الرد على شبهات وافتراءآت أدعياء السلفية على سيد قطب
أولا: فرية سب سيد قطب للصحابة ..
رد شبهة المداخلة بسب سيد قطب رحمه الله لبعض الصحابة رضوان الله عليهم و سيدنا موسى عليه السلام:
أولا: سيد قطب رحمه الله, كتب ما كتبه قبل نضجه و في بداية توجهه الإسلامي أو في جاهليته.
ثانيا: سيد قطب رحمه الله حذف الكثير من العبارات التي آخذها عليه "محمود شاكر" في الطبعة السادسة مثل قوله أن خلافة عثمان كانت فجوة (و كان يقصد بها في سياسة المال و إلا فقد سماه الخليفة الراشد في غير ما موضع). و مع ذلك فشيخكم الكذاب كان ينقل من الطبعة الخامسة و يتجاهل تعديلات الطبعة السادسة.
ثالثا: سيد قطب رحمه الله لم يعد يعتمد تلك الكتب بشهادة المستشار العقيل سنة 1972 (أي قبل ما أثير حول كتب الشيخ سيد, و في وقت كان الإقبال على كتب الشيخ على أشده, فلا يأتي قائل ليقول أنه كذب لتبرئة الشيخ) وبشهادة شقيقه.
رابعا: لشيخكم ربيع المدخلي كلام في الصحابة و في سيدنا سليمان عليه السلام و في جبريل عليه السلام بل و في حق سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ظاهره الإساءة.
خامسا: هذا كلام للإمام ابن تيمية, قال الشيخ سيد قطب رحمه الله نحوه فاتهمتموه بالإساءة إلى الصحابي الجليل و الخليفة عثمان رضي الله عنه:
وأما عثمان فإنه بنى على أمر قد استقر قلبه بسكينة وحلم ، وهدى ورحمة وكرم ولم يكن فيه قوة عمر ولا سياسته ، ولا فيه كمال عدله وزهده ، فطمع فيه بعض الطمع ، وتوسعوا في الدنيا ، وأدخل من أقاربه في الولاية والمال ، ودخلت بسبب أقاربه في الولايات والأموال أمور أنكرت عليه ، فتولد من رغبة بعض الناس في الدنيا ،وضعف خوفهم من الله ومنه ، ومن ضعفه هو ، وما حصل من أقاربه في الولاية والمال ما أوجب الفتنة ، حتى قتل مظلوماً شهيداً.
فهل كان الإمام ابن تيمية سابا للصحابة؟؟
و هذا كلام للإمام الذهبي في الصحابي الجليل "معاوية" رضي الله عنه:
ومعاوية من خيار الملوك الذين غلب عدلهم على ظلمهم، وما هو ببريء من الهَنَات، والله يعفو عنه
فهل قصد الإساءة لسيدنا معاوية رضي الله عنه؟
و هذا كلام للإمام السيوطي في كتابه "الخلفاء" عن سيدنا معاوية (و مثل هذه الكتابات التي اعتمد عليها الشيخ سيد رحمه الله, و على أساسها بنى ظنه في سيدنا معاوية رضي الله عنه, و قد فاته حينها أنها ليست صحيحة!!):
وذكر ابن عبد البر في ( الاستيعاب ) : " وقال قتادة وأبو بكر ابن حفص : سم الحسن بن علي (رضي الله عنه) ، سمته امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ، وقالت طائفة : كان ذلك بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك ، والله أعلم " (2) .
و الشيخ رحمه الله, اعتمد على أمثال هذه الروايات المعلولة التي دسها الروافض, و التي لم يعلق عليها من أوردها مثل الإمام السيوطي.
رحم الله الشيخ "سيد قطب", و غفر الله له ما كان من وقوعه في بعض الصحابة, مما نحسبه تاب منه, كما ذكرتُ آنفا!
سادسا: تذكرون أنه أساء إلى نبي الله موسى, و هذا من الفجور في الخصومة, حيث اعتمدتم على كلام قديم له, قبل توجهه الإسلامي, تناول فيه القرآن بطريقة أدبية و فيه ألفاظ قد يُفهم منها الإساءة لسيدنا موسى عليه السلام حين أخذه كنموذج للزعيم العصبي. و كلام الشيخ "سيد قطب" رحمه الله غير مقبول و لكن عذره أنه تراجع عن تلك الكتب.
كما أن الإمام ابن حجر رحمه الله كتب أيضا يصف سيدنا موسى بأنه يغلب على طبعه الغضب, فهل قصد رحمه الله الإساءة إلى سيدنا موسى؟
"و فيه أنه يُغتفر للشخص في بعض الأحوال ما لا يُغتفر في بعض, كحالة الغضب و خصوصا ممن طبع على حدة الخلق و شدة الغضب, فإن موسى عليه السلام لما غلبت عليه حالة الإنكار في المناظرة خاطب والده باسمه مجردا و خاطبه بأشياء لم يكن ليُخاطبه بها في تلك الأحوال"
فلماذا تلتمسون الأعذار لهؤلاء الأئمة (و هم أهل لذلك) و تحملون كلامهم على أحسن المحامل, و لا تفعلون ذلك مع رجل شهد الله العديد من الناس أنه تراجع عن تلك الكتب (انظروا مثلا شهادة من سُجن معه كالأستاذ "أحمد عبد المجيد")!
و لكن كما قيل:
إذا أراد الله نشر فضيلة طويت .. أتاح لها لسان حسود
شهادة المستشار عبد الله العقيل عام 1972 بعدم اعتماد الشيخ "سيد قطب" إلا لستة كتب, و لو أن هذه الشهادة جاءت بعد الهجوم على الشيخ سيد رحمه الله, لقيل شهادة كاذبة قُصد بها تلميع الشيخ سيد, فكيف و قد جاءت هذه الشهادة في وقت كان الناس مقبلين على كتب الشيخ سيد قطب بلهفة و التي تزامنت مع فترة الصحوة الإسلامية و لم يكن وقتها أحد يثير هذه القضية بل كانت هناك هالة من القداسة حول كتاب الشيخ "سيد قطب" (معالم في الطريق), بسبب استماتته في مدافعة الباطل, فتكلم المستشار العقيل في تلك الفترة ليبين للناس الكتب التي اعتمدها الشيخ سيد قبل وفاته:
قال المستشار عبد الله العقيل في مجلة "المجتمع" سنة 1972: "إن سيد قد بعث لإخوانه في مصر والعالم العربي أنه لا يعتمد سوى ستة مؤلفات له وهي: هذا الدين، المستقبل لهذا الدين، الإسلام ومشكلات الحضارة، خصائص التصور الإسلامي، في ظلال القرآن، ومعالم في الطريق".
و هذه شهادة شقيقه "محمد قطب" بتراجع الشيخ رحمه الله عن تلك الكتب و وصيته بعدم قرائتها:
" الأخ الفاضل عبد الرحمن بن محمد الهرفي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سألتني عن كتاب " العدالة الاجتماعية " فأخبرك أن هذا أول كتاب ألفه بعد أن كانت اهتماماته في السابق متجهة إلى الأدب والنقد الأدبي وهذا الكتاب لا يمثل فكره بعد أن نضج تفكيره وصار بحول الله أرسخ قدماً في الإسلام . وهو لم يوصِ بقراءته إنما الكتب التي أوصى بقراءتها قبيل وفاته هي الظلال ( وبصفة خاصة الأجزاء الإثنا عشرة الأولى المعادة المنقحة وهي آخر ما كتب من الظلال على وجه التقريب وحرص على أن يودعها فكره كله ) معالم في الطريق ( ومعظمه مأخوذ من الظلال مع إضافة فصول جديدة ) و"هذا الدين" "والمستقبل" "لهذا الدين" ، "خصائص التصور الإسلامي" ، ومقومات التصور الإسلامي ( وهو الكتاب الذي نشر بعد وفاته ) "والإسلام ومشكلات الحضارة" ، أما الكتب التي أوصى بعدم قراءتها فهي كل ما كتبه قبل الظلال ، ومن بينها " العدالة الاجتماعية ".
الشيخ الألباني رحمه الله يفضح كذب الدكتور رسلان و افترائه على الشيخ "سيد قطب" رحمه الله
يقول الدكتور رسلان في "قذائف الباطل" (التي سماها زورا "قذائف الحق"):
ثالثا : هل يمكن أحد أن يقول إن سيدا كتب الظلال قبل أن ينضج ؟! قبل أن يستوي على سوقه؟!
وإذا فقد كتب سيد ستة عشر جزءً في الفترة الواقعة بين أكتوبر 1952م وأول يناير سنة 1954م
وعليه فسنة 1954م كان في قمة نضجه والإهداء الذي كتبه مفتتح كتابه العدالة الاجتماعية أرخه هو بمارس 1954م وهو في قمة نضجه
سبحان الله يستميت ليُظهر للناس أنه بما أن الشيخ سيد رحمه الله, قد كتب 16 جزءا إلى حدود 1954 فهو قد كان في قمة نضجه و قد فاته أن الشيخ سيد بعد أن انتهى من كتاب الظلال (أي بعد أن أكمل 30 جزءا و ليس فقط ّ16 جزء), أعاد تنقيحها منذ البداية لما ظهر له فيها من تقصير و لما رزقه الله من إنارة في البصيرة جعلته يعيد التنقيح و تم إعدامه قبل تتمة التنقيح. و هذه الأجزاء 13 المنقحة هي التي أوصى بها الشيخ "سيد قطب" بالضبط من كتابه الظلال.
ثم إن الجميع يعلم أن النضج في فكر سيد قطب بدأ بعد سجنه (أي بعد 1954) التي يُحاول الدكتور رسلان في "قذائف الباطل" أن يجعلها تمام نضج الشيخ رحمه الله (زورا و بهتانا).
و هذا ما عبر عنه الشيخ الألباني حين قال:
ولما ألّف كان محض أديب، وليس بعالم، لكن الحقيقة أنه في السجن تطوّر كثيراً، وكتب بعض الكتابات كأنها بقلم سلفي ليست منه..لكن أنا أعتقد أن السجن يُربّي بعض النفوس، ويُوقض بعض الضمائر، فكتب كلمات، يعني يكفي عنوانه الذي يقول: (لا إله إلا الله، منهج حياة)، لا إله إلا الله منهج حياة
=================
ثانيا : سيد قطب و تـكـفـير المـسـلـمـين
--------
نسب إلى سيد رحمه الله تهمة تكفير المسلمين أو المجتمعات الإسلامية من خلال الفهم الخاطئ لكتابات سيد رحمه الله في الظلال وغيرها من كتبه . وهذه التهمة ناتجة من اطلاقاته مثل :
- الناس في جاهلية ، وهم عادوا إلى الجاهلية الأولى .
- عدم وجود المجتمع المسلم .
- المجتمعات تحب أَن تكون مسلمة وليست مسلمة .
- تسمية المساجد معابد الجاهلية .
وهناك مجموعتان تخرجان بنتائج خاطئة من قراءة كلام سيد حول هذا الموضوع :
المجموعة الأولى : مجموعة تكفر المسلمين وتزعم أنها متبنيـة لفكر سيد وأبرز أمثلتها " جماعة المسلمين " واشتهرت باسم " جماعة التكفير والهجرة " .
النماذج التي أوردها سيد قطب في الظلال وفهم منها البعض تكفيره لأفراد المجتمع
أولاً : يقول في تفسير قوله تعالى : "وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ" ... " ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا .. إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين ، في أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام ، يسيطر عليها دين الله ، وتُحكم بشريعته .. ثم إذا هذه الأرض ، وإذا هذه الأقوام ، تهجر الإسلام حقيقة ، وتعلنه إسما وإذا هي تتنكر لعقيدة الإسلام اعتقادا وواقعا وإن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقادا فالإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن لا إله إلا الله تتمثل في الاعتقاد أن الله - وحده - هو خالق هذا الكون المتصرف فيه وأن الله وحده هو الذي يتقدم إليه العباد بالشعائر التعبدية ونشاط الحياة كله وأن الله - وحده - هو الذي يتلقى منه العباد الشرائع ويخضعون لحكمه في شأن حياتهم كله وأيما فرد لم يشهد أن لا إله إلا الله - بهذا المدلول - فإنه لم يشهد ولم يدخل في الإسلام بعد ، كائنا ما كان اسمه ولقبه ونسبه وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله - بهذا المدلول - فهي أرض لم تدن بدين الله ولم تدخل في الإسلام بعد وفي الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء المسلمين وهم من سلالات المسلمين وفيها أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام ولكن لا الأقوام اليوم تشهد أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - ولا الأوطان اليوم تدين لله بمقتضى هذا المدلول .
وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه الأوطان مع هؤلاء الأقوام أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين وطريق المشركين المجرمين واختلاط الشـارات والعناوين والتباس الأسماء والصفات والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق .
ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة فيعكفون عليها توسيعا وتمييعا وتلبيسا وتخليطا حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل " تهمة " يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام تهمة تكفير " المسلمين " ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم لا إلى قول الله ولا إلى قول رسول الله .
هذه هي المشقة الكبرى وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازها أصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل .
يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين ويجب أن لا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة وألا تأخذهم فيها خشية ولا خوف وألا تقعدهم عنها لومة لائم ولا صيحة صائح انظروا إنهم يكفرون المسلمين .
إن الإسلام ليس بهذا التمييع الذي يظنه المخدوعون ، إن الإسلام بَيِّن والكفر بَيِّن ، الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - فمن لم يشهدها على هذا النحو ومن لم يقمها في الحياة على هذا النحو فحكم الله ورسوله فيه أنه من الكافرين الظالمين الفاسقين المجرمين .
ثانيا : ما قيل من أنه جعل مساجد المسلمين كمعابد الجاهلية انطلاقا من تكفير مجتمعاتهم واعتبارها جاهليـة : قال سيد قطب في تفسير قولـه تعالى :"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" ( يونس آية 87 ) " وتلك هي التعبئة الروحية إلى جوار التعبئة النظامية وهما معا ضروريتان للأفراد والجماعات وبخاصة قبيل المعارك والمشقات ولقد يستهين قوم بهذه التعبئة الروحية ولكن التجارب ما تزال إلى هذه اللحظة تنبئ بأن العقيدة هي السلاح الأَول في المعركة وأن الأداة الحربية في يد الجندي الخائر العقيدة لا تساوي شيئا كثيرا في ساعة الشدة .
وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل فهي تجربة إيمانية خالصة وقد يجد المؤمنين أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت وفسد الناس وأنتنت البيئة وكذلك كان الحال على عهد فرعون في هذه الفترة وهنا يرشدنا الله إلى أمور :
1 - اعتزال الجاهلية ، نتنها وفسادها وشرها ما أمكن في ذلك وتجمع العصبة المؤمنة الخيرة النظيفة على نفسها لتطهرها وتزكيها وتدربها وتنظمها حتى يأتي وعد الله لها .
2 - اعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المؤمنة مساجد تحس فيها بانعزال عن المجتمع الجاهلي وتزاول عبادتها لربها على نهج صحيح وتزاول بالعبادة ذاتها نوعا من التنظيم في جو العبادة الطهور .
ثالثاً : قال سيد : " لقد استدار الزمان كهيئته يوم جاء هذا الدين إلى البشرية بلا إله إلا الله فقد ارتدت البشرية إلى عبادة العباد وإلى جور الأديان ونكصت عن لا إله إلا الله وإن ظل فريق منها يردد على المآذن : " لا إله إلا الله " دون أن يدرك مدلولها ودون أن يعني هذا المدلول وهو يرددها ودون أن يرفض شرعية " الحاكميـة " التي يدعيها العباد لأنفسهم - وهي مرادف الألوهية - سواء ادعوها كأفراد أو كتشكيلات تشريعية أو كشعوب فالأفراد كالتشكيلات كالشعوب ليست آلهة فليس لها إذن حق الحاكمية إلا أن البشرية عادت إلى الجاهلية وارتدت عن لا إله إلا الله فأعطت لهؤلاء العباد خصائص الألوهية ولم تعد توحد الله وتخلص له الولاء .
البشرية بجملتها بما فيهـا أولئك الذين يرددون على المآذن في مشارق الأرض ومغاربها كلمات : " لا إله إلا الله " بلا مدلول ولا واقع وهؤلاء أثقل إثما وأشد عذاباً يوم القيامة لأنهم ارتدوا إلى عبادة العباد - من بعد ما تبين لهم الهدى - ومن بعد أن كانوا في دين الله .
فما أحوج العصبة المسلمة اليوم أن تقف طويلا أمام هذه الآيات البينات ! ما أحوجها أن تقف أمام آيات الولاء :"قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
ذلك لتعلم أن اتخاذ غير الله وليا - بكل معاني " الولي " وهي الخضوع والطاعة والإستنصار والاستعانة يتعارض مع الإسلام لأنه هو الشرك الذي جاء الإسلام ليخرج منه الناس ولتعلم أن أول ما يتمثل فيه الولاء لغير الله هو تقبل حاكمية غير الله في الضمير أو في الحياة ، الأمر الذي تزاوله البشرية كلها بدون استثناء ولتعلم أنها تستهدف اليوم إخراج الناس جميعا من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، وأنها تواجه جاهلية كالتي واجهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والجماعة المسلمة حين تلقي هذه الآيات .
وما أحوجها أن تستصحب في مواجهتها للجاهلية تلك الحقائق والمشاعر التي تسكبها في القلب المؤمن الآيات التالية " قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ " .
فما أحوج من يواجه الجاهلية بطاغوتها وجبروتها وبإعراضها وعنادها وبالتوائها وكيدها وبفسادها وانحلالها .. ما أحوج من يواجه هذا الشر كله أن يستصحب في قلبه هذه الحقائق وهذه المشاعر مخافة المعصية والولاء لغير الله ومخافة العذاب الرهيب الذي يترقب العصاة .. واليقين بأن الضار والنافع هو الله . وأن الله هو القاهر فوق عباده فلا معقب على حكمه ولا راد لما قضاه ، إن قلبا لا يستصحب هذه الحقائق وهذه المشاعر لن يقوى على تكاليف
" إنشاء " الإسلام من جديد في وجه الجاهلية الطاغية .. وهي تكاليف هائلة تنوء بها الجبال ! .
ثم ما أحوج العصبة المؤمنة - بعد أن تستيقن حقيقة مهمتها في الأرض اليوم ، وبعد أن تستوضح حقيقة العقيدة التي تدعو إليها ومقتضياتها من إفراد الله سبحانه بالولاء بكل مدلولاته ، وبعد أن تستصحب معها في مهمتها الشاقة تلك الحقائق والمشاعر .. ما أحوجها بعد ذلك كله إلى موقف الإشهاد والقطع والتبرؤ من الشرك الذي تزاوله الجاهلية البشرية اليوم كما كانت تزاولـه جاهلية البشرية الأولى . وأن تقول ما أَمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقوله ؛ وأن تقذف في وجه الجاهلية بما قذف به في وجههـا الرسول الكريم تنفيذا لأمر ربه العظيم
"قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ " .
بعد إيراد بعض النصوص لا بد من معرفة حقيقة موقف سيد من هذه القضية و الردود التي ذكرت في سياق الرد على هذه التهمة .
يقول الدكتور صلاح الخالدي بعد أن أورد النص الأول عند تفسير سيد لقوله تعالى"وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ" قال : في هذا النص لسيد - الذي آثرنا نقله كاملا على طوله لنعرف قصده من كلامه وحتى لا نقع في خطأ " الاجتراء " بنقل عبارات وقطعها من سياقها واستخراج أحكام منها لا تحتملها لأن معناها لا يفهم إلا في سياقها - في هذا النص يتجلى لنا أن سيد كان يهدف إلى بيان مضامين ومعنى لا إله إلا الله ويرسم نقطة البدء على هذا الأساس ويوضح طريق الدعوة وتعامل الدعاة على هذا الأساس ويكشف محاولة الأعداء في التلبيس والتخليط والتمييع حتى لا تبقى الجماهير مخدوعة في حقيقة ما هي عليه وحكم الله وشرعه ورسوله في واقعها هذا ما كان يريده سيد ولم يرد أن يكفر المسلمين كما لم يرد أن يعطي كلامه صفة الحكم القانوني المحدد والأمر القضائي النافذ إنما كلامه كلام داعية يرسم طريق الدعوة ويعبر عن هذا بالعاطفة الجياشة والانفعال الظاهر والتأثير البليغ ليستثير الهمم ويشحذ العزائم وما سوى ذلك ظلم لسيد ولرأيه وفكره وتقويل له ما لم يقله .
وحول هذا الموضوع يقول الأستاذ سالم البهنساوي " الألفاظ العامة للكتاب والشراح و أوصافهم للمجتمع أنه جاهلي أو على غير الإسلام أو معدود على الديانة الإسلامية لا تعطي حكما شرعيا لكل أفراده فهناك فرق بين الحكم الفقهي وبين الموعظة أو الزجر " .
يقول الدكتور إبراهيم الكيلاني : إننا يجب أن نفهم كلام سيد قطب من خلال منهجه لا أن نفهمه من خلال كلمات مبعثرة هنا وهناك فسيد قطب رجل دعوة يسعى لإقامة حكم الله في الأرض وكان يرى كفرا بواحا منتشرا في المجتمعات الإسلامية كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إلا أن تروا كفرا بواحا )) فاستحلال الربا والخمر والزنا والقمار وتعطيل شريعة الله ماذا يسميها الفقيه المسلم ؟ أليس هذا كفرا بواحا ؟ بلى وباتفاق المسلمين هذه كفر بواح فعندما يقول إن المجتمع الذي يستحل حرمات الله مجتمع جاهلي كافر إنما يعني أن استباحـة حرمات الله تبارك وتعالى ولم يقل أن اللذين في هذا المجتمع كفار .
وقد سألت عن هذه القضية الأستاذ محمد قطب فقال : " إن سيد لم يقل أن المسلم الفلاني كافر إلا أن يستحل حرمات الله كذلك المجتمع بصورة عامة عندما تستباح به المحرمات و يخرج عن دين الله فإذا كان سيد قد اجتهد ووصفه بهذا الوصف فله دليل من القرآن الكريم " .
أما عن القول بأن سيد يسمي المساجد معابد الجاهلية فهذا اتهام باطل ذلك أن كلام سيد في تفسير قوله تعالى"وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ" على النحو التالي يقول : " وهذه التجربة التي يعرضها الله على العصبة المؤمنة ليكون لها فيها أسوة ليست خاصة ببني إسرائيل فهي تجربة إيمانية خالصة وقد يجد المؤمنين أنفسهم ذات يوم مطاردين في المجتمع الجاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت وفسد الناس وأنتنت البيئة وكذلك كان الحال على عهد فرعون "
بهذا القيد المؤمنين مطاردين في مجتمع جاهلي وقد عمت الفتنة وتجبر الطاغوت ، هنا ذكر سيد اعتزال الجاهلية واعتزال معابد الجاهلية واتخاذ بيوت العصبة المسلمة مساجد .
ولنتأمل قول ابن كثير في هذه الآية يقول : " اختلف المفسرون في معنى قوله تعالى" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " عن ابن عباس قال" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " " قال : كانوا خائفين فأمروا أن يصلوا في بيوتهم وكذا قال مجاهد وأبو مالك والربيع بن أنس والضحاك وغيرهم يقول ابن كثير وكأن هذا والله أعلم لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه وضيقوا عليهم وقال مجاهد" وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً " " لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد .
فسيد قطب قد جعل الأمر مقيدا بالخوف من الطواغيت أما المساجد التي أسست على تقوى من الله والتي أمر الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يقول عنها سيد عند قوله تعالى "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ" يقول تلك البيوت "أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ " وأذن الله هو أمر للنفاذ فهي مرفوعة قائمة وهي مطهرة رفيعة يتناسق مشهدها المرفوع مع النور المتألق في السماء والأرض وتتناسق طبيعتها الرفيعة مع طبيعة النور السني المضيء وتتهيا بالرفعة والارتفاع لأن يذكر فيها اسم الله " وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ...... الآية " ... إلخ " .
كتب الأستاذ محمد قطب رسالة موجهة إلى مجلة المجتمع حيث أن محمد قطب كان يتدارس الإسلام مع شقيقه وهو خير من يكتب في هذا الموضوع نظرا لمعرفته لأفكار أخيه .
نص الرسالة : " السلام عليكم و رحمة الله و بركاته و بعد : فإنك تعلم يا أخي ما دار من لغط في محيط الإخوان حول كتابات الشهيد سيد قطب وما قيل من كونها مخالفة لفكر الإخوان أو جديدة عليها وأحب في هذا المجال أن أثبت مجموعة من الحقائق أحس بأنني مطالب أمام الله بتوضيحها حتى لا يكون في الأمر شبهة .
إن كتابات سيد قطب قد تركزت حول موضوع معين هو بيان المعنى الحقيقي للا إله إلا الله شعورا منه بأن كثيرا من الناس لا يدركون هذا المعنى على حقيقته وبيان المواصفات الحقيقية للإيمان كما وردت في الكتاب والسنة شعوراً منه بأن كثيراً من هذه المواصفات قد أهمل أو غفل الناس عنها ولكنه مع ذلك حرص حرصا شديدا على أن يبين أن كلامه هذا ليس مقصودا به إصدار أحكام على الناس وإنما المقصود به تعريفهم بما غفلوا عنه من هذه الحقيقة ليتبينوا هم لأنفسهم إن كانوا مستقيمين على طريق الله كما ينبغي ، أم إنهم بعيدون عن هذا الطريق فينبغي عليهم أن يعودوا إليه .
ولقد سمعته بنفسي أكثر من مرة يقول " نحن دعاة لسنا قضاة " إن مهمتنا ليست إصدار الأحكام على الناس ولكن مهمتنا تعريفهم بحقيقة لا إله إلا الله لأن الناس لا يعرفون مقتضاها الحقيقي وهو التحاكم إلى شريعة الله كما سمعته أكثر من مرة يقول إن الحكم على الناس يستلزم وجود قرينة قاطعة لا تقبل الشك وهذا أمر ليس في أيدينا ولذلك فنحن لا نتعرض لقضية الحكم على الناس فضلا عن كوننا دعوة ولسنا دولة دعوة مهمتها بيان الحقائق للناس لا إصدار الأحكام عليهم ... إلخ " .
وفي مقابلة أجرتها مجلة المجتمع مع زينب الغزالي والتي سئلت فيها هل حقا أن الفكر الذي كان يتبناه سيد ويدرسه للإخوان هو تكفير أفراد المجتمع فأجابت بأنها قد سألت سيد رحمة الله عن ذلك فاستغرب هذا القول وبين أن هذا فهم خاطئ لما كتبه ، وبين أنه سيوضح هذا في الجزء الثاني للمعالم .. وقالت إن سيد لم يكن يكفر الأفراد بل كان يرى أن المجتمعات ابتعدت عن الإسلام إلى درجة جعلتها تفقد هذه الصفة .
وسئل الأستاذ عمر الأشقر في مجلة المجتمع عن سؤال : " هل كفر سيد قطب الأفراد والمجتمعات " ؟ ومما جاء في الجواب قوله : لم تحمل كتب الشهيد نصا واحدا يصرح فيه بتكفير المجتمعات أو الأفراد ولم يتفق الإخوان على أن سيد كان يصرح في لقاءاته وجلساته وأحاديثه بتكفير المجتمعات ولكن كثيرا من كتاباته قد يستنتج منها تكفير المجتمعات والأفراد وتلك الاستنتاجات أمر طبيعي لتفاوت الأفهام أحيانا ، ولتعمق المؤلف في معنى معين للتأكيد على فكرة ما وبين خطورة التحاكم لغير الله على كلمة الشهادة وصراحة الشرك في الرضى بتشريعات البشر الوضعية ووصل به التشديد درجة " قارب " معها اتهام المجتمعات والأفراد وليس أدل على ذلك مما كتبه في الظلال عندما توقف عند قوله تعالى"وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِين َ" من سورة الأنعام وتعمق سيد في هذا المعنى وتشديده على خطورة التحاكم لغير الله لم يؤد به إلى تكفير المجتمعات والأفراد رغم حماستـه لهذه الفكرة ذلك لأنه يعلم حدود فكرته ورأيه ولكن بعض تلامذتـه - وممن تلقوا الدعوة على يديـه - تجاوزوا فكرته ورأيـه ووصلوا إلى المحظور وقالوا بتكفير المجتمعات والأفراد .
وأخيرا فهذا أيضا نص صريح من سيد قطب بعدم تكفيره للمجتمعات : وهو ما جاء في اعتراف سيد قطب نفسه المسجل في محضر التحقيق الذي أجراه معه صلاح نصر ونقله بالحرف السيد سامي جوهر في كتابه " الموتى يتكلمون " :
س : هل ترى أن هناك فرقـا بين المسلم المنتمي لجماعـة الإخوان وغير المنتمي لتلك الجماعة ؟ .
ج : الذي يميز الإخوان أن لهم برنامجا محددا في تحقيق الإسلام فيكونون مقدمين في نظري على من ليس لهم برنامج محدد .
س : فلم التمييز إذن بين أفراد هذه الجماعة وبين المسلمين قاطبة وهم جميعا أصحاب عقيدة وأهداف وبرنامج ؟
ج : التمييز - في رأيي - ليس تمييز شخص على شخص ولكن فقط باعتبار أن الجماعة ذات برنامج وأن كل فرد فيها مرتبط بهذا البرنامج لتحقيق الإسلام عمليا وهذا وجه التمييز في رأيي .
س : هـل كنتم ترون أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع منذ مدة طويلة ولا بد من إعادتها للوجود ؟
ج : لا بد من تفسير مدلول كلمة الأمة المسلمة التي أعنيها فالأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية شريعة الله ومنهجه . وهي بهذا الوصف غير قائمة الآن في مصر ولا في أي مكان في الأرض وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين لأنه فيما يتعلق بالفرد الاحتكام إلى عقيدته وخلقه وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله .
وقال سيد : إننا لم نكفر الناس ، وهذا نقل مشوه إنما نحن نقول : إنهم صاروا من ناحية الجهل بحقيقة العقيدة ، وعدم تصور مدلولها الصحيح ، والبعد عن الحياة الإسلامية ، إلى حال المجتمعات الجاهلية ، وأنه من أجل هذا لا تكون نقطة البدء في الحركة هي قضية إقامة النظام الإسلامي ، ولكن تكون إعادة زرع العقيدة ، والتربية الأخلاقية الإسلامية فالمسألة تتعلق بمنهج الحركة الإسلامية أكثر ما تتعلق بالحكم على الناس .
وعلق الأستاذ عدنان عر عور على كلام سيد بقوله : وهذا من الأدلة الصريحة من سيد رحمه الله على عدم تكفير الناس جملة .
الخلاصة : أن سيد رحمه الله تعالى لم يكفر أحدا من الأعيان ولم يكفر المجتمعات أَو الأفراد . أَما الذين وصفهم سيد بأنهم ليسوا مسلمين أو بأنهم جاهليون أو غير ذلك من الأوصاف التي استنتج منها البعض تكفير سيد للمجتمعات والأفراد تلك الأوصاف يطلقها سيد ويوضح في كلامه من المقصود بتلك الأوصاف وهم من استحل المحرمات أو جحد شريعة الله ، أو حكم بغير ما أنزل الله أو رضي وقبل التحاكم إلى شريعة غير شريعة الله . ولا يوجد نصاً صريحاً في كتب سيد يقول فيه بكفر المجتمعات أو الأفراد بدون وجود الأسباب المذكورة .
وإن قيل يلزم من كلامه القول بكفر المجتمعات أو الأفراد قلنا إن منهج أهل السنة والجماعة أن لازم كلام غير المعصوم غير لازم حتى يصرح صاحبه بالتزام ذلك اللازم ، كيف وقد صرح سيد رحمه الله في التحقيق معه عندما سئل هل ترون أن وجود الأمة المسلمة قد انقطع ؟
أجاب قائلا : " الأمة المسلمة هي التي تحكم كل جانب من جوانب حياتها الفردية والعامة بشريعة الله وهي بهذا الوصف غير قائمة وإن كان هذا لا يمنع من وجود الأفراد المسلمين لأنه فيما يتعلق بالفرد الاحتكام إلى عقيدته وخلقه وفيما يتعلق بالأمة الاحتكام إلى نظام حياتها كله " انتهى باختصار .
بجانب ما نقلناه عن أقران سيد قطب المقربين منه الذين نفوا عن سيد مثل ذلك القول وكذلك ما عرف من سيرته وتعايشه مع أفراد المجتمع وتعامله معهم معاملة المسلمين من محبته لهم وتوجيهه لهم والعمل والتعامل اليومي معهم على ذلك الأساس .
وكما قال عنه أخوه محمد قطب أن سيد أول من رفع شعار " نحن دعاة ولسنا قضاة " . فاتهامه بهذه التهمة ظلم له وتقول عليه بما لم يقله .
ثم هنا فائدة مهمة ينبغي التنبيه لها وهي أن أهل السنة والجماعة يفرقون بين الكفر المطلق والكفر المعين فلا يرون بأساً أن نقول من فعل كذا فهو كافر أو القول بخلق القرآن كفر وما شابه ذلك لكن لا يكفرون المعين إلا إذا توفرت شروط وانتفت موانع انظر كلام شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى ( 23/ 245 ) فالقول بتكفير المجتمعات أو الأنظمة أو الدول كفر مطلق لا يستلزم كفر الأعيان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق