الأحد، 30 أغسطس 2020

هل يجوز شراء اللحم فقط من الذبيحة وتوزيعه بنية الأضحية ؟ وما حكم شراء الحيوان وزنا قبل الذبح؟ واسئلة واجوبة اخرى حول الاضحية ؟

 💥شراء اللحم وتوزيعه بنية الأضحية، وشراء الحيوان وزنا قبل الذبح

السؤال: شيخنا هل يجوز شراء اللحم فقط من الذبيحة وتوزيعه بنية الأضحية ؟ وما حكم شراء الحيوان وزنا قبل الذبح؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ورضي الله عن التابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فان الأضحية شعيرة من شعائر الله تعالى، وسّنة مؤكدة من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم-، وينبغي على المسلم أن يعظم شعائر الله تعالى وأن يقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى :{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ } [سورة الحج الآية 32 ]. وقال تعالى :{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } [سورة الأحزاب الآية 21].
👈ولا خلاف بين أهل العلم في أنه لا يجزيء في الأضحية شراء لحم وتوزيعه على الناس، فلا تكون الأضحية إلا بإراقة الدم وامتثال السُّنة بالذبح، لا بتوزيع اللحم فحسب؛ لأنها عبادة مقصودة لذاتها وقربة ، والأصل بالعبادة الإتباع وموافقة الهدي النبوي الشريف ، وكذلك لا بد لها من النية عند إرادتها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) متفق عليه، ولا شك أن اللحم المشترى من القصاب أو الجزار قد ذبح بغير نية الأضحية.
فإهراق الدم في يوم النحر من أفضل القربات والعبادات ، فقد روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : ((مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ عَمَلًا يَوْمَ النَّحْرِ أَحَبَّ إِلَى اللهِ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي قَرْنِهِ مَا عَلَيْهَا قَرْنُهَا وَأَشْعَارُهَا وَأَظْلَافُهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ بِالْأَرْضِ، فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا )) رواه الترمذي والبيهقي .
👈فالأضحية لا تجزيء إلا بإتباع السّنة فيها، ولهذا أمر من خالف فيها السّنة بالإعادة، ففي صحيح البخاري عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر بعد الصلاة فقال(( من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك ومن نسك قبل الصلاة فتلك شاة لحم ، فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله؛ والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت وأكلت وأطعمت أهلي وجيراني، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: تلك شاة لحم )).
👍 وكذلك اتفق الفقهاء على عدم صحة شراء لحم الحيوان بعد الذبح بنيّة الاضحية بالاتفاق مع القصاب، لان الأضحية والعقيقة والدم المنذور، لا بد من تملّكها قبل ذبحها، ولا يصح أن تُذبح وهي ما زالت في مُلك القصاب ، فيجب أن تُشترى حيّةً ثم يتم ذبحها بنيّة الأضحية ونحوها.
وأما شراء الحيوان وزنا قبل الذبح ففيه خلاف، والراجح الجواز من غير غش، فقد قال به أكثر أهل العلم ، الأصل هو حلُّ عملية البيع سواء بالوزن أو بغير وزن، لكن قد يغش التاجر بأن يطعمها ملحا مع العلف لتعطيشها ومن ثم تشرب كميات كبيرة من الماء فيزيد وزنها، فهذا يعود لأمانة التاجر وتقواه ، فهو كأي بيع يدخل عليه غش، فعندئذ يكون البيع حراما لما فيه من الغرر والغش .والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح --
💥الاشتراك في الاضحية
السؤال: شيخنا هل تجزئ الشاة الواحدة عن الرجل واهل بيته ؟ جزاكم الله خيرا
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فقد ذهب جمهور الفقهاء الى أن الاضحية سنّة مؤكدة من سنن الهدى، واتفقوا على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته ؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يضحي كل سَنةٍ بكبشين أملحين أقرنين، يذبح أحدهما عنه وعن أهل بيته ، والثاني عن أمته -صلى الله عليه وسلم-.
فعلى هذا فيدخل فيها أهل البيت جميعاً، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما رواه الامام مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال – على أضحيته -: ((باسم الله؛ اللهمّ تقبل من محمد وآل محمد ومن أمَّة محمد)) فدلَّ ذلك على أن دخول أهل بيت الرجل في الأضحية جائز.
وروى الترمذي عن عطاء بن يسار: سألت أبا أيوب الأنصاري: كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: ((كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته، فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس، فصارت كما ترى)) حديث حسن صحيح . فهذا الحديث نص صريح في أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته وإن كانوا كثيرين.
وقال الإمام ابن القيم-رحمه الله تعالى- في زاد المعاد [2/295] : (وكان من هديه صلى الله عليه وسلم أن الشاة تجزئ عن الرجل وعن أهل بيته، ولو كثر عددهم).
وقال الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله تعالى- في الشرح الممتع: ( التشريك في الثواب لا حصر له ، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن كل أمته ، وها هو الرجل يضحي بالشاة الواحدة عنه وعن أهل بيته ، ولو كانوا مئة ).
واتفقوا ايضا على انه يجوز أن يشترك سبعة أشخاص سواء كانوا من أهل بيت واحد أو من بيوت متفرقين ، وسواء كان بينهم قرابة أو لا ، في واحدة من البقر أو الإبل ، وقد ثبت اشتراك الصحابة -رضي الله عنهم- في الهدي ، السبعة في بعير أو بقرة في الحج والعمرة ، لما روى الامام مسلم عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ : (( نَحَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ ، وَالْبَقَرَةَ عَنْ سَبْعَةٍ)). والله تعالى اعلم.
د. ضياء الدين عبدالله الصالح
💥التصدق بثمن الاضحية لمريض كورونا💫
السؤال: شيخنا: قريب لي مصاب بفايروس كورونا وهو محتاج للعلاج وجهاز تنفس وهو فقير الحال، فهل يجوز اعطاؤه ثمن الاضحية ليشتري العلاج؟ جزاكم الله خيرا.
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
الأصل أن الأضحية أفضل من التصدق بثمنها كما بينت في الفتوى السابقة ؛ لِما يترتب عليها من التقرب إلى الله تعالى بالذبح والتصدق ، وإظهار هذه الشعيرة بين الأهل والأولاد وإحيائها في الناس فإن الأضحية من شعائر الإسلام.
قال الامام ابن القيم في تحفة المودود بأحكام المولود [1/39 ] : (الذّبْح فِي مَوْضِعه أفضل من الصَّدَقَة بِثمنِهِ وَلَو زَاد كالهدايا وَالْأَضَاحِي فَإِن نفس الذّبْح وإراقة الدَّم مَقْصُود فَإِنَّهُ عبَادَة مقرونة بِالصَّلَاةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فصل لِرَبِّك وانحر} وَقَالَ: {قل إِن صَلَاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب الْعَالمين} الْأَنْعَام 162 ، فَفِي كل مِلَّة صَلَاة ونسيكة لَا يقوم غَيرهمَا مقامهما وَلِهَذَا لَو تصدق عَن دم الْمُتْعَة وَالْقرَان بأضعاف أَضْعَاف الْقيمَة لم يقم مقَامه وَكَذَلِكَ الْأُضْحِية وَالله أعلم).
وهذا الحكم هو في التفاضل بين سّنة مؤكدة على راي الجمهور مقصودة لذاتها وهي الاضحية وبين نافلة مطلقة ، فقُدمت الاضحية هنا.
👍واما اذا كانت المفاضلة بين سّنة أو مستحب وبين واجب فان الواجب يقدم بلا شك، وحسب القاعدة الفقهية: (إذا تزاحمت المصالح قُدم الأعلى منها، فيُقدم الواجب على المستحب ).
وفي مسألتنا هذه فقد تزاحم فيها مقصد ضروري وهو حفظ النفس مع سُنّة او مستحب، فانه يُقدم الواجب وهو حفظ النفس على سُنية الاضحية.
فإن كان قريبك هذا مريضا بجائحة كورونا وحاجته شديدة إلى العلاج والدواء ، وخاصة إذا اشتد مرضه ولم يوجد من يعينه فإعانته في مرضه والسعي في علاجه أولى من ذبح الأضحية.
قال الامام ابن القيم في مدارج السالكين [1/ 89] : (فالأفضل في كل وقت وحال: إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه).
ولو تمكنت من ذبح الاضحية تعظيما لشعائر الله تعالى ، والتصدق عليه من مالك لعلاجه لكان افضل واكثر اجرا . والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح
💥أيهما افضل في الاضحية ذبحها ام التصدق بثمنها؟
السؤال: شيخنا أيهما الأفضل ذبح الأضحية أو التصدق بثمنها للفقراء والنازحين؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ورضي الله عن التابعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:
فقد ذهب جمهور العلماء بما فيهم الأئمة الأربعة المتبوعين وغيرهم، على أن الأضحية أفضل من التصدق بثمنها، لان الأضحية مؤقتة بوقت معين بعكس الصدقة فوقتها مطلق، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، لان الأصل في مشروعية كل من الأضحية والهدي والعقيقة إراقة الدم، قال تعالى: {لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} [الحج 37 ]. وعن سعيد بن المسيب قال : ( لأن أضحي بشاة أحب إليَّ من أن أتصدق بمئة درهم) رواه عبدالرزاق في مصنفه.
قال الحافظ ابن عبد البر-رحمه الله تعالى- في التمهيد [23/192] : ( الأضحية عندنا أفضل من الصدقة، لأن الأضحية سنة مؤكدة كصلاة العيد، ومعلوم أن صلاة العيد أفضل من سائر النوافل وكذلك صلوات السنن أفضل من التطوع كله ) .
وقال الإمام النووي-رحمه الله تعالى- في المجموع [8/425] : ( مذهبنا أن الأضحية أفضل من صدقة التطوع للأحاديث الصحيحة المشهورة في فضل الأضحية ،ولأنها مختلف في وجوبها بخلاف صدقة التطوع، ولأن الأضحية شعار ظاهر ) .
وقال الإمام ابن قدامة-رحمه الله تعالى- في المغني [11/96] : ( والأضحية أفضل من الصدقة بقيمتها نص عليه أحمد ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-في مجموع الفتاوى [26/304]: ( والأضحية والعقيقة والهدي أفضل من الصدقة بثمن ذلك ،فإذا كان معه مال يريد التقرب إلى الله كان له أن يضحي به والأكل من الأضحية أفضل من الصدقة ) .
ونُقل عن بعض أهل العلم أن التصدق بقيمة الأضحية أفضل، لحاجة الفقير للمال ، وبهذا قال الشعبي وأبو ثور .
👍المفتى به:
هو قول الجمهور، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- ضحّى والخلفاء من بعده ولو علموا أن الصدقة أفضل من الأضحية لعدلوا إليها ، ولان الاضحية عبادة مقصودة لذاتها، وفتح باب التصدق بأثمان الأضاحي سيؤدى بمرور الزمن إلى ترك الناس هذه الشعيرة العظيمة والإخلال بالتعبد بها وبحكمة تشريعها، وترك التأسي بسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في فعلها.
والأضحية أعظم أجرا لِما فيها من المشقة من حيث شرائها والعناية بها وحفظها، ولِما في ذبحها وتوزيع بعضها من العناء والتعب فالمسلم له الأجر والثواب على كل ذلك إن أخلص نيّته لله تعالى، فالأجر على قدر المشقة .
ويمكن أن يجمع بين الأضحية والصدقة عن طريق التصدق من أضحيته، فيكون بذلك قد جمع بين الفضيلتين: الأضحية والصدقة. والله تعالى اعلم
د. ضياء الدين عبدالله الصالح


💥الاضحية بغير بهيمة الانعام
السؤال: شيخنا هل تجوز الأُضْحِيَّة بغير بهيمة الأنعام التي ذكرت في القران والسنة ؟ بارك الله فيكم
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد اتفق جمهور الفقهاء على أن الأُضْحِيَّة لا تكون الا من بهيمة الأنعام، وهى الإبل سواء كانت عربية أو غير ذلك من أصناف الإبل، والبقر والجواميس الأهلية بأنواعها، والغنم: ضأنا كانت أو معزا، ويجزئ من كل ذلك الذكور والإناث، فمن ضحَّى بحيوان مأكول غير الأنعام، سواء أكان من الدواب أم الطيور، لم تصح تضحيته به.
قال الامام برهان الدين المرغيناني [بداية المبتدي 1/220]:(والأضحية من الإبل والبقر والغنم).
وفي كتاب الاصل للإمام محمد بن الحسن الشيباني [5/411] : (أرأيت الرجل يضحي بالبقرة من بقر الوحش أو بظبي وحش أو حمار وحش؟ قال: لا يجزئ شيء من هذا في الأضحية ولا في غيرها، قلت: ولمَ؟ قال: لأن الوحش لا يضحى بها ولا تجزئ).
قال الامام أبو حامد الغزالي في الوسيط [7/132] : (الركن الأول الذبيح النظر في جنسه وصفته وقدره، أما الجنس فلا يجزىء إلا النعم وهو الإبل والبقر والغنم).
وقال الإمام النووي في المجموع [8/392]: (ولا يجزئ في الأضحية إلا الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم لقول الله تعالى: { لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } ...... ونقل جماعة إجماع العلماء عن التضحية لا تصح إلا بالإبل أو البقر أو الغنم فلا يجزئ شيء من الحيوان غير ذلك).
وقال الامام ابن قدامة المقدسي في المغني [9/440] : (ولا يجزئ في الأضحية غير بهيمة الأنعام، وإن كان أحد أبويه وحشيا، لم يجزئ أيضا. وحكي عن الحسن بن صالح أن بقرة الوحش تجزئ عن سبعة، والظبي عن واحد).
وقد حكي الإجماع على ذلك الإمام ابن عبد البر القرطبي المالكي في الاستذكار [5/321] فقال: (وقد أجمع العلماء أنه لا يجوز في العقيقة إلا ما يجوز في الضحايا من الأزواج الثمانية إلا من شذ ممن لا يعد خلافا).
وحكى الاجماع كذلك الامام ابن رشد في بداية المجتهد [2/193] : (وكلهم مجمعون على أنه لا تجوز الضحية بغير بهيمة الأنعام إلا ما حكي عن الحسن بن صالح أنه قال: تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة، والظبي عن واحد).
واستدل الفقهاء على أن الأضحية لا تكون إلا ببهيمة الأنعام بما يأتي:
1- قال الله تعالى : { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } [الحج : 27- 28].
و(بهيمة الأنعام) هي: كل أصناف الأنعام ، من الإبل والبقر والغنم التي تنحر في يوم العيد وما بعده من الهدايا والضحايا .
قال الامام القرطبي في تفسيره : (وأما "النعم" فإنها عند العرب ، اسم للإبل والبقر والغنم خاصة ، كما قال جل ثناؤه: { والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون} [ سورة النحل : 5 ] ، ثم قال: { والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة} [سورة النحل : 8 ] ، ففصل جنس النعم من غيرها من أجناس الحيوان) .
2- وقوله تعالى : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ } [الحـج:34 ].
وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم من ضأن ومعز ، وجزم به ابن كثير وقال : قاله الحسن وقتادة وغير واحد ، قال ابن جرير الطبري : وكذلك هو عند العرب.
3- وعن البراء بن عازب -رضي الله عنهما-- قال: (خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة، فقال: "من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة، فإنه قبل الصلاة ولا نسك له»، فقال أبو بردة بن نيار خال البراء: يا رسول الله، فإني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة، قال: "شاتك شاة لحم" قال: يا رسول الله، فإن عندنا عناقا لنا جذعة هي أحب إلي من شاتين، أفتجزي عني؟ قال: "نعم ولن تجزي عن أحد بعدك") متفق عليه.
ففهم الرجل من أمر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- بالذبح أنها بهيمة الأنعام, وكل حديث فيه ذكر الأضحية يأتي المفهوم منها أنها بهيمة الأنعام، وهو الذي نصت عليه الآية الكريمة.
وفيه ايضا دلالة أن تغير سن الأضحية من بهيمة الأنعام يجعلها لا تجزئ. فكيف بمن ذبح غيرها من الحيوانات.
4- وعن جابر بن عبدالله-رضي الله عنهما-، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن)) رواه مسلم. ولو كان هناك شيء آخر لذكره الرسول صلي الله عليه وسلم.
👈وذهب الامام ابن حزم الظاهري إلى أن الأضحية يجزئ فيها كل ما يحل أكله من طائر وذي أربع مباح.
فقال في المحلى[ 6/30 ]: (والأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه من ذي أربع، أو طائر، كالفرس، والإبل، وبقر الوحش، والديك، وسائر الطير والحيوان الحلال أكله، والأفضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه). واستدل بآثار ضعيفة عن بعض الصحابة والتابعين.
ويمكن توجيه ما ذهب اليه ابن حزم لمن يعيش في بلاد تعد الحيوانات التي تعيش في بيئتهم ومناخهم من جنس بهيمة الأنعام فيجوز أن يضحى به ، مثل حيوان اللاما وهو حيوان له شعر كثيف ورقبة طويلة ويشبه الجمل الصغير، ولكن ليس له سنام يعيش في امريكا الجنوبية.
او يكون الحيوان الذي عندهم ليس من جنس بهيمة الأنعام مثل سكان الاسكيمو والقطبين عندهم البطريق او مما يعد من فصائل الغزلان كالرنة والأيل والموظ، ولا يجدون غيرها ، فيضحي بها المسلمون هناك خيرا من عدمها.
ويمكن ان يقال ان هؤلاء الناس الذين لا يجدون بهيمة الانعام معذورون وتسقط عنهم الاضحية، ولهم اجرها مع النية الصادقة .
👍المفتى به:
هو ما اجمع عليه الفقهاء من السلف والخلف من أن الأُضْحِيَّة لا تكون الا من بهيمة الأنعام، وهى الإبل سواء كانت عربية أو غير ذلك من أصناف الإبل، والبقر والجواميس الأهلية بأنواعها، والغنم: ضأنا كانت أو معزا، ويجزئ من كل ذلك الذكور والإناث، ولم يثبت بحديث صحيح صريح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أو أحد من الصحابة الكرام التضحية بغير بهيمة الأنعام . والله تعالى اعلم
✍️د. ضياء الدين عبدالله الصالح



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق