الجمعة، 3 مايو 2019

المفاهيم الصحيحة لمصطلح الجهاد والقتال في القرآن ؟


كثيراً ما نرى التهجم على الإسلام بحجة أنه دين قتال وقد إمتلئت آياته بمصطلح الجهاد يوحي الى الذي يقف على قراءة بعض آياته دون الأُخرى أنه فعلا" كذلك؟ وهناك من الذين يرغبون في تصوير الإسلام على أنه دين إرهاب بحيث يقف على آيات القتال فقط دون ربطها بسياق الحدث وترابط الآيات بعضها ببعض فالقرآن كتاب كامل محكم آياته , متنساق مع بعضها البعض , لا يجوزتقطيع الآيات واستخدام أسلوب الإنتقاء المزاجي بحجة تشويه صورة الآية ورسم صورة مشوهة في ذهنية المقابل , وكذلك هناك من الذين يتباهون بالإسلام كونه يمتلك كتاب سماوي يحتوي في طياته الدعوة الى استخدام العنف والقتال كرمز للهيبة و القوة ؟ وهم الذين يريدون تبرير أفعالهم الإجرامية بحجة أنها موجودة بل مأمورة في كتاب الله !!
لذلك عليـنــــا البيــان
أولا" / الجهـــاد
الجهــــاد يعني بذل مابوسعه من جهد لتحقيق مقصد جزئي أو كلي من مقاصد الدين فالجهــــاد هو ركن أساسي من أركان الدين ,, فكثير منّا تم تلقينه على أركان الإسلام المقتصرة على الشهادة المجردة من مضمونها والصلاة مع عدم مراعات كيفيتها في ربطها بخالقها مع أداء زكاة إن كان يمتلك المال والكثيرون لايمتلكون النصاب المالي ؟و صيام شهر في السنة مع أداء حج البيت مرة واحدة في العمر إن أستطاع دون التركيز على حركاته وسكناته الآنية في كل جزئية من جزئيات حياته .....!!
مع عدم التركيز على الأركان المرتبطة بالحث على الرقي القيمي والحضاري بكل صورها ومن ضمنها الجهاد ...
فالجهاد مصطلح مشتق من الجهد المبذول وتفريغ الطاقات الممكنة و يشمل الجهد المادي و الجهد المعنوي ومن ساحات جهاده أن يكون مع نفسه وأهواءه ورغباته التي تحول بينه وبين تزكية كيانه وأيضاً يكون مع واقعه الذي يتعامل ويحتك به كالتصدي للظلم والاستبداد والفساد والإفساد وكذلك مقاومة الجهل والفسوق أو من يقومون بمحاولة تحريف الدين بإسم الدين؟ لتمرير مصالح آنية لا أكثر.....فهو مختصرا" يتضمن القيام بكل عمل إيجابي والحث عليه مع مراعات الأدوات والوسائل الحضارية والمتطورة التي تساعده على تحقيق مضمون الجهاد من اجل الوصول الى إسعاد الفرد والمجتمع ....
ويكون الجهاد بشكل فردي وكذلك بشكل جماعي كأن يكون متمثلا" في مؤسسات المجتمع المدني على شكل منظمات أو أحزاب او أي هيكلية تكون ضمن القوانين المتاحة في المجتمع بحيث تتصدى لكل من يعبث بممتلكات الدولة ومحاربة كافة وسائل الفساد بكافة أنواعه والإرهاب بكل صوره بل وتشمل كل مايؤدي الى تخريب البلد أو حتى تلويثه تلوثاً بيئياً فالبيئة من أهم الأمور التي يراد للأمم التركيز عليها لا سيما أن من سلبيات وسائل التقدم التكنلوجي الحالي والمنافسة الشرسة بين الأمم أنها في صراع مع البيئة بكل ماتعنيه البيئة من معنى ؟......
* * * * * * * * * * * * * * * * * *

نتيجة بحث الصور عن المفاهيم الصحيحة لمصطلح الجهاد والقتال في القرآن ؟
والقرآن بيّن الجهاد من اول أيام نزوله أنه عمل دؤوب وبذل مايسعه من جهد لتحقيق الغاية قبل أن تشرع الإذن بالقتال ؟ومن ذلك بيّن الله في آياته البينات قوله( وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا ) [ الفرقان 18]وهذه آية مكية نزلت لما كان النبي في مكة اي قبل الهجرة والإذن بالقتال ؟ وتعني جاهد الكافرين بالقرآن [ أي بالبيّنة والمنطق والعقل ] لدحض أفكارهم وغيماهم المنحرف ..
كذلك بيّن القرآن الجهاد أنه إنفاق في سبيل الله بكل ما نمتلكه من أموال أو طاقات موجودة في النفس البشرية فبيَّن في آيات عديدة الجهاد بهذا المعنى كقول الله عزوجل ( وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[التوبة 10]
كذلك بيّن في بدايات سورة البقرة في قوله ( ومما رزقناهم ينفقون ) [البقرة 3]وهي تعني وتشمل كل ما يمتلكه الأنسان وكل مارزقه الله من إمكانات مادية ومعنوية ومَلَكات ومواهب وطاقات بشرية ....
ولا تعني فقط الجانب المالي ؟
ثانياً / القتــــال
أما القتال فهو فرع من فروع الجهاد ويكون القتال إذا لزم الأمر للدفاع عن المستضعفين في الأرض والمضطهدين بسبب دينهم ومعتقدهم من الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق وكذلك كل من يسوغ لنفسه أن يتبع سياسة إضطهاد الآخرين ومحاربة عقيدتهم والإعتداء على أرضهم وكرامتهم كما بيّنه القرآن في قوله (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ( 39 ) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ) [ الحج ]فلا يمكن لأي منظومة أو كيان لها مســاحة جغرافية أن لاتمتلك قوة تدافع عن قيمها ومبادءها ضمن الحدود التي تتواجد فيها أو لمحاربة من يضطهد معتقديها في أي مكان ما , لكن من أهم شروط إستخدام القوة التي هي من لوازم الحياة ,,,أن تكون لها ضوابط وقيم اخلاقية ,,, هذه القوانين القتالية وضوابطها الأخلاقية كانت غريبة على الأُمم عندما أعلنها القرآن فالاعراف دينية كانت تتبع فكرة التطهير العرقي والديني المستشري قبل مجيء الاسلام بل لغاية الآن ؟
وهذه المفاهيم التي تؤسس لقوانين الرحمة والرأفة والعدل وعدم الإعتداء في القتال عادت غريبة في خِضَّم الأحداث التي نراها بين الحين والآخر بحيث شوّه معنى القتال ورمزية القوة في الإسلام عندما يتبادر الى الأذهان ؟ لكن القرآن عابر للزمان والمكان والأحداث باعتباره كلام رب العالمين والذي يريد لخلقه تعميم الرحمة والسعادة لمخلوقاته أجمعين أمرالله عزوجل أن القوة تستخدم فقط لرد العدوان لا أن يبادروا هم بالعدوان فالإعتداء حَرَّمَه القرآن وإذا تم الإعتداء على المسلمين فالرد يكون بالإعتداء المماثل فقط مع بيان معاني القسط و العدل فلا يجوز مثلاً التعرض للمدنيين وممتلكاتهم أو النساء او الأطفال أوحتى البهائم والنباتات ...
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
مع أخذ الحذر من الأعداء وعدم التخاذل والتهاون ممن يتربص بهم في كل آن ! مع مراعات المقصد والنية وهو أن يكون في سبيل الله الذي يريد كما قلنا ان يعم العدل والقسط لكافة الناس ......
قال تعالى: (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين) [البقرة:190]فقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِين) هو سمة إلهية ثابتة لا تبديل لها ولا تحويل، وذلك يقتضي أمراً دينيا ملزما فقد نهى عن الاعتداء: (وَلاَ تَعْتَدُواْ)، فالقتال قد قيَّد بأنه قتال ضد من قاتل، وليس ضد مسالم.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ولا يمكن ان يتلاعب بالقتال باسم الله من أجل أهواء أو الإستحواذ على ممتلكات وثروات الناس أوالتعرض لأعراضهم أو كرد فعل عنفواني غير منضبط بضوابط الشرع والواقع وعدم معرفة مصادر ومكامن القوة الموجودة في ذاك العصر إن كان يمتلك كيان متكامل ومعترف ,,,وإن أضطر للقتال بسبب إعتداء مفروض عليه من قبل أعداء متربصين على وطنه فالدفاع واجب لأن الذي يجمعنا الآن مفهوم الوطن الذي يوفر للإنسان حاجاته الفطرية الأساسية المادية والمعنوية، فالقتال دفاعا عن الوطن وعن تماسك الوطن هو قتال في سبيل الله، وهو قتال مشروع، وهو من الجهاد.....
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ومن المعلوم أن الأصل في الأمور هو السلم و أن القتال ليس هو الأصل في الجهاد بل هو الإستثناء وقد بيًّنه الله أنه مكروه ومقيد بضوابط تشريعية كما قال تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ) ؟[ البقر 126]
وفي كلتا الحالتين المسلمون الحقيقيون ملزمون بأن الأصل والمقصد من الرسالة هو ما قاله المولى عزوجل (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) [ الحديد 25]
ولا يمكن القتال من أجل إكراه الآخرين على إعتناق الإسلام فقد بيَّن الله ذلك وقال (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)
[ البقرة 256]
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
فإذا ما شنَّت أمة عدوانا على المسلمين لتفتنهم في دينهم أو لكسر شوكة المسلمين وجب قتالها، فإن جنحت للسلم يجب الجنوح للسلم ،كما في قوله تعالى (وَإِن جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا) [ الأنفال 61] أما إن تمادوا في العدوان وكانوا كما قال الله فيهم (الَّذِينَ عَاهَدتَّ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لاَ يَتَّقُونَ) [ أنفال 56]
فيجب على المسلمين أن يستمروا في القتال إلى أن يتحقق لهم النصرأو الشهادة أي أحدى الحسنيين فإن انتصروا فليس لهم أن يكرهوا المهزومين على اعتناق الإسلام، ذلك لأنه لا إكراه في الدين وإنما لهم أن يلزموهم بدفع غرامة حربية عادلة تعرف بالجزية، وليس لهم أن يحتلوا بلادهم فإن وجب ذلك لأي سبب من الأسباب فيجب الالتزام التام بالقيم الإسلامية والأسس والمبادئ التي أرساها الإسلام العالمي للتعايش السلمي بين الناس، وكل ما قرره أسلافنا بهذا الخصوص هو من الأمور الاجتهادية ولا يلزم الأخذ بها كأمر قطعي واجب العمل به ، وفي تلك الحالة فإنه على المتمسكين بدينهم القديم أن يؤدوا إلي أولي الأمر ضريبة تكافئ ما يؤديه المسلمون من الزكاة كمساهمة لازمة في إدارة شؤون الجميع، أما مصطلح الجزية المتوارث فليس له قدسية وهو لايعني مطلقاً مصطلح ( الجزية ) المذكور في القرآن ؟ فقد كان مصطلح الجزية المتعارف في عهود الحكم الاسلامي عبارة عن مصطلح استحدثه السلف لكي يعبّر عن مضمو ن الضرائب المتعارف اليوم ولو أن دلالة المصطلح لم يكن لائقاً ولكن يبدوا أنهم لم يجدوا مصطلحا" آخر يعبّرون به عن مضمون الدفع كالضريبة مثلاً .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
ومن طبائع البشر والمسلمين منهم ان يستحوذ عليهم رغباتهم ونزواتهم وشهواتهم الإستحواذية و السلطوية لذلك فالإقتتال بين المسلمين وارد جداً وإن حدث,, فقد امر المولى عزوجل أن يبادر اهل الصلاح بالإصلاح بينهم فإن تمادى فئة منها وبغوا على الأُخرى فعلى الأُمة جميعاً أن تقاتل التي بغت حتى تفيء لأمر الله فإن فعلت فالأمة ملزمة بالعودة الى طاولة الصلح بينهما لكن بالعدل والقسط كما بينه المولى عزوجل ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ) [الحجرات9]
ثالثاً / قضية الإثخان في القتل وقتل الأسرى ؟؟
هذا الكلام الذي بحثت عنه وتنقبت فيه فوجدت أن فيه من المجددين للدين مَن فسَّره قرآنياً وهو التفسير المنطقي لسياق آيات الله وروح شرعه و الذي يفند كل التفاسير والمرويات عن الرسول صلى الله عليه وسلم فالقرآن دائما يعلوا على كل مروية أو تفسير بشري مرتبط بواقع او بيئة أو مجريات زمنية معينة ولو أن فيه طعن لأصحاب المرويات ؟ لكن لايهم مادامت القضية مرتبطة بقرآن عظيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه....
المهم القضية تبدأ من حادثة أسرى معركة بدر الكبرى وأن كل المرويات تؤكد على أنه كان الأجدر بالرسول أن يقتلهم جميعاً؟وهو كان رأي عمر ! الذي وافقه الله في الآية الذي سأبينها لكم أنه لا أساس لها ؟
وهي مغالطة تاريخية وقد وقع فيها كل فحول أصحاب التفاسير وطابقها أهل السِيَر ؟
وهاكم الآية وتفسيرها من جديد لدحض كل من يقدم على تشويه هذا الدين العظيم وينتفع به المجرمين الذين يبررون قتلهم للأسرى ؟
قال تعالى: ( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{67} لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{68} فَكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلاَلاً طَيِّباً وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ{69} ) [الأنفال]
الآيات تتحدث بكل وضوح أن المراد ليس هو أخذ الأسرى ومن ثم الإثخان في قتلهم بعد الأسر ؟ بل هو توبيخ إلهي لعدم الإثخان في القتلى أثناء الحرب ؟كون المعركة كانت تعبر عن أول لقاء بين أهل التوحيد ودين الحق وبين أهل الشرك ودين الظلم والإعتداء وكان مراد الله فيهم أن يريهم بأس المؤمنين وقوتهم لكي يرتعدوا منهم ويدخل في قلوبهم الخوف فمن لوازم المعارك هو الحَزم وإظهار القوة والإثخان في قتل المعتدين وليس رشهم بالورود والرياحين وكأن الإثخان شيء مريع في ميادين المعركة !
وأن مراد ونيات الصحابة كان قد دخل في في قلوبهم حظ من حظوظ الدنيا أثناء الحرب حيث أنشغلوا بأسر الكفار طمعاً في أخذ الفداء منهم لاسيما بعد ترَّدي أوضاعهم بعد الهجرة وترك دورهم وممتلكاتهم في مكة ؟؟
لذلك بيَّن الله تعالى بقوله (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)
فهو توبيخ للصحابة وليس للنبي ! والآية توضح أنه لايجوز في وجود نبي يحمل رسالة أن يتقدم من كانوا معه والذين أختارهم الله لكي يحملوا الأمانة من بعد الرسول , أن يدخل في قلوبهم الطمع في متاع الدنيا وأن لا يُرَوا في أعداء الله القوة والحزم بان يثخنهم في الحرب وأن لا يتحمسوا في أسرهم طلباً لأخذ الفدية !!
وقد بيّن ذلك في تلك المرويات أيضاً أن صحابياً مثل عبد الرحمن بن عوف كان حريصا" على أسر أُميّة بن خلف وكيف حاول بلال قتله في الحرب ومنعه ابن عوف حتى أنه رمى بنفسه عليه لكي يحميه من بلال لكن بلال قتله من تحته ؟؟ وكم حزن على خسارته لأُمية وكما تحدثت بعض من هذه المرويات حيث كان يردد : " رحم الله بلالا" أذهب بأدراعي وفجعني بأسيري " ؟؟
فالتأنيب كان موجهاً إليهم لأنهم خالفوا ما لديهم بالفعل من أحكام وردت في سورة القتال:
( فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)[محمد4]
ولاصحة للمروية التي تقلل من قدر الرسول الكريم- من غير قصد - في قولهم على لسان عمر بن الخطاب: "فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله وأبو بكر يبكيان، فقلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء
تبكي أنت وصاحبك!؟؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما!!
-وهو أنهم لم يقوموا بقتل الأسرى- ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أبكي على أصحابك من أخذهم الفداء.
وبعد التهديد والوعيد الوارد في الآيات تغمدهم ربهم برحمته وسمح لهم بأن ينتفعوا بما نالوه من الغنائم،,,
فهذا التفضل الإلهي لا يعني أبداً أنهم لم يخطئوا بمخالفة أوامره، وإنما يعني أنهم أخطئوا فغفر لهم لأنه هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
ولم يدرك من نقل المروية هو أن وجود النبي بين الناس هو أمان لهم من العذاب الذي حاق بالأمم السابقة لتمردهم وعصيانهم كما قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الأنفال33].
لذلك أوضح العليم بذات الصدور أنهم كانوا يريدون بذلك عرض الدنياوكان من الأجدر بهم أن يريدوا ما أراد الله لهم من ثواب الآخرة ....
ومن الواضح أن النبي مع نزول الآية – حسب تفسيرات المرويات- لم يأمر بقتل الأسرى الذي كان ديدن الأُمم السابقة ! بل أقدَم على فعل شيء لم يتعاهده أي قوةعسكرية على الأرض وهو أن يتم تحرير الأسرى مقابل تعليم كل واحد منهم لعشرة من أولاد المسلمين ؟؟ فأي ثقافة كان ينتهجها النبي في أيام كان الأسرى يتم قتلهم
دون تردد !!
رابعــاً / تعقيب على آية ضَرب الرقاب !!
في قوله تعالى:
(فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ)
[ محمد 4]
وفي قوله تعالي أيضاً (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ) [ الانفال 12]
إن هذه الآيات تدعم ماقلنا في قضية التأكيد على الإثخان في المعركة وعدم الإنشغال بالأسرمن أجل الفداء أو الغنائم أو الشفقة أثناء الحرب !
فكما هو معلوم أنه أثناء المعارك لا يجوز التهاون فيها والإستخفاف بالعدو ؟ وهذا لا يناقض قضية الدعوة السلمية لدين الحق فالله تبارك وتعالى يريد أن يَعُم السلام العالمي وهو القائل بكل وضوح في[ سورة البقرةآية 208 ] عندما أعلن عن الســلم العالمي مخاطباً الناس أجمعين في قوله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّة ).....
لكن إن أبى المقابل إلا الإعتداء فمن الواجب الدفاع عن دين الحق ودَحر المُعتدي بكل قوة وحزم والإثخان فيه أثناء الحرب , ليعم السلام....
ومن الطبيعي أن من أهم أدوات ووسائل القتال كانت السيوف حينها ومن الطبيعي أن أقصر وسيلة للقضاء على المقابل هوالتركيز على الرقبة كونها نقطة ضعف كل إنسان ومن السهولة القضاء عليه عندما يتم توجيه الضربة الى عنقه كذلك السيوف كانت تحمل باليد وتحركها المفاصل فكان من الطبيعي أيضاً أن يتم التركيز على كل بَنان التي تعني أطراف اليد أو مفاصل الإنسان !! ولا يمكن أن يفهم الآية أنه يجب التركيز على الرقبة والبنان في كل وقت وحين فهذا هو من الضلال المبين بل تعني أنه لايجوز الإستخفاف بالعدو المُعتدي ويجب التركيز على مراكز ضعفه لكي يتم القضاء عليه بسهولة ومن هنا ففي حالة تعرض بلداننا للإعتداء السافر من معتدي فعلى الجنود الحَزم في المعركة واستخدام الشِدّة لدَحره والتركيز على مراكز ضعف العدوعن طريق التركيزعلى قلبه أو رأسه عند استخدام الرشاشة أو القناصة ؟ هذا هو معرفة مفهوم ( فضربوا فوق الأعناق )!!
والتركيز على المفاصل المحركة لمركباتهم ؟ في معنى الآية ( وضربوا منهم كُل بَنان ) !!
كذلك يُفهم آية الإعداد للقوةوكيفية إعداد الخيول وتجهيزها في قوله تعالى( وأعدُّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)[ الأنفال 60]
بأن يتم تجهيزكل المعدات العصرية لكي يهزمون المعتدين بها أو يخوفونهم ويسترهبونهم بإمتلاكهم أسلحة لاتقاوم كي يقفون أطماعهم في الأعتداء ويجبرونهم على السلام إن لم يكونوا مؤهلين لقيم السلام .....
خامســاً/ هل المسلمون مأمورون بقتال كل من لا ينتمي الى ديانتهم ؟
والدليل آيات سورة التوبة؟
تبدأ الشبهة من بداية سورة التوبة في الآية [5] وهي
(فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
قلنا أنه لايجوز الإنتقاء في إختيار الآيات وتقطيعها لكي ينسجم مع نوازعنا المعرفية وأهواءنا سواءً لتبرير القتل او لتبرير بيان أن القرآن يامر بالعنف والقتل ؟؟ وهذا لايليق بدين الحق والرسالة السماوية الخالدة والتي من أهم سماتها أنها جاءت بالشريعة السمحة والرحمة المهدات ,, إذاً لنبدأ من البداية
هذه الآية تسبقها بالآية [4] وهي :
(إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) واضحة إذاً أن الرسول غير مأمور بقتال كل المشركين
ثم تأتي الآية [5] وهي :
(فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
ثم تأتي الآية [6]وهي :
(وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ) إذاً هذا مشرك ولا يٌقتل بمجرد أنه استجار فليست الآية على إطلاقها ولاعلى عمومها .
تأتي الآية [7] وهي:
(كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)
شئ غريب جدا ، واضح ان المشركين هنا لفظ ليس على عمومهِ ويتأكد هذا بمعرفة سبب نزول و بدايات سورة التوبة ...
السؤال / لماذا نزلت هذه الآيات أصلاً ؟
الجواب /
نزلت هذه الآيات بسبب غدر قريش وهم مشركون طبعاً ، لايزالون على شركهم ، بحُلفاء رسول الله من خُزاعة الذين كانوا لا يزالون على شركهم !! فهذه الآيات جاءت كأنتصار للمُشركين حلفاء الرسول؟ على أنهم كانوا لا يزالون على شركهم؟
فكيف يٌقال أن الآية في كل مُشرك من حيث أتى دون قيد أوشرط ، هذا غير صحيح ..
في الحقيقة أن آيات سورة التوبة تتحدث عن قتال أو وجوب قتال أئمة الكفر الذين فصلت الآيات الكريمة من الآية [8]الى الآية[13] أحوالهم وصفاتهم ، يمكن أن تعودوا اليها وتدرسوها بتأمل لتقفوا على حقيقة الأمر .
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
وبصورة عامة فإن هذه السورة تتضمن كثير من الأحداث التاريخية التي حصلت وتتحدث عن ظروف خاصة استثنائية وتتحدث عن أحكام خاصة لظروف معينة ولكن هذه لا يعني تاريخية الآيات والسورة , لكونها تنطوي على أحكام يمكن إستنباطها لكي يتم توضيحها عندما يتكرر أحداث مشابهة لها وهي آيات تحذيرية للأُمة بصفة عامة على أن تكون حذرة ويقظة خاصة عندما تكون في طور تكوينها وتخاف من المتربصين خاصة الذين يكثر عندهم نقض المواثيق والعهود ومعروف أن القبائل العربية كانت تتربص في هذه الأمة الوليدة كل حين لتفتك بها ؟؟وهو ماكانوا يريدون !فكيف بالإمبراطوريات العظمى المتربصة بها كالروم والفرس ؟؟
وهي آيات تتضمن لقوم النبي والرسالة التي أُنزلت بلسانهم العربي المبين , أي تعني مشركي العرب الملزمون بإعلان البراءة من الشـــرك وأن هذا الإعلان هو عنوان التــوبــة فلا يجوز الإصرار على الشرك والدخول في دين الإسلام وأن معاني إقامة الصلاة وشعائرها مع أيتاء الزكاة هو في الحقيقة عناوين الإعلان للإنتماء الى الأمة الجديدة لكي تزيدها قوة وتماسكاً فلا يجوز التهاون في هذه الأسس والأعمدة الأساسية لبنية منظومة الأُمة الجديدة التي تمثل العمود الفقري لها ...
سيَما أن العرب كانوا عبارة عن قبائل مقاتلة لامساومة ولامهادنة عندها ومن السهولة أن يثوروا ويفتعلوا الحروب الدامية لأتفه الأموربحيث تفتك بعضها بعضاً فمابالك بإنبثاق دعوة ورسالة قَلَّبت الموازين العربية رأساً على عقب وخاصة ًكما ذكرت أن الآية سبقتها أحداث خيانة العهود والمواثيق المبرمة فكان لا بد أن يكون الخطاب قوياً وحازماً وشديداً لايقبل المساومة.
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
وكذلك الآيات تؤسس لقواعد وأوامر إلهية لكي تحقق المقصد الديني لذى فهي ملزمة ؟ لكن إن توفرت الأُمة وفق النسق القرآني بحيث تملك الأُمة زمام أمورها بنفسها لا أن تكون تحت إمرة أعداءها أو من إلتف حول السلطة وحكم بالقوة وفرض نفسه عليها وجعل من نفسه وجماعته وصياً وحاكماً شرعياً وولي أمرالأُمة كما حدث في القرن الأول الهجري إبّان الحكم العاضد ؟وتكرر الأحداث في أزمنة متعددة لنوايا مشبوهة ؟......
فلامعنى لكلام المغالين والمنحرفين في الدين الذين برَّروا أن هذه الآية نسخت عشرات الآيات التي تدعو الى التسامح وعدم الإعتداء !!!لتمرير عنجهيتهم فلا ناسخ ولامنسوخ في آيات محكمات وقضية النسخ من الآفات التي أبتليت بها الأُمة ويجب دحضها في كل حين ....
* * * * * * * * * * * * * * * * * *
نأتي الآن الى الآية [29] من سورة التوبة وهي التي تأمر بقتال الكفار من أهل الكتاب في قوله تعالى (قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)
قالوا هذه آية واضحة في قتال هؤلاء لمجرد كُفرهم ، لمجرد شركهم وفي الحقيقة أنه لا دليل لهم في هذه الآية ،
لماذا ؟
لأن هذه الآية تجعل غاية قتال هؤلاء المذكورة فيها ليس دخولهم الاسلام ، وإنما إعطاء الجزية فان رضوا أن يعطوا الجزية عن يدً وهم صاغرون كففنا عنهم ، إذاً هذا واضح جداً أنهم لا يقُاتلون لكتابيتهم أو لكفرهم ، لأنه لو وجب أن نُقاتلهم لمجرد أنهم أهل كتاب أو لأنهم كفرة لكان ينبغي أن نجعل غاية هذا القتال دخولهم في الاسلام ، لابد أن يدخلوا في الاسلام ، فإن لم يدخلوا الإسلام فما فائدة هذا القتال ؟![ طبعاً هذا حسب تفكير المدَّعي]
لذلك نقول كلامهم باطل إنما هو كما قلنا سابقاً أنهم قاتلوا الذين نقضوا العهود وأرادوا الإنقضاض على الأُمة الوليدة فكان الأمر كما قلنا حازماً وشديداً
لكن لماذا كان الغاية إعطاءهم الجزية وهم صاغرون ؟
السبب هو- كما ذكرنا من قبل - لسبق العدوان من هؤلاء فلوعدنا الى كتب السيرة والتاريخ لعلمنا أن هذه الآية نزلت على خلفية سياسية وعسكرية طويلة ومعقدة ومركبة سنشرح بعضها :
1- في سنة (6هـ)النبي غضب جداً بما حل برجل كان عاملاً للرومان أي البيزنطينين في مدينة معان- في الاردن الآن- أسمه فروة ابن عمر الجُذامي ، هذا الرجل أسلم , فلما علم الروم بذالك استشاظوا غضبا فالقوا القبض عليه ، فتنوه لكي يثنوه عن دينه الجديد فلم يرتضي أن يعود عن الاسلام فصلبوه على ماءٍ في فلسطين يُدعى عفراء ، صلبوه ثم اصدر هرقل أمرهُ بقتل كل من أسلم من أهل الشام ؟؟
مما أغضب النبي وأحزنه جداً ، إذاً لا يٌقال أن الروم او البيزنطينين او كفرة أهل الكتاب المذكورين في الاية لم يبدأوا بالعدوان
2- في السنة (7هـ) النبي يُرسل رجلاً رسولاً الى ملك غسان ، وغسان كانوا في بلاد الشام وكانوا حُلفاء لبيزنطة وكانوا قبائل نصرانية كبيرة من أكبر القبائل العربية وكانوا حُلفاء الروم البيزنطينيين بل كانوا عُمالاً لهم ، فالنبي يُرسل (الحارث ابن عُميرالاسدي) رسولاً ومعه الهدايا الى غسان فيعرضون له فيقتلونه ، قتلوه ظلماً وعدواناً ثم يُهددون بالزحف ؟، فعبئوا جيشا كبيراً وهدّدوا بالزحف على مدينة رسول الله ، يريدون أن يجتثوا الاسلام من جذوره وان يقضوا عليه في دولته ، فما كان من النبي عليه الصلاة والسلام إلاّ أن عَباْ بدوره جيشاً كبيراً، فما كان من هؤلاء الغساسنة وحلفائهم من الروم الا ان اجتمعوا وتألبوا لهزيمة الجيش المسلم هزيمةً كبيرة في معركة مؤتة واستُشهد فعلاً القادة الثلاثة المعروفين ونجا الجيش بفضل حنكة القائد خالد بن الوليد المدرب والماهر جداً ، فأنسحب بالجيش وإلا لربما أوتي عليه من عند آخره.
3- في السنة (8هـ) النبي يرسل جماعة صغيرة قوامها خمسة عشر رجلاً الى الحدود الشرقية للاردن لتبليغ رسالة لله وتبليغ الناس بالاسلام هناك واستطلاع الأحوال ، فيسطوا بهم جماعة من النصارى أو الروم البيزنطينيين فيقتلونهم أيضاًولم يلوذ بالفرار منهم الا واحداً فقط.
ملاحظة /
إن المعارك التي وقعت بين المسلمين وبين النصارى في زمن النبي هي ثمان مواقع او مواجهات عسكرية ، منها دومة الجندل وذات السلاسل ومنها مؤتة وآخرها تبوك أو العُسرة في السنة التاسعة في رجب ، وطبعا سورة التوبة تؤرخ وبطريقة دقيقة احياناً جدا لبعض مراحل هذه الغزوة الشهيرة غزوة العُسرة او غزوة تبوك.
– طبعا هي لم تقع–
4- وفي السنة (9هـ)بلغ النبي أن الروم يحتشدون وأنهم جمعوا جيشا قوامه أربعون الف مقاتل وأرادوا ان يسيروا الى مدينة النبي، وبلغه أنهم وصلوا الى البلقاء فما كان من النبي أن عبأ جيشا قوامه ثلاثون الف مقاتل منهم عشرة الآف فارس.حيث كانوا يحتملون غزواً مفاجئاً للغساسنة في كل لحظة ؟
بل ينقل لنا السِيَرْ كيف كانوا متخوفين من هجومهم المحتمل في اي لحظة...!
ومن هنا يتبين لنا مفهوم الآية الآنفة ذكرها حيث ان تؤكد على أن تكون الأمة الوليدة حذرة ويقظة وأن تجعل المعتدي تحت سيطرة يدها ترغمها بعد معركة وإعتداء على أرغامها بغرامة حربية إجبارية يدفعونها وهذا الدفع الإجباري هو معنى إستصغاري لهم أي يؤدونها على إنكسار لا عن علو كونهم مجبرون عنوة ً على دفع هذه الغرامة التي تعرف بـ ( الجزيـــة )جزاءً لما إقترفوه من إعتداء !طبعاً والجزيــة تكون على المحارب فقط كغرامة حربية دون غيره من أهل الكتاب الذين لم يشاركوا في الإعتداء – طبعاً هذا أيضاً متعاهد في القوانين والأعراف الدولية الحالية – وكانت هذه المفاهيم ثورة على مفاهيم الحروب العقائدية التي كانت حلولهم هو الإبادة والتطهير العرقي فقط ؟؟
وبالطبع فهذا الدفع والغرامة يكون مقابل تكاليف القتال الباهضة ومقابل إنهاء القتال فقط مع إحتفاظهم بدينهم وضمان كل حقوقهم ...
أي لايكون مقابل تركه لدينه فالانسان أعطى الحرية في الإختيار فلا إكراه في الدين ولذلك لم يدفع القبائل اليهودية الموجودة في المدينة الجزية بل كانوا يعيشون معهم وفق ميثاق ودستور المدينة المعروف بعدم الإخلال به من الجانبين ..
وأن ماتبعه من استخدام مصطلح الجزية في القرون اللاحقة فيما بعد كان الأجدر تغير هذا الإسم كون المصطلح قرآني يشمل المقاتلين من أهل الكتاب والذين يماثلونهم في الإعتداء أما المسالمين في المجتمع غير المنتمين للإسلام كان الأجدر تغير هذا المصطلح الى مصطلح آخر والتي كانت تعني ضريبة مقابل الدفاع عنه وضمان حياته الإجتماعية وليس جزاءً لِفعْلة لم يفعلوها سوى أنه لم يدخلوا الإسلام وهو ماكان له كامل الحرية في عدم الإعتناق ضمن منظومة تكفل له حرية الإعتقاد لكن عليه الإدراك أنه يعيش في مجتمع يلزم كافة أفراده بدفع ضريبة على شكل زكاة للمسلمين وضريبة لغير المسلمين وقد أخطئوا حين برَّروا أن من معاني الجزية هي المنحة المجزية له ؟ أي يجزيهم ويكافئهم بإبقاءهم على قيدالحياة وعدم كراهيتهم على إعتناق الإسلام ! كون الكلمة القرآنية [ جزاءً ] جاءت في سياق الآية بمعنى أنهم غُرِموا بسبب جُرم أقترفوه وهو ما تؤكده آية قطع اليد عندما أمر المولى عزوجل أنه
( جَزَاءً بما كَسَبا نكالاًمن الله )!! [ سورة المائدة 38] ... وقد يعطي معنى المنحة والمثوبة حسب التعبير القرآني كما في قوله تعالى (فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ)[ المائدة 85]
وسياقات آية الجزية المذكورة في القرآن تعطي معنى الغرامة الحربية فقط وفي حالة الحرب فالآية المذكورة (حتى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ)تفيد ان القتال مستمر وهو واضح في كلمة ( حتى ) ولن يتوقف إلا بعد إعطاء الجزية وهم صاغرون ولايمكن ربطها بالضرائب التي سميت باسم الجزية في مابعد في العصور اللاحقة.....
المهم هذا المصطلح كان مفهوماً تعني بصورة عامة مجرد ضريبة يدفعها غير المسلمين والذي كان يساوي الزكاة أو أقل بكثير منه يدفعه القادرين فقط وهو ماموجود في كل القوانين والمنظومات العصرية الحاكمة ......
كما ونؤكد أن هذه الآية لايمكن مطلقاً ربطها بدخولهم الإسلام لأن الآيات التالية حسمت موقف القرآن من حرية الإعتناق:
( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) الكهف 29
( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) يونس 99
(وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ) يونس 100
(لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)البقرة 256
أما أهل الكتاب من غير المقاتلين الذين لم يشتركوا في القتال ولم يخرجوا المسلمين من ديارهم ولم يظاهروا على إخراجهم، فعلى المسلمين أن يقوموا بِبرهم وأن يُقسطوا إليهم امتثالاً لقول الله تعالى:
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) ألمآئدة 8
وكذلك في قوله تعالى :
( لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [ألممتحنة 8]
وهذه الآية نازلة في عموم المشركين والكافرين فمن باب أولى أن الله تبارك وتعالى لا ينهانا أن نبر ونقسط الى أهل الكتاب إذ هم أقرب الى المسلمين من هؤلاء المشركين فكيف يُقال ان الآية [ 29 ] من سورة التوبة تأمر بقتال كل كتابي أمر مطلق من كل قيد او شرط هذا غير صحيح فهو }عموم يفيد الحصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق