زكاة الفطر.. طُهرة للصائم
يجوز للمُغترب إرسال زكاة الفطر إلى المُحتاجين في بلده
3 أوقات لإخراج زكاة الفطر.. مسنون وجائز ومُحرّم
الخدم والعمّال ونحوهم لا تجب على الكفيل زكاتهم
يُسن إخراج زكاة الفطر عن الجنين الذي نُفخت فيه الروح
الدوحة – إبراهيم صلاح:
أكد عددٌ من العلماء والدعاة أن جموع علماء الأمة أكدوا أن زكاة الفطر واجبة على كل مُسلم لديه فضل من المال يزيد عن قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته، وهو يُخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه وقالوا لـ إن هذه الزكاة شُرعَتْ لحِكَم عديدة، منها: تطهير المُسلم وجبر لأي نقص قد يُصيب صومه من اللغو، والرَّفّث، وإطعام الفقراء والمساكين وسد حاجاتهم في يوم العيد.
ولفتوا إلى أن لإخراج زكاة الفطر ثلاثة أوقات وهي: وقت مسنُون، وهو قبل صلاة العيد، ووقت جواز: وهو إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، ووقت محرّم: وهو إخراجها بعد صلاة العيد بدون عُذر قاهر. وأشاروا إلى جواز نقل زكاة الفطر لبلد المُغترب وتوكيل أحد الأفراد ممن يثق بهم لإخراجها في موعدها المُحدّد، كما لفتوا إلى جواز إخراجها أموالًا، مُنوهين بأن الفقراء في الوقت الحالي باتوا بحاجة إلى الأموال لشراء احتياجاتهم.
الشخص القادر
وأوضح فضيلة د. علي مُحيي الدين القره داغي، الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن زكاة الفطر يؤديها الشخص القادر على الأداء عن نفسه، وعن زوجته وأولاده الصغار، أما أولاده الكبار فإن كانوا أغنياء فوجب عليهم أن يدفعوها، وإن كانوا فقراء فيدفع عنهم على الراجح من أقوال أهل العلم.
وقال: إن مكان الدفع بالنسبة لصدقة الفطر هو البلد الذي يعيش فيه المُسلم، وبالنسبة لزكاة الأموال هو مكانها، ويجوز نقلها في الحالات الآتية، كما وردت بذلك فتوى من الهيئة العالمية لقضايا الزكاة المُعاصرة، وهي أولًا: الأصل في صرف الزكاة أن توزّع في موضع الأموال المُزكّاة – لا موضع المزكي – ويجوز نقل الزكاة عن موضعها لمصلحة شرعية راجحة.
نقل الزكاة
وأضاف: من وجوه المصلحة للنقل: نقلها إلى مواطن الجهاد في سبيل الله، ونقلها إلى المُؤسسات الدعوية أو التعليمية أو الصحّية التي تستحق الصرف عليها من أحد المصارف الثمانية للزكاة، نقلها إلى مناطق المجاعات والكوارث التي تصيب بعض المُسلمين في العالم، نقلها إلى أقرباء المزكي المُستحقين للزكاة.
وأوضح أن نقل الزكاة إلى غير موضعها في غير الحالات السابقة لا يمنع إجزاءها عنه ولكن مع الكراهة، بشرط أن تعطى إلى من يستحق الزكاة من أحد المصارف الثمانية، ونوه بأنه مما يسوغ من التصرّفات في حالات النقل: تعجيل إخراج زكاة المال عن نهاية الحول بمدة يمكن فيها وصولها إلى مُستحقيها عند تمام الحول إذا توفرت شروط وجوب الزكاة، ولا تقدم زكاة الفطر على أول رمضان، تأخير إخراج الزكاة للمدة التي يقتضيها النقل.
إخراجها بالقيمة
وفيما يتعلق بحكم إخراج زكاة الفطر بالقيمة قال د. القره داغي: اختلف الفقهاء قديمًا وحديثًا على ثلاثة مذاهب، المذهب الأول: عدم جواز دفع القيمة مُطلقًا، بل يجب دفع صاع من غالب قوت البلد، أو نصف صاع من القمح عند جماعة منهم، وهذا هو المذهب المُعتمد عند المالكية، والشافعية، والحنابلة.
المذهب الثاني: جواز دفع القيمة مُطلقًا في جميع الأحوال، وهو مذهب أبي حنيفة، وأبي يوسف، واختاره الفقيه المُحدّث أبو جعفر الطحاوي وهو المُعتمد عند الحنفية.
المذهب الثالث: هو أن الأصل دفع صاع من الطعام، ولكن يجوز للمصلحة الراجحة، أو الحاجة دفع القيمة، أو بعبارة أخرى أن يكون النقد أنفع للفقراء من الطعام.
وأوضح د. القره داغي أن الرأي الراجح هو القول الثاني مع ضبطه بما قاله أصحاب القول الثالث من أن يكون دفع القيمة أنفع للفقراء، وبالتالي فإذا كان دفع الطعام والحبوب أنفع لهم فيبقى هو الأصل.
وجوب الزكاة
بدوره أكد فضيلة الشيخ محمد حسن المريخي أن جموع عُلماء الأمة أكدوا أن زكاة الفطر واجبة على كل مُسلم لديه فضل من المال يزيد عن قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته، يُخرجها عن نفسه، وعمن تلزمه وسُميت بهذا الاسم؛ لأن إخراجها يتزامن مع عيد الفطر وانتهاء فترة الصيام. كما تسمّى أيضًا زكاة الأبدان. وقد شُرَعَتْ هذه الزكاة لحِكَم عديدة، ومنها: تطهير المُسلم وجبر لأي نقص قد يُصيب صومه هو ومن يقع تحت نفقته، من اللغو، والرَّفّث، وإطعام الفقراء والمساكين وسد حاجاتهم في يوم العيد، وتسمى كذلك بأسماء أخرى ومنها: «صدقة الفطر». وأكد فضيلته اختلاف أهل العلم على إخراج زكاة الفطر نقودًا ولكن الأفضل اتباع السُنّة وإخراجها صاعًا من طعام أهل البلد، والصاع يُعادل ثلاثة كيلو جرامات على سبيل التقريب، حيث الأفضل إخراجها من قوت أهل البلد، وإذا أراد أن يتطوع يُمكنه إخراج النقود كقيمة للزكاة وأيضًا إخراجها صاعًا من طعام أهل البلد.
بلد المزكي
وأشار فضيلة الشيخ عبد العظيم عبدالحق إلى جواز إخراج زكاة الفطر للخارج، إلى بلد المُغترب، وتوكيل أحد الأفراد ممن هم ثقة ليخرجها في موعدها المُحدّد دون تأخير وذلك لأن الأقربون أولى بالمعروف، خاصةً إذا كان يعرف أماكن للمساكين والمُحتاجين، وبالتالي فإرسالها إلى بلده للمُحتاجين والفقراء له أجر عظيم، فضلًا عن جواز إخراجها أموالًا وغير مُقتصرة على الحبوب بأنواعها، حيث إن الفقراء الآن بحاجة إلى الأموال لشراء كافة احتياجاتهم، خاصة إن كانت بيوتهم مُمتلئة بالحبوب وليس لديهم أموال كافية لشراء اللحوم أو الدواجن وغيرها من المواد الغذائية.
ولفت فضيلته إلى جواز إخراجها في أي يوم من شهر رمضان المُبارك خاصةً في الحالات التي يُراد إرسال الأموال فيها إلى الخارج كالمُغترب الذي يُريد إرسال زكاة الفطر عنه وعن أسرته، لشراء الحاجيات للفقراء والمُحتاجين، وبذلك يحتاج إلى الوقت لحين إرسال الأموال وتسلمها ولن يكون الوقت كافيًا لإخراجها بعد صلاة فجر يوم العيد وقبل صلاة العيد.
طُهرة للصائم
من جانبه قال الشيخ سعود الهاجري: إن زكاة الفطر هي طُهرة للصائم من اللغو والرفث كما قال ابن عباس رضي الله عنه: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث وطُعمة للمساكين».
وهي واجبة على المُسلم المُقتدر لحديث ابن عمر «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين).
وبيّن أن لإخراج زكاة الفطر ثلاثة أوقات وهي: وقت مسنون وهو قبل صلاة العيد وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه – كما في البخاري-: «كنا نُخْرِجُ في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعًا من طعام…»، وما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة». ووقت جواز: وهو إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين، جاء في البخاري عن ابن عمر «أنهم يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين». ووقت مُحرّم: وهو إخراجها بعد صلاة العيد بدون عذر قاهر.
مقدارها ونوعها
مقدارها ونوعها: صاع من طعام البلد، والصاع يُعادل ثلاثة كيلو جرامات على سبيل التقريب، كما هو قول اللجنة الدائمة وفضيلة العلّامة ابن باز، حيث إن الصحيح أنه يجوز إخراج الطعام من قوت البلد ومما يدل على ذلك قول أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: «كنا نخرج يوم الفطر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعام، وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر»، وعليه يجوز في أيامنا هذه إخراج الأرز لأنه هو طعام الناس اليوم.
ولفت إلى أن الخدم والعمّال ونحوهم لا تجب على الكفيل زكاتهم لأنه لا تجب عليه نفقتهم ويجب عليه أن يحثهم على إخراج زكاتهم، ولو أخرجها عنهم بدون إذنهم لم تصح، وبإذنهم تصح، والأفضل أن يخرجوها هُم من أموالهم، فضلًا أنه يُسن إخراج زكاة الفطر عن الجنين الذي نفخت فيه الروح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق