سيّد قطب ووحدة الوجود !
من المضحكات المبكيات : إتّهام الشهيد [1]
سيّد قطب ، رحمه الله تعالى ، بأنه يؤمن ويقول بوحدة الوجود ! !
وحدة الوجود
قبل بيان كذب تلك الفرية ، ينبغي أن نعلم ما معنى وحدة
الوجود ؟ :
مصطلح وحدة الوجود ، يعني أنه ليس هناك
موجود إلا الله ، فليس غيره في الكون ، وما هذه الظواهر التي نراها إلا مظاهر لحقيقة
واحدة ، هي الحقيقة الإلهية (تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً) ،
هذه الحقيقة التي تنوعت وجوداتها ،
ومظاهرها في هذا الكون المشاهد ، وليس هذا الكون - في هذه العقيدة الباطلة - إلا الله
في زعمهم ، تعالى الله عن ذلك .
يعني : ليس هناك موجودان متغايران
، بل هناك فقط وجود الله ، وأما الموجودات الأخرى غير الله تعالى ، فهي صور لله
سبحانه ، فكلّ شيء هو الله تعالى لا غير !
فهل الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله تعالى ، يؤمن ، ويقول
بذلك ؟
وأوّل مَن اتّهم الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله ، بالقول
بوحدة الوجود – حسب علمي – وأولّ مَن سنّ هذه السنة السيئة ، التي عليه وزرها ،
ووزر مَن عمل بها إلى يوم القيامة ، هو : الشيخ الألباني .
فالشيخ الألباني – عفا الله عنه – قد فضح نفسه على رؤوس
الاشهاد ، بهذا الفهم الساذج له لظلال القرآن الكريم ؛ الذي كتبه الشهيد سيّد قطب
، رحمه الله تعالى ، في تفسير القرآن الكريم .
فنشر الشيخ الألباني – بهذا النقد – درجة مستوى فهمه
للكلام ، ومن ثم مستواه في فهم الإسلام !
وأنا – والله – في بداية معرفتي بالشيخ الألباني – عن
طريق الكتب والأشرطة – ما كنت أعرفه جيّداً ، وربّما كنت متأثراً به بعض الشيء .
حتـى أذكر أنـي إستمعت له في شريط ، ففي أثناء كلامه كان
يستدل بأحاديث للنبيّ r ، فكنت – في داخل نفسي ، من غير أن أظهر ذلك – أتعجّب من هذا
الكلام ، وهذا الإستدلال ، بهذا المستوى المنخفض ، وهو مشهور على مستوى العالم
الإسلامي !
كان فهمه ساذجاً ، لا يليق بشهرته ، حتى عرفته – بعد ذلك
– تمام المعرفة ؛ عن طريق كتبه وأشرطته ، وأتباعه كذلك !
فهل عوقِب بسبب اتّهامه للشهيد سيّد قطب ، رحمه الله ،
بتلك الفرية ، مصداقاً لقوله تعالى ، في الحديث القدسي : ( مَن عادى لي ولياّ فقد
آذنته بالحرب ) [2]
؟
قرأ الألباني بعضاً من كلام العملاق سيّد قطب في تفسير
سورة الحديد ، وتفسير سورة الإخلاص ، وفهمه – بفهمه الساذج ، الذي لم يرتق ، إلى
مستوى سيّد ، السامق الرفيع – ثم خرج على الناس بعد ذلك – عن طريق مقابلة له ، في
مجلة المجتمع الكويتية – فاتّهم الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله تعالى ، بتلك الفرية
العظمى ! !
والله تعالى ، يأمر المؤمنين ، فيقول :
( فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا
بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ) .
وجاء في قراءة سبعيّة : { فتثبتوا }
وهذه القراءة تزيد الأمر وضوحاً ، فهي تأمر عموم المؤمنين – والشيخ الألباني ؛
محدّث الديار الشامية ، خصوصاً – أن يتبيّن من قراءته وفهمه ، قبل تفوهه بتلك
العظيمة !
ولاسيما الأستاذ الكبير ، والمفكّر الجليل : الشيخ محمد
قطب ، رحمه الله تعالى ، أخو الشهيد سيّد قطب ، كان في وقته يعيش في المملكة
العربية السعودية ، وهي ليست بعيدة عن دولة الكويت ، التي فاه الألباني فيها بتلك
التهمة .
فكان في استطاعة الشيخ الألباني قبل ذلك ، أن يسافر إلى
السعودية [3]
فيلتقي بالأستاذ الكبير محمد قطب ، فيسأله عن ذلك الموضوع ، لعلّه هو قد فهم خطأ ،
فيشرح له الأستاذ محمد قطب الموضوع ، ويوضح له خطأه في الفهم ، قبل أن يفضح الشيخ
الألباني نفسه على رؤوس الأشهاد !
قمة التوحيد
وأنا – بداية – سأنقل بعض ما قاله الشهيد سيّد قطب ،
رحمه الله تعالى ، في تفسيره لسورة الحديد ، وسورة الإخلاص – الذي لم يفهمه
الألباني – والذي – كما سيتضح – هو كلام يبيّن قمة التوحيد ، ويسكب في الروح ،
معاني وحدانية الله تعالى .
وهو كلام – لا ريب – يختلف عمّا يردّده الشيخ الألباني
والفوزان وأمثالهما ، في العقيدة ، من كلمـات هـي أشبه بعلم الكلام ؛ حيث يتحدّثون
عن مكان الله تعالى ، وأصابعه ، ورجله ، وقدمه التي يجعلها في النار ، وردائه
الحقيقي ، ونزوله بذاته ، واستقراره على العرش ، و و و إلخ ، ثم يقولون : . . .
بما يليق بجلاله [4] .
قال الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله تعالى ، في تفسيره
لسورة الحديد :
[ الأول فليس قبله شيء . والآخر فليس بعده شيء . والظاهر فليس
فوقه شيء . والباطن فليس دونه شيء .
الأول والآخر مستغرقا كل حقيقة الزمان
، والظاهر والباطن مستغرقا كل حقيقة المكان . وهما مطلقتان .
ويتلفت القلب البشري فلا يجد كينونة
لشيء إلا لله . وهذه كل مقومات الكينونة ثابتة له دون سواه . حتى وجود هذا القلب ذاته
لا يتحقق إلا مستمدا من وجود الله .
فهذا الوجود الإلهي هو الوجود الحقيقي
الذي يستمد منه كل شيء وجوده . وهذه الحقيقة هي الحقيقة الأولى التي يستمد منها كل
شيء حقيقته . وليس وراءها حقيقة ذاتية ولا وجود ذاتي لشيء في هذا الوجود . .
وهو بكل شيء عليم .. علم الحقيقة الكاملة
. فحقيقة كل شيء مستمدة من الحقيقة الإلهية وصادرة عنها . فهي مستغرقة إذن بعلم الله
اللدني بها. العلم الذي لا يشاركه أحد في نوعه وصفته وطريقته . مهما علم المخلوقون
عن ظواهر الأشياء !
فإذا استقرت هذه الحقيقة الكبرى في
قلب ، فما احتفاله بشيء في هذا الكون غير الله سبحانه ؟
وكل شيء لا حقيقة له ولا وجود - حتى
ذلك القلب ذاته - إلا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى ؟
وكل شيء وهم ذاهب ، حيث لا يكون ولا
يبقى إلا الله ، المتفرد بكل مقومات الكينونة والبقاء ؟
وإن استقرار هذه الحقيقة في قلب ليحيله
قطعة من هذه الحقيقة .
فأما قبل أن يصل إلى هذا الاستقرار ، فإن هذه الآية
القرآنية حسبه ليعيش في تدبرها وتصور مدلولها ، ومحاولة الوصول إلى هذا المدلول الواحد
وكفى !
لقد أخذ المتصوفة بهذه الحقيقة الأساسية
الكبرى ، وهاموا بها وفيها ، وسلكوا إليها مسالك شتى ،
بعضهم قال إنه يرى الله في كل شيء في
الوجود .
وبعضهم قال : إنه رأى الله من وراء
كل شيء في الوجود .
وبعضهم قال : إنه رأى الله فلم ير شيئا
غيره في الوجود . .
وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة إذا تجاوزنا
عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال ] [5]
.
قبل أن ننقل من تفسير سورة الإخلاص ، نودّ أن نقف قليلاً
– على استحياء – أمام هذا الأدب الرفيع ، والكلمات السامقة ؛ التي سطّرها يراعة
الشهيد ، رحمه الله .
نقرأها لنرَ هل نجد ما قاله الشيخ الألباني ؟
بداية قال ،
رحمه الله :
[ ويتلفت القلب
البشري فلا يجد كينونة لشيء إلا لله . وهذه كل مقومات الكينونة ثابتة له دون سواه .
حتى وجود هذا القلب ذاته لا يتحقق إلا مستمدا من وجود الله ] .
أ – أول ما نفهم من هذا الكلام : أنه يتحدّث عن تأملات
القلب ، وتدبراته :
والقلب هو موضع التفكر والتأمل :
يقول الله تعالى : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ
قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى
الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ) [6]
.
ويقول تعالى : (
وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا
مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ
أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) [7]
.
فإنّه ، رحمه الله تعالى ، يتحدّت عن تأملات القلب ، ولا
يتحدث عن رؤية العين !
ب – وقد استخدم ، رحمه الله ، كلمة ( مقومات الكينونة )
.
والمقومات : ما يقوم به الشيء ، ويعتمد عليه ، في قيامه
ووجوده وفاعليته .
وهذه المقومات ليست إلّا لله تعالى وحده ، فهو – سبحانه –
لم يستمد وجوده من أحد ، ولا يعتمد على أحد ، لا في وجوده ، ولا في بقائه ، سبحانه
وتعالى .
وكل الوجود والمخلوقات – غيره – سبحانه ، تستمد وجودها
من الله تعالى ، حتى هذا القلب الذي يتدبر، ويتأمل في هذه الامور !
ج – قال ، رحمه الله تعالى :
[ فهذا الوجود
الإلهي هو الوجود الحقيقي الذي يستمد منه كل شيء وجوده . وهذه الحقيقة هي الحقيقة الأولى
التي يستمد منها كل شيء حقيقته . وليس وراءها حقيقة ذاتية ولا وجود ذاتي لشيء في هذا
الوجود ] .
قال ، رحمه الله تعالى : وجود الله تعالى – فقط – هو
الوجود الحقيقي ، الذي لم يلد ، ولم يستمد وجوده ، تعالى ، من غيره ، ولا يعتمد
على غيره ، ولم يخلقه أحد ، لأنه غير مخلوق أصلاً ، وليس هناك أي مخلوق في الوجود
بهذه الصفة !
فكل المخلوقات :
أصل وجودها من الله وحده ، تعالى ، فالله تعالى ، وحده هو خلقها ، وأعطاها الوجود
، ولولا ذلك لما وجدت ، ولاتوجد ، ولا تبقى !
فوجود الله تعالى وجود ذاتي ، أي : وجوده وبقاؤه من ذاته
تعالى ، وليس من غيره .
أما غيره تعالى ، فليس هناك في الوجود أحد ، أو أي شيء ،
وجوده ذاتي !
د – وقال ، رحمه الله تعالى :
[ وهو بكل شيء
عليم .. علم الحقيقة الكاملة . فحقيقة كل شيء مستمدة من الحقيقة الإلهية وصادرة عنها
. فهي مستغرقة إذن بعلم الله اللدني بها. العلم الذي لا يشاركه أحد في نوعه وصفته وطريقته
. مهما علم المخلوقون عن ظواهر الأشياء ] .
يعني : إنّ الله تعالى ، وحده – لا غيره – عنده العلم
الحقيقي ، لا يشاركه في هذا العلم أحد في العالمين ؛ لا في نوع العلم ، ولا في صفة
هذا العلم ، ولا في طريقة هذا العلم !
وعِلم غيره – كائناً مَن يكون – مستمد ، ومأخوذ من علم
الله ، تعالى ، فهو ، سبحانه ، قد أعطاهم ذلك العلم ، ولولا ذلك لغرقوا في الجهل
المطبق .
( وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ
إِلَّا بِمَا شَاءَ ) [8]
.
هـ - [ فإذا استقرت
هذه الحقيقة الكبرى في قلب ، فما احتفاله بشيء في هذا الكون غير الله سبحانه ؟
وكل شيء لا حقيقة له ولا وجود - حتى
ذلك القلب ذاته - إلا ما يستمده من تلك الحقيقة الكبرى ؟
وكل شيء وهم ذاهب ، حيث لا يكون ولا
يبقى إلا الله ، المتفرد بكل مقومات الكينونة والبقاء ؟
وإن استقرار هذه الحقيقة في قلب ليحيله
قطعة من هذه الحقيقة
] .
يعني : إذا استقر هذه الحقيقة ؛ أنه لا وجود حقيقية إلا
لله وحده ، تعالى ، فهو سبحانه وجوده ذاتـي ؛ من ذات نفسه ، لا يعتمد علـى أحد ،
وكلّ المخلوقات غيره ، تعالى ، يستمدون وجودهم من الله تعالى ، فكلّ ذرة من وجودهم
من الله تعالى ، وبيد الله تعالى .
إذا استقرت هذه الحقيقة في قلبٍ ، فصاحب القلب هذا ، من
أي شيء يخاف – بعد ذلك – ويرهب ويرجو مَن بعد ذلك غير الله ، تعالى ؟ !
و – قال الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله :
[ لقد أخذ المتصوفة
بهذه الحقيقة الأساسية الكبرى ، وهاموا بها وفيها ، وسلكوا إليها مسالك شتى ،
بعضهم قال إنه يرى الله في كل شيء في
الوجود .
وبعضهم قال : إنه رأى الله من وراء
كل شيء في الوجود .
وبعضهم قال : إنه رأى الله فلم ير شيئا
غيره في الوجود . .
وكلها أقوال تشير إلى الحقيقة إذا تجاوزنا
عن ظاهر الألفاظ القاصرة في هذا المجال ] .
لقد داخ بعض المتصوفين ، وتحيّر ، وتخبّط ، واضطرب في
تحمّل هذه الحقيقة .
فأحد معاني الإله ، هو : ما يحيّر العقول .
فرؤية أي شيء وتأمله وتدبّره ، يذكّر المسلم بعظيم قدرة
الله تعالى ، إذ خلق هذا الشيء بكن فيكون ، ويرزقه ويحفظه وعالم به .
فبعض المتصوفين عنـد رؤيتهم للأشـياء – يرون الخالق العظيم – في هذا الشيء – ويرون
إرادته وقدرته تعالى !
( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى . وَالَّذِي
قَدَّرَ فَهَدَى
) [9]
.
فإذا أراد أن يعبّر عن ما يشعر به ، وما تلهمه هذه
التأملات ، فقد يخطأ في التعبير ، فقد يكون ثقل هذه الحقيقة عليهم فوق طاقتهم ،
وإن كانوا – جميعهم – يدندنون حولها !
رؤية الله في الأشياء
لقد أسلم بعض علماء الغرب ، بمجرد رؤيتهم ، ودقة تأملاهم
، في بعض مخلوقات الله تعالى ، وبعض القوانين والسنن التي خلقها الله تعالى ،
وبثها في الكون .
وهذه بعض الأمثلة ؛ تبيّن كيفية رؤية الله تعالى ، في
مخلوقاته .
قال الدكتور مصطفى محمود ، رحمه الله :
[ إنّ القطة العجماء . .
تتبرز ثم لا تنصرف . . حتى تغطي برازها
بالتراب
هل تعرف تلك القطة . . معنى القبح والجمال
؟ !
وهي تسرق قطعة السمك من مائدة سيدها
، وعينها تبرق بإحساس الخطيئة فإذا لمحها تراجعت . . فإذا ضربها طأطأت رأسها في خجل
واعتراف بالذنب . .
هل تفهم القانون ؟ ؟ ! !
هل علمها أحد الوصايا العشر ؟ ؟ ! !
والجمل الذي لا يضاجع أنثاه إلا في
خفاء وستر . . بعيداً عن العيون . . فإذا أطلّت عين لترى ما يفعله امتنع وتوقف ! ونكّس
رأسه إلى الأرض . .
هل يعرف الحياء .. ؟!
وخلية النحل التي تحارب لآخر نحلة
. . وتموت لآخر فرد في حربها مع الزنابير . .
من علّمها الشجاعة والفداء . . ؟
ومن علّم تلك الحشرات الحكمة والعلم
والطب والأخلاق والسياسة ؟ ؟
لماذا لا نصدق حينما نقرأ في القرآن
أنّ الله هو المعلم ؟؟
ومن أين جـاءت تـلك المخلوقـات العجمـاء
بعلمهـا ودستورها إن لم يكن من خالقها ؟؟
وما هي الغريزة . . ؟
أليست هي كلمة أخرى للعلم المغروس منذ
الميلاد ؟ ؟
العلم الذي غرسه الخالق ؟ ؟
{ وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من
الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون }
ولماذا ندهش حينما نقرأ أن الحيوانات أمم أمثالنا ستحشر يوم القيامة ؟ ؟
{ وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير
بجناحيه إلا أمم أمثالكم
ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم
يحشرون }
{ وإذا الوحوش حشرت } ] [10]
.
إذن عندما ينظر الإنسان – صاحب القلب الواعي والحساس –
إلى أيّ شيء في الوجود ، فسيرى الله تعالى ، في عظمته وقدرته ، عند خلقه لهذا
الشيء !
وإن الله تعالى قد أمرنا بالتفكّر والتدبّر ، في
مخلوقاته ، لماذا ؟
حتى نعلم عظمته وقدرته ، عن طريق تلك المخلوقات العجيبة
، المحيّرة للعقول !
وهذا ما فعله البعض – المعروفين بالمتصوفة – فأدهشهم
التفكير والتدبر ، في تلك المخلوقات ، وأسكرهم !
( قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ
وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ ) [11] .
( اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ
بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ
الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ . وَهُوَ الَّذِي مَدَّ
الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ
جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي
ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ . وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ
وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ
يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) [12]
.
( خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ
بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ
فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ . وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ
وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ . وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ
وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ
أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ
إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ . وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ
لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ . وَعَلَى اللَّهِ
قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ . هُوَ
الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ
فِيهِ تُسِيمُونَ . يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ
وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ . وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ
وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ
لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ . وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ . وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ
الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً
تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ . وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا
وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ . وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ
. أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ) [13]
.
فالذي يتأمل ويتدبّر هذه الآيات المباركة ، حق التأمل
والتدبّر ، سيأخذه الدهش والحيرة – حتماً – من عجايب مخلوقات الله تعالى .
وبالتالي سيتعرّف على بعض صفات الله تعالى ، من عظيم
علمه ، وقدرته ، وعظمته ، وإرادته .
فيرى قدرة الله تعالى ، وعظمته ، وعلمه سبحانه ، في هذا
المخلوق أمامه .
ليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده
وقال رحمه الله تعالى ، في تفسيره لسورة الإخلاص :
[ " قل هو الله أحد " . . وهو لفظ أدق من لفظ
" واحد ".. لأنه يضيف إلى معنى " واحد " أن لا شيء غيره معه .
وأن ليس كمثله شيء .
إنها أحدية الوجود . . فليس هناك حقيقة
إلا حقيقته . وليس هناك وجود حقيقي إلا وجوده .
وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من
ذلك الوجود الحقيقي ، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية .
وهي - من ثم - أحدية الفاعلية . فليس
سواه فاعلا لشيء ، أو فاعلا في شيء ، في هذا الوجود أصلا .
وهذه عقيدة في الضمير وتفسير للوجود
أيضا . .
فإذا استقر هذا التفسير ، ووضح هذا
التصور ، خلص القلب من كل غاشية ومن كل شائبة ، ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة
المتفردة بحقيقة الوجود وحقيقة الفاعلية
خلص من التعلق بشيء من أشياء هذا الوجود
- إن لم يخلص من الشعور بوجود شيء من الأشياء أصلا ! –
فلا حقيقة لوجود إلا ذلك الوجود الإلهي
. ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعلية الإرادة الإلهية . فعلام يتعلق القلب بما لا حقيقة
لوجوده ولا لفاعليته !
وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة
الواحدة ، ومن التعلق بغير هذه الحقيقة . .
فعندئذ يتحرر من جميع القيود ، وينطلق
من كل الأوهاق . يتحرر من الرغبة وهي أصل قيود كثيرة ، ويتحرر من الرهبة وهي أصل قيود
كثيرة .
وفيم يرغب وهو لا يفقد شيئا متى وجد
الله ؟ ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله ؟
ومتى استقر هذا التصور الذي لا يرى
في الوجود إلا حقيقة الله ، فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها -
وهذه درجة يرى فيها القلب يد الله في كل شيء يراه .
ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئا
في الكون إلا الله . لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله .
كذلك سيصحبه نفي فاعلية الأسباب . ورد
كل شيء وكل حدث وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت ، وبه تأثرت . .
وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية
كبيرة بتقريرها في التصور الإيماني . ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائما ويصل الأمور
مباشرة بمشيئة الله : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى . .
وما النصر إلا من عند الله . . وما
تشاءون إلا أن يشاء الله . . وغيرها كثير . .
وبتنحية الأسباب الظاهرة كلها ، ورد
الأمر إلى مشيئة الله وحدها ، تنسكب في القلب الطمأنينة ،
ويعرف المتجه الوحيد الذي يطلب عنده
ما يرغب ، ويتقي عنده ما يرهب ، ويسكن تجاه الفواعل والمؤثرات والأسباب الظاهرة التي
لا حقيقة لها ولا وجود !
وهذه هي مدارج الطريق التي حاولها المتصوفة
، فجذبتهم إلى بعيد !
ذلك أن الإسلام يريد من الناس أن يسلكوا
الطريق إلى هذه الحقيقة وهم يكابدون الحياة الواقعية بكل خصائصها ، ويزاولون الحياة
البشرية ، والخلافة الأرضية بكل مقوماتها ، شاعرين مع هذا أن لا حقيقة إلا الله . وأن
لا وجود إلا وجوده . وأن لا فاعلية إلا فاعليته . . ولا يريد طريقا غير هذا الطريق
! ] [14]
.
قال ، رحمه الله :
[ إنها أحدية الوجود . . فليس هناك حقيقة إلا حقيقته . وليس
هناك وجود حقيقي إلا وجوده .
وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده من
ذلك الوجود الحقيقي ، ويستمد حقيقته من تلك الحقيقة الذاتية .
وهي - من ثم - أحدية الفاعلية . فليس
سواه فاعلا لشيء ، أو فاعلا في شيء ، في هذا الوجود أصلا .
وهذه عقيدة في الضمير وتفسير للوجود
أيضا ] .
أ – هذا الكلام هو نفسه ، في تفسيره لسورة الحديد :
ليس هناك وجود حقيقي ذاتي ، لم يلد ، ولم يُخلق ، ولم
يأخذ حياته من أحد ، ولا يعتمد على أحد ، في وجوده وبقائه ، غير الله تعالى .
وكل الموجودات تستمد وجودها من الله الواحد الأحد .
[ وكل موجود آخر فإنما يستمد وجوده
من ذلك الوجود الحقيقي ]
فهو يقول ، رحمه الله ، بموجود آخر غير الله تعالى ،
ولكن هذا الموجود يستمد وجوده من الله تعالى وحده !
والله هو وحده الفاعل لكلّ شيء ، وفي كلّ شيء ، ليست لأي
شيء آخر فاعلية حقيقية .
أليست النار تحرق ؟ هل للنار فاعلية حقيقية ، من دون
الله تعالى ؟
إذا كان كذلك ، فلماذا لم تحرق خليل الله إبراهيم ، عليه
السلام ؟ !
( قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا
عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) [15]
.
وقال ، رحمه الله تعالى :
[ فإذا استقر هذا التفسير ، ووضح هذا التصور ، خلص القلب من
كل غاشية ومن كل شائبة ، ومن كل تعلق بغير هذه الذات الواحدة المتفردة بحقيقة الوجود
وحقيقة الفاعلية
خلص من التعلق بشيء من أشياء هذا الوجود
- إن لم يخلص من الشعور بوجود شيء من الأشياء أصلا ! –
فلا حقيقة لوجود إلا ذلك الوجود الإلهي
. ولا حقيقة لفاعلية إلا فاعلية الإرادة الإلهية . فعلام يتعلق القلب بما لا حقيقة
لوجوده ولا لفاعليته !
وحين يخلص القلب من الشعور بغير الحقيقة
الواحدة ، ومن التعلق بغير هذه الحقيقة . .
فعندئذ يتحرر من جميع القيود ، وينطلق
من كل الأوهاق .
يتحرر من الرغبة وهي أصل قيود كثيرة
، ويتحرر من الرهبة وهي أصل قيود كثيرة .
وفيم يرغب وهو لا يفقد شيئا متى وجد
الله ؟ ومن ذا يرهب ولا وجود لفاعلية إلا لله
؟ ] .
ب – يعني : إذا استقر هذا التصور ، وهذا الإيمان ؛ بأن
لا وجود حقيقي إلا لله ، ولا فاعلية حقيقية في الوجود إلا لله ، عندئذٍ فلا يتعلق
صاحب هذا القلب بأحد غير الله تعالى ، ولا يخاف من غير الله تعالى ، فينطلق يعمل
في الحياة ولا يتوقف .
فالذي يوقف المسلم ، ويصبح عائقاً في طريقه ، هو : إما
خوفه من الناس ، أو طمعه في الناس يفيدوه بشيء .
فإذا علم أن لا فاعلية حقيقية فـي الحياة إلا لله ، ولا
يصيبه إلا مـا كتبه الله تعالى ، له ، فعلام – إذن – يخاف من غير الله ، ويطمع !
وقال ، رحمه الله تعالى :
[ ومتى استقر هذا التصور الذي لا يرى في الوجود إلا حقيقة الله
، فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها - وهذه درجة يرى فيها القلب
يد الله في كل شيء يراه .
ووراءها الدرجة التي لا يرى فيها شيئا
في الكون إلا الله . لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله .
كذلك سيصحبه نفي فاعلية الأسباب . ورد
كل شيء وكل حدث وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت ، وبه تأثرت . .
وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية
كبيرة بتقريرها في التصور الإيماني . ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائما ويصل الأمور
مباشرة بمشيئة الله : وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى . .
وما النصر إلا من عند الله . . وما
تشاءون إلا أن يشاء الله . . وغيرها كثير . .
وبتنحية الأسباب الظاهرة كلها ، ورد
الأمر إلى مشيئة الله وحدها ، تنسكب في القلب الطمأنينة ،
ويعرف المتجه الوحيد الذي يطلب عنده
ما يرغب ، ويتقي عنده ما يرهب ، ويسكن تجاه الفواعل والمؤثرات والأسباب الظاهرة التي
لا حقيقة لها ولا وجود ! ] .
ج – فإذا استقر هذا التصور والإيمان في القلب ؛ أن
لاوجود حقيقي إلّا لله ، فسوف يرى قدرة الله وعظمته ، في كلّ مخلوق يراه .
ويستصحب معه دائماً ، أنه لا فاعلية في الوجود إلا لله .
هذا التصور لا يرى ، وليست العين لا ترى !
وهذا ما أراده الله تعالى ، منّا ؛ أن نعتقد بهذه
الحقيقة – عقيدة جازمة – من خلال آيات القرآن الكريم .
حيث أن الله تعالى ، يبعد الأسباب الظاهرة – في هذه
الآيات المباركة – ويصل الأمور مباشرة بمشيئته تعالى ، كقوله تعالى : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ) ، وقوله
سبحانه : ( وما النصر إلا من عند الله ) ، ( وما تشاءون إلا أن يشاء الله ) .
وبهذه الطريقة ، وبهذه العقيدة ، سوف تنسكب الطمأنينة في
القلب ، ولا يتّجه – صاحب هذا القلب – إلا
إلى الله تعالى ، ولا يخاف إلا من الله تعالى . ويسكن تجاه غير الله تعالى ، فلا
يرجوهم ، ولا يخاف منهم . [ فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها ] . كل وجود آخر ، إنبثق عن حقيقة
الله ، فالله تعالى هو الخالق الوحيد !
وقال رحمه الله تعالى :
[ وهذه هي مدارج
الطريق التي حاولها المتصوفة ، فجذبتهم إلى بعيد !
ذلك أن الإسلام يريد من الناس أن يسلكوا الطريق إلى هذه الحقيقة
وهم يكابدون الحياة الواقعية بكل خصائصها ، ويزاولون الحياة البشرية ، والخلافة الأرضية
بكل مقوماتها ،
شاعرين مع هذا أن لا حقيقة إلا الله
. وأن لا وجود إلا وجوده . وأن لا فاعلية إلا فاعليته . . ولا يريد طريقا غير هذا الطريق ] .
فالله سبحانه ، قد خلق الإنسان ، وجعله خليفة في الأرض ،
وأراد منه مزاولة الخلافة ، مع هذه العقيدة السامية .
ولكن الصوفية لم يفهموا المسألة حق الفهم ، فجذبتهم إلى
بعيد ؛ في الفهم والعمل
هذا ما قاله الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله ، في تفسيره
لسورة الحديد ، وسورة الإخلاص .
الخلاصة
خلاصة ما قاله الشهيد :
أنّ الله تعالى ، وحده هو الموجود الحقيقي ، فليس هناك
واجب الوجود إلا واحد وهو الله تعالى ،
والله سبحانه ، لم يستمد وجوده من أحد ، فهو لم يلد ،
ولم يُخلق ، ولا يعتمد في وجوده وبقائه على أحد ، فوجوده ذاتي .
أما غيره من المخلوقات فليس لأحد منهم وجود حقيقي ؛ الذي
لا يستمد وجوده من أحد ، ولا يعتمد على أحد .
فجميعهم استمدوا وجودهم من الله تعالى ، فهو خلقهم ،
وأتى بهم إلى الوجود ، وبقاؤهم بيده تعالى ؛ متى أراد أفناهم .
وليس لأحد فاعلية حقيقية ؛ تؤثر في الأشياء ، في الوجود
، إلا لواحد ، أحد ؛ وهو الله تعالى ، لا شريك له .
فمتى استقر هذا الإيمان ، وهذه العقيدة في قلبٍ ، فسوف
يعيش صاحبه ، حياة طيّبة مطمئنة ، لا يخشى أحداً ، ولا يرجو أحداً إلا الله تعالى
.
هذه خلاصة ما قاله الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله تعالى ،
في تفسيره لسورة الحديد ، وسورة الإخلاص .
فأدعو خصومه – قبل أحبّاؤه – أن يقرأوه بتدبّر – ويعيد
النظر فيه ، ليتأكدوا بأنفسهم مدى الوهم والخطأ القاتل ؛ الذي وقع فيه الشيخ
الألباني ، في اتّهامه للشهيد والمفكّر الكبير سيّد قطب ، رحمه الله تعالى .
فما الذي أساء الشيخ الألباني من هذا التصور الراقي ،
والتوحيد ، والعقيدة الصافية ، التي بيّنها الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله تعالى ،
فأثار حفيظته ، واتّهم الشهيد بتلك الموبقة ، الذي فضحه على رؤوس الاشهاد ؟
وأنا أعذر الشيخ الألباني ، في عدم فهمه لأقوال الشهيد
سيّد قطب ، رحمه الله ، لأن مستوى فهمه لا يرتقي إلى مستوى هذا العملاق و الأديب ،
والمفكر الإسلامي !
ولكن لا أعذره أبداً في تسرّعه لحكمه الجائر هذا ؛ المبني على الوهم ، والخطأ
، والظنون ، ثم نشره في مجلة بين المسلمين ، وبين مَن يتربّص بالمسلمين الدوائر !
وأعاتب – كذلك – بعض أحبّاء الشهيد ؛ من الذين دافعوا عن
الشهيد تلك الفرية ، حيث كأنهم يعترفون – ضمناً – بأن أقوال الشهيد غير دقيق وقد
يوحي بذلك البهت .
وأنا لا أقول بأن سيّد قطب معصوم ، ولكن ليس معنى ذلك
أنه ، رحمه الله ، لابد وأن يأخطأ ، وليس خطأ إعتيادياً ، بل خطأ فادحاً ، وطامّة
عظيمة !
ولقد ذكر العلماء الفرق بين المعصوم والمحفوظ ؛ فقالوا :
الأنبياء معصومون ،
والأولياء محفوظون .
فنحن نعلم أن الصحابة ،
رضوان الله عليهم ، لم يكونوا معصومين ، فهل يعني ذلك : أنهم لابد أن يخطئوا ،
ويخطئوا أخطاء كبيرة ؟ !
هلّا دلّنا أحدهم على
الأخطاء الكبيرة ، التي ارتكبها أبو بكر الصدّيق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن
عفان ، وعليّ بن أبي طالب ، وحذيفة بن اليمان ، وعبد الله بن مسعـود ، وعبد الله
بن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وأبيّ بن كعب ، وسعد بن أبي وقاص ، وأم سلمة ،
وبلال بن رباح ، وخديجة بنت خويلد ، وعثمان بن مظعون ، ومصعب بن عمير ، وحمزة بن
عبد المطلب ، و و و إلخ ، رضي الله عنهم .
قال حذيفة بن اليمان t :
[ وَلَقَدْ
عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ هُوَ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إِلَى اللهِ زُلْفَى.] [16] .
ما معنى قوله : المحفوظون ؟ !
وكذلك فليدلّنا على الأخطاء
الكبيرة لمحمد الباقر ، وجعفر الصادق ، وأحمد بن حنبل ، وإبراهيم بن أدهم ، وعبد
الله بن المبـارك ، وجنيد البغدادي ، وعبد القادر الكيلاني ، والبخاري ، ومسلم ، و
و و إلخ ، رحمهم الله تعالى .
فقول : أن سيّد قطب غير
معصوم ، ليس معناه : أنه لابد أن يخطأ ، وليس مجرّد خطأ إعتيادي ، بل خطأ ، لا بل
أخطاء كبيرة وعظيمة ، وفي العقيدة !
ومَن يكتشف هذه الأخطاء ؟
يكتشفها عربان أميين – عقلاً ونفساً – يحاربون بها
الداعية والمفكر الإسلامي العظيم ، ويتخندقون – ضده – في خندق أعداء الله ورسوله ،
وكلّ ذلك باسم الإسلام ، وباسم الكتاب والسنة !
ولا ينسى أحد بأن خصوم الشهيد سيّد قطب ، ليسوا معصومين
، بل هم أقرب إلى الخطأ والقواصم ؛ وذلك بسبب مستواهم الثقافي المتدنّي !
فهم الشيخ الألباني لتلك الكلمات الرائعة
كيف فهم الشيخ الألباني ؛ ذلك الكلام الرائع في تفسير
سورة الحديد ، وتفسير سورة الإخلاص ، من كلام الشهيد سيّد قطب ، رحمه الله تعالى ؟
وماذا قال عنه ؟ :
قال الشيخ الألباني في مجلة منشورة بين الناس :
[ ( إن قول سيد
قطب في تفسير سورة الإخلاص
وأول سورة الحديد : هو عين القائلين بوحدة الوجود . .
كل ما تراه بعينك فهو الله ، وهذه المخلوقات التي يسميها أهل الظاهر مخلوقات
ليست شيئا غير الله
. . وعلى هذا تأتي بعض الروايات التي تفصل هذه الضلالات الكبرى بما يرى من بعض الصوفيين القدماء من كان يقول
" سبحاني ما أعظم شأني " والآخر الذي يقول " ما في الجبة إلا الله " . . .
هذا الكلام كله في هذين الموطنين من
التفسير ] .
هل قال سيد قطب : كل ما تراه بعينك هو الله ؟ !
والمخلوقات ليست شيئاً غير الله ؟ !
ردّ الشيخ عبد الله عزام
وسأنقل مـا ردّ به الشيخ عبد الله عزام ، رحمه الله ، في
حينه ، على الشيخ الألباني ، عندما سنّ
هذه السنة السيئة ، نتيجة سوء ظنّه ، وتسرّعه ، وعدم فهمه للكلام !
قال الشيخ عبد الله عزام ، رحمه الله :
[ إن سيد قطب
لم يقل : إن كل ما تراه بعينك فهو الله ، وهذه المخلوقات التي يسميها أهل الظاهر
مخلوقات ليست شيئا غير
الله .
إن سيدا يقول : ( ومتى استقرهذا التصور
الذي لايرى في الوجود إلا حقيقة الله ،
فستصحبه رؤية هذه الحقيقة في كل وجود آخر انبثق عنها ، وهذه درجة يرى القلب فيها يد
الله في كل شيء يراه ،
ووراءها الدرجة التي لايرى فيها شيئا في الكون إلا الله ، لأنه لا حقيقة هناك يراها إلا حقيقة الله ) .
إذن لم يقل - كما قال الشيخ الألباني
- إن كل ما تراه بعينك فهو الله ، بل قال : ( يرى القلب فيها يد الله في كل شيء ) ،
وشتان شتان بين رؤية القلب ورؤية العين .
وقال سيد : ( ووراءها الدرجة التي لا
يرى فيها شيئا في الكون إلا
الله ) ، وفاعل " يرى " في هذه الجملة الثانية : ضمير مستتر تقديره
" هو " يعود على القلب في الجملة الأولى ، فعبارة الأستاذ سيد : تصور ، رؤية القلب ، إحساس داخلي .
وإن الإمام إبن القيم لا يعتبر هذا
ولا أكثر منه صراحة من قبيل القول بوحدة الوجود ،
يقول إبن القيم في مدارج السالكين :
[ وفرق بين إسقاط الشيء عن درجة الوجود العلمي الشهودي
، وإسقاطه عن رتبة الوجود
الخارجي العيني ، فشيخ الإسلام - يعني الهروي صاحب منازل السائرين - بل مشايخ القوم المتكلمين بلسان الفناء هذا مرادهم
] [17] ،
هذه شهادة من إمام من أئمة السلف الذين
يتذوقون أساليب البيان
، وتذوقوا طعم الأنس بالله من خلال السير صعدا على مدارج السالكين .
يقول إبن القيم هذا الكلام السابق في
تفسير عبارات الهروي صاحب
المنازل ،
يقول الهروي صاحب منازل السائرين : ( الفناء : هو اضمحلال ما
دون الحق علما ، ثم جحداً ، ثم حقاً ، وهو على ثلاث درجات ) .
قال إبن القيم في تفسيرها : ( الفناء
اضمحلال ما دون الحق جحداً
، لا يريد به أن يعدم من الوجود بالكلية ، وإنما يريد اضمحلاله في العلم . فيعلم أن
ما دونه باطل ، وجوده
بين عدمين ، وأنه ليس له من ذاته إلا العدم فعدمه بالذات ، ووجوده بإيجاد الحق له .
فيفني في علمه ، كما كان فانيا في حال
عدمه ، فإذا فني في علمه
ارتقى إلى درجة أخرى فوق ذلك ، وهي جحد السوى وإنكاره ، وهذه أبلغ من الأولى لأنهاغيبته
عن السوى . فقد يغيب عنه وهو غير جاحد له ، وهذه الثانية جحده وإنكاره.
ومن ههنا دخل الإتحادي . وقال: المراد جحد السوى بالكلية ، وأنه
ما ثَمَّ غيرٌ بوجه ما.
وحاشا شيخ الإسلام من إلحاد أهل الإتحاد
، وإن كانت عبارته
موهمة بل مفهمة ذلك ،
وإنما أراد بالجحد في الشهود لا في الوجود ، أي
يجحده أن يكون مشهودا ، فيجحد
وجوده الشهودي العلمي ، لا وجوده العيني الخارجي ،
فهو أولاً يغيب عن وجوده الشهودي العلمي ، ثم ينكر ثانياً وجوده في علمه
. وهو اضمحلاله جحدا ، ثم يرتقي
من هذه الدرجة إلى درجة أخرى أبلغ منها . وهي اضمحلاله
في الحقيقة ، وأنه لا وجود له البتة ، وإنما وجوده قائم بوجود الحق ،
فلولا وجود الحق لم يكن هو موجودا ، ففي الحقيقة
: الموجود إنما هو الحق
وحده ، والكائنات من أثر وجوده ، وهذا معنى قولهم : إنها لا وجود لها ولا أثر لها ، وإنها معدومة وفانية ومضمحلة ) [18] .
نقف هنا وقفة قصيرة جداً ، قبل أن نكمل كلام الشيخ عبد
الله عزام ، رحمه الله :
إقرأ هذا الكلام للحافظ إبن القيم ، رحمه الله ، الذي
قاله ، جيّداً ، وبتدبّر :
[ ففي الحقيقة
: الموجود إنما هو الحق
وحده ] ! ! .
[ والكائنات من أثر وجوده ] ! ! .
[ وهذا معنى قولهم : إنها لا وجود لها ولا
أثر لها ، وإنها معدومة وفانية ومضمحلة ] .
وماذا قال الشهيد سيد قطب ، رحمه الله ، غير هذا ؟ !
فهاهنا عدة إحتمالات :
1 – إما أن الشيخ الألباني ، وأمثاله ، ومريدوهم ، لم
يقرأوا كتاب الحافظ إبن القيّم ، رحمه الله ، ( مدارج السالكين بين منازل إيّاك
نعبد وإيّاك نستعين ) ، ولم يطّلعوا عليه !
2 – أو قرأوه ولكنّهم لم يفهموه !
3 – أو فهموه ، وعلموا أن الشيخ الهروي ، والحافظ إبن القيّم
، يقولان نفس كلام الشهيد سيّد قطب ، ولكنّهم سكتوا عنهما ، وأشهروا الإفتراء
والطعن على الشهيد سيّد قطب ؛ لحاجة في نفوسهم ، والله تعالى ، بها عليم !
وقال الشيخ عبد الله عزام ، رحمه الله تعالى :
[ أين عبارات سيد قطب من عبارات الهروي ؟ كل الذي قاله سيد : عدم رؤية القلب
للأشياء لأنه متعلق بالحق
، بالوجود الحق ، فهذه الأشياء والمخلوقات لا يعلق بها القلب لأنه مشغول بالله ، فهي صغيرة حقيرة لا يراها القلب ولا
يأبه لها فكأنها غير موجودة ،
فالقضية باختصار : إحساس قلبي ، ومشاعر نفسية ورؤية داخلية ببصيرته
لا ببصره .
أما عبارات الهروي : ( اضمحلال ما دون الحق علما ، ثم جحدا ، ثم حقا ) ،
( فـإذا فنـي فـي علمه ارتقى إلى درجة أخرى فوق ذلك وهي جحد السوى وإنكاره
) ، أي إنكار ما سوى
الله وجحده ،
والعبارة واضحة في وحدة الوجود ، ومع هذا فإن إبن القيم رحمه
الله ، يقول :
( وحاشا لشيخ الإسلأم – الهروي - من
إلحاد أهل الإتحاد ، وإن كانت عبارته موهمه بل مفهمة ذلك ، وإنما أراد بالجحود في الشهود لا في الوجود ، أي
يجحده أن
يكون مشهودا ، فيجحد وجوده الشهودي العلمي ، لا وجوده العيني الخارجي ) [19] .
ماذا نقول في سيد قطب لو قال بالدرجة
الثالثة :
( ثم يرتقي من هذه الدرجة إلى درجة
أبلغ منها وهي : اضمحلاله في الحقيقة ، وإنه لا وجود له البتة ) ، هذه عبارة
ابن القيم في تفسير عبارة الهروي : ( ثم اضمحلاله حقا )
ويزيد ابن القيم في توضيح العبارة
: ( وإنه لا وجود له البتة ، وإنما وجوده قائم بوجود الحق ، فلولا وجود الحق لم يكن
هو موجودا ، ففي الحقيقة : الموجود إنما هو الحق وحده ، والكائنات من أثإر وجوده ،
هذا معنى قولهم : إنهـا لا وجود لهـا ولا أثر لهـا ، وإنها معدومه وفانية ومضمحلة
) .
هل سمعت عبارة إبن القيم ؟ ( ففي الحقيقة
: الموجود إنما
هو الحق وحده والكائنات من أثإر وجوده ) .
ولقد دافع إبن القيم عن عبارات وأبيات
للهروي خطيرة جدا [20]
يقول الهروي :
ما وحد الواحد من واحد إذ
كل من وحده جاحد
توحيد من ينطق عن نعته عارية
أبطلها الواحد
توحيده اياه توحيده ونعت من ينعته لحد
قال إبن القيم : ( ومعنى أبياته : ما
وحد الله –عزوجل- أحد حق توحيده الخاص ، الذي تفنى فيه الرسوم . ويضمحل فيه كل حادث ، ويتلاشى فيه كل مكون
، فإنه لا يتصور منه التوحيد إلا ببقاء الرسم - وهو الموحد ، وتوحيده القائم به - فإذا وحده شهد
فعله الحادث ورسمه الحادث
، وذلك جحود لحقيقة التوحيد ، الذي تفنى فيه الرسوم ، وتتلاشى فيه الأكوان ) .
ثم يقول إبن القيم : ( فرحمة الله على
أبي إسماعيل ، فتح للزنادقة
باب الكفر والإلحاد . فدخلوا منه. وأقسموا بالله جهد أيمانهم : إنه لمنهم وما
هو منهم ، وغره سراب الفناء
. . . وحاشا شيخ الإسلام من إلحاد أهل الإتحاد ) .
هذا موقف إمام من السلف - إبن القيم
- من عبارات تكاد تكون صريحة في وحدة الوجود ، فليتنا إذ لم نقف موقف ابن القيم وهو موقف الدفاع والتوضيح
وإزالة الغبش والغموض ،
أقول : ليتنا وقفنا موقف المحايد من الأستاذ سيد قطب ، لا الموقف الذي
يحمل
العبارات التي فيها شيء من الخفاء والإجمال [21] على
أسوأ تفسير وأخطر محمل فيقول : ( نحن لا نحابي في دين الله أحدا ، هذا الكلام كفر
) [22] ،
ولو تركنا هذه المسألة دون إثارة مافهم أحد من الناشئة
أن هذا الكلام يشير
إلى وحدة الوجود [23]
. . .
ويقول إبن القيم في المدارج :
( وَلَكِنْ
فِي حَالِ السُّكْرِ وَالْمَحْوِ والِاصْطِلَامُ وَالْفَنَاءُ : قَدْ يَغِيبُ عَنْ
هَذَا التَّمْيِيزِ ،
وَفِي هَذِهِ الْحَالِ قَدْ يَقُولُ صَاحِبُهَا
مَا يُحْكَى عَنْ أَبِي يَزِيدَ أَنَّهُ قَالَ " سُبْحَانِي " أَوْ
" مَا فِي الْجُبَّةِ إِلَّا اللَّهُ "
وَنَحْوُ
ذَلِكَ مِنَ الْكَلِمَاتِ الَّتِي لَوْ صَدَرَتْ عَنْ قَائِلِهَا وَعَقْلُهُ
مَعَهُ لَكَانَ كَافِرًا، وَلَكِنْ مَعَ سُقُوطِ التَّمْيِيزِ وَالشُّعُورِ، قَدْ
يَرْتَفِعُ عَنْهُ قَلَمُ الْمُؤَاخَذَةِ ) [24] .
إن سيد رأى تخاذل الناس أمام قوى الطغيان
التي تستعبد الناس
في الأرض ، فأراد أن يغرس في النفوس أن هؤلاء بقواهم وعددهم لا ينظر إليهم إذا نظرنا إلى وجود الله وقوة الله ، فكأنهم غير
موجودين ،
لأن القلب المرتبط بالله ينظر إلى القوة
الحقيقية ، ينظر إلى جبار
السموات والأرض ، إلى الذي يمسك السموات أن تزولا ،
فما هذا الغثاء وما بال هذا الزبد يطفو وينتفش ويستعلي على عباد الله
، وهو في حقيقته كأنه
غير موجود
ويصرح سيد بهذا المعنى الذي يريد إقراره
في النفوس في تفسير
سورة الإخلاص
: ( كذلك سيصحبه نفي فاعلية الأسباب ، ورد كل شيء وكل حدث ، وكل حركة إلى السبب الأول الذي منه صدرت ، وبه تأثإرت . .
وهذه هي الحقيقة التي عني القرآن عناية
كبيرة بتقريرها في
التصور الإيماني ، ومن ثم كان ينحي الأسباب الظاهرة دائما ويصل الأمور مباشرة بمشيئة الله { وما رميت إذا رميت ولكن الله
رمى } ، { وما النصر إلامن
عند الله } ، { وما تشاءون إلا أن يشاء
الله }
هذه هي مدارج الطريق التي حاولها المتصوفة فجذبتهم إلى بعيد ) [25] ] .
ثم قال الشيخ عبد الله عزام ، رحمه الله :
[ ولقد حز في النفوس أن ينسب هذا الكلام – القول بوحدة الوجود - إلى الأستاذ سيد الذي
جلى حقيقة التوحيد من
كل غبش ، بل ركز معظم كتاباته على شرح معنى " لا إله إلا الله " ،
ونقل المعنى النظري للتوحيد إلى واقع حي متمثل في سلوك
وحركات ، ودماء وتضحيات ، ولقد كانت حياته المليئة بصورالإعتزاز بالله ، والتوكل عليه
والإلتجاء إليه خير شاهد
على أن توحيد الربوبية - التوحيد العلمي
والنظري في القلب والنفس
، توحيد المعرفة والإثبات - قد جمع معه توحيد الألوهية - التوحيد العملي بالفعل – في واقع الحياة مشاعر وشعائر وكلمات ومواقف
،
حتى غدا المؤمن بهذا التوحيد كالشم الرواسي
لا يزعزعه قوى الأرض ،
ولا يهزه جبروت الطغيان .
وحسبك منه تلك الكلمات التي كانت تنبثق
من أعماقه معبرة عن استقرار
التوحيد في طياته ، تسمعه وهم يعرضون عليه الوزارة ، وهو رهين القيود يقول :
( إن إصبع السبابة التي تشهد لله بالوحدانية
في الصلاة لترفض أن تكتب
حرفا تقر به حكم طاغية ) .
تصغي إليه وهم يحاولونه أن يسترحم فيقول
: ( لماذا أسترحم ؟! إن
كنت محكوما بحق فأنا أرتضى حكم الحق ، وإن كنت محكوما بباطل فأنا أكبر من أن أسترحم الباطل)
ولقد حدثت شقيقته حميدة أمامي فقالت
: ( يوم الأحد - 28
أغسطس 1966م جاء قرار الإعدام موقعا من رئيس الجمهورية - عبدالناصر - ولكنهم كما يبدو أوعزوا إلى مدير السجن الحربي حمزة
البسيوني أن يحاوله الإعتذار
حتى آخر لحظة ) .
قالت حميدة : ( دعاني حمزة البسيوني
وأطلعني على مصادقة عبد
الناصر على قرار الإعدام فارتعشت أوصالي ، لأني كنت أحب سيدا حبا يملك علي نفسي ، ثم قال حمزة : أمـامنـا فرصة أخيرة
لإنقـاذ هذا العلامة لإن إعدامه خسارة كبرى للعالم الإسلامي ، فإذا اعتذر فإننا نخفف حكم الإعدام إلى السجن ثم
يخرج بعفو صحي بعد ستة
أشهر ، فبادري إليه لعله يعتذر ) .
قالت حميدة : ( فدخلت عليه وقلت له
: إنهم يقولون : إن حكم الإعدام سيوقف فيما إذا اعتذرت .
قال سيد : عن أي شيء أعتذر ؟ ! عن العمل مع الله
؟
والله لو عملت مع غير الله لاعتذرت ، ولكنني
لن أعتذر عن
العمل مع الله ،
ثم قال: إطمئني يا حميدة ، إن كان العمر قد انتهى سينفذ حكم الإعدام ،
وإن لم يكن العمر قد انتهى
فلن ينفذ حكم الإعدام ولن يغني الإعتذار شيئا في تقديم الأجل أو تأخيره ) .
يا لله ! حبل المشنقة يلوح أمام ناظريه
، ولا تهتز أوصاله ، ولا
يضطرب موقفه ، ولا يتراجع عن كلمته ،
إنها القمة السامقة التي أحله فيها
التوحيد ، إنها الطمأنينة التي
سكبها الإيمان بالله في أعماقه ،
وهو كما يقول في مقدمة " في ظلال القرآن
" :
( ومن ثم عشت في ظلال القرآن هادئ النفس
، مطمئن السريرة ، قرير الضمير،
عشت أرى يد الله في كل حادث ، وفي كل
أمر ،
عشت في كنف الله وفي رعايته ،
عشت أستشعر إيجابية صفاته تعالى وفاعليتها
. . . { أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء }
أي طمأنينة ينشئها هذا التصور ؟ وأي سكينة يفيضها على
القلب ؟ وأي ثقة في الحق والخيروالصلاح
أو أي استعلاء على الواقع الصغير يسكبها
في الضمير؟ ) [26]
.
نحن لا ننزه سيداً [27] من
الخطأ ، وحاشا لله أن ندعى له العصمة ، إذ ما من إنسان إلا ويؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا القبر صلى الله عليه وسلم
- كما كان يردد إمام المدينة
وعالمها مالك . . .
أما : أن يصل بنا الأمر أن ننسب إليه
تلك العقيدة الفاسدة الضالة
، وهي : القول بوحدة الوجود ،
هذه القولة التي تكاد تخر لها الجبال هدّاً
، سبحانك يا رب هذا بهتان عظيم
.
إن وحدة الوجود تعني أن الخالق والمخلوق
شيء واحد ، وأن الأثر
هو المؤثر ، وأن الصانع قد ظهر في المصنوع لا انفصال ولا تباين .
إن وحدة الوجود تعني أن الحجر هو الله
، وأن الصحن هو الله ، وأن
الحيوانات هي الله ، فلم يعد هنالك فرق بين من عبد الحجر والصنم والشمس وبين من يعبد الله ، لأنها كلها صور لشيء واحد هو
الذات الإلهية - تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا –
هل يصدق عاقل أن سيد قطب كان يعتقد
أن عبد الناصر هو الله
، وأن حمزة البسيوني وشرطته هم صور الله ، وأن صفوت الروبي الجلاد هو الله ، وأن لافرق بين
من يعبد ابن غوريون ودايان ، وبين من يعبد الرحمن .
هل يصدق ذو لب أن سيد قطب كان يعتقد
أن السجن الحربي هو الله
.
أو يدخل في عقل عاقل أن سيد قطب كان
يظن أن الشجر والحجر
والقرد ، و الخنزيز والكلب صور لله عزوجل - سبحانك يا رب ! إنها لحدى الكبر – . . .
أحب أن أبين أن سيد قطب قد هاجم القول بوحدة الوجود بالنص .
يقول رحمه الله في تفسير قوله تعالى
: { وقالوا اتخذ الله ولدا
سبحانه ، بل له مافي السموات والأرض كل له قانتون ، بديع السموات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون } [28] .
يقول في تفسيرها :
( والنظرية الإسلامية أن الخلق غير الخالق ، وأن
الخالق ليس كمثله شيء
. .
ومن هنا تنتفي من التصور الإسلامي فكرة وحدة الوجود - على ما يفهمه غير
المسلم من هذا المصطلح-
أي بمعنى أن الوجود وخلقه وحدة واحدة ، أو أن الوجود إشعاع ذاتي للخالق
، أو أن الوجود هو الصورة
المرئية لموجده ، أو على أي نحو من أنحاء التصور على هذا الأساس .
والوجود وحدة في نظر المسلم على معنى آخر : وحدة صدروه عن الإراد ة الواحدة الخالقة ، ووحدة ناموسه
الذي يسير به . . . )
[29] . . .
يقول [ سيّد قطب ] في خصائص التصور الإسلامي :
( يقوم التصور الإسلامي على أساس أن
هناك ألوهية وعبودية . . .
ألوهية يتفرد بها الله سبحانه ، وعبودية
يشترك فيها كل من عداه
. . .
وكما يتفرد الله – سبحانه - بالأولوهية ، كذلك يتفرد تبعا لهذا
بكل خصائص الألوهية ،
وكما يشترك كل حي وكل شيء بعد ذلك في العبودية ، كذلك يتجرد كل حي وكل
شيء من خصائص الألوهية
. .
فهناك إذن وجودان متميزان .
وجود الله ، ووجود ما عداه من عبيد
الله ، والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق وإلاله بالعبيد )
[30] .
أرأيت إذن : إن عبارة نصه تقول :
( فهناك إذن وجودان متميزان ، وجود الله ، ووجود
ما عداه من عبيد الله ، والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق والله بالعبد ) ،
هل بقي قول لقائل أن يدعي بأن سيد قطب يخلط بين الله وبين
عبيده ، وأن
الله قد تجلى في صور مخلوقاته ، وأن الخالق والمخلوق شيء واحد لا فرق بينها ولا
تمايز ؟ ! .
ويقول سيد - رحمة الله عليه - في تفسير
آية الإسراء { سبحان الذي
أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد القصى } :
[ وتذكر صفة العبودية { أسرى بعبده
} لتقريرها وتوكيدها في مقام الإسراء والعروج إلى الدرجات التي لم يبلغها بشر ،
وذلك كي لاتنسى هذه الصفة ، ولا يلتبس
مقام العبودية ، بمقام الألوهية كما التبسا في العقائد المسيحية بعد عيسى عليه السلام
،
بسبب مالابس مولده ووفاته ، وبسبب الآيات
التي أعطيت له فاتخذها
بعضهم سببا للخلط بين مقام العبودية ومقام الولوهية . .
وبذلك تبقى للعقيدة الإسلامية بساطتها ونصاعتها وتنزيهها
للذات الإلهية عن كل شبهة
من شرك أو مشابهة ، من قريب أو من بعيد ) [31] .
ويقول رحمه الله عند آية : { لن يستنكف
المسيح أن يكون عبداً
لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ، فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم
أجورهم ويزيدهم من
فضله ، وأما الذين استنكفوا واستكبروا
فيعذبهم عذابا أليما ، ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا } [32] :
[
لقد عني الإسلام عناية بالغة بتقرير حقيقة وحدانية الله سبحانه ، وحدانية لا تتلبس بشبهة شرك أو مشابهة في صورة
من الصور ،
وعني بتقرير أن الله سبحانه ليس كمثله
شيء ، فلا يشترك معه شيء
في ماهية ولاصفة ولاخاصية ، كما عني بتقرير حقيقة الصلة بين الله سبحانه وكل شيء - بما في ذلك كل حي - وهي أنها صلة
ألوهية وعبودية ، ألوهية
الله ، وعبودية كل شيء لله . .
والمتتبع للقرآن كله يجد العناية ، فيه بالغة
بتقرير هذه الحقائق أو هذه الحقيقة الواحدة بجوانبها هذه- بحيث لاتدع في النفس ظلا من شك أو شبهة أو غموض
،
ولقد عني الإسلام كذلك بأن يقرر أن هذه هي
الحقيقة التي جاء بها الرسل
أجمعون ، فقررها في سيرة كل رسول ، وفي دعوة كل رسول ، وجعلها محور الرسالة من عهد نوح عليه السلام إلى عهد محمد خاتم
النبيين - عليه الصلاة والسلام- تتكرر الدعوة بها على لسان كل رسول : { يا قوم اعبدوا الله ما
لكم من إله غيره }
وكان من العجيب أن أتباع الديانات السماوية - وهي حاسمة وصارمة في تقرير هذه الحقيقة
– يكون منهم من يحرف
هذه الحقيقة وينسب لله - سبحانه - البنين والبنات ، أو ينسب لله سبحانه الامتزاج مع أحد من خلقه في صور الأقانيم ، اقتباسا
من الوثنيات التي عاشت في
الجاهليات !
ألوهية وعبودية . . . ولا شيء غير هذه الحقيقة ، ولا قاعدة إلا
هذه القاعدة
ولا صلة إلا صلة الألوهية بالعبودية
، وصلة العبودية بالألوهية . .
ولا تستقيم تصورات الناس - كما لا تستقيم حياتهم - إلا بتمحيض هذه الحقيقة من
كل غبش ، ومن كل شبهة ، ومن
كل ظل !
أجل لا تستقيم تصورات الناس ، ولا تستقر مشاعرهم ، إلا حين
يستيقنون حقيقة
الصلة بينهم وبين ربهم . .
هو إله لهم وهم عبيده ، هو خالق لهم وهم مخاليق . . هو مالك لهم
وهم مماليك . وهم كلهم سواء في هذه الصلة لا بنوة لأحد . ولا امتزاج بأحد . . ومن ثم
لا قربى لأحد إلا بشئ يملكه كل أحد ويوجه إرادته إليه فيبلغه : التقوى والعمل الصالح . . وهذا في مستطاع كل أحد أن يحاوله . . .
إن المسيح عيسى بن مريم لن يتعالى عن
أن يكون عبداً
لله ، لأنه - عليه السلام - وهو نبي الله ورسوله - خير من يعرف حقيقة الألوهية وحقيقة العبوديه ، وأنهما ماهيتان مختلفتان
لا تمتزجان . وهو خير من يعرف أنه من خلْق الله فلا يكون خلق الله كالله أو بعضا من الله ! ) [33] .
. .
وختاما :
ما أجمل أن ننهي هذا المقال بهذه الصورة
التي تلوح لسيد في مخيلتي
وهم يسوقونه إلى خشبة المشنقة ،
يتقدم إليه شيخ من المشايخ الرسميين
الذين يمثلون عادة ، ليلقنوا
الذي سيعدم كلمة الشهادتين ، إذ أن هذا من مراسيم عملية الإعدام ،
تقدم الشيخ إلى سيد فقال له : ( يا سيد ! قل أشهد أن لا
إله إلا الله ) ،
فالتفت إليه الأستاذ سيد قائلا : (
حتى أنت جئت تتم المسرحية ،
نحن نعدم لأننا نقول لا إله إلا الله
، وأنتم تأكلون خبزا
بلا إله إلا الله ، إتق الله يا هذا ، ولا تبق سيفا للظالمين ) . . .
لقد هال الأستاذ سيد الصمت الرهيب المطبق
من قبل الجماهير المتفرجة
على قمع الحركة الإسلامية واجتثات الإسلام من الجذور على يد الطواغيت المسمين بأسماء المسلمين ،
وفكر طويلا في سر موقف الجماهير غير عابئه ولا آبهة بما
يجري للمسلمين من
إبادة بين ظهرانيهم ،
فخرج بنتيجة : أن الجماهير لم تفهم " لا إله إلا
الله " ،
ومن هنا نذر بقية حياته المباركة لتوضيح معنى لا
إله إلا الله وتعميقها في
النفوس حتى تؤتي ثمارها جنية مباركة في واقع الحياة .
[1] لا يستغربن أحد في
إطلاقي كلمة ( الشهيد ) على الأستاذ الكبير
سيّد قطب ، رحمه الله. وإذا دقّقنا قليلاً رأينا : أنّ هذا الإستغراب قد
يكون من وحي خصوم الشهيد الأميين ! فهو ليس فقط شهيدا ، بل – إن شاء الله تعالى –
سيّد الشهداء !
قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله
عليه وسلم -: " سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ,
وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ , فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ , فَقَتَلَهُ "
[ قال الشيخ الألباني بعد مناقشته لطرق الحديث :
اطمأن القلب لثبوت الحديث، فاقتضى ذلك إيراده في
هذه السلسلة، والحمد لله على توفيقه وفضله ( سلسلة
الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها ( 1 / 718 ) ] .
[2] صحيح البخاري .
[3] بل لعل الشيخ الألباني
في وقته كان هو أيضاً يعيش في المملكة العربية السعودية ، ولعلهم التقوا مراراً .
والله أعلم .
[4] ليس هنا مجال للردّ على
تلك الأفهام البدوية الخاطئة !
[5] في ظلال القرآن ( 6 /
3479ة- 3480 ) .
[6] الحج : 46 .
[7] الأعراف " 179
[8] البقرة : 255 .
[9] الأعلى : 2 – 3 .
[10] من كتـــاب " رأيـت اللــّــه "
[11] يونس : 101 .
[12] الرعد : 2 – 4 .
[13] النحل : 3 – 17.
[14] في ظلال القرآن ( 6 /
4002 – 4003 ) .
[15] الأنبياء : 69 .
[16] أخرجه الترمذي في سننه ،
وقال : هَذَا
حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ( 6 / 151 ) .
[17] ( 1 / 152 ) .
[18] مدارج السالكين شرح منازل السائرين ( 148 – 150 ) .
[19] هكذا يكون موقف العلماء
الربّانييّن ، من أخطأ العلماء ، وكيفية تفسير أقوالهم الخاظئة بأحسن تفسير ، لا
مثل موقف مَن يطعن ويفتري على الدعاة والمفكرين والشهداء ؛ بما هم منه براء !
[20] مدارج السالكين ( 1 / 147 ) .
[21] لا فيها خفاء ، ولا
إجمال ، ولماذا نحن لم نفهم منها ، ما فهمه أولئك
؟ !
[22] كلام سيّد قطب – الذي
يقول عنه إنه كفر – هو قمّة التوحيد والإيمان !
واتهام
كلام سيّد – في التوحيد والإيمان – بالكفر ، لا يُعتبر تكفيراً . ولكن سيّد قطب
إذا وصف الأنظمة والمجتمعات التي مرجعيتها في المباديء ، والقيم ، والموازين ، غير
الكتاب والسنة ، إذا وصفها وصفاً شرعياً ، فقال : هي جاهلية . قالوا : هذا تكفيرٌ
للمسلمين !
[23] وكيف يتركونها وهم
يبحثوب – تحت الأرض – عن – عسى – زلة ، سقطة ، خطأ ، من الشهيد سيّد قطب ، رحمه
الله ! فيطيروا بها ، ولكن لا ننسى أن هذا البحث هو من أجل الله تعالى ، ولوجه
الله خالصاً مخلصاً !
[24] ( 1 / 155 ) .
[26] ص 13 دارالشروق .
[27] وهل سيّد قطب وحده ، هو
غير منزّه ؟ والشيخ الألباني والفوزان وأمثالهما ، منزّهون عن الخطأ ؟ !
[28] البقرة :117 .
[29] ( 1 / 106 ) دار الشروق .
[30] خصائص التصور . ص 308 ط الإتحاد
الإسلامي العالمي .
[31] أنظر في ظلال القرآن ط / دارالشروق ( 4 / 2211 ) .
[32] النساء : 172 .
[33] في ظلال القرآن ( 2
/ 818 – 820 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق