#التيمم_للمريض
عن جابر قال: ((خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه، ثم احتلم، فسأل أصحابه، فقال: هل تجدون لي من رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم: أخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله! ألا سألوا إذ لم يعلموا، فإنما شفاء العي السؤال، إنما كان يكفيه أن يتيمم)). [أخرجه أحمد وأبو داود] وحسنه الألباني.
قلت صهيب: يُستفاد من هذا الحديث عدة مسائل:
1 _ خطورة الإفتاء بغير علم غير منحصرة على تحليل ما حرم الله بل قد تكون أخطر بتحريم ما أحل الله، ولاحظوا قول النبي صلى الله عليه وسلم ((قتلوه قتلهم الله)) فما أشده من دعاء من خاتم الأنبياء.
2 _ الحديث يبين لنا مصيبة اللامبالاة في الفتوى وعدم الشعور بتحمل مسؤوليتها، ذلك لأن الرأس الذي شُج لم يكن رأس من أفتى الرجل لذلك أفتوه دون الاهتمام لما سيقع له من جراء فتواهم فكانت النتيجة أن قتلوه بفتواهم.
3 _ يُستفاد منه أن المرض الذي يباح له التيمم لا يشترط أن يكون له علاقة بقدرته على الاغتسال وعدمه والاستدلال بهذه العلة استدلال غير صحيح، لذلك لما قالوا للرجل (ما نرى لك من رخصة وأنت تقدر على الماء) لم يقل لهم الرجل (إني لا أقدر على الماء) وذلك لأنه ظن في نفسه القدرة على الماء فعلا فاغتسل فكانت النتيجة موته، ولو أنه التزم بمطلق المنطوق من النص في الترخيص للمريض بالتيمم لنجا، فقد يظن الرجل أن الماء لن يضره ويكون الواقع خلاف ظنه، لذلك فالأولى أن يعمل المريض برخصة التيمم ليتفادى الإشكال من جذوره، وحتى في عصرنا هذا قد يفرض الطبيب له الماء بسبب عدم علمه بالشريعة والفقه وقد يكون في الماء ما يضره، أو قد يخطئ الطبيب في توصيف مرضه وما أكثر مثل هذه الأخطاء فيكلف المريض ما لا طاقة له به وقد يرجع ذلك عليه بالضرر. وقد نُقل إلي أن أحد الشيوخ (لا أدري من هو) قيل أنهم شاهدوه يفتي على إحدى القنوات سألته السائلة عن أمها أيجوز لها التيمم وهي لا تقدر على النهوض من مكانها ومصابة بشلل نصفي ؟ فقال لها (تأتيها ابنتها بالوضوء فتوضئها) فقالت إنها لا تستطيع حتى تحريك يديها فقال (تغسل ابنتها يديها بالماء ثم تمرره على سائر مناطق وضوئها وتوضئها) فقالت (ابنتها متزوجة ولا تكون حاضرة معها دائما فما عساها تفعل في غيابها ؟) فقال (تحاول أن تتوضأ بالقدر الذي تستطيع فتغسل ما تقدر عليه وتدع الباقي)، فقلت _صهيب_ عند سماعي هذه الفتوى الباطلة ((الله المستعان، ومن الجهل ما قتل، إن لم يُرخص لمثل هذه الحالة التيمم فلمن يُرخص إذًا ؟) بعض المشايخ ظنوا إن الإكثار من تشديدهم على الناس من علامات صلابة الدين وقوة الإيمان ولا يعلمون أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم قد ينطبق عليهم (قتلوه قاتلهم الله)، من شاء أن يتشدد فليتشدد على نفسه، أما الفتوى فهي أمانة وجب على الشيخ ألا يتفلسف فيها من كيسه وإنما عليه تبليغ حكم الله فيها من دون زيادة ولا نقصان.
كتبه #صهيب_بوزيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق