الخميس، 19 أكتوبر 2017

حكم زيادة الصلاة والسلام بعد الأذان

حكم زيادة الصلاة والسلام بعد الأذان
بقلم: الشيخ العلامة محمد نجيب المطيعي الحنفي المتوفى سنة 1354 هجرية:
قال :
وأما زيادة الصلاة والسلام عقب الأذان عليه - صلى الله عليه وسلم -:
فاعلم أن زيادة السلام أحدثت عقب أذان العشاء الأخيرة في ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين وسبعمئة هجريّة ليلة الاثنين وليلة الجمعة، ثم في سنة إحدى وتسعين وسبعمئة أحدث الطنبذي المحتسب زيادة الصلاة عقب كل أذان عليه صلى الله عليه وسلم إلا في المغرب لضيق وقتها .
ثم استمرَّ العملُ على زيادتهما بعد كلّ أذان في جميع الأوقات إلاَّ في المغرب لما ذُكِر، وفي الصبح للمحافظة على فضل التغليس بها على قولٍ عملاً بالأحاديث الواردة في ذلك.
ولا يلزمُ من ذلك أن فعلَهما بدعة مذمومة شرعاً، بل فعلهما كذلك سنة حينئذٍ لدخوله تحت الأمر في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمَاً } ، فإن الأمر في هذه الآية مطلق، وهو قطعيُّ الدّلالة، قطعيُّ الثّبوت، فيفيد الفرضيَّة، لكن لإطلاقه يتحقق امتثاله بمرّة ولا يقتضي التكرار.
وأمّا ما زاد عليها فهو سنَّة؛ لأنه داخل تحت الأمر أيضاً ومن جزئيات المأمور به، ولا فرق في ذلك بين السرِّ والجهر، وبين مكانٍ ومكان، وزمانٍ وزمان، وبين أن يكون عقبَ الأذان أوَّلاً، فإن كلَّ ذلك داخلٌ تحت الأمر المطلق في الآية ومن جزئيات المأمور به، فإنه لم يُقَيِّدْ الأمرَ فيها بحالٍ دون حال، أو مكان دون مكان، أو زمان دون زمان.
والموصول والمنادي فيها عامٌ يعمُّ جميعَ المكلّفين، فالضميرُ العائدُ عليه في الأمر كذلك، ولدخول فعلهما أيضاً تحت الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (إِذَا سَمِعْتُمْ المُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُول، ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَىَّ...) إلى آخر الحديث، وهو حديث صحيح، والأمرُ فيه أيضاً مطلقٌ على وجهِ ما تقدَّم.
وكما يدخلُ فيه غير المؤذِّن يدخل المؤذِّنُ، وكان مأموراً كغيره ممن يسمعُهُ بفعلِهما عقبَ الأذان بلا فرقٍ بين أن يكون مع رفعِ صوتٍ، وأن يكون بدونه، وعلى المنارة وغيرها.
ولا يلزم من عدم فعلهما في زمنه - صلى الله عليه وسلم - أن يكون فعلُهما بدعةً مذمومةً شرعاً؛ لأن السُنة كما تثبتُ بفعله تثبتُ بقوله، وفعلُهما داخلٌ تحت الأمر القوليّ من الكتاب والسُنة كما علمت، ولذا قال ابنُ الأثير :
البدعة: بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلالة.
ثُمَّ عرَّفَ بدعةَ الضلالةِ المذمومة: بأنها المخالفة للشرع المنافية له.
وعرَّفَ بدعة الهدى: بأنها التي وقعت في عموم ما طلبه الله ورسوله،صلى الله عليه وسلم أو التي لم تكن مخالفة له وليس لها مثالٌ سابق كنوعٍ من الجودِ والثناء لم يكن في الصّدر الأول.
ثم قال: لا يجوز أن نعتقدَ بدعةَ الهدى ضلالة مخالفة للشرع؛ لأن الشارع سمَّاها سنة ووعد فاعلَها أجراً، فقال - صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلاَمِ سُنّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا وَلاَ يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيء) . انتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق