أدلة القائلون بجواز صيام يوم السبت منفردا مطلقاً
القائلون بجواز صوم يوم السبت مطلقاً ومنهم الإمام مالك وأكثر أهل العلم، وحجتهم في ذلك ضعف هذا الحديث أو نسخه؛ فقد قال أبو داود: "هذا حديث منسوخ"[2]. وذكر أبو داود بإسناده عن ابن شهاب أنه كان إذا ذكر له أنه نهى عن صيام السبت، يقول ابن شهاب: "هذا حديث حِمصي"[3]، وعن الأوزاعي قال: "ما زلتُ له كاتمًا حتى رأيته انتشر بعد"[4] يعني حديث ابن بسر في صوم يوم السبت. قال أبو داود: قال مالك: "هذا كذب"[5] وقد بين الاضطرابَ فيه الحافظُ ابن حجر في "التلخيص"[6] وأكثرُ أهل العلم على عدم الكراهة، مستدلين بالنصوص الكثيرة التي تُحمل على جواز صيام يوم السبت؛ ومنها حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهْىَ صَائِمَةٌ فَقَالَ: ((أَصُمْتِ أَمْسِ)). قَالَتْ لاَ. قَالَ: ((تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِى غَدًا)). قَالَتْ لاَ. قَالَ ((فَأَفْطِرِى))[7] قوله: ((تُرِيدِينَ أَنْ تَصُومِى غَدًا)) يعني يوم السبت.
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
((أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي أَقُولُ: وَاللَّهِ لَأَصُومَنَّ النَّهَارَ وَلَأَقُومَنَّ اللَّيْلَ مَا عِشْتُ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ قُلْتُهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ فَإِنَّكَ لَا تَسْتَطِيعُ ذَلِكَ فَصُمْ وَأَفْطِرْ وَقُمْ وَنَمْ وَصُمْ مِنْ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَإِنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا وَذَلِكَ مِثْلُ صِيَامِ الدَّهْرِ قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمَيْنِ قُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ فَصُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا فَذَلِكَ صِيَامُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ فَقُلْتُ إِنِّي أُطِيقُ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ))[8].
ومن ذلك أيضاً حديث أنس بن مالك أنه سئل عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَرَى أَنَّهُ لاَ يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ مِنْهُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَرَى أَنَّهُ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ مِنْهُ شَيْئًا وَكُنْتَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ مُصَلِّيًا وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ نَائِمًا)). قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ[9].
وحديث أبي هريرة قال: ((نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلاَّ بِيَوْمٍ قَبْلَهُ أَوْ يَوْمٍ بَعْدَهُ))[10].
وما رواه كُرَيب مولى ابن عباس قال: ((أرسلني ابن عباس، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أسألها: أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرها صيامًا؟ قالت: كان يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم"[11].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ))[12].
فمن المؤكد دخول يوم السبت في تلك الأيام التي يواصلها عليه السلام في شعبان وغيره. إلى غير ذلك من النصوص التي تحمل على جواز صيام يوم السبت مطلقاً في الفرض والنفل.
حكم صيام يوم (عاشوراء) إذا وافق يوم سبت
وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال:
ومن ذلك أيضاً حديث أنس بن مالك أنه سئل عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَرَى أَنَّهُ لاَ يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ مِنْهُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَرَى أَنَّهُ لاَ يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ مِنْهُ شَيْئًا وَكُنْتَ لاَ تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ مُصَلِّيًا وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ نَائِمًا)). قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ[9].
وما رواه كُرَيب مولى ابن عباس قال: ((أرسلني ابن عباس، وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أسألها: أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرها صيامًا؟ قالت: كان يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر ما يصوم من الأيام، ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم"[11].
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: ((كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ))[12].
فمن المؤكد دخول يوم السبت في تلك الأيام التي يواصلها عليه السلام في شعبان وغيره. إلى غير ذلك من النصوص التي تحمل على جواز صيام يوم السبت مطلقاً في الفرض والنفل.
الكاتب : دائرة الإفتاء العام
أضيف بتاريخ : 21-11-2012
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:
فيُستحب صيام يوم (عاشوراء)، وهو يوم العاشر من محرم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية، وصوم عرفة يكفر السنتين الماضية والمستقبلة) رواه النسائي في "السنن الكبرى".
والأكمل للمسلم لينال عظيم الأجر والثواب من الله تعالى أن يصوم الأيام الثلاثة، وهي التاسع والعاشر والحادي عشر من محرم، كما ذكر جمع من العلماء، كالشافعي وغيره، فإن لم يتيسر له ذلك صام مع يوم (عاشوراء) اليوم الذي قبله، أو الذي بعده، فإن اقتصر على (عاشوراء) فقط جاز ذلك، وكل ذلك خير، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: "يوم (عاشوراء) وهو عاشر المحرم، ويستحب أن يصوم معه (تاسوعاء) وهو التاسع" انتهى من "روضة الطالبين".
وقد ذكر الخطيب الشربيني رحمه الله تعالى الحكمة من صيام (تاسوعاء) والحادي عشر، فقال: "وحكمة صوم يوم (تاسوعاء) مع (عاشوراء) الاحتياط له لاحتمال الغلط في أول الشهر... فإن لم يصم معه (تاسوعاء) سُنَّ أن يصوم معه الحادي عشر، بل نص الشافعي في "الأم" و"الإملاء" على استحباب صوم الثلاثة" انتهى من "مغني المحتاج".
ولا يسقط استحباب صيام يوم (عاشوراء) إذا صادف يوم سبت؛ لأنه صوم له سبب، وإنما يُكره إفراد يوم السبت بصيام إذا كان نفلاً مطلقًا، ولا يُكره إذا كان يوم (عاشوراء)، أو قضاءً، أو تكفيرًا عن يمين، أو نذرًا، أو يوم (عرفة)، أو يوافق عادة له بأن كان يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو غير ذلك من الأيام التي يُستحبُّ الصيام فيها.
يقول الإمام الرملي رحمه الله: "يُكره إفراد السبت بالصوم... ومحله إذا لم يوافق إفراد كل يوم من الأيام الثلاثة (أي: الجمعة والسبت والأحد) عادة له، وإلا: كأن كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، أو يصوم (عاشوراء)، أو (عرفة)، فوافق يوم صومه: فلا كراهة... ولا يكره إفرادها بنذر، وكفارة، وقضاء، وخرج بإفراد ما لو صام أحدهما مع يوم قبله أو يوم بعده فلا كراهة لانتفاء العلة" انتهى باختصار من "نهاية المحتاج".
وأما الاستدلال بحديث (لاَ تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ إِلاَّ فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلاَّ لِحَاءَ عِنَبَةٍ أَوْ عُودَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهُ) رواه أبو داود، فقد اختلف المحدثون في هذا الحديث اختلافا كبيرًا، فضعَّفه كثيرون، وصحَّحه آخرون، وعلى فرض صحته فهو حديث منسوخ. قال أبو داود في "سننه": "وهذا حديث منسوخ". والله تعالى أعلم.
ما حكم صيام يوم السبت منفرداً
السؤال:
هذه السائلة ن.ع.م، من الأردن لها مجموعة من الأسئلة، تقول في السؤال الأول: سماحة الشيخ، ما حكم صيام يوم السبت، حيث إنني سمعت آراء كثيرة في صيام هذا اليوم, فمن الناس من يقول: إنه لا يصام إلا إذا سبق وألحق بيوم صيام, ومنهم من يقول: إنه لا يجوز أن يصام هذا أبداً إلا إذا كان صيام فرض أما تطوع فلا, وإذا كان كذلك وأردت أن أصوم صيام داوود عليه السلام فلا بد من مرور يوم السبت للصيام فيه دون أن أسبقه بيوم صيام، أو أن ألحقه بيوم صيام, فما هو رأيكم في ذلك؟
هذه السائلة ن.ع.م، من الأردن لها مجموعة من الأسئلة، تقول في السؤال الأول: سماحة الشيخ، ما حكم صيام يوم السبت، حيث إنني سمعت آراء كثيرة في صيام هذا اليوم, فمن الناس من يقول: إنه لا يصام إلا إذا سبق وألحق بيوم صيام, ومنهم من يقول: إنه لا يجوز أن يصام هذا أبداً إلا إذا كان صيام فرض أما تطوع فلا, وإذا كان كذلك وأردت أن أصوم صيام داوود عليه السلام فلا بد من مرور يوم السبت للصيام فيه دون أن أسبقه بيوم صيام، أو أن ألحقه بيوم صيام, فما هو رأيكم في ذلك؟
-02:06
الجواب:
الحديث في السبت في النهي عن صيام يوم السبت حديث ضعيف شاذ مطرب وهو ما يروى عنه ﷺ أنه قال: لا يصومن أحدكم يوم السبت إلا فيما افترض عليه فإن لم يجد إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغه هذا الحديث ضعيف ومطرب نبه عليه الحفاظ, فالحديث غير صحيح فلا بأس بصوم يوم السبت مع الجمعة, أو مع الأحد أو مفرداً لا حرج في ذلك هذا هو الصواب وهذا هو الصحيح.
الحديث في السبت في النهي عن صيام يوم السبت حديث ضعيف شاذ مطرب وهو ما يروى عنه ﷺ أنه قال: لا يصومن أحدكم يوم السبت إلا فيما افترض عليه فإن لم يجد إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغه هذا الحديث ضعيف ومطرب نبه عليه الحفاظ, فالحديث غير صحيح فلا بأس بصوم يوم السبت مع الجمعة, أو مع الأحد أو مفرداً لا حرج في ذلك هذا هو الصواب وهذا هو الصحيح.
والحديث ضعيف لا يصح الاحتجاج به, ومما يدل على ضعفه ما ثبت في الصحيحين عن النبي ﷺ أنه قال: لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده, فأباح للناس أن يصوموا يوماً بعده يوماً بعد الجمعة وهو السبت في النافلة, فدل على أن الحديث الذي فيه النهي عن صومه إلا في الفريضة حديث باطل مخالف للأحاديث الصحيحة, وهكذا كان - عليه الصلاة والسلام يصوم- الأحد ويوم السبت ويقول: إنهما يوما عيد للمشركين فأنا أريد أن أخالفهم.
والخلاصة: أن الحديث في النهي عن صوم يوم السبت حديث ضعيف بل باطل غير صحيح, ولا حرج في صوم يوم السبت مفرداً, أو مع الجمعة, أو مع الأحد كل ذلك لا بأس به والحمد لله.
المقدم: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ
المقدم: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال :
الحال الأولى : أن يكون في فرضٍ كرمضان أداء ، أو قضاءٍ ، وكصيام الكفارة ، وبدل هدي التمتع ، ونحو ذلك ، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقدا أن له مزية .
الحال الثانية : أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة : ( أصمت أمس ؟ ) قالت : لا ، قال : ( أتصومين غدا ؟ ) قالت : لا ، قال : ( فأفطري ) . فقوله : ( أتصومين غدا ؟ ) يدل على جواز صومه مع الجمعة .
الحال الثالثة : أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة ، ويوم عاشوراء ، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان ، وتسع ذي الحجة فلا بأس ، لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت ، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها .
الحال الرابعة : أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوما ويفطر يوما فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين : ( إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه ) ، وهذا مثله .
الحال الخامسة : أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم ، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (20/57).
والله أعلم .
أحوال جواز إفراد يوم السبت بالصيام
قد أجاز المانعون لصيام يوم السبت منفرداً صيامه في أحوال منها:
قد أجاز المانعون لصيام يوم السبت منفرداً صيامه في أحوال منها:
الحال الأولى: أن يكون في فرضٍ، كرمضان أَدَاءً، أو قضاءً، وكصيام الكَفَّارَةِ، وبدل هدي التَّمَتُّع، ونحو ذلك؛ فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك مُعتَقِدًا أن له مزية.
الحال الثانية: أن يصوم قبله يوم الجمعة؛ فلا بأس به.
الحال الثالثة: أن يُصَادِف صيام أيام مشروعة؛ كأيام البيض، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء، وستة أيام من شَوَّال لمن صام رمضان وتسع ذي الحجة؛ فلا بأس؛ لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت، بل لأنه من الأيام التي يُشْرَع صومها.
الحال الرابعة: أن يُصادِف عادةً، كعادة من يصوم يومًا وَيُفْطِر يَوْمًا، فَيُصَادِف يوم صومِهِ يوم السبت؛ فلا بأس به، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين: إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه، وهذا مثله.
الحال الخامسة: أن يَخُصَّهُ بصوم تَطَوُّع؛ فيفرده بالصوم؛ فهذا محل النَّهي إن صَحَّ الحديثُ في النهي عَنْهُ.
* علة النهي عن صيام يوم السبت منفرداً قد علل المانعون لصيام يوم السبت الحكمة من النهي عن صيامه
أن اليهود كانوا ينتهون عن الأكل والشرب في هذا اليوم، وأنَّ من شأن الصيام فيه مشابهة اليهود والمشركين في أفعالهم.
السؤال: سمعت تسجيلا للشيخ الألباني رحمه الله يقول فيه: إنه لا يجوز صيام يوم السبت تطوعا حتى لو كان هناك مناسبة لصيامه كأن يأتي في الأيام البيض أو يوم عرفة أو غيرها مما يندب صيامه، فما رأيكم في المسألة؟
الجواب: يستند الألباني في رأيه إلى الحديث التالي:
عن عبد الله بن بسر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب، أو لحاء شجرة فليمصه»[1] وفي رواية أخرى “فليمضغه”.
وهذا الحديث الذي يحتج به الألباني في منع صيام يوم السبت روي عن صحابي واحد فقط، والرواية عنه مختلفة فيمن سمعه، ففي بعض الروايات يصرح بأنه سمعه من النبي مباشرة، وفي رواية ثانية يصرح بأنه سمعه من أخته، وفي رواية ثالثة يقول إنه سمعه من أمه. وهو ما يشير إلى اضطراب الرواية وعدم صلوحها لتقرير حكم شرعي، وخاصة أنه لا يوجد ما يؤيدها من القرآن الكريم وصحيح السنة.
وقد حكم كثير من المحدثين على الرواية بالضعف والشذوذ كونها تخالف ما هو أصح منها، حتى إن أبا داود _صاحب السنن_ قد صرح بأن الإمام مالك بن أنس قال: إن هذا الحديث مكذوب[2].
وليس في القرآن الكريم ما يمنع من صيام يوم السبت أو غيره من الأيام، والأحاديث الواردة في الباب لا نستطيع أن نعتمد على أحدها بتحريم صيام يوم السبت أو غيره؛ لأنها كثيرة ومتعارضة فيما بينها؛ فبينما ينص بعضها على حرمة صيام السبت يصرح بعضها الآخر أن النبي صلى الله عليه كان أكثر ما يصوم أيام السبت والأحد. وربما هذا ما دفع صاحب المنتقى إلى القول: “وَقَدْ رُوِيَ فِي صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ وَيَوْمِ الْأَحَدِ حَدِيثٌ وَوَرَدَ فِي صِيَامِ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ حَدِيثٌ وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَا يُحْتَجُّ بِهِ”[3].
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق