الاثنين، 9 أكتوبر 2023

هل الموسيقى والغناء حرام ؟

 

هل الموسيقى والغناء حرام ؟


دار حوار بيني وبين الدكتور سعد بن مطر العتيبي على تويتر حول مسألة “حرمة الموسيقى”، فأعطاني فتواه التالية: حكم عزف الموسيقى وسماعها التي ذكر فيها أدلته على حرمة الموسيفى. ويشكر الدكتور سعد على اجتهاده في المسألة، وليسمح لي بأن أعلق عليها وأقدم اجتهادي علنا نقترب سوية لمراد الله.

أولا: الأصل في العادات والزينة الإباحة

هناك فرق بين العبادات وبين العادات. فالأصل في العادات – من مأكل ومشرب وزينة ولهو ولعب وغيرها- أنها مباحة. والدليل على ذلك قول الله تعالى : (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا) (البقرة:٢٩). والموسيقى فن، والفنون تندرج ضمن أنواع الزينة لأنها محكومة بقيمة الجمال، والله يقول عن الزينة (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون) (الأعراف: ٣٢) .

وإنطلاقا من هذه القاعدة (أي أن الأصل في العادات والزينة: الإباحة) فإن المحرّم عليه عبء الإثبات. فالأكل مباح، ولا نحتاج لذكر دليل حتى نثبت إباحته، لأن الأصل في الأشياء الإباحة. ولكن عندما نقول أن أكل لحم الخنزير حرام، فإننا نقول ذلك لأن هناك دليل حرمها. فالأصل الإباحة، ولا ينقله للتحريم إلا دليل شرعي قطعي الثبوت وقطعي الدلالة.

ماذا يعني قطعي الثبوت وقطعي الدلالة؟

دليل شرعي قطعي الثبوت: يعني أن يكون من آيات القرآن الكريم أو ما صح من سنة نبيه. فلا يستدل بحديث ضعيف أو بقول عالم أو شيخ أو أي أحد.

دليل قطعي الدلالة: فبعد أن تأكدنا من ثبوت الدليل، ننظر في دلالته هل تشير إلى ما يستدل به؟ مثلا شخص يريد تحريم أكل الكبسة ويستدل بآية (حرمت عليكم الميتة). هنا الآية قطعية الثبوت ولكن لا يوجد فيها أي دلالة على تحريم الرز، فالميتة شيء والرز شيء آخر، فيسقط الاستدلال هنا.

ثانيا: ما هي الأدلة التي استدل عليها الدكتور سعد في تحريمه الموسيقى ؟

استدل الدكتور سعد على التحريم بآيتين وثلاثة أحاديث، وسوف تكون طريقة المناقشة هي كالتالي:

١- سأورد نص الدليل.

٢- سأورد وجه الدلالة التي تبناها الدكتور سعد.

٣- سأبين كيف أن استدلال الدكتور سعد لا يقوم.

أولا: الآيات القرآنية:

١- قال تعالى:”وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ” (لقمان:6)

استدلال الدكتور سعد:

قام بإيراد اقتباسات وأحال لمن أسماهم (أهل العلم في التفسير)  تشير إلى أن هذه الآية تحرم (لهو الحديث) والذي اعتبره (عام يشمل الغناء والمزامير وكل كلام باطل).

مناقشة الاستدلال:

١- لنقل أولا أن الموسيقى ليست (حديثا)، فالحديث هو كلام البشر، في حين الموسيقى هي (أصوات) آلات. وعادة ما يستدل بهذه الآية على تحريم (الغناء) لكن الدكتور سعد يستدل بها على تحريم (الموسيقى) حتى لو لم يرافقها غناء والذي هو حديث بشري. فمن ناحية مبدئية لا توجد دلالة بين الآية التي تتحدث عن (لهو الحديث) وبين الموسيقى (وهي ليست حديثا بل أصوات آلات كما عرفها الدكتور سعد بنفسه). وهو بهذا الاستدلال يشبه من يستدل على تحريم الكبسة بدليل (حرمت عليكم الميتة). فلا علاقة بين (الحديث) وبين (أصوات الآلات أو الموسيقى).

٢- هل هذا يعني أن هذا دليل على تحريم الغناء لكنه ليس دليلا على تحريم الموسيقى؟ لنفصل الجواب على هذا السؤال:

أ- ماذا يعني اللهو في القرآن؟ قال تعالى (اعلموا أن الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد) (الحديد: ٢٠) وروى البخاري أن عائشة زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال الرسول (يا عائشة! ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو). وهذه المعاني تشمل ما ندعوه اليوم (الترفيه ووسائل الترفيه) من لعب وتسوق واللعب بالأوراق (البلوت) والالعاب الالكترونية (البلاي ستيشن مثلا) وجنس وسفر وحضور الألعاب الرياضية والمسارح والأفلام والمهرجانات وغيرها، وهي في العصر الحديث صناعة كاملة تشغل حيزا كبيرا من حياة الفرد الحديث. واللهو إذا فهمناه على أنه الترفيه، لا يمكن بحال اصدار حكم عام عليه، فالأصل فيه الإباحة إلا ما دل الدليل على حرمته. بل في بعض الأحيان يكون واجبا (كتعلم الرماية وركوب الخيل للجهاد) ويكون مندوبا (كضرب الدف في الأعراس) ويكون محرما (كتحريم الميسر).

ومن هنا نسأل ما هو (لهو الحديث)؟ ما هي الأشياء الترفيهية المتعلقة بالحديث الذي هو الكلام البشري؟ نستطيع تعداد جملة كبيرة منها: الغناء، الأناشيد، الشعر، الكلمات المتقاطعة، الروايات، الحكايات الشعبية.. فهذه كلها ممارسات ترفيهية مرتبطة بالحديث. فهل هذه الآية تحرم أي حديث بهدف اللهو بحيث لا يتكلم الناس إلا كلام جادا؟

الجواب: قطعا لا. لأن التحريم مقيّد، فالله قال: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). أي أن الذي يشتري لهو الحديث بهدف الإضلال عن سبيل الله والاستهزاء بآيات الله، هم الذين لهم عذاب مهين. فالآية لم تقل من يشتري لهو الحديث له عذاب مهين، بل قالت من اشتراه (ليضل عن سبيل الله) له عذاب مهين.ولأوضح هذه المسألة بمثال، أب قال لابنائه الذي يلعب منكم الكرة سيحرم من المصروف. هنا يصبح مجرد اللعب بالكرة سببا في الحرمان من المصروف. لكن لو قال الأب: الذي يلعب منكم الكرة ليلهي الآخرين عن الدراسة سيحرم من المصروف. فهنا يكون اللعب في الكرة لا مشكلة فيه إلا إذ أدى إلى إلهاء الأبناء عن الدراسة.الفرق شاسع هنا بين المنعين، ولكن أغلب الذين يحرمون الغناء بهذه الآية يشددون على الجزء الأول منها ويهملون الجزء الثاني، فصاروا مثل الذي قال (فويل للمصلين) ثم توقف ليستدل بها على تحريم الصلاة مهملا تكملة الآية التي تقول: (الذين هو عن صلاتهم ساهون)، التي تغيّر المعنى تماما.

فالكلام الترفيهي (لهو الحديث) يكون محرما اذا ارتبط بالإضلال عن سبيل الله، غناء كان أو شعر أو روايات أو غيرها.

ب- سبب نزول الآية يوضح هذا المعنى ويكيفه كأفضل ما يكون، فهذه الآية مكية، نزلت في مكة، حيث كان بعض المشركين يستخدمون المغنيات والقصاص للفت انتباه الناس وصرفهم عن الاستماع للرسول. فكانوا يستخدمون أدوات الترفيه المتاحة في ذلك الوقت لمنع الناس عن الإستماع إلى النبي. ولهذا قال ابن مسعود أن معنى الآية (الغناء)، أي أنه يقصد أن الوسيلة الترفيهية التي كانت تستخدم للصد عن الإسلام في مكة هي الغناء.

خلاصة:

أن الاستدلال بهذه الآية لا يصح لا على تحريم الموسيقى ولا على تحريم الغناء. لأنه تتكلم عن لهو الحديث، والموسيقى ليست حديثا. ولأنها علقت العذاب بمن يستخدم لهو الحديث لأجل الصد عن سبيل الله، والغناء وسيلة ترفيهية يمكن استخدامها لأغراض مختلفة، وهناك من يستخدم الغناء للدعوة إلى الله مثل هذه الأغنية.

٢- قال تعالى مخاطبا ابليس: “وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ” (الإسراء: من الآية64)

استدلال الدكتور سعد

أن (صوت إبليس) في هذه الآية فسره من سماهم (أهل العلم بالتفسير) بأنه الغناء، وبالتالي هو حرام.

مناقشة الاستدلال

١- قوله (أهل العلم بالتفسير) كلام موهم، فلو عدنا لتفسير الطبري لوجدنا أن شخصا واحدا فقط فسره بالغناء هو مجاهد. وبحسب المحدث عبدالله الجديع، فإن الخبر لا يصح لأن في سند الرواة زافر بن سليمان حيث وصفه (بأنه ليس قوي في الحديث). ولا أعلم من يقصد الدكتور سعد بقوله (أهل العلم بالتفسير) غير مجاهد، لأن أغلب الذين استدلوا بهذه الآية على تحريم الغناء استدلوا بكلام مجاهد.

٢- أن شيخ مجاهد وهو ابن عباس فسر (صوت ابليس) هنا بأنه (كل داع دعا إلى معصية الله). ولكن لا أعلم لماذا الدكتور سعد غضّ الطرف عن هذا التفسير مع أنه مروي عن ترجمان القرآن.

٣- بحسب سياق الآية نفهم أن الصوت المحرم هو (صوت ابليس)، أي كل صوت يخدم الأهداف التي رهن ابليس نفسه بأن يحققها  عندما قال (لأحتنكن ذريته إلا قليلا). فالأكل مباح، لكنه إذا استخدم لأجل تحقيق هدف ابليس صار حراما، والشعر مباح، لكنه اذا استخدم لتحقيق اهداف ابليس صار (صوت ابليس).

خلاصة:

أن الاستدلال بهذه الآية واه، إذ أنها تدل على أن ابليس سيستخدم كل ما يمكنه استخدامه من أجل تحقيق اهدافه هذه. والغناء أو الموسيقى يمكن أن تكون (صوتا لابليس) اذا اصبحت تخدم أهدافه، ويمكن ألا تكون بل تكون مضادة لأهدافه. ويمكن أن لا تكون لا هذه ولا تلك، وهو حال أغلب الموسيقى والاغاني المنتشرة هذه الآيام.

ومن هنا نستنتج أن الآيات التي أوردها الدكتور سعد، لا يوجد فيها أي دليل على تحريم الموسيقى والغناء. 

ثانيا: الأحاديث النبوية:

١- قول رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: “ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف…” الحديث

استدلال الدكتور سعد

هذا حديث صحيح رواه البخاري، فهو قطعي الثبوت.

ودلالته على التحريم من جهتين: ١- أن الرسول قال (يستحلون)، وهذا يعني أنها محرمة فيأتي قوم (يستحلونها). ٢- أن الرسول ذكر المعازف مع الخمر والزنى وهذه قد ثبت الدليل على تحريمها، فقرنها بها دليل على أنها محرمة مثلها.

مناقشة الاستدلال

١- هل يعني فعل قول النبي (يستحلون) أنها كانت محرمة؟ الجواب: لا. فلفظ (الاستحلال) يأتي بمعنى استحلال الحلال ويأتي بمعنى استحلال الحرام. فقول النبي (ألا هل عسى الرجل يبلغه الحديث عني، وهو متكئ على أريكته، فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه حلالا استحللناه…)، ففي هذا الحديث معنى (الاستحلال) هو استحلال الحلال. وبالتالي يسقط اعتبار قول (يستحلون) دليلا على أنها كانت محرمة.

٢- هل يمكن، باستخدام طريقة الدكتور سعد، اعتبار لبس الحرير حراما؟ فنحن نعلم أن لبس الحرير محرم على الرجال فقط ولم يحرم على النساء. فالخمر والزنا محرمتان قطعا وعرفنا حرمتهما من أدلة أخرى غير هذا الدليل. والحرير محرم على الرجال، وعرفنا حرمته من أدلة أخرى غير هذا الدليل، ولا يمكن استخدام هذا الدليل لتحريمه على النساء. فهل هناك حديث آخر نستطيع معرفة وضع المعازف؟ هل هي حلال مطلقا؟ أو محرمة على النساء أو الرجال؟ أو محرمة مطلقا؟ إن هذا الحديث يحكي خبرا مستقبليا، وبالتالي نحن بحاجة لدليل آخر حتى نعرف حكم المعازف بشكل مستقل. فأقصى ما يمكن الاستدلال به على هذا الحديث، أن الذي يجمع هذه الأمور سوية تقع عليه العقوبة المذكورة في الحديث.

ولكن من يستخدم الحديث ليستدل فيه على حرمة أحد هذه الأمور منفصلة، فاستدلاله ضعيف. لأنه لا يستطيع تطبيقه على الحرير الذي نعلم إباحته للنساء، ولأن لفظ الاستحلال لا يدل بشكل تلقائي على الحرمة، لأن الحرير ليس محرما.

الخلاصة

أن هذا الدليل صحيح، ولكن لا دلالة فيه. فلفظ (يستحلون) لا دليل فيه لأنه قد يأتي لاستحلال الحلال واستحلال الحرام، واقتران المعازف مع الخمر والزنا والحرير ليس دليلا على حرمة المعازف، لأن الحرير ليست محرمة على النساء. بل ما يدل عليه الحديث هو اجتماع هذه الأمور سوية، أي حرمة المعازف اذا اجتمعت بزنا وشرب الخمر ولبس الحرير، لأنها هنا تتحول إلى وسيلة ترفيهية تحث على ارتكاب هذه المحرمات.

٢- قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: “صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة”

استدلال الدكتور سعد:

اعتبر الدكتور سعد هذا الحديث صحيحا، واعتبره دالال على التحريم.

مناقشة الاستدلال:

لا أعلم كيف اعتبر الدكتور سعد هذا الحديث صحيحا، فالحديث روي عن أنس بن مالك، وروي عن ابن عباس:

١- فأما الأول الذي عن أنس بن مالك. ففيه شبيب بن بشر. قال عنه أبو حاتم (لين الحديث، حديثه حديث الشيوخ)، وقال عنه ابن حبان (يخطئ كثيرا)، وقال عنه ابن حجر (صدوق يخطئ)، وقال عنه البخاري (منكر الحديث). وأشار عبدالله الجديع إلى أنه مقل في رواية الأحاديث لم يرو إلا خمسة أحاديث، روى منها الترمذي ثلاثة ويصفها بـ (حديث غريب). وبالتالي يخلص الجديع في أمر هذا المحدث بأنه لا يؤخذ بحديثه اذا تفرد، ويقبل منه اذا كان هناك من روى معه غيره.

 ٢- أما الثاني الذي عن عبدالله بن عباس، فهو موضوع. فابن عدي قال في (الكامل في الضعفاء): (حديث منكر)، أما ابن القيسراني في ذخيرة الحفاظ فقد قال أنه موضوع لأن فيه محمد بن زياد. ومحمد بن زياد هذا كان يحدث عن ميمون بن مهران وهو لم يلتق به. قال أحمد بن حنبل (كذاب خبيث يضع الحديث) كما روى ذلك الجديع.

الخلاصة

أن الحديث ضعيف من طريقه الأول، وموضوع من طريقه الثاني، وبالتالي ليس ثابتا، فلا معنى من الاحتجاج به.

٣-قول النبي _صلى الله عليه وسلم_: “إنَّ الله _عز وجل_ حرم الخمر والميسر والكوبة والغبيراء وكل مسكر حرام”.

استدلال الدكتور سعد

أن الكوبة هو الطبل، وهو من آلات الطرب، وطالما أنها محرمة، فكل المعازف محرمة.

مناقشة الاستدلال

أن تفسير (الكوبة) بالطبل ليس صحيحا. فالكوبة هي لعبة النرد، وما يثبت ذلك، ما روي عن الصحابي فضالة بن عبيد أنه بلغه أن (أقواما يعلبون بالكوبة، فقام غضبانا ينهى عنها أشد النهي، ثم قال: إن اللاعب بها ليأكل قمرها كآكل لحم الخنزير…). ومن هذا السياق نستطيع أن نرى أنه لعبة تستخدم في القمار مما ينطبق على النرد أكثر من الطبل لأن الطبل ليست لعبة. وبالتالي فالاستدلال بهذا الحديث باطل.

خلاصة

الحديث قطعي الثبوت، لكن لا دلالة فيه، فالدكتور سعد اعتمد على معنى شاذ للفظ (الكوبة) بأنها الطبل، في حين أن المعنى الصحيح هو (النرد) كما بينا فيما سبق.

ثالثا: الموسيقى في العهد النبوي:

١- عن جابر بن عبدالله قال: كان الجواري إذا نكحوا كانوا يمرون بالكبر والمزامير ويتركون النبي صلى الله عليه وسلم قائما على المنبر وينفضون إليها، فأنزل الله (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها)

أ- هذا دليل على وجود المزامير والكبر (وهي الطبلة) في عهد الرسول، والآية عاتبتهم على ترك الاستماع للرسول والذهاب إلى اللهو والتجارة.

ب- كلنا نعلم أن التجارة مباحة وليست حراما، وبالتالي اقترانها باللهو هنا، لأن التجارة (وهي هنا الرزق وتحصيل المصالح الدنيوية) واللهو (وهو الترفيه عموما) من المباحات التي قد تشغل المرء عن الحق، فالآية وضحت الأولويات وترتيبها ولم تحرم اللهو.

٢- في حديث مشهور لعائشة التي كانت تحكي للنبي عن قصة الإحدى عشر زوجة اللاتي كن يصفن أزواجهن حيث قالت (قالت العاشرة: زوجي مالك. وما مالك؟ مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، وإذا سمعت صوت المزهر، أيقنّ أنهن هوالك) (متفق عليه)

أ- المزهر هنا هو العود.

ب- الحديث فيه ان العود كان موجودا في زمن الرسول وسمع عائشة تتحدث عنه فلم يذكر عنه نهي.

٣- حديث الربيع في البخاري أنه عندما بنى بها الرسول كانت هناك جواري يضربن بالدف.

ويوجد غيرها من الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين وغيرهم في كتاب عبدالله الجديع.

رابعا: خاتمة

وأخيرا فأدوات الترفيه هي في الأصل من المباحات إلا ما نص على تحريمه، وهي وسائل للترفيه واللهو، والترفيه قد يخالطه أو قد يؤدي إلى محرمات وفي هذه الحالة يكون حراما. وتحديد متى تؤدي “وسيلة الترفيه” هذه إلى محرم نسبية، فبعض الأشخاص يستطيعون أن يتغلبو على شهواتهم وملذاتهم ولا يسمحون لها بأن تغلبهم، وآخرون لا يقوون عليها. ولهذا قال الرسول (استفت قلبك ولو أفتوك)، فكل امرئ يعرف قدراته الشخصية وامكانياته، فيستطيع تحديد مقدار الترفيه المناسب له، الذي لا يدفعه للوقوع في محرم ولا يصرفه عن أداء واجب.

المراجع:

تفسير الطبري.

صحيح البخاري وصحيح مسلم

كتاب (الموسيقى والغناء في ميزان الإسلام) للمحدث عبدالله الجديع

كتاب (ابطال دعوى الاجماع على تحريم مجمل السماع) للشوكاني

كتاب (فقه الغناء والموسيقى على ضوء الكتاب والسنة) للقرضاوي

وعدد من المواقع المتنوعة.

__
بحث قيم جدااااا جاهز للتحميل 

ما صحح من مرويات تحريم المعازف في ميزان النقد الحديثي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق