الأحد، 25 سبتمبر 2022

هل كلمة (والنبي) التي تكثر على ألسنة الناس بالأخص أهل مصر بها ما يخالف الشرع الشريف ؟!

 هل كلمة (والنبي) التي تكثر على ألسنة الناس بالأخص أهل مصر بها ما يخالف الشرع الشريف ؟!

(لا)
* أولا/ ليس فيها ما يخالف الشرع الشريف؛ فهي سبيل الترجي والعادة وليس الحلف، كقول النبي صلى الله عليه وسلم لأحد الناس :
(أفلح "وأبيه" إن صدق) أو (دخل الجنة "وأبيه" إن صدق)¹
وقول أبي بكر الصديق رضي الله عنه لامرأة :
(لا "وقرة عيني" لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرات)² يعني طعام الضيافة.
حيث علق الإمام الحافظ النووي على هذه الآثار قائلا :
(ليس هذا حلف، وإنما هو كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها "غير قاصدة حقيقة الحلف"، والنهي إنما ورد فيمن قصد حقيقة الحلق لما فيه من إعظام المحلوف به ومضاهاته بالله سبحانه وتعال، فهذا هو الجواب المرضي)³
ونقل الحافظ ابن حجر العسقلاني قول شيخ الإسلام البيضاوي في هذا الشأن، حيث قال :
(هذا اللفظ من جملة ما يزاد في الكلام لمجرد التقرير والتأكيد ولا يراد به القسم، كما تزاد صيغة النداء لمجرد الاختصاص دون القصد إلى النداء)⁴
— كذلك أهل مصر وغيرهم لا يقصدون حقيقة الحلف، بل هذا مما جرت به ألسن الناس على سبيل العادة والترجي ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم.
* ثانيا/ ماذا لو قصد حقيقة الحلف لا المعنى السابق ؟!
إن قصد حقيقة الحلف فتوجد عدة افتراضات، وهي :
— الافتراض الأول :
- استصحاب الأساليب اللغوية من الحذف والإضافة، فيكون قول القائل على تقدر محذوف، وهو :
(ورب النبي)
ثم حذف كلمة رب، وهذا نحو قوله تعالى : (وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنَّا لَصَادِقُونَ)⁵ أي اسأل أهل القرية واسأل أهل العير فحذفت كلمة "أهل".
ولا حرج في استخدام هذا الأسلوب هنا؛ لأن ديننا نزل بلسان عربي مبين، وهذه الأساليب من خصائصه.
— الافتراض الثاني :
(بدون تقدير الحذف والإضافة) :
- اختلف العلماء في الحلف بغير الله على أقوال كما ذكر الإمام ابن المنذر ، حيث ذهب بعضهم إلى أن الحلف بغير الله حرام شرعا ، وذهب بعضهم إلى كراهيته) مع عدم انعقاد اليمين على القولين ، وبالتالي لا كفارة عند نقضه.⁶
– (خصوصية النبي صلى الله عليه وسلم)
رُوِي عن الإمام أحمد بن حنبل -شيخ المذهب الحنبلي- رواية بجواز الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أحد ركني شهادة التوحيد، وذهب الإمام ابن عقيل الحنبلي بتعميم هذا القول في سائر الأنبياء صلوات الله عليهم، مع انعقاد اليمين ولزوم الكفارة عند نقضه.
ثالثا/ هل يمكن أن يكون الحلف بغير الله أو الحلف بالنبي بمثابة الشرك والعياذ بالله ؟
نعم، لو اعتقد القائل في النبي ما يعتقده في الله من ربوبية وألوهية ...وهذا باطل وغير متصور أصلا.
* أخيرا/ بالنسبة لتهافت بعض المشايخ المعاصرين في منع ما تعود عليه الناس من قول (والنبي) فهذا من لوثة الجماعات الإسلامية والتيارات المتشددة ، لا فقه المذاهب الأربعة وما صار عليه الأزهر الشريف وما يقضتيه حسن الظن بالمسلمين وحمل كلامهم على أفضل محمل.
--------
المراجع :
1- أخرجه مسلم في صحيحه ج3 ص 213، وأبو داود في سننه ج1 ص107.
2-أخرجه أحمد في مسنده ج1 ص 198، والبخاري في صحيحه ج 1 ص27
3- شرح صحيح مسلم، للإمام النووي ج1 ص168.
4- فتح الباري شرح صحيح البخاري، للحافظ ابن حجر، ج11 ص534.
5- سورة يوسف، آية 82.
6- مقتبس بتصرف من ...فتح الباري، لابن حجر، ج11 ص535...
_______
محمد حلمي الحنفي الأزهري
(حاصل على ماجستير في القانون والإجازة العالية في الشريعة الإسلامية)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق