السبت، 24 أغسطس 2019

لايجوز تكفير أحد من المسلمين إلا بعد إقامة الحجة عليه ولاكن مامعنى : إقامة الحجة:


معناها : تبليغ الدليل لمن لم يبلغه او خفى عليه وتوضيحه و فهمه لمن بلغه وتأوله تأويل فاسد بشبه أو بفهم خاطئ
قال العلامة : محمد بن عبد الهادي السندي رحمه الله
وقوله : بعد إقامة الحجة عليهم ، أي : بإظهار بطلان دلائلهم.
حاشية السندى على صحيح البخارى (4/92)
وقال العلامة بن بطال رحمه الله
وأما قول البخارى: باب قتال الخوارج بعد إقامة الحجة عليهم فمعناه أنه لا يجب قتال خارجى ولا غيره إلا بعد الإعذار إليه، ودعوته إلى الحق، وتبيين ما ألبس عليه، فإن أبى من الرجوع إلى الحق وجب قتاله بدليل قوله تعالى: {وما كان الله ليضل قومًا بعد إذا هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} [التوبة: 115] {شرح البخاري لابن بطال 16/140 }وبه قال {الحافظ بن حجر فى الفتح 12/299}وغيره من العلماء
الدليل على وجوب إقامة الحجة :
من القرآن الكريم :
1}قال تعالي { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا }(15)الاسراء
ولا يعذب الله أحدًا إلا بعد إقامة الحجة عليه بإرسال الرسل وإنزال الكتب. { التفسير الميسر مجموعة علماء بالمملكة وبإشراف العلامة صالح عبد العزيز آل الشيخ }
2} { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التوبة: 115] }
وما كان الله ليضلَّ قومًا بعد أن مَنَّ عليهم بالهداية والتوفيق حتى يبيِّن لهم ما يتقونه به، وما يحتاجون إليه في أصول الدين وفروعه. إن الله بكل شيء عليم، فقد علَّمكم ما لم تكونوا تعلمون، وبيَّن لكم ما به تنتفعون، وأقام الحجة عليكم بإبلاغكم رسالته. {التفسير الميسر مجموعة علماء بالمملكة وبإشراف العلامة صالح عبد العزيز آل الشيخ }
3} {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لأَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً } (165)النساء
أرسَلْتُ رسلا إلى خَلْقي مُبشِّرين بثوابي, ومنذرين بعقابي; لئلا يكون للبشر حجة يعتذرون بها بعد إرسال الرسل. وكان الله عزيزًا في ملكه,حكيمًا في تدبيره. { التفسير الميسر مجموعة علماء بالمملكة وبإشراف العلامة صالح آل الشيخ }
من السنة النبوية :
1} عَنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ لَوْ رَأَيْتُ رَجُلاً مَعَ امْرَأَتِى لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ . فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ « تَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ ، وَاللَّهِ لأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ ، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّى ، وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ، وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللَّهِ ، وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ الْمُبَشِّرِينَ وَالْمُنْذِرِينَ وَلاَ أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللَّهُ الْجَنَّةَ » .البخاري ومسلم (وعن ابن مسعود)
قال النووي في شرح مسلم
فالعذر هنا بمعنى الاعذار والانذار قبل أخذهم بالعقوبة ولهذا بعث المرسلين كما قال سبحانه وتعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
2} في صحيح مسلم وغيره، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال:” والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار“.
والسماع يوضحه شيخ الإسلام بن تيمية بقوله : قد علم أن المراد أنه يسمعه سمعا يتمكن معه من فهم معناه (القرآن )إذ المقصود لا يقوم بمجرد سمع لفظ لا يتمكن معه من فهم المعنى فلو كان غير عربي وجب أن يترجم له ما يقوم به عليه الحجة ولو كان عربيا وفي القرآن ألفاظ غريبة ليست لغته وجب أن يبين له معناها ولو سمع اللفظ كما يسمعه كثير من الناس ولم يفقه المعنى وطلب منا أن نفسره له ونبين له معناه فعلينا ذلك.
وإن سألنا عن سؤال يقدح في القرآن أجبناه عنه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم أذا أورد عليه بعض المشركين أو أهل الكتاب أو المسلمين سؤالا يوردونه على القرآن فإنه كان يجيبه عنه كما أجاب ابن الزبعري لما قاس المسيح على آلهة المشركين {الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ص-138 }
والأدلة كثيرة ولكن نكتفى بذلك خشية الإطالة
الإجماع :
1} قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله :
(الأقوال التي يكفر قائلها، قد يكون الرجل لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون عنده، ولم تثبت عنده، أو لم يتمكن من فهمها، وقد يكون قد عرضت له شبهات يعذره الله بها، فمن كان من المؤمنين مجتهداً في طلب الحق وأخطأ، فإن الله يغفر له خطاياه كائناً ما كان، سواء كان في المسائل النظرية، أو العملية، هذا الذي عليه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،وجماهير أئمة الإسلام) ((مجموع الفتاوى)) (23/ 346).
2} قال الشيخ : وليد بن راشد السعيدان :
وأجمعوا على أن التكفير العام لا يستلزم تكفير المعين إلا بعد ثبوت الشروط وانتفاء الموانع
{تشنيف الأسماع ببعض مسائل الإجماع صـ4 }
3} الإمام عبدالرحمن السعدي رحمه الله :
قال : (إن المتأولين من أهل القبلة الذين ضلوا وأخطأوا في فهم ما جاء في الكتاب والسنة، مع إيمانهم بالرسول واعتقادهم صدقه في كل ما قال، وأن ما قاله كان حقاً والتزموا ذلك، لكنهم أخطأوا في بعض المسائل الخبرية أو العملية، فهؤلاء قد دل الكتاب والسنة على عدم خروجهم من الدين، وعدم الحكم لهم بأحكام الكافرين، وأجمع الصحابة رضي الله عنهم والتابعون ومن بعدهم من أئمة السلف على ذلك) ((الإرشاد في معرفة الأحكام)) (ص: 207).
بعض أقوال العلماء :
1} الإمام ابن حزم رحمه الله :
وكل ما قلنا فيه إنه يفسق فاعله أو يكفر بعد قيام الحجة عليه فهو ما لم تقم عليه الحجة معذور مأجور وإن كان مخطئاً، وصفة قيام الحجة عليه هو أن تبلغه فلا يكون عنده شيء يقاومها” {الإحكام لابن حزم1/67.}
2} قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله :
وليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتىتقام عليه الحجة وتبين له المحجةومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك ؛ بل لا يزول إلا بعد إقامة الحجة وإزالة الشبهة” (مجموع الفتاوى (12/466)
و قوله – رحمه الله -: (فإنا بعد معرفة ما جاء به الرسول نعلم بالضرورة أنه لم يشرع لأمته أن تدعو أحداً من الأموات لا الأنبياء ولا الصالحين ولا غيرهم لا بلفظ الاستغاثة ولا بغيرها، ولا بلفظ الاستعاذة ولا بغيرها، كما أنه لم يشرع لأمته السجود لميت ولا لغير ميت ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن كل هذه الأمور و إن ذلك من الشرك الذي حرمه الله تعالى ورسوله لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يتبين لهم ما جاء به الرسول – صلى الله عليه وسلم– مما يخالفه) (الرد على البكري 376، وانظر مجموع الفتاوى1/372،).
3} الإمام ابن قدامة رحمه الله :
قال : (( وكذلك كلُّ جاهل بشيء يُمكن أن يجهله، لا يُحكم بكفرهحتى يعرف ذلك وتزول عنه الشبهةويستحله بعد ذلك )). المغني(12/277).
4} قال الإمام عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب :
عن بعض من يعمل الشرك أنه لا يكفر: (لعدم من يناضل في هذه المسألة في وقته بلسانه، وسيفه وسنانه، فلم تقم عليه الحجة، ولا وضحت له المحجة … ) ((الهداية السنية)) لسليمان بن سحمان (46/ 47).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق