#مناظرة_افتراضية_في_الجدل_حول_صحيح_الألباني (بقلم صهيب بوزيدي).
ثار جدل كبير حول هذا الكتاب الذي ألّفه شخص اسمه محمد حسن عبد الحميد الشيخ "ولا أعرفه صراحة وعدم معرفتي به لا يضره ولا ينفعه ولكني أقصد أني أسمع به لأول مرة بعد انتشار هذا الجدل لذلك فإن تعليقي سيكون على الجدل المثار حول هذا الكتاب وسأحاول عدم الترجيح بين أقوال المختلفين وإنما أطرح وجهة نظري في الدفاع عن كل قول منهما بحججي الخاصة وأجعلها في مناظرة افتراضية ألعب فيها الدورين معا عسى أن أبث من المناظرة ما يمكن أن ينفع ولو في غير موضوع الكتاب مستغلا هذه المناسبة فحسب، وإلا فإن الحكم على الكتاب نفسه ليس ما يهمني فلن يسألني الله عن رأيي فيه ولم نكلف بمراقبة كل صغيرة وكبيرة لنبدي رأينا في كل شيء.
كيف يجرؤ المؤلف على تصنيف كتاب يسميه "صحيح الألباني" وكأنه بذلك يريد مضاهاة كتابيّ "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم" ؟
وأيّ بأسٍ في ذلك ؟ هل نجد في القرآن أو السنة أو العقل تحريم مضاهاة البخاري ومسلم وهما رجلان من المسلمين مهما علا شأنهما ؟ ثم من قال إن الهدف من الكتاب المضاهاة ؟ إنما المقصود من الكتاب جمع الأحاديث التي حكم عليها الألباني بالصحة في كتاب واحد حتى يسهل الرجوع إليها.
لسنا نقول بأن مضاهاة كتابيّ البخاري ومسلم مما حرمه الشرع أو يمنعه العقل إمكانا وإنما ليس كل ممكن عقليٍّ يكون مترجحا في الواقع بالضرورة، وما نعلمه أن قدر الشيخين "البخاري ومسلم" وأثرهما في الأمة أعلى بكثير من قدر الشيخ الألباني مع جلالة قدره في هذا المجال وذلك من عدة أوجه:
1 - أن البخاري ومسلم كانا من رواة الحديث ومخرجّيه في آن واحد بينما الشيخ الألباني ليس من الرواة كونه من المتأخرين، فهو يأتي بالأحاديث من الكتب المخرّجة ليحكم على أسانيدها مما يعني إمكانية استغناء الأمة عن أحكامه واستبدالها بأحكام غيره ممن يسلك نفس الطريقة، أما البخاري ومسلم ومن كان مثلهما فإن الاستغناء عنهم معناه سقوط مروياتهما وهذا فيه ذهاب لأصل المتون الحديثة وأسانيدها.
2 - البخاري ومسلم كانا إمامين في الجرح والتعديل والألباني يعتمد على أحكامهما على الرواة لأنه لم يعاصر الرواة بنفسه حتى يعرف بأن الواقدي متروك مثلا وإنما يحكم عليه بحكم البخاري ومن كان في مقامه وزمنه، وذلك معناه إمكانية وجود من يقوم بدور الألباني بينما لا يوجد من يعوض البخاري ومسلم وغيرهما من أئمة الجرح والتعديل آنذاك.
3 - كتاب "صحيح البخاري" و"صحيح مسلم" ألّفه كلٌّ منهما بينما الألباني لم يؤلف هذا الكتاب بنفسه ولعله لو رآه لتراجع عن كثير من الأحاديث التي صححها أو ضعفها خاصة وأن الكتاب جمع ما تقدم وما تأخر من أعمال الألباني فمنها أعماله التي أنتجها في بداية انشغاله بالحديث ومنها ما أنتجه بعد اكتساب خبرة أكبر في المجال وهو ما صرح به الألباني نفسه قبل موته وطلب مراجعة أحكامه القديمة.
لم يجادل أحد في كون مكانة البخاري ومسلم في الأمة أكبر وأعلى من مكانة الألباني كما أنه يعلم بالضرورة عدم قدرته على الاستغناء عنهما بينما هما مستغنيان عنه وهذه المغالطة أراها مغالطة رجل القش وهي بناء أدلة قوية على موقف ضعيف تنسبونه لمخالفكم حتى ينبهر المتابع لكلامكم به فيظنكم أصبتم وجه الصواب وأفحمتم خصمكم.
إنما المقصود من قولنا "وهل مضاهاة البخاري ومسلم حرام" إخراج ذلك من التحريم الديني، مما يعني أن الخلاف يكون دنيويا إذ لا يُناط به إثم أو وِزر، وكلنا نعلم أن الكتاب لم يُكتب لهذا الغرض وإنما هدفه جمع أحكام الألباني على الأحاديث وليس الألباني أول من حكم على الأحاديث بالصحة أو الضعف فكما للألباني سلسلة في الأحاديث الضعيفة والموضوعة فهناك من سبقه للتصنيف في الموضوعات مثل:
1 - كتاب "تذكرة الموضوعات" للحافظ محمد بن طاهر المقدسي (507 هجري)
2 - كتاب الأباطيل أو "الموضوعات من الأحاديث المرفوعات" للإمام الحسين الجوزقاني (543 هجري).
3 - كتاب "الموضوعات" للإمام عبد الرحمن بن الجوزي (597 هجري)
4 - كتاب "المغني عن الحفظ" الذي لخّص فيه الحافظ عمر بن بدر الموصلي (622 هجري) كتاب الموضوعات لابن الجوزي
5 - كتاب "المنار المنيف في الصحيح والضعيف" للإمام ابن القيم (751 هجري) وهو تلخيص منضبط مقعّد لكتاب الموضوعات لابن الجوزي.
6 - كتاب "اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة" للحافظ السيوطي (911 هجري)
7 - كتاب "الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة" للإمام الشوكاني (1255 هجري).
وتوجد كتب كثيرة غير هذه والشاهد منها وجود من ألّف كتبا تختصر كتب علماء سبقوه ولم يشترط فيها أن تُعرض عليهم كما لم يُقل للشوكاني الذي جاء لي القرن 13 من أنت لتكتب كتابا تضاهي به من كان في القرن السادس ؟.
ولا يمكن أن نفهم من عنوان هذا الكتاب أن صاحبه يدعي أن المؤلف أو الذي جمعت أحكامه ممن روى الأحاديث بنفسه وهو معاصر متأخر، ولا يوجد في المعاصرين من يروي الحديث بنفسه إلا للبركة ونيل الشرف وإلا فلا يرجع أحد من الأمة لأسانيد المعاصرين ويترك ما يعوضها من أسانيد المتقدمين.
هل طبيعة كتاب البخاري ومسلم بغض النظر عن مستواهما ومستوى مؤلفيهما هي نفس طبيعة صحيح الألباني ؟ ألا يوهم ذلك عوام الناس أن للمسلمين ثلاثة كتب صحاح (البخاري ومسلم والألباني) ؟ بينما كتاب الألباني عبارة عن آرائه في الكتب القديمة وليس كتابه أصلا ككتب الأصول الستة في الحديث (البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجة) أو ككتب المدارك "المصنفات والمسانيد".
معلومٌ أن في اللغة من المشترك اللفظي ما هو أبعد في الإشارة للاختلاف من هذه القضية ومع ذلك لم يمنع أحد من العقلاء الناس الكلام بالمشترك اللفظي فقد يكتب مؤلف كتابا بعنوان (العيون الجميلة) ويتكلم فيه عن العيون المبصرة بينما يؤلف آخر كتابا قريبا من هذا العنوان ويكون المقصود بالعيون فيه عيون الماء فهل يُنكر على المؤلف لمجرد التشابه في العنوان مع الاختلاف في طبيعة العنوان ؟ وقد يُكتب كتاب حول موضوع (ماهية الزمن) فيكون كتابا كوسمولوجيا ويكتب فيه آخر ضمن الإطار الفلسفي ويكتب ثالثٌ بما يشبه العنوان ويدرسه دينيا وفي الدين نفسه قد يدخله بعضهم في بوابة العقيدة ويمزجونه بالمنطق وقد يدخله آخرون في باب الموعظة للتذكير بمرور الزمن وقد يكتب في نفس العنوان من ناحية أدبية وقد تربط بقصص العشق والغرام وما تفعله بالناس الأيام، كما قد يكتب فيه من الناحية الجيولوجية لقياس أعمار المواد بالكربون المشع ودراسة الآثار ويُكتب عنه اجتماعيا وسياسيا وأخلاقيا للمقارنة بين مختلف الحضارات عبر الزمن.
فهل بعد كل ذلك يُشترط في تشابه العناوين أن تكون الكتب من نفس الطبيعة ؟ خاصة وإننا نتكلم عن علم متعلق بمجال واحد (التصحيح والتضعيف) ثم إن البخاري قد كتب الأدب المفرد والتاريخ الكبير والصغير ولم يطلق عليها وصف "صحيح البخاري" رغم أنه كان راويا فيها أيضا، مما يدل على أن إضافة "الصحيح" غير متعلقة بكونه راويا وإنما لأنه حكم على تلك الأحاديث بالصحة، وهذا هو القدر المشترك بينه وبين الألباني.
#٤_المنتقد: أساسا منهج الألباني في الحديث لا ترتضيه كل الأمة فهو مخالف لطريقة المتقدمين ويسلك منهج المتأخرين فكيف يُصنّف في أحكامه كاتب يجمع أقواله وكأنها ملزمة لكل الأمة ؟
#٤_المدافع: لكن المؤلف لم يُلزم الأمة بهذا الكتاب وإنما سهّل على من يثق بتصحيحات الألباني أو يقلده طريقا للوصول إلى كل الأحاديث التي صححها الألباني سواء كان مصيبا فيها أم مخطئا، ولا أظنك ستختلف معي في أن أكثر الأحكام في الكتاب صحيحة ولن يكون انتقادك إلا على نسبة معينة من الكتاب، فمن بين 16 ألف رواية حكم عليها الألباني بالصحة ألن تتفق معه على الأقل في تصحيحه ل 10 آلاف رواية ؟ وهذا على فرض المبالغة الشديدة في مخالفته وإلا فعند التحقيق قد لا تتعدى انتقاداتك لتصحيحاته نسبة 5% من الكتاب كله، أفلا تجمعنا 95% وتفرقنا 5% ؟ ثم إن البخاري ومسلم نفسيهما تعرض لهما الإمام الدارقطني وغيره بالنقد فانتقد عليهما أكثر من 200 حديث منها 80 حديثا للبخاري "وليس شرطا أن يكون مصيبا في نقده كله" وحتى الإمام السيوطي قال (وانتقدوا عليهما يسيرا ** فكم ترى نحوهما نصيرا) وسواء فهمنا كلمة "يسيرا" على أنها مقدار عدد المنتقدين أو مقدار عدد المرويات المنتقدة فإن ذلك يدل على وجود من انتقدهما ممن لا يُطعن في انتقاده لهما.
ثم إن كتاب الألباني لم يأتِ مصادمة لصحيحي البخاري ومسلم بدليل أنه قسّم كثيرا من الكتب إلى صحيحة وضعيفة ولم يفعل ذلك مع الصحيحين رغم انتقاده بعض أحاديثهما كغيره من النقاد.
#٥_المنتقد: المسألة غير متعلقة بالخطأ في التصحيح والتضعيف وإنما تتجاوز ذلك بكثير، القضية متعلقة بمنهجية الألباني الآلية في التصحيح والتضعيف والتعامل مع الروايات، فتجده مثلا يتعامل مع الأحاديث الضعيفة وكأنها موضوعة يجب إقصاؤها بينما الحديث الضعيف ليس معناه الجزم بعدم قول النبي صلى الله عليه وسلم له وإنما معناه افتقاره لما يمكن أن يجعله حجة عند النزاع، وذلك لأن وجود الراوي المجهول في السند يجعله ضعيفا ولكن هل كل مجهول يكون غير ثقة ؟ المجهول هو من لا يُعرف حاله أو عينه فلا نعلم أهو ضابط عدل أم غير ذلك وإنما عدم معرفتنا بذلك لا يعني أنه ليس ضابطا ولا عدلا بالضرورة فيكون وجه تضعيف روايته عدم الجزم بثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم فحسب وإلا فيمكن أن يكون صادقا في نقله، وكذلك الحكم على الراوي بسوء الحفظ لا يعني أنه مصاب بالزهايمر لا يدري ما يقول في كل حين، فقد يروي سيء الحفظ هذا أكثر من 80% من الأحاديث بشكل صحيح وينسى 20%، فهم يضعفون كل رواياته لأنهم لا يعلمون الرواية التي أصاب فيها من التي أخطأ، وذلك من باب الاحتياط حتى لا ينسب للنبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله أو يقال في دين الله ما ليس منه، وكذلك الكذ*اب لا يلزم منه أنه لا يقول إلا الكذب، وأحيانا قد يقع الجرح على بعض الرواة ظلما فالبخاري نفسه اُتهم بالتجهم بسبب قوله "لفظي بالقرآن غير مخلوق" رغم أن كلامه صواب لا غبار عليه إذ يجب التفريق بين تلفظنا بالقرآن مستعملين ألسنتنا وحناجرنا وإدراكنا وكلها مخلوقة وهو فعل لنا وأفعالنا صفاتنا ومجموع صفاتنا تعني ذاتنا وهي مخلوقة مما يعني أن كل صفاتنا مخلوقة، بينما صفات الله جميعا غير مخلوقة لأن الله غير مخلوق، والله هو مجموع صفاته وليس له ذات مجردة وصفات زائدة عليها.
وكذلك اتهم الأعمش بأنه راف*ضي خرابي سبئي وهذه تهمة خطيرة جدا رواها الإمام أحمد عن أحد علماء عصره والأمثلة في ذلك كثيرة جدا إذ كانوا يجرحون بعضهم أحيانا بسبب الخلاف في الرأي وسئل الإمام أحمد عن رجل فقال "رجل صالح وأثنى عليه" ثم قيل له "إنه يطعن فيك" فقال أحمد "رجل صالح ابتلي بي" ومن غرائب الأمور استدلال بعض العلماء بموقف الإمام أحمد على أن المنشغلين بالجرح والتعديل آنذاك لم يكونوا متبعين لأهوائهم فنظروا من جانب أحمد فقط ونسوا الذي طعن في أحمد لمجرد هواه، فإن كان أحمد قد تجرد من الهوى في هذا الموقف فإن الطاعن فيه لم يتجرد منه، وكذلك الحديث الصحيح لا يعني بالضرورة أنه ثابت يقينا عن النبي صلى الله عليه وسلم إن كان من طريق الآحاد والألباني وإن كان يقر بذلك تنظيرا إلا أنه يتعامل مع الأحاديث الصحيحة وكأنها قطعية الثبوت ولو كانت آحادا من الناحية التطبيقية.
#٥_المدافع: كل ما ذكرته يُتوجه به إلى شخص الألباني لا شخص الرجل الذي جمع أقواله في كتاب واحد، فحتى ولو كانت أقواله جميعا باطلة ولا أظنك تصل لهذا الحديث من مخالفته فإن ناقل الكفر ليس بكفر، وكذلك ناقل أحكام الألباني على الأحاديث ليس بقائل لها بالضرورة، ومعلوم في المناهج الأكاديمية في الدراسات العليا أن البحث قد يتعلق بموقف شخصية علمية مشهورية معينة في جانب معين فيكون عمل الباحث نقل مواقف تلك الشخصية حتى ولو لم يكن موافقا لها، فهذا منهج علمي أكاديمي لا غبار عليه، ثم هل مشكلتك في أصل فكرة الكتاب أم عنوانه فحسب ؟ فإن كانت مشكلتك في أصل الكتاب فهناك أعمال لا تعد ولا تحصى في الانشغال بترتيب أقوال العلماء المتفرقة منها مجموع الفتاوى لابن تيمية فهو كتاب لم يؤلفه ابن تيمية بنفسه بل ألفه من جاء بعده بمئات السنين ولم ينكر أحد عليهم ذلك والأمثلة في ذلك كثيرة جدا وهي من طرق التأليف المعاصرة، كأن يتقصى الكاتب كلام عالم ما في كل ما يتعلق مثلا بباب العقيدة فيجمعه في كتاب واحد فهذا عمل يشكر عليه صاحبه، وإن كانت مشكلتك مع العنوان فقط فبماذا تريد أن يسميه حتى ترضى ؟ لو سماه "الأحاديث التي صححها الألباني" لأفادت نفس المعنى ثم إن كتاب "صحيح البخاري" أصل تسميته "الجامع المسند الصحيح" فاختصروه فجعلوه "صحيح البخاري" وكذلك اسم "صحيح مسلم" الحقيقي "المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم" وذلك مثل قولنا في التفاسير "تفسير ابن كثير" فاسمه الحقيقي "تفسير القرآن العظيم" وكذلك تفسير الطبري اسمه "جامع البيان عن تأويل آي القرآن" فهل نقول بأن محمد الأمين الشنقيطي كان يريد مضاهاة تفاسيرهم بتفسير الشنقيطي ؟ علما أن اسمه الأصلي هو الآخر "تفسير أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" فكذلك من أراد جمع أحاديث الألباني التي صححها فلن يسميها إلا بالاسم الذي سماها به مؤلف الكتاب "صحيح الألباني" وليس معناه إلزام الناس بأنه صحيح بالفعل فكما لم يلتزم الدارقطني نفسه بصحيح البخاري وانتقد بعض رواياته مما يدل على دراسته لكل أسانيده وعدم الاعتماد على تصحيح البخاري نفسه للمرويات فكذلك من باب أولى يُفعل مع كتاب الألباني.
#٦_لمنتقد: ما الفائدة التي تجنيها الأمة الإسلامية من هذا العمل أصلا ؟ ومن أراد معرفة ما صححه الألباني كان يمكنه أن يلجأ لكتبه بنفسه وهي مرتبة (سلسلة الأحاديث الصحيحة، صحيح الترغيب والتهريب، صحيح الجامع، صحيح الترمذي، صحيح النسائي....إلخ) فما الجديد الذي أضافه المؤلف بضمها إلى بعض في كتاب واحد ؟ علما أن الألباني ليس العالم الوحيد الذي انشغل بالحديث فالمنشغلون بهذا العلم يقرؤون لغيره أيضا، وكتب المتقدمين تغني عن كتبه في كل الأحوال.
#٦_المدافع: ذكر الدكتور ذاكر نايك مثلا أنه ودّ لو أُلّفَ كتاب يجمع كل الأحاديث التي يُظن أنها صحيحة حتى يرجع إليها المناظرون من غير المتخصصين في علم الحديث، وذلك لأن المخالف قد يأتيك بشبهة هي عبارة عن رواية أو حديث وغير المتخصص قد يصعب عليه التحقق من ثبوتها وعدمه، فلو كان أمامه كتاب يجمع كل ما يظن فيه الصحة أو الضعف فإنه يكون مساعدا على التحقق من ثبوتها فإن كانت موضوعة تبرأ المناظر من الرواية دون إتعاب نفسه بمناقشة مضمونها، أما إن كانت صحيحة فيحتاج عندئذ للنقاش في مضمون المتن، أو البحث في أحكام علماء آخرين على الرواية.
فعلينا أن نعلم أن الناس ليسوا جميعا متخصصين ليقدروا على دراسة مسند الإمام أحمد بأنفسهم والنظر في أحاديثه الصحيحة والضعيفة والتعامل معها بمثل ما يتعامل به المحدثون والفقهاء.
ثم إن الكتاب لم يزعم مؤلفه أن كل ما صححه الألباني فهو صحيح في ذاته وإنما هي أحكام الألباني عليها لا أكثر ولا أقل، فإن لم يعجب أناسا الألباني نفسه فإنه يعجب آخرين وهذا عمل علمي وللناس الحرية في الاستفادة منه أو تركه دون الحاجة لعمل كل هذا الضجيج الذي يشبه الكهنوت في زمن العصور المظلمة الأوروبية وقد حدث ما يشبهها عند كثير من المتعصبين في العصر الإسلامي أيضا عندما كانت كتب المخالفين تُحرق وأهلها يسجنون أو يُقتلون.
لابد أن يفهم الناس اليوم بأن الكتاب الذي يخرج سينتشر وأنكم بانتقادكم للكتاب واستنكاركم عليه زدتموه شهرة فكما قيل "إن ذكرت اسم المنتج أو صاحبه بشكل صحيح فلا توجد دعاية سيئة ودعاية حسنة وإنما توجد الدعاية له فحسب".
#٧_المنتقد: على كل حال، هذا الكتاب لا أراه مفيدا لي في شيء وأنا الذي درست كتب العلل والتراجم وأحكام كبار الأئمة المتقدمين في الأحاديث، وحتى ولو أردت القراءة للألباني فإني سأقرأ من المصدر مباشرة لا من مثل هذا الكتاب.
#٧_المدافع: وأنا أيضا لا أظنني سأدرس الكتاب لأنه سبق لي دراسة جل كتب الألباني سواء الحديثية أم غيرها، بل حتى تسجيلاته الصوتية في مجالسه ودرستُ للمتقدمين بل ذهبت لما هو أبعد من ذلك فقمت بعمل مقارن بين علم الحديث السني والشيعي وأعدت النظر في كل القواعد الحديثية من أصولها المعرفية لأخرج بمنهجية استدللت على تأصيلاتها قبل تفريعاتها مما يجعلني قادرا على المناظرة فيها أمام من لا يعترف بعلم الحديث السني، بل أمام الملحد نفسه فقواعد علم الحديث وإن استفادت منها الأمة في الأخبار الدينية والتاريخ الإسلامي فإنها قواعد تصلح لمصدر الخبر ابستمولوجيا في كل مجالاته حتى "المجالات العلمية التجريبية والحياة الواقعية" لأن القواعد تهتم بجنس الخبر حكما عليه بقطعية الثبوت أو ظنيته أو ظنية عدم ثبوته أو قطعية عدمه أو الشك المساوي بين قوى المرجّحَيْن.
ولكني بالرغم من ذلك أكره تكميم أفواه الناس وأقلامهم ولسنا في زمن لا نجد فيه أي بلوى حتى ننشغل بهذا الكتاب، احسب كم كتابا يدعو للإلح*اد واللادينية أو الانحراف الواضح الصريح، وانظر كم كتب المستشرقون وأذنابهم في الإساءة للإسلام، وانظر الكميات الهائلة من البرامج الإعلامية والأفلام والمسلسلات والأنميات التي تروج للفساد والكفر الصريح، وانظر من يريد تحريف معتقدات الأمة من الداخل أو يخضع رقابها لأعدا*ئها ويزرع فيها اليأس والانبطاح والخمول وبلادة القلب ألم نجد ما ننشغل بانتقاده غير هذا الكتاب ؟.
#قلت_صهيب: هذا ما حاولت تصوره مما يمكن للطرفين أن يقولوه فقد ذكرته بأسلوبي وكأنها مناظرة بيني وبين نفيسي يستفاد من كل طرف وجه من الحق والأهم من كل ذلك "إياكم أن تتفرقوا من أجل مسألة كهذه" فلا ينبغي لأمتنا أن تتفرقع إن صح التعبير داخليا كلما ظهرت مسألة أو قضية مثيرة للجدل فينقسم الناس فيها إلى حزبين، فلابد من مراعاة الأولويات وفهم مقاصد الشريعة وترك الخلاف العلمي على رفوف الأبحاث العلمية وعدم خلطها بالمواقف الشخصية من الأطراف المختلفة.
كتبه #صهيب_بوزيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق