لماذا أتصدى لهذا الفكر الوهابي المتسلف؟
فأقول لهم: إن الأمر عندي ليس سجالًا فكريًا عابرًا، ولا مجرد خلاف بين مذاهب، بل هو دين الله، الذي لا يسعني أن أرى تحريفه دون أن أصرخ في وجوه المحرفين.
كيف أصمت، وأرى هؤلاء يقفون على باب الإسلام، يمنعون أحباب الله ورسوله من الدخول، إلا أن يكونوا على مذهبهم؟ كيف أسكت، وأرى القامات العظيمة تُرجم بسياط التجريح، كأنما جاء هؤلاء ليصححوا للعلماء الأجلاء عقيدتهم، وينقّحوا توحيدهم؟
ها هم اليوم يتطاولون على ابن حجر العسقلاني، الحافظ الجبل، أمير المؤمنين في الحديث، الذي لم يجُد الزمان بمثله، فيأتون في زمن المسخ، ليضعوه في ميزانهم المائل، ويزِنوا عقيدته بموازين أوهامهم. بالأمس طعنوا في النووي، ورموا الرازي بالتجهم، وحذّروا من كتب السيوطي، وهدموا تراث الأمة باسم "التنزيه"!
أما أنا، فلا أملك إلا أن أقولها كما قالها الإمام مالك يومًا: "كلٌ يؤخذ من قوله ويُرد، إلا صاحب هذا القبر" وأشار إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
نعم، لكن من ذا الذي يزن كلام ابن حجر؟
من ذا الذي يجرؤ على اتهامه بالضلال؟
أيُّ عقلٍ هذا الذي يجرؤ على مراجعة "فتح الباري" كأنه كتيبٌ يحتاج إلى تصحيح وتنقيح؟!
أعرف أن بعض الأحباب ينكرون عليّ وقوفي في وجه هذا الفكر، يودّون لو أنني تركت هذا السجال ومضيتُ في هدوء. لكن كيف أدع هؤلاء يعبثون بالدين، ثم أكون ساكتًا وأزعم أنني على الحق؟
كيف أرى التوحيد وقد جُعل سيفًا يُذبح به الناس، بدل أن يكون نورًا يهديهم، ثم أكتفي بالمراقبة؟
لا، والله. لن أُداهن في أمر الدين. لن أسكت وأرى الإسلام يُشوَّه، حتى يُظنّ أنه دين الجفاء لا دين الصفاء، دين السيف لا دين الرحمة، دين التكفير لا دين التذكير. فإن رضي الناس أو غضبوا، فإنما أقول ما أقول نصرةً للحق، لا انتصارًا للهوى، ولوجه الله، لا لمُجاراة أحدٍ ولا مداراة أحد.
هذا ديني، وهذا يقيني، وهذا عزمي، ومن شاء فلينكر، ومن شاء فليفهم.
---
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق