المعتمد الذي عليه الفتوى من كلام الشيخين ومن التحفة والنهاية هو كراهة الحلق دون التحريم خلافا للحليمي وابن الرفعة الذي نسب هذا القول للإمام الشافعي رضي الله عنه في الأم.
قلت : وفي نسبته نظر :حيث كبار المحققين في المذهب لم يقولوا مثل هذا مع انتشار الأم وحفظه بين السادة الشافعية.
أن النص الذي عول عليه الامام ابن الرفعة ليس صريحا وما فهم منه المحققون ذلك.
ونص الشافعي في الأم : (ولو حلقه حلاق فنبت له شعره كما كان لم يكن عليه شيء والحلاق ليس فيه شيء لأن فيه النسك وليس فيه كثيير ألم وإن كان في اللحية لا يجوز )
وهذا النص لو اخذنا منه حرمة حلق اللحية لوجب أن نأخذ منه حرمة حلق الرأس كذلك.
ـ ويستدل بعض العلماء على الحرمة ببعض الأحاديث مثل (أما ربي فأمرني بإعفاء لحيتي.)
قلت : قد يكون الامر الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم يشدد في هذا هو أن هذا الرجل جعل حق التشريع لملكه وسيده.
ـ ويستدلون بالامر ( وفروا أعفوا أرخوا )
قلت : لو كان الامر للوجوب لكان فعل ابن عمر حراما ولكن غاية ما فيه الكراهة.
ولكان درجة الأمر بالاعفاء والارخاء والتوفير واحدة وهذا خلاف لما تقرر من استحباب قص اللحية إن طالت طولا فاحشا وكذلك لو كان طولها مشابها لقوم مشركين.
ولو كان الامر كذلك فما الفرق بين قص بعضها وقصها كلها ( كما بين الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد )
ـ ويستدلون بـ ( قصوا الشوارب وأعفوا اللحي )
نقول امران في حديث واحد الاول لم يقل أحد بوجوبه إلا ما قاله ابن حزم إن اعتبرنا خلافه ، فكيف نقول بوجوب الثاني.
كذلك علة الامر مخالفة المشركين والمجوس لأنهم كانوا يوفرون الشوارب ويقصون اللحي بطريقة يتدينون بها وهذا هو المنهي عنه ولا يشك في حرمة من فعل ذلك بطريقتهم تشبها بهم .
ودليل هذا التعليل أنه مخصوص بمن فعل ذلك تدينا بطريقة معينة كما كان يفعلها المجوس والمشركون ، أن اليهود والنصارى يطلقون لحاهم وكثير منهم يطلقها كما يفعل المسلمون لذا تقرر أن النهي لأجل حال مخصوصة والله اعلم.
المسألة خلافية بين المتأخرين والله أعلم
منهم من وافق النووي ومنهم من وافق الغزالي
1- فالنووي اعتمد كراهة الأخذ منها مطلقاً بل يتركها على حالها كيف كانت متعقباً كلام الغزالي
ووافقه ابن حجر الهيتمي منتصراً له
وكذلك الدميري الذي في ختم كلامه نقل الحديث الذي في تاريخ دمشق لابن عساكر (في الإسراء أنه رأى هارون لحيته تضرب إلى سرته ، وهو يؤيد على عدم التعرض للحية مطلقاً) ساكتاً عليه ، مع أن هذا الحديث ذكر علماء الحديث أن إسناده ضعيف أو أن الحديث باطل أو منكر أو موضوع.
(ملحوظة: ابن قاسم العبادي في حاشيته لم يعلق أصلاً على كلام ابن حجر كما فعل الشرواني)
2- والغزالي اعتمد أنه إذا كان طولها مفرطاً فلا يكره
ووافقه شيخ الإسلام في الأسنى حيث نقل عن المجموع كلام الغزالي مقتصراً عليه وسكت عن تعقب النووي
وكذلك البجيرمي
وكذلك الترمسي الذي نقل كلام الإحياء بتمامه ساكتاً عليه
(ملحوظة: لم يعلق الرملي الكبير في حاشيته على ما في الأسنى)
هذا كلام الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر سابقاً على المسألة:
من المسائل الفقهية الفرعيَّة: موضوع اللحية، حيث تَكاثر الخلاف حولها بين الإعْفاء والحلْق، حتى اتَّخذ بعض الناس إعفاء اللحية شعارًا يُعرف به المؤمن من غيره.
والحق أن الفقهاء اتفقوا على أن إعفاء اللحية، وعدم حلْقها مأثور عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كانت له لِحيةٌ يُعنَى بتنظيفها وتخليلها، وتمشيطها، وتهذيبها لتكون متناسبة مع تقاسيم الوجه والهيئة العامة.
وقد تابع الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما كان يفعله وما يختاره.
وقد وردت أحاديثُ نبوية شريفة تُرغِّب في الإبقاء على اللحية، والعناية بنظافتها، وعدم حلْقها، كالأحاديث المُرغِّبة في السواك، وقصِّ الأظافر، واستنشاق الماء..
وممَّا اتفق الفقهاء عليه ـ أيضًاـ أن إعْفاء اللحية مَطلوب، لكنهم اختلفوا في تكييف هذا الإعفاء، هل يكون من الواجبات أو مِن المندوبات، وقد اختار فريق منهم الوجوب، وأقوى ما تمسَّكوا به ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن عمر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "خالِفُوا المُشركينَ، ووَفِّرُوا اللِّحى، واحْفُوا الشوارب".
وما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عمر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "احْفُوا الشوارِبَ واعْفُو اللِّحَى". حيث قالوا: إن توفيرها مأمور به، والأصل في الأمر أن يكون للوجوب إلا لصارفٍ يَصْرِفُهُ عنه، ولا يُوجد هذا الصارف، كما أن مُخالفة المشركين واجبةٌ، والنتيجة أن توفير اللحْية، أيْ: إعفاءها واجبٌ.
قال الإمام النووي في شرحه حديث: "احْفُوا الشوارب واعْفوا اللِّحَى": إنه وردت رواياتٌ خمسٌ في ترْك اللحْية، وكلها على اختلافها في ألفاظها تدلُّ على ترْكها على حالها...
وممَّا رَتَّبُوه على القول بوُجوب إعفاء اللحية: ما نقله ابن قدامة الحنبلي في المُغني: أن الدية تجب في شَعْر اللحية عند أحمد، وأبي حنيفة والثوري، وقال الشافعي ومالك: فيه حكومة عدْلٍ، وهذا يُشير إلى أن الفقهاء قد اعتبروا إتلاف شَعر اللحية حتى لا يَنبت جِنايةٌ من الجنايات التي تَستوجب المُساءلة: إما الدية الكاملة كما قال الأئمة أبو حنيفة وأحمد والثوري، أو دِية يُقدرها الخبراء كما قال الإمامان: مالك والشافعي.
وذهب فريقٌ آخر إلى القول بأن إعفاء اللحية سُنَّة يُثاب فاعلها ولا يُعاقب تاركها، وحلْقها مَكروه، وليس بحرام، ولا يُعَدُّ مِن الكبائر، وقد استندوا في ذلك إلى ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "عشْرٌ مِن الفطرة: قصُّ الشارب، وإعفاء اللحْية، والسواك، واستنشاق الماء، وقصُّ الأظفار، وغسْل البراجِم (البراجم: مَفاصل الأصابع من ظهر الكف ". ونَتْفُ الإبِط، وحلْق العانَة، وانتقاص الماء (أي الاستنجاء). قال مصعب: ونسيتُ العاشرة إلا أن تكون المَضمضة.
حيث أفاد الحديث أن إعفاء اللحية من السُنَن والمَندوبات المَرغوب فيها إذ كل ما نصَّ عليه من السُنَن العادية.
وقد عقَّب القائلون بوُجوب إعفاء اللحية ـ على القائلين بأنه مِن سُنَنِ الإسلام ومَندوباته ـ بأن إعفاء اللحية جاء فيه نصٌّ خاصٌّ أخرجها عن الندْب إلى الوُجوب، وهو الحديث المذكور سابقًا "خالِفوا المُشركين..".
وردَّ أصحاب الرأي القائل بالسُنَّة والندْب بأن الأمر بمُخالفة المُشركين لا يتعيَّن أن يكون للوُجوب، فلو كانت كلُّ مُخالفةٍ لهم مُحتَّمة لتحتَّم صبْغ الشعر الذي وَرَدَ فيه حديث الجماعة: "إن اليهود والنصارى لا يَصبغون فخَالِفُوهم". (رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي) مع إجماع السلف على عدم وُجوب صبْغ الشعر، فقد صبَغ بعض الصحابة، ولم يصبغ البعض الآخر كما قال ابن حجر في فتح الباري، وعزَّزوا رأيهم بما جاء في كتاب نهج البلاغة : سُئل عليٌّ ـ كرَّم الله وجهه ـ عن قول الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: "غيِّروا الشَّيْبَ ولا تَشَبَّهُوا باليهود". فقال: إنما قال النبي ذلك والدِّينُ قُلٌّ، فأما الآن وقد اتَّسع نطاقه، وضرب بجرانه فامرؤٌ وما يَختار..
مِن أجل هذا قال بعض العلماء: لو قيل في اللحْية ما قيل في الصبْغ مِن عدم الخُروج على عرف أهل البلد لكان أولَى، بل لو تركت هذه المسألة وما أشبهها لظُروف الشخص وتقديره لمَا كان في ذلك بأس.
وقد قيل لأبي يوسف صاحب أبي حنيفة ـ وقد رُؤي لابسًا نَعْلَيْنِ مَخْصُوفيْن بمَسامير ـ إن فلانًا وفلانًا من العلماء كرِهَا ذلك؛ لأن فيه تَشَبُّهًا بالرهبان فقال: كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يلبسُ النعال التي لها شعْر، وإنها مِن لبس الرهبان...
وقد جرَى على لسان العلماء القول: بأن كثيرًا ممَّا ورَد عن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مثل هذه الخِصال يُفيد أن الأمر كما يكون للوُجوب يكون لمُجرد الإرشاد إلى ما هو الأفضل، وأن مُشابهة المُخالفين في الدِّين إنما تَحرُم فيما يُقصد فيه الشبه بشيء مِن خصائصهم الدينية،أمَّا مُجرَّد المشابهة فيما تجري به العادات والأعراف العامة فإنه لا بأْس بها ولا كَراهة فيها ولا حُرمة.
لمَّا كان ذلك كان القول بأن إعفاء اللحية أمر مَرغوب فيه، وأنه من سُنَن الإسلام التي ينبغي المحافظة عليها مقبولاً، وكان مَن أعفَى لحْيته مُثابًا، ويُؤجَر على ذلك، ومَن حلَقها، فقد فعل مَكروهًا، لا يأثَمُ بفِعله هذا اعتبارًا لأدلة هذا الفريق.
أن مذهب الإمام أحمد إستحباب الإعفاء وليس وجوبه مستنبطاً من ذلك جواز الحلق وهو نفسه - الدكتور عبد العزيز - حليق اللحية معتقداً أن الراجح استحباب إعفائها
لأن القول بالإستحباب وليس بالوجوب يلزم منه بمفهوم المخالفة كراهة الحلق وليس التحريم فليستا مسألتان منفكتان لأن الحكم بالإستحباب يعني عدم الإثم على التارك مع ثبوت الثواب للفاعل، وعكسه المكروه الذي هو عدم الإثم على الفاعل مع ثبوت الثواب للتارك
فلو كان حلق اللحية عكسه إعفاء اللحية
وكان الحكم للإعفاء هو الاستحباب
فيكون الحكم للحلق هو الكراهة
فكيف تقول حضرتك أنهما مسألتان منفكتان ؟؟
لو قلت لك : الصلاة في المسجد فرض هذا يعني أن ترك الصلاة في المسجد حرام
ولو قلت لك: الصلاة في المسجد مستحب هذا يعني أن ترك الصلاة في المسجد مكروه
هذا من بديهيات العقل وأصول الفقه
فثبوت حكم لشئ يعني ثبوت نقيضه لنقيض الشئ
فنقيض الإعفاء الحلق
ونقيض الاستحباب الكراهة وليس التحريم
فكيف تنقل حضرتك الآن أن مذهب الحنابلة غير ذلك ؟؟
هذه في ذاتها مشكلة تجعلني لا أحب الفقه
فأنا كمسلم فهمت وتقبلت فكرة أن يوجد أكثر من قول في مسألة واحدة لا يمكن الجمع بينهما والحق واحد لكنه غير متعين والمهم أن يكون كل رأي مستند لدليل وليس للهوى
لكن لم أفهم أن يختلف الفقهاء أو طلاب العلم في نسبة رأي لإمام مثل ابن حنبل أو للمعتمد في مذهبه
فهذا يجعل في قلبي ضيق وحرج من الفقه ودراسته طالما أن الأمر وصل أننا لا نعلم ماذا قال ابن حنبل وما المعتمد عند الحنابلة
فها هو عالم يقول " قال ابن حنبل تحريم حلق اللحية " ويقول عالم آخر " قال ابن حنبل كراهة حلق اللحية فلا إثم على من يحلقها "
لا حول ولا قوة إلا بالله
أعتقد أن دليل المذهب أن الأمر بإعفاء اللحية صُرِفَ من الوجوب إلى الاستحباب لأن علة هذا الأمر مخالفة المشركين (علة منصوصة) أى مخالفتهم فى الزي والهيئة كما قال الخطابي وقد ثبت أن هذه العلة (وهى مخالفتهم فى الزى والهيئة) على سبيل الاستحباب وليس الوجوب بدليل حديث الخضاب (فهو مستحب بالإجماع فقد صبَغ بعض الصحابة، ولم يصبغ البعض الآخر كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري)
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم (متفق عليه)
ملحوظة:
1- ما في المشاركات السابقة يرد الاستدلال بالحديث على الحرمة
2- وابن تيمية عندما قال بالحرمة لم يستدل بالحديث بل قال أن وجه التحريم هو كونه مثلة
،وعليه يكون الحكم مبني أساساً على النظر وقد يقال أنه يختلف باختلاف الزمان والله أعلم
فالمثلة هو أن يفعل شخص شىء في جسد شخص آخر يؤدي إلى جعل أي شخص آخر يراه في الطريق يظن أنه معاقب (ممثل به) ، وهذا غير حاصل في زماننا عند جميع البشر بالنسبة لحلق اللحية ،
فقد يقال الحكم بالحرمة الذي قال به ابن تيمية ووافقه غيره من علماء المذهب الحنبلي منتفي في زماننا بناءً على قاعدة (الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً)
قال ابن حجر في التحفة :
وَصَحَّ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْخُذُ مِنْ طُولِ لِحْيَتِهِ وَعَرْضِهَا» وَكَأَنَّهُ مُسْتَنَدُ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي كَوْنِهِ كَانَ يَقْبِضُ لِحْيَتَهُ وَيُزِيلُ مَا زَادَ لَكِنْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْأَمْرُ بِتَوْفِيرِ اللِّحْيَةِ أَيْ بِعَدَمِ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْهَا وَهَذَا مُقَدَّمٌ لِأَنَّهُ أَصَحُّ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ أَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّوْفِيرِ لِلنَّدْبِ وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا زَادَ انْتِشَارُهَا وَكِبَرُهَا عَلَى الْمَعْهُودِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا كَرَاهَةُ الْأَخْذِ مِنْهَا مُطْلَقًا.
ثم قال الشرواني :
(قَوْلُهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ إلَخْ) هَذَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَأَخُّرِهِ عَنْ الْأَمْرِ بِالتَّوْفِيرِ (قَوْلُهُ وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ حَمْلِهِ إلَخْ) فِيهِ تَأَمُّلٌ.
نقل في اسنى المطالب كلام الغزالى ولم يعترض عليه :
قَالَ الْغَزَالِيُّ وَالْأَمْرُ فِيهِ قَرِيبٌ إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى تَقْصِيصِهَا وَتَدْوِيرِهَا مِنْ الْجَوَانِبِ فَإِنَّ الطُّولَ الْمُفْرِطَ قَدْ يُشَوَّهُ الْخِلْقَةَ.
وقال البيجرمي :
قَوْلُهُ: (وَكَانَتْ لِحْيَتُهُ الْكَرِيمَةُ كَثِيفَةً) أَيْ كَثِيرَةَ الشَّعْرِ بِحَيْثُ تَمْلَأُ صَدْرَهُ أَيْ مَا يُقَابِلُهُ مَعَ قِصَرٍ فِيهِ أَيْ فِي الشَّعْرِ وَانْبِسَاطٍ، إذْ كَانَ يَأْخُذُ مَا زَادَ عَلَى الْقَبْضَةِ وَرُبَّمَا كَانَ يَأْخُذُ مِنْ أَطْرَافِهَا أَيْضًا، وَالْأَوْلَى إبْدَالُ كَثِيفَةٍ بِعَظِيمَةٍ لِمَا فِي التَّعْبِيرِ بِالْكَثِيفَةِ مِنْ الْبَشَاعَةِ الَّتِي لَا تَلِيقُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْكَثِيفَةَ فِي اللُّغَةِ مَعْنَاهَا الْعَظِيمَةُ الشَّعْرِ، فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الشَّارِحِ فِي تَعْبِيرِهِ بِالْكَثِيفَةِ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ كَوْسَجًا وَهُوَ الَّذِي لِحْيَتُهُ عَلَى ذَقَنِهِ لَا عَلَى عَارِضَيْهِ وَلَا خَفِيفَ اللِّحْيَةِ غَيْرَ نَازِلَةٍ إلَى صَدْرِهِ. وَقَالَ التِّلِمْسَانِيُّ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ خِفَّةُ عَارِضَيْهِ» وَيُرْوَى لِحْيَتِهِ. وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لَا تَكُونُ طَوِيلَةً فَوْقَ الطُّولِ. وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَا طَالَتْ لِحْيَةُ إنْسَانٍ قَطُّ إلَّا وَنَقَصَ مِنْ عَقْلِهِ مِقْدَارُ مَا طَالَ مِنْ لِحْيَتِهِ» وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
إذَا كَبُرَتْ لِلْفَتَى لِحْيَةٌ ... فَطَالَتْ وَصَارَتْ إلَى سُرَّتِهْ
فَنُقْصَانُ عَقْلِ الْفَتَى عِنْدَنَا ... بِمِقْدَارِ مَا طَالَ مِنْ لِحْيَتِهْ
فهل هذه من المسائل التي اختلف فيها المتأخرون ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق