#الضربة_القاضية_بإذن_الله_على_لواء_المداخلة.
ولندخل في الموضوع دون مقدمات:
#أولا: علم الجرح والتعديل الأصلي في رواة الحديث ليتحقق به شرط عدالة الراوي والغرض منه معرفة (هل الراوي يكذب أم يصدق) وبعد ثبوت صدقه ينظر في ضبطه (من حيث الحفظ أو الكتابة) وكل هذا ليُعلم أثقة هو في النقل أم غير ثقة.
#ثانيا: علم الجرح والتعديل علمٌ عقلي يدخل تحت علوم الحديث السبعة وكل هذه العلوم مصدر قوانينها العقل؛ ومنه فلا يتعلق النقاش فيه بالبدعة والسنة لأنه من إبداع البشر أصلا ومن الجهل أن يقال "فلان مبتدع لأنه أنكر الجرح في المعاصرين" لأن الجرح في المتقدمين فضلا عن المعاصرين منبعه القواعد العقلية ولا توجد نصوص شرعية لضبط قواعد الحديث بل كلها عقلية "وأتعمد تكرار الإشارة إلى أن العلم عقلي لأهميته" فما كان أصله عقليا لم يكن متعلقا لا بالسنة ولا بالبدعة "وهذه تكفي لكل عاقل في اسقاط منهج المداخلة من جذوره وبيان جهلهم أجمعين".
#ثالثا: احتيج لعلم الجرح والتعديل في الرواة لأن نقل الأخبار داخل في المصدر المعرفي "الخبري؛ النقلي" وقواعده "عقلية" فالعقل يحكم على المنقول من خلال الحكم على الناقل بالوثاقة أو غير الوثاقة لذا فمن الضروري معرفة حال الراوي إذ أن مصير ما يقوله متعلق بالحكم عليه.
بخلاف الحديث عن الشخص الذي لم ينقل رواية فإن الحكم على كلامه هو حكم على "رأيه" ويمكن الاستغناء عن معرفة حاله إذ أن الميزان يرجع إلى المصدر المعرفي لما يقوله؛ فإن تكلم في مسألة عقلية حوكم كلامه للقواعد العقلية "ولا يفيد الحكم على المتكلم بشيء في الحكم على كلامه فلو أن رجلا قال (1+1=2) فإننا نحكم على كلامه بالصواب بغض النظر عن القائل؛ بل نصحح كلامه ولو كان مجنونا أو كافرا لأن كلامه غير متعلق بأمانته النقلية؛ هو لم ينقل خبرا بل قال قاعدة عقلية فننظر في القاعدة مباشرة".
وإن تكلم في مسألة حسّية طولب بالدليل الحسي "ولا يفيد الحكم عليه بشيء فيما يبرزه من الدليل الحسي؛ فلو قال رجل ما: إن هذه الموزة لون قشرتها أصفر؛ ونراها صفراء فإننا نحكم على كلامه بالصواب سواء كان مجنونا أم عاقلا أو مبصرا أو أعمى؛ لا يهمنا كيف عرف أنها صفراء لأننا صدقنا اصفرارها كوننا رأيناه بأعيننا فلا نحتاج إلى الحكم عليه كي ندرك الحق في كلامه؛ وكذلك لو حكمنا بالوثاقة لرجل وقال إن الموزة حمراء فلن نأخذ بكلامه ولو كان ثقة وقد نتهمه في بصره أو ما اختلط عليه أو نقول بسحره ولا نقبل قوله".
فإن كان الكلام حول منقول ثابت من غير جهة مقطوع في ثبوته (كأن يستدل بآية أو حديث نعلم ثبوته من طرقه وليس هو من الرواة الناقلين للحديث) فلو استدل بهذا النص النقلي فإننا لا نحتاج إلى عدالته في النقل لأن النص ثابت عندنا من غير طريقه وهو يعطيك مصدره وترجع لتتحقق منه بنفسك ولو كان من أكذب الكاذبين؛ وبعدها يكون النقاش في الدلالة التي يفهمها فهذا أيضا لا يلزمنا فيه معرفة حاله لأن لنا عقلا يفهم النصوص كما له عقل فننظر في مناط استدلاله فإن كان صحيحا من حيث الدلالة وفقا لما نعرفه من قواعد عقلية ولغوية متعلقة بفهم المنقول "أصول الفقه" فإننا نحكم على القول بالصواب أو الخطأ ولذلك قد نوافق مبتدعا ضالا في مسألة أصاب فيها ونخالف عالما فاضلا فيما أخطأ فيه.
ومنه: فقياس علم الجرح والتعديل الخاص بالرواة على الدعاة المعاصرين قياس فاسد لما في ذلك من عدم وجود تواطؤ بين القضية في هذا المحمول.
#رابعا: بناءً على ما سبق نعلم أن علم الجرح والتعديل في الرواة ضروري لذاته فلا يمكن لأحد من البشر الاستغناء عنه سواء كان عالما أم جاهلا.
أما التحذير من (غير الرواة) فليس ضروريا لذاته بل هو ضروري لغيره فتتعلق ضرورته بحال المتلقي لهذا التحذير فإن لم يكن صاحب علم فإنه يحتاج لهذا التحذير أما إن كان متخصصا فإنه يعرف كيف يميز بين الحق والباطل دون أن تحذره من آحاد الأشخاص.
مثال على ذلك: من يعرف تفاصيل مسألة القول بنظرية الفيض فإنه يكتشف وجه البطلان فيها فليس مهما أن تحذره من أفلوطين والفارابي وابن سينا وكل من سار على منهجهم في هذا الباب أما غير العالم بالمسألة فقد يحتاج إلى تحذيره من هؤلاء الفلاسفة القدامى ومن وافقهم من المعاصرين.
ومنه فعلم الجرح والتعديل في الرواة ضروري مثل الأكسجين للإنسان أما التحذير من غير الرواة فبحسب حاجة الناس إليه مثل جهاز التنفس فمن يجيد التنفس بذاته لا يحتاج لهذا الجهاز ومن لا يجيد ذلك يحتاجه فيكون الجهاز ضروريا لغير ذاته.
#خامسا: في الجرح والتعديل المتعلق بالرواة يكون الجانب المركز عليه "هل الراوي يكذب أم لا؛ هل يحفظ أم لا" وحتى عند تناولهم عقيدة الراوي كأن يقولوا "عمران بن حطان خارجي" فإن هذا الوصف قد لا يؤثر عندهم في الحكم على الراوي بالوثاقة لذلك تجد علماء الجرح والتعديل الحقيقيين يوثقون عمران بن حطان وهو خارجي لأنهم علموا منه الصدق والضبط وهذا ما يهمهم في الموضوع ويضعفون من كان سنيا على عقيدة سليمة لو ضعف حفظه أو سقطت عدالته من حيث الكذب (يعني تجد عقيدته في الصفات والقدر وغير ذلك سليمة ولكنه يكذب في أمور الدنيا مثلا؛ فهذا لا يأخذون بحديثه رغم أنه ليس مبتدعا).
ومنه فتدليس المداخلة بتطرق أئمة الجرح والتعديل لعقائد الرواة بات مفضوحا إذ غاية ما يستفاد من عقيدة الراوي أن يروا ما إن كانت مؤثرة على عدالته أم لا؛ فالراوي الرافضي عادة ما ترد روايته خاصة إن كانت تخدم مذهبه ومع ذلك يقبلون من الراوي الشيعي إن ثبت عندهم صدقه وخلاصة الأمر أن الضابط هو الصدق وعدمه؛ الضبط وعدمه.
بخلاف الدعاة لي غير الرواية فإننا ننظر إلى فهمهم للنصوص ولا نحتاج لمعرفة قوتهم في الفهم من عدمه "بل يحتاجه المقلدون".
#سادسا: يشترط في من يريد التحذير من أهل الكذب أن يكون صادقا ومن يريد الحكم على غيره بالعدالة وغير العدالة يجب أن يكون عدلا أولا؛ وإلا ففاقد الشيء لا يعطيه وربيع المدخلي ومشايخ المداخلة ثبتت عمالتهم لغير المسلمين وثبت تخبطهم وعدم عدالتهم وثبت عليهم التناقض بل ثبت عليهم الجهل فعلى أي أساس نصبوا أنفسهم مسؤولين عن تجريح وتعديل الناس ؟.
قد يقال؛ شهد لهم بعض العلماء؛ فنقول وكذلك شهد الشافعي لإبراهيم بن محمد بالوثاقة فكان يقول "حدثني الثقة لا يذكر حتى اسمه لشدة ثقته به" رغم أن إبراهيم بن محمد هذا جرحه غير الشافعي واتهموه بالكذب وكان كذابا ولكن الشافعي لم يعرف من شره ما عرفه عنه غيره؛ هذا والشافعي حي فكيف يستدل بشهادة الميت على الحي؟ وقد رفض المداخلة تزكيات نفس العلماء المذكورين لعدد هائل من المشايخ الآخرين واحتجوا بمثل ما احتججتُ به فلماذا لم تنطبق قواعدهم على مشايخهم؟ قد يقال "ولماذا لم تنطبق قواعدك على المشايخ المخالفين للمداخلة" فأقول: نحن لم نحتج على عدالتهم بتزكيات المشايخ الذين سبقوهم بل بما علمناه من قولهم بالحق ونستطيع معرفة الصواب والخطأ من كلامهم وكلام غيرهم بأنفسنا فنحن لا نلتزم بمنهج التزكيات من الأساس وإلا سألنا (من الذي زكى الذي زكاهم ومم زكى الذي زكى الذي زكاهم وهكذا ويستحيل أن يتصل السند في التزكية من هؤلاء المشايخ إلى غاية النبي صلى الله عليه وسلم).
هذا وإننا نخالف المشايخ الذين زكوا ربيع في كثير من المسائل فلا يحتج بهم علينا في أقوالهم فضلا على تزكياتهم.
وأما المستمرون في تزكية ربيع إلى يومنا هذا فهم إما جهلة بالحق وإما جهلة بحال ربيع وإما جبناء لا يصدعون بالحق ويفضلون المداهنة وإما أنهم ضُلّال وعملاء مثله فشهادتهم ساقطة من الأساس.
ولو ثبت أن الذين سبقوه وشهدوا له وزكوه إنما زكوه في الضلالات التي وقع فيها فإنما يكون حكمهم كحكمه ويسقطون معه لا أن يرتفع بهم فالضلالة تسقط الرجال وليس الرجال هم الذين يرفعون الضلالة لتصبح في مرتبة الحق (طبعا أقول هذا بعد توفر الشروط وانتفاء الموانع في الحكم على الأعيان؛ فأما من عذر بالجهل فقد سقط الاحتجاج به أساسا إذ يعتذر له فكيف يحتج به في نفظ المسألة).
كتبه #صهيب_بوزيدي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق