الأربعاء، 28 نوفمبر 2018

الإسبال غير حرام إلا على من أراد الخيلاء.





فتوى للشيخ سليمان الماجد-القاضي بالمحكمة العامة بالرياض
          ( لا يحرم إلا على من أراد الخيلاء . . .)     ويحمل المطلق على المقيد،وهي إحدى الروايتين عن أحمد، وقول جماهير العلماء، وجمع من المحققين منهم ابن تيمية والصنعاني والشوكاني ) .
والمقصود بالمطلق : الحديث الذي لم يذكر فيه    ( خيلاء ) أي : التكبر  «مَا أَسْفَلَ مِنَ الكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزَارِ فَفِي النَّارِ»
والمقصود بالمقيد : الحديث الذي ذكر فيه         ( خيلاء ) أي : التكبر «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»
ويحمل المطلق على المقيد ، يعني : يُفَسّر الحديث الأول بالحديث الثاني
         وقد قيّد الحديث الإسبال بالتكبر . أي : مَن طوّل ثيابه وهو يقصد التكبر فهو قد فعل حراماً .
         قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ . .
         لماذا قال رسول الله r ( خيلاء ) ؟
         هل ذِكر ( خيلاء ) زائد في كلام رسول الله r  وليس لها معنى ، وتُهمَل ولا يُعمَل بها  ؟
         (أن قيد الخيلاء معتبر، ولم يورد في الحديث إلا لمعنى )  .
قَالَ الشَّافِعِيُّ: رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ كَذَا»، وَإِذَا كَانَ هَذَا يَثْبُتُ، فَلَا زَكَاةَ فِي غَيْرِ السَّائِمَةِ مِنْ شَيْءٍ مِنَ الْمَاشِيَةِ .
وذلك لأن الحديث قد قيّد ( شَرَط )        ( السائمة ) في الزكاة .
فكلمة ( السائمة ) ليست زائدة بلا معنى !
أي : إذا كانت الإبل والبقر والغنم سائمة  (الدواب التي ترعى في البراري والمراعي ولا تُعلف ) ففيها الزكاة .
          أما إذا كانت تُكلِّف صاحبها فيشتري لها علفاً فلا زكاة فيها .
          وهذا الحكم الشرعي مأخوذ ومفهوم من الحديث الذي جاء فيه قيد ( السائمة ) .
          وهذا كقوله r : ((  فمن باع نخلة مؤبرة فثمرتها للبائع  )) . المفهوم المخالف : ان ثمرة النخلة غير المؤبرة لا تكون للبائع
          فهذه القيود في أقوال النبيّ r لم تأتِ هكذا جزافاً حاشاه ، بل إستنبط العلماء منها أحكاماً شرعية
وكذلك كلمة ( خيلاء ) هنا فهي ليست زائدة بلا معنى !
فيُفهَم من الحديث : أن الذي يطوّل ثوبه من غير تكبر ( خيلاء ) فلا يشمله الحكم .
ويقول : ( ودلالة مفهوم المخالفة  يقول بها جماهير الفقهاء والأصوليين  ) .

(  وقد تأيد هذا بالهدي العملي له صلى الله عليه وسلم حين قال لأبي بكر رضي الله عنه: “إنك لست ممن يفعله خيلاء” ) يعني : أنا أقصد مَن يفعله تكبّرا ( ولا يمكن أن يُوجَّه هذا بكونه خاصاً بأبي بكر رضي الله عنه، ولا لأن الإسبال كان عارضاً وأنه يتعاهده؛ فالخصوصية تحتاج إلى دليل  ) .
(  ولهذا فإن الأرجح دليلاً وتعليلاً أنه يُحرم من الإسبال ما كان لخيلاء، ولا يحرم ما كان لغير ذلك، وهو قول الجمهور كما تقدم.
فالذي ذهب إليه أكثر أهل العلم أن أحاديث النهي عن الإسبال مقيدة بالخيلاء، فإذا انتفى الخيلاء لم يكن الإسبال محرما ) .
وممن ذهب إلى عدم التحريم إذا لم يكن للخيلاء: الشافعي وأحمد، وممن ذكر ذلك من المالكية: سليمان بن خلف الباجي في كتابه المنتقى شرح الموطأ والنفرواي في الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني.













ومن الشافعية: الإمام النووي وشيخ الإسلام زكريا الأنصاري والإمام شهاب الدين الرملي والحافظ ابن حجر الهيتمي وغيرهم كثير.
وممن نص على ذلك من الحنابلة: الإمام ابن قدامة في المغني وشيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة والرحيباني في مطالب أولي النهى وابن مفلح في الآداب الشرعية والمرداوي في الإنصاف .
وقال عضو هيئة كبار العلماء في السعودية الشيخ عبدالله البسام رحمه الله في “توضيح الأحكام من بلوغ المرام” ( 6/246 ):”
( إن القاعدة الأصولية هي حمل المطلق على المقيد وهي قاعدة مطردة في عموم نصوص الشريعة.




والشارع الحكيم لم يقيد تحريم الإسبال – بالخيلاء – إلا لحكمة أرادها ولولا هذا لم يقيده. والأصل في اللباس الإباحة ، فلا يحرم منها إلا ما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
والشارع قصد من تحريم هذه اللبسة الخاصة قصد الخيلاء من الإسبال وإلا لبقيت اللبسة المذكورة على أصل الإباحة ) .

فالمقصود من الحديث النهي عن التكبر
 وقد قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  : «لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ، وَغَمْطُ النَّاسِ»
فالذي يتكبّر على إخوانه المسلمين ويرى نفسه أفضل منهم ويغمطهم ، يشمله الحديث وإن كان ثوبه عند ركبته .
( غمط الناس )  معناه : إحتقارهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق