السؤال: شيخنا ممكن أن تفصل لنا على راي المذاهب موضع سجود السهو في حالة النقص أو الزيادة او الشك في الصلاة قبل السلام ام بعده ؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعـد:
فسجود السهو سّنة عند الائمة الثلاثة واكثر اهل العلم ، وهو واجب عند الحنفية ، وسببه اما زيادة او نقصان او شك ، وقد اختلف العلماء في موضع سجدتي السهو من الصلاة على عدة أقوال اهمها:
القول الأول : التفرقة بين الزيادة والنقص فيسجد للزيادة بعد السلام وللنقص قبله. وإلى ذلك ذهب الامام مالك وأصحابه، وهو قول للأمام الشافعي، ورواية ثانية عن الامام أحمد وبعض اصحابه ، وهو قول المزني، وأبي ثور من الشافعية .
واستدلوا بما ياتي:
1- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه .
قال الامام النووي في المجموع : (فيه دلالة واضحة ان النقصان في الصلاة يسجد له قبل السلام، ولأنه لإتمام الصلاة وجبر نقصانها).
2- حديث عبد الله بن مسعود(رضي الله عنه) قال:((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا، فلما انفتل توشوش القوم بينهم، فقال: ما شأنكم قالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة؟ قال :لا قالوا: فإنك قد صليت خمسا، فانفتل فسجد سجدتين ثم سلم، ثم قال إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)) متفق عليه. وقوله:(( فسجد سجدتين ثم سلم)) فيه دلالة على أن الزيادة في الصلاة يُسجد لها بعد السلام.
3- حديث عائشة رضي الله عنها قالت :(( أن النبي صلى الله عليه و سلم سها قبل التمام، فسجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، وقال من سها قبل التمام سجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، وإذا سهى بعد التمام سجد سجدتي السهو بعد أن يسلم)) رواه الطبراني في الاوسط ، وفيه عيسى بن ميمون مختلف فيه ، وثقه حماد بن سلمة ، وقال عنه يحيى بن معين: ليس به بأس ، وضعفه الجمهور كما في تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (وحينئذ فأظهر الأقوال الفرق بين الزيادة والنقص وبين الشك مع التحري والشك مع البناء على اليقين . وهذا إحدى الروايات عن أحمد وقول مالك قريب منه وليس مثله فإن هذا مع ما فيه من استعمال النصوص كلها : فيه الفرق المعقول ؛ وذلك أنه إذا كان في نقص كترك التشهد الأول احتاجت الصلاة إلى جبر وجابرها يكون قبل السلام لتتم به الصلاة فإن السلام هو تحليل من الصلاة ، وإذا كان من زيادة كركعة لم يجمع في الصلاة بين زيادتين بل يكون السجود بعد السلام ؛ لأنه إرغام للشيطان بمنزلة صلاة مستقلة جبر بها نقص صلاته فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل السجدتين كركعة ، وكذلك إذا شك وتحرى فإنه أتم صلاته وإنما السجدتان لترغيم الشيطان فيكون بعد السلام ،ومالك لا يقول بالتحري ولا بالسجود بعد السلام فيه ، وكذلك إذا سلم وقد بقي عليه بعض صلاته ثم أكملها فقد أتمها والسلام منها زيادة والسجود في ذلك بعد السلام ؛ لأنه إرغام للشيطان ، وأما إذا شك ولم يتبين له الراجح فهنا إما أن يكون صلى أربعا أو خمسا فإن كان صلى خمسا فالسجدتان يشفعان له صلاته ليكون كأنه قد صلى ستا لا خمسا وهذا إنما يكون قبل السلام. فهذا القول الذي نصرناه هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث لا يترك منها حديث مع استعمال القياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص وإلحاق ما ليس بمنصوص بما يشبهه من المنصوص).
وقال الامام ابن قدامة المقدسي في المغني: (إنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم السجود قبل السلام ، وبعده في أحاديث صحيحة ، متفق عليها ، ففيما ذكرناه عمل بالأحاديث كلها ، وجمع بينها ، من غير ترك شيء منها ، وذلك واجب مهما أمكن ، فإن خبر النبي صلى الله عليه وسلم حجة يجب المصير إليه ، والعمل به ، ولا يترك إلا لمعارض مثله ، أو أقوى منه ، وليس في سجوده ، بعد السلام أو قبله ، في صورة ، ما ينفي سجوده في صورة أخرى في غير ذلك الموضع ).
قال الامام ابن عبد البر في الاستذكار: (واستعمال الأخبار على وجهها أولى من ادعاء النسخ ومن جهة النظر الفرق بين الزيادة والنقصان بين في ذلك لأن السجود في النقصان إصلاح وجبر ومحال أن يكون الإصلاح والجبر بعد الخروج من الصلاة، وأما السجود في الزيادة فإنما هو ترغيم للشيطان وذلك ينبغي أن يكون بعد الفراغ ، قال ابن العربي : مالك أسعد قيلا وأهدى سبيلا).
القول الثاني : أن سجود السهو كله قبل السلام .
وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة: أبو سعيد الخدري، وابن عباس، ومعاوية ، وعبد الله بن الزبير -رضي الله عنهم- على خلاف في ذلك، ورواه الترمذي عن أكثر فقهاء المدينة وعن أبي هريرة(رضي الله عنه)، وبه قال الزهري، ومكحول، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، والليث بن سعد، والامام الشافعي في الجديد وأصحابه، ورواية عن الامام أحمد وبعض اصحابه.
أدلة أصحاب هذا القول:
1- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه.
2- حديث أبي سعيد الخدري(رضي الله عنه) قال:((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان)) رواه الامام مسلم.
3- حديث عبد الرحمن بن عوف(رضي الله عنه) قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(( إذا سها أحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى أو ثنتين، فليبن على واحدة، فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث ،وليسجد سجدتين قبل أن يسلم)) صحيح رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
وجه الدلالة في الأحاديث: فيها دلالة على أن سجود السهو يكون كله قبل السلام، سواء كان سبب السجود شك أو زيادة أو نقصان.
القول الثالث: أن سجود السهو كله محله بعد السلام.
وهو قول جماعة من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين ،وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنهم أجمعين- ، ومن التابعين أبي سلمة بن عبد الرحمن ، والحسن البصري، والنخعي ، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو قول سفيان الثوري ، والامام أبي حنيفة وأصحابه ، وقول للأمام الشافعي في القديم ، وهو مذهب الزيدية والامامية.
أدلة أصحاب هذا القول:
1- حديث أبي هريرة(رضي الله عنه) قال:((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي، قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا، قال :فصلى بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة ،وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين، قال يا رسول الله: أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ قال: لم أنس ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر)) متفق عليه.
وجه الدلالة في الحديث: انه (صلى الله عليه وسلم) سجد عن نقص في صلاته للسهو بعد السلام
2- حديث عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال النبيّ(صلى الله عليه وسلم) :((إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين))متفق عليه.
وجه الدلالة في الحديث: قوله :(( إذا شك أحدكم في صلاته)) عام في كل سهو نقصان أو زيادة ، فيسجد بعد السلام.
القول الرابع : أن محله بعد السلام إلا في موضعين فإن الساهي فيهما مخير . أحدهما من قام من ركعتين ولم يجلس ولم يتشهد ، والثاني أن لا يدري أصلى ركعة أم ثلاثا أم أربعا فيبني على الأقل ، ويخير في السجود. وإلى ذلك ذهب الظاهرية.
واحتجوا بما يأتي:
1- حديث عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال النبيّ(صلى الله عليه وسلم) :((إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ،فليتم عليه ثم ليسلم ،ثم ليسجد سجدتين))متفق عليه.
قال الامام ابن حزم في المحلى : (فلو لم يرد غير هذه السُّنة، لم يجز سجود السهو الا بعد السلام ).
2- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر، لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين، ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه .
الخلاصة والمفتى به :
هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من التفرقة بين الزيادة والنقصان فيسجد للزيادة بعد السلام، وللنقص قبله كما جاء في الأحاديث الصحيحة جمعا وعملا بها.
وأما عند الشك ففيه تفصيل : فإذا شك في زيادة او نقصان وترجح عنده أحد الاحتمالين فإنه يسجد بعد السلام ، مثل شخص يصلّي الظهر فشكَّ في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة لكن ترجَّح عنده أنها الثالثة، فإنه يجعلها الثالثة فيأتي بعدها بركعة ويسلِّم، ثم يسجد للسهو.
واذا شك ولم يترجح عنده أحد الاحتمالين فإنه يسجد قبل السلام ، مثل شخص يصلّي العصر فشكَّ في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة، ولم يترجَّح عنده أنها الثانية أو الثالثة، فإنه يجعلها الثانية فيتشهَّد التشهُّد الأول، ويأتي بعده بركعتين، ويسجد للسهو ويسلِّم. والله تعالى اعلم.
د.ضياء الدين الصالح
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعـد:
فسجود السهو سّنة عند الائمة الثلاثة واكثر اهل العلم ، وهو واجب عند الحنفية ، وسببه اما زيادة او نقصان او شك ، وقد اختلف العلماء في موضع سجدتي السهو من الصلاة على عدة أقوال اهمها:
القول الأول : التفرقة بين الزيادة والنقص فيسجد للزيادة بعد السلام وللنقص قبله. وإلى ذلك ذهب الامام مالك وأصحابه، وهو قول للأمام الشافعي، ورواية ثانية عن الامام أحمد وبعض اصحابه ، وهو قول المزني، وأبي ثور من الشافعية .
واستدلوا بما ياتي:
1- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه .
قال الامام النووي في المجموع : (فيه دلالة واضحة ان النقصان في الصلاة يسجد له قبل السلام، ولأنه لإتمام الصلاة وجبر نقصانها).
2- حديث عبد الله بن مسعود(رضي الله عنه) قال:((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا، فلما انفتل توشوش القوم بينهم، فقال: ما شأنكم قالوا: يا رسول الله هل زيد في الصلاة؟ قال :لا قالوا: فإنك قد صليت خمسا، فانفتل فسجد سجدتين ثم سلم، ثم قال إنما أنا بشر أنسى كما تنسون)) متفق عليه. وقوله:(( فسجد سجدتين ثم سلم)) فيه دلالة على أن الزيادة في الصلاة يُسجد لها بعد السلام.
3- حديث عائشة رضي الله عنها قالت :(( أن النبي صلى الله عليه و سلم سها قبل التمام، فسجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، وقال من سها قبل التمام سجد سجدتي السهو قبل أن يسلم، وإذا سهى بعد التمام سجد سجدتي السهو بعد أن يسلم)) رواه الطبراني في الاوسط ، وفيه عيسى بن ميمون مختلف فيه ، وثقه حماد بن سلمة ، وقال عنه يحيى بن معين: ليس به بأس ، وضعفه الجمهور كما في تقريب التهذيب لابن حجر العسقلاني.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: (وحينئذ فأظهر الأقوال الفرق بين الزيادة والنقص وبين الشك مع التحري والشك مع البناء على اليقين . وهذا إحدى الروايات عن أحمد وقول مالك قريب منه وليس مثله فإن هذا مع ما فيه من استعمال النصوص كلها : فيه الفرق المعقول ؛ وذلك أنه إذا كان في نقص كترك التشهد الأول احتاجت الصلاة إلى جبر وجابرها يكون قبل السلام لتتم به الصلاة فإن السلام هو تحليل من الصلاة ، وإذا كان من زيادة كركعة لم يجمع في الصلاة بين زيادتين بل يكون السجود بعد السلام ؛ لأنه إرغام للشيطان بمنزلة صلاة مستقلة جبر بها نقص صلاته فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل السجدتين كركعة ، وكذلك إذا شك وتحرى فإنه أتم صلاته وإنما السجدتان لترغيم الشيطان فيكون بعد السلام ،ومالك لا يقول بالتحري ولا بالسجود بعد السلام فيه ، وكذلك إذا سلم وقد بقي عليه بعض صلاته ثم أكملها فقد أتمها والسلام منها زيادة والسجود في ذلك بعد السلام ؛ لأنه إرغام للشيطان ، وأما إذا شك ولم يتبين له الراجح فهنا إما أن يكون صلى أربعا أو خمسا فإن كان صلى خمسا فالسجدتان يشفعان له صلاته ليكون كأنه قد صلى ستا لا خمسا وهذا إنما يكون قبل السلام. فهذا القول الذي نصرناه هو الذي يستعمل فيه جميع الأحاديث لا يترك منها حديث مع استعمال القياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص وإلحاق ما ليس بمنصوص بما يشبهه من المنصوص).
وقال الامام ابن قدامة المقدسي في المغني: (إنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم السجود قبل السلام ، وبعده في أحاديث صحيحة ، متفق عليها ، ففيما ذكرناه عمل بالأحاديث كلها ، وجمع بينها ، من غير ترك شيء منها ، وذلك واجب مهما أمكن ، فإن خبر النبي صلى الله عليه وسلم حجة يجب المصير إليه ، والعمل به ، ولا يترك إلا لمعارض مثله ، أو أقوى منه ، وليس في سجوده ، بعد السلام أو قبله ، في صورة ، ما ينفي سجوده في صورة أخرى في غير ذلك الموضع ).
قال الامام ابن عبد البر في الاستذكار: (واستعمال الأخبار على وجهها أولى من ادعاء النسخ ومن جهة النظر الفرق بين الزيادة والنقصان بين في ذلك لأن السجود في النقصان إصلاح وجبر ومحال أن يكون الإصلاح والجبر بعد الخروج من الصلاة، وأما السجود في الزيادة فإنما هو ترغيم للشيطان وذلك ينبغي أن يكون بعد الفراغ ، قال ابن العربي : مالك أسعد قيلا وأهدى سبيلا).
القول الثاني : أن سجود السهو كله قبل السلام .
وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة: أبو سعيد الخدري، وابن عباس، ومعاوية ، وعبد الله بن الزبير -رضي الله عنهم- على خلاف في ذلك، ورواه الترمذي عن أكثر فقهاء المدينة وعن أبي هريرة(رضي الله عنه)، وبه قال الزهري، ومكحول، وابن أبي ذئب، والأوزاعي، والليث بن سعد، والامام الشافعي في الجديد وأصحابه، ورواية عن الامام أحمد وبعض اصحابه.
أدلة أصحاب هذا القول:
1- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه.
2- حديث أبي سعيد الخدري(رضي الله عنه) قال:((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان)) رواه الامام مسلم.
3- حديث عبد الرحمن بن عوف(رضي الله عنه) قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(( إذا سها أحدكم في صلاته، فلم يدر واحدة صلى أو ثنتين، فليبن على واحدة، فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين، فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث ،وليسجد سجدتين قبل أن يسلم)) صحيح رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد.
وجه الدلالة في الأحاديث: فيها دلالة على أن سجود السهو يكون كله قبل السلام، سواء كان سبب السجود شك أو زيادة أو نقصان.
القول الثالث: أن سجود السهو كله محله بعد السلام.
وهو قول جماعة من الصحابة وهم: علي بن أبي طالب، وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود، وعمران بن حصين ،وأنس بن مالك، والمغيرة بن شعبة -رضي الله عنهم أجمعين- ، ومن التابعين أبي سلمة بن عبد الرحمن ، والحسن البصري، والنخعي ، وعمر بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وهو قول سفيان الثوري ، والامام أبي حنيفة وأصحابه ، وقول للأمام الشافعي في القديم ، وهو مذهب الزيدية والامامية.
أدلة أصحاب هذا القول:
1- حديث أبي هريرة(رضي الله عنه) قال:((صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي، قال ابن سيرين: سماها أبو هريرة ولكن نسيت أنا، قال :فصلى بنا ركعتين ثم سلم، فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى، وخرجت السرعان من أبواب المسجد، فقالوا: قصرت الصلاة ،وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يقال له ذو اليدين، قال يا رسول الله: أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ قال: لم أنس ولم تقصر، فقال: أكما يقول ذو اليدين؟ فقالوا: نعم، فتقدم فصلى ما ترك ثم سلم ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه وكبر)) متفق عليه.
وجه الدلالة في الحديث: انه (صلى الله عليه وسلم) سجد عن نقص في صلاته للسهو بعد السلام
2- حديث عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال النبيّ(صلى الله عليه وسلم) :((إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم ليسلم، ثم ليسجد سجدتين))متفق عليه.
وجه الدلالة في الحديث: قوله :(( إذا شك أحدكم في صلاته)) عام في كل سهو نقصان أو زيادة ، فيسجد بعد السلام.
القول الرابع : أن محله بعد السلام إلا في موضعين فإن الساهي فيهما مخير . أحدهما من قام من ركعتين ولم يجلس ولم يتشهد ، والثاني أن لا يدري أصلى ركعة أم ثلاثا أم أربعا فيبني على الأقل ، ويخير في السجود. وإلى ذلك ذهب الظاهرية.
واحتجوا بما يأتي:
1- حديث عبدالله بن مسعود (رضي الله عنه) قال النبيّ(صلى الله عليه وسلم) :((إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ،فليتم عليه ثم ليسلم ،ثم ليسجد سجدتين))متفق عليه.
قال الامام ابن حزم في المحلى : (فلو لم يرد غير هذه السُّنة، لم يجز سجود السهو الا بعد السلام ).
2- حديث عبد الله بن بحينة(رضي الله عنه):(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من اثنتين من الظهر، لم يجلس بينهما، فلما قضى صلاته سجد سجدتين، ثم سلم بعد ذلك)) متفق عليه .
الخلاصة والمفتى به :
هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من التفرقة بين الزيادة والنقصان فيسجد للزيادة بعد السلام، وللنقص قبله كما جاء في الأحاديث الصحيحة جمعا وعملا بها.
وأما عند الشك ففيه تفصيل : فإذا شك في زيادة او نقصان وترجح عنده أحد الاحتمالين فإنه يسجد بعد السلام ، مثل شخص يصلّي الظهر فشكَّ في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة لكن ترجَّح عنده أنها الثالثة، فإنه يجعلها الثالثة فيأتي بعدها بركعة ويسلِّم، ثم يسجد للسهو.
واذا شك ولم يترجح عنده أحد الاحتمالين فإنه يسجد قبل السلام ، مثل شخص يصلّي العصر فشكَّ في الركعة هل هي الثانية أو الثالثة، ولم يترجَّح عنده أنها الثانية أو الثالثة، فإنه يجعلها الثانية فيتشهَّد التشهُّد الأول، ويأتي بعده بركعتين، ويسجد للسهو ويسلِّم. والله تعالى اعلم.
د.ضياء الدين الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق