ابتداء مدة المسح على الخفين والجوربين
السؤال: شيخنا متى يبدأ حساب مدة المسح على الخفين والجوربين؟ افتونا مأجورين
الجواب: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فيرخص للشخص المقيم في المسح يوم وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها لحديث سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، أن شريح بن هانئ سأله عن المسح على الخفين، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( للمسافر ثلاثة أيام بلياليهن، وللمقيم يوم وليلة)) رواه مسلم وأحمد وأهل السنن. وفي رواية الامام احمد : ((يَمْسَحُ الْمُسَافِرُ عَلَى الْخُفَّيْنِ ثَلَاثَ لَيَالٍ وَالْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً)) وهذا مذهب الجمهور الا المالكية فعندهم عدم التوقيت فيمسح عليهما ما لم ينزعهما أو من جنابة.
وقد اختلف العلماء في تحديد بدء مدة المسح على الخفين وما يقوم مقامهما على أقوال أهمها:
القول الأول: يبدأ من حين أول مسح بعد الحدث ، وهو قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والاوزاعي وأبي ثور والراوية الثانية عند الإمام احمد واختاره النووي وابن المنذر من الشافعية، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، وترجيح الشيخين ابن باز وابن عثيمين -رحمهما الله تعالى-.
واحتجوا بظاهر أحاديث التوقيت في المسح وهي أحاديث صحاح ، وفيها قوله عليه الصلاة والسلام ((يمسح المسافر ... ويمسح المقيم))، فظاهر الأحاديث يدل على أن ابتداء احتساب المدة من وقت المسح بعد الحدث فلا يصدق عليه انه ما مسح إلا بفعل المسح ولا يجوز العدول عن الظاهر بلا حجه، ولحديث عمر بن الخطاب-رضي الله عنه- قال: (يمسح عليها مثل ساعته من يومه وليلته) رواه عبد الرزاق الصنعاني في المصنف إسناده صحيح على شرط الشيخين ؛ وصححه الشيخ الالباني.
وهو صريح في أن المسح يبدأ من ساعة إجرائه على الخف إلى مثلها من اليوم والليلة، وهو ظاهر جميع الآثار المروية عن الصحابة في مدة المسح؛ ولا شك أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه - أعلم بمعنى قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ممن بعده، وهو أحد من روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- المسح على الخفين، وموضعه من الدين موضعه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: ((عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدي)).
القول الثاني: أن المدة تحسب من أول حدث بعد لبس الخف سواء مسح ام لم يمسح، وهذا مذهب الثوري ومذهب الإمام أبي حنيفة والشافعي وظاهر مذهب احمد؛ لان ما بعد الحدث زمن يستباح فيه المسح فكان من وقته كبعد المسح، ولأنها عبادة مؤقتة فأعتبر أول وقتها من حين جواز فعلها كالصلاة .
القول الثالث: انه يمسح خمس صلوات للمقيم وخمس عشرة للمسافر ولا يمسح أكثر من ذلك ، وهو مذهب الشعبي واسحق وأبي ثور .
القول الرابع: من حين اللبس، وهو مذهب الحسن البصري .
المفتى به:
هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأول من ابتداء المدة من حين أول مسح بعد الحدث لظاهر قول النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في أحاديث التوقيت بالمسح (يمسح) ولا يمكن أن يصدق عليه انه ماسح إلا بفعل المسح، ولا يجوز العدول عن هذا الظاهر بغير برهان.
وعلى هذا لو أن رجلاً توضأ عند صلاة الظهر ولبس خفيّه الساعة الثانية عشرة مثلاً وبقي على طهارة حتى الساعة الثالثة عصراً ثم أحدث ولم يتوضأ إلا الساعة الخامسة عصراً ومسح على خفيه فله أن يمسح عليها حتى الساعة الخامسة عصراً من اليوم التالي إن كان مقيماً ومن اليوم الرابع إذا كان مسافراً، والله تعالى اعلم.
د. ضياء الدين عبدالله الصالح
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق