الثلاثاء، 7 ديسمبر 2021

حكم التبرُك عند أهل السنة والجماعة"؟

 


التبرُك عند أهل السنة والجماعة"

أخرج الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (1/ 445، ط. دار الغرب الإسلامي)، وغيره، عن علي بن ميمون، قال: سمعت الشافعي، يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم، يعني زائرًا، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين، وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده، فما تبعد عني حتى تقضى.
وأخرج الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (51/ 323، ط. دار الفكر) عن الأصمعي قال: رأيتُ أمير المؤمنين المأمونَ سنة أربع عشرة ومائتين يقول: لقد خص الله تعالى محمد بن إدريس الشافعي بالورع والعلم والفصاحة والأدب والصلاح والديانة، لقد سمعت أبي هارونَ يتوسل إلى الله به والشافعي حيٌّ يُرزَق.
وقال الحافظ ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (74/ 147): [حدّثني الشيخ الصالح الأصيل أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن عمر بن الصفار الإسفرايني قال: وقبره -يعني قبر أبي عوانة- بإسفراين مَزارُ العالَم ومُتَبَرَّكُ الخلق، وبجنب قبرِه قبرُ الراوية عنه أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري الإسفرايني في مشهد واحد داخل المدينة، على يسار الداخل من باب نيسابور من إسفراين، وقريبٌ من مشهدِه مشهدُ الأستاذ الإمام أبي إسحاق الإسفرايني رحمة الله عليه، على يمين الداخل من باب نيسابور، وبجنب قبرِه قبرُ الأستاذ أبي منصور البغدادي الإمام الفقيه المتكلم صاحبه، الصاحب بالجنب حيًا وميتًا، المتظاهرين لنصرة الدين بالحجج والبراهين.
سمعت جدي الإمام شيخ الإسلام عمر ابن الصفار رحمة الله عليه، ونظر إلى القبور حول الأستاذ الإمام أبي إسحاق، وأشار إلى المشهد وخارج المشهد، وقال: قد قيل ها هنا من الأئمة والفقهاء على مذهب الإمام الشافعي رضوان الله عليه أربعون إمامًا، كل واحد منهم لو تصرف في المذهب وأفتى برأيه واجتهاده -يعني على مذهب الشافعي- لكان حقيقًا بذلك.
فقال رحمه الله: العوام يتقرّبون إلى مشهد الأستاذ أبي إسحاق أكثر مما يتقرّبون إلى مشهد أبي عوانة وهم لا يعرفون قدر هذا الإمام الكبير المحدث أبي عوانة؛ لبعد العهد بوفاته، وقرب العهد بالأستاذ، والإمام أبو عوانة هو الذي أظهر لهم مذهب الشافعي بإسفرايين بعدما رجع من مصر وأخذ العلم عن أبي إبراهيم المزني رحمه الله.
وكان جدي رحمه الله إذا وصل إلى مشهد الأستاذ رأيته لا يدخل المشهد احترامًا بل كان يقبل عتبة المشهد وهي مرتفعة بدرجات، ويقف ساعة على هيئة التعظيم والوقار، ثم يعبر عنه كالمودع لعظيم عظيم الهيبة، وإذا وصل إلى مشهد أبي عوانة كان أشد تعظيمًا له وإجلالًا وتوقيرًا ويقف أكثر من ذلك، كأنه واقف بقبر النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم] اهـ.
وقال الإمام ابن الجزري في "الحصن الحصين" المطبوع ضمن: "تحفة الذاكرين بعدة الحصن الحصين" (ص: 60، ط. دار القلم): [ويتوسل إلى الله سبحانه بأنبيائه والصالحين] اهـ.
وقال في "غاية النهاية في طبقات القراء" (2/ 97، ط. مكتبة ابن تيمية) عند ترجمة الإمام الشافعي: [وقبره بقرافة مصر مشهور، والدعاء عنده مستجاب، ولما زرته قلت:
زُرتُ الإمامَ الشافِعِي ... لأن ذلك نَــــــافِعِي
لِأَنَــــالَ منــــهُ شفاعـــــةً ... أَكْرِمْ به مِن شَافِعِ] اهـ.
وجاء في "فتاوى" العلامة الشهاب الرملي (4/ 382، ط. المكتبة الإسلامية): [(سئل) عما يقع من العامة من قولهم عند الشدائد: يا شيخ فلان، يا رسول الله، ونحو ذلك من الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين؛ فهل ذلك جائزٌ أم لا، وهل للرسل والأنبياء والأولياء والصالحين والمشايخ إغاثة بعد موتهم، وماذا يرجح ذلك؟
(فأجاب): بأن الاستغاثة بالأنبياء والمرسلين والأولياء والعلماء والصالحين جائزة، وللرسل والأنبياء والأولياء والصالحين إغاثة بعد موتهم؛ لأنَّ معجزة الأنبياء وكرامات الأولياء لا تنقطع بموتهم.
أما الأنبياء فلأنهم أحياء في قبورهم يصلون ويحجون كما وردت به الأخبار وتكون الإغاثة منهم معجزة لهم، والشهداء أيضًا أحياء شوهدوا نهارًا جهارًا يقاتلون الكفار، وأما الأولياء فهي كرامة لهم؛ فإن أهل الحق على أنه: يقع من الأولياء بقصدٍ وبغير قصدٍ أمورٌ خارقة للعادة يجريها الله تعالى بسببهم] اه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق