحلاهما مر.
2- قد ذكر صاحب الكلام من بين العبارات تقسيم التوحيد إلى علمي وعملي والسبب أنه لم يذكر عنده من قبل، فمالك ذكرته أنت مع العبارات الأخرى مع أنه ذكر عندك من قبل؟!
3- ما قصة تطابق صفحات الكتب والمراجع التي تعتمد عليها مع الذي يعتمد عليها صاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث» أظن أن سبب ذلك أصبح واضحا حتى للمهابيل...
وهذه المسألة (تطابق المراجع) تدل على أنّ السارق دائما يترك أثر سرقته بعد أن يقوم بها، ولو كان هذا السارق محترفا، وهي وحدها كافية-لعقلاء بني آدم ومهابيلهم!- لإدانة صاحبها، فكيف إذا انضم إليها ما سبق وما سيأتي؟!

وفي الأخير سيجد القارئ في هذا الرابط صورة توضيحية لعملية سرقة المسألة الثالثة
http://bit.ly/ferk03srkt


المسألة الرابعة
في الجمع بين اختلاف العلماء في ذكرهم لأقسام التوحيد، وأن هذا الاختلاف من اختلاف التنوع وليس من اختلاف التضاد

قال الدكتور (32): «وهذه العبارات في مضمونها تتوافق ولا تختلف، لأنَّ التوحيد القوليَّ، والتوحيد العلميَّ الخبريَّ، وتوحيد المعرفة والإثبات، وتوحيد السيادة كلُّها تتعلَّق [بذات الله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله]، فهي بمعنى توحيد الربوبية -أوَّلاً-: [وهو الإقرار بأنَّ الله تعالى ربُّ كلِّ شيءٍ ومالكه وخالقه ورازقه، القادر على كلِّ فعلٍ كما شاء ومتى شاء، ليس له في ذلك ندٌّ ولا شريكٌ ولا مُعينٌ -كما سيأتي-]، وبمعنى توحيد الأسماء والصفات -ثانيًا- [الذي هو اعتقاد انفراد الله بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلال والجمال -كما تقدَّم-.].[وهذان القسمان يتعلَّقان بالعلم والمعرفة.]
أمَّا التوحيد العمليُّ، والتوحيد الإراديُّ الطلبيُّ، وتوحيد القصد والطلب، وتوحيد العبادة فإنها جميعًا بمعنى توحيد الألوهية والعبادة».

أقول: كيف لقارئك يا دكتور أن يفهم أنه لا خلاف بين ما ذكره العلماء من تقسيم التوحيد إلى قسمين مع تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام (ربوبية وألوهية وأسماء وصفات) وأنت لم تذكر هذا التقسيم الأخير لا في كلامك ولا فيما نقلته عن العلماء؟ وعلى ماذا يدل هذا؟ ألا شيئا من الفطنة يادكتور؟
لقد حدث للدكتور ما يحدث للسارق بعد سرقته، حيث لا بد له أن يترك من وراءه أثرا (دليلا) يدل أنه هو من ارتكب تلك السرقة، وهذا حال السراق لأنهم خلال قيامهم بالسرقة لا يفكرون إلا في النتيجة وهي امتلاك المسروقات (التشبَّع بما لم يعط)، أما تفاصيل الجريمة فلا تخطر على بال فالغنيمة أكبر من أن تذكره بذلك.
على كل هذه المسألة أخذها الدكتور من كتاب «الشرك في القديم والحديث» مع تغيير طفيف في العبارات.
قال في كتاب «الشرك في القديم والحديث» (1 / 77): «إن تنوّع العبارات في التعبير عن أنواع التوحيد لا يدل على التناقض، فإنها متفقة في المضمون، فمثلا: التوحيد العلمي والخبري، وتوحيد المعرفة والإثباث، والتوحيد القولي، وهكذا توحيد السيادة كلها بمعنى: توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية.
وتوحيد القصد والطلب، والتوحيد الإرادي الطلبي، والتوحيد العملي، وتوحيد العبادة كلها بمعنى توحيد الألوهية».

التعليق: أولا: على القارئ أن يعود إلى ما كتبه فركوس في هذه المسألة ويحذف الجمل التي وضعتها بين عارضتين ثم يقارن الباقي مع ما كتبه مؤلف كتاب «الشرك في القديم والحديث»؛ فسيلاحظ بأدنى تأمل التطابق بينهما اللهم إلا تغيير فركوس لهذه الجملة «إن تنوع العبارات في التعبير عن أنواع التوحيد لا يدل على التناقض، فإنها متفقة في المضمون» بهذه الجملة! «وهذه العبارات في مضمونها تتوافق ولا تختلف» وهما عند التأمل فيهما تجدهما عبارتان في مضمونهما تتوافقان ولا تختلفان!
أما فيما يخص الزيادات الأربعة -والتي وضعتها بين عارضتين- والتي أضافها الدكتور فأقول:
الزيادة الأولى: «بذات الله تعالى وأسمائه وصفاته وأفعاله فهي مطابقة لقول مؤلف كتاب الشرك... : «توحيد الأسماء والصفات وتوحيد الربوبية» والتي ذكرهما فركوس بعد هذه الزيادة، فهي إذا زيادة لا طائل تحتها هدفها لا يخفى عن القراء الكرام.
أما الزيادات الثانية والثالثة والرابعة: فهي بدورها زيادات لا طائل تحتها، ومع هذا فإنها زيادات أخذها الدكتور أيضا من كتاب «الشرك في القديم والحديث» ولكن من صفحات أخرى! وإليك التفصيل.
الزيادة الثانية: زادها الدكتور بعد ذكره لتوحيد الربوبية وهي متعلقة بتعريف هذا النوع من التوحيد، والدكتور سرق هذا التعريف من نفس الكتاب قال صاحبه (65/1): «والخلاصة: توحيد الربوبية: هو الإقرار بأن الله تبارك وتعالى رب كل شيء وخالقه ورازقه ، وأنه المحيي المميت، النافع الضار، القادر على فعل ما شاء متى شاء، ليس له في ذلك ند ولا شريك ولا معين» اهـ.
أما الزيادة الثالثة: فذكرها الدكتور بعد ذكره لتوحيد الأسماء والصفات وهي متعلقة أيضا بتعريف هذا النوع من التوحيد،و الدكتور سرق هذا التعريف من نفس الكتاب،قال في: (66/1) «القسم الثاني: توحيد الأسماء والصفات: الذي هو اعتقاد انفراد الله بالكمال المطلق من جميع الوجوه بنعوت العظمة والجلال والجمال...» اهـ.
أما الزيادة الرابعة: وهي قوله «وهذان القسمان يتعلَّقان بالعلم والمعرفة» ويقصد بالقسمين: توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، هذه الزيادة أخذها من نفس الكتاب أيضا، قال صاحبه (1/78): «تقسيم التوحيد إلى قسمين هذا هو الأغلب في كلام أهل العلم المتقدمين، لأنهم يجمعون توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وذلك بالنظر إلى أنهما يشكلان بمجموعهما جانب العلم بالله ومعرفته عزّ وجل ...» اهـ. والجزء الملون هو إضافة فركوس الرابعة، والظاهر أن الدكتور قد أتعب نفسه! -وأتعبني معه - من أجل أن تتجمع عنده المسألة وعباراتها وذلك بكثرة تقليبه للصفحات بهدف التقديم والـتأخير.

وهذا الرابط يجد فيه القارئ صورة توضح له سرقة المسألة الرابعة
http://bit.ly/ferk04srkt


المسألة الخامسة
العلاقة بين أقسام التوحيد

قال الدكتور فركوس: (34-33) ([وهذه الأقسام الثلاثة من توحيد الربوبية، والأسماء والصفات، والألوهية والعبادة متلازمةٌ، كلُّ قسمٍ منها لا ينفكُّ عن الآخَر، فلا يكمُل توحيد العبد وإيمانه إلا باستكمالها جميعها)، (فلا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية، ولا يقوم توحيد الألوهية بدون توحيد الربوبية، ولا يستقيم توحيد الله في ربوبيته وألوهيته بدون توحيده في أسمائه وصفاته [انظر:»الكواشف الجليَّة» للسلمان (422) ](1) [ (فالعلاقة الرابطة بين هذه الأقسام هي علاقة تلازمٍ وتضمُّنٍ وشمولٍ ](2) [فتوحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، ومعنى ذلك أنَّ توحيد الألوهية خارجٌ عن مدلول الربوبية فلا يتحقَّق توحيد الربوبية إلاَّ بتوحيد الألوهية ](9)، [فمن آمن بتوحيد الربوبية لا يُدخله في الإسلام بخلاف توحيد الألوهية ](11)[ فإنه يتضمَّن توحيد الربوبية [انظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزِّ (1 / 41)]، أي: أنَّ توحيد الربوبية جزءٌ من معنى توحيد الألوهية](10)،[ فالإيمان بتوحيد الألوهية يُدخل في الإسلام](12).[وعليه، فيتقرَّر أنَّ توحيد الربوبية علميٌّ اعتقاديٌّ، وتوحيد الألوهية عمليٌّ طلبيٌّ، والعملي متضمِّنٌ للعلميِّ ](4)، [ذلك لأنَّ متعلَّقات الربوبية الأمورُ الكونية كالخلق والرزق والتدبير والإحياء والإماتة وغير ذلك، بينما متعلَّقات توحيد الألوهية الأوامرُ والنواهي ] (8)، [فإذا علم العبد أنَّ الله ربُّه لا شريك له في خلقه وأسمائه وصفاته ترتَّب عليه أن يعمل على طاعته وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، أي: يعمل على عبادته ](5) [انظر: «شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزِّ الحنفي (1 / 42)، «دعوة التوحيد» للهرَّاس (83 - 84).]. [ومنه يُفْهَم أنَّ عبادة الله وحده لا شريك له هي نتيجةٌ لاعترافٍ أوَّليٍّ بأنه لا ربَّ غير الله يُشركه في خلقه وأمره، أي: تعلَّق القلب ابتداءً بتوحيد الربوبية، ثمَّ يرتقي بعدها إلى توحيد الألوهية، ولهذا قال ابن القيِّم -رحمه الله- في «إغاثة اللهفان» (2 / 135): «..والإلهية التي دعت الرسل أممهم إلى توحيد الربِّ بها: هي العبادة والتأليه، ومن لوازمها: توحيد الربوبية الذي أقرَّ به المشركون، فاحتجَّ الله عليهم به، فإنه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الإلهية](6)، ومعنى كلام ابن القيِّم -رحمه الله-: أنَّ الله تعالى احتجَّ على المشركين بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية والعبادة لا العكس ، [فتبيَّن بذلك أنَّ توحيد الربوبية والأسماء والصفات وحده لا يكفي لإدخال صاحبه في الإسلام، ولا يُنقذه من النار، ولا يعصم مالَه ودمه إلاَّ بتوحيد الألوهية والعبادة](7)، وهو الذي عناه المصنِّف -رحمه الله- عند قوله: «ولا يكون المسلم مسلمًا إلاَّ بهما»، وهو توحيد الألوهية المتضمِّن لتوحيد الربوبية، [أمَّا توحيد الأسماء والصفات فهو شاملٌ للنوعين معًا: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية، وذلك لأنه يقوم على إفراد الله تعالى بكلِّ ما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى التي لا تنبغي إلاَّ له سبحانه، والتي من جملتها: «الربُّ»،»الخالق»، «الرازق»، «الملك»، وهذا هو توحيد الربوبية، وكذلك من جملتها: «الله»، «الغفور»، «الرحيم»، «التوَّاب»، وهذا من توحيد الألوهية[انظر: «الكواشف الجليَّة» للسلمان (442)،»دعوة التوحيد» للهرَّاس(84)](3)
أقول: أولا: قول الدكتور «هذه الأقسام الثلاثة من توحيد الربوبية، والأسماء والصفات، والألوهية والعبادة» يوحي وكأنه تكلم من قبل على هذه الأقسام وهذا لم يحدث قط! والدكتور مازال في غفلة عن ذلك فأيّ سقوط هذا؟
ثانيا: بلا مبالغة أقول: ليس للدكتور فركوس من المسألة السابقة والكلام السابق -بالرغم من طوله-؛ كلمة واحدة اللهم إلاّ عبارتان -وهما غير الموضوعتين بين عارضتين أضافهما الدكتور وهما لا يغنيان ولايسمنان من جوع! ولا تأثير لهما في هذا المبحث:
الأولى: هو شرحه لكلام ابن القيم -مع أنه واضح لا يحتاج إلى شرح- حيث قال: «ومعنى كلام ابن القيم-رحمه الله-: أن الله تعالى احتج على المشركين بتوحيد الربوبية على توحيد الألوهية والعبادة لا العكس» مع العلم أن كلام ابن القيم الذي شرحه سرقه أيضا كما سيأتي !
الثانية: قول الدكتور: «وهو الذي عناه المصنف-رحمه الله- عند قوله: «ولا يكون المسلم مسلما إلا بهما» وهو توحيد الألوهية المتضمن لتوحيد الربوبية».
وهذه الإضافة زادها الدكتور من أجل أن تتلائم سرقته مع شرحه لمتن ابن باديس ويقال أن كل هذا الكلام هو من كيسه وهذا -والله- من أشد الخيانات العلمية والله المستعان.
أما باقي الكلام -وهو كل المبحث!- فليس له فيه كلمة واحدة بالرغم من طوله-كما قلت من قبل- ولقد أخذه الدكتور بألفاظه إلا في عبارات يسيرة كما سيأتي بيانه ولقد أكثر في هذه المسألة من تقليب الصفحات من أجل تقديم وتأخير الكلام المسروق، حتى كاد يصيبني الدُّوار لما تتبعت كلامه مع كلام المسروق.
وبسبب طول الكلام في هذه المسألة المسروقة وكثرة التقديم والتأخير فيها مع كثرة تقليب الصفحات؛ احترت في الطريقة الملائمة لتوضيح هذه المهزلة من الدكتور، ثم اهتديت بتوفيق من الله-عز وجل- إلى خطة لأفعل ذلك، ولعل القارئ قد لاحظ ترقيم الفقرات في كلام الدكتور فركوس وتلك الخطوة هي بداية الخطة، وذاك الترقيم للفقرات هو ترتيبها عند صاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث» فانظر إليها لتعلم الجهد! -طبعا في تقليب الصفحات- الذي بذله فركوس في هذه المسألة.
ومن أجل توضيح أكثر للجهود الجبارة للدكتور أشرح للقارئ عمله في هذه المسألة أقول:
الدكتور أخذ من الصفحة 97 الفقرة (1) و(2).
ثم ذهب إلى الصفحة 100 وأخذ الفقرة (3).
ثم ذهب إلى الصفحة 101 وأخذ الفقرة (4).
ثم عاد للصفحة 100 للمرة الثانية وأخذ الفقرة (5).
ثم عاد مرة ثانية أيضا للصفحة 101 وأخذ الفقرة (6).
ثم رجع للصفحة 99 وأخذ منها الفقرة (7).
ثم رجع للمرة الثالثة للصفحة (100) وأخذ منها الفقرة (8).
ثم رجع للمرة الثانية للصفحة 99 وأخذ الفقرتين (9) و(10) و(11).
وفي الأخير رجع للصفحة 98 وأخذ منها الفقرة(12) وهي آخر فقرة.

ووالله إنها لمهزلة وفضيحة يخجل منها صغار طلبة العلم فما بالك بمن قيل فيه ريحانة بلد بحجم الجزائر! بل وعلامة الغرب الإسلامي!!.
وحتى يتأكد القارئ من سرقة فركوس لهذه المسألة لا بأس أن أنقل له كلام صاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث»، وقبل ذلك لا بأس أن أنبه أيضا أن مؤلف كتاب «الشرك في القديم والحديث» لما شرح هذه المسألة-العلاقة بين أقسام التوحيد- قسم كلامه إلى ثلاثة أقسام سأفصل بينها بكلمة«فصل» حتى يسهل عليّ التعليق ويسهل على القارئ فهمه.
قال مؤلف كتاب «الشرك في القديم والحديث» (101 - 97): «العلاقة بين أقسام التوحيد: [هذه الأقسام تشكل بمجموعها جانب الإيمان بالله الذي نسميه (التوحيد) فلا يكمل لأحد توحيده إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة فهي متلازمة يكمل بعضها بعضا، ولا يمكن الاستغناء ببعضها عن الآخر، فلا ينفع توحيد الربوبية بدون توحيد الألوهية، وكذلك لا يصح ولا يقوم توحيد الألوهية بدون توحيد الربوبية، وكذلك توحيد الله في ربوبيته وألوهيته لا يستقيم بدون توحيد الله في أسمائه وصفاته [انظر ما ذكره السلمان: الكواشف الجلية (422)](1)، فالخلل والانحراف في أي نوع منها هو خلل في التوحيد كله، وقد أوضح بعض أهل العلم [هذه العلاقة بقوله:هي علاقة تلازم وتضمن وشمول] (2) فتوحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية [ابن أبي العز:شرح الطحاوية (1 / 40)]، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية [نفس النصدر (1 / 41)،...]، وتوحيد الأسماء والصفات شامل للنوعين معا، بيان ذلك: أن من أقر بتوحيد الربوبية وعلم أن الله سبحانه هو الرب وحده لا شريك له في ربوبيته، لزمه من ذلك الإقرار بأن يفرد الله بالعبادة وحده سبحانه وتعالى؛ لأنه لا يصلح أن يعبد إلا من كان ربا خالقا مالكا مدبرا، وما دام كله لله وحده وجب أن يكون هو المعبود وحده. ولهذا جرت سنة القرآن الكريم على سوق آيات ربوبيته مقرونة بآيات الدعوة إلى توحيد الألوهية ومن أمثلة ذلك: قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ (22)} [البقرة 21-22]: وأما توحيد الألوهية فهو متضمن لتوحيد الربوبية؛ لأن من عبد الله ولم يشرك به شيئا فإنه يدل ضمنا على أنه قد اعتقد بأن الله هو ربه ومالكه الذي لا رب غيره، وهذا أمر يشاهده الموحد من نفسه، فكونه قد أفرد الله بالعبادة ولم يصرف شيئا منها لغير الله، ما هو إلا لإقراره بتوحيد الربوبية وأنه لا رب ولا مالك ولا متصرف إلا الله وحده، [أما توحيد الأسماء والصفات فهو شامل للنوعين معا، وذلك لأنه يقوم على إفراد الله تعالى بكل ما له من الأسماء الحسنى والصفات العلى التي لا تنبغي إلا له سبحانه وتعالى، والتي من جملتها: الرب، الخالق، الرازق، الملك، وهذا هو توحيد الربوبية، ومن جملتها: الله، الغفور، الرحيم، التواب، وهذا هو توحيد الألوهية. [السلمان، الكواشف الجلية عن معاني الواسطية 421-422، بتصرف] (3).

فصل

[وبعبارة أخرى: أن التوحيد علمي اعتقادي وعملي طلبي، والعملي متضمن للعلمي](4)، [فإذا علم العبد أن ربه لا شريك له في خلقه وأمره وأسمائه وصفاته نتج عنه أن يعمل على طاعته وعبادته](5)، [ومن عبد إلهه وحده يكون قد اعترف أولا بأن لا رب غيره يشركه في خلقه وأمره، ولا يجوز العكس؛ لأن القلب يتعلق أولا بتوحيد الربوبية،ثم يرتقي إلى توحيد الألوهية، قال ابن القيم: الإلهية التي دعت الرسل أممهم إلى توحيد الرب بها هي العبادة والتأليه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أمر به المشركون فاحتج الله عليهم به، فإنه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الألوهية [إغاثة اللهفان (2 / 135)] (6)، [وبناء على ما مضى: فهمنا أن توحيد الربوبية والأسماء والصفات وحده لا يكفي لإدخال صاحبه في الإسلام ولا ينقذه من النار ولا يعصم ماله ودمه](7)-كما مر بيانه سابقا-قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكلمة الشهادة التي دعا إليها الرسل-لا إله إلا الله- تشتمل على أنواع التوحيد الثلاثة، فقد دلت على توحيد العبادة؛ لأن معناها:لا معبود بحق إلا الله، ففيها إثباث العبادة لله ونفيها عما سواه، ودلت على توحيد الربوبية، لأن العاجز لا يكون إلها، فإن المعبود لابد وأن يكون خالقا مدبرا، ودلت على توحيد الأسماء والصفات؛ لأن فاقد الأسماء الحسنى، صفات الكمال غير كامل ولا يصلح من هذا حاله، أن يكون إلها خالقا [انظر ماذكره الرشيد، عبد العزيز بن ناصر:التنبيهات السنية: 9 نقلا عن شيخ الإسلام ابن تيمية].

فصل

ولمزيد من التفصيل من هذا الباب أذكر هنا فروقا بين نوعي التوحيد فأقول:إن بينها فروقا من عدة اعتبارات:
1 - الاختلاف في الاشتقاق: فالربوبية مشتقة من اسم الله(الرب) والألوهية مشتقة من لفظ (الإله).
2 - [أن متعلق الربوبية الأمور الكونية: كالخلق والرزق، والإحياء والإماتة ونحوها، ومتعلق توحيد الألوهية: الأوامر والنواهي]، (8) من واجب، والمحرم، والمكروه.
3 - أن توحيد الربوبية قد أقر به المشركون غالبا، وأما توحيد الألوهية فقد رفضوه وذكر الله ذلك في كتابه:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص (5)].
4 - أن توحيد الربوبية مدلوله علمي، وأما توحيد الألوهية فمدلوله عملي.
5 - [أن توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية، بمعنى أن توحيد الألوهية خارج عن مدلول توحيد الربوبية، لكن لا يتحقق توحيد الربوبية إلا بتوحيد الألوهية](9)، و[أن توحيد الألوهية متضمن توحيد الربوبية، بمعنى أن توحيد الربوبية جزء من معنى توحيد الألوهية] (10).
6 -[أن توحيد الربوبية لا يدخل من آمن به الإسلام بعكس توحيد الألوهية ] (11)،[ فإن الإيمان به يدخل في الإسلام] (12).
7 - يقال لتوحيد الربوبية: توحيد المعرفة والإثباث، ولتوحيد الألوهية: توحيد الإرادة والقصد). انتهى كلامه.

التعليق: الفقرات التي وضعتها بين عارضتين هي التي أخذها الدكتور فركوس، وحتى يتأكد القارئ بنفسه من ذلك فليقارن الفقرة المرقمة بـ(1) عند الأول ويقارنها مع الفقرة المرقمة بـ(1) عند الثاني وأيضا يقارن الفقرة المرقمة بـ(2) عند الأول مع الفقرة المرقمة بـ(2) عند الثاني وهكذا حتى يأتي على اثنتي عشر فقرة المشتركة بينهم، وسيجد القارئ تطابقا حتى في الألفاظ ما عدا فقرتين:
الأولى: الفقرة رقم واحد نصفها الأول غير فيه الدكتور فركوس تغييرا طفيفا لا يغير المعنى
فحول «هذه الأقسام» بقوله: «هذه الأقسام الثلاثة من توحيد ربوبية، والأسماء والصفات، والألوهية».
وحول «لا يمكن الاستغناء بعضها عن الآخر» بـ «كل قسم منها لا ينفك عن الآخر».
وأما قول صاحب الكلام «تشكل بمجموعها جانب الإيمان بالله الذي نسميه (التوحيد) فلا يكمل لأحد توحيده إلا باجتماع أنواع التوحيد الثلاثة فهي متلازمة يكمل بعضها بعضا «قسمها الدكتور إلى جزئين واحد قدمه والآخر أخره فقال في الجزء الأول» هذه الأقسام الثلاثة من توحيد الربوبية، والأسماء والصفات والألوهية والعبادة متلازم» وقال في الجزء الثاني: «فلا يمكن توحيد العبد وإيمانه إلا باستكمالها جميعا» وكل هذا يفعله الدكتور من أجل التملص عن جريمته.
أما النصف الثاني من الفقرة الأولى فهو مطابق تماما للنصف الثاني لصاحب الكلام.
الثانية: هي الفقرة رقم 10 غير فيها «من عبد إلهه ووحده يكون قد اعترف أولا...» إلى «منه يفهم أن عبادة الله وحده لا شريك له هي نتيجة لاعتراف أولي..» أما باقي الكلام في هذه الفقرة فهو متطابق مع كلام المسروق، حتى أن الدكتور سرق النقل عن ابن القيم، والغريب أن له نفس طبعة المسروق منه!
أما باقي الفقرات وهي 10 فقرات فهي متطابقة مع فقرات المسروق منه بألفاظها وحروفها ليس للدكتور فيها جهد يذكر إلا تقديم المتأخر وتأخير المتقدم.
وهنا حقيقة يجب أن أبوح بها وقد كنت مترددا في ذكرها تلطفا بالدكتور! وهي أن أصل هذه المسألة (العلاقة بين أقسام التوحيد) هي للشيخ عبد العزيز المحمد السلمان ذكرها في كتابه «الكواشف الجلية عن معاني الواسطية»[انظر(422-421)] ثم أخدها عنه وصاغها بعبارة أخرى: الدكتور محمد بن خليفة التميمي في كتابه «معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات» [ انظر(42-40)] غير أنه كان أمينا في نقله حيث قال في نهاية كلامه: انظر الكواشف الجلية للسلمان (421 - 422)، ثم جاء الدكتور محمد زكريا مؤلف كتاب «الشرك في القديم والحديث» فأخذ المسألة من التميمي وكتبها بعباراته -ولم يحل إليه- وزاد من عنده بعض التوضيحات لهذه المسألة وهو الجزء الثاني والثالث من كلامه عنها -تذكر أخي القارئ أني قسمت لك كلامه لما نقلته لك إلى ثلاثة أقسام وقد فصلت بينهم بكلمة فصل- ثم جاء الدكتور فركوس فلم يأخذ المسألة لا من الأول ولا من الثاني مع أنه أحال إليهما في كتابه هذا (تحفة الأنيس) وأخذ المسألة من الثالث! فتأمل حال الدكتور أخي القارئ واسأل ربك الستر والعافية، لما كانت إحالاته إلى السلمان والتميمي مسروقة مع استسلامه وركونه للعجز والكسل في بحثه لم يوفَّق إلى صاحب البحث الأصلي، وضيع الإسناد العالي لمسروقاته! وقد كان أفضل له وأحوط! أن يأخذ من السلمان أو على الأقل من التميمي مع الإحالة إليه ولكن...
هذا، وثلاثتهم (السلمان والتميمي ومحمد زكريا) لما تكلموا عن العلاقة بين أقسام التوحيد الثلاثة (ألوهية وربوبية وأسماء وصفات) كانوا قد ذكروا قبل ذلك أن من الاصطلاحات المعتمدة في تقسيم التوحيد؛ تقسيمه إلى ثلاث أقسام فذكروها عكس ما فعله الدكتور الذي لم يذكر هذا التقسيم وراح يجمع بين أقسامه! ولله في خلقه شؤون!
وقد يقول قائل: بما أن كلام التميمي مطابق لكلام محمد زكريا -صاحب كتاب الشرك في القديم والحديث»- ما يمنع أن الدكتور فركوس أخذ الكلام من التميمي ولم يأخذه من محمد زكريا؟
أقول: الجواب من عدة وجوه:
الوجه الأول: أن فركوس قد ثبت عنه أنه أخذ مسائل كما سبق وكما ستأتي أخرى- من كتاب «الشرك في القديم والحديث» لمحمد زكريا فلا شك أنه التقى بهذه المسألة في هذا الكتاب ونقلها كما وجدها.
الوجه الثاني: أن الدكتور محمد زكريا صاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث» قد قسم الكلام عن هذه المسألة إلى ثلاثة أقسام، القسم الأول فقط هو للتميمي أما القسم الثاني والثالث هما من زياداته في هذه المسألة، والدكتور فركوس لما أخذ الكلام لم يأخذ من القسم الأول فقط بل الأخذ من الثاني والثالث، فعلى ماذا يدل هذا؟
الوجه الثالث: أن محمد زكريا في القسم الأول أحال بعض الكلام فقط إلى التميمي مع أن كل الكلام له وقد قلده الدكتور فركوس في إحالاته إلى التميمي، فعلى ماذا يدل هذا أيضا؟
وواحدة من هذه الوجوه كافية لإدانة الدكتور فركوس،فكيف بها مجتمعة؟!

وإليك أخي القارئ في الرابطين الآتيين توثيق السرقة بالصور للمسألة الخامسة:
http://bit.ly/ferk51srkt



وتتوالى الفضائح والمهازل
نموذج عن الفتاوى التأصيلية للدكتور فركوس!


سئل الدكتور فركوس كما في الفتوى رقم: (906) بعنوان: في العلاقة التلازمية بين أنواع التوحيد، السؤال التالي: هل من تفصيلٍ في العلاقة بين توحيدِ الربوبية وتوحيدِ الأُلوهية وكذا توحيد الأسماء والصفات؟
الجـواب: الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد: [فاعلم أنَّه لا يكمل لأحد توحيدُه إلاَّ باجتماعِ أنواعِ التوحيدِ الثلاثةِ وهي: توحيدُ الربوبيةِ، والأسماءِ والصفاتِ، والألوهيةِ، فلا ينفعُ توحيدُ الربوبيةِ بدونِ توحيدِ الألوهيةِ، ولا يقومُ توحيدُ الألوهيةِ بدونِ توحيدِ الربوبيةِ، ولاَ يَسْتَقيمُ تَوحيدُ الله في رُبُوبيتِهِ وأُلُوهِيَتِهِ بِدُونِ توحيدِه في أسمائِه وصفاتِه([«الكواشف الجلية» للسلمان: (422).])، فهذِه الثلاثةُ متلازِمَةٌ يُكَمِّلُ بعضُهَا بعضًا، ولا يَسَعُ الاستِغْناءُ بِبعضِها عن البعْضِ الآخرِ] (1)، [فالعلاقَةُ الرابطةُ بينَ هذِه الأقسامِ هي علاقةُ تلازُمٍ وتضمُّنٍ وشُمُولٍ. ] (2). [وتوحيدُ الربوبيةِ يستلْزِمُ توحيدَ الألوهيةِ، ومَعْنى ذلكَ أنَّ تَوحيدَ الألوهيةِ خَارجٌ عَن مَدلُولِ توحيدِ الربوبيةِ، فلا يتحَقَّقُ توحيدُ الربوبيةِ إلاَّ بتوحيدِ الألوهيةِ](9)، [أي: أنَّ تَوحيدَ الربُوبيةِ لا يُدْخِل مَنْ آمن بِه في الإسْلاَمِ] (11)، [بِخلافِ تَوْحِيدِ الألُوهِيةِ فَإنَّه يَتَضمَّنُ تَوْحيدَ الربوبيةِ (2-[«شرح العقيدة الطحاوية» لابن أبي العزّ: (1 / 41).])، أي: أنَّ توحيدَ الربوبيةِ جزْءٌ مِن معنى توحيدِ الألُوهيةِ](10) [فالإيمانُ بتوحيدِ الألُوهيةِ يُدْخِلُ في الإسلامِ] (12) .[فيتقَرَّرُ عِنْدئذٍ أنَّ توْحيدَ الربُوبيةِ عِلْمِيٌّ اعْتِقَادِيٌّ، وتَوحِيدُ الألُوهيةِ عَمَلِيٌّ طَلَبِيٌّ، والعمليُّ متضَمِّنٌ للعِلْمِيِّ] (4)؛ [ذلك لأنَّ متعلّقاتِ الربوبيةِ الأمورُ الكونيةُ، كالخلقِ والرِّزقِ، والتدبيرِ والإحياءِ، والإمَاتَةِ وغيرِ ذلكِ، بينَمَا مُتعلّقَاتُ تَوحِيدِ الألُوهِيةِ الأوامِرُ والنواهِي](8)،[ فإذَا عَلِم العَبْدُ أنَّ الله ربُّهُ لا شَرِيكَ لَه في خَلْقِه وأسمائِه وصفاتِه ترتَّبَ عنه أن يعمَلَ عَلى طاعتِه وامتثالِ أوامرِه واجتنابِ نواهِيهِ، أي: يعْمَلُ عَلَى عبادتِه](5) (3-[انظر المصدر السابق: (1 / 42)، «دعوة التوحيد» لهراس: (83 - 84).])، [ومنهُ يُفْهَم أنَّ عبادَةَ اللهِ وحدَهُ لا شريكَ لَهُ هِي نتيجةٌ لاعترافٍ أَوَّليٍّ بأنَّه لا ربَّ غيرُ الله يُشْرِكهُ في خلْقِهِ وأَمْرِه، أي: تَعلّقُ القَلْبِ ابتداءً بتوحيدِ الربوبيةِ ثمَّ يَرتَقِي بعدهَا إلى توحيدِ الألوهيةِ، ولهذا قال ابنُ القيِّم: «والإلهية التي دعت الرسل أُممَهم إلى توحيد الربِّ بها هي العبادة والتأليه، ومن لوازمها توحيد الربوبية الذي أقرّ به المشركون فاحتجَّ الله عليهم به، فإنَّه يلزم من الإقرار به الإقرار بتوحيد الإلهية»(4-[«إغاثة اللهفان»: (2 / 135)](6)، ومعنى كلامِ ابن القيِّمِ أنَّ الله تعالى احتَجَّ على المشْرِكينَ بتوحِيدِ الربوبيةِ عَلى توحيدِ الألوهيةِ والعبادةِ لا العكسُ، [ومنْهُ يُفْهمُ -أيضًا- أنَّ توحيدَ الربوبيةِ والأسماءِ والصفاتِ وحدهُ لا يكفِي لإدْخَالِ صاحبِه في الإسلامِ ولا يُنْقِذُه من النَّارِ، ولا يَعْصِمُ مالَه ودَمَهُ إلاَّ بتوحِيدِ الألوهيةِ والعبادةِ ](7) .[أمَّا توحيدُ الأسماءِ والصفاتِ فهو شَاملٌ للنوعينِ معًا (توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية)؛ وذلك لأنَّه يقومُ على إفرادِ الله تعالى بكلِّ مَا لَهُ منَ الأسماءِ الحسْنَى والصِّفاتِ العُلَى التي لا تُبْتَغَى إلاَّ لهُ سبحانَه، والتي من جُمْلتِها: الربُّ، الخالقُ، الرَّازِقُ، الملِكُ وهذا هو توحيدُ الربوبيةِ، وكذلِك من جُمْلتِها: الله، الغفُورُ، الرَّحيمُ، التوَّابُ، وهذا توحيد الألوهيةِ «الكواشف الجلية» للسلمان: (422)، «دعوة التوحيد» لهراس: (84)] (3)، والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا. اهـ
أقول: هذا نموذج من فتاوى الدكتور فركوس التي قيل عنها أنها تأصيلية وبسببها أثنى عليه بعض أهل العلم كالشيخ البخاري... وأظن أن القارئ لا يحتاج إلى تنبيهه من أن جواب الدكتور فركوس ليس له فيه كلمة واحدة، فالجواب مطابق تماما لكلامه عن المسألة الخامسة في كتابه «تحفة الأنيس»، وقد أعدت تقسيم كلامه إلى فقرات كما فعلت من قبل ورقمتها على حسب ترتيبها عند صاحبها (محمد زكريا).
أيعقل هذا؟ فتوى ينسبها لنفسه وليست له فيها كلمة واحدة! أوصل به الأمر إلى هذا الحد؟! والعجيب-والعجائب جمة!-أنها موجودة في موقعه بصوته أيضا! فماذا نقول الآن هل هي فتوى من مجتهد؟ أو من مقلد؟ أو من سارق؟ وهل هناك شخص من المفرقة ممن يسميهم الفاضل محمد مرابط «أسود الكرتون» يجيبنا عن ذلك؟
هذا ويعلم الله أني كنت أعتقد في أول الأمر أن فتاوى الدكتور فركوس هي فتاوى ارتجالية يجيب عما يسأل عنه بما فتح الله له من علم يستحضره عند السؤال، ولعل الكثير من الناس مثلي لأنها عادة العلماء في أغلب فتاويهم المنشورة، ولكن الدكتور شذ عنهم، فإن فتاواه الموجهة للنشر لا يفتي بها إلا مِن وَرَاءِ حِجَابٍ! لأسباب أصبحت لا تخفى عن اللبيب، أما الفتاوى التي لا تحضر مِن وَرَاءِ حِجَابٍ والتي يفتي بها في مجالسه فلا يسمح بتسجيلها فضلا عن نشرها والسبب واضح وصوتيات #فاجعة_فركوس المسربة دليل على ذلك ولهذا لم نسمع فيها إلا «يا لوخر وكذا منا وملهيه» فلا تفهم لا منا لا منهيه!
فهل هذا ما يفعله العلماء؟! أيعقل أن يفعل ذلك ابن العثيمين وابن الباز والألباني والفوزان والربيع وغيرهم فضلا عن ابن تيمية، والغريب أن فركوس شُبِّهَ بكل هؤلاء –ما عدا ابن باز والربيع فيما أعلم- ولا أدري ما وجه الشبه بينه وبينهم، فهل يوجد منهم مثلا من يحضر فتاويه في بيته أو في مكتبته؟ وهل يوجد واحد منهم سرق علم غيره ليفتي به وينسبه إلى نفسه وينشره للناس؟ الذي أعرفه أن المفتي يكون من المجتهدين فلا حاجة له لكتبه فضلا عن كتب غيره في حال الفتوى وإلا ماكان يصلح لها، يا ناس صدقوني، العلماء في واد وفركوس في واد آخر فاعطوا لكل ذي حق حقه ومنزلته فإن معرفة مراتب العلماء من المسائل التي بسببها هلك الناس والمثال أمامكم، فأفيقوا يا قوم!
ويزداد الأمر سوءا لما يكون تحضير الإجابة عن سؤال الفتوى معناه سرقة علم الغير ممن تكلم في موضوعها كما هو الحال مع الدكتور فركوس في الفتوى السابقة وللأسف له مثيلاتها قد تكون لي معهن جولة إن كان في العمر بقية بعنوان «السرقات العلمية في فتاوى الدكتور فركوس»، وقد طبعت هذه الفتوى في كتابه «مجالس تذكيرية (12-15)» وزاد فيها كلاما خاصا عما يسمى توحيد الحاكمية وقد أخذه أيضا من صاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث» [قارن ما قاله فركوس في (14-15) وما قاله محمد زكريا في (79/1)]] .
فوا أسفاه يا شيخ فركوس! ويا حسرتاه على الريحان !فوالله لقد كنت في ستر من الله ولكن كما قال عليه الصلاة والسلام: «من تتبَّع عورة أخيه المسلم، تتبَّع الله عورته، ومَن تتبَّع الله عورته، يفضحه ولو في جوف بيته»[صحيح الجامع (7984)]، فاللهم نسألك الستر والعافية.

المسألة السادسة
أقسام التوحيد ثبتت بالاستقراء والتتبع للنصوص


قال الدكتور فركوس (37-34): وهذه الأقسام الثلاثة للتوحيد ليست تقسيمًا اصطلاحيًّا مِن وضع بعض العلماء، وإنما هي من الحقائق الشرعية الثابتة بالاستقراء وتتبُّع النصوص القرآنية، وقد أفصح عن ذلك ابن القيِّم -رحمه الله- حيث قال في «مدارج السالكين» (3 / 449): «كلُّ سورةٍ في القرآن فهي متضمِّنةٌ لنوعي التوحيد، بل نقول قولاً كلِّيًّا: إنَّ كلَّ آيةٍ في القرآن فهي متضمِّنةٌ للتوحيد، شاهدةٌ به، داعيةٌ إليه، فإنَّ القرآن:
- إمَّا خبرٌ عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلميُّ الخبريُّ.
- وإمَّا دعوةٌ إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلعِ كلِّ ما يُعْبَد من دونه، فهو التوحيد الإراديُّ الطلبيُّ.
- وإمَّا أمرٌ ونهيٌ، وإلزامٌ بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكمِّلاته.
- وإمَّا خبرٌ عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده.
- وإما خبرٌ عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحلُّ بهم في العقبى من العذاب، فهو خبرٌ عمَّن خرج عن حكم التوحيد.
*فالقرآن كلُّه في التوحيد وحقوقه وجزائه، وفي شأن الشرك وأهله وجزائهم.
وقال محمَّد الأمين الشنقيطي -رحمه الله- في «أضواء البيان» (3 / 410): «وقد دلَّ استقراء القرآن العظيم على أنَّ توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ:
الأوَّل: توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جُبلت عليه فِطَرُ العقلاء، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ}[الزخرف:87] الآية، وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلاَّ بإخلاص العبادة لله، كما قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:106]، والآيات الدالَّة على ذلك كثيرةٌ جدًّا.
الثاني: توحيده جلَّ وعلا في عبادته، وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى «لا إله إلاَّ الله»، وهي متركِّبةٌ من نفيٍ وإثباتٍ: فمعنى النفي منها: خلعُ جميع أنواع المعبودات غير الله كائنةً ما كانت في جميع أنواع العبادات كائنةً ما كانت.
ومعنى الإثبات منها: إفراد الله جلَّ وعلا وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاصٍ، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام.
وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم، {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:5].
النوع الثالث: توحيد الله جلَّ وعلا في أسمائه وصفاته، وهذا النوع من التوحيد ينبني على أصلين:
الأوَّل: تنزيه الله جلَّ وعلا عن مشابهة المخلوقين في صفاتهم، كما قال تعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11].
والثاني: الإيمان بما وصف الله به نفسه، أو وصفه به رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم على الوجه اللائق بكماله وجلاله، كما قال بعد قوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} مع قطع الطمع عن إدراك كيفية الاتِّصاف، قال تعالى: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} [طه: 110]».بتصرُّف.
وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد -رحمه الله- في «التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير» (30): «هذا التقسيم الاستقرائيُّ لدى متقدِّمي علماء السلف أشار إليه ابن جريرٍ وابن منده وغيرهما، وقرَّره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيِّم، وقرَّره الزبيدي في «تاج العروس» وشيخنا الشنقيطي في «أضواء البيان» في آخرين -رحم الله الجميع- وهو استقراءٌ تامٌّ لنصوص الشرع، وهو مطَّردٌ لدى أهل كلِّ فنٍّ، كما في استقراء النحاة كلامَ العرب إلى اسمٍ وفعلٍ وحرفٍ، والعرب لم تَفُهْ بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتبٌ، وهذا من أنواع الاستقراء.

أقول: هنا الدكتور فركوس يدعي أنه هو من تنبه لهذه المسألة (أقسام التوحيد ثبتت بالاستقراء والتتبع للنصوص) وأنه أيضا هو من تتبع واستخرج أقوال العلماء المتعلقة بها، ولكن للأسف الشديد ليس له في هذا من جهد إلا جهد النسخ واللصق لا غير، فالمسألة هي لصاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث» وهو من تتبع واستخرج أقوال العلماء المتعلقة بها،فقد نقل عن ابن القيم ثم عن الشيخ حسين بن مهدي النعمي ثم عن الشنقيطي ثم عن بكر أبو زيد ثم عن عبد الفتاح أبو غدة، فأخذ الدكتور فركوس نقولاته عن ابن القيم وبكر أبو زيد والشنقيطي وترك الباقي.
قال صاحب كتاب «الشرك في القديم والحديث» (76-71): فهذه الأقسام الثلاثة (أو الأجزاء الثلاثة) إنما تثبت لنا من وجهين
الوجه الأول: الاستقراء والتتبع للنصوص
لقد ثبث بالتتبع والاستقراء أن التوحيد الذي نزلت به الكتب ودعت إليه الرسل ينحصر في هذه الأقسام للتوحيد، لا يكمل توحيد العبد وإيمانه إلا باستكمالها جميعا، وقد أوردنا الأدلة على هذه الأنواع من القرآن، فهذا غيض من فيض، بل القرآن كله في بيان هذه الأنواع للتوحيد.
قال ابن القيم: «كلُّ سورةٍ في القرآن فهي متضمِّنةٌ التوحيد، بل نقول قولاً كلِّيًّا: إنَّ كلَّ آيةٍ في القرآن فهي متضمِّنةٌ للتوحيد، شاهدةٌ به، داعيةٌ إليه، فإنَّ القرآن:
- إمَّا خبرٌ عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلميُّ الخبريُّ.
- وإمَّا دعوةٌ إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلعِ كلِّ ما يُعْبَد من دونه، فهو التوحيد الإراديُّ الطلبيُّ.
- وإمَّا أمرٌ ونهيٌ، وإلزامٌ بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكمِّلاته.
- وإمَّا خبرٌ عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده.
- وإما خبرٌ عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا فالقرآن كلُّه في التوحيد [مدارج السالكين (3 / 449 - 450)
] وقال محمد أمين الشنقيطي -رحمه الله-: وقد دلَّ استقراء القرآن العظيم على أنَّ توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسامٍ:
الأوَّل: توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جُبلت عليه فِطَرُ العقلاء، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ} [الزخرف: 87]، الآية، ..وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلاَّبإخلاص العبادة لله، كما قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف:106]، والآيات الدالَّة على ذلك كثيرةٌ جدًّا.
الثاني: توحيده جلَّ وعلا في عبادته، وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى «لا إله إلاَّ الله»، وهي متركِّبةٌ من نفيٍ وإثباتٍ:
فمعنى النفي منها: خلعُ جميع أنواع المعبودات غير الله كائنةً ما كانت في جميع أنواع العبادات كائنةً ما كانت.
ومعنى الإثبات منها: إفراد الله جلَّ وعلا وحده بجميع أنواع العبادات بإخلاصٍ، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام.
وأكثر آيات القرآن في هذا النوع من التوحيد، وهو الذي فيه المعارك بين الرسل وأممهم، {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص:5]
*النوع الثالث: توحيد الله جلَّ وعلا في أسمائه وصفات [الشنقيطي(5 /410 - 414)].
وقال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد-حفظه الله-: هذا التقسيم الاستقرائيُّ لدى متقدِّمي علماء السلف أشار إليه ابن جريرٍ وابن منده وغيرهما...
وهو استقراءٌ تامٌّ لنصوص الشرع، وهو مطَّردٌ لدى أهل كلِّ فنٍّ، كما في استقراء النحاة كلامَ العرب إلى اسمٍ وفعلٍ وحرفٍ، والعرب لم تَفُهْ بهذا، ولم يعتب على النحاة في ذلك عاتبٌ، وهذا من أنواع الاستقراء [بكر بن عبد الله أبو زيد: التحذير من مختصرات الصابوني في التفسير:30]انتهى هنا.

أكتفي في هذه الحلقة بالستة المسائل السابقة-بالإضافة إلى الفتوى- فقد طال الكلام عليها ولا أريد أن أثقل على القارئ وإلا ففي الجعبة أكثر من ذلك بكثير وسأكمل تتبع سرقات هذا الكتاب و غيره في الحلقات القادمة -إن شاء الله- وإن كانت هذه الحلقة كافية للعقلاء بل كافية حتى للمهابيل والمراجيج بشرط أن لا يتبعوا أهواءهم وأن ينزعوا من قلوبهم الغلو والتقديس للدكتور.
ولكي يقف القارئ أكثر على حجم الفضيحة التي وقع فيها الدكتور فركوس وتكتمل في ذهنه ملابسات الجريمة (السرقة)؛ أنقل له صور الكلام المسروق من كتاب الدكتور فركوس ومن كتاب المسروق منه (محمد زكريا) فهذا أوضح وأقرب لتوضيح هذه المهزلة وقد قيل: ليس الخبر كالمعاينة.

رابط الصور من كتاب «تحفة الأنيس»
وهي سبع صفحات والكلام الملون بالأحمر هو الكلام المسروق:
http://bit.ly/klm13srk

رابط الصور من كتاب (الشرك في القديم والحديث)
وهي سبع عشرة صفحة والكلام الملون بالأحمر هو الكلام الذي سرقه الدكتور فركوس:
http://bit.ly/klm2msrk


وبالرغم من هذه الفضيحة المشينة، نقل الخنفشار عن فركوس خبرا عجيبا، فقال في إحدى تغريداته (تهريداته):«علامة الجزائر الشيخ فركوس-نفع الله بعلمه- تكلم شيخنا -نفع الله بعلمه- بكلام مؤصل(!) ومفصل (!) حول السرقات العلمية والنقل والعزو والإحالة، فكان جوابا شافيا، وكلامه كافيا، ووالله لقلت في نفسي:[ليت رجال المجلة سمعوه -ومعهم البخاري- وعقلوه وطبقوه حتى لا يقعوا فيما وقع فيه] حفظه الله ورعاه» انتهت التغريدة وأقول معلقا:
ليت شيخك يا عمار عقل وطبق كلامه المؤصل (!) والمفصل (!) حول السرقات العلمية حتى لا يقع فيما وقع فيه، قال الله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} الصف2-3]، قال الألباني-رحمه الله-: «العلم الذي لا يثمر العمل بما جاء عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- من الهدى والنور، فالجهل خير منه» [آداب الزفاف ((211].
هذا، وللمفرقة-شيوخا وأتباعا- أحكام قاسية على من اتهموهم بالسرقات العلمية ظلما وزورا وإليك بعض هذه الأحكام:
فأوّلها لمتولي كبر هذه الفتنة فقد سئل السؤال التالي:
شيخنا الحبيب! ما تعليقكم على كلام الدهاس المتعلق بتحقيق كتاب رياض المتعلمين؟
فأجاب: أجبت سابقا وبينت أن ما اتهمت به من تحقيق كتب أهل البدع أهون من السرقات العلمية، لأن تحقيق كتب أهل البدع هذه من المسائل العلمية التي وقع فيها الخلاف بين أهل العلم ولا توجب إسقاط العدالة لا سيما إذا كان المأخذ قويا! بينما السرقات العلمية توجب إسقاط العدالة كما نص على ذلك أهل العلم، فلا يوثق في علمه ولا يؤخذ عنه لتهمة السرقة والمعاملة بنقيض القصد، ومن تزين بما ليس فيه شانه الله.
وقال بويران كما في مقاله «توثيق لجملة من المخالفات...»: السرقات العلمية المخزية كما حصل من عدد منهم... ولا يزال العلماء ينكرون على سرقة العلم - الذين أخلوا بالأمانة العلمية الواجب عليهم التحلِّي بها و التشنيع عليهم قديمًا وحديثًا .
أما الخنفشار فالنقولات عنه في هذا الباب أكثر وأخطر! فهو من أشعل لهيب السرقات العلمية في هذه الفتنة وقد حان الوقت ليكتوي بها هو ومن معه إن شاء الله.
فمن أحكامه الجائرة قوله «عيب يا جماعة المصالح إن ما وقع ويقع من النهب والسرقة هو أمر خطير فهم يأكلون أكل الشص في بيت اللص، لذا ينبغي أن يرفع أمرهم للعلماء للحكم عليهم بما يستحقون»
وقال في تغريدة أخرى: أصحاب المجلة كلهم يسرقون....لو صححتم مقالاتكم، واعترفتم بضعفكم العلمي لكان خير لكم وأسلم.
أما محمد عواد فالسارق للعلم عنده إذا باعه وأكل ثمنه فهو: -متاجر بالدعوة -ضعيف علميا كما قال ذلك في إحدى تغريداته.
وقال في أخرى: قد أفتى العلماء بحرمة السرقات العلمية، وجعلوا أشدها وأشنعها «سرقات التصانيف» وقد جعلها بعضهم دليلا على فساد أخلاق السارق، بصرف النظر عن مكانته
وبعد نقل هذه الأحكام أقول للمفرقة رؤوسا وأتباعا: نستفيد مما سبق أن من ثبتت عليه السرقة العلمية:
-أنه ساقط العدالة
-لا يوثق بعلمه
-لا يؤخذ عنه العلم لتهمة السرقة
-يجب الانكار والتشنيع عليه كما فعل العلماء مع أمثاله
-أن ما فعله أمر خطير يجب رفع أمره للعلماء للحكم عليه بما يستحق
-ضعيف علميا
-متاجر بالدعوة
-يحكم عليه بفساد أخلاقه وهذا بصرف النظر عن مكانته

تلك هي أقوالكم بأفواهكم على من ثبتت عليه السرقة العلمية، وقد ثبتت على الريحانة-يقينا-كما بينا ذلك، فما هو قولكم الآن! وبماذا ستحكمون؟ أم أنه صدق فيكم من قال عنكم -وإن رجع- أنكم تفرقون بين المتماثلات استسلاما لأهوائكم. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة] 8]].

والحمد الله ربي العالمين


سلسلة السرقات العلمية للدكتور محمد علي فركوس

المقال الأول:
السرقات العلمية للدكتور فركوس في كتابه «تحفة الأنيس» ونهبه من كتاب «الشرك في القديم والحديث» للدكتور: أبو بكر محمد زكريا



«الحلقة الثانية»

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فهذه الحلقة الثانية من مقال 
«السرقات العلمية للدكتور فركوس في كتابه "تحفة الأنيس"»، أواصل فيها -إن شاء الله- كشف سرقاته العلمية في هذا الكتاب والتي نهبها من كتاب "الشرك في القديم والحديث" بطرق أقل ما يقال عنها أنها ماكرة، اعتمدها الدكتور! ليطمس جريمته وينسب كل ما سرقه إلى نفسه، نعوذ بالله من خيانة الأمانة.
ولقد كان في النية مواصلة تتبع السرقات حسب الترتيب، متبعا ترقيم صفحات كتاب "تحفة الأنيس"، غير أنه وفي خضمّ الجدل الواقع حول تأثّر فركوس بالقطبيين (التكفيريين) وتبنّيه لأفكارهم، قررت أن أُسهِم بما حضرني في هذا الموضوع والذي له علاقة بالموضوع الأساسي (السرقات العلمية)، ولأجل ذلك انتقلت ضرورة من الصفحة (39) التي كان يفترض أن تنطلق منها حلقة اليوم إلى الصفحة (72) والتي بدأ يتكلم فيها الدكتور عن الحاكمية والحكم بما أنزل الله.

ولكي لا أطيل على القارئ أدخل في صلب الموضوع فأقول:
¶ سرقة فركوس من كتب القطبية وتأثره بهم و تبنّيه لأفكارهم حقيقة ثابتة لا غبار عليها.
إن من تتبع كلام د. فركوس في المسائل التي يثيرها التكفيريون ويتخذونها مطية لتكفير المسلمين كالحاكمية وجنس العمل والعذر بالجهل وغيرها من المسائل؛ يجزم بلا شك أن الرجل متشبع بالفكر القطبي، كيف لا؟ وهو إن تكلم في تلك المسائل أخذها ـ سَرِقَةً ـ من كتب القوم ومنظّريهم، والأمثلة على ذلك كثيرة، سأتطرق اليوم لواحد منها.
ففي كتابه "تحفة الأنيس" لما وصل إلى الكلام عن الحاكمية والحكم بما أنزل الله سرق المسائل المتعلقة بهذا الباب من كتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية" لصاحبه القطبي: الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف، ولعل القارئ يتساءل: من أين لك أن الدكتور عبد العزيز صاحب كتاب " نواقض الإيمان" قطبي تكفيري؟
أقول: علمت ذلك لما رأيته في كتابه هذا يؤصّل لمذهب القطبيين في الحاكميّة (التكفير المطلق) ويستشهد لذلك بأقوال سيد قطب وأخيه محمد قطب وغيرهما من القطبيين كصلاح الصاوي وعبد الله عزام وعبد المجيد الشاذلي ومناع القطان وغيرهم، وليس هذا فقط، بل الرجل ـ أي د.عبد العزيز ـ يثني ثناء عطرا على سيد قطب حيث قال عنه في هذا الكتاب (301) ـ وقد رأى فركوس ذلك بأم عينيه ـ: "سيد قطب بن إبراهيم، مفكر إسلامي كبير، وأديب بليغ، له جهود ظاهرة في الإصلاح، وصاحب مؤلفات"،كما أن الرجل حكم عليه القضاء السعودي بخمس سنوات سجنا نافذة، والتُّهم هي: "الخروج على ولي الأمر والتعاطف مع جماعة الإخوان"، فهل ما كانت هذه حاله يعتبر سلفيا من أهل السنة والجماعة؟!.
وليس العجب أن يثني هذا الرجل (عبد العزير العبد اللطيف) على سيد قطب، فهذا شرف عند مثله من القطبيين، لكن العجب كل العجب ممن يدعي السلفية وقيل فيه أنه عالم وريحانة بلد يسرق ـ ولا أقول ينقل بأمانة! ـ ممن كان هذا حاله.
لقد هزلت حتى بدا من هزالها *** كلاها وحتى سامها كل مفلسِ

¶ مكتبة القدس للكتاب هي الموزع الرسمي لكتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية".
وجدير بالتنبيه أن كتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية" الذي نشرته دار "مدار الوطن للنشر" قد قام بتوزيعه وبيعه في الجزائر وكيلها الحصري "القدس للكتاب" لصاحبها لزهر سنيقرة، وقد اشتريت نسختي من مكتبته الواقعة بالصنوبر البحري، ويشهد الله أني اشتريت الكتاب ثقة في لزهر ـ إذ قد كان الكاتب مجهولا عندي ـ، وكنت يومها أحسن الظن به ولم يخطر على بالي أن الرجل لا يبالي ولا يهتم للكتب التي يروّجها ويبيعها حتى لو كانت هذه الكتب كتب المبتدعة.
وممن باع هذا الكتاب أيضا في مكتبته د.فركوس، فقد أخبرني أخي أبو حذيفة حفناوي أنه اشتىرى نسخته من مكتبة الدكتور.
أقول ما أقول لسببين:
الأول: أن بيع لزهر سنيقرة لكتب المبتدعة هي أيضا حقيقة لا غبار عليها،ومثله شيخه وتاج رأسه.
الثاني : للتنبيه على وجود سبب آخر ـ يضاف إلى تواطؤ القوم في غض الطرف عن أخطائهم المنهجية ـ لما قاله فركوس لمشايخ الإصلاح عندما قدّموا له ملف لزهر الخاص بترويج وبيع كتب أهل البدع، حيث قال يومها: أن لزهر أقنعه.
أقول: كيف لا يقنعه وفركوس من أشد الناس إعجابا بتلك الكتب وأكثرهم استفادة!( بل سرقة)؟ منها والله المستعان.

رجوعا إلى موضوع المقال، فإن تاج رأس لزهر سنيقرة قام في كتابه "تحفة الأنيس" بسرقة مبحثٍ كاملٍ، وهو مبحث أهمية إفراد الله تعالى بالحكم، وبيان منزلة الحكم بما أنزل الله والذي عقده الدكتور عبد العزيز العبد اللطيف في كتابه من صفحة 289 إلى صفحة305 (أي ستة عشر صفحة)، حيث قام بتقسيم هذا المبحث إلى مايلي:
أ- منزلته من توحيد العبادة: وقام بشرح ذلك.
ب- منزلته من التوحيد العلمي الخبري: وقام بشرح ذلك.
ج- متزلته من توحيد الاتباع: وشرح ذلك.
د- منزلته من الإيمان: ثم شرح ذلك.
كل هذا المبحث كتبه د.عبد العزيز نصرة لمذهبه القطبي في مسألة الحكم بما أنزل الله، وقد قام د.فركوس بنهبه كما هو سواء عناوينه الفرعية أو شرحها، مع تسليط خبرته وكفاءته في طمس آثار السرقة ،وقد قال هو في عناوين الفرعية لهذا المبحث (86-74):
-المحور الأول: مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الربوبية: مع الشرح وهو مسروق.
-المحور الثاني: مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الألوهية والعبادة: مع الشرح وهو مسروق.
-المحور الثالث: مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الاتباع: مع الشرح وهو مسروق.
- المحور الرابع: مقام إفراد الله بالحكم من الإيمان: مع الشرح وهو مسروق.
ومن قارن بين تقسيم د.عبد العزيز وتقسيم د. فركوس يظهر له بأدنى تأمل أن الأخير سرقه من الأول، وقد حاول د.فركوس إخفاء ذلك بتقديم مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الربوبية عن مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الألوهية والعبادة عكس ما فعله الدكتور عبد العزيز، كما أنه قام باستبدال عبارة "التوحيد العلمي الخبري" بـ"توحيد الربوبية"، وأظن أن القارئ لا يحتاج أن أشرح له لماذا فعل الريحانة ذلك؟ فالأمر أصبح واضحا.
و مهما تفنن الدكتور في طمس جريمته وغيّر وبدّل فإن ما فعله يعتبر سرقة علمية، فالذي سرق منه قد قام بمجهود في البحث لا يستهان به، ويكفي لإثبات ذلك أن عدد الكتب التي نقل عنها في هذا المبحث بلغ حوالي أربعين كتابا ـ منها كتب قطبية ـ، يضاف إلى ذلك عدد الكتب التي قرأها ولم يجد فيها ما ينقل منها، مع العلم أن الرجل بعد كل هذا التتبع والاستقراء لتلك الكتب أتى بمبحث وقسمه بطريقة لم يسبق إليها، وهذا ما يسمى بـ "الفائدة التي تُستَغرَبوهي الفائدة التي ينفرد بها صاحبها عن غيره، ويكون أول من يستنتجها بعد تتبع واستقراء لكلام أهل العلم، وقد نص العلماء على مثل هذه الفوائد بعدم جواز نقلها من غير عزوها إلى صاحبها لأن ذلك يعتبر سرقة وخيانة علمية، وقد أدرج السيوطي مثل هذه السرقات ضمن سرقة التصانيف، وهذه بعض النقولات عن بعض العلماء في هذا الباب (استفدت هذه النقولات من محقق كتاب البارق للسيوطي):
- قال ابن جماعة: "صح عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: إن نسبة الفائدة إلى مفيدها من الصدق في العلم وشكره، وأن السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفره" [ هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك (3/1)].
وقال النووي رحمه الله: "ومن النصيحة: أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها، فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله، ومن أوهم ذلك فيما يأخذه من كلام غيره أنه له فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه، ولا يبارك له في حاله، ولم يزل أهل- العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائلها، نسأل الله تعالى التوفيق لذلك دائما"[ بستان العارفين(47-48)].

وانطلاقا من هذه الأمانة العلمية، لما قرر النووي تقسيم البدعة إلى خمسة أقسام ـ وقد أنكر العلماء هذا التقسيم ـ عزا ذلك لصاحبها وهو العز بن عبد السلام، قال السيوطي: "وقد نقل النووي عن الشيخ عزالدين ابن عبد السلام أن البدعة تنقسم إلى خمسة أقسام، وسرد عبارته في القواعد، ولم يذكر ذلك من غير عزوه إليه ـ وإن كان مأخوذا من قواعد المذهب ـ حرصا على أداء الأمانة" [ البارق(54)].
وقبل الشروع في النقل المفصّل للمسائل المسروقة من كتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية"، أجيب عن تساؤل قد يخطر للقارئ وهو:
ماهي علاقة سرقة د. فركوس من كتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية" بعنوان المقال الذي خصص لسرقاته من رسالة "الشرك في القديم والحديث"؟!
أقول: صاحب رسالة "الشرك في القديم والحديث" لما تكلم عن الحاكمية أخذ من كتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية" إلا أنه لم يأخذ كل شيء، وطريقة فركوس مع من يسرق منه أنه عندما يحيل المسروق منه إلى مصدر فإن فركوس يرجع إليه ليتأكد ويأخذ منه مباشرة، والظاهر أن فركوس لما رجع إلى "نواقض الإيمان القولية والعملية" رأى أنه من الأفضل له أن يأخذ منه مباشرة فتحول من سرقة المسائل من كتاب "الشرك في القديم والحديث" إلى سرقة المسائل من كتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية".

والآن إلى الكلام المفصل عن المسائل المسروقة فأقول:
قد ذكرت من قبل أن فركوسا أخذ مبحثا كاملا من كتاب "نواقض الإيمان القولية والعملية" وهو أهمية إفراد الله تعالى بالحكم، وبيان منزلة الحكم بما أنزل الله.
قال فركوس في بداية المبحث ممهدا له أو بالأحرى ممهدا لسرقته (74):
"وأهمية مسألة إفراد الله تعالى بالحكم جليلة، تتحدد منزلتها وتتبلور مقاماتها من التوحيد والإيمان في المحاور التالية".
التعليق: كان عليك يا دكتور أن تتحلى بالأمانة العلمية وأنت شيخ البلد! وريحانتها! وتعزو هذا الجهد العلمي لصاحبه،ولا ترضى لنفسك هذه المرتبة السحيقة، كيف لم تبالِ بلبسك لباسَ الزور وأنت من أنت عند من يحسن الظن بك؟ نسأل الله لنا ولك الهداية.
ثم إنك لم تكتف بالسرقة، فهويت إلى أسفل مستوى لم يخطر على بال أحد أنك ستهوي إليه، وهي السرقة من قطبي محترق يثني على سيد التكفيريين وملهمهم في هذا العصر
"سيد قطب".
يا دكتور إن كان لابد لك من الاعتماد علم غيرك من أجل أن تكتب كتابة ويقال أن كتابات فركوس تأصيلية وقوية ـ وقد قيل ـ، فخذ على الأقل من العلماء الأُمنَاء ولا تسرق ممن لا يحترم المنهج السلفي، ويحترم في مقابل ذلك من يطعن في الأنبياء والصحابة، ومتلبس بكثير من البدع كإنكار الاستواء، والقول بخلق القرآن، وتكفير الناس وغيرها من البدع الكثيرة والتي بينها الشيخ ربيع في كتبه التي رد فيها على سيد قطب.
وقد مهدت يادكتور لهذا المبحث بنفس تمهيد المسروق منه مع شيء من التغيير
قال في نواقض الإيمان (291):
"ويمكن أن نحدد أهمية إفراد الله تعالى بالحكم، وبيان منزلة الحكم بما أنزل الله من خلال العناصر التالية".
التعليق: التي سماها هنا صاحبها العناصر سماها د.فركوس عنده المحاور وقد أخذها من عنده كما هي مع اختصار وتقديم وتأخير وإليك تفاصيل ذلك:

المسألة السابعة (توقفت في المقال السابق عند المسألة السادسة): منزلة إفراد الحكم بما أنزل الله من التوحيد العلمي الخبري.
قال د. فركوس(84):
"المحور الأول: مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الربوبية".
التعليق: هذا أول عنصر سرقه الدكتور من هذا المبحث وقد قام بأمرين مهمين في عملية طمس آثار السرقة:
الأمر الأول: تغيير طفيف في اسم العنصر إذ عنوانه عند صاحبه الأصلي: "منزلته من التوحيد العلمي الخبري" [انظر نواقض الإيمان(293)] فغير فركوس عبارة "التوحيد العلمي الخبري" إلى: "توحيد الربوبية" هذا أولا.
ثانيا: بدأ فركوس هذا المبحث بمنزلة إفراد الحكم بما أنزل الله من توحيد الربوبية عكس صاحب المبحث الذي جعله ثانيا وبدأ بمنزلته من توحيد العبادة
وهنا تظهر مهارة الدكتور فركوس في السرقات العلمية وقدراته العالية في التمويه والتضليل لطمس آثارها، ولهذا أرى أن هذا الرجل لا يستحق التهميش! في هذا الباب، بل يجب تسليط الأضواء! على كل كتاباته حتى تكشف سرقاته ومراوغاته، فيوضع في مكانه الأصلي الذي يستحقه، وقد يحتاج هذا العمل إلى رجال ورجال لكثرة السرقات من جهة وكثرة المراوغات والتمويهات من جهة أخرى والله المستعان.
أما فيما يخص شرح هذا العنصر فقد سرقه أيضا وسرق النقولات التي استشهد بها المسروق منه، ولكي يسهل عليّ توضيح ذلك سأقسّم الشرح على شكل فقرات وأطابقها مع كلام المسروق منه

الفقرة الأولى:
قال فركوس(74):
[التشريع من خصائص ربوبية الله تعالى، فالدين ما شرعه الله تعالى ورسوله والحلال ما حلَّله الله ورسوله، والحرام ما حرَّمه الله ورسوله]1، [لأنه تنفيذٌ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرُّفه]2.
التعليق: قسمت الفقرة السابقة إلى جزئين ليسهل عليّ التعليق، وعليه أقول:
العبارة السابقة للدكتور فركوس كلها مسروق وبألفاظها وحروفها، غير أنه سرق جزأيها من مكانين مختلفين:
أما الجزء الأول: فأخذه الدكتور من الصفحة (305) من كتاب نواقص الإيمان حيث قال صاحبه:
[التشريع من خصائص ربوبية الله تعالى، فالحلال ما حلله الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله].
أقول: من طابق الكلام السابق مع الجزء الأول من الفقرة التي نقلتها عن فركوس يجد تطابقا كليا في الألفاط والعبارات غير أن فركوس جعل عبارة: "والدين ما شرعه الله ورسوله" قبل قوله: "فالحلال ما حلله ..." وهي حركة من فركوس لا تخفى أهدافها.
أما الجزء الثاني: فقد رجع فركوس إلى الصفحة (293) وأخذها من هناك:
قال في نواقض الإيمان(293):
[الحكم بما أنزل الله تعالى من توحيد الربوبية، لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى ربوبيته وكمال ملكه وتصرفه].
والجزء الملون هو الذي سرقه فركوس، وهذا الأسلوب ـ الذي هو سرقة عبارة من صفحة وسرقة عبارة
أخرى من صفحة أخرى وجَعْلُ كل ذلك في فقرة ـ؛ هو أسلوب من أساليب فركوس التي يحاول بها طمس آثار سرقته، وهو من الدلائل أن هذه السرقة قد قام بها مع سبق الإصرار والترصد-إن صح التعبير- وإلّا ما حاول إخفاء ذلك، نسأل الله لنا وله الهداية.

الفقرة الثانية:
قال فركوس(74):
"لذلك لا يجوز لأحدٍ أن يشرِّع من دون الله ولا أن يخرج عن شيءٍ ممَّا شرعه الله في دينه، قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ)[الشورى:21]، وإنما الواجب على العباد اتِّباعُ ما أنزله الله من أمر شريعته وحكمه لقوله تعالى:(اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُون) [الأعراف: 3].
أقول: الجزء الملون كان عبارة عن فقرة كاملة عند الدكتور عبد العزيز أخذها فركوس فزاد فيها وغير في بعض ألفاظها لأسباب لا تخفى عن القارئ إن شاء الله.
قال الدكتور عبد العزيز(305):
"فليس لأحد أن يخرج عن شيء مما شرع في دين الله تعالى، بل الواجب اتباع هذه الشريعة. قال الله تعالى: (اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُون) [الأعراف: 3]".
التعليق: هذه هي الفقرة التي سرقها فركوس، وقد زاد فيها الجزء غير الملون عنده، كما قام بتغيير عبارة "بل الواجب اتباع هذه الشريعة" بعبارة: "وإنما الواجب على العباد اتِّباعُ ما أنزله الله من أمر شريعته وحكمه" ولا فرق عند أدنى تأمل، وكل هذا من مراوغاته التي تؤكد أن الرجل وقع في الجريمة مع سبق الإصرار والترصد ويسعى جاهدا لإخفاء ذلك

الفقرة الثالثة
قال فركوس(75-74):
[قال السعدي -رحمه الله- في [«القول السديد» (102)]: «فإنَّ الربَّ والإله هو الذي له الحكم القدريُّ والحكم الشرعيُّ والحكم الجزائيُّ، وهو الذي يُؤْلَه ويُعْبَد وحده لا شريك له، ويطاع طاعةً مطلقةً فلا يُعصى بحيث تكون الطاعات كلُّها تبعًا لطاعته»] 3، [وإذا كان الأمر الكونيُّ القدريُّ أو الشرعيُّ الدينيُّ كلُّه لله تعالى مصداقًا لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ) [آل عمران: 154]، وقوله تعالى: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) [الأعراف: 54]، وكلاهما من خصائص الربوبية ومقتضياتها؛ فإنَّ حقيقة الرضا بالله ربًّا التي توجب إفرادَ الله تعالى بالخلق والحكم والتشريع] 1، [فإنها توجب -لزومًا- إفرادَ الإله بالطاعة لاختصاصه بالإصلاح الدينيِّ والدنيويِّ دون ما سواه]2.
هذه الفقرة أخذها من كتاب نواقض الإيمان غير أنه تصرف فيها كعادته في طمس آثار السرقة، كالتقديم والتأخير، وحذف وإضافة بعض الألفاظ، وسأنقل الفقرة الأصلية كما كانت عند الدكتور عبد العزيز ثم أشرح ما قام به فركوس من مراوغة...
قال في نواقض الإيمان (295-294):
[كما أن حقيقة الرضا بالله ربًّا توجب إفراد الله تعالى بالحكم، واختصاصه تعالى بالخلق و الأمر، حيث قال سبحانه: {أَلا لَهُ الخَلْقُ والأَمْرُ } [الأعراف:54]، وقال سبحانه: {قُلْ إنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران:154]، فالأمر كله لله تعالى وحده، سواءً كان هذا الأمر أمرًا كونيًّا قدريًّا، أو شرعيًّا دينيًّا.] 1
[يقول العز بن عبد السلام: « وتفرد الإله بالطاعة لاختصاصه بنعم الإنشاء والإبقاء والتغذية والإصلاح الديني والدنيوي، فما من خير إلا هو جالبه، وما من ضير إلا هو سالبه، وكذلك لا حكم إلَّا له» (قواعد الأحكام 2/134-135)]2.
[ويقول عبد الرحمن السعدي: «فإن الرب، والإله هو الذي له الحكم القدري، والحكم الشرعي، والحكم الجزائي، وهو الذي يؤله ويعبد وحده لا شريك له، ويطاع طاعة مطلقة فلا يعصى بحيث تكون الطاعات كلها تبعًا لطاعته (القول السديد ص 102)] 3.
التعليق:
قد لاحظ القارئ تقسيمي للفقرة السابقة سواء عند د.فركوس أو د.عبد العزيز؛ إلى ثلاث أجزاء، وقد قمت بترقيمها حسب ترتيبها في كتاب نواقض الإيمان، كما قمت بتلوين العبارات والكلمات المشتركة بينهما، ومن قارن بين فقرة د. فركوس وفقرة د. عبد العزيز يظهر له ـ بأدنى تأمل ـ سرقة الأول من الثاني، ومع هذا لا بأس أن أوضح للقارئ ماذا فعل فركوس في هذه الفقرة وكيف حاول طمس آثار السرقة بطريقة محترفة! تَنمّ عن خبرة في هذا المجال لا تكتسب إلا بكثرة الممارسة!.
بتقسيم الفقرة إلى ثلاثة أجزاء يلاحظ القارئ أن الدكتور عبد العزيز قام بما يلي:
أولا: ابتدأ الفقرة بكلام من إنشائه.
ثانيا: نقل كلام العز بن عبد السلام لتدعيم ما قاله في الجزء الأول.
ثالثا: نقل كلام العلامة عبد الرحمن السعدي لتدعيم ما قاله في الجزء الأول.
فما الذي فعله د. فركوس ؟
- أولا: أخذ الجزء الثالث (3) ـ وهو كلام عبد الرحمن السعدي ـ وبدأ به فقدمه بعدما كان متأخرا عند الدكتور عبد العزيز.
ثانيا: كلام الدكتور عبد العزيز الذي بدأ به الفقرة (1) جعله في الرتبة الثانية مع تقديم وتأخير في الكلام، حيث بدأ فركوس هذا الجزء بــــــ "وإذا كان الأمر الكونيُّ القدريُّ أو الشرعيُّ الدينيُّ كلُّه لله تعالى تعالى مصداقًا لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ للهِ) [آل عمران: 154] وقوله تعالى: (أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ) [الأعراف: 54]"، وهذه العبارة بآياتها ختم بها الدكتور عبد العزيز نفس الجزء غير أنه سبّق الآيات عن كلامه، عكس ما فعله فركوس.
ثم قام د.فركوس بختم هذا الجزء الثاني (3) بهذه العبارة "فإنَّ حقيقة الرضا بالله ربًّا التي توجب إفرادَ الله تعالى بالخلق والحكم والتشريع"، وهذه العبارة هي التي بدأ بها د.عبد العزيز نفس الجزء والذي كان أولا في ترتيبه، ـ أرجو أن الأمور لم تختلط على القارئ! ـ.
ثالثا: أما ما كتبه د.فركوس ثالثا (3) فقد أخذه من كلام العز بن عبد السلام الذي نقله د. عبد العزيز والمرتب عنده ثانيا (2)، إلا أنه لم يأخذ كل العبارة، بل أخذ منها ما لونته من كلامه المنقول عند الدكتور عبد العزيز ، ثم نسبه إلى نفسه متشبعا بما لم يعط.
انتهى الكلام عن الفقرة الثالثة، والآن إلى الفقرة الرابعة.

الفقرة الرابعة:
قال فركوس(75-76):
[سمَّى الله المتبوعين في التحليل والتحريم أربابًا لمتَّبعيهم، قال تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُون)(التوبة: 31)]1،[ (وفي حديث عديِّ بن حاتمٍ رضي الله عنه قال: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي عُنُقِي صَلِيبٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: «(اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ) [التوبة: 31]»، قَالَ: قُلْتَ: «يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ» قَالَ: «أَجَلْ، وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللهُ فَيَسْتَحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللهُ فَيُحَرِّمُونَهُ، فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ» [أخرجه الترمذي في «تفسير القرآن» باب (10) رقم (3095)، والبيهقي في «سننه» (10/ 116)، وحسَّنه الألباني في «غاية المرام» (19-20)].)(وروى البيهقي في «سننه» (1/ 166) عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: «سُئِلَ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ) [التوبة: 31]» أَكَانُوا يُصَلُّونَ لَهُمْ؟ قَالَ: «لاَ، وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِمْ فَيَسْتَحِلُّونَهُ، وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللهُ لَهُمْ فَيُحَرِّمُونَهُ، فَصَارُوا بِذَلِكَ أَرْبَابًا».)(فجاء التصريح النبويُّ بأنَّ عبادتهم لم تكن الصلاةَ من الركوع والسجود ولا غيرَها من العبادة بالجوارح، وإنما كانت في دعوتهم من دون الله بالطاعة في تحليل الحرام وتحريم الحلال، فهذه عبادة الرجال، وقد ذكر الله أنَّ ذلك شركٌ بقوله: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة: 31] [انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (7/ 67)]،)3]، 3.
[وقد أفصح ابن حزمٍ -رحمه الله- عن هذا المعنى في «الفصل بين الملل والأهواء والنحل» (3/ 223) بقوله: «فلمَّا كان اليهود والنصارى يحرِّمون ما حرَّم أحبارُهم ورهبانهم ويُحلُّون ما أحلُّوا كانت هذه ربوبيةً صحيحةً وعبادةً صحيحةً قد دانوا بها وسمَّى الله تعالى هذا العملَ اتِّخاذَ أَرْبَابٍ من دون الله وعبادةً، وهذا هو الشرك بلا خلافٍ»]2.
أقول: هذه الفقرة نقلها الدكتور من نواقض الإيمان مع بعض المراوغات والتمويهات وإليك أخي القارئ كيف كانت هذه الفقرة عند صاحبها:
قال في نواقض الإيمان (292-291)
[سمى الله تعالى المتبوعين في غير ما أنزل الله تعالى أربابًا لمتبعيهم، فقال سبحانه: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ ورُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ والْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ومَا أُمِرُوا إلاَّ لِيَعْبُدُوا إلَهًا واحِدًا لاَّ إلَهَ إلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} (التوبة:31)]1.
[ويقول ابن حزم عن قوله تعالى { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ...} الآية: «لما كان اليهود والنصارى يحرمون ما حرم أحبارهم ورهبانهم، ويحلون ما أحلوا، كانت هذه ربوبية صحيحة، وعبادة صحيحة، قد دانوا بها، وسمى الله تعالى هذا العمل اتخاذ أرباب من دون الله وعبادة، وهذا هو الشرك بلا خلاف» (فصل 3/266). ]2.
[ويقول ابن تيمية في هذا الشأن: «قد قال تعالى: { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ ورُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ والْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ ومَا أُمِرُوا إلَّا لِيَعْبُدُوا إلَهًا واحِدًا لاَ إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}، (وفي حديث عدي بن حاتم - وهو حديث حسن طويل رواه أحمد والترمذي وغيرهما - وكان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نصراني، فسمعه يقرأ هذه الآية، قال: «فقلت له : إنا لسنا نعبدهم ، قال أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ قال فقلت: بلى، قال: فتلك عبادتهم»)1، (وكذلك قال أبو البختري: «أما إنهم لم يصلوا لهم، ولو أمروهم أن يعبدوهم من دون الله ما أطاعوهم، ولكن أمروهم فجعلوا حلال الأمة حرامه، وحرامه حلاله، فأطاعوهم فكانت تلك الربوبية ».)2.
(فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن عبادتهم إياهم كانت في تحليل الحرام، وتحريم الحلال، لا أنهم صلوا لهم، وصاموا لهم، ودعوهم من دون الله، فهذه عبادة الرجال، وقد ذكر الله أن ذلك شرك بقوله: { لاَ إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [التوبة:31] [الفتاوى7/67* ])3 ]، 3.
التعليق: من يتأمل في الفقرة عند الدكتور عبد العزيز يجدها مقسمة إلى ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول: فيه كلام من إنشائه واستدل له بآية من كتاب الله.
ثانيا: نقل كلام ابن حزم عن الآية التي دلل بها.
ثالثا: نقل كلام ابن تيمية عن نفس الآية أيضا.
فماذا فعل الدكتور فركوس:
أولا: سرق الجزء الأول كما هو، حيث أخذ كلام الدكتور عبد العزيز بألفاظه وحروفه، واستدل بنفس الآية التي استدل بها أيضا.
ثانيا: نقل كلام ابن تيمية الذي كان ثالثا عند د.عبد العزيز ولكنه تصرف فيه حيث قام بما يلي:
1- لم ينقله حرفيا، بل غيّر فيه حتى يهيأ للقارئ أن فركوس هو صاحب الكلام، وقد قام بما يلي
أولا: ابن تيمية في تفسيره للآية { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ...} بدأ بذكر حديثين لهما علاقة بالآية الأولى، حديث عدي بن الحاتم، وحديث أبي البختري وقد ذكرهما مختصرين، فأخذهما فركوس وذكرهما بألفاظهما مع تخريج مفصل لهما
ثانيا: لما ذكر ابن تيمية الحديثين قال بعدهما: "(فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن عبادتهم)1 إياهم (كانت في تحليل الحرام، وتحريم الحلال)2، (لا أنهم صلوا لهم، وصاموا لهم، ودعوهم من دون الله) (فهذه عبادة الرجال، وقد ذكر الله أن ذلك شرك بقوله: { لاَ إلَهَ إلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } [التوبة:31])4.
وقد فعل فركوس نفس الشيء حيث وبعد أن نقل الحديثين مفصلين سرق الكلام السابق لابن تيمية مع تغيير طفيف فيه حيث قال:"(فجاء التصريح النبويُّ بأنَّ عبادتهم)(لم تكن الصلاةَ من الركوع والسجود ولا غيرَها من العبادة بالجوارح)2، (وإنما كانت في دعوتهم من دون الله بالطاعة في تحليل الحرام وتحريم الحلال)3، (فهذه عبادة الرجال، وقد ذكر الله أنَّ ذلك شركٌ بقوله: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [التوبة: 31])4.
أقول:
أ: العبارة (1) عند فركوس هي نفسها العبارة (1) عند ابن تيمية، وقد حاول فركوس المراوغة بتحويل قول ابن تيمية: "قال النبي صلى الله عليه وسلم" إلى: "جاء التصريح النبوي".
بــ : العبارة (2) لفركوس هي (3) عند ابن تيمية مع تغيير طفيف.
ج: العبارة (3) لفركوس هي (2) لابن تيمية مع زيادات طفيفة.
د: العبارة (4) لفركوس هي (4) لابن تيمية، وقد نقلها فركوس بحروفها واستدل بنفس الآية،
وقول فركوس في نهاية الفقرة السابقة:[انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (7/ 67)]،] لايبرّئه من السرقة لسببين:
الأول: أنه جهد لابن تيمية فكان الأولى به أن ينقل كلام بتمامه ولا يتشبع بما لم يعط ويوهم قارئه أنه أنشأ ذلك الكلام، وهو من ربط تفسير الآية بالحديثين.
الثاني: إن تبرأ من سرقة كلام ابن تيمية فهو مدان بسرقة ذلك النقل عن ابن تيمية إذ أخذه من كتاب نواقض الإيمان، وهذا هو الذي أنا بصدد إثباته، أما سرقته لكلام ابن تيمية فهي مسألة عارضة، والله الموفق.
ثالثا: سرق كلام ابن حزم الذي استشهد به الدكتور عبد العزيز في الجزء الثاني من الفقرة؛ غير أنه جعله ثالثا عنده.
وهذه روابط فيها صور توضيحية لسرقة المسألة السابعة:










المسألة الثامنة: منزلة الحكم بما أنزل الله من توحيد العبادة.
وسأقسم هذه المسألة إلى فقرتين:
الفقرة الأولى:
قال فركوس(76) :
"المحور الثاني: مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الألوهية والعبادة:
[يتجلَّى مقام الحكم بما أنزل الله ومنزلته في معنى إفراد الله تعالى بالطاعة]1 التي هي أخصُّ العبادة المطلقة، [إذ عبادة الله سبحانه تقتضي إفرادَه سبحانه بالتشريع والتحليل والتحريم]3، [ولا ينبغي أن تُصْرَف هذه العبادة ولا غيرها إلاَّ لله وحده لا شريك له، قال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون) (يوسف: 40)]2
أقول: سرق الدكتور هذه الفقرة من نواقض الإيمان ومن نفس المسألة،بل من بدايتها!،وسأنقل كلام الدكتور عبد العزيز ثم أعلق بما يتيسر-إن شاء الله-:
قال في نواقض الإيمان(291):
منزلته من توحيد العبادة:
[إن الـحـكـم بما أنزل الله تعالى وحده هو إفراد الله تعالى بالطاعة] 1، والطاعة نوع من أنواع العبادة، [فــلا تصرف إلا لله وحده لا شريك له، قال تعالى: {إنِ الحُكْمُ إلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ } (يوسف:30) ]2 ، وقال سبحانه: { وَهُوَ اللَّهُ لا إلَهَ إلَّا هُوَ لَهُ الحَمْدُ فِي الأُولَى والآخِرَةِ ولَهُ الحُكْمُ وإلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص:70]، [فعبادة الله تعالى تقتضي إفراده عـزَّ وجـلَّ بالـتحـلـيـل والتحريم]3.
التعليق: الترقيم الموضوع في العبارات هو حسب وضعها و ترتيبها في نواقض الإيمان، وما على القارئ إلا أن يطابق العبارة المرقمة بـ (1) عند د. فركوس بالمرقمة بـ (1) أيضا عن د. عبد العزيز وهكذا...، وسيظهر له بأدنى تأمل تطابق الكلام والألفاظ، ومع هذا سأشرح عمل الدكتور فركوس في هذه الفقرة:
أولا: أخذ عنوان المسألة كما هو، وهو ظاهر لا يحتاج إلى تعليق.
ثانيا: ذهب إلى العبارة الأولى للدكتور عبد العزيز وهي: "إن الـحـكـم بما أنزل الله تعالى وحده هو إفراد الله تعالى بالطاعة".
وقام ببعض التغيرات (التمويهات) وهي كالتالي:
أ - حذف "إن" في بداية الفقرة وعوضها بـ "يتجلى مقام".
بـ - حذف "تعالى وحده هو" وعوضها بـ "ومنزلته في معنى".
فأصبحت عنده العبارة التالية:"تجلَّى مقام الحكم بما أنزل الله ومنزلته في معنى إفراد الله تعالى بالطاعة".
ثالثا: بعدها حذف العبارة الثانية للدكتور عبد العزيز وهي: "والطاعة نوع من أنواع العبادة" ووضع في مكانها عبارة "التي هي أخص العبادة المطلقة" وقد أخذها من كتاب "الشرك في القديم والحديث" ولكن مع تحريف فاحش في معناها ليس هذا موضع بيانه.
رابعا: أخذ العبارة المرقمة (3) عند الدكتور عبد العزيز وهي قوله: "فعبادة الله تعالى تقتضي إفراده عـزَّ وجـلَّ بالـتحـلـيـل والتحريم"، وقام بالتغيرات (التمويهات) التالية:
أ-:حذف " فـ " في بداية العبارة ووضع مكانها " إذا ".
بـ-: حذف " عز وجل " ووضع مكانها "سبحانه "!.
ج-: زاد كلمة " بالتشريع " قبل قوله: " التحليل والتحريم " والتي تعتبر مرادفة لهما، فلا فائدة من زيادتها إلا التضليل.
وبعد كل هذا أصبحت عبارته كما يلي:"إذ عبادة الله سبحانه تقتضي إفرادَه سبحانه بالتشريع والتحليل والتحريم"، وقد قدم هذه العبارة على العبارة القادمة عكس ما فعله الدكتور عبد العزيز.

رابعا: ذهب بعدها إلى الفقرة المرقمة بـ (2) عند الدكتور عبد العزيز وهي: "فــلا تصرف إلا لله وحده لا شريك له، قال تعالى: {إنِ الحُكْمُ إلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ } [يوسف:30]"، وقام بالتغييرات (التمويهات) التالية:
أ: حذف في بداية العبارة " فلا " ووضع في مكانها "و لا ينبغي أن"!.
بـ: زاد " هذه العبادة ولا غيرها " بعد كلمة " تصرف " مع أن السياق يوضح ذلك!، ولكنها المراوغة، فأصبحت العبارة كما يلي:
"ولاينبغي أن تُصْرَف هذه العبادة ولا غيرها إلاَّ لله وحده لا شريك له، قال تعالى: (إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُون) [يوسف: 30]".
وبعد كل هذه التمويهات أصبحت عنده الفقرة المثبثة أعلاه.
وَلْيُعْلَمْ أني تقصدت تفصيل ما فعله الدكتور حتى يتبين أسلوبه أكثر ويتضح حاله لمن لا زال في قلبه ذرة شك في سرقاته ومراوغاته.


الفقرة الثانية:
قال د.فركوس(77-78):
[ولا فرق بين الشرك بالله في حكمه والشرك به في عبادته ]1 ،[وهذا المعنى يؤكِّده الشنقيطي في «أضواء البيان» (7/ 162) عند تفسير قوله تعالى: (وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ)[الشورى: 10] حيث قال: «فالإشراك بالله في حكمه كالإشراك به في عبادته، قال في حكمه: (وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) [الكهف: 26]، وفي قراءة ابن عامرٍ من السبعة «وَلاَ تُشْرِكْ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا» بصيغة النهي، وقال في الإشراك به في عبادته: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) [الكهف: 110]، فالأمران سواءٌ ..، وبذلك تعلم أنَّ الحلال هو ما أحلَّه الله، والحرامَ هو ما حرَّمه الله، والدينَ هو ما شرعه الله، فكلُّ تشريعٍ من غيره باطلٌ، والعمل به بدلَ تشريع الله عند من يعتقد أنه مثلُه أو خيرٌ منه كفرٌ بواحٌ لا نزاع فيه»،][وفي موضعٍ آخر من «أضواء البيان» (4/ 83) أوضح -رحمه الله- -بعد سرد عدَّة آياتٍ قرآنيةٍ- أنَّ حكم من اتَّبع وأطاع غيرَ شرعِ الله في التحليل والتحريم أنه شركٌ بالله في الطاعة والاتِّباع حيث قال: «ويُفهم من هذه الآيات، كقوله: (وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا) [الكهف: 26]، أنَّ متَّبعي أحكام المشرِّعين غيرَ ما شرعه الله أنهم مشركون بالله، وهذا المفهوم جاء مبيَّنًا في آياتٍ أُخَرَ: كقوله فيمن اتَّبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله: (وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ) [الأنعام: 121]، فصرَّح بأنهم مشركون بطاعتهم، وهذا الإشراك في الطاعة واتِّباعِ التشريع المخالف لِما شرعه الله تعالى هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى: (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ. وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيم) [يس: 60-61]، وقوله تعالى عن نبيِّه إبراهيم: (يَا أَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا) [مريم: 44]، وقوله تعالى: (إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطَانًا مَرِيدًا) [النساء: 117]، أي: ما يعبدون إلاَّ شيطانًا، أي: وذلك باتِّباع تشريعه، ولذا سمَّى الله تعالى الذين يطاعون فيما زيَّنوا من المعاصي شركاءَ في قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُم) [الأنعام: 137]».]3.
التعليق: يلاحظ القارئ أنني قسمت الفقرة إلى ثلاث أجزاء وهي على الترتيب:
1-كلام يظهر أنه من إنشاء فركوس!.
2- نقلٌ عن الشنقيطي يدعم الكلام السابق.
3-نقلٌ آخر عن الشنقيطي يدعم نفس الكلام.
وكل هذا مسروق وإليك البيان:
قال في نواقض الإيمان(293-292):
[من أشرك مع الله في حكمه، فهو كالمشرك في عبادته، لا فرق بينهما]1، [كما قال الشنقيطي: «الإشراك بالله في حكمه، والإشراك في عبادته كلها بمعنى واحد، لا فرق بينهما البتة، فالذي يتبع نظامًا غير نظام الله، وتشريعًا غير تشريع الله، كالـذي يـعـبد الصنم ويسجد للوثن، لا فرق بينهما البتة بوجه من الوجوه، فهما واحد، وكـلاهما مشرك بالله»][ويقول أيضًا: «ويفهم من هذه الآية { ولا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً} أن متبعي أحكام المشرعين غير ما شرعه الله أنهم مشركون بالله، وهذا المفهوم جاء مبينًا في آيات أخر، كقوله فيمن اتبع تشريع الشيطان في إباحة الميتة بدعوى أنها ذبيحة الله {ولا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ وإنَّـهُ لَفِـسْـقٌ وإنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وإنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } [الأنعام:121]، فصرح بأنـهـم مـشـركون بطاعتهم، وهذا الإشراك في الطاعة، واتباع التشريع المخالف لما شرعه الله تعالى، هو المراد بعبادة الشيطان في قوله تعالى: { أَلَمْ أَعْهَدْ إلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إنَّـهُ لَـكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ . وأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [يس:60]، وقوله تعالى عن نبيه إبراهيم: {يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا } (مريم:44)]3.
التعليق: إليك أخي القارئ ماذا فعل فركوس:
أولا: أخذ العبارة الأولى للدكتور عبد العزيز وهي: "من أشرك مع الله في حكمه، فهو كالمشرك في عبادته، لا فرق بينهما"، وغَيَّرَ فيها تغييرا طفيفا مع تقديم وتأخير فأصبحت عنده كما يلي: "ولا فرق بين الشرك بالله في حكمه والشرك به في عبادته".
ثانيا: قام بعدها بسرقة ما نقله الدكتور عبد العزيز عن الشنقيطي، وقد نقل عنه نقلين من موضعين مختلفين، فأخذهما فركوس لقمة سائغة ودعم بهما كلامه (سرقته)، لكن لا أدري إن كان القارئ لاحظ الاختلاف في الألفاظ في النقل الأول بين ما نقله د.عبد العزيز ومانقله د.فركوس، وسبب ذلك أن الدكتور عبد العزيز لما نقل كلام الشنقيطي نقله مختصرا ـ كما قال في إحالته ـ عن طريق كتاب "الحاكمية في تفسير أضواء البيان" لعبد الرحمن السديس، ولم ينقل كلامه مباشرة، غير أنه لما أكمل النقل أحال إلى أضواء البيان فقال: وانظر أضواء البيان (162/7)، أي من شاء التفصيل فليقرأ أضواء البيان في ذلك الموضع، فاستغل د.فركوس الفرصة ـ وأيّة فرصة ـ فنقل كلام الشنقيطي مفصلا من أضواء البيان حتى لا يظهر التوافق بينه وبين د.عبد العزيز، فالدكتور عبد العزيز كان طالبا للاختصار مع توصيل المقصود، ود.فركوس كان طالبا للإطناب ليس فقط لتوصيل المقصود ولكن أيضا لطمس آثار السرقة.
انتهى هنا الكلام عن المسألة الثامنة وننتقل إلى المسألة التاسعة.


وهذه روابط فيها صور توضيحية لسرقة المسألة الثامنة








المسألة التاسعة: منزلة الحكم بما أنزل الله من توحيد الاتباع.
أما هذه المسألة فهي من إبداعات! د.فركوس، فقد أبدع فيها أيّما إبداع، وأظهر فيها احترافية عالية في طمس آثار سرقاته العلمية، ولهذا ـ وتجاوبا مع هذه الاحترافية! ومسايرة مني لها ـ قررت أن أُغَيِّرَ في طريقة عرضي للسرقات، وقد كنت من قبل أبدأ أولا بكلام د.فركوس (السارق)، ثم أُثَنِّيَ بكلام د.عبد العزيز (المسروق منه)، أما الآن فسأقوم أولا بنقل كلام الدكتور عبد العزيز، ثم أذكر كيف تصرف د.فركوس في كلام هذا الأخير من تقديم وتأخير واختصار وزيادة، وفي الأخير أنقل كلام فركوس الذي اعتمده في كتابه، وهكذا بإذن الله أجعل القارئ يعايش فعليا مراحل سرقة فركوس لهذه المسألة.

وقد قمت أيضا بتقسيم هذه المسألة إلى فقرتين حتى يسهل عليّ التعليق.
الفقرة الأولى:
قال د.عبد العزيز(297):
"منزلته من توحيد الاتباع :
والمقصود بتوحيد الاتباع تحقيق المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم،
 فتوحيد الاتباع هو توحيد الرسول بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان [ انظر شرح العقيدة الطحاوية(228/1)]".
التعليق:إليك أخي القارئ خطة فركوس التي مشى عليها:
أولا: العنوان حذف منه جملة: "منزلته" وعوضها بـ "مقام إفراد الله بالحكم" وهي عند التأمل مطابقة لها إذ كلمة "مقام" التي استعملها د.فركوس هي مرادفة لكلمة "منزلة" التي استعملها د.عبد العزيز، كما أن الضمير المتصل في "منزلته" عند الدكتور عبد العزيز يقصد به: "إفراد الله بالحكم" وهذه الجملة الأخيرة قد عوض بها فركوس الضمير المتصل في كلام الدكتور عبد العزيز، وعليه أصبح العنوان عند الريحانة! التالي: (مقام إفراد الله بالحكم من توحيد الاتِّباع)، ولو استعمل الضمير المتصل مثل الدكتور عبد العزيز (منزلته من توحيد الاتباع) لكان العنوان عند فركوس (مقامه من توحيد الاتباع)، ولكنه فن التمويه والمراوغة في السرقة عند فركوس.
ثانيا: بعدها قام فركوس بالسطو على الفقرة الأولى ولكنه اختصرها وأخذ الجزء الملون منها فقط، مع تغيير جملة: "المقصود بتوحيد الاتباع" التي بدأ بها د.عبد العزيز إلى: "المراد بهذا المقام " فبَدَّلَ كلمة "المقصود" بمرادفتها: "المراد" كما بَدَّلَ جملة:"بتوحيد الاتباع" بجملة: "بهذا المقام"، وقد ذكر في العنوان ماذا يقصد (يريد!) بالمقام.
ثالثا: لما أكمل د.عبد العزيز كلامه السابق قال: "انظر شرح الطحاوية(228/1)"، أي من يريد زيادة شرح فليقرأ شرح الطحاوية في الموضع المشار إليه، فما الذي فعله د. فركوس؟
قام بنقل كلام شارح الطحاوية الذي أحال إليه الدكتور عبد العزيز.
وعليه جاءت فقرة د.فركوس كما يلي:
قال د.فركوس(82):
"إفراد الله بالحكم من توحيد الاتِّباع:
والمراد بهذا المقام تحقيق متابعة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، قال ابن أبي العزِّ ـ رحمه الله ـ في «شرح العقيدة الطحاوية» (1/ 228) مفصحًا عن هذا التوحيد بقوله: «فالواجب كمال التسليم للرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، والانقياد لأمره، وتلقِّي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يعارضه بخيالٍ باطلٍ يسمِّيه معقولاً، أو يحمله شبهةً أو شكًّا، أو يقدِّم عليه آراءَ الرجال وزبالةَ أذهانهم، فيوحِّده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما وحَّد المرسلَ بالعبادة والخضوع والذلِّ والإنابة والتوكُّل.
فهما توحيدان، لا نجاة للعبد من عذاب الله إلاَّ بهما: توحيد المرسل، وتوحيد متابعة الرسول، فلا يحاكم إلى غيره، ولا يرضى بحكم غيره، ولا يقف تنفيذَ أمره وتصديقَ خبره على عرضه على قول شيخه وإمامه وذوي مذهبه وطائفته ومن يعظِّمه، فإن أذنوا له نفَّذه وقَبِلَ خبرَه، وإلاَّ فإن طلب السلامةَ فوَّضه إليهم وأعرض عن أمره وخبره، وإلاَّ حرَّفه عن مواضعه وسمَّى تحريفَه تأويلاً وحملاً
».
وقبل أن أنتقل إلى الفقرة الثانية لابأس أن أنبه على شيء وهو:
قد لاحظ القارئ أن د.عبد العزيز طلب الاختصار وأحال لمن يريد البسط في الكلام إلى شرح الطحاوية، أما د. فركوس ـ الذي كان همه الوحيد طمس جريمة السرقة والتشبع بما لم يعط ـ استغل الفرصة فنقل كلام شارح الطحاوية كاملا وهكذا ضرب عصفورين بحجر كما يقال:
الأول: طمس آثار جريمته إذ أصبحت فقرته أوسع من فقرة المسروق منه.
الثاني: أنه بهذا النقل يظهر أمام قارئه أن كلامه مبني على تتبعه لشروحات العلماء، والحقيقة أنه متشبع بما لم يعط إذ أن كلامه ـ والذي هو مسروق ـ مبني على تتبع المسروق منه لكلام العلماء.
فهل رأيت أيها القارئ إبداعا في السرقات وطمسا لآثارها أقوى من هذا؟! لا أظن ذل، ولكن كيف سيكون رد فعلك إذا علمت أن فركوسا أبدع في الفقرة القادمة أكثر من إبداعه في هذه الفقرة؟!


الفقرة الثانية:
قال د.عبد العزيز(298-297):
[قال الله تعالى: {فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء:65 ]. يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: « يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكِّمَ الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له ظاهرًا وباطنًا» (تفسير ابن كثير 3/ 211)]1.
[ويقول ابن القيم عن هذه الآية: «أقسم سبحانه بنفسه المقدسة قسمًا مؤكدًا بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكموا رسوله في كل ما شجر بينهم من الأصول والفروع، وأحكام الشرع وأحكام المعاد، ولم يثبت لهم الإيمان بمجرد هذا التحكيم حتى ينتفي عنهم الحرج وهو ضيق الصدر، وتنشرح صدورهم لحكمه كل الانشراح، وتقبله كل القبول، ولم يثبت لهم الإيمان بذلك أيضًا حتى ينضاف إليه مقابلة حكمه بالرضا والتسليم وعدم المنازعة وانتفاء المعارضة والاعتراض» (البيان في أقسام القرآن ص 270)]2.
[كما أن الحكم بما أنزل الله هو تحقيق للرضا بمحمد صلى الله عليه وسلم رسولًا ونبيًّا، ولذا يقول ابن القيم: «وأما الرضا بنبيه رسولًا: فيتضمن كمال الانقياد له، والتسليم المطلق إليه، بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته ولا يحاكم إلا إليه، ولا يحكم عليه غيره، ولا يرضى بحكم غيره البتة، لا في شيء من أسماء الرب وصفاته وأفعاله، ولا في شيء من أذواق حقائق الإيمان ومقاماته، ولا في شيء من أحكام ظاهره وباطنه، ولا يرضى في ذلك بحكم غيره، ولا يرضى إلا بحكمه» (مدارج السالكين 2/172-173)]3.
[بل إن الحكم بما أنزل الله تعالى هو معنى شهادة أن محمدًا رسول الله، وكما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: « ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى وزجر، وأن لا يعبد إلا بما شرع» [مجموعة مؤلفات محمد بن عبد الوهاب(190/1)، وانظر تيسير العزيز الحميد(555-554)]4.
[ولذا يقرر الشيخ محمد بن إبراهيم أن تحكيم شرع الله تعالى وحده هو معنى شهادة أن محمدًا رسول الله بقوله: «وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه، إذ مضمون الشهادتين أن يكون الله هو المعبود وحده لا شريك له، وأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المتَّبَع المحكَّم ما جاء به فقط، ولا جردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك والقيام به فعلاً وتركًا وتحكيمًا عند النزاع» [فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم(رسالة تحكيم القوانين)].]5.
التعليق: أطلب من القارئ أن لا يستثقل ما سوف أقوم به من تعليق على هذه المسألة، ففركوس قد أظهر فيها احترافية كبيرة في السرقة، وخبرة في التملص منها وطمس آثارها، فكان عليّ لزاما أن أبين كل الخطوات التي قام بها الريحانة ليتحصل على الفقرة التي ينسبها إليه تشبعا بما لم يعط.
قد لاحظ القارئ أن الفقرة السابقة للدكتور عبد العزيز قد قسمتها إلى خمسة أجزاء وهي كالآتي:
الأول: ذكر فيه الآية 65 من سورة النساء مع تفسير ابن كثير لها.
الثاني: ذكر تفسير ابن القيم للآية السابقة.
الثالث: قال فيه أن الحكم بما أنزل الله هو تحقيق للرضى بالرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ واستشهد بنقل عن ابن القيم.
الرابع: قال فيه أن الحكم بما أنزل الله هو معنى شهادة أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستشهد بقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
الخامس: نقل فيه كلام الشيخ محمد بن إبراهيم ليستشهد به على ما قرره في الجزء الرابع.
كل هذا قام به الدكتور عبد العزيز، فما الذي قام به الريحانة؟!
أولا: أخذ (سرق) الجزء الرابع (4) وهو:
"بل إن الحكم بما أنزل الله تعالى هو معنى شهادة أن محمدًا رسول الله، وكما قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: « ومعنى شهادة أن محمدًا رسول الله طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى وزجر، وأن لا يعبد إلا بما شرع» [مجموعة مؤلفات محمد بن عبد الوهاب(190/1)، وانظر تيسير العزيز].
قلت: بدأ فقرته بهذا الجزء ولكنه عدّل فيه، حيث ألصق كلام الدكتور عبد العزيز الملوّن، بكلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب وجعلهما عبارة واحدة، ونسب كل ذلك إلى نفسه ولم ينسب كلمة واحدة لا للدكتور عبد العزيز ولا للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وقد قام بتغيير واحد وهو حذف جملة: "الحكم بما أنزل الله" من كلام د.عبد العزيز وتعويضها بجملة: "توحيد الاتباع"، وعليه أصبحت العبارة عند فركوس كما يلي:
"وتوحيد الاتِّباع هو معنى شهادة أنَّ محمَّدًا رسول الله، أي: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يُعبد الله إلاَّ بما شرع
".ثانيا: أخذ الجزء الخامس (5) وهو:
"ولذا يقرر الشيخ محمد بن إبراهيم أن تحكيم شرع الله تعالى وحده هو معنى شهادة أن محمدًا رسول الله بقوله : «وتحكيم الشرع وحده دون كل ما سواه شقيق عبادة الله وحده دون ما سواه، إذ مضمون الشهادتين أن يكون الله هو المعبود وحده لا شريك له، وأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المتَّبَع المحكَّم ما جاء به فقط، ولا جردت سيوف الجهاد إلا من أجل ذلك والقيام به فعلاً وتركًا وتحكيمًا عند النزاع»".
أخذ هذا الجزء الذي هو الخامس (5) عند د.عبد العزيز، وجعله الثاني عنده مع بعض التعديلات، وهي كسابقتها حيث مزج كلام د.عبد العزيز مع بعض كلام الشيخ محمد بن إ براهيم ـ وهو الجزء الملون منه ـ وجعلهما وكأنهما عبارة واحدة ثم نسب كل ذلك لنفسه ولم ينسب كلمة واحدة لا للدكتور عبد العزيز ولا للشيخ محمد بن إبراهيم،كما قام بتغييرات طفيفة أخرى كتحويله لقول د.عبد العزيز: "تحكيم شرع الله تعالى وحده هو معنى شهادة أن محمدا رسول الله " إلى: "تحكيم شرع الله وحده محتوى في هذا المعنى"، يقصد المعنى الذي شرحه قبلها بقليل وهو "شهادة أن محمدا رسول الله"!، وتحويله لقول محمد بن إبراهيم: "المعبود وحده لا شريك له" إلى: "المعبود وحده دون ما سواه"! وجملة: "دون ما سواه" موجودة في كلام الشيخ محمد بن إبراهيم! ولكن قبل الكلام السابق (انظر الجزء المنقول).
وعليه أصبح هذا الجزء عند فركوس كما يلي:
"فكان تحكيم شرع الله تعالى وحده محتوًى في هذا المعنى، ذلك لأنَّ مضمون الشهادتين أن يكون الله هو المعبودَ وحده دون ما سواه وأن يكون الرسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم هو المتَّبَع المحكَّم ما جاء به
".ثالثا: أخذ الجزء الأول (1) وهو:
"قال الله تعالى: {فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء:65]. يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: « يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة أنه لا يؤمن أحد حتى يُحَكِّمَ الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له ظاهرًا وباطنًا » [تفسير ابن كثير 3/211].
أقول: أخذ هذا الجزء الذي كان الجزء الأول عند د.عبد العزيز، فجعله ثالثا عنده، إلا أنه بدأه بكلام ابن كثير، وكعادته نسبه إلى نفسه تشبعا بما لم يعط ولم ينسبه إلى ابن كثير، لذلك غَيَّرَ كلمة "يقسم" بجملة "لذلك أقسم" فكان هذا الجزء عبارته عنده كمايلي:
"لذلك أقسم الله تعالى بذاته المقدَّسة أنه لا يؤمن أحدٌ حتى يحكِّم الرسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم في جميع ما شجر بينهم من أمور الدين والدنيا، فما حكم به فهو الحقُّ الذي يجب الانقياد له ظاهرًا وباطنًا دون أن يبقى أيُّ حرجٍ من حكمه مصداقًا لقوله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [النساء]"
وقد أضاف لكلام ابن كثير كلاما لم يأت به بفائدة جديدة، وهو قوله: "دون أن يبقى أيُّ حرجٍ من حكمه"، والظاهر أنه أضافه لينسجم الكلام الذي تشبع به مع الآية الكريمة والله أعلم.
رابعا:أخذ الجزء الثاني (2) عند د.عبد العزيز وجعله رابعا (4) عنده، وهو خاص بنقل كلام ابن القيم في تفسير الآية السابقة، وقد نقل كلام ابن القيم كما هو وعزاه إليه بأمانة تستغرب منه، ومع ذلك فإن المنقول عن ابن القيم استفاده (سَرِقَةً) من مجهود د.عبد العزيز وإن عزاه إلى أصله لأنه وقف عليه بعد أن وقف على هذا المبحث.
خامسا: نقل كلاما عن ابن القيم لا يوجد في هذه الفقرة عند الدكتور عبد العزيز، فهي من زياداته التي لا يخفى هدفها.
سادسا: زاد بعض الجمل التي لم تأت بزيادة فائدة على الكلام المسروق، فزاد في آخر الجزء الأول (1) العبارة التالية: "وأن يعظم أمره ونهيه فلا يقدم عليه قول أحد كائنا من كان"، وزاد في نهاية الجزء الثاني (2) عبارة: "إذ لا طريق لمعرفة شرع الله إلا طريق النبي صلى الله عليه وسلم".
وعليه وبناء على ما سبق كانت هذه الفقرة عند فركوس كما يلي (83):
[وتوحيد الاتِّباع هو معنى شهادة أنَّ محمَّدًا رسول الله، أي: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما عنه نهى وزجر، وأن لا يُعبد الله إلاَّ بما شرع]4، وأن يعظِّم أمْرَه ونهيه فلا يقدِّم عليه قولَ أحدٍ كائنًا من كان، [فكان تحكيم شرع الله تعالى وحده محتوًى في هذا المعنى، ذلك لأنَّ مضمون الشهادتين أن يكون الله هو المعبودَ وحده دون ما سواه وأن يكون الرسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم هو المتَّبَع المحكَّم ما جاء به ]5، إذ لا طريق لمعرفة شرعِ الله إلاَّ طريق النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، [لذلك أقسم الله تعالى بذاته المقدَّسة أنه لا يؤمن أحدٌ حتى يحكِّم الرسولَ صلَّى الله عليه وسلَّم في جميع ما شجر بينهم من أمور الدين والدنيا، فما حكم به فهو الحقُّ الذي يجب الانقياد له ظاهرًا وباطنًا دون أن يبقى أيُّ حرجٍ من حكمه مصداقًا لقوله تعالى: ï´؟فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًاï´¾ [النساء: ظ¦ظ¥]،]1 وفي مَعْرِض شرح هذه الآية [ قال ابن القيِّم في «التبيان في أقسام القرآن» (ظ¢ظ§ظ): «أقسم سبحانه بنفسه المقدَّسة قسمًا مؤكَّدًا بالنفي قبله على عدم إيمان الخلق حتى يحكِّموا رسولَه في كلِّ ما شجر بينهم من الأصول والفروع وأحكام الشرع وأحكام المعاد وسائر الصفات وغيرها ولم يُثْبِت لهم الإيمانَ بمجرَّد هذا التحكيم حتى ينتفيَ عنهم الحرج وهو ضيقُ الصدر وتنشرحَ صدورُهم لحكمه كلَّ الانشراح وتنفسح له كلَّ الانفساح وتقبلَه كلَّ القبول، ولم يثبت لهم الإيمانَ بذلك أيضًا حتى ينضاف إليه مقابلةُ حكمه بالرضى والتسليم وعدمُ المنازعة وانتفاءُ المعارضة والاعتراض]2.
انتهت هنا المسألة التاسعة، وهذه صور توضيحية لسرقة هذه المسألة.






المسألة العاشرة: منزلة الحكم بما أنزل الله من الإيمان.
وفي هذه المسألة نقل الدكتور عبد العزيز عن سيد قطب وأثنى عليه ثناء عطرا، وقد ذكرت ذلك في المقدمة فلا داعي للإعادة.
الفقرة الأولى:
قال د.فركوس (84):
المحور الرابع: مقام إفراد الله بالحكم من الإيمان:
المراد بهذا المقام أنَّ تحكيم شرع الله تعالى من الإيمان ويدلُّ عليه ما تقدَّم من قوله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ) [النساء: 65]، قال ابن حزمٍ في «الدرَّة فيما يجب اعتقاده» (338): «فسمَّى الله تعالى تحكيمَ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إيمانًا، وأخبر الله تعالى أنه لا إيمان إلاَّ ذلك، مع أنه لا يوجد في الصدر حرجٌ ممَّا قضى، فصحَّ يقينًا أنَّ الإيمان عملٌ وعقدٌ وقولٌ، لأنَّ التحكيم عملٌ، ولا يكون إلاَّ مع القول، ومع عدم الحرج في الصدر وهو عقدٌ».
التعليق:العنوان والكلام الملون والاستدلال بالآية والاستشهاد بكلام ابن حزم كله من المجهود العلمي للدكتور عبد العزيز.
قال في نواقض الإيمان(299)
منزلته من الإيمان:
من خلال هذه الآيات الكريمات ندرك منزلة تحكيم شرع الله تعالى من الإيمان، فلقد عدَّ الشارع هذا التحكيم إيمانًا كما قال تعالى: { فَلاَ ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [النساء:65]. يقول ابن حزم: «فسمَّى الله تعالى تحكيم النبي صلى الله عليه وسلم إيمانًا، وأخبر الله تعالى أنه لا إيمان إلا ذلك، مع أنه لا يوجد في الصدر حرج مما قضى، فصح يقينًا أن الإيمان عمل وعقد وقول، لأن التحكيم عمل، ولا يكون إلا مع القول، ومع عدم الحرج في الصدر وهو عقد» [الدرة ص 238].
الملون هو الذي سرقه فركوس.

الفقرة الثانية:
قال فركوس(85) :
[تحكيم الشريعة إذعانٌ وانقيادٌ وخضوعٌ لدين الله تعالى، وعدمُ تحكيمها إباءٌ وردٌّ وامتناعٌ]1 ، [وممَّا تقدَّم يتجلَّى واضحًا أنَّ (تحكيم شرع الله تعالى والعملَ بنصوص الوحيين عند التنازع والخصومات شرطٌ في الإيمان)، (والتحاكمَ إلى غير شرع الله ينافي الإيمانَ ، بل هو من علامات النفاق، ويدلُّ عليه قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً. أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا. وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ المُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا. فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا) (النساء: 59-62)] (2).
التعليق : سرق كل الفقرة من كتاب نواقض الإيمان وإليك التفصيل.
أما العبارة رقم (1) فسرقها من الصفحة (302) حيث قال د.عبد العزيز هناك:
"ولا شك أن تحكيم الشريعة انقياد وخضوع لدين الله تعالى، وإذا كان كذلك فإن عدم تحكيم هذه الشريعة كفر إباء ورد امتناع، وإن كان مصدقًا بها"، سرق فركوس كل الكلام الملون ماعدا كلمة "كفر".
أما العبارة رقم (2) فقد سرق فركوس عبارتين من الدكتور عبد العزيز ومزج بينهما وكون بهما عبارة كاملة.
فالعبارة الأولى المسروقة فهي قول د.عبد العزيز(300):
"وتحكيم شرع الله وردُّ النزاع إلى نصوص الوحيين شرط في الإيمان، كما قال الله تعالى: {فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } [النساء:59]".
هذه العبارة الأولى التي سرقها فركوس وجعلها الجزء الأول من عبارته المرقمة بـ (2) وقد حذف منها هذه الجملة "وردُّ النزاع إلى نصوص الوحيين" وعوضها بـ "والعملَ بنصوص الوحيين عند التنازع والخصومات"، ولا فرق بينهما كما هو واضح، وتغيير فركوس الأولى بالثانية هي من مراوغاته وتمويهاته لطمس آثار سرقته.
وأما الجزء الثاني من العبارة الثانية فأخذها فركوس من آخر الصفحة (300) لنواقض الإيمان حيث قال د.عبد العزيز هناك:
"وإذا كان التحاكم إلى شرع الله تعالى شرطًا في الإيمان، فإن التحاكم إلى غير هذا الشرع ـ وهو حكم الطاغوت والجاهلية ـ ينافي الإيمان، وهو من علامات النفاق".
والكلام الملون هو الذي سرقه فركوس وجعله الجزء الثاني من العبارة المرقمة بـ (2) في هذه الفقرة،
أما آيات النساء التي استدل بها فركوس فهي أيضا التي استدل بها د.عبد العزيز وقد مرّ علينا ذلك.


الفقرة الثالثة: في هذه الفقرة نقل فركوس قول ابن كثير وابن القيم في تفسير آية(59) من سورة النساء
قال فركوس(59-58):
"قال ابن كثيرٍ -رحمه الله- في «تفسيره»: (1/ 518): «فما حكم بِهِ الكتاب والسنَّة وشهدا له بالصحَّة فهو الحقُّ، وماذا بعد الحقِّ إلاَّ الضلال؟ ولهذا قال تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ) أي: ردُّوا الخصوماتِ والجهالاتِ إلى كتاب الله وسنَّة رسوله فتَحاكَموا إليهما فيما شجر بينكم، (إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ) فدلَّ على أنَّ من لم يتحاكم في محلِّ النزاع إلى الكتاب والسنَّة ولا يرجعْ إليهما في ذلك فليس مؤمنًا بالله ولا باليوم الآخر». وفي نفس السياق من تقرير أنَّ التحاكم إلى شرع الله شرطٌ في الإيمان ما أفصح عنه ابن القيِّم -رحمه الله- في «إعلام الموقِّعين» (1/ 49) بقوله: «والمقصود أنَّ أهل الإيمان لا يُخرجهم تنازُعُهم في بعض مسائل الأحكام عن حقيقة الإيمان إذا ردُّوا ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله كما شرطه الله عليهم بقوله: (فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ)، ولا ريب أنَّ الحكم المعلَّق على شرطٍ ينتفي عند انتفائه. ومنها: أنَّ قوله: (فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ) [النساء: 59] نكرةٌ في سياق الشرط تعمُّ كلَّ ما تنازع فيه المؤمنون من مسائل الدين دِقَّه وجِلَّه، جليَّه وخفيَّه، ولو لم يكن في كتاب الله ورسوله بيان حكم ما تنازعوا فيه ولم يكن كافيًا لم يأمر بالردِّ إليه؛ إذ من الممتنع أن يأمر تعالى بالردِّ عند النزاع إلى من لا يوجد عنده فصلُ النزاع... ومنها: أنه جعل هذا الردَّ من موجِبات الإيمان ولوازمه، فإذا انتفى هذا الردُّ انتفى الإيمان؛ ضرورةَ انتفاء الملزوم لانتفاء لازِمه، ولا سيَّما التلازم بين هذين الأمرين فإنه من الطرفين، وكلٌّ منهما ينتفي بانتفاء الآخر، ثمَّ أخبرهم أنَّ هذا الردَّ خيرٌ لهم، وأنَّ عاقبته أحسن عاقبةٍ، ثمَّ أخبر سبحانه أنَّ من تحاكم أو حاكم إلى غير ما جاء به الرسول فقد حكَّم الطاغوتَ وتحاكم إليه، والطاغوت: كلُّ ما تجاوز به العبد حدَّه من معبودٍ أو متبوعٍ أو مطاعٍ؛ فطاغوت كلِّ قومٍ مَن يتحاكمون إليه غيرَ الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرةٍ من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعةٌ لله».
التعليق: قام بما قام به د.عبد العزيز،حيث هذا الأخير لما ذكر الآية ،ذكر معها تفسير ابن القيم لها في كتاب "إعلام الموقعين" وتفسير ابن كثير لها في كتابه "تفسير القرآن العظيم"، فسرق فركوس التفسيرين، إلا أنه بدأ بتفسير ابن كثير ثم ثنى بتفسير ابن القيم.

ولا داعي لأنقل تفسيرهما للآية من كتاب نواقض الإيمان فهما متطابقان مع ما نقله فركوس، ومن شاء التأكد من ذلك فلينظر إلى الصور الموثقة لسرقة المسألة العاشرة في الروابط الآتية:








هنا ينتهي المقصود وقد كان في إثبات سرقة فركوس لما يسمى بـ "الفائدة التي تستغرب"، والتي انفرد بها د.عبد العزيز عن غيره وحاول بها إثبات منهجه الذي نتسب إليه، وهي:

أهمية إفراد الله تعالى بالحكم، وبيان منزلة الحكم بما أنزل الله من خلال العناصر التالية:
1-منزلته من توحيد العبادة.
2-منزلته من التوحيد العلمي الخبري.
3-منزلته من توحيد الاتباع.
4-منزلته من الإيمان.

وقد بينت أن فركوسا سرقها منه ووثقت ذلك بنقولات من كتابه: "تحفة الأنيس"، نقلتها بأمانة ـ ولله الحمد والمنة ـ، فكانت إدانته بالسرقة العلمية من ثلاثة وجوه:
1-اعتماده نفس التقسيم، حيث قسم الفائدة إلى أربعة عناصر، وهي التي سميتها في اصطلاحي المسائل الأربع، وهي في اصطلاح د.عبد العزيز (العناصر الأربعة) وفي اصطلاح د.فركوس (المحاور الأربعة).
2-أنه كان في كلامه يستعمل عبارات وألفاظ الدكتور عبد العزيز، وإذا غَيَّرَ فيُغَيِّرُ الكلمة بمرادفتها أو الجملة بأخرى لها نفس المعنى مع الاحتفاظ بأغلب ألفاظها.
3- اعتماده واستشهاده بكلام العلماء الذي اعتمده واستشهد به الدكتور عبد العزيز مع نسبة بعضها إلى نفسه تلبسا بما لم يعط.
واجتماع الأمور الثلاثة السابقة يدين فركوس بالسرقة العلمية.
هذا وقبل أن يبدأ الدكتور فركوس كلامه عن أهمية الحكم بما أنزل الله ومنزلته، كان قد قدم مقدمة أغلب عباراتها مسروقة من كتاب نواقض الإيمان، ولكنني لم أوثق ذلك لاهتمامي الأكبر بالمسألة الكبرى، ولكن لابأس أن أفعل ذلك الآن ولكن عن طريق الصور فقط، فهي بينة نضيفها إلى ماسبق، وإن كان ما سبق كافيا للمنصفين.
وإليك أخي صور توثيق سرقة عبارات المقدمة







وهذه أيضا صور توثيق الكلام المسروق عند الدكتور فركوس


لتحميل الملف PDF مباشر :: اضغط هنا

وهذه أيضا توثيق الكلام المسروق من كتاب نواقض الإيمان


لتحميل الملف PDF مباشر :: اضغط هنا


وهذه الصور فيها نقل د.عبد العزيز عن سيد قطب وأخيه محمد وفيها أيضا ثناؤه العطر على الأول






وبعد هذه الفضيحة أقول للمفرقة: لقد أثبت لكم في هذا المقال أن الريحانة:
يسرق ممن تعتقدون أن مستواه العلمي والمنهجي أدنى منه بمراحل!
يسرق ممن يثني على سيد قطب! الذي ثبث عنه:
• - الطعن في النبي موسى عليه الصلاة السلام.
• - الطعن في العديد من الصحابة وعلى رأسهم عثمان بن عفان رضي الله عنه.
• - تكفير المجتمعات الإسلامية.
• - إنكار الاستواء والقول بخلق القرآن.
وغيرها من البدع التي أثبتها عنه الشيخ ربيع حفظه الله.
يسرق من شيوخ ومنظّري الفكر القطبي التكفيري!! وفي مسألة الحاكمية!!، إحدى أكبر المسائل الأساسية التي اختلف فيها السلفيون مع التكفيريين والقطبيين.

فما هو رأيكم الآن في ريحانتكم؟، وهل هذا هو حال كبيركم الذي تثقون فيه؟!، وإذا كان هذا حاله، فما هو حال من هو دونه؟!.
ثم لا أدري كيف سيكون حالكم أنتم لما يخاطبكم التكفيريون والقطبيون ويقولون لكم:
كيف تنكرون علينا قولنا في الحاكمية وشيخكم يسرق تأصيلات شيوخنا ومنظّرينا في هذه المسألة ويتبناها، فلم يكتف بأخذ أصولنا بل هوى به الهوان والعجز والذل أن يسرقها وينسبها إلى نفسه؟ أيُّ شيخ هذا ـ وهو من هو عندكم ـ الذي يسرق علم من تخالفونهم وفي المسألة التي تخالفونهم فيها؟
فهل ستجيبونهم أم ستدسّون رؤوسكم في التراب؟! أسأل الله أن يفكّ أسركم.



لقد ظهر الآن ـ جليا ـ مستوى من يُقَدَّمُ للناس على أنه ريحانة الجزائر وعالم المغرب الإسلامي ومن كبار العلماء والمحققين والأصوليين وغيرها من الألقاب التي لو كان يستحقها بحق لما نزل إلى هذا المستوى الذي لا يقع فيه إلا من لم يفهم السلفية بعد.
إن العالم السلفي ـ بحق ـ لا يخطر بباله أبدا أن يأخذ ويستفيد من مخالفه تقريراته وتأصيلاته في المسألة المختلف فيها معه ولا حتى غيرها، فضلا عن أن يسرق منه ذلك، أيعقل هذا يا عباد الله؟!، السلفيون يخالفون القطبيين في مسألة الحاكمية ثم يأتي من يزعمه أتباعه علامة المغرب الإسلامي فيسرق تقريرات القطبية وتأصيلاتهم في هذا الباب، ويروّجها على أساس أنها تأصيلات سلفية سنية، فبماذا ولماذا تميز السلفيون عمن خالفهم إذاً؟!!، ولماذا وبماذا أفنى العلماء أعمارهم في الرد عليهم ؟.
إن السلفية ـ يا ضعفاء المنهج والعلم ـ أشرف وأنبل وأغنى من أن تكون عالة على غيرها، والعلماء السلفيون ـ ولله الحمد ـ قد كتبوا في الحاكمية ما يظهر الحق للناس ويجعلهم في غنى عن كل الفرق سيما القطببين، ومن شاء أن يتأكد فليقرأ ويملأ عينه وقلبه بكلام العلماء السلفيين بحق في هذا الباب كالشيخ الألباني والشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين والشيخ ربيع المدخلي وغيرهم من إخوانهم العلماء ـ رحم الله الأموات وحفظ الله الأحياء ـ، وسيجد أن هؤلاء كانوا شوكة في حلوق من يسرق منهم فركوس الآن ويتشبع بعلومهم ويعتبر عالة عليهم.



اللهم إني أبرأ مما فعله فركوس ومما جناه على السلفية والتي أظهرها في قمة العجز والإفلاس أمام خصومها.
إن نسبة هذا العمل للسلفية وجعله من تأصيلات! وتفصيلات! الريحانة! الرائعة! لهو الجنون بشحمه ولحمه، وصدق من قال "الجنون فنون"، ولقد ظهر الآن ما كان يقصده جمعة في قوله"منّا الفنون"، سيما أن له سهما من هذا الفن! حيث قال في إحدى واتسابياته: "وقد كان شيخ الإسلام ينقل كلام كبار الأشاعرة والصوفية في تقرير اعتقاد أهل السنة"، وقديما قيل: "الطيور على أشكالها تقع".


ثم إني ومن هذا المنبر أتساءل: ما علاقة شيوخ التفريق مع التكفيريين والقطبيين؟!:
- ففركوس يسرق تأصيلاتهم وتقريراتهم في الحاكمية ويتبّناها ويروّجها على أنها تأصيلات وتقريرات سلفية، بالإضافة إلى ذلك يبيع كتبهم في مكتبته!
- أما جمعة فهو يدافع عن داعش ويقول أنه لاينبغي أن تلقى عليهم القنابل بذلك الشكل، وأن الإعلام صورهم على غير الواقع، وكأنه أخذته الرأفة بهم كما قال الشيخ توفيق عمروني، بالإضافة إلى ذلك يقول أن في داعش سلفيين.
- لزهر يبيع ويروّج كتبهم على أنها كتب سلفية، بل له شراكة مع أحد القطبيين وهو المدعو صاولي.

فهل هذا كله من الصدف؟ أو هناك شيء مُبَطَّنٌ يخفيه شيوخ التفريق؟!.
أما عني ـ ولعل الكثير من السلفيين يوافقني ـ فإن ما ذكرته يجعل أمر هؤلاء مثيرا للريبة ـ وقد قالها الشيخ توفيق في جمعة ـ، والعجيب أن متولي كبر هذه الفتنة لما أطلق فتنته رمى السلفيين بأنهم مندسون في الدعوة السلفية!!.
ولكني أقول له ولفركوس ولزهر وباقي المفرقة:
إن الذين هم أقرب الناس من أن يكونوا مندسين في الدعوة السلفية أو على الأقل غرباء عنها وركبوها لظروف اعتبارية!:
- هم الذين يدافعون عن داعش ويرأفون بها.
- وهم الذين يتبنّون تأصيلات وتقريرات القطبية التي سرقوها منهم ويروّجونها على أنها تأصيلات وتقريرات سلفية.
- وهم الذين يروّجون ويبيعون الكتب القطبية على أنها كتب سلفية.

وفي مقابل ذلك أقاموا حربا شعواء على السلفية والسلفيين، حرب لا رحمة فيها ولا هوادة أجهزوا فيها على السلفيين بكل برودة تنبئ على حقد دفين ليس وليد لحظةٍ-ولعله كان منذ عشر سنوات أو أكثر-،وكادوا يجهزون على الدعوة السلفية لولا رحمة الله، ثم وقفة العلماء الكبار والمشايخ وطلبة العلم والرجال الشرفاء الذين تفطنوا للمؤامرة فوقفوا وقفة الرجل الواحد في وجوه من فرّقوا السلفيين وعبثوا بدعوتهم بطريقة خسيسة لم يسبقوا إليها.
فاللهم إنا نعوذ بك من شرورهم واجعل كيدهم في نحورهم.


هنا تنتهي الحلقة الثانية من هذا المقال، وستكون حلقة ثالثة له ـ وهي الأخيرة ـ سأكمل فيها سرقات فركوس في كتابه "تحفة الأنيس" والتي سرقها من كتاب "الشرك في القديم والحديث" ويكون فيها أيضا الرد على من حاول تبرئته من هذه الفضيحة (السرقات العلمية)، وما كنت لأردّ على هذا "الجاحد للحق" لولا تعليق شيخه على مقاله بتعليق أقل ما يقال عنه أنه "مضحك مبكي" وستكون لي وقفة مع هذا التعليق في نفس الموضع إن شاء الله.


هذا آخر ما أقول، فإن أصبت فمن الله وحده، وإن أخطأت فمني ومن الشيطان.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب أليك.

---------

فقد حاول المفرقة عبثا -رؤوسا وأذنابا- التشويش على مقال سرقات فركوس، رغم أن الحق الذي فيه كان ظاهرا وأدلته واضحة لايمكن ردّها.
ومنذ نشر الحلقة الأولى من هذا المقال أصيب القوم بصدمة أفقدتهم أعصابهم وتوازنهم كما ظهر ذلك جليا في تعليقاتهم وتغريداتهم وردودهم، ورغم أن القوم اختلفوا في طريقة ردهم، إلا أنهم اتفقوا كلهم على هدف واحد، وهو إذهاب غيظهم الذي أصيبوا به بعد فضح مستوى ريحانتهم وحقيقته!، فترى الواحد منهم يسب ويشتم، والثاني يحتقر ويتكبر، والثالث يتهم ويعيّر، والعاقل يدرك أن كل ذلك صراخ على قدر ألمهم، أسأل الله أن يفرج كربتهم.
والملاحظ أن أغلب تعليقات وردود المفرقة كانت حول الحلقة الأولى من هذا المقال، أما الحلقة الثانية منه -والمتعلقة بسرقات الريحانة من القطبيين!- فكانت ردودهم عليه محتشمةّ، وعلى طريقة الجبناء الخائفين من المواجهة، والسبب واضح جدا، وهو ماعلق به أخونا رضوان البليدي على المقال يومها،حيث قال-جزاه الله خيرا-:
اليَومَ يَقِفُ المُفَرِّقَةُ جَمِيعًا بَينَ المِطرَقَةِ وَالسِّندَان
فَإِن أَقَرُّوا بِسَرِقَةِ فركوس لِجُهُودِ هَذَا القُطبِيِّ ـ وَلَيسَ لَهُم إِلَّا ذَلِكَ ـ فَهُم يَشهَدُونَ بِسُقُوطِ شَيخِ طَرِيقَتِهِم!
وَإِن لَم يَعتَرِفُوا بِأَنَّهَا سَرِقَةٌ وَقَالُوا أَنَّهَا مُجَرَّدُ نُقُولَاتٍ ـ كَمَا فَعَلُوا مِن قَبلُ ـ فَنَقُولُ لَهُم: مَتَى كَانَ السَّلَفِيُّونَ يُقَرِّرُونَ عَقِيدَتَهُم مِن تَأصِيلَاتِ القُطبِيِّينَ فِي كُتُبِهِم؟!

ثم قال وراءها مباشرة:
وَاللهِ وَتَاللهِ وَبِاللهِ
مَا مِن أَحَدٍ صَادِقِ العَهدِ مَعَ اللهِ يَقرَأُ هَذِهِ الفَضِيحَةِ المُدَوِّيَةَ إِلَّا وَيَنفُضُ يَدَهُ مِن فركوس.

لقد أسمعت لو ناديت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
لو نار نفخت بها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد
ولقد كنت مترددا بخصوص هذه الحلقة، بين إكمال ما بدأته من سرد سرقات الدكتور في كتابه تحفة الأنيس، أو الرد على بعض خربشات وشبهات القوم، غير أنني اخترت في الأخير الاثنين معا، وذلك بسرد السرقات واتسعمالها في الرد عليهم، فأضرب عصفورين بحجر كما يقال.
ومن التعليقات التي لا يمكن تجاوزها وعدم الرد عليها، تعليق لزهر سنيقرة على مقال رد به صاحبه -بزعمه طبعا- شبهة! السرقات عن الريحانة!، حيث قال معلقا: "جزاك الله خيرا أخي يوسف على دفاعك الصادق والمسدد على هذه الفرية الصلعاء التي ألقاها من لا خلاق له، و إني أقول لو كانت هناك سرقات علمية لكان نتاج وعمل الشيخ هو المسروق!، وهذا لسعة علمه! وعلو قدره! ومنزلته التي شهد له بها الكبار! ،،فأربعوا على أنفسكم. وابحثوا عن فرية أخرى". انتهى كلامه


التعليق:
أولا: إطلاق الكلام على عواهنه، والمجازفة في الأحكام، وعدم المبالاة بمستوى السامع والقارئ؛ سمات بارزة وظاهرة قد تميزت بها -يا لزهر- منذ بداية الفتنة، جعلت منك أكبر مهزلة في "فتنة جمعة"، وجعلت منك أيضا مهرجا بامتياز يُضحِك موافقه قبل مخالفه، كل هذا بعدما كنت من الدعاة السلفيين في الجزائر، فيا حسرتاه عليك ياشيخ!، ويا أسفاه!.


ثانيا:
قولك: "إني أقول لو كانت هناك سرقات علمية لكان نتاج وعمل الشيخ (يقصد فركوس) هو المسروق!"، هو من تهريجاتك المضحكة التي لا تنتهي، وتعليلك لذلك بقولك "وهذا لسعة علمه! وعلو قدره! ومنزلته التي شهد له بها الكبار"، فهذا من روائعك!، وجوابا على ذلك أقول:
لا أدري يا لزهر إن كنت قرأت مقال السرقات أم لا؟، ولكن عليك تحمل تبعات كلامك.
فلتعلم يا من كنت شيخا محترما!، أن المقال وإن كان في إثبات سرقات فركوس من كتاب "الشرك في القديم والحديث" لصاحبه الذي تعتقد أن شيخك أعلم منه!، إلا أن في ثناياه أيضا إثباتا بأن فركوس قام باقتباسات -بتطابق تام للكلمات والألفاظ- بصورة مباشر وبلا إحالة من ابن كثير ومحمد بن إبراهيم مفتي السعودية سابقا ومحمد بن عبد الوهاب (انظر مثلا المسألة التاسعة في الحلقة الثانية)، والاقتباس المباشر بلا إحالة عند الأكادميين سرقة علمية، كما قرر ذلك صاحب المقال الذي صفقت له بهذا التعليق، وكما قرر ذلك الخنفشار -المختفي عن الأنظار!- الذي كنت تشجعه في كتاباته عن السرقات، فلو سلمنا لك -جدلا- تهريجك بأن فركوس هو المسروق منه وهؤلاء الأعلام هم السراق بسبب سعة علم شيخك عليهم!، وعلو قدره ومنزلته عليهم!، كيف نسلم لك أن هؤلاء الأموات سرقوا واقتبسوا من شيخك قبل ولادته؟! أم أن هذا من كرامات الريحانة؟!!، نعوذ بالله من قلة الحياء.


ثالثا: كل من وقف على المقال يلاحظ أنه قد وقع في بعض المسائل تطابق تام -بالألفاظ والعبارات- بين كلام مؤلف كتاب "الشرك في القديم والحديث" من جهة، وكلام فركوس في تحفة الأنيس من جهة أخرى، وقد وقع ذلك من غير أن يحيل الأول إلى الثاني أو العكس، [كالمسألة الخامسة مثلا، والتي لم يعلق عليها مفرق واحد بسبب أنها كانت من أكبر فضائح ومهازل فركوس]، ولا شك أن وقوع مثل ذلك دليل على وجود سرقة علمية، ولأجل معرفة من هو السارق في هذه الحالة، ينظر إلى تاريخ النشر كما يفعله كل منصف متجرد للحق، وليس إلى من هو أعلم كما قرر ذلك من يضحك الناس عليه بتهريجاته، وكتاب "الشرك في القديم والحديث" هو عبارة عن رسالة ماجيستير ناقشها صاحبها في سنة 1418هـ، أما تحفة الأنيس فنشر في سنة 1435هـ، أي بعد سبعة عشر سنة! من تاريخ مناقشة رسالة الماجيستير "الشرك في القديم والحديث"، وعليه وإن ابتعدنا عن إضحاك الناس!، وقدمنا لهم عوضا عن ذلك الحقائق العلمية، نجزم -بلا شك ولا ريب- أن فركوس هو السارق، وصاحب كتاب "الشرك في القديم والحديث" هو المسروق منه.
وصراحة، أكاد لا أصدق أنني أشرح ذلك، لكن ما عساي أن أفعل إذا كان الخصم لا ينفع معه إلا توضيح الواضحات، والله المستعان.
أما جمعة قرين لزهر ومنافسه في التفريق والكذب والتلبيس -وقد يكون في التهريج أيضا-، لم يختلف تعليقه على مقال السرقات عن أسلوبه الفض في هذه الفتنة، فهو لا يهنأ له بال إلا برمي خصومه بقلة الفهم والعلم والأدب، بل لا يجد حرجا في اتهام نياتهم، والجزم بسوء قصدهم، وهي جرأة عجيبة وسوء أدب لا يصدران من رجل متأدب فقيه!.
وكل من تأمل تعليقات جمعة في هذه الفتنة يدرك أن الرجل متكبر، باطر للحق غامط للناس، وتعليقه على مقال السرقات يؤكد ذلك حيث قال لما سئل عنه: "هؤلاء اجتمع فيهم سوء الفهم وسوء القصد فتولد فيهم هذا الشر العريض فلا يفرقون بين الاقتباس بأنواعه وبين السرقة العلمية.
السرقة العلمية كسرقة ماضي لكتاب الوضع في الحديث...
".
وقال جمعة أيضا: "أما شيخنا الشيخ فركوس فقد أخذت الجواب فثمة فرق بين الاقتباس سواء باللفظ أو المعنى أو بالواسطة كما هو مقرر في البحث العلمي وبين سرقة خطبة بأكملها بحرفها ولفظها".


التعليق:
إن ما قرره جمعة في هذه الكلمات، من أعجب ما وقفت عليه من تبريرات مدافعة عن الباطل، فهو يقول إن فركوس لم يقم بالسرقة العلمية! ولكنه قام بالاقتباس!!، وعليه لا تستغرب -أيها القارئ- إن خرج علينا واحد من أتباع جمعة يدافع عن لص سارق من أجل ألا تقطع يده، فيقول عنه أنه لم يسرق ذلك الشيء ولكن أخذه من المسروق منه، مع أن الأخذ يقع عن طريق عقد تمليك أو تهادي وقد يكون عن طريق سرقة، مثله مثل الاقتباس قد يكون بالإحالة إلى المصدر فيعتبر أمانة علمية، وقد يكون بلا إحالة إلى المصدر، فيعتبر سرقة علمية، وهذه الأخيرة هي التي كانت من حظ فركوس، وقد أثبت ذلك بالتوثيق والتصوير والشرح، فكانت أدلة قوية لم ولن يستطيع جمعة و غيره أن يردها، ولهذا إذا تكلم هو وغيره في موضوع السرقات تجنبوا التفصيل (مناقشة الأدلة)، وتكلموا بالعمومات كما هو شأن كل من ناصر الباطل ودافع عنه، قال الشيخ ربيع واصفا كاتب "النصيحة الذهبية" -غفر الله له- وقد كُتِبَت دفاعا عن سيد قطب: "تعمّد صاحبها الإجمال والإطلاق كما هو شأن كلّ ناصر للباطل مدافع عنه، تعييه الأدلّة ويعجز عن النقد العلمي الصحيح ومقارعة الحجّة بالحجّة فيلجأ إلى التمويه والإجمال والغمغمة" [(الحد ال بين الحق والباطل: 9)].
إن المتأمل في كلام جمعة السابق، يفهم أن السرقة العلمية والاقتباس بأنواعه مصطلحان متضادان في منهجية البحث العلمي، فمن قام بالاقتباس فقد تجنب السرقة العلمية، والعكس صحيح، وهذا خلط فاحش في المفاهيم يستغرب صدوره من دكتور يدعي معرفته بمنهجية البحث العلمي، وبيانه:
أن السرقة العلمية معناها الخيانة العلمية، فيقابلها ويضادها في المعنى الأمانة العلمية وليس الاقتباس كما قرره جمعة، وكلاهما -أقصد الأمانة والخيانة العلمية- يحدثان عند عملية الاقتباس!، فمن قام بالاقتباس مع الإحالة إلى المصدر، فقد أدّى الأمانه العلمية وهو بريء من السرقات، ومن قام بالاقتباس مع عدم الإحالة إلى المصدر فهذه خيانة علمية، وتسمى في منهجية البحث العلمي بالسرقة العلمية أو الأدبية.
إذًا، فالضابط الأساسي الذي يحدد الأمانة من الخيانة (السرقة العلمية) هو الإحالة إلى المصدر، وعلى جمعة أن يشرح لنا ما هو سبب الخلط الذي وقع فيه؟، أهو من سوء قصده ليلبّس على السائل؟، أو من سوء فهمه؟، والثانية أقرب، وإن كان أحلاهما مر.
ثم إن هناك خلطا آخر في كلام جمعة وهو قوله "ثمة فرق بين الاقتباس سواء باللفظ أو بالمعنى أو بالواسطة! كما هو مقرر في البحث العلمي".
فقوله "سواء باللفظ" يقصد به الاقتباس بصورة مباشرة، وأما قوله "أو بالمعنى" فمقصوده الاقتباس بصورة غير مباشرة.
أما قوله "بالواسطة": فهذا النوع قد تفرد به جمعة عن غيره فيما أعلم، فإنه لا يوجد في أنواع الاقتباس نوع يقال عنه اقتباس بالواسطة؛ فهي من تخليطات جمعة، نعم توجد إحالة بالواسطة بأن يقول الباحث: فتاوى ابن تيمية (2/34) عن طريق الشرك في القديم والحديث(1/301)، ولكن هناك فرق بين الاقتباس والإحالة كما هو ظاهر بأدنى تأمل.
فانظر أيها القارئ كم في كلام هذا الرجل -على قلته- من تخليطات، ومع هذا يرمي غيره بقلة الفهم، وقد ظهر الآن من هو قليل الفهم، بل وقليل الأدب والحياء أيضا، كيف لا!، وهو يرمي غيره بقلة الفهم في موضوع لا يفهمه ويخلط بين مصطلحاته ومفاهيمه.
ثم إن هناك مسألتين مهمتين متعلقتين بالاقتباس، ستزعجان جمعة وغيره من المفرقة:
الأولى: أن عملية الاقتباس في البحث العلمي محددة، فالباحث مقيد فيها لا يسمح له أن يكثر منها، حتى إن بعض الجامعات وضعت برامج لقياس نسبة الاقتباس في البحث العلمي، وبرروا ذلك وقالوا: حتى تظهر شخصية الباحث ولمسته في رسالته وبحثه العلمي، وتظهر أيضا استقلاليته في الفهم والبحث وكيفية عرض هذا الأخير، وهذا الشرط غير متوفر عند فركوس، فإن أغلب ما يكتبه مقتبس من غيره -قد يحيله إلى مصدره وقد لا يفعل-، حتى أنك تكاد لا تجد له جهدا إلا النسخ واللصق مع التقديم والتأخير، ولو عرضت هذه الكتابات على لجنة من الأكادميين وحكموا عليها انطلاقا من منهجية البحث العلمي التي يتغنى بها جمعة لضربوا بها عرض الحائط ونكلوا بصاحبها وزجروه على أن لا يعود إليها.


أما المسألة الثانية المتعلقة بالاقتباس، فهي في كيفيته الإحالة إلى المصادر، وهي حسب نوع الاقتباس.
فإذا كان الاقتباس بصورة مباشرة -وهو ما سماه جمعة بالاقتباس اللفظي- فقد اشترطوا علامات التنصيص() من أجل تحديد الكلام المقتبس، أما الإحالة فيه فتكون بذكر المصدر مباشرة مع الصفحة والجزء كأن يقال: الشرك في القديم والحديث(45/1).
أما إذا كان الاقتباس بصورة غير مباشرة -وهو ما سماه جمعة الاقتباس بالمعنى- فلم يشترطوا فيه وضع علامات التنصيص ولكن عند الإحالة يقال: انظر إلى..ويذكر المصدر، وهذا التفصيل هو الذي يجعل الأكادميين يفرقون في أبحاثهم بين الاقتباس الأول والثاني، أي إذا ذكر المصدر مباشرة فمعناه أن الاقتباس كان لفظيا -على لغة جمعة- وإذا قيل انظر في المصدر الفلاني فمعناه أن الاقتباس كان بالمعنى.
وعليه فاعلم -يا جمعة- أنه بالإضافة إلى الخيانة العلمية لفركوس والمتمثلة في عدم إحالته إلى المصدر في كثير من اقتباساته؛ قد ثبتت عنه خيانة أخرى لا تقل أهمية عن الأولى، وهي تلاعبه بعملية الإحالة إلى المصدر، مستغلا في ذلك ثقة قرائه به، حيث كثيرا ما يقوم بعملية اقتباس بصورة مباشرة (لفظي) غير أنه في الإحالة يكتب: انظر إلى...فيذكر المصدر، و بهذا يصوّر لقارئه أن كل ما كتبه هو من أسلوبه، وعصارة لملكته الأدبية، وهو يتوافق في المفهوم مع العلماء الذين أحال إلى كتبهم، وبما أن المقام مقام أدلة وإثبات لا مجرد دعاوى، سأبين لك يا جمعة ولأتباعك كل ما قلته عن فركوس حول المسألتين السابقتين {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}:

المسألة الحادية عشر: تعريف توحيد الربوبية
سأنقل أولا تعريف الربوبية من كتاب "الشرك في القديم والحديث"، ثم أشرح كيف تصرف فيه فركوس من سرقة وتقديم وتأخير، ثم في الأخير أنقل تعريفه!، أو بالأحرى تعريف غيره في كتابه تحفة الأنيس.
قال مؤلف الشرك في القديم والحديث (1/62-63):
"ذكر العلماء في تعريف هذا النوع من التوحيد عبارات، منها:
ماقاله ابن تيمية-رحمه الله-" فتوحيد الربوبية: أنه لا خالق إلا الله،[ فلا يستقل شيء سواه بإحداث أمرمن الأمور، بل ماشاء كان، وما لم يشأ لم يكن](1).[ مجموع الفتاوى(10/331)]
وقال ابن القيم-رحمه الله-:" فاسم الرب له الجمع الجامع لجميع المخلوقات فهو رب كل شيء وخالقه والقادر عليه،[ لا يخرج شيء عن ربوبيته، وكل من في السماوات والأرض عبد له في قبضته تحت قهره](2).[مدارج السالكين(1/34)]
وقال السفاريني:" توحيد الربوبية: أن لا خالق ولا رازق ولا محيي ولا مميت ولا موجد ولا معدم إلا الله تعالى. [لوامع الأنوار البهية(1/128-129)]
وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في تعريفه:
"هو [الإقرار بأن الله تعالى رب كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه، وأنه المحيي المميت، النافع الضار، المتفرد بإجابة الدعاء عند الاضطرار، الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله](3)، القادر على ما يشاء، ليس له في ذلك شريك، ويدخل في ذلك الإيمان بالقدر.[تيسير العزيز الحميد(17)]
فعلى هذا يكون توحيد الربوبية: هو الإقرارو [الإعتراف بأن الله تعالى وحده لا شريك له هو الخالق لجميع المخلوقات العلوية والسفلية، المرئية وغيرها، وأنه المتصرف وحده بهذا الكون، لا يشاركه فيه أحد، كما أن بيده تعالى جميع المقادير من رزق وموت وحياة وجميع أمور الخلائق](4)، وأنه إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون
...".
التعليق :
كما لاحظ القارئ، فمؤلف "الشرك في القديم والحديث" بدأ أولا بتعريف ابن تيمية، ثم جاء ثانيا بتعريف ابن القيم، ثم جاء ثالثا بتعريف السفاريني، ثم رابعا جاء بتعريف الشيخ سليمان حفيد محمد بن عبد الوهاب، ثم بعد ذلك كله، جاء بتعريفه الخاص والذي استنتجه من التعريفات السابقة، فما الذي قام به فركوس من أجل أن يعرف توحيد الربوبية؟
أخذ الفقرة المرقمة بـ (4) وهي من تعريف توحيد الربوبية لمؤلف "الشرك في القديم والحديث" وبدأ به تعريفه الخاص به!!.
ثم أخذ الفقرة المرقمة بـ (3) وهي من تعريف الشيخ سليمان، وجعلها عنده في الرتبة الثانية.
ثم أخذ الفقرة المرقمة بـ (2) وهي من تعريف ابن القيم، وجعلها عنده في الرتبة الثالثة.
ثم أخذ الفقرة المرقمة بـ (1) وهي من تعريف ابن تيمية، وجعلها عنده في الرتبة الرابعة.
وكل الفقرات أخذها كما هي بحروفها وألفاظها ولم يضف إليها كلمة واحدة فجاء تعريفه كما في تحفة الأنيس(39-40):

هو: [الإقرار بأنَّ الله تعالى وحده لا شريك له، الخالق لكلِّ المخلوقات العلوية والسفلية والمرئيَّة وغيرها، والاعتراف بأنه سبحانه وحده المتصرِّف بهذا الكون، بيده جميع المقادير من رزقٍ وموتٍ وحياةٍ وما يتعلَّق بكافَّة أمور الخلائق](4)، [فهو المحيي المميت، النافع الضارُّ، الموجِد والمُعْدِم، والمتفرِّد بإجابة الدعاء عند الاضطرار، له الأمر كلُّه، بيده الخير كلُّه](3)، [لا يخرج شيءٌ عن ربوبيته، وكلُّ من في السماوات والأرض عبدٌ له في قبضته وتحت قهره](2)، [ولا يستقلُّ شيءٌ سواه بإحداث أمرٍ من الأمور، بل ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن](1) [انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (10/ 331)، «مدارج السالكين» لابن القيِّم (1/ 34)، «تيسير العزيز الحميد» لسليمان بن عبد الله (17)]..

أقول: الترقيم هو حسب ترتيب الفقرات في كتاب "الشرك في القديم والحديث"، وبأدنى تأمل يلاحظ التطابق في الفقرات والألفاظ مع وجود اللمسة السحرية (المضللة) والهواية المفضلة لفركوس: التقديم والتأخير.
هذا هو فركوس -يا جمعة!- الذي تقدموه على أنه علامة الغرب الإسلامي، وريحانة الجزائر، الفقيه الأصولي؛ الرجل عاجز عن أن يقدم لقرائه تعريفا لتوحيد الربوبية، ولا يستطيع أن يقوم بذلك إلا عن طريق النسخ واللصق والسرقة، ينسخ عدة عبارات من غيره، ويقوم بتلصيقها وإعادة ترتيبها، ثم ينشرها للناس على أنها له، أين هي لمسة فركوس -من غير السرقة طبعا- في التعريف السابق يا جمعة؟!، أين هو تعريفه الخاص والذي فهمه من العلماء؟!، لماذا هو عاجز إلى هذه الدرجة؟!،وإذا احتكمنا إلى قواعد وأسس منهجية البحث العلمي التي تتغنى بها، كيف نحكم على ما فعله فركوس؟ أجب إن بقي فيك شيء من الإنصاف -حتى لا أقول الرجولة-.
هنا تظهر أهمية اشتراط عدم الإكثار من الاقتباس في منهجية البحث العلمي، والتي تكلمت عنها سابقا (المسألة الأولى)، وها هو فركوس يعطينا أحسن مثال لذلك، فيعرف الربوبية بكلام غيره، وينسبه إلى نفسه.
وليس هذا فقط يا جمعة، بل هناك شيء آخر يؤكد أن ريحانتكم خائن للأمانة وسارق محترف، وهو تلاعبه في عملية الإحالة إلى المصادر كما قلت عنه سابقا (المسألة الثانية)، ففركوس لما أكمل التعريف السابق قال بعدها: [انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (10/ 331)، «مدارج السالكين» لابن القيِّم (1/ 34)، «تيسير العزيز الحميد» لسليمان بن عبد الله (17)].
ولي على هذه الإحالة وقفات:
الأولى: قوله انظر...ثم ذكر المصادر، يعتبر تدليسا على القارئ إذا احتكمنا إلى قواعد البحث العلمي التي يلهج بها لسانك يا جمعة، فهذه الإحالة إذا قرأها القارئ يأخذ انطباعا أن ما كتبه فركوس هو كلامه وأسلوبه الذي أملته عليه ملكته الأدبية، وهو أيضا متوافق في الفهم مع من ذكرهم في الإحالة، وهذا كله من الغش لقرائه، فالمكتوب هو كلام من أحال إليهم؛ فكان من الأمانة العلمية أن ينسبه لهم صراحة ولا ينسبه إلى نفسه ويتظاهر بموافقتهم في الفهم.
ثانيا: لم يذكر في الإحالة الدكتور محمد زكريا مؤلف "الشرك في القديم والحديث" مع أنه أخذ منه أيضا تعريف الربوبية، بل كانت الفقرة التي أخذها منه أطول من الفقرات التي أخذها من العلماء المحال إلى مصادرهم، فكان هو الأحق والأجدر أن يشير إلى كتابه في الإحالة، وهنا عندي سؤال أوجهه لجمعة خاصة، و لكل من يدافع عن فركوس ويبرئه من سرقاته:
لماذا ذكر فركوس في الإحالة هؤلاء العلماء، ولم يذكر الدكتور محمد زكريا؟ فليخرج رجل منكم إن بقي فيكم رجال، وليجبني؟ ويبرئ فركوس مما يلي:
-أن فركوس لم يحل إلى الدكتور محمد زكريا لأنه يتعمد السرقة منه.
-أن فركوس لم يحل إلى الدكتور محمد زكريا حتى لا يقال إنه أخذ من مؤلِّف مغمور، وهذا لا يتوافق مع مستواه ووزنه الحقيقي!.
أن فركوس استغل عدم شهرة الدكتور محمد زكريا وكتابه، فنهب منه جهده وتعريفه.


انتهت هنا المسألة الحادية عشر وقد ذكرتها وأنا بصدد الرد على جمعة ومناقشته حسب قواعد البحث العلمي، وهذا الرابط للصور الموضحة لهذه المسألة:



وها أنا أضيف لك يا جمعة مسألة أخرى وهي:
المسألة الثانية عشر: تعريف توحيد الربوبية مختصرا.
سأذكر أولا ماذا قال الدكتور محمد زكريا في هذه المسألة، ثم أشرح كيف قام الريحانة بنهبها، ثم أكتب عبارته في تحفة الأنيس.
قال في "الشرك في القديم والحديث"(1/64-65):
"ويمكن أن يعرف هذا التوحيد بعبارة مختصرة وهي كما قال ابن القيم: [هو إفراد االله تعالى بالخلق والحكم](1).
[فقوله:(إفراد الله بالخلق) يشمل: الخلق الأول، وهو ابتداء خلق الناس وغيرهم، والخلق الثاني: هو البعث كما قال تعالى: {بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ}، وهذه كلها من خصائص الربوبية.](2)
[وقوله: (إفراد بالحكم) يشمل](3): [الحكم بنفعهم وضرهم، وتدبير أمورهم، ورزقهم](4)، فالله عز وجل هو النافع الضار، وهو المدبر للأمر والقاضي به، وهو الرازق. [فهذا حكمه القدري والكوني](5).[ وهو ما يقضي الله به تقديرا وخلقا.](6)
[وهكذا يشمل حكمه الشرعي: وهو ما يقضي الله به شرعا، فجميع أحكام الله الشرعية في خلقه من مقتضيات ربوبيته](7)، وهو الذي له الحكم، قال تعالى:{ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَكَذَّبْتُم بِهِ مَا عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}. وقال عليه الصلاة والسلام :" إن الله هو الحكم و إليه الحكم"](7)، انتهى هنا ما قاله الدكتور محمد زكريا في اختصاره لتعريف توحيد الربوبية، إلا أنه أضاف في الهامش تعليقا على قوله:"فجميع أحكام الله الشرعية في خلقه من مقتضيات ربوبيته"، قال معلقا على الكلام السابق" [أما إذا أريد بالحكم: الحكم الشرعي من حيث امتثال العبد به متفردا به سبحانه فهو من توحيد العبادة"](8)".

هذا كل ما قاله محمد زكريا في اختصاره لتعريف توحيد الربوبية، وقد لاحظ القارئ أنه نقل تعريف ابن القيم المختصر لتوحيد الربوبية، ثم قام بشرحه، ثم أضاف في الهامش تعليقا على كلامه.
ننتقل الآن إلى ما فعله فركوس:
قام أولا بالسطو على تعريف ابن القيم المختصر لتوحيد الربوبية، ونسبه لنفسه ولم ينسبه إلى ابن القيم.
ثم قام بسرقة شرح الدكتور محمد زكريا لتعريف ابن القيم، ونسبه لنفسه أيضا، ولم ينسبه للدكتور محمد زكريا.
ثم سرق كلام الدكتور محمد زكريا الذي علق به في الهامش، وأدمجه مع أصله حتى بدا وكأنه من عبارة واحدة، ونسب كل كذلك لنفسه، ولم يذكر الدكتور محمد زكريا لا من قريب ولا من بعيد،
 وهذا هو كلام فركوس الذي سرقه كما هو موجود في تحفة الأنيس، قال(40-41):
"[ويمكن اختصار تعريف توحيد الربوبية بأنه «إفراد الله تعالى بالخلق والحكم»](1)، فكلاهما من خصائص الربوبية ومقتضياتها:
[ فالخلق يشمل الخلق الأوَّل أي: ابتداء خلق جميع الخلائق والناس، والخلق الثاني:
وهو البعث، كما قال تعالى: 
بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} [ق: 15]، وهذا
يندرج في خصائص ربوبيَّته](2).
- [والحكم يشمل](3): [حكم الله القدري والكوني](5)، [فهو حكمه سبحانه بالنفع والضرر والرزق والتدبير ونحو ذلك](4)[ ممَّا يقضي الله به تقديرًا وخلق.](6)
-[ كما يشمل -أيضًا- حكمه الشرعي، وهو ما يقضي الله به شرعًا، فجميع أحكام الله الشرعية من مقتضيات ربوبيَّته.
وذلك مثل قوله تعالى: 
{إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ للهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ} [الأنعام: 57]، وقوله تعالى:{قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ[الأنبياء: 112]، وقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «إِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الحُكْمُ» [أخرجه أبو داود في «الأدب» (5/ 240) باب في تغيير الاسم القبيح، والنسائي في «آداب القضاة» (8/ 226) باب: إذا حكَّموا رجلاً فقضى بينهم، من حديث أبي شريحٍ رضي الله عنه، والحديث صحَّحه الألباني في «إرواء الغليل» برقم (2615)]](7)، [وهذا غير الحكم الشرعيِّ الدينيِّ من جهة امتثال العبد به -عمليا- خالصًا لله تعالى، فإنَّ هذا من توحيد الألوهية والعبادة](8)".
التعليق:
فركوس ما عدا:
-تقديمه للفقرة الخامسة وجعلها عنده في المرتبة الرابعة.
-وتخريجه للحديث بعد أن ذكره عكس الدكتور محمد زكريا الذي قام بتخريجه في الهامش، ولعل ما فعله فركوس كان مقصودا ليزيد في التمويه والتضليل.
-وذكره للشاهد من الآية عكس محمد زكريا الذي ذكر الآية كلها.
ماعدا ماسبق، كل ما كتبه فركوس هو مطابق تماما لما كتبه الدكتور محمد زكريا، وهذا ما سميته يا جمعة بالاقتباس اللفظي، لكن فركوس نسب كل ذلك إليه ولم ينسب كلمة واحدة إلى الدكتور محمد زكريا، فما رأيك الآن؟ وما حكم ما فعله فركوس إذا احتكمنا إلى قواعد ومنهجية البحث العلمي؟!. وهل ستجيب عن أسئلتي يا جمعة؟، أم ستدس رأسك في التراب؟.
وهذا رابط الصور المتعلقة بهذه المسألة


أما الأبواق فلم يختلفوا عن شيوخهم في الغمغمة والتضليل، والخوف من مباشرة المسائل المنتقدة على ريحانتهم، فلا ترى كلامهم إلا في التعريفات والتقسيمات والحدود، ومن عجائبهم -وكم هي كثيرة- أن بعض تعريفاتهم تدين الريحانة، والظاهر أنهم يدركون ذلك، ولهذا لا يتكلمون بالتفصيل عن المسائل المنتقدة، ولايسقطونها ألبتة على تعريفاتهم وتقسيماتهم.
ومن بين هؤلاء يوسف أورابية، وهو طالب بالجامعة الإسلامية كما ذكر ذلك عن نفسه، هذا الطالب المسكين ظن أنه يستطيع أن يفعل مالم يفعله شيوخه، فتشجع وكتب مقالا -وياليته لم يفعل- فند فيه -بزعمه طبعا- شبهة السرقات العلمية عن فركوس وبرأه منها، لكن من قرأ مقاله وتأمل فيه، يدرك أن الرجل كان حاله في هذا المقال كحال الباحث عن حتفه، فبعض تعريفاته للسرقات تنتطبق تماما على الريحانة -كما سيأتي- وإن حاول إثبات عكس ذلك.
وما كنت لأعلق على مقاله لولا تعليق لزهر سنيقرة عليه، الذي تنفس الصعداء بعدما ظهر بطل! كتب مقالا يدفع به شبهة السرقات العلمية عن تاج رأسه.
بدأ هذا الطالب مقاله بمقدمة ملأها سبا وشتما وإلقاء التهم جزافا، بعدها قام بتعريف التأليف والسرقات العلمية عند الأكادميين، وقد ذكر في تلك التعريفات ما لا أخالفه فيه، أو على الأقل لا أخالفه في غالبه، ثم قال بعدها:
"وبناءً على هذا التعريفِ وما وضَّحناه مِنْ طُرُق النَّقل المقرَّرة في منهجيَّة كتابة البحوث الأكاديميَّة، وبعد تمحيص النظر في المؤاخذات المزعومة للمفتري ، يظهر ـ جليًّا ـ أنَّ الشيخ ـ حفظه الله ـ بعيدٌ كُلَّ البُعدِ عن السرقات العلميَّة ومفهومها وطُرُقها، وبريءٌ كُلَّ البراءة مِنْ تهمة المفتري ـ هَدَاهُ الله ـ، إذ الشيخ ـ حفظه الله ـ ما عَزَا الكلامَ إلى نفسه تصريحًا ولا ضِمنًا حتَّى يُفهَم منه أنه مِنْ نتاجه واجتهاده؛ كلَّا، وإنما عَزَاه إلى مصادر الواسطة بعد رجوعه إليها، واستغنى عن الواسطة طلبًا للعلوِّ في الأخذ بالمصدر الأوَّل المأخوذ منه ، ودليلُ الرجوع إلى مصادر الواسطة هذه: تغايُرُ الطبعات التي تخالف طبعةَ الواسطة؛ لذلك نقل الشيخ ـ حفظه الله ـ الكلامَ مِن أصل قائله الأوَّل مع الزيادة في العبارة، مُستغنِيًا عن الواسطة، وباعترافٍ مناسبٍ للمقام صدقًا وعدلًا وبالأمانة العلمية، ولم يَعْزُ ذلك إلى نفسه ـ ألبتَّةَ ـ تحقيقًا لعلوِّ المصدر".
ولي على الكلام السابق عدة وقفات:
الأولى:
بما أنك تعترف بوجود واسطة -وهو كتاب الشرك في القديم والحديث- يستفيد منها فركوس وينقل منها، أخبرنا -إذاً- لماذا يخفي ذلك عن قرائه؟ ولماذا لم يذكر تلك الواسطة ألبتة؟، رغم كثرة المسائل التي أخذها منها.
الوقفة الثانية:

قولك "وإنما عَزَاه إلى مصادر الواسطة بعد رجوعه إليها، واستغنى عن الواسطة طلبًا للعلوِّ في الأخذ بالمصدر الأوَّل المأخوذ منه"، فيه تدليس لا أستغربه من مدافع عن الباطل وناصر له، فهذا الكلام يوحي أنني ما انتقدت على فركوس إلا ما سرقه من نقولات عن العلماء، وهذا كذب ظاهر، لأن ذلك لا ينطبق إلا على المسألة السادسة فقط -باعتبار أنك تنتقدني على المقال الأول-، أما المسائل الأخرى فهي سرقة للفقرات والعبارات والمسائل وتحريراتها من كتاب الشرك في القديم والحديث، ولا علاقة لها بالنقولات عن العلماء.
الوقفة الثالثة:

لا نسلم لك إطلاقك أن كل من استغنى عن الواسطة وعزى الكلام إلى مصدره الأصلي فهو بريء من السرقة العلمية، لاسيما إذا كان السارق أخذ مع تلك النقولات المسألة وتحريرها، و لهذا كان الألباني رحمه الله يصف كل من أخذ مجهوده في التخريج وتتبع طرق الحديث ولم يحل إليه بـ "السارق"، وإن كان هذا السارق يقوم بتخريج الحديث من مصادره الأصلية كما تقتضيه قواعد التخريج، وهنا أجد نفسي مضطرا لأنقل كلامه في هذا الباب لفائدته أولا، ولنعرف ثانيا من هو الذي يتقدم بين يدي العلماء، ولا يبالي بما قرروه وبينوه.
قال رحمه الله في كتابه "النصيحة" (13-14):
"وأمّا ثالثُ فواقِر هذا (الهدَّام): فإنَّهُ حين يتتبَّعُ طُرق الحديث الذي خطّط لتضعيفه، ويُخَرِّجها- عازياً إلى المصادر بأرقام أجزائها وصفحاتها-: يتظاهرُ أن ذلك من كدِّه واستخراجِه منها! وإنَّما هو-حقيقةً- ممن تقدَّمه من المُخَرِّجين من السابقين أو اللاحقين، وقد يضيف شيئا جديدا- مصدرا، أو رقما- ستراً لسرقته ، ولكن الأمر كما قيل:" من أسرَّ سريرةً ألبَسَه الله رداءها " وكما قال الشاعر:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة *** وإن خالها تخفى على الناس تُعلم"
وأقول تبعا للشيخ الألباني:
إن فركوسا حين يتتبع أقوال العلماء لمسألة ما، ويعزوها إلى المصادر بأرقام أجزائها وصفحاتها-: يتظاهر أن ذلك من كدّه واستخراجه منها!، وإنما هو -حقيقة- ممن تقدمه من المؤلفين من السابقين أو اللاحقين، وقد يضيف شيئا جديدا - مصدرا، أو رقما- سترا لسرقته، ولكن الأمر كما قيل: "من أسرَّ سريرةً ألبَسَه الله رداءها" وكما قال الشاعر:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة *** وإن خالها تخفى على الناس تُعلم.
وليس لي كلام آخر حول هذه المسألة والله أعلم.


قال المعترض هداه الله "ومِنْ عجيبِ ما يُلاحَظ ـ في هذا المَقام ـ أنَّ المفتريَ ـ أصلحه الله ـ لمَّا عدَّد أصناف السرقات العلمية الخمسة ـ بزعمه ـ لم يُوافِقْ ـ ولا في واحدةٍ مِنْ تلك الأنواعِ ـ التعريفَ الصحيح للسرقة العلمية التي قرَّرها العلماء، أي: النقل الحرفي لكلام الغير دون عزوه، فإنه يذكر في كُلٍّ منها التصرُّفَ بالتغيير أو التقديم والتأخير أو الزيادة والنقصان، إلخ؛ بغيةً منه أَنْ يسيطر على عقول الناس ويُوجِّهَها إلى المفهوم الغلط للسرقات العلميَّة ليسرِّب شُبهَتَه، فيقال له: أَثبِتِ العرشَ ثمَّ انقُشْ، حيث قال ابنُ العثيمين ـ رحمه الله ـ: «أحيانًا تجد الكاتبَ الذي كَتَب هذا المنسك، نجده نَقَل العبارةَ برُمَّتِها وشكلِها ونقطها وإعرابها مِنْ كتابٍ آخَرَ، ولا يقول: قال فلانٌ في الكتاب الفلاني؛ فقَدْ سَرَق»(14)؛ فنصُّ كلام العلَّامة ـ رحمه الله ـ ومفهومُه يردَّان على المفتري؛ أمَّا مِنْ حيث النصُّ فقَدِ اشترط ـ رحمه الله ـ الحرفيَّةَ في النقل، بالشكل والتنقيط والإعراب، وأمَّا مِنْ حيث المفهومُ فإنَّ هذه العبارةَ يُفهَم منها بمفهوم المخالفة أنه إذا لم يكن النقلُ على الأوصاف المذكورة في الحرفيَّة فلا يُعَدُّ سرقةً علميَّةً، وبهذا تتهافتُ كُلُّ المسائل التي نقَلَها وبنَاها على تعريفٍ وضَعَه مِن عنده ليخدم افتراءاتِه، هذا مِنْ جهةٍ."
التعليق: مهلا يا فضيلة الطالب!،قبل أن تنتقل إلى جهة آخرى، فالأمر ليس بهذه السهولة حتى يسلم لك قولك "وبهذا تتهافتُ كُلُّ المسائل التي نقَلَها وبنَاها على تعريفٍ وضَعَه مِن عنده ليخدم افتراءاتِه".
أتظن الناس كلهم مثل لزهر سنيقرة يصفقون في كل الأحوال سواء فهموا أم لم يفهموا!، أو قرأوا أم لم يقرأوا!!، مهلا يا حضرة الكاتب! فثرثرتك السابقة -وإن صفق لها لزهر بتعليقه، وزخرفتها بكلام الأصوليين- فهي لا تعدو أن تكون إلا خربشة لا ترتقي إلى كلام علمي ترد به ما أثبتناه من سرقات في حق فركوس. وردا على كل كلامك السابق أقول:
أولا:

في المقال الذي تنتقدني فيه -وهو المقال الأول- لم أذكر ألبتة أصناف أو أنواع السرقات العلمية، ولكني ذكرت طريقة فركوس في السرقة والنهب، فعددت خمسة طرق ينتهجها فركوس في سرقاته، فقولك: "ومِنْ عجيبِ ما يُلاحَظ ـ في هذا المَقام ـ أنَّ المفتريَ ـ أصلحه الله ـ لمَّا عدَّد أصناف السرقات العلمية الخمسة" هو من أشد الافتراءات علي، فعليك أن تتأمل من هو المفتري، وصدق من قال: رمتني بدائها وانسلت.
ثانيا:
أقول تعليقا على قولك "التعريفَ الصحيح للسرقة العلمية التي قرَّرها العلماء، أي: النقل الحرفي لكلام الغير دون عزوه".
لقد سعيت جاهدا -وأنا العبد الضعيف- بحثا وسؤالا لأظفر بتعريف جامع للسرقات العلمية ولو من عالم واحد على الأقل، فلم أوفق إلى ذلك، اللهم إلا ما وجدته عند السيوطي -رحمه الله- من أنواع السرقات وهي ثلاثة أنواع وليست خمسة كما افتريته علي، ولهذا سأكون لك من الشاكرين إن ذكرت لي من هم العلماء الذين عرفوا السرقات بذلك التعريف الذي ذكرته عنهم؟ وأرجو أن يكون ذلك معزوا إلى مصادره الأصلية! حتى لا يقال أنك تفتري على العلماء! ونضع لك قاموسا لافتراءاتك.
ثالثا:

قلت:"قال ابنُ العثيمين ـ رحمه الله ـ: «أحيانًا تجد الكاتبَ الذي كَتَب هذا المنسك، نجده نَقَل العبارةَ برُمَّتِها وشكلِها ونقطها وإعرابها مِنْ كتابٍ آخَرَ، ولا يقول: قال فلانٌ في الكتاب الفلاني؛ فقَدْ سَرَق»(14)؛ فنصُّ كلام العلَّامة ـ رحمه الله ـ ومفهومُه يردَّان على المفتري؛ أمَّا مِنْ حيث النصُّ فقَدِ اشترط ـ رحمه الله ـ الحرفيَّةَ في النقل، بالشكل والتنقيط والإعراب، وأمَّا مِنْ حيث المفهومُ فإنَّ هذه العبارةَ يُفهَم منها بمفهوم المخالفة أنه إذا لم يكن النقلُ على الأوصاف المذكورة في الحرفيَّة فلا يُعَدُّ سرقةً علميَّةً".
أقول:
أولا:

قال فركوس في كتابه "الفتح المأمول" (127) -ولا أدري إن كان كلامه أو كلام غيره-: "من موانع العمل بالمفهوم أن يكون المنطوق ذُكر لمطابقة الواقع، أو يكون المقصود من القيد المبالغة في التنفير" ومن تأمل منطوق كلام ابن عثيمين السابق يدرك أنه جاء لتصوير واقع، كما أنه يقصد بكلامه المبالغة، وعليه لا يحتج بالمفهوم في هذه الحالة إلا رجل تشبع بما لم يعط.
ثانيا:
نوع مفهوم المخالفة المقصود في كلامك -ولا أدري إن كنت تعرف ذلك- هو مفهوم الشرط بما أنك تتكلم عن وجود شرط في المنطوق، وقد قال فركوس في "الفتح المأمول"(122-123) -ولا أدري إن كان كلامه أو كلام غيره-:
"والمراد بالشرط في المفهوم: هو الشرط اللغوي دون الشرعي والعقلي، وهو ما كان الحكم فيه معلقا على شيء بكلمة" إن " وما في معناها ، فهل ينتفي الحكم بانتفاء ذلك الشيء أم لا؟".
وقال في تعريف الشرط اللغوي(50-51) : "وهو الذي يظهر فيه معنى الشرط بأدواته مثل" إن" وما معناها، و"لو" و" إذا"، كقوله: إن دخلتِ الدار فأنتِ طالق".
وعليه أقول للمعترض: أين هي أدوات الشرط في منطوق كلام ابن عثيمين والتي جعلتك تنسب إليه أنه يشترط الحَرفية في النقل بالشكل والتنقيط والإعراب؟، الجواب: نتركه للقارئ اللبيب.

إذًا، لا وجود لأي شرط في كلام ابن عثيمين، وعليه لا وجود أيضا لمفهوم الشرط (مفهوم المخالفة) كما هو ظاهر، وإنما الشرط والمفهوم موجود في فهمك السقيم وفي فهم من صفق لك كلزهر سنيقرة وباقي أعضاء المنتدى هدانا الله وإياهم، وأخيرا هنيئا لك افتراءك على ابن عثيمين، الذي نسبت له ما لم يخطر على باله.
هذا، وليعلم أنني تعمدت أن أستشهد بأقوال فركوس دون غيره، حتى أثبت أن هؤلاء ما جعلوا الريحانة إماما لهم إلا من أجل الافتخار به وتشجيعه على طريقة "تحيا الشيخ فركوس"، أما أن يستفيدوا منه! فلعله لم يخطر لهم على بال، وهذا المعترض من أحسن الأمثلة وأفضلها، وقد قال في مقاله: "مؤلَّفات الشيخ ـ حفظه الله ـ العلميَّة وتصانيفه النافعة التي وَجَد فيها طُلَّابُ العلم الصادقون بُغيَتَهم، فاعتنَوْا بها قراءةً !وحفظًا !!ومدارسةً!!!".
أقول:
أغثيتم نفوسنا بتملقكم، أغثى الله نفوسكم، وإن كنتم لا تستفيدون من علم ريحانتكم الذي تخصص فيه، فلماذا تستفيدون منه في علم هو ضعيف فيه؟!!.

ثالثا:

هب جدلا أن ما قلته صحيح، وأن ابن عثيمين يشترط للسرقة: "الحَرفيَّةَ في النقل، بالشكل والتنقيط والإعراب"، هل هذا يبرئ ريحانتكم من السرقة؟ كلا وألف كلا، ولقد نقلت عنه على هذا الشرط عدة فقرات، منها فقرتان في المسألة الرابعة سرقهما ممن سميته الواسطة، وكل المسألة الخامسة التي هي من أكبر مهازله، وقد قسمتها إلى اثنتي عشر فقرة سرقها كلها ريحانتكم أيضا ممن سميته الواسطة، وأنت تعلم ذلك وتخفيه، لأنك رأيت ذلك بعينيك بما أنك كتبت مقالك -كما قلت- "بعد تمحيص النظر في المؤاخذات المزعومة للمفتري"، وعليه لا أجد لك من تعليق على قولك: "يظهر ـ جليًّا ـ أنَّ الشيخ ـ حفظه الله ـ بعيدٌ كُلَّ البُعدِ عن السرقات العلميَّة ومفهومها وطُرُقها، وبريءٌ كُلَّ البراءة مِنْ تهمة المفتري ـ هَدَاهُ الله ـ، إذ الشيخ ـ حفظه الله ـ ما عَزَا الكلامَ إلى نفسه تصريحًا ولا ضِمنًا حتَّى يُفهَم منه أنه مِنْ نتاجه واجتهاده؛ كلَّا، وإنما عَزَاه إلى مصادر الواسطة بعد رجوعه إليها، واستغنى عن الواسطة طلبًا للعلوِّ في الأخذ بالمصدر الأوَّل المأخوذ منه" قلت: لا أجد لك من تعليق إلا تذكيرك بقوله تعالى: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} وقوله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت".

أما المعترض الرابع فهو صاحبُ بُرقعٍ، كتب مقالا من ثلاث حلقات! في منتديات المطة بعنوان "أحشفا وسوء كيلة"، وقد تأملت فيما كتبه فوجدته لا يختلف عن سابقيه في الجبن، لأنه تحاشى مناقشة المسائل بالتفصيل، ولجأ إلى التعميم والتعتيم ككل مبطل أثيم، ولست هنا لأرد على كل مقاله، ولكني هنا لألزمه بتأصيلاته وتقعيداته التي اختارها في مقاله، حتى أبين أن القوم لا يهتمون لا بالتأصيلات ولا بالقواعد، وإن كانوا هم من قررها وأسسها، فالقوم أخس من الحدادية كما قال الشيخ ربيع حفظه الله.
ذهب هذا المبرقع في مقاله إلى أن نقل فقرة من مؤلف وعدم العزو إليها يعتبر سرقة علمية، مخالفا في ذلك ما ذهبت إليه في مقالي "دفع تهمة السرقات العلمية عن الشيخ رضا وبعض إخوانه" وقد كنت بررت هناك سبب اختياري بأمرين:
الأول: أن السيوطي حصر السرقات العلمية في ثلاث أنواع: سرقة الحديث، سرقة التصانيف، وسرقة الشعر.
الثاني: أن بعض العلماء -وقد ذكرتهم وهم: السيوطي وحسن صديق خان وابن أبي العز- قد قاموا بذلك، ومع ذلك لم نقف على من أنكر عليهم رغم انتشار كتبهم التي فعلوا فيها ذلك.
قال المبرقع معترضا:"وللعلماء المعاصرين في تَخْرِيجِ فِعْلِهم (يقصد العلماء الذين استشهدت بأفعالهم) من النَّقل دُونَ عَزْوٍ مَنْحَيَان، وكِلَاهُمَا مؤدَّاهُ إلى عدم تَسْوِيغِ مثل هذا العمل في عصرنا والقياسِ عليهِ، إمَّا على الاعْتِذَار لمن فَعَلَهُ منهم، وإمَّا أنَّه عُرفٌ عُملَ به في حينه، وانتهَى بزوال أهله الذين تَعَارفُوا عليه، وما استجدَّ من نُظُمٍ أكاديمية مُعْتَرفٍ بها عند القاصي والدَّاني في شأنِ تحتُّم العَزْوِ وتَركِ إغْفالِهِ، وعَدِّهِ من الحُقوق المعنويَّة المملوكة لأصحابها ليس لمنكرهِ حُجَّةٌ ألبتَّةَ".
أقول: إذًا، تماشيا مع مذهبك في أن من نقل فقرة دون عزوها إلى صاحبها تعتبر سرقة علمية، سأذهب مباشرة إلى الهدف ولا أكثر الثرثرة كما فعلتَ أنت فأقول:
أولا: في المسألة الرابعة نقل فركوس عبارات بلفظها ومن كتاب "الشرك في القديم والحديث" ولم ينسبها إليه، فماذا تعتبر ذلك؟.
ثانيا: المسألة الخامسة -وهي من أكبر فضائح فركوس- نقل فيها فركوس عبارات كثيرة من كتاب "الشرك في القديم والحديث" وقد ذكرتُها بالتفصيل، ورغم طول هذه المسألة لم يكن لفركوس فيها إلا بضع كلمات، فماذا تسمي هذا الفعل انطلاقا من تأصيلاتك؟ ولماذا لا تباشر أنت وكل المعترضين مثل هذه المسائل وتعترضونها بالتفصيل؟ أليس هذا من كتمان الحق؟.
ثالثا: المسألة السابعة والثامنة أخذ فقرات من كتاب نواقض الإيمان ولم ينسبها إلى صاحبها، ماذا تسمي ذلك؟.
رابعا: في المسألة التاسعة أخذ عبارات لابن كثير ومحمد بن إبراهيم ومحمد بن عبد الوهاب ولم ينسب كلمة إليهم بل نسب ذلك لنفسه، فماذا تسمي ذلك؟.
خامسا: في المسألة الحادية عشر والثانية عشر وهما في هذه الحلقة، أخذ عبارات مؤلف كتاب "الشرك في القديم والحديث" ولم ينسبها إليه، فماذا تسمي ذلك؟.
سادسا: أنقل لك الآن كلاما طويلا لفركوس متكونا من صفحتين كتبت بكتابة حجمها صغيرا، تتكون من عدة عبارات أخذها فركوس من كتاب "الشرك في القديم والحديث" ولم ينسبها إليه، تمعن فيها وأخبرنا انطلاقا من تأصيلك السابق هل هذه سرقة أم لا؟، خذها وهي:

المسألة الثالثة عشر: الفرق بين مفهوم توحيد الربوبية والألوهية

قال فركوس(56-58)

"[ويعود سبب خطإ المتكلِّمين في فهم مدلول توحيد الألوهية إلى حملهم للنصوص والآثار على المصطلحات المستحدثة بعد عهد النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بعيدًا عن تخاطُب العرب وفهم السلف](1)، ونظرًا للنتائج السيِّئة المنجرَّة عن هذا الانحراف فإنَّ المقام يقتضي إقامةَ الفرق بين مفهوم توحيد الربوبية والألوهية على الجهات التالية:
• من جهة الاشتقاق : فـ [«الربُّ» و«الإله» مفهومان متغايران لغةً وشرعًا](2)، و[باختصارٍ فالربوبية مشتقَّةٌ من لفظ «الربِّ»، وقد جاءت مستعمَلةً في اللغة وفهم السلف بمعانٍ ثلاثةٍ: الأوَّل: بمعنى مالك الشيء وصاحبه، والثاني: بمعنى السيِّد المطاع، والثالث: بمعنى المصلح للشيء المدبِّر له](3)، [قال ابن القيِّم -رحمه الله- في «بدائع الفوائد» (2/ 249): «فإنَّ الربَّ هو القادر الخالق البارئ المصوِّر، الحيُّ القيُّوم، العليم السميع البصير، المحسن المنعم الجواد، المعطي المانع، الضارُّ النافع، المقدِّم المؤخِّر، الذي يُضِلُّ من يشاء ويهدي من يشاء، ويُسعد من يشاء ويُشقي من يشاء، ويُعِزُّ من يشاء ويُذِلُّ من يشاء، إلى غير ذلك من معاني ربوبيته التي له منها ما يستحقُّه من الأسماء الحسنى](4).
[بينما الألوهية مشتقَّةٌ من لفظ «الإله»، وقد جاءت مستعمَلةً في فهم السلف على كلِّ معبودٍ حقًّا كان أو باطلاً](5)، لذلك جاءت كلمة الإخلاص والتوحيد تنفي استحقاقَ المعبودات الباطلة للعبادة وتحصر استحقاقَ العبادة لله تعالى، [قال ابن تيمية -رحمه الله- في «مجموع الفتاوى» (10/ 249): «فإنَّ الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحقُّ أن يُعْبَد، وكونه يستحقُّ أن يُعْبَد هو بما اتَّصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوبَ غايةَ الحبِّ المخضوعَ له غايةَ الخضوع»](6)، [وقال ابن القيِّم -رحمه الله- في «إغاثة اللهفان» (1/ 27): «فإنَّ الإله هو الذى تألهه القلوب: محبَّةً وإنابةً وإجلالاً وإكرامًا وتعظيمًا وذلاًّ وخضوعًا وخوفًا ورجاءً وتوكُّلاً» وانظر: «مدارج السالكين» لابن القيِّم (1/ 32)](7).
وعليه يظهر أنَّ الربَّ والإله كلمتان متغايرتان في مفهومَيْهما، فحملُ معنى «الإله» على القادر على الاختراع أو نحوه من معاني الربِّ هو قولٌ مبتدَعٌ في اللغة والشرع.
•[ من جهة المدلول: فمدلول توحيد الربوبية علميٌّ اعتقاديٌّ، بينما مدلول توحيد الألوهية عمليٌّ طلبيٌّ، والعمليُّ متضمِّنٌ للعلمي](8)،[ لذلك كان توحيد الربوبية جزءًا من معنى توحيد الألوهية](9)، [وتوحيدُ الألوهية خارجٌ عن مدلول توحيد الربوبية](10)، [ولا يتحقَّق التوحيد إلاَّ بتوحيد الألوهية والعبادة.](11).
•[ جهة الالتزام والتضمُّن فإنَّ توحيد الربوبية يستلزم توحيد الألوهية الخارجَ عنه ولا يتحقَّق إلاَّ به، بينما توحيد الألوهية والعبادة يتضمَّن توحيد الربوبية لكونه جزءًا من معناه](12).
•[ من جهة التعلُّق: فمتعلَّقات الربوبية الأمورُ الكونية كالخلق والتدبير والتصوير والإنعام والرزق والإحياء والإماتة وغيرها من معاني الربوبية، ومتعلَّقات توحيد الألوهية الأوامرُ والنواهي](13)، [فإذا علم العبد أنَّ الله ربُّه لا شريك له في أسمائه وخلقه وصفاته فإنَّ ذلك يستلزم أن يعمل على عبادته وطاعته بامتثال الأوامر واجتناب النواهي](14)
".

التعليق: ما قام به فركوس في الكلام السابق من مهازله التي لا تنتهي وإليك ما فعل:
أخذ الفقرة الأولى (1) من الصفحة (46)
ثم قفز إلى الصفحة (100) وأخذ الفقرة الثانية (2)
رجع إلى الصفحة (84) وأخذ الفقرة الثالثة (3)
ثم رجع إلى الصفحة (60) وأخذ الفقرة (4) وهي كلام لابن القيم وقد عزاه إليه،ولكن هذا لا ينفي أنه أخذه جاهزا ولم يستخرجه بعد بحث من مصدره كما يعتقد قراءه.
رجع إلى الصفحة (50) وأخذ الفقرة (5)
ثم قفز إلى الصفحة (57) و (58) أخذا منهما نقلين عن ابن تيمية وابن القيم على الترتيب وعزاهما إليهما، والتعليق عليهما هو نفس التعليق على الفقرة الرابعة.
ثم قفز إلى الصفحة (99) وأخذ الفقرة (8) و(9) مع تقديم لواحدة وتأخير لأخرى.
ثم ذهب للصفحة (100) وأخذ الفقرة (10) و(11) و(12) مع استعمال التقديم والتأخير بين الفقرات.
وهنا رابط الصور الذي يوضح عملية السرقة

هذا هو فركوس وهذه طريقته في السرقة، فما هو قولك الآن، فإن كنت رجلا، فانزع البرقع (لعجار) وأجب عن هذه المسألة والمسائل التي ألزمتك بها قبلها، وإلا فاجلس في بيتك مثل النساء، ولا تظهر مرة أخرى في ميدان الرجال، ميدان الشرف والعزة لا ميدان العار والخسة.

أما انتقادك لأخطائي اللغوية فأقول: أعترف بتقصيري وأسأل الله أن يعلمني ما جهلت، فكان ماذا؟ هل ينقلب بهذا الحق فيصبح باطلا، أو تنقلب السرقة فتصبح أمانة، أو ينقلب الصدق فيصبح كذبا أو العكس.
ثم إن كنت صادقا في انتقادك لي في هذا الباب: ألم يكن الأولى لك أن تنذر عشيرتك الأقربين من المفرقة امتثالا لقول الله تعالى {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}الشعراء (214)، لاسيما وقد ظهر فيها بطل للتاءات، قيل عنه إن العجائز تنافسه في كيفية كتابتها، مفتوحة أو مربوطة مثل: زوجت والصحيح زوجة، بل وتنافسه في وجودها وعدمها مثل: جمادة والصحيح جمادى.
بل أقول لك أن الأمر مستفحل في الرؤوس، وكلنا يتذكر تأديب الشيخ خالد حمودة للفتان جمعة في هذا الباب، وما كان حمودة أن يفعل ذلك لو أن جمعة لم يتكلم في هذا الموضوع، ومن الطرائف التي انتقدها حمودة عليه، أنه نسب أنفا واحدة لحمودة ومرابط فقال: "وأبيتما إلا أن تحشرا أنفكما"، قال حمودة معلقا: "هذا غلط قبيح، فليس لي ولمحمد أنف واحدة حتى يقول أنفكما..."، إلى باقي تعليقه،
وأما لزهر في هذا الباب فحدث ولا حرج، فالرجل بطل هذه الأخطاء بلا منازل، والكل يعرف ذلك، الموافق والمخالف، وكم من مرة -وهذا من الأمثلة- انتقدت عليه كتابة ابن بهمزة قطع (إبن) ومع ذلك لاحياة....، فهو يصر على خطئه، وأكاد أجزم أنه لا يفرق بينهما، وإلا فما سبب هذا الإصرار؟.
وبين يدي الآن كتابة له في الواتس أنقلها لك لأثبت لك أن هذا الأمر متفشي في شيوخكم.
قال لزهر: "الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
إلتقيت
 (والصحيح التقيت) في هذه العشر الأواخر من رمضان في الحرم المكي بالأخ ماهر القحطاني وفقه الله وقد عاتبني على نقل لتحذير الشيخ عبيد حفظه الله والبخاري منه وكان محقا في عتابه لأني كنت مقلدا في هذا التحذير أما الآن فإني لا أقلد أحدا بعدما استفدنا من شيخنا ربيع حفظه الله في رده على شيخنا محمد بن هادي حفظه الله بحجة عدم وجود الأدلة التي تدين أولائك الصعافقة (أما نحن ولله الحمد فقد تبينت لنا الأدلة التي تدينهم)، لذى (الصحيح لذا) اعتذرت من الأخ ماهر وقبل اعتذاري جزاه الله خيرا وأسأل الله أن يوفقني وإياه لنصرة هذه الدعوة والذب عن شيوخها وعلمائها.
فكل من سمع تحذيري السابق فلا يعول عليه وليضرب به عرض الحائط.
وكتبه بمكة المكرمة أبو عبد الله أزهر سنيقرة، ليلة التاسع والعشرون 
(الصحيح عشرين) من رمضان1440 من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم". انتهى كلامه.
ها أنا أضع بين يديك أخطاء المشرف عليك في المنتدى الذي تكتب فيه، فهل ياترى ستلزمه بما ألزمتني، أو سترضى بإشرافه ورأسك في التراب.


انتهى هنا المقال الأول لسرقات فركوس، وقد كان متعلقا بسرقاته في كتابه تحفة الأنيس، مع العلم أني لم أستوعب فيه كل السرقات من كتاب "الشرك في القديم والحديث" ولا من غيره أيضا، واكتفيت بما نقلته وهو كافٍ إن شاء الله لكل متحرٍ للحق، أما المتعصب فلا يكفيه ألف دليل كما قال الشيخ الألباني رحمه الله.
هذا، وسيكون لي مقال ثاني إن شاء الله، أكشف فيه سرقات فركوس في كتاب آخر، هو في علم قيل عن فركوس إنه من فرسانه، فبحول الله سأجلي الغبار، وننظر هل تحت الريحانة فرس أم حمار.


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق