الثلاثاء، 27 أغسطس 2024

وقفات مع مسألة تقصير الثياب!

 من #فقه_السلف الحق رضي الله عنهم .. في مسألة #تقصير_الثياب!


#بقلم: خادم الجناب النبوي الشريف
محمد إبراهيم العشماوي
وقفت على نص للإمام الحافظ، سيد العلماء، - كما وصفه الحافظ الذهبي - أيوب السَّخْتِيَانيِّ؛ أنه كان #يطيل_قميصه - وهو #الثوب الذي يُلبس #فوق_الإزار - خلافا لمن زعم أن تقصير الثوب على العموم من السنن الواجبة التي يأثم تاركها!
فقد أخرج مَعْمَرٌ في (جامعه)، ومن طريقه عبد الرزاق في (مصنفه)، وابن سعد في (الطبقات)، وأبو نُعيم في (الحِلية)، والبيهقي في (الشُّعَب)؛ قال أيوب السختياني: "كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها، والشهرة اليوم في تقصيرها".
و لفظ أبي نُعيم: "كان في قميص أيوب بعضُ التذييل - أي طويل الذيل - فقيل له! فقال: الشهرةُ اليومَ في التشمير!".
ولفظ ابن سعد: "يا أبا عروة – هي كنيةُ مَعْمَرٍ -: كانت الشهرة فيما مضى في تذييلها، فالشهرة اليوم في تشميرها!".
وأخرج الإمام أحمد في (العلل) – رواية ابنه عبد الله – قال:حدثنا سليمان بن حرب، قال: حدَّثنا حماد بن زيد، قال: "أمرَنِي أيّوب أن أقطعَ له قميصاً، قال: اجعلْه يضرِبُ ظَهْرَ القدم، واجعَلْ فَمَ كُمِّهِ شبرًا!".
والمعنى: أنه كان يطيل ذيل القميص حتى يضرب ظهر القدم، ولا يشمِّره - أي يقصِّره عن ذلك - مع أن من السنة التشمير إلى ما فوق الكعبين وما دون الركبتين؛ لأن التشمير صار في زمنه ثوب شهرة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثوب الشهرة، وهو الذي يشتهر فيه المرء بحالة معينة تقتضي تزكيته، كمن يلبس لبس الزهاد والنساك، استجلابا لثناء الناس عليه، وتزكيتهم له!
فهل خالف أيوب السنة بذلك؟!
الحق أنه لم يخالفها، بل اتبعها حق الاتباع، بعدما فقهها حق الفقه!
وقد كان أيوب شديد المحبة للنبي صلى الله عليه وسلم، شديد الاتباع لسنته، مع فقه متين، ودين مكين، حتى قال الإمام مالك: "كنا ندخل على أيوب السختياني، فإذا ذكرنا له حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ؛ بكى حتى نرحمه!".
وقد كنت أظن أن أيوب انفرد بهذا المسلك من بين السلف، وهو تطويل ذيل ثيابه، حتى رأيت كبار السلف؛ يفعلون مثل أيوب!
أخرج ابن أبي شيبة في (مصَنَّفِه) - بسند صحيح - عن مُغيرة، قال: "كان إبراهيم - يعني النخعي - قميصُه على ظهر القدم!".
بل قال الإمام ابنُ تيميَّةَ نفسه في (شرح العمدة): "وقد فرَّق أبو بكر وغيره من أصحابنا في الاستحباب؛ بين القميص وبين الإزار، فقال: "يستحب أن يكون طول قميص الرجل إلى الكعبين، أو إلى شراك النعلين، و طول الإزار إلى مراق الساقين، وقيل: إلى الكعبين، ويكره تقصير الثوب الساتر عن نصف الساق". قال إسحاق بن إبراهيم: "دخلت على أبي عبد الله - أحمد بن حنبل - وعليَّ قميصٌ قصيرٌ، أسفل من الرُّكبة، وفَوقَ نصفِ السَّاق، فقال: أَيشٍ هذا؟! و أنكره". وفي رواية: أيش هذا؟! لِمَ تُشَهِّرُ نَفسَك؟!".
وذلك لأن النَّبِي صلى الله عليه و سلم حَدَّ أُزرَةَ المؤمن بأنَّها إلى نصف الساق، وأمر بذلك، وفعله، ففي زيادة الكشف تعرية لِما يُشرع ستره، لا سيما إن فُعِلَ تديُّنا، فإنَّ ذلك تنطُّع، وخروجٌ عن حدِّ السنة، واستحباب لِما لم يستحِبَّه الشَّارع!".
#فالحاصل: أن المطلوب #تقصيره هو #الإزار، وهو الذي يكون تحت #الرداء أو #القميص، أو الجزء السفلي أو الداخلي من الثياب، وهو ما يستر #العورة، أما الرداء أو القميص، أو الجزء العلوي أو الخارجي من الثياب؛ #فيستحب أن يكون إلى #الكعبين أو إلى النعلين، ولا يطيله عن ذلك بحيث #يمس_الأرض، فتصيبه النجاسات، ويسرع إليه التلف، لا سيما إن فعله #خُيَلاء!
أما هذه #الهيئة المنكرة المنفرة التي نراها اليوم من بعض من يزعمون التسننن واتباع الهدي النبوي، بحيث تبدو سيقانهم من أسفل؛ فهي من ثياب #الشهرة، التي قد يصاحبها امتلاء النفس بالعُجْب والغرور والكِبْر والرياء، حتى تظن أنها الأقرب إلى السنة من غيرها، وأنها أكمل الناس إيمانا، ثم تزدري من لم يفعل مثل ذلك، وتتهمه في دينه وإيمانه واتباعه للسنة، وهذه آفات مهلكات للمرء في دينه ودنياه!
ثم هي تنطع مذموم، سببه انعدام الفقه!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق