الاثنين، 10 أبريل 2023

هل كانت النّقود كانت موجودة حقيقةً على عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟!

 نعم، النّقود كانت موجودة حقيقةً على عهد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، لكن هل كانت تستعمل على نطاق واسع؟ وهل كانت موجودة في كلّ بيت أو في غالب البيوت على الأقلّ كما هي الحال مع الأقوات التي أمر أن تُخرج منها زكاة الفطر؟






النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عندما بُعث بالحقّ، كان العرب يتعاملون بالدّينار البيزنطيّ والدّرهم السّاسانيّ، إضافة إلى الفلس البيزنطيّ الذي كان نادرا وقليلا، وكانت الدنانير البيزنطية تحمل رسوما لأباطرة الروم إضافة إلى بعض الرموز المرتبطة بمعتقداتهم، وكذلك كانت الدراهم الساسانية تحمل صور ملوك الفرس كما تحمل نقشا للنّار المقدّسة يحرسها جنديان، وظلّ التعامل بهذه الدّنانير والدّراهم طيلة الفترة النبوية، في أحوال قليلة كعملات، وفي أكثر الأحوال كمقادير من الذّهب والفضّة تكتنز.. صحيح أنّها كانت تستعمل في البيع والشّراء، لكنّ ذلك كان ضمن نطاق ضيّق؛ فكثير من المعاملات اليومية البسيطة كانت تتمّ بالمقايضة، سلعة مقابل سلعة، لأنّ هذه النّقود لم تكن في كلّ البيوت ولا متيسّرة لكلّ الأيدي، لذلك كان التركيز في الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر على ما كان متيسّرا لكلّ مسلم، لأنّ هذه الزّكاة يخاطب بها كلّ مسلم يملك ما يزيد على طعامه ليلة ويوم العيد، وأكثر من يُعنون بإخراجها لا يملكون دنانير الذّهب ولا دراهم الفضّة.
هكذا ظلّ الأمر في العهد النبويّ، وفي خلافة أبي بكر الصدّيق، وحتى في خلافة عمر بن الخطّاب قيل أنّه زاد على الدّينار البيزنطي والدّرهم السّاسانيّ بعض العبارات الإسلاميّة، لكنّ هذا لم يصحّ عند المحقّقين، وظلّ الأمر كذلك على عهد عثمان وعليّ وصدرِ الخلافة الأموية، إلى أن قرّر الخليفة الأمويّ عبد الملك بن مروان في العام 76هـ صكّ عملة خاصّة بالمسلمين بعد مشكلة القراطيس المشهورة مع الإمبراطور البيزنطيّ جستنيان الثّاني.
ليست تهمّنا ماهية النقود التي كانت على عهد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بقدر ما يهمّنا أنّها لم تكن موجودة في كلّ البيوت ولا متيسّرة لكلّ الأيدي ولا يجري استعمالها في كلّ المعاملات، بخلاف الطّعام الذي كان موجودا ومتوفّرا في أغلب البيوت، فلا يعقل أن يأمر النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- بإخراج النّقود –العزيزة- مع الأصناف الأخرى المتوفّرة، فيحتاج من يريد إخراجها إلى بيع الطّعام لتحصيلها، وهي المفارقة التي يقع فيها من يختار إخراج الطّعام في زماننا هذا، حيث يحتاج إلى حمل النّقود ليشتري بها طعاما يعطيه الفقراء، ليظلّ الفقراء في حاجة إلى سلع وأشياء أخرى ليست مشمولة بالأصناف التي تخرج منها الزّكاة، لينضج طعامه، فلو سلّمنا جدلا أنّ الفقير يحتاج إلى الطّعام فقط لترتفع عنه مذلّة الحاجة؛ فهو سيكون في حاجة إلى شراء الزّيت والطّماطم لطبخ طعامه، وفي حاجة إلى النّقود لدفع فاتورة الغاز الذي لا بدّ منه لطهو الطّعام، بينما كان الفقير في زمن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لا يحتاج إلى كلّ هذا؛ إنّما كان يكفيه أن يطحن القمح ويصنع به خبيصا لذيذا مع بعض السّمن المتوفّر في أغلب البيوت على نار لا يكلّفه إيقادها دينارا ولا درهما.

هناك تعليق واحد: