بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله ربّ العالمين ، وصلاة الله
وسلامه على سيّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين
.
أما بعد :
فقد قال أحد وزراء الألمان السابقين :
إكذب إكذب حتى يصدّقك الناس !
فكثرة ترداد القول قد يؤدي إلى إثبات ، وتصديق
ذلك ، عند مَن لا علم له في المسألة التي يدور حولها ذلك القول !
ومن هذا الباب ، في موضوع العقيدة – ولاسيما باب الأسماء
والصفات ، هناك أصول – لا
خلاف فيها – وفروع وقع فيها الخلاف بين السلف الصالح .
فهناك – من الخلف – مَن إختار ، وآمن بوجهة واحدة في هذه المسألة ،
فتراه يردّد دائما ويقول: هذا ما عليه السلف الصالح ! هذه عقيدة السلف الصالح ! هذا رأي السلف الصالح
في هذه المسألة !
أي : إن السلف الصالح ، من الأئمة الأعلام
كانوا على رأي واحد ، ويقولون بقوله الذي يتبنّاه !
ويخوض من أجل ذلك حرباً شعواء ، حرباً لا رحمة فيها ، ولا إنصاف ، ضد
كل مَن لا يقول بقوله ، ولا يذهب مذهبه .
وكثير من المسلمين لا يعرفون حقيقة هذه المسألة ، فتراهم ساكتين ، بل
ربّما كانوا من المعجبين !
فهل قولهم ، وآراؤهم هذه صحيحة ؟ ! وهل السلف الصالح جميعهم كانوا على
رأي واحد في تلك المسألة ؟
إختلاف
السلف الصالح في العقيدة !
أود هنا أن أعرض بعض الأمور ، التي اختلف
فيها السلف الصالح ، وهي من مسائل العقيدة ، حتى يتبين خطأ من يتبنى قول بعضهم ،
ويسندها إلى السلف الصالح جميعاً ، ليثبت للمسلمين أن الأقوال الأخرى ليست للسلف ،
وأنها ضلال وانحراف عن هديهم ! !
1 – لفظي بالقرآن مخلوق !
قال الحافظ ابن عبد البر ، رحمه
الله :
[
أَبُو
عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْكَرَابِيسِيُّ وَكَانَ
عَالِمًا مُصَنِّفًا مُتْقِنًا وَكَانَتْ فَتْوَى السُّلْطَانِ تَدُورُ
عَلَيْهِ وَكَانَ نَظَّارًا جَدَلِيًّا وَكَانَ فِيهِ كِبْرٌ عَظِيمٌ وَكَانَ يَذْهَبُ
إِلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ
فَلَمَّا قَدِمَ الشَّافِعِيُّ وَجَالَسَهُ
وَسَمِعَ كُتُبَهُ انْتَقَلَ إِلَى مَذْهَبِهِ وَعَظُمَتْ حُرْمَتُهُ وَلَهُ
أَوْضَاعٌ وَمُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ نَحْوٌ مِنْ مِائَتَيْ جُزْءٍ
وَكَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحْمَدَ بْنِ
حَنْبَلٍ صَدَاقَةٌ وَكِيدَةٌ فَلَمَّا خَالَفَهُ فِي الْقُرْآنِ عَادَتْ
تِلْكَ الصَّدَاقَةُ عَدَاوَةً فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا
يَطْعَنُ عَلَى صَاحِبِهِ
وَذَلِكَ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ
كَانَ يَقُولُ مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ جَهْمِيٌّ وَمَنْ
قَالَ الْقُرْآنُ كَلامُ اللَّهِ وَلا يَقُولُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ وَلا مَخْلُوقٌ فَهُوَ
وَاقِفِيٌّ وَمَنْ قَالَ لَفْظِي بِالْقُرْآنِ مَخْلُوق فَهُوَ مُبْتَدع
وَكَانَ الكرابيسى وعبد
الله بْنُ كِلابٍ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ
وطبقاتهم يَقُولُونَ ان الْقُرْآن الذى تكلم بِهِ الله صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ
لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الْخَلْقُ وَإِنَّ تِلاوَةَ التَّالِي وَكَلامِهِ بِالْقُرْآنِ
كَسْبٌ لَهُ وَفِعْلٌ لَهُ وَذَلِكَ مَخْلُوقٌ وَإِنَّهُ
حِكَايَةٌ عَنْ كَلامِ اللَّهِ وَلَيْسَ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ
بِهِ
وَشَبَّهُوهُ بِالْحَمْدِ وَالشُّكْرِ للَّهِ
وَهُوَ غَيْرُ اللَّهِ فَكَمَا يُؤْجَرُ فِي الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ وَالتَّهْلِيلِ
وَالتَّكْبِيرِ فَكَذَلِكَ يُؤْجَرُ فِي التِّلاوَةِ
وَحَكَى دَاوُدُ فِي كِتَابِ الْكَافِي
أَنَّ هَذَا كَانَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ
وَقَالُوا هَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ قَطُّ وَهَجَرَتِ الْحَنْبَلِيَّةُ
أَصْحَابُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ حُسَيْنًا الْكَرَابِيسِيَّ وَبَدَّعُوهُ
وَطَعَنُوا عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ مَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ ] ([1]) .
وقال الإمام الذهبي ، رحمه الله :
[ فَلَمَّا وَقَعَ بَيْنَ الذُّهْلِيِّ
وَبَيْنَ البُخَارِيِّ مَا وَقَعَ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ،
وَنَادَى عَلَيْهِ، وَمنعَ النَّاسَ عَنْهُ، انْقَطَعَ عَنْهُ أَكْثَرُ
النَّاسِ غَيْرَ مُسْلِمٍ.
فَقَالَ الذُّهْلِيُّ يَوْماً: أَلاَ مَنْ
قَالَ بِاللَّفْظِ فَلاَ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَحْضُرَ مَجْلِسَنَا.
فَأَخَذَ مُسْلِمٌ رِدَاءً
فَوْقَ عِمَامَتِهِ، وَقَامَ عَلَى رُؤُوْسِ النَّاسِ، وَبَعَثَ إِلَى
الذُّهْلِيِّ مَا كتبَ عَنْهُ عَلَى ظَهرِ جَمَّالٍ .
وَكَانَ مُسْلِمٌ يُظْهِرُ القَوْلَ بِاللَّفْظِ
وَلاَ يَكْتُمُهُ .
قَالَ: وَسَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يُوْسُفَ
المُؤَذِّنَ، سَمِعْتُ أَبَا حَامِدٍ بنَ الشَّرْقِيِّ يَقُوْلُ: حضَرْتُ مَجْلِسَ
مُحَمَّدِ بنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ، فَقَالَ: أَلاَ مَنْ قَالَ: لَفْظِي
بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ فَلاَ يَحْضُرْ مَجْلِسَنَا، فَقَامَ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ
مِنَ المَجْلِسِ.
رَوَاهَا أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيْرَازِيُّ
عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ، فَزَادَ: وَتَبِعَهُ أَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ.
قَالَ أَحْمَدُ بنُ مَنْصُوْرٍ الشِّيرَازيُّ:
سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بنَ يَعْقُوْبَ الأَخْرَمَ، سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا يَقُوْلُوْنَ:
لَمَّا قَامَ مُسْلِمٌ وَأَحْمَدُ بنُ سَلَمَةَ مِنْ مَجْلِسِ الذُّهْلِيِّ،
قَالَ الذُّهْلِيُّ: لاَ يُسَاكِننِي هَذَا الرَّجُلُ فِي البلدِ.
فَخَشِيَ البُخَارِيُّ وَسَافَرَ .
وَقَالَ مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَاتِمٍ: أَتَى
رَجُلٌ عَبْدَ اللهِ البُخَارِيَّ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ،
إِنَّ فُلاَناً يُكَفِّرُكَ!
فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( إِذَا قَالَ الرَّجُلُ لأَخِيْهِ: يَا كَافِرُ،
فَقَدْ بَاءَ بِهِ أَحَدُهُمَا .
وَكَانَ كَثِيْرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ يَقُوْلُوْنَ
لَهُ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقَعُ فيكَ.
فَيَقُوْلُ: { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ
كَانَ ضَعِيْفاً } [النِّسَاء
76] وَيتلو
أَيْضاً: { وَلاَ يَحيقُ المَكْرُ السَّيِّءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ } [فَاطِر: 43] .
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ إِبْرَاهِيْمَ:
كَيْفَ لاَ تدعُو اللهَ عَلَى هَؤُلاَءِ الَّذِيْنَ يظلِمُونَكَ وَيتنَاولونَكَ
وَيَبْهَتُونَكَ؟
فَقَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( اصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْنِي عَلَى الحَوْضِ
) . . .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أَبِي
حَاتِمٍ فِي ( الجرحِ وَالتعديلِ ) : قَدِمَ مُحَمَّدُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ
الرَّيَّ سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَتَيْنِ، وَسَمِعَ مِنْهُ أَبِي وَأَبُو
زُرْعَةَ، وَتركَا حَدِيْثَهُ عِنْدَمَا كَتَبَ إِليهِمَا مُحَمَّدُ
بنُ يَحْيَى أَنَّهُ أَظهرَ عِنْدَهُم بِنَيْسَابُوْرَ أَنَّ
لَفْظَهُ بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ ) ([2]) .
وقال أيضاً رحمه الله :
(
كَانَ مُسْلِم بن الحَجَّاجِ يُظْهِر القَوْل بِاللَّفْظ، وَلاَ
يَكْتُمهُ، فَلَمَّا اسْتوطن البُخَارِيّ نَيْسَابُوْر أَكْثَر مُسْلِم
الاخْتِلاَف إِلَيْهِ، فَلَمَّا وَقَعَ بَيْنَ البُخَارِيّ وَالذُّهْلِيّ مَا وَقَعَ
فِي مَسْأَلَة اللَّفْظ، وَنَادَى عَلَيْهِ، وَمنع النَّاس مِنَ الاخْتِلاَف إِلَيْهِ،
حَتَّى هُجِر، وَسَافَرَ مِنْ نَيْسَابُوْر، قَالَ: فَقطعه أَكْثَر النَّاس
غَيْر مُسْلِم.
فَبلغ مُحَمَّد بن يَحْيَى، فَقَالَ يَوْماً:
أَلاَ مَنْ قَالَ بِاللَّفْظ فَلاَ يحلّ لَهُ أَنْ يحضر مَجْلِسنَا.
فَأَخَذَ مُسْلِم رِدَاءهُ
فَوْقَ عِمَامَته، وَقَامَ عَلَى رُؤُوْس النَّاس.
ثُمَّ بعثَ إِلَيْهِ بِمَا كتب عَنْهُ عَلَى
ظَهر جمَّال.
قَالَ: وَكَانَ مُسْلِم يُظْهِر القَوْل
بِاللَّفْظ وَلاَ يَكْتُمهُ .
قَالَ أَبُو حَامِدٍ بن الشَّرْقِيّ: حضَرت
مَجْلِس مُحَمَّد بن يَحْيَى، فَقَالَ: أَلاَ مَنْ قَالَ: لَفْظِي بِالقُرْآن
مَخْلُوْق، فَلاَ يحضر مَجْلِسنَا. فَقَامَ مُسْلِم مِنَ
المَجْلِس ] ([3])
.
وقال ، رحمه الله :
[ وَأَمَّا البُخَارِيُّ، فَكَانَ
مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ الأَذْكِيَاءِ، فَقَالَ:
مَا قُلْتُ: أَلفَاظُنَا بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقَةٌ،
وَإِنَّمَا حَرَكَاتُهُم، وَأَصْوَاتُهُم وَأَفْعَالُهُم مَخْلُوْقَةٌ، وَالقُرْآنُ
المَسْمُوْعُ المَتْلُوُّ المَلْفُوْظُ المَكْتُوْبُ فِي المَصَاحِفِ كَلاَمُ اللهِ،
غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابَ (
أَفْعَالِ العِبَادِ ) مُجَلَّدٌ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ،
وَمَا فَهِمُوا مَرَامَه كَالذُّهْلِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي
حَاتِمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَعْيَنِ، وَغَيْرِهِم ] ([4]) .
فأي الفريقين هو السلف الصالح ، وأيهما هو الطالح ؟ ! وأي القولين هو
الأصح ؟
الأئمة : البخاري ، و مسلم ، و أحمد بن سلمة ، وغيرهم ، من جهة ،
والأئمة : الذهلي ، وأبي زرعة ، وأبي حاتم ، وأبي بكر الأعين ، وغيرهم ، من جهة ؟
والقضية المختلف فيها ، هي قضية ، وخلاف في العقيدة ، وليس في القضايا
الفقهية !
وقفة ، واعتذار
لكل أئمتنا ، وعلمائنا !
وهنا نقف وقفة ، مع تقديرنا ، وإجلالنا
لأولئك العظماء ، أولئك الأئمة ، الذين استعملهم الله تعالى لنشر دينه ، وبيان
مبادئه ، وأحكامه !
نقول : ما كان لهم أن يفعلوا ما فعلوه ،
من اضطهاد أمير المؤمنين في الحديث ؛ الإمام البخاري ، رحمهم الله جميعاً ، وغيره
! من أجل فهمٍ ، ورأي رأوه ، والجميع مجتهدون فيما ذهبوا إليه ! وليس قول أحدهم ،
ورأيه بأولى من قول ، ورأي الآخر ! والجميع معظمون للقرآن ، ويخدمونه بأموالهم
وأنفسهم !
وعندما نسمع ، ونقرأ هذه التصرفات من أولئك الأعلام ، نتعجب ، ونحن لا
نساوي التراب الذي كانوا يمشون عليه !
وبسبب هذه التصرفات ، تجرأ الجهّال على أولياء الله تعالى ، بذمهم
وطعنهم ، تقليداً أعمى لأولئك الأئمة ، زاعمين أنهم على نهج السلف الصالح !
ولا شك أن تلك التصرفات خطأ – إن لم تكن خطيئة ! – لا تكون قدوة ،
وأسوة حسنة لمن جاء بعدهم ! بل هي من السيئات ، التي تُغفر ، وتغرق في بحر حسناتهم
!
واللهُ سبحانه تعالى ، قد أمر نبيّه محمّداّ ﷺ أن يقتدي بهدى الأنبياء قبله عليهم السلام ، فقال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ . . ) الأنعام : 90
بهداهم
لا بهفوات بعضهم !
[ فَمَعْنَى الْجُمْلَةِ عَلَى هَذَا: أُولَئِكَ
الْأَنْبِيَاءُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ ذُكِرَتْ أَسْمَاؤُهُمْ فِي
الْآيَاتِ الْمَتْلُوَّةِ آنِفًا، وَالْمَوْصُوفُونَ فِي الْآيَةِ الْأَخِيرَةِ بِإِيتَاءِ
اللهِ إِيَّاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ
هُمُ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللهُ تَعَالَى الْهِدَايَةَ
الْكَامِلَةَ، فَبِهُدَاهُمْ دُونَ مَا يُغَايِرُهُ وَيُخَالِفُهُ
مِنْ أَعْمَالِ غَيْرِهِمْ وَهَفَوَاتِ بَعْضِهِمُ
اقْتَدِ أَيُّهَا الرَّسُولُ فِيمَا يَتَنَاوَلُهُ
كَسْبُكَ وَعَمَلُكَ مِمَّا بُعِثْتَ بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ الدَّعْوَةِ وَإِقَامَةِ
الْحُجَّةِ وَالصَّبْرِ عَلَى التَّكْذِيبِ وَالْجُحُودِ، وَإِيذَاءِ أَهْلِ الْعِنَادِ
وَالْجُمُودِ، وَمُقَلِّدَةِ الْآبَاءِ وَالْجُدُودِ
وَإِعْطَاءِ كُلِّ حَالٍ حَقِّهَا مِنْ
مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَأَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ، كَالصَّبْرِ وَالشُّكْرِ، وَالشَّجَاعَةِ
وَالْحِلْمِ، وَالْإِيثَارِ وَالزُّهْدِ، وَالسَّخَاءِ، وَالْبَذْلِ، وَالْحُكْمِ بِالْعَدْلِ،
إِلَخْ.
( وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ
الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ) 11: 120( وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا
مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ) 6: 34 (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ
أَوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ 46: 35)
هذه الحالة لم تكن من الهدى !
فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى لَهُ فِي آخِرِ
سُورَةِ " ن " (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ
الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ 68: 48) - وَصَاحِبُ الْحُوتِ هُوَ يُونُسُ
أَحَدُ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ - فَالنَّهْيُ فِيهِ
مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَصْرُ بِتَقْدِيمِ " فَبِهُدَاهُمْ
" عَلَى " اقْتَدِهْ " كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ هَذِهِ
الْحَالَةَ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْهُدَى الَّذِي هَدَى اللهُ يُونُسَ إِلَيْهِ،
بَلْ هَفْوَةٌ عَاقَبَهُ اللهُ عَلَيْهَا ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِ، وَلَا
يَحُطُّ هَذَا مِنْ قَدْرِ يُونُسَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
لا تتوهم الطعن والجرح !
وَلِإِزَالَةِ تَوَهُّمِ ذَلِكَ قَالَ
- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ
أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى " [5] وَقَالَ:
" لَا تُفَضِّلُونِي عَلَى يُونُسَ بْنِ مَتَّى " أَيْ فِي أَصْلِ
النُّبُوَّةِ لِأَجْلِ هَفْوَتِهِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ " لَا تُفَضِّلُوا
بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ " وَفِيهِ " وَلَا أَقُولُ إِنَّ أَحَدًا أَفْضَلُ
مِنْ يُونُسَ بْنِ مَتَّى " [6]
وَكُلُّ
ذَلِكَ فِي الصِّحَاحِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ عَدَمُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الرُّسُلِ
وَالْأَنْبِيَاءِ لَا مَنْعُ مُطْلَقِ التَّفْضِيلِ،
النبيّ ﷺ لم يُؤمَر بالإقتداء بهم في كل عمل !
فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْ
خَاتَمَ رُسُلِهِ بِالِاقْتِدَاءِ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أُولَئِكَ الْأَنْبِيَاءِ
فِي كُلِّ عَمَلٍ، وَإِنَّمَا أَمَرَهُ أَنْ يَقْتَدِي بِهُدَاهُمْ
إِلَيْهِ فِي سِيرَتِهِمْ، سَوَاءٌ مَا كَانَ مِنْهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ، وَمَا
امْتَازَ فِي الْكَمَالِ فِيهِ بَعْضُهُمْ، كَمَا امْتَازَ نُوحٌ وَإِبْرَاهِيمُ وَآلُ
دَاوُدَ بِالشُّكْرِ، وَيُوسُفُ وَأَيُّوبُ وَإِسْمَاعِيلُ بِالصَّبْرِ،
وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسُ بِالْقَنَاعَةِ وَالزُّهْدِ، وَمُوسَى
وَهَارُونُ بِالشَّجَاعَةِ، وَشَدَّةِ الْعَزِيمَةِ فِي النُّهُوضِ بِالْحَقِّ.
فَاللهُ تَعَالَى قَدْ هَدَى كُلَّ نَبِيٍّ
رَفَعَهُ دَرَجَاتٍ فِي الْكَمَالِ، وَجَعَلَ دَرَجَاتِ بَعْضِهِمْ فَوْقَ بَعْضٍ،
ثُمَّ أَوْحَى إِلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ خُلَاصَةَ سِيَرِ أَشْهَرِهِمْ وَأَفْضَلِهِمْ
وَهُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَفِي سَائِرِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ،
وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهُدَاهُمْ ذَاكَ ،
وَهَذِهِ هِيَ الْحِكْمَةُ الْعُلْيَا لِذِكْرِ
قِصَصِهِمْ فِي الْقُرْآنِ. وَقَدْ شَهِدَ اللهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ
وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ، وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ،
فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّهُ كَانَ مُهْتَدِيًا
بِهُدَاهُمْ كُلِّهِمْ، وَبِهَذَا كَانَتْ فَضَائِلُهُ وَمَنَاقِبُهُ الْكَسْبِيَّةُ
أَعْلَى مِنْ جَمِيعِ مَنَاقِبِهِمْ وَفَضَائِلِهِمْ ; لِأَنَّهُ اقْتَدَى بِهَا كُلِّهَا
فَاجْتَمَعَ لَهُ مِنَ الْكَمَالِ مَا كَانَ مُتَفَرِّقًا فِيهِمْ، إِلَى مَا هُوَ
خَاصٌّ بِهِ دُونَهُمْ ; وَلِذَلِكَ شَهِدَ اللهُ تَعَالَى لَهُ بِمَا لَمْ يَشْهَدْ
بِهِ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ فَقَالَ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) 68: 4
وَأَمَّا فَضَائِلُهُ وَخَصَائِصُهُ الْوَهْبِيَّةُ
فَأَمْرُ تَفْضِيلِهِ عَلَيْهِمْ فِيهَا أَظْهَرُ، وَأَعْظَمُهَا عُمُومُ الْبَعْثَةِ،
وَخَتْمُ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ، وَإِنَّمَا كَمَالُ الْأَشْيَاءِ فِي خَوَاتِيمِهَا،
صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . . .
وكذلك
يقول الإمام الرازي !
بَعْدَ كِتَابَةِ مَا تَقَدَّمَ رَاجَعْتُ
[ القول للشيخ محمد رشيد رضا ] أَقْوَالَ الْمُفَسِّرِينَ فِي تَفْسِيرِ مَا بِهِ الِاقْتِدَاءُ
فَرَأَيْتُ الرَّازِيَّ لَخَصَّهَا بِقَوْلِهِ: فَمِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ
الْمُرَادُ أَنْ يَقْتَدِيَ بِهِمْ فِي الْأَمْرِ الَّذِي أَجْمَعُوا عَلَيْهِ وَهُوَ
الْقَوْلُ بِالتَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِهِ - أَيْ بِاللهِ
تَعَالَى - فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ وَسَائِرِ الْعَقْلِيَّاتِ، وَقَالَ
آخَرُونَ: الْمُرَادُ الِاقْتِدَاءُ بِهِمْ فِي جَمِيعِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ
وَالصِّفَاتِ الرَّفِيعَةِ الْكَامِلَةِ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى أَذَى السُّفَهَاءِ وَالْعَفْوِ
عَنْهُمْ ] ([7]) .
فإذا كان الأنبياء الكرام ، المعصومون ، لم يُؤمر النبيّ ﷺ بالإقتداء بهم في كل الأمور ! فكيف بغيرهم ؛ من غير الأنبياء ، وغير
المعصومين ؟ !
إبراهيم
عليه السلام كان أمة !
وهذا خليل الله
إبراهيم عليه السلام ، الأوّاه ، الحليم ، إقرأ لترى كيف يمدحه الله تعالى ،
ويزكّيه :
قال تعالى : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ
حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ . شَاكِرًا
لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ . وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ
فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ . ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ
اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ
) [8] .
ويقول تعالى : ( إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ
مُنِيبٌ ) [11] . ويقول تعالى : (سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) [12] .
هذا النبيّ الكريم ، من حلمه ، وبِرّه ،
وعطفه ، ورحمته ، وشفقته ، يدعو لأبيه الكافر بالمغفرة ! وهذه صفة نابعة من الرحمة ، ومحبة الخير، والشفقة ! ؛(وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ ) [13] .
بخلاف العداوة ، والبغضاء ، والطعن ؛ فهذه الصفات – بين المسلمين –
نابعة من النفس الأمارة بالسوء ! ؛ (
بَغْياً بَيْنَهُم ) !
ومع هذا ، فالله تعالى ينهى المؤمنين ، عن التأسي بخليل الله إبراهيم
، عليه السلام ، وتقليده في ذلك ! !
يقول تعالى : ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ
مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا
أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ
أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ) [14]
.
ونبيّ الله إبراهيم عليه السلام ، عندما تيقّن ، وتأكد عداوة أبيه لله
تعالى ، ويأسَ من توبته ، وهدايته ، تبرّأ منه ! (وَمَا
كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ
فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ
لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ) [15]
.
فهذا خليل الله تعالى ، ينهانا الله تعالى ، أن نقتدي به في تلك الصفة
! وهو المعصوم ، خليل الرحمن ! فكيف نقتدي بغيره في تعديه على مسلمين ، علماء ،
أئمة ؟ !
والذين يعلنون الحرب على المسلمين ، وعلى أولياء الله تعالى ، تراهم
ينطلقون في ذلك عن ظنون ، وأفهام خاطئة للنصوص ، معتمدين على فلان العالم ، أو
الإمام الذي طعن في غيره من الأئمة والصالحين ، لأنه خالفه في فهمه وسلوكه ! !
وبعضهم جعل الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ، وكأنه نبيّ معصوم ، وجعل
قوله كقول النبيّ ﷺ ، إن لم يكن فوق قول النبيّ ﷺ ! ! أو الإمام مالك رحمه الله ! أو الحافظ إبن تيمية رحمه الله !
فإذا خالف ، وخاصم أولئك الأئمة ، عالماً من العلماء ، أو صالحاً من
الصالحين ، فقد أصبح ذلك العالِم عُرضة لكل طعن ، وجرح ، وتسفيه ، وإهانة ! !
وأصبح ذلك الصالح ضالّاً مضلّاً ! !
وممن ؟ ! من أناس لا يرقى أساتذتهم ، وشيوخهم ، أن يكونوا كُتّاباً
عند تلاميذ تلميذ أولئك الأفذاذ ! !
ولهذا ترى أصحاب الأديان الأخرى ، والمبتدعة الضلّال ، لا يجذبهم جمال
، وعظمة هذا الدين للدخول فيه ! بسبب تلك الفرقة ، والبغضاء ، والشحناء بين أتباعه
! !
ولو دقّق المؤمن ، وتأمّل جيداً ، في مواقف أولئك الذين يتحدّثون باسم
الصحابة والتابعين ، وتابعيهم بإحسان ، فيطعنون في أولياء الله تعالى ، لرأى بعين
البصيرة ، أمراضاً وعُقَداً نفسيّاً وراء تلك السيئات ، هي التي تدفعهم إلى تشويه
هذا الدين ، بقساوة قلوبهم ، وغلظة أكبادهم ! !
فلو كان الأمر بيدي ، أو لو كانت تتوفر عندنا مستشفيات جيدة للأمراض
النفسية ، لأدخلت أولئك في تلك المستشفيات للعلاج ! ولم أسمح لأحد منهم بالتحدث ،
أو التصرف باسم الإسلام ! !
كلّ بني آدم خطّاء !
ونحن نعلم أنه ليس هناك معصوم غير الأنبياء ، وأن كل إنسان معرّض
للخطأ ، وأنّنا لا نرقى أن نكون خدّاماً لأولئك الأئمة ، والصالحين ! نعلم كل هذا
!
ولكن يحزننا جدا أن نسمع ،
ونقرأ تلك العداوات ، والخصومات بينهم !
وقد قالوا : حسنات الأبرار سيئات المقرّبين !
فما يُغَض الطرف عنه لغير الأئمة ، والصالحين ، لا يسحب عليهم ! فهُم
مؤاخذون بكل شاردة وواردة ! ليس مقامهم كمقام غيرهم ! ولا سيما إذا كان الناس
يقلدونهم في كل شيء !
ولا ينبغي لأحد أن يقلّدهم في أخطائهم ! كائناً مَن كانوا ! حتى ولو
كانوا صحابة رسول الله r ! بل حتى ولو كان أبو بكر الصدّيق t
! !
النبيّ
محمد ﷺ هو قدوتنا !
فرسول الله ﷺ هو قدوتنا في كل شيء ! فماذا
قال هذا النبيّ الكريم ﷺ ؟
فهل هذا الذي يطعن في الأئمة ، والمسلمين
، يحب أن يطعن المسلمين فيه ، ويغتابوه ، أو يغتابوا أباه ، أو أخاه ، أو إبنه ؟ !
وهل يطيع النبيّ ﷺ في أمره هذا ؟ !
وقال ﷺ : (( تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ
وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى
لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى )) [17] .
فهل ينطبق وصف النبيّ ﷺ للمؤمنين ، على الطاعن في الأئمة ، والصالحين ، والمسلمين عامة ؟ !
وقال ﷺ : (( إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ
أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا
تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا )) [18] .
فأين أولئك الطاعنون ، المبغضون للعلماء ،
والصالحين ، والمسلمين عامة ، من نهي النبيّ ﷺ هذا ؟ !
أم أن الشيطان يسوّل لهم معصية النبيّ ﷺ ، بأقوال وتصرفات غيره ﷺ ؟ !
إن الله
عليم بذات الصدور !
إن هنالك أمران ، لولاهُما ، لكان القلب
يذوب أسىً ، وحرقة ، وكمدا :
أ – أن الله تعالى خبير بخفايا النفوس ، ويعلم خائنة
الأعين ، وما تُخفي الصدور ! فلاتُبلَّغ
له الأخبار سبحانه ! بل هو تعالى مُطّلع
على خبايا النفوس ، ويعلم من أين تصدر الأقوال ، والتصرفات !
هل هي تنبع حبّاً لله ، ورسوله ﷺ ، أم هي قيح ، وصديد ، تفرزه النفس المريضة ، والهوى باسم الله تعالى
، وباسم رسوله ﷺ ؟ !
ب – أنه هو وحده يحاسب العباد – يوم
القيامة – بنفسه ، فلا يوكّل للحساب لا نبيّ ، ولا مَلَك ! فليقل ، وليفعل مَن شاء ، ماشاء !
فسوف تعلم حين ينجلي الغُبارُ أتَحتك فرَسٌ أم حمارُ ؟ !
وإذا كان أولئك يرجون المغفرة ، إعتماداً
على نيّاتهم الحسنة ، ناسين ، أو متناسين : أصوبه ؛ شريك أخلصه ! فَلْيَهَبُوا تلك
الرجاء لكل مسلم خطّاء ، ذي نيّة حسنة ! فهل هم فاعلون ؟ !
2 – هلّا عُدّ الإرجاء مذهباً !
إختلاف السلف في الإرجاء :
قال الحافظ الذهبي :
[
عَبْدُ
العَزِيْزِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ الأَزْدِيُّ شَيْخُ الحَرَمِ . . . حَدَّثَ
عَنْهُ: وَلَدُهُ؛ فَقِيْهُ مَكَّةَ عَبْدُ المَجِيْدِ بنُ أَبِي رَوَّادٍ،
وَحُسَيْنٌ الجُعْفِيُّ، وَيَحْيَى القَطَّانُ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَعَبْدُ
الرَّزَّاقِ، وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَآخَرُوْنَ.
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ:
كَانَ مِنْ أَعَبْدِ النَّاسِ.
وَقَالَ يُوْسُفُ بنُ أَسْبَاطٍ:
مَكَثَ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً لَمْ يَرْفَعْ طَرْفَه إِلَى السَّمَاءِ،
فَبَيْنَا هُوَ يَطُوْفُ حَوْلَ الكَعْبَةِ، إِذْ طَعَنَهُ المَنْصُوْرُ
بِأُصْبُعِهِ، فَالتَفَتَ، فَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهَا طَعْنَةُ جَبَّارٍ
.
قَالَ شَقْيْقٌ البَلْخِيُّ: ذَهَب
بَصَرُ عَبْدِ العَزِيْزِ عِشْرِيْنَ سَنَةً، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَهْلُهُ وَلاَ
وَلَدُهُ.
وَعَنْ سُفْيَانَ بنِ عُيَيْنَةَ،
قَالَ: كَانَ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ مِنْ أَحْلَمِ النَّاسِ، فَلَمَّا
لَزِمَهُ أَصْحَابُ الحَدِيْثِ، قَالَ: تَرَكُونِي كَأَنِّيْ كَلْبٌ
هَرَّارٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ المُقْرِئُ:
مَا رَأَيتُ أَحَداً قَطُّ أَصْبَرَ عَلَى طُوْلِ القِيَامِ مِنْ عَبْدِ العَزِيْزِ
بنِ أَبِي رَوَّادٍ .
قُلْتُ: كَانَ ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ كَثِيْرَ
المَحَاسِنِ، لَكِنَّهُ مُرْجِئٌ .
قَالَ مُؤَمَّلُ بنُ إِسْمَاعِيْلَ: مَاتَ
عَبْدُ العَزِيْزِ، فَجِيْءَ بِجَنَازَتِه، فَوُضِعَتْ عِنْدَ بَابِ الصَّفَا،
وَجَاءَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، فَقَالَ النَّاسُ: جَاءَ سُفْيَانُ،
جَاءَ سُفْيَانُ.
فَجَاءَ حَتَّى خَرَقَ الصُّفُوفَ، وَجَاوَزَ
الجَنَازَةَ، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ كَانَ يَرَى الإِرْجَاءَ.
فَقِيْلَ لِسُفْيَانَ، فَقَالَ: وَاللهِ
إِنِّيْ لأَرَى الصَّلاَةَ عَلَى مَنْ هُوَ دُوْنَه عِنْدِي، وَلَكِنْ أَرَدْتُ
أَنْ أُرِيَ النَّاسَ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى بِدعَةٍ . . .
قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ:
كَانَ مُرْجِئاً، رَجُلاً صَالِحاً، وَلَيْسَ هُوَ فِي
التَّثْبِيْتِ كَغَيْرِهِ ] ([19])
.
وقال الإمام الذهبي أيضاً ، رحمه الله :
[ عَبْدُ المَجِيْدِ ابْنُ الإِمَامِ عَبْدِ
العَزِيْزِ بنِ أَبِي رَوَّادٍ (م، 4)
العَالِمُ، القُدْوَةُ، الحَافِظُ،
الصَّادِقُ، شَيْخ الحَرَمِ، أَبُو عَبْدِ المَجِيْدِ المَكِّيُّ،
مَوْلَى المُهَلَّبِ بنِ أَبِي صُفْرَةَ.
حَدَّثَ عَنِ: ابْنِ جُرَيْجٍ بِكُتُبِهِ.
وَعَنْ: أَبِيْهِ، وَمَعْمَرِ بنِ رَاشِدٍ،
وَأَيْمَنَ بنِ نَابِلٍ، وَمَرْوَانَ بنِ سَالِمٍ، وَعُثْمَانَ بنِ الأَسْوَدِ، وَجَمَاعَةٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: أَبُو بَكْرٍ الحُمَيْدِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ يَحْيَى العَدَنِيُّ، وَحَاجِبٌ المَنْبِجِيُّ،
وَأَحْمَدُ بنُ شَيْبَانَ الرَّمْلِيُّ، وَالزُّبَيْرُ بنُ بَكَّارٍ، وَحُسَيْنُ بنُ
عَبْدِ اللهِ الرَّقِّيُّ، وَخَلْقٌ كَثِيْرٌ.
وَكَانَ مِنَ المُرْجِئَةِ، وَمَعَ هَذَا فَوَثَّقَهُ:
أَحْمَدُ، وَيَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ فِيْهِ
غُلُوٌّ فِي الإِرْجَاءِ، يَقُوْلُ: هَؤُلاَءِ الشُّكَّاكُ.
يُرِيْدُ قَوْلَ العُلَمَاءِ: أَنَا مُؤْمِنٌ
إِنْ شَاءَ اللهُ .
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كَانَ
أَعْلَمَ النَّاسِ بِحَدِيْثِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَلَمْ يَكُنْ يَبذُلُ نَفْسَهُ لِلْحَدِيْثِ
، ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ نُبْلِهِ وَهَيْئَتِهِ.
وَقَالَ أَيْضاً: كَانَ صَدُوْقاً، مَا
كَانَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَانُوا يُعَظِّمُوْنَهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللهِ بنُ أَيُّوْبَ المُخَرِّمِيُّ:
لَوْ رَأَيْتَ عَبْدَ المَجِيْدِ، لَرَأَيْتَ رَجُلاً جَلِيْلاً مِنْ عِبَادتِهِ.
وَقَالَ الحُسَيْنُ الرَّقِّيُّ: حَدَّثَنَا
عَبْدُ المَجِيْدِ، وَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً إِلَى السَّمَاءِ.
قَالَ: وَكَانَ أَبُوْهُ أَعْبَدَ مِنْهُ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: كَانَ
عَبْدُ المَجِيْدِ رَأْساً فِي الإِرْجَاءِ .
وَقَالَ يَعْقُوْبُ بنُ سُفْيَانَ:
كَانَ مُبْتَدِعاً، دَاعِيَةً .
قَالَ سَلَمَةُ بنُ شَبِيْبٍ: كُنْتُ عِنْدَ
عَبْدِ الرَّزَّاقِ، فَجَاءنَا مَوْتُ عَبْدِ المَجِيْدِ، وَذَلِكَ فِي
سَنَةِ سِتٍّ وَمائَتَيْنِ، فَقَالَ: الحَمْدُ للهِ الَّذِي أَرَاحَ أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ مِنْ عَبْدِ المَجِيْدِ .
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: عَامَّةُ
مَا أُنْكِرَ عَلَيْهِ الإِرْجَاءُ .
وَقَالَ هَارُوْنُ بنُ عَبْدِ اللهِ الحَمَّالُ:
مَا رَأَيْتُ أَخْشَعَ للهِ مِنْ وَكِيْعٍ، وَكَانَ عَبْدُ المَجِيْدِ
أَخشَعَ مِنْهُ .
قُلْتُ: خُشُوْعُ وَكِيْعٍ مَعَ إِمَامَتِهِ فِي
السُّنَّةِ، جَعَلَهُ مُقَدَّماً، بِخِلاَفِ خُشُوْعِ هَذَا المُرْجِئِ
- عَفَا اللهُ عَنْهُ - أَعَاذنَا اللهُ وَإِيَّاكُم مِنْ مُخَالَفَةِ السُّنَّةِ،
وَقَدْ كَانَ عَلَى الإِرْجَاءِ عَدَدٌ كَثِيْرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الأُمَّةِ،
فَهَلاَّ عُدَّ مَذْهَباً
] ([20]) .
أي من مذاهب السلف في العقائد !
هذا العالم الجليل ، قال الإمام أحمد عنه
: كان فيه غلو في الإرجاء ، ومع هذا يمدحه ، ويوثقه ، وقال عنه الإمام أبي داود :
كان رأسا في الإرجاء ، وقال الإمام يعقوب بن سفيان : كان مبتدعا داعية ، ومع هذا
يصفه الإمام الذهبي بالعَالِمُ
، القُدْوَةُ ، الحَافِظُ ، الصَّادِقُ ، شَيْخ الحَرَمِ .
والأئمة الكرام يمدحونه .
ويقول الإمام الذهبي : وعدد كبير من علماء
الأمة كانوا على الإرجاء .
والإرجاء مسألة عقيدية ، وليست فقهية !
3 – الميزان يوم القيامة !
إختلاف السلف في الميزان !
قال الحافظ أبو حيان ، رحمه الله :
[
اختلفوا هل ثم وزن وميزان حقيقة أم ذلك عبارة
عن إظهار العدل التام والقضاء السويّ والحساب المحرّر فذهبت المعتزلة
إلى إنكار الميزان وتقدّمهم إلى هذا مجاهد
والضحّاك والأعمش وغيرهم ، وعبّر
بالثقل عن كثرة الحسنات وبالخفة عن قلّتها ، وقال جمهور
الأمّة بالأول وأنّ الميزان له عمود وكفّتان ولسان وهو الذي دل
عليه ظاهر القرآن والسنّة ينظر إليه الخلائق تأكيداً للحجة وإظهاراً
للنصفة وقطعاً للمعذرة ] ([21]) .
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، رحمه
الله :
[
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ السَّلَفِ إِلَى أَنَّ الْمِيزَانَ
بِمَعْنَى الْعَدْلِ وَالْقَضَاء فأسند الطَّبَرِيّ من طَرِيق بن أَبِي
نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَنَضَع الموازين الْقسْط
ليَوْم الْقِيَامَة قَالَ إِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ كَمَا يَجُوزُ وَزْنُ
الْأَعْمَالِ كَذَلِكَ يَجُوزُ الْحَطُّ وَمِنْ طَرِيقِ لَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ
عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ الْمَوَازِينُ الْعَدْلُ وَالرَّاجِحُ
مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ ] ([22]) .
وقال الحافظ أبو حيان ، رحمه الله :
[
واختلاف الناس في ذلك هل ثم ميزان حقيقة وهو قول
الجمهور أو ذلك على سبيل التمثيل عن المبالغة في العدل التام
وهو قول الضحاك وقتادة ؟ قالا : ليس
ثم ميزان ولكنه العدل والقسط ]([23])
[
( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ
الْقِيامَةِ ) أي ونحضر يوم القيامة الموازين
العادلة التي توزن بها صحائف الأعمال، وهذا قول أئمة السلف، وقال مجاهد
وقتادة والضحاك المراد من الوزن العدل بينهم،
فلا يظلم عباده مثقال ذرة، فمن أحاطت حسناته بسيئاته ثقلت موازينه: أي ذهبت
حسناته بسيئاته، ومن أحاطت سيئاته بحسناته خفت موازينه: أي ذهبت سيئاته بحسناته
] ([24])
.
فهل الأئمة مجاهد ن وقتادة ،
والضحاك ، والأعمش ، رحمهم الله تعالى ، ليسوا من السلف الصالح ، وهم
ينكرون الميزان ؟ !
وموضوع الميزان ، هل يدخل تحت باب الفقهيات
، أم يدخل تحت باب العقيدة ؟ !
4 – إنكار رؤية الله تعالى
في الآخرة !
إختلف السلف في الرؤية ! :
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني ، رحمه الله
:
[
وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ مِنْ وَجْهٍ
آخَرَ إِنْكَارَ الرُّؤْيَةِ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِالْحَمْلِ عَلَى
غَيْرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَخْرَجَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ
نَاظِرَةٌ تَنْظُرُ الثَّوَابَ وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ نَحْوَهُ
وَأَوْرَدَ الطَّبَرِيُّ الِاخْتِلَافَ ] ([25]) .
أليس عكرمة ، ومجاهد
، وأبو صالح ، رحمهم الله تعالى ، من السلف ؟ ! وهم ينكرون رؤية الله تعالى
يوم القيامة !
[5] متفق عليه ؛ صحيح البخاري ،
كتاب الأنبياء ، باب قول الله تعالى } وهل أتاك حديث موسى { ، ( 3 / 1244 ) ، حديث : 3215 . وصحيح مسلم ،
كتاب الفضائل ، باب في ذكر يونس عليه السلام . . . ، ( 4 / 1846 ) ، حديث : 167 .
[6] متفق عليه ؛ صحيح البخاري ،
كتاب الأنبياء ، باب قول الله تعالى } وإن يونس لمن المرسلين { ، ( 3 / 1254 ) ، حديث : 3233 . وصحيح مسلم ،
كتاب الفضائل ، باب من فضائل موسى عليه سلام ، ( 4 / 1843 ) ، حديث : 159 .
[13] سورة الشعراء : 86 .
[16] متفق عليه ؛ صحيح البخاري ،
كتاب الإيمان ، باب من الإيمان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، ( 1 / 14 ) ، حديث :
13 . وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، باب الدليل على أن من خصال الإيمان أن يحب لأخيه
المسلم ما يحب لنفسه من الخير ، ( 1/ 67 ) ، حديث : 71 .
[17] متفق عليه ؛ صحيح البخاري ،
واللفظ له ، كتاب الأدب ، باب رحمة الناس والبهائم ، ( 5 / 2238 ) ، حديث : 5665 .
وصحيح مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب ،
باب تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم ، ( 4 / 1999 ) ، حديث : 66 .
[18] متفق عليه ؛ صحيح البخاري ،
كتاب الأدب ، باب ما ينهى عن التحاسد والتدابر ، ( 5 / 2253 ) ، حديث : 5717 .
وصحيح مسلم ، كتاب البر والصلة والآداب ، باب تحريم الظن ، والتجسس ، والتنافس ،
والتناجش ونحوها ، ( 4 / 1985 ) ، حديث : 28 .
لتكملة الموضوع حمل من هنا
كتاب ..كيف نفهم العقيدة الاسلامية وهل إختلف السلف الصالح في العقيدة !؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق