جواب لمن يعترض ويقول ..( لا قياس مع النص ) هذا كلام صحيح ، أى ألا يكون فى الفرع نص ، فإن كان فى الفرع نص فلا يجوز القياس ، وهنا فى مسألتنا ليس هناك نص فى (القيمة) فلا يجوز هنا لأحد أن يقول لا قياس مع النص ، فإذا وجد نص فى الفرع لا يجوز القياس كمن يريد أن يعطى البنت نصيبا مساويا لنصيب الولد فى الميراث ، لأن البنت تشترك مع الولد فى أنها ابنه للميت ، فهذا قياس فاسد ، لأن الفرع فيه نص ، وهو قول الله تعالى : ( للذكر مثل حظ الأنثيين) فهذا القياس يبطل النص ، ويتعارض معه كليا ، فوجب إبطاله ، وهكذا كل قياسا يعارض النص فهو باطل .
أما ( القياس على النص ) فهو القياس الصحيح ، لأنه (لا قياس إلا على نص) فيذكر الفقيه النص وحكمه وعلته ، ثم ينظر فيجد العلة الموجوة فى النص موجودة فى شئ آخر ، ومن المعلوم أن الحكم يدور مع العلة وجودا وعدما ، فيعدى الفقيه حكم الأصل إلى الفرع ، سواء كان هذا الحكم هو الوجوب أو التحريم أوغير ذلك ، وأضرب على ذلك مثالا حتى يتضح الأمر: نص القرآن الكريم على تحريم الخمر بقوله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ....إلى قوله تعالى فهل أنتم منتهون ) فنظر الفقهاء إلى علة التحريم فوجدوها الإسكار ، ووجدوا هذه العلة موجودة فى النبيذ ، فقاسوا النبيذ على الخمر ، وأعطوه حكم التحريم ، ونفس الموضوع فى مسألتنا هذه، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج فى زكاة الفطر صاعا من تمر أوصاعا من بر أو.... فنظر الأحناف وغيرهم إلى العلة فوجدوها إغناء الفقراء فى هذا اليوم ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اغنوهم عن السؤال فى هذا اليوم ) إذن العلة منصوص عليها ، وهى أقوى أنواع العلة ، فنظروا إلى القيمة ، هل فيها نفس العلة ؟ وهى إغناء الفقراء ، فوجدوها مشتملة على نفس العلة بل وتزيد ، لأنك لو أعطيت الفقير القيمة نقدا لاستطاع أن يشتري القمح إن كان محتاجا إليه أو يشترى شيئا آخر هو أكثر إحتياجا إليه .
وليس فى الحديث نهى عن إخراج القيمة ، فإن كان لك يا أخى اعتراض فقل : إن ( النقد ) أى الأموال لا تقوم مقام الطعام ، ولا يجوز لك أن تقول هنا ( لا قياس مع النص ) إنما يحق لك ذلك لو كان النص هكذا : ( لا يجوز إخراج القيمة فى زكاة الفطر ) فهنا لو قال فقية يجوز إخراج القيمة لكان القياس مصادما للنص ومبطلا له فيكون قياسا باطلا ، أما أن يجيز رسول الله صلى الله عليه وسلم إخراج أنواع من الطعام فى زكاة الفطر ثم يأتى فقية فيقيس عليها شيئا آخرى فليس هذا قياسا مع النص بل هو قياسا على النص .
ولكن قد يقول قائل لماذا لم يذكر النبى صلى الله عليه وسلم القيمة ؟
نقول قد ذكرها وذلك بالقياس ، فالقياس حكم شرعى ، فلا يحق لأحد أن يقول المخدرات غير حرام ، لأنها غير مذكورة فى الكتاب ولا السنة ، بل مذكورة بالقياس على الخمر ، لأن الله تعالى تعبدنا بالقياس ، وهو من الأدلة الثابتة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق