يستدل المحرمون للموسيقى بحديث الرسول عليه الصلاة و السلام "ليكونن من امتي أقوام يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف " كدليل على تحريم الموسيقى و آلاتها
الحديث صحيح نعم الحديث صحيح و لكن هل يدل على تحريم آلات الموسيقى فعلا ؟!
اولا
كلمة يستحلون لا تعني التحريم المطلق للشيء فإن الاستحلال قد يكون في استباحة الحلال و استباحة الحرام و دليلا على ذلك حديث النبي صلى الله عليه و سلم فقد روى مسلم (1218) عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع : ( اتَّقُوا اللَّهَ في النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ ----وَاسْتَحْلَلْتُمْ---- فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ فَإِنْ فَعَلْنَ ذلك فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غير مُبَرِّحٍ وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )
و كذلك في الحديث النبوي
عن المقدام بن معد رضي الله عنه قال: حرم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يومَ خيبرَ أشياءَ ثم قال : يوشكُ أحدُكم أن يُكذِّبَني وهو متكئٌ يحدثُ بحديثي فيقولُ : بيننا وبينَكم كتابُ اللهِ، فما وجدنا فيه من حلالٍ ---استحللناه--- وما وجدنا فيه من حرامٍ حرمناه، ألا إنَّ ما حرمَ رسولُ اللهِ مثلُ ما حرم اللهُ
الراوي : المقدام بن معد يكرب الكندي |المحدث : ابن باز | المصدر : مجموع فتاوى ابن باز
الصفحة أو الرقم: 246/1 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
وهنا الاستحلال في هذه الاحاديث وقع في استحلال الحلال
إذن فإن كلمة يستحلون فهي لا تعني التحريم فقط كما زعم البعض المدلسين!
وليست كل المذكورات في الحديث محرمة قطعا فالحر هو فرج المرأة و هو حلال بين الأزواج و محرم فيما غير ذلك و الحر المذكور في الحديث الشريف هو الزنا و الحرير حلال للإناث محرم على الرجال
و قد يستحل الشخص حلالا ثم بنفس الوقت قد استحل حراما
ثانيا
اقتران استحلال المعازف بأستحلال أمور محرمة قطعا كالزنا و شرب الخمر لا يعني أنها ستأخذ نفس حكمها فهذا الكلام مبني على دلالة الإقتران و دلالة الاقتران ضعيفة عند جمهور الفقهاء و علماء الأصول
فإستحباب قص الشارب على استحباب إعفاء اللحية فهو من الاستدلال بدلالة الاقتران، وهي ليست بحجة عند أكثر الأصوليين، قال الشوكاني في إرشاد الفحول: أنكر دلالة الاقتران الجمهور فقالوا: إن الاقتران في النظم لا يستلزم الاقتران في الحكم ... والأصل في كل كلام تام أن ينفرد بحكمه، ولا يشاركه غيره فيه، فمن ادعى خلاف هذا في بعض المواضع فلدليل خارجي، ولا نزاع فيما كان كذلك، ولكن الدلالة فيه ليست للاقتران، بل للدليل الخارجي. اهـ.
وقال محمد الأمين الشنقيطي: وهذه الدلالة التي ذكرنا تسمى دلالة الاقتران، وقد ضعفها أكثر أهل الأصول، كما أشار له صاحب مراقي السعود بقوله:
أما قران اللفظ في المشهور ... فلا يساوي في سوى المذكور .اهـ
فالحديث النبوي لا يدل على تحريم المعازف لذاتها إنما الواقع ينعي علي أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، وخز وحرير. ولذا روي ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: “ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير”، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق