السبت، 6 يوليو 2024

المصافحة بعد السلام من الصلاة

 المصافحة بعد السلام من الصلاة


اختلف العلماء في المصافحة بعد الصلاة، فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه: وقد اختلف فقهاء المذاهب في حكم المصافحة عقب الصلوات وبخاصة صلاتي العصر والصبح ويظهر من عباراتهم أن فيها ثلاثة أقوال: قول بالاستحباب، وآخر بالإباحة، وثالث بالكراهة.)
قال ابن الحاج في المدخل: وينبغي له- أي لإمام المسجد- أن يمنع ما أحدثوه من المصافحة بعد صلاة الصبح وصلاة العصر، وبعد صلاة الجمعة، بل زاد بعضهم في هذا الوقت فعل ذلك بعد الصلوات الخمس، وذلك كله من البدع. والمصافحة في الشرع إنما تكون عند لقاء المسلم لأخيه، لا في أدبار الصلوات فينهى عن ذلك ويزجر صاحبه لما أتى من خلاف السنة) (انظر ص 84 ج 2 مدخل (المصافحة عقب الصلوات).
قال السفاريني الحنبلي (1188): (الثاني) سئل شيخ الإسلام ابن تيمية - أغدق الله الرحمة على روحه الزكية - عن المصافحة بعد العصر والفجر هل هي سنة مستحبة أم لا؟
أجاب - رضي الله عنه - بقوله: أما المصافحة عقب الصلاة فبدعة لم يفعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يستحبها أحد من العلماء انتهى.) كتاب غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
قوله ـ رحمه الله ـ: (ولم يستحبها أحد من العلماء)
أجيب بما جاء عن العز بن السلام وأما القول بالإباحة فقد ذهب إليه العز بن عبد السلام (660) من الشافعية، حيث قسم البدع إلى خمسة أقسام: واجبة ومحرمة ومكروهة ومستحبة ومباحة، ثم قال: وللبدع المباحة أمثلة منها المصافحة عقيب الصبح والعصر)الموسوعة الكويتية
وكذا ما ذكره الإمام النووي [ ت 676 هـ ] في " المجموع " أن مصافحة من كان معه قبل الصلاة مباحة ، ومصافحة من لم يكن معه قبل الصلاة سُنَّة.)
وقال في " الأذكار " : " واعلم أن هذه المصافحة مستحبة عند كل لقاء ، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه ، ولكن لا بأس به ؛ فإن أصل المصافحة سُنَّة ، وكونُهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفرَّطوا فيها في كثير من الأحوال أو أكثرها لا يُخْرِجُ ذلك البعضَ عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها "
قال السفاريني الحنبلي (1188) أيضا: قلت: وظاهر كلام ابن عبد السلام من الشافعية أنها بدعة مباحة. وظاهر كلام الإمام النووي أنها سنة.
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري قال النووي: وأصل المصافحة سنة، وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال لا يخرج ذلك عن أصل السنة. قال الحافظ: وللنظر فيه مجال، وبعضهم أطلق تحريمها. انتهى.
قلت: ويتوجه مثل ذلك عقب الدروس ونحوها من أنواع مجامع الخيرات.) غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب
نص كثير من المتقدمين تخصيص صلاتيْ العصر والصبح (ولعلها بسبب نزول وصعود الملائكة في الصلاتين) قال ابن عابدين الحنفي (1252هـ): قال الشيخ أبو الحسن البكري (899): وتقييده بما بعد الصبح والعصر على عادة كانت في زمنه، وإلا فعقب الصلوات كلها كذلك كذا في رسالة الشرنبلالي (1069 هـ ) في المصافحة )رد المحتار على الدر المختار
قال الزركشي (794هـ): ومن المباحة المصافحة عقب الصبح والعصر ولبس الطيالسة وتوسيع الأكمام) المنثور في القواعد الفقهية
قال أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ: ولكن لا بأس به، فإن أصل المصافحة سنة، وتقييدها بما بعد الصبح والعصر عادة كانت في زمانه، وإلا فعقب الصلوات كلها كذلك. والراجح عند الحنفية جواز المصافحة مطلقاً ولو بعد الصلوات. وكره بعض الحنفية المصافحة بعد الصلاة.) الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ
قال الشيخ علي بن نايف الشحود: أما القول بالاستحباب فقد استنبطه بعض شرّاح الحنفيّة من إطلاق عبارات أصحاب المتون وعم نصهم على استثناء المصافحة بعد الصّلوات قال الحصكفيّ : وإطلاق المصنّف - التمرتاشيّ - تبعاً للدرر والكنز والوقاية والنقاية والمجمع والملتقى وغيرها يفيد جوازها مطلقاً ولو بعد العصروقولهم : إنّه بدعةأي مباحة حسنة كما أفاده النّووي في أذكاره و عقّب ابن عابدين على ذلك بعد أن ذكر بعض من قال باستحبابها مطلقاً من علماء الحنفيّة بقوله : وهو الموافق لما ذكره الشّارح من إطلاق المتون واستدلّ لهذا القول بعموم النصوص الواردة في مشروعيّة المصافحة .
وممّن ذهب إلى هذا القول من الشّافعيّة المحب الطّبريّ وحمزة النّاشريّ وغيرهما وقالوا باستحباب المصافحة عقب الصّلوات مطلقا واستأنس الطّبريّ بما رواه أحمد والبخاري عن أبي حنيفة رضي اللّه عنه قال : « خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بالهاجرة إلى البطحاء فتوضّأ ثمّ صلّى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة تمر من ورائها المرأة وقام النّاس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم قال أبو جحيفة فأخذت بيده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثّلج وأطيب رائحةً من المسك »قال المحب الطّبريّ (ت: 694هـ): ويستأنس بذلك لما تطابق عليه النّاس من المصافحة بعد الصّلوات في الجماعات لا سيّما في العصر والمغرب إذا اقترن به قصد صالح من تبركٍ أو تودد أو نحوه .) موسوعة فقه العبادات
وأيضا مما يستدل به حديث أبي هريرةَ قال: إذا لقيَ أحدُكم أخاه فلْيسلِّم عليه، فإن حالتْ بينهما شجرةٌ أو جدارٌ أو حجرٌ ثم لقيهُ فلْيُسلِّمْ عليهِ)
إذا كان الحجر والشجر يعدّونه فاصلا فلا شك أن الصلاة انقطاع الأخ عن أخيه فترة أكبر فيستحب عقب الصلاة.
والمسألة من مسائل الخلاف المعتبر فلا حرج في فعله أو تركه، يقول المفتي عطية صقر. مايو 1997 المبادئ القرآن والسنة: وأرى أن الخلاف في الآراء راجع إلى الخلاف في تعريف البدعة، وقد سبق بيانه وما دام الأمر خلافيًا فلا ينبغي التعصب فيه لرأى.
أما قول "حرما" فهو اختصار من دعاء هو "ندعو الله أن نلتقي في الحرم لنصلى فيه " لأن الصلاة في الحرم يضاعف ثوابها. فهي دعاء بزيارة الحرم للحج أو العمرة والصلاة فيه، وليس هناك دليل يحرم هذا القول، فلا داعي للإنكار عليه (والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق