بسم الله
يستمر الخلاف بين (الوهابية) السلفية المعاصرة والصوفية كل عام حول مشروعية الإحتفال بمولده ﷺ، فالصوفيّة يرونه قربة والسلفيّة يرونه بدعة وحتى نصل إلى كلمة سواء فى هذه المسألة لابد من تحرير محل النزاع فى النقاط التالية:
- أمّا عن حقيقة البدعة فهي طريقة مبتدعة فى الدين تضاهي الطريقة الشرعية أي أن البدعة: إحداث عبادة لم ترد عن النبي ﷺ أو إحداث في العبادة المشروعة كجعل الظهر خمساً مثلاً فالبدعة بهذا المعنى مرفوض قولاً واحداً
ولكن هل كل ابتداع يكون ضلالة ؟
وللإجابة عن هذا السؤال لابد من النظر الفقهي العميق الى قوله صلى الله عليه وسلم:
"من أحدث فى أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"
إذن المنع ليس فى مجرد الإحداث بل ينحصر أيضاً هل هذا الإحداث وفق قانون الشرع أم لا؟
فإن كان الشيء المحدث وفق قانون الشرع كان سنة حسنة و إن لم يكن وفق قانون الشرع كان سنة سيئة لقوله ﷺ:
"من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن فى الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة"
فلو كان الأمر المحدث منصوصاً عليه فبم يحصل الأجر صاحب السنة الحسنة ويبوء بالورز صاحب السنة السيئة؟
- مفهوم الإحتفال فلابد من القول أن الإحتفالات المشتملة على مخالفات شرعية مرفوضة ومردودة على أصحابها أما الإحتفال المقصود هو ما يكون بتدارس سنته وسيرته ومناقبه وشمائله والصلاة والسلام عليه وما يصحب ذلك من مطعومات ومشروبات فهل الإحتفال بهذه الصورة مرفوض لأنه يكون في يوم مخصص لذلك؟
وللإجابة على هذا السؤال أقول: إن إجتماع الناس على ذكر مناقب النبي صلى الله عليه وسلم ومدارسة سنته من أجل القربات عند الله والنصوص فى ذلك كثيرة
وكذلك إجتماع الناس على الطعام والشراب أمر ندب إليه الشرع الشريف
إذاً المشكلة في تخصيص يوم والتخصيص إنما كان لمناسبة المولد لأن المولد النبوي الشريف كان فى ربيع الأول وربما كان هذا التخصيص من باب التعظيم.
- القول بأن الإحتفال بالمولد لم يرد عن النبي ﷺ أقول:
احتفل النبي صلى الله عليه و سلم بيوم مولده فكان يصوم فيه
فقد سُئل النبى ﷺ عن عبادة فأجاب بالولادة فكأن الفرح بيوم مولده عبادة
ولكن يجب القول أن الإحتفال بالمولد النبوي الشريف بصورته الحالية والخالية من المخالفات الشرعية لم يرد عن النبي ﷺ نعم .
وهنا لابد من تقرير هذه القاعدة الأصولية
"الترك لا يدل على النهي" وهذه قاعدة فصلها الشيخ الغماري فى رسالته الماتعة "حسن التفهم والدرك في مسألة الترك" فليس كل ترك يدل على النهي لأن النبي ترك الواجب فترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام خشية الفتنة فلو كان تركه صلى الله عليه وسلم نهياً ما أقدم عبدالله بن الزبير على بناء الكعبة المشرفة على قواعد إبراهيم عليه السلام بعد مشورته مع خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولم يعارضه من كان معه من الصحابة
فإذا كان النبي ﷺ لم يحتفل بالصورة الحالية فلم يرد نهي عنها والترك لا يدل على النهي
وخلاصة القول
أقول:
للسلفيين ناصحاً اعتبروا الإحتفال بالمولد النبوي جائزاً كالإحتفالات بالأعياد الوطنية التى تقيهما تلك الدول التي تنتهج المنهج السلفي
وأقول للصوفية احتفلوا إحتفالات خالية من المخالفات الشرعية حتى لا تعطوا الفرصة للآخرين من تبديعكم لما يرونه من إحتفالات مشتملة على مخالفات بينة.
رزقنا الله محبة نبيه وإتباع سنته والسير على نهجه ﷺ.
والله تعالى أعلى وأعلم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق