السؤال: شيخنا ما حكم احتفال بعضهم في كل 14 شباط من كل سنة بعيد الحب ولبس اللون الأحمر والتهادي في هذا اليوم؟ فقد انتشر مع الاسف بين المسلمين في وقتنا الحاضر! . بارك الله فيكم
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه: وبعد:

وفي سجنه وقع في حب ابنة السجّان، وقد نفذ فيه حكم الإعدام في 14 شباط –فبراير- عام 270م، ومن هذا اليوم أطلق عليه لقب قديس وكان قسيساً قبل ذلك، لأنهم يزعمون أنه فدى النصرانية بروحه وقام برعاية المحبين.

وأهل الغرب يجعلون من هذا العيد مناسبة نادرة لممارسة الجنس على أوسع نطاق، ويشيعون فيه الفاحشة والمنكر والعياذ بالله.
ومع الأسف انتقل هذا إلى بعض المسلمين، فأخذوا يحتفلون به جهلا منهم بحقيقته، فإن الإحتفال بيوم عيد الحب والإحتفاء به واتخاذه مناسبة لتبادل الحب والغرام وإهداء الهدايا الخاصة فيه ، والتهنئة به ، بدعة ليس له أصل في الشرع ، وفاعله آثم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب ، لما فيه من الدعوة إلى العشق والغرام والحب المحرم ، واشتغال القلب بما يضعف إيمانه ويقوي داعي الشهوة فيه وإشاعة الفاحشة والرذيلة وإقامة العلاقات غير الشرعية بين أبناء المسلمين من خلال الحفلات المختلطة والبرامج والسهرات المشبوهة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم [ص 207]: (الأعياد من جملة الشرع والمنهاج والمناسك التي قال الله سبحانه عنها : لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا [المائدة:48]، وقال تعالى : لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ [الحج:67]، كالقبلة والصلاة والصيام ، فلا فرق بين مشاركتهم في العيد ، وبين مشاركتهم في سائر المناهج ؛ فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر ، والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر ، بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به الشرائع ، ومن أظهر ما لها من الشعائر ، فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره ، ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة) .

فعن أنس -رضي الله عنه- قال: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال:(( ما هذان اليومان؟ )) قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الأضحى، ويوم الفطر )) رواه أبو داود وأحمد، وصححه الشيخ الألباني.
اذا انضاف إلى العيد المخترع كونه من أعياد الكفار؛ فهذا إثم إلى إثم، لأن في ذلك تشبهاً بهم، ونوع موالاة لهم ، وقد نهى الله سبحانه المؤمنين عن التشبه بهم وعن موالاتهم في كتابه العزيز، وثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من تشبّه بقوم فهو منهم)) رواه أبو داود وأحمد وصححه الشيخ الألباني .


عيد الحب وهويتنا الضائعة !
قد يستغرب البعض هذا الربط , فيقول , وما علاقة عيد الحب بالهوية والشخصية ؟
نعم هناك علاقة وثيقة لو تأملنا حالنا جيدا !
منذ متى ونحن نحتفل بعيد الحب ولماذا هناك أصلا عيد للحب ؟
هل الحب هو ذكرى موسمية او مناسبة فلكلورية مثلا !
اعتقد لا يختلف انسان عاقل على ان الإجابة هي الثانية ؟
اذا فلماذا يُراد للعالم ان يقف على رجل واحدة في يوم محدد ليستقبل عيد الحب !
هنا ينبغي ان نقف وننظر الى ما وراء الاكمة ,
يعيش العالم كله اليوم بما فيه (الامة الإسلامية ) حالة ضعف وانهزام امام العولمة الغربية التي تريد فرض نفسها على كل شيئ في هذا العالم من ادغال افريقيا وصولا الى سواحل اليابان !
كل شيء ينبغي ان يصطبغ بالصبغة الغربية ,
الوجوه والاجساد والشعر والدور والاسواق !
الثقافة والادب والفن والعلوم والمعارف وكل شيئ وصولا الى الدين !
حتى الفكرة والخيال والمشاعر يريدون ان يصبغوها بثقافاتهم !
اصبح كل شيئ خارج دائرة نمط الحياة الغربية تخلفا ورجعية وتأخرا عن مواكبة العصر !
وبالعودة الينا كمسلمين .. فإن الله تعالى ميّز هذه الامة عن غيرها من الأمم ان جعلها خير امة أخرجت للناس – بشروطها – واوجد فيه الطاقة الكامنة لتغيير العالم وصبغه بالصبغة الإلهية
{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة : 138]
فجاء الإسلام ليخرج البشرية من جاهليتها – في كل وقت – ويرتقي بها الى النور المبين .
وقد ميّز الله هذه الامة بهوية جامعة مانعة ذات ركائز ثابتة لا ينبغي الحيد عنها وهي بذلك استحقت ان تكون الامة الأعلى {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}
فكانت هي الامة الغالبة التي تتبعها الأمم ولكن لما اضاعت الامة ايمانها وهويتها نزلت من سلم الحضارة وأصبحت امة منقادة الى غيرها !
ولكن هل ينبغي ان نبقى في دائرة التبعية للاخر والانبهار به ؟
هنا يأتي دور الاخيار في هذه الامة لانتشالها من دائرة الضياع والتبعية والانبهار وتفجير الطاقة الكامنة في جسد وروح هذه الامة لدخولها دائرة التدافع من جديد ..
الامة اليوم بحاجة الى رجال صادقين ينقذونها ويرتقون بها من جديد .
نحن اليوم بحاجة الى فهم الإسلام فهما صحيحا كما فهمه الصحابة الأوائل الذين حملوا الدين الى مشارق الأرض ومغاربها ..
ان الفهم الصحيح للدين هو الخطوة الأولى في طريق الإصلاح وذلك لان مشكلتنا الحقيقية اليوم مشكلة فهم قبل أي شيئ آخر .
كثير من المسلمين لم يفهموا الدين بعد , بعضهم فهمه دينا مشاعريا والأخر فهمه دينا تاريخيا والأخر يفهمه دينا دمويا وهكذا !!
وقلّما تجد الفهم الصحيح المستقيم لهذا الدين ..
نحن بحاجة الى أخذ الإسلام جملة واحدة وفهمه فهما واحد لا مجتزئا ولم يجني علينا سوى اجتزائنا للدين وتحريفنا له !
تصحيح التصور للدين هو المفتاح لتفجير الطاقة الكامنة في الإسلام لتغيير العالم .
والقفز عبر المراحل لتحصيح السلوكيات قبل التصورات جعلنا ندفع ثمنا كبير ..
الإسلام جاء ليبني الانسان من الداخل أولا فاذا اكتمل ذلك كان بناءه من الخارج سهلا متيسرا .
هذا وان الامة معقود باجيال جديدة من الشباب تنفض عن روحها غبار الهزيمة امام الحضارة المادية الغربية وتنفض عن روحها مرة ثانية مزالق التحزبات والعصبيات المذهبية والطائفية والقومية والقطرية لتثب من جديد الى ريادة العالم وان غدا لناظره قريب .
والحمد لله رب العالمين
كتبه :
محمد الحسيني السامرائي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق