الأربعاء، 26 أبريل 2023

ماهو القزع ؟ وهل القصات الموجودة اليوم عندنا يعتبر من القزع المنهي عنه ؟ ام لا .. افتونا مأجورين ؟


هذا المنشور خاص بالشباب الذين سيذهبون للحلاق :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلط على كثير من الناس معنى القَزَع ، فتوهموا أنَّ من صور القَزَع قص شعر جوانب الرأس بدرجة أقل من شعر باقى الرأس .. وحَسِبوا أنَّ العلماء قد اتفقوا على ذلك ، وهو ما لم يحدث ، فإن تفصيل أقوال العلماء فى المسألة على النحو التالى :
اختلف العلماء في معنى القَزَع:
فقيل: أن يحلق رأس الصبي في مواضع، ويترك الشعر متفرقًا.
وهذا يؤيده معنى القزع في اللغة، وعليه فلا يشمل ما إذا حلق جميع الرأس وترك موضعًا واحدًا كشعر الناصية .
وقيل: القزع حلق بعض الرأس مطلقًا .
وقد ورد تفسير القزع من بعض الرواة:
فروى البخاري في صحيحه عن نافع مولى عبدالله، أنه سمع ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن القزع.
قال عبيدالله: قلت: وما القزع؟ فأشار لنا عبيدالله، قال: إذا حلق الصبي، وترك ها هنا شعرة، وها هنا وها هنا، فأشار لنا عبيدالله إلى ناصيته، وجانبي رأسه.
قيل لعبيدالله: فالجارية والغلام؟ قال: لا أدري هكذا قال الصبي.
قال عبيدالله: وعاودته، فقال: أما القصة والقفا للغلام، فلا بأس بهما، ولكن القزع أن يترك بناصيته شعرًا، وليس في رأسه غيره، وكذلك شق رأسه هذا وهذا.
قال المازري في المعلم: إذا كان ذلك - يعني القزع - في مواضع كثيرة، فمنهي عنه بلا خلاف، وإن لم يكن كذلك كالناصية وشبهها، فاختلف في جوازه.
وكذا نقله الطيبي في شرح المشكاة.
القول المُختار :
أنَّ قص جوانب الشعر أو تخفيفه، لا يدخل في القزع، إذ الكراهة مخصوصة بالحلق .، لأن الحديث نص على الحلق وليس القص ، إلا أن يكون ذلك تشبهاً بالكفار أو أهل الدعارة والفسوق فلا يجوز ، ويكون التحريم حينئذ سببه التشبه بالسالف ذكرهم .
حكم القزع :
يكره القزع، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
وقد نقل بعض العلماء الإجماع على الكراهة ..
قال النووي فى شرح مسلم : "أجمع العلماء على كراهية القزع إذا كان في مواضع متفرقة، إلا أن يكون لمداواة ونحوها، وهي كراهة تنزيه".
وكذا نقله الطيبي في شرح المشكاة .
دليل الكراهة:
ما رواه البخاري، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا عبدالله بن المثنى بن عبدالله بن أنس بن مالك، حدثنا عبدالله بن دينار، عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القزع.
علة النهى عن القزع :
ذكر ابن حجر ثلاثة أقوال للعلماء ، وذكر ابن القيم عن ابن تيمية قولا رابعاً :
قال ابن حجر فى فتح البارى :
" و اختلف في علة النهي :
فقيل: لكونه يشوٌه الخلقة .
و قيل لأنه زِيّ الشيطان .
و قيل لأنه زي اليهود .
و قد جاء هذا في رواية لأبي داود " .
قال الامام ابن القيم رحمه الله في تحفة المودود:
"قال شيخنا -أي ابن تيمية رحمه الله-: وهذا من كمال محبة الله ورسوله للعدل، فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه، فنهاه أن يحلق بعض رأسه ويترك بعضه، لأنَّه ظلم للرأس حيث ترك بعضه كاسيًا وبعضه عاريًا، ونظير هذا: أنه نهى عن الجلوس بين الشمس والظل، فإنه ظلم لبعض بدنه، ونظيره: نهى أن يمشي الرجل في نعل واحدة، بل إمَّا أن ينعلهما أو يحفيهما "




 ويفرِّق أهل العلم بين الحكم على الفعل وبين القصد منه.

فقد نقل الإمام يحيى النووي وغيره الإجماع على أن القزع مكروه وليس حرامًا.

قال النووي :"وأجمع العلماء على كراهة القزع إذا كان في مواضع متفرقة إلا أن يكون لمداواة ونحوها وهي كراهة تنزيه وكرهه مالك في الجارية والغلام مطلقا".(شرح النووي على مسلم)(14/101).

فهذه الكراهة تتعلق بالآداب وقد أجمع أهل العلم كما نقل الإمام على كراهة ذلك ، أما فيما يخص التشبه بالكفار فإن أهل العلم يرون أن ذلك حرام ، لأن ذلك يخرج عن دائرة الآداب ويدخل في دائرة الولاء والبراء وحب الكفار ، فلهذا يحرِّم أهل العلم القزع إذا كان القصد منه التشبه بالكفار ، لأن التشبه في الظاهر يورث المودة في الباطن ، وكذلك سدًّا للذريعة.

وهذا مما يُنبه عليه عند أهل الإفتاء ، فلا يُطلق القول بالكراهة ولا التحريم كما ذكرنا جانبًا من ذلك.

لأن العلم بالقصد من الفعل لا يتحقق بمجرد السؤال ، إنما ينَبِّه المفتي على أنه إذا كان القصد به كذا فحكمه كذا.

وكذلك يفرِّقُ العلماء بين من رَكَعَ لأحد السلاطين من حيث الدافع إلى ذلك ، فلا يحكمون بكفر الراكع إلا إذا علموا أن ركوعه كان ركوع عبادة وتعظيم وأن الراكع سوَّى بين الله تعالى والسلطان ، فعندما يتحقق العلماء من هذا وتقوم الحجة على هذا المعين يقولون بكفره ورِدَّتِهِ ، وهذا التحقيق لا يحصل ظاهرًا بل لا بد من تصريح المعين أو الوقوف على بعض القرائن أو نحو ذلك لكي يكتمل الحكم ، فإن الركوع على سبيل التعظيم أو التحية لا يُعلم ظاهرًا ، بل كل ذلك من الأعمال الباطنة التي لا يعلمها إلا الله.

ويفرقون بين من كان ركوعه على سبيل التحية ، فهذا مرتكب لكبيرة وهو آثم بلا شك ، وإذا كان مُكرهًا فلا شيء عليه.

فالفعل واحد والأحكام مختلفة لاختلاف المقاصد منه !

وكذلك يحرِّمُ أهل العلم تهنئة اليهود والنصارى في أعيادهم الدينية لأن هذا من التشبه بالكفار والإقرار بكفرهم.

وهذا التحريم من أهل العلم مرده لدفع مفسدة أكبر وهي الكفر ، فإن حب اليهود والنصارى كفر بالإجماع ، ولأن التشبه بهم وتهنئتهم قد يؤدي إلى حبهم وتصحيح مذهبهم أو التوقف في كفرهم ، ولهذا منع من ذلك أهل العلم.

ودليل أن حب النصارى واليهود كفر قوله تعالى :"﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمࣰا یُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ یُوَاۤدُّونَ مَنۡ حَاۤدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوۤا۟ ءَابَاۤءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَاۤءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَ ٰ⁠نَهُمۡ أَوۡ عَشِیرَتَهُمۡۚ﴾.

وقد نقل أبو العباس ابن تيمية أن من لم يبغض اليهود والنصارى ليس بمسلم بالإجماع :

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللَّهُ:

"وَمَنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنَّ بَعْدَ مَبْعَثِ مُحَـمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنْ يَكُونَ مُسْلِمٌ إلَّا مَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ ، وَمَنْ لَمْ يُحَرِّم التَّدَيُّنَ - بَعْدَ مَبْعَثِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِدِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ؛ بَلْ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْهُمْ وَيُبْغِضْهُمْ ، فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ." انْتَهَى مِنْ "مَجْمُوعِ الْفَتَاوَى" (27/464).

مع التنبيه على أن هذه المحبة كفر فيما هو باطني ديني باعتبار الشرع ، وإلا فإن من أحب طريقة لاعب كرة قدم أو مهاراته أو أحب طبَّاخًا أو أستاذًا كافرًا محبة دنيوية لا يُحكم بكفر فعله ، إنما يُحرم ذلك أو يُكره لسد الذريعة.

وهذا الكفر خاص بما تؤول إليه التهنئة ، وإلا فإن التهنئة في حد ذاتها ليست كفرًا ، إنما حرام باتفاق أهل العلم ، ولا يُطلق القول بأن تهنئة النصارى كفر فضلًا عن الحكم على معين بذلك.

لأن الغرض من تحريم التهنئة هو سد ذريعة حب اليهود والنصارى محبة شرعية والإقرار بدينهم وتصحيح مذهبهم أو التوقف في كفرهم.

وإلا فإنه ليس جميع من يهنِّئُ اليهود والنصارى في رأس السنة الميلادية يزعم هذه النواقض.

وهذه النواقض ليست من المسائل الجلية الظاهرة ، ولا يحصل العلم بحقيقتها بمجرد تهنئة النصارى واليهود بأعيادهم الدينية في رأس السنة ، وإن كانت التهنئة في حد ذاتها كبيرة من الكبائر وحرام ، لكن الكفر هو ما تؤول إليه التهنئة ، وليس لازمًا من التهنئة الإقرار بالنواقض التي ذكرنا.

فإن تحريم التهنئة هو سد لذريعة الوقوع في هذه النواقض ، ولا يُحكم بالكفر على كل من هنَّأ اليهود والنصارى حتى يُعلم يقينًا أنه وقع في هذه النواقض.

وإذا عُلم ذلك ، فيلزم إقامة الحجة على المعين ثم الحكم بكفره ، مع الاتفاق أنه أتى بنواقض يلزم منها كفره وردَّته عن دين الإسلام.

والتهنئة أو الاحتفال تزامنًا مع هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى أو شراء الحلوى الخاصة بعيدهم أو إقامة الحفلات الغنائية أو تعمد السهر في رأس السنة بسبب عيدهم كل ذلك يدخل في الكبائر ، لكنه ليس كفرًا.

كَتَبَهُ : يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الْجَلِيلِ الْجَّعْوَانِيُّ الْأَنْدَلُسِيُّ المغربى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق