السبت، 27 فبراير 2021

أسئلة لن يجد عليها المداخلة جوابا ..؟



عندما يتحدث المدخلي عن عدم جواز انتقاد الحكام باعتبارهم لذلك خروجا بالكلمة نسأله: ((هل هذا الحكم يشمل الحاكم أردوغان والحاكم تميم)) ؟؟ إن قال "لا" قلنا له (قد نقضت تأصيلاتك في الحكام وبينت أنك تريد إخضاع الناس لمجموعة سياسية معينة وليس همّك تقرير عقيدة كلية تنطبق على كل متعيناتها) فإن قال "نعم يشملهم" قلنا: (فما لنا نرى رسلان يهاجم أردوغان وتميم ويسبهما وعلى نهجه يسير المداخلة في كل مكان سواء في الفايسبوك أو الواقع؟ إن تكلمنا عن حاكم مصر أو الإمارات قالوا "لا تتكلموا في ولي الأمر" فإن ذُكر أردوغان أمامهم بدؤوا بالطعن والسب ومحاولة التنفير منه؛ وحتى ولو افترضنا أن الواحد منهم سكت عن الطعن فيه فإنه لن يتكلم مدافعا عنه ولن يوقف المتحدث معه بحجة أنه طعن في ولي الأمر فبغض النظر عن خطأ المداخلة في التأصيل لهذه المسألة من أساسه إلا أنهم لا يطبقون أصولهم على كل الحكام وإنما أصّلوا لها في الزمن الذي كان كل الحكام فيه من أصحاب الاتجاه العلماني أو الديكتاتوري وكان الغرض من هذه الفتاوى تأمين عروش هؤلاء حتى لا يصل غيرهم إلى الكرسي؛ فلما وصل بعض الإسلاميين أو المتعاطفين معهم إلى الحكم وهو ما لم يكن في الحسبان نقض المداخلة قواعدهم فيهم.


قد يقول المدخلي مهاجما "نفس الشيء ينطبق على كثير من مخالفينا إذ كانوا يهاجمون الحكام ثم دافعوا عن أردوغان أو إنهم يدافعون عن أردوغان ويهاجمون حكام السعودية فلماذا لم تعتبر ذلك تناقضا ؟
فنقول له: إن المدافعين عن أردوغان لم يتناقضوا مع أصولهم "بغض النظر عن تسليمكم بصحة دفاعهم عنه من عدمه فليس هذا موضع تحرير النزاع في هذه النقطة" وذلك لأنهم لم يجعلوا الأصل هو تحريم الكلام في الحكام ولم يصنفوا الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله أولياء أمور أصلا حتى مع الدفاع عن بعضهم وإنما ينظرون في عمل الحاكم فمن صدر منه الصلاح والإصلاح أيدوه ومن صدر منه خلاف ذلك عارضوه ولم يعلنوا يوما عن وجوب معارضة أو تأييد الحاكم لمجرد أنه حاكم بخلاف المداخلة الذين جعلوا أصل الدفاع منوطا بمنصب الحكم لا الأشخاص ولا النظر في كونهم صالحين أو فاسدين أو عادلين أو ظالمين وفي أحسن أحوالهم اشترطوا إسلام الحاكم فقط "وليس لديهم دليل على كفر أردوغان أو تميم ليسوغ لهم استثناؤه؛ بل هم بأنفسهم لم يعلنوا عن تكفيرهم لهما وإنما يطعنون فيهما لمجرد اختلاف سياستهم عن سياسة الجهة السياسية المحركة لهم.

عندما يؤصّل المداخلة لقاعدة معروفة عندهم وهي "كل من خرج على الحاكم المسلم فهو خارجي" ومعلوم أن المداخلة يطلقونها على الأعيان بلا استيفاء للشروط ولا انتفاء للموانع؛ فعندها نسألهم هذا السؤال (هل الحسين الذي خرج على يزيد كان خارجيا ؟) وكنت فيمن أعلم أول من ألزم شيخهم محمد المدخلي بقوله (لو ثبت أن الحسين قد خرج على يزيد لكان خارجيا لكنه خرج للمطالبة بدم أبيه) فقلت رادا عليه (بما أننا بينا أن الحسين قد خرج على يزيد وذلك لأن قاتل أبيه مات قبل عشرين سنة من خروج الحسين وتم القصاص منه وانتهى الأمر؛ فيلزمك اتهام الحسين بأنه خارجي ثم فصلت ذلك في موضعه)
لكن السؤال الجديد الذي أريد قوله هنا: ((ما حكم الذين خرجوا على الحاكم المسلم السرّاج وقات*لوه بالسلاح ؟)) ومعلوم أن مشايخ المداخلة أفتوا بالق*تال في صفوف حفتر ابتداءً من ربيع المدخلي ثم طلعت زهران وبقية شيوخهم وانتهاءً بأصغر جندي يق*اتل معهم على أرض المعركة.

فهل يصبح هؤلاء خوارجا مستحلين للخروج بعد أن حرموه بأنفسهم وعلى قواعدهم ؟.
قال بعض المداخلة ليتملصوا من الإلزام: إن ليبيا أرض متنازع عليها لم تستب لولي أمرٍ معين.
قلت: فلماذا اعتبرتم حفتر ولي أمر وقاتلتم خلفه واعتبرتم حكومة السراج من الخوارج مادمتم تقولون بعدم استقرار ليبيا على ولي أمر معين ؟ أليس هذا تناقضا صارخا.

ثم إن الأمر قد استتب للسراج بصفته رئيسا للحكومة المؤقتة واعترف به كل العالم لما كان حفتر لا يزال في أمريكا؛ وحفتر هذا كان متقاعدا من الجيش ولم يكن له أي منصب رسمي عندما استتب الأمر للسراج؛ فعلى أي أساس جاز له الخروج عليه حتى يقع النزاع فتقولوا من بعد ذلك "ليبيا متنازع عليها؟" بنفس منطقكم فإن الخوارج الذين خرجوا على عليٍّ رضي الله عنه يمكنهم أن يقولوا "لم يستتب الأمر لعلي فنحن في نزاع معه بعد أن خرجنا عليه" بل يستطيعون قول ذلك من باب أولى إذ قبل خروجهم عليه ومنذ بداية حكمه كان بينه وبين معاوية رضي الله عنه ومن معه صراع وحرب (حتى ولو لم تكن حربا من أجل الخلافة) فكان بإمكان القوم أن يحتجوا بمثل هذا.
ومعلوم أن كل جماعة خرجت على الحاكم تستطيع أن تحتج بمثل هذا إذ بعد خروجها لم يكون الأمر مستقرا وذلك لأنهم بخروجهم زحزحوا الاستقرار؛ فإن كان الأمر كذلك فلماذا وصفتموهم بالخوارج ؟ بل بشرطكم الذي بررتم به لحفتر لن يكون هناك على وجه الأرض من خارجي قط؛ فكل من خرج على الحاكم يمكنه القول "الأرض غير مستقرة".

فلا أدري بأي منطق تفكرون وكيف تبتلعون هذه التناقضات الواضحة وتحاولون تغطية نور الشمس بالغربال المليء بالخروق والثقوب.

قال رسلان في أحد فيديوهاته متحدثا عن القرضاوي (بل إن القرضاوي يدعو الصليبيين للتدخل في سوريا؛ ومعلوم أن الاستعانة بالكافر ضد المسلمين من نواقض الإسلام) فأراد رسلان الإشارة إلى تكفير القرضاوي واستحلال دمه "وذلك بعد أن أصدر السيسي بحق القرضاوي حكم الإعدام غيابيا" فحاول رسلان التبرير لهذا الحكم وبدأ يبحث عن شيء يستحل به دمه؛ فحاول تلبيسه تهمة الاستعانة بالكافر على المسلم ليجعله كافرا ثم يقول "ولو أن أهله حجروا عليه لكان خيرا له من أن يرمى بالخيانة العظمى وهذه حكمها معروف" يقصد "حكم الخيانة العظمى معروف وهو القتل".
والسؤال (أولا لماذا اعتبر رسلان بشار الأسد مسلما وقد أجمع المداخلة على تكفير صدام حسين بحجة أنه بعثي "من حزب البعث"؛ أوليس بشار الأسد من حزب البعث أيضا ؟ فكيف يكفر صدام ولا يكفر بشار ؟ ثم إن بشار زاد على صدام بخاصية أخرى وهي انتماؤه للطائفة العلوية النصيرية التي كفرها أهل السنة بل كفرتها حتى طوائف الشيعة الأخرى وذلك لزندقتهم الواضحة؛ فعلى أي أساس حكم عليه بالإسلام؟ ثالثا: كيف يكون بشار الأسد مسلما وقد استعان بالروس على قتال السوريين المسلمين ورسلان في نفس هذا المقطع يقول بأن الاستعانة بالكافر ضد المسلم من نواقض الإسلام وبحسب كلامه يصبح بشار غير مسلم لأنه استعان بالروس وبعد ثبوت كفره لا يكون المستعين عليه بدولة كافرة مستعينا بالكفار على المسلمين بل يدخل في الاستعانة بالكفار ضد الكفار).
ثم كيف نسي رسلان أن المدخلية تأسست أصلا بسبب حرب الخليج التي أفتى فيها ربيع المدخلي بجواز الاستعانة بأمريكا ضد صدام حسين بحجة أنه بعثي.

فما الفرق بين استعانة ربيع المدخلي والمداخلة جميعا بل وحتى غير المداخلة بأمريكا ضد البعثيين وبين استعانة القرضاوي بأمريكا ضد البعثيين ؟

ثم إن صدام كان خلفه كل شعب العراق؛ أما بشار الأسد فليس خلفه من الجنود إلا الموافقين له على ظلمه وطغيانه؛ أما شعبه فهو المتلقي لهذه الويلات.
أما القرضاوي فقد أراد بكلامه هذا أن يثبت للعالم أن أمريكا التي تدعي حفظ السلام في العالم لا تتدخل لنصرة المظلومين وإنما تتدخل إن كان الأمر في صالحها فقط؛ لذلك دعاهم للتدخل في الشأن السوري "إن كانوا من الصادقين في دعواهم" ولم يحدث هذا التدخل أصلا؛ بينما ربيع المدخلي ألف كتابا سماه (صد عدوان الملحدين وحكم الاستعانة عليهم بغير المسلمين) وقصد بالملحدين صدام حسين لأنه من حزب البعث الذي ينتمي إليه بشار الأسد نفسه.


أعلم أن القارئ الكريم سيُصدم من كمية التناقضات الهائلة التي تصدر من رسلان وسائر المداخلة لكن الذي أريد قوله "ليس هذا إلا قطرة من بحر تناقضاتهم ولكي لا أطيل في المقال أكتفي بهذه الأسئلة الثلاثة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق