الأحد، 25 مايو 2025

هل يجوز هدم أضرحة الصالحين بشبهة وجود السحر فيها أو البدع عندها؟؟

هدم قبور الصالحين ليس بواجب، بل قد يكون حراما و منكرا إذا كان المقصود منه معاداة الصالحين و إنكار كرامة الأولياء منهم المعروفين، فقبور الصالحين باقية منذ عصر الإسلام إلى يومنا هذا ، ومنها قبر النبي ﷺ وصاحبيه، وإنما المحرم ما يفعل عندها من أمور خارجة عن الشرع، وأما دعوى وجود القباب عليها فتقبيب القبور وتسنيمها من الأمور التي اختلف حولها الفقهاء، فمنعها البعض وأجازها آخرون .

كما أن زيارة قبور الصالحين جائزة شرعا ، شريطة ألا يأتي المرء عندها ما يخدش عقيدته أو يدنسها، فإن وجد هناك بعض البدع و الخرفات فوجب بيان الصواب و رد الخطأ لا هدم الضريح!!
أما ما استدل به من حديث مسلم أن أبي الهياج الأسدي ، قال : قال لي علي : أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ﷺ أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ، ولا قبرا مشرفا إلا سويته. فيعارضه أن قبر النبي ﷺ وأصحابه كانت مسنمة،وقد أخرجه البخاري في ” صحيحه ” عن أبي بكر بن عياش أن سفيان التمار حدثه أنه رأى قبر النبي عليه السلام مسنما .
قال الإمام الحاكم في الجمع بينهما : إنه كان أولا ، كما قال القاسم ، مسطحا ، ثم لما سقط الجدار في زمن الوليد جعل مسنما ، وقد روى أبو حنيفة رضي الله عنه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم قال : أخبرني من رأى قبر النبي عليه السلام وقبر أبي بكر وعمر ، ناشزة من الأرض ، عليها فلق من مدر أبيض .
قال ابن الجوزي رحمه الله في التحقيق ” : وهذا محمول على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء الحسن العالي.
وعليه فإن تسنيم القبر مما اختلف فيه الفقهاء ، فمنعه جماعة، واستحبه كثير من الفقهاء ، لأجل الإشارة إلى مكان القبر، ورأى البعض أنه جائز، وذهب بعض الحنابلة والمالكية إلى كراهته.
و أما زيارة القبور بشكل عام، فهو مندوب إليها ، وذلك لحديث :” كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها" ، و قد نص ابن عابدين في حاشيته على قبور الصالحين فقال :
" و تستحب زيارة قبور الصالحين كشهداء جبل أحد ، لما روى ابن أبي شيبة : { أن النبي ﷺ كان يأتي قبور الشهداء بأحد على رأس كل حول فيقول: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } ".
و أما معاداة قبور الصالحين ، والسعي لهدمها ؛لأنها أضرحة في ذاتها ، فليس هناك من أدلة الشرع ما يقوم دليلا على هدمها، ولا فعلها من هم أفهم للشرع من العلماء وحكام المسلمين.
زد لما في ذلك من تعدي و ظلم و أخذ بالشبهة و هذا منهج الخوارج، و الحاصل أن أضرحة الأولياء تصان من الهدم و لا تمتهن من بعض الجهلة و البهم، و يذب عنها و يمنع ما يقع عندها من مخالفات شرعية بالحكمة و التذكير و النصح و التوجيه، لا بالهدم و التخلص منها فإن هذا لا أصل له و لا فائدة منه إلا زيادة التعصب لها و خلق قضية رأي عام من لا شيء، فعلى من رأى منكرا أن يغيره وفق ما أتاح له الشرع و بالعلم مع الحلم و توضيح المعتقد الصحيح فيها لا قطع الاعتقاد بوجود الصالحين، بل ربط الناس بمن أكرم هاؤلاء بالصلاح و جعل لهم منزلة في عموم البطاح و هو الله سبحانه و تعالى..
كتبه فضيلة الشيخ عماد قندوز عماد حفظه الله