جمع القرآن في خلافة أبي بكر الصدّيق
1 - عندما طلب عمر بن الخطاب t من أبي بكر الصدّيق t جمع القرآن في مصحف واحد قال
له : كَيْفَ أَفْعَلُ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
؟
قال له عمر t : هُوَ
وَاللَّهِ خَيْرٌ ! فاقتنع الصدّيق بعد أن شرح الله صدره فوافق على رأي
عمر t
ثم قال زيد بن ثابت t لهما
: كَيْفَ تَفْعَلاَنِ شَيْئًا لَمْ يَفْعَلْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم
؟
فقال له أبو بكر t : هُوَ
وَاللَّهِ خَيْرٌ !
فهاهنا اجتمع ثلاثة من أكابر الصحابة ؛ إثنان منهم من الخلفاء
الراشدين ؛ وهما أبو بكر الصدّيق ، وعمر بن الخطاب ،
وثالثهم عالم من علماء الصحابة ، وأعلمهم بعلم الفرائض – الذي هو من
أصعب العلوم – وهو زيد بن ثابت ، رضوان الله عليهم ، ثلاثتهم
متفقون على أنهم يريدون أن يفعلوا شيئاً لم يفعله رسول الله r ، أي : يريدون
أن يحدثوا بدعة ! !
هل هي بدعة
لغوية ، لا بدعة شرعية ؟ نعم ، هي بدعة لغوية !
فما هو تعريف البدعة
اللغوية ؟ هي : الإختراع على غير مثال سابق ! وابتداء
طريقة لم يُسبق إليها !
هناك مَن يتعالم على أولئك الأعلام ، من الصحابة رضوان الله عليهم
، ويحسب نفسه أنه أعلم منهم ، وأفقه ! فيزعم أنهم لم يأتوا بشيءٍ
جديد ! !
إذاً لماذا هذه
الرهبة ، وهذا التردد من أبي بكر الصدّيق أولاً ، وهو أعلم الصحابة ، ثم من زيد بن
ثابت ثانياً ، رضي الله عنهم ؟
هل كانوا بهذه السذاجة
، والفقر من العلم – حاشاهم – بحيث لم يعلموا ما يعلمه صغار طلبة العلم ، بل أصغر
من طلبة العلم بكثير ، من الأميين وأشباههم ؛ في أنهم لا يأتون بشيء جديد
؟ !
حتى أقنع عمربن الخطاب
أبا بكر الصدّيق ، بعد مراجعة كثيرة ، ثم أقنع الصدّيق زيداً بالمسألة ؟
فاقتنعوا جميعاً أن
هذا أمرٌ لابد منه ؛ لقد استجد أمرٌ ، لم يكن موجوداً في حياة
النبيّ r ، فإن لم يتداركوا
الأمر فسوف تتضرر الأمة جميعاً ، ولاسيما هو لا يتعارض مع كتاب الله ، ولا مع
سنة رسوله r ، بل هو الخير ، الذي حثَّهم عليه كتاب الله تعالى ،
حيث يقول الله سبحانه : ( يا أيُّها الّذين آمَنُوا اركعُوا واسجُدوا واعبُدوا
ربّكم وافعلوا الخير لعلّكم تُفلحون ) .
وهذا كان جواب عمر
بن الخطاب لأبي بكر الصدّيق ، ثم جواب أبي بكر لزيد بن ثابت
، بعد انشراح صدورهم للأمر ، رضي الله عنهم :
( هو والله خير ) !
.
وهذا يعني أنهم ما كانوا يرون أن كل مستحدث في الدين هو بدعة ضلالة
، وأنه إذا تحققت خيريته - من حيث التوافق مع الكتاب والسنة وتحقيق مقاصدهما - فإنه
إذ ذاك يكون حسناً
2 - القرآن الكريم نزل على سبعة أحرف على رسول
الله r ، كما قال هو r . أنزله
جبريل عليه السلام ، بأمر الله تعالى .
وقال r للمختلِفَين لكل منهما - عند
قراءته خلافاً للآخر - : (( هكذا أنزلت )) ! وقال لغيرهما : (( كلاكما محسن )) .
ويقول جبريل عليه
السلام للنبيّ r : إن
الله يأمرك أن تقرأ أُمّتُك القرآن على سبعة أحرف
وبقي الحال هكذا في زمن النبيّ r ، ثم زمن أبي بكر الصدّيق
t ، ثم زمن عمر بن
الخطاب t ، ثم فترة
من خلافة عثمان بن عفان t .
ثم اتفقوا على
الإقتصار على قراءة القرآن على حرف واحد ، ومنع غيرها ، لأسبابه المعتبرة
.
3 – سُئِلَ النبيّ r عَنْ ضَالَّةِ
الإِبِلِ ؟ فَغَضِبَ وَاحْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ ، وَقَالَ : مَا لَكَ وَلَهَا ؟
دعها !
وبقي حكم ضالة الإبل هكذا في زمن النبيّ r ، وخلافة أبي
بكر الصدّيق t ، وخلافة عمر
بن الخطاب t ، إلى
خلافة عثمان بن عفان t ، حيث
أمر بأخذها ، وتعريفها ، ثم تباع ، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها !
وجعل عليّ بن أبي طالب
t في
خلافته حمىً لها ، يأخذها ، ويحبسها ، حتى يأتي صاحبها فيأخذها !
فاخْتَلَفَتْ الْأَحْكَامُ
فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ. حيث كَانَ حُكْمُ
ضَوَالِّ الْإِبِلِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي
زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - تركها لَمَّا
كَانَ يُؤْمَنُ عَلَيْهَا، فَلَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ
- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَلَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِا لَمَّا كَثُرَ
فِي الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ لَمْ يَصْحَبْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
- وَكَثُرَ تَعَدِّيهمْ عَلَيْهَا أَبَاحُوا أَخْذَهَا لِمَنْ الْتَقَطَهَا
وَرَفَعَهَا إلَيْهِمْ وَلَمْ يَرَوْا رَدَّهَا إلَى مَوْضِعِهَا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق