الشيخ الألباني يدعي العصمة له ولكتابه !
في مقدمة كتابه ( صفة صلاة الشيخ الباني رحمه الله).
الذي دفعنا للكتابة
في هذا الموضوع هو رؤية جماعة من المسلمين – من الذين تمذهبوا في صلاتهم على
كتاب (( صفة صلاة النبيّ (ﷺ) )) للشيخ الألباني – قد أخذوا بعض الحركات وبعض مظاهر الصلاة وهيئاتها
مأخذ العقيدة ، فكأن هذه الحركات قد أنزل بها الوحي من السماء ، أو تواترت بها
الأخبار عن رسول الله (ﷺ) .
وقد إختلط عندهم النص المعصوم عن رسول
الله (ﷺ) ، وإجتهادات الشيخ الألباني ، فحسبوهما واحداً ، ولم يفرّقوا بينهما
!
فحينما يسمعون الشيخ الألباني يقول عن
حديث ما : ( هو حديث صحيح إن شاء الله ) . أو ( رواه فلان بسند صالح ) . أو (
إسناده حسن ) . فكأنما هذا هو بمرتبة الوحي المتواتر القطعي النازل من السماء ،
ولا يحتمل أي خطأ ، وأدنى إحتمال !
فلهذا مَن خالف الشيخ فيه فقد خالف رسول
الله (ﷺ) !
فعندهم أن الشيخ متى قال : ( هذه هي السنة
) فهي – فعلاً – قد نطق بها ، أو فعلها رسول الله (ﷺ) من غير أدنى شك أو ريب !
فمن ردّها فقد ردّ على رسول الله (ﷺ) ، وردّ سنته ، وحارب أهل التوحيد والسنة والجماعة !
ولم يحسبوا أي حساب لعلمائنا وسلفنا
الصالح ممن خالفهم الشيخ الألباني من الفقهاء والمحدثين ، من القدماء والمعاصرين !
سلفنا الصالح وتعصبهم لآرائهم
إن علماءنا وأئمتنا وسلفنا الصالح على
قربهم من عصر النبوّة ، ووجودهم في القرون الفاضلة التي هي خير القرون على الإطلاق
بنص حديث رسول الله (ﷺ) حيث قال :
وعلى الرغم من أخذهم العلم والحديث عن
شيوخ فقهاء محدثين أجلاء بالسند المتصل ، الذي يصل إلى رسول الله (ﷺ) بأربعة أو خمسة رجال أقل أو أكثر بقليل .
إن أئمتنا هؤلاء
الأفاضل نراهم قد اتخذوا لهم قاعدة أصبحت شعاراً لهم ، ينقلها عنهم الموافق
والمخالف وهي :
( قولي صواب يحتمل الخطأ ، وقول غيري خطأ
يحتمل الصواب ) .
لكن هؤلاء المسلمين وعلى رأسهم الشيخ
الألباني الذي يفصل بينه وبين النبيّ (ﷺ) أربعة عشر قرنا .
والذي ليس له سند واحد متصل إلى رسول الله
(ﷺ) ، حيث لم يتتلمذ ، ولم يجلس على ركبتيه بين يدي محدث أو فقيه يأخذ
منه العلم ، ليصبح حلقة في سلسلة العلماء والأئمة الذين أخذوا هذا الدين يداً عن
يد تلقينا وتعليما ومدارسة ومذاكرة !
نراه – غفر الله لنا وله – يكاد أن يقولها
صراحة :
( قولي صواب لا يحتمل
الخطأ ، وقول غيري خطأ لا يحتمل الصواب ) !
وترى مصداق ذلك في تعابير يستخدمها الشيخ
كثيراً في كتبه ، كأن يقول : ( هذا هو الذي ثبت في السنة ، وخلافه إما ضعيف أو لا
أصل له ) . أو يقول ( وأما الذي استحسنه بعض التأخرين فبدعة ) . أو ( فهذا مما لا
أعلم له أصلاً في شيء من الروايات والمصادر التي وقفت عليها ) . أو . . . إلخ
وأوضح من كل ذلك هو قوله :
( فالجواب عنه من
وجوه : الأول : إن في ثبوت هذه القصة عن أحمد نظر ، لأن
شيخ الخلال الحسن بن أحمد الوراق لم أجد ترجمة فيما عندي الآن من
كتب الرجال ، وكذلك شيخه علي بن موسى الحداد لم أعرفه . . . فنحن
في شك من ثبوت ذلك عن الشعبي بهذا اللفظ خاصة . . . ! ! ! ([2])
.
نحن لا نريد من أقوالنا هذا أن نطعن الشيخ
الألباني ونجرحه ، ولكننا نقرر واقعاً مُرّاً ملموساً ونثبته .
دعوة العصمة !
نطق الشيخ الألباني أقوالاً ، لو قلّبتها
على أي وجه من وجوهها لما رأيت فيها غير دعوة العصمة له ولكتابه !
فهو يقول في ( تلخيص صفة الصلاة ) (
الغلاف الخلفي ) :
( كيف كان رسول الله (ﷺ) يصلي من التكبير إلى التسليم كأنك تراها بعبارة وجيزة
، لا تعقيد فيها ولا غموض ، بعيدة عن الأقيسة والآراء ) .
( إستقصيت فيها كل ما ثبت عن النبيّ
(ﷺ) مما له
صلة بموضوعها بحيث جمعت ما في بطون الامهات الفقهية وغيرها ، بل وأربت عليها
) .
( إنتخبت مادتها من عشرات الكتب الحديثية
المعتمدة ، من مطبوعة ومخطوطة ) .
( كل مسألة فيها ، تجد مستندها من
قوله (ﷺ) أو فعله في
أصلها (( صفة الصلاة )) فهي بهذه المزايا فائقة كل ما هو معروف اليوم من الرسائل
المؤلفة في بابها ) .
ويقول في كتابه ( صفة صلاة النبيّ (ﷺ) ) :
( ولذلك فإن الكتاب سيكون إن شاء الله
تعالى جامعاً لشتات ما تفرق في بطون كتب الحديث والفقه على إختلاف المذاهب
مما له علاقة بموضوعه .
بينما لا يجمع ما فيه من الحق أي
كتاب أو مذهب ، وسيكون العامل به إن شاء الله ممن قد هداه الله (( لما
اختلفوا فيه من الحق بإذنه ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم )) ) ([3])
.
فهذه دعوة صريحة ، ودعاية سافرة ، وادّعاء
صارخ لعصمة كتابه عن الخطأ ، وتفرده في جمع الحق فيه !
بل أصرح من هذه الدعوة ، وأوضح منها وأثخن
هو ما قاله في خاتمة تقديمه لكتابه المذكور ، حيث قال بنصه :
( ولذلك فإني أستطيع أن أقول :
كتابنا هذا لما جمع السنن الثابتة
عنه (ﷺ) في صفة صلاته ، لا عذر لأحد في ترك العمل بها ، لأنه
ليس فيه ما اتفق العلماء على تركه ، حاشاهم من ذلك ، بل ما من مسألة وردت
فيه إلا وقد قال بها طائفة منهم ، ومن لم يقل بها فهو معذور ومأجور أجراً
واحداً ، لأنه لم يرد إليه النص بها إطلاقاً ، أو ورد لكن بطريق لا
تقوم عنده به الحجة ، أو لغير ذلك من الأعذار المعروفة لدى العلماء .
وأما مَن ثبت النص عنده من بعده فلا
عذر له في تقليده ، بل الواجب إتباع النص المعصوم ، وذلك هو
المقصود من هذه المقدمة ، والله عز وجل يقول : ( يا أيها الذين آمنوا
استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ، واعلموا أن الله يحول بين المرء
وقلبه ، وأنه إليه تحشرون ) ) ([4])
.
مثل هذه الإدعاءات ، وقصر الباع في الفقه
والحديث ، وعدم معرفة أقدار وعلم أئمتنا جعل أتباع الشيخ يسلمون له زمامهم
فيبادرون إلى إمتثال أمره واتباع إجتهاداته وكأنها صدرت عن رسول الله (ﷺ) بنفسه !
أين المنطلق ؟
إن إنطلاقة هذه الجماعة في بداية نشأتها
كانت إنطلاقة صحيحة وصائبة ، حيث رفعوا أصواتهم ونادوا بالرجوع إلى كتاب الله وسنة
رسوله (ﷺ) .
ونادوا بعدم تقديس الرجال ، والتعصب
لآرائهم ، وعدم إحاطتهم بهالة من التقديس والعصمة ، بحيث لا يُتصور صدور الأخطاء
منهم !
فالإمام أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد
رحمهم الله ، هؤلاء ليسوا أنبياء ولا معصومين ، فلا يجب علينا أن نقلدهم في كل
آرائهم ، حيث ( ليس أحد بعد النبيّ (ﷺ) إلا ويؤخذ من قوله ويترك إلا النبيّ (ﷺ) ) .
وكانوا ينقلون أقوالاً عن الأئمة
المذكورين ، ويذيعونها وينشرونها تخدم هذا الإتجاه .
فعلى سبيل المثال :
كتب الشيخ الألباني في كتابه ( صفة الصلاة
) عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنه قال :
( (( حرام على مَن لم
يعرف دليلي أن يفتي بكلامي )) زاد في رواية : (( فإننا بشر نقول القول اليوم ، ونرجع عنه غدا )) . وفي أخرى : (( ويحك يا يعقوب ( هو
أبو يوسف ) لا تكتب كل ما تسمع مني ، فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غدا ، وأرى
الرأي غدا وأتركه بعد غد )) . . (( إذا قلت قولاً يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول (ﷺ) فاتركوا قولي )) ) ([5])
.
وكتب عن الإمام مالك رحمه الله أنه قال :
( (( إنما أنا بشر أخطيء
وأصيب ، فانظروا في رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق
الكتاب والسنة فاتركوه )) ) ([6])
.
وكتب عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال
:
( (( أنتم أعلم بالحديث
والرجال مني فإذا كان الحديث لصحيح فأعلموني به ، أي شيء يكون : كوفيا أو بصرياً
أو شامياً ، حتى أذهب إليه إذا كان صحيحاً )) .
(( كل مسألة صح فيها
ألخبر عن رسول الله (ﷺ) عند أهل النقل بخلاف ما قلت ، فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي )) .
(( إذا رأيتموني أقول
قولاً ، وقد صحّ عن النبيّ ر خلافه فاعلموا أن عقلي قد ذهب )) .
وكتب عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال :
( (( لا تقلدني ولا تقلد
مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا )) . وفي رواية : (( لا تقلد دينك أحداً
من هؤلاء ، ما جاء عن النبيّ (ﷺ) وأصحابه فخُذ به ، ثم التابعين بعد ، الرجل فيه مخير ، رأي الأوزاعي
ورأي مالك ورأي أبي حنيفة كله رأي ، وهو عندي سواء ، وإنما الحجة في الآثار )) .
تعقيب
قبل أن نسترسل في الكلام لنا بعض
الملاحظات على قول ووصايا هؤلاء الأئمة التي نقلها عنهم الشيخ الألباني ، فنقول :
1 – إن خطاب هؤلاء الأئمة موجه إلى
تلاميذهم ، الذين هم كانوا على وشك إن يتخرجوا فيصبحوا مجتهدين مستقلين ، أو
تخرجوا فعلاً ، وما كان يمنعهم التصدر في الفتوى إلا وجود شيوخهم وأساتذتهم .
وليس موجهاً إلى العوام ، أو الذين لا يملكون أدوات الإجتهاد ، ولا
يتصفون بصفات المجتهد .
فإذا تأملنا في أقوالهم فسوف نرى مصداق ما قلناه واضحاً .
فأبو حنيفة قال :(( حرام على مَن لم يعرف دليلي أن يفتي بكلامي )) .
فهو يحرم الفتوى على المفتي من غير معرفة الدليل .
ثم هو يخاطب أمثال أبا يوسف الذي أطبقت شهرته الآفاق
أما الإمام الشافعي رحمه الله فقد قال :
(( أنتم أعلم بالحديث
والرجال مني )) .
فهو يخاطب أمثال الإمام أحمد بن حنبل والذي كان تلميذاً للإمام
الشافعي ، ولا يخاطب بأقواله تلك العوام وأشباههم .
أما الإمام أحمد رحمه الله فقد قال :
(( لا تقلدني . . . وخذ
من حيث أخذوا )) .
هل العوام وأشباههم – من غير الأئمة المجتهدين – يستطيعون أن يأخذوا
من حيث أخذ الإمام مالك والشافعي والأوزاعي والثوري ؟
2 – لو نقارن بين أقوال أولئك الأئمة الأعلام الذين هم نجوم في سماء
الإسلام ، يهتدي بهم المؤمنون في ظلمات الحياة أكثر من عشرة قرون ، والذين أطبقت
شهرتهم الآفاق ، وأتباعهم لا يحُصون .
لو نقارن بين أقوالهم التي تتقطر منها التواضع وهضم النفس ، وإثبات
البشرية الخطاّءة ، والتي تستشعر الإثم في الإتباع المطلق لأصحابها .
نقارن بينها وبين أقوال الشيخ الألباني التي نقلناها عنه من كتابه (( صفة الصلاة )) ، والتي تستشعر
الإثم في عدم إتباعها المطلق ، فستجد البون بينهما واسعاً شاسعاً .
أين المنطلق ؟
قلنا إن هذه الجماعة قد إنطلقت في بداية نشأتها إنطلاقة صحيحة فكانت –
على ما يبدو – تحارب التعصب البغيض ، وتقديس الرجال وإنزالهم منزلة فوق الأخطاء
والإنتقاد .
وتنشر أقوال أولئك الأئمة المتبوعين المشهورين في ذلك وكانوا هم حملة هذه الراية وأبطالها ، فكان
المفروض فيهم أن يكونوا قدوة للناس في ذلك ، وفي طليعة من لا يعرفون الحق بالرجال
، وأن يكونوا من الأوائل في إمتثال وتطبيق ما دعوا إليه !
ولكننا – مع الأسف – رأينا غير ذلك ، بل رأينا عكس ذلك تماماً ، مما
جعلنا نسيء الظن بهم ن ونتهم نياتهم بناءً على مواقفهم المتناقضة جداً مع أقوالهم
وادّعاء اتهم !
وقد إتهمهم البعض بأنهم ما كانت غايتهم في تلك الدعوة إلا رفع الثقة
عن الأئمة المتبوعين المشهورين وغيرهم ، وإزاحتهم عن المنزلة العالية الرفيعة
السامقة التي تبوؤها في قلوب الناس ، وإعطاء ومنح هذه الثقة والمكانة لأناس لا
يصلحون أن يكونوا كتبة لتلاميذ أولئك الأئمة !
فعلى سبيل المثال :
ما معنى هذا التعصب الشديد للشيخ الألباني وآرائه واجتهاداته ؟
وما معنى هذا التكلف المجهد والمضني في تأويل أخطائه ، وإيراد
المبررات لها ؟
حتى أنهم في سبيل بقاء الشيخ في دائرة العصمة عن الخطأ ليحاولون
جاهدين تغيير بعض معاني الألفاظ العربية ، كتغييرهم ( الإشارة ) بـ ( الحركة )
مثلا ً ! !
ثم ما معنى موقفهم الغريب والعجيب من العالِم الذي ينتقد الشيخ
الألباني أو غيره في بعض أخطائه ؟
وكأنه قد قام بانتقاد رسول الله (ﷺ) ، فهو بالتالي – عندهم – عدّو للتوحيد وأهل السنة والجماعة ! ! !
أين هو حب الحق ومناشدته ؟ أين هو التعصب للشريعة لا للرجال ؟ أين
المنطلق ؟
فمثل هذه المواقف لا تنسجم أبداً مع دعواهم التي إنطلقوا بها ،
وبالتالي فهُم لا يُعتبرون إلا جماعة جديدة من المقلدين ، إنضموا إلى صفوف المقلدة
المتعصبين ، بل فاقوهم وسبقوهم فأصبحوا في مقدمتهم ، مع الفرق الشاسع بينهم وبين
غيرهم من ناحية الإمام الذي قلدوه دينهم .
فأئمة أولئك أجمعت الأمة الإسلامية على تبحرهم في العلم ، وإمامتهم
على مدار القرون !
على العكس من إمام هؤلاء فهو لا يرتقي إلى مستوى أحد تلاميذهم من
الطبقة العاشرة !
بالإضافة إلى وجود آلاف مؤلفة من العلماء المجتهدين ، المتبحرين في
العلم في صفوف أولئك كأمثال الأئمة : أبو يوسف ومحمد بن الحسن وزُفر بن الهذيل
وبدر العيني والنووي والبيهقي وابن كثير وابن حجر العسقلاني وابن تيمية وابن القيم
والذهبي . . . وغيرهم كثير كثير !
تعقيب
وقد قال الأستاذ مازن بدران تعقيباً على مدح الشيخ الألباني لكتابه (
صفة صلاة النبيّ (ﷺ) ) ، وادّعائه صحة نصوصه :
( ها هنا ثلاث قضايا ننازعه فيها :
أولاً : صحة النصوص التي جمعها ، وضعف ما خالفها ، فلا نسلم له أبداً
، وأي حامل لنا على ذلك ؟ فهو لا يَفضُل العديد ممن ينازعه أحكامه من معاصريه
علماً ودراية ، فكيف بمن خالفه من أئمة السلف ! ولا يغترن أحد بكثرة أصحاب الدعاوى
من العوام المؤازرين لهذا النهج ، إذ هم قوم يميلون مع كل ريح وفي الداخل شواهد ما
نقول .
ثانياً : الأحكام المستنبطة من النصوص الصحيحة ، لو وافقناه جدلاً ،
وهذه من أعظم أسباب الخلاف الفقهي الدائر من زمن السلف . ولا ريب أن شطراً واسعاً
من النصوص ، سواء القطعية أو الظنية الثبوت ، هي ظنية الدلالة . فالشيخ وغيره سواء
في إحتمال الإصابة والخطأ ؛ ولا زال المنصفون من أصحاب الحديث يشهدون لأرباب الفقه
بالإمامة والفضل والتقدم في أمثال هذه المباحث . وأما من يحسب أن ظن الشيخ يقين ،
فليس كلامنا هنا معه !
ثالثاً : كون كتابه قد جمع كل النصوص الثابتة في بابه ؛ فهذا بعيد ،
ولا يلزم من مراجعته الكثير من كتب الحديث ، كما يقول ، صحة دعواه ؛ بل ما يصحب
ذلك من الإغترار الدافع للتقصير ، مع إمكان الغفلة والسهو – وهو غير معصوم –
سيتكفل بتصويب ما نقول . . . وكم مرة إستدرك هو على الأئمة وقال : كم ترك الأول
للآخر ! ) ([9])
.
ثم قال الأستاذ مازن تحت عنوان (( دعوة إلى التقليد )) :
( ثم إن ما تقدم من كلامه لا يرغّب القاريء في البحث والتدقيق ، بل
يسلمه إلى الخمول والتقليد ، والمفروض أنه يسعى إلى خلاف ذلك ! بل إن مجمل خطته في
الكتاب لا تنفع في إخراج مجتهدين ، أو حتى متبعين – كما في إصطلاحه - : إذ هو قد
بتر الأسانيد ، وخلط المتون ، وما تكلم في تفاصيل التصحيح والتضعيف ؛ وإنما يأتيك
بجمل مؤلفة من تداخل أحاديث عدة ، ويقول : خرّجه فلان وفلان ، وما خالفه ضعيف .
وإن إرتقى فيقول : وتفصيله في كتاب كذا . أو كما بيّنت في موضع كذا ؛ فهو يفترض أن
القاريء يجب أن يبتاع مع كتابه هذا : إرواء الغليل ، تمام المنة ، الصحيحة ،
الضعيفة ، صحيح أبي داود ، ضعيف . . . باختصار : سلسلة كتبه المعهودة . هذا
بالإضافة إلى إطلاعه على جميع المراجع التي يعزو إليها ؛ وإلا فكيف للقاريء أن
يتحقق من وجود الحديث في مكان عزوه أولاً ، وصحة أو ضعف إسناده ثانيا ؟ ناًهيك عن
كتب الجرح والتعديل اللازمة لذلك !
ومبرر صنيعه هذا ، كما يقول ، إرادة التسهيل والإختصار ، وغفل أن ذلك
لا يجامع دعواه في الحث على الإجتهاد المطلق !
وأذكر يوماً أنّي شاهدت زميلاً ، ممن ينقد التقليد بشدة ، ينهض في
صلاته معتمداً على قبضتي يديه ، فسألته إن كان في المسألة نص ، فقال : نعم . فقلت
: لا أعلم فيها شيئاً يثبت ! فقال : فيها حديث صحيح . واستمهلني لحظات عاد بعدها
وبيده كتاب (( الصفة )) ، كما يقولون ، وقال لي بابتهاج : أنظر إسناده صالح ! مشيراً إلى قول
المؤلف ( ص 155 ) : (( رواه أبو إسحاق الحربي بسند صالح )) . وأنا أعلم تماماً
أنه لا يعرف مَن هو أبو إسحاق الحربي ولا كتابه الذي أخرج فيه هذا الحديث ، فضلاً
على أن يحكم على إسناده !
ونظام التفكير هذا لا يخص زميلي المذكور فقط ، بل أصحابه كثر ؛ كلهم
يهزؤون بالتقليد والمقلّدة ، ويقولون لا نأخذ إلا من الكتاب والسنة . وهم حقيقة
يأخذون من حيث علمت !
ولا شك أنه التقليد ، ولكن في ثوب جديد ! ) ([10])
.
اقرأ هذا الكتاب القيم .. نقد كتاب صفة صلاة النبي (ﷺ) للشيخ الالباني رحمه الله
اقرأ هذا الكتاب القيم .. نقد كتاب صفة صلاة النبي (ﷺ) للشيخ الالباني رحمه الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق