معنى التوسل لغة وشرعا
مفهوم التوسل في اللغة العربية
مفهوم التوسل في الشريعة الإسلامية
الخلاصة
فائدة
الرد على من يقول لماذا تجعلون واسطة بقولكم اللهم إني أسألك بعبدك فلان؟
المصادر
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، أما بعد:
مقدمة
قال الله تعالى : ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾
سورة المائدة: 35
وقال رسول الله ﷺ في حديث الأذان: “مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي أَنْتَ وَعَدْتَهُ، إِلَّا حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ“، رواه أحمد.
الله تعالى هو خالق الأَسبَاب والمُسَبَّبات، لا ضار ولا نافع على الحقيقة إلا الله عَز وجل، وقد شرع ربنا سبحانه وتعالى الأخذ بالأسباب للوصول إلى المُسَبَّبات، وهذا ليس مُنَافِيا لاعتقاد أن الله هو خالقها، والتوسل هو أحد الأسباب التي خلقها الله تعالى ليَتَوَصَّل بها العبد إلى سرعة استجابة الدعاء ونزول البركة بإذن الله تعالى، وقد أجمعت الأمة على جواز التوسل بالأنبياء والصالحين وأن ذلك على مقتضى الأخذ بالأسباب، فما معنى التوسل وما تعريفه لغة وشرعا؟
مفهوم التوسل في اللغة العربية
التوسل لغة: مأخوذ من الجذر (و س ل)، ومعنى وَسَلَ كما قال الفيروزءابادي: تَقَرَّب، ومنه قول لَبِيد: بَلَى كُلُّ ذِي دِينٍ إِلَى اللهِ وَاسِلُ، والوَسِيلَةُ: التَوَصُّل إلى الشيء برغبَةٍ، قال الله تعالى: ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾، [سورة المائدة: 35]، وحقيقة الوَسِيلة إلى الله: مُراعاةُ سبِيلهِ بالعِلم والعِبادة، وتَحَرِّىِ مكارِم الشريعة، وهي كالقُرْبَة.
وقال الطبراني في تفسيره: الوسيلةُ القُرْبَةُ، وهي فَعِيلَةٌ من تَوَسَّل إلى فلانٍ بكَذا أي تَقرَّبَ إليه، وجمعُها وسَائِل.
مفهوم التوسل في الشريعة الإسلامية
التَّوَسُّلُ في الاصطلاح: هو طلب حُصُولِ مَنفَعة أو اندِفَاعِ مَضَرَّةٍ منالله بذِكرِ اسمِ نبىٍّ أو وليٍّ إكرَامًا لِلمُتَوَسَّلِ به وطلبا لحُصُول البركة وسرعة استجابة الدعاء.
فالطلب من الله تعالى، لأن الأنبياء والأولياء لا يخلقون مضرة ولا منفعة، ولكن نسأل الله تعالى بذكرهم ليكون ذلك سببا لنزول البركة وسرعة استجابة الدعاء.
الخلاصة
يظهر لنا مما سبق أن التَّوَسُّل إلى الله هو التَّقَرُّب إلى الله عز وجل بما يُتَقَرَّب به إليه، وهذا التقرب إلى الله عز وجل هو من باب الأخذ بالأسباب الوارد في الشرع والذي لا يُخَالِف الدين ولا يَقدَح في التوحيد، وقد يكون التقرب إلى الله بالأعمال الصالحة أخذا بالأسباب كحديث الثلاثة الذين تقربوا إلى الله بصالح عملهم ففَرَّج الله عنهم وقد يكون التقرب إلى الله بذات النبي ﷺ كما في حديث الأعمى، وغير ذلك.
والأخذ بالأسباب كثير بين الناس في حياتهم وليس قادحا في التوحيد، مع اعتقاد أن الله خالق الأسباب والمسبَّبات، فالمريض يذهب للطبيب ليُشفَى، واعتقاده أن الله هو الشافي المعافي وأن الطبيب والدواء سَبَبَان، والجائع يأكل ليشبع، مع اعتقاده أن الله هو خالق الشِّبَع، وغير ذلك، والله يحب من عباده الأخذ بالأسباب في عمل الخيرات، فهذا لا ينافي مبدأ التوكل على الله سبحانه وتعالى، فبهذا عُلم أن التَّوَسُّل بذوات الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين ليس عبادة لهم، وإنما هو أَخذٌ بالأسبَاب، فالله هو النافع والضار على الحقيقة، فالتوسل بالمعنى المذكور عَمَلٌ من الدين، وقد علَّمَه النبي ﷺ للأعمى وعلَّمَه الصحابة لمن بعدهم كما رواه الطبراني في مُعجَمَيه الكبير والصغير وصححه، فهو ليس بدعة قبيحة تخالف دين الله.
فائدة
الرد على من يقول لماذا تجعلون واسطة بقولكم اللهم إني أسألك بعبدك فلان؟
الجواب: الواسطة قد تأتي بمعنى المُعِين والمُسَاعِد وهو محالٌ بالنسبة إلى الله تعالى، أما الواسطة بمعنى السبب فالشرع والعقل لا ينفيانه، فالله تعالى هو خالق الأسباب ومسبَّباتها، جعل الأدوية أسبابا للشفاء، وجعل الأكل سببا للشِّبَع، وجعل السِّكِّينَ سببا للقَطعِ، وجعَل النار سبَبًا للإِحرَاق، وهو خَالِق الدَّاء والدواء وخالق الأكل والشبع وخالق السكين والقطع وخالق النار والإحراق، وكذلك التوسل فقد جعله الله سببا لإجابة الدعاء.
ثم إنّ مقصود المتوسِّل قد يحصل وقد لا يحصل، كما أن الذي يَتَدَاوَى بالأدوية قد يحصل له الشفاء بها وقد لا يحصل.
فقَولُ هؤلاء المُنكِرِين لمَ تجعَلُون وسائط بينكم وبين الله، ولِمَ لا تطلبون حاجاتكم من الله من غير واسطة كلامٌ لا معنى له، لأن الشرع رَخَّصَ للمُؤمِنِ بين أن يطلب من الله حاجَتَه بدون تَوَسُّل، وبين أن يطلب حاجته مع التَّوَسُّل فالذي يقول اللهم إني أسألكَ بنبيك أو بجاه نبيك أو نحو ذلك، فقد سأل الله، كما أن الذي يقول اللهم إني أسألك كذا وكذا قد سأل الله، فكلا الأمرين سؤال من العبد رَبَّهَ وكلاهما داخلٌ تحت قول رسول الله ﷺ: “إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ“، رواه ابن جبان وغيره،فالأمر ليس کما يَزعُمُ من يَرمِي الناس بالضلالة لمجرد التوسل بالأنبياء والصالحين.
هذا وقد ثبت التوسل بالقرءان و السنة وإجماع المسلمين فلا معنى بعد ذلك لإنكاره.
والله تعالى أعلم وأحكم، والحمد لله رب العالمين.
المصادر
هذه المسائل مجموعة وملخصة من:
القرءان الكريم.
مسند أحمد.
صحيح ابن حبان.
لسان العرب لابن منظور.
تاج العروس للزبيدي.
القاموس المحيط للفيروزءابادي.
التفسير الكبير للطبراني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق