الثلاثاء، 29 أبريل 2025

بدعة البيت الابراهيمي!

 بسم الله الرحمن الرحيم

💥بدعة البيت الابراهيمي!
او الديانات الابراهيمية او وحدة الاديان ...
👈فهذه بدعة خطرة يروّجُ لها الان بعض اهل الزيغ والانحراف العقدي يجب التحذير منها؛ حيث تقوم هذه الاستراتيجية الجديدة على تطوير استخدام الدين باستبدال مخطط الحرب والصدام الفاشل مع الدين القويم إلى استيعابه واختراقه واختطافه كعقيده وقدسية ومقدسات ، والتي هي الأساس الأقوى والمتبقي لثقافة الدفاع والرفض عند المسلم للحفاظ على وجوده ووجود ارضه ومقدساته، ومن ثم وضعه تحت جناح اليهودية التوراتية للإستحواذ على الارض بدءاً من احتلال فلسطين، ومن خلال خطة وملعوب أسموه "الدين الابراهيمي "، باعتباره أبا للديانات الثلاثة السماوية.
قال تعالى مكذبا لهم في دعواهم هذه : { مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [ال عمران :67].
👍وهذا تكذيبٌ من الله -عز وجل- لدعوَى الذين جادلوا في إبراهيم- عليه السلام- وملته ، من غير المسلمين، وادَّعوا أنه كان على ملتهم، وفيها تبرئة لإبراهيم – عليه السلام – منهم ومن شركهم، وأنهم لدينه مخالفون ، وتقرير منه -سبحانه وتعالى- للمسلمين الموحدين أنهم هم أهل دينه الحق، وعلى منهاجه وشرائعه سائرون، دون سائر أهل الملل والأديان غيرهم.
وقد بيّن الله -سبحانه تعالى- أن أولى الناس بالانتساب الى إبراهيم -عليه السلام- هم الذين اتبعوه ولم يحرّفوا ويبّدلوا بعده ، وكذلك المبعوث رحمة للعالمين نبيّنا محمد -صلى ألله عليه وسلم- ومن تبعه من امته من المؤمنين، قال تعالى :{ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [ال عمران :68] .
وعليه فلا يجوز لمسلم الاستجابة لهذه الدعاوى الكاذبة ، والتي منها دعوة : ( بناء مسجد وكنيسة ومعبد ) في مكان ومحيط واحد تحت شعار " معاً نصلي"!؛ لِمَا في ذلك من الاعتراف بدين يُعبدُ الله تعالى به غير دين الإسلام الحنيف ، وإنكار ظهوره على الدِين كله ، وأن جميع الاديان على قدم التساوي ، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان .
👍ولا شك ان إقرار ذلك واعتقاده أو الرضا به خروج عن الملِّة وضلال بعيد ؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين ، واعتراف بأن تحريفات اهل الكتاب لكتبهم من عند الله ، تعالى الله عن ذلك، قال تعالى : ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ) [آل عمران19].
وقال تعالى : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [ال عمران85].
👌فالدين واحد والشرائع تختلف، وكل الرسالات نُسخت ببعثة امام المرسلين محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- ؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلاَ نَصْرَانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ)). رواه مسلم. وكما روي ان كل الرسل والأنبياء -عليهم السلام- صلوا خلفه -عليه الصلاة والسلام- ليلة الاسراء والمعراج.
وقد قال صلى عليه وسلم : ((لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي)) مسند احمد. وقال ايضا: ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَماً مُقْسِطاً، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ)) متفق عليه.
فما هذا الهراء الذي نسمع به ويروج له بعضهم؟! وصدق الله تعالى : {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } [النور:16].
👍ولكن يجب التعايش المجتمعي معهم ضمن اطار الدولة والمواطنة، واحترام اماكن تعبدهم الخاصة بهم وحمايتها، فلا حرج من الإحسان إلى غير المسلمين بشرط ألا يكونوا محاربين او معروفين بعداء المسلمين ، أو مساعدة الاعداء عليهم .
قال الله تعالى : {لا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ} [ الممتحنة8 ، 9 ].
قال المفسرون في معنى الآية الكريمة : "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدِين ، من جميع أصناف الملل والأديان، أن تبروهم وتصلوهم وتقسطوا إليهم... وان الله يحب المنصفين الذين ينصفون الناس ويعطونهم الحق والعدل من أنفسهم ، فيبرون من برهم ، ويحسنون إلى من أحسن إليهم ، بل ويثاب المسلم على إحسانه إلى هؤلاء ، وله على ذلك أجر" . والله تعالى اعلم

الجندر خطر يهدد القيم الأخلاقية والفطرة السليمة

 

الجندر خطر يهدد القيم الأخلاقية والفطرة السليمة

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذكورة والأنوثة هي إرادة إلهيَّة تكوينية، وهي من مستلزمات الفطرة السليمة، وهي سنة من سُنن الله تعالى في الخلق والتكوين، فقد خَلَق الله سبحانه وتعالى الإنسانَ زوجين: ذَكَرًا وأُنثى.


والزوجية سُنَّة عامة مطردة، لا يشذُّ عنها عالم الإنسان، أو عالم الحيوان أو عالم النبات، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]، وقال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 36].


وهي الأسلوب الذي اختاره الله تعالى للتكاثُر واستمرار الحياة وعمارة الأرض تحقيقًا لعبادته وحده لا شريك له، بعد أن أعَدَّ كلا الزوجين وهيَّأهما للقيام بهذا الدور العظيم وهذه الغاية السامية، بحيث يقوم كل منهما بدور إيجابي في تحقيق هذه الغاية، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [الحجرات: 13]، وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].


فهذه الزوجية الرائعة تمتدُّ، وتعمُّ وتشمل الوجودَ المادي، والوظائفَ الفسيولوجية، والبيولوجية والفيزيائية للمخلوقات؛ وصولًا إلى أرْقى شكل من أشكال الوجود في هذا الكون الذي يتربَّع عليه الإنسان بمنظوماته القِيميَّة والاجتماعية والثقافية التي تلقَّاها من الخالق العظيم ربِّ العالمين سبحانه وتعالى.


فدِينُ الله تعالى الإسلام قد أقَرَّ بالفروق بين الذكر والأنثى من حيث الخلقة والطبيعة، يترتب على هذا اختلاف في الأدوار المجتمعية التي تتوافق مع الفطرة الإنسانية السليمة، فهناك أدوار خاصة بالرجل لا تستطيع المرأة القيام بها؛ لأنها تتنافى مع طبيعتها، وهناك أدوار خاصة بالمرأة لا يستطيع الرجل القيام بها، وهناك أدوار مشتركة يمكن للمرأة أن تقوم بها كما يقوم بها الرجل، وقد أبان القرآن عن تلك الفروق الأصيلة في أصل الخلقة، كما في قوله تعالى: ﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى ﴾ [آل عمران: 36].


وقد ورد النهي في صحيح البخاري عن رسول الله صلى عليه الصلاة والسلام عن التشبُّه بين الجنسين، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لَعَنَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ المُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بالنِّسَاءِ، والمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بالرِّجَالِ"، وفي رواية: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المُخنَّثين من الرجال، والمترجِّلات من النساء"، وعن أبي هريرة رضي الله عنه في سنن أبي داود قال: "لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يلبسُ لبسةَ المرأة، والمرأة تلبسُ لبسةَ الرجل".


مفهوم الجندر:

ومفهوم (الجندر) الذي يروِّج له دُعاة الرذيلة ويقصدون به النوع الاجتماعي،هو عبارة عن إلغاء تلك الفروق؛ وتخرجهما عن أصل الخلقة والفطرة؛ أي: إن الذكورة والأنوثة عبارة عن نوع واحد، بمعنى أن الإنسان يُولَد كإنسان فقط، والفرق بينهما فقط في الدور الاجتماعي وليس البيولوجي أصل الخلقة، فيمكن للذكر أن يكون أنثى وبالعكس، أو يكون أحيانًا جنسًا ثالثًا، وهو ما يسمُّونه بالمثلية وهو الشذوذ الجنسي، قال تعالى:﴿ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الروم: 30].


والجندر مصطلح غربي حادث، لم يُعرَّف حتى الآن تعريفًا دقيقًا وحاسمًا، وهو على خلاف الأعراف البحثية والعلمية، التي تَعارَف العلماء على وضع التعريفات والبناء عليها، وسبب عدم وضع تعريف واضح لهذا المصطلح لما يحمل في داخله من مضامين خطيرة، وقد رفضت الأمم المتحدة أن تعطي له تعريفًا محددًا؛ لأن مضامينه خطرة إذا عُرفت وكُشفت فسترفضه المجتمعات المتحضرة، وحتى يبقى مصطلحًا مراوغًا وفضفاضًا، يُخفي الأهداف الخبيثة الحقيقية من ورائه.


فالمصطلح يشير لجنس ثالث ليس بالذكر وليس بالأنثى، وإنما هو جنس ثالث تحدده الأعراف الاجتماعية، والاختيارات الإنسانية، وليس هناك اعتبار لأعضائه الجنسية! ويسعون إلى إلغاء دور الأمومة للمرأة والسماح بحرية الشواذ نساءً ورجالًا، فتصبح كلمة (الجندر) بدلًا من الرجل والمرأة، وكلمة الشريكبدلًا من الزوج، وكلمة الشراكة أو الاقتران بدلًا من الزواج والأسرة،وهذا والله أعلم سبب إبقاء هذا الكلمة بدون تعريف.

 

تاريخ ظهور مصطلح الجندر:

وأول ما ظهر في حقل الدراسات الاجتماعية على يد الباحثة الإنجليزية (آن أوكلي) التي ألفت كتابًا سنة 1972م اسمه (الجنس والنوع والمجتمع)، حيث أعطت من خلاله المعنى الحرفي للجندر، وأول ذكر لمصطلح الجندر كان في مؤتمر السكان في القاهرة عام 1994م، حيث تكرر مصطلح الجندر لأول مرة (51) مرة، ثم بعد عام أقيم المؤتمر الرابع العالمي للسكان في بكين عام 1995م، الذي تكرر فيه هذا اللفظ (254) مرة، حيث خرج هذا المؤتمر بوثيقة ميثاق بكين (معاهدة سيداو)، وهذا المصطلح حين ذكر لأول مرة اعترضت عليه الوفود المشاركة سواء الوفود الإسلامية أو غير الإسلامية، فذكر أنه مصطلح يراد به الجنس، فتمت المطالبة بتغيير هذا المصطلح إلى المصطلح المتفق عليه وهو الجنس، فتم رفض الطلب من اللجنة المنظمة، ثم تبين بعد ذلك أن لفظ الجندر يُراد به أمر آخر يخالف الفطرة البشرية السليمة، قبل أن يكون فيه مخالفة للشريعة الإسلامية.


وقد عرفته مؤخرًا منظمة الصحة العالمية بأنه: (المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة على أنها صفات اجتماعية مركبة، أي: لا علاقة لها بالاختلافات العضوية والتركيب البيولوجي).


فتعتمد النظرية الجندرية النوع الاجتماعي لا الجنس البشري وعدم النظر إلى الرجل والمرأة من الناحية البيولوجية التي خلق الله النوعين عليها ذكرًا وأنثى، وأن الفروق الطبيعية بين الجنسين هي فروق مصطنعة غير حقيقية! ولذلك يستخدمون عبارة النوع الاجتماعي ولا يلتفتون إلى الجنس ذكرًا أو أنثى.


وكذلك تعتمد هذه النظرية الخبيثة على نشر المساواة التامة بين الرجل والمرأة بحجة أن الجميع هم جندر، وطالبوا بالمساواة حتى في الألفاظ ما بين الذكر والأنثى، وقاموا بإصدار نسخة منقحة للعهد الجديد من الكتاب المقدس، قاموا بإلغاء ضمائر التذكير والتأنيث فيه، كما أقاموا مؤتمرًا في اليمن في عام (1997م) بعنوانجندرة اللغة.


إذًا فمصطلح الجندر في نظر دعاته، وهو تحرير المرأة من كل القيود التي فرضها المجتمع عليها! وهذه الدعوة لا تنطق بالمساواة بين الرجل والمرأة فقط، بل تصل لحد التماثل الحقيقي، وهذا ما يخالف الفطرة السوية التي خلق الله تعالى الإنسان عليها.


وهذه النظرية بمفهومها تبيح الشذوذ الجنسي والدعوة إلى الزنا وعدم الحياء منه وإخفاءه، بل فعله علنًا والتفاخُر فيه وإلغاء مصطلح العيب العرفي والحرام الشرعي باعتباره أحد الحقوق لكل إنسان، خاصة المرأة كما يدعون،وأن جسدَها ملكٌ لها تفعل به ما تشاء!ولهذا كانت الدعوة إلى تعليم الممارسة الجنسية في المدارس بمختلف أنواعها الطبيعية والشاذة؛ لذلك هم يحاربون القيم الاجتماعية؛ كالعفة والشرف التي تحفظ للمجتمعات تماسُكها، وعلى الإنسان ألَّا يكون حبيسًا لاختيار الله تعالى له من تحديد الجنس ذكرًا أو أنثى، بل التحرُّر من القيود الشرعية والأعراف الاجتماعية السليمة.


وقد حرَّم الإسلام تلك الرذائل، وعدَّها من أكبر الكبائر، ونهى المسلمين عن إتيانها، فقال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا ﴾ [الإسراء: 32]، وقال سبحانه: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الأنعام: 151].


خطورة ثقافة الجندر:

إن خطورة ثقافة (الجندر) تكمن في ترويجها من قبل دعاتها تحت دعاوى خدَّاعة وبرَّاقة وتلاعب في الألفاظ، تجعل بعضهم ينخدع بها، تحت دعاوى حقوق الإنسان وحقوق المرأة، والمساواة بين الجنسين، وتمكين الشباب! ولهذا نحتاج إلى حملة توعوية ودعوية من النخب الشرعية والعلمية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني للتحذير من هذا الخطر الكبير، وبيان الأمور على حقيقتها، ليسهل على الناس الحكم عليها، بوازعهم الديني والعرفي والأخلاقي، وفطرتهم السليمة.

 

الحكم الشرعي للجندر:

ومما تقدَّم يتبين أن الحكم الشرعي لنظرية الجندر هو التحريم، ويأثم كلُّ مَن يُروّجُ لهذا المصطلح الخبيث، ويجب على الحكومات تشريع القوانين التي تحد من انتشار هذا الفكر المنحرف، وكذلك يجب على الهيئات والمجالس العلمية والشرعية ومنظمات المجتمع المدني توعية الناس وبيان خطر هذه المصطلح الغربي.


فالشريعة الإسلامية جاءت تؤكد على رفع الظلم عن المرأة التي كان يمارس عليها قبل الإسلام أو من قبل المجتمعات الجاهلة والمتخلفة، وبتكريمها أفضل تكريم، ودعاة الجندر يريدون منها أن تعود من جديد إلى مجرد سلعة لهواهم وإشباع رغباتهم الجنسية فقط، قال تعالى: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 27]، والله تعالى أعلم.

حكم الاستغاثة والاستشفاع والتوسل بالأنبياء والصالحين ؟

 ما زلنا في مسألة الاستغاثة والاستشفاع والتوسل بالأنبياء والصالحين، مع التركيز على الأدلة والضوابط التي ذكرها أئمة الإسلام، وتوضيح الفرق بين الجائز والممنوع.


أولاً: تعريف المصطلحات:
* الاستغاثة: لغةً طلب الغوث والعون والنجدة عند الشدة والكرب. واصطلاحاً: طلب العون من الله تعالى، وقد يتوسع ليشمل طلب العون من المخلوق فيما يقدر عليه مع اعتقاد أن العون الحقيقي من الله.
* الاستشفاع: طلب الشفاعة، وهي التوسط للغير بجلب منفعة أو دفع مضرة. واصطلاحاً: طلب التوسط من النبي ﷺ أو الصالح عند الله لقضاء حاجة أو دفع بلاء.
* التوسل: لغةً التقرب إلى المطلوب بالوسيلة. واصطلاحاً: التقرب إلى الله تعالى بذاته أو بأسمائه وصفاته أو بأفعاله أو بنبيه صلى الله عليه وآله وسلم أو بصالح الأعمال أو بجاه الأنبياء والصالحين.
ثانياً: أنواع الدعاء:
يجب التمييز بين نوعين أساسيين من الدعاء:
* دعاء العبادة: وهو كل فعل أو قول يقصد به التقرب والتذلل والخضوع لله تعالى وحده، اعترافاً بربوبيته وألوهيته واستحقاقه للعبادة. هذا النوع من الدعاء لا يجوز صرفه لغير الله تعالى، وصرفه لغيره هو الشرك الأكبر.
* دعاء المسألة: وهو طلب الحاجات والمنافع ودفع المضار. هذا النوع من الدعاء موجه في الأصل إلى الله تعالى، ولكن يجوز توجيهه إلى المخلوق فيما يقدر عليه، مع الاعتقاد بأن الله هو المقدر والفاعل الحقيقي.
ثالثاً: الاستغاثة بالأنبياء والصالحين:
* الاستغاثة بالله تعالى: هي الأصل والمشروعة في كل حال. قال تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ﴾ [الأنفال: 9].
* الاستغاثة بالمخلوق الحي الحاضر القادر: جائزة فيما يقدر عليه المخلوق. كقولك "يا فلان أغثني" إذا كان قادراً على مساعدتك في أمر دنيوي. وهذا من باب طلب المعونة من الغير وليس من باب العبادة.
* الاستغاثة بالأنبياء والصالحين الأموات أو الغائبين: هنا يقع الخلاف. أهل السنة والجماعة يجيزونها بضوابط:
* أن يكون المقصود هو طلب الدعاء والشفاعة منهم عند الله، لا طلب الفعل والتأثير منهم مباشرة.
* اعتقاد أنهم مجرد أسباب ووسائل، وأن الله هو الفاعل الحقيقي وحده.
* عدم اعتقاد قدرتهم المستقلة على قضاء الحاجات أو دفع الضر.
أدلة جواز الاستغاثة بالأنبياء والصالحين :
* آية النساء: ﴿وَلَوۡ أَنَّهُمۡ إِذ ‌ظَّلَمُوٓاْ ‌أَنفُسَهُمۡ جَآءُوكَ فَٱسۡتَغۡفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسۡتَغۡفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا﴾ [النساء: 64].
* التفصيل: الآية تأمر المذنبين بالمجيء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليطلبوا منه الاستغفار لهم، وهذا فيه طلب للشفاعة والدعاء.
* دلالة العموم: الفعل "جَاءُوكَ" والاستغفار منه لم يقيد بحياته صلى الله عليه وآله وسلم الدنيوية. ففضله ومكانته عند الله باقية بعد انتقاله.
* فعل الأعرابي وقصة العتبي: القصة المشهورة التي ذكرها ابن كثير وغيره تدل على فهم جواز المجيء إلى قبره صلى الله عليه وآله وسلم وطلب الشفاعة منه بعد وفاته، وقد استحسنها العلماء.
* حديث "يا عباد الله احبسوا":
* التفصيل: الحديث الذي رواه ابن تيمية في "الكلم الطيب" يجيز نداء الغائبين من عباد الله للاستعانة بهم في حبس الدابة المنفلتة.
* دلالة النداء: النداء موجه لمن هو غائب وغير مرئي، وهم إما الملائكة أو صالحو الجن أو أرواح الصالحين. وهذا يدل على جواز طلب العون من الغائبين الصالحين بإذن الله.
* فعل الإمام أحمد بن حنبل:
* التفصيل: استغاثة الإمام أحمد بـ "يا عباد الله دلونا على الطريق" في حالة الضلال تدل على جواز طلب العون من الغائبين الصالحين.
* حياة الأنبياء في قبورهم:
* التفصيل: الأنبياء أحياء في قبورهم حياة برزخية، ويصلون كما ورد في الحديث. فإذا كانوا أحياء، فطلب الدعاء منهم ليس مستحيلاً عقلاً ولا شرعاً، قياساً على طلب الدعاء من الأحياء.
* توسل الصحابة:
* التفصيل: توسل الصحابة بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وبعد مماته ثابت. كتوسلهم بذاته ودعائه وشفاعته. وقصة بلال بن الحارث المزني تدل على التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته.
رابعاً: الاستشفاع بالأنبياء والصالحين:
* الاستشفاع هو طلب التوسط. وهو جائز إذا كان الطالب يعتقد أن الشافع لا يملك بذاته النفع والضر، وأن الأمر كله بيد الله تعالى، وأن الشافع إنما يتوسط بجاهه ومنزلته عند الله.
* الأنبياء والصالحون لهم منزلة عظيمة عند الله، وطلب شفاعتهم هو من باب التوسل بجاههم ودعائهم.
خامساً: التوسل بالأنبياء والصالحين:
* التوسل جائز بأنواعه المشروعة: التوسل بأسماء الله وصفاته، بأفعاله، بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، بصالح الأعمال، بدعاء الصالحين الأحياء.
* التوسل بجاه الأنبياء والصالحين محل خلاف، ولكن جمهور أهل السنة يجيزونه مع الاعتقاد بأن الجاه ليس هو المؤثر بذاته، بل هو سبب في إجابة الدعاء بفضل الله وكرمه.
سادساً: المحاذير والضوابط:
يجب الحذر من الوقوع في المحاذير التي تجعل الاستغاثة والاستشفاع والتوسل شركاً، ومن أهمها:
* اعتقاد أن المخلوق يملك النفع والضر بذاته: هذا هو الشرك الأكبر. يجب الاعتقاد بأن الله وحده هو النافع الضار.
* دعاء المخلوق دعاء عبادة: صرف أنواع العبادة كالذبح والنذر والخوف والرجاء التألهي لغير الله هو الشرك الأكبر.
* الاعتماد على المخلوق والتوكل عليه: التوكل الحقيقي لا يكون إلا على الله تعالى. أما طلب المساعدة من المخلوق فيما يقدر عليه فهو من باب الأخذ بالأسباب.
* الغلو في الأنبياء والصالحين: تجاوز الحد في تعظيمهم ورفعهم فوق منزلتهم البشرية هو من أسباب الشرك.
سابعاً: أقوال أئمة الإسلام:
لقد أجاز الاستغاثة والاستشفاع والتوسل بالضوابط المذكورة العديد من أئمة الإسلام من مختلف المذاهب، منهم:
* الإمام مالك بن أنس: استدل بآية النساء على جواز طلب الشفاعة من النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند زيارة قبره.
* الإمام الشافعي: نقل عنه جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته.
* الإمام أحمد بن حنبل: كما ورد في قصة استغاثته بـ "يا عباد الله".
* الحافظ ابن كثير: ذكر قصة العتبي ولم ينكرها في تفسيره.
* الإمام النووي: ذكر استحباب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتوسل به في كتبه.
* الإمام السيوطي: ألف رسائل في جواز التوسل والاستشفاع.
ثامناً: الرد على شبهات المانعين:
يستند المانعون للاستغاثة والاستشفاع والتوسل بالأموات والغائبين إلى بعض الأدلة التي فهموها على غير وجهها، منها:
* قوله تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18].
* الرد: الآية تنهى عن دعاء غير الله دعاء عبادة، وليس دعاء المسألة أو طلب الشفاعة.
* قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ﴾ [الأعراف: 197].
* الرد: الآية تتحدث عن الأصنام والأوثان التي لا تملك شيئاً ولا تسمع ولا تعقل، وليس عن الأنبياء والصالحين الذين أكرمهم الله.
* حديث: "إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله".
* الرد: الحديث يرشد إلى التوجه إلى الله في الأمور العظام، ولا يمنع من طلب المساعدة من المخلوق فيما يقدر عليه.
تاسعاً: الخلاصة والتأكيد:
إن مسألة الاستغاثة والاستشفاع والتوسل بالأنبياء والصالحين دقيقة، ويجب فهمها في ضوء الأدلة الشرعية وأقوال أئمة الإسلام مع مراعاة الضوابط الشرعية لعبادة الله وحده. الجائز منها ما كان على سبيل السببية وطلب الدعاء والشفاعة مع اعتقاد أن الله هو الفاعل الحقيقي، والممنوع ما تضمن اعتقاد القدرة المستقلة للمخلوق أو دعاءه دعاء عبادة.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للفهم الصحيح لدينه وأن يجنبنا الغلو والتفريط. --
1- عن علي بن ميمون قال : سمعت الشافعي يقول :
إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجئ إلى قبره في كل يوم ـ زائرا ـ *فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد حتى تقضى*
رواه الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في التاريخ ج 1 ، ص 123
العلامة ابن حجر في كتابه الخيرات الحسان، ص69
ذكره الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة ج 2 ص 199
والكردري في مناقبه 2 ص 112 ،
وطاش كبرى زادة في مفتاح السعادة 2 ص 82
وذكر الفقيه ابن حجر الهيتمي ان لمّا بلغ الشافعي أنّ أهل المغرب يتوسَّلون بمالك لم ينكر عليهم
2 – الماوردي 364 هـ :450 هــ :
ذكـر قصة العتبي وأقـرها كما أقرها أبو الطيب المجموع شرح المهذب ( 8 / 256 ) .
3 – الإمام أحمد بن الحسين البيهقي الشافعي 384 هـ.
الحافظ البيهقي : روى عنه ابن الجوزي في المنتظم ( 11 / 211 ) من مناقب أحمد بن حرب ” استجابة الدعاء إذا توسل الداعي بقبره ” .
4 – الحافظ ابن عساكر الشافعي ( ت : 571 هـ ) :
كتب في أربعينياته ” يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي ” .
5 – قال الإمام النووي في المجموع ( ج 8 / 274 ) كتاب صفة الحج، باب زيارة قبر الرسول صلى اللّه عليه وسلم : ” ثم يرجع إلى موقفه الأول قُبالة وجه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم ويتوسل به في حق نفسه ويستشفع به إلى ربه “.
6 – ابن خلكان الشافعي ( ت : 681 هـ ) :
“بمحمد النبي وصحبه وذويه ” وفيات الأعيان (6/13)
7 – المحب الطبري الشافعي :
“بمحمد وآله وصحبه” ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى (1 / 261 ).
8 – قال الإمام السبكي : في كتابه شفاء السقام ما نصه :
” اعلم أنه يجوز ويحسن التوسل والاستعانة والتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحُسْنُه من الأمور المعلومة لكل ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ، ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ولا سمع به في زمن من الأزمان حتى جاء ابن تيمية فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه على الضعفاء الأغمار وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار … ” اهـ.
9 – العالم العلامة الفيومي الشافعي ( ت :770 هـ ) قال في خاتمة كتابه ” المصباح المنير في غريب الشرح الكبير” في اللغة داعياً : ” ونسأل الله حسن العاقبة في الدنيا والآخرة وأن ينفع به طالبه والناظر فيه وأن يعاملنا بما هو أهله بمحمد وآله الأطهار وأصحابه الأبرار ” .
10 – الإمام الفقيه تقي الدين الحصني الشافعي
قال الإمام تقي الدين الحصني : (والمراد أن الاستغاثة بالنبي واللواذ بقبره مع الاستغاثة به كثير على اختلاف الحاجات، وقد عقد الأئمة لذلك باباً، وقالوا : إن استغاثة من لاذ بقبره وشكى إليه فقره وضره توجب كشف ذلك الضر بإذن الله تعالى ) .
دفع شبه من شبه وتمرد ص 89 . )
11- الإمام الحافظ ابن الجزري الشافعي
قال في كتابة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين : .
(( ويتوسل إلى الله سبحانه بأنبيائه والصالحين ))

عند السلفية المدخلية من يعترض على الحاكم و يخرج عليه هو خارجي كلب من كلاب النار!

 


عند السلفية المدخلية من يعترض على الحاكم و يخرج عليه هو خارجي كلب من كلاب النار ، لكن إذا انتصر هذا الكلب على الحاكم صار امام متغلب تجب طاعته ويحترم ويحق له ان يزني ويلوط بالشعب أو يقتل او يظلم .. و يحرم الخروج عليه.

--
عين لا تمسّها النّار .. رجل بات ليله ساهرا على الفيسبوك لطعن في المجاهدين والدّفاع عن ولاة الامور.
"حكمة سلفية مدخلية"

---

علماء السوء ودعاة الضلالة يصدعون بالقول إذا جاء الحديث عن المجاهدين في سبيل الله والمطالبين بحقوقهم بالطرق السلمية !
ويصمتون أو يبررون ويُخرّجون ويُعذرون إذا جاء الحديث عن الظلم والعدوان على العباد والزج بهم في السجون وتعذيبهم وتنظيم الربا في البنوك وحماية الردة والمرتدين وموالاة الكفار ومناصرتهم على المسلمين.

أسباب انهيار الليرة التركية وحقيقة ما يجري في الاقتصاد العالمي !؟

 طويل لكنه مقال اقتصادي متخصص مهم جدا لتعرف أكثر عن أسباب انهيار الليرة التركية وحقيقة ما يجري في الاقتصاد العالمي..


👇
👇
*في مسألة الليرة التركية بعض أمور غائبة*

1. بداية يجب علي أن أعترف بأن أمر الاقتصاد هذا مما أشعر أنه لم يُيَسَّر لي رغم بذلي المجهود في فهمه واستيعابه، وإني أقرأ فيه منذ أكثر من عشرين سنة، ودرست فيه دبلوما مهنيا مكثفا ومطولا وتخرجت فيه بامتياز، ثم إني أدرس ماجستير الاقتصاد الإسلامي وحصلت في فصله الدراسي على المركز الأول.. كان يجب علي قول هذا لكي يُعامل الكلام الآتي بعده في ضوء هذه المقدمة.
2. من نافلة القول أن الاقتصاد مرتبط بالسياسة، وأن الاقتصاد أداة من أدوات السياسة.. وعبر التاريخ كانت القوة السياسية تتحكم بالقوة الاقتصادية، وكانت القوة الاقتصادية تعرف أنها خادم للقوة السياسية.. حتى بدأ الحال يختلف مع عصر النهضة الأوروبية.
3. باختصار شديد جدا، كان نمو القوة الأوروبية مع ضعف الممالك الإسلامية مع تقدم علم صناعة السفن وتقدم علم الخرائط قد أنتج وضعا جديدا خلاصته: يمكن أن نرسل سفينة محملة بالبضائع ومعها جنود أيضا في رحلات بعيدة مع احتمال أن تعود سالمة ببضائع جديدة ومكاسب وفيرة.. هذه المكاسب الوفيرة مع قلة المخاطر بتقدم صناعة السفن وعلم الخرائط أغرت العقول التجارية والأموال.. فخاضوا المغامرة واستطاعوا تحقيق مكاسب هائلة.
4. أهم أسباب المكاسب الهائلة:
- أنهم استطاعوا الحصول على البضائع من بلادها الأصلية دون مرور بحركة التجارة الوسيطة
- أن السفن حين كانت تجد البلاد ضعيفة فإنها كانت تحتلها وتغتصب مواردها بلا مقابل، أو بتعبير كريس براون "كانت السفن تجوب البحار للتجارة إن وجدت قوة وللقرضنة إن وجدت ضعفا"
- أن كثيرا من البلاد لم تكن تعلم أن لديها موارد مهمة لآخرين أو أن مواردها مهمة، كما هو الحال في الأمريكتين.
5. أنتجت هذه المكاسب طبقة تجارية ذات رؤوس أموال، ومع النمو المستمر فيها، بدأت هذه الطبقة تسعى لموقع سياسي لها بين عناصر النظام القديم: الملكية والكنيسة والإقطاع.. ومن يعتنقون مدرسة التفسير المادي للتاريخ يرون كل التاريخ الأوروبي هو نتيجة صعود هذه الطبقة (البورجوازية) وصراعها مع النظام القديم (الثورات المتعددة).
6. لا يهمنا من هذا الكلام كله إلا ما حصل في بلادنا منذ مائتي سنة فقط.. وهو دخول بلادنا وأمتنا ضمن "الاقتصاد العالمي".. لقد تطور التاريخ الأوروبي بما أنتج إمبراطوريات استعمارية تستعمل قوتها الحربية في احتلال البلاد البعيدة من إندونيسيا شرقا وحتى القارتين الكبيرتين (الأمريكتين) غربا.. وتمتص كل هذه الموارد لتتضخم ويزيد تضخمها وتدخله في منظومة تجعلها أقوى وأقدر على احتلال وضم المزيد من البلاد.
ومن يعتنقون مدرسة التفسير القومي للتاريخ يرون كل تاريخ السلام الأوروبي لم يكن ليوجد بينهم لولا أن أوروبا اكتشفت "أقواما" آخرين وبلادا أخرى فقرروا نقل صراعهم من بلادهم إلى بلاد الأقوام الآخرين.. أولئك الأقوام الآخرين هم الذين لما اكتشفتهم أوروبا اكتشفت أنها يمكن أن تكون "قوما" ذات شخصية وهوية جديدة.
7. كانت هذه البلاد الأخرى هي بلادنا في أغلب الأحوال، لأن أمتنا تمددت من إندونيسيا حتى الأندلس مع أعمق آسيوية وإفريقية وأوروبية تجعل أية حركة في العالم.. وفي رأي كثيرين فإن تغير الاحتلال الأوروبي من احتلال إفناء وإبادة واستئصال (كما في الأندلس والأمريكتين وعصر استعباد الافارقة) إلى احتلال هيمنة وسيطرة وإقامة أنظمة تواليها في بلادنا، إنما يرجع هذا إلى هذه الضرورة الاقتصادية.
فالعداء الحضاري -في العقلية الأوروبية- يستلزم الإفناء والإبادة والإنهاء.. بينما لما دخل الدافع الاقتصادي على هذه العقلية جعلها تفكر في الشعوب الأخرى كعبيد وخدم وطبقة لا بد منها لتستمر النهضة الزراعية والصناعية.. فهنا كان الأمثل بالنسبة لهم أن يحتلوا بلادنا ويجعلوننا عبيدا وخدما نستخرج لهم الموارد ونبيعها لهم ونعمل في مصانعهم ومزارعهم..
ثم في النهاية نشتري منهم منتجاتهم لتستمر النهضة التجارية فنكون بالنسبة لهم كأسواق تحافظ على بقاء نظامهم في بلادهم.. فلو أنهم أبادونا وأفنونا (وهم بميزان القوى العسكرية قادرون) فلن يجدوا عبيدا، ولن يجدوا أسواقا، وبالتالي ستشتعل الحروب بينهم هم أنفسهم.. فمن الخير لهم أن نبقى، وتبقى الأمم الأخرى.. تبقى كعبيد وكخدم وكأسواق تحافظ على استمرار دورة نهوضهم.
8. هذه الحكومات التي أنشأها الاستعمار في بلادنا سواء بالاستعمار المباشر (كما فعل الفرنسيون والإنجليز وغيرهم) أو غير المباشر كما في تركيا والسعودية والأردن وحكومات ما بعد الاستعمار في بقية البلدان.. هذه الحكومات هي التي كسرت استقلال بلادنا الاقتصادي وأدخلتنا في منظومة "الاقتصاد العالمي".. فصارت بلادنا خدما لهذه المنظومة
9. سأضرب مثالا مختصرا للغاية بالحالة المصرية.. كان الفلاحون في مصر ينتجون ما يستطيعون بيعه في السوق المصرية، فيزرعون البقول والفاكهة والخضروات وغيرها.. وهناك من يزرعون المنتجات التي ستصدر للخارج بعد أن تكتفي منها السوق المصرية بطبيعة الحال!
لما جاء محمد علي باشا قرر أن يصنع "الدولة الحديثة" في مصر، أو بمعنى أوضح: أن يكون الزارع الوحيد والصانع الوحيد والتاجر الوحيد (وهو تعبير الشيخ محمد عبده الذي هو أوضح وأدق مليون مرة من تعبير الدولة الحديثة الغامض والمائع والموهم والمضلل).. فقرر أن تزرع البلاد القطن.. لماذا؟ لأن هذا سيحقق مكاسب وفيرة ببيعه للسوق العالمي..
عند هذه اللحظة ارتبط الاقتصاد المصري بالسوق العالمي، صارت البلد تزرع القطن لا لأن مصر تحتاجه بل لأن هذه هي رغبة وحاجة السوق العالمي، وقد أتى هذا بالسلب على مساحات المزروعات الأخرى الأساسية كالبقول والخضروات والزيت ونحوه.. لكن السوق العالمي يرد على مثل هذه الحالة بأنه يمكنك استيرادها من دولة أخرى تنتج البقول والخضروات والزيت.
هنا حصل التحول، من أمة تكفي نفسها ثم تصدر الفائض عنها لغيرها، إلى دولة عضو في تجارة عالمية.. فأي أزمة تقع في مكان ما خلف البحار يمكن أن تؤثر فيها وتسبب لها أزمة عنيفة..
إذا أضفت إلى هذا الوضع الاستبداد والتغول الأوروبي فالوضع ينتج أن مزارعي مصر هم على الحقيقة عبيد وخدم للقوى العالمية.. أي أنه لم يعد عليهم أن يشبعوا طمع وجشع المستبدين المحليين (المماليك مثلا) بل والمستبدين العالميين (أباطرة المال والأعمال في المنظومة العالمية).
10. هنا لم يعد الاقتصاد المحلي خادما للحاكم المحلي.. لقد صار الحاكم المحلي والاقتصاد المحلي جزءا من صورة أكبر ومنظومة أكبر، هي المنظومة العالمية.. لذلك كان طبيعيا للغاية أن ترى تجارا أجانب لهم امتيازات هائلة في بلاد المسلمين، ولديهم القدرة على مضادة ومقاومة الحاكم المحلي حتى لو كان الخليفة العثماني نفسه.. لقد صار للاقتصاد العالمي ممثلون ومندوبون في البلاد التي لا تقع بالضرورة تحت حكمه العسكري.. ولهذا تكرر في تاريخنا الحديث ظاهرة وجود مستعمرة ولو لم يوجد الاستعمار (والتعبير للمؤرخ جوان كول)
11. النظام العالمي ربوي.. ويقوم في أساسه على الربا، والربا ببساطة شديدة هو أن المال ينمو ويتكاثر بنفسه.. وهذا ضد النظام الإسلامي الذي يجعل الربا من أكبر الكبائر فالمال في النظام الإسلامي مجرد تعبير وتمثيل وصورة عن الإنتاج لأنه مجرد وسيط للتبادل.. فعلى قدر ما في البلد من إنتاج على قدر ما سيكون فيها من المال..
بينما النظام الاقتصادي الربوي يجعل المال نفسه بضاعة، أي أنه ينمو بنفسه، يمكن المتاجرة فيه.. فالذي يُقرض عشرة دراهم ليأخذها فيما بعد خمسة عشر فهو هنا قد تاجر في المال نفسه كأنه بضاعة نَمَتْ وتكاثرت.. في حين أن الإنتاج لم يزدد في هذا البلد.
هذا النظام ينتج بطبيعته التضخم وارتفاع الأسعار المستمر، لأن نمو الأرقام مستمر بينما ليس بالضرورة أن ينمو معه الإنتاج.. وهذا النظام هو بطبيعته يؤول في النهاية لمصلحة أصحاب الأموال ضد الفقراء، ولمصلحة المغامرين والأذكياء ضد من لا يتمتعون بمواهب المغامرة والذكاء..
ولو أتيح لي تلخيص الاقتصاد الإسلامي فهو أنه ضد أي معاملة ليس فيها نفس القدر من المخاطرة بين الطرفين، بمعنى أنه لا يكاد يجوز في فقه المعاملات معاملة تضمن الربح لطرف على حساب طرف.. بينما هذا الوضع هو أساس النظام الاقتصادي الربوي المعاصر.
12. حيث أن المال نفسه منفصل عن الإنتاج وعن الثروة، ويمكن المتاجرة فيه.. وحيث أن الوضع السياسي والعسكري آل في النهاية إلى الرأسمالية التي تقودها أمريكا، فمن هاهنا كانت أمريكا هي راعية النظام الاقتصادي العالمي.. فهي تحكم به كما تحكم بالسلاح، وتستخدمه لتنمية مواردها لتزيد به أسلحتها لتستخدمها في جلب موارد جديدة.. دائرة كلما تضخمت في أمريكا كلما دهست مسحوقين في البلاد الأخرى.
ما قد يتفاجأ له كثيرون أن لهذا النظام العالمي مندوب في كل دولة، اسمه "رئيس البنك المركزي".. البنك المركزي الذي هو بنك البنوك في كل دولة.. رئيس البنك المركزي هذا شخصية مستقلة لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يعزله.. بل ويستطيع رئيس البنك المركزي أن يعمل ضد سياسة الرئيس والحكومة الاقتصادية..
لا يظهر هذا كثيرا في العالم لظروف الانسجام بين السياسة والاقتصاد في الدول عادة.. لكنه يظهر في الدول التي تريد الخروج من الهيمنة.. ومن كان متابعا للوضع في تركيا فهو لا شك يتسرب له منذ أعوام أنباء الخلاف العلني بين أردوغان ورئيس البنك المركزي.
13. ما تراه في عالم السياسة من حروب دموية تترك القتلى والجرحى والمشوهين والمُقَطَّعين هو نفسه يجري في عالم الاقتصاد.. لكن الفضائيات لا تلتقطه ولا تتابعه، من أهم أسباب هذا أن النظام العالمي (الحضارة الغربية) استطاعت أن تجعل المنظومة الاقتصادية كأنها حقيقة كونية.. كأنها من طبائع الأشياء.. شيء مثل شروق الشمس وغروبها، أمر لا يُدان ولا تجدي مصادمته والتمرد عليه..
فمن الطبيعي أن تنشأ الشركات، وتنمو، وتتضخم، وتعمل وفق السوق، تسعى لتضخيم المكاسب،
لإنقاص الخسائر، تستغل ثغرات القوانين، تخفض العمال، تزيد الآلات.. منطق الربح والخسارة نفسه هو منطق يبدو طبيعيا مهما تخلى عن الإنسانية والرحمة ومصلحة الناس.. لا بأس إطلاقا أن يكون بين الناس من ثروته ملايين أضعاف آخرين.. أن يكون في العالم 10% يمتلكون 90% من ثروته..
تبدو هذه الأمور طبيعية ومفروغ منها.. لهذا لا تلتقط الفضائيات ملايين المسحوقين المدهوسين تحت عجلة المكسب والخسارة.. فلو أنهم أذكياء لصعدوا في سلم المكسب والخسارة.. وقانون العالم لا يرحم المغفلين والبلهاء والكسالى والخاملين.. بل تلك عقوبة خمولهم وكسلهم (هكذا يقولون.. لتبدو الأمور من طبائع الأشياء وحقائق الكون).
14. أحد الآثار المترتبة على ما سبق أن يخرج رئيس أمريكا يوما ليقول: نحن سنطبع الدولار بلا غطاء، ولكن قيمته ستظل كما هي لأن أمريكا دولة قوية.. هذا ما يُعرف بـ "صدمة نيكسون".. والعالم كله يخضع لهذه الصدمة التي سرقت منهم ثرواتهم وستسرق منهم ثرواتهم ومواردهم ومجهوداتهم مقابل أوراق خضراء مطبوعة.
وهكذا يصير الدولار مطلوبا مرغوبا مسنودا بقوة السياسة والسلاح والصناعة ولو كان مجرد ورقة خضراء.. بينما يمكن ببساطة أن تنهار عملة أخرى فجأة رغم أن الإنتاج لا ينهار ولا يتراجع لأن المنظومة الاقتصادية العالمية تتعامل مع هذه "الأوراق المالية" في سوق ضخم يجعل لها قيمة في نفسها، وليست مجرد تعبير عن الإنتاج.
15. أمريكا تفرض النظام الرأسمالي على الجميع، وذلك لأنها تتحكم فيه، ولأنه يؤول إليها ويقويها.. وصنعت لأجل هذا منظمات عالمية تتحكم في رسم السياسات الاقتصادية للدول الأخرى، لكي تبقيها دائما ضمن سجن التحكم الكامل والامتصاص الكامل.. (ولا بأس أن نحيل هنا لكتاب: الاغتيال الاقتصادي للأمم للخبير الاقتصادي جون بركينز.. فهو يشرح طرفا من هذا عن تجربته الشخصية).. وهذا فضلا عن عدد من الاتفاقيات الدولية التي تجعل الدولة التي لا توقع عليها في حال عزلة اقتصادية على الحقيقة.
ومن هاهنا فإن كل سعي لتولي الحكم في دولة نامية يجب أن يقدم أهله للأمريكان ضمانات قاطعة بأنهم يعتنقون الرأسمالية الأمريكية وسيطبقونها.. هكذا فعل الجميع، بمن فيهم الإسلاميون.. وبمن فيهم أردوغان طبعا.
16. أردوغان اتخذ طريق المناورة في ظرف عالمي يسمح بمثل هذا (وقد فصَّلت الكتابة فيه سابقا) ولم يزل منذ 16 عاما في صراع مع أهم مراكز النفوذ: العسكرية والأمنية.. إلى هذه اللحظة يبدو ناجحا، فيما تُوِّج بفشل الانقلاب الماضي في يوليو 2016..
وهذه النجاحات التي حققها في الاقتصاد هي نجاحات ضمن منظومة الاقتصاد العالمي نفسه.. وسيظل اقتصادا ناجحا بالأرقام ما دامت المنظومة نفسها مستمرة، والتي من أهم ملامحها: توفير بيئة استثمارية قوية تجذب الأموال وتقيم الصناعات وتزيد التجارة الخارجية (وطبعا فرص العمل الداخلية) وترفع الدخل وتستثمر الموارد الذاتية وتبحث عن الفرص ... إلخ!
لكن الزعيم الوطني ذي الهوى الإسلامي (والذي هو أصلا اقتصادي، وخريج كلية الاقتصاد) يعرف في النهاية أن المستفيد الأكبر من هذا النجاح هو المنظومة العالمية وحيتانها الكبار.. وأن مضادة هذا النظام لا بد أن يبدأ من تخفيض الفائدة الربوية حتى إنهائها ليعتدل توزيع المال والثروة.
هذه هي النقطة الحساسة التي أثارت الحيتان الكبار من الطبقة الاقتصادية التركية المتغربة، ومن الطبقة الاقتصادية المرتبطة بالغرب.. وعندها لا بد أن تبدأ الحرب ولو تعرضوا هم أنفسهم للخسائر
تماما كما كان رجال الأعمال في مصر على استعداد للخسارة الكبرى الاقتصادية مقابل إسقاط مرسي.. لأن مرسي -ولو كان نظيفا وفي منظومة اقتصادية رأسمالية لا يفكر في تهديدها، فإنه بمجرد غلق منافذ فساد فإنه يضربهم في مقتل- يهدد المنظومة نفسها.. وهكذا، لا بأس عند كثيرين من رجال الأعمال أن يخسروا كثيرا مقابل بقاء المنظومة التي لو استمرت فستعيد لهم أموالهم أضعافا مضاعفة.. ولو من دماء المسحوقين.. فأكل أموال الناس أهون عندهم من إنشاء منظومة عادلة بطبيعة الحال.
17. أردوغان يدرك هذا كما يدركه أصغر طالب اقتصاد.. والصراع صراع عقول وخطوات ومحاولة تغيير هذه المنظومة بأقل قدر من الخسائر.. تركيا قوية اقتصاديا لكن هذه القوة مرهونة في جانب منها للأجانب، خصوصا في أمرين:
الأول: العملة النقدية التي تخضع لسوق الأوراق المالية في العرض والطلب
الثاني: المستثمرون ذي الهوى الغربي من الأتراك، أو الغربيون أنفسهم
في الأمر الأول تجري المضاربة على العملة في هذه الأسواق لتفقد قيمتها.. أرجوك لا تنسى أن العملة في نفسها في ظل المنظومة الاقتصادية هي بذاتها بضاعة يُتاجر فيها.. فحين يركد سوقها ويقل عليها الطلب فإنها تنخفض قيمتها.. هذه العملية لا تمس الإنتاج لا بالزيادة ولا بالسلب ولكنها تضعف قيمة العملة. (في بعض الأحيان يمكن للدولة نفسها الاستفادة من نقصان قيمة عملتها لترويج بضائعها التي ستكون أرخص أو سياحتها التي ستكون أرخص... إلخ)
وفي الأمر الثاني تهرب رؤوس الأموال
وتحول ثرواتها إلى العملة الأجنبية فيزداد الطلب على العملة الأجنبية كما يقل الطلب على العملة المحلية.
وأرجوك تذكر أن هذه العملة الأجنبية التي يزداد الطلب عليها هي الدولار الذي هو بلا قيمة، مجرد ورقة مطبوعة كما يعرف العالم كله.. إلا أن قوته مستمدة من قوة السلاح والسياسة التي تجعله مخزنا للقيمة والثروة وبه تشتري الموارد والمجهود.
أي أن انهيار الليرة لا يساوي بحال ضعف الإنتاج التركي .. كما أن صعود الدولار لا يعني بحال زيادة الإنتاج الأمريكي.. إنما هي معركة قوة والاقتصاد جزء منها.
18. الحلول التي يطرحها الاقتصاديون المعاصرون هي في عمومها حلول من نفس بيئة المنظومة الاقتصادية الربوية.. فهي في أحسن أحوالها حلول تسكينية وهي في أغلب أحوالها حلول لإعادة البلاد إلى المنظومة الاقتصادية نفسها.. التي هي احتلال حقيقي.
وكنت ذكرت في منشور منذ فترة أن هناك ما أسميه "المثلث الحضاري" وهو: المال، العلم، السلاح.. وأن الأمم تبقى قوية ما كان كل ضلع منها يخدم الآخريْن، فإن اختل واحد منها بدأت الأمة في الانحلال والوقوع تحت الاحتلال.
والمقصود هنا أن الحلول الاقتصادية للأزمة التركية الحالية لا تكون بحال اقتصادية.. بل الواقع أنه بقدر ما يستطيع السلاح التركي الحفاظ على استقلال البلد بقدر ما تستطيع أن تنجو من هذه الأزمة ومما وراءها.. وبقدر ما سيستطيع العِلْم التركي اختراع أسلحة دفاعية وهجومية وإحسان استثمار الموارد وتنميتها بقدر ما تستطيع تركيا أن تنجو من هذه الأزمة.
محاولة المساس بالنظام الاقتصادي العالمي لا بد أن يسبب حربا في نهاية المطاف.. لكن الطرف الأضعف سيحاول تأجيلها (تركيا) كما سيحاول الطرف الأقوى الاستباق بها (أمريكا) لإخماد هذه المحاولة.
19. وفي الحروب لا بد من استثارة الهوية والروح الدينية والقومية، وهو ما يفعله أردوغان الآن.. لأن الحقيقة أن نقطة ضعف هذا النظام الاقتصادي العالمي هو أنه في حاجة دائمة لأسواق ومستهلكين.. والاستقلال يبدأ من أمور بسيطة كالمقاطعة والزهد والاكتفاء بالضروري دون الكمالي والترفيهي والإقبال على المنتج المحلي.
وفي هذا الوضع لابد من أن يتأثر كثيرون سلبا، أولئك الكثيرون هم الذين ارتبطوا بشكل ما بالمنتجات الغربية، وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا جزءا من معركة الاستقلال لو لم يضحوا بمصالحهم الآنية لصالح استقلالهم وروحهم الدينية والقومية والحضارية..
بقدر ما سيُجَيَّش الناس للحرب، وبقدر ما سيستعدون للتضحية، وبقدر ما سيبذلون من المجهود العلمي والنفسي للصمود في الحرب الحقيقة القادمة بقدر ما ينتصرون..
والأهم، بقدر ما ستحقق دولة ما اكتفاءها الذاتي بقدر ما تنخلع من منظومة الاقتصاد العالمية.. وهذا أمر لا يتحقق بغير مجهود هائل من الدعاية والإقناع واستثارة هذه المشاعر الحضارية ومعاني العزة والكرامة.
20. ومن نافلة القول أيضا أن هذه ليست معركة تركيا، بل هي معركة الأمة الإسلامية كلها.. وأنها أيضا من المعارك التي تقسم الناس إلى فسطاطين: مع الأمة أو ضدها.. والمشهد واضح منذ ثورات الربيع العربي، الطرف الذي مع الأمة واضح، والطرف الذي ضدها واضح.
-
بقلم محمد إلهامي