حكم الصلاة بعد الآذان ....
الصلاة بعد الآذان ....
الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم مطلوبة بوجه عام لقوله تعالى { إن الله وملائكته يصلُّون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } الأحزاب : 56 ،ومن مواضع تأكدها يوم الجمعة وعقب الأذان لورود الحديث الصحيح بذلك .
فقد روى مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علىَّ، فإنه من صلى علىَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا... "
وإذا كان الأمر فى هذا الحديث لمن يسمعون الأذان فإنه لم يرد نهى عنها للمؤذن ، فيبقى طلبها منه مؤكدا كطلبها من غيره قائما كما قال بعض العلماء .
ولهذا لا يجوز التعصب لأحد الرأيين ، فالتعصب لغير القطعى منهى عنه ، لأنه يحدث فتنة ، مع العلم بأن الجهر بالصلاة على النبى بعد الأذان لا يحدث ضررا ، ولم يرد عنه نهى بخصوصه كما قدمنا.
ومما هو جدير بالذكر أن المفتى الأسبق للديار المصرية المرحوم الشيخ محمد بخيت المطيعى المتوفى سنة 1935 م قال فى كتابه "أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام " أن أمير مصر فى القرن الثامن الهجرى أمر بها ، ونحن مأمورون بطاعة ولى الأمر فيما ليس بمعصية ، وهى ليست بدعة هوى بل سنة هدى ، لأن الحديث يقول " من سَنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة " وفى رواية مسلم " من سَنَ سنة حسنة فى الإسلام فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل
بها لا ينقص من أجورهم شىء " .
و الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهرا بعد الأذان بدعة حسنة. ويكفي في إثبات كون الجهر بالصلاة على النبي بدعة مستحبة عقب الأذان قوله صلى الله عليه وسلم : "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ" رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " من ذكرني فليصل عليّ " رواه أبو يعلى والسخاوي . فيؤخذ من ذلك أن المؤذن والمستمع كلاهما مطلوب منه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يحصل بالسر والجهر .
فإن قال قائل : لم ينقل عن موذني رسول الله أنهم جهروا بالصلاة عليه ، قلنا : لم يقل الرسول لا تصلوا علي إلا سرا ، وليس كل ما لم يفعل عند رسول الله حراما أو مكروها .
والجهر بالصلاة على النبي عقب الأذان توارد عليه المسلمون منذ قرون فاعتبره العلماء من محدثين وفقهاء بدعة مستحبة منهم الحافظ السخاوي والحافظ السيوطي .
فقد قال الحافظ السيوطي في كتابه "الوسائل إلى مسامرة الأوائل" (ص99): "أول ما زيد الصلاة والسلام بعد كل أذان في المنارة في زمن السلطان حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون بأمر المحتسب نجم الدين الطنبدي وذلك في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة (791هـ) وكان حدث قبل ذلك في أيام السلطان صلاح الدين بن أيوب أن يُقال في كل ليلة قبل أذان الفجر بمصر والشام السلام على رسول الله واستمر ذلك إلى سنة سبع وستين وسبعمائة فزيد بأمر المحتسب صلاح الدين البرلسي أن يُقال: "الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، ثم جُعل عقب كل أذان سنة إحدى وتسعين".
قال الشيخ محمد علاء الدين الحصكفي الحنفي في كتابه "الدر المختار": "فائدة: التسليم بعد الأذان في ربيع الآخر سنة سبعمائة وإحدى وثمانين في عشاء ليلة الإثنين، ثم يوم الجمعة، ثم بعد عشر سنين حدث في الكل إلا المغرب، ثم فيها مرتين، وهو بدعة حسنة"، انظر حاشية ابن عابدين (ج1/390).
قال الشيخ شمس الدين محمد عرفة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (ج1/193): "وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان فبدعة حسنة ".
قال الحافظ السخاوي الشافعي وهو تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص92): " قد أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك فيها على الأذان وإلا المغرب فإنهم لا يفعلونه أصلاً لضيق وقتها …"، إلى أن قال: "وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع، واستُدِل للأول بقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} ومعلوم أن الصلاة والسلام من أَجَلّ القُرّب لا سيما وقد تواردت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فصل الدعاء عقب الأذان والثلث الأخير من الليل وقرب الفجر " والصواب" أنه بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسن نيته"، انتهى كلامه. ونقله عنه الحطاب المالكي في كتابه مواهب الجليل ( ج 1 ص 430 ) وأقره .
إن الذي أمر بالجهر بها بعد الأذان هو الشهم الهمام قاهر الصليبين ومن كان يوسوس لهم من يهود ألا وهو: صلاح الدين الأيوبي. لأنه لاحظ أن الناس قد تركت الصلاة على النبي بعد الأذان.[ وترك سنة بشكل جماعي "كالسواك مثلا "ذنب قد يؤخر النصر أو يجلب عقوبة ] على أنه وضعها بدل ما كان يضيفه الفاطميون بعد الأذان. ولما ورد في الترهيب من ترك الصلاة عليه كحديث البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي .
فقد ورد في شرح العباب(فقه شافعي )أفتى شيخنا زكريا الأنصاري وغيره" بأن ما يفعله المؤذنون الآن من الإعلان بالصلاة والسلام مرارا حسن، لأن ذلك مشروع عقب الأذان في الجملة، فالأصل سنة، والكيفية حادثة" .
وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة 1\3266- للإمام الجزيري : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقبه – أي الأذان – مشروعة بلا خلاف سواء كانت من المؤذن أو من غيره لما رواه مسلم : إذا سمعتم المؤذن .... الحديث " وثم صلوا علي " عام يشمل المؤذن وغيره من السامعين ولم ينص الحديث على ان تكون الصلاة سرا فإذا رفع المؤذن صوته بالصلاة بتذكير الناس بهذا الحديث ليصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم كان حسنا .
قال البغوي لو زاد في الآذان ذكرا أو زاد في عدد كلماته لم يبطل أذانه .
لا شك أن الصحيح هو ما أرشد إليه الرسول صلى اللّه عليه وسلم في قوله ( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللّه حسن ) وقوله ( من سن سنة حسنة فله ثوابها وثواب من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) والنطق بالصلاة على رسول اللّه صلى اللّه بعد الأذان مع الفصل بينهما إذا عد في البدع في هذا الموضوع كان من أحسنها .
قال شيخ الإسلام ( إبن تيمية ـ رحمه الله ـ : [ مجموع الفتاوى 23/103 ]
[ ( حي على خير العمل ) لم يكن من الأذان الراتب ، وإنما فعله بعض الصحابة لعارض ، تحضيضاً للناس على الصلاة ] .
هو مروي عن ابن عمر ـ رضي الله عنه .
فقد أخرج ابن أبي شيبة ( 1/1966 ) بسند صحيح عن نافع ، قال : كان ابن عمر زاد في أذانه : ( حي على خير العمل ) .
ولم يكن ابن عمر يداوم عليها ، وإنما الظاهر أنه كان يفعلها للحض على الصلاة ، وكان يفعلها فقط في صلاة الصبح ، كما ورد في رواية أخرى عند ابن أبي شيبة بسند حسن عنه : أنه كان يقول في أذانه : الصلاة خير من النوم ، وربما قال : حي على خير العمل.
فظاهر اللفظ يدل على قلة وقوع ذلك منه رضي الله عنه .
وأخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أنه كان يزيده عقب حي على الفلاح ، ويقول : هو الأذان الأول .
فتبين منه أن فعل السلف إنما كان في صلاة الفجر ، في الأذان الأول ،
قال العــلامة الشنقيطي في الأضـواء
حي على خير العمل في الأذان
اتفق الأئمة رحمهم الله على أنها ليست من ألفاظ الأذان ، وحكاها الشوكاني عن العترة ، وناقش مقالتهم وآثارها بأسانيدها .
ومما جاء فيها عندهم أثر عن ابن عمر ، أنه كان يؤذن بها أحياناً .
ومنها عن علي بن الحسين أنه قال : هو الأذان الأول .
ثم قال : وأجاب الجمهور عن كل ذلك بأن أحاديث ألفاظ الأذان في الصحيحين وغيرهما لم يثبت فيهما شيء من ذلك .
قالوا : وإذا صح ما روي أنه الأذان الأول فهو منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره فيها .
أما ما روي عن ابن عمر ان صح عنه فانه كان يقوله اذا أذن هو في سفر أو نحوه فانه لم يكن مؤذنا راتبا ويحتمل أنه كان يقوله بعد الأذان ترغيبا في حضور الصلاة ولو كان هذا القول صحيحا لاشتهر وظهر فالأدان من الشعائر الكبرى التي لاتخفى .
وأقول للرافضة:
لو كانت المسألة بيننا وبينكم هي زيادة هذه الجملة أو نقصها فإنكم حينئذ إخواننا!!!
ولكن الخلاف بيننا وبينكم هو في العقيدة:
فالرافضة مشركون! وعقيدتهم تختلف تماما عن عقيدة المسلمين.
فالرافضة يعبدون آل البيت!
والمسلمون يعبدون الله وحده لا شريك له.
[فائدة أخرى: لم يذكر المصنف شيئًا مما ورد في: حي على خير العمل، وأذكر في ذلك ما اطلعت عليه، وفي إثباتها خلاف فالعترة وأحد قولي الشافعي أنها من الأذان (2) وذهبت الفقهاء إلى أنها ليست من الأذان، حجة القول الأول ما أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد من رواية الطحاوي عن عبد الملك بن أبي
__________
(أ) في هـ: عظم.
__________
(1) شرح مسلم للنووي 1/ 15 - 16.
(2) البحر الزخار 1/ 1911، وقال النووي: يكره أن يقال في الأذان حي على خير العمل لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المجموع 3/ 95، فعزو المصنف إلى الشافعية لا يصح.
محذورة عن أبي محذورة قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان كما تؤذنون الآن وذكر منها: حي على (أ) العمل (1)، وذكر نحو هذا المحب الطبري في كتاب الأحكام الكبير عن أبي أمامة بن سهل البدري وذكره عنه سعيد بن منصور في سننه، وما أخرجه البيهقي (2) في سننه الكبرى عن نافع قال: "كان ابن عمر يكبر في النداء ثلاثا ويشهد ثلاثا وكان أحيانا إذا قال: حي على الفلاح، قال على أثرها: حي على خير العمل" قال البيهقي (3): ورواه عبيد الله بن عمر عن نافع، وقال كان ابن عمر ربما زاد في أذانه: حي على خير العمل ورواه الليث بن سعد عن نافع قال: "كان ابن عمر (لا) (ب) يؤذن في سفره، وكان يقيم: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وأحيانا حي على خير العمل (4) ورواه محمد بن سيرين عن ابن عمر، وكذا رواه نسير بن زعلوق عن ابن عمر، وروي ذلك عن أبي أمامة (جـ) وأخرج أيضًا (5) عن علي بن الحسين أنه كان يقول في أذانه قال: حي على الفلاح، قال: حي على خير العمل، ويقول هو الأذان الأول انتهى.
وأخرج ابن أبي شيبة (6) أن علي بن الحسين كان يؤذن فإذا بلغ حي على
__________
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) في النسخ بدون لا، وفي البيهقي: لا يؤذن.
(جـ) الواو ساقطة من هـ.
__________
(1) عزاه ابن بهران إلى الجامع لمحمد بن منصور بإسناده عن رجال مرضيين 1/ 1922، ولكن قال البيهقي في السنن: هذه الزيادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علم بلال وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة فيه 1/ 425.
(2) السنن 1/ 424 والمصنف 1/ 2155، قلت: وهذا السند ضعيف لأن فيه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف صدوق ربما أخطأ التقريب 222، تهذيب الكمال 870 - 871 ويحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان، وثقه الدارقطني وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب عني في كلامه ولم يعن في كلامه الميزان 4/ 387، اللسان 6/ 263.
(3) السنن 1/ 424.
(4) سنن البيهقي 1/ 4255، فيه موسى بن داود أبو عبد الله الضبي صدوق فقيه له أوهام، التقريب 350، وبقية السند لم أقف عليه. قلت: وابن عمر إن صح عنه هذا الخبر فهو الذي قال لمن ثوب بالظهر أو العصر. أخرج بنا عن هذا المبتدع. فهي بدعة.
(5) و (6) سنن البيهقي 1/ 425، ومصنف ابن أبي شبية 1/ 215.
__________
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) في النسخ بدون لا، وفي البيهقي: لا يؤذن.
(جـ) الواو ساقطة من هـ.
__________
(1) عزاه ابن بهران إلى الجامع لمحمد بن منصور بإسناده عن رجال مرضيين 1/ 1922، ولكن قال البيهقي في السنن: هذه الزيادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علم بلال وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة فيه 1/ 425.
(2) السنن 1/ 424 والمصنف 1/ 2155، قلت: وهذا السند ضعيف لأن فيه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف صدوق ربما أخطأ التقريب 222، تهذيب الكمال 870 - 871 ويحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان، وثقه الدارقطني وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب عني في كلامه ولم يعن في كلامه الميزان 4/ 387، اللسان 6/ 263.
(3) السنن 1/ 424.
(4) سنن البيهقي 1/ 4255، فيه موسى بن داود أبو عبد الله الضبي صدوق فقيه له أوهام، التقريب 350، وبقية السند لم أقف عليه. قلت: وابن عمر إن صح عنه هذا الخبر فهو الذي قال لمن ثوب بالظهر أو العصر. أخرج بنا عن هذا المبتدع. فهي بدعة.
(5) و (6) سنن البيهقي 1/ 425، ومصنف ابن أبي شبية 1/ 215.
الفلاح قال: حي على خير العمل ويقول: هو الأذان الأول وأنه أذان (أ) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الهادي (1) في الأحكام: وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن بها، ولم تطرح إلا في زمن (ب) عمر، فإنه أمر بطرحها، وقال أخاف أن يتكل الناس على ذلك، وفي كتاب السنام أن الأذان شرع بحي على خير العمل لأنه اتفق على الأذان به يوم الخندق ولأنه دعا إلى الصلاة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "خير أعمالكم الصلاة" (2) انتهى. ولكن الهادي قال في الأحكام (3) بعد هذا: إنها خير الأعمال بعد الجهاد، وهذا التأويل لا يناسب مذهبه في إثباتها، وحكي في شرح الموطأ أن عمر والحسن والحسين وبلالا وجماعة أذنوا بها، وفي جامع آل محمد ما لفظه: قال الحسن بن يحيى أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا في الأذان والإِقامة: حي على خير العمل ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يؤذن بحي على خير العمل حتى قبضه الله إليه وكان يؤذن بها في زمن (جـ) أبي بكر، فلما ولي عمر قال: دعوا حي على خير العمل لا يشتغل الناس عن الجهاد فكان أول من تركها، ولم يذكر القاسم ومحمد حي على خير العمل، في الأذان ولا في الإِقامة بل روى محمد بأسانيده عن علي بن الحسين ومحمد بن علي ويحيى بن زيد أنهم كانوا يقولون في الأذان: حي على خير العمل. انتهى.
حجة الفقهاء الأحاديث المروية في ابتداء شرعية الأذان وغيرها من الصحيحين وغيرهما من الأصول الستة وغيرها، ولم يذكر فيها حي على خير العمل، وفيما
__________
(أ) في هـ وجـ: أذن.
(ب) في جـ: زمان.
(جـ) في جـ: زمان.
__________
(1) الأحكام الجامع لأصول ما يحتاج إليه من الحلال والحرام ل 28.
(2) بلفظ: الصلاة في أول وقتها، الدارقطني 1/ 247، الحاكم 1/ 189.
(3) الأحكام ل 28.
تقدم من الروايات بذكر الأذان الأول إشارة إلى أنه كان في أول الأمر ثم نسخ وأمر عمر بتركه، ولم ينكر وإجماع (أ) العترة غير مسلم لما سبق من خلاف القاسم، وأجيب عن حمل الأول أنه الأول في صدر الإِسلام، ثم نسخ لصحة أن يراد بالأول الأول (ب) قبل ترك عمر له، وأمر عمر بتركه اجتهاد وليس بحجة. والله أعلم.
عدة أحاديث الباب ستة وعشرون حديثًا.
__________
(أ) في جـ: ولم ينكروا إجماع. وفي هـ: ولم ينكروا وإجماع.
(ب) ساقطة من جـ.
البدرُ التمام شرح بلوغ المرام
المؤلف: الحسين بن محمد بن سعيد اللاعيّ، المعروف بالمَغرِبي (المتوفى: 1119 هـ)
المحقق: علي بن عبد الله الزبن
الناشر: دار هجر
الطبعة: الأولى
جـ 1 - 2 (1414 هـ - 1994 م)
جـ 3 - 5 (1424 هـ - 2003 م)
جـ 6 - 10 (1428 هـ - 2007 م)
عدد الأجزاء: 10 ( 2 / 305 – 308 )
اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
أما ما روي عن ابن عمر ان صح عنه فانه كان يقوله اذا أذن هو في سفر أو نحوه فانه لم يكن مؤدنا راتبا ويحتمل أنه كان يقوله بعد الأذان ترغيبا في حضور الصلاة ولو كان هذا القول صحيحا لاشتهر وظهر فالأدان من الشعائر الكبرى التي لاتخفى والله أعلم
سنن الدارقطني المؤلف : علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي الناشر : دار المعرفة - بيروت ، 1386 – 1966 تحقيق : السيد عبد الله هاشم يماني المدني عدد الأجزاء : 4 [ جزء 1 - صفحة 243 ]ح 40 ( حدثنا محمد بن مخلد ثنا محمد بن إسماعيل الحساني ثنا وكيع عن العمري عن نافع عن بن عمر عن عمر ووكيع عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن بن عمر عن عمر : أنه قال لمؤذنه إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ).
مصنف عبد الرزاق المؤلف : أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني الناشر : المكتب الإسلامي – بيروت الطبعة الثانية ، 1403 تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي عدد الأجزاء : 11 [ جزء 1 - صفحة 474 ] ح 1828 ( عبد الرزاق عن بن جريج قال سألت عطاء متى قيل الصلاة خير من النوم قال لا أدري ) .
مصنف عبد الرزاق [ جزء 1 - صفحة 474 ] ح 18299 ( عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عمر بن حفص أن سعدا أول من قال الصلاة خير من النوم في خلافة عمر فقال بدعة ثم تركه .
كالامام مالك في موطئه: "إذ بلغه ان المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه بصلاة الصبح فوجده نائما، فقال: الصلاة خير من النوم، فأمره عمر أن يجعلها في ندا، الصبح". انتهى بلفظه.
قال الزرقاني في تعليقته على هذه الكلمة من شرحه للموطئ مما هذا لفظه866. هذا البلاغ أخرجه الدار قطني في السنن من طريق وكيع في مصنفه، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال وأخرج عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه قال لمؤذنه: إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم.
قلت وأخرجه ابن أبي شيبة من حديث هشام بن عروة، ورواه غير واحد من إثبات أهل السنة والجماعة
حكم قول المؤذن في الأذان: (حي على خير العمل)
السؤال: ما رأيكم فيمن يقول في الأذان : ( حي على خير العمل ) ؟ وهل له أصل؟
الجواب:
الحمد لله
"قول بعض الشيعة في الأذان : ( حي على خير العمل ) بدعة ، لا أصل له في الأحاديث الصحيحة . فنسأل الله أن يهديهم وجميع المسلمين لاتباع السنة ، والعض عليها بالنواجذ؛ لأنها والله هي طريق النجاة وسبيل السعادة لجميع الأمة . والله ولي التوفيق" انتهى .
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" للشيخ ابن باز (10/241) .
الإسلام سؤال وجواب
أحمد بن علي صالح
08-21-13, 10:42 AM
هل يصح الأذان الذي يزاد فيه : "حي على خير العمل"؟
السؤال : أسمع كثيراً من المؤذنين في بعض إذاعات الدول الإسلامية يؤذنون أذاناً مختلفاً كالآتي في بداية الأذان : يكبر تكبيرتين فقط ، بعد قوله : حي على الفلاح يقول : حي على خير العمل مرتين ، فما حكم هذا الأذان؟ وهل ثبت عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم؟ وهل تبطل الصلاة بهذا الأذان؟
الجواب :
الحمد لله
"قد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأذان أربع تكبيرات في أوله ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يُقال فيه : حي على خير العمل ، لم يقل هذا بلال ولا عبد الله بن أم مكتوم ،ولا أبو محذورة ، ولا غيرهم من مؤذنيه عليه الصلاة والسلام ، وإنما هو مروي عن علي بن الحسين ويرويه بعضهم عن عبد الله بن عمر ولكنه ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن مؤذنيه .
فالصواب في هذا أنه بدعة لا يجوز فعله لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما الثابت أن يقول بعد حي على الصلاة حي على الفلاح : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله .
فالأذان خمس عشر جملة ؛ أربع تكبيرات في أوله ، ثم الشهادتان أربع ، ثم الحيعلة أربع ، ثم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الجميع خمس عشرة ، ومع الترجيع يكون تسع عشرة كلمة ، والترجيع : أن يأتي بالشهادتين بصوت منخفض ، ثم يأتي بهما بصوت مرتفع ، كما في حديث أبي محذور لما أذن بمكة ، حينما علمه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان علمه فيه الترجيع ، وفي الفجر يزاد فيها : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم . أما حي على خير العمل فبدعة.
أما عن الصلاة التي أذن لها بهذا الأذان لا تبطل ، ولا يبطل الأذن بهذا ، فالأذان صحيح ، والكلمات الزائدة خطأ ، فالأذان صحيح والصلاة صحيحة" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (2/688) .
وأما ما روي عن ابن عمر – رضي الله عنهما – وعن علي بن الحسين زين العابدين – رضي الله عنه – وعن أبيه أنهما كانا يقولان في الأذان : (حي على خير العمل) فهذا في صحته عنهما نظر، وإن صححه بعض أهل العلم عنهما، لكن ما قد علم من علمهما وفقههما في الدين يوجب التوقف عن القول بصحة ذلك عنهما؛ لأن مثلهما لا يخفى عليه أذان بلال – رضي الله عنه - ولا أذان أبي محذورة – رضي الله عنه - ، وابن عمر – رضي الله عنهما – قد سمع ذلك وحضره، وعلي بن الحسين رحمه الله من أفقه الناس، فلا ينبغي أن يظن بهما أن يخالفا سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المعلومة المستفيضة في الأذان، ولو فرضنا صحة ذلك عنهما فهو موقوف عليهما، ولا يجوز أن تعارض السنة الصحيحة بأقوالهما ولا أقول غيرهما، لأن السنة هي الحاكمة مع كتاب الله العزيز على جميع الناس، كما قال الله – عز وجل - : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:59]، وقد رددنا هذا اللفظ المنقول عنهما وهو عبارة (حي على خير العمل) في الأذان إلى السنة فلم نجدها فيما صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من ألفاظ الأذان.
ثم يقال أيضاً: علي بن الحسين – رضي الله عنه – من جملة التابعين، فخبره هذا لو صرح فيه بالرفع فهو في حكم المرسل، والمرسل ليس بحجة عند جماهير أهل العلم، كما نقل ذلك عنهم الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد، وهذا لو لم يوجد في السنة الصحيحة ما يخالفه، فكيف وقد وجد في الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة الأذان ما يدل على بطلان هذا المرسل وعدم اعتباره، والله الموفق.
[مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز (10/352)].
ثانيا: ما روي في ذلك موقوفا
ما روي في ذلك عن ابن عمر:
في سنن البيهقي الكبرى ج1/ص4244: (باب ما روي في حي على خير العمل: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا مالك بن أنس عن نافع قال كان بن عمر يكبر في النداء ثلاثا ويشهد ثلاثا وكان أحيانا إذا قال حي على الفلاح قال على أثرها: حي على خير العمل, ورواه عبد الله بن عمر عن نافع قال: كان بن عمر ربما زاد في أذانه حي على خير العمل
ورواه الليث بن سعد عن نافع كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق ثنا بشر بن موسى ثنا موسى بن داود ثنا الليث بن سعد عن نافع قال: كان ابن عمر لا يؤذن في سفره وكان يقول: حي على الفلاح وأحيانا يقول: حي على خير العمل
ورواه محمد بن سيرين عن بن عمر أنه كان يقول ذلك في أذانه, وكذلك رواه نسير بن ذعلوق عن بن عمر وقال: في السفر , وروي ذلك عن أبي أمامة )اه
وفي مصنف ابن أبي شيبة ج1/ص1966 : (حدثنا أبو خالد عن بن عجلان عن نافع عن بن عمر أنه كان يقول في أذانه: الصلاة خير من النوم وربما قال: حي على خير العمل
حدثنا أبو أسامة قال نا عبيد الله عن نافع قال: كان ابن عمر زاد في أذانه حي على خير العمل) اه
وفي مصنف عبد الرزاق ج1/ص4644 : ( عن بن جريج عن نافع عن بن عمر أنه كان يقيم الصلاة في السفر يقولها مرتين أو ثلاثا يقول: حي على الصلاة حي على الصلاة حي على خير العمل) اه
وفي الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ج4/ص5933: (وروي عن ابن عمر وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قولهما: في الأذان حي على خير العمل... نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الديري نا عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن ابن عمر أنه كان إذا قال في الأذان حي على الفلاح قال: حي على خير العمل) اه
وقد صحح الأثر طائفة من أهل العلم منهم: ابن حزم والشوكاني وابن دقيق العيد وابن الوزير
قال الشوكاني في نيل الأوطار ج2/ص188: ( أخرج البيهقي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أنه كان يؤذن بحي على خير العمل أحيانا) اه
وقال ابن حزم في المحلى ج3/ص1600 : (وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم: حي على خير العمل) اه
ما روي في ذلك عن أبي إمامة بن سهل:
قال البيهقي في سننه الكبرى ج1/ص4244: في باب ما روي في حي على خير العمل بعد ذكر أثر ابن عمر السابق: وروي ذلك عن أبي أمامة )اه
وقال المحب الطبري في كتابه (إحكام الأحكام): ( ذكر الحيعلة بحي على خير العمل, عن صدقة بن يسار عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه كان إذا أذن قال: حي على خير العمل. أخرجه سعيد بن منصور )اه. وانظر نيل الأوطار ج2/ص18 والروض النظير 1/541 , ولم أجده في المطبوع من سنن سعيد بن منصور فلعله في الأجزاء المفقودة منه
وقد تقدم معنا قول ابن حزم في المحلى ج3/ص1600 : (وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم: حي على خير العمل) اه
ما روي في ذلك عن زيد بن أرقم
وقال في نيل الأوطار ج2/ص188: ( وروى المحب الطبري في أحكامه عن زيد بن أرقم أنه أذن بذلك قال المحب الطبري: رواه بن حزم ورواه سعيد بن منصور في سننه عن أبي أمامة بن سهل البدري ولم يرو ذلك من طريق غير أهل البيت مرفوعا) اه
ما روي في ذلك عن زين العابدين
في مصنف ابن أبي شيبة ج1/ص1955: (باب من كان يقول في أذانه حي على خير العمل: حدثنا أبو بكر قال نا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه ومسلم بن أبي مريم أن علي بن حسين كان يؤذن فإذا بلغ حي على الفلاح قال: حي على خير العمل ويقول هو الأذان الأول) اه
وقد صحح أثر زين العابدين طائفة من أهل العلم :
قال ابن الوزير اليماني : بحثت عن هذين الإسنادين فوجتهما صحيحين إلى ابن عمر وزين العابدين, وفي المختصر من شرح ابن دقيق العيد على العمدة : وقد صح بالسند الصحيح أن زين العابدين وابن عمر أذنا بحي على خير العمل حتى ماتا ) اه الروض النضير للسياغي 1/ 542
وقال الحسن بن أحمد الجلال في ضوء النهار 1/4688 : ( وصحح ابن دقيق وغيره ان ابن عمر وزين العابدين ثبتا على التأذين بها حتى ماتا)اه
وقال في نيل الأوطار ج2/ص188: (وقول بعضهم-: وقد صحح ابن حزم والبيهقي والمحب الطبري وسعيد بن منصور ثبوت ذلك عن علي بن الحسين وبن عمر وأبي أمامة بن سهل موقوفا ومرفوعا-؛ ليس بصحيح اللهم إلا أن يريد بقوله مرفوعا قول علي بن الحسين هو الأذان الأول) اه
جواب بعض أهل السنة عن تلك الآثار:
أجاب ابن تيمية والذهبي عن أثر ابن عمر وغيره من الصحابة بأن ذلك كان منه في بعض الأحيان, قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية ج6/ص294 : ( وغاية ما يقال -إن صح النقل- إن بعض الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما كان يقول ذلك أحيانا على سبيل التوكيد كما كان بعضهم يقول بين النداءين: حي على الصلاة حي على الفلاح وهذا يسمى نداء الأمراء وبعضهم يسميه التثويب ورخص فيه بعضهم وكرهه أكثر العلماء ورووا عن عمر وابنه وغيرهما كراهة ذلك
ونحن نعلم بالاضطرار أن الأذان الذي كان يؤذنه بلال وابن أم مكتوم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأبو محذورة بمكة وسعد القرظ في قباء لم يكن فيه هذا الشعار الرافضي ولو كان فيه لنقله المسلمون ولم يهملوه كما نقلوا ما هو أيسر منه فلما لم يكن في الذين نقلوا الأذان من ذكر هذه الزيادة علم أنها بدعة باطلة)اه
وقال الذهبي في المنتقى من منهاج الاعتدال وهو مختصر منهاج السنة ج1/ص3999 : ( غاية ما يقال -إن صح النقل-: إن ابن عمر ربما قال ذلك أحيانا كما كان بعضهم يقول بين الأذان والإقامة حي على خير العمل!! الصلاة حي على الفلاح وهذا يسمى نداء الأمراء وكرهه أكثر العلماء )اه
لكن قد يشكل على ما ذكره ابن تيمية والذهبي: أن ابن عمر كان يقول ذلك في الأذان وليس بين الأذان والإقامة, وأن ابن عمر ممن كره التثويب المذكور بين الأذان والإقامة فكيف يكره شيئا ثم يفعله, وقد يشكل عليه أيضا ما ورد في ذلك عن الصحابة غير ابن عمر
وأجاب الأمين الشنقيطي عن أثر زين العابدين بأنه يريد بالأذان الأول ما ورد في حديث بلال (أي قبل النسخ) قال الشنقيطي في أضواء البيان ج8/ص156: (ومما جاء فيها عندهم أثر عن ابن عمر أنه كان يؤذن بها أحياناً, ومنها عن علي بن الحسين أنه قال هو الأذان الأول... ولا يبعد أن يكون أثر بلال هو الذي عناه علي بن الحسين, وعلى كل فهذا الأثر [أي حديث بلال] وإن كان ضعيفاً فإنه مرفوع وفيه التصريح بالمنع منها وعليه الأئمة الأربعة وغيرهم إلا ما عليه الشيعة فقط) اه
ولكن قد يشكل على هذا أنه: كيف يذكر زين العابدين أن الأذان بحي على خير العمل منسوخ ثم يعمل يؤذن هو بحي على خير العمل؟!
ويحتمل أن زين العابدين يريد بالأذان الأول ما سيأتي ذكره من أن الأذان بحي على خير العمل كان موجودا قبل خلافة عمر رضي الله عنه ثم نهى عنه عمر خشية أن يتكل الناس عن الجهاد, لكن الرواية بذلك عن عمر لم ترد في كتب أهل السنة المسندة, وإن وردت في بعض كتب أهل السنة غير المسندة كما سيأتي مفصلا إن شاء الله
المبحث الثاني:
حي على خير العمل في كتب الفقهاء السنية:
المسألة الأولى:
حي على خير العمل في كتب الحنفية
لم أجد للحنفية كلاما مستقلا في المسألة لكن ابن نجيم حكى كراهة النداء بحي على خير العمل عن النووي والشافعية مقرا فقال في البحر الرائق شرح كنز الدقائق (ج 3 / ص 27) : ( فرع ) في شرح المهذب للشافعية: يكره أن يقال في الأذان حي على خير العمل ؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم والزيادة في الأذان مكروهة ا هـ . وقد سمعناه الآن عن الزيدية ببعض البلاد .) اه
المسألة الثانية:
حي على خير العمل في كتب المالكية
يحكي بعض المالكية عن علي كرم الله وجهه أنه كان يزيد في النداء حي على خير العمل ففي حاشية الدسوقي على شرح الدردير ج1/ص193 : ( تنبيه: كان علي رضي الله تعالى عنه يزيد حي على خير العمل بعد حي على الفلاح وهو مذهب الشيعة الآن)اه
ولكن الأثر لا وجود له في كتب أهل السنة المسندة فيما وقفت عليه, وقد ورد في كتب الشيعة المسندة كما سيأتي
وقال بعض المتأخرين من المالكية: إن النداء بحي على خير العمل هو المقصود بقول مالك : التثويب ضلال, ففي مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (ج 3/ ص314): (وقال بعض المتأخرين من أصحابنا في قول مالك: التثويب ضلال, أنه أراد حي على خير العمل وليس كما قال ، وإنما التثويب عند أهل العلم من أهل المذهب اسم لما ذكرناه)اه
وفي مواهب الجليل أيضا ج1/ص4322: ( ثم ذكر أنه قيل: إن التثويب هو قول المؤذن: حي على خير العمل, لأنها كلمة زادها من خالف السنة من الشيعة, ورجح التفسير الأول بأن التثويب في اللغة الرجوع إلى الشيء) اه
المسألة الثالثة:
حي على خير العمل في كتب الشافعية
اتفق الشافعية على أن النداء بحي على خير العمل مكروه, قال النووي في المجموع ج3/ص1066: (يكره أن يقال في الأذان حي على خير العمل لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى البيهقي فيه شيئا موقوفا على ابن عمر وعلي بن الحسين رضي الله عنهم)اه
وقل ابن حجر الهيتمي في المنهج القويم ج1/ص1611 : ( ويكره أن يقول حي على خير العمل لأنه بدعة لكنه لا يبطل الأذان بشرط أن يأتي بالحيعلتين أيضا)اه
وفي أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج1/ص1333: ( ويكره أن يقول حي على خير العمل لخبر من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
ومقتضى الكراهة الصحة ونازع فيها ابن الأستاذ وقال لا يصح لأنه أبدل الحيعلتين بغيرهما وما قاله ظاهر إن كان المراد أنه يقول ذلك بدلهما كما فهمه لا بعدهما) اه
وفي نهاية المحتاج ج1/ص4099: ( ويكره أن يقول مع الحيعلتين حي على خير العمل فإن اقتصر عليه لم يصح كما صرح ابن الأستاذ أيضا خلافا لمن وهم فيه) اه
وفي حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج ج1/ص4100: (قوله: فإن اقتصر عليه لم يصح والقياس حينئذ حرمته لأنه به صار متعاطيا لعبادة فاسدة)اه
وفي تحفة المحتاج في شرح المنهاج (ج5/ص844): (ويكره [التثويب] في غير الصبح كحي على خير العمل مطلقا فإن جعله بدل الحيعلتين لم يصح أذانه...
ثم ذكر حديث بلال ثم قال: (وبه يعلم أنه لا متشبث فيه لمن يجعلونها بدل الحيعلتين!!!، بل هو صريح في الرد عليهم) اه
وفي نهاية الزين ج1/ص988: (ويكره أن يقال فيهما حي على خير العمل كما قد يقع ذلك بعد الحيعلتين لأنه شعار الزيدية!!! وأما إذا أتى بذلك عوضا عن الحيعلتين فلا يصح الأذان ولا الإقامة لأن ترك كلمة منهما مبطل لهما)اه
المسألة الرابعة:
حي على خير العمل في كتب الحنابلة
لم أقف للحنابلة على كلام في المسألة إلا لابن تيمية ففي مجموع فتاوى ابن تيمية (ج 5/ص1855): (وكذلك الأذان سواء رجع فيه أو لم يرجع فإنه أذان صحيح عند جميع سلف الأمة وعامة خلفها وسواء ربع التكبير في أوله أو ثناه وإنما يخالف في ذلك بعض شواذ المتفقهة كما خالف فيه بعض الشيعة فأوجب له الحيعلة " بحي على خير العمل")اه
وفي مجموع فتاوى ابن تيمية أيضا (ج 5/ص 2799): (كما يعلم: " أن حي على خير العمل " لم يكن من الأذان الراتب وإنما فعله بعض الصحابة لعارض تحضيضا للناس على الصلاة)اه
المسألة الخامسة:
حي على خير العمل في كتب غير المذاهب الأربعة
ينسب الشوكاني النداء بحي على خير العمل إلى العترة ويسمي بعضهم حيث قال في نيل الأوطار ج22/ص18-ص19: (وقد ذهبت العترة إلى إثباته وأنه بعد قول المؤذن: حي على الفلاح, قالوا: يقول مرتين: حي على خير العمل
ونسبه المهدي في البحر إلى أحد قولي الشافعي!! وهو خلاف ما في كتب الشافعية فإنا لم نجد في شيء منها هذه المقالة, بل خلاف ما في كتب أهل البيت, قال في الانتصار: إن الفقهاء الأربعة لا يختلفون في ذلك, يعني في أن حي على خير العمل ليس من ألفاظ الأذان, وقد أنكر هذه الرواية الإمام عز الدين في شرح البحر وغيره ممن له اطلاع على كتب الشافعية
واحتج القائلون بذلك بما في كتب أهل البيت كأمالي أحمد بن عيسى والتجريد والأحكام وجامع آل محمد من إثبات ذلك مسندا إلى رسول الله, قال في الأحكام: وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله يؤذن بها ولم تطرح إلا في زمن عمر, وهكذا قال الحسن بن يحيى روي ذلك عنه في جامع آل محمد...
وأجاب الجمهور عن أدلة إثباته: بأن الأحاديث الواردة بذكر ألفاظ الأذان في الصحيحين وغيرهما من دواوين الحديث ليس في شيء منها ما يدل على ثبوت ذلك, قالوا: وإذا صح ما روي من أنه الأذان الأول فهو منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره فيها, وقد أورد البيهقي حديثا في نسخ ذلك ولكنه من طريق لا يثبت النسخ بمثلها)اه
وقال الشوكاني في السيل الجرار ج1/ص2055: (قوله: (ومنهما حي على خير العمل), أقول: هذا اللفظ قد صار من المراكز العظيمة عند غالب الشيعة, ولكن الحكم بين المختلفين من العباد هو كتاب الله وسنة رسول الله...
ولم يثبت رفع هذا اللفظ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من كتب الحديث على اختلاف أنواعها وغاية ما يروى في ذلك ما أخرجه الطبراني والبيهقي عن بلال...) اه
وقال في السيل الجرار أيضا ج1/ص2066: ( ولقد وقع للجلال في شرح هذا الكتاب في هذا البحث وفي بحث (حي على خير العمل) من التكلف والتعسف والخروج عن طريق الحق ما يعجب الناظر فيه من قائله خصوصا إذا كان ممن يدعي الإنصاف في مسائل الخلاف وتأثير الأدلة على القيل والقال ولله الأمر من قبل ومن بعد) اه
أما ابن حزم فيصحح النداء بحي على خير العمل عن ابن عمر وأبي أمامة ولكنه لا يقول به لعدم ثبوته مرفوعا عنده ولكنه يُلزم من يرى أن مثل ذلك يعد من قبيل المرفوع -لأنه لا يقال من قبيل الرأي- بأن يقول بمشروعية النداء بحي على خير العمل, حيث قال في المحلى ج3/ص160 : (وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم حي على خير العمل, ولا نقول به لأنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا حجة في أحد دونه
ولقد كان يلزم من يقول -في مثل هذا عن الصاحب-: مثل هذا لا يقال بالرأي أن يأخذ بقول ابن عمر في هذا) اه
المبحث الثالث:
حي على خير العمل في الكتب السنية الأخرى
غير الحديثية والفقهية
ذكر التفتازاني في حاشية شرح العضد: (أن حي على خير العمل كان ثابتا على عهد رسول الله وأن عمر هو الذي أمر أن يكف عن ذلك مخافة أن يتثبط الناس عن الجهاد ويتكلوا على الصلاة) اه الروض النضير أيضا 1/542
وفي كتاب (عمر بن الخطاب) لعبد الرحمن أحمد البكري (ج 1/ص 1088): ( قال الإمام القوشجي متكلم الأشاعرة، وحكيمهم في أواخر مبحث الإمامة من شرح كتاب التجريد في علم الكلام: إن عمر (رضي الله عنه) قال وهو على المنبر: أيها الناس: ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أنهى عنهن وأحرمهن، وأعاقب عليهن: متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل)اه
وهذا الأثر غريب, وهو والذي قبله يحتاجان إلى إثبات, ولا أعلم ورودهما في كتب أهل السنة المسندة وقد ورد نحو ذلك في كتب الشيعة كما سيأتي في المتممات في آخر البحث إن شاء الله.
أما ابن عربي الحاتمي :
فيرى أن من كره النداء بحي على خير العمل إنما كرهها تعصبا لأنها إن ثبتت فلا إشكال وإن لم تثبت فهي من السنن الحسنة!!! وأنه ما كرهها من كرهها إلا تعصبا, حيث قال في الفتوحات المكية (ج1/ ص469): (وأما من زاد حي على خير العمل: فإن كان فُعل في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى أن ذلك دعا به في غزوة الخندق إذ كان الناس يحفرون الخندق فجاء وقت الصلاة -وهي خير موضوع كما ورد في الحديث- فنادى المنادى: حي على خير العمل؛ فما أخطأ من جعلها في الأذان بل اقتدى إن صح هذا الخبر, أو سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها, وما كرهها من كرهها إلا تعصبا فما أنصف القائل بها نعوذ بالله من غوائل النفوس) اه
وقال الصالحي في سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (ج3/ص3566): (ولا شك أن قول: حي على الصلاة أحسن مما ورد في بعض الآثار الموقوفة في الموطأ، رواية محمد بن الحسن، وجاء مع عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما، -وصرح الحفاظ بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " حي على خير العمل "،- لأنه مع كونه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد صار شعار الروافض ولا يشمل جميع الأعمال الصالحة، وكان الوارد في الصحيح أبلغ من وجهين: من جهة أنه شامل لكل خير، ومن جهة التعبير عن ذلك باللازم الذي هو الغاية المترتبة على العمل تحبيبا فيه، وتشويقا إليه، مع أنه كان يقوله بعد: حي على الفلاح ".)اه
وفي الدرر السنية في الكتب النجدية (ج 5 / ص 2044): (قال عبد الله بن محمد عبد الوهاب: وأما "حي على خير العمل"، فليس بثابت، ولا عمل عليه عند أهل السنة.
والذي يقول في الأذان: حي على خير العمل، ينكر عليه، ويعلم أن هذا من مبتدعات الرافضة، التي ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها شيء، ولا عن أهل بيته!!!، ولا عن أصحابه!!!، رضي الله عنهم أجمعين. والذي يفعله عقب ما يُعَلم، يؤدب الأدب الذي يزجره وأمثاله.) اه
وفي الدرر السنية في الكتب النجدية أيضا (ج 5 / ص 2088): (سئل الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود: عن ألفاظ الأذان، هل ورد من طريق مقبول: حي على خير العمل؟
فأجاب: لم نقف على شيء من ذلك!، بل الذي ثبت في الصحاح والمساند والسنن: أذان بلال، المشهور عند الناس اليوم، وأذان أبي محذورة، وفيه زيادة على أذان بلال، وليس في لفظ الأذانين شيء من ذلك فيما وقفنا عليه. ولو فرض أنه ورد في حديث ضعيف، لم يجز أن يترك الحديث المشهور، أو يزاد فيه شيء لم يصح عند أهل الحديث ونقاده، كالبخاري، ومسلم، وأهل السنن، والله أعلم.)اه
فوائد متممة في حي على خير العمل
الأولى:
بعض الحوادث التاريخية في حي على خير العمل
قال ابن كثير في البداية والنهاية ج11/ص270: ( وفيها[أي سنة 360] أذن بدمشق وسائر الشام بحي على خير العمل
قال ابن عساكر -في ترجمته: جعفر بن فلاح نائب دمشق- وهو أول من تأمر بها عن الفاطميين أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: قال أبو بكر أحمد بن محمد بن شرام: وفي يوم الخميس لخمس خلون من صفر من سنة ستين وثلاثمائة أعلن المؤذنون في الجامع بدمشق وسائر مآذن البلد وسائر المساجد بحي على خير العمل بعد حي على الفلاح أمرهم بذلك جعفر بن فلاح ولم يقدروا على مخالفته ولا وجدوا من المسارعة إلى طاعته بدا
وفي يوم الجمعة الثامن من جمادى الآخرة أمر المؤذنون أن يثنوا الأذان والتكبير في الإقامة مثنى مثنى وأن يقولوا في الإقامة حي على خير العمل فاستعظم الناس ذلك وصبروا على حكم الله تعالى) اه
وفي السيرة الحلبية ج2/ص305: (وذكر بعضهم أنه في دولة بني بويه كانت الرافضة تقول بعد الحيعلتين: حي على خير العمل فلما كانت دولة السلجوقية منعوا المؤذنين من ذلك وأمروا أن يقولوا في أذان الصبح -بدل ذلك الصلاة-: خير من النوم مرتين وذلك في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة)اه
وفي رحلة ابن جبير ج1/ص84: ( وللحرم أربعة أئمة سنية وإمام خامس لفرقة تسمى الزيدية وأشراف أهل هذه البلدة على مذهبهم وهم يزيدون في الأذان: حي على خير العمل اثر قول المؤذن: حي على الفلاح, وهم روافض سبابون والله من وراء حسابهم وجزائهم, ولا يجمعون مع الناس إنما يصلون ظهرا أربعا ويصلون المغرب بعد فرغ الأئمة من صلاتها ) اه
وفي الوافي بالوفيات (ج7/ص225): ( قتادة بن إدريس: صاحب مكة, الشريف أبو عزيز ابن الأمير الشريف أبي مالك العلوي الحسني: كان مهيبا فاضلا له شعر، وهو قوي النفس مقدام تحمل إليه من بغداد الخلع والذهب ويقول: أنا أحق بالخلافة من الناصر. وفي زمانه كان يؤذن في الحرم بحي على خير العمل, مذهب الزيدية.) اه
الصلاة بعد الآذان ....
الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم مطلوبة بوجه عام لقوله تعالى { إن الله وملائكته يصلُّون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } الأحزاب : 56 ،ومن مواضع تأكدها يوم الجمعة وعقب الأذان لورود الحديث الصحيح بذلك .
فقد روى مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال " إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ، ثم صلوا علىَّ، فإنه من صلى علىَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرا... "
وإذا كان الأمر فى هذا الحديث لمن يسمعون الأذان فإنه لم يرد نهى عنها للمؤذن ، فيبقى طلبها منه مؤكدا كطلبها من غيره قائما كما قال بعض العلماء .
ولهذا لا يجوز التعصب لأحد الرأيين ، فالتعصب لغير القطعى منهى عنه ، لأنه يحدث فتنة ، مع العلم بأن الجهر بالصلاة على النبى بعد الأذان لا يحدث ضررا ، ولم يرد عنه نهى بخصوصه كما قدمنا.
ومما هو جدير بالذكر أن المفتى الأسبق للديار المصرية المرحوم الشيخ محمد بخيت المطيعى المتوفى سنة 1935 م قال فى كتابه "أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام " أن أمير مصر فى القرن الثامن الهجرى أمر بها ، ونحن مأمورون بطاعة ولى الأمر فيما ليس بمعصية ، وهى ليست بدعة هوى بل سنة هدى ، لأن الحديث يقول " من سَنَّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة " وفى رواية مسلم " من سَنَ سنة حسنة فى الإسلام فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل
بها لا ينقص من أجورهم شىء " .
و الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جهرا بعد الأذان بدعة حسنة. ويكفي في إثبات كون الجهر بالصلاة على النبي بدعة مستحبة عقب الأذان قوله صلى الله عليه وسلم : "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليّ" رواه مسلم ، وقوله صلى الله عليه وسلم : " من ذكرني فليصل عليّ " رواه أبو يعلى والسخاوي . فيؤخذ من ذلك أن المؤذن والمستمع كلاهما مطلوب منه الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا يحصل بالسر والجهر .
فإن قال قائل : لم ينقل عن موذني رسول الله أنهم جهروا بالصلاة عليه ، قلنا : لم يقل الرسول لا تصلوا علي إلا سرا ، وليس كل ما لم يفعل عند رسول الله حراما أو مكروها .
والجهر بالصلاة على النبي عقب الأذان توارد عليه المسلمون منذ قرون فاعتبره العلماء من محدثين وفقهاء بدعة مستحبة منهم الحافظ السخاوي والحافظ السيوطي .
فقد قال الحافظ السيوطي في كتابه "الوسائل إلى مسامرة الأوائل" (ص99): "أول ما زيد الصلاة والسلام بعد كل أذان في المنارة في زمن السلطان حاجي بن الأشرف شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون بأمر المحتسب نجم الدين الطنبدي وذلك في شعبان سنة إحدى وتسعين وسبعمائة (791هـ) وكان حدث قبل ذلك في أيام السلطان صلاح الدين بن أيوب أن يُقال في كل ليلة قبل أذان الفجر بمصر والشام السلام على رسول الله واستمر ذلك إلى سنة سبع وستين وسبعمائة فزيد بأمر المحتسب صلاح الدين البرلسي أن يُقال: "الصلاة والسلام عليك يا رسول الله، ثم جُعل عقب كل أذان سنة إحدى وتسعين".
قال الشيخ محمد علاء الدين الحصكفي الحنفي في كتابه "الدر المختار": "فائدة: التسليم بعد الأذان في ربيع الآخر سنة سبعمائة وإحدى وثمانين في عشاء ليلة الإثنين، ثم يوم الجمعة، ثم بعد عشر سنين حدث في الكل إلا المغرب، ثم فيها مرتين، وهو بدعة حسنة"، انظر حاشية ابن عابدين (ج1/390).
قال الشيخ شمس الدين محمد عرفة الدسوقي المالكي في "حاشيته على الشرح الكبير" (ج1/193): "وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان فبدعة حسنة ".
قال الحافظ السخاوي الشافعي وهو تلميذ الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه "القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع" (ص92): " قد أحدث المؤذنون الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم عقب الأذان للفرائض الخمس إلا الصبح والجمعة فإنهم يقدمون ذلك فيها على الأذان وإلا المغرب فإنهم لا يفعلونه أصلاً لضيق وقتها …"، إلى أن قال: "وقد اختلف في ذلك هل هو مستحب أو مكروه أو بدعة أو مشروع، واستُدِل للأول بقوله تعالى: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ} ومعلوم أن الصلاة والسلام من أَجَلّ القُرّب لا سيما وقد تواردت الأخبار على الحث على ذلك مع ما جاء في فصل الدعاء عقب الأذان والثلث الأخير من الليل وقرب الفجر " والصواب" أنه بدعة حسنة يؤجر فاعله بحسن نيته"، انتهى كلامه. ونقله عنه الحطاب المالكي في كتابه مواهب الجليل ( ج 1 ص 430 ) وأقره .
إن الذي أمر بالجهر بها بعد الأذان هو الشهم الهمام قاهر الصليبين ومن كان يوسوس لهم من يهود ألا وهو: صلاح الدين الأيوبي. لأنه لاحظ أن الناس قد تركت الصلاة على النبي بعد الأذان.[ وترك سنة بشكل جماعي "كالسواك مثلا "ذنب قد يؤخر النصر أو يجلب عقوبة ] على أنه وضعها بدل ما كان يضيفه الفاطميون بعد الأذان. ولما ورد في الترهيب من ترك الصلاة عليه كحديث البخيل من ذكرت عنده ولم يصل علي .
فقد ورد في شرح العباب(فقه شافعي )أفتى شيخنا زكريا الأنصاري وغيره" بأن ما يفعله المؤذنون الآن من الإعلان بالصلاة والسلام مرارا حسن، لأن ذلك مشروع عقب الأذان في الجملة، فالأصل سنة، والكيفية حادثة" .
وجاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة 1\3266- للإمام الجزيري : الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقبه – أي الأذان – مشروعة بلا خلاف سواء كانت من المؤذن أو من غيره لما رواه مسلم : إذا سمعتم المؤذن .... الحديث " وثم صلوا علي " عام يشمل المؤذن وغيره من السامعين ولم ينص الحديث على ان تكون الصلاة سرا فإذا رفع المؤذن صوته بالصلاة بتذكير الناس بهذا الحديث ليصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم كان حسنا .
قال البغوي لو زاد في الآذان ذكرا أو زاد في عدد كلماته لم يبطل أذانه .
لا شك أن الصحيح هو ما أرشد إليه الرسول صلى اللّه عليه وسلم في قوله ( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند اللّه حسن ) وقوله ( من سن سنة حسنة فله ثوابها وثواب من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) والنطق بالصلاة على رسول اللّه صلى اللّه بعد الأذان مع الفصل بينهما إذا عد في البدع في هذا الموضوع كان من أحسنها .
قال شيخ الإسلام ( إبن تيمية ـ رحمه الله ـ : [ مجموع الفتاوى 23/103 ]
[ ( حي على خير العمل ) لم يكن من الأذان الراتب ، وإنما فعله بعض الصحابة لعارض ، تحضيضاً للناس على الصلاة ] .
هو مروي عن ابن عمر ـ رضي الله عنه .
فقد أخرج ابن أبي شيبة ( 1/1966 ) بسند صحيح عن نافع ، قال : كان ابن عمر زاد في أذانه : ( حي على خير العمل ) .
ولم يكن ابن عمر يداوم عليها ، وإنما الظاهر أنه كان يفعلها للحض على الصلاة ، وكان يفعلها فقط في صلاة الصبح ، كما ورد في رواية أخرى عند ابن أبي شيبة بسند حسن عنه : أنه كان يقول في أذانه : الصلاة خير من النوم ، وربما قال : حي على خير العمل.
فظاهر اللفظ يدل على قلة وقوع ذلك منه رضي الله عنه .
وأخرج ابن أبي شيبة بسند حسن عن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب أنه كان يزيده عقب حي على الفلاح ، ويقول : هو الأذان الأول .
فتبين منه أن فعل السلف إنما كان في صلاة الفجر ، في الأذان الأول ،
قال العــلامة الشنقيطي في الأضـواء
حي على خير العمل في الأذان
اتفق الأئمة رحمهم الله على أنها ليست من ألفاظ الأذان ، وحكاها الشوكاني عن العترة ، وناقش مقالتهم وآثارها بأسانيدها .
ومما جاء فيها عندهم أثر عن ابن عمر ، أنه كان يؤذن بها أحياناً .
ومنها عن علي بن الحسين أنه قال : هو الأذان الأول .
ثم قال : وأجاب الجمهور عن كل ذلك بأن أحاديث ألفاظ الأذان في الصحيحين وغيرهما لم يثبت فيهما شيء من ذلك .
قالوا : وإذا صح ما روي أنه الأذان الأول فهو منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره فيها .
أما ما روي عن ابن عمر ان صح عنه فانه كان يقوله اذا أذن هو في سفر أو نحوه فانه لم يكن مؤذنا راتبا ويحتمل أنه كان يقوله بعد الأذان ترغيبا في حضور الصلاة ولو كان هذا القول صحيحا لاشتهر وظهر فالأدان من الشعائر الكبرى التي لاتخفى .
وأقول للرافضة:
لو كانت المسألة بيننا وبينكم هي زيادة هذه الجملة أو نقصها فإنكم حينئذ إخواننا!!!
ولكن الخلاف بيننا وبينكم هو في العقيدة:
فالرافضة مشركون! وعقيدتهم تختلف تماما عن عقيدة المسلمين.
فالرافضة يعبدون آل البيت!
والمسلمون يعبدون الله وحده لا شريك له.
[فائدة أخرى: لم يذكر المصنف شيئًا مما ورد في: حي على خير العمل، وأذكر في ذلك ما اطلعت عليه، وفي إثباتها خلاف فالعترة وأحد قولي الشافعي أنها من الأذان (2) وذهبت الفقهاء إلى أنها ليست من الأذان، حجة القول الأول ما أخرجه المؤيد بالله في شرح التجريد من رواية الطحاوي عن عبد الملك بن أبي
__________
(أ) في هـ: عظم.
__________
(1) شرح مسلم للنووي 1/ 15 - 16.
(2) البحر الزخار 1/ 1911، وقال النووي: يكره أن يقال في الأذان حي على خير العمل لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المجموع 3/ 95، فعزو المصنف إلى الشافعية لا يصح.
محذورة عن أبي محذورة قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان كما تؤذنون الآن وذكر منها: حي على (أ) العمل (1)، وذكر نحو هذا المحب الطبري في كتاب الأحكام الكبير عن أبي أمامة بن سهل البدري وذكره عنه سعيد بن منصور في سننه، وما أخرجه البيهقي (2) في سننه الكبرى عن نافع قال: "كان ابن عمر يكبر في النداء ثلاثا ويشهد ثلاثا وكان أحيانا إذا قال: حي على الفلاح، قال على أثرها: حي على خير العمل" قال البيهقي (3): ورواه عبيد الله بن عمر عن نافع، وقال كان ابن عمر ربما زاد في أذانه: حي على خير العمل ورواه الليث بن سعد عن نافع قال: "كان ابن عمر (لا) (ب) يؤذن في سفره، وكان يقيم: حي على الصلاة، حي على الفلاح، وأحيانا حي على خير العمل (4) ورواه محمد بن سيرين عن ابن عمر، وكذا رواه نسير بن زعلوق عن ابن عمر، وروي ذلك عن أبي أمامة (جـ) وأخرج أيضًا (5) عن علي بن الحسين أنه كان يقول في أذانه قال: حي على الفلاح، قال: حي على خير العمل، ويقول هو الأذان الأول انتهى.
وأخرج ابن أبي شيبة (6) أن علي بن الحسين كان يؤذن فإذا بلغ حي على
__________
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) في النسخ بدون لا، وفي البيهقي: لا يؤذن.
(جـ) الواو ساقطة من هـ.
__________
(1) عزاه ابن بهران إلى الجامع لمحمد بن منصور بإسناده عن رجال مرضيين 1/ 1922، ولكن قال البيهقي في السنن: هذه الزيادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علم بلال وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة فيه 1/ 425.
(2) السنن 1/ 424 والمصنف 1/ 2155، قلت: وهذا السند ضعيف لأن فيه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف صدوق ربما أخطأ التقريب 222، تهذيب الكمال 870 - 871 ويحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان، وثقه الدارقطني وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب عني في كلامه ولم يعن في كلامه الميزان 4/ 387، اللسان 6/ 263.
(3) السنن 1/ 424.
(4) سنن البيهقي 1/ 4255، فيه موسى بن داود أبو عبد الله الضبي صدوق فقيه له أوهام، التقريب 350، وبقية السند لم أقف عليه. قلت: وابن عمر إن صح عنه هذا الخبر فهو الذي قال لمن ثوب بالظهر أو العصر. أخرج بنا عن هذا المبتدع. فهي بدعة.
(5) و (6) سنن البيهقي 1/ 425، ومصنف ابن أبي شبية 1/ 215.
__________
(أ) ساقطة من هـ.
(ب) في النسخ بدون لا، وفي البيهقي: لا يؤذن.
(جـ) الواو ساقطة من هـ.
__________
(1) عزاه ابن بهران إلى الجامع لمحمد بن منصور بإسناده عن رجال مرضيين 1/ 1922، ولكن قال البيهقي في السنن: هذه الزيادة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما علم بلال وأبا محذورة ونحن نكره الزيادة فيه 1/ 425.
(2) السنن 1/ 424 والمصنف 1/ 2155، قلت: وهذا السند ضعيف لأن فيه عبد الوهاب بن عطاء الخفاف صدوق ربما أخطأ التقريب 222، تهذيب الكمال 870 - 871 ويحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان، وثقه الدارقطني وقال موسى بن هارون: أشهد أنه يكذب عني في كلامه ولم يعن في كلامه الميزان 4/ 387، اللسان 6/ 263.
(3) السنن 1/ 424.
(4) سنن البيهقي 1/ 4255، فيه موسى بن داود أبو عبد الله الضبي صدوق فقيه له أوهام، التقريب 350، وبقية السند لم أقف عليه. قلت: وابن عمر إن صح عنه هذا الخبر فهو الذي قال لمن ثوب بالظهر أو العصر. أخرج بنا عن هذا المبتدع. فهي بدعة.
(5) و (6) سنن البيهقي 1/ 425، ومصنف ابن أبي شبية 1/ 215.
الفلاح قال: حي على خير العمل ويقول: هو الأذان الأول وأنه أذان (أ) رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال الهادي (1) في الأحكام: وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذن بها، ولم تطرح إلا في زمن (ب) عمر، فإنه أمر بطرحها، وقال أخاف أن يتكل الناس على ذلك، وفي كتاب السنام أن الأذان شرع بحي على خير العمل لأنه اتفق على الأذان به يوم الخندق ولأنه دعا إلى الصلاة، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "خير أعمالكم الصلاة" (2) انتهى. ولكن الهادي قال في الأحكام (3) بعد هذا: إنها خير الأعمال بعد الجهاد، وهذا التأويل لا يناسب مذهبه في إثباتها، وحكي في شرح الموطأ أن عمر والحسن والحسين وبلالا وجماعة أذنوا بها، وفي جامع آل محمد ما لفظه: قال الحسن بن يحيى أجمع آل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا في الأذان والإِقامة: حي على خير العمل ولم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يؤذن بحي على خير العمل حتى قبضه الله إليه وكان يؤذن بها في زمن (جـ) أبي بكر، فلما ولي عمر قال: دعوا حي على خير العمل لا يشتغل الناس عن الجهاد فكان أول من تركها، ولم يذكر القاسم ومحمد حي على خير العمل، في الأذان ولا في الإِقامة بل روى محمد بأسانيده عن علي بن الحسين ومحمد بن علي ويحيى بن زيد أنهم كانوا يقولون في الأذان: حي على خير العمل. انتهى.
حجة الفقهاء الأحاديث المروية في ابتداء شرعية الأذان وغيرها من الصحيحين وغيرهما من الأصول الستة وغيرها، ولم يذكر فيها حي على خير العمل، وفيما
__________
(أ) في هـ وجـ: أذن.
(ب) في جـ: زمان.
(جـ) في جـ: زمان.
__________
(1) الأحكام الجامع لأصول ما يحتاج إليه من الحلال والحرام ل 28.
(2) بلفظ: الصلاة في أول وقتها، الدارقطني 1/ 247، الحاكم 1/ 189.
(3) الأحكام ل 28.
تقدم من الروايات بذكر الأذان الأول إشارة إلى أنه كان في أول الأمر ثم نسخ وأمر عمر بتركه، ولم ينكر وإجماع (أ) العترة غير مسلم لما سبق من خلاف القاسم، وأجيب عن حمل الأول أنه الأول في صدر الإِسلام، ثم نسخ لصحة أن يراد بالأول الأول (ب) قبل ترك عمر له، وأمر عمر بتركه اجتهاد وليس بحجة. والله أعلم.
عدة أحاديث الباب ستة وعشرون حديثًا.
__________
(أ) في جـ: ولم ينكروا إجماع. وفي هـ: ولم ينكروا وإجماع.
(ب) ساقطة من جـ.
البدرُ التمام شرح بلوغ المرام
المؤلف: الحسين بن محمد بن سعيد اللاعيّ، المعروف بالمَغرِبي (المتوفى: 1119 هـ)
المحقق: علي بن عبد الله الزبن
الناشر: دار هجر
الطبعة: الأولى
جـ 1 - 2 (1414 هـ - 1994 م)
جـ 3 - 5 (1424 هـ - 2003 م)
جـ 6 - 10 (1428 هـ - 2007 م)
عدد الأجزاء: 10 ( 2 / 305 – 308 )
اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
أما ما روي عن ابن عمر ان صح عنه فانه كان يقوله اذا أذن هو في سفر أو نحوه فانه لم يكن مؤدنا راتبا ويحتمل أنه كان يقوله بعد الأذان ترغيبا في حضور الصلاة ولو كان هذا القول صحيحا لاشتهر وظهر فالأدان من الشعائر الكبرى التي لاتخفى والله أعلم
سنن الدارقطني المؤلف : علي بن عمر أبو الحسن الدارقطني البغدادي الناشر : دار المعرفة - بيروت ، 1386 – 1966 تحقيق : السيد عبد الله هاشم يماني المدني عدد الأجزاء : 4 [ جزء 1 - صفحة 243 ]ح 40 ( حدثنا محمد بن مخلد ثنا محمد بن إسماعيل الحساني ثنا وكيع عن العمري عن نافع عن بن عمر عن عمر ووكيع عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن بن عمر عن عمر : أنه قال لمؤذنه إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم ).
مصنف عبد الرزاق المؤلف : أبو بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني الناشر : المكتب الإسلامي – بيروت الطبعة الثانية ، 1403 تحقيق : حبيب الرحمن الأعظمي عدد الأجزاء : 11 [ جزء 1 - صفحة 474 ] ح 1828 ( عبد الرزاق عن بن جريج قال سألت عطاء متى قيل الصلاة خير من النوم قال لا أدري ) .
مصنف عبد الرزاق [ جزء 1 - صفحة 474 ] ح 18299 ( عبد الرزاق عن بن جريج قال أخبرني عمر بن حفص أن سعدا أول من قال الصلاة خير من النوم في خلافة عمر فقال بدعة ثم تركه .
كالامام مالك في موطئه: "إذ بلغه ان المؤذن جاء إلى عمر بن الخطاب يؤذنه بصلاة الصبح فوجده نائما، فقال: الصلاة خير من النوم، فأمره عمر أن يجعلها في ندا، الصبح". انتهى بلفظه.
قال الزرقاني في تعليقته على هذه الكلمة من شرحه للموطئ مما هذا لفظه866. هذا البلاغ أخرجه الدار قطني في السنن من طريق وكيع في مصنفه، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر، عن عمر قال وأخرج عن سفيان عن محمد بن عجلان عن نافع عن ابن عمر أنه قال لمؤذنه: إذا بلغت حي على الفلاح في الفجر فقل: الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم.
قلت وأخرجه ابن أبي شيبة من حديث هشام بن عروة، ورواه غير واحد من إثبات أهل السنة والجماعة
حكم قول المؤذن في الأذان: (حي على خير العمل)
السؤال: ما رأيكم فيمن يقول في الأذان : ( حي على خير العمل ) ؟ وهل له أصل؟
الجواب:
الحمد لله
"قول بعض الشيعة في الأذان : ( حي على خير العمل ) بدعة ، لا أصل له في الأحاديث الصحيحة . فنسأل الله أن يهديهم وجميع المسلمين لاتباع السنة ، والعض عليها بالنواجذ؛ لأنها والله هي طريق النجاة وسبيل السعادة لجميع الأمة . والله ولي التوفيق" انتهى .
"مجموع فتاوى ومقالات متنوعة" للشيخ ابن باز (10/241) .
الإسلام سؤال وجواب
أحمد بن علي صالح
08-21-13, 10:42 AM
هل يصح الأذان الذي يزاد فيه : "حي على خير العمل"؟
السؤال : أسمع كثيراً من المؤذنين في بعض إذاعات الدول الإسلامية يؤذنون أذاناً مختلفاً كالآتي في بداية الأذان : يكبر تكبيرتين فقط ، بعد قوله : حي على الفلاح يقول : حي على خير العمل مرتين ، فما حكم هذا الأذان؟ وهل ثبت عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم؟ وهل تبطل الصلاة بهذا الأذان؟
الجواب :
الحمد لله
"قد ثبت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأذان أربع تكبيرات في أوله ، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يُقال فيه : حي على خير العمل ، لم يقل هذا بلال ولا عبد الله بن أم مكتوم ،ولا أبو محذورة ، ولا غيرهم من مؤذنيه عليه الصلاة والسلام ، وإنما هو مروي عن علي بن الحسين ويرويه بعضهم عن عبد الله بن عمر ولكنه ليس بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن مؤذنيه .
فالصواب في هذا أنه بدعة لا يجوز فعله لأنه مخالف للأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما الثابت أن يقول بعد حي على الصلاة حي على الفلاح : الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله .
فالأذان خمس عشر جملة ؛ أربع تكبيرات في أوله ، ثم الشهادتان أربع ، ثم الحيعلة أربع ، ثم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ، الجميع خمس عشرة ، ومع الترجيع يكون تسع عشرة كلمة ، والترجيع : أن يأتي بالشهادتين بصوت منخفض ، ثم يأتي بهما بصوت مرتفع ، كما في حديث أبي محذور لما أذن بمكة ، حينما علمه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان علمه فيه الترجيع ، وفي الفجر يزاد فيها : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم . أما حي على خير العمل فبدعة.
أما عن الصلاة التي أذن لها بهذا الأذان لا تبطل ، ولا يبطل الأذن بهذا ، فالأذان صحيح ، والكلمات الزائدة خطأ ، فالأذان صحيح والصلاة صحيحة" انتهى .
سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
"فتاوى نور على الدرب" (2/688) .
وأما ما روي عن ابن عمر – رضي الله عنهما – وعن علي بن الحسين زين العابدين – رضي الله عنه – وعن أبيه أنهما كانا يقولان في الأذان : (حي على خير العمل) فهذا في صحته عنهما نظر، وإن صححه بعض أهل العلم عنهما، لكن ما قد علم من علمهما وفقههما في الدين يوجب التوقف عن القول بصحة ذلك عنهما؛ لأن مثلهما لا يخفى عليه أذان بلال – رضي الله عنه - ولا أذان أبي محذورة – رضي الله عنه - ، وابن عمر – رضي الله عنهما – قد سمع ذلك وحضره، وعلي بن الحسين رحمه الله من أفقه الناس، فلا ينبغي أن يظن بهما أن يخالفا سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المعلومة المستفيضة في الأذان، ولو فرضنا صحة ذلك عنهما فهو موقوف عليهما، ولا يجوز أن تعارض السنة الصحيحة بأقوالهما ولا أقول غيرهما، لأن السنة هي الحاكمة مع كتاب الله العزيز على جميع الناس، كما قال الله – عز وجل - : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً" [النساء:59]، وقد رددنا هذا اللفظ المنقول عنهما وهو عبارة (حي على خير العمل) في الأذان إلى السنة فلم نجدها فيما صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – من ألفاظ الأذان.
ثم يقال أيضاً: علي بن الحسين – رضي الله عنه – من جملة التابعين، فخبره هذا لو صرح فيه بالرفع فهو في حكم المرسل، والمرسل ليس بحجة عند جماهير أهل العلم، كما نقل ذلك عنهم الإمام أبو عمر بن عبد البر في كتاب التمهيد، وهذا لو لم يوجد في السنة الصحيحة ما يخالفه، فكيف وقد وجد في الأحاديث الصحيحة الواردة في صفة الأذان ما يدل على بطلان هذا المرسل وعدم اعتباره، والله الموفق.
[مجموع فتاوى سماحة الشيخ ابن باز (10/352)].
ثانيا: ما روي في ذلك موقوفا
ما روي في ذلك عن ابن عمر:
في سنن البيهقي الكبرى ج1/ص4244: (باب ما روي في حي على خير العمل: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا يحيى بن أبي طالب ثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا مالك بن أنس عن نافع قال كان بن عمر يكبر في النداء ثلاثا ويشهد ثلاثا وكان أحيانا إذا قال حي على الفلاح قال على أثرها: حي على خير العمل, ورواه عبد الله بن عمر عن نافع قال: كان بن عمر ربما زاد في أذانه حي على خير العمل
ورواه الليث بن سعد عن نافع كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا أبو بكر بن إسحاق ثنا بشر بن موسى ثنا موسى بن داود ثنا الليث بن سعد عن نافع قال: كان ابن عمر لا يؤذن في سفره وكان يقول: حي على الفلاح وأحيانا يقول: حي على خير العمل
ورواه محمد بن سيرين عن بن عمر أنه كان يقول ذلك في أذانه, وكذلك رواه نسير بن ذعلوق عن بن عمر وقال: في السفر , وروي ذلك عن أبي أمامة )اه
وفي مصنف ابن أبي شيبة ج1/ص1966 : (حدثنا أبو خالد عن بن عجلان عن نافع عن بن عمر أنه كان يقول في أذانه: الصلاة خير من النوم وربما قال: حي على خير العمل
حدثنا أبو أسامة قال نا عبيد الله عن نافع قال: كان ابن عمر زاد في أذانه حي على خير العمل) اه
وفي مصنف عبد الرزاق ج1/ص4644 : ( عن بن جريج عن نافع عن بن عمر أنه كان يقيم الصلاة في السفر يقولها مرتين أو ثلاثا يقول: حي على الصلاة حي على الصلاة حي على خير العمل) اه
وفي الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم ج4/ص5933: (وروي عن ابن عمر وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قولهما: في الأذان حي على خير العمل... نا حمام نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الديري نا عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن رجل عن ابن عمر أنه كان إذا قال في الأذان حي على الفلاح قال: حي على خير العمل) اه
وقد صحح الأثر طائفة من أهل العلم منهم: ابن حزم والشوكاني وابن دقيق العيد وابن الوزير
قال الشوكاني في نيل الأوطار ج2/ص188: ( أخرج البيهقي في سننه الكبرى بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمر أنه كان يؤذن بحي على خير العمل أحيانا) اه
وقال ابن حزم في المحلى ج3/ص1600 : (وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم: حي على خير العمل) اه
ما روي في ذلك عن أبي إمامة بن سهل:
قال البيهقي في سننه الكبرى ج1/ص4244: في باب ما روي في حي على خير العمل بعد ذكر أثر ابن عمر السابق: وروي ذلك عن أبي أمامة )اه
وقال المحب الطبري في كتابه (إحكام الأحكام): ( ذكر الحيعلة بحي على خير العمل, عن صدقة بن يسار عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف أنه كان إذا أذن قال: حي على خير العمل. أخرجه سعيد بن منصور )اه. وانظر نيل الأوطار ج2/ص18 والروض النظير 1/541 , ولم أجده في المطبوع من سنن سعيد بن منصور فلعله في الأجزاء المفقودة منه
وقد تقدم معنا قول ابن حزم في المحلى ج3/ص1600 : (وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم: حي على خير العمل) اه
ما روي في ذلك عن زيد بن أرقم
وقال في نيل الأوطار ج2/ص188: ( وروى المحب الطبري في أحكامه عن زيد بن أرقم أنه أذن بذلك قال المحب الطبري: رواه بن حزم ورواه سعيد بن منصور في سننه عن أبي أمامة بن سهل البدري ولم يرو ذلك من طريق غير أهل البيت مرفوعا) اه
ما روي في ذلك عن زين العابدين
في مصنف ابن أبي شيبة ج1/ص1955: (باب من كان يقول في أذانه حي على خير العمل: حدثنا أبو بكر قال نا حاتم بن إسماعيل عن جعفر عن أبيه ومسلم بن أبي مريم أن علي بن حسين كان يؤذن فإذا بلغ حي على الفلاح قال: حي على خير العمل ويقول هو الأذان الأول) اه
وقد صحح أثر زين العابدين طائفة من أهل العلم :
قال ابن الوزير اليماني : بحثت عن هذين الإسنادين فوجتهما صحيحين إلى ابن عمر وزين العابدين, وفي المختصر من شرح ابن دقيق العيد على العمدة : وقد صح بالسند الصحيح أن زين العابدين وابن عمر أذنا بحي على خير العمل حتى ماتا ) اه الروض النضير للسياغي 1/ 542
وقال الحسن بن أحمد الجلال في ضوء النهار 1/4688 : ( وصحح ابن دقيق وغيره ان ابن عمر وزين العابدين ثبتا على التأذين بها حتى ماتا)اه
وقال في نيل الأوطار ج2/ص188: (وقول بعضهم-: وقد صحح ابن حزم والبيهقي والمحب الطبري وسعيد بن منصور ثبوت ذلك عن علي بن الحسين وبن عمر وأبي أمامة بن سهل موقوفا ومرفوعا-؛ ليس بصحيح اللهم إلا أن يريد بقوله مرفوعا قول علي بن الحسين هو الأذان الأول) اه
جواب بعض أهل السنة عن تلك الآثار:
أجاب ابن تيمية والذهبي عن أثر ابن عمر وغيره من الصحابة بأن ذلك كان منه في بعض الأحيان, قال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية ج6/ص294 : ( وغاية ما يقال -إن صح النقل- إن بعض الصحابة كابن عمر رضي الله عنهما كان يقول ذلك أحيانا على سبيل التوكيد كما كان بعضهم يقول بين النداءين: حي على الصلاة حي على الفلاح وهذا يسمى نداء الأمراء وبعضهم يسميه التثويب ورخص فيه بعضهم وكرهه أكثر العلماء ورووا عن عمر وابنه وغيرهما كراهة ذلك
ونحن نعلم بالاضطرار أن الأذان الذي كان يؤذنه بلال وابن أم مكتوم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأبو محذورة بمكة وسعد القرظ في قباء لم يكن فيه هذا الشعار الرافضي ولو كان فيه لنقله المسلمون ولم يهملوه كما نقلوا ما هو أيسر منه فلما لم يكن في الذين نقلوا الأذان من ذكر هذه الزيادة علم أنها بدعة باطلة)اه
وقال الذهبي في المنتقى من منهاج الاعتدال وهو مختصر منهاج السنة ج1/ص3999 : ( غاية ما يقال -إن صح النقل-: إن ابن عمر ربما قال ذلك أحيانا كما كان بعضهم يقول بين الأذان والإقامة حي على خير العمل!! الصلاة حي على الفلاح وهذا يسمى نداء الأمراء وكرهه أكثر العلماء )اه
لكن قد يشكل على ما ذكره ابن تيمية والذهبي: أن ابن عمر كان يقول ذلك في الأذان وليس بين الأذان والإقامة, وأن ابن عمر ممن كره التثويب المذكور بين الأذان والإقامة فكيف يكره شيئا ثم يفعله, وقد يشكل عليه أيضا ما ورد في ذلك عن الصحابة غير ابن عمر
وأجاب الأمين الشنقيطي عن أثر زين العابدين بأنه يريد بالأذان الأول ما ورد في حديث بلال (أي قبل النسخ) قال الشنقيطي في أضواء البيان ج8/ص156: (ومما جاء فيها عندهم أثر عن ابن عمر أنه كان يؤذن بها أحياناً, ومنها عن علي بن الحسين أنه قال هو الأذان الأول... ولا يبعد أن يكون أثر بلال هو الذي عناه علي بن الحسين, وعلى كل فهذا الأثر [أي حديث بلال] وإن كان ضعيفاً فإنه مرفوع وفيه التصريح بالمنع منها وعليه الأئمة الأربعة وغيرهم إلا ما عليه الشيعة فقط) اه
ولكن قد يشكل على هذا أنه: كيف يذكر زين العابدين أن الأذان بحي على خير العمل منسوخ ثم يعمل يؤذن هو بحي على خير العمل؟!
ويحتمل أن زين العابدين يريد بالأذان الأول ما سيأتي ذكره من أن الأذان بحي على خير العمل كان موجودا قبل خلافة عمر رضي الله عنه ثم نهى عنه عمر خشية أن يتكل الناس عن الجهاد, لكن الرواية بذلك عن عمر لم ترد في كتب أهل السنة المسندة, وإن وردت في بعض كتب أهل السنة غير المسندة كما سيأتي مفصلا إن شاء الله
المبحث الثاني:
حي على خير العمل في كتب الفقهاء السنية:
المسألة الأولى:
حي على خير العمل في كتب الحنفية
لم أجد للحنفية كلاما مستقلا في المسألة لكن ابن نجيم حكى كراهة النداء بحي على خير العمل عن النووي والشافعية مقرا فقال في البحر الرائق شرح كنز الدقائق (ج 3 / ص 27) : ( فرع ) في شرح المهذب للشافعية: يكره أن يقال في الأذان حي على خير العمل ؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم والزيادة في الأذان مكروهة ا هـ . وقد سمعناه الآن عن الزيدية ببعض البلاد .) اه
المسألة الثانية:
حي على خير العمل في كتب المالكية
يحكي بعض المالكية عن علي كرم الله وجهه أنه كان يزيد في النداء حي على خير العمل ففي حاشية الدسوقي على شرح الدردير ج1/ص193 : ( تنبيه: كان علي رضي الله تعالى عنه يزيد حي على خير العمل بعد حي على الفلاح وهو مذهب الشيعة الآن)اه
ولكن الأثر لا وجود له في كتب أهل السنة المسندة فيما وقفت عليه, وقد ورد في كتب الشيعة المسندة كما سيأتي
وقال بعض المتأخرين من المالكية: إن النداء بحي على خير العمل هو المقصود بقول مالك : التثويب ضلال, ففي مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل (ج 3/ ص314): (وقال بعض المتأخرين من أصحابنا في قول مالك: التثويب ضلال, أنه أراد حي على خير العمل وليس كما قال ، وإنما التثويب عند أهل العلم من أهل المذهب اسم لما ذكرناه)اه
وفي مواهب الجليل أيضا ج1/ص4322: ( ثم ذكر أنه قيل: إن التثويب هو قول المؤذن: حي على خير العمل, لأنها كلمة زادها من خالف السنة من الشيعة, ورجح التفسير الأول بأن التثويب في اللغة الرجوع إلى الشيء) اه
المسألة الثالثة:
حي على خير العمل في كتب الشافعية
اتفق الشافعية على أن النداء بحي على خير العمل مكروه, قال النووي في المجموع ج3/ص1066: (يكره أن يقال في الأذان حي على خير العمل لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى البيهقي فيه شيئا موقوفا على ابن عمر وعلي بن الحسين رضي الله عنهم)اه
وقل ابن حجر الهيتمي في المنهج القويم ج1/ص1611 : ( ويكره أن يقول حي على خير العمل لأنه بدعة لكنه لا يبطل الأذان بشرط أن يأتي بالحيعلتين أيضا)اه
وفي أسنى المطالب في شرح روض الطالب ج1/ص1333: ( ويكره أن يقول حي على خير العمل لخبر من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد
ومقتضى الكراهة الصحة ونازع فيها ابن الأستاذ وقال لا يصح لأنه أبدل الحيعلتين بغيرهما وما قاله ظاهر إن كان المراد أنه يقول ذلك بدلهما كما فهمه لا بعدهما) اه
وفي نهاية المحتاج ج1/ص4099: ( ويكره أن يقول مع الحيعلتين حي على خير العمل فإن اقتصر عليه لم يصح كما صرح ابن الأستاذ أيضا خلافا لمن وهم فيه) اه
وفي حاشية الشبراملسي على نهاية المحتاج ج1/ص4100: (قوله: فإن اقتصر عليه لم يصح والقياس حينئذ حرمته لأنه به صار متعاطيا لعبادة فاسدة)اه
وفي تحفة المحتاج في شرح المنهاج (ج5/ص844): (ويكره [التثويب] في غير الصبح كحي على خير العمل مطلقا فإن جعله بدل الحيعلتين لم يصح أذانه...
ثم ذكر حديث بلال ثم قال: (وبه يعلم أنه لا متشبث فيه لمن يجعلونها بدل الحيعلتين!!!، بل هو صريح في الرد عليهم) اه
وفي نهاية الزين ج1/ص988: (ويكره أن يقال فيهما حي على خير العمل كما قد يقع ذلك بعد الحيعلتين لأنه شعار الزيدية!!! وأما إذا أتى بذلك عوضا عن الحيعلتين فلا يصح الأذان ولا الإقامة لأن ترك كلمة منهما مبطل لهما)اه
المسألة الرابعة:
حي على خير العمل في كتب الحنابلة
لم أقف للحنابلة على كلام في المسألة إلا لابن تيمية ففي مجموع فتاوى ابن تيمية (ج 5/ص1855): (وكذلك الأذان سواء رجع فيه أو لم يرجع فإنه أذان صحيح عند جميع سلف الأمة وعامة خلفها وسواء ربع التكبير في أوله أو ثناه وإنما يخالف في ذلك بعض شواذ المتفقهة كما خالف فيه بعض الشيعة فأوجب له الحيعلة " بحي على خير العمل")اه
وفي مجموع فتاوى ابن تيمية أيضا (ج 5/ص 2799): (كما يعلم: " أن حي على خير العمل " لم يكن من الأذان الراتب وإنما فعله بعض الصحابة لعارض تحضيضا للناس على الصلاة)اه
المسألة الخامسة:
حي على خير العمل في كتب غير المذاهب الأربعة
ينسب الشوكاني النداء بحي على خير العمل إلى العترة ويسمي بعضهم حيث قال في نيل الأوطار ج22/ص18-ص19: (وقد ذهبت العترة إلى إثباته وأنه بعد قول المؤذن: حي على الفلاح, قالوا: يقول مرتين: حي على خير العمل
ونسبه المهدي في البحر إلى أحد قولي الشافعي!! وهو خلاف ما في كتب الشافعية فإنا لم نجد في شيء منها هذه المقالة, بل خلاف ما في كتب أهل البيت, قال في الانتصار: إن الفقهاء الأربعة لا يختلفون في ذلك, يعني في أن حي على خير العمل ليس من ألفاظ الأذان, وقد أنكر هذه الرواية الإمام عز الدين في شرح البحر وغيره ممن له اطلاع على كتب الشافعية
واحتج القائلون بذلك بما في كتب أهل البيت كأمالي أحمد بن عيسى والتجريد والأحكام وجامع آل محمد من إثبات ذلك مسندا إلى رسول الله, قال في الأحكام: وقد صح لنا أن حي على خير العمل كانت على عهد رسول الله يؤذن بها ولم تطرح إلا في زمن عمر, وهكذا قال الحسن بن يحيى روي ذلك عنه في جامع آل محمد...
وأجاب الجمهور عن أدلة إثباته: بأن الأحاديث الواردة بذكر ألفاظ الأذان في الصحيحين وغيرهما من دواوين الحديث ليس في شيء منها ما يدل على ثبوت ذلك, قالوا: وإذا صح ما روي من أنه الأذان الأول فهو منسوخ بأحاديث الأذان لعدم ذكره فيها, وقد أورد البيهقي حديثا في نسخ ذلك ولكنه من طريق لا يثبت النسخ بمثلها)اه
وقال الشوكاني في السيل الجرار ج1/ص2055: (قوله: (ومنهما حي على خير العمل), أقول: هذا اللفظ قد صار من المراكز العظيمة عند غالب الشيعة, ولكن الحكم بين المختلفين من العباد هو كتاب الله وسنة رسول الله...
ولم يثبت رفع هذا اللفظ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من كتب الحديث على اختلاف أنواعها وغاية ما يروى في ذلك ما أخرجه الطبراني والبيهقي عن بلال...) اه
وقال في السيل الجرار أيضا ج1/ص2066: ( ولقد وقع للجلال في شرح هذا الكتاب في هذا البحث وفي بحث (حي على خير العمل) من التكلف والتعسف والخروج عن طريق الحق ما يعجب الناظر فيه من قائله خصوصا إذا كان ممن يدعي الإنصاف في مسائل الخلاف وتأثير الأدلة على القيل والقال ولله الأمر من قبل ومن بعد) اه
أما ابن حزم فيصحح النداء بحي على خير العمل عن ابن عمر وأبي أمامة ولكنه لا يقول به لعدم ثبوته مرفوعا عنده ولكنه يُلزم من يرى أن مثل ذلك يعد من قبيل المرفوع -لأنه لا يقال من قبيل الرأي- بأن يقول بمشروعية النداء بحي على خير العمل, حيث قال في المحلى ج3/ص160 : (وقد صح عن ابن عمر وأبي أمامة بن سهل بن حنيف أنهم كانوا يقولون في أذانهم حي على خير العمل, ولا نقول به لأنه لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا حجة في أحد دونه
ولقد كان يلزم من يقول -في مثل هذا عن الصاحب-: مثل هذا لا يقال بالرأي أن يأخذ بقول ابن عمر في هذا) اه
المبحث الثالث:
حي على خير العمل في الكتب السنية الأخرى
غير الحديثية والفقهية
ذكر التفتازاني في حاشية شرح العضد: (أن حي على خير العمل كان ثابتا على عهد رسول الله وأن عمر هو الذي أمر أن يكف عن ذلك مخافة أن يتثبط الناس عن الجهاد ويتكلوا على الصلاة) اه الروض النضير أيضا 1/542
وفي كتاب (عمر بن الخطاب) لعبد الرحمن أحمد البكري (ج 1/ص 1088): ( قال الإمام القوشجي متكلم الأشاعرة، وحكيمهم في أواخر مبحث الإمامة من شرح كتاب التجريد في علم الكلام: إن عمر (رضي الله عنه) قال وهو على المنبر: أيها الناس: ثلاث كن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا أنهى عنهن وأحرمهن، وأعاقب عليهن: متعة النساء، ومتعة الحج، وحي على خير العمل)اه
وهذا الأثر غريب, وهو والذي قبله يحتاجان إلى إثبات, ولا أعلم ورودهما في كتب أهل السنة المسندة وقد ورد نحو ذلك في كتب الشيعة كما سيأتي في المتممات في آخر البحث إن شاء الله.
أما ابن عربي الحاتمي :
فيرى أن من كره النداء بحي على خير العمل إنما كرهها تعصبا لأنها إن ثبتت فلا إشكال وإن لم تثبت فهي من السنن الحسنة!!! وأنه ما كرهها من كرهها إلا تعصبا, حيث قال في الفتوحات المكية (ج1/ ص469): (وأما من زاد حي على خير العمل: فإن كان فُعل في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما روى أن ذلك دعا به في غزوة الخندق إذ كان الناس يحفرون الخندق فجاء وقت الصلاة -وهي خير موضوع كما ورد في الحديث- فنادى المنادى: حي على خير العمل؛ فما أخطأ من جعلها في الأذان بل اقتدى إن صح هذا الخبر, أو سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها, وما كرهها من كرهها إلا تعصبا فما أنصف القائل بها نعوذ بالله من غوائل النفوس) اه
وقال الصالحي في سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد (ج3/ص3566): (ولا شك أن قول: حي على الصلاة أحسن مما ورد في بعض الآثار الموقوفة في الموطأ، رواية محمد بن الحسن، وجاء مع عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما، -وصرح الحفاظ بأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " حي على خير العمل "،- لأنه مع كونه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد صار شعار الروافض ولا يشمل جميع الأعمال الصالحة، وكان الوارد في الصحيح أبلغ من وجهين: من جهة أنه شامل لكل خير، ومن جهة التعبير عن ذلك باللازم الذي هو الغاية المترتبة على العمل تحبيبا فيه، وتشويقا إليه، مع أنه كان يقوله بعد: حي على الفلاح ".)اه
وفي الدرر السنية في الكتب النجدية (ج 5 / ص 2044): (قال عبد الله بن محمد عبد الوهاب: وأما "حي على خير العمل"، فليس بثابت، ولا عمل عليه عند أهل السنة.
والذي يقول في الأذان: حي على خير العمل، ينكر عليه، ويعلم أن هذا من مبتدعات الرافضة، التي ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها شيء، ولا عن أهل بيته!!!، ولا عن أصحابه!!!، رضي الله عنهم أجمعين. والذي يفعله عقب ما يُعَلم، يؤدب الأدب الذي يزجره وأمثاله.) اه
وفي الدرر السنية في الكتب النجدية أيضا (ج 5 / ص 2088): (سئل الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود: عن ألفاظ الأذان، هل ورد من طريق مقبول: حي على خير العمل؟
فأجاب: لم نقف على شيء من ذلك!، بل الذي ثبت في الصحاح والمساند والسنن: أذان بلال، المشهور عند الناس اليوم، وأذان أبي محذورة، وفيه زيادة على أذان بلال، وليس في لفظ الأذانين شيء من ذلك فيما وقفنا عليه. ولو فرض أنه ورد في حديث ضعيف، لم يجز أن يترك الحديث المشهور، أو يزاد فيه شيء لم يصح عند أهل الحديث ونقاده، كالبخاري، ومسلم، وأهل السنن، والله أعلم.)اه
فوائد متممة في حي على خير العمل
الأولى:
بعض الحوادث التاريخية في حي على خير العمل
قال ابن كثير في البداية والنهاية ج11/ص270: ( وفيها[أي سنة 360] أذن بدمشق وسائر الشام بحي على خير العمل
قال ابن عساكر -في ترجمته: جعفر بن فلاح نائب دمشق- وهو أول من تأمر بها عن الفاطميين أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: قال أبو بكر أحمد بن محمد بن شرام: وفي يوم الخميس لخمس خلون من صفر من سنة ستين وثلاثمائة أعلن المؤذنون في الجامع بدمشق وسائر مآذن البلد وسائر المساجد بحي على خير العمل بعد حي على الفلاح أمرهم بذلك جعفر بن فلاح ولم يقدروا على مخالفته ولا وجدوا من المسارعة إلى طاعته بدا
وفي يوم الجمعة الثامن من جمادى الآخرة أمر المؤذنون أن يثنوا الأذان والتكبير في الإقامة مثنى مثنى وأن يقولوا في الإقامة حي على خير العمل فاستعظم الناس ذلك وصبروا على حكم الله تعالى) اه
وفي السيرة الحلبية ج2/ص305: (وذكر بعضهم أنه في دولة بني بويه كانت الرافضة تقول بعد الحيعلتين: حي على خير العمل فلما كانت دولة السلجوقية منعوا المؤذنين من ذلك وأمروا أن يقولوا في أذان الصبح -بدل ذلك الصلاة-: خير من النوم مرتين وذلك في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة)اه
وفي رحلة ابن جبير ج1/ص84: ( وللحرم أربعة أئمة سنية وإمام خامس لفرقة تسمى الزيدية وأشراف أهل هذه البلدة على مذهبهم وهم يزيدون في الأذان: حي على خير العمل اثر قول المؤذن: حي على الفلاح, وهم روافض سبابون والله من وراء حسابهم وجزائهم, ولا يجمعون مع الناس إنما يصلون ظهرا أربعا ويصلون المغرب بعد فرغ الأئمة من صلاتها ) اه
وفي الوافي بالوفيات (ج7/ص225): ( قتادة بن إدريس: صاحب مكة, الشريف أبو عزيز ابن الأمير الشريف أبي مالك العلوي الحسني: كان مهيبا فاضلا له شعر، وهو قوي النفس مقدام تحمل إليه من بغداد الخلع والذهب ويقول: أنا أحق بالخلافة من الناصر. وفي زمانه كان يؤذن في الحرم بحي على خير العمل, مذهب الزيدية.) اه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق