بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وسلم.
وسأبدأ بباب البدعة لأنه الغرض الرئيسي في تأليف هذا الكتاب وهو أوسع باب يهاجم فيه الوهابيون المسلمين. ولا نكاد نجد في الكتاب بابا خاليا من كلام هذا الباب. وعلى الله اعتمادي في بلوغ مرادي وبه انتصاري وهو خير الناصرين.
حقيقة البدعة في الإسلام
البدعة عندنا (جمهور المسلمين) مُحدَث خالف الكتاب والسنة والإجماع لا ما سُكِت عنه.
يعني أن البدعة التي في النار هي ما حُدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخالف هذه الثلاثة. أما ما حُدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يخالف هذه الثلاثة فهو بدعة حسنة يثاب على فعله كبناء المدارس وتزيين المساجد وتأليف الكتب وغيرها.
والوهابية قسمان في هذا الموضوع : القسم الأول يقول أن البدعة : كل ما لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله.
القسم الثاني يقول أن البدعة : ما حُدِث واخْتُرِع بغير مثال سابق. ولم يحددوا وقتا لهذا السبق.
والمسألة تدور حول قوله صلى الله عليه وسلم كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار. أخرجه أحمد رقم 17274 وأبو داود 4607 والترمذي 2676 وابن ماجه 42. وقد تكلمت عن ضعف طرق هذا الحديث في كتابي حجة الأولياء ومنزع الأصفياء ص 4 إلى ص 7 وقلت فيه إن شددنا في أسانيد هذا الحديث يكون ضعيفا وإن تساهلنا يكون صحيحا أو حسنا لغيره راجعه فإنه مفيد جدا في بابه.
هذا الحديث (كل بدعة ضلالة) قال الجمهور أن الكلية في الحديث مقيدة لدلائل سيأتي. وقال الوهابية أن الكلية شاملة.
وقالوا أن بناء المدارس ونحوه ليس بدعة بل (وسيلة إلى مشروع) عند بعضهم و (مصالح المرسلة) عند بعضهم الآخر.
فنلقي عليهم بقسميهم هذين السؤالين:
1 – متى اختلقتم هذا الإسم ومتى اخترعتم ذلك الآخر؟
هل قالهما النبي (صلى الله عليه وسلم)؟
2 – متى يكون الحدوث والإختراع حتى يكون بدعة؟
أبعد النبي (صلى الله عليه وسلم) فتكون فتاوى الصحابة بدعة؟ أم بعد الصحابة؟
إذًا كيف تبدعون ابن عمر كما سيأتي؟
ومن هنا تتضح لهم أكاذيبهم وتتبين لهم أباطيلهم فيأخذون في التحيّير ويبدأون في التناقض.
فنجد ابن عثيمين – وهو أحد رأسائهم – يهيم في وادي حديث البدعة قائلاً في كتابه الإبداع ص 13:ويعلم كل أن قوله (صلى الله عليه وسلم) (كل بدعة) كلية عامة شاملة مسورة بأقوى أدوات الشمول والعموم والذي نطق بهذه الكلية هو النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو أفصح الخلق وكان يدري ما يقول.
ثم ناقض نفسه ص 18 قائلا: و قد يقول قائل: هناك أشياء مبدعة قبلها المسلمون وعملوا بها كالمدارس وتصنيف الكتب و ما أشبه ذلك؟
فالجواب: أن نقول: هذا في الواقع ليس ببدعة بل هذا وسيلة !!
فبان أنه أقرَّ بأن الكلية لم تشمل لأن بناء المدارس بدعة ومع ذلك أجازه بأنه وسيلة كما ترى.
ومن العجب العجاب إحتجاجه على شمول الكلية بقوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) مع أن الآية نزلت يوم عرفة و بعدها نزلت سورة الفتح بمزدلفة وآخر آية نزلت (يستفتونك قل الله يفتيكم) أخرجه البخاري رقم 4654 ومسلم رقم 1618 وأبو داود رقم 2888 والترمذي 2041.
وعن ابن عباس رضي الله عنه قال: آخِرِ آية نزلت (واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله) رواه القرطبي ج 6 ص 28 وأسباب النزول ص 9 ولكن إسناده ضعيف.
كما نجده أيضا – ابن عثيمين – يخوض في قوله صلى الله عليه وسلم: من سن في الإسلام سنة حسنة.
قائلا: من سنّ يعني من أحيا سنة كانت موجودة فعدمت فأحياها.!!
قلت: معنى من سن من ابتدأ لقوله (صلى الله عليه وسلم) : قابيل أول من سن القتل! أخرجه البخاري 3335 ومسلم 1677. هل القتل موجودا ثم عُدِم فأحياه قابيل؟
أو كان القتل موقوفا فأنفذه قابيل؟ هذ لايقوله عاقل.
إذًا معنى سنّ على لسان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو : الإبداء لا الإحياء كما يزعم الزاعمون.
ومما يؤيد ما قلنا ما ثبت في التلخيص الحبير ج 2 ص 546 وصححه المتشدد الألباني في صحيح أبي داود رقم 506 : فجاء معاذ وقد سبقه النبي (صلى الله عليه وسلم) ببعضها فلما قضى النبي (صلى الله عليه وسلم) صلاته قام معاذ يقضي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : قد سنَّ لكم معاذ، فهكذا فاصنعوا
قلت: الآن ظهر معنى [من سن] ظهور الشمس في كبد السماء.
تنبيه : ربما احتج المخالف بحديث من أحيا سنة قد أميتت بعدي.
قلنا: هذا الحديث موضوع لا يحتج به في إسناده كثير بن عبد الله وهو متروك كما قال النسائي في الضعفاء رقم 504. ويقول ابن أبي حاتم في الجرح رقم 858 أنه منكر الحديث وليس بشيء. وقال ابن حبان في المجروحين رقم 893 أنه يروي الموضوعات.
ومع هذا البيان من النقاد ترى إمام المتناقضين ناصر الدين الألباني يتناقض في هذا الحديث الموضوع يصححه أحياناً ويضعفه أحيانا رجع كتابه صحيح ابن ماجة رقم 209. وضعيف الجامع رقم 5359 . الله المستعان.
قلت أيضا : من سن سنة... باب مستقل، ومن أحيا سنة... باب آخر، وكم من سنن أماتها الوهابيون وهاكم خمسة منها :
1 - سنة العمامة، قل من يعمم فيهم.
2 - سنة حمل العصا، لا يبالون بها.
3 - سنة الذكر في كل أحيان. بدلوه بتبديع الناس.
4 - سنة التبسم، وجوه أغلبهم عوابس مكفهرة، كما تشاهدون.
5 - أذكار دبر الصلوات، أكثرهم لا يفعلونه بل إما أن يخرج من المسجد عقب السلام مباشرة، وإما أن يعقبها بالوعظ مباشرة، وكذلك الوعظ الملازم به بعيد كل صلاة الفجر بدعة لم يكن السلف يلازمون به.
ومن أخطاء ابن عثيمين وسوء أدبه مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) حيث رد على أمير المؤمنين في حديثه (نعمت البدعة هذه) قائلاً ص 15 إلى ص 16 : لا يجوز لأحد من الناس أن يعارض كلام الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأي كلام …. إلى أن قال: فلا يليق بعمر رضي الله عنه وهو من هو أن يخالف كلام سيد البشر محمد (صلى الله عليه وسلم) وأن يقول عن بدعة (نعمت البدعة) بل لا بد أن تُنزَّل البدعة التي قال عنها عمر أنها (نعمت البدعة) على بدعة لا تكون داخلة تحت مراد النبي صلى الله عليه وسلم.
قلت : ما هذا التناقض؟ فما أن فرغت من قولك أن البدعة شاملة حتى تقول أن بدعة عمر لا تكون داخلة تحت مراد النبي صلى الله عليه وسلم؟!
لو ساعدك الجد لرضيت أن عمر رضي الله عنه القائل (نعمت البدعة) أعلم منك بمعنى البدعة وبما ابتدع، ولاستسلمت أن الكلية لم تشمل، ولكن ليقضي الله أمرا كان مفعولا.
فلا تتعب نفسك في تأويل بدعة عمر رضي الله عنه ألا تراها – وهي صلاة التراويح في الرمضان 23 ركعة سنة حسنة باقية إلى اليوم؟
ولم يصلها الرسول (صلى الله عليه وسلم) بهذا العدد ولا بهذه الكيفية. راجع نيل الأوطار ج 3 ص 65 لِترى نعمت البدعة التي فعلها الصحابة رضي الله عنهم مِن عدد الركعات إيمانا واحتسابا وهم أعلم بالبدعة منك.
تقييد البدعة عند الجمهور
تقييد كلية [ كل بدعة ] هو مذهب الصحابة والتابعين راجع معالم السنن شرح سنن أبي داود ج 4 ص 201. المنتقى في شرح الموطأ ج 1 ص 207. الجامع لابن رجب ج 2 ص 128 الإستذكار ج 5 ص 152. فتح الباري ج 4 ص 123 وهناك كتب كثيرة غير هذه.
وما أطلقها إلا أولائك الشواذ المتمرقون.!
واتفق الجمهور على تقييدها لما يأتى :
1 - لحديث: من سن في الإسلام سنة كما تقدم.
2 - لحديث عمر بن الخطاب نعمت البدعة كما ثبت في صحيح البخاري.
3 - كان الإمام علي كرم الله وجهه يقول بالبدعة الحسنة لما ثبت في مصنف عبد الرزاق رقم 4865 - ﻋﻦ اﺑﻦ ﺟﺮﻳﺞ ﻗﺎﻝ: ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺟﻌﻔﺮ ﺑﻦ ﻣﺤﻤﺪ، ﺃﻥ ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ، ﻛﺎﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﻟﻪ ﻫﺬﻩ الصلاة اﻟﺘﻲ ﺃﺣﺪﺙ اﻟﻨﺎﺱ، ﻓﻴﻘﻮﻝ: «ﺻﻠﻮا ﻣﺎ اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ ﻓﺈﻥ اﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻌﺬﺏ ﻋﻠﻰ الصلاة .
4 - وكان ابن عمر يقول بالبدعة الحسنة كما في مصنف عبد الرزاق رقم 4868 - ﻋﻦ ﻣﻌﻤﺮ، ﻋﻦ اﻟﺰﻫﺮﻱ، ﻋﻦ ﺳﺎﻟﻢ، ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﻝ: «ﻟﻘﺪ ﻗﺘﻞ ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻭﻣﺎ ﺃﺣﺪ ﻳﺴﺒﺤﻬﺎ ﻭﻣﺎ ﺃﺣﺪﺙ اﻟﻨﺎﺱ ﺷﻴﺌﺎ ﺃﺣﺐ ﺇﻟﻲ ﻣﻨﻬﺎ. يعني صلاة الضحى.
5 - وكان ابن مسعود يقول بالبدعة الحسنة لما ثبت في الآثار لأبي يوسف بإسناده رقم 29 - ﻋﻦ ﺇﺑﺮاﻫﻴﻢ، ﺃﻥ اﺑﻦ ﻣﺴﻌﻮﺩ ﺭﺿﻲ اﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ ﻓﻲ ﻏﺴﻞ اﻟﺪﺑﺮ ﻭاﻟﺬﻛﺮ : « ﺑﺪﻋﺔ، ﻭلنعم اﻟﺒﺪﻋﺔ.
6 - وقالها ابن عمر أيضا لما ثبت في مسند ابن الجعد رقم 2136 - ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﻝ: «ﺻﻼﺓ اﻟﻀﺤﻰ ﺑﺪﻋﺔ، ﻭﻧﻌﻢ اﻟﺒﺪﻋﺔ ﻫﻲ.
7 - وقالها محمد بن إبراهيم لما في مصنف ابن أبي شيبة رقم 7775 - ﺣﺪﺛﻨﺎ اﺑﻦ ﻋﻠﻴﺔ، ﻋﻦ اﻟﺠﺮﻳﺮﻱ، ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻦ اﻷﻋﺮﺝ، ﻗﺎﻝ: ﺳﺄﻟﺖ ﻣﺤﻤﺪا ﻋﻦ ﺻﻼﺓ اﻟﻀﺤﻰ ﻭﻫﻮ ﻣﺴﻨﺪ ﻇﻬﺮﻩ ﺇﻟﻰ ﺣﺠﺮﺓ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻓﻘﺎﻝ : ﺑﺪﻋﺔ ﻭﻧﻌﻤﺖ اﻟﺒﺪﻋﺔ
8 - وقالها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه لحديث : الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه وما سكت عنه فهو مما عفا لكم. أخرجه الترمذي 1726 وابن ماجه 3430 والمتشدد الألباني في صحيح الجامع 3195 وصححه.
قلت : قوله [ وما سكت عنه فهو مما عفا لكم ] سيف صارم في يد الجمهور على كل قائل أن الكلية عامة شاملة. ومن قال من الوهابيين أن ما سكت عنه يتكلم حول المباحات كالمأكولات والمشروبات. نقول له : أقال ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) أم أنت؟
9 - وكذلك الحديث : إن الله حد حدودا فلا تعتدوها وفرض فرائض فلاتضيعوها … إلى أن قال: وترك أشياء من غير نسيان ولكن رحمة منه لكم فاقبلوها ولا تبحثوا عنها.
حديث حسن عند النووي وصححه المتناقض الألباني في تخريج الإيمان ص 43 وتناقض بعد.
10 - قد اتفق الصحابة رضوان الله عليهم على بعض أفعال لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم كغسلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثيابه.
أخرجه أحمد ج 6 ص 267 وأبو داود ج 2 ص 60 حديث صحيح .
11 - وقال ابن مسعود رضي الله عنه مارءاه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن.
حديث صحيح كما في ملتقى أهل الحديث ط 2 ج 40 ص 459.
يقول المروزي في كتابه الإنتصار لأصحاب الحديث ص 28 : البدعة ﻋﻠﻰ ﻭﺟﻬﻴﻦ ﺑﺪﻋﺔ ﻗﺒﻴﺤﺔ ﻭﺑﺪﻋﺔ حسنة : ﻗﺎﻝ الحسن اﻟﺒﺼﺮﻱ اﻟﻘﺼﺺ ﺑﺪﻋﺔ ﻭﻧﻌﻤﺖ البدعة ﻛﻢ ﻣﻦ ﺃﺥ ﻳﺴﺘﻔﺎﺩ ﻭﺩﻋﻮﺓ ﻣﺠﺎﺑﺔ.
إسمع المتمسلفين :
البدعة عند ابن تيمية قال في درع التعارض ج 1 ص 249 : قال الشافعي رضي الله تعالى عنه: البدعة بدعتان: بدعة خالفت كتاباً أو سنة أو إجماعاً أو أثراً عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذه بدعة ضلالة، وبدعة لم تخالف شيئاً من ذلك، فهذه قد تكون حسنة، لقول عمر : نعمت البدعة هذه.
هذا الكلام أو نحوه رواه البيهقي بإسناده الصحيح في المدخل.
وقال في ج 1 ص 248: ما خالف النصوص فهو بدعة باتفاق المسلمين، وما لم يُعلم أنه خالفها فقد يسمى بدعة.
قال محمد بن عبد الوهاب لأتباعه في كتابه الدرر السنية ج 1 ص 245 : نخلع جميع البدع، إلا بدعة لها أصل في الشرع، كجمع المصحف في كتاب واحد، وجمع عمر رضي الله عنه الصحابة في صلاة التراويح في رمضان. وغيره.
قلت : هذا الكلام يدل على أن البدعة بدعتان بدعة ليس لها أصل وبدعة لها أصل في الشرع!.
ومن الجدير بالذكر ما قال ابن عثيمين في فتاوى أركان الإسلام ج 1 ص 324 رقم 247: أتحرج من أن يكون مخالف السنة على وجه يسوغ فيه الاجتهاد مبتدعا، فالذين يضعون أيديهم على صدورهم بعد الرفع من الركوع إنما يبنون قولهم هذا على دليل من السنة، فكوننا نقول: إن هذا مبتدع؛ لانه خالف اجتهادنا، هذا ثقيل على الانسان، ولا ينبغي للانسان أن يطلق كلمة بدعة في مثل هذا؛ لانه يؤدي إلى تبديع الناس بعضهم بعضا في المسائل الاجتهادية.
قلت : فعلى هذا سقط النزاع بيننا.
وقلت أيضا: ومن أمثلة الكلية المقيدة في القرآن قوله تعالى {ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا}
وقوله تعالى {وأوتينا من كل شيء} لأنهم لم يؤتوا كل شيء. ومثله قوله {وأتاكم من كل ما سألتموه} فأي وهابيٍ قال أن الكلية هنا مقيدة بـ مِن- التبعيضية. نقول له: من قال ذلك؟ أنت أم النبي صلى الله عليه وسلم؟
وقد علمت أيها المتشدد أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستعمل مكبرات الصوت لا في المساجد ولا في غيرها، وأنتم تجيزون ذلك وتحرمون استعمال السبحة للذكر رغم أنهما سيان (بدعة) عندكم.
أم البدعة مقصورة على ما أحدثناه دونكم؟!
وكيف تجتهدون في تزيين المساجد! وقد جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: ما أمرت بتشييد المساجد حديث صحيح في الموطأ 766 – 767 قال ابن عباس: يعني لَتزخرفها كما زخرفت اليهود والنصارى. راجع نيل الأوطار ج 2 ص 174.
وجاء في حديث آخر مختلف في إسناده عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قالت الأنصار: إلى متى يصلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى هذا الجريد فجمعوا له دنانير فأتوا بها النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالوا: تصلح هذ المسجد وتزينه. فقال: ليس لي رغبة عن أخي موسى عريش كعريش موسى.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 2 ص 16 فيه عيسى بن سنان مختلَف عليه. وحسنه الألباني في صحيحه 616 بشواهده.
قلت: أما عندنا فهذه الأشياء :
مكبرات الصوت وبناء المدارس وغيرها بدعة حسنة كما قال الشوكاني في نيل الأوطار ج 2 ص 175. لأن الكلية لم تشمل.
وأقول أيضا: إذا كانت الكلية شاملة ما تقول أيها الوهابي في قوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء؟
أخرجه أحمد وأبو داود 4607 والترمذي 2676 بإسناد صحيح لغيره .
سؤال يطرح نفسه: كم ومن هم الخلفاء حتى نقتدي بهم في سنتهم – رغم أنها بدعة عندكم؟
أجب بلسان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا بلسان العلماء لأن أقوالهم ترد كما تقولون.
إذا قلتم هم الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم.
نقول: هل جاء هذا في الحديث؟
ولا بد بـ”لا” لأن ما جاء في الحديث الصحيح هو ما يلي:
1 – قوله صلى الله عليه وسلم إقتدوا اللذين من بعدي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد أخرجه الترمذي رقم 3662 وصححه المتناقض في صحيحته 1233. لم نجد عثمان هنا ولا علي رضي الله عنهما.
2 – وقوله (صلى الله عليه وسلم) الخلافة بعدي في أمتي ثلاثون سنة ثم ملك بعد ذلك وصححه الألباني في صحيح الجامع 4147. الحسن بن علي هو المكمل بثلاثين سنة كما هو معروف.
3 – قوله صلى الله عليه وسلم: لايزال هذا الدين عزيزا إلى اثنى عشر خليفة أخرجه البخاري 7222.
وعلى هذه الأحاديث فلا بد أن تقرّ بأن الخلفاء المأمور بالإقتداء بهم كثيرون وأن سنتهم ليست بدعة. فالكلية إذا لم تشمل.
ونختم هذا الباب بالبدع الآتية نطالب الوهابيين بالأدلة عليها لينقذوا أنفسكم من النار أو يخلدوا فيها خاسئين.
وهي هذه:
1 منار المسجد
2 المحراب
3 السروال (يعني بأن النبي صلى الله عليه لبسه)
4 تحزيب القرآن
5 شكل القرآن
6 تنقيط القرآن
7 التربيع في القرآن
8 التثمين في القرآن
9 مد اللآزم
10 لزوم الوقف
11 جواز الوقف
12 الوقف أولى
13 النهي عن الوقف
14 السكتات
15 تسجيل القرآن
16 التوقيت (يعني توقيت الصلوات بالساعات و الدقائق والثواني الحديثة).
17 تزيين المساجد
18 مكبرات الصوت، مع أنهم أبطلوا صلاة من اقتدى الإمام عبر مكبر الصوت خارج المسجد كما في فتاوى اللجنة ط ٢ ج 2 ص 267 : ﻻ ﺗﺼﺢ ﺻﻼﺗﻜﻦ ﻣﻊ ﺇﻣﺎﻡ اﻟﻤﺴﺠﺪ ﺇﻻ ﺇﺫا ﻛﻨﺘﻦ ﺗﺮﻳﻦ اﻹﻣﺎﻡ ﺃﻭ ﺗﺮﻳﻦ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺧﻠﻔﻪ.
19 آمين جهرا بعد الإمام في الصلاة لم يثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ألبتة
20 صلاة على النبي بهذه الصيغة:
(صلى الله عليه وآله وسلم)
جمعا جهرا لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
21 اجتماع لتفسير القرآن في ليالي رمضان جمعا.
22 اجتماع في الحرم المكي لختم القرآن. ليلة سبع وعشرين من رمضان
23 احتفالكم بذكرى سيرة محمد بن عبد الوهاب، كما ثبت في مجموع فتاوى ابن باز رئيسكم! ج 1 ص 382.
24 تسمية ابن تيمية بشيخ الإسلام. أين دليل ً؟
25 تسمية محمد بن عبد الوهاب بـ المجدد! من أي حديث عينه النبي؟
26 تولية يزيد بن معاوية! راجع في كتابنا عقيدة السلف الصالح ص 70 ترى كيف يدافعون عن معاوية.
27 لبعضهم في أفريقيا إحتفالات سموها بـ سِيمنار seminar لم يأذن به الله ولا رسوله.
إذا قال الوهابي : هذه الأشياء المذكورة مصالح المرسلة- أو وسيلة إلى مشروع.
نقول له : اجتماعنا بمولد النبي والذكر مصالح المرسلة و وسيلة إلى مشروع.
هذا بهذا وإلا فلا.
نحن أهل السنة
دعواكم أنكم أهل السنة من بين المسلمين بدعة لم يأت في حديث مرفوع صحيح. حتى في حديث موقوف صحيح.
لو قلتم أنكم (أهل السنة والجماعة) لقلنا أنه جاء هذا في حديث موضوع عن ابن عباس في قوله تعالى {يوم تبيض وجوه} قال: وجوه أهل السنة والجماعة.
أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ج 8 ص 448 رقم 15092 إسناده مسلسل بالكذابين والمتروكين والضعفاء لأن فيه ابن قدامة ومجاشع وعبد الكريم الجزري. واستلم على ذلك الألباني في ضعيفته 639.
ولكن قلتم أنكم” أهل السنة “فقط.
فقلنا: هذا الاسم بدعة! لم يرد! ولو في موضوع!
ومن بدع المتمسلفين تقسيم التوحيد إلى ثلاثة!! هذا التقسيم بدعة كما في كتاب التنديد
ماقال الله تعالى في كتابه، ولا النبي (صلى الله عليه وسلم) في سنته أن التوحيد ينقسم إلى ثلاثة أقسام
توحيد ربوبية وتوحيد ألوهية وتوحيد أسماء وصفات، بل لم ينطق بهذا التقسيم
أحد من الصحابة، بل ولا أحد من التابعين، بل ولا أحد من السلف الصالح رضي الله عن الجميع.
بل إن هذا التقسيم بدعة خلفية مذمومة حدثت في القرن الثامن الهجري، ولم يقل بهذا التقسيم أحد من قبل، أما قول الله: {ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض فسيقولون الله} ففي الطبري ج 6 ص 565 رقم 7342 : قالوه كرها لا إيمانا.
وقولهم {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} ما هو إلا كذب وكفر بنص القرآن الكريم، حيث قال الله تعالى
في آخر الآية {إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار} الزمر: 3، وقال {يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم} التوبة: 8.
فلا يحل ولا يجوز لإنسان أن يستنبط بعد هذا البيان من الآيتين (مانعبدهم .. ) * و * (ولئن سألتهم .. ) أنهم كانوا موحدين توحيدا يسمى توحيد ربوبية، بل هذا استنباط معارض لنص القرآن الذي حكم عليهم بالكفر.
قلت: القول أن المرسلين لم يأتوا بتوحيد الربوبية بل أتوا بتوحيد الألوهية وأن المشركين آمنوا بالربوبية!؛ولم يؤمنوا بالألوهية فقول باطل لما يأتي:
إذا كان المشركون موحدين توحيد الربوبية إذًا لِمَا ذا سموا أصنامهم بـ (أرباب متفرقون)؟!
ونرى رئيس الكفار فرعون ينكر الربوبية ويقول: {وما رب العالمين؟} ويقول: {إني لأظنه كاذبا} ويقول: {أنا ربكم الأعلى}.
ورأينا نبي الله إبراهيم يقول لنمرود: {ربي الذي يحيي ويميت فقال أنا أحيي وأميت} إنكارا لإبراهيم عليه السلام.
وقال تعالى لأهل مكة: {لا اله الا هو يحيي ويميت ربكم ورب آبائكم} فأنكروا وقالوا: {ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا وما يهلكنا إلا الدهر} وقد علمت أن الإحياء و الإماتة من الربوبية على قائدة المتمسلفين؛ وها هم الكفار أنكروا ذلك وقالوا أيضا: {من بحيي العظام و هي رميم}.
قلت: القول الحق من خلال هذه الآيات أن نقول: الكفار أشركوه ربوبية وألوهية معا؛ إن سلمنا أن هناك ألوهية و ربوبية؛ إذا اشتد خوف أخلصوا له إذ الله هو الأكبر عندهم!
السلفية في الإسلام
ومن بدع السلفيين تسميتهم أنفسهم بالسلفيين فقلت: هذا الاسم بدعة لم يثبت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولا عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين.
نطالبهم أن يأتوا بحديث صحيح يثبت هذا الاسم ولن يستطيعوا.
تراهم يدعون بأنه يجب فهم الكتاب والسنة بفهم السلف وهم بذلك يعتبرون فهم السلف أي “التابعون” من الأدلة الشرعية الواجب اتباعها وقولهم يتضمن مغاليط:
الأولى: أن السلف غير متفقين في فهم المسائل، فليس مذهب موحد معروف حتى يصح أن يقال مذهب السلف أو فهم السلف وكتب الحديث والأثر ككتاب المصنف لعبد الرزاق وابن أبي شيبة فيه نماذج متعددة عن اختلاف السلف وأهل القرون الثلاثة في المسائل الشرعية.
الثانية: خالفوا قول الله تعالى في كتابه العزيز {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله ورسوله} ولم يقل ردوه إلى فهم السلف!!
ويويد هذا ما جاء في صحيح البخاري رقم 111 – عن أبي جحيفة، قال: قلت لعلي بن أبي طالب: هل عندكم كتاب؟ قال لا، إلا كتاب الله، أو فهم أعطيه رجل مسلم ….
قلت: ولم يقيد ذلك بالسلف فلم يقل إلا فهم السلف للكتاب والسنة!!
فهذا الإمام أحمد يقول وقد سئل عن مسألة فأفتى فيها فقيل له هذا لا يقول به ابن المبارك، فقال: ابن المبارك لم ينزل من السماء! ذكره ابن الجوزي في دفع شبه التشبيه ص 111. مع أن ابن المبارك سلف للإمام أحمد رضي الله عنها.
الثالثة: قد اختلف السلف أي – التابعون – في أمور كثير
1 – كمسألة رؤية الله يوم القيامة راجع تفسير ج 14 ص 191 وفتح الباري ج 13 ص 125 والتهذيب ج 1 ص 394
2 – واختلفوا في مسألة الميزان يوم القيامة وقيل وزن وميزان حقيقة، وقيل بل إظهار العدل التام فقط راجع البحر المحيط ج 5 ص 14 والفتح ج 13 ص 438.
3 – واختلفوا في الإرجاء راجع سير أعلام النبلاء في ترجمة عبد المجيد ابن عبد العزيز بن أبي رواد ج 9434.
4 – واختلفوا في التفويض والتأويل كماثبت في دفع شبه التشبيه
5 – واختلفوا من هو أفضل الصحابة راجع الإستيعاب لإبن عبد البر ج 3 ص 52 وفي ج 3 ص 27 ترجمة سيدنا علي وفي الإصابة ج 4 ص 113 في ترجمة أبي طفيل، وفي المستدرك ج 3 ص 107 وفي الترمذي 3764 وفي سير أعلام النبلاء ج 7 ص 241.
6 – واختلفوا في القدر راجع في سير أعلام النبلاء ج 6 ص 14 كان سعيد بن أبي عروبة وقتادة يقولان بالقدر ويكتمان.
7 – واختلفوا في لفظ القرآن مخلوق أم لا قال ابن أبي حاتم: محمدبن إسماعيل البخاري سمع منه أبي وأبوزرعة ثم تركا حديثه! عندما كتب إليهما محمد بن يحي النيسابوري إنه أظهر عندهم أن لفظه بالقرآن مخلوق.
راجع الجرح والتعديل لإبن أبي حاتم 191/ 7 رقم 1086.
قلت: نعم صدق محمدبن يحي في قوله وإن كنت في شك فراجع كتاب من روى عنهم البخاري في الصحيح لإبن عدي ص 56 ثبت فيه أن البخاري كان يقول باللفظ وتبعه في ذلك تلميذه مسلم بن الحجاج ويروي ذلك عن يحي بن سعيد القطان وعبد الرحمان بن مهدي.
قلت أيضا : راجع الإنتقاء في فضائل الثلاثة لإبن عبد البر ص 106 ترجمةالحسين الكرابيسي: كان بينه وبين أحمدبن حنبل صداقةوكيدة فلماخالفه في القرآن عادت تلك الصداقة عداوة فكان كل واحد منهما يطعن صاحبه وذلك أن أحمد بن حنبل كان يقول: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو مبتدع وكان الكرابيسي وعبدالله بن كلاب وأبو ثور وداود بن علي وطبقاتهم يقولون تلاوة التالي وكلامه بالقرآن كسب له وفعله وذلك مخلوق …..
ولزيادة التوضيح راجع كتاب السنة لعبدالله بن أحمد بن حنبل 164/ 1 رقم 186 وقال فيه في حق الكرابيسي: كذب هتكه الله الخبيث! ..
واختلفوا في الفروع كثير كما اختلفوا في الأصول حتى أن أحاديث مسلم ضعاف عند البخاري من حيث أن مسلما خالف شروط البخاري،!!. كما في كتاب [ موقف الإمامين البخاري ومسلم ]
ورأى أبو حنيفة ومالك الإحتجاج بمجهول ومرسل وكذلك بعض أصحاب الشافعي كما ثبت في الروض الباسم.
قلت: إذا كان الأمر كما ذكرت فمن منهم المنبوذ المطروح!؟ ومن منهم الداعون إلى النار! على رأي المتمسلفين؟ ومن منهم على الحق فيجب علينا اتباعه؟
حتى المتمسلفون نراهم في شقاق بعيد إذا أردت أن ترى أعجب العجيب من اختلافهم فراجع كتابي : التناقضات الوهابية فإنه مفيد جدا وللمتمسلفين كتاب مسمى الإيجاز في بعض ما اختلف فيه الألباني وابن عثيمين وابن باز كتاب مملوء باختلافاتهم وتنازعاتهم نسأل الله السلامة.
التجسيم في الوهابية
أما من باب التوحيد فهم مبتدعون محضا ولم أر من الفرق المسلمون فرقة حازت قصب السبق في بدعة التوحيد كالوهابية! راجع كتابنا عقيدة السلف الصالح ترى أنواع بدع الوهابية. أقول هنا باختصار : قال ابن تيمية في درع التعارض ج 1 ص 249: ومن المعلوم أن السلف والأئمة كثر كلامهم في ذم الجهمية النفاة للصفات، وذموا المشبهة أيضاً، وذلك في كلامهم أقل بكثير من ذم الجهمية، لأن مرض التعطيل أعظم من مرض التشبيه، وأما ذكر التجسيم وذم المجسمة فهو لا يعرف في كلام أحد من السلف والأئمة،!! كما لا يعرف في كلامهم أيضاً القول بأن الله جسم، أو ليس بجسم، بل ذكروا في كلامهم الذي أنكروه على الجهمية نفي الجسم!! كما ذكره أحمد في كتاب الرد على الجهمية: ولما ناظر برغوث وألزمه بأنه جسم، امتنع أحمد من موافقته على النفي والإثبات، وقال: هو أحد صمد، لم يلد ولم يولد، لم يكن له كفواً أحد.
محل الشاهد قوله: (أنكروا على الجهمية نفي الجسم)
قلت: لما ذا أنكروا من نفى الجسم عن الله سبحانه وتعالى؟!
وفي درع التعارض ج 10 ص 306 قال: فإن أئمة السنة والحديث لم يختلفوا في شيء من أصول دينهم ولهذا لم يقل أحد منهم: إن الله جسم، ولا قال: إن الله ليس بجسم،!! بل أنكروا النفي!! لما ابتدعته الجهمية، من المعتزلة وغيرهم، وأنكروا ما نفته الجهمية من الصفات، مع إنكارهم على من شبه صفاته بصفات خلقه، مع أن إنكارهم كان على الجهمية المعطلة أعظم منه على المشبهة، لأن مرض التعطيل أعظم من مرض التشبيه.
كما قيل: المعطل يعبد عدماً، والمشبه يعبد صنماً.
ومن يعبد إلهاً موجوداً موصوفاً بما يعتقده هو من صفات الكمال، وإن كان مخطئاً في ذلك، خير ممن لا يعبد شيئاً، أو يعبد من لا يوصف إلا بالسلوب والإضافات.
ابن تيمية لا يؤوّل ولا يفوّض! قال في درع التعارض ج 1 ص 201: المعارضون ينتهون إلي التأويل أو التفويض وهما باطلان.!!
وقال في ج 2 ص 279 فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!!!
وقال في منهاجه ج 1 ص 110 بقدم الحودث وقال بفناء النار. وانتصر له تلميذه ابن القيم في حادي الأرواح ص 276 – 311.ودافع عنه المتناقض الألباني في مقدمة رفع الستار وسوده بكلام لا طائل تحته.
لذلك قال ابن الجوزي في مقدمة دفع شبه التشبيه ص 12:لقد كسيتم هذا المذهب شينا قبيحا حتى صار لا يقال حنبلي إلا مجسم ثم زينتم مذهبكم أيضا بالعصبية ليزيد بن معاوية ولقد علمتم أن صاحب المذهب أجاز لعنته!
وقال في ص 99:إنهم نزلوا إلى مرتبة العُوام فجعلوا الصفات على مقتضى الحس فأثبتوا له صورة و وجها زائدا على الذات وعينين وفما ولهوات وأضراسا وأضواءا لوجهه ويدين وساقين ورجلين، وقال بعضهم يتنفس.
قلت: صدق ابن الجوزي، هراءهم في هذا الباب أكثر من أن تحصى، راجع مختصر العلوي للذهبي ودرع التعارض لابن تيمية ومدارج السالكين لابن القيم، بل سائر كتبهم مملوة بهذه الصفات. ولكن رجع الذهبي عن كتابه مختصر العلو وعن عقيدته سابقا، وأثبت التأويل والتفويض. راجع: زغل العلم، ونصيحة الذهبية، كما نجده في سير أعلام النبلاء يفوض أحيانا ويأوّل أخرى.
رفض العصمة عن النبي
قال ابن تيمية في منهاجه ج 2 ص 432 : لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إلى الله لما ابتلى بالذنب أكرم الخلق عليه. وتبعه في ذلك ابن القيم ويكرره في مدارجه وشفائه وفي طريق الهجرتين!
قلت: أين العصمة بعد هذا الإبتلاء؟!
بمثل هذه الألفاظ تحترمون رسول الله صلى الله عليه؟!
وقال في فتاويه ج 8 ص 283 : ومن قال أن النبي صلى الله عليه كان نبيا قبل أن يوحى إليه فهو كافر باتفاق المسلمين.
ردا على حديث : كنت نبيا وآدم مجندل مع أن الحديث صحيح باتفاق الحفاظ ثابت في أكثر من عشرين كتابا، راجع كتاب أخطاء ابن تيمية.
أما قوله: السفر لزيارة قبور الأنبياء والصالحين منهي! فمشهور.
وقال : ليس في معرفة قبور الأنبياء بأعيانها فائدة!.
ردّا على حديث: لوكنت عنده لأريتكم قبره متفق عليه.
الإمام علي عند الوهابية
قال ابن تيمية في منهاجه ج 7 ص 359 – 361 وج 7 ص 55 كذَّب أحاديث فضائل الإمام علي (عليه السلام).
وقال ج 6 ص 43 إن عليا خفي عليه من سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أضعاف ذلك ومنها ما مات ولم يعرفه!
وقال ج 4 ص 114:فلم يزهر في خلافته دين الاسلام!!
قلت: ماشاء الله لا تعليق، يعلم الله ما كمن في قلبه.
وكذب في ج 7 ص 137:أن كثيرا من الصحابة والتابعين كانوا يبغضون عليا ويسبونه!!
وقال ج 7 ص 297:أهل المدينة لايكادون يأخذون بقول علي بل .. !
وقال في ج 4 ص 255:بأن أبا بكر هاجر لله ولرسوله وهاجر علي لمرأة يتزوجها!!.
وفي منهاجه ج 8 ص 90 قال: وكثير من الوقائع التي ثبت بها الإسلام لم يكن لسيفه فيها تأثير، كيوم بدر: كان سيفا من سيوف كثيرة. وقد قدمنا غير مرة أن غزوات القتال كلها كانت تسع غزوات، وعلي بعد موت النبي (صلى الله عليه وسلم) لم يشهد قتال الروم وفارس، ولم يعرف لعلي غزوة أثر فيها تأثيرا منفردا كثيرا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بل كان نصره في المغازي تبعا لنصر رسول الله – صلى الله عليه وسلم. والحروب الكبار التي كان فيها هو الأمير ثلاثة: يوم الجمل، والصفين، والنهروان. وفي الجمل والنهروان كان منصورا ; فإن جيشه كان أضعاف المقاتلين له، ومع هذا لم يستظهر على المقاتلين له، بل ما زالوا مستظهرين عليه إلى أن استشهد إلى كرامة الله ورضوانه، وأمره يضعف، وأمر أعدائه يظهر ….
هذا آخر مدحه للإمام علي كرم الله وجهه؛ وتوقيره له! بألفاظ قيمة.
أهل البيت عندهم
قال ابن تيمية في منهاجه ج 4 ص 108 حول أهل البيت قال: وظهور آثار غيرهم في الأمة أعظم من ظهور آثارهم في الأمة!!.
وفي ج 4 ص 42:فهذا من جنس قوله في علي بن الحسين إنه كان يصلي ألف ركعة؛ فإن هذا لا فضيلة فيه وهو كذب!.
وفي ج 4 ص 50 حول عبادة علي بن الحسين بن علي قال: وأما ذكره من قيام ألف ركعة فقد تقدم أن هذا لا يمكن إلا على وجه يكره في الشريعة؛ أو لا يمكن بحال؛ فلا يصلح ذكر مثل هذا في المناقب!.
وفي ج 4 ص 63:فليست ذرية فاطمة كلهم محرمين على النار بل فيهم البر والفاجر!!.
قلت: لو ساعدنا الشيخ وسرد أسماء الفاجرين منهم لنميزهم وله جزيل الشكر!؟؟.
عائشة عندهم
قال ابن تيمية في منهاجه ج 7 ص 80 قال: وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) قد ارتاب في أمرها …. يعني عائشة؛!!.
هذا لم يقله أحد من العلماء.
ابن عمر عندهم
قال ابن تيمية في مجموع فتاويه ج 1 ص 280: ابن عمر كان يتحرى أن يسير مواضع سير النبي (صلى الله عليه وسلم) وينزل مواضع نزوله وتوضأ. . ولم يفعله أكابر الصحابة، ولو رأوه مستحبا لفعلواه.
وقال فيه ج 1 ص 281:تخصص المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب!!
وقال في اقتضاء الصراط ج 2 ص 279:تحري ابن عمر مواضع صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) ليس من سنة الخلفاء بل هو مما ابتدع.!!
قلت: فعلى هذا صار عبد الله ابن عمر مبتدع! عند ابن تيمية!!.
رفض التأويل في الوهابية
ظاهر مذهبهم هو رفض التأويل إلا أن الوهابي حرباء ليس له لون خاص فما وافق هواه أثبته؛ والعكس صحيح.
فقد ذموا التأويل وجعلوه إفتراء وردّ عليهم ابن الجوزي في كتابه دفع شبه التشبيه ص 95 – 276. وقالوا أن الله استوى على العرش بائن عن خلقه. راجع مدارج السالكين ج 3 ص 221 ج 3 ص 382.
وقال ابن القيم ما مضمونه: إن كان تنزيه الصفات عن تأويل مفترى هو التجسيم فاشهدوا أني مجسم. ج 2 ص 87.
وهذا كذب – وإن كان حقيقة مجسما فإنه كغيره من الوهابيين – أوّل كثيرا من الآيات والأحاديث، أوّل قرب الله من عباده في القرآن والحديث بالفناء عن شهود السّوى، في ج 1 ص 467 من مدارجه.
وأوّل قوله تعالى {ففروا إلى الله} بالفرار من الجهل إلى المعرفة ج 1 ص 467 من مدارجه.
وأوّل قوله تعالى {يحول بين المرء وقلبه} بعلمه أو بملائكته، وقال: قال ذلك ابن تيمية ج 3 ص 122 من مدارجه.
وأوّل قوله تعالى {وهو معكم أينما كنتم} بالعلم والإحاطة. راجع في مدارجه ج 2 ص 65 وج 2 ص 254.
ونسي ابن القيم أن شيخه قال في مجموع فتاوىه ج 12 ص 65 أن علم الله لا يفارق ذاته.
وقال: علم الله القائم بذاته ليس مثل علم عباده.
ومراده بالقائم بالذات أي – غير منفصلة – كما في ج 12 ص 235. وج 6 ص 219.
وفي ج 17 ص 240 قال: لا يفارقه شيئ منه. يعني – صفاته – وأوّل ابن القيم قوله تعالى {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله} بمتابعة أمره. ج 1 ص 105 ج 2 ص 89.
وأوّل قوله (صلى الله عليه وسلم) “أنت الظاهر فليس فوقك شيء” بأنه سبحانه فوق كل شيء بذاته. ج 1 ص 55. وسكت عن بقية الحديث. وهي: وأنت الباطن فليس دونك شيء. ولم يقل أنه سبحانه دون كل شيء بذاته. لماذ!؟
قلت: أيها الوهابيون إن كان التأويل مفترى مذموما كما زعمتم فلما تؤولون؟
ثم إن كان تأويلكم لوجه الله فلما ذا لا توافقون الجمهور فيه!؟
وهذه آيات وأحاديث أوّلتموها ولها مقابِِلات أبيتم تأويلها:
قوله تعالى {وجاعل الذين آمنوا فوق الذين كفروا} أوّلتم الفوقية فيها دون هذه: {يخافون ربهم من فوقهم}
وقوله تعالى {حتى إذا جاءه … ووجدالله عنده} لما ذا لم تقولوا أنه وجدالله واقفا مكان السراب؟
بل أوّلتم العندية فيها دون هذه الآية: {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته}
وقوله تعالى: {إني ذاهب إلى ربي} لما ذا لم تتركوا الآية على ظاهرها بأن الله في البيت المقدس بالشام؟ بل أوّلتموها دون هذه: {على العرش استوى} و {ثم استوى على العرش} فلم تفوضوها إلى الله بل قلتم أنه استوى على العرش بذاته بائن عن خلقه.
فقلت: لفظ استوى بذاته بائن عن خلقه من خرافاتكم لم يرد عن الله ولا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله تعالى: {ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا} أوّلتموها دون هذه: {بل رفعه الله إليه} وقد جاء في الحديث الصحيح أن عيسى عليه السلام في السماء الثانية، فهل الله أيضا هناك حتى يرفع عيسى إليه كما زعمتم؟
وقوله تعالى: {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا} أوّلتموها دون هذه: {وجاء ربك والملك صفّّا صفا} وقوله تعالى {نسوا الله فنسيهم} أوّلتموها دون هذه: {وما كان ربك نسيا}
وقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) في حديث المريض: (لوجدتني عنده) أوّل العندية فيه دون هذا الحديث (عنده فوق العرش)
وقوله (صلى الله عليه وسلم) في الحديث القدسي: من تقرب إلي أوّلتموه دون قوله (صلى الله عليه وسلم) (ملائكة الليل .. تعرج إليه)
لِمَا ذا أوّلتم هذه الآيات: {ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله – ففروا إلى الله – هو معكم أينما كنتم – والله من ورائهم محيط – الله يحول بين المرء وقلبه – ولما يعلم الله المجاهدين} – وحديث: أنت خليفتي في الأهل والمال.؟
ولا تؤوّلون هذه الآيات: والسموات مطويات بيمينه – يوم يكشف عن ساق – ويبقى وجه ربك!؟
وقلت: إذا كان الله مستويا على العرش بذاته وله يدان وعينان …. كما زعمتم ففسروا لي هذه الآيات ولا تؤوّلوا أيّة منها، لأن التأويل مفترٌ مذمومة وهي: {يدالله فوق أيديهم – بل يداه مبسوطتان – والسماء بنيناها بأيد}
1 يدُالله.
2 بل يداه.
3 بأيد.
كيف يجمعها بلا تأويل؟
وقال: {ولتصنع على عيني-ٍواصنع الفلك بأعيننا}
1 عيني مفرد.
2 أعيننا بالجمع.
كيف يجمعهما بلا تأويل؟
ومن العجب أن ابن القيم ترك مذهبه الأخذ بظاهر الآية وأوّل قوله تعالى {ثم استوى على العرش الرحمن} يعني: فاستوى على العرش باسم
الرحمن لأن العرش محيط بالمخلوقات وقد وسعها، والرحمة محيطة بالخلق واسعة لهم فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات! ج 1 ص 57.
وفي ج 3 ص 240 قال: استوى على العرش برحمته!.
فإن كان هذا التأويل عن نسيان منه فقد صدق من قال: ومن آفة الكذاب نسيان كذبه * وتلقاه ذا حفظ إذا كان حاذقا
وإن كان عن جهل فاشتغاله بالتعلم أولى له من الخوض فيما ليس هو من أهله.
وإن كان عن تعمد – وهذا أشبه- فلا يمكن لأي مسلم أن يأخذ بقوله إذ لا شك أن من يتعمد في تأويل الآيات حسب هواه مضل، ولا يجوز الأخذ بأقوال المضلين.
فضيلة شيخ الإسلام
نراكم تنهون أن تخصّ سيدنا علي رضي الله عنه ب كرم الله وجهه أو عليه السلام من بين الصحابة كما قال ابن تيمية في فتاويه ج 4 ص 420 – 466 وابن القيم في جلاء الأفهام ص 639 ابن باز في فتاويه ج 3 ص 111 وبكر بن زيد في مناقبه ص 222 رقم 264.
قلنا: فلم تخصون ابن تيمية ب شيخ الإسلام بين العلماء؟ كما شهر ذلك في كتبكم لاسيما العقود الدرية والرد الوافر.
وفي الختام نختم بحديث البزر رقم 175 عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مما أتخوف عليكم رجلٌ قرأ القرآن حتى إذا رؤيت بهجته عليه وكان ردائه الاسلام إنسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى إلي جاره بالسيف ورماه بالشرك , قال قلت يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي , قال بل الرامي
قال الهيثمي في المجمع ج 1 ص 188 إسناده حسن؛ وقال الحافظ بن كثير في تفسيره ج 3 ص 509 إسناده جيد؛ وقال أحمد شاكر في عمدة التفسير ج 2 ص 76
إسناده صحيح.
وصلى الله على الفاتح الخاتم وعلى آله وأصحابه وسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق