الخميس، 3 يوليو 2025

صيام عاشوراء غير مشروع !

 صيام عاشوراء غير مشروع


ليس كل حديث صحيح يعمل به فقد يكون الحديث الصحيح منسوخا وقد صحت الاحاديث بصيام عاشوراء لسنة واحدة بعد الهجرة هي السنة الأولى ثم نسخ العمل بتلك الاحاديث وملخص الامر كالاتي:
كان عاشوراء مناسبة يعلمها حتى اهل الجاهلية ويصومونه تقليدا لليهود الموجودين في جزيرة العرب
فقد روى البخاري ومسلم بالفاظ مختلفة عن السيدة عائشة - رضي الله عنها - قالت: (كانت قريش تصوم عاشوراء في الجاهلية وكان يوما تستر فيه الكعبة وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه , فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه قبل أن يفرض رمضان فلما فرض الله رمضان كان رمضان هو الفريضة , وترك عاشوراء قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شاء أن يصومه فليصمه , ومن شاء أن يتركه فليتركه ")
وروى مسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: (كان عاشوراء يوما نصومه في الجاهلية , فلما نزل رمضان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (" إن عاشوراء يوم من أيام الله , فمن شاء صامه , ومن شاء تركه "
اذن كان عليه الصلاة والسلام يصومه حتى أيام الجاهلية وبعد الهجرة الى ان فرض رمضان فترك صيامه وبما ان رمضان فرض في السنة الثانية للهجرة فمعنى ذلك انه عليه الصلاة والسلام صامه سنة واحدة بعد الهجرة
واما الاحاديث التي حثت على صيامه فكانت في مكة قبل الهجرة وهذا يدل على نسخ صيامه بعد ان اوجبه عليهم في السنة الأولى بعد الهجرة
ونسخه تاكد باحاديث صحيحة أخرى منها
ما رواه البخاري انه دخل الأشعث بن قيس على عبد الله بن مسعود ، وهو يتغدى فقال: يا أبا محمد ادن إلى الغداء، فقال: أوليس اليوم يوم عاشوراء؟ قال: وهل تدري ما يوم عاشوراء؟ قال: وما هو؟ قال: "إنما هو يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل شهر رمضان، فلما نزل شهر رمضان تركه"
وعن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال: " كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده , فلما فرض رمضان , لم يأمرنا ولم ينهنا , ولم يتعاهدنا عنده " رواه مسلم
بمعنى انه كان يحثهم على صيامه ويتفقدهم عند حلوله وظن البعض انه كان واجبا فلما نسخ لم يحثهم ولم يتفقدهم بعدها علما ان الأصح عند الشافعي أنه لم يجب أصلا لما رواه البخاري عن معاوية أنه عام حج خطب بالمدينة يوم عاشوراء فقال: يا أهل المدينة أين علماؤكم؟ سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " «هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه»
لكن ماذا اصبح حكم صومه بعد نزول فرض رمضان ؟
البعض يظن انه صار سنة او مستحبا وهذا خطأ بل صار اما مكروها وهذا ما قاله ابن عمر يقول القاضي عياض في كتابه إكمال المعلم بفوائد مسلم (4/ 78)
كان فرضًا فنسخ برمضان على ظاهر لفظ الحديث، وقيل: لم يكن فرضًا ولكنه كان مرغبًا فيه، فخفف أمره وحَصَل التخيير فى صيامه بعد ذلك، وروى عن بعض السلف أن فرضه باق لم ينسخ، وقد انقرض القائلون بهذا وحصل الإجماع على خلافه. وروى عن ابن عمر كراهة قصدِ صومه وتعيينه بالصوم، وقد روى فى ذلك حديث عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، )
الاحتمال الثاني انه بعد رمضان صار صومه مباحا والمباح ليس فيه تفضيل او اجر والدليل قول السيدة عائشة وابن عمر في الحديثين السابقين فلما فرض الله رمضان كان رمضان هو الفريضة , وترك عاشوراء قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من شاء أن يصومه فليصمه , ومن شاء أن يتركه فليتركه ")
فقولها من شاء صام ومن شاء ترك تخيير بين الفعل والترك ويعني ذلك انه صار مباحا لان المباح مخير فيه الانسان بين فعله او تركه والمباح لا فضل ولا اجر فيه
بل اميل الى كراهة صيامه لما روى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان يوما يصومه أهل الجاهلية، فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه، ومن كره فليدعه" ورواه ابن ماجة أيضا و [قال الألباني]: صحيح
فتامل كلمة ومن كره فليدعه ففيه إشارة الى ماذهب اليه ابن عمر ان صومه صار مكروها
وأشار معاوية أيضا الى الكراهة فقد روى البخاري ومسلم واحمد عن حميد بن عبد الرحمن بن معاوية، سمع معاوية، يقول بالمدينة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين علماؤكم يا أهل المدينة؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم يوم عاشوراء، وهو يقول: «من شاء منكم أن يصومه فليصمه» وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا. وأخرج قصة من شعر من كمه فقال: «إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذتها نساؤهم»
فتأمل قوله إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذتها نساؤهم يقصد الباروكة اهلك الله من لبسها من نساء بني إسرائيل وكأنه يشير الى ضرورة البعد عن التشبه ببني إسرائيل ومنه تقليدهم بصيام عاشوراء ففي الحديث من تشبه بقوم فهو منهم رواه ابوداوود وقال الالباني صحيح
قال الشيخ ابن تيمية : في الصراط المستقيم: وقد احتج الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث، وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم , كما في قوله {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} , وهو نظير قول عبد الله بن عمرو أنه قال: من بنى بأرض المشركين , وصنع نيروزهم ومهرجانهم , وتشبه بهم حتى يموت , حشر معهم يوم القيامة " , فقد يحمل هذا على التشبه المطلق , فإنه يوجب الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك. وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي يشابههم فيه، فإن كان كفرا , أو معصية , أو شعارا لها , كان حكمه كذلك. عون المعبود (9/ 54)
فالامور بدأت تتضح الان هو ان الصيام كان في الجاهلية وبداية الإسلام الى السنة الثانية من الهجرة ثم ترك بسبب رمضان ثم جاء سبب اخر لتركه انه عليه الصلاة والسلام عرف في اخر سنة من عمره ان اليهود يصومونه فرحا بنجاتهم من فرعون فدعا الى مخالفتهم بقوله فيما روى مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (" حين صام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم عاشوراء وأمر بصيامه " , قالوا: يا رسول الله , إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع) هكذا قال
وكل من قال يحمل معناه على صيام التاسع والعاشر او العاشر والحادي عشر لم يستدل بقول سيدنا رسول
الله صلى الله عليه وسلم وانما باستنباطات قالها هذا العالم او ذاك لكنه عليه الصلاة والسلام ما قال الا التاسع ولم يذكر العاشر ووضح المعنى سيدنا ابن عباس فقد روى مسلم عن الحكم بن الأعرج قال: (أتيت ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو متوسد رداءه في المسجد الحرام فقلت: أخبرني عن يوم عاشوراء , أي يوم هو أصومه؟ , قال: إذا رأيت هلال المحرم فاعدد فإذا كان يوم التاسع فأصبح صائما قلت: هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصومه؟ , قال: نعم)
وهناك من يستدل برواية عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم * إن عشت إن شاء الله إلى قابل صمت التاسع مخافة أن يفوتني يوم عاشوراء)
فيقول نجمع بين التاسع والعاشر فهذه الزيادة انفرد بذكرها الطبراني في معجمه الكبير ج 10/ ص 331 حديث رقم: 10817 ولم اجدها في كتب السنة الأخرى ومعلوم لدى اهل الحديث ان الطبراني اذا انفرد برواية فهي ضعيفة في الاغلب فلا يعول عليها وفي تفسير ابن عباس المتقدم في الصحيح ما يغني عن الضعيف
ويؤكده ما في مسلم - عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع" وفي رواية أبي بكر: قال: يعني يوم عاشوراء. , ففسر يوم عاشوراء وقصره على اليوم التاسع مخالفة لليهود ولا وحود للعاشر مطلقا
وهناك امر اخر يضفي على القضية نوع شك في اصلها ما قاله علماء اللغة
ان اسم عاشوراء لا يعرف في الجاهلية، كما قال ابن دريد من علماء اللغة وليس من كلامهم: فاعولاء انظر : مطالع الأنوار على صحاح الآثار (5/ 43)
فالكلمة غريبة لغة والفطن الذكي يلمح ما أقول ولا ازيد
والله تعالى اعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق