بيان الحديـث : (( لا حلف في الإسلام )) الذي يساء فهمه ويستدل به على عم جواز التحزب او جماعات اسلامية عاملة للاسلام...
بيان الحديـث : (( لا حلف في الإسلام )) .
أخرج الإمام البخاري في صحيحه ( 2 / 803 ) عن عاصم قال : " قلت لأنس t : أبلغك أنّ النبي r قال : (( لا حلف في الإسلام )) ؟ فقال : قد حالف النبي ﷺ بين قريش والأنصار في داري " .
نفهم من هذا الحديث أنّ أنس بن مالك t يثبت الحلف بين المسلمين ، ويستدل بعمل النبي ﷺ له .
والسنة هي ما أثر عن النبي ﷺ من قول أو فعل أو تقرير .
ورسول الله ﷺ لا يتناقض في أقواله وأفعاله . وإذا ظهر ذلك لبعض الناس فقد أوتي ذلك من قِبله .
إذن ظهر أن ما أثبته النبي ﷺ غير ما نفاه .
فالحلف الذي نفاه شيء ، والذي أثبته وحرّض عليه شيء آخر !
أخرج الإمام مسلم في صحيحه ( 4 / 1961 ) عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله ﷺ: (( لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلاّ شدّة )) .
ففي هذا الحديث - كما هو واضح - ينفي رسول الله r نوعاً من الحلف ، ويثبت نوعاً آخر ويبين أن الإسلام لم يزده إلاّ شدة .
والذي يظهر - أخي المؤمن - من جمع الأحاديث والآثار وأقوال العلماء ما يلي :
كان الناس في الجاهلية يعيشون نظام القبائل والعشائر ، وكان كل واحد منهم ينتسب إلى عشيرة فيقاتل تحت رايتها ، ويدافع عنها ظالمة كانت أو مظلومة ، وإذا ما جاء رجل غريب ، أو لم يكن له عشيرة وقبيلــة ، كان لابد له من أن يحالف إحدى القبائل والعشائر حتى لا يُظلم ولاتُهضم حقوقه ، فيصبح واحداً منهم فيرثهم ويرثونه ، ويدافع عنهم ويدافعون عنه بالحق والباطل .
فلما جاء الإسلام ، وحّد القبائل ، وأصبح الناس أمة واحدة ، يعيشون تحت راية واحدة ، أخوة متحابين بعضهم أولياء بعض ، فلم يكن الناس بحاجة إلى هذا النوع من التحالف ، ولهذا جاء النهي عنه .
أنظر - أخي العزيز - إلى الحديث الذي أخرجه الإمام ابن خزيمة في صحيحه ( 4 / 26 ) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : سمعت النبي r عام الفتح وهو يقول :
(( أيها الناس ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلاّ شدة ولا حلف في الإسلام ، المسلمون يدٌ على من سواهم يجير عليهم أدناهم ويرد عليهم أقصاهم . . . )) .
وأخرج الإمام عبدالرزاق في مصنفه عن عمرو بن شعيب قال : قضى رسول الله ﷺ أنه من كان حليفاً في الجاهلية فهو على حلفه وله نصيبه من العِقل والنصر يعقل عنه من حالف وميراثه لعصبته من كانوا وقال : (( لا حلف في الإسلام وتمسّكوا بحلف الجاهلية فإنّ الله لم يزده في الإسلام إلاّ شدة )) .
وأخرج أيضاً عن عمرو بن شعيب قال : قضى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن : " من هلك من المسلمين لا وارث له يعلم ولم يكن مع قوم يعاقلهم ويعاودهم فميراثه بين المسلمين في مال الله الذي يقسم بينهم " [1] .
إذن ظهر من هذا ، أنّ الحلف الذي نفاه رسول الله ﷺ هو هذا الحلف الذي يأوي من لا قبيلة له ولا عشيرة إلى إحداها حفاظاً على حياته وحقوقه .
وقد جاء الإسلام وانتشر الأمن والأمان وأصبح الناس أمة واحدة فانتفى الحاجة إلى هذا الحلف .
أما الحلف الذي لم يزده الإسلام إلاّ شدة فهو التعاون على البرّ والتقوى وردّ الظلم والعدوان كحلف الفضول الذي كان في الجاهلية ، واشترك رسول الله r فيه .
قال الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم ( 16 / 81 ) :
" . . . وحديث لا حلف في الإسلام وحديث أنس : آخى رسول الله r بين قريش والأنصار في داري بالمدينة ، قال القاضي : قال الطبري : لا يجوز الحلف اليوم فإن المذكور في الحديث والموارثة به وبالمؤاخاة كله منسوخ لقوله تعالى ]وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض [ . وقال الحسن : كان التوارث بالحلف فنسخ بآية المواريث .
قلــت : أما ما يتعلق بالإرث فيستحب فيه المخالفة عند جماهير العلماء .
وأما المؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله تعالى ، والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى ، واقامة الحق فهذا باق لم ينسخ وهذا معنى قوله ﷺ في هذه الاحاديث : (( وأيّما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلاّ شدّة )) .
واما قوله ﷺ : (( لاحلف في الاسلام )) فالمراد به حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه والله اعلم " .
وقـــال الـحـافـظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري ( 4/473 - 474 ) :
" (( لا حلف في الاسلام )) : الحلف بكسر المهملة وسكون اللام بعدها فاء : العهد ، والمعنى : أنهم لايتعاهدون في الاسلام على الأشياء التي كانوا يتعاهدون عليها في الجاهلية كما سأذكره وكان عاصما يشير بذلك الى ما رواه سعد بن ابراهيم بن عبدالرحمن بن عوف عن ابيه عن جبير بن مطعم مرفوعاً : (( لاحلف في الاسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة )) . اخرجه مسلم . ولهذا الحديث طرق منها عن أم سلمة مثله ، اخرجه عمر بن شبة في كتاب مكة عن ابيه وعن عمرو بن شعيب عن جده قال : خطب رسول الله ﷺ على درج الكعبة فقال : (( أيها الناس . . )) فذكر نحوه . أخرجه عمر بن شبة . وأصله في السنن .
وعن قيس بن عاصم انه سأل رسول الله ﷺ عن الحلف فقال : (( لا حلف في الاسلام ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية )) . أخرجه أحمد وعمر بن شبة واللفظ له .
ومنها عن ابن عباس رفعه : (( ما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الاسلام الا شدّة وحدّة )) . أخرجه عمر بن شبة واللفظ له وأحمد وصححه ابن حبان .
ومن مرسل عدي بن ثابت قال : أرادت الأوس أن تحالف سلمان فقال رسول الله r مثل حديث قيس بن عاصم . أخرجه عمر بن شبة .
ومن مرسل الشعبي رفعه : لاحلف في الإسلام وحلف الجاهلية مشدود .
وذكر عمر بن شبة أن أوّل حلف كان بمكة حلف الأحابيش ، أن امرأة من بني مخزوم شكت لرجل من بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة تسلط بني بكر بن عبد مناة بن كنانة عليهم فأتى قومه فقال لهم : ذلت قريش لبني بكر فانصروا إخوانكم ، فركبوا إلى بني المصطلق بن خزاعة فسمعت بهم بنو الهون بن خزيمة بن مدركة فاجتمعوا بذنب الحبش بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها معجمة وهو جبل بأسفل مكة فتحالفوا : إنّا لَيَدٌ على غيرنا ما رسى حبش بمكانه . وكان هذا مبدأ الأحابيش .
وعند عمر بن شبة من مرسل عروة بن الزبير مثله ثم دخلت فيهم القارة .
قال عبدالعزيز بن عمر : إنّما سموا الأحابيش لتحالفهم عند حبش ثم أسند عن عائشة إنه على عشرة أميال من مكة .
ومن طريق حماد الرواية سموا لتحبشهم أي تجمعهم .
قال عمر بن شبة : ثم كان حلف قريش وثقيف ودوس وذلك أنّ قريشا رغبت في وج وهو من الطائف لما فيه من الشجر والزرع فخافتهم ثقيف فحالفتهم وأدخلت معهم بني دوس وكانوا إخوانهم وجيرانهم ثم كان حلف المطيبيبن وأزد .
وأسند من طريق أبي سلمة رفعه : (( ما شهدت من حلف إلاّ حلف المطيبين وما أحبّ أنْ أنكثه وإن لي حمر النعم )) .
ومن مرسل طلحة بن عوف نحوه و زاد : (( ولو دعيت به اليوم في الاسلام لاجبت )) .
ومن حديث عبدالرحمن بن عوف رفعه : (( شهدت وأنا غلام مع عمومتي المطيبين فما أحب أنّ لي حمر النعم وإني نكثته )) ، قال وحلف الفضول وهم : فضل وفضالة ومفضل تحالفوا فلما وقع حلف المطيبين بين هاشم والمطلب واسد وزهرة قالوا : حلف كحلف الفضول ، وكان حلفهم : أنْ لا يعين ظالم مظلوما بمكة . وذكروا في سبب ذلك أشياء مختلفة محصلها :
إنّ القادم من أهل البلاد كان يقدم مكة فربما ظلمه بعض أهلها فيشكوه إلى من بها من القبائل فلا يفيد فاجتمع بعض من كان يكره الظلم ويستقبحه الى أن عقدوا الحلف ، وظهر الإسلام وهم على ذلك . وسيأتي بيان ما وقع في الاسلام من ذلك في أوائل مناقب الأنصار وفي أوائل الهجرة .
قوله : قد حالف رسول الله ﷺ، قال الطبري : ما استدل به أنس على إثبات الحلف لا ينافي حديث جبير بن مطعم في نفيه فإنّ الإخاء المذكور كان في أول الهجرة وكانوا يتوارثون به ثم نسخ من ذلك الميراث وبقي ما لم يبطله القرآن وهو التعاون على الحق والنصر والأخذ على يد الظالم كما قال ابن عباس إلا النصر والنصيحة والرفادة ويوصى له وقد ذهب الميراث . . .
وقال الخطابي : قال ابن عيينة : حالف بينهم أي آخى بينهم ، يريد أنّ معنى الحلف في الجاهلية معنى الأخوة في الإسلام لكنه في الإسلام جارٍ على أحكام الدين وحدوده ، وحلف الجاهلية جرى على ما كانوا يتواضعونه بينهم بآرائهم فبطل منه ما خالف حكم الاسلام وبقي ما عدا ذلك على حاله .
واختلف الصحابة في الحد الفاصل بين الحلف الواقع في الجاهلية والإسلام فقال ابن عباس : ما كان قبل نزول الآية المذكورة جاهلي وما بعدها إسلامي .
وعن علي : ماكان قبل نزول ] لإيلاف قريش { فهو جاهلي .
وعن عثمان : كل حلف قبل الهجرة جاهلي وما بعدها إسلامي .
وعن عمر : كل حلف كان قبل الحديبية فهو مشدود ، وكل حلف بعدها منقوض .
أخرج كل ذلك عمر بن شبة عن أبي غسان محمد بن يحيى بأسانيده إليهم ، وأظن قول عمر أقواها .
ويمكن الجمع بأنّ المذكورات في رواية غيره مما يدل على تأكد حلف الجاهلية ، والذي في حديث عمر ما يدل على نسخ ذلك " .
وقال الحافظ ابن حجر ايضاً ( فتح الباري ) ( 10/502 ) :
" عن عاصم قال سمعت أنس بن مالك يقول حالف . . فذكره بلفظ المهاجرين بدل قريش فقيل له : أليس قال : لا حلف في الاسلام ؟ قال : قد حالف . . فذكر مثله وزاد مرتين او ثلاثا . وأخرجه مسلم بنحـوه مختـصرا .
وعرف من رواية البـاب تسميـة السائل عن ذلك وذكره المصنف في ( الاعتصام ) مختصرا خاليا عن السؤال ، وزاد في آخره : وقنت شهراً يدعوا على أحياء من بني سليم . وحديث القنوت من طريق عاصم مضى في الوتر وغيره .
وأما حديث المسؤول عنه فهو حديث صحيح أخرجه مسلم عن جبير بن مطعم عن النبيﷺ قال : (( لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلاّ شدّة )) . وأخرجه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن جده ولفظه ؛ وأخرج البخاري في ( الأدب المفرد ) عن عبد الله بن أبي أوفى نحوه باختصار، وأخرج أيضا أحمد وأبو يعلى وصــححه ابن حبان والحاكم من حديث عبدالرحمن بن عوف مرفوعـاً : (( شهدت مع عمومتي حلف المطيبين فما أحب أن أنكثه )) . وحلف المطيبين كان قبل المبعث بمدة ، ذكره ابن اسحاق وغيره : وكان جمع من قريش اجتمعوا فتعاقدوا على أن ينصروا المظلوم وينصفوا بين الناس ونحو ذلك من خلال الخير واستمر ذلك بعد المبعث .
ويستفاد من حديث عبدالرحمن بن عوف أنهم استمروا على ذلك في الإسلام ، وإلى ذلك الإشارة في حديث جبير بن مطعم ، وتضمن جواب أنس إنكار صدر الحديث لأن فيه نفي الحلف وفيما قاله هو إثباته .
ويمكن الجمع بأن المنفي ما كانوا يعتبرونه في الجاهلية من نصر الحليف ولو كان ظالما ، ومن أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحد منها ، ومن التوارث ونحو ذلك . والمثبت ما عدا ذلك من نصر المظلوم والقيام في أمر الدين ونحو ذلك من المستحبات الشرعية كالمصادقة والمواددة وحفــظ العهد . وقد تقدم حديث ابن عباس في نسخ التوارث بين المتقاعدين .
وذكر الراوي أنهم كانوا يورثون الحليف السدس دائما فنسخ ذلك .
وقال ابن عيينة : حمل العلماء قول أنس : " حالف " ، على المؤاخـــاة .
قلت : ولكن سياق عاصم عنه يقتضي أنه أراد المحالفة حقيقة إلاّ لما كان الجواب مطابقا . وترجمة البخاري ظاهرة في المغايرة بينهما . وتقدم في الهجرة الى المدينة : باب كيف آخى النبي r بين اصحابه وذكر الحديثين المذكورين هنا أولاً ولم يذكر حديث الحلف ، وتقدم ما يتعلق بالمؤاخاة المذكورة هناك .
قال النووي : المنفي حلف التوارث وما يمنع منه الشرع ، وأما التحالف على طاعة الله ونصر المظلوم والمؤاخاة في الله تعالى فهو أمر مرغوب " .
وقــــال الإمـــام الآبــــادي (عــون المعبود في شرح سنن أبي داود ) ( 8/100- 102 ) :
" باب في الحلف : (( لا حلف في الاسلام )) بكسر الحاء المهملة وسكون اللام : المعاهدة يتعلق بالفساد . (( وأيما حلف)) : ما فيه زائدة ، كان في الجاهلية : المراد منه : ما كان من المعاهدة على الخير كصلة الأرحام ونصرة المظلوم وغيرهما ، (( لم يزده الاسلام إلاّ شدة )) أي تأكيداً وحفظاً على ذلك ، كذا في شرح المشارق لابن مالك .
قال القاضي : قال الطبري : لا يجوز الحلف اليوم ، فإنّ المذكور في الحديث والموارثة به وبالمؤاخاة كله منسوخ لقوله تعالى : ] وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض { .
وقال الحسن : كان التوارث بالحلف فنسخ بآية المواريث .
قلت : اما مايتعلق بالإرث ، فنسخت فيه المحالفة عند جماهير العلماء ، وأما المؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله تعالى والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى وإقامة الحق فهذا باق لم ينسخ ، وهذا معنى قوله r : (( وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسـلام إلاّ شــــدة )) .
وأما قوله ﷺ : (( لا حلف في الاسلام )) فالمراد به حلف التوارث ، والحلف على ما منع الشرع منه والله اعلم . كذا في شرح صحيح مسلم للنووي رحمه الله .
وقال في النهاية : " أصل الحلف : المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والإنفاق ، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الاسلام بقوله r : (( لا حلف في الاسلام )) .
وما كان منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الارحام كحلف الطيبين وما جرى مجراه فذلك الذي قال فيه النبي ﷺ : (( وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلاّ شدة )) . يريد : من المعاقدة على الخير ونصرة الحق .
وبذلك يجتمع الحديثان ، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الاسلام ، والممنوع منه ما خالف حكم الاسلام . وقيل المحالفة كانت قبل الفتح وقوله : (( لا حلف في الاسلام )) ، قاله زمن الفتح . انتهى .
وقال ابن كثير بعد إيراد حديث جبير بن مطعم : وهذا نصّ ، فيه ردّ على من ذهب إلى التوارث بالحلف اليوم كما هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ورواية عن أحمد بن حنبل ، والصحيح قول الجمهور ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه ، ولهذا قال تعالى : ] ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون { ، أي : ورثة من قراباته من أبويه وأقربيه وهم يرثونه دون سائر الناس . انتهى .
قال المنذري : وأخرجه مسلم . حالف أي : آخى . في دارنا ، أي بالمدينة على الحق والنصرة والأخذ على يد الظالم كما قــال ابن عباس t : إلا النصرة والنصيحة والرفادة ويوصى له ، وقد ذهب الميراث . لاحلف في الاسلام ، أي : لا عهد على الاشياء التي كانوا يتعاهدون عليها في الجاهلية ، كذا في شرح البخاري للقسطلاني مرتين او ثلاثا ، أي : قال أنس : قوله حالف الخ مرتين او ثلاثا .
قال المنذري : واخرجه البخاري ومسلم بنحوه " .
إذن نستطيع الآن - اخي العزيز - أن نفهم الحديث إستناداً إلى أقوال علمائنا وأئمتنا فنقول :
لا معاهدة في الإسلام على نصر المعاهد ولو كان ظالماً ، وعلى أخذ الثأر من القبيلة بسبب قتل واحدٍ منها ، وعلى التوارث ، وعلى ما خالف حكم الإسلام ومنع الشرع منه .
أما المعاهدة على نصر المظلوم ، والقيام في أمر الدين ، والمصادقة والمواددة ، وحفظ العهد ، والمؤاخاة في الاسـلام والمعاهدة على طاعة الله ، والتناصر في الدين والتعاون على البرّ والتقوى ، وإقامة الحق ، فهذه المعاهدة لم يزدها الإسلام إلاّ شدة أي تأكيداً وحفظاً على ذلك .
ومن نافلة القول أن نقول :
إنّ كلّ جماعة من الجماعات الاسلامية العاملة اليوم في الساحة إنما هي تعاهدت على القيام في أمر الدين ، وعلى طاعة الله تعالى والتناصر في الدين والتعاون على البر والتقوى ، وإقامة الحقّ ونصر المظلوم ، والمصادقة والمودّة ، وحفظ العهد .
ولم تعاهد على الثارات الجاهلية والغارات ، وعلى ما خالف حكم الاسلام ومنع الشرع منه .
أما أنّ كل واحدة منها تدعي أنها على الحق والصواب وأنّ غيرها على الباطل والخطأ فهذا موضوع آخر .
أما أن يدعي أحد أنه من الفرقة الناجية وأن غيرها من أهل الضلال والأحزاب ، فهذا يستطيع كل واحد أن يدعيه . هذا وليعلم هو وجماعته أنهم حزب من هذه الأحزاب سواء شاءوا أم أبوا .
الذين يغالطون ويلبسون على الناس بأن “إقامة حزب” من أجل القيام بالعمل الجماعي الذي هدفه إقامة الخلافة دولة الإسلام … هو “تحزب” و”حزبية” وتعصب وعصبية … والعجيب الغريب أن أحبار الوهابية الذين يسعرون هذه الفتاوى الضالة المضلة، نجدهم أعظم المتحزبين لشيخهم ربيع المدخلي وأرائه والتي في سبيلها أقاموا في الأمة في الأمة المجازر ولا زالوا …!!! أما أن يقيم المسلمون حزباً أو احزاباً على الكفاية من عاجل العمل الجماعي لإقامة الإسلام بدون تسلط ولا تغلب ولا قهر للمسلمين … فلا!!!
للذين يلبسون على الناس بأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقم حزباً ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق