الأربعاء، 31 يوليو 2024

هل كان الفيلسوف ماركس على حق عندما قال قولته المشهورة ( الدين أفيون الشعوب )

 هل كان الفيلسوف ماركس على حق عندما قال قولته المشهورة


( الدين أفيون الشعوب ) .............!!!
___________________________ (هفال برواري )
إن المتتبع للفترة الزمنية التي عاشها كارل ماركس في القرن السابع عشر ميلادي (1818 - 1883م) والتي كانت تعتبر فترة النهضة الاوروربية وكانت هذه النهضة تواجه مخلفات الديانة المسيحية التي كانت تعرقل عجلة النهضة وكانت الكنيسة قبل ذلك تمثل عائقا" رئيسيا" في تخلف أوروبا . وخاضت صراعاً عنيفاً بين العلم والدين،
وقالت للإنسان: "أَطِعْ وأنت أعمى".. ؟؟لذلك جابهت العلماء (غاليليو وكوبرنيكوس)، وحرقت بعضهم (جيوردانو برونو) - نعم فعلى سبيل المثال كانت الكنيسة تعتنق (نظرية بطليموس) التي تجعل الأرض مركز الكون وتقول أن الأجرام السماوية كافة تدور حولها وقد قالت( نظرية كوبرنيك) بعكس ذلك. وقد أيدها (جردانو برونو) الذي أحرقته الكنيسة سنة 1600م. ثم (جاليلو) الذي تراجع عن موقفه خوفاً من الإعدام. ولم يكد القرن السابع عشر يستهل حتى تبلور النزاع واتخذ شكلاً جديداً: فقد أصبح النزاع بين النص الذي تعتمد عليه الكنيسة وحججها الواهية وبين العقل والنظر الذي استند إليه أصحاب النظريات الجديدة. وثار العلماء ودعاة التجديد مطالبين بتقديس العقل واستقلاله بالمعرفة بعيداً عن الوحي
وكذلك جعلت القول بكروية الأرض ودورانها جريمة! فهذه الأحوال المعطلة للعقل، والصادَّة عن العلم، والواقفة عقبة كأْداء في سبيل تقدمه، يحقُّ فيها ما قيل عنها فهذه المقولةالمشهورة لماركس عن الدين : "قيلت بحق الدين المسيحي الموجود في أوروبا عندما عطلت الكنيسة فيها العقل وجمدته، وشكلت طبقة من الإكليروس
(( الإكليروس هو النظام الكهنوتي الخاص بالكنائس المسيحية ))
وكانت هذه الطبقة متحالفة مع اصحاب النفوذ السياسي
حيث كانت اوروربا قبل ثورتها تحكمها سلطتين متحالفتين مع بعضهما البعض لنهب ثروات الدولة وتركيع شعوبها وهي :
* السلطة الروحية المتمثلة بالكنيسة
* السلطة الزمنية المتمثلة باصحاب النفوذ السياسي من الاقطاعيين المنتظمين على هيئة مؤسسات عسكرية ومدنية تسوس البلاد !!!
نعم كان كل ماذكرته يدور في مخيلة ماركس بل أنه قد عايش هذه المآسي وشاهد مخلفاتها واستشعر الكارثة التي حصلت لأوروربا جراء هذا الدين الذي خدر عقول أجيال واجيال من الناس وجعلهم أسرى معتقدات تجعلهم في مزبلة التخلف الحضاري
وشاهد أمثال هؤلاء الذين كانوا يتلاعبون بعقول الناس ويأكلون قوت أولادهم مقابل عيشهم في أحلام الجنة التي كانت لها صكوك تباع من قبل البابا وبختمه المبارك ؟لكي يبيع فقراءهم ما جنوه لاولادهم خلال سنوات ليعيشوا في حياة هي اقرب من الموت الى الحياة.......
والتمس مرارة تحالف هذا النوع من الدين مع الاقطاع المنظم والمتلبس بلباس الدولة المدنية وكيف كانوا يتفقون مع بعضهم البعض بقيام الكنيسة بتحليل مايرغبه الدولة بقيامه بنهب ثروات الدولة وإعطاءهم صفة الولاء والانصياع والطاعة لهم بتحريف الدين القائم على
( أن مالقيصر لقيصر وما لله لله ) !!!فقيصر يمثل السلطة الزمنية اي سلطة الدولة فملك قيصر يتمثل كل ثروات الدولة وممتلكاتها ؟ومالله لله ..أي ان مايمتلكه الله في الارض هي الكنائس فقط ودور العبادة التي هي عبارة عن ترنيمات وتسبيحات وتعويذات وبذلك يكون سلطة الله محصورة بين جدران الكنائس فقط ......فهو إلـــه ضعيف هزيل في الارض لايجاوز ملكه هذه الجدران وله سلطة وملكوت في الخيال فقط .....!!
وكل هذه الفلسفة التي جعلتها الكنيسة في معتقد الفرد الاوروبي كان مقابل تفويض السلطة الزمنية ( اي الدولة ) الكنبسة كل صلاحيات السلطة الروحية امام الشعب بل جعلتها وكيلة الرب في الارض وجعلتها في مقام سلطة الرب والقداسة في الارض فهي التي تشرع وتقنون القوانين
تعطي للملك صفة السمع والطاعة العمياء وتجعله في مقام لايسمح شرعا" أن يثور عليه احد او يعصي احد كلامه لانه قد تم تزكيته من قبل وكلاء الرب في الارض ....!
وهي ( اي الكنيسة ) تقوم باخراج من يخالف أوامرها من الدين بفتوى (الهرطقة ) وتحليل دمه لأنه خالف أوامر الرب والكتاب المقدس وكانت الهرطقة تنال كل من يفكر بزعزعة الصرح الكنسي والذي يخالف كلام الكتاب المقدس ويقلل من شأن هيبة الكنيسة
وكذلك كل من يفكر بزعزعة الوضع الامني للدولة (اي كل من يخالف قوانين السطة المفوضة من الكنيسة )
نعم كان هذا مايعنيه كارل ماركس من قوله (الدين أفيون الشعوب ) ,,ألا ترون أنه كان محقا" في قوله هذا واذا علمنا أنه لم يتعرف الى الاسلام كدين جاء لإحقاق الحق للمظلومين وإقامة العدل ونشر السلام في الارض .....!!!
ولوكان امثال هذا الفيلسوف أن لايستخدم صفة التعميم وهو نوع من المغالطات يسمى مغالطة التعميم Fallacy of generalization. فكان عليه التشخيص لكن يبدو من واقعه المرير أنه سلط جام غظبه على مفهوم الدين ,,,,,,المهم
,,,,, إذا رجعنا الى عالمنا الاسلامي ..والذي سيطر عليه حكومات عضودة وحكام جبريين على الشعوب ,, حكام فرضوا على الشعوب الاسلامية قسرا" منذ زمن بعيد
وكيف كان يقوم هؤلاء الحكام والطغاة في كل زمن بمحاولة السيطرة على العلماء ومراكزالتوعية الدينية التي تسمى الآن ( الاوقاف) ووزاراتها ,,,,وكيف يحاولون بشتى الطرق
كسب ولاءهم ..أما باعطاءهم التكوات والاموال والأراضي والممتكات أو إرغامهم على كسب ولاءهم بالتخوبف والارهاب
وكيف يحاولون في كل زمان ان يحاربوا العلماء الاجلاء ,,الذين كانوا لايخافون في الله لومة لائم
وأن يزيحهم عن منابر العلم وعن العالم لكي لايتأثروا بهم أو أن يتم تصفيتهم بشتى الطرق إما بالمنع او السجن او التشويه والتنكبل بشخصيتهم او حتى بقتلهم
ويقومون بالسيطرة على وزارات الاوقاف لكي يتم السيطرة على المنابر وعلى جعل الملالي في صفوفهم ,, يستفادون منهم في إعادة صياغتهم حسب مايريدون ومحاولة إستخدام أسلوب أوروبا كما كانت تفعل أنظمة أوروربا مع الكنبسة إبان العصور الوسطى ,,,,,أي قيام هؤلاء العلماء بإصدار فتاوي السمع والطاعة للسلطة بآيات تلوى أعناقها لكي تنحرف عن سياقها ومرادها وإحاديث تشوبها التحريف والتناقض مع روح الاسلام وشخصية الرسول (ص) بالولاء والطاعة لولي الامر ولو اكل مالك وجلد ظهرك ؟؟؟؟
ومنع قيام أي رد فعل تجاه السلطات الظالمة بحجة الفتنة وجلب احاديث الفتنة لكي يرضوا بالامر الواقع !!
بل وأصدار فتاوي تحرم المظاهرات التي أصبحت المتنفس الوحيد لشعوب العالم لكي يعبروا عن آراءهم وعن سخطهم لقوانين معينة والدفاع عن حقوقهم المسلوبة
مع العلم أن الاسلام جاء أصلا" لرد الحقوق الى أهلها ورفع الظلم وإقامة العدل والمساواة وتحرير الناس من عبادة العباد الى عبادة رب العباد ...
بل تجد هناك من العلماء من يحرم الانتخابات لكي لا يتعرض كرسي السلطان الى مالا تحمد عقباه أو حتى لايشارك في حكم السلطان أحد ,,بل ينفرد هو بالسلطة المخولة من الشرع والمشرع !!!!
وينفرد السلطة بنهب ثروات البلد وتقوية الامن الدولي لحماية كرسيه فقط ..؟
وفي بعض البلدان يشاركون فيها ويدخلون البرلمانات لا لإحقاق الحق بل لتبرير وتحليل ماسيقوم به السلطة من ممارسات ستحتاج الى مشرع يشرع له ويحفظ مكتسباته الفئوية الضيقة !
وكل هذه الشرعية من قبل فتاوي علماء السلطة يكون مقابل:
* توفير الرفاهية التامة لهؤء العلماء ,,لذلك تجدهم يسكنون في قصور فخمة ويتنعمون بملذات الحياة الفارهة
* وكذلك مقابل حفاظ الحكومة على إزاحة كل من ينافسهم في العلم وجعلهم في مقام لا يستطيع أحد التدخل فيهم
* ومقابل دعمهم اللامحدود لهم لكي يستطيعو بسط سيطرتهم على عقول الشعب ؟
وهم من جانبهم سيقومون بإصدار كل مافي جعبتهم من آيات وأحاديث لتبرير شرعيته !!
كذلك إلهاء الناس بالرضى بواقعهم المرير وان هذا الرضى غاية لاتدرك !!
وان الفقراء سيدخلون قبل الاغنياء ب500 عام !
وان الفقر خير من غنى قد يفتن بها ,,وأن الاموال هي فتنة ولايتحمل تبعاتها أحد ؟
وأن القناعة كنز لايفنى !!
وتشغيل الناس بتوافه الامور وتكبير ها في أعين الناس كاالمظاهر الدينية من لبس وألفاظ وما الى ذلك مما يقلل من قيمة وعظمة هذا الدين الذي جاء من اجله ,,,
كل ما قلته الذي هو متواجد في عصرنا الحالي وماقبله ,,ألا يكون هذا النمط من الدين هو أفيون مخدر للشعوب !! بحيث يلغي دور العقل والعلم ويلغي كرامة الانسان الذي من اجله جاءت هذه الرسالة العظيمة ............
_____________
لكن يبقى السؤال هو : اذا كان هناك مبرر للكنيسة بان تفعل ماتشاء كون الكتاب المقدس لايحتوي على منضومة إجتماعية و إقتصادية وسياسية بحيث تكشف زيف هؤلاء بتحريفهم للدين
فهل يستطبع علماء السلطة في الدين الاسلامي مهما بلغوا من العلم والعلمية ان يستمروا في تبرير ما يفتون به سيما ان الاسلام يتميز بمنضومته المتكاملة وان هذا الكتاب المنزل من عند الله ( القرآن ) ميسر لكل ذي عقل ولاتوجد فيها طلاسم ورموز يصعب فكها
وكما اخبرنا الله في كتابه ( وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ )
وأن القرآن يفسر نفسه بنفسه ونظرة سريعة الى آلايات والاحاديث النبوية سيكشف لنا هذا الامر :
موقف الإسلام من العقل والعلم - الإسلام وحركة الحياة ( ونفي جعل الاسلام أيضا" أفيونا" للشعوب )
* الدين الذي جعل من تعاليمه تقديسَ العقل وتكريم العلم والعلماء في أي اختصاص.. فلا ينطبق عليه القول.. إن الدين الذي من تعاليمه:
{قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111]، لا ينطبق عليه القول المذكور.
* والدين الذي جعل من مبادئه: {يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11] . لا ينطبق عليه القول المذكور.
فقيمة البرهان وقيمة العلم والعلمية ( أي علم ) هو الذي ميز الاسلام عن باقي الاديان
وأن لا كهنوت في الاسلام ورجال دين بل علماء وفي كافة الاختصاصات ...
ولنتابع روح الشريعة الاسلامية ,,,,,,
1 ـ يقول الله عز وجل في مُحكَم التنزيل: {لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتَغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 114].
دين يجعل المجالس التي ليس فيها إصلاح للمجتمع لا خير فيها، دين ليس أفيوناً، إنه دين المجتمع الفاضل المتكافل المتحاب..
2 ـ دين يجعل من مبادئه: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى} [النجم: 39]، دين ينبذ الكسل والتواكل، ويحب السعي والعمل.. استعاذ نبيه، صلى الله عليه وسلم، من الجبن والبخل والعجز والكسل.. دين يجعل السعي مبدأ، والعمل أساساً.. دين ليس أفيوناً.
3 ـ دين يجعل من تعاليمه: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 106]،
دين يقدس العمل ويأمر به، دين الحركة الدائبة في طلب الرزق الحلال.. ليس أفيوناً.
4 ـ دين ورد في قرآنه: {وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً ،فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً...} [مريم: 24، 25]،
فدين يعلم أتباعه، ألا تواكل، وأنتم في أضعف حالة من القوة والنشاط، لن يصلكم رزقكم إلا بالعمل، قدموا طاقتكم، وابذلوا ما في وسعكم.. دين حياة، وليس أفيوناً..
فالخطاب في الآية الكريمة لمريم، وهي في ساعة الولادة.. ومع ذلك لم يرسل الله لها رزقها دون حركة وعمل.. بل قال لها: {وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً...} وهذا تعليم للمؤمنين.. ألاَّ رزقَ بدون سعي فلا رطب بدون هز جذع النخلة.. فدين هذه تعاليمه، هل هو أفيون؟ لا أحسب عاقلاً يقول هذا.
5 ـ قال نبي الإنسانية، صلى الله عليه وسلم، : "لأن يأخذ أحدكم أحبُلَه (جمع حبل) ثم يأتي الجبل فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكُفّ الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه".
وقال عليه الصلاة والسلام: "ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل من عمل يديه، وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده".
وقال صلى الله عليه وسلم : "مَن بات كالاً من عمل يده، بات مغفوراً له".. ولما رأى عليه الصلاة والسلام صحابياً يده خشنة قال له: "ما هذا الذي أرى بيدك؟"، فقال الصحابي: من أثر المر والمسحاة، أضربُ وأعمل وأنفق على عيالي..
فسُرَ النبيُ الكريم، وقدر اليد العاملة وقال: "هذه يدٌ لا تمسها النار".
فهل دين فيه هذا التقدير من نبيه للعمل والعمال، دين تخدير وأفيون؟
أيقول عاقل هذا؟؟!!
علماً أن من صريح تعاليمه: "إن الله يكره العبد البطال" و "إن الله يحب المؤمن المحترف".
6 ـ ورد في الحديث الشريف، "المؤمنُ كَيِّسٌ فَطِنٌ حَذِر" ومعنى المؤمن الكيس: المؤمن العاقل المدرك.. أما المؤمن الفطن: فالمؤمن الذكي النبيه
"ليس بالخب والخب لا يخدعه".. منتهى اليقظة والتنبه.. فأين التخدير والأفيون؟ الإسلام عقل مدرك، وفطنة وذكاء..
7 ـ كان عمر رضي الله عنه يرى الرجل فيسأله عن مهنته، فإذا قال لا مهنة لي، سقط من عينه. وكان يقول: "لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: أللهم ارزقني، فإن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة". ونظر مرة إلى رجل مظهر للنسك متماوت، فخفقه بالدرة، وقال: لا تُمِت علينا ديننا، أماتك الله". وقال عمر على المنبر: "مَن أحيا أرضاً ميتة فهي له".. وكان يشجع الناس على استقطاع الأرض الفلاة، بغية إعمارها.. فأين التخدير والأفيون.. والإسلام عمل وعزة و إعمار..
8 ـ قال صلى الله عليه وسلم : "أللهم بارك لأمتي في بكورها" فالإسلام نَبذٌ للكسل، وهِمَّةٌ عاليةٌ في استقبالِ نهار جديد، خاصة أن عشرات الآيات الكريمة تحض على استعمال العقل والتفكير واليقظة.. {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [البقرة: 242] {لَقَدْ أَنزَلْنَآ إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 10]
9 ـ مَن يقول: "الدين أفيون الشعوب" بحجَّة عقيدة القدر، نقول له : الإيمان بالقدَر.. إتيان بالأسباب على أكمل الوجوه.. ثم توكُّل على مسبِّب الأسباب، وإن حدثَ ما يُسيء المرء وينغص معيشته، فالقدر يُـبـيد الحادثة المزعجة، ويحفِّز همَّته من جديد لاستقبال أيامه المقبلة بيقين الواثق بالفوز، وبأمل جديد يدفعه للمحاولة من جديد.. فليست عقيدة القدر معطِّلة للهمة، باعثة للكسل والتواكل.. لقد كانت عقيدة القدر قوة دافعة إلى الأمام، للجهاد، للفتوح، للاستشهاد..
10 ـ وأخيراً.. نختم بقولنا : لقد كانت هذه الأمة في أفيون، في مخدر.. عندما كان بأسُها بينَها شديداً، وعدوُّها يتربَّع فوق أراضيها .. فجاءها الموقظ، جاءها المنشِّط، جاءها الحافز، جاءها المنـبِّه.. لقد لامست كلمة
"الله أكبر" أسماع العرب فأيقظتهم.. لو كان الإسلام أفيوناً لما وصل به المسلمون إلى الصين والهند وأندونيسية، ولا إلى قلب روسية وكل سيبيرية، ولا إلى ثلثي القارة الإفريقية..
رحم الله العقَّاد، عندما اطلع على فكر وفلسفة هؤلاء،
ثم كتب كتابه "المذاهب الهدامة أفيون الشعوب"!!؟!
والإسلام دين يحرِّض على مقاومة الظلم حتى الموت، ويعد الميت في سبيل ذلك شهيدا في سبيل الله، بل في طليعة الشهداء المرموقين،بجوار حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، سيد الشهداء،
كما قال عليه الصلاةوالسلام: "سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره ونهاه فقتله".
وفي الختام، نذكر قول الدكتور القرضاوي حول تعميم مقولة ماركس:
( لعلَّ "ماركس" كان معذورا حين قال ماقال، لأنه لم يعرف الإسلام، ولم يعرف موقفه من الظلم والبغي والفساد، مع أن المنهج العلمي كان يلزمه ألا يصدر حكمه عاماً شاملاً إلا بعد استقراء كامل، ودراسة تامة لكل الأديان ـ أو للأديان الكبرى على الأقل ـ وأثرها في الأمم على مدار التاريخ، فإن لم يستطع كان عليه أن يحكم على الدين الذي عرفه لا على غيره. هذا هو مقتضى الأمانةالعلمية، والمنهج العلمي."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق